أشعار النساء المؤمنات

أشعار النساء المؤمنات0%

أشعار النساء المؤمنات مؤلف:
تصنيف: دواوين
الصفحات: 163

أشعار النساء المؤمنات

مؤلف: اُمّ علي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 163
المشاهدات: 61469
تحميل: 6084

توضيحات:

أشعار النساء المؤمنات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 163 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 61469 / تحميل: 6084
الحجم الحجم الحجم
أشعار النساء المؤمنات

أشعار النساء المؤمنات

مؤلف:
العربية

قالت: أستعين بها على عسر المدينة وزيارة بيت الله الحرام.

قال: نعم الموضع وضعتيها، هي لك نعم وكرامة.

ثم قال: أما والله لو كان علي ما أمر لك بها.

قالت: صدقت، إن علياً أدى الأمانة، وعمل بأمر الله وأخذ به. وأنت ضيعت أمانتك، وخنت الله في ماله، فأعطيت مال الله من لا يستحقه، وقد فرض الله في كتابه الحقوق لأهلها وبيّنها فلم تأخذ بها، ودعانا إلى أخذ حقنا الذي فرض الله لنا، فشُغل بحربك عن وضع الاُمور مواضعها. وما سألتك من مالك شيئاً فتمن به، إنما سألتك من حقنا، ولا نرى أخذ شيء غير حقنا، أتذكر علياً فض الله فاك، وأجهد بلاءك ثم علا بكاؤها وقالت:

ألا يا عين ويحك اسعدينا

ألا وابكي أمير المؤمنينا

رُزينا خير من ركب المطايا

وفارسها ومن ركب السفينا

ومن لبس النعال أو احتذاها

ومن قرأ المثاني والمئينا

إذا استقبلت وجه أبي حسن

رأيت البدر راع الناظرينا

ولا والله لا أنسى علياً

وحسن صلاته في الراكعينا

أفي الشهر الحرام(١) فجمعتمونا

بخير الناس طُرا اجمعينا

فأمر لها معاوية بستة آلاف دينار، وقال لها: يا عمة أنفقي هذه في ما تُحبين فإذا احتجتيني فاكتبي إلى إبن أخيك يحسن صفدك(٢) ومعونتك إن شاء الله.

_______________________________________

(١) هكذا ورد في المصدر، والصحيح: شهر الصيام.

(٢) الصفد: العطاء. الصحاح ٢: ٤٩٨ « صفد »، تاج العروس ٢: ٤٠٠ « صفد ».

٤١

ومن شعرها قالت ترثي أباها:

عيني جودا بدمع غير ممنون

إذ أنهما لا بدمع العين يشفيني

إني نسيت أبا أروى وذكرته

عن غير ما بغضة ولا هون

ومال زال أبيض مكراماً لاُسرته

رحب المحاسن في خصب وفي لين

من آل عبد منافٍ إن مهلكه

ولو بقيت رغوب الدهر يعصيني

من الذين متى ما تغش ناديهم

تلقى الحضارمة الشم العرانين

روى ذلك أيضاً ابن عبد ربة - في العقد الفريد - ضمن الوافدات على معاوية عن العباس بن بكار، قال: حدثني عبدالله بن سليمان المدني وأبو بكر الهذلي: أن أروى بنت الحارث بن عبد الملطب دخلت على معاوية وهي عجوز، فلما رآها معاوية قال: مرحباً بك وأهلاً يا عمة...

وقال الزركلي في أعلامه: إنها توفيت حدود سنة خمسين هجرية(١) .

_________________________________________

(١) انظري: الأربعين حديثاً لمنتجب الدين، الحكاية العاشرة ص: ٨٩، أعيان الشيعة ٣: ٢٤٥، أعيان النساء: ٢٤، أعلام النساء ١: ٢٩، الدرّ المنثور: ٢٥، رياحين الشريعة ٣: ٣٣٣، الأعلام للزركلي ١: ٢٩٠، بلاغات النساء: ٢٧، الإصابة في تمييز الصحابة ٤: ٢٢٧، الطبقات الكبرى لابن سعد ٨: ٥٠، العقد الفريد ١: ٣٥٧.

٤٢

(٣) أروى بنت عبدالمطلب (* )

ابن هاشم، عمّة النبيّ صلّى الله عليه وآله، كانت فصيحة اللسان بليغة الكلام شاعرة، وهي صحابية جليلة، دافعت عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، وكانت تشجع ولدها على اتباع النبيّ صلّى الله عليه وآله.

