بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 621

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 621
المشاهدات: 99189
تحميل: 8073


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 99189 / تحميل: 8073
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 7

مؤلف:
العربية

الناس بعدك. فقال: أنتم المستضعفون( ١ ) و قد قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهعليه‌السلام : إنّ الامة ستغدر بك بعدي( ٢) .

«و تشتّت» أي: تفرّق «أهوائنا، ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحقّ و أنت خير الفاتحين» الأصل فيه قول شعيب فيما حكى اللَّه تعالى عنه( ٣) .

هذا، و روى (الكافي) أنّهعليه‌السلام كان إذا أراد القتال قال: اللّهم إنّك أعلمت سبيلا من سبلك جعلت فيه رضاك، و ندبت إليه أولياءك، و جعلته أشرف سبلك عندك ثوابا و أكرمها لديك مآبا، و أحبّها إليك مسلكا، ثم اشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنّة يقاتلون في سبيل اللَّه فيقتلون و يقتلون وعدا عليك حقّا، فاجعلني ممّن اشترى فيه منك نفسه ثم وفّى لك ببيعه الذي بايعك عليه، غير ناكث و لا ناقض عهدا و لا مبدّل تبديلا، بل استيجابا لمحبّتك و تقرّبا به إليك، فاجعله خاتمة عملي و صيّر فيه فناء عمري،

و ارزقي فيه لك و به مشهدا توجب لي به منك الرضا، و تحطّ به عنّي الخطايا،

و تجعلني في الأحياء المرزوقين، بأيدي العداة و العصاة، تحت لواء الحقّ و راية الهدى، ماضيا على نصرتهم قدما غير مولّ دبرا و لا محدث شكا. اللّهم و أعوذ بك عند ذلك من الجبن عند موارد الأهوال، و من الضعف عند مساورة الأبطال، و من الذنب المحبط للأعمال، فأحجم من شكّ أو أمضي بغير يقين،

فيكون سعيي في تباب و عملي غير مقبول( ٤) .

و في (زهر آداب الحصري) و (مجالس ثعلب): «و من دعاء عليعليه‌السلام في

____________________

(١) انساب الأشراف ١: ٥٥١.

(٢) أخرجه البخاري في تاريخه ١: ق ١٧٤١، و الحاكم في المستدرك ٣: ١٤٠ و ١٤٢، و الخطيب في تاريخ بغداد ١١:

٢١٦، و الثقفي في الغارات ٢: ٤٨٦ و غيرهم.

(٣) الأعراف: ٨٩.

(٤) الكافي ٥: ٤٦ ح ١.

٤١

حروبه» اللّهم أنت أرضى للرضى، و أسخط للسخط، و أقدر على تغيّر ما كرهت، و أعلم بما تقدر، لا تغلب على باطل، و لا تعجز عن حقّ، و ما أنت بغافل عمّا يعمل الظالمون( ١) .

٩ - الخطبة (٢١٠) و من خطبة لهعليه‌السلام :

اَللَّهُمَّ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِكَ سَمِعَ مَقَالَتَنَا اَلْعَادِلَةَ غَيْرَ اَلْجَائِرَةِ وَ اَلْمُصْلِحَةَ غَيْرَ اَلْمُفْسِدَةِ فِي اَلدِّينِ وَ اَلدُّنْيَا فَأَبَى بَعْدَ سَمْعِهِ لَهَا إِلاَّ اَلنُّكُوصَ عَنْ نُصْرَتِكَ وَ اَلْإِبْطَاءَ عَنْ إِعْزَازِ دِينِكَ فَإِنَّا نَسْتَشْهِدُكَ عَلَيْهِ بِأَكْبَرَ اَلشَّاهِدِينَ شَهَادَةً وَ نَسْتَشْهِدُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا أَسْكَنْتَهُ أَرْضَكَ وَ سمَاوَاتِكَ ثُمَّ أَنْتَ بَعْدَهُ اَلْمُغْنِي عَنْ نَصْرِهِ وَ اَلْآخِذُ لَهُ بِذَنْبِهِ أقول: قال ابن ميثم: الفصل من خطبة كان يستنهض بها أصحابه إلى جهاد أهل الشام( ٢ ) . لكنه لم يأت له بمستند و لا أدري هل وقف فيه على رواية أو قاله تخمينا.

قول المصنف: «و من خطبة لهعليه‌السلام » قد ترى أنّه مناجاة مع اللَّه تعالى كسابقه، فان كان جزء خطبة فهو اقتصر.

قولهعليه‌السلام : «اللّهمّ أيّما عبد من عبادك سمع مقالتنا العادلة غير الجائرة» مقالتهعليه‌السلام العادلة غير الجائرة، كلماته التي كان يدعو بها الناس إلى اللَّه تعالى و إلى جهاد أعدائه، كقولهعليه‌السلام «سيروا إلى أعداء السنن و القرآن، سيروا إلى

____________________

(١) زهر الآداب ١: ٤٤، و مجالس ثعلب ٢: ٤١٦.

