مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٨

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 478

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 478 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 242612 / تحميل: 4987
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

[٩٠٧٦] ٨ - الشيخ المفيد في أماليه: عن ابن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، قال: قال حماد بن عيسى: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام جعلت فداك، أُدع الله أن يرزقني ولدا، ولا يحرمني الحج ما دمت حيّا، قال: فدعا لي، فرزقني الله ابني هذا، وربّما حضرت أيّام الحج ولا أعرف للنفقة فيه وجها، فيأتي الله بها من حيث لا أحتسب.

[٩٠٧٧] ٩ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « ومن مات في حجة أو عمرة، لم يعرض ولم يحاسب ».

[٩٠٧٨] ١٠ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « الحج المبرور ليس له جزاء [ إلّا الجنّة ](١) » قيل: يا رسول الله، ما برّ الحج؟: « قال طيب الكلام، وإطعام الطعام ».

[٩٠٧٩] ١١ - وعن ابن عمر قال: كانت بالمأزمين(١) من منى دوحة، سرّ تحتها سبعون نبيّا، أي قطعت سرّتهم.

__________________

٨ - أمالي المفيد ص ١٢.

٩ - لبّ اللباب: مخطوط.

١٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٢٧ ح ١١٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

١١ - عوالي اللآلي.

(١) المأزم: المضيق في الجبال حين يلتقي بعها ببعض، ومنه سمّي الموضع بين المشعر وعرفة مأزمين (لسان العرب ج ١٢ ص ١٧).

٦١

أبواب النيابة في الحج

١ -( باب استحباب الحج مباشرة على وجه النيابة، واستحباب اختياره على الاستنابة فيه)

[٩٠٨٠] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام : أنه أحج رجلا عن بعض ولده، فشرط عليه جميع ما يصنعه، ثم قال، « إنّك إن قضيت ما شرطناه عليك كان لمن حججت عنه حجّة، ولك بما وفيت من الشرط عليك وأتعبت بدنك أجرا ».

[٩٠٨١] ٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي: في سياق مناسك الحج، قالعليه‌السلام : « قال أبي: امرأة ماتت ولم تحج، حجّ عنها فإن ذلك لها ولك ».

__________________

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي: ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٨ ح ٢٨.

٦٢

٢ -( باب أن من أوصى بحجة الاسلام بعد استقرارها، وجب أن تقضى عنه من بلده، فإن لم تبلغ التركة فمن حيث بلغ ولو من الميقات، وكذا من أوصى بمال معين فقصر عن الكفاية وكان الحج ندبا، ومن مات في الطريق حجّ عنه من حيث مات)

[٩٠٨٢] ١ - زيد النرسي في أصله: عن علي بن مزيد صاحب السابري، قال: أوصى إلي رجل بتركته، وأمرني أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فإذا شئ يسير لا يكون للحج، سألت أبا حنيفة وغيره فقالوا: تصدق بها، فلما حججت لقيت عبد الله بن الحسن في الطوف فقلت له ذلك فقال لي هذا جعفر بن محمدعليهما‌السلام في الحجر فاسأله، قال: فدخلت الحجر فإذا أبو عبد اللهعليه‌السلام تحت الميزاب، مقبل بوجهه على البيت يدعو، ثم التفت فرآني فقال: « ما حاجتك؟ » فقلت: جعل فداك إنّي رجل من أهل الكوفة من مواليكم فقال: « دع ذا عنك، حاجتك » قال: قلت: رجل مات وأوصى بتركته إليّ، وأمرني أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فوجدته يسيرا لا يكون للحج، فسألت من قبلنا فقالوا لي: تصدق به، فقالعليه‌السلام لي: « ما صنعت؟ » فقلت: تصدقت به، قال: « ضمنت إلّا أن لا يكون يبلغ أن يحج به من مكّة، فإن كان يبلغ أن يحجّ به من مكّة فأنت ضامن، وإن لم يكن يبلغ ذلك فليس عليك ضمان ».

__________________

الباب ٢

١ - أصل زيد النرسي ص ٤٨.

٦٣

٣ -( باب أنه يشترط في النائب أن لا يكون عليه حجّ واجب، وحكم حجّ نائبا مع وجوب الحج عليه)

[٩٠٨٣] ١ - عوالي اللآلي: عن ابن عباس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، رأى رجلا يقول: لبيّك عن شبرمة، فقال: « ويحك وما شبرمه؟ » فقال: أخ لي أو صديق، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « حجّ عن نفسك، ثم حجّ عن شبرمه ».

٤ -( باب جواز استنابة الصرورة مع عدم وجوب الحج عليه)

[٩٠٨٤] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولا بأس أن يخرج لذلك من لم يحجّ عن نفسه، وإن كان قد حجّ فهو أفضل ».

٥ -( باب جواز استنابة الرجل عن المرأة، والمرأة عن الرجل، واستحباب اختيار الإنسان الحج من ماله على النيابة)

[٩٠٨٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « أن امرأة من خثعم سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ،

__________________

الباب ٣

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٥ ح ٧٧.

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٦.

٦٤

أتحج عن أبيها لأنه شيخ كبير؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : نعم فافعلي » الخبر.

[٩٠٨٦] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولا تحج المرأة عن الرجل إلّا أن يكون(١) لا يوجد غيرها، أو تكون أفضل من وجد من الرجال وأقومهم بالمناسك ».

٦ -( باب أن من أُعطي مالاً يحج به ففضل منه لم يجب رده، ويجوز له الإنفاق منه في غير الحج إذا ضمن الحجّ)

[٩٠٨٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث له: « ويخرج عنه رجل يحج عنه ويعطي أُجرته، وما فضل من النفقة فهو للذي أخرج ».

[٩٠٨٨] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ كيف: بكم إذا كان الحج فيكم متجرا؟ قيل: يا رسول الله، وكيف ذلك؟ قال: قوم يأتون من بعدكم يحجون عن الأحياء والأموات، فيستفضلون الفضلة فيأكلونها ».

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

(١) في المصدر: تكون.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

٢ - الجعفريات ص ٦٦.

٦٥

٧ -( باب أن النائب إذا مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأت عن المنوب عنه وإذا أفسد الحج أجزأ عن الميت ولزم النائب الإعادة من ماله، وحكم ما لو مات قبل الإحرام ودخول الحرم)

[٩٠٨٩] ١ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : في رجل حجّ عن رجل، فاجترح في حجّه شيئا يلزمه فيه الحج من قابل أو كفّارة، قال: « هي للأول تامّة، وعلى هذا ما اجترح ».

[٩٠٩٠] ٢ - وعمّن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : في رجل أعطى لرجل ما لا يحج به فحدث بالرجل حدث، قال: « إن كان خرج فأصابه في بعض الطريق فقد أجزأت عن الأول، وإلّا فلا تجزئ ».

قلت: أخرج الخبرين الكليني، والشيخ في الكافي(١) والتهذيب(٢) ، بسندهما إلى الحسين، وحمل في الأخير الخبر على كون الموت بعد دخول الحرم، ولا شاهد له.

٨ -( باب استحباب تسمية النائب المنوب عنه في المواطن، والدعاء له، وعدم وجوب ذلك)

[٩٠٩١] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمد(١)

__________________

الباب ٧

١، ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١١.

(١) الكافي ج ٤ ص ٥٤٤ ح ٢٣ وص ٣٠٦ ح ٥.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٤٦١ ح ١٦٠٦ وص ٤١٨ ح ١٤٥١.

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

(١) في المصدر: محمد بن علي.

٦٦

عليهما‌السلام ، أنه قال: « من حجّ عن غيره فليقل عند احرامه: اللهم إني أحج عن فلان فتقبل منه، وأجرني على قضائي عنه ».

[٩٠٩٢] ٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي: قال: « وإن أردت الحج عن غيرك فقل: اللهم إني أُريد الحج عن فلان بن فلان - فسمّه(١) - فيسره لي، وتقبّله من فلان ».

٩ -( باب جواز طواف النائب عن نفسه، وعن غيره، بعد الفراغ من الحج الذي استنيب فيه)

[٩٠٩٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « من حجّ عن غيره بأجر، فله إذا قضى الحج أن يتطوّع لنفسه بما شاء من عمرة أطواف ».

١٠ -( باب حكم من أُعطي مالا ليحجّ عن انسان، فحج عن نفسه)

[٩٠٩٤] ١ - كتاب حسين بن عثمان: عمن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : في رجل أعطى رجلا دراهم ليحج بها عنه، فحجّ بها عن نفسه، قال: « هي للأول ».

__________________

٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٨.

(١) في المصدر: تسميه.

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

الباب ١٠

١ - كتاب حسين بن عثمان ص ١١١.

٦٧

١١ -( باب استحباب التطوع بالحج العمرة والعتق، عن المؤمنين وخصوصاً الأقارب أحياء، وأمواتاً، وعن المعصومينعليهم‌السلام أحياء وأمواتاً)

[٩٠٩٥] ١ - كتاب درست بن أبي منصور: عن أبي المغرا، عن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ، جعلت فداك، أيحج الرجل ويجعله لبعض أهله وهو ببلد آخر، هل يجوز ذلك له؟ قال: فقال: « نعم » قال: قلت: فينقص من أجره؟ قال: فقال: « له أجر ولصاحبه مثله، وله أجر سوى ذلك بما وصل ».

[٩٠٩٦] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ثلاثة شبّه علي أجورهم، فلا أدري أيّهم أعظم أجرا: الأضحية، والمنحة، والرجل يحج عن الرجل لم يحج قبل ذلك ».

[ ٠٩٧ ٩ ] ٣ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: عن علي بن عبيد الله الحسيني، قال: ركبنا مع سيّدنا أبي الحسنعليه‌السلام إلى دار المتوكل في يوم السلام، فسلم سيدنا أبو الحسنعليه‌السلام وأراد أن ينهض، فقال له المتوكل: إجلس يا أبا الحسن إنّي أُريد أن أسألك، فقالعليه‌السلام : « سل » فقال له: ما في الآخرة غير الجنة والنار يحلّون به الناس؟ فقال أبو الحسنعليه‌السلام له: « ما

__________________

الباب ١١

١ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٩.

٢ - الجعفريات ص ٦٥.

٣ - الهداية ص ٦٥.