قال ابن سعد في الطبقات الكبرى: اُمها فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.

وفي الاستيعاب: اختلف في اُم اروى بنت عبد المطلب، فقيل: اُمها فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن مخزوم، فلو صح هذا كانت شقيقة عبد الله والزبير وأبي طالب وعبد الكعبة واُم حكيم واميمة وبرة.

وقيل اُمها صفية بنت جندب بن حجير بن رئاب بن حبيب بن سوأة بن عامر بن صعصعة. فلو صح هذا كانت شقيقة الحارث بن عبد المطلب. وأهل النسب لا يعرفون لعبد المطلب بنتاً إلا من المخزومية، إلا صفية وحدها فإنها من الزهرية.

وفي الطبقات: تزوجها في الجاهلية عمير بن وهب بن عبد مناف بن

________________________________________

(* ) انظري ترجمتها في: اُسد الغابة ٥: ٢٢٧، أعلام النساء ١: ٣٢، أعيان الشيعة ٣: ٢٤٥، أعيان النساء: ٢٨، الاستيعاب ( المطبوع بهامش الإصابة ) ٤: ٢٢٤، الاصابة ٤: ٢٢، الطبقات الكبرى ٨: ٤٢، المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري ٤: ٥٢، رياحين الشريعة ٣: ٣٣١، سيرة ابن هشام ١: ١١٣ و ١١٤ و ١٧٩.

٤٣

قصي، فولدت له طليباً، ثم خلف عليها أرطأة بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، فولدت له فاطمة. ثم أسلمت أروى بمكة وهاجرت إلى المدينة.

وروى ابن سعد أيضاً: أن طليب بن عمير أسلم في دار الأرقم بن ابي الأرقم المخزومي، ثم خرج فدخل على اُمه أروى، فقال: تبعت محمداً وأسلمت لله.

فقالت له: إن حق من وازرت وعضدت ابن خالك، والله لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لتبعناه وذببنا عنه.

قال: فما يمنعك يا اُمي من أن تسلمي وتتبعيه، فقد أسلم أخوك حمزة.

فقالت: انظر ما تصنع أخواتي ثم أكون إحداهن.

قال: فاني أسألك بالله إلا أتيتيه فسلمت عليه وصدقتيه وشهدت أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

وكانت أروى شاعرة كأخواتها، ومن شعرها ما رثت به أباها عبد المطلب في حياته، وذلك أنه جمع بناته في مرضه وهن: أروى، واُم حكيم البيضاء، وأميمة، وبرة، وصفية، وعاتكة. وأمرهن بأن يقلن في حياته ما يردن أن يرثينه بعد وفاته ليسمع ما تريد أن تقول كل واحدة منهن، فأنشأت كل واحدة منهن في رثائه، فقالت أروى تبكي أباها:

بكت عيني وحق لها البكاء

على سمح سجيته الحياء

على سهل الخليقة أبطحي

كريم الخيم نيته العلاء

على الفياض شيبة ذي المعالي

أبوه الخير ليس له كفاء

طويل الباع أملس شيظمي(١)

أغر كأن غرته ضياء

__________________________________

(١) الشيظمي: الفتى الجسيم. الصحاح ٥: ١٩٦٠ « شظم ».

٤٤

أقب (١) الكشح أروع ذي فضول

له المجد المقدم والسناء

أبي الضيم أبلج هبرزي(٢)

قديم المجد ليس له خفاء

ومعقل مالك وربيع فهر

وفاصلها اذا التمس القضاء

وكان هو الفتى كرماً وجوداً

وبأساً حين تنسكب الدماء

إذا هاب الكماة الموت حتى

كأن قلوب أكثرهم هواء

مضى قدماً بذي ربدٍ خشيب

عليه حين تبصره البهاء

وقالت ترثي النبيّ صلّى الله عليه وآله:

ألا يا رسول الله كنت رجاً لنا

وكنت بنا براً ولم تك جافياً

كأن على قلبي لذكر محمدٍ

وما خفت من بعد النبي المكاويا

***

________________________________________

(١) الأقب: الضامر البطن. الصحاح ١: ١٩٧ « قبب ».

(٢) هبرزي: هو كل جميل وسيم عند العرب. الصحاح ٢: ٩٠١ « هبرز ».