(٢) شرح ابن ميثم ٤: ٢٧.

٤٢

بقية الأحزاب و قتلة المهاجرين و الأنصار»( ١) .

«و المصلحة غير المفسدة في الدين و الدنيا» هكذا في (المصرية)،

و الصواب: «و المصلحة في الدين و الدنيا غير المفسدة» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢ ) ، و ليكون «غير المفسدة» كقوله «غير الجائرة» وصفعليه‌السلام مقالته بالوصفين للدلالة على أن مقالتهعليه‌السلام عادلة محضة و مصلحة خالصة، ليست كبعض المقالات المختلطة عدلها بجورها و صلاحها بفسادها ان لم يكن كلّها جورا أو فسادا.

«فأبى بعد سمعه لها إلاّ النكّوص» أي: الإحجام «عن نصرتك و الإبطاء عن إعزاز دينك» في (صفين نصر): لما قالعليه‌السلام تلك الكلمات قام رجل من بني فزارة يقال له أربد، فقال: أتريد أن تسيّرنا إلى اخواننا من أهل الشام فنقتلهم لك، كما سرت بنا إلى إخواننا من أهل البصرة فقتلناهم، كلاها اللَّه لا نفعل ذلك،

فقام الأشتر فقال: من لهذا أيّها النّاس، فهرب و اشتدوا على أثره فلحق بمكان من السوق تباع فيه البراذين، فوطؤه بأرجلهم و ضربوه بأيديهم، و نعال سيوفهم حتى قتل، فقالعليه‌السلام : قتيل عميّة لا يدري من قتله، ديته من بيت مال المسلمين.

و قام الأشتر فقال: كيف لا نقاتل قوما هم كما وصف أمير المؤمنينعليه‌السلام ، و قد وثبت عصابة منهم على طائفة من المسلمين فأسخطوا اللَّه و اظلمت بأعمالهم الأرض و باعوا خلاقهم بعرض من الدنيا يسير، فقال عليعليه‌السلام : الطريق مشترك، و الناس في الحقّ سواء، و من اجتهد رأيه في

____________________

(١) رواه ابن مزاحم في وقعة صفين: ٩٤.

(٢) لفظ شرح ابن أبي الحديد ١١: ٦٠، و شرح ابن ميثم ٤: ٢٧ نحو المصرية.

٤٣

نصيحة العامة فله ما نوى و قضى ما عليه( ١) .

«فإنّا نستشهدك عليه بأكبر الشاهدين شهادة» هكذا في (المصرية)، و هو غلط، فان أكبر الشاهدين شهادة هو اللَّه تعالى لا غيره، قال عز و جل: قل أيّ شي‏ء أكبر شهادة قل اللَّه( ٢ ) ، و الصواب: «فانا نستشهدك عليه يا أكبر الشاهدين شهادة» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٣ ) ، و قول محشي المصرية: «أكبر الشاهدين هو النبي أو القرآن( ٤ ) » غلط.

«و نستشهد عليه جميع من أسكنته أرضك» من الجن و الأنس «و سماواتك» من الملائكة «ثم أنت بعده» هكذا في (المصرية)، و الصواب: «بعد» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٥ ) «المغني عن نصره و الآخذ له بذنبه».

في (صفين نصر): لما أمر عليّعليه‌السلام الناس بالمسير إلى الشام دخل عليه عبد اللَّه بن المعتم، و حنظلة الكاتب في رجال كثير من غطفان و بني تميم، فقال حنظلة: انا نظرنا لك و لمن معك، أقم و كاتب هذا الرجل و لا تجعل إلى قتال أهل الشام، و لا تدري إذا التقيتم لمن تكون الغلبة و على من تكون الدبرة. و تكلّم ابن المعتم و القوم الذين دخلوا معهما بمثل ما تكلّم حنظلة.

فقالعليه‌السلام : اما الدّبرة فانها تكون على الضالين، ظفروا أو ظفر بهم، و ايم اللَّه لا سمع كلام قوم ما أراهم يريدون أن يعرفوا معروفا، و لا ينكروا منكرا.

فقال مالك بن حبيب لهعليه‌السلام : إنّ حنظلة هذا يكاتب معاوية فاحبسه، أو أمكنا منه نحبسه، فأخذا يقولان هذا جزاء من أشار عليكم بالرأي فيما بينكم

____________________

(١) وقعة صفين: ٩٤ و ٩٥.

(٢) الانعام: ١٩.

(٣) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١١: ٦٠، لكن في شرح ابن ميثم ٤: ٢٧ نحو المصرية.

(٤) قاله الشيخ محمد عبده في حاشية نهج البلاغة ٢: ١٩٣.

(٥) لفظ شرح ابن أبي الحديد ١١: ٦٠، و شرح ابن ميثم ٤: ٢٧ «بعده».

٤٤

و بين عدوّكم، فقالعليه‌السلام : اللَّه بيني و بينكم و إليه أكلكم و به استظهر عليكم،

إذهبوا حيث شئتم إلى أن قال فلحق ابن المعتم مع أحد عشر رجلا من قومه و حنظلة الكاتب مع ثلاثة و عشرين رجلا من قومه بمعاوية( ١) .

