مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل10%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 329401 / تحميل: 5378
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

١١ -( باب استحباب الصّدقة في السرّ، واختيارها على الصّدقة في العلانيّة)

[ ٧٩٧٦ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصّدقة في السرّ، تطفئ غضب الرّب عزّوجلّ ».

[ ٧٩٧٧ ] ٢ - وبهذا الأسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « صنيع(١) المعروف يدفع ميتة السّوء، والصّدقة في السرّ تطفي غضب الرّب، وصلة الرّحم تزيد في العمر وتنفي الفقر، وقول لا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم كنز من كنوز الجنّة، وهي شفاء من تسعة وتسعين داء، أدناه الهمّ ».

[ ٧٩٧٨ ] ٣ - البحار: عن كتاب الإمامة والتّبصرة: عن الحسن بن حمزة العلوي، عن عليّ بن محمّد بن محمّد بن أبي القاسم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصّدقة في السرّ، تطفئ غضب الرّب ».

____________________________

الباب - ١١

١ - الجعفريات ص ٥٦.

٢ - الجعفريات ص ١٨٨.

(١) في المصدر: صنع.

٣ - البحار ج ٩٦ ص ١٣٧ ح ٧١ بل عن جامع الأحاديث ص ١٥.

١٨١

[ ٧٩٧٩ ] ٤ - الشّيخ الطّوسي في مجالسة: عن أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمّد بن الزّبير، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق العمشاني، عن أبي أسامة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، يقول: الصّدقة (في السّر)(١) ، تطفئ غضب الرّب » الخبر.

[ ٧٩٨٠ ] ٥ - دعائم الإسلام: (عن أمير المؤمنينعليه‌السلام )، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إنّ صدقة السّر تطفئ غضب الرّب، فإذا تصدّق أحدكم بيمينه، فليخفها عن شماله ».

[ ٧٩٨١ ] ٦ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أخذت في غسل أبي عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، أحضرت معي من رآه من أهل بيته، فنظروا إلى مواضع السّجود منه في ركبتيه وظاهر قدميه وبطن كفّيه وجبهته، قد غلظت من أثر السّجود حتّى صارت كمبارك البعير، وكان صلوات الله عليه يصلّي في كلّ يوم وليلة ألف ركعة، ثمّ نظروا إلى حبل عاتقه وعليه أثر قد اخشوشن، فقالوا لأبي جعفرعليه‌السلام : أمّا هذه فقد علمنا أنّها من أثر السّجود، فما هذا الّذي على عاتقه؟ قالعليه‌السلام : والله ما علم به أحد غيري، وما علمته من حيث علم إنّي علمته، ولو لا أنّه قد مات ما ذكرته، كان إذا مضى من اللّيل صدره قام وقد هدأ كلّ من في منزله، فأسبغ الوضوء وصلّى ركعتين خفيفتين، ثمّ نظر إلى كلّ ما فضل في البيت عن قوت

____________________________

٤ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٣٢ ح ٦٣.

(١) ليس في المصدر والبحار.

٥ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٠ ح ١٢٤٧ عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام .

٦ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٠ ح ١٢٤٨ باختلاف يسير في الألفاظ.

١٨٢

أهله فجعله في جراب، ثمّ رمى به إلى عاتقه، وخرج محتسباً يتسلّل لا يعلم به أحد، فيأتي دوراً فيها أهل مسكنة وفقر فيفرّق ذلك عليهم وهم لا يعرفونه، إلّا أنّهم قد عرفوا ذلك عنه، فكانوا ينتظرونه، فإذا أقبل قالوا: هذا صاحب الجراب، وفتحوا أبوابهم له، ففرّق عليهم ما في الجراب وانصرف به فارغاً يبتغي بذلك فضل صدقة السّر، وفضل صدقة اللّيل، وفضل إعطاء الصّدقة بيده، ثمّ يرجع فيقوم في محرابه فيصلّي باقي ليله، فهذا الّذي ترون على عاتقه أثر ذلك الجراب ».

[ ٧٩٨٢ ] ٧ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « إنّ صدقة السّر لتطفئ غضب الرّب، وإنّ الصّدقة لتطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النّار، وإنّ الصّدقة لتدفع ميتة السّوء، وإنّ صلة الرّحم لتزيد في [ الرزق و ](١) العمر وتنفي الفقر، وإنّ قول (لا إله إلّا الله، و)(٢) لا حول ولا قوّة إلّا بالله، كنز من كنوز الجنّة، وهي شفاء من تسعة وتسعين داء، أوّلها الهمّ ».

[ ٧٩٨٣ ] ٨ - وعن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنّه لمـّا غسل أباه عليّاًعليه‌السلام ، نظروا إلى مواضع المساجد من ركبتيه وظاهر قدميه، كأنّها مبارك البعير، ونظروا إلى عاتقه وفيه مثل ذلك، فقالوا لأبي محمّدعليه‌السلام : يا ابن رسول الله قد عرفنا(١) أنّ هذا من إدمان [ الصلاة وطول ](٢) السّجود، فما هذا الذي [ نرى ](٣) على عاتقه؟

____________________________

٧ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣١ ح ١٢٤٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ليس في المصدر.

٨ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤١.

(١) في المصدر: علمنا.

(٢ و ٣) أثبتناه من المصدر.

١٨٣

فقال: (أما لو لا أنّه مات)(٤) ما حدّثتكم عنه، كان لا يمرّ به يوم [ من الأيام ](٥) إلّا أشبع فيه مسكيناً فصاعداً ما أمكنه، فإذا كان اللّيل نظر إلى ما فضل عن قوت عياله [ يومهم ذلك ](٦) فجعله في جراب، فإذا هدأ النّاس وضعه على عاتقه وتخلّل المدينة، وقصد قوماً لا يسألون النّاس إلحافاً، ففرّقه فيهم من حيث لا يعلمون من هو، لا(٧) يعلم بذلك أحد من أهله غيري، فإنّي كنت اطّلعت ذلك منه، يرجو بذلك فضل إعطاء الصّدقة بيده ودفعها سرّاً، وكان يقول: إنّ صدقة السّر تطفئ غضب الرّب، (كما يطفئ الماء النّار)(٨) ».

[ ٧٩٨٤ ] ٩ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صدقة السّر تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النّار، وتدفع سبعين باباً من البلاء ».