٤٥

(٤) أسماء العامرية الأشبيلية

قال الشيخ ذبيح الله المحلاتي في كتابه « تراجم أعلام النساء » نقلاً عن كتاب « لسان الميزان »: كانت أسماء حسنة شيعية ذات شعر، من شعرها:

عرضنا النصر والفتح المبينا

لسيدنا أمير المؤمنيا

إذا كان الحديث عن المعالي

رأيت حديثكم فينا شجونا

رويتم علمه فعلمتموه

وصنتم عهده فغدا مصونا

***

_____________________________

(١) تراجم النساء ١: ٢٢٥.

٤٦

(٥) أسماء القزوينية

أسماء بنت العلامة الكبير السيد ميرزا صالح ابن العلامة الفقيه السيد مهدي القزويني الحلي.

تدعى ب « سومة »، وتعرف ب« الحباية » ؛ تكريماً لمقامها الرفيع ومنزلتها الاجتماعية العالية.

تزوجت ابن عمها الميرزا موسى ابن الميرزا جعفر القزويني، وأنجبت منه ابنتها ملوك، والتي كانت أديبة فاضلة، تأتي ترجمتها في حرف الميم.

كانت أسماء عالمة، فاضلة، أديبة، شاعرة باللغتين الفصحى والدارجة، من ربات النفوذ الاجتماعي، ذات عقل راجح، ولها منزلة اجتماعية مرموقة، يحترمها الجميع، وكلمتها مسموعة وأمرها مطاع عند العشائر العراقية.

ذكر لها السيد الجواد شبر في كتابه أدب الطف بيتين من الشعر في رثاء الإمام الحسينعليه‌السلام ، هما:

وإن قتيلاً قد قضى حق دينه

وزاحم في سماء همته نسرا

فذاك لعمري لا توفيه أعيني

وإن أصبحت للرزء باكية عبرى

ثمّ قال: ولدت في الحلة الفيحاء حدود سنة ١٢٨٣ ه، ونشأت في كنف والدها، وكان للبيئة من نفسها أثر في بلورة ذهنيتها، فالاجواء العلمية التي كانت تعيشها والمجالس الأدبية التي تعقد في مناسبات كانت توثر أثرها وتدفع بهذه الحرة للشعر والأدب. فلا تفوتها النادرة الأدبية، أو الشاردة المستملحة، فهي تكتب هذه، وتحفظ تلك، وتحدث بالكثير منها.

٤٧

ثم ذكر بنتها ملوك قائلاً: كانت تتحدث عن امّها، وكيف كانت واسطة لحل النزاعات العائلية، فكثيراً ما قصدت العوائل المتنافرة، ولطّفت الجو، وأماتت النزاع والخصام حتى ساد الوئام.

وتتحدث عن اُمها ومكانتها الأدبية، وتروي شعرها باللغتين الفصحى والدارجة.

واشتهر عن أسماء أنها تميزت بشخصية قوية، وبأسلوب جميل في الحديث، وكان مجلسها في الحلة عامراً بالمتأدبات وذوات المعرفة.

اُصيبت بمرض لازمها شهوراً متعددة، وتوفيت بعد سنة ١٣٤٢ ه، ونقلت بموكب كبير إلى النجف الأشرف لمقرها الأخير، وأقيمت الفاتحة على روحها الطاهرة صباح مساء، وسارع الشعراء إلى رثائها.

وللتدليل على ما روينا نثبت نموذجاً من رسائلها الأدبية، وهي كثيرة: كتبت إلى صديقة لها تعزيها بوفاة والدتها:

صبراً على نـوب الـزمان وإنما

شيم الكرام الصبر عند المعضل

لا تجزعي مما رُزيت بفادح

فالله عودك الجميل فأجملي

خطب نازل، ومصاب هائل، ورزية ترعد منها المفاصل، وتذرف منها الدموع الهوامل، وينفطر منها الصخر، ولا يحمد عندها الصبر، ويشيب منها الوليد، ولا يفتدى بها بالطارف والتليد، وعمّت كل قريب وبعيد. غير أن الذي أطفى لهيبها، وسكن وجيجها التسليم للقدر والقضاء،

٤٨

وانّك الخلف عمن مضى. فلم تفتقد من أنتِ البقية، ولم تذهب من فيك شمائلها، فذكراها بك لم تزل مذكورة، وكأنها حية غير مقبورة. فلا طرقت بيتك الطوارق ولا حلّت بساحة ربعك البوائق، ودمت برغم أنف الحقود، لانرى فيك إلا ما يغيظ الحسود.

