بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 621

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 621
المشاهدات: 99142
تحميل: 8073


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 99142 / تحميل: 8073
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 7

مؤلف:
العربية

و ما أنت و تأمير قريش لانفسها( ١) .

ثم لاغرو من بني اميّة و باقي أعدائه و مبغضيهعليه‌السلام أن يسمعوا شيعته الّذين على النمط الاوسط غلاة و سبائية تابعي ابن سبأ الغالي تهجينا لهم عند عامتهم، فكتب زياد لما أراد قتل حجر و أصحابه إلى معاوية: ان طواغيت من هذه الترابية السبائية رأسهم حجر الخ( ٢) .

و كذلك كان مصعب بن الزبير أيام امارة أخيه يعبر عنهم بالسبائية،

و كذلك أبو حمزة الخارجي كان يعبر عن الشيعه بالسبائية، انما العجب من المدعين للعلم منهم و المعرفة الذين يدعون حبه كابن قتيبة، و ابن عبد ربه،

و كثير من مصنفيهم يذكرون في عنوان الشيعة مذاهب الغلاة يموهون بذلك على الناس كون الشيعة عبارة عن الغلاة، و من بغضهم لهعليه‌السلام جعلوا أباه كافرا مع تواتر الأخبار عنه باقراره بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله غير مرة.

و لا لوم عليهم فكلهم من مبغضيهعليه‌السلام ، لانه لازم قولهم بامامة الثلاثة،

فلا يمكن أن يكون عدو صديقك صديقك، و مباينته مع صدّيقهم و فاروقهم معلوم، و لذلك كانوا يسألونه مرة بعد مرة عنهم كما في خبر الحرث المتقدم،

و خبر آخر رواه خلفاء ابن قتيبة و غارات الثقفي و رسائل الكليني( ٣) .

هذا و الخلفاء الامويين كلهم كانوا مظهرين بغضهم لهعليه‌السلام سوى عمر بن عبد العزيز، و روى (الأغاني) عن يزيد بن عيسى بن مورق قال: دخلت على عمر ابن عبد العزيز زمن ولي و كان بخناصره، فقال لي: من أنت؟ قلت: مولى عليّ. فقال: و أنا و اللَّه مولى عليّ، أشهد على عدد ممن أدركوا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣: ٢٩٧، سنة ٢٣.

(٢) رواه الطبري في تاريخه ٤: ٢٠٢، سنة ٥١.

(٣) الامامة و السياسة ١: ١٤٥، و الغارات ١: ٣٠٢، و نقلا عن رسائل الكليني كشف المحجة: ١٧٤.

٤٦١

يقولون ان النبيّ قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

و العباسيون يظهرون التولية لهعليه‌السلام سوى المتوكل، فكان أبغض له من الاموية، فروى الخطيب أن نصر بن عليّ الجهضمي لما روى أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال «من أحبني و أحب هذين و كان قد أخذ بيد الحسن و الحسين و أباهما و امهما كان معي في درجتي يوم القيامة» أمر المتوكل بضربه ألف سوط.

و روي ان البحتري الشاعر كان يكنّى أبا عبادة و أبا الحسن، فأشير عليه في أيام المتوكل أن يقتصر على أبي عبادة.

٤٦٢

الفصل الحادي و العشرون في شجاعتهعليه‌السلام و مهابته و مناعته

٤٦٣

٤٦٤

و فيه عناوين: الأول في كتابهعليه‌السلام برقم (٤٥) إلى عثمان بن حنيف:

١ - من الكتاب (٤٥) وَ كَأَنِّي بِقَائِلِكُمْ يَقُولُ إِذَا كَانَ هَذَا قُوتُ؟ اِبْنِ أَبِي طَالِبٍ؟ فَقَدْ قَعَدَ بِهِ اَلضَّعْفُ عَنْ قِتَالِ اَلْأَقْرَانِ وَ مُنَازَلَةِ اَلشُّجْعَانِ أَلاَ وَ إِنَّ اَلشَّجَرَةَ اَلْبَرِّيَّةَ أَصْلَبُ عُوداً وَ اَلرَّوَاتِعَ اَلْخَضِرَةَ أَرَقُّ جُلُوداً وَ اَلنَّبَاتَاتِ اَلْبَدْوِيَّةِ أَقْوَى وَقُوداً وَ أَبْطَأُ خُمُوداً. وَ أَنَا مِنْ؟ رَسُولِ اَللَّهِ؟ كَالصِّنْوِ مِنَ اَلْصِّنْوِ وَ اَلذِّرَاعِ مِنَ اَلْعَضُدِ وَ اَللَّهِ لَوْ تَظَاهَرَتِ اَلْعَرَبُ عَلَى قِتَالِي لَمَا وَلَّيْتُ عَنْهَا وَ لَوْ أَمْكَنَتِ اَلْفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَيْهَا وَ سَأَجْهَدُ فِي أَنْ أُطَهِّرَ اَلْأَرْضَ مِنْ هَذَا اَلشَّخْصِ اَلْمَعْكُوسِ وَ اَلْجِسْمِ اَلْمَرْكُوسِ حَتَّى تَخْرُجَ اَلْمَدَرَةُ مِنْ بَيْنِ حَبِّ اَلْحَصِيدِ «و كأني بقائلكم يقول اذا كان هذا» أي: القرصين «قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الاقران» جمع القران بالكسر، و هو القرين في الحرب