[ ٧٩٨٥ ] ١٠ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « في القيامة سبعة يظلّهم الله تعالى في ظلّ عرشه، يوم لا ظلّ إلّا ظلّه - وعدّصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم - من يتصدّق بيمينه، ويخفيها عن شماله ».

[ ٧٩٨٦ ] ١١ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « المسرّ بالقرآن كالمسر بالصّدقة، والجاهر بالقرآن كالجاهر بالصّدقة ».

____________________________

(٤) في المصدر: أمّا أنّه لو كان حيّاً.

(٥ و ٦) أثبتناه من المصدر.

(٧) في المصدر: ولا.

(٨) ليس في المصدر.

٩ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٥.

١٠ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٥.

١١ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٥.

١٨٤

[ ٧٩٨٧ ] ١٢ - وعن عبدالله بن عبّاس، أنّه قال: يفضل صدقة التطوّع في السّر على الصّدقة في العلانية، بسبعين ضعفاً.

[ ٧٩٨٨ ] ١٣ - عوالي اللآلي: روى ابن عبّاس، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّ صدقة السّر في التّطوّع تفضل علانيتها بسبعين ضعفاً، وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرّها بخمسة وعشرين ضعفاً.

[ ٧٩٨٩ ] ١٤ - السيد محمّد الحسيني العاملي في كتاب الإثنا عشريّة في المواعظ العدديّة: نقلاً عن كتاب لباب اللّباب، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال لرجل تمنّى الموت: « الموت شئ لا بدّ منه، وسفر طويل ينبغي لمن أراده أن يرفع عشر هدايا - إلى أن قالصلى‌الله‌عليه‌وآله - وهديّة مالك أربعة أشياء: البكاء من خشية الله، وصدقة السّر، وترك المعاصي، وبرّ الوالدين ».

١٢ -( باب استحباب الصّدقة باللّيل)

[ ٧٩٩٠ ] ١ - الصدوق في العيون: عن جعفر بن نعيم بن شاذان، عن أحمد بن إدريس، عن ابراهيم بن هاشم، عن ابراهيم بن العبّاس، قال: ما رأيت أبا الحسن الرّضاعليه‌السلام ، جفا أحداً بكلامه(١) - إلى أن قال - وكان كثير المعروف والصّدقة في السّر، وأكثر ذلك يكون منه في اللّيالي المظلمة.

____________________________

١٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٥.

١٣ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٧٢ ح ١٨٩.

١٤ - الإثنا عشريّة ص ٣٢٥.

الباب - ١٢

١ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ ص ١٨٤ ح ٧.

(١) في المصدر: بكلمة وفي نسخة بكلام.

١٨٥

[ ٧٩٩١ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن معلّى بن خنيس، قال: خرج أبو عبداللهعليه‌السلام في ليلة قد رشت(١) ، وهو يريد ظلّة بني ساعدة، فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شئ فقال: « بسم الله اللهم اردده علينا ». فاتيته فسلّمت عليه، فقال: « معلّى » قلت: نعم جعلت فداك، قال: « التمس بيدك فما وجدت من شئ فادفعه إليّ » فإذا أنا بخبز كثير منتشر، فجعلت أدفع إليه الرغيف والرغيفين، وإذا معه جراب أعجر(٢) من خبز، قلت: جعلت فداك أحمله عليّ، فقال: « أنا أولى به منك، ولكن أمض معي » فأتينا ظلّة بني ساعدة، فإذا نحن بقوم نيام، فجعل يدسّ الرّغيف والرّغيفين، حتّى أتى على آخرهم، حتّى إذا انصرفنا، قلت له: يعرف هؤلاء هذا الأمر؟ قال: « لا، لو عرفوا كان الواجب علينا أن نواسيهم بالدّقة - وهو الملح - إنّ الله لم يخلق شيئاً إلّا وله خازن يخزنه، إلّا الصّدقة فإنّ الرّب تبارك وتعالى يليها بنفسه - إلى أن قال - قالعليه‌السلام : أنّ صدقة اللّيل تطفئ غضب الرّب، وتمحو الذّنب العظيم، وتهون الحساب، وصدقة النّهار تنمي المال، وتزيد في العمر ».

____________________________

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٠٧ ح ١١٤، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٢٧ ح ٤٨.

(١) الرش: المطر القليل (لسان العرب ج ٦ ص ٣٠٣).

(٢) كيس أعجر: هو الممتلئ (لسان العرب ج ٤ ص ٥٤٣)، و « أعجر من خبز » في المصدر: وأعجز عن حمله.

١٨٦

١٣ -( باب تأكّد استحباب الصّدقة في الأوقات الشّريفة، كيوم الجمعة ويوم عرفة، وشهر رمضان)

[ ٧٩٩٢ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أن سائلاً هتف ببابه، فقال: (يابن نبي)(١) الله وإيّاك فاعاد فقال له مثل ذلك فألحّ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « إن أردت فغداً إن شاء الله تعالى » وكان ذلك يوم الخميس، ثمّ قال لمن حضر من أصحابه: « إنّ الصّدقة تضاعف يوم الجمعة » وكانعليه‌السلام يتصدّق في كلّ يوم جمعة بدينار(٢) .

[ ٧٩٩٣ ] ٢ - محمّد بن علي بن شهر آشوب في المناقب: عن الرّضاعليه‌السلام ، أنّه فرق بخراسان ماله كلّه في يوم عرفة، فقال له الفضل بن سهل: إنّ هذا لمغرم، فقالعليه‌السلام : « بل هو المغنم، لا تعدّن مغرماً ما اتبعت(١) به أجراً ومكرماً ».

[ ٧٩٩٤ ] ٣ - السيّد فضل الله الرّاوندي في نوادره قال: أخبرني أبو الفتح رستم بن مسعود، عن أحمد بن ابراهيم المعروف بالأخباري، عن عليّ بن أبي خلف الطبري، عن عبدالله بن جعفر الحافظ، عن عمران بن أحمد، عن أبي محمّد سعيد، عن أحمد بن موسى، عن

____________________________

الباب - ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٥ ح ١٢٦٥.

(١) في المصدر: يغنينا.

(٢) كان في الطبعة الحجرية « بديناً » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣٦١، ويأتي في باب ٣٥ ذيل حديث ١.

(١) في المصدر: إبتغيت.

٣ - نوادر الراوندي، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٥ ح ٩.

