مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٨

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 478

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 478 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 243141 / تحميل: 4997
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

اعلم أنّ العلماء اختلفوا في هذه المسألة على قولين :

الأوّل : أنّ الله تعالى قادر بالمعنى المذكور. وهو مختار المصنّف وسائر المتكلّمين ، بل قاطبة الملّيّين.(١)

الثاني : أنّ الله تعالى فاعل على وجه الإيجاب ، بمعنى امتناع انفكاك ذاته تعالى عن إيجاد العالم مطلقا في الأزل ؛ لوجوب إيجاد العالم مع اعتبار الإرادة التي هي عين الذات وإن أمكن إيجاده وعدم إيجاده بالنسبة إلى الذات بدون اعتبار الإرادة ، فيكون الإيجاب بمعنى الموجبيّة بكسر الجيم. وهو مختار الحكماء ،(٢) مع احتمال القول بالموجبيّة بفتح الجيم ، فقد قال الشارح القوشجي : « ذهب الملّيّون قاطبة إلى أنّ تأثير الواجب تعالى في العالم بالقدرة والاختيار على معنى أنّه يصحّ منه فعل العالم وتركه. وذهب الفلاسفة إلى أنّ تأثيره تعالى فيه بالإيجاب ».(٣)

نعم ، أفاد الفاضل اللاهيجي أنّ الإيجاب الذي قال به الحكماء هو بمعنى دوام الفعل وقدم الأثر بسبب دوام المبادئ ، كالعلم والإرادة. وأمّا الإيجاب بمعنى عدم إمكان الترك عنه تعالى بالنظر إلى ذاته تعالى فلم يقل به أحد ،(٤) بمعنى أنّ الكلام في عدم الإمكان الوقوعي لانفكاك الفعل ، لا الإمكان الذاتي ، فيكون النزاع في ثبوت الموجبيّة بكسر الجيم دائما كما يقول الحكماء ، وعدمه كما هو مختار المتكلّمين ، لا الموجبيّة بفتح الجيم. وأمّا الموجبيّة ـ بكسر الجيم ـ في وقت ما كما اختاره المصنّف(٥) ومن يحذو

__________________

(١) « المغني » ٥ : ٢٠٤ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ١٥١ ؛ « المحصّل » : ٣٧٢ ـ ٣٧٤ ؛ « المطالب العالية » ٣ : ٩ ؛ « نقد المحصّل » : ٢٦٩ ـ ٢٧٧ ؛ « قواعد المرام » : ٨٢ ـ ٨٥ ؛ « مناهج اليقين » : ١٦٠ ـ ١٦٤ ؛ « إرشاد الطالبين » : ١٨٢ ـ ١٨٧.

(٢) انظر المصادر السابقة مضافا إلى « الشفاء » الإلهيات : ١٧٠ ـ ١٨٥ ؛ « التعليقات » : ١٩ ـ ٢٠ ؛ « التحصيل » : ٤٧٣ ؛ « المباحث المشرقية » ٢ : ٥١٧ ؛ « الأسفار الأربعة » ٤ : ١١١ ـ ١١٣ ؛ « شرح المنظومة » قسم الحكمة : ١٧٧ ـ ١٧٨.

(٣) « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠.

(٤) « شوارق الإلهام » : ٥٠٢.

(٥) « كشف المراد » ٣٠٥ و ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ؛ « شوارق الإلهام » ٥٠٣.

٦١

حذوه ،(١) وعدمها كما عن الأشاعرة ،(٢) فهي محلّ نزاع آخر بين المتكلّمين والملّيّين.

والحقّ مع المتكلّمين والملّيّين.

لنا على ذلك برهانان منحلاّن إلى براهين عقليّة ونقليّة.

أمّا البرهان العقلي ، فأمور :

منها : ما أشار إليه المصنّفرحمه‌الله بقوله :( وجود العالم بعد عدمه ينفي الإيجاب ) بمعنى أنّه إن كان تأثير الواجب بالذات في وجود العالم بعد العدم بعديّة حقيقيّة لا على وجه القدم ، لما كان على وجه الإيجاب ، ولكن تأثيره تعالى فيه بعد العدم بعديّة حقيقيّة لا على وجه القدم ، فلا يكون على وجه الإيجاب ، بل يكون على وجه القدرة والاختيار ، فيكون صاحب القدرة ومختارا ، لا موجبا.

أمّا الملازمة : فلما أفاد الخفري من أنّ المناسب في هذا الكتاب(٣) أن يفسّر الإيجاب المذكور هاهنا بامتناع انفكاك ذاته تعالى عن إيجاد العالم مطلقا في الأزل ،(٤) فلو كان تأثيره تعالى في وجود العالم على وجه الإيجاب لزم قدم العالم بالضرورة ، وهو مناف لكون تأثيره تعالى فيه بعد العدم لا على وجه القدم بالضرورة ، فثبوت أحد المتنافيين ينفي ثبوت الآخر ؛ لاستحالة اجتماع النقيضين بالبديهة ،

__________________

(١) انظر : « شرح الأصول الخمسة » ١٣١ ـ ١٤٤ و ٣٠١ وما بعدها ؛ « المغني » ٦ : ٣ وما بعدها و ١٧٧ وما بعدها ؛ « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ٨٥ ـ ٨٨ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ؛ « إرشاد الطالبين » : ٢٦٠ ـ ٢٦٣ ؛ « شوارق الإلهام » : ٥٠٣.

(٢) « شرح المواقف » ٨ : ١٩٥ ـ ٢٠٢ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٢٩٦ ـ ٣٠٦ و ٣٢١ و ٣٣٤ ؛ « مفتاح الباب » ١٦٧ ؛ « شوارق الإلهام » ٥٠٣.

(٣) يعني إذا كان وجوب الفعل عنه تعالى مع ضمّ العلم والإرادة متّفقا عليه بين المصنّف ومن يحذو حذوه وبين الحكماء وإن اختلفوا في أنّ الوجوب على وجه الدوام أو في وقت ما وكان عدم الوجوب بدون الانضمام أيضا متّفقا عليه بينهما ، ينبغي أن يفسّر الإيجاب بامتناع الانفكاك في الأزل ؛ لتعلّق علمه وإرادته ، فإذا ثبت حدوث العالم انتفى هذا الإيجاب بالضرورة ، فلا حاجة إلى الاستدلال الذي ذكره الشارح القوشجي.

نعم ، من أراد نفي الإيجاب بمعنى امتناع انفكاك الفعل عنه تعالى بالنظر إلى الذات يحتاج إليه. ( منه ).

(٤) « حاشية الخفري على إلهيات شرح القوشجي » الورق ٤ من المخطوطة.

٦٢

فيكون التأثير بعد العدم نافيا للإيجاب بمعنى وجوب صدور الفعل عنه تعالى دائما كما اختاره الحكماء ،(١) لا في وقت.

وقال الشارح القوشجي : « إنّ تأثيره تعالى في وجود العالم إن كان بالإيجاب يلزم قدمه ؛ إذ لو كان حادثا لتوقّف على شرط حادث لئلاّ يلزم التخلّف عن الموجب التامّ ، وذلك الشرط الحادث يتوقّف على شرط حادث آخر ، ويلزم التسلسل في الشروط الحادثة متعاقبة أو مجتمعة ، وكلاهما محال على زعم المصنّف وسائر المتكلّمين على ما مرّ في مبحث إبطال التسلسل ، فتأمّل ».(٢)

وبالجملة ، فالعقل يحكم ـ بالضرورة ـ بأنّ كون تأثير الواجب تعالى في العالم بعد العدم بعديّة حقيقيّة ينفي ما ذهب إليه الحكماء من أنّ مبادئ الأفعال الاختياريّة من العلم والقدرة والإرادة والمشيئة حاصلة له تعالى دائما ؛ لعينيّة صفاته تعالى ، فيكون الفعل أيضا دائما على وجه الإيجاب بالاختيار مع صحّة تركه عنه تعالى بالنظر إلى ذاته من دون انضمام تلك المبادئ ، وأولى منه القول بالإيجاب الاضطراري. مع أنّ الفاضل اللاهيجيّ قال : « لم يقل به أحد بناء على أنّ الكلام في الإمكان الوقوعي بالنسبة إلى الترك ، لا الذاتيّ ».(٣)

وأمّا الحمليّة : (٤) فلما تقدّم من أنّ العالم حادث ، وعدمه مقدّم على وجوده ، ولا شكّ أنّ تقدّم العدم على الوجود ليس ذاتيّا ولا طبيعيّا ؛(٥) إذ ليس لوجوده توقّف على عدمه حتّى يكون للعدم تقدّم ذاتيّ أو طبيعيّ ،(٦) وظاهر أنّه لا يتصوّر هاهنا

__________________

(١) انظر : « المغني » ٥ : ٢٠٤ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ١٥١ ؛ « المحصّل » : ٣٧٢ ـ ٣٧٤ ؛ « المطالب العالية » ٣ : ٩ ؛ « نقد المحصّل » : ٣٧٢ ـ ٣٧٤ ؛ « مناهج اليقين » : ١٦٠ ـ ١٦٤ ؛ « شوارق الإلهام » : ٥٠٢.

(٢) « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠.

(٣) « شوارق الإلهام » : ٥٠٢.

(٤) المراد بها استثناء المقدّم.

(٥) كذا في النسخ والصحيح : « طبعيّا » و « طبعيّ ».

(٦) كذا في النسخ والصحيح : « طبعيّا » و « طبعيّ ».

٦٣

من أقسام التقدّم سوى نحو الزمانيّ ، أو ما يشبه التقدّم بالذات ، بمعنى أنّ العدم يكون متحقّقا مع المتقدّم بالذات من غير أن يكون له ذات وزمان حتّى يكون متقدّما بالذات ، أو بالطبع ، أو بالزمان ، بل يكون متحقّقا مع الواجب بالذات المتقدّم ، وبهذا الاعتبار أطلق عليه المتقدّم ، فيكون العالم حادثا بهذا النحو ، كما دلّ عليه العقل كما مرّ.

