بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 621

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 621
المشاهدات: 99165
تحميل: 8073


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 99165 / تحميل: 8073
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 7

مؤلف:
العربية

ولست إذا ما سرّني الدهر ضاحكا

و لا خاشعا ما عشت من حادث الدهر

و قال آخر:

قد عشت في الناس أطوارا على طرق

شتى و قاسيت فيها اللين و الفظعا

كلاّ بلوت فلا النعماء تبطرني

و لا تخشعت من لاوائها جزعا

لا يملأ الهول صدري قيل موقعه

و لا أضيق به ذرعا إذا وقعا

«و لا مقرا للضيم» أي: الذلة «واهنا» أي: ضعيفا.

و في (تاريخ الطبري): ان قيس بن الأشعث قال للحسينعليه‌السلام يوم الطف:

أو لا تنزل على حكم بني عمك، فانهم لن يروك الا ما تحب. فقالعليه‌السلام : لا و اللَّه لا أعطيهم بيدي اعطاء الذليل، و لا اقرّ لهم إقرار العبيد( ١) .

«و لا سلس الزمام للقائد» كبعير يقوده بزمامه الانسان حيث شاء «و لا وطي‏ء» أي: لين «الظهر للراكب المتقعد» هكذا في (المصرية) و الصواب:

«المقتعد» من باب الافتعال كما يشهد له (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢ ) و عدم كونه وطي‏ء الظهر كقعود الراعي، قال أبو عبيدة: القعود من البعير الّذي يقتعده الراعي في كل حاجة و بتصغيره جاء المثل «اتخذوه قعيد الحاجات» إذا امتهنوا الرجل في حوائجهم( ٣ ) (و لكنه كما قال أخو بني سليم:

فان تسأليني كيف أنت فانني

صبور على ريب الزمان صليب

يعزّ عليّ ان ترى بي كآبة

فيشمت عاد أو يساء حبيب )

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٣٢٣، سنة ٦١.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٤٨، و شرح ابن ميثم ٤: ٧٧.

(٣) نقله عنه لسان العرب ٣: ٣٥٩، مادة (قعد).

٥٠١

قال ابن أبي الحديد: الشعر ينسب إلى العباس بن مرداس السلمي و لم أجده في ديوانه( ١) .

قلت: بل الظاهر أن البيتين لصخر بن عمرو السلمي، قال في الأغاني كان صخر طعن في جنبه في حرب، فمرض قريبا من حول و قد نتأت في موضع الطعنة قطعة مثل الكبد، فأحمسوا له شفرة، ثم قطعوها لعله يبرأ، فسمع أن اختها تقول: كيف كان صبره. فقال:

أجارتنا ان الخطوب تنوب

على الناس كل المخطئين يصيب

فان تسأليني هل صبرت فانني

صبور على ريب الزمان صليب

كأني و قد أدنوا إلي شفارهم

من الصبر دامي الصفحتين ركوب

أجارتنا لست الغداة بظاعن

و لكن مقيم ما أقام عسيب

فمات، فقبر قريبا من عسيب جبل بأرض بني سليم.

فترى البيت الثاني عين البيت الأوّل مع اختلاف يسير في اللفظ، و تركه البيت الثاني لاختلاف الرواة في النقل، و أظن ان بيته الأوّل و بيته الأخير ممّا خلط، و انهما لامرئ القيس خلطا ببيتي هذا لكونهما على روي واحد، و يشهد للخلط أنه قال: ان اخته قالت كيف صبره و قال هو في البيتين «أجارتنا» و الجارة تقال للغريبة.

و على ما استظهرناه يكون الخطاب في قوله «فان تسأليني» لاخته خنساء، كما ان الظاهر أن المراد بعاد في قوله «فيشمت عاد» مثل امرأته،

و بحبيب في قوله «أو يساء حبيب» مثل أمه، ففي (شعراء ابن قتيبة): طال مرض صخر من جرحه، فكان قومه إذا سألوا امرأته عنه قالت: لا هو حي فيرجى، و لا ميت فينسى، و صخر يسمع كلامها، فيشق ذلك عليه، و إذا سألوا

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٥٢.

