بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 621

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 621
المشاهدات: 99154
تحميل: 8073


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 99154 / تحميل: 8073
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 7

مؤلف:
العربية

مثل الذين كفروا بربّهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شي‏ء ذلك هو الضلال البعيد( ١) .

«و العامل بالعلم كسائر» هكذا في (المصرية)، و الصواب: «كالسائر» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢) .

«على الطريق الواضح» و كمن يمشي بسراج «فلينظر ناظر أ سائر هو أم راجع» قال تعالى: اتخذوا الشياطين أولياء من دون اللَّه و هم يحسبون انهم يحسنون صنعا( ٣ ) قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا. الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون انّهم يُحسنون صنعا( ٤ ) و لنعم ما قيل بالفارسية:

ترسم نرسى بكعبه أى اعرابى

اين ره كه تو ميروى بتركستان است

«و اعلم ان لكل ظاهر باطنا على مثاله، فما طاب ظاهره طاب باطنه و ما خبث ظاهره خبث باطنه» قال ابن أبي الحديد: مأخوذ من قوله تعالى: و البلد الطّيّب يخرج نباته باذن ربّه و الذي خبث لا يخرج إلا نكدا( ٥ ) ، مثل ضربه تعالى لمن يؤثر فيه الوعظ و من لا يؤثر فيه، و مرادهعليه‌السلام ان لكلتي حالتي الانسان الظاهرة ميلة الى العقل، و ميلة الى الهوى أمرا باطنا يناسبهما، فالمتبع لعقله يرزق السعادة، و المتبع لهواه يرزق الشقاوة( ٦) .

____________________

(١) إبراهيم: ١٨.

(٢) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٧٦، لكن في شرح ابن ميثم ٣: ٢٤٩ مثل المصرية.

(٣) هذا خلط بين الآيتين الاعراف: ٣٠ و الكهف: ١٠٤.

(٤) الكهف: ١٠٣ و ١٠٤.

(٥) الاعراف: ٥٨.

(٦) شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٧٨، و النقل بالمعنى.

٤٠١

«و قد قال الرسول الصادقصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان اللَّه يحب العبد و يبغض عمله و يحب العمل و يبغض بدنه» و شخصه، قال ابن أبي الحديد: الخبر مذكور في كتب المحدثين( ١ ) . قلت: و كأن في الكلام سقطا.

«و اعلم ان لكلّ عمل نباتا» الظاهر ان الأصل «و اعلم ان لكلّ غرس نباتا»،

و صحفه النساخ، و إلاّ فلا مناسبة لا ثبات نبات للعمل.

«و كلّ نبات لا غنى به عن الماء» و لو كان ماء منقوعا في الأرض «و المياه مختلفة فما طاب سقيه طاب غرسه و حلت» من الحلو «ثمرته» و مورد قوله تعالى:

و في الأرض قطع متجاورات و جنات من أعناب و زرع و نخيل صنوان و غير صنوان يسقى بماء واحد و نفضّل بعضها على بعض في الأكل انّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون( ٢ ) السقي بماء واحد، و موضوع كلامه السقي بمياه مختلفة فلا تخالف.

«و ما خبث سقيه خبث غرسه» كخضراء الدمن التي حذّر منها ظاهرا و باطنا «و امرت ثمرته» أي: صارت مرا.

٢٥ - الحكمة (٧٣) و قالعليه‌السلام :

مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ وَ لْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ وَ مُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَ مُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالْإِجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ اَلنَّاسِ وَ مُؤَدِّبِهِمْ هكذا في (المصرية)، و الصواب: «فعليه ان يبدأ» كما في (ابن أبي الحديد

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ٧: ١٧٩.

(٢) الرعد: ٤.

٤٠٢

و ابن ميثم و الخطية)( ١) .

«بتعليم نفسه قبل تعليم غيره» بحملها على العمل، و في الأمثال العربية «ان كنت ذا طب بالحركات الثلاث فطب لعينيك»( ٢ ) و في الفارسية «گر اگر طبيب بودى سر خود دوا نمودى».

«و ليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه» و لذا قال شعيبعليه‌السلام لقومه:

و ما اريد أن اخالفكم الى ما أنهاكم عنه ان اريد إلاّ الاصلاح ما استطعت( ٣) .

و في خطبة عمرو بن كلثوم: أما بعد فانه لا يخبر عن قصد المرء أصدق من تركه تزكية نفسه، و لا يعبر عنه في تزكية أصحابه أصدق من اعتماده إياهم برغبته و ائتمانه إياهم على حرمته.