مضافا إلى إجماع الملّيّين ، والحديث المشهور : « كان الله ولم يكن معه شيء »(١) والقدسيّ « كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف ، فخلقت الخلق لكي أعرف »(٢) ونحو ذلك من الأدلّة النقليّة المطابقة للعقل كما في دعاء العديلة « وجوده قبل القبل في أزل الآزال ، وبقاؤه بعد البعد من غير انتقال ولا زوال ».(٣)

ثمّ اعلم أنّه بيّن الفاضل المقدّس الأردبيليّ مراد المصنّف بوجه آخر ؛ حيث قال :

« واستدلّ المصنّفرحمه‌الله على ثبوته ـ يعني الاختيار ـ بالمعنى الأوّل ـ يعني أنّه يصحّ منه إيجاد العالم وتركه بالقصد ، فليس شيء منهما لازما لذاته ـ بأنّه لا شكّ في أنّ العالم ـ أي الشيء الذي غير الله مطلقا ـ حادث ، يعني : هاهنا مصنوع موجود حادث ، وذلك مستلزم للمطلوب ؛ إذ لا بدّ له من علّة مؤثّرة ، موجودة ، مستجمعة لشرائط التأثير ، موجبة ، فإن كانت موجبة بالمعنى المتقدّم أو منتهية إليها ، يلزم قدم الحادث ، وهو خلف ، وإلاّ فننقل الكلام إلى ذلك المؤثّر وهكذا ، فإمّا أن يلزم قدم الحادث ، أو يوجد مؤثّرات غير منتهية ، مجتمعة في الوجود ، وهو محال بالاتّفاق

__________________

(١) « التوحيد » : ٦٧ ، باب التوحيد ونفي التشبيه ، ح ٢٠ ؛ « صحيح البخاريّ » ٣ : ١١٦٦ ؛ « بحار الأنوار » ٥٤ : ١٦٨ / ١٠٩.

(٢) انظر : « الدرر المنتثرة » : ٢٢٧ و « الفتوحات المكّية » ٢ : ٣٩٣ ؛ « فصوص الحكم » : ٢٠٣ ؛ « التجلّيات الإلهيّة » : ١٠٠ ؛ « جامع الأسرار » : ١٠٢ ؛ « مصباح الأنس » : ١٦٤ ؛ « الأسفار الأربعة » ٢ : ٢٨٥.

(٣) لم يرد دعاء العديلة في كتب الروايات والأدعية سوى « مفاتيح الجنان » حيث ذكر مؤلّفه نقلا عن أستاذه أنّ هذا الدعاء هو من مؤلفات بعض أهل العلم.

٦٤

بين المتكلّمين والحكماء ،(١) والبرهان ؛ إذ لا بدّ من اجتماع الفاعل المؤثّر وجودا مع معلوله.

وإن تنزّلنا وقلنا : إنّ تلك الحوادث شروط لا يجب اجتماعها كالمعدّات ، فيلزم التسلسل في الأمور المترتّبة الموجودة ، وذلك أيضا محال عند المصنّف وسائر المتكلّمين ،(٢) ولا يضرّ عدم بطلانه عند الحكماء ؛(٣) لقيام الدليل على بطلانه كما مرّ في بطلان التسلسل ، وليس المراد من « العالم » جميع ما سوى الله ، بل واحد منه ؛ فإنّ « العالم » واحد ، ولهذا يجمع على « العالمين ». نعم ، قد يراد منه الجميع بحمل الألف واللام على الاستغراق ونحو ذلك ، فحاصل كلامهقدس‌سره جعل وجود حادث ما دليل القدرة.

ويمكن جعل دليل العلم أيضا دليلة ؛ فإنّ الفعل ـ المحكم ، المتقن ، المشتمل على أمور عجيبة ، ودقائق غريبة ، ومصالح غير متناهية ـ يدلّ على القدرة وهو ظاهر ، وقد عرفت أنّه لا بدّ من الانتهاء إلى القادر.

وأيضا يمكن جعل النصوص الكثيرة مثل :( إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٤) وإجماع الملّيّين أيضا دليل القدرة.

بل يمكن جعل دليل وجود الواجب دليله مثل أن يقال : من المعلوم لزوم عدم وجود شيء ما لم ينته إلى واجب ؛ إذ لو لا وجوده فمن أين يوجد؟ وهو ظاهر.

ويمكن جعل كونه قادرا دليل حدوث جميع العالم ؛ فإنّه لا بدّ من الانتهاء إلى

__________________

(١) « الشفاء » الإلهيّات : ٣٢٢ ؛ « النجاة » : ٢٣٥ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ٢٠ ؛ « المباحث المشرقية » ١ : ٥٩٦ ـ ٦٠٢ ؛ « المطالب العالية » ١ : ١٤١ ـ ١٥٧ ؛ « المحصّل » : ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ؛ « نقد المحصّل » : ٢٤٥ ـ ٢٤٧ ؛ « كشف المراد » : ١١٧ ـ ١١٩ ؛ « مناهج اليقين » : ١٥٧ ـ ١٥٨ ؛ « إرشاد الطالبين » : ١٦٦ ؛ « الأسفار الأربعة » ٢ : ١٤٤ ـ ١٦٩ ؛ « شوارق الإلهام » : ٢١٥ ـ ٢٢٦.

(٢) انظر المصادر ، هامش ١.

(٣) انظر المصادر ، هامش ١.

(٤) البقرة (٢) : ٢٠ ؛ آل عمران (٣) : ١٦٥ ؛ النور (٢٤) : ٤٥ ؛ العنكبوت (٢٩) : ٢٠ ؛ فاطر (٣٥) : ١.

٦٥

القادر المختار ، وقد عرفت أنّ فعله لا يمكن أن يكون قديما ؛ فإنّه يصحّ منه الفعل والترك ، ولا يلزمه الفعل. وعلى تقدير الإيجاب يلزم الاستلزام وعدم إمكان الانفكاك على ما مرّ تقريره من أنّه لا يمكن استناد القديم إلاّ إلى الموجب. وإلى هذا أشار المصنّف في مواضع :

مثل قوله متّصلا ببحث الماهيّة : « والقديم لا يجوز عليه العدم ؛ لوجوبه بالذات ، أو لاستناده إليه »(١) ومعناه لمّا امتنع استناد القديم إلى الفاعل بالاختيار ، فما ثبت قدمه امتنع عدمه ؛ لأنّه إمّا واجب لذاته ، وامتناعه ظاهر حينئذ ، وإمّا مستند إلى الواجب بالذات بلا واسطة أو بوسائط قديمة وإنّما كان يمتنع عدمه ؛ لوجوب دوام المعلول بدوام علّته.

ومثل قوله قبل ذلك : « والمؤثّر يفيد البقاء بعد الإحداث ، ولهذا جاز استناد القديم الممكن إلى المؤثّر الموجب لو أمكن »(٢) فإنّه إشارة ، بل تصريح بأنّ الممكن القديم لا يمكن صدوره إلاّ عن الموجب ، وهو ظاهر ، فافهم.

وأيضا الظاهر أن لا نزاع لأحد في ذلك ؛ فإنّ الحكماء أيضا يقولون :(٣) إنّ القديم لم يكن أثرا للمختار.

قال في شرح المواقف : « أثر القادر حادث اتّفاقا »(٤) ولهذا قال في الشرح في تقرير الدليل الثالث للإيجاب لهم : « والأزلي لم يكن أثرا للقادر »(٥) .

وممّا ذكرنا ظهر معنى قوله فيما سبق : « ولا قديم سوى الله ؛ لما سيأتي »(٦) أي من كونه تعالى قادرا مختارا ، بل من كونه موجودا ؛ فإنّه مستلزم لكونه قادرا مختارا

__________________

(١) « تجريد الاعتقاد » : ١١٩.

(٢) نفس المصدر السابق : ١٢٠.

(٣) انظر ص ٦١ هامش ١ و ٢.

(٤) « شرح المواقف » ٨ : ٥٤.

(٥) انظر « شرح تجريد العقائد » : ٣١١.

(٦) « تجريد الاعتقاد » : ١٢٠ ؛ « كشف المراد » : ٨٢.

٦٦

على ما مرّ ؛ فإنّا إذا أثبتنا ذلك ـ إمّا بوجود حادث ما كما ذكرناه ، أو بالدليل المذكور على أنّه عالم كما حرّرناه ، أو بالنصّ ـ وهو كثير ـ وإجماع أهل الملل ـ لزم حدوث جميع ما سوى الله ؛ إذ لو كان قديم واحد ، لزم إيجابه تعالى ؛ إذ لم يؤثّر في القديم إلاّ الموجب ، كما مرّ تفصيله ، فتأمّل.

ومن ذلك علم أنّه يمكن جعل القدرة دليل الحدوث ، لا العكس ، إلاّ أن يريد حدوث أمر واحد ، فيصحّ العكس كما مرّ تفصيله ، فثبت أنّه لا قديم سوى الله وجاء دليله ، فسقط ما قيل(١) [ من ] أنّه وعد بلا وفاء ، أو أنّه مجرّد دعوى بلا دليل مع ما قال في ديباجة الكتاب :(٢) لا يذكر إلاّ ما قاده [ إليه ] الدليل ، وأنّه لم يثبت حدوث العالم ، فكيف يقول : حدوث العالم بعد عدمه ينفي الإيجاب!؟ »(٣) .

وقال جمال العلماء بعد عنوان قول المصنّف : « وجود العالم بعد عدمه ينفي الإيجاب »(٤) : « قال الفاضل المعاصر(٥) : في الحواشي الفخريّة(٦) : يعني به البعديّة الزمانيّة ؛ إذ لا شكّ أنّ تقدّم العدم على الوجود ليس ذاتيّا ولا طبيعيّا ، وظاهر أنّه لا يتصوّر [ هاهنا ] من أقسام التقدّم الخمسة سوى الزماني.

وفيه ما أفاده والدي العلاّمة(٧) ـ طاب ثراه ـ من أنّ تقدّم عدم العالم على وجوده لو كان زمانيّا ، لزم أن يكون قبل كلّ زمان زمان لا إلى نهاية ، ويلزم القدم والزمان

__________________

(١) القائل هو الشارح القوشجي على ما نقله ملاّ جلال في حاشية « شرح تجريد العقائد » : ٧١ وهو تعريض بقول الطوسي في أوائل كتاب « تجريد الاعتقاد ».

(٢) أي ديباجة « تجريد الاعتقاد » : ١٠١.

(٣) « الحاشية على إلهيات الشرح الجديد » للأردبيليّ : ٤٠ ـ ٤٣.

(٤) « تجريد الاعتقاد » : ١٩١.

(٥) هو ميرزا إبراهيم بن ملاّ صدرا. انظر « الحاشية على حاشية الخفري على شرح التجريد » لآقاجمال الخوانساري : ٣٢١.

(٦) هي حواشي الميرزا فخر الدين محمد بن الحسين الأسترآبادي على « شرح التجريد » للقوشجي ، ألّفها في سنة ٩٦٥ ، انظر : « الذريعة » ١ : ٩٩.

(٧) ما أفاده من تعليقات على الشرح الجديد لم يطبع لحدّ الآن.

٦٧

الموهوم الذي أثبته الأشاعرة قبل وجود العالم(١) ، وهو غير صحيح عند المحصّلين من المتكلّمين ومنهم المصنّف كما يظهر من تصفّح كلامهم.(٢)

وأيضا ما ذكره ـ من أنّ تقدّم العدم على الوجود ليس ذاتيّا ولا طبيعيّا ـ ممنوع عند الحكماء كما صرّحوا به في إثبات الحدوث الذاتي(٣) . انتهى(٤) .