٥٠٢

أمه قالت: اصبح صالحا بنعمة اللَّه، ففي ذلك يقول:

أرى أم صخر ما تملّ عيادتي

و ملّت سليمى مضجعي و مكاني

و ما كنت أخشى أن أكون جنازة

عليك و من يغتر بالحدثان

و اي امرئ ساوى بأم، حليلة

فلا عاش الا في شقا و هو ان

لعمري لقد نبّهت من كان راقدا

و أسمعت من كانت له اذنان

و كيف كان فنسب إليهعليه‌السلام من الشعر قريبا من هذا المعنى:

ولي فرس للخير بالخير ملجم

و لي فرس للشرّ بالشر ملجم

فمن رام تقويمي فاني مقوّم

و من رام تعويجي فإنّي معوّج(١)

هذا، و في معنى البيت الأوّل قول ابن الجراح الوزير:

و من يك عنّي سائلا شامتا لما

نابني أو شامتا غير سائل

فقد أبرزت مني الخطوب ابن حرة

صبورا على أهوال تلك الزلازل

إذا سر لم يبطر و ليس لنكبة

إذا نزلت بالخاشع المتضائل

و قريب منه قول تأبط شرا:

و ما ولدت امي من القوم عاجزا

و لا كان ريشي من ذنابي و لا لغب

و قول ابن وادع العوفي:

لا استكين إذا ما أزمة أزمت

و لن تراني بخير فاره الطلب

هكذا نقله ابن برّي، و نقل الزمخشري الشطر الثاني «و لا تراني الا فاره اللبب»( ٢) .

____________________

(١) نقله ابن عساكر في ترجمة عليّعليه‌السلام ٣: ٣٠٧، بفرق في اللفظ.

(٢) نقل ابن بري جاء في لسان العرب ١٣: ٥٢٢، مادة (فره)، و نقل الزمخشري جاء في أساس البلاغة: ٣٤٠، مادة (فره).

٥٠٣

٥٠٤

الفصل الثاني و العشرون في أوليائهعليه‌السلام و أعدائه

٥٠٥

٥٠٦

مر في فصل بيعته قولهعليه‌السلام لعمار في المغيرة: «دعه يا عمار فانه لم يأخذ من الدين إلاّ ما قاربه من الدنيا» الخ.

و في فصل الامامة الخاصة قولهعليه‌السلام لأنس: «ان كنت كاذبا» الخ.

و في فصل صفين في ابن العاص و معاوية: «و لم يبايع حتى شرط».

و فيه: «و لا المهاجر كالطليق» الخ.

و فيه: «أين عمار و أين ابن التيهان و أين ذو الشهادتين» الخ( ١) .

١ - الكتاب (١٣) و من كتاب لهعليه‌السلام إلى أميرين من أمراء جيشه:

وَ قَدْ أَمَّرْتُ عَلَيْكُمَا وَ عَلَى مَنْ فِي حَيِّزِكُمَا؟ مَالِكَ بْنَ اَلْحَارِثِ اَلْأَشْتَرَ؟ فَاسْمَعَا لَهُ وَ أَطِيعَا وَ اِجْعَلاَهُ دِرْعاً وَ مِجَنّاً فَإِنَّهُ مِمَّنْ لاَ يُخَافُ وَهْنُهُ وَ لاَ

____________________

(١) راجع العنوان ١٣ من الفصل الثلاثين و العنوان ٢٨ من الفصل الثامن و العناوين ٥ و ٦ و ١٠ من الفصل الثاني و الثلاثين.

٥٠٧

سَقْطَتُهُ وَ لاَ بُطْؤُهُ عَمَّا اَلْإِسْرَاعُ إِلَيْهِ أَحْزَمُ وَ لاَ إِسْرَاعُهُ إِلَى مَا اَلْبُطْءُ عَنْهُ أَمْثَلُ قول المصنف: (و من كتاب لهعليه‌السلام إلى أميرين من امراء جيشه) و هما زياد بن النضر و شريح بن هاني، قدمهماعليه‌السلام أمامه نحو معاوية، فاستقبلهما أبو الاعور السلمي في جند من أهل الشام من قبل معاوية، فكتبا إليهعليه‌السلام بذلك، فبعث الأشتر مددا لهما و كتب إليهما بالعنوان مع زيادة «و قد امرته بمثل الّذي أمرتكما به ألا يبدأ القوم بقتال حتى يلقاهم، فيدعوهم فيعذر إليهم».

قولهعليه‌السلام «و قد أمّرت عليكما» يا زياد و يا شريح «و على من في حيزكما» كان في حيز كل منهما ستة آلاف رجل «مالك بن الحارث الأشتر» و الأشتر من انقلب جفن عينه، كان مشتهرا باللقب.