«و معلم نفسه و مؤدبها أحق بالاجلال من معلم الناس و مؤدبهم» الذي لم يكن معلم نفسه و مؤدبها، لانه ممن يأمر الناس بالمعروف و ينسى نفسه، و هو في غاية القبح.

هذا، و مر في فصل علمه قولهعليه‌السلام لكميل: «ان هذه القلوب أوعية الى و العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، و أمثالهم في القلوب موجودة الى كذلك يموت العلم بموت حامليه»( ٤) .

____________________

(١) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٢٢٠، لكن في شرح ابن ميثم ٥: ٢٧٥ مثل المصرية.

(٢) أورده لسان العرب ١: ٥٥٣، مادة (طب).

(٣) هود: ٨٨.

(٤) مر في عنوان ١ من الفصل العاشر.

٤٠٣

٤٠٤

الفصل التاسع عشر فيما ارشد الثاني في مصالح الاسلام

٤٠٥

٤٠٦

١ - الخطبة (١٤٤) و من كلام لهعليه‌السلام لعمر بن الخطاب و قد استشاره في غزو الفرس بنفسه:

إِنَّ هَذَا اَلْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ نَصْرُهُ وَ لاَ خِذْلاَنُهُ بِكَثْرَةٍ وَ لاَ قِلَّةٍ وَ هُوَ دِينُ اَللَّهِ اَلَّذِي أَظْهَرَهُ وَ جُنْدُهُ اَلَّذِي أَعَدَّهُ وَ أَمَدَّهُ حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ وَ طَلَعَ حَيْثُمَا طَلَعَ وَ نَحْنُ عَلَى مَوْعُودٍ مِنَ اَللَّهِ وَ اَللَّهُ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ وَ نَاصِرٌ جُنْدَهُ وَ مَكَانُ اَلْقَيِّمِ بِالْأَمْرِ مَكَانُ اَلنِّظَامِ مِنَ اَلْخَرَزِ يَجْمَعُهُ وَ يَضُمُّهُ فَإِنِ اِنْقَطَعَ اَلنِّظَامُ تَفَرَّقَ اَلْخَرَزُ وَ ذَهَبَ ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعْ بِحَذَافِيرِهِ أَبَداً وَ اَلْعَرَبُ اَلْيَوْمَ وَ إِنْ كَانُوا قَلِيلاً فَهُمْ كَثِيرُونَ بِالْإِسْلاَمِ عَزِيزُونَ بِالاِجْتِمَاعِ فَكُنْ قُطْباً وَ اِسْتَدِرِ اَلرَّحَى بِالْعَرَبِ وَ أَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ اَلْحَرْبِ فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ مِنْ هَذِهِ اَلْأَرْضِ اِنْتَقَضَتْ عَلَيْكَ اَلْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ اَلْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ

٤٠٧

يَدَيْكَ إِنَّ اَلْأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا هَذَا أَصْلُ اَلْعَرَبِ فَإِذَا اِقْتَطَعْتُمُوهُ اِسْتَرَحْتُمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ وَ طَمَعِهِمْ فِيكَ فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِيرِ اَلْقَوْمِ إِلَى قِتَالِ اَلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ أَكْرَهُ لِمَسِيرِهِمْ مِنْكَ وَ هُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَغْيِيرِ مَا يَكْرَهُ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِيمَا مَضَى بِالْكَثْرَةِ وَ إِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ وَ اَلْمَعُونَةِ قال ابن أبي الحديد: اختلف الحال التي قالعليه‌السلام هذا الكلام لعمر، فقيل في غزاة القادسية ذهب إليه المدائني في فتوحه فقال: استشار عمر في أمر القادسية، فأشار عليه عليعليه‌السلام ان لا يخرج بنفسه، و قال «انك ان تخرج لا تكون للعجم همّة إلا استيصالك، لعلمهم انك قطب رحى العرب فلا تكون للإسلام بعدها دولة»، و أشار عليه غيره أن يخرج بنفسه فأخذ برأي عليعليه‌السلام .