والظاهر ـ كما يستفاد من كلام الشارح في بحث الأمور العامّة(٥) ـ أنّ مراد المصنّف من البعديّة هاهنا هو البعديّة بالذات التي أثبتها المتكلّمون(٦) وجعلوها قسما سادسا ، وزعموا أنّ تقدّم أجزاء الزمان بعضها على بعض من هذا القبيل.

لكنّ التحقيق أنّه لا محصّل له ؛ إذ لا نجد له معنى معقولا سوى الخمسة ، بل الظاهر أنّه تقدّم بالزمان ؛ فإنّ ذلك التقدّم إذا عرض لغير الزمان كان بواسطة زمان مغاير للسابق والمسبوق. وإن عرض لأجزاء الزمان لم يحتج إلى زمان مغاير لهما. وإن عرض للزمان وغيره ، فلا بدّ أن يكون لذلك الغير زمان. وأمّا الزمان فلا يحتاج إلى زمان آخر ، وحينئذ فعدم الزمان يجب أن يكون في زمان لكن يكفي فيه الزمان الموهوم ، وحينئذ فلا بدّ من القول بالزمان الموهوم. وسنحقّق القول فيه عن قريب إن شاء الله تعالى.

وأمّا ما ذكره في ذيل « أيضا » فيرد عليه : أنّ مراده أنّه ظاهر أنّه ليس تقدّم عدم الزمان على وجوده تقدّما ذاتيّا ، لا أنّه لا يمكن تقدّم العدم على الوجود تقدّما ذاتيا أصلا ، فاندفع المنع الذي ذكره. على أنّ فيما ذكره الحكماء في إثبات الحدوث الذاتي ـ من تقدّم عدم الممكن على وجوده تقدّما ذاتيا البتّة ـ تأمّلا ليس هاهنا

__________________

(١) انظر المصادر المذكورة في ص ٥٠ هامش ١.

(٢) انظر المصادر المذكورة في ص ٥٠ هامش ١.

(٣) راجع المصادر في ص ٤٨ ـ ٤٩ هامش ١.

(٤) أي كلام الفاضل المعاصر.

(٥) الشارح هنا هو القوشجي ، انظر : « شرح تجريد العقائد » : ٣٩.

(٦) انظر المصادر المتقدّمة في ص ٥٠ هامش ١ و ٣.

٦٨

موضع تحقيقه ، فافهم.

ثمّ قال(١) ـ سلّمه الله تعالى ـ : « ثمّ أقول : يشبه أن يقال : إذا كان زمان وجود العالم متناهيا في جانب البداءة ـ كما هو مذهب الملّيّين(٢) ـ كان للعدم تقدّم عليه ـ سوى التقدّم الذاتي الذي أثبته الفلاسفة(٣) لعدم الممكن على وجوده ، المعبّر عنه بالحدوث الذاتي ـ شبيه بالتقدّم الزماني الذي للحوادث الزمانيّة ، ولأجزاء الزمان بعضها على بعض عندهم في عدم اجتماع السابق والمسبوق.

والفرق أنّ لتقدّم الزمانيّات ملاكا في الخارج متجدّدا متصرّما مستمرّا ، يعرض لأجزاء ما يحصل من تجدّدها وتصرّمها واستمرارها في الخيال ذلك التقدّم أوّلا وبالذات ، ثمّ بتوسّطها يعرض للحوادث ، ولهذا يعرض له خواصّ التقدّر والتكمّم ، بخلاف تقدّم العدم على وجود العالم على مذهب الملّيّين(٤) ؛ فإنّه ليس له مثل ذلك الملاك ، ولا يمكن تقديره وتعيينه ، ولا يكون فيه قرب وبعد ، وزيادة ونقصان إلاّ بمحض التوهّم.

ونظير ذلك ما قالوا(٥) : إنّ فوق محدّد الجهات لا خلاء ولا ملاء مع أنّ الفوقيّة متحدّدة به ، فكما أنّ العقل هناك يعلم من تناهي البعد المكاني أنّ وراءه عدما صرفا ونفيا محضا ، وينتزع من ذلك ويحكم بمعونة الوهم أنّ لهذا العدم المحض فوقيّة ما على المكان والمكانيّات ، كفوقيّة بعض أجزاء المكان على بعض مع أنّه لا مكان هناك ، كذلك هاهنا يعلم من تناهي الزمان والزمانيّات في جانب البداءة أنّ وراءها عدما صرفا ونفيا محضا ، وينتزع من ذلك ويحكم بأنّ لهذا العدم الصرف قبليّة ما

__________________

(١) أي قال الفاضل المعاصر.

(٢) راجع الهامش ١ من ص ٥٠ أعلاه.

(٣) انظر المصادر المتقدّم ذكرها في ص ٥٠.

(٤) انظر المصادر المتقدّم ذكرها في ص ٥٠.

(٥) أي قول الحكماء في الطبيعيّات. انظر : « الشفاء » الطبيعيّات ١ : ٢٤٦ ؛ « النجاة » : ١٣٠ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٢ : ١٧٠ وما بعدها ؛ « التحصيل » : ٦٠٦ ـ ٦١٢.

٦٩

على وجود العالم والزمان ، شبيهة بقبليّة أجزاء الزمان بعضها على بعض. وهذا هو المراد من قول المصنّف : « وجود العالم » إلى آخره ، بل هذا هو الحدوث الزماني المتنازع فيه بين الملّيّين والفلاسفة ، ولا يلزم من ذلك وجود زمان قبل الزمان ، بل مجرّد ذلك الزمان الموجود مع ملاحظة تناهيه كاف في انتزاع الوهم وحكم العقل بهذه القبليّة. وليس هذا إثبات الزمان الموهوم كما ليس ذلك إثبات المكان الموهوم ، فتدبّر » انتهى(١) .

وأنت خبير بأنّ سبق العدم على الزمان ـ على ما أفاده ـ لا يرجع إلاّ إلى كون الزمان متناهيا من غير أن يكون سبق عدم حقيقة ، بل بمحض التوهّم ، وهذا ليس إلاّ القول بالقدم بالحقيقة ؛ لأنّه إذا لم يكن انفصال بين ذات الواجب تعالى وبين العالم ، ولا يمكن أن يقال : إنّه كان الواجب ولم يكن العالم ، فيكون العالم قديما البتّة ، ولو أطلق عليه الحادث ، فلا يكون إلاّ بمجرّد الاصطلاح في إطلاق « القديم » و « الحادث » على ما كان زمانه متناهيا وغير متناه ، وهو لا يفيد.

وبالجملة ، إنّه لا بدّ على طريقة الملّة من القول بوجود إله العالم بدون العالم بأن يكون بينهما انفصال. وعلى ما ذكره هذا الفاضل لا يكون كذلك ، بل يكون وجود العالم متّصلا بوجوده تعالى من غير انفكاك ولا انفصال بينهما. ولو جوّز هذا فلم لا يجوّز كونه غير متناه أيضا؟ إذ لا يلزم فيه إلاّ عدم الانفصال وهو قد لزم في صورة التناهي أيضا.

لا يقال : إنّه ليس وجود الواجب تعالى زمانيّا ، فلا معنى لاتّصال العالم بالواجب وانفكاكه عنه.

لأنّا نقول : فعلى هذا إذا كان الزمان غير متناه أيضا ، لا اتّصال للعالم به تعالى فلم لم يجوّزه؟

__________________

(١) أي انتهى كلام الفاضل المعاصر.

٧٠

والحلّ : أنّا لا نقول : إنّه يجب أن يكون زمان يصحّ أن يقال : كان الواجب فيه ولم يكن العالم ، حتّى يرد ما ذكرت ، بل الغرض أنّه يجب أن يتحقّق انفصال بين الواجب والعالم يصحّ فيه قولنا : « كان الواجب ـ على المعنى الذي يصحّ الآن ـ ولا يكون العالم فيه » ولم يتحقّق ذلك على ما أفاده هذا الفاضل.

هذا ، على أنّ الظاهر أنّه كما يقال في الأجسام : إنّه زمانيّ ، بمعنى أنّ وجوده مقارن لوجود الزمان ، يصحّ ذلك في شأن الواجب تعالى أيضا ؛ إذ يصدق أنّ وجوده تعالى مقارن لوجود الزمان.

نعم ، لا يصحّ أن يقال : إنّه زمانيّ ، بمعنى أنّ وجوده ينطبق على الزمان مثل الحركة ، ولا يصحّ ذلك في الجسم أيضا ، وعلى هذا فلا إشكال أصلا.

هذا ما يخطر بالبال ، على سبيل الاحتمال ، فإن كان من الحقّ ، فهو الحقّ ، وإن كان من الوساوس الشيطانيّة ، فنعوذ بالله منه. والله يعلم حقيقة الحال.

وأمّا النظير الذي ذكره من قولهم : « لا خلاء ولا ملاء فوق المحدّد » فهو قول على سبيل التوسّع ، والمقصود أنّه لا شيء وراءه بدون توهّم فوقيّة أصلا ، فلا يصلح للتنظير. على أنّه ـ على تقدير صحّته ـ ممّا لا يفيد بعد ما بيّنّا أنّه لا يجوز أن يكون حدوث العالم بهذا الوجه ، فتأمّل »(١) . انتهى ما أردنا ذكره من كلامه(٢) ؛ ويظهر ماله وعليه ممّا ذكرنا في مقامه.

وبالجملة ، فهذه الجملة بيان لوجه واحد من الوجوه العقليّة لإثبات القدرة.

ومنها : ما يستفاد ممّا حكيناه من كلام المقدّس الأردبيلي.

ومنها : ما أشرنا إليه من أنّ القدرة صفة كمال لا يقتضي ثبوتها على وجه العينيّة نقص صاحبها ، وكلّ ما هو كذلك فهو ممكن الثبوت في حقّه تعالى على وجه

__________________

(١) « الحاشية على حاشية الخفري على الشرح الجديد » لجمال العلماء ٩٩ ـ ١٠٣.

(٢) أي من كلام جمال العلماء الخوانساريّ.

٧١

العينيّة ، وكلّ ما هو كذلك فهو ثابت كذلك على سبيل الوجوب بمقتضى وجوب الوجود.

ومنها : أنّ الاضطرار نقص مناف لوجوب الوجود ، فيتعيّن الاختيار ؛ لأنّ الواسطة غير معقولة.

ومنها : أنّ العالم لا يخلو من الحركة والسكون المستدعيين للمسبوقيّة ، المستدعية للحدوث المنافي للقدم المقتضي لوجود المحدث المختار. هذا ما يتعلّق ببيان البراهين العقليّة.