١٨٧

حمّاد بن عمرو، عن يزيد بن رفيع، عن أبي عالية، عن عبدالله بن [ مسعود ](١) قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « من صام رمضان - إلى أن قال - ومن تصدّق في شهر رمضان بصدقة مثقال ذرّة فما فوقها،(٢) كان أثقل عند الله عزّوجلّ من جبال الأرض ذهباً، تصدّق بها في غير شهر(٣) رمضان » الخبر، ويأتي تمامه في كتاب الصّوم(٤) .

١٤ -( باب استحباب المبادرة بالصّدقة، قبل مرض الموت)

[ ٧٩٩٥ ] ١ - الحسن بن أبي الحسن الديلمي في أعلام الدّين: عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، قال: « قال النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لرجل: إذا أردت أن يثري الله مالك فزكّه، وإذا أردت أن يصحّ الله بدنك فأكثر من الصّدقة ».

[ ٧٩٩٦ ] ٢ - الراوندي في دعواته: سئل الصّادقعليه‌السلام : أيّ الصّدقة أفضل؟ قال: « أن تتصدّق وأنت صحيح تشحّ(١) ، تأمل البقاء وتخاف الفقر، ولا تمهل حتّى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان ».

____________________________

(١) أثبتناه من البحار.

(٢) في البحار زيادة: إذاً.

(٣) شهر: ليست في البحار.

(٤) يأتي في الحديث ٣ من الباب ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان.

الباب - ١٤

١ - اعلام الدين ص ٨٤، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٣ ح ٥٤.

٢ - دعوات الراوندي ص ٤٤، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٨٢ ح ٢٩.

(١) في المصدر: شحيح.

١٨٨

[ ٧٩٩٧ ] ٣ - جامع الأخبار: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « درهم يعطيه الرّجل في صحّته، خير من عتق رقبة عند الموت ».

[ ٧٩٩٨ ] ٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: وفي حديث صحيح: أتى رجل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: أنبئني بأحقّ النّاس بحسن الصحبة؟ قال: « أمّك » قال: ثمّ من؟ قال: « أمّك » قال: ثمّ من؟ قال: « أمّك » قال: ثمّ من؟ قال: « أبوك » قال: يا رسول الله، نبّئني عن مالي كيف أتصدّق به؟ قال: « تصدّق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتّى إذا كانت نفسك هيهنا - وأشار إلى حلقه - قلت: ما لي لفلان، وأعطوا فلاناً، فهو لهم وإن كره ».

١٥ -( باب كراهة ردّ السّائل الذّكر باللّيل)

[ ٧٩٩٩ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا طرقكم سائل ذكر باللّيل فلا تردّوه ».

____________________________

٣ - جامع الأخبار ص ٢١١.

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

الباب - ١٥

١ - الجعفريات ص ٥٧، وأخرجه الحر العاملي « قده » في الوسائل ج ٦ ص ٢٨٢ الباب ١٧ عن الكافي ج ٤ ص ٨ ح ٢ والفقيه ج ٢ ص ٣٨ ح ١٠.

١٨٩

١٦ -( باب استحباب اختيار الصّدقة على المؤمن، على ما سواها من العبادات المندوبة)

[ ٨٠٠٠ ] ١ - الشيخ جعفر بن أحمد بن علي القمي في كتاب الغايات: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إنّ فوق كلّ صدقة صدقة، والصّدقة على فقراء المؤمنين أفضل(١) ».

١٧ -( باب استحباب الصّدقة ولو على غير المؤمن، حتّى دواب البرّ والبحر، وعلى الذّمّي عند ضرورته، كشدّة العطش)

[ ٨٠٠١ ] ١ - الشّريف الزّاهد أبو عبدالله محمّد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمان العلوي الحسيني في كتاب التّعازي: بإسناده عن محمّد بن منصور، عن راشد الطّويل، عن أبي شريع، قال: سمعت جعفراًعليه‌السلام وهو يقول لأزوي غلام أبي بكر: « يا أزوي، هل عندك شئ تتصدّق به؟ » قال: يا سيّدي ما نلت من صدقة علّمها من أين أصدّق؟ قال: « قصدني رجل إلى المسجد، ذكر أنّه ما طعم طعاماً منذ يومين ولا عياله » قال أزوي: فخرجت فرأيت رجلاً من موالي آل تيم، ممّن كان يفتري على آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخلت وقلت له: رأيتك مغموماً بهذا السّائل، ألا أبشرّك؟ قال لي: « قل » قلت: أنّه من أعدائكم، فلا تغتم عليه، فصاح: « يا محمّد - فخرج عليه مسرعاً - فقال: هلمّ بخاتمي - فجاء بخاتمين -

____________________________

الباب - ١٦

١ - الغايات ص ٧٧.

(١) في المصدر: أفضل الصدقة.

الباب - ١٧

١ - التعازي:

١٩٠

وقال: أدخله عليّ فأدخلته » فأخذ الخاتمين ودفعهما إليه، ثمّ قال لي: « يا أزوي، إنّ الصّدقة فريضة من الله حين وجودها، ولا سيّما من يظنّ بك الخير ».

[ ٨٠٠٢ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : دخلت الجنّة، فرأيت فيها صاحب الكلب الذي أرواه من الماء ».

[ ٨٠٠٣ ] ٣ - وبهذا الأسناد: عن عليعليه‌السلام ، قال: « بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضّأ إذ لاذ به هرّ البيت، فعرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه عطشان، فأصغى إليه الإناء، حتّى شرب منه الهرّ، ثمّ توضّأ بفضله ».

[ ٨٠٠٤ ] ٤ - الشيخ المفيد في الاختصاص: عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عبد الرحمان بن أبي هاشم، عن سالم بن مكرم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام مع أصحابه في طريق مكّة، فمرّ به ثعلب وهم يتغدّون، فقال عليّ بن الحسينعليهما‌السلام لهم: هل لكم أن تعطوني موثقاً من الله لا تهيّجون هذا الثّعلب، حتّى أدعوه فيجئ إلينا؟ فحلفوا له، فقال: يا ثعلب تعال - أو قال: أئتنا - فجاء الثّعلب حتّى وقع بين يديه، فطرح إليه عراقاً(١) فولّى به ليأكله، فقال: هل لكم أن تعطوني موثقاً

____________________________

٢ - الجعفريات ص ١٤٢.

٣ - الجعفريات ص ١٣.

٤ - الاختصاص ص ٢٩٧.

(١) العراق: العظام إذا لم يكن عليها شئ من اللحم وإذا جردت من اللحم (لسان العرب ج ١٠ ص ٢٤٥).