و لا تخفى نكات كلامهعليه‌السلام من وصفه مقالته بالجامعة لكل حسن و المانعة عن كلّ قبح، و جعله النكوص عنه النكوص عن اللَّه و عن دينه،

و استشهاد الخالق و الخلائق على نكوصه و إعانة اللَّه تعالى له و انتقامه من تاركيه.

و لما قال الأشتر لهعليه‌السلام كما في (تأريخ اليعقوبي) إنّ هوى جرير مع معاوية قالعليه‌السلام : يا ويحهم مع من يميلون و يدعونني فو اللَّه ما أردتهم إلاّ على إقامة حقّ، و لا يريدهم غيري إلاّ على باطل( ٢) .

____________________

(١) وقعة صفين: ٩٥ و ٩٦، و النقل بتلخيص.

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢: ١٨٤.

٤٥

٤٦

الفصل السابع عشر في وصفهعليه‌السلام لعجائب خلقه تعالى

٤٧

٤٨

١ - الخطبة (١٥٣) و من خطبة لهعليه‌السلام يذكر فيها بديع خلقة الخفاش إلى أن قال:

وَ مِنْ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ وَ عَجَائِبِ حِكْمَتِهِ مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِضِ اَلْحِكْمَةِ فِي هَذِهِ اَلْخَفَافِيشِ اَلَّتِي يَقْبِضُهَا اَلضِّيَاءُ اَلْبَاسِطُ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ يَبْسُطُهَا اَلظَّلاَمُ اَلْقَابِضُ لِكُلِّ حَيٍّ وَ كَيْفَ عَشِيَتْ أَعْيُنُهَا عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ مِنَ اَلشَّمْسِ اَلْمُضِيئَةِ نُوراً تَهْتَدِي بِهِ فِي مَذَاهِبِهَا وَ تَتَّصِلُ بِعَلاَنِيَةِ بُرْهَانِ اَلشَّمْسِ إِلَى مَعَارِفِهَا وَ رَدَعَهَا تَلَأْلُؤُ ضِيَائِهَا عَنِ اَلْمُضِيِّ فِي سُبُحَاتِ إِشْرَاقِهَا وَ أَكَنَّهَا فِي مَكَامِنِهَا عَنِ اَلذَّهَابِ فِي بُلَجِ اِئْتِلاَقِهَا وَ هِيَ مُسْدَلَةُ اَلْجُفُونِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَحْدَاقِهَا وَ جَاعِلَةُ اَللَّيْلِ سِرَاجاً تَسْتَدِلُّ بِهِ فِي اِلْتِمَاسِ أَرْزَاقِهَا فَلاَ يَرُدُّ أَبْصَارَهَا إِسْدَافُ ظُلْمَتِهِ وَ لاَ تَمْتَنِعُ مِنَ اَلْمُضِيِّ فِيهِ لِغَسَقِ دُجُنَّتِهِ فَإِذَا أَلْقَتِ اَلشَّمْسُ قِنَاعَهَا وَ بَدَتْ أَوْضَاحُ نَهَارِهَا وَ دَخَلَ مِنْ إِشْرَاقِ نُورِهَا عَلَى اَلضِّبَابِ فِي وِجَارِهَا أَطْبَقَتِ اَلْأَجْفَانَ عَلَى مَآقِيهَا وَ تَبَلَّغَتْ بِمَا اِكْتَسَبَتْ مِنَ فِيْ‏ءِ ظُلَمِ لَيَالِيهَا

٤٩

فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ اَللَّيْلَ لَهَا نَهَاراً وَ مَعَاشاً وَ اَلنَّهَارَ سَكَناً وَ قَرَاراً وَ جَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا تَعْرُجُ بِهَا عِنْدَ اَلْحَاجَةِ إِلَى اَلطَّيَرَانِ كَأَنَّهَا شَظَايَا اَلْآذَانِ غَيْرَ ذَوَاتِ رِيشٍ وَ لاَ قَصَبٍ إِلاَّ أَنَّكَ تَرَى مَوَاضِعَ اَلْعُرُوقِ بَيِّنَةً أَعْلاَماً لَهَا جَنَاحَانِ لَمَّا يَرِقَّا فَيَنْشَقَّا وَ لَمْ يَغْلُظَا فَيَثْقُلاَ تَطِيرُ وَ وَلَدُهَا لاَصِقٌ بِهَا لاَجِئٌ إِلَيْهَا يَقَعُ إِذَا وَقَعَتْ وَ يَرْتَفِعُ إِذَا اِرْتَفَعَتْ لاَ يُفَارِقُهَا حَتَّى تَشْتَدَّ أَرْكَانُهُ وَ يَحْمِلَهُ لِلنُّهُوضِ جَنَاحُهُ وَ يَعْرِفَ مَذَاهِبَ عَيْشِهِ وَ مَصَالِحَ نَفْسِهِ فَسُبْحَانَ اَلْبَارِئِ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ خَلاَ مِنْ غَيْرِهِ قول المصنف: «بديع خلقه الخفاش» من اختلاف باصرته مع باصرة باقي الطيور و الحيوانات، و اختلاف اجنحته مع أجنحة باقي الطيور،

و اختلاف ولدها مع ولد باقي الطيور و الحيوان.