الداعية العلوية أسماء

١ رجب المرجب ١٣٢٢ه

الرسالة الثانية التي كتبتها إلى شقيقها السيد هادي ؛ لنجاته من حادثة رعناء سنة ١٣٢٨ ه، وكانت يومئذٍ في الحلة وهو في الهندية:

أ ( هادي ) دجى الظلماء بنور جبينه

وأحسابه يجلوه إن أظلم الخطب

لقد أضرم الاعداء نار حقودهم

وما علموا في رشح جودك قد يخبو

غمام جود الوافدين إذا أمحل النادي، وشمس صباح السارين وبدرها ( الهادي )، حفظك الله الرحمن من طوارق الأسواء بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله النجباء.

أما بعد، فنحن بحمد الله المتعال ما زلنا في السرور، وما نزال - سيما بورود حديث فرح من ذوي شرف قديم وخصوص مسرور - من ذوي فضل عميم، يشعر أن الله قد حباك بنعمته الوافية، وخصك بسلامته الكافية، ونجاك من هذه الرائعة، فيالها من قارعة، فحمدنا الله على ذلك، وشكرناه على ما هنالك، وإلا لتركت مقلة المجد عبرى، ومهجة الفخر حرا، وأحنيت على وجد منا الضلوع، ومنعت من عيوننا طيب الهجود والهجوع، وتمثلنا بقول من قال:

٤٩

فديت ب ( المحصول ) كي يفتدي

أصلك محفوظاً بآل الرسول

***

ثم قال السيد جواد شبر معلقاً على هذه الحادثة:

وسبب كتابة هذه الرسالة ( كما روى الخطيب السيد محمد رضا في مؤلفه: الخبر والعيان في أحوال الأفاضل والأعيان ص ٦٤ في ترجمة السيد باقر بن السيد هادي المذكور ما نصه ):

ان السيد هادي دعاه بعض رؤساء العشائر إلى وليمة ليلاً، فخرج على فرسه، تحدق به جريرة من الخيل، منهم ولده السيد باقر وجماعة من خاصته وخدمه، وأخوه المرحوم السيد حسن، وكان الوقت صيفاً، فانعقد المجلس في الفضاء بجنب المضيف من قصب.

فبينا الناس قد شغلوا بنصب الموائد، وإذا بصوت الرصاص يُلعلع من فئة لها ثأر مع صاحب المضيف، ففزع القوم واضطربوا، وكان على رأس السيد هادي خادم واقف يقاله له ( محصول ) فأصابته رصاصة فسقط على أثرها قتيلاً، كما قتل ساقي الماء واُصيب آخرون، ثم ثار الحي ومن كان مدعوا للوليمة، فانهزم الغزاة راجعين. أما السيد هادي فقد ثبت في مكانه لم يتحرك ولم ينذعر.

وعندما رجع السيد هادي إلى بلاده سجد ولده السيد باقر شكراً لله على سلامة والده، وكتب من فوره إلى عم أبيه في الفيحاء أبي المعزّ السيد محمد هذين البيتين:

٥٠

بشراك في فاجعة أخطأت

وما سوى جدك خطاها

فدت مقادير إله الورى

أبي و( محصول ) تلقاها

فأجابه السيد يخاطب السيد هادي:

فديت ب ( المحصول ) كي يفتدى

أصلك محفوظاً بآل الرسول

والمثل السار بين الورى

خير من المـحصول حفظ الأصول(١)

___________________________________

(١) أدب الطف ٩: ٨٦، وانظر مستدركات أعيان الشيعة ٣: ٣٢، مجلة الموسم العدد ١٢ صفحة ٣٧٣.

٥١

(٦) أسماء بنت عقيل بن أبي طالب

قال ابن الأثير في تأريخه: لما دخل البشير على عمرو بن سعيد، فقال: ما وراءُك.

قال: ما سر الأمير، قتل الحسين بن علي!!!

فقال: ناد بقتله، فنادى، فصاحت نساء بني هاشم، وخرجت ابنة عقيل بن أبي طالب ومعها نساؤها حاسرة تلوي ثوبها وهي تقول:

ماذا تقولون إن قال النبي لكم

ماذا فعلتم وأنت آخر الاُمم

بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي

اُسارى وقتلى ضرجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوءٍ في ذوي رحمي

فلما سمع عمرو أصواتهن ضحك وقال:

عجّت نساء بني زيادٍ عجة

كعجيج نسوتنا غداة الأرنب

والأرنب: وقعة كانت لبني زبيد على بني زياد بن الحارث بن كعب، وهذا

٥٢

البيت لعمر بن معدي كرب، ثم قال: وعاية كواعية عثمان! (١) .