و قيل في غزاة نهاوند ذهب إليه الطبري فقال: ان عمر لما أراد أن يغزو العجم و جيوش كسرى و هي مجتمعة بنهاوند استشار أصحابه، فقام عثمان،

فقال: أرى أن تكتب الى أهل الشام فيسيروا من شامهم، و تكتب الى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم، ثم تسير أنت بأهل هذين الحرمين الى مصرين البصرة و الكوفة، فتلقى جمع المشركين بجمع المسلمين الى أن قال فقال علي بن أبي طالب: «أما بعد فان هذا الأمر لم يكن نصره بكثرة و لا قلّة، انما هو دين اللَّه الذي أظهره و جنده الذي أعزّه و أمدّه بالملائكة حتى بلغ ما بلغ، فنحن على موعود من اللَّه و اللَّه منجز وعده و ناصر جنده، و ان مكانك منهم مكان النظام من الخرز يجمعه و يمسكه، فان انحل تفرّق ما فيه و ذهب ثم لم يجتمع

٤٠٨

بحذافيره أبدا، و العرب اليوم و ان كانوا قليلا فانهم كثير عزيز بالاسلام، أقم مكانك و اكتب الى أهل الكوفة فانهم أعلام العرب و رؤساؤهم، و ليشخص منهم الثلثان و ليقم الثلث، و اكتب الى أهل البصرة أن يمدّوهم ببعض من عندهم، و لا تشخص الشام و لا اليمن فانك ان أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم الى ذراريهم، و ان أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة الى ذراريهم، و متى شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أقطارها و أطرافها حتى يكون ما تدع وراءك أهم اليك مما بين يديك من العورات و العيالات، إنّ الأعاجم إن ينظروا اليك غدا قالوا هذا أمير العرب و أصلهم، فكان ذلك أشد لكلبهم عليك. و أما ما ذكرت من مسير القوم فان اللَّه هو أكره لمسيرهم منك و هو أقدر على تغيير ما يكره، و أما ما ذكرت من عددهم فانا لم نكن نقاتل في ما مضى بالكثرة و انما كنّا نقاتل بالصبر و النصر». قال عمر: أجل هذا الرأي و قد كنت أحب أن أتابع عليه( ١) .

قلت: بل لا خلاف ان هذا الكلام قالعليه‌السلام في نهاوند، و صرح به غير الطبري و المفيد في (إرشاده)، و أبو حنيفة الدينوري في (طواله)، و أعثم الكوفي في (تاريخه)، و أما المدائني فلم يقل انّهعليه‌السلام قال هذا الكلام في القادسية، و انما قال: أشارعليه‌السلام على عمر بعدم خروجه في القادسية، فعمر استشار المسلمين في كلّ منهما، و هوعليه‌السلام أشار عليه في كليهما، كما صرح به أعثم الكوفي، و زاد انّه أشار على عمر في القادسية بتولية سعد، و في نهاوند بتولية النعمان( ٢) .

و بالجملة العنوان كلامهعليه‌السلام في نهاوند ردّا لرأي عثمان، و لم يقل أحد

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٦، و تاريخ الطبري ٣: ٢١٠ ٢١٢، سنة ٢١.

(٢) الارشاد: ١١١.

٤٠٩

في القادسية ان عثمان أو غيره أشار على أشخاص أهل الشام و اليمن، أو البصرة و الكوفة.

لكن الغريب ان البلاذري نقل انّهعليه‌السلام أشار في القادسية بالشخوص فأبى، كما نقل ان عمر طلب منهعليه‌السلام الشخوص فأبى، فقال: كتب المسلمون الى عمر يعلمونه كثرة من تجمع لهم من أهل فارس و يسألونه المدد، فأراد أن يغزو بنفسه و عسكر لذلك، فأشار عليه العباس و جماعة من مشايخ الصحابة بالمقام، و توجيه الجيوش و البعوث، ففعل ذلك، و أشار عليه عليعليه‌السلام بالمسير، فقال له: اني قد عزمت على المقام، و عرض على علي الشخوص فأباه( ١) .