٦٨

يعلمه إلّا الله » فقال له؛ فعن علم الله أسألك، فقالعليه‌السلام له: « فعن(١) علم الله أُخبرك » قال: يا أبا الحسن ما رواه الناس أن أبا طالب يوقف إذا حوسب الخلائق بين الجنة والنار، وفي رجله نعلان من نار يغلي منهما دماغه، لا يدخل الجنة لكفره، ولا يدخل النار لكفالته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ وصدّه قريشا عنه، وأيسر على يديه حتى ظهر أمره، قال له أبو الحسنعليه‌السلام : « ويحك، لو وضع إيمان أبي طالبعليه‌السلام في كفة، وإيمان الخلائق في الكفة الأُخرى، لرجّح إيمان أبي طالبعليه‌السلام على إيمانهم - إلى أن قالعليه‌السلام - فكان والله أميرالمؤمنينعليه‌السلام يحجّ عن أبيه وأُمّه، وعن أب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ حتى مضى، ووصى الحسن والحسينعليهما‌السلام بمثل ذلك وكل إمام منّا يفعل ذلك، إلى أن يظهر الله أمره » الخبر.

[٩٠٩٨] القطب الراوندي في الخرائج: قال: إن أبا محمد الدعلجي(١) كان له ولدان، وكان من خيار أصحابنا، وكان قد سمع الأحاديث، وكان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة وهو أبو الحسن، وكان يغسل الأموات وولد آخر يسلك مسالك الأحداث في فعل الحرام، وكان قد دفع إلى أبي محمد حجة يحجّ بها عن صاحب الزمانعليه‌السلام ، وكان ذلك عادة الشيعة(٢) ، فدفع إلى ولده المذكور

__________________

(١) في المصدر: ومن.

٤ - الخرائج والجرائح ص ١٢٧.

(١) في المصدر: الدعجلي والصحيح ما في المتن « راجع مجمع الرجال ج ٧ ص ٩١، ومعجم رجال الحديث ج ١٠ ص ٣٠٨ ».

(٢) وفيه زيادة: وقتئذٍ.

٦٩

بالفساد شيئا منها وخرج إلى الحاج، فلما عاد حكى أنه كان واقفا بالموقف، فرأى إلى جنبه شابا حسن الوجه أسمر اللّون(٣) ، مقبلا على شانه في الابتهال والدعاء والتضرّع وحسن العمل، فلمّا قرب نفر الناس التفت إليّ وقال: « يا شيخ أما تستحي؟ » فقلت: من أي شئ يا سيدي فقال: « يدفع إليك حجة عمّن تعلم، فتدفع إلى فاسق يشرب الخمر، فيوشك أن تذهب عينك » وأومأ إلى عيني، وأنا من ذلك اليوم إلى الآن على وجل ومخافة، وسمع أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ذلك، قال: فما مضى عليه أربعون يوما بعد مورده، حتى خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت(٤) .

[٩٠٩٩] ٥ - الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: عن أبي محمد علي بن محمد العلوي الموسوي، عن عبد الله بن جبلة، عن سلمة بن جناح، عن حازم بن حبيب، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّ أبوي هلكا، وقد أنعم الله عليّ ورزق، أفأتصدق عنهما وأحج؟ فقال: « نعم » الخبر.

[٩١٠٠] ٦ - الشيخ الكشي في رجاله: قال: وجدت بخط أبي عبد الله الشاذاني في كتابه: سمعت فضل بن هاشم الهروي يقول: ذكر لي كثره ما يحج المحمودي، فسألته عن مبلغ حجّاته فلم يخبرني بمبلغها، وقال: رزقت خيرا كثيرا والحمد لله، فقلت له: فتحج عن نفسك أو

__________________

(٣) وفيه زيادة: بذؤابتين.

(٤) جاء في هامش المخطوط ما نصّه: « هذا الخبر نقله في الأصل في بعض الأبواب الآتية - الوسائل ج ٨ ص ١٤٧ ح ١٤٦٤٢ - مختصرا ولبعض الفوائد أعدنا ذكره » منه (قدّه).

٥ - كتاب الغيبة ص ٣٦.

٦ - رجال الكشي ج ٢ ص ٧٩٨ ح ٩٨٧.

٧٠

عن غيرك؟ فقال: عن غيري بعد حجة الاسلام، وأحج عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وأجعل ما أجازني الله عليه لأوليائه(١) ، وأهب ممّا أثاب على ذلك للمؤمنين والمؤمنات، قلت: فما تقول في حجّك؟ فقال: أقول: اللهم إنّي أهللت لرسولك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وجعلت جزائي منك ومنه لأوليائك الطاهرين، ووهبت ثوابي عنهم لعبادك الصالحين(٢) ، بكتابك وسنّة نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ إلى آخر الدعاء.

١٢ -( باب جواز التشريك بين اثنين بل جماعة كثيرة، في الحجة المندوبة)

[٩١٠١] ١ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام : قال: « وإذا أحب الرجل أن يجعل والده ووالدته في حجّته إذا حجّ فعل، لأن الله تعالى يأجرهم ويأجره من غير أن ينقص من أجره شيئا، لأنه قد يدخل على الميت في قبره الصوم والصلاة والصدقة والحج والعتق ».

١٣ -( باب استحباب التطوع بطواف وركعتين وزيارة عن جميع المؤمنين، ثم يجوز أن يخبر كلّ أحد أنه قد طاف وصلى وزار عنه)

[٩١٠٢] ١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا أردت أن تطوف

__________________

(١) في المصدر: لأولياء الله.

(٢) وفيه: المؤمنين المؤمنات.

الباب ١٢

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٥ وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٢ ح ٤٧.

الباب ١٣

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٤ وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٥.

٧١

عن أحد من إخوانك، أتيت الحجر الأسود فقلت: بسم الله، اللهم تقبّل من فلان ».

١٤ -( باب جواز إعطاء غير المستطيع، من الزكاة ما يحج به)

[٩١٠٣] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث له: « إن الله عزّوجلّ نظر في أموال الأغنياء ونظر في الفقراء، فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفي به الفقراء، ولو لم يكفهم لزادهم، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي، ويتزوج ويصدّق ويحج ».

١٥ -( باب أنه يستحب للحي أن يستنيب في الحج المندوب، وإن قدر عليه، وجواز تعدد النائب في عام واحد)

[٩١٠٤] ١ - الشيخ أبو عمرو الكشي في رجاله: عن علي بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عيسى، قال: زعم الحسن بن علي، أنه أحصى لعلي بن يقطين [ بعض ](١) السنين ثلاثمائة ملب، أو مائة وخمسين ملبيا، وإن لم يكن يفوته من يحج عنه، وكان يعطي بعضهم عشرين ألفا، وبعضهم عشرة آلاف في كلّ سنة للحج، مثل: الكاهلي، وعبد الرحمن بن الحجاج، وغيرهما، ويعطي أدناهم ألف درهم، وسمعت

__________________

الباب ١٤

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٢.

الباب ١٥

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٧٣٣ ح ٨٢٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٧٢

من يحكي في أدناهم خمسمائة درهم. الخبر.

[٩١٠٥] ٢ - وعن جعفر بن معروف، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن سليمان بن الحسين - كاتب علي بن يقطين - قال: أحصيت لعلي بن يقطين من وافى عنه في عام واحد مائة وخمسين رجلا، أقلّ من أعطاه منهم سبعمائة درهم، وأكثر من أعطاه عشرة آلاف درهم.

__________________

٢ - رجال الكشي ج ٢ ص ٧٣٧ ح ٨٢٤.

٧٣

أبواب أقسام الحج

١ -( باب أن الحج ثلاثة أقسام: تمتع، وقران، وإفراد، لا يصح الحج إلّا على أحدها)

[٩١٠٦] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « والحاج على ثلاثة أوجه: قارن، ومفرد للحج، ومتمتع بالعمرة إلى الحج ».

[٩١٠٧] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الحج على ثلاثة أوجه: فحج مفرد وعمرة مفردة أيّهما شاء قدّم، وحج وعمرة مقرونتان لا فصل بينهما، وذلك لمن ساق الهدي يدخل مكّة فيعتمر، ويبقى على إحرامه حتى يخرج إلى الحج من مكّة فيحج، وعمرة يتمتع بها إلى الحج، وذلك أفضل الوجوه » الخبر.

٢ -( باب كيفية أنواع الحج، وجملة من أحكامها)

[٩١٠٨] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ،

__________________

الباب ١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٠.

الباب ٢

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٨٩ ح ٢٢٩.

٧٤

حين حجّ حجة الوداع، خرج في أربع بقين من ذي القعدة، حتى أتى الشجرة فصلى، ثم قاد راحلته حتى أتى البيداء فأحرم منها وأهلّ بالحج وساق مائة بدنة، وأحرم الناس كلّهم بالحج لا يريدون عمرة ولا يدرون ما المتعة، حتى إذا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ مكة، طاف بالبيت وطاف الناس معه، ثم صلى عند مقام إبراهيمعليه‌السلام فاستلم الحجر، ثم قال: أبدأ بما بدأ الله به، ثم أتى الصفا فبدأ بها، ثم طاف بين الصفا والمروة فلمّا قضى طوافه ختم بالمروة، قام يخطب أصحابه، وأمرهم أن يحلّوا ويجعلوها عمرة، وهو شئ أمر الله به، فأحلّ الناس، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت ما أمرتكم، ولم يكن يستطيع أن يحل من أجل الهدي الذي معه، لأن الله يقول:( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (١) فقال سراقة بن جعشم الكناني: يا رسول الله علمتنا ديننا كأنما خلقنا اليوم، أرأيت لهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لكل عام؟ فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ):لا بل (لأبد الأبد)(٢) ».

[٩١٠٩] ٢ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن حمدويه بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، قال: حدثني يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن زرارة ومحمد بن قولويه، عن الحسين بن الحسن، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني هارون، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن عبد الله بن زرارة وابنيه الحسن والحسين، عن عبد الله بن زرارة، قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : « اقرأ

__________________

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

(٢) في المصدر للأبد.

٢ - رجال الكشي ج ١ ص ٣٤٩ ح ٢٢١.

٧٥

منّي على والدك السلام، وقل له - إلى أن قالعليه‌السلام - وعليك بصلاة الست والأربعين، وعليك بالحج أن تهل بالإفراد وتنوي الفسخ، إذا قدمت مكة وطفت وسعيت فسخت ما أهللت به، وقلبت الحج عمرة، أحللت إلى يوم التروية، ثم إستأنف الاهلال بالحج مفرداً إلى منى، وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة، فكذلك حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وهكذا أمر أصحابه ان يفعلوا، أن يفسخوا ما أهلوا به ويقلبوا الحج عمرة، وإنّما أقام رسول الله (صلى اله عليه وآله) على إحرامه للسوق الذي ساق معه، فإن السائق قارن، والقارن لا يحل حتى يبلغ هديه محلّه، ومحلّه المنحر بمنى فإذا بلغ أحلّ، فهذا الذي أمرناك به حجّ المتمتع، فألزم ذلك ولا يضيق صدرك، والذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى وخمسين، والاهلال بالتمتع بالعمرة إلى الحج، وما أمرنا به من أن يهلّ بالتمتع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم، ولا يخالف شئ منه الحق ولا يضادّه [ والحمد لله رب العالمين ](١) ».