قال نصر بن مزاحم كما في (صفينه) و أبو مخنف كما في (تاريخ الطبري): فخرج الأشتر حتى قدم على القوم، فاتبع ما امره به عليّعليه‌السلام و كف عن القتال، فلم يزالوا متوافقين حتى إذا كان عند المساء حمل عليهم أبو الاعور، فثبتوا و اضطربوا ساعة، ثم انصرف أهل الشام، ثم خرج هاشم بن عتبة في خيل و رجال، و خرج إليهم أبو الاعور، فصبر بعضهم لبعض، ثم انصرفوا و بكر عليهم الأشتر، فقتل منهم عبد اللَّه بن المنذر التنوخي قتله ظبيان بن عمارة التميمي، و كان ظبيان يومئذ حدث السن، و التنوخي فارس أهل الشام، و أخذ الأشتر يقول: و يحكم أروني أبا الأعور، و قال لسنان بن مالك النخعي: انطلق إليه فادعه إلى المبارزة. فذهب فدعاه، فسكت عنه طويلا ثم قال: إن خفة الأشتر و سوء رأيه هو الّذي دعاه إلى اجلاء عمال عثمان من العراق، و افترائه عليه يقبح محاسنه، و يجهل حقه، و يظهر عداوته، و من خفة الأشتر و سوء رأيه انه سار إلى عثمان في داره و قراره، فقتله فيمن قتله،

٥٠٨

فأصبح متبعا بدمه، لا حاجة لي في مبارزته.

قال سنان: فقلت لأبي الأعور: إنك قد تكلمت فاستمع مني حتى أخبرك.

فقال لي: لا حاجة لي في جوابك و لا الاستماع منك اذهب عني، و صاح بي أصحابه، فانصرفت عنه و لو سمع مني لا خبرته بعذر صاحبي و حجّته،

فرجعت إلى الأشتر، فأخبرته أنه قد أبى المبارزة، فقال لنفسه ننظر، فتوافقنا حتى الليل، فلما أصبحنا نظرنا، فاذاهم قد انصرفوا( ١) .

«فاسمعا له و أطيعا و اجعلاه درعا و مجنا» أي: ترسا. كانعليه‌السلام قد بعث رجالا إلى الكوفة لصدّ أبي موسى الأشعري عن تثبيط الناس، و كان لم يبال بهم حتى بعثعليه‌السلام الأشتر إليه ففر منه، و كان الناس يحتمون عن البراز إليه كما يحتمون عن البراز إليهعليه‌السلام ، كما عرفته من قصة أبي الأعور.

هذا، و في (كامل المبرد): روي ان الحجاج لما ورد عليه ظفر المهلب و قتله لعبد ربه الصغير و هرب قطري منه تمثل فقال: للَّه در المهلب، و اللَّه لكأنه ما وصف لقيط الأيادي حيث يقول:

و قلّدوا أمركم للَّه دركم

رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا

لا مترفا ان رخاء العيش ساعده

و لا إذا عض مكروه به خشعا

ما زال يحلب هذا الدهر أشطره

يكون متّبعا طورا و متّبعا

حتّى استمرت على شزر مريرته

مستحكم الرأي لا قحما و لا ضرعا

فقال إليه رجل و قال: و اللَّه لكأني اسمع هذا التمثيل من قطري في المهلب، فسر بذلك سرورا تبين في وجهه( ٢) .

و في (الأغاني) قال أبو المثلم في صخر الغي:

____________________

(١) وقعة صفين: ١٥٤، و تاريخ الطبري ٣: ٥٦٥، سنة ٣٦.

(٢) كامل المبرد ٨: ١١٦.

٥٠٩

لو كان للدهر مال عند متلده

لكان للدهر صخر مال قينان

آب الهضيمة آت العظيمة

متلاف الكريمة لا سقط و لا و ان

حامي الحقيقة نسال الوديعه

معتاق الوثيقة جلد غير شيبان

رقاء مرقبة مناع مغلبة

ركاب سلهبة قطاع اقران

بسّاط أودية شهاد اندية

حمال ألوية سرحان فتيان

يحمى الصحاب إذا جد الضراب

و يكفى القائلين إذا ما كيل الهاني

و يترك القرن مصفرا انامله

كأن في ريطتيه نضح ارقان

يعطيك ما لا تكاد النفس تسلمه

«فإنّه ممّن لا يخاف وهنه و لا سقطته» و في رواية الطبري و نصر «رهقه و لاسقاطه»( ١) .

في (صفين نصر): كان الأصبغ بن ضرار الأزدي طليعة و مسلحة لمعاوية، فبعث عليّعليه‌السلام الأشتر، فأخذه أسيرا من غير أن يقاتل، و كان عليّعليه‌السلام ينهى عن قتل الأسير الكافّ، فغدا الأشتر به علي عليّعليه‌السلام و قال له:

هذا رجل من المسلحة لقيته بالأمس، فو اللَّه لو علمت أن قتله الحق لقتلته، و قد بات عندنا الليلة و حركنا فان كان فيه القتل فاقتله و ان غضبنا فيه، و ان كنت فيه بالخيار فهبه لنا. قال: هو لك يا مالك، فاذا أصبت أسيرا فلا تقتله، فان أسير أهل القبلة لا يفاد و لا يقتل، فرجع به الأشتر إلى منزله و قال: لك ما أخذنا منك ليس لك عندنا غيره( ٢) .