و كيف كان فقال الدينوري: كانت وقعة نهاوند في سنة (٢١)، و ذلك أن العجم لما قتلوا بجلولاء، و هرب يزدجرد الملك فصار بقم، و وجه رسله في البلدان يستجيش، فغضب له أهل مملكته، فانحلت إليه الأعاجم من أقطار البلاد، فأتاه أهل قومس و طبرستان و جرجان و دنباوند و الري و اصبهان و همذان و الماهين، و اجتمعت عنده جموع عظيمة، فولى أمرهم مردانشاه ابن هرمزد، وجههم الى نهاوند، و كتب عمار بذلك الى عمر الى أن قال ثم تكلم عثمان، فقال: اكتب الى أهل الشام فيسيروا من شامهم، و الى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم، و الى أهل البصرة فيسيروا من بصرتهم، و سر أنت بأهل هذا الحرم حتى توافي الكوفة، و قد وافاك المسلمون من أقطار أرضهم و آفاق بلادهم، فانك إذا فعلت ذلك كنت أكثر منهم جمعا و أعز نفرا. فقال المسلمون من كل ناحية: صدق عثمان. فقال عمر لعليعليه‌السلام : ما تقول أنت يا أبا الحسن؟

فقال: انك ان أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم الى ذراريهم، و ان

____________________

(١) فتوح البلدان: ٢٥٥.

٤١٠

سيرت أهل اليمن من يمنهم خلفت الحبشة على أرضهم، و ان شخصت أنت من هذا الحرم انتقضت عليك الأرض من أقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العيالات أهم اليك مما قد أمك، و ان العجم إذا رأوك عيانا قالوا: هذا ملك العرب كلّها، فكان أشدّ لقتالهم، و انا لم نقاتل الناس على عهد نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله و لا بعده بالكثرة، بل اكتب الى أهل الشام أن يقيم منهم بشامهم الثلثان و يشخص الثلث، و كذلك الى عمان، و كذلك سائر الأمصار و الكور» فقال عمر: و هو الرأي كنت رأيته، و لكني أحببت ان تتابعوني عليه. فكتب بذلك الى الأمصار.

ثم قال: لأولين الحرب رجلا يكون غدا لأسنة القوم جرزا، فولّى الأمر النعمان بن مقرن المزني و كان من خيار الصحابة و كان على خراج كسكر،

فدعا عمر السائب بن الأقرع، فدفع إليه عهد النعمان بن مقرن و قال له: ان قتل النعمان فولّي الأمر حذيفة. و ان قتل حذيفة فولّي الأمر جرير البجلي، و ان قتل جرير فالأمير المغيرة، و ان قتل المغيرة فالأمير الأشعث. و كتب الى النعمان:

ان قبلك رجلين هما فارسا العرب عمرو بن معد يكرب و طليحة بن خويلد،

فشاورهما في الحرب و لا تولهما شيئا من الأمر.

ثم قال للسائب: ان أظفر اللَّه المسلمين فتول أمر المغنم، و لا ترفع إلي باطلا، و ان يهلك ذلك الجيش فاذهب فلا أرينك.

فسار السائب حتى ورد الكوفة، و دفع الى النعمان عهده، و وافت الأمداد، و خلف أبو موسى بالبصرة ثلثي الناس، و سار بالثلث الآخر حتى وافى الكوفة، فتجهز الناس، و ساروا الى نهاوند، فنزلوا بمكان يسمى الاسفيدهان من مدينة نهاوند على ثلاثة فراسخ قرب قرية يقال لها قديس جان و أقبلت الأعاجم يقودها مردانشاه بن هرمزد، حتى عسكروا قريبا من عسكر المسلمين، و خندقوا على أنفسهم، و أقام الفريقان بمكانيهما، فقال

٤١١

النعمان لعمرو و طليحة: ما تريان، فان هؤلاء القوم قد أقاموا بمكانهم لا يخرجون منه، و امدادهم تترى عليهم كلّ يوم. فقال عمرو: الرأي ان تشيع ان عمر توفي ثم ترتحل بجميع من معك، فان القوم إذا بلغهم ذلك طلبونا، فتقف لهم عند ذلك. ففعل النعمان ذلك، و تباشرت الأعاجم، و خرجوا في آثار المسلمين، حتى إذا قاربوهم وقفوا لهم، ثم تزاحفوا فاقتتلوا، فلم يسمع إلا وقع الحديد على الحديد، و كثرت القتلى من الفريقين، و حال بينهما الليل، فانصرف كلّ فريق الى معسكره، و بات المسلمون و لهم أنين من الجراح، ثم أصبحوا و ذلك يوم الأربعاء، فتزاحفوا و اقتتلوا يومهم كلّه و صبر الفريقان، ثم كان ذلك دأبهم يوم الخميس، و تزاحفوا يوم الجمعة و توافقوا، و ركب النعمان برذونا أشهب و لبس ثيابا بيضا و سار بين الصفوف يذمر المسلمين و يحضهم،