وأمّا البراهين النقليّة ، فكثيرة :

منها : قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (١) فإنّها تدلّ على أنّ الله قادر بالقدرة الواقعيّة باعتبار جزأيها بأن شاء الترك فترك ، وشاء الفعل ففعل بإحياء الموتى ونحوه سيّما بالنسبة إلى عزير.

فعن مولانا عليّعليه‌السلام : « إنّ عزيرا خرج من أهله وامرأته حامل وله خمسون سنة ،

__________________

(١) البقرة (٢) : ٢٥٨ ـ ٢٦٠.

٧٢

فأماته الله مائة سنة ، ثمّ بعثه ، فرجع إلى أهله ابن خمسين سنة وله ابن له مائة سنة فكان ابنه أكبر منه ، فذلك من آيات الله »(١) .

وقيل : إنّه رجع وقد أحرق بخت نصّر التوراة فأملاها من ظهر قلبه ، فقال رجل منهم : حدّثني أبي عن جدّي أنّه دفن التوراة في كرم ، فإن أريتموني في كرم جدّي أخرجتها لكم ، فأروه فأخرجها ، فعارضوا ذلك بما أملى ، فما اختلفا في حرف ، فقالوا : ما جعل الله التوراة في قلبه إلاّ وهو ابنه ، فقالوا : عزير ابن الله(٢) .

وكذا إحياء أربعة من الطير ، وهي : الطاوس والديك والحمام والغراب ، كما عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (٣) ؛ فإنّه يدلّ على أنّ الله قادر عزيز قويّ لا يعجز عن شيء ، بل تذلّ الأشياء له ولا يمتنع عليه شيء.

ومنها : قوله تعالى :( لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .(٤)

ومنها : قوله تعالى :( أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٥) بمعنى أنّه تعالى قدير على نصركم فيما بعد أيضا ، كما نصركم يوم بدر فأصبتم مثلي ما أصابكم يوم أحد ، من جهة مخالفتكم باختياركم الفداء من الأسرى يوم بدر ، وكان الحكم فيهم القتل وقد شرط عليكم بأنّكم إن قبلتم الفداء قتل منكم في القابل بعدّتهم ، فقلتم : رضينا فإنّا نأخذ

__________________

(١) « مجمع البيان » ٢ : ١٧٤ و ١٧٨.

(٢) « مجمع البيان » ٢ : ١٧٤ و ١٧٨.

(٣) انظر : « مجمع البيان » ٢ : ١٧٤ ؛ « تفسير القمّي » ١ : ٨٦ ـ ٩١ ؛ « تفسير العياشيّ » ١ : ١٥٩ ـ ١٦٦ ؛ « التبيان » ٢ : ٣٢٠ ـ ٣٣١ ؛ « البرهان في تفسير القرآن » ١ : ٢٤٦ ـ ٢٥٢ ؛ « الصافي » ١ : ٢٦٤ ـ ٢٧٢ ؛ « كنز الدقائق » ١ : ٦٢٢ ـ ٦٣٩ ؛ « الدرّ المنثور » ٢ : ٢٦ ـ ٣٦ ؛ « الكشّاف » ١ : ٣٠٥ ـ ٣١٠.

(٤) البقرة (٢) : ٢٨٤.

(٥) آل عمران (٣) : ١٦٥.

٧٣

الفداء وننتفع به ، وإذا قتل منّا فيما بعد كنّا شهداء. كما عن عليّعليه‌السلام (١) ، أو نحو ذلك(٢) .

ومنها : قوله تعالى :( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٣) .

ومنها : قوله تعالى :( أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ* بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ ) (٤) .

ومنها : ما رواه في « الكافي » في باب الصفات ـ في الصحيح على الصحيح ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « خلق الله المشيئة بنفسها ، ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة »(٥) لدلالته على أنّ الله تعالى خلق المشيئة ـ التي هي عبارة عن الإرادة الحادثة ـ بنفسها من غير توسّط مشيئة أخرى ليلزم التسلسل كجعل النور مضيئا بنفسه والمنوّر مضيئا بالنور ، وخلق الموجود بالوجود والوجود بنفسه ، ثمّ خلق بتلك المشيئة الحادثة الأشياء ، فيدلّ على أنّ تأثير الواجب بالذات في المخلوقات والممكنات على وجه الحدوث الفعلي الذي يقول به الملّيّون سيّما بملاحظة كلمة « ثمّ » فيلزم القدرة الفعليّة بتحقّق الجزء السلبيّ والإيجابيّ معا.

ومنها : الصحيح الآخر عنهعليه‌السلام ، قال : « المشيئة محدّثة »(٦) ووجه الدلالة مثل ما مرّ.

ومنها : الآخر عنهعليه‌السلام : « لم يزل الله عزّ وجلّ ربّنا ، والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور ، فلمّا أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم ، والسمع على المسموع ، والبصر

__________________

(١) « تفسير القمّي » ١ : ١٢٦ ـ ١٢٧ ؛ « تفسير العياشيّ » ١ : ٢٢٩ / ١٦٩ ؛ « التبيان » ٣ : ٤٠ ـ ٤١ ؛ « مجمع البيان » ٢ : ٤٣٦ ؛ « روح الجنان » ١ : ٦٨٠ ـ ٦٨١.

(٢) « تفسير القمّي » ١ : ١٢٦ ـ ١٢٧ ؛ « تفسير العياشيّ » ١ : ٢٢٩ / ١٦٩ ؛ « التبيان » ٣ : ٤٠ ـ ٤١ ؛ « مجمع البيان » ٢ : ٤٣٦ ؛ « روح الجنان » ١ : ٦٨٠ ـ ٦٨١.

(٣) المائدة (٥) : ٤٠.

(٤) القيامة (٧٥) : ٣ ـ ٤.

(٥) « الكافي » ١ : ١١٠ باب الإرادة أنّها من صفات الفعل ح ٤ ؛ « التوحيد » : ١٤٨ باب صفات الذات ح ١٩.

(٦) « الكافي » ١ : ١١٠ باب الإرادة أنّها من صفات الفعل ح ٧ ؛ « التوحيد » : ١٤٧ باب صفات الذات ح ١٨.

٧٤

على المبصر ، والقدرة على المقدور »(١) لدلالته على ثبوت القدرة ـ كالعلم ونحوه من صفات الذات ـ له تعالى ، وأنّه خلق بالمشيئة والإرادة الحادثة ـ المقدّرة على وفق نظام الكلّ ـ كلّ شيء بعد أن لم يكن ، كما أنّه تعالى علم بكلّ شيء بالعلم الذي هو عين ذاته.

والمقصود أنّ علمه تعالى قبل الإيجاد هو بعينه علمه بعد الإيجاد ، والمعلوم قبله هو بعينه المعلوم بعده ، وهكذا المقدور ونحوه من غير تفاوت وتغيّر في العلم والقدرة ونحوهما ، ولكنّ المعلوم بوصف المعلوميّة والمقدور بوصف المقدوريّة ونحوهما من الحوادث ، فيدلّ على حدوث الاتّصاف بوصف المعلوميّة والمقدوريّة ، لا حدوث التعلّق كما هو ظاهر الذيل لصرف الصدر كما لا يخفى ، مضافا إلى العقل ؛ لدلالته على أنّ علمه تعالى متعلّق بالمعلوم قبل الإيجاد وبعده على نحو واحد ، وهو المذهب الصحيح الذي ذهب إليه الإماميّة(٢) .

والحاصل : أنّ الحديث يدلّ على أنّ المعلوم بوصف المعلوميّة في مقام ذاته حادث وإن كان العلم به على وجهه حاصلا في مقام ذات العلّة ، وكان معلوميّته في مقام ذات العلّة أيضا حاصلة كعالميّة العلّة ، كما هو مقتضى وصف التضايف في المتضايفين.

وتوهّم (٣) دلالته على أنّ علمه تعالى قديم ، وتعلّقه حادث ، أو على أنّ العلم على قسمين : ذاتيّ وفعليّ ، والذاتيّ قديم والفعليّ حادث فاسد ؛ لأنّ ذاته تعالى علّة تامّة للمعلولات وهو تعالى عالم بالعلم التامّ بذاته الذي هو علّة تامّة ، والعلم التامّ بالعلّة التامّة علّة تامّة للعلم التامّ بالمعلولات ، فهو عالم بالمعلولات بتفصيلها الذي هو من

__________________

(١) « الكافي » ١ : ١٠٧ باب صفات الذات ح ١ ؛ « التوحيد » : ١٣٩ باب صفات الذات ح ١.

(٢) انظر : « شرح أصول الكافي » للمازندرانيّ ٣ : ٣١٥ ـ ٣٢١ ؛ « شرح أصول الكافي » لملاّ صدرا : ٢٧٤ ـ ٢٧٨ ؛ « الأسفار الأربعة » ٣ : ٤٠٧ ـ ٤١٧ ؛ « شوارق الإلهام » : ٥٠٩ وما بعدها ؛ « مرآة العقول » ٢ : ٩ ـ ١٠.

(٣) راجع « شرح أصول الكافي » للمازندرانيّ ٣ : ٣١٩ ـ ٣٢١.

٧٥

المعلولات أيضا في مقام الذات ، كما سيأتي إن شاء الله.

ومنها : ما ذكره مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام في الخطبة الغرّاء : « وأستعينه قاهرا قادرا »(١) .

ومنها : قولهعليه‌السلام في الخطبة الأخرى : « فطر الخلائق بقدرته »(٢) .

ومثله ما يدلّ على أنّه تعالى ذو القدرة التامّة الكاملة ، كقول الصادقعليه‌السلام : « فذلك الشيء هو الله القادر »(٣) .

إلى غير ذلك من الأدلّة السمعيّة الدالّة على أنّ تأثير الله تعالى في وجود العالم بالقدرة والاختيار من غير إيجاب واضطرار كتأثير الشمس والنار فيما هو من لوازم ذاتهما كالإشراق والإحراق والإضرار.

وأمّا ما ذكره في خطبته الأخرى ـ من قولهعليه‌السلام : « أوّل الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال التوحيد الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ؛ لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة ، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه »(٤) ـ فمعناه أنّ كمال التوحيد نفي الصفات الزائدة عنه ؛ بشهادة قوله : « لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف » إلى آخره ؛ لدلالته على أنّ المراد نفي الصفات الزائدة عنه تعالى ؛ بقرينة ذكر المغايرة والمقارنة والتثنية في وجوب الوجود ، والتجزئة والتركّب في ذاته من أمور عديدة ؛ على أنّه معارض بالأقوى من العقل والنقل الكتابيّ والخبريّ.