٤٦٥

«و منازلة» أي: محاربة «الشجعان» فلا بد ان قوته أكثر، لأن قوته معلومة لا ينكرها أحد.

و في (تاريخ الطبري): عن أبي رافع مولى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: خرجنا مع عليّعليه‌السلام في خيبر حين بعثه النبيّ برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله،

فقاتلهم، فضربه رجل من اليهود، فطرح ترسه من يده، فتناول بابا كان عند الحصن، فتترس به عن نفسه، فلم يزل في يده و هو يقاتل حتى فتح اللَّه عليه، ثم ألقاه من يده حين فرغ فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب، فما نقلبه.

و عن بريدة الأسلمي قال: خرج مرحب صاحب الحصن و عليه مغفر معصفر يمان و حجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه و هو يرتجز، فاختلفا ضربتين، فبدره عليّعليه‌السلام ، فضربه، فقدّ الحجر و المغفر و رأسه حتى وقع في الاضراس و اخذ المدينة( ١) .

و كما أن ذاك القوت و تلك القوّة متضادان لا يجتمعان في غيرهعليه‌السلام ،

كذلك زهده الّذي طلق الدنيا ثلاثا، و قتله لجمع لا يحصى في غزوات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و في الجمل و صفين و النهروان مما لا يجتمعان في غيره.

قال المصنف في أول كتابه: و من عجائبه الّتي انفرد بها و أمن المشاركة فيها ان كلامهعليه‌السلام الوارد في الزهد و المواعظ و التذكير و الزواجر إذا تأمله المتأمل و فكر فيه المتفكر و خلع من قلبه أنه كلام من مثله ممّن عظم قدره و نفذ أمره و احاط بالرقاب ملكه، لم يعترضه الشك في انه كلام من لا حفظ له في الزهادة و لا شغل له بغير العبادة، قد قبع في كسر بيت أو انقطع في سفح جبل لا يسمع إلاّ حسه و لا يرى إلاّ نفسه، و لا يكاد يوقن بأنه كلام من

____________________

(١) تاريخ الطبري ٢: ٣٠١، سنة ١.

٤٦٦

ينغمس في الحرب مصلتا سيفه فيقطع الرقاب و يجدل الابطال و يعود به ينطف دما و يقطر مهجا، و هو مع تلك الحال زاهد الزهاد و بدل الابدال، و هذه من فضائله العجيبة و خصائصه اللطيفة الّتي جمع بها بين الاضداد و ألف بين الاشتات( ١) .

«ألا و ان الشجرة البرية أصلب عودا و الرواتع» هكذا في (المصرية)، و لكن في (ابن أبي الحديد و الخطية)( ٢ ) (الرواتع) فلا بد أنه من «ارتع الغيث» أي: أنبت ما ترتع فيه الابل «الخضرة أرق جلودا» شبهعليه‌السلام نفسه بالشجرة البرية الّتي لا تسقى إلاّ برطوبة باطن الأرض و غيره بالرواتع الخضرة من كثرة سقيها بالماء، و حينئذ إذا كان مثله مثل الشجرة البرية يمكن الجمع فيه بين ذاك القوت و تلك القوة، و انما يتضادان في غيره الّذين كالرواتع الخضرة، و قال علماء البيان: قد يكون التشبيه لبيان امكان المشبه، قال الشاعر:

فان تفق الانام و انت منهم

فان المسك بعض دم الغزال

«و النباتات البدوية» هكذا في (المصرية) و لكن في (ابن ميثم و ابن أبي الحديد و الخطية)( ٣ ) «و النباتات العذية» بالفتح فالكسر من العذي بالكسر فالسكون الزرع الّذي لا يسقيه الاماء المطر «أقوى وقودا و أبطأ خمودا» تشبيه آخر لنفسه و للناس لتقريب امكان اجتماع قوته و قوّته «و أنا من رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كالصنو من الصنو» قال الجوهري: إذا خرجت نخلتان و ثلاث من أصل واحد فكل واحدة منها صنو و الاثنان صنوان، و الجمع صنوان برفع النون، و قال أبو زيد ركيتان صنوان اذا تقاربتا و نبعتا من عين واحدة.