و في (حياة حيوان الدميري): ليس هو من الطير في شي‏ء، فانه ذو اذنين و أسنان و خصيتين و منقار و يحيض و يطهر و يضحك كما يضحك الإنسان و يبول كما تبول ذوات الأربع و يرضع ولده، و لا ريش له( ١) .

قول المصنف: «و من لطائف صنعته» من اضافة الصفة إلى الموصوف،

و الأصل «و من صنائعه اللطيفة» «و عجائب حكمته» هو أيضا كسابقه، و الأصل «حكمته العجيبة» «ما أرانا من غوامض» أي: خفيّات «الحكمة» و هي إتقان الامور «في هذه الخفافيش» جمع الخفاش بالضم.

و قال الدميري: قال البطليوسي الخفاش له أربعة أسماء: خفاش،

و خشاف، و خطاف، و وطواط.

و الحقّ أنّ الخفّاش و الخطّاف صنفان، و قال قوم الخفّاش الصغير

____________________

(١) حياة الحيوان ١: ٢٩٦.

٥٠

و الوطواط الكبير، و هو لا يبصر في ضوء القمر و لا في ضوء النهار( ١) .

و في (الصحاح): الخفش: صغر في العين و ضعف في البصر خلقة،

و الرجل أخفش، و قد يكون الخفش علّة، و هو الذي يبصر الشي‏ء بالليل و لا يبصره بالنهار، و يبصره في يوم غيّم و لا يبصره في يوم صاح( ٢) .

«التي يقبضها الضياء» أي: الشمس، قال تعالى: هو الذي جعل الشمس ضياء( ٣ ) «الباسط لكلّ شي‏ء» حي «و يبسطها الظلام» أي: الليل، قال تعالى:

و آية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون( ٤ ) «القابض لكل حي» من الوحش و الطير.

«و كيف عشيت» في (الجمهرة): عشي الرجل فهو أعشى و المرأة عشواء و العشي مصدره، و هو على معنيين و هو الذي لا يبصر بالليل و يبصر بالنهار و هو الذي ساء بصره من غير عمى، كما قال الأعشى:

إن رأت رجلا أعشى أضربه

ريب المنون و دهر خابل خبل

و العشو مصدر عشوت إلى ضوئك إذا قصدته بليل، ثم صار كلّ قاصد شي‏ء عاشيا، قال الحطيئة:

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره

تجد خير نار عندها خير موقد(٥)

و (الصحاح)، اقتصر في معنى العشي على الأوّل،

و (المصباح) على الثاني، كما أنّ (الصحاح) قال عشوته: قصدته( ٦) .

____________________

(١) المصدر السابق.

(٢) صحاح اللغة ٣: ١٠٠٥، مادة (خفش).

(٣) يونس: ٥.

(٤) يسن: ٣٧.

(٥) جمهرة اللغة ٣: ٦٢.

(٦) صحاح اللغة ٦: ٢٤٢٧، مادة (عشا)، و المصباح المنير ٢: ٧٢ مادة (عشى).

٥١

و الصواب: ما عرفت من (الجمهرة).

«أعينها عن أن تستمد من الشمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها» جعل تعالى الأبصار في باقي ذوي الأبصار بواسطة الشمس، و فيها بواسطة عدمها، فسبحان الذي خلق الأضداد.

«و تصل» أي: تلك الخفافيش «بعلانية» بتخفيف الياء اسم مصدر بمعنى الانتشار «برهان» جعله ابن دريد من «بره» فقال في باب فعلان: و برهان معروف من قولهم «هذا برهان هذا» أي: إيضاحه، و قال به ابن الأعرابي،

و اختاره الأزهري، و جعله الجوهري و الفيروز آبادي و السجستاني في (غريب قرآنه) رباعيا، و أغرب قول، قول الزمخشري فقال إنّه من البرهرمة أي: البيضاء من الجواهري( ١) .

«الشمس إلى معارفها» كباقي الطيور و الوحوش «و ردعها» أي: كفّها و منعها و الفاعل ضمير النور «تلألؤ» هكذا في (المصرية) و الصواب: «بتلألؤ» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢ ) «ضيائها عن المضي في سبحات» أي: أنوار «أشراقها و أكنّها» أي: سترها «في مكامنها» محالّ اختفائها «عن الذهاب في بلج» جاء في (الصحاح): «صبح أبلج» أي: مشرق مضي‏ء، قال العجاج: «حتى بدت أعناق صبح أبلجا»( ٣) .