__________________

(١) « نهج البلاغة » : ١١٦ ، الخطبة ٨٣.

(٢) نفس المصدر : ١٣ ، الخطبة ١.

(٣) « تفسير الإمام العسكرىّ » : ٢٢ ؛ « التوحيد » : ٢٣١ باب معنى بسم الله الرحمن الرحيم ، ح ٥ ؛ « معاني الأخبار » : ٥ باب معنى الله عزّ وجلّ ؛ « البرهان في تفسير القرآن » ١ : ٤٥ ذيل تفسير البسملة ، ح ٨.

(٤) « نهج البلاغة » : ١٤ ـ ١٥ ، الخطبة ١.

٧٦

[ دلائل المخالفين النافين لقدرة الله ؛ والجواب عنها ]

اعلم أنّ المخالفين النافين(١) لقدرة الله تمسّكوا في نفيها بوجوه :

الأوّل : ما هو كالاعتراض على الدليل المذكور ، وهو أنّ دليلكم يدلّ على أنّ مؤثّر العالم مختار قادر ، ولا يدلّ [ على ] أنّ واجب الوجود هو القادر ؛ لجواز أن يكون الواجب تعالى موجبا لذاته اقتضى على سبيل الإيجاب معلولا قديما قادرا ليس بجسم ولا جسمانيّ يؤثّر في العالم على سبيل القدرة والاختيار.

وأشار المصنّف إلى الجواب عنه بقوله :( والواسطة غير معقولة ) بمعنى أنّا بيّنّا حدوث العالم ـ بمعنى ما سوى الله ـ بجملته وأجزائه وجزئيّاته ، وثبوت الواسطة بين ذات الله تعالى وبين العالم ـ بمعنى مطلق ما سواه ـ غير معقول ، بل عقل كلّ ذي عقل يحكم بفساده. هكذا قرّر العلاّمةرحمه‌الله (٢) بل الشارح القوشجي(٣) وغيره.(٤)

ويمكن تقريره بوجه آخر(٥) بأن يقال : إذا انتفى كونه موجبا ، تعيّن أن يكون قادرا مختارا ؛ إذ لا واسطة بينهما ؛ لأنّ صدور الفعل إمّا أن يكون مع جواز أن لا يصدر عنه ، أو مع امتناع أن لا يصدر عنه ، فإن كان الأوّل كان المؤثّر قادرا. وإن كان الثاني كان المؤثّر موجبا ، ولا يعقل بينهما واسطة.

وقال المحقّق الأردبيليّرحمه‌الله بعد عنوان قوله : « والواسطة غير معقولة » : « يحتمل أن يكون إشارة إلى بطلان الاحتمال المذكور في الشرح(٦) بأنّ ذلك الاحتمال قول باطل غير معقول لا يقول به متكلّم ولا حكيم ؛ لأنّ دليل الحكيم على الإيجاب يقتضي أن

__________________

(١) انظر « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠.

(٢) « كشف المراد » : ٢٨١.

(٣) « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠.

(٤) « الحاشية على إلهيّات الشرح الجديد » : ٤٣ ـ ٤٤ ؛ « شوارق الإلهام » : ٥٠٣ ـ ٥٠٤.

(٥) انظر : « شوارق الإلهام » : ٥٠٤.

(٦) « شرح تجريد العقائد » : ٣١٠.

٧٧

لا يكون قادر أصلا ، بل نقل في حواشي المطالع العلاّمة الدواني(١) : أنّ ذلك تحقيق مذهبهم وإن قال الشارح غير ذلك من أنّ العبد فاعل مختار عندهم(٢) ، أو لأنّ الله تعالى لا يصدر منه ذو إرادة ؛ فإنّه متعدّد وهو واحد من جميع الوجوه ولا يصدر منه إلاّ واحد كذلك أو لأنّ ذلك الواحد إنّما يكون عقلا والإيجاب كمال ولا بدّ من حصول جميع ما يكون كمالا للعقل عندهم. »

قال في شرح المواقف : فأنكر الحكماء القدرة بالمعنى المذكور ؛ لاعتقادهم أنّه نقصان ، وأثبتوا له الإيجاب ؛ زعما منهم أنّه الكمال التامّ(٣) .

وأمّا ما ذكره الشارح(٤) واعترض عليه فهو ما ذكره في المواقف وأورد ذلك الاعتراض حيث قال : « الله تعالى قادر ، وإلاّ لزم أحد الأمور الأربعة : إمّا نفي الحادث ، أو عدم استناده إلى المؤثّر ، أو التسلسل ـ بالمعنى المتقدّم ـ أو تخلف الأثر عن المؤثّر الموجب التامّ. وبطلان اللوازم دليل بطلان الملزوم.

أمّا بيان الملازمة : فهو أنّه إمّا أن لا يوجد حادث أو يوجد ، فإن لم يوجد فهو الأمر الأوّل. وإن وجد فإمّا أن لا يستند إلى مؤثّر أو يستند ، فإن لم يستند فهو الثاني. وإن استند فإمّا أن لا ينتهي إلى قديم أو ينتهي ، فإن لم ينته فهو الثالث. وإن انتهى فلا بدّ هناك من قديم يوجب حادثا بلا واسطة دفعا للتسلسل ، فيلزم الرابع.

وأمّا بطلان اللوازم : فالأوّل بالضرورة ، والثاني بما علمت من أنّ الممكن محتاج إلى مؤثّر ، والثالث بما مرّ في مباحث التسلسل ، والرابع بأنّ الموجب التامّ ما يلزمه أثره وتخلّف اللازم عن الملزوم محال(٥) .

قال في الشرح : وقيل هذا الدليل برهان بديع لا يحتاج إلى إثبات حدوث العالم

__________________

(١) « حاشية حاشية شرح المطالع » الورقة ٥٠.

(٢) « شرح تجريد العقائد » : ٣٤١.

(٣) « شرح المواقف » ٨ : ٤٩.

(٤) نفس المصدر ، ص ٥٠.

(٥) « المواقف » ضمن « شرح المواقف » ٨ : ٥٠.

٧٨

وقد تفرّد به المصنّف(١) .

وقال صاحب المواقف بعد تقرير الدليل بطوله : وإن شئت قلت ـ أي في إثبات كونه قادرا ـ : لو كان البارئ تعالى موجبا بالذات ، لزم قدم الحادث. والتالي باطل ؛ إذ لو حدث لتوقّف على شرط حادث ، وحينئذ يتسلسل(٢) .

ثمّ قال : واعلم أنّ هذا الاستدلال إنّما يتمّ بأحد طريقين : الأوّل : أن يبيّن حدوث ما سوى ذات الله تعالى ، وأنّه لا يجوز قيام حوادث متعاقبة لا نهاية لها بذاته(٣) . فاعتراض الشارح(٤) هو ما ذكره مع شيء زائد.

والظاهر أنّ مراده(٥) أنّه يرد على الدليل على هذا المطلب سواء قرّر على الوجه الذي ذكره أوّلا مفصّلا ، أو اختصر بقوله : « وإن شئت » ، وأنّ ذلك اختصار للدليل الأوّل ، لا أنّه دليل آخر غير ذلك ، وأنّ الإيراد وارد على الكلّ.

فقوله : « قيل » باطل. وكذا حمل السيّد الشارح قول المصنّف : « وإن شئت » على أنّه دليل آخر ؛ حيث قال ـ بعد قول المصنّف : « واعلم أنّ هذا الاستدلال لا يتمّ » ـ : أي الذي أشار إليه بقوله : « وإن شئت قلت »(٦) وقال أيضا : « ولقائل أن يقول »(٧) فجعل ذلك دليلا آخر غير الأوّل ، مع أنّه ليس إلاّ اختصار ذلك ، كما فهمه صاحب « قيل » وهو باطل.

وكذا قوله بعده : « واعلم ـ إلى قوله ـ ولقائل أن يقول : ذلك البرهان البديع لا يتمّ أيضا إلاّ بالطريق الأوّل ؛ إذ لو جاز قديم سوى ذاته تعالى وصفاته أو جاز تعاقب

__________________

(١) « شرح المواقف » ٨ : ٥١.

(٢) نفس المصدر مع اختلاف في المنقول.

(٣) نفس المصدر مع اختلاف في المنقول.

(٤) « شرح المواقف » ٨ : ٥١.

(٥) أي مراد صاحب المواقف من قوله : « واعلم » وقوله : « إن شئت ».

(٦) « شرح المواقف » ٨ : ٥١.

(٧) « المواقف » ضمن « شرح المواقف » ٨ : ٥٢.

٧٩

صفاته التي لا تتناهى ، لم يلزم الأمر الرابع ، أعني التخلّف عن المؤثّر التامّ.

أمّا على الأوّل : فلأنّه جاز أن يكون ذلك القديم مختارا كما مرّ.

وأمّا على الثاني : فلجواز استناد الحادث إلى الموجب بتعاقب حوادث لا تتناهى ، وليس يلزم على شيء من هذين تخلّف الأثر عن المؤثّر الموجب التامّ ؛ لأنّ مؤثّره إمّا مختار مع كون البارئ تعالى موجبا ، وإمّا غير تامّ في المؤثّريّة ؛ لتوقّف تأثيره فيه على شرائط حادثة غير متناهية قائمة بذاته تعالى »(١) .

على أنّ الأوّل يدفع بما مرّ ، والثاني قد يدفع بدليل بطلان التسلسل مطلقا.

ثمّ إنّه يحتمل أن يدفع كون الواجب موجبا ، ويثبت كونه تعالى قادرا بأنّه نقص ، بل يلزم أن يكون أنقص من مخلوقه ؛ فإنّ القدرة بالمعنى المذكور كمال والإيجاب عجز ، بل فعله كلا فعل وهو ظاهر ، وبإجماع أهل الملل ، والنصوص الكثيرة ، مثل قوله :( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) (٢) من وجهين ، فافهم.

ويمكن أن يقال : يمكن تقرير المتن هكذا : إنّه لا شكّ في وجود العالم الحادث المخلوق لله تعالى بلا واسطة ، وهو ظاهر ؛ إذ نعلم أنّ بعض الأشياء لا يصدر إلاّ منه ، ولهذا أثبت النبوّة بإظهار المعجزة ، وأنّه ليس إلاّ فعله ، وعلمنا بأنّه فعل فعلا متقنا ذا مصالح كثيرة وهي حادثة ، فيلزم قدرته ، وهو ظاهر ، وهو معنى قولهقدس‌سره : « وجود العالم بعد عدمه ينفي الإيجاب » أي وجود ذي علم مثل الإنسان ينفي كون الواجب الذي يوجده موجبا ؛ إذ يلزم قدمه لو كان موجبا ، وهو ظاهر ، ولا يرد عليه شيء أصلا إلاّ منع أن يكون له فعل حادث ، وهو مكابرة وإن لم يمكن إسكات الخصم من الحكماء وغيرهم من الملاحدة ، ولكنّ الظاهر أنّه لا ينكره أحد من الملّيّين مسلما وغيره ، فيحتمل أن يكون

__________________

(١) « شرح المواقف » ٨ : ٥١ ـ ٥٣.