____________________

(١) نهج البلاغة ١: ١٢.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ٢٨٩.

(٣) كذا في شرح ابن ميثم ٥: ١١٢، لكن في شرح ابن أبي الحديد ١٦: ٢٨٩ «النابتات العذية».

٤٦٧

قال النجاشي شاعر العراق في صفين في رد كعب بن جعيل شاعر الشام:

فقل للمضلل من وائل

و من جعل الغثّ يوما سمينا

جعلتم عليّا و اشياعه

نظير ابن هند الا تستحونا

إلى اول الناس بعد الرسول

و صنو الرسول من العالمينا

هذا و قال البحتري في يوسف بن محمّد:

نسب بيننا يؤكد منه

أدب و الأديب صنو الأديب

و ما نقلناه «كالصنو من الصنو» في (المصرية و الخطية)، و لكن في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم): (كالضوء من الضوء)( ١) .

و روي عن الصادقعليه‌السلام قال: ان اللَّه كان إذ لا كان، فخلق الكان و المكان،

و خلق نور الأنوار الّذي نوّرت منه الانوار، و أجرى فيه من نوره الّذي نوّرت منه الانوار، و هو النور الّذي خلق منه محمّدا و عليّا، فلم يزالا نورين أولين، إذ لا شي‏ء كوّن قبلهما، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهرين في الاصلاب الطاهرة، حتى افترقا في اطهر طاهرين في عبد اللَّه و أبي طالب( ٢) .

و روى الكنجي الشافعي مسندا عن سلمان عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: كنت أنا و علي نورا بين يدي اللَّه مطيعا يسبح ذلك النور و يقدسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق اللَّه آدم ركز ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شي‏ء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا و جزء عليّ.

و عن أبي عقال قال للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في خبر فأيهم أحب إليك؟ قال: عليّ بن أبي طالب. فقال: و لم؟ فقال: لأنه خلقت أنا و عليّ من نور واحد.

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ٢٨٩، و شرح ابن ميثم ٤: ١١٢.

(٢) أخرجه الكليني في الكافي ١: ٤٤١ ح ٩.

٤٦٨

و عن معجم الطبراني مسندا عن أبي أمامة الباهلي قال: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ان اللَّه خلق الانبياء من أشجار شتى، و خلقني و عليّا من شجرة واحدة، فأنا اصلها، و علي فرعها، و فاطمة لقاحها، و الحسن و الحسين ثمرها، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا و من زاغ عنها هوى الخبر( ١) .

و في كتاب سبط ابن الجوزي: ذكر أهل السير إن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر يحج بالناس سنة تسع و أعطاه أربعين آية من صدر سورة براءة ليقرأها على أهل الموسم، فلما سار دعا النبيّ عليّا و قال له: أخرج بهذه الآيات، فأدرك أبا بكر بذي الحليفة فأخذ منه الآيات، فرجع أبو بكر إلى النبيّ و قال: بأبي أنت و أمي هل نزل فيّ شي‏ء؟ فقال: لا و لكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني.

و في (فضائل أحمد بن حنبل) قال لأبي بكر: ان جبرئيل جاءني فقال:

ابعث عليّا الخبر( ٢) .

و عن كتاب محدث الشام باسناده عن جابر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في خبر يا عليّ خلقت أنا و أنت من شجرة انا أصلها، و أنت فرعها، و الحسن و الحسين أغصانها، فمن تعلق بغصن منها دخل الجنة يا عليّ لو أن امتي صاموا حتى يكونوا كالحنايا، و صلوا حتى يكونوا كالاوتار، ثم أبغضوك لأكبهم اللَّه في النار( ٣) .

و في خطبة لهعليه‌السلام و قد نقلها ابن أبي الحديد في موضع آخر و اني من أحمد بمنزلة الضوء من الضوء، كنا ظلالا تحت العرش قبل خلق البشر، و قبل خلق الطينة الّتي كان منها البشر، أشباحا عالية، لا أجساما نامية. ان أمرنا

____________________

(١) كفاية الطالب: ٣١٥ ٣١٧.

(٢) تذكرة الخواص: ٣٧.

(٣) أخرج الحديث الحافظ ابن عساكر محدث الشام في ترجمة عليّعليه‌السلام ١: ١٥٠ ح ١٨٤، و نقله عنه الكنجي في كفاية الطالب: ٣١٧.

٤٦٩

صعب مستصعب، لا يعرف كنهه الا ثلاثة: ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن اللَّه قلبه للايمان، فاذا انكشف لكم سر، أو وضح لكم أمر فاقبلوه، و الا فاسكتوا تسلموا، و ردوا علمه إلى اللَّه، فانكم في أوسع مما بين السماء و الأرض( ١) .