و جعل ينتظر الساعة التي كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقاتل فيها و يستنزل النصر، و هي زوال النهار و مهب الرياح، و سار في الرايات يقول لهم اني هازّ لكم الراية ثلاثا،

فاذا هززتها أوّل مرة فليشد كلّ رجل منكم حزام فرسه، و ليستلم شكته، فاذا هززتها الثانية فصوبوا رماحكم، و هزوا سيوفكم، فاذا هززتها الثالثة فكبروا و احملوا فاني حامل، فلما زالت الشمس بأدنى صلّوا ركعتين ركعتين و وقف و نظر الناس الى الراية، فلما هزها الثالثة كبروا و حملوا و انتقضت صفوف الأعاجم، و كان النعمان أول قتيل، فحمله أخوه سويد بن مقرن الى فسطاطه،

فخلع ثيابه، فلبسها و تقلّد سيفه، و ركب فرسه، فلم يشك أكثر الناس أنّه النعمان و ثبتوا يقاتلون عدوهم، ثم أنزل اللَّه نصره و انهزمت الأعاجم، فذهبت على وجوهها حتى صاروا الى قرية من نهاوند على فرسخين، فنزلوها لأن حصن نهاوند لم يسعهم، و أقبل حذيفة و قد كان تولى الأمر بعد النعمان حتى أناخ عليهم فحاصرهم بها، فخرجوا ذات يوم مستعدين للحرب، فقاتلهم

٤١٢

المسلمون، فانهزمت الأعاجم و انقطع عظيم من عظمائهم يسمى دينار، فحال المسلمون بينه و بين الدخول الى الحصن، و اتبعه رجل من عبس يقال له سماك بن عبيد، فقتل قوما كانوا معه و استسلم له الفارسي، فاستأسره سماك، فقال لسماك: انطلق بي الى أميركم، فاني صاحب هذه الكورة لأصالحه على هذه الأرض، و افتح له باب الحصن، فانطلق به الى حذيفة،

فصالحه عليها و كتب له بذلك كتابا، فأقبل دينار حتى وقف على باب حصن نهاوند و نادى: افتحوا باب الحصن و انزلوا فقد أمنكم الأمير و صالحني على أرضكم، فنزلوا إليه، فعند ذلك سميت (ماه دينار).

و أقبل رجل من أشراف تلك البلاد الى السائب بن الأقرع و كان على المغانم فقال له: أتصالحني على ضياعي و تؤمنني على أموالي حتى أدلكم على كنز لا يدرى ما قدره، فيكون خالصا لأميركم الأعظم، لأنّه شي‏ء لم يؤخذ في الغنيمة و كان سبب هذا الكنز ان النخارجان الذي كان يوم القادسية أقبل بالمدد، فألفى العجم قد انهزموا، فوقف فقاتل حتى قتل كان من عظماء الأعاجم و كان كريما على كسرى ابرويز، و كانت له امرأة من أكثر النساء جمالا، و كانت تختلف الى كسرى، فبلغ ذلك النخارجان، فرفضها فلم يقربها،

و بلغ ذلك كسرى فقال يوما للنخارجان و قد دخل عليه مع العظماء و الاشراف بلغني ان لك عينا عذبة الماء، و انك لا تشرب منها. فقال النخارجان: أيها الملك، بلغني ان الأسد ينتاب تلك العين، فاجتنبتها مخافة الأسد. فاستحلى كسرى جواب النخارجان و عجب من فطنته، فدخل دار نسائه و كانت له ثلاثة آلاف امرأة لفراشه فجمعهن و أخذ ما كان عليهم من حلي، فجمعه و دفعه الى امرأة النخارجان، و دعا بالصاغة فاتخذوا للنخارجان تاجا من ذهب مكللا بالجوهر الثمين، فتوجه به، فبقي ذلك التاج

٤١٣

و تلك الحلي عند ولد بني تلك المرأة، فلما وقعت الحروب بناحيتهم ساروا به الى قرية لابيهم سميت باسمه يقال لها الخوارجان و فيها بيت نار، فاقتلعوا الكانون و دفنوا الحلي تحته و أعادوا الكانون كهيئته، فقال له السائب: ان كنت صادقا فأنت آمن على أموالك و ضياعك و أهلك و ولدك، فانطلق به حتى استخرجه في سفطين أحدهما التاج و الآخر الحلي، فلما قسم السائب الغنائم بين من حضر القتال و فرغ، حمل السفطين في خرجين على ناقة و قدم بهما على عمر، فكان من أمرهما الخبر المشهور، اشتراهما عمرو بن الحارث بعطاء المقاتلة و الذرية جميعا، ثم حملهما الى الحيرة، فباعهما بفضل كثير و اعتقد بذلك أموالا بالعراق و كان أول قرشي اعتقد بالعراق فقال عروة بن زيد الخيل يذكر أيامهم:

ألا طرقت رحلي و قد نام صحبتي

بأيوان سيرين المزخرف حلتي

و لو شهدت يومي جلولاء حربنا

و يوم نهاوند المهول استهلت

اذن لرأت ضرب امرئ غير خامل

مجيد بطعن الرمح أروع مصلت

و روى قريبا من ذلك من كلامهعليه‌السلام ، و كون السبب تكاتب أهل همدان و الري و اصبهان و قومس و نهاوند، المفيد في (الإرشاد) في قضاياهعليه‌السلام في أيام عمر عن شبابة بن سوار عن أبي بكر الهذلي( ١) .

قول المصنف: (و من كلام لهعليه‌السلام لعمر بن الخطاب و قد استشاره في غزو الفرس بنفسه) هكذا في (المصرية)، و الصواب: ما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم): و من كلام لهعليه‌السلام و قد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه. لكن ليس في نسخة (ابن أبي الحديد): (ابن الخطاب)( ٢) .

____________________

(١) الارشاد: ١١١.

(٢) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٥، لكن في شرح ابن ميثم ٣: ١٩٤ مثل المصرية.

٤١٤

قولهعليه‌السلام : «ان هذا الأمر لم يكن نصره و خذلانه بكثرة و لا قلّة» هكذا في (المصرية) و الصواب: «و لا بقلة» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ١) .

و كيف كان فظن صاحب عمر ان نصر المسلمين انما كان بالكثرة، كما في يوم حنين قال تعالى: و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين. ثم أنزل اللَّه سكينته على رسوله و على المؤمنين( ٢) .

قالوا: خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله متوجها الى حنين في عشرة آلاف من المسلمين، فظن أكثرهم انهم لن يغلبوا لما شاهدوه من جمعهم و كثرة عدتهم و سلاحهم، و أعجب أبا بكر الكثرة يومئذ فقال: لن نغلب اليوم من قلة. فلما التقوا لم يلبثوا حتى انهزموا، و لم يبق مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلا تسعة من بني هاشم،

و أيمن بن أم أيمن( ٣) .

قال ابن قتيبة في (معارفه): كان الذين ثبتوا يوم حنين بعد هزيمة الناس علي و العباس، و الفضل بن عباس، و أبو سفيان بن الحارث، و ابنه، و ربيعة بن الحارث، و اسامة بن زيد، و أيمن بن ام أيمن، و قتل يومئذ، قال العباس:

نصرنا رسول اللَّه في الحرب سبعة

و قد فرّ من قد فرّ منهم فأقشعوا

و ثامننا لقي الحمام بسيفه

بما مسه في اللَّه لا يتوجع

يعني أيمن.

«و هو دين اللَّه الذي أظهره» هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحقّ

____________________

(١) راجع شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٥، و شرح ابن ميثم ٣: ١٩٤.

(٢) التوبة: ٢٥ و ٢٦.

(٣) روى هذا السبب في نزول الآية الواقدي في المغازي ٣: ٨٩٠.

٤١٥

ليظهره على الدين كلّه و لو كره المشركون( ١) .

«و جنده الذي أعده و أمده» و اذ يعدكم اللَّه احدى الطائفتين انها لكم و تودون ان غير ذات الشوكة تكون لكم و يريد اللَّه ان يحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين. ليحق الحق و يبطل الباطل و لو كره المجرمون. اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم اني ممدكم بألف من الملائكة مردفين. و ما جعله اللَّه إلا بشرى و لتطمئن به قلوبكم و ما النصر إلا من عند اللَّه ان اللَّه عزيز حكيم. اذ يغشيكم النعاس امنة منه و ينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به و يذهب عنكم رجز الشيطان و ليربط على قلوبكم و يثبت به الأقدام. اذ يوحي ربك الى الملائكة اني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق و اضربوا منهم كلّ بنان( ٢) .

يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة اللَّه عليكم اذ جائتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا و جنودا لم تروها و كان اللَّه بما تعملون بصيرا( ٣) .