[٩١١٠] ٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي: قالعليه‌السلام : « فإذا أردت الحج بالاقران وجب عليك أن تسوق معك من حيث أحرمت الهدي، بدنة أو بقرة تقلّدها وتشعرها من حيث تحرم، فإن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أحرم من ذي الحليفة، فأتي ببدنته وأشعر صفحة سنامها الأيمن، وسالت الدم عنها ثم قلّدها بنعلين، وكذلك في البقر في موضع سنامها، فإذا كان يوم التروية جلل بدنه(١) وراح به إلى منى وعرفات.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٤.

(١) في البحار: بدنته.

٧٦

وقد روي: من لم توقف(٢) له بدنة بعرفة ليس هدي(٣) إنما هي ضحيّة، فجلله بأي ثوب شئت، وإذا ذبحت تنزع عنه الجلّة والنعلين، وتصدّق بذلك أو شاة بدله، ومن العلماء من رخّص في القران بلا سوق، وأمّا نحن اختيارنا السوق، فإن عجزت عن سوق الهدي تعتمر عنه، لما كان من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سقت الهدي وتحللت مع الناس خير من العمرة، وفي بعض الحديث: لجعلتها عمرة، فهذا أخذ الأمر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ سنة المتمتع، ولم يعش إلى القابل، وسئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أي الحج أفضل؟ قال: العجّ والثجّ، قال: سئل عن تفسير ذلك، قال: العج: رفع الصوت، والثج: النحر، إذا دخلت وأنت متمتع فاقطع التلبية إذا استلمت الحجر، وقال بعض العلماء: إذا بدا لك بيوت مكّة فاقطع التلبية، ثم تطوف بالبيت، وتسعى بين الصفا والمروة سبعا، ثم تقص من شعرك والحلق أفضل، وابدأ بشقّك الأيمن ثم بالأيسر وادفن شعرك، فإذا فعلت ذلك فقد قضيت عمرتك، وحلّ لك كلّ شئ من لبس القميص والخف ومسّ الطيب ووطئ النساء إلى يوم التروية، ومن العلماء من يرى على المقارن طوافين وسعيين، ويأمره بالرجوع إلى البيت بعد فراغه من السعي، فيأمر بالطواف بالبيت سبع أُخر يرمل فيه، ويسعى بين الصفا والمروة سبعا أُخر كفعله في المرة الأُولى، يجعل الطواف والسعي الأوّل لعمرته، والطواف والسعي الثاني لحجته، إذا كان دخل بحجة وعمرة مقرن، ونحن نرى للإقران وللمتمتع وللمفرد كلّهم الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة مجز، لقول رسول

__________________

(٢) وفيه: توف.

(٣) الظاهر: بهدي (منه قده).

٧٧

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لعائشة وكانت قارنا: يجزؤك طوافك لحجّك وعمرتك، وإذا كنت متمتعا أقمت بمكّة إلى يوم التروية، فإذا كان يوم التروية وأنت متمتّع وأردت الخروج إلى منى فخذ من شاربك ومن أظفارك، وأغتسل والبس إحرامك، إن شئت أحرمت من بيتك أو من الحجر أو من داخل الكعبة أو من المسجد أو من الأبطح، أجزاك من أي موضع شئت، وطف بالبيت سبعا لوداعك البيت عند خروجك إلى منى لا رمل عليك فيها، وصلّ ركعتين أو ما شئت أو أربعا قبل أن تخرج، ولا سعي عليك بين الصفا والمروة قارنا كنت أو مفردا أو متمتعا، ثم تلبي: لبيّك بحجة تمامها وبلاغها عليك، وإن أخّرت الطواف لحجك إلى رجوعك من منى فحسن، ثم توجه إلى منى فاتها ملبيّا، وانزل بمنى الجانب الأيمن منها ان تيسّر ذلك، وإلّا فحيث نزلت أجزأك، وبت بها ثم تغدو إلى عرفات إن شئت فلبّ وإن شئت فكبّر، وإذا انتهيت إلى عرفات فانزل بطن عرفة من وراء الأحواض إن استطعت، أو حيث نزلت أجزأك فإن وراء عرفات كلّها موقف إلى بطن عرفة فإذا زالت الشمس فاغتسل أو تتوضأ والغسل أفضل، ثم أئت مصلّى الإمام فصلّ معه الظهر والعصر بأذان وإقامتين، وإن لم تدرك الصلاة مع الامام فصلّ في رحلك، واجمع بين الظهر والعصر، ثم ائت الموقف فقف عند الصخرات وأنت مستقبل القبلة قريب من الامام وإلّا حيث شئت، فإذا سقطت القرصة فامض إلى المزدلفة وعليك السكينة والوقار، وأكثر الاستغفار والتلبية، فإذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر عن يمنة الطريق، فقل: اللهم ارحم موقفي وزد في علمي ولا تصلّ المغرب حتى تأتي الجمع فانزل بطن واد عن يمين(٤) الطريق، ولا تجاوز الجبل ولا الحياض تكون قريبا من المشعر، وصلّ

__________________

(٤) في البحار: يمنى.

٧٨

بها المغرب والعتمة تجمع بينهما بأذان وإقامتين مع الإمام إن أدركت أو وحدك، ولا تبرح حتى تصلي بها الصبح، ولا تدفع حتى يدفع الامام، وذلك قبل طلوع الشمس حين يسفر الصبح ويتبيّن ضوء النهار، فإنّ الجاهلية كانوا لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير، فخالفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ فدفع قبل طلوع الشمس، ثم امش على هنيأتك حتى تأتي وادي محسر، وهو [ حد ](٥) ما بين المزدلفة ومنى وهو إلى منى أقرب، فاسع فيها إلى منى تجاوزها فإذا أتيت منى اغتسل أو توضأ، فإذا طلعت الشمس فأت الجمرة العظمى وهي جمرة العقبة فارم بسبع حصيات واقطع التلبية، ثم أهرق الدم ممّا معك، الجذع من الضان وهو ابن سبعة أشهر فصاعدا، والثنيّ من المعز وهو لاثني عشر شهرا فصاعدا، ومن الإبل ما كمل خمس سنين ودخل في الست، والثنيّ من البقر إذا استكمل ثلاث سنين وأول يوم من السنة الرابعة، ثم تحلق فقد (أحل كلّ شئ لك)(٦) إلّا الطيب والنساء، وكان بعض العلماء يرى الطيب، لأنه تطيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قبل أن يطوف بالبيت، ومن العلماء من كره، فإذا فرغت من الذبح فأت رحلك وصل ركعتين وادع الله وسل حاجتك، وليس عليك يوم النحر غير صلواتك المكتوبة، فإذا حلقت فزر البيت من يومك أو ليلتك وإن أخرت [ أجزأك ](٧) إلى وقت النفر، ما لم تمس الطيب والنساء، فإذا أتيت مكة طف بالبيت سبعة أشواط، فإنّ ذلك هو الطواف الواجب الذي قال الله تعالى:

__________________

(٥) أثبتناه من البحار.

(٦) في البحار: حل لك كلّ شئ.

(٧) أثبتناه من البحار.

٧٩

( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (٨) وصلّ ركعتين خلف المقام، وإن كنت قارنا أو مفردا فقد حل لك كلّ شئ، وليس عليك سعي الصفا والمروة، وإن كنت متمتعا فإن طوافك السبع للزيارة مجز لحجك ولزيارتك(٩) ، وعليك السعي بين الصفا والمروة في قول بعض العلماء، وبعض العلماء قالوا مجز للمتمتع سبعة بالصفا والمروة لعمرته في أوّل مقدمه، والطواف السبع مجز عن الزيارة والحجة، وإنّما عندهم على المتمتع طواف الزيارة فقط بلا سعي، ثم ارجع إلى منى ولا تبت بمكة أيام التشريق، فإذا كان اليوم الثاني مكثت حتى تطلع الشمس ثم تغتسل أو تتوضأ، وحملت معك واحدة وعشرين حصاة قبل أن تصلّي الظهرين(١٠) ترميها، وابدأ بالجمرة الأُولى وهي التي أقربهن إلى مسجد منى فارمها، واقصد للرأس فارمها بسبع حصيات تكبر مع كلّ حصاة، فإذا رميت فقف واجعل الجمرة عن يسار الطريق وأنت مستقبل القبلة، فاحمد الله واثن عليه، وصلّ على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وكبّر سبع تكبيرات، وقف عندها مقدار ما يقرأ الانسان مائة آية أو مائة وخمسين آية من القرآن، ثم ائت الجمرة الوسطى فارمها بسبع حصيات فافعل كما فعلت فيها، ثم تقدم امامها وقف على يسارها مستقبل القبلة مثل وقوفك في الأُخرى، ثم ائت جمرة العقبة فارمها بسبع حصيات ولا تقف عندها، ثم انصرف وصلّ الظهر، وتفعل في(١١) الغد مثل ما فعلته في اليوم الأول، فان أحببت التعجيل جاز لك، وإن أحببت التأخير تأخّرت، ولا ترم إلّا وقت الزوال قبل الظهر في كلّ يوم ».

__________________

(٨) الحج ٢٢: ٢٩.

(٩) في البحار: وللزيارة.

(١٠) وفيه الظهر.

(١١) وفيه: من الغد.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

و منها : عقبة الرّحم و منها : عقبة الأمانة و منها : عقبة الصلاة و باسم كلّ فرض أو أمر أو نهي عقبة يحبس عندها العبد فيسأل عن كلّ واحدة )١ و في الخبر :

جاء عيسى إلى قبر يحيى و كان سأل ربّه أن يجيبه فدعاه فقال له : ما تريد منّي ؟ قال : تؤنسني كما كنت فقال : ما سكنت عنّي حرارة الموت و أنت تريد تن تعيدني إلى الدّنيا و تعود عليّ حرارة الموت فتركه فعاد إلى قبره٢ .