وذكر ذلك الطبري في تأريخه، إلا أنه ذكر البيتين الأولين فقط(٢) .

وقال ابن شهر آشوب في المناقب: لما قتل الحسينعليه‌السلام خرجت أسماء بنت عقيل تنوح وتقول:

ماذا تولون إن قال النبي لكم

يوم الحساب وصدق القول مسموع

خذلتم عترتي أوكنتم غيباً

والحق عند ولي الأمر مجموع

أسلمتموه بأيدي الظالمين فما

منكم له اليوم عند الله مشفوع

ما كان عنه غداة الطف إذ حضروا

تلك المنايا ولا عنهن مدفوع(٣)

وذكر ابن كثير في تاريخه عين الأبيات المذكورة أعلاه، ثم قال: وقد روى أبو مخنف عن سليمان بن أبي راشد، عن عبد الرحمان بن عبيد أبي الكنود: أن بنت عقيل هي التي قالت هذا الشعر، وهكذا حكى الزبير بن بكار: أن زينب الصغرى بنت عقيل بن أبي طالب هي التي قالت هذه الأبيات حين دخل آل الحسين المدينة النبوية. وروى أبو بكر بن الأنباري بإسناده أن زينب بنت علي

__________________________

(١) الكامل في التأريخ ٤: ٨٨.

(٢) تأريخ الطبري ٥: ٤٦٦.

(٣) مناقب آل أبي طالب ٤: ١١٦.

٥٣

ابن أبي طالب من فاطمة، وهي زوج عبدالله بن جعفر اُم بنية رفعت خباءها يوم كربلاء يوم قتل الحسين وقالت هذه الأبيات، فالله أعلم (١) .

***

__________________________________

(١) البداية والنهاية ٨: ١٩٨. وانظري: مقتل الحسين (عليه‌السلام ) للخوارزمي ٢: ٧٦، مقتل الحسين (عليه‌السلام ) للسيد ابن طاووس: ٧١، أعيان الشيعة ٣: ٣٠٥، رياحين الشريعة ٣: ٤٦.

٥٤

(٧) أُم البّراء بنت صفوان

من الشاعرات المواليات لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، والحاضرات معه في صفين، لها شعر تحض الرجال على القتال وتشجعهم في مواجهة العدو، ولها شعر ترثي به الإمام عليعليه‌السلام بعد أن قتله ابن ملجم لعنة الله عليه.

وقال ابن طيفور في بلاغات النساء: حدثنا العباس بن بكار، حدثنا سهيل بن أبي سفيان التميمي، عن أبيه، عن جعدة بن هبيرة المخزومي، قال: استأذنت اُم البراء بنت صفوان بن هلال على معاوية فأذن لها، فدخلت في ثلاثة دروع(١) تسحبها، وقد كان على رأسها كور(٢) كهيئة المنسف(٣) ، فسلمت ثم جلست، فقال: كيف أنت يا بنت صفوان؟.

قالت: بخير يا أمير المؤمنين.

قال كيف حالك؟.

قالت: ضعفت بعد جلد، وكسلت بعد نشاط.

___________________________________________

(١) درع المرأة: قميصها. الصحاح ٣: ١٢٠٦ « درع ».

(٢) كار العمامة على رأسه يكورها: أي لاثها، اي: دارها. الصحاح ٢: ٨٠٩ « كَوَرَ »، القاموس المحيط ٢: ١٢٩ « كور ».

(٣) المِنْسَف: ما ينسف به الطعام، وهو شيء طويل منصوب الصدر وأعلاه مرتفع. الصحاح ٤: ١٤٣١ « نسف ».

٥٥

قال: شتان بينك اليوم وحين تقولين:

يا عمرو دونك صارماً ذا رونق

عضب المهزة ليس بالخوار(١)

أسرج جوادك مسرعاً ومشمراً

للحرب غير معردٍ(٢) لفرار

أجب الإمام ودب تحت لوائه

وأغر العدو بصارم بتار

ياليتني أصبحت ليس بعورة

فأذب عنه عساكر الفجار

قالت: قد كان ذاك يا أمير المؤمنين، ومثلك عفا، والله تعالى يقول: ﴿عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ(٣) .