لقد نصركم اللَّه في مواطن كثيرة و يوم حنين الى و أنزل جنودا لم تروها و عذّب الذين كفروا و ذلك جزاء الكافرين( ٤) .

«حتى بلغ» الإسلام «ما بلغ و طلع حيثما» هكذا في (المصرية)، و الصواب:

«حيث» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٥ ) «طلع» انا فتحنا لك فتحا مبينا( ٦) .

____________________

(١) التوبة: ٣٣ و الصف: ٩.

(٢) الانفال: ٧ ١٢.

(٣) الاحزاب: ٩.

(٤) التوبة: ٢٥ و ٢٦.

(٥) لفظ شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٥، و شرح ابن ميثم ٣: ١٩٤ مثل المصرية.

(٦) الفتح: ١.

٤١٦

إذا جاء نصر اللَّه و الفتح. و رأيت الناس يدخلون في دين اللَّه أفواجا.

فسبّح بحمد ربك و استغفره انّه كان توابا( ١) .

«و نحن على موعود من اللَّه و اللَّه منجز وعده و ناصر جنده» في (تاريخ الطبري) عن عمرو بن عوف المزني قال: خط النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الخندق عام الاحزاب من أجم الشيخين طرف بني حارثة حتى بلغ المذاد، ثم قطعه أربعين ذراعا بين كلّ عشرة، فاحتق المهاجرون و الأنصار في سلمان و كان رجلا قويا فقالت الأنصار سلمان منّا و قالت المهاجرون سلمان منّا، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سلمان منّا أهل البيت، فكنت أنا و سلمان و حذيفة و النعمان بن مقرن المازني و ستة من الأنصار في أربعين ذراعا، فحفرنا تحت ذناب حتى بلغنا الندى،

فأخرج اللَّه تعالى من بطن الخندق صخرة بيضاء مروة، فكسرت حديدنا و شقت علينا، فقلنا يا سلمان أرق الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبره خبر هذه الصخرة،

فاما ان نعدل عنها فان المعدل قريب، و اما أن يأمرنا فيها بأمره، فانا لا نحب أن نجاوز خطه، فرقى سلمان حتى أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و هو ضارب عليه قبة تركية، فقال له: بأبينا أنت و امنا خرجت صخرة بيضاء من الخندق مروة،

فكسرت حديدنا و شقت حتى ما نحك فيها قليلا و لا كثيرا، فمرنا فيها بأمرك،

فهبط النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مع سلمان في الخندق و رقينا نحن التسعة على شقة الخندق،

فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المعول من سلمان، فضرب الصخرة ضربة صدعها و برقت منها برقة أضاءت ما بين لابيتها الى المدينة حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبّر النبي تكبير فتح و كبّر المسلمون، ثم ضربها النبي الثانية،

فصدعها و برق منها برقة أضاء ما بين لا بيتها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبّر النبي تكبير فتح و كبر المسلمون، ثم ضربها النبي الثالثة،

____________________

(١) النصر: ١ ٣.

٤١٧

فكسرها و برق منها برقة اضاء ما بين لا بيتها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر النبي تكبير فتح و كبر المسلمون.

ثم أخذ بيده سلمان فرقا، فقال سلمان لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بأبي أنت و امي لقد رأيت شيئا ما رأيته قط، فالتفت النبي الى القوم فقال: هل رأيتم ما يقول سلمان؟

فقالوا: نعم بأبي أنت و امنا قد رأيناك تضرب، فيخرج برق كالموج، فرأيناك تكبر و نكبر و لا نرى شيئا غير ذلك. قال: صدقتم ضربت ضربتي الاولى،

فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة و مدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرئيل ان امتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثانية،

فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرئيل ان امتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثالثة،

فبرق منها الذي رأيتم أضاءت له منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب،

فأخبرني جبرئيل ان امتي ظاهرة عليها، فابشروا يبلغهم النصر، و ابشروا يبلغهم النصر، و ابشروا يبلغهم النصر.

فاستبشر المسلمون و قالوا: الحمد للَّه، موعد صادق بار، وعدنا النصر بعد الحصر، فطلعت الاحزاب، فقال المؤمنون: هذا ما وعدنا اللَّه و رسوله،

و صدق اللَّه و رسوله، و ما زادهم إلا ايمانا و تسليما، و قال المنافقون: ألا تعجبون يحدثكم و يمنّيكم و يعدكم الباطل، يخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة و مدائن كسرى، و انها تفتح لكم، و أنتم تحفرون الخندق و لا تستطيعون أن تبرزوا، فأنزل القرآن و إذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا اللَّه و رسوله إلا غرورا( ١) .