« و منازل مخوفة مهولة لابدّ من الورود عليها و الوقوف عندها » و من تلك المنازل الموت ، و في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام : إنّ الميّت إذا حضر الموت أوثقه ملك الموت و لو لا ذلك ما استقر٣ ، و مرّ خبر عيسى عليه السلام مع يحيى عليه السلام ،

و منها : دخول القبر ، و في ( الكافي ) عن يونس ، قال : حديث سمعته عن الكاظم عليه السلام ما ذكرته و أنا في بيت إلاّ ضاق عليّ ، يقول : إذا أتيت بالميّت إلى شفير قبره فأمهله ساعة فإنّه يأخذ أهبته للسّؤال٤ ، و منها : ضغطة القبر ، و في ( الكافي ) : سئل أبو عبد اللّه عن المصلوب يصيبه عذاب القبر ؟ فقال : إنّ ربّ الأرض هو ربّ الهواء ، فيوحي إلى الهواء فيضغطه ضغطة هي أشدّ من ضغطة القبر٥ ، و عنه عليه السلام : خرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في جنازة سعد بن معاذ و قد شيّعه سبعون ألف ملك فرفع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رأسه إلى السّماء ثمّ قال : مثل سعد يضمّ ، قال أبو بصير للصادق عليه السلام : أكان يستخفّ بالبول ؟ فقال : معاذ اللّه انّما كان زعارة في خلقه على أهله٦ و عنه عليه السلام : إنّ رقيّة لمّا قتلها عثمان قال

ــــــــــــ

 ( ١ ) الاعتقادات للصدوق : ٤٩ .

 ( ٢ ) الكافي ٣ : ٢٦٠ ح ٣٧ .

 ( ٣ ) المصدر نفسه ٣ : ٢٥٠ ح ٢ .

 ( ٤ ) المصدر نفسه ٣ : ١٩١ ح ٢ .

 ( ٥ ) المصدر نفسه ٣ : ٢٤١ ح ١٧ .

 ( ٦ ) المصدر نفسه ٣ : ٢٣٦ ح ٦ .

٢٠١

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رافعا رأسه إلى السماء ذكرت هذه و ما لقيت فرققت لها و استوهبتها من ضمّة القبر ، و منها : الخروج إلى المحشر ، و من شدّة هوله يقولون : يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن و صدق المرسلون١ .

و روى ( الكافي ) : أن فتية من أولاد ملوك بني اسرائيل كانوا متعبّدين و كانت العبادة في أولاد ملوكهم ، فخرجوا يسيرون ليعتبروا فمرّوا بقبر على ظهر الطريق قد سفى عليه السّافي فقالوا : لو دعونا اللّه الساعة فينشر لنا صاحب هذا القبر فسألناه إلى أن قال فخرج من ذلك القبر رجل أبيض الرأس و اللحية ينفض رأسه من التراب فزعا شاخصا بصره إلى السماء فقالوا له : متّ يوم متّ و أنت على ما نرى ؟ قال : لا ، و لكن لمّا سمعت الصيّحة ( اخرج ) اجتمعت تربة عظامي فخرجت فزعا شاخصا بصري مهطعا إلى صوت الدّاعي فابيضّ لذلك رأسي و لحيتي٢ .

و منها : طول يوم القيامة و شدّته ، ففي سورة المعارج تعرج الملائكة و الروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فاصبر صبرا جميلا إنّهم يرونه بعيدا و نراه قريبا يوم تكون السماء كالمهل و تكون الجبال كالعهن و لا يسأل حميم حميما يبصّرونهم يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه و صاحبته و أخيه و فصيلته التي تؤويه و من في الأرض جميعا ينجيه٣ قال القمي في تفسير الآية الأولى : في القيامة خمسين موقفا كلّ موقف ألف سنة٤ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) الكافي ٣ : ٢٣٦ ح ٦ ، و الآية ٥٢ من يس .

 ( ٢ ) المصدر نفسه ٣ : ٢٦١ ح ٣٨ .

 ( ٣ ) المعارج : ٤ ١٤ .

 ( ٤ ) تفسير القمي ٢ : ٣٨٦ .

٢٠٢

« و اعلموا أنّ ملاحظ المنيّة منكم دانية » هكذا في ( المصرية )١ و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) : ( دائبة )٢ ، فهو الصحيح ، و في ( الكافي ) : عن جابر سألت أبا جعفر عليه السلام عن لحظة ملك الموت فقال : أما رأيت الناس يكونون جلوسا فتعتريهم السكتة فما يتكلّم منهم أحد فتلك لحظة ملك الموت حيث يلحظهم٣ .

« و كأنّكم بمخالبها و قد نشبت فيكم » و المخلب للسباع بمنزلة الظفر للإنسان و نشب الشي‏ء فيه : علق فيه ، قال طرفة :

لعمرك انّ الموت ما أخطأ الفتى

لكا الطّول المرخى و ثنياه باليد٤ .

و في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام : ما من أهل بيت شعر و لا وبر إلاّ و يتصفّحهم كلّ يوم خمس مرّات٥ ، و عنه عليه السلام الأرض بين يدي ملك الموت كالقصعة يمدّ يده منها حيث يشاء٦ .

« و قد دهمتكم مفظعات الامور » مرّت الفقرة في سابقه .

« و معضلات المحذور » هكذا في ( المصرية )٧ و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم )٨ « و مضلعات المحذور » و في ( الصحاح ) : ( الضلع بالتحريك :

الإعوجاج خلقة تقول : منه ضلع بالكسر ، و ضلع بالفتح ، أي : مال ، و جمل مضلع

ــــــــــــ

 ( ١ ) الطبعة المصرية : ٤٦٢ .

 ( ٢ ) ابن أبي الحديد ١١ : ٥ ( دائبة ) و ابن ميثم ٤ : ٧ ( دائبة ) .

 ( ٣ ) الكافي ٣ : ٢٥٩ ح ٣١ .

 ( ٤ ) ابن منظور ، لسان العرب ٢ : ١٤٨ .

 ( ٥ ) الكافي ٣ : ١٣٧ ح ٣ .

 ( ٦ ) المصدر نفسه ٣ : ٢٥٦ ح ٢٤ .

 ( ٧ ) المصرية : ٤٦٢ .

 ( ٨ ) شرح ابن أبي الحديد ١١ : ٥ و شرح ابن ميثم ٤ : ٧ ( معضلات ) .

٢٠٣

أي : مثقل١ ، و المضلعات من ضلع بالفتح لا بالكسر كما توهّمه ابن أبي الحديد فإنّه لا يتعدّى ، و ظلع أي : صار أعرج و أعضل أي : أشكل و في ( الكافي ) في قوله تعالى : كلاّ إذا بلغت التّراقي و قيل من راق٢ ، ذلك ابن آدم إذا حلّ به الموت ، قال : هل من طبيب ؟ و في قوله تعالى : و ظنّ أنّه الفراق٣ أيقن بمفارقة الأحبّة ، و في قوله تعالى : و التفّت السّاق بالسّاق٤ التفّت الدنيا بالآخرة و في قوله تعالى : إلى ربّك يومئذ المساق٥ المصير إلى ربّ العالمين٦ .

« فقطعوا علائق الدّنيا » يا أيّها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر اللّه و من يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون٧ قل إن كان آباؤكم و أبناؤكم و إخوانكم و أزواجكم و عشيرتكم و أموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها أحبّ اليكم من اللّه و رسوله و جهاد في سبيله فتربّصوا حتّى يأتي اللّه بأمره و اللّه لا يهدي القوم الفاسقين٨ و إذا رأوا تجارة أو لهوا انفضّوا اليها و تركوك قائما قل ما عند اللّه خير من اللّهو و من التجارة و اللّه خير الرازقين٩ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) الصحاح : ( ضلع ) .

 ( ٢ ) القيامة : ٢٦ ٢٧ .

 ( ٣ ) القيامة : ٢٨ .

 ( ٤ ) القيامة : ٢٩ .

 ( ٥ ) القيامة : ٣٠ .

 ( ٦ ) الكافي ٣ : ٢٥٩ ح ٣٢ .

 ( ٧ ) المنافقون : ٩ .

 ( ٨ ) التوبة : ٢٤ .

 ( ٩ ) الجمعة : ١١ .

٢٠٤

« بزاد التقوى » تلك الجنّة التي نورث من عبادنا من كان تقيّا١ .

قول المصنّف : و قد مضى شي‏ء من هذا الكلام في ما تقدّم بخلاف هذه الرواية أشار إلى قوله في ( ٨١ ) « فكأن قد علقتكم مخاليب المنيّة و انقطعت منكم علائق الأمنية و دهمتكم مفظعات الامور » . كما مرّ في سابقه٢

٧

في الخطبة ( ١٣٠ ) منها :

فَإِنَّهُ وَ اَللَّهِ اَلْجِدُّ لاَ اَللَّعِبُ وَ اَلْحَقُّ لاَ اَلْكَذِبُ وَ مَا هُوَ إِلاَّ اَلْمَوْتُ قَدْ أَسْمَعَ دَاعِيهِ وَ أَعْجَلَ حَادِيهِ فَلاَ يَغُرَّنَّكَ سَوَادُ اَلنَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ فَقَدْ رَأَيْتَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِمَّنْ جَمَعَ اَلْمَالَ وَ حَذِرَ اَلْإِقْلاَلَ وَ أَمِنَ اَلْعَوَاقِبَ طُولَ أَمَلٍ وَ اِسْتِبْعَادَ أَجَلٍ كَيْفَ نَزَلَ بِهِ اَلْمَوْتُ فَأَزْعَجَهُ عَنْ وَطَنِهِ وَ أَخَذَهُ مِنْ مَأْمَنِهِ مَحْمُولاً عَلَى أَعْوَادِ اَلْمَنَايَا يَتَعَاطَى بِهِ اَلرِّجَالُ اَلرِّجَالَ حَمْلاً عَلَى اَلْمَنَاكِبِ وَ إِمْسَاكاً بِالْأَنَامِلِ أَ مَا رَأَيْتُمُ اَلَّذِينَ يَأْمُلُونَ بَعِيداً وَ يَبْنُونَ مَشِيداً وَ يَجْمَعُونَ كَثِيراً كَيْفَ أَصْبَحَتْ بُيُوتُهُمْ قُبُوراً وَ مَا جَمَعُوا بُوراً وَ صَارَتْ أَمْوَالُهُمْ لِلْوَارِثِينَ وَ أَزْوَاجُهُمْ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لاَ فِي حَسَنَةٍ يَزِيدُونَ وَ لاَ مِنْ سَيِّئَةٍ يَسْتَعْتِبُونَ فَمَنْ أَشْعَرَ اَلتَّقْوَى قَلْبَهُ بَرَّزَ مَهَلُهُ وَ فَازَ عَمَلُهُ فَاهْتَبِلُوا هَبَلَهَا وَ اِعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا فَإِنَّ اَلدُّنْيَا لَمْ تُخْلَقْ لَكُمْ دَارَ مُقَامٍ بَلْ خُلِقَتْ لَكُمْ مَجَازاً لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا اَلْأَعْمَالَ إِلَى دَارِ اَلْقَرَارِ فَكُونُوا مِنْهَا عَلَى أَوْفَازٍ وَ قَرِّبُوا اَلظُّهُورَ لِلزِّيَالِ

ــــــــــــ

 ( ١ ) مريم : ٦٣ .