١٩١

من الله وأدعوه أيضاً فيجئ؟ فأعطوه، فدعا فجاء، (فكلح رجل)(٢) في وجهه، فخرج يعدو، فقال عليّ بن الحسينعليهما‌السلام : (من الذي حفر)(٣) ذمّتي؟ فقال رجل منهم: يا ابن رسول الله، كلحت(٤) في وجهه ولم أدر، فاستغفر الله، فسكت ».

[ ٨٠٠٥ ] ٥ - البحار: عن بعض كتب المناقب المعتبرة: بإسناده عن نجيح قال: رأيت الحسن بن عليعليهما‌السلام يأكل، وبين يديه كلب، كلّما أكل لقمة طرح للكلب مثلها، فقلت له: يا ابن رسول الله، ألا أرجم هذا الكلب عن طعامك؟ قال: « دعه، إنّي لأستحي من الله تعالى، أن يكون ذو روح ينظر في وجهي وأنا آكل، ثمّ لا أطعمه ».

[ ٨٠٠٦ ] ٦ - السّيد ولي الله الرّضوي في مجمع البحرين في مناقب السّبطين: عن الحسن البصري قال: كان الحسينعليه‌السلام سيّداً زاهداً، ورعاً صالحاً ناصحاً، حسن الخلق، فذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستان له، وكان في ذلك البستان غلام يقال له: صافي، فلمّا قرب من البستان، رأى الغلام يرفع الرّغيف فيرمي بنصفه إلى الكلب ويأكل نصفه، فتعجب الحسينعليه‌السلام من فعل الغلام، فلمّا فرغ من الأكل قال: الحمد الله ربّ العالمين، اللهم اغفر لي ولسيدي، وبارك له كما باركت على أبويه، يا أرحم الرّاحمين، فقام الحسينعليه‌السلام ونادى: « يا صافي » فقام الغلام فزعاً وقال: يا سيدي، وسيّد المؤمنين إلى يوم القيامة، إنّي ما رأيتك فاعف عنّي،

____________________________

(٢) في المصدر: كلح رجل منهم.

(٣) في المصدر: أيكم الذي خفر.

(٤) وفيه: أنا كلحت.

٥ - البحار ج ٤٣ ص ٣٥٢ ح ٢٩.

٦ - مجمع البحرين في مناقب السبطين:

١٩٢

فقال الحسينعليه‌السلام : « إجعلني في حل يا صافي، دخلت بستانك بغير إذنك » فقال صافي: بفضلك وكرمك وسؤددك، تقول هذا، فقال الحسينعليه‌السلام : « إنّي رأيتك ترمي بنصف الرّغيف إلى الكلب وتأكل نصفه، فما معنى ذلك؟ » فقال الغلام: يا سيّدي، إنّ الكلب ينظر إليّ حين آكل، فإنّي أستحيي منه لنظره إليّ، وهذا كلبك يحرس بستانك من الأعداء، وأنا عبدك، وهذا كلبك، نأكل من رزقك معاً، فبكى الحسينعليه‌السلام ، ثمّ قال: « إن كان كذلك، فأنت عتيق لله » ووهب له ألف دينار، فقال الغلام: إن اعتقتني فإنّي أريد القيام ببستانك، فقال الحسينعليه‌السلام : « إنّ الكريم إذا تكلّم بكلام ينبغي أن يصدّقه بالفعل، البستان أيضاً وهبته لك، وإنّي لمـّا دخلت البستان، قلت: إجعلني في حلّ فإنّي قد دخلت بستانك بغر إذنك، كنت قد وهبت البستان بما فيه، غير أن هؤلاء اصحابي لاكلهم الثّمار والرّطب، فاجعلهم أضيافك وأكرمهم لأجلي أكرمك الله يوم القيامة، وبارك لك في حسن خلقك ورأيك » فقال الغلام: إن وهبت لي بستانك، فإنّي قد سبلته لأصحابك.

١٨ -( باب تأكّد استحباب الصّدقة على ذي الرّحم والقرابة، ولو كان شيخاً، وحكم من أراد الصّدقة على شخص، ثمّ أراد العدول عنه)

[ ٨٠٠٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليّعليهم‌السلام ، قال: « قيل يا رسول الله أيّ

____________________________

الباب - ١٨

١ - الجعفريات ص ٥٥.

١٩٣

الصّدقة أفضل؟ قال: على ذي الرّحم الكاشح(١) ».

[ ٨٠٠٨ ] ٢ - وبهذا الإسناد: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لسراقة بن مالك بن خثعم: « يا سراقة بن مالك، ألا أدلّك على أفضل الصّدقة؟ قال: بلى بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، قال: أفضل الصّدقة على أختك وابنتك، مردودة عليك، ليس لهما كاسب غيرك » ورواه في موضع آخر، بلفظ: على أختيه وأبيك.

ورواه الرّاوندي(١) في نوادره: بسنده عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[ ٨٠٠٩ ] ٣ - وبهذا الإسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « صلة الرّحم، تزيد في العمر، وتنفي الفقر ».

[ ٨٠١٠ ] ٤ - وبهذا الإسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الصّدقة بعشر، والقرض بثمانية عشر، وصلة الإخوان بعشرين، وصلة الرّحم بأربعة وعشرين ».

[ ٨٠١١ ] ٥ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اليد العليا خير من اليد السّفلى، إبدأ بمن تعول: أمّك، وأباك، وأختك، وأخاك، وأدناك فأدناك ».

____________________________

(١) الكاشح: الذي يضمر لك العدواة (مجمع البحرين ج ٢ ص ٤٠٧).

٢ - الجعفريات ص ٥٥.

(١) نوادر الراوندي ص ٣، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٨٠ ح ٣٧.

٣ - الجعفريات ص ٥٥.

٤ - الجعفريات ص ١٨٨.

٥ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٥٤.

١٩٤

[ ٨٠١٢ ] ٦ - وفيه: أنّه أتى رجل عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: عندي دينار، فقال: « إذهب وأنفقه على نفسك » فقال: عندي آخر، قال: « إذهب وأنفقه على ولدك » فقال: عندي آخر، فقال: « إذهب وأنفقه على أصدقائك » فقال: عندي آخر، فقال: « أنفقه حيثما تعلم ».

[ ٨٠١٣ ] ٧ - وفيه عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صدقتك على الفقير صدقة، وعلى الأقرباء صدقتان، لأنّها صدقة وصلة الرّحم ».