(٢) الفاتحة (١) : ٢.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

صنع كما صنعت أستجيب له مكروبا كان أو غير مكروب.

[٩٣٥٣] ٥ - أبو علي بن الشيخ الطوسي (ره) في أماليه: عن أبيه، عن أبي محمد الفحام، عن محمد بن أحمد المنصوري، عن سهل بن يعقوب الملقب بأبي نواس قال: قلت للعسكريعليه‌السلام ذات يوم: يا سيدي قد وقع إليّ اختيارات الأيام عن سيدنا الصادقعليه‌السلام ، ممّا حدثني به الحسن بن عبد الله بن مطهّر(١) ، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن سيدنا الصادقعليه‌السلام في كلّ شهر فأعرضه عليك، فقال: افعل فلمّا عرضته عليه وصحّحته، قلت له: يا سيدي في أكثر هذه الأيام قواطع عن المقاصد، لما ذكر فيها من النحس(٢) والمخاوف، فتدلّني على الاحتراز من المخاوف فيها، فإنّما تدعوني الضرورة إلى التوجه في الحوائج فيها، فقال لي: « يا سهل، إن لشيعتنا بولايتنا لعصمة لو سلكوا بها في لجّة البحار الغامرة، وسباسب البيداء(٣) الغابرة(٤) ، بين سباع وذئاب، وأعادي الجن والإنس، لآمنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا، فثق بالله عزّوجلّ، وأخلص في الولاء لأئمتك الطاهرينعليهم‌السلام ، وتوجّه حيث شئت، واقصد ما شئت [ يا سهل ](٥) إذا أصبحت وقلت ثلاثا: أصبحت اللّهم معتصما بذمامك المنيع، الذي لا يطاول ولا يحاول، من كلّ طارق وغاشم، من سائر ما خلقت ومن(٦) خلقت:

__________________

٥ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٨٣.

(١) في المصدر: مظفر.

(٢) في نسخة: التحذير (منه قدّه).

(٣) في نسخة: البيد (منه قدّه).

(٤) في نسخة: الغايرة (منه قدّه).

(٥) أثبتناه من المصدر.

(٦) في نسخة: من خلقت وما (منه قدّه).

٢٤١

من خلقك الصامت والناطق، في جنّة من كلّ مخوف، بلباس سابغة ولاء أهل بيت نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، محتجبا(٧) من كلّ قاصد لي إلى أذيّة، بجدار حصين(٨) الإخلاص في الاعتراف بحقّهم، والتمسّك بحبلهم جميعا، موقنا أن الحقّ لهم ومعهم وفيهم وبهم، أُوالي من والوا وأُجانب من جانبوا فأعذني اللّهم بهم من شرّ كلّ ما أتقيه، يا عظيم حجزت الأعادي عني ببديع السماوات والأرض إنّا جعلنا من بين أيديهم سدّاً ومن خلفهم سدّاً فأغشيناهم فهم لا يبصرون وقلتها عشيّا ثلاثا، حصلت في حصن من مخاوفك، وأمن من محذورك، فإذا أردت التوجه في يوم قد حذرت فيه، فقدم أمام توجّهك الحمد لله ربّ العالمين، والمعوذتين، وآية الكرسي، وسورة القدر، وآخر آية في سورة آل عمران وقل: اللّهم بك يصول الصائل » إلى آخر ما تقدم في باب الاستعاذة والاحتجاب.

[٩٣٥٤] ٦ - ومن أدعيّة السرّ بالسند المتقدم: « يا محمد ومن كان غائبا، وأحبّ أن أُؤَدّيه سالما مع قضائي له الحاجة، فليقل في غربته: يا جامعا بين أهل الجنّة على تألف من القلوب، وشدّة تواصل(١) منه(٢) في المحبة، ويا جامعاً بين أهل طاعته وبين من خلقه لها، ويا مفرّجاً(٣) عن كلّ محزون، ويا مؤمّل(٤) كلّ غريب، ويا راحمي في غربتي بحسن

__________________

(٧) في نسخة: محتجزاً (منه قدّه).

(٨) في نسخة: حصن (منه قدّه).

٦ - البلد الأمين ص ٥١٥، وعنه في البحار ج ٩٥ ص ٣٢٣.

(١) في نسخة: تواجد (منه قدّه).

(٢) في نسخة: منهم (منه قدّه).

(٣) في نسخة: ويا مفرّج (منه قدّه).

(٤) في المصدر: موئل.

٢٤٢

الحفظ والكلاءة(٥) والمعونة إليّ، ويا مفرّج ما بي من الضيق والحزن، اجمع(٦) بيني وبين أحبّتي(٧) ، ويا مؤلفاً بين الأحبّة(٨) ، صلّ على محمد وآل محمد، ولا تفجعني بانقطاع رؤية(٩) أهلي وولدي عنّي(١٠) ، ولا تفجع أهلي بانقطاع رؤيتي(١١) عنهم، بكل مسائلك أدعوك فاستجب لي، فذلك دعائي إياك [ فارحمني ](١٢) يا أرحم الراحمين فإنّه إذا قال ذلك آنسته في غربته، وحفظته في الأهل، وأديتّه سالما مع قضائي له الحاجة ».

[٩٣٥٥] ٧ - جامع الأخبار: استوصى رجل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عند خروجه إلى السفر، فقالعليه‌السلام : « إن أرد ت الصاحب فالله يكفيك، وإن أردت الرفيق فالكرام الكاتبون تكفيك(١) وإن أردت المؤنس فالقرآن يكفيك، وإن أردت العبرة فالدنيا تكفيك، وإن أردت العمل فالعبادة تكفيك، وإن أردت الوعظ فالموت يكفيك، وإن لم يكفك ما ذكرت فالنار يوم القيامة تكفيك ».

[٩٣٥٦] ٨ - الشيخ حسن بن فضل بن الحسن الطبرسي في مكارم

__________________

(٥) في نسخة: والكلابة (منه قدّه).

(٦) في نسخة: بالجمع (منه قدّه).

(٧) في نسخة: أحبائي (منه قدّه).

(٨) في نسخة: الأحبّاء (منه قدّه).

(٩) في نسخة: أوبة (منه قدّه).

(١٠) في نسخة: بامتناع رؤياهم عنّي (منه قدّه).

(١١) في نسخة: أوبتي (منه قدّه).

(١٢) أثبتناه من المصدر.

٧ - جامع الأخبار ص ٢١٢.

(١) في نسخة: يكفونك (منه قدّه)

٨ - مكارم الأخلاق ص ٣٥٣.

٢٤٣

الأخلاق: الدعاء في الوحدة: يا أرض ربي وربّك الله، أعوذ بالله من شرّك، وشرّ ما فيك، وشرّ ما خلق فيك، ومن شرّ ما يحاذر عليك، أعوذ بالله من شرّ كلّ أسد وأسود، وحيّة وعقرب من ساكن البلد، ومن شرّ والد وما ولد( أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّـهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) (١) الحمد لله بنعمته وحسن بلائه علينا، اللهم صاحبنا في السفر، وأفضل علينا، فإنّه لا حول ولا قوة إلّا بالله ثم يقرأ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ) إلى آخرها، فإنّه لا يؤذيك شئ من السباع والهوام، والحيّات والعقارب، إذا قرأت ذلك، ولو بتّ على الحيّة بإذن الله.

[٩٣٥٧] ٩ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه أمر بالوليمة وقال: « هي في أربع: العرس، والخرس(١) والاعذار(٢) والوكيرة - إلى أن قال - والوكيرة قدوم الرجل من سفره ».

[٩٣٥٨] ١٠ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه لم يرتحل من منزل إلّا وصلّى عليه ركعتين، وقال: « حتى يشهد عليّ بالصلاة ».

[٩٣٥٩] ١١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه إذا

__________________

(١) آل عمران ٣: ٨٣.

٩ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٠٥ ح ٧٤٧.

(١) الخُرْس: بضم وسكون: طعام يصنع للولادة (مجمع البحرين ج ٤ ص ٦٤).

(٢) الإعذار: الختان، ثم قيل للطعام الذي يطعم في الختان: إعذاراً (مجمع البحسرين ج ٣ ص ٣٩٩).

١٠ - لبّ اللباب: مخطوط.

١١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥٦ ح ١٣٣.

٢٤٤

كان في سفر فأقبل الليل قال: « أرض ربّي وربّك الله، أعوذ بالله من شرّك، وشرّ ما فيك، وشرّ ما يدب عليك، وأعوذ بالله من أسد وأسود، ومن الحيّة والعقرب، ومن ساكن البلد ووالد وما ولد ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « سيروا سير أضعفكم(١) ».

[٩٣٦٠] ١٢ - مجموعة الشهيد (ره): نقلاً من كتاب عماد المحتاج إلى معرفة مناسك الحاج لا بن البرّاج: روي: أن من قرأ القدر عند خروجه من بيته رجع إليه.

[٩٣٦١] ١٣ - السيد هبة الله في مجموع الرائق: في خواص القرآن: الذاريات إذا قرأها المسافر، أمن وحرس في طريقه.

ونقله الشهيد في مجموعته(١) : عن الصادقعليه‌السلام : الممتحنة من أدمن قراءتها في السفر والسحر، أمن حوادثه حتى يرجع إلى مأمنه.

سورة نوح إذا تلاها المعقل سهل خروجه: وإن كان للسفر فتح له باب الفرج والحظّ إلى أن يعود إلى بيته.

[٩٣٦٢] ١٤ - وفي مجموعة الشهيد: عن الصادقعليه‌السلام ، هكذا: « وإن كان في السير فتح له باب الفرج، وحفظ إلى أن يعود إلى أهله ».

__________________

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٨٤ ح ١٢٧.

١٢ - مجموعة الشهيد

١٣ - مجموع الرائق ص ٥.

(١) مجموعة الشهيد

١٤ - مجموعة الشهيد.

٢٤٥

المرسلات: من أراد السفر قرأها، والمسافر يحفظ بقراءتها من كلّ طارق.