 ( ٢ ) راجع صفحة ٦٨ .

٢٠٥

أقول : قوله : « فإنّه و اللّه الجدّ لا اللّعب » فيه من التأكيد ما لا مزيد عليه لكون المخاطبين عملهم عمل المنكر أشدّ الإنكار و ( الجدّ ) هنا بالكسر لأنّه نقيض الهزل و اللّعب ، و امّا الجدّ بالفتح فهو الحطّ ، و الجدّ بالضّمّ : البئر .

« و الحقّ لا الكذب » في الخبر : لم يخلق اللّه يقينا أقرب إلى الشّك من الموت١ .

أؤمّل أن أعيش و انّ يومي

بأوّل أو بأهون أو جبار

أو التالي دبار أو فيومي

بمونس أو عروبة أو شبار٢

و هي أسماء الأسبوع من أحد إلى السبت في الجاهلية .

« و ما هو إلاّ الموت قد اسمع داعيه » هكذا في ( المصرية )٣ و الظاهر زيادة ( قد ) لخلوّ ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخوئي ) عنه٤ ، و في ( الكافي ) عن أبي جعفر عليه السلام : ينادي مناد في كلّ يوم ( ابن آدم لد للموت و اجمع للفناء و ابن للخراب )٥ هذا و واضح ان ( أسمع ) و ( أعجل ) ماضيان و ( داعيه ) و ( حاديه ) بسكون الياء فيهما فاعلان لهما ، و المفعول مقدّر أي : أسمع داعي الموت النّاس و أعجلهم حاديه و قال ( الخوئي ) : « أسمع » و « أعجل » منصوبان على الحال امّا لفظا لو كان ( أفعل ) بصيغة التفضيل فيكون « داعيه » و « حاديه » مجرورين بإضافة ( أفعل ) إليهما من باب اضافة الصفة إلى مفعوله و لو كان

ــــــــــــ

 ( ١ ) وردت الرواية في الخصال : لم يخلق اللّه ( عزّ و جلّ ) يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت ، الخصال ١ : ١٤ و نقله المجلسي في البحار ١ : ١٢٧ .

 ( ٢ ) بحار الأنوار للمجلسي ٥٩ : ٥٢ كذلك لسان العرب ٤ : ٢٨٥ .

 ( ٣ ) الطبعة المصرية المصححة بلا ( قد ) : ٣٠١ .

 ( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٨ : ٢٦٩ و شرح ابن ميثم ٣ : ١٥ ( قد ) ، و شرح الخوئي ٨ : ٢٩٣ ح ١٣٢ .

 ( ٥ ) الكافي ٣ : ٢٥٥ ح ١٩ .

٢٠٦

« أسمع » فعلا ماضيا ف « داعيه » منصوب بالمفعولية١ . و في كلامه كما ترى أوهام فاحشة ، فأيّ معنى للتفضيل هنا فهل يصحّ أن يقال : الموت أسمع من داعيه و أعجل من حاديه ؟ كما أنّه على الماضي لا معنى لأن يقال : أسمع الموت داعيه و اعجل حاديه ، و في ( الأغاني ) : اصطبح نبيه المغني عند عبيد اللّه بن غسان فقال له : أيّ شي‏ء تشتهي ؟ قال كبد غزال فأطعمه فلما استوفى أكله استلقى لينام فحرّكوه ، فإذا هو ميّت فجزعوا ، و بعث عبيد اللّه إلى أمّه فجاءت فأخبرها بخبره فقالت : لا بأس عليكم هو رابع أربعة ولدتهم كانت هذه ميتتهم جميعا و ميتة أبيهم من قبلهم٢ . و قيل بالفارسيّة ( ناگهان بانگى برامد خواجه مرد ) و في ( الحلية ) ، عن زيد بن السلمي : أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا أنس غفلة أو غرة نادى فيهم بصوت رفيع : أتتكم المنيّة راتبة لازمة امّا بشقاوة و امّا بسعادة٣ .

« و أعجل حاديه » في ( الصحاح ) : ( الحدو ) سوق الإبل و الغناء لها و يقال للشّمال حدواء لأنّها تحدوا السّحاب أي : تسوقه٤ ، و في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى : إنّما نعدّلهم عدّا٥ المراد تعداد عدد الأنفاس لا الأيّام فالآباء و الامّهات يحصون أيّام ولدهما .

« فلا يغرّنّك سواد الناس من نفسك » في ( اسد الغابة ) : عاش حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام هو و أباؤه كلّ منهم مائة و عشرين سنة ، و لا يعرف في العرب أربعة تناسلوا من صلب واحد و عاش كلّ منهم مائة و عشرين سنة ،

ــــــــــــ

 ( ١ ) شرح الخوئي ٨ : ٢٩٣ .

 ( ٢ ) الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ٦ : ١٦٢ .

 ( ٣ ) حلية الأولياء لأبي نعيم الاصفهاني ٧ : ٣٠٤ .

 ( ٤ ) الصحاح : ( حدد ) .

 ( ٥ ) مريم : ١٨ .

٢٠٧

و ذكر عند عبد الرحمن بن حسّان عمر أبيه و أجداده فاستلقى على فراشه و ضحك فمات و هو ابن ثمان و أربعين سنة١ و في ( الكافي ) : أنّ السجّاد و الباقر عليهما السّلام كانا إذا رأيا جنازة قالا : ( الحمد للّه الذي لم يجعلني من السواد المخترم ) و قال تعالى حاكيا عن المؤمنين قولهم في القيامة للمنافقين :

و غرَّتكم الأماني حتّى جاء أمر اللّه و غرّكم باللّه الغرور .٢ و في ( الطبري ) :

لما احتضر المعتصم جعل يقول : انّي أخذت من بين هذا الخلق لو علمت أنّ عمري هكذا قصير ما فعلت ما فعلت و جعل يقول : ذهبت الحيل ليست حيلة ،

حتّى أصمت ، و سمع الحسن البصري جارية تبكي على قبر أبيها و هي تقول :

يا أبه لم أر مثل يومك فقال : الذي لم يرو اللّه مثل يومه أبوك و سمع عمر بن عبد العزيز خصيّا للوليد على قبره و هو يقول : يا مولاي ماذا لقينا من بعدك فقال له عمر : أما و اللّه لو اذن له في الكلام لأخبر أنّه لقي بعدكم أكثر ممّا لقيتم بعده٣ ، هذا و قال ابن ميثم : يعني لا يغرّنك من نفسك الأمّارة بالسوء وسوستها و استغفالها لك عن ملاحظة الموت سواد الناس٤ ، و قال ابن أبي الحديد : « من » في « من نفسك » بمعنى الباء ، أي : لا يغرّنّك النّاس بنفسك و صحتك و شبابك ، و اما متعلّقة بمحذوف تقديره متمكنا من نفسك و راكنا إليها٥ ، و كلّ منهما كما ترى بلا محصّل ، و واضح أنّ المراد دفع الوهم ، بأنّ الإنسان في كلّ وقت يرى عددا لا يحصون فيقول ، كما لم يمت هؤلاء الجمع الكثير لا أموت أنا بأنّ ذلك لا يصير سببا لاغتراره لأنّ السواد يحصل

ــــــــــــ

 ( ١ ) اسد الغابة لابن الأثير ٢ : ٧ .

 ( ٢ ) الحديد : ١٤ .

 ( ٣ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٧ : ٣١٤ .

 ( ٤ ) شرح ابن ميثم ٣ : ١٥١ .

 ( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ٨ : ٢٦٩ .

٢٠٨

من كثير من الناشئين الّذين نشأوا بعده و قليل من الّذين كانوا في سنّه أو أكثر منهم بقليل ، و لو بدّل توجّه بصره إلى السّواد الكلّي بتوجّه بصيرته إلى أشخاص أهل بيته ، و عشيرته ، و أصدقائه ، و أهل حرفته ، و ساير طبقات بلده لتوحّش و تبدّل اغتراره بالاعتبار .

« فقد رأيت من كان قبلك ممّن جمع المال » مأخوذ من قوله تعالى : الذي جمع مالاً و عدّده يحسبُ أن ماله أخلده١ قال ابن ميثم و تبعه الخوئي٢ :

أنّه بيان لقوله : ( فلا يغرّنّك ) و الصّواب : كونه بياناً لقوله : ( ما هو إلاّ الموت ) كما أنّ قوله : ( لا يغرّنّك ) دفع توهّم يرد على قوله : ( ما هو إلاّ الموت ) .

« و حذر الأقلال » أي : الافتقار .

« و أمن العواقب طول أمل و استبعاد أجل » ( طول و استبعاد ) ، منصوبان تعليلا فإنّه المتبادر ، لا بدل ( من ) كما احتمله ابن أبي الحديد٣ .

قال أبو العتاهية :

كلّنا نأمل مدّا في الأجل

و المنايا هنّ آفات الأمل

لا يغرنّك أباطيل المنى

و الزم القصد وضع عنك العلل

انّما الدّنيا كظلّ زائل

حلّ فيها راكب ثمّ رحل٤

« كيف نزل به الموت فازعجه عن وطنه » في ( الصحاح ) : أزعجه : أقلقه و قلعه عن مكانه٥ .

« و أخذه من مأمنه » قال تعالى حاكيا عن قول صالح لقومه : أتتركون في

ــــــــــــ

 ( ١ ) الهمزة : ٢ ٣ .

 ( ٢ ) شرح ابن ميثم في ٣ : ١٥١ و شرح الخوئي في ٨ : ٣٠٠ .

 ( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٨ : ٢٦٩ .

 ( ٤ ) البيت الأخير منسوب للإمام علي عليه السلام الديوان : ١٢٥ .

 ( ٥ ) الصحاح : ( زعج ) .