«ائتلاقها» أي: لمعانها «فهي مسدلة» من أسدل ثوبه و شعره، أرخاه، و في (القاموس) سدل الشعر و أسدله، أرخاه. و أمّا اقتصار (الأساس) و (الصحاح)

____________________

(١) جمهرة اللغة لابن دريد ٣: ٤١٦، و تهذيب اللغة للأزهري ٦: ٢٩٤، و صحاح اللغة للجوهري ٥: ٢٠٧٨، و القاموس المحيط للفيروزآبادي ٤: ٢٠١، و غريب القرآن للسجستاني: و أساس البلاغة للزمخشري: ٢١، و نقل قول ابن الاعرابي لسان العرب ١٣: ٤٧٦.

(٢) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٨١، لكن في شرح ابن ميثم ٣: ٢٥٣، نحو المصرية.

(٣) صحاح اللغة ١: ٣٠٠ مادة (بلج).

٥٢

على سدل و إنكار المصباح لأسدل ففي غير محلّه( ١ ) «الجفون» في (المصباح) جفن العين غطاءها من أعلاها و أسفلها، و هو مذكر( ٢ ) «بالنهار على أحداقها» جمع حدقة كالحداق «و جاعلة الليل سراجا تستدلّ به في التماس أرزاقها».

قال الدميري: يخرج البعوض في غروب الشمس لطلب قوّته و هو دماء الحيوان، و يخرج الخفاش طالبا للطعم، فيقع طالب رزق على طالب رزق فسبحان الحكيم( ٣) .

«فلا يردّ أبصارها أسداف» من «أسدفت المرأة القناع» أرسلته «ظلمته و لا تمتنع من المضي فيه» أي: في التماس أرزاقها «لغسق» في (الصحاح): الغسق:

أوّل ظلمة الليل( ٤ ) «دجنته» بالضم أي: ظلمته.

«فإذا ألقت الشمس قناعها» في (المصباح): قناع المرأة ما تلبسه فوق الخمار( ٥ ) «و بدت أوضاح» في (الصحاح): الوضح: الضوء و البياض( ٦ ) «نهارها» نظير قوله تعالى: و النهار إذا تجلّى( ٧ ) و الشمس و ضحاها( ٨ ) «و دخل من إشراق نورها على الضّباب» جمع الضب.

قال الدميري في (حياة حيوانه): الضب يخرج من جحره كليل البصر،

فيجلوه بالتحدق للشمس، و من شأنه في الشتاء ألاّ يخرج من جحره، قال امية

____________________

(١) القاموس المحيط ٣: ٣٩٥، مادة (سدل)، و أساس البلاغة: ٢٠٧، مادة (سدل)، و صحاح اللغة ٥: ١٧٢٨، مادة (سدل)، و المصباح المنير ١: ٣٢٨، مادة (سدل).

(٢) المصباح المنير ١: ١٢٨، مادة (جفن).

(٣) حياة الحيوان ١: ٢٩٦، و النقل بتصرف يسير.

(٤) صحاح اللغة ٤: ١٥٣٧، مادة (غسق).

(٥) لم يوجد هذا في موضعه من المصباح ٢: ٢٠٢ مادة (قنع).

(٦) صحاح اللغة ١: ٤١٦، مادة (وضح).

(٧) الليل: ٢.

(٨) الشمس: ١.

٥٣

بن أبي الصلت في ابن جدعان:

يباري الريح تكرمة و مجدا

إذا ما الضب أجحره الشتاء

و قال ابن خالويه في أوائل (كتاب ليس): الضب لا يشرب الماء و يعيش سبعمائة سنة، و يقال: إنّه يبول في كلّ أربعين يوما قطرة، و لا تسقط له سنّ،

و يقال: إنّ أسنانه قطعة واحدة. و للتضادّ بينه و بين السمكة قال حاتم الأصم:

تكفّل بالأرزاق للخلق كلّهم

و للضب في البيداء و للحوت في البحر( ١)

و في (المصباح): الضب: دابة تشبه الحرذون، و هي أنواع، فمنها ما هو على قدر الحرذون، و منها أكبر منه، و منها دون العنز و هو أعظمها، و من عجيب خلقته أنّ الذكر له زبّان، و الانثى لها فرجان تبيض منهما( ٢) .

و في (الصحاح) في المثل «أعقّ من ضبّ» لأنّه ربما أكل حسوله،

و الانثى ضبّة، و قولهم «لا أفعله حتّى يحنّ الضبّ في أثر الإبل الصادرة» «و لا أفعله حتّى يرد الضبّ» لأنّ الضبّ لا يشرب ماء. و من كلامهم الذي يضعونه على ألسنة البهائم، قالت السمكة: «و ردا يا ضبّ»، فقال «أصبح قلبي صردا،

لا يشتهي أن يردا، إلاّ عرادا عردا، وصليانا بردا، و عنكثا ملتبدا»( ٣) .

«في وجارها» في (القاموس): الوجار بالكسر و الفتح جحر الضبع و غيرها و «وجرة» موضع بين مكة و البصرة أربعون ميلا ما فيها منزل فهي مربّ للوحش( ٤) .