«و لا بطؤه عمّا الاسراع إليه أحزم و لا اسراعه إلى ما البطء عنه أمثل» في (تاريخ الطبري): قيل لعليّعليه‌السلام بعد كتابة الصحيفة في صفين: ان الأشتر لا

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣: ٥٦٥، سنة ٣٦، و وقعة صفين: ١١٤.

(٢) وقعة صفين: ٤٦٦.

٥١٠

يقرّ بما في الصحيفة، و لا يرى إلاّ قتال القوم. فقالعليه‌السلام : أنا و اللَّه ما رضيت أيضا إلى أن قال: و أما الّذي ذكرتم من ترك الأشتر أمري و ما أنا عليه، فليس من أولئك، و لست أخافه على ذلك، يا ليت فيكم مثله واحدا يرى في عدوّي ما أرى، إذن لخفت على مؤنتكم، و رجوت أن يستقيم لي بعض أودكم( ١) .

و أما ما رواه (الكافي) عن السجادعليه‌السلام ان عليّا كتب إلى الأشتر و هو على مقدمته يوم البصرة بألا يطعن في غير مقبل، و لا يجهز على جريح، و من أغلق بابه فهو آمن، فأخذ الكتاب، فوضعه بين يديه على القربوس من قبل أن يقرأه ثم قال اقتلوا، فقتلهم حتى أدخلهم سكك البصرة، ثم فتح الكتاب، فقرأه،

ثم امر مناديا فنادى بما في الكتاب»( ٢ ) ، فمحمول على أنه علم جوازه في نفس الأمر، و انهعليه‌السلام أمر بما أمر مصلحة، فروي عن الصادقعليه‌السلام ان سيرة عليّعليه‌السلام في أهل البصره كانت خيرا لشيعته ممّا طلعت عليه الشمس، انه علم ان للقوم دولة، فلو سباهم لسبيت شيعته، و القائم يسير فيهم بخلاف تلك السيرة لانه لا دولة لهم بعده( ٣) .

و اما قول ابن أبي الحديد: روى أن عليّاعليه‌السلام لما ولى بني العباس على الحجاز و اليمن و العراق قال الأشتر: فلماذا قتلنا الشيخ بالأمس، و ان عليّا لما بلغته هذه الكلمة أحضره و لاطفه و اعتذر إليه و قال له: فهل و ليت حسنا أو حسينا أو أحدا من ولد جعفر أو عقيلا أو واحدا من ولده، و انما وليت ولد عمي العباس لاني سمعت العباس يطلب من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الامارة مرارا، فقال له: يا عم ان الامارة ان طلبتها وكلت إليها، و ان طلبتك أعنت عليها، و رأيت بنيه في أيام

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٤٢، سنة ٣٧.

(٢) الكافي ٤: ٣٣ ح ٣.

(٣) رواه الكليني في الكافي ٥: ٣٣ ح ٤، و الطوسي في التهذيب ٦: ١٥٥ ح ٦، و البرقي في المحاسن: ٣٢٠ ح ٤٤.

٥١١

عمر و عثمان يجدون في أنفسهم أن ولّي غيرهم من أبناء الطلقاء و لم يولّ أحد منهم، فأحببت ان أصل رحمهم، و ازيل ما كان في أنفسهم، و بعد فإن علمت أحدا هو خيرا منهم فاني أولّيه، فخرج الأشتر و قد زال ما في نفسه( ١) .

فمن رواياتهم المجعولة، فان فاروقهم و ان موّه على الاغبياء و نبه الطلقاء في اشتراطه عليهعليه‌السلام ، كما على عثمان الا يولّي أحدا من اقاربه،

و هوعليه‌السلام كان يوليهم لاقامة العدل و الايمان، و عثمان لاقامة الكفر و الطغيان،

فموّه بالجمع بينهما كما موّه بكونهما من بني عبد مناف، و لازمه كون محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله و أبي سفيان مثلين، الا انه كان صورة ظاهر، فعثمان لم يول غير أقاربه، كما ان فاروقهم لم يول هاشميا في أيامه لئلاّ يصل الأمر إليهعليه‌السلام بذلك، كما اقربه لابن عباس.

و كيف لم يكن الخبر مجعولا و أي عيب كان لو وليّعليه‌السلام الحسن و الحسينعليهما‌السلام ، و قد شهد القرآن بطهارتهما، و كونهما ابنيّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

و ممن باهل بهما( ٢) .

و كيف لم يكن مجعولا و قد قال نفسه ان مالكا كان شديد التحقق بولائه، و انهعليه‌السلام قال: كان مالك لي كما كنت للنبيّ، و ان معاوية قنت عليه كما قنت عليهعليه‌السلام و على الحسين و على ابن عباس، و انه اشهر في الشيعة من أبي الهذيل في المعتزلة، و انه حضر مع استاذه الدباس عند ابن سكينة المحدث لقراءة الاستيعاب، فلما انتهى إلى خبر حضور حجر و الأشتر لدفن أبي ذر و قولهما في عثمان، قال استاذه: لتقل الشيعة بعد هذا ما شاءت، فما قال المرتضى و المفيد الا بعض ما كان حجر و الأشتر

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٥: ٩٨.