٢٠٩

ما هاهنا آمنين في جناتٍ و عيونٍ و زروعٍ و نخلٍ طلعها هضيم١ قال المخبل السعدي :

و لئن بنيت لي المشقر في

عنقاء تقصر دونها العصم

لتنقّبن عنّي المنيّة

انّ اللّه ليس كحكمه حكم٢

« محمولا على أعواد المنايا » :

كلّ ابن انثى و ان طالت سلامته

يوما على آلة الحدباء محمول٣

« يتعاطى به الرّجال الرّجال حملا على المناكب و إمساكا بالأنامل » في ( الكافي ) عن الكاظم عليه السلام : السنّة في حمل الجنازة أن تستقبل السرير بشقّك الأيمن فتلزم الأيسر بكفّك الأيمن ثم تمرّ عليه إلى الجانب الآخر ، و تدور من خلفه إلى الجانب الثالث من السرير ، ثمّ تمرّ عليه إلى الجانب الرابع ممّا يلي يسارك٤ و عن الصادق عليه السلام : تبدأ في حمل السرير من الجانب الأيمن ثمّ تمرّ عليه من خلفه إلى الجانب الآخر ثمّ تمرّ حتى ترجع إلى المتقدّم كذلك دوران الرّحى عليه٥ هذا و الظّاهر أنّ « حملا » و « إمساكا » حالان من الفاعل و المفعول ليتعاطى و أفرادهما لكونهما مصدرين ، و المصدر لا يثنّى و لا يجمع و ان كان بمعنى الوصف ، كما هنا فإنّ الأصل حاملين له على المناكب و ممسكين له بالأنامل و لا مجال لكونهما مفعولا له كما احتمله٦ الخوئي لأنّ التعاطي لا يكون للحمل و الإمساك بل للإشتراك في فضل الحمل أو لرفع

ــــــــــــ

 ( ١ ) الشعراء : ١٤٦ ١٤٨ .

 ( ٢ ) لسان العرب ٧ : ١٦٣ .

 ( ٣ ) المصدر نفسه ٣ : ٧٣ .

 ( ٤ ) الكافي ٣ : ١٦٨ ح ١ .

 ( ٥ ) المصدر نفسه ٣ : ١٦٩ ح ٤ .

 ( ٦ ) شرح الخوئي ٨ : ٢٩٧ .

٢١٠

التعب عمّن حمله قبل١ .

« أما رأيتم الذين يأملون بعيدا و يبنون مشيدا » في ( الصحاح ) : المشيد :

المعمول بالشيد ، و الشّيد بالكسر كلّ شي‏ء طليت به الحائط من جصّ أو بلاط و المشيّد بالتشديد : المطوّل ، و قال الكسائي المشيد للواحد من قوله تعالى :

و قصرٍ مشيدٍ٢ و المشيّد للجمع من قوله تعالى : في بروجٍ مشيّدةٍ٣ .

« و يجمعون كثيرا » كلاّ إنّها لظى نزّاعة للشّوى تدعو من أدبر و تولّى و جمع فأوعى٤ و قال تعالى في قارون : فخسفنا به و بداره الأرض فما كان له من فئةٍ ينصرونه من دون اللّه و ما كان من المنتصرين٥ .

« كيف » هكذا في ( المصرية )٦ و الكلمة زائدة لعدم وجودها في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )٧ .

« أصبحت بيوتهم قبورا و ما جمعوا بورا » أي : هالكا قال الأسود بن يعفر :

ماذا أؤمّل بعد آل محرّق

تركوا منازلهم و بعد اياد

أهل الخورنق و السدير و بارق

و القصر ذي الشّرفات من سنداد

نزلوا بأنقرة يسيل عليهم

ماء الفرات يجيي‏ء من أطواد

أرض تخيّرها لطيب مقيلها

كعب بن مامة و ابن امّ دواد

جرت الرياح على محلّ ديارهم

فكأنّهم كانوا على ميعاد

ــــــــــــ

 ( ١ ) شرح الخوئي ٨ : ٢٩٧ .

 ( ٢ ) الحج : ٤٤ .

 ( ٣ ) الصحاح : ( شيد ) و الآية ٨٢ من سورة النساء .

 ( ٤ ) المعارج : ١٥ ١٨ .

 ( ٥ ) القصص : ٨١ .

 ( ٦ ) المصرية المصححة لا وجود لهذا اللفظ : ٣٠٢ .

 ( ٧ ) شرح ابن أبي الحديد ٨ : ٢٦٩ و شرح ابن ميثم ٣ : ١٥٠ ( كيف ) و الخطية : ١١١ .

٢١١

فأرى النعيم و كلّ ما يلهى به

يوما يصير إلى بلى و نفاد١

« و صارت أموالهم للوارثين » قال تعالى في فرعون و قومه : كم تركوا من جنّاتٍ و عيونٍ و زروع و مقامٍ كريم و نعمةٍ كانوا فيها فاكهين كذلك و أورثناها قوماً آخرين فما بكت عليهم السماء و الأرض و ما كانوا منظرين٢ هذا و في ( المعمّرين لأبي حاتم ) : سئل عبيد الجرهمي ، و كان عاش ثلاثمائة سنة ، عن أعجب شي‏ء رآه فقال : انّي نزلت بحيّ من قضاعة فخرجوا بجنازة رجل من عذرة يقال له حريث بن جبلة فخرجت معهم حتّى إذا واروه انتدبت جانبا و عيناي تذر فان ، ثمّ تمثّلت شعرا كنت رويته قبل :

و بينما المرء في الأحياء مغتبطا

إذ صار في الأمس تعفوه الأعاصير

حتّى إذا لم يكن الاّ تذكّره

و الدهر أيّة ما حال دهارير

يبكي الغريب عليه ليس يعرفه

و ذو قرابته في الحيّ مسرور

و ذاك آخر عهدي من أخيك إذا

ما المرء ضمّنه اللحد الخناسير

الخناسير : المشيّعون ، فقال رجل : من قائلها ؟ قلت : لا أدري ، قال : قائلها هذا الّذي دفنّاه و إنّ هذا ذو قرابته أسرّ الناس بموته ، و انّك الغريب لا تعرفه تبكي عليه٣ .

« و أزواجهم لقوم آخرين » في ( المعجم ) : كان المتوكّل وهب جارية من جواريه حسنة كاملة يقال لها : ( صاحب ) أحمد بن حمدون ، فلمّا مات تزوجّت ،

قال أبو علي بن يحيى المنجّم : فرأيته في النّوم و هو يقول :

أبا عليّ ما ترى العجائبا

أصبح جسمي في التّراب غائبا

ــــــــــــ

 ( ١ ) ذكرها الأصفهاني في الأغاني ١٣ : ١٦ ١٧ ، و ابن عبد ربه في العقد الفريد ٣ : ٢٩ ، و بعضه ابن منظور في لسان العرب ١ : ٣٨٤ .

 ( ٢ ) الدخان : ٢٥ ٢٨ .

 ( ٣ ) المعمّرون و الوصايا لأبي حاتم : ٥٢ .

٢١٢

و استبدلت ( صاحب ) بعدي صاحبا١

و في ( الأغاني ) تزوّج عبد الرحمن بن سهيل بن عمرو امّ هشام بنت عبد اللّه بن عمر ، و كانت من أجمل نساء قريش و كان يجد بها و جدا شديدا فمرض مرضته التي هلك فيها فجعل يديم النّظر إليها و هي عند رأسه فقالت له :

انّك لتنظر نظر رجل له حاجة قال : أي و اللّه ، إنّي لي إليك حاجة لو ظفرت بها لهان عليّ ما أنا فيه قالت : و ما هي ؟ قال : أخاف أن تزوّجي بعدي قالت : فما يرضيك ؟ قال : أن توثقي لي بالأيمان المغلّظة فحلفت له بكلّ يمين سكنت إليها نفسه ثمّ هلك فلّما قضت عدّتها خطبها عمر بن العزيز و هو أمير المدينة فأرسلت إليه ما أراك إلاّ و قد بلغتك يميني ، فأرسل إليها : لك مكان كلّ عبد و أمة عبدان و أمتان ، و مكان كلّ علق علقان ، و مكان كلّ شي‏ء ضعفه فتزوجته٢ .

« لا في حسنة يزيدون » حتّى إذا جاء أحدهم الموتُ قال ربِّ ارجعونِ لعلّي أعمل صالحا فيما تركت كلاّ إنّها كلمة هو قائلها و من ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون٣ ، فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نردّ فنعمل غير الّذي كنّا نعمل قد خسروا أنفسهم و ضلّ عنهم ما كانوا يفترون٤ ، و هم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنّا نعمل أو لم نعمّركم ما يتذكر فيه من تذكّر و جاءكم النّذير فذوقوا فما للظالمين من نصير٥ .

« و لا من سيئة يستعتبون » أي : يسترجعون قال تعالى : و قيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا و مأواكم النّار و مالكم من ناصرين ذلكم

ــــــــــــ

 ( ١ ) معجم الادباء للحموي ٢ : ٢٠٨ ترجمة ( أحمد بن حمدون ) .

 ( ٢ ) الأغاني للأصفهاني ١٣ : ٣٩ ٣٨ .

 ( ٣ ) المؤمنون : ٩٩ ١٠٠ .

 ( ٤ ) الأعراف : ٥٣ .

 ( ٥ ) فاطر : ٣٧ .

٢١٣

بأنّكم اتّخذتم آيات اللّه هزوا و غرّتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها و لا هم يستعتبون١ ، فيومئذ لا ينفع الّذين ظلموا معذرتهم و لا هم يستعتبون٢ .

« فمن اشعر التقوى قلبه » أي : جعل التقوى شعار قلبه ، و الشعار ما ولي الجسد من الثّياب .

« برّز مهله » قال ابن أبي الحديد : المهل : شوط الفرس٣ و إنّما قال الجوهري : ( برّز الرجل : فاق على أصحابه و كذلك الفرس إذا سبق )٤ و هو كما ترى لا يفهم منه أكثر من أنّ ( برّز الفرس ) بمعنى سبق الفرس و الصّواب : أنّ المهل : التقدّم في الخير ، ففي ( المغرب ) : المهل بالتحريك : التقدّم ، و به كنّى أبو مهل عروة بن عبد اللّه ابن قشير الجعفي٥ ، و في ( النهاية ) : فلان ذو مهل ، أي :

تقدّم في الخير ، و لا يقال في الشّرّ ، ثمّ لا وجه لنصب « مهله » بعد كون قوله بعد ذلك : « و فاز عمله » بالرّفع٦ .