[٩٣٦٣] ١٥ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره، والطبرسي في مجمع البيان: عن جبير بن مطعم، قال: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أتحبّ يا جبير أن تكون إذا خرجت سفراً من أمثل أصحابك هيئة، وأكثرهم زادا؟ » قلت: نعم بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، قال: « فاقرأ هذه السور الخمس: قل يا أيّها الكافرون، وإذا جاء نصر الله والفتح، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ بربّ الناس، وافتتح قراءتك ببسم الله الرحمن الرحيم » قال جبير: وكنت غير كثير المال، وكنت أخرج مع من شاء الله أن أخرج، فأكون أكثرهم(١) همّة، وأمثلهم زادا، حتى أرجع من سفري ذلك.

[٩٣٦٤] ١٦ - السيد علي بن عبد الحميد النيلي في الأنوار المضيئة: على ما نقله عنه بعض المعاصرين، قال: ومن ذلك ما نقلته عن بعض أهل الخير والصلاح (ره)، أنه إذا كان آخر جمعة من شهر رمضان فاجلس تجاه الشمس، فإذا صارت بين الحاجبين فاكتب: لا آلاء إلّا ألاؤك كعسكون كعسلمين، وبالحق أنزلناه، وبالحق نزل أوّل الآية السادسة بعد المائة من سورة الأسرى، إلى ذكر الإرسال، وذكر أنّ لذلك وقعا عظيما في حفظ الأموال، وما يوضع فيه على كلّ حال، وأنه مختص بفضائل غريبة، وأقاصيص عجيبة.

__________________

١٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٥٩٥، ورواه الطبرسي في مجمع البيان ج ١٠ ص ٥٥١.

(١) في نسخة: أكبرهم (منه قدّه).

١٦ - الأنوار المضيئة.

٢٤٦

ولقد جربته فرأيته كما قال، وأعطيته لكثير من الناس فرأوا منه في الأسفار غرائب من الآثار في حفظ الأموال، ما أغناهم عن السلاح والرجال والحرب والقتال، ولقد انتفعنا به، وكثير من الأصحاب، نفعا كثيراً مرّة حتى إذا خفنا من نهب ما نرسله من الحوائج، يجعل فيه ذلك الاسم المبارك، ولو نهب غيره لم ينهب ثم قال: إنه كان على باب المشهد الشريف الغروي جماعة من الأعراب على ظهور خيولهم، إن خرج خارج نهبوه إلى آخر ما ذكره من الأمر العجيب، ثم قال: وله آثار غريبة في الحفظ، لو ذكرناها لأطلنا البحث، انتهى.

٢٤٧

أبواب أحكام الدواب في السفر وغيره

١ -( باب استحباب اقتناء الخيل وإكرامها)

[٩٣٦٥] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إنّ الله وملائكته يصلون على أصحاب الخيل، من اتخذها وأعدّها لمارق في دينه أو مشرك».

[٩٣٦٦] ٢ - وبهذا الإسناد: قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أن صهيل الخيل يفزع(١) قلوب الأعداء، ورأيت جبرئيل يتبسم عند صهيلها، فقلت: يا جبرئيل لم تتبسم؟ فقال: وما يمنعني والكفار ترجف قلوبهم عند صهيلها، وترعد كلاهم ».

[٩٣٦٧] ٣ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام : « أن رجلاً من خرش كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، ومع الخرشي فرس، وكان

__________________

أبواب أحكام الدواب في السفر وغيره

الباب ١

١ - الجعفريات ص ٨٦.

٢ - الجعفريات ص ٨٦.

(١) في المصدر: ليقرع.

٣ - الجعفريات ص ٨٧.

٢٤٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يستأنس إلى فرسه(١) ، ففقده فبعث إليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال: « ما فعل فرسك؟ قال: اشتدّ عليّ شغنه فأخصيته، فقال: مه مه مثلت به، الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها، أعرافها أدفاؤها، ونواصيها جمالها، وأذنابها مذابّها ».

[٩٣٦٨] ٤ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، نزل عن فرسه فقال: قم بارك الله فيك، حتى نصلّي ثم نأتيك، فمضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ إلى المسجد، وأنّ الفرس لقائم ما يتزمزم(١) ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : بارك الله فيك ».

[٩٣٦٩] ٥ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام : « أن رجلاً أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وهو قائم على فرس له، فسلم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : وعليكم السلام، فقال الرجل: إنّما أنا وحدي، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : عليك وعلى فرسك ».

[٩٣٧٠] ٦ - القضاعي في الشهاب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أنه قال: « الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة ».

__________________

(١) في المصدر: صهيله.

٤ - الجعفريات ص ٨٧.

(١) الزمزمة: الصوت الخفيّ (لسان العرب ج ١٢ ص ٢٧٤).

٥ - الجعفريات ص ٨٧.

٦ - الشهاب ص ٧١ ح ١٧٢، وعنه في البحار ج ٦٤ ص ١٧٦ ح ٦.

٢٤٩

[٩٣٧١] ٧ - دعائم الاسلام: روينا عن عليعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: إنّ الله وملائكته يصلّون على أصحاب الخيل، من اتخذها فأعدّها في سبيل الله ».

[٩٣٧٢] ٨ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من ارتبط فرسا في سبيل الله، كان علفه وكلّ ما يناله(١) ، وما يكون منه وأثره، حسنات في ميزانه يوم القيامة ».

[٩٣٧٣] ٩ - وعنه (عليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « صهل (فرس في سبيل الله)(١) وعندي جبرئيل فتبسم، فقلت: لم تبسمت يا جبرئيل؟ قال: وما يمنعني أن أتبسم والكفار ترتاع قلوبهم، وترعد كلاهم، عند صهل خيول المسلمين ».

[٩٣٧٤] ١٠ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: « مرّ رجل من المسلمين على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وهو على فرس له، فسلّم [ عليه ](١) فقال [ له رسول الله ](٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : وعليكما السلام، فقلت: يا رسول الله أليس هو [ رجلاً ](٣) واحداً؟ فقال: سلّمت عليه، وعلى فرسه ».

[٩٣٧٥] ١١ - وعنهعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ،

__________________

٧ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٤.

٨ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٤.

(١) في المصدر: يطأ عليه.

٩ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٥.

(١) ما بين القوسين في المصدر: فرسي.

١٠ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٥.

(١، ٢، ٣) أثبتناه من المصدر.

١١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٥.

٢٥٠

أنه قال: « الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها، أعرافها أدفاؤها ونواصيها جمالها، وأذنابها مذابّها ».

[٩٣٧٦] ١٢ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن أبي جعفر المدائني، عن القسم بن الحسن، عن أبيه الحسن بن زيد، عن أبيه، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، عن أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « لمّا أراد الله عزّوجلّ أن يخلق الخيل، قال لريح الجنوب: إنّي خالق منك خلقاً فأجعله عزّاً لأوليائي، ومذلّة على أعدائي، وجمالا لأهل طاعتي فقالت: الريح أُخلق، فقبض منها قبضة فخلق فرساً، فقال له: خلقتك غريبا، وجعلت الخير معقوداً بناصيتك، والغنائم مجموعة على ظهرك، عطفت عليك صاحبك، وجعلتك تطير بلا جناح، فأنت للطلب، وأنت للهرب، وسأجعل على ظهرك رجالاً يسبّحونني ويحمدونني ويكبّرونني، فتسبّحين إذا سبّحوا، وتهلّلين إذا هلّلوا وتكبّرين إذا كبّروا.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ما من تسبيحة وتحميدة وتمجيدة وتكبيرة يكبّرها صاحبها، فتسمعها إلّا وتجيبه بمثلها، ثم قال: لمّا سمعت الملائكة صفة الفرس وعاينوا خلقها، قالت: ربّ نحن ملائكتك نسبّحك ونحمدك فماذا لنا؟ فخلق الله لها خلقا بلقا(١) أعناقها كأعناق البخت(٢) ، فلما أرسل الفرس إلى الأرض، واستوت

__________________

١٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٥٢٢.

(١) البَلَق بالتحريك، سواد في بياض (مجمع البحرين ج ٥ ص ١٤٠).

(٢) البخت: هي جمال طول الأعناق، واللفظة معرّبة (النهاية ج ١ ص ١٠١).

٢٥١

قدماه على الأرض صهل، فقيل: بوركت من دابّة أذلّ بصهيلك المشركين، وأذلّ به أعناقهم، واملأ به آذانهم، وأرعد به قلوبهم، فلمّا عرض الله على آدم من كلّ شئ، قال له: إختر من خلقي ما شئت، فاختار الفرس فقيل له: إخترت عزّك، وعزّ ولدك، خالدا ما خلّدوا، وباقيا ما بقوا، بركتي عليك وعليهم، ما خلقت خلقا أحبّ إليّ منك ومنه »(٣) .

٢ -( باب استحباب التوسعة في الانفاق على الخيل)

[٩٣٧٧] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدّثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه الحسينعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، بعث مع عليعليه‌السلام ، ثلاثين فرساً في غزاة السلاسل، فقال: يا علي أتلو عليك آية في نفقة الخيل( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ) (١) يا علي هي النفقة على الخيل ينفق الرجل سرّاً وعلانية ».

__________________

(٣) جاء في هامش المخطوط والطبعة الحجرية ما نصّه: « وهذا الخبر رواه الثعلبي في تفسيره في سورة آل عمران قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن عقيل الأنصاري، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قالا: أخبرنا أبو منصور محمد الفنكي، قال: أخبرنا محمد بن الأشرس، قال: أخبرنا أبو جعفر المدائني، قال: أخبرنا القاسم بن الحسن بن زيد الخ، وكان في نسختي من التفسير بعض الأسقام فنقلت متن الخبر عن تفسير الثعلبي والله أعلم » (منه قدّه).

الباب ٢

١ - الجعفريات ص ٨٦.

(١) البقرة ٢: ٢٧٤.

٢٥٢

[٩٣٧٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « يا علي، النفقة على الخيل المرتبطة في سبيل الله، هي النفقة التي قال الله عزّوجلّ:( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ) (١) ».

[٩٣٧٩] ٣ - الصدوق في الفقيه: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة، والمنفق عليها في سبيل الله، كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها ».

[٩٣٨٠] ٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن ثوبان قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أفضل دينار دينار أنفقه الرجل على عياله، ودينار أنفقه على دابّته في سبيل الله » الخبر.

٣ -( باب استحباب استسمان الدابة)

[٩٣٨١] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ في حديث: ومن اتخذ دابّة فليستفرهها(١) ».

ورواه في دعائم الاسلام عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ مثله(٢) .

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٤.

(١) البقرة ٢: ٢٧٤.

٣ - الفقيه ج ٢ ص ١٨٥ ح ٨٣٥.

٤ - در اللآلي ج ١ ص ١٥.

الباب ٣

١ - الجعفريات ص ١٥٧.

(١) استفرهوا ضحاياكم: أي استحسنوها (مجمع البحرين ج ٦ ص ٣٥٥).

(٢) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٥٨ ح ٥٦٠.