(٢) النظر إلى الآيتين الاحزاب: ٣٣، و آل عمران: ٦١.

٥١٢

يعتقدانه في عثمان و من تقدمه( ١) .

٢ - الكتاب (٣٩) و من كتاب لهعليه‌السلام إلى عمرو بن العاص:

فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ تَبَعاً لِدُنْيَا اِمْرِئٍ ظَاهِرٍ غَيُّهُ مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ يَشِينُ اَلْكَرِيمَ بِمَجْلِسِهِ وَ يُسَفِّهُ اَلْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ فَاتَّبَعْتَ أَثَرَهُ وَ طَلَبْتَ فَضْلَهُ اِتِّبَاعَ اَلْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ إِلَى مَخَالِبِهِ وَ يَنْتَظِرُ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِ فَرِيسَتِهِ فَأَذْهَبْتَ دُنْيَاكَ وَ آخِرَتَكَ وَ لَوْ بِالْحَقِّ أَخَذْتَ أَدْرَكْتَ مَا طَلَبْتَ فَإِنْ يُمَكِّنِّي اَللَّهُ مِنْكَ وَ مِنِ اِبْنِ؟ أَبِي سُفْيَانَ؟ أَجْزِكُمَا بِمَا قَدَّمْتُمَا وَ إِنْ تُعْجِزَا وَ تَبْقَيَا فَمَا أَمَامَكُمَا شَرٌّ لَكُمَا أقول: رواه (صفين نصر بن مزاحم) مع اختلاف على نقل ابن أبي الحديد من عبد اللَّه عليّ أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص بن وائل شانئ محمّد و آل محمّد في الجاهلية و الاسلام، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد:

فانك تركت مروتك لا مرى‏ء فاسق مهتوك ستره يشين الكريم بمجلسه و يسفه الحليم بخلطته فصار قلبك لقلبه تبعا كما قيل «وافق شن طبقه»، فسلبك دينك و أمانتك و دنياك و آخرتك، و كان علم اللَّه بالغا فيك، فصرت كالذئب يتبع الضرغام إذا ما الليل دجا أو أتى الصبح يلتمس فضل سؤره و حوايا فريسته، و لكن لا نجاة من القدر و لو بالحق أخذت لادركت ما رجوت،

و قد رشد من كان الحق قائده، فان يمكّن اللَّه منك و من ابن آكلة الأكباد ألحقتكما بمن قتله اللَّه من ظلمة قريش على عهد رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و ان تعجزا أو

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٥: ٩٨ و ٩٩.

٥١٣

تبقيا بعدي فاللَّه حسبكما و كفى بانتقامه انتقاما و بعقابه عقابا( ١) .

«فانك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ» و المراد معاوية «ظاهر غيّه مهتوك ستره».

في (بلاغات نساء أحمد بن أبي طاهر البغدادي) و (عقد ابن عبد ربه): ان معاوية حج، فسأل عن امرأة يقال لها الدارمية الحجونية كانت امرأة سوداء كثيرة اللحم فأخبر بسلامتها، فبعث إليها، فجي‏ء بها، فقال لها: كيف حالك يا ابنة حام؟ قالت: بخير و لست لحام، انما انا امرأة من قريش من بني كنانة، ثم من بني أبيك. قال: صدقت، هل تعلمين لم بعثت إليك؟ قالت: لا. قال: بعثت إليك لا سألك علام أحببت عليّا و أبغضتني، و علام واليته و عاديتني. قالت: أو تعفيني من ذلك. قال: لا أعفيك و لذلك دعوتك. قالت: فأما إذ أبيت فاني أحببت عليّا على عدله في الرعية، و قسمه بالسوية، و أبغضتك على قتالك من هو أولى بالامر منك، و طلبك ما ليس لك، و واليت عليّا على ما عقد له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الولاية، و واليته على حبه المساكين، و اعظامه لأهل الدين، و عاديتك على سفكك الدماء، و شقك العصا.

قال: صدقت فلذلك انتفخ بطنك، و كبر ثديك، و عظمت عجيزتك. فقالت:

يا هذا بهند و اللَّه يضرب المثل في ذا لابي. فقال لها: هل رأيت عليّا؟ قالت: أي و اللَّه. قال: كيف رأيته؟ قالت: لم يفتنه الملك الّذي فتنك، و لم تصقله النعمة الّتي صقلتك. قال: فهل سمعت كلامه؟ قالت: نعم. قال: فكيف سمعته. قالت: كان و اللَّه كلامه يجلو القلوب من العمى كما يجلو الزيت صداء الطست. قال:

صدقت.