و روى ابن بابويه في (معانيه و علله) مسندا عن محمّد بن حرب الهلالي قلت لجعفر بن محمّد: في نفسي مسألة أريد أن أسألك عنها. فقال: ان شئت أخبرتك بمسألتك قبل ان تسألني. فقلت له: يا ابن رسول اللَّه و بأي شي‏ء تعرف ما في نفسي قبل سؤالي؟ فقال: بالتوسم و التفرس، أما سمعت قول اللَّه عزّ و جلّ: انّ في ذلك لآيات للمُتَوَسّمين( ٢ ) و قول النبيّ: «اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللَّه». فقلت: فأخبرني. فقال: أردت ان تسألني عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يطق حمله علي عند حط الاصنام من سطح الكعبة مع قوته و شدته و مع ما ظهر منه في قلع باب خيبر و الرمي به إلى ورائه أربعين ذراعا و كان لا يطيق حمله أربعون رجلا، و قد كان النبيّ يركب الناقة و الفرس و الحمار و ركب البراق ليلة المعراج و كل ذلك دون عليّ في القوة و الشدة. فقلت له: عن هذا و اللَّه أردت أن اسألك فأخبرني. قال: ان عليّا قال: لما علوت ظهر النبيّ شرفت و ارتفعت حتى لو شئت أن انال السماء لنلتها أما علمت ان المصباح هو الّذي يهتدي به في الظلمة و انبعاث فرعه من أصله، و قد قال عليّعليه‌السلام : أنا من أحمد كالضوء من الضوء، أما علمت أن محمّدا و عليّا صلوات اللَّه عليهما كانا نورا بين يدي اللَّه تعالى قبل خلق الخلق بألفي عام، و ان الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعب منه شعاع لامع، فقالت: الهنا من هذا النور؟ فأوحى

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٣: ١٠٥.

(٢) الحجر: ٧٥.

٤٧٠

إليهم: هذا نور من نوري أصله نبوة و فرعه امامة، أما النبوة فلمحمد عبدي و رسولي و أما الامامة فلعليّ حجتي و وليي، و لولاهما ما خلقت خلقي. أما علمت أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رفع يد عليّ بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض ابطيهما فجعل ولي المسلمين و امامهم، و قد احتمل الحسن و الحسين يوم حظيرة بني النجار، فلما قال له بعض أصحابه: ناولني أحدهما، قال: نعم الراكبان هما و أبوهما خير منهما، و ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته، فلما سلم قيل له لقد أطلت هذه السجدة، فقال: ان ابني ارتحلني فكرهت ان اعاجله حتى ينزل، و انما اراد بذلك رفعهم و تشريفهم، فالنبيّ إمام نبيّ و عليّ إمام ليس بنبيّ و لا رسول فهو غير مطيق لأثقال النبوة.

فقلت له: زدني يا ابن رسول اللَّه. فقال: ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حمل عليّاعليه‌السلام على ظهره يريد بذلك انه أبو ولده و امام الائمة من صلبه، كما حول رداءه في صلاة الاستسقاء و أراد أن يعلم أصحابه بذلك أنه قد تحول الجدب خصبا.

فقلت: زدني. فقال: احتمل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا يريد أن يعلم قومه أنه هو الّذي يخفف عن ظهر النبيّ ما عليه من الّدين و العداة و الاداء عنه من بعده،

و احتمله ليعلم بذلك أنه قد احتمله، و ما حمل إلاّ لأنه معصوم لا يحمل وزرا فتكون أفعاله عند الناس حكمة و صوابا، و قد قال النبي لعليّعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى حمّلني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي، و ذلك قوله تعالى ليغفر لكَ اللَّهُ ما تَقَدّم من ذَنبك و ما تأخّر الخبر( ١) .

و في (العقد): كتبت ام سلمة إلى معاوية: انكم تلعنون اللَّه و رسوله على منابركم، و ذلك انكم تلعنون عليّا و من أحبه، و أنا اشهد أن اللَّه أحبه و رسوله.

و روى (الإرشاد) عن أبي مخنف: ان الناس سألوه عما يصنع بقاتله؟

____________________

(١) معاني الاخبار: ٣٥٠ ح ١، و علل الشرائع ١: ١٧٣ ح ١. و الآية ٢ من سورة الفتح.

٤٧١

فقال: اصنعوا به كما يصنع بقاتل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار،

فأحرقت جثته أم الهيثم النخعية( ١) .

و روى سبط ابن الجوزي عن سنن الترمذي عن عمران بن الحصين قال: بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جيشا و استعمل عليهم عليّاعليه‌السلام ، فمضى في السرية،

فأصاب جارية من السبي، فتعاقد أربعة منهم إذا قدموا على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبروه، فلما قدموا قام الأوّل فقال: ألا ترى إلى عليّ فعل كذا و كذا، فأعرض عنه، ثم قام الثاني فقال كذلك فأعرض عنه، و قام الثالث و الرابع فقالا كذلك فأعرض عنهما، ثم أقبل عليهم و الغضب يعرف في وجهه و قال: ما تريدون من عليّ قالها ثلاثا عليّ مني و أنا منه.