«و مكان القيّم بالأمر مكان النظام» الخيط الذي ينظم به اللؤلؤ «من الخرز»

____________________

(١) تاريخ الطبري ٢: ٢٣٥ سنة ٥. و الآية ١٢ من سورة الأحزاب.

٤١٨

بالتحريك، و خرزات الملك جواهر تاجه.

«يجمعه و يضمه فاذا» هكذا في (المصرية)، و الصواب: «فان» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ١ ) «انقطع النظام تفرق الخرز و ذهب» هكذا في (المصرية)، و الصواب: «تفرق و ذهب» بدون «الخرز» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢) .

في (عيون القتيبي): مثل الاسلام و السلطان و الناس مثل الفسطاط و العمود و الأطناب و الأوتاد، فالفسطاط الاسلام و العمود السلطان و الاطناب و الأوتاد الناس، لا يصلح بعضه إلا ببعض.

«ثم لم يجتمع بحذافيره» أي: بأسره و كماله و نواحيه «أبدا و العرب اليوم و ان كانوا قليلا» بالعدد «فهم كثيرون بالاسلام» قال تعالى: و اذكروا اذْ كُنْتُم قليلا فكثركم( ٣ ) و حدعليه‌السلام القليل كالآية، و قالوا: و يجوز فيه الجمع.

«عزيزون بالاجتماع» تحت لواء الاسلام، مثلوا الجمع المجتمع باخشاب مجتمعة لم يقدر أحد كسرها، و الجمع المتفرق بأخشاب متفرقة يكسرها كلّ أحد.

«فكن قطبا و استدر الرحى بالعرب و أصلهم» قال الجوهري: صليت الرجل نارا، إذا أدخلته النار، فان ألقيته فيها القاء كأنك تريد الإحراق قلت: أصليته.

«دونك نار الحرب فانك ان شخصت» أي: تحركت «من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها و أقطارها حتى يكون ما تدع وراءك من العورات» قال الجوهري: العور كل خلل يتخوّف منه في ثغر أو حرب.

____________________

(١) لفظ شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٥، و شرح ابن ميثم ٣: ١٩٤ مثل المصرية.

(٢) المصدر السابق.

(٣) الاعراف: ٨٦.

٤١٩

«أهم اليك مما بين يديك» من الأعداء «ان الأعاجم» و المراد به هنا من لسانه غير عربي، قال تعالى: و لو نزّلناه على بعض الأعجمين( ١) .

«ان ينظروا اليك غدا يقولوا هذا أصل العرب، فاذا قطعتموه» هكذا في (المصرية) و الصواب: «فاذا اقتطعتموه» كما في الثلاثة( ٢ ) ، أي: قلعتموه «استرحتم فيكون ذلك أشدّ لكلبهم» بالتحريك أي: شدتهم و إذا هم «عليك و طمعهم فيك».

«فأما ما ذكرت من مسير القوم الى قتال المسلمين فان اللَّه سبحانه هو اكره لمسيرهم منك و هو أقدر على تغيير ما يكره» يريدون ليُطفئوا نور اللَّه بأفواهم و اللَّه متم نوره و لو كره الكافرون( ٣ ) يريدون أن يُطفئوا نور اللَّه بأفواههم و يأبي اللَّه إلا أن يتمّ نوره و لو كره الكافرون( ٤) .

«و أما ما ذكرت من عددهم فانا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة و انما كنّا نقاتل بالنصر و المعونة» كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن اللَّه و اللَّه مع الصابرين( ٥) .

٢ - الخطبة (١٣٢) و من كلام لهعليه‌السلام و قد شاوره عمر في الخروج إلى غزو الروم بنفسه:

وَ قَدْ تَوَكَّلَ اَللَّهُ لِأَهْلِ هَذَا اَلدِّينِ بِإِعْزَازِ اَلْحَوْزَةِ وَ سَتْرِ اَلْعَوْرَةِ وَ اَلَّذِي

____________________

(١) الشعراء: ١٩٨.

(٢) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٥، لكن في شرح ابن ميثم ٣: ١٩٤ مثل المصرية.

(٣) الصف: ٨.

(٤) التوبة: ٣٢.

(٥) البقرة: ٢٤٩.

٤٢٠