[ ٨٠١٤ ] ٨ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن حكيم بن خرام، قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقلت: أيّ الصّدقة؟ قال: « على ذي رحم كاشح ».

[ ٨٠١٥ ] ٩ - وعن الصّادقعليه‌السلام : « افضل الصّدقة صدقة في(١) اللّيل، إلى ذي رحم كاشح ».

[ ٨٠١٦ ] ١٠ - العلّامة الحلّي في الرسالة السّعدية، وابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الصّدقة على خمسة أجزاء، جزء الصّدقة فيه بعشرة، وهي الصّدقة على العامّة، وقال تعالى:( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (١) وجزء الصّدقة فيه

____________________________

٦ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٥٤.

٧ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٥٤.

٨ - الغايات ص ٧٧.

٩ - الغايات ص ٧٧.

(١) في المصدر: صدقة سر بالليل.

١٠ - الرسالة السعدية، عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٥٤ ح ٢١.

(١) الأنعام ٦: ١٦٠.

١٩٥

بسبعين، وهي الصّدقة على ذوي العاهات، وجزء الصّدقة فيه بسبعمائة، وهي الصّدقة على ذوي الأرحام، وجزء الصّدقة بسبعة آلاف، وهي الصّدقة على العلماء، وجزء الصّدقة بسبعين ألفاً، وهي الصّدقة على الموتى ».

[ ٨٠١٧ ] ١١ - البحار، عن كتاب الإمامة والتّبصرة: عن الحسن بن حمزة العلوي، عن عليّ بن محمّد بن أبي القاسم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصّدقة [ على مسكين صدقة ](١) : وهي على ذي رحم صدقة وصلة ».

[ ٨٠١٨ ] ١٢ - الشّيخ المفيد في الاختصاص: عن عبد الرحمان بن أبي نجران، عن هشام بن سالم، عن الحسن بن علي الحلال، قال: [ أخبرني جدي قال ](١) : سمعت الحسين بن عليعليهما‌السلام ، يقول: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: لا صدقة وذو رحم محتاج ».

____________________________

١١ - البحار ج ٩٦ ص ١٣٧ ح ٧١ بل عن جامع الاحاديث ص ١٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢ - الاختصاص ص ٢١٩، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٤٧ ح ٩٣.

(١) أثبتناه من المصدر والبحار.

١٩٦

١٩ -( باب جواز الصّدقة على المجهول الحال بالقليل، واستحبابها على من وقعت له الرّحمة في القلب، وعدم جواز الصّدقة على من عرف بالنّصب أو نحوه)

[ ٨٠١٩ ] ١ - زيد النّرسي في أصله: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سئل إذا لم نجد أهل الولاية، يجوز لنا أن نصدق على غيرهم؟ فقال: « إذا لم تجدوا أهل الولاية في المصر تكونون فيه، فابعثوا بالزكاة المفروضة إلى أهل الولاية من غير أهل مصركم، وأمّا ما كان في سوى المفروض(١) من صدقة، فإن لم تجدوا أهل الولاية، فلا عليكم أن تعطوه الصّبيان، ومن كان في مثل عقول الصّبيان، ممّن لا ينصب ولا يعرف ما أنتم عليه فيعاديكم، ولا يعرف خلاف ما أنتم عليه فيتبعه ويدين به، وهم المستضعفون من الرّجال والنّساء والولدان، أن(٢) تعطوهم دون الدّرهم ودون الرّغيف، وأمّا الدّرهم التّام فلا تعطى إلّا أهل الولاية » (قال: فقال: جعلت فداك، فما تقول في السّائل يسأل على الباب، وعلى الطّريق، ونحن لا نعرف ما هو؟ فقال: » لا تعطه ولا كرامة، ولا تعط غير أهل الولاية)(٣) ، إلّا أن يرقّ قلبك عليه فتعطيه الكسرة من الخبز، والقطعة من الورق، فأمّا النّاصب فلا يرقنّ قلبك عليه، ولا تطعمه ولا تسقه وإن مات جوعاً أو عطشاً، ولا تغثه، وإن كان غرقاً أو حرقاً فاستغاث فغطه ولا تغثه، فإنّ أبي نعم المحمّدي، كان يقول: من أشبع ناصباً ملأ الله جوفه ناراً يوم القيامة، معذّباً كان أو مغفوراً له ».

____________________________

الباب - ١٩

١ - أصل زيد النرسي ص ٥١.

(١) في المصدر: المفروضة.

(٢ و ٣) ليس في المصدر.

١٩٧

[ ٨٠٢٠ ] ٢ - الشّيخ الجليل أبو علي محمّد بن همام في كتاب التّمحيص: بإسناده عن معاوية بن عمّار قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ، وقد كانت الرّيح حملت العمامة عن رأسي في البدو، قال: « معاوية » فقلت: لبّيك، جعلت فداك يا ابن رسول الله، قال: « حملت الرّيح العمامة عن رأسك » قلت: نعم، قال: « هذا جزاء من أطعم الأعراب ».

[ ٨٠٢١ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليّعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أُنظروا إلى السّائل، فإن رقّت قلوبكم له فهو صادق ».

[ ٨٠٢٢ ] ٤ - العيّاشي في تفسيره: عن حريز، عن برير، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أطعم رجلاً سائلاً لا أعرفه(١) قال: « نعم أطعمه ما لم تعرفه بولاية ولا بعداوة، إنّ الله يقول:( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) (٢) ولا تطعم من ينصب لشئ من الحقّ، أو دعا إلى شئ من الباطل ».

____________________________

٢ - كتاب التمحيص ص ٣٧ ح ٣١، وعنه في البحار ج ٧٣ ص ٣٦٢ ح ٩١.

٣ - الجعفريات ص ٥٧.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٤٨ ح ٦٤.

(١) في المصدر: لا أعرفه مسلماً.

(٢) البقرة ٢: ٨٣.

١٩٨

٢٠ -( باب كراهة ردّ السّائل ولو ظنّ غناه، بل يعطيه شيئاً ولو يسيراً أو يعده به، فإن لم يجد شيئاً ردّه رداً جميلاً)

[ ٨٠٢٣ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : السّائل رسول ربّ العالمين ليبتلي به، فمن أعطاه فقد اعطى الله، ومن ردّه فقد ردّ الله تعالى ».

ورواه في الدّعائم(١) : مثله.

[ ٨٠٢٤ ] ٢ - وبهذا الأسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تردّوا السّائل، ولو بظلف محترق ».