و عن (فضائل أحمد بن حنبل) عن عمرو بن شاس: خرجت مع عليّعليه‌السلام إلى اليمن فجفاني جفوة، فلما قدمت المدينة أظهرت شكايته، فبلغ ذلك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخلت يوما المسجد، فجعل يحد إلى النظر ثم قال: أما و اللَّه لقد آذيتني. فقلت: أعوذ باللَّه من ذلك. فقال: أما علمت أن من آذى عليّا فقد آذاني.

و عنه قال: لما قصد صاحب لواء المشركين يوم احد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فداه عليّعليه‌السلام بنفسه و حمل على صاحب اللواء فقتله، فنزل جبرئيل فقال: يا محمّد ان هذه لهي المواساة. فقال النبيّ: عليّ مني و أنا منه. فقال جبرئيل: و انا منكما و رواه الطبري.

و عن (فضائل ابن حنبل) أيضا باسناده عن السلوي و كان قد شهد حجة الوداع قال: سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في ذلك اليوم: عليّ مني و أنا منه،

و لا يقضي ديني سواه.

____________________

(١) الارشاد: ١٨.

٤٧٢

و عنه أيضا باسناده عن أنس قال: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي يمضي فيهم امري يقتل المقاتلة و يسبي الذرية.

قال أبو ذر: فما راعني الابرد كف عمر خلفي قائلا: من تراه يعني؟ فقلت: ما يعنيك و انما يعني خاصف النعل يعني عليّاعليه‌السلام ( ١) .

و في (الاسد): عن عبد الرحمن بن بشير قال: كنا جلوسا عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ قال: ليضربنكم رجل على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله. فقال أبو بكر: أنا هو؟ قال: لا. قال عمر: أنا هو؟ قال: لا و لكن خاصف النعل و كان عليّ يخصف نعل النبيّ( ٢) .

و عن (فضائل ابن حنبل) عن زيد بن أرقم: كان لنفر من الصحابة أبواب شاعرة في المسجد، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سدوا هذه الابواب الا باب عليّ، فتكلم الناس في ذلك فقال: ما سددت شيئا و لا فتحته، و لكني امرت بشي‏ء فاتبعته.

و عن سنن الترمذي باسناده عن أبي سعيد الخدري قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ: لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري و غيرك.

و عن (فضائل أحمد بن حنبل) عن عمر سمع رجلا يذكر عليّاعليه‌السلام بشرّ فقال: ويلك تعرف من في هذا القبر و اشار إلى قبر النبيّ إذا آذيت عليّا فقد آذيته.

و عن ابن عباس قال: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبة خطبها في حجة الوداع:

لأقتلن العمالقة في كتيبة، فقال له جبرئيل: أو عليّ بن أبي طالب. فقال: أو عليّ بن أبي طالب( ٣) .

____________________

(١) كذا جاء في تذكرة الخواص: ٣٦ و ٣٨ و ٣٩ و ٤٣، و ما رواه عن الترمذي في سننه ٥: ٦٣٢ ح ٣٧١٢.

(٢) أخرجه عن عبد الرحمن بن بشير ابن الأثير في اسد الغابة ٣: ٢٨٢، و ابن عساكر في ترجمة عليّعليه‌السلام ٣: ١٧١ ح ١١٩١، و الباوردي و ابن مسندة عنهما الاصابة ٢: ٣٩٢.

(٣) كذا جاء في تذكرة الخواص: ٤١ و ٤٢ و ٤٤ و ٤٩، و ما رواه عن الترمذي في سننه ٥: ٦٣٩ ح ٣٧٢٧.

٤٧٣

و لعليّ بن محمّد العلوي الحماني كما روى المرتضى في (فصوله) عن (عيون محاسن المفيد):

بين الوصي و بين المصطفى نسب

تختال فيه المعالي و المحاميد

كانا كشمس نهار في البروج كما

ادارها ثم احكام و تجويد

كسيرها انتقلا من طاهر علم

إلى مطهرة آباؤها صيد

تفرقا عند عبد اللَّه و اقترنا

بعد النبوّة توفيق و تسديد(١)

هذا، و في السير: أن في سنة (١٨٠) هاجت العصبية بالشام فقال هارون لجعفر البرمكي: اما تخرج انت أو أخرج أنا؟ فقال جعفر بل أقيك بنفسي، فخرج فأصلحها، فقال منصور النميري:

فان أمير المؤمنين بنفسه اتاكم

و الا نفسه فخيارها

«و الذراع من العضد» روى أحمد بن حنبل في (فضائله) عن أنس قال: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ: تؤتى يوم القيامة بناقة من نوق الجنة فتركبها، و ركبتك مع ركبتي حتى ندخل الجنة جميعا( ٢) .