و فيهما: دخلت اروى بنت الحرث بن عبد المطلب على معاوية و هي

____________________

(١) جاء في شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٣، لكن لم يوجد في النسخة المطبوعة من وقعة صفين.

٥١٤

عجوزة كبيرة فقال لها: كيف كنت بعدنا؟ فقالت: لقد كفرت يد النعمة،

و اسأت لابن عمك الصحبة، و تسميت بغير اسمك، و أخذت غير حقك من غير دين كان منك، و لا من آبائك، و لا سابقة في الاسلام بعد أن كفرتم بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

فأتعس اللَّه منكم الجدود، و أضرع منكم الخدود، ورد الحق إلى أهله، و لو كره المشركون، و كانت كلمتنا العليا، و نبيّنا هو المنصور، فوليتم علينا من بعده،

و تحتجون بقرابتكم من النبيّ، و نحن أقرب إليه منكم، و أولى بهذا الأمر، فكنا فيكم بمنزلة بني اسرائيل في آل فرعون، و كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى، فغايتنا الجنّة، و غايتكم النار.

فقال لها عمرو بن العاص: كفّي أيتها العجوز الضالة، و اقصري عن قولك من ذهاب عقلك، إذ لا تجوز شهادتك وحدك. فقالت له: و أنت يا ابن النابغة تتكلم و امّك كانت أشهر امرأة تبغي بمكة، و آخذهن الاجرة، ادعاك خمسة نفر من قريش، فسئلت امّك عنهم، فقالت: كلّهم أتاني، فانظروا أشبههم به، فالحقوه، فغلب عليك شبه العاص بن وائل، فلحقت به.

و في (مفاخرات ابن بكار): اجتمع عند معاويه عمرو و الوليد بن عقبة و عتبة ابن أبي سفيان و المغيرة فقالوا له: ان الحسن قد أحيا أباه و خفقت النعال خلفه إلى أن قال فقال لهم معاوية: اما إذ عصيتموني و بعثتم إليه، فلا تمرضوا له في القول، و اعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب، و لكن اقذفوه بحجره و قولوا له أبوك قتل عثمان و كره خلافة الخلفاء من قبله.

إلى أن قال: فقال معاوية لهعليه‌السلام : ان هؤلاء بعثوا إليك و عصوني. فقال:

سبحان اللَّه الدار دارك و الاذن فيها إليك، و اللَّه ان كنت أجبتهم اني لاستحيي لك من الفحش، و ان كانوا غلبوك اني لاستحيي لك من الضعف. إلى أن قال: يا معاوية ما هؤلاء شتموني و لكنك شتمتني فحشا ألفته، و سوء رأي عرفت به،

٥١٥

و خلقا سيئا شبت عليه، و بغيا علينا و عداوة منك لمحمد و أهله. إلى أن قال:

قالعليه‌السلام لهم: و أنشدكم اللَّه هل تعلمون ان أبي أول الناس ايمانا و انك يا معاوية و أبوك من المؤلفة قلوبهم تسترون الكفر و تظهرون الاسلام،

و أنشدك اللَّه يا معاوية أتذكر يوما جاء أبوك على جمل أحمر و أنت تسوقه و أخوك عتبة هذا يقوده، فرآكم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: اللهم العن الراكب و القائد و السائق أتنسى يا معاوية الشعر الّذي كتبته إلى أبيك لما همّ أن يسلم تنهاه عن ذلك:

يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا

بعد الّذين ببدر أصبحوا فرقا

خالي و عمّي و عمّ الام ثالثهم

و حنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا

و واللَّه لما أخفيت من أمرك أكثر ممّا أبديت، و لما أراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكتب إلى بني خزيمة فبعث إليك و نهمك إلى أن تموت الخبر( ١) .

«يشين الكريم بمجلسه، و يسفّه الحليم بخلطته» في (العقد الفريد): قال معاوية لجارية بن قدامة: ما كان أهونك على اهلك إذ سموك جارية؟ فقال: ما كان أهونك على أهلك إذ سموك معاوية و هي الانثى من الكلاب قال: لا ام لك. قال: امّي ولدتني للسيوف الّتي لقيناك بها و هي في أيدينا. قال: انك لتهددني. قال: انك لم تصاحبنا قسرا، و لم تملكنا عنوة، و لكنك أعطيتنا عهدا و ميثاقا، و أعطيناك سمعا و طاعة، فان وفيت لنا و فينا لك، و ان فزعت إلى غير ذلك فانا تركنا وراءنا رجالا شدادا و ألسنة حدادا. قال: لاكثر اللَّه أمثالك. قال جارية: قل معروفا، فان شر الدعاء المحتطب.