«أطبقت الأجفان» جمع آخر للجفن غطاء العين غير الجفون «على مآقيها»

____________________

(١) حياة الحيوان ٢: ٧٧ و ٧٨.

(٢) المصباح المنير ٢: ٢، مادة (ضب).

(٣) صحاح اللغة ١: ١٦٧، مادة (ضب).

(٤) القاموس المحيط ٢: ١٥٣، مادة (وجر).

٥٤

في الصحاح: مؤق العين طرفها مما يلي الأنف، و اللحاظ طرفها الذي يلي الاذن( ١ ) . و في (الجمهرة): المؤق موق العين، و فيه أربع لغات موق و ماق و مؤق و مأق، و يجمع آماقا و مآقي و أمواقا و اماقي( ٢ ) ، و قال:

مثل النهار يزيد أبصار الورى

نورا و يعمي أعين الخفاش

«و تبلّغت» أي: اكتفت، قال:

تزجّ من دنياك بالبلاغ

و باكر المعدة بالدباغ(٣)

«بما اكتسبت من في‏ء ظلم لياليها» هكذا في (المصرية)، و الصواب: (بما اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها) كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٤) .

قال الصادقعليه‌السلام للمفضّل: الخفاش يخرج بالليل و يتقوّت بما يسري في الجوّ من الفراش و ما أشبهه، و قد قال قائلون: إنّه لا طعمة للخفاش، و إنّ غذاه من النسيم وحده، و ذلك يبطل من جهتين: أحدهما خروج الثفل و البول منه،

فإن هذا لا يكون من غير طعمة، و الاخرى أنّه ذو أسنان، و لو كان لا يطعم شيئا لم يكن للأسنان فيه معنى، و ليس في الخلقة شي‏ء لا معنى له( ٥) .

«فسبحان من جعل الليل لها نهارا و معاشا، و النهار سكنا و قرارا» و هو دليل كمال قدرته و عظمته.

قال الصادقعليه‌السلام للمفضّل: أعلمت ما طعم هذه الأصناف من الطير التي لا تخرج إلاّ بالليل، كمثل البوم و الهام و الخفاش؟ قال: لا يا مولاي. قال: إنّ

____________________

(١) صحاح اللغة ٤: ١٥٥٣، مادة (مأق).

(٢) جمهرة اللغة ٣: ١٦٦.

(٣) أورده لسان العرب ٨: ٤١٩ مادة (بلغ).

(٤) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٨١، لكن في شرح ابن ميثم ٣: ٢٥٣ نحو المصرية.

(٥) توحيد المفضل: ١٢١، و النقل بتصرف يسير.

٥٥

معاشها من ضروب تنتشر في الجو من البعوض و الفراش و أشباه الجراد و اليعاسيب، و ذلك أن هذه الضروب مبثوثة في الجو لا تخلو منها موضع،

و اعتبر ذلك بأنّك إذا وضعت سراجا بالليل في سطح أو عرصة دار اجتمع عليه من هذه الضروب شي‏ء كثير، فمن أين يأتي ذلك كلّه إلاّ من القرب، فإن قال قائل: إنّه يأتي من الصحاري و البراري، قيل له كيف يوافي تلك الساعة من موضع بعيد، و كيف يبصر من ذلك البعد سراجا في دار محفوفة بالدور فيقصد إليه، مع ان هذه عيانا تتهافت على السرج من قرب، فيدلّ ذلك على أنها منتشرة في كلّ موضع من الجوّ، فهذه الأصناف من الطير تلتمسها إذا خرجت فتقوت بها. فانظر كيف وجّه الرزق لهذه الطيور التي لا تخرج إلاّ بالليل من هذه الضروب المنتشرة في الجو، و اعرف ذلك المعنى في خلق هذه الضروب المنتشرة التي عسى أن يظن ظانّ أنّها فضل لا معنى له( ١) .

«و جعل لها أجنحة من لحمها» يمكن أن يكون مستأنفة و ان يكون عطفا على «جعل الليل» و على «يقبضها الضياء الباسط لكلّ شي‏ء».

«تعرج بها عند الحاجة إلى الطيران» بخلاف باقي الطيور، فجعل في أجنحتها و ذنبها ريشات طوال متان لتنهض بها للطيران، و كسى كلّها الريش ليتداخلها الهواء فيقلّها فكيف تطير هذه مع خلوّها من جميع ما ذكر، و لكنّها لما كانت تلد، جعل جناحها من لحم، فلو كان من ريش لم يقدر لحملها مع حملها.

قال الصادقعليه‌السلام في غيره من الطيور: جعل الطير مما تبيض بيضا، و لا تلد ولادة، لكيلا تثقل عن الطيران، فانّه لو كانت الفراخ في جوفه تمكث حتى تستحكم، لأثقلته و عاقته عن النهوض و الطيران، فجعل كلّ شي‏ء من خلقه

____________________

(١) توحيد المفضل: ١١٩، و النقل بتصرف يسير.

٥٦

مشاكلا للأمر الذي قدّر أن يكون عليه( ١) .