و روى الخطيب في أحمد بن محمّد بن صالح عن حبشي بن جنادة قال: كنت جالسا عند أبي بكر فقال: من كانت له عند النبيّ عدة فليقم؟ فقام رجل فقال: ان النبيّ وعدني بثلاث حثيات من تمر، فقال: أرسلوا إلى عليّ فقال:

يا ابا الحسن ان هذا يزعم أن النبيّ وعده أن يحثي له ثلاث حثيات من تمر،

فاحثها له، فحثاها فقال أبو بكر: عدوها، فعدوها فوجدوها في كل حثية ستين تمرة لا تزيد واحدة على الاخرى، فقال أبو بكر: صدق اللَّه و رسوله قال لي النبيّ ليلة الهجرة و نحن خارجان من الغار: كفي و كف عليّ في العدل سواء.

____________________

(١) الفصول المختارة ١: ١٩.

(٢) تذكرة الخواص: ٤٥.

٤٧٤

قلت: الخبر هكذا، و الظاهر أن فيه سقطا، و ان الأصل «وعدني بثلاث حثيات كل حثية ستين تمرة»، و لعله لذا أرسل أبو بكر إليهعليه‌السلام و إلا فأبو بكر كان يأمر بالنداء في عداتهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قبالهعليه‌السلام لأنه كان منجز عداته، و صرّح بذلك المأمون في خبر رد فدك بأنه كان يقبل ادّعاء كل من ادّعى عدة من النبيّ و لم يقبل ادعاء فاطمة بنحلة النبيّ لها فدك( ١) .

هذا، و قالت امرأة في ابنها و كان أوّل ولدها و كانت هي و زوجها أول تزوجهما و يقال أشد الناس بكر ابن بكرين.

يا بكر بكرين و يا خلب الكبد

أصبحت مني كذراع من عضد

«و اللَّه لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها» في (تفسير القمي): لما كتبعليه‌السلام إلى معاوية «لا تقتل الناس، و لكن هلمّ إلى المبارزة»، و قال لمعاوية جلساؤه: قد أنصفك، قال: بل ما أنصفني، لأرمينه بمائة ألف سيف من أهل الشام قبل ان يصل إلي، ما أنا من رجاله و لقد سمعت النبيّ يقول له: لو بارزك أهل المشرق و المغرب لقتلتهم أجمعين( ٢) .

و في كتب (غريب الحديث): كانت ضربات عليّعليه‌السلام أبكارا( ٣ ) أي:

يموتون من ضربته الاولى و في (عيون القتيبي): كانت درع عليّعليه‌السلام صدرا لا ظهر لها، فقيل له في ذلك فقال: إذا استمكن عدوي من ظهري فلا يبق.

و في (إرشاد المفيد): و من آيات اللَّه تعالى فيهعليه‌السلام انه مع طول ملاقاته الحروب و ملابسته اياها، و كثرة من مني به فيها من شجعان الاعداء و صناديدهم، و تجمعهم عليه، و احتيالهم في الفتك به، و بذل الجهد في ذلك ما

____________________

(١) رواه ابن طاووس في الطرائف ١: ٢٤٨.

(٢) تفسير القمي ٢: ٢٦٨.

(٣) رواه السروي في مناقبه ٢: ٨٣، و ابن الأثير في النهاية ١: ١٤٩، مادة (بكر).

٤٧٥

ولى قط عن احد منهم ظهره، و لا انهزم عن أحد منهم، و لا تزحزح عن مكانه،

و لاهاب أحدا من أقرانه، و أما سواهعليه‌السلام فلم يلق أحد منهم خصما له في حرب الا و ثبت له حينا و انحرف عنه حينا، و أقدم عليه وقتا و أحجم عنه زمانا، و إذا كان الأمر على ما وصفناه ثبت له ما ذكرناه من انفراده بالآية الباهرة،

و المعجزة الظاهرة، و خرق العادة فيه بما دل اللَّه به على امامته، و كشف به عن فرض طاعته، و أبانه بذلك عن كافة خليقته( ١) .

و في (جمله) روى الواقدي عن محمّد بن الحنفية قال: لما نزلنا البصرة و عسكرنا بها دفع أبي إلي اللواء و قال: لا تحدثن شيئا حتى يحدث فيكم، ثم نام فنالتنا نبل القوم، فأفزعته و هو يمسح عينيه من النوم، و أصحاب الجمل يصيحون يالثارات عثمان، فبرز و ليس عليه الا قميص واحد، فقلت: يا ابه في مثل هذا اليوم بقميص واحد. قال: احرز امرءا أجله و اللَّه قاتلت مع النبيّ و أنا حاسر أكثر مما قاتلت و أنا دارع، و دعا بدرعه البتراء و كان بين كتفيه منها متوهيا و جاء و في يده شسع نعل، فقال له ابن عباس: ما تريد بهذا الشسع؟

قال: اربط بها ما قد توهى من هذا الدرع من خلفي. فقال له: أفي مثل هذا اليوم تلبس مثل هذا؟ فقال: لم؟ قال: أخاف عليك. قال: لا تخف ان أوتي من ورائي،

و اللَّه يا ابن عباس ما وليت في زحف قط( ٢) .