و فيه: دخل خريم الناعم على معاوية، فنظر إلى ساقيه، فقال: أي ساقين لو أنهما على جارية. قال خريم: في مثل عجيزتك. قال معاوية:

____________________

(١) نقله عنه ابن أبي الحديد في شرحه ٦: ٢٨٥ و ٢٨٨.

٥١٦

واحدة باخرى و البادي أظلم.

و في (الأغاني): نظر معاوية إلى رجل في مجلسه فرأى فيه حسنا و شارة و جسما، فاستنطقه فوجده سديدا، فقال له: ممن أنت؟ قال: ممن أنعم اللَّه عليه بالاسلام فاجعلني حيث شئت. قال: عليك بهذه الازد الطويلة العريضة الّتي لا تمنع من دخل فيها، و لا تبالي من خرج منها. فغضب النعمان بن بشير و وثب من بين يديه و قال: أما و اللَّه انك ما علمت ليسي‏ء المجالسة لجليسك،

عاق لزوارك، قليل الرعاية لأهل الحرمة بك.

و في (العقد): تكلم الناس عند معاوية في يزيد ابنه إذ أخذ له البيعة و سكت الاحنف، فقال: مالك لا تقول أبا بحر. قال: أخافك ان صدقت، و أخاف اللَّه ان كذبت.

و فيه: بينا معاوية جالس و عنده وجوه الناس إذ دخل رجل من أهل الشام، فقام خطيبا فكان آخر كلامه أن سب عليّاعليه‌السلام ، فأطرق الناس و تكلم الاحنف، فقال: ان هذا القائل لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين لعنهم، فاتق اللَّه و دع عليّا، فقد لقي ربه، و كان و اللَّه المبرز سيفه، الطاهر ثوبه، الميمون نقيبته، العظيم مصيبته، فقال له معاوية: لقد أغضيت العين على القذى و قلت ما ترى، و ايم اللَّه لتصعدن المنبر فتلعنه طوعا أو كرها. فقال له الأحنف: ان تعفني فهو خير لك، و ان تجبرني فو اللَّه لا تجري فيه شفتاي، و مع ذلك لأنصفنّك في القول و الفعل، قال: ما أنت قائل ان أنصفتني. قال: أصعد المنبر و أقول: أيها الناس ان معاوية أمرني أن ألعن عليّا، و ان عليّا و معاوية اختلفا فاقتتلا، و ادعى كل واحد منهما انه بغي عليه و على فئته، فاذا دعوت فأمنوا، ثم أقول «اللهم العن (أنت و ملائكتك و أنبيائك و جميع خلقك) الباغي منهما على صاحبه لعنا كثيرا»، لا أزيد على هذا حرفا، و لا أنقص منه حرفا، و لو كان فيه

٥١٧

ذهاب نفسي. فقال معاوية: اذن نعفيك.

«فاتبعت أثره و طلبت فضله اتباع الكلب» قد عرف أن في رواية نصر «فصرت كالذئب»( ١ ) «للضرغام» أي: الأسد كالضيغم «يلوذ» أي: يلجأ «إلى مخالبه» في (الصحاح): المخلب للطائر و السباع بمنزلة الظفر للإنسان.

«و ينتظر ما يلقي إليه من فضل» أي: زيادة «فريسته» في (الصحاح): فرس الأسد فريسته و افترسها أي: دق عنقها، و أصل الفرس هذا، ثم كثر حتى صار كل قتل فرسا، و أبو فراس كنية الأسد.

«فأذهبت دنياك» بكونك تابعا كالعبد لمعاوية «و آخرتك».

و في (المروج) بعد ذكر جعل معاوية جعالة لقتل العباس بن ربيعة الهاشمي، و تصدي رجلين من لخم لذلك، و قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام لهما قال معاوية: قبّح اللَّه اللجاج، ما ركبته قط الا خذلت. فقال عمرو بن العاص له المخذول و اللَّه اللخميان لا أنت. قال: اسكت أيها الرجل، فليس هذا من شأنك.

قال: و ان لم يكن رحم اللَّه اللخميين و لا أراه يفعل ذلك قال: ذلك و اللَّه أضيق لحجتك، و أخسر لصفقتك. قال عمرو: قد علمت ذلك، و لو لا مصر و ولايتها لركبت المنجاة، فانّي أعلم أن عليّا على الحق، و أنا على الباطل. فقال معاوية:

مصر و اللَّه أعمتك، و لو لا مصر لالفيتك بصيرا( ٢) .

و في (المروج): مات عمرو سنة (٤٣) و له تسعون سنة، و في أبيه و كان من المستهزئين بالنبيّ نزلت إنّ شانئك هو الأبتر( ٣ ) ، و خلف عمرو من العين ثلاثمائة و خمسة و عشرون ألف دينار، و ألفى ألف درهم، و ضيعته

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٣.