قال: هيهات أما أنه لو عاد لعدت، ولكنه اخترم دونك، فكيف قولك حين قتل؟.

قالت: نسيته.

فقال بعض جلسائه: هي والله حين تقول يا أمير المؤمنين (عليه‌السلام ):

يا للرجال لعظم هول مصيبة

فدحت فليس مصابها الهازل

___________________________

(١) العضب: السيف القاطع. الصحاح ١: ١٨٣ « عضب ».

(٢) عرد الرجل تعريداً: اذا فر. الصحاح ٢: ٥٠٨ « عرد ».

(٣) المائدة: ٩٥.

٥٦

الشمس كاسفة لفقد إمامنا

خير الخلائق والإمام العادل

يا خير من ركب المطي ومن مشى

فوق التراب لمحتف أو ناعل

حاشا النبي لقد هدّدَتَ قواءنا

فالحق أصبح خاضعاً للباطل

فقال معاوية: قاتلك الله يا بنت صفوان، ما تركت لقائل مقالاً! أذكري حاجتك.

قالت: هيهات بعد هذا والله لا سألتك شيئاً، ثم قامت فعثرت فقالت: تعس شانئ علي.

فقال: يا بنت صفوان زعمتي أن لا اُحبه؟

قالت: هو ما علمت(١) .

________________________________

(١) بلاغات النساء: ٧٥. وانظر: أعيان الشيعة ٣: ٤٧٥، أعيان النساء: ٤٦، رياحين الشريعة ٣: ٣٦٦.

٥٧

(٨) أُم حكيم البيضاء

بنت عبد الملطب بن هاشم، عمة النبي صلّى الله عليه وآله، كانت فصيحة اللسان بليغة الكلام، شاعرة.

اُمها: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.

وهي توأمة عبد الله، وقد اختلف في ذلك ولم يختلف أنها شقيقته وشقيقة أبي طالب والزبير. كانت عند كرز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، فولدت له عامراً وبنات.

وكانت كأخواتها شاعرة، ومن شعرها ما رثت به أباها عبد المطلب في حياته، وذلك انه جمع بناته في مرضه وهن: أروى، واُم حكيم البيضاء، واُميمة، وبرة، وصفية، وعاتكة. وأمرهن بأن يقلن في حياته ما يردن أن يرثينه بعد وفاته ليسمع ما تريد أن تقول كل واحدة منهن، فأنشأت كل واحدة منهن أبياتاً في رثائه فقالت اُم حكيم:

ألا يا عين جودي واستهلي

وابكي ذا الندى والمكرمات

ألا يا عين ويحك اسعفيني

بدمع من دموع هاطلات

وابكي خير من ركب المطايا

أباك الخير تيار الفرات

٥٨

طويل الباع شيبة ذي المعالي

كريم الخيم محمود الهبات(١)

***

__________________________________

(١) انظري: اُسد الغابة ٥: ٢٢٧، أعلام النساء ١: ٣٢، أعيان الشيعة ٣: ٢٤٧، رياحين الشريعة ٣: ٣٨٠.

٥٩

(٩) اُم ذر الغفاري

زوجة أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، الصحابي الجليل الذي ذكره الرسول صلّى الله عليه وآله بقوله: « ما أظلت الخضراء ولا اقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر ».

وهي شاعرة من شواعر العرب، لها صحبة مع رسول الله صلّى الله عليه وآله. وهي من المواليات لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ولها ذكر في وفاة أبي ذر.

وكان رسول الله صلى الله عيه وآله إذا أراد أن يبتسم قال لأبي ذر: « يا أبا ذر حدثنا ببدء اسلامك ».

قال أبو ذر: كان لنا صنم يقال له: نهم، فأتيته فصببت له لبناً ووليت، فحانت مني التفاتة فإذا لكلب يشرب ذلك اللبن، فلما فرغ رفع رجله فبال على الصنم، فأنشأت أقول:

ألا يا نهم إني قد بدا لي

مدى شرف يبعد منك قرباً

رأيت الكلب سامك حظ خسف

فلم يمنع قفاك اليوم كلباً

فسمعتني ام ذر فقالت: لقد أتيت جرماً، وأصبت عظماً، حين هجرت نهما.

فلما أخبرتها بالخبر فقالت:

الا فابغنا رباً كريماً

جواداً في الفضائل يا بن وهب

فما من سامه كلب حقير

فلم تمنع يداه لنا برب

٦٠