و في (تاريخ الطبري) عن جون بن قتادة قال: كنت مع الزبير يوم الجمل فجاء فارس فقال: جاء القوم حتى أتوا مكان كذا فسمعوا بما جمع لكم من العدد و العدة فقذف في قلوبهم الرعب فولوا مدبرين. فقال له الزبير: أيها عنك الان فو اللَّه لو لم يجد ابن أبي طالب الا العرفج شجر ينبت

____________________

(١) الارشاد: ١٦٢.

(٢) الجمل: ١٨٩.

٤٧٦

في السهل لدبّ إلينا فيه.

و فيه: عن بريدة الأسلمي: لما نزل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بحصن خيبر أعطى اللواء عمر بن الخطاب و نهض معه من الناس من نهض، فانكشف هو و أصحابه،

فرجعوا يجبنه أصحابه و يجبنهم، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا عطين اللواء غدا رجلا يحب اللَّه رسوله و يحبه اللَّه و رسوله، فلما كان من الغد تطاول لها أبو بكر و عمر، فدعا عليّاعليه‌السلام و هو أرمد، فتفل في عينيه و اعطاه اللواء، و نهض معه من نهض، فلقي أهل خيبر، فاذا مرحب يرتجز و يقول:

قد علمت خيبر أني مرحب

شاكي السلاح بطل مجرّب

اطعن أحيانا وحينا اضرب

اذا الليوث اقبلت تلهب

فاختلف هو و عليّعليه‌السلام ضربتين، فضربه عليّ على هامته حتى عض السيف منها بأضراسه و سمع أهل العسكر صوت ضربته، فما تتامّ آخر الناس مع عليّعليه‌السلام حتى فتح اللَّه له.

و في اسناد آخر عنه قال: كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ربما أخذته الشقيقة، فيلبث اليوم و اليومين لا يخرج، فلما نزل خيبر أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس،

و ان أبا بكر أخذ راية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم نهض فقاتل قتالا شديدا، ثم رجع، فأخذها عمر، فقاتل أشد من القتال الأوّل، ثم رجع، فأخبر النبيّ بذلك، فقال: أما و اللَّه لأعطينها غدا رجلا يحب اللَّه و رسوله و يحبه اللَّه و رسوله يأخذها عنوة و ليس ثم عليّ، فتطاولت لها قريش و رجا كل واحد منهم أن يكون صاحب ذلك،

فأصبح فجاء عليّعليه‌السلام على بعير له حتى أناخ قريبا من خباء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و هو أرمد، و قد عصب عينيه بشقة برد قطري، فقال له النبيّ: ما لك؟ قال: رمدت بعد.

فقال له النبيّ: ادن مني، فدنا منه، فتفل في عينيه، فما وجعهما حتى مضى

٤٧٧

لسبيله، ثم أعطاه الراية الخبر( ١) .

و في (مقاتل أبي الفرج) بأسانيد عن عدة قالوا: خطب الحسنعليه‌السلام بعد وفاة أبيه فقال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل، و لا يدركه الآخرون بعمل، و لقد كان يجاهد مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقيه بنفسه، و لقد كان يوجهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح اللَّه عليه( ٢) .

و روي عن الحسنعليه‌السلام قال: ما قدمت راية قوتل تحتها أمير المؤمنينعليه‌السلام إلا نكسها اللَّه تعالى و غلب أصحابها و انقلبوا صاغرين، و ما ضربعليه‌السلام بسيفه ذي الفقار أحدا فنجا، و كان اذا قاتل جبرئيل عن يمينه،

و ميكائيل عن يساره، و ملك الموت بين يديه( ٣) .

و في (خلفاء ابن قتيبة) عن حية بن جهين قال: نظرت إلى عليّعليه‌السلام يوم الجمل و هو يخفق نعاسا، فقلت له: تاللَّه ما رأيت كاليوم قط، و ان بأزائنا لمائة ألف سيف، و قد هزمت ميمنتك و ميسرتك و أنت تخفق نعاسا إلى أن قال فشق عليّعليه‌السلام في عسكر القوم يطعن و يقتل، ثم خرج و هو يقول الماء الماء،

فأتاه رجل باداوة فيها عسل و قال له: الماء لا يصلح لك في هذا المقام و لكن أذوقك هذا العسل. فقال: هات، فحسا منه حسوة ثم قال: ان عسلك لطائفي.