« و فاز عمله » و الذين يؤتون ما آتوا و قلوبهم وجلة أنّهم إلى ربّهم راجعون اولئك يسارعون في الخيرات و هم لها سابقون٧ .

« فاهتبلوا هبلها » أي : اغتنموا غنيمتها فيكون « هبلها » مفعولا به و يكون « اهتبلوا هبلها » مساوقا لقوله تعالى : و أعدّوا له عدّة و ممّا ذكرنا يظهر لك

ــــــــــــ

 ( ١ ) الجاثية : ٣٤ ٣٥ .

 ( ٢ ) الروم : ٥٧ .

 ( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٨ : ٢٦٩ .

 ( ٤ ) الصحاح : ( برز ) .

 ( ٥ ) المغرب لأبي الفتح ٢ : ١٩٤ .

 ( ٦ ) النهاية لابن الأثير ٤ : ٣٣٥ ( مهل ) .

 ( ٧ ) المؤمنون : ٦٠ ٦١ .

٢١٤

ما في قول ابن أبي الحديد : هبلها منصوب على المصدر كأنّه من هبل مثل غضب غضبا١ و ما في قول ابن ميثم : هبلها مصدر مضاف إلى ضمير التقوى مؤكّد للفعل أي : أحكموها إحكامها٢ فلو كان « هبلها » مفعولا مطلقا لقال : فاهتبلوا لها اهتبالا ، و بالجملة لا ريب أن هبلها مثل عملها في قوله بعد :

« و اعملوا للجنّة عملها » و أمّا من خاف مقام ربّه و نهى النفس عن الهوى فانّ الجنّة هي المأوى٣ الّذين هم في صلاتهم خاشعون و الّذين هم عن اللّغو معرضون و الّذين هم للزّكاة فاعلون و الّذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم فإنّهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون و الّذين هم لأماناتهم و عهدهم راعون و الذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون٤ ، في جنّة عالية قطوفها دانية ،

كلوا و اشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيّام الخالية٥ و في الخبر : من أحبّ أن تكون الجنّة مسكنه و مأواه فلا يدع زيارة المظلوم٦ .

« فإنّ الدنيا لم تخلق لكم دار مقام » بالضمّ أي : إقامة .

« بل خلقت لكم مجازا » في ( الصحاح ) : ( جعل الأمر مجازا إلى حاجته ، أي :

طريقا و مسلكا٧ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٨ : ٢٦٩ .

 ( ٢ ) شرح ابن ميثم .

 ( ٣ ) النازعات : ٤٠ ٤١ .

 ( ٤ ) المؤمنون : ٢ ١١ .

 ( ٥ ) الحاقة : ٢٢ ٢٤ .

 ( ٦ ) كامل الزيارات للصدوق : ٢ و نقله المجلسي في البحار ٩٨ : ٦٦ ح ٥٧ .

 ( ٧ ) الصحاح : ( جوز ) .

٢١٥

« لتزوّدوا منها الأعمال إلى دار القرار » يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا اللّه و لتنظر نفس ما قدّمت لغد و اتّقوا اللّه إنّ اللّه خبير بما تعملون١ .

« فكونوا منها على أوفاز » في ( الصحاح ) : الوفز : العجلة ، يقال : نحن على أو فاز ، أي : على سفر٢ .

« و قرّبوا الظهور للزّيال » في ( المغرب ) : يستعار الظهر للدّابّة و الرّاحلة ،

و منه ( و لا ظهرا بقى ) ، و الزّيال : مصدر زايل كالمزايلة و هو المفارقة٣ ، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله : مالي و للدّنيا إنّما مثلي و مثلها كمثل راكب رفعت له شجرة في يوم صائف ، فقال من القيلولة تحتها ، ثمّ راح و تركها .

٨

الخطبة ( ٢١٦ ) و من كلام له عليه السلام بعد تلاوته ألهاكم التّكاثر حتّى زرتم المقابر :

يَا لَهُ مَرَاماً مَا أَبْعَدَهُ وَ زَوْراً مَا أَغْفَلَهُ وَ خَطَراً مَا أَفْظَعَهُ لَقَدِ اِسْتَخْلَوْا مِنْهُمْ أَيَّ مُدَّكِرٍ وَ تَنَاوَشُوهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ أَ فَبِمَصَارِعِ آبَائِهِمْ يَفْخَرُونَ أَمْ بِعَدِيدِ اَلْهَلْكَى يَتَكَاثَرُونَ يَرْتَجِعُونَ مِنْهُمْ أَجْسَاداً خَوَتْ وَ حَرَكَاتٍ سَكَنَتْ وَ لَأَنْ يَكُونُوا عِبَراً أَحَقُّ مِنْ أَنْ يَكُونُوا مُفْتَخَراً وَ لَأَنْ يَهْبِطُوا بِهِمْ جَنَابَ ذِلَّةٍ أَحْجَى مِنْ أَنْ يَقُومُوا بِهِمْ مَقَامَ عِزَّةٍ لَقَدْ نَظَرُوا إِلَيْهِمْ بِأَبْصَارِ اَلْعَشْوَةِ وَ ضَرَبُوا مِنْهُمْ فِي غَمْرَةِ جَهَالَةٍ وَ لَوِ اِسْتَنْطَقُوا عَنْهُمْ عَرَصَاتِ تِلْكَ اَلدِّيَارِ اَلْخَاوِيَةِ وَ اَلرُّبُوعِ اَلْخَالِيَةِ لَقَالَتْ ذَهَبُوا

ــــــــــــ

 ( ١ ) الحشر : ١٨ .

 ( ٢ ) الصحاح : ( وفز ) .

 ( ٣ ) المغرب لأبي الفتح ٢ : ٢٥ .

٢١٦

فِي اَلْأَرْضِ ضُلاَّلاً وَ ذَهَبْتُمْ فِي أَعْقَابِهِمْ جُهَّالاً تَطَئُونَ فِي هَامِهِمْ وَ تَسْتَنْبِتُونَ فِي أَجْسَادِهِمْ وَ تَرْتَعُونَ فِيمَا لَفَظُوا وَ تَسْكُنُونَ فِيمَا خَرَّبُوا وَ إِنَّمَا اَلْأَيَّامُ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ بَوَاكٍ وَ نَوَائِحُ عَلَيْكُمْ أُولَئِكُمْ سَلَفُ غَايَتِكُمْ وَ فُرَّاطُ مَنَاهِلِكُمْ اَلَّذِينَ كَانَتْ لَهُمْ مَقَاوِمُ اَلْعِزِّ وَ حَلَبَاتُ اَلْفَخْرِ مُلُوكاً وَ سُوَقاً سَلَكُوا فِي بُطُونِ اَلْبَرْزَخِ سَبِيلاً سُلِّطَتِ اَلْأَرْضُ عَلَيْهِمْ فِيهِ فَأَكَلَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ وَ شَرِبَتْ مِنْ دِمَائِهِمْ فَأَصْبَحُوا فِي فَجَوَاتِ قُبُورِهِمْ جَمَاداً لاَ يَنْمُونَ وَ ضِمَاراً لاَ يُوجَدُونَ لاَ يُفْزِعُهُمْ وُرُودُ اَلْأَهْوَالِ وَ لاَ يَحْزُنُهُمْ تَنَكُّرُ اَلْأَحْوَالِ وَ لاَ يَحْفِلُونَ بِالرَّوَاجِفِ وَ لاَ يَأْذَنُونَ لِلْقَوَاصِفِ غُيَّباً لاَ يُنْتَظَرُونَ وَ شُهُوداً لاَ يَحْضُرُونَ وَ إِنَّمَا كَانُوا جَمِيعاً فَتَشَتَّتُوا وَ أُلاَّفاً فَافْتَرَقُوا وَ مَا عَنْ طُولِ عَهْدِهِمْ وَ لاَ بُعْدِ مَحَلِّهِمْ عَمِيَتْ أَخْبَارُهُمْ وَ صَمَّتْ دِيَارُهُمْ وَ لَكِنَّهُمْ سُقُوا كَأْساً بَدَّلَتْهُمْ بِالنُّطْقِ خَرَساً وَ بِالسَّمْعِ صَمَماً وَ بِالْحَرَكَاتِ سُكُوناً فَكَأَنَّهُمْ فِي اِرْتِجَالِ اَلصِّفَةِ صَرْعَى سُبَاتٍ جِيرَانٌ لاَ يَتَأَنَّسُونَ وَ أَحِبَّاءُ لاَ يَتَزَاوَرُونَ بَلِيَتْ بَيْنَهُمْ عُرَا اَلتَّعَارُفِ وَ اِنْقَطَعَتْ مِنْهُمْ أَسْبَابُ اَلْإِخَاءِ فَكُلُّهُمْ وَحِيدٌ وَ هُمْ جَمِيعٌ وَ بِجَانِبِ اَلْهَجْرِ وَ هُمْ أَخِلاَّءُ لاَ يَتَعَارَفُونَ لِلَيْلٍ صَبَاحاً وَ لاَ لِنَهَارٍ مَسَاءً أَيُّ اَلْجَدِيدَيْنِ ظَعَنُوا فِيهِ كَانَ عَلَيْهِمْ سَرْمَداً شَاهَدُوا مِنْ أَخْطَارِ دَارِهِمْ أَفْظَعَ مِمَّا خَافُوا وَ رَأَوْا مِنْ آيَاتِهَا أَعْظَمَ مِمَّا قَدَّرُوا فَكِلْتَا اَلْغَايَتَيْنِ مُدَّتْ لَهُمْ إِلَى مَبَاءَةٍ فَاتَتْ مَبَالِغَ اَلْخَوْفِ وَ اَلرَّجَاءِ فَلَوْ كَانُوا يَنْطِقُونَ بِهَا لَعَيُّوا بِصِفَةِ مَا شَاهَدُوا وَ مَا عَايَنُوا وَ لَئِنْ عَمِيَتْ آثَارُهُمْ وَ اِنْقَطَعَتْ أَخْبَارُهُمْ لَقَدْ رَجَعَتْ فِيهِمْ أَبْصَارُ اَلْعِبَرِ وَ سَمِعَتْ عَنْهُمْ آذَانُ اَلْعُقُولِ وَ تَكَلَّمُوا مِنْ غَيْرِ جِهَاتِ اَلنُّطْقِ فَقَالُوا كَلَحَتِ اَلْوُجُوهُ اَلنَّوَاضِرُ وَ خَوَتِ اَلْأَجْسَامُ اَلنَّوَاعِمُ وَ لَبِسْنَا أَهْدَامَ اَلْبِلَى وَ تَكَاءَدَنَا