٢٥٣

٤ -( باب استحباب اختيار البرذون والبغل على اقتناء الحمار)

[٩٣٨٢] ١ - البحار، عن اعلام الدين للديلمي: قيل حجّ الرشيد فلقيه موسىعليه‌السلام على بغلة له، فقال له الرشيد: مثلك في حسبك ونسبك وتقدمك تلقاني على بغلة؟ قال: « تطأطأت عن خيلاء الخيل، وارتفعت عن ذلّة الحمير ».

[٩٣٨٣] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق مرسلا: ولمّا حجّ الرشيد استقبله موسى بن جعفرعليهما‌السلام بالمدينة على بغل، فقال له الرشيد يا أبا الحسن عزّت بك الخيل حتى ركبت بغلاً؟ فقال له موسىعليه‌السلام : « إنه يتضع عن خيلاء الخيل، ويرتفع عن ذلّة العير، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : خيار الأمور أوسطها ».

٥ -( باب ما يستحب اختياره من ألوان الخيل والبغال والحمير والإبل، وما يكره منها)

[٩٣٨٤] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : لا خيل أبقى من الدهّم، ولا امرأة كبنت العمّ ».

__________________

الباب ٤

١ - البحار ج ٦٤ ص ١٧٥ ح ٣٣، عن اعلام الدين ص ٩٨.

٢ - الأخلاق

الباب ٥

١ - الجعفريات ص ٩٠.

٢٥٤

[٩٣٨٥] ٢ - وبهذا الإسناد قال: « غزا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ غزاة، فعطش الناس عطشا شديداً، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : هل من مغيث بالماء؟ فضرب الناس يمينا وشمالا، فجاء رجل على فرس أشقر بين يديه قربة من ماء، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : اللهم بارك في الشقر، فجاء رجل آخر على فرس أشقر بين يديه قربتان من ماء، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : اللهم بارك في الشقر، ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : شقرها خيارها، وكمتها(١) صلابها، ودهمها ملوكها، فلعن الله من جزّ أعرافها وأذنابها مذابّها ».

[٩٣٨٦] ٣ - البحار، عن كتاب الأمامة والتبصرة: عن هارون بن موسى، عن محمد بن علي، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن ابن فضّال، عن الصادقعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « شقرها خيارها » وذكر مثله.

[٩٣٨٧] ٤ - وعن السيد الرضي في المجازات النبوية: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « خير الخيل الأدهم الأقرح، المحجل ثلاثا طلق اليد اليمنى ».

[٩٣٨٨] ٥ - المفيد في الارشاد: عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن

__________________

٢ - الجعفريات ص ٨٦.

(١) الكُمت: جمع كميت: وهي الحمراء (لسان العرب ج ٢ ص ٨١).

٣ - البحار ج ٦٤ ص ١٧٦ ح ٣٤ بل عن جامع الأحاديث ص ١٤.

٤ - البحار ج ٦٤ ص ١٨٠ ح ٣٩ عن المجازات النبويّة ص ١٢١ ح ٨٨.

٥ - إرشاد المفيد ص ٣٤٣.

٢٥٥

الكليني، عن علي بن محمد، عن إسحاق بن محمد، عن علي بن زيد بن الحسين بن زيد بن عليعليه‌السلام ، قال: كان لي فرس، وكنت به معجبا أكثر ذكره في المجالس، فدخلت على أبي محمدعليه‌السلام يوما فقال: « ما فعل فرسك؟ » إلى أن ذكر أنه مات، قال: ثم دخلت على أبي محمدعليه‌السلام ، وأقول في نفسي ليته أخلف علي دابّة، فقال قبل أن أتحدث بشئ: « نعم، نخلف عليك، يا غلام أعطه برذوني الكميت - ثم قال - هذا خير من فرسك، وأطول عمراً وأوطأ ».

[٩٣٨٩] ٦ - نصر بن مزاحم في كتاب صفّين: عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي قال: كان عليعليه‌السلام يركب بغلة له قبل أن تلتقي الفئتان بصفّين فلمّا حضرت الحرب، وبات تلك اللّيلة يعبّئ(١) الكتائب حتى أصبح قال: « إئتوني بفرسي » فأُتي له بفرس أدهم يبحث الأرض بيديه جميعا، له حمحمة وصهيل فركبه، الخبر.

[٩٣٩٠] ٧ - القاضي أبو عبد الله القضاعي في الشهاب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أنه قال: « يمن الخيل في شقرها ».

ورواه في عوالي اللآلي: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : مثله(١) .

مجموعة الشهيد: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « لو اجتمعت الخيل ثم أرسلت لحاها تقودها الشقر »(٢) .

__________________

٦ - كتاب وقعة صفين ص ٢٣٠ عن عمر، عن الحارث بن حصيرة وغيره، مع اختلاف في اللفظ.

(١) في المخطوط يعني، وما أثبتناه من المصدر.

٧ - الشهاب ص ٧١ ح ١٧٣، وعنه في البحار ج ٦٤ ص ١٧٦ ح ٣٧.

(١) عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧١ ح ١٩٩.

(٢) مجموعة الشهيد ص ١٠٤.

٢٥٦

٦ -( باب استحباب اختيار المركب الهنئ، وكراهة الإقتصار على المركب السوء)

[٩٣٩١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : من سعادة المرء المسلم الزوجة الصالحة، والمسكن الواسع، والمركب الهنئ، والولد الصالح ».

ورواه في الدعائم: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ مثله، وفيه: المرء المؤمن(١) .

[٩٣٩٢] ٢ - وبهذا الإسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : « أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، اشترى مهراً بمائة صاع إلى سنة ».

٧ -( باب حقوق الدابة الواجبة والمندوبة)

[٩٣٩٣] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : للدابة على صاحبها ستّ خصال: يعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مرّ به، ولا يضربها

__________________

الباب ٦

١ - الجعفريات ص ٩٩.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩٥ ح ٧٠٩.

٢ - الجعفريات ص ١٥٩.

الباب ٧

١ - الجعفريات ٨٥.

٢٥٧

إلّا على حق، ولا يحملها ما لا تطيق ولا يكلّفها من السير إلّا طاقتها، ولا يقف عليها فواقا(١) ».

[٩٣٩٤] ٢ - وبهذا الإسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : لا تتخذوا ظهور الدواب كراسي، فرب دابة مركوبة خير من راكبها، وأطوع لله، وأكثر ذكراً ».

[٩٣٩٥] ٣ - وبهذا الإسناد: عن علي بن الحسين، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن أبا ذر تمعّك(١) فرسه ذات يوم فتحمحم(٢) في تمعّكه، فقال أبو ذر: حسبك الآن فقد استجيب لك، فاسترجع القوم فقالوا: قد خولط(٣) أبو ذر، فقال: ما لكم؟ قالوا: تكلم بهيمة من البهائم، فقال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يقول في الفرس إذا تمعك: دعا بدعوتين فيستجاب له، يقول: اللّهم اجعلني أحبّ ماله إليه، والدعوة الثانية يقول: اللّهم ارزقه الشهادة على ظهري، فدعوتاه مستجابتان ».

[٩٣٩٦] ٤ - وبهذا الإسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ :

__________________

(١) الفُواق: بضمّ الفاء: أن تحلب الناقة ثمّ تترك ساعة حتى تدرّ ثمّ تحلب (لسان العرب ج ١٠ ص ٢١٨).

٢ - الجعفريات ص ٨٥.

٣ - الجعفريات ص ٨٥.

(١) تمعّك: تمرّغ وتقلّب في التراب (مجمع البحرين ج ٣ ص ٢٨٨).

(٢) الحمحمة: صوت الفرس دون الصهيل (لسان العرب ج ١٢ ص ١٦١).

(٣) خولط الرجل فهو مُخالَط: إذا تغيّر عقله (لسان العرب ج ٧ ص ٢٩٥).

٤ - الجعفريات ص ٨٦.

٢٥٨

قلّدوا النساء ولو بسير، وقلّدوا الخيل، ولا تقلّدوها الأوتار ».

[٩٣٩٧] ٥ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ نهى أن تُحمَّل الدواب فوق طاقتها(١) ، وأن تُضَيَّعَ حتى تهلك، وقال: لا تتخذوا ظهور الدوّاب كراسيّ، فربّ دابة مركوبة خيرٌ من راكبها، وأطوُع لله [ منه ](٢) وأكثر ذكراً، ونظرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ إلى ناقةٍ مُحَمّلَةٍ قد ثقلت فقال: أين صاحبها: فلم يوجد فقال: مروه أن يستعدّ لها غداً للخصومة ».

[٩٣٩٨] ٦ - وعن عليعليه‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « يجب للدابة على صاحبها ستّ خصال: يبدأ بعلفها إذ نزل، ويعرض عليها الماء إذا مرّ به، ولا يضربها إلّا على حق، ولا يحملها ما لا تطيق، ولا يكلّفها من السير ما لا تقدر عليه، ولا يقف عليها فُوَاقاً ».

[٩٣٩٩] ٧ - السيد الرضي في المجازات النبويّة: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « قلّدوا الخيْلَ، ولا تُقلِّدُوها الأوتَارَ ».

[٩٤٠٠] ٨ - ابن شهرآشوب في المناقب: في سياق أحوال السجادعليه‌السلام : عن زرارة بن أعين: لقد حجّ على ناقة عشرين حجة، فما قرعها بسوط.

__________________

٥ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٧.

(١) في المخطوط: أحمالها، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٦ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٧.

٧ - المجازات النبويّة ص ٢٥٧.

٨ - المناقب ج ٤ ص ١٥٥.

٢٥٩

ورواه صاحب الحلية: عن عمرو بن ثابت.

٨ -( باب كراهة ضرب الدابة على وجهها وغيره ولعنها)

:[٩٤٠١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليه‌السلام قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أن توسم الدواب في وجُوهها، فإنّها تسبّح بحمد ربّها عزّوجلّ، وأن يضرب في(١) وجهها ».

[٩٤٠٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام (١) : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، سمع رجلاً يلعن بعيراً(٢) ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إرجع لا تصحبنا على بعير ملعون ».

وعن عليعليه‌السلام ، أنه يكره(٣) سبّ البهائم.

[٩٤٠٣] ٣ - الحسين بن حمدان الحضيني، عن علي بن الطيب الصابوني، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال: « لمّا كان في الليلة التي توفي

__________________

الباب ٨

١ - الجعفريات ص ٨٥.

(١) في ليس في المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٧.

(١) في المصدر: عن جعفر بن محمدعليه‌السلام .

(٢) وفيه: بعيره.

(٣) في المصدر: وكان عليعليه‌السلام يكره ..

٣ - الهداية ص ٤٧ ب.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478