فقال الرجل لهعليه‌السلام لعجبا منك و اللَّه لمعرفتك الطائفي و غيره و قد بلغت القلوب الحناجر. فقال له عليّعليه‌السلام : و اللَّه يا ابن أخي ما ملأ صدر عمك شي‏ء قط و لاها به شي‏ء( ٤) .

____________________

(١) تاريخ الطبري ٢: ٣٠٠، سنة ٧.

(٢) مقاتل الطالبيين: ٣٢.

(٣) رواه الصدوق في اماليه: ٤١٤ ح ٩، مجلس ٧٧.

(٤) الامامة و السياسة ١: ٧٦.

٤٧٨

«و لو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها» كانعليه‌السلام كما قال ابن النطاح في أبي دلف العجلي:

و لو أن خلق اللَّه في مسك فارس

و بارزه كان الخلي من العمر

و في (مناقب السروي): قال عمر بن سعد يوم الطف لقومه: الويل لكم أتدرون من تبارزون، هذا ابن أنزع البطين، هذا ابن قتّال العرب، فاحملوا عليه من كل جانب( ١) .

و في (إرشاد المفيد): و فيما صنعه أمير المؤمنينعليه‌السلام ببدر قال اسيد بن أبي اياس يحرض مشركي قريش عليه:

في كل مجمع غاية أخزاكم

جذع ابر على المذاكي القرّح

للَّه درّكم الما تنكروا

قد ينكر الحر الكريم و يستحي

هذا ابن فاطمة الّذي أفناكم

ذبحا و قتلا قعصة لم يذبح

و في فعاله يوم أحد يقول الحجاج بن علاط السلمي:

للَّه أي مذبب عن حزبه

اعني ابن فاطم المعم المحولا

جادت يداك له بعاجل طعنة

تركت طليحة للجبين مجدّلا

و شددت شدة باسل فكشفتهم

بالسفح اذ يهوون اسفل اسفلا

و عللت سيفك بالدماء و لم يكن

لترده حران حتى ينهلا(٢)

و في (تاريخ الطبري) في احد بعد هزيمة الناس قال أبو رافع: أبصر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جماعة من مشركي قريش، فقال لعليّ: احمل عليهم، فحمل عليهم،

ففرق جمعهم و قتل عمرو بن عبد اللَّه الجمحي، ثم ابصر جماعة من مشركي قريش، فقال لعليّ: احمل عليهم، فحمل عليهم ففرق جماعتهم، و قتل شيبة بن

____________________

(١) مناقب السروي ٤: ١١٠.

(٢) الارشاد: ٤٢ و ٤٩.

٤٧٩

مالك أحد بني عامر ابن لؤي، فقال جبرئيل للنبي: ان هذه للمواساة. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : انه مني و أنا منه. فقال جبرئيل: و انا منكما فسمعوا صوتا: لا سيف إلاّ ذو الفقار و لا فتى إلاّ عليّ( ١) .

و في (صفين نصر): اجتمع ليلة عند معاوية، أخوه عتبة، و الوليد بن عقبة، و مروان بن الحكم، و عبد اللَّه بن عامر، و ابن طلحة الطلحات، فقال عتبة:

ان أمرنا و أمر عليّ لعجب، ليس منّا إلاّ موتور اما أنا فقتل جدي، و اشرك في دم عمومتي يوم بدر، و أما أنت يا وليد فقتل أباك، و أيتم اخوتك، و أما أنت يا مروان فكما قال الأوّل:

و افلتهن علباء جريضا

و لو ادركنه صفر الوطاب

فقال لهم معاوية: فهذا الاقرار فأين الغير؟ فقال له مروان: أي غير تريد.

قال: اريد أن تشجروه بالرماح. فقال له: و اللَّه انك لهازل، و لقد ثقلنا عليك، فقال الوليد بن عقبة في ذلك:

يقول لنا معاوية بن حرب

أما فيكم لواتركم طلوب

يشد على أبي حسن عليّ

بأسمر لا تهجنه الكعوب

فيهتك مجمع اللبات منه

و نقع القوم مطرد يثوب

فقلت له أتلعب يا ابن هند

كأنك وسطنا رجل غريب

اتأمرنا بحية بطن واد

اذا نهشت فليس لها طبيب

و ما ضبع يدب ببطن واد

أتيح له به أسد مهيب

بأضعف حيلة منا إذا ما

لقيناه و ذا منّا عجيب(٢)

و روى أبو عبيدة و نقله ابن أبي الحديد في موضع آخر ان عليّاعليه‌السلام

____________________

(١) تاريخ الطبري ٢: ١٩٧، سنة ٣.

(٢) وقعة صفين: ٤١٧.

٤٨٠