٢١٧

ضِيقُ اَلْمَضْجَعِ وَ تَوَارَثْنَا اَلْوَحْشَةَ وَ تَهَكَّمَتْ عَلَيْنَا اَلرُّبُوعُ اَلصُّمُوتُ فَانْمَحَتْ مَحَاسِنُ أَجْسَادِنَا وَ تَنَكَّرَتْ مَعَارِفُ صُوَرِنَا وَ طَالَتْ فِي مَسَاكِنِ اَلْوَحْشَةِ إِقَامَتُنَا وَ لَمْ نَجِدْ مِنْ كَرْبٍ فَرَجاً وَ لاَ مِنْ ضِيقٍ مُتَّسَعاً فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ بِعَقْلِكَ أَوْ كُشِفَ عَنْهُمْ مَحْجُوبُ اَلْغِطَاءِ لَكَ وَ قَدِ اِرْتَسَخَتْ أَسْمَاعُهُمْ بِالْهَوَامِّ فَاسْتَكَّتْ وَ اِكْتَحَلَتْ أَبْصَارُهُمْ بِالتُّرَاب فَخَسَفَتْ وَ تَقَطَّعَتِ اَلْأَلْسِنَةُ فِي أَفْوَاهِهِمْ بَعْدَ ذَلاَقَتِهَا وَ هَمَدَتِ اَلْقُلُوبُ فِي صُدُورِهِمْ بَعْدَ يَقَظَتِهَا وَ عَاثَ فِي كُلِّ جَارِحَةٍ مِنْهُمْ جَدِيدُ بِلًى سَمَّجَهَا وَ سَهَّلَ طُرُقَ اَلْآفَةِ إِلَيْهَا مُسْتَسْلِمَاتٍ فَلاَ أَيْدٍ تَدْفَعُ وَ لاَ قُلُوبٌ تَجْزَعُ لَرَأَيْتَ أَشْجَانَ قُلُوبٍ وَ أَقْذَاءَ عُيُونٍ لَهُمْ فِي كُلِّ فَظَاعَةٍ صِفَةُ حَالٍ لاَ تَنْتَقِلُ وَ غَمْرَةٌ لاَ تَنْجَلِي فَكَمْ أَكَلَتِ اَلْأَرْضُ مِنْ عَزِيزِ جَسَدٍ وَ أَنِيقِ لَوْنٍ كَانَ فِي اَلدُّنْيَا غَذِيَّ تَرَفٍ وَ رَبِيبَ شَرَفٍ يَتَعَلَّلُ بِالسُّرُورِ فِي سَاعَةِ حُزْنِهِ وَ يَفْزَعُ إِلَى اَلسَّلْوَةِ إِنْ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ ضَنّاً بِغَضَارَةِ عَيْشِهِ وَ شَحَاحَةً بِلَهْوِهِ وَ لَعِبِهِ فَبَيْنَا هُوَ يَضْحَكُ إِلَى اَلدُّنْيَا وَ تَضْحَكُ اَلدُّنْيَا إِلَيْهِ فِي ظِلِّ عَيْشٍ غَفُولٍ إِذْ وَطِئَ اَلدَّهْرُ بِهِ حَسَكَهُ وَ نَقَضَتِ اَلْأَيَّامُ قُوَاهُ وَ نَظَرَتْ إِلَيْهِ اَلْحُتُوفُ مِنْ كَثَبٍ فَخَالَطَهُ بَثٌّ لاَ يَعْرِفُهُ وَ نَجِيُّ هَمٍّ مَا كَانَ يَجِدُهُ وَ تَوَلَّدَتْ فِيهِ فَتَرَاتُ عِلَلٍ آنَسَ مَا كَانَ بِصِحَّتِهِ فَفَزِعَ إِلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ اَلْأَطِبَّاءُ مِنْ تَسْكِينِ اَلْحَارِّ بِالْقَارِّ وَ تَحْرِيكِ اَلْبَارِدِ بِالْحَارِّ فَلَمْ يُطْفِئْ بِبَارِدٍ إِلاَّ ثَوَّرَ حَرَارَةً وَ لاَ حَرَّكَ بِحَارٍّ إِلاَّ هَيَّجَ بُرُودَةً وَ لاَ اِعْتَدَلَ بِمُمَازِجٍ لِتِلْكَ اَلطَّبَائِعِ إِلاَّ أَمَدَّ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ دَاءٍ حَتَّى فَتَرَ مُعَلِّلُهُ وَ ذَهَلَ مُمَرِّضُهُ وَ تَعَايَا أَهْلُهُ بِصِفَةِ دَائِهِ وَ خَرِسُوا عَنْ جَوَابِ اَلسَّاِئِلينَ عَنْهُ وَ تَنَازَعُوا دُونَهُ شَجِيَّ خَبَرٍ يَكْتُمُونَهُ فَقَائِلٌ هُوَ لِمَا بِهِ وَ مُمَنٍّ لَهُمْ إِيَابَ عَافِيَتِهِ وَ مُصَبِّرٌ لَهُمْ عَلَى

٢١٨

فَقْدِهِ يُذَكِّرُهُمْ أُسَى اَلْمَاضِينَ مِنْ قَبْلِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى جَنَاحٍ مِنْ فِرَاقِ اَلدُّنْيَا وَ تَرْكِ اَلْأَحِبَّةِ إِذْ عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنْ غُصَصِهِ فَتَحَيَّرَتْ نَوَافِذُ فِطْنَتِهِ وَ يَبِسَتْ رُطُوبَةُ لِسَانِهِ فَكَمْ مِنْ مُهِمٍّ مِنْ جَوَابِهِ عَرَفَهُ فَعَيَّ عَنْ رَدِّهِ وَ دُعَاءٍ مُؤْلِمٍ بِقَلْبِهِ سَمِعَهُ فَتَصَامَّ عَنْهُ مِنْ كَبِيرٍ كَانَ يُعَظِّمُهُ أَوْ صَغِيرٍ كَانَ يَرْحَمُهُ وَ إِنَّ لِلْمَوْتِ لَغَمَرَاتٍ هِيَ أَفْظَعُ مِنْ أَنْ تُسْتَغْرَقَ بِصِفَةٍ أَوْ تَعْتَدِلَ عَلَى عُقُولِ أَهْلِ اَلدُّنْيَا أقول : قول المصنّف : ( و من كلام له عليه السلام بعد تلاوته ألهاكم التكاثر حتّى زرتم المقابر في ( أسباب نزول الواحدي ) : قال مقاتل و الكلبي : نزلت في حيّين من قريش بني عبد مناف و بني سهم ، كان بينهم لحافتعاند السادة و الأشراف أيّهم أكثر فقال بنو عبد مناف : نحن أكثر سيّدا و عزّا و أعظم نفرا ،

و قال بنوسهم مثل ذلك فكثّرهم بنو عبد مناف ثمّ قالوا : نعدّ موتانا حتّى زاروا القبور ، فعدّوا موتاهم فكثّرهم بنو سهم لأنّهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية .

و قال قتادة : نزلت في اليهود ، قالوا : نحن أكثر من بني فلان و بنو فلان أكثر من بني فلان ، ألهاهم ذلك حتّى ماتوا ضلالا١ ، هذا و قال ابن أبي الحديد بعد عنوان هذه الخطبة : هذا موضع المثل ( ضلعا يا ظليم و إلاّ فالتّخوية ) من أراد أن يعظ و يخوّف و يقرع صفاة القلب ، و يعرّف النّاس قدر الدّنيا و تصرّفها بأهلها ،

فليأت بمثل هذه الموعظة في مثل هذا الكلام الفصيح و إلاّ فليمسك ، فإنّ السّكوت أستر ، و العيّ خير من منطق يفضح صاحبه و من تأمّل هذا الفصل علم صدق معاوية في قوله فيه عليه السلام : ( و اللّه ما سنّ الفصاحة لقريش غيره ) و ينبغي لو اجتمع فصحاء العرب قاطبة في مجلس ، و تلي عليهم أن يسجدوا له كما سجد الشعراء لقول عديّ بن الرّقاع في قوله : ( قلم أصاب من الدّواة

ــــــــــــ

 ( ١ ) أسباب النزول للواحدي : ٣٤١ .

٢١٩

مدادها ) فقيل لهم في ذلك ، فقالوا : ( إنّا نعرف موضع السجود في الشعر كما تعرفون مواضع السجود في القرآن ) و إنّي لأطيل التعجّب من رجل يخطب في الحرب بكلام يدلّ على أنّ طبعه مناسب لطباع الأسود و النمور ، ثمّ يخطب في ذلك الموضع بعينه ، إذا أراد الموعظة بكلام يدلّ على أنّ طبعه مشاكل لطباع الرّهبان اللابسي المسوح الّذين لم يأكلوا لحما ، و لم يريقوا دما ، فتارة يكون في صورة بسطام بن قيس الشيباني و عتيبة بن الحارث اليربوعي ،

و عامر بن الطفيل العامري ، و تارة يكون في صورة سقراط الحبر اليوناني ،

و يوحنّا المعمدان الإسرائيلي ، و المسيح بن مريم الإلهي و أقسم بما يقسم به الامم كلّها به ، لقد قرأت هذه الخطبة منذ خمسين سنة و إلى الآن أكثر من ألف مرّة ، ما قرأتها قطّ إلاّ و أحدثت عندي روعة و خوفا و عظة ، و أثّرت في قلبي وجيبا و في أعضائي رعدة ، و لا تأمّلتها إلاّ و ذكرت الموتى من أهلي و أقاربي و أرباب ودّي ، و خيّلت في نفسي انّي أنا ذلك الشخص الذي وصف حاله و كم قد قال الواعظون و الخطباء و الفصحاء في هذا المعنى ، و كم وقفت على ما قالوه و تكرّر وقوفي عليه ، فلم أجد لشي‏ء منه مثل تأثير هذا الكلام في نفسي ،

فإمّا أن يكون ذلك لعقيدتي في قائله ، أو نيّة القائل كانت صالحة ، و يقينه كان ثابتا ، و إخلاصه كان محضا خالصا١ .

« يا له مراما ما أبعده » جمع عليه السلام بين نداء التعجّب في قوله : « يا له مراما » و فعل التعجّب في قوله « ما أبعده » تنبيها على أنّ هذا المرام و هذا المقصد من التفاخر بالموتى في غاية التعجّب .

« و زورا ما أغفله » قال ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخوئي ، يعني عليه السلام

ــــــــــــ

 ( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١١ : ١٥٢ .

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478