[ ٨٠٢٥ ] ٣ - وبهذا الأسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو لا أنّ المساكين يكذبون، ما أفلح من ردّهم ».

ورواه في الدّعائم(١) : مثله، وزاد في آخره: « فلا تردوا سائلاً ».

[ ٨٠٢٦ ] ٤ - وبهذا الأسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تقطعوا على السّائل مسألته، دعوه فليشكو بثّه وليخبر حاله(١) ».

____________________________

الباب - ٢٠

١ - الجعفريات ص ٥٧.

(١) دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٢ ح ١٢٥٥.

٢ - الجعفريات ص ٥٧.

٣ - الجعفريات ص ٥٧.

(١) دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٢ ح ١٢٥٧.

٤ - الجعفريات ص ٥٧.

(١) في المصدر: بحاله.

١٩٩

[ ٨٠٢٧ ] ٥ - وبهذا الأسناد قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « إنّ من مكارم الأخلاق: صدق الحديث، وإعطاء السّائل » الخبر.

[ ٨٠٢٨ ] ٦ - وبهذا الأسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من سألكم بالله تعالى، فاعطوه » الخبر.

[ ٨٠٢٩ ] ٧ - دعائم الإسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ردّوا السّائل ولو بظلف محترق ». وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) ، أنّه قال: « ردّوا السّائل ولو بشقّ تمرة، واعطوا السّائل ولو جاء على فرس ».

[ ٨٠٣٠ ] ٨ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: « ربّما ابتلى الله أهل البيت بالسّائل، ما هو من الجنّ ولا من الإنس، ليبلوهم به، وأنّ لله ملائكة في صورة الإنس يسألون بني آدم، فإذا أعطوهم شيئاً أعطوه المساكين ».

[ ٨٠٣١ ] ٩ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه قال يوماً لبعض أهله: « لا تردّوا سائلاً » فقال له رجل كان بحضرته من أصحابه: يا ابن رسول الله، أنّه قد يسأل من لا يستحق، قال: « نخشى أن يردّوا من رأوا أنّه لا يستحق، ويكن ممّن يستحق، فينزل بهم - وأعوذ بالله - ما نزل

____________________________

٥ - الجعفريات ص ١٥١.

٦ - الجعفريات ص ١٥٢.

٧ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٢ ح ١٢٥٦.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٤٣.

٨ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٣ ح ١٢٦٠.

٩ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٣ ح ١٢٦١ باختلاف في اللفظ.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

الآيات

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً (٦٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١) )

التّفسير

بما ذا رموا موسىعليه‌السلام واتّهموه؟

بعد البحوث التي مرّت في الآيات السابقة حول وجوب احترام مقام النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وترك كلّ ما يؤذيه والابتعاد عنه ، فقد وجّهت هذه الآيات الخطاب للمؤمنين ، وقالت :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً ) .

إنّ إختيار موسىعليه‌السلام من جميع الأنبياء الذين طالما أوذوا ، بسبب أنّ المؤذين من بني إسرائيل قد آذوه أكثر من أي نبي آخر ، إضافة إلى أنّ بعض أنواع الأذى التي رآها كانت تشبه أذى المنافقين لنبي الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وهناك بحث بين المفسّرين في المراد من إيذاء موسىعليه‌السلام هنا؟ ولماذا ذكره

٣٦١

القرآن بشكل مبهم؟ وقد ذكروا احتمالات عديدة في تفسير الآية ، ومن جملتها :

١ ـ إنّ موسى وهارونعليهما‌السلام قد ذهبا إلى جبل ـ طبق رواية ـ وودّع هارون الحياة ، فأشاع المرجفون من بني إسرائيل أنّ موسىعليه‌السلام قد تسبّب في موته ، فأبان الله سبحانه حقيقة الأمر ، وأسقط ما في يد المرجفين.

٢ ـ كما أوردنا مفصّلا في ذيل الآيات الأخيرة من سورة القصص ، فإنّ قارون المحتال أراد أن يتملّص من قانون الزكاة ، ولا يؤدّي حقوق الضعفاء والفقراء ، فعمد إلى بغيّ واتّفق معها على أن تقوم بين الناس وتتّهم موسىعليه‌السلام بأنّه زنى بها ، إلّا أنّ هذه الخطّة قد فشلت بلطف الله سبحانه ، بل وشهدت تلك المرأة بطهارة موسىعليه‌السلام وعفته ، وبما أراده منها قارون.

٣ ـ إنّ جماعة من الأعداء اتّهموا موسىعليه‌السلام بالسحر والجنون والافتراء على الله ، ولكن الله تعالى برّأه منها بالمعجزات الباهرات.

٤ ـ إنّ جماعة من جهّال بني إسرائيل قد اتّهموه بأنّ فيه بعض العيوب الجسمية كالبرص وغيره ، لأنّه كان إذا أراد أن يغتسل ويستحمّ لا يتعرّى أمام أحد مطلقا ، فأراد أن يغتسل يوما بمنأى عن الناس ، فوضع ثيابه على حجر هناك ، فتدحرج الحجر بثيابه ، فرأى بنو إسرائيل جسمه ، فوجدوه مبرّأ من العيوب.

٥ ـ كان المعذرون من بني إسرائيل أحد عوامل إيذاء موسىعليه‌السلام ، فقد كانوا يطلبون تارة أن يريهم اللهعزوجل «جهرة» ، واخرى يقولون : إنّ نوعا واحدا من الطعام ـ وهو «المنّ والسلوى» ـ لا يناسبنا ، وثالثة يقولون : إنّنا غير مستعدّين للدخول إلى بيت المقدس ومحاربة «العمالقة». اذهب أنت وربّك فقاتلا ، وافتحاه لنا لندخله بعد ذلك!

الّا أنّ الأقرب لمعنى الآية ، هو أنّها بصدد بيان حكم كلّي عام جامع ، لأنّ بني إسرائيل قد آذوا موسىعليه‌السلام من جوانب متعدّدة ذلك الأذى الذي لم يكن يختلف عن أذى بعض أهل المدينة (لنبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله ) كإشاعة بعض الأكاذيب واتّهام زوج النّبي

٣٦٢

بتهم باطلة ، وقد مرّ تفصيلها في تفسير سورة النور ـ ذيل الآيات ١١ ـ ٢٠ ـ والاعتراضات التي اعترضوا بها على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في زواجه بزينب ، وأنواع الأذى والمضايقات التي كانوا يضايقونه بها في بيته ، أو مناداته بأسلوب خال من الأدب والأخلاق ، وغير ذلك.