(٢) مروج الذهب ٣: ٢٠.

(٣) الكوثر: ٣.

٥١٨

المعروفة بالرهط قيمتها عشرة آلاف ألف درهم، و فيه يقول ابن الزبير الأسدي:

ألم تر أن الدهر أخنت صروفه

على عمرو السهمي تجبي له مصر

فلم يغن عنه حزمه و احتياله

و لا جمعه لما أتيح له الدهر(١)

و في (تاريخ اليعقوبي): لما حضر عمرو الوفاة نظر إلى ماله، فرأى كثرته، فقال: يا ليته كان بعرا، يا ليتني مت قبل هذا اليوم بثلاثين سنة أصلحت لمعاوية دنياه و أفسدت ديني، آثرت دنياي و تركت آخرتي، عمي علي رشدي حتى حضرني أجلي، كأني بمعاوية قد حوى مالي و أساء فيكم خلافتي.

و توفي سنة (٤٣) ليلة الفطر، فاستصفى معاوية ماله، فكان أول من استصفى مال عامل، و لم يكن يموت لمعاوية عامل إلاّ شاطر ورثته ماله، و كان يكلم في ذلك، فيقول هذه سنّة سنّها عمر( ٢) .

و ذكروا أن معاوية قال يوما لجلسائه: ما أعجب الأشياء؟ فقال كل واحد شيئا، فقال عمرو: أعجب الأشياء أن المبطل يغلب المحق و عرّض بغلبة معاوية في امره معهعليه‌السلام فقال معاوية: بل أعجب الأشياء أن يعطى الانسان ما لا يستحق، و كان لا يخاف عرض بعمرو في أخذه مصر منه.

«و لو بالحق أخذت أدركت ما طلبت» في (تاريخ الطبري): قال النضر بن صالح العبسي: كنت مع شريح بن هاني في غزوه سجستان، فحدثني أن عليّاعليه‌السلام أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص. قال: قل له إذا لقيته: ان عليّا يقول لك «ان أفضل الناس عند اللَّه عزّ و جلّ من كان العمل بالحق أحب إليه و ان نقصه و كرثه من الباطل و ان حسن إليه و زاده يا عمرو انك و اللَّه لتعلم أين

____________________

(١) مروج الذهب ٣: ٢٣.

(٢) تاريخ الطبري ٢: ٢٢٢.

٥١٩

موضع الحق، فلم تجاهل ان أوتيت طمعا يسيرا كنت به للَّه و لأوليائه عدوّا،

فكان و اللَّه ما أوتيت قد زال عنك، فلا تكن للخائنين خصيما و لا للظالمين ظهيرا، اما أني أعلم بيومك الّذي أنت فيه نادم و هو يوم وفاتك، تمنى انك لم تظهر لمسلم عداوة، و لم تأخذ على حكم رشوة». قال شريح: فبلغته ذلك،

فتمعر وجهه ثم قال: متى كنت أقبل مشورة علي أو انتهي إلى أمره أو اعتد برأيه؟ فقلت له: و ما يمنعك يا ابن النابغة أن تقبل من مولاك و سيّد المسلمين بعد نبيّهم مشورته، فقد كان من هو خير منك أبو بكر و عمر يستشير انه و يعملان برأيه. فقال: ان مثلي لا يكلم مثلك. فقلت له: و بأي أبويك ترغب عني أبأبيك الوشيظ أم بامك النابغة؟ فقام عن مكانه( ١) .

و في (الصحاح) الوشيظ: لفيف من الناس ليس أصلهم واحدا.

«فان يمكني اللَّه» هكذا في (المصرية) و هو غلط، و الصواب: «فان يمكن اللَّه» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢ ) «منك و من ابن أبي سفيان» قد عرفت أن في رواية نصر «و من ابن آكلة الأكباد»( ٣ ) . «أجزكما بما قدّمتها».

و في (صفين نصر): قال جابر الأنصاري: و اللَّه لكأني أسمع عليّاعليه‌السلام يوم الهرير بعد ما طحنت رحا مذحج فيما بيننا و بين عك و لخم و جذام و الأشعريين بأمر عظيم تشيب منه النواصي يقول: حتى متى نخلي بين هذين الحيين إلى أن قال جابر لا و الّذي بعث محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق ما سمعنا برئيس قوم منذ خلق اللَّه السماوات و الأرض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب عليّعليه‌السلام . انه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من أعلام العرب( ٤) .

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٥٠، سنة ٣٧.

(٢) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦١، لكن في شرح ابن ميثم ٥: ٨٥، «و ان يمكني اللَّه».

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٣.

(٤) وقعة صفين: ٤٧٧.

٥٢٠