«كأنها شظايا» جمع الشظيّة بمعنى الشقّة «الآذان غير ذوات ريش و لا قصب» بخلاف سائر الطيور، فلها ريشات غرزت في ما كان كالقصب،

و القصب بفتحتين كلّ نبات يكون ساقه أنابيب و كعوبا.

قال الدميري: قال وهب بن منبه: طلبوا من عيسىعليه‌السلام خلق الخفّاش بإذن اللَّه تعالى، لأنه من أعجب الطير خلقة، إذ هو لحم و دم يطير بغير ريش،

و هو شديد الطيران سريع التقلّب، و هو مع ذلك موصوف بطول العمر، فيقال انه أطول عمرا من النّسر و من حمار الوحش( ٢) .

«إلاّ انّك ترى مواضع العروق بيّنة أعلاما» جمع العلم بفتحتين بمعنى العلامة، ثم الظاهر كونه تميزا لما قبله «لها جناحان لمّا» هكذا في جميع النسخ،

و الظاهر كونه محرّف «لم» لأن المقام ليس مقام توقع وقوع «يرقّا فينشقّا و لم» و في نسخة (ابن أبي الحديد) «و لمّا»( ٣ ) «يغلظا فيثقلا» و لم يمكنها الطيران.

«تطير و ولدها لاصق بها لاجئ إليها يقع» الولد «إذا وقعت و يرتفع» الولد «إذا ارتفعت» الامهات «لا يفارقها حتى تشتدّ أركانه، و يحمله للنهوض جناحه و يعرف مذاهب عيشه و مصالح نفسه».

هذه أيضا أحد امتيازات الخفاش عن غيره.

و في (توحيد المفضل): انظر الآن إلى ذوات الأربع كيف تراها تتبع أمّهاتها مستقلة بأنفسها، لا تحتاج إلى الحمل و التربية كما تحتاج أولاد الإنس،

فمن أجل أنّه ليس عند أمّهاتها ما عند أمّهات البشر من الرفق و العلم بالتربية،

____________________

(١) توحيد المفضل: ١١٤.

(٢) حياة الحيوان ١: ٢٩٦.

(٣) في شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٨٢ ايضا «لم».

٥٧

و القوة بالأكفّ و الأصابع المهيّأة لذلك، أعطيت النهوض و الاستقلال بأنفسها.

و كذلك نرى كثيرا من الطير كمثل الدجاج و الدراج و القبج تدرج، و تلقط حين تنقاب عنها البيضة، فأمّا ما كان منها ضعيفا لا نهوض فيه كمثل فراخ الحمام،

و اليمام، و الحمّر، فقد جعل في الامّهات فضل عطف عليها، فصارت تمجّ الطعام في أفواهها بعد ما توعيه حواصلها، فلا تزال تغذوها حتّى تستقلّ بأنفسها، و لذلك لم ترزق الحمام فراخا كثيرا مثل ما ترزق الدجاج، لتقوى الام على تربية فراخها فلا تفسد و لا تموت، فكلا أعطى بقسط من تدبير الحكيم اللطيف الخبير( ١) .

بيان: اليمام طير وحشي كالحمام، و الحمّر جمع حمرة طير كالعصفور.

و في (حيوان الدميري): تلد أنثى الخفّاش ما بين ثلاثة أفراخ و سبعة،

و كثيرا ما يسفد و هو طائر في الهواء، و ليس في الحيوان ما يحمل ولده غيره،

و القرد و الإنسان، و يحمله تحت جناحه، و ربّما قبض عليه بفيه، و ذلك من حنوّه و إشفاقه عليه، و ربّما أرضعت الانثى ولدها و هي طائرة( ٢) .

«فسبحان اللَّه البارئ» أي: الخالق و الأصل الهمز «لكلّ شي‏ء على غير مثال خلا» أي: مضى قال تعالى: و إن من امّة إلاّ خلا فيها نذير( ٣ ) «من غيره».

و كلّ شي‏ء من خلقه تعالى و إن كان لا تعدّ حكمه تعالى فيه، كما لا تعدّ نعمه تعالى على خلقه، إلاّ انّهعليه‌السلام خصّ الخفاش هنا بالذكر، لاختصاصه بخصائص و كونه مشتركا بين الحيوان و الطير.

____________________

(١) توحيد المفضل: ٩٧، و النقل بتصرف يسير.

(٢) حياة الحيوان ١: ٢٩٦.

(٣) فاطر: ٢٤.

٥٨

و في (توحيد المفضل): خلق الخفّاش خلقة عجيبة بين خلقة الطير و ذوات الأربع، هو إلى ذوات الأربع أقرب، و ذلك انّه ذو أذنين ناشزتين و أسنان و وبر، و هو يلد أولادا و يرضع و يبول، و يمشي إذا مشى على أربع،

و كل هذا خلاف صفة الطير إلى أن قال:

و أما المآرب فيه فمعروفة، حتّى أنّ زبله يدخل في بعض الأعمال، و من أعظم الأرب فيه خلقته العجيبة الدالة على قدرة الخالق جلّ ثناؤه و تصرفها في ما شاء كيف شاء لضرب من المصلحة( ١) .