وأمّا الاتّهام بالسحر والجنون وأمثال ذلك ، أو العيوب البدنية ، فإنّها وإن اتّهم موسى بها ، إلّا أنّها لا تتناسب مع( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) بالنسبة لنبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ لم يتّهم المؤمنون موسىعليه‌السلام ولا نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله بالسحر والجنون. وكذلك الاتّهام بالعيوب البدنية ، فإنّه على فرض كونه قد حدث بالنسبة لموسىعليه‌السلام ، وأنّ الله تعالى قد برّأه ، فليس له مصداق أو حادثة تؤيّده في تاريخ نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وعلى أيّة حال ، فيمكن أن يستفاد من هذه الآية أنّ من كان عند الله وجيها وذا منزلة ، فإنّ الله سبحانه يدافع عنه في مقابل من يؤذيه ويتّهمه بالأباطيل ، فكن طاهرا وعفيفا ، واحفظ وجاهتك عند الله ، فإنّه تعالى سيظهر عفّتك وطهارتك للناس ، حتّى وإن سعى الأشقياء والمسيؤون إلى اتّهامك وتحطيم منزلتك وتشويه سمعتك بين الناس.

وقد قرأنا نظير هذا المعنى في قصّة «يوسف» الصدّيق الطاهر ، وكيف برّأه الله سبحانه من تهمة امرأة عزيز مصر الكبيرة والخطيرة.

وكذلك في شأن «مريم» بنت عمران أمّ عيسىعليه‌السلام ، حيث شهد وليدها الرضيع بطهارتها وعفّتها ، وقطع بذلك ألسن المتربّصين بها من بني إسرائيل ، والذين كانوا يسعون لاتّهامها وتلويث سمعتها.

والجدير بالذكر أنّ هذا الخطاب لم يكن مختّصا بالمؤمنين في زمان النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل من الممكن أن تشمل الآية حتّى أولئك الذين سيولدون بعده ويقومون بعمل يؤذون روحه الطاهرة به ، فيحتقرون دينه ويستصغرون شأنه ، وينسون مواريثه ، ولذلك

جاء في بعض الرّوايات الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام : «يا أيّها الذين آمنوا لا

٣٦٣

تؤذوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في علي والأئمّة صلوات الله عليهم ...»(١) .

وآخر كلام في تفسير هذه الآية هو : أنّه بعد ملاحظة أحوال الأنبياء العظام الذين لم يكونوا بمأمن من جراحات ألسن الجاهلين والمنافقين ، يجب أن لا نتوقّع أن لا يبتلى المؤمنون والطاهرون بمثل هؤلاء الأفراد ، فإنّ الإمام الصادقعليه‌السلام يقول : «إنّ رضى الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط ..» ثمّ يضيف الإمام في نهاية هذا الحديث : «ألم ينسبوا إلى موسى أنّه عنين وآذوه حتّى برّأه الله ممّا قالوا ، وكان عند الله وجيها»(٢) .

قولوا الحقّ لتصلح أعمالكم :

بعد البحوث السابقة حول ناشري الإشاعات والذين يؤذون النّبي ، تصدر الآية التالية أمرا هو في الحقيقة علاج لهذا المرض الاجتماعي الخطير ، فتقول :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) .

«القول السديد» من مادّة (سد) أي المحكم المنيع الذي لا يعتريه الخلل ، والموافق للحقّ والواقع ، ويعني القول الذي يقف كالسدّ المنيع أمام أمواج الفساد والباطل. وإذا ما فسّره بعض المفسّرين بالصواب ، والبعض الآخر بكونه خالصا من الكذب واللغو وخاليا منه ، أو تساوي الظاهر والباطن ووحدتهما ، أو الصلاح والرشاد ، وأمثال ذلك ، فإنّها في الواقع تفاسير ترجع إلى المعنى الجامع أعلاه.

ثمّ تبيّن الآية التالية نتيجة القول السديد ، فتقول :( يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) .

إنّ التقوى في الواقع هي دعامة إصلاح اللسان وأساسه ، ومنبع قول الحقّ ، والقول الحقّ أحد العوامل المؤثّرة في إصلاح الأعمال ، وإصلاح الأعمال سبب

__________________

(١) نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، ص ٣٠٨.

(٢) نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، ص ٣٠٩.

٣٦٤

مغفرة الذنوب ، وذلك لـ( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) .(١)

يقول علماء الأخلاق : إنّ اللسان أكثر أعضاء البدن بركة ، وأكثر الوسائل تأثيرا في الطاعة والهداية والصلاح ، وهو في الوقت نفسه يعدّ أخطر أعضاء البدن وأكثرها معصية وذنبا ، حتّى أنّ ما يقرب من الثلاثين كبيرة تصدر من هذا العضو الصغير(٢) .

وفي حديث عن النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يستقيم إيمان عبد حتّى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه»(٣) .

ومن الرائع جدّا ما ورد في حديث آخر عن الإمام السجّادعليه‌السلام : «إنّ لسان ابن آدم يشرف كلّ يوم على جوارحه فيقول : كيف أصبحتم؟ فيقولون : بخير إن تركتنا. ويقولون : الله الله فينا ، ويناشدونه ويقولون : إنّما نثاب بك ونعاقب بك»(٤) .

هناك روايات كثيرة في هذا الباب تحكي جميعا عن الأهميّة الفائقة للّسان ودوره في إصلاح الأخلاق وتهذيب النفوس الإنسانية ، ولذلك نقرأ في حديث : «ما جلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على هذا المنبر قطّ إلّا تلا هذه الآية :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

__________________

(١) سورة هود ، الآية ١١٤.