و في (حيوان الدميري): إذا وضع رأس الخفّاش في حشو مخدة فمن وضع رأسه عليها لم ينم، و ان طبخ رأسه في إناء نحاس أو حديد بدهن زنبق و يغمر فيه مرارا حتى يتهرئ و يصفى ذلك الدهن عنه، و يدهن به صاحب النقرس و الفالج القديم، و الارتعاش و التورّم في الجسد فانه ينفعه و هو مجرّب، و ان ذبح في بيت و أخذ قلبه و احرق، فيه لم يدخله حيات و لا عقارب،

و إن علّق قلبه وقت هيجانه على إنسان هيّج الباه، و إذا علّق عنقه على إنسان أمن العقارب، و من مسح بمرارته فرج امرأة قد عسرت ولادتها ولدت لوقتها،

و ارتفع الدم عن النساء إذا أخذن من شحمه، و ان طبخ ناعما حتى يتهرئ و مسح به الإحليل أمن التقطير، و إن صبّ من مرقه و قعد فيه صاحب الفالج انحل ما به، و إذا طلب بزبله على القوابي قلعها، و من نتف أبطه و طلاه بدمه مع لبن أجزاء متساوية لم ينبت، و إذا طلى به عانات الصبيان منع من النبات( ٢) .

هذا، و روى ابن قتيبة في (عيونه) عن الرياشي قال: روى عن عليّعليه‌السلام

____________________

(١) توحيد المفضل: ١٢٠.

(٢) حياة الحيوان ١: ٢٩٧، و النقل بتصرف يسير.

٥٩

ليس شي‏ء يغيب أذناه إلاّ و هو يبيض، و ليس شي‏ء يظهر اذناه إلاّ و هو يلد( ١) .

و روى الصدوق في (خصاله) عن الرضاعليه‌السلام عن آبائهعليهم‌السلام عن الحسينعليه‌السلام قال: كان عليعليه‌السلام بالكوفة في الجامع إذ قام اليه رجل من أهل الشام، فسأله عن مسائل فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن ستّة لم يركضوا في رحم؟ فقالعليه‌السلام : آدم و حواء و كبش إبراهيم و عصا موسى و ناقة صالح و الخفّاش الذي عمله عيسىعليه‌السلام فطار بإذن اللَّه( ٢) .

٢ - الخطبة (١٦٣) و من خطبة لهعليه‌السلام يذكر فيها عجيب خلقة الطاوس:

اِبْتَدَعَهُمْ خَلْقاً عَجِيباً مِنْ حَيَوَانٍ وَ مَوَاتٍ وَ سَاكِنٍ وَ ذِي حَرَكَاتٍ فَأَقَامَ مِنْ شَوَاهِدِ اَلْبَيِّنَاتِ عَلَى لَطِيفِ صَنْعَتِهِ وَ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ مَا اِنْقَادَتْ لَهُ اَلْعُقُولُ مُعْتَرِفَةً بِهِ وَ مَسَلِّمَةً لَهُ وَ نَعَقَتْ فِي أَسْمَاعِنَا دَلاَئِلُهُ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَ مَا ذَرَأَ مِنْ مُخْتَلِفِ صُوَرِ اَلْأَطْيَارِ اَلَّتِي أَسْكَنَهَا أَخَادِيدَ اَلْأَرْضِ وَ خُرُوقَ فِجَاجِهَا وَ رَوَاسِيَ أَعْلاَمِهَا مِنْ ذَاتِ أَجْنِحَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ هَيْئَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ مُصَرَّفَةٍ فِي زِمَامِ اَلتَّسْخِيرِ وَ مُرَفْرِفَةٍ بِأَجْنِحَتِهَا فِي مَخَارِقِ اَلْجَوِّ اَلْمُنْفَسِحِ وَ اَلْفَضَاءِ اَلْمُنْفَرِجِ كَوَّنَهَا بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ فِي عَجَائِبِ صُوَرٍ ظَاهِرَةٍ وَ رَكَّبَهَا فِي حِقَاقِ مَفَاصِلَ مُحْتَجِبَةٍ وَ مَنَعَ بَعْضَهَا بِعَبَالَةِ خَلْقِهِ أَنْ يَسْمُوَ فِي اَلْسَّمَاءِ خُفُوفاً وَ جَعَلَهُ يَدِفُّ دَفِيفاً وَ نَسَقَهَا عَلَى اِخْتِلاَفِهَا فِي اَلْأَصَابِيغِ بِلَطِيفِ قُدْرَتِهِ وَ دَقِيقِ صَنْعَتِهِ فَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي قَالَبِ لَوْنٍ لاَ يَشُوبُهُ غَيْرُ لَوْنِ مَا غُمِسَ فِيهِ وَ مِنْهَا مَغْمُوسٌ

____________________

(١) عيون ابن قتيبة ٢: ٨٨.

(٢) الخصال ١: ٣٢٢ ح ٨.

٦٠