(٢) عد الغزالي في إحياء العلوم عشرين كبيرة أو معصية تصدر عن اللسان ، وهي : ١ ـ الكذب ٢ ـ الغيبة ٣ ـ النميمة ٤ ـ النفاق في الكلام ، أي كون الإنسان ذا لسانين ووجهين ٥ ـ المدح في غير موضعه ٦ ـ بذاءة الكلام ٧ ـ الغناء والأشعار غير المرضية ٨ ـ الإفراط في المزاح ٩ ـ السخرية والاستهزاء ١٠ ـ إفشاء أسرار الآخرين ١١ ـ الوعد الكاذب ١٢ ـ اللعن في غير موضعه ١٣ ـ التخاصم والنزاع ١٤ ـ الجدال والمراء ١٥ ـ البحث في امور الباطل ١٦ ـ الثرثرة ١٧ ـ البحث في الأمور التي لا تعني الإنسان ١٨ ـ وصف مجالس الشراب والقمار والمعصية ١٩ ـ السؤال عن المسائل الخارجة عن إدراك الإنسان والبحث فيها ٢٠ ـ التصنع والتكلف في الكلام. ونزيد عليها عشرة مواضيع مهمة اخرى ، وهي : ١ ـ الاتهام ٢ ـ شهادة الزور ٣ ـ إشاعة الفحشاء ، ونشر الإشاعات التي لا أساس لها ٤ ـ مدح الإنسان نفسه ٥ ـ الإصرار في غير محله ٦ ـ الغلظة والخشونة في الكلام ٧ ـ الأذى باللسان ٨ ـ ذم من لا يستحق الذم ٩ ـ كفران النعمة اللسان ١٠ ـ الإعلام الباطل.

(٣) بحار الأنوار ، المجلد ٧١ ، صفحة ٧٨.

(٤) بحار الأنوار ، المجلد ٧١ ، صفحة ٢٧٨.

٣٦٥

اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) (١).

ثمّ تضيف الآية في النهاية :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً ) وأي فوز وظفر أسمى من أن تكون أعمال الإنسان صالحة ، وذنوبه مغفورة ، وهو عند الله من المبيضة وجوههم الذينرضي‌الله‌عنهم ؟!

* * *

__________________

(١) الدرّ المنثور ، طبقا لنقل تفسير الميزان ، الجزء ١٦ ، صفحة ٣٧٦.

٣٦٦

الآيتان

( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢) لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٣) )

التّفسير

حمل الأمانة الإلهية أعظم افتخارات البشر :

تكمل هاتان الآيتان ـ اللتان هما آخر آيات سورة الأحزاب ـ المسائل المهمّة التي وردت في هذه السورة في مجالات الإيمان ، والعمل الصالح ، والجهاد ، والإيثار ، والعفّة والأدب والأخلاق ، وتبيّن كيف أنّ الإنسان يحتل موقعا ساميا جدّا بحيث يستطيع أن يكون حامل رسالة الله العظيمة ، وكيف أنّه إذا ما جهل قيمه الحياتية والوجودية سيظلم نفسه غاية الظلم ، وينحدر إلى أسفل سافلين!

تبيّن الآية أوّلا أعظم امتيازات الإنسان وأهمّها في كلّ عالم الخلقة ، فتقول :( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ

٣٦٧

مِنْها ) .

ممّا لا شكّ فيه أنّ إباءها تحمل المسؤولية وامتناعها عن ذلك لم يكن استكبارا منها ، كما كان ذلك من الشيطان ، حيث تقول الآية (٢٤) من سورة البقرة :( أَبى وَاسْتَكْبَرَ ) ، بل إنّ إياءها كان مقترنا بالإشفاق ، أي الخوف الممتزج بالتوجّه والخضوع.

إلّا أنّ الإنسان ، اعجوبة عالم الخلقة ، قد تقدّم( وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) .

لقد تحدّث كبار مفسّري الإسلام حول هذه الآية كثيرا ، وسعوا كثيرا من أجل الوصول إلى حقيقة معنى «الأمانة» ، وأبدوا وجهات نظر مختلفة ، نختار أفضلها بتقصّي القرائن الموجودة في طيّات الآية.

ويجب التأكيد في هذه الآية العميقة المحتوى على خمس موارد :

١ ـ ما هو المراد من الأمانة؟

٢ ـ ما معنى عرضها على السماوات والأرض والجبال؟

٣ ـ لماذا وكيف أبت هذه الموجودات حمل هذه الأمانة؟

٤ ـ كيف حمل الإنسان ثقل الأمانة هذا؟

٥ ـ لماذا وكيف كان ظلوما جهولا؟

لقد ذكرت تفاسير مختلفة للأمانة ومن جملتها :

أنّ المراد من الأمانة : هي الولاية الإلهية ، وكمال صفة العبودية ، والذي يحصل عن طريق المعرفة والعمل الصالح.

أنّ المراد : صفة الإختيار والحرية والإرادة التي تميّز الإنسان عن سائر الموجودات.

أنّ المراد : العقل الذي هو ملاك التكليف ، ومناط الثواب والعقاب.

أنّ المراد : أعضاء جسم الإنسان ، فالعين أمانة الله ، ويجب الحفاظ عليها وعدم

٣٦٨

استعمالها في طريق المعصية ، والاذن واليد والرجل واللسان كلّها أمانات يجب حفظها.

أنّ المراد : الأمانات التي يأخذها الناس بعضهم من بعض ، والوفاء بالعهود.

أنّ المراد : معرفة الله سبحانه.

أنّ المراد : الواجبات والتكاليف الإلهيّة كالصلاة والصوم والحجّ.

لكن يتّضح من خلال أدنى دقّة أن هذه التفاسير لا تتناقض مع بعضها ، بل يمكن إدغام بعضها في البعض الآخر ، فبعضها أخذت جانبا من الموضوع ، وبعضها الآخر كلّه.

ومن أجل الحصول على جواب جامع كاف ، يجب أن نلقي نظرة على الإنسان لنرى أي شيء يمتلكه وتفتقده السماوات والأرضون والجبال؟

إنّ الإنسان موجود له استعدادات وقابليات يستطيع من خلال استغلالها أن يكون أتمّ مصداق لخليفة الله ، ويستطيع أن يصل إلى قمّة العظمة والشرف باكتساب المعرفة وتهذيب النفس وتحصيل الكمالات ، وأن يسمو حتّى على الملائكة.

إنّ هذا الاستعداد المقترن بالحرية والإرادة والإختيار يعني أنّ الإنسان يطوي هذا الطريق بإرادته وإختياره ، ويبدأ فيه من الصفر ويسير إلى ما لا نهاية.

إنّ السماء والأرض والجبال تمتلك نوعا من المعرفة الإلهية ، وهي تذكر الله سبحانه وتسبّحه ، وتخضع لعظمته وتخشع لها وتسجد ، إلّا أنّ كلّ ذلك ذاتي وتكويني وإجباري ، ولذلك ليس فيه تكامل ورقي ، والموجود الوحيد الذي لا ينتهي منحني صعوده ونزوله ، وهو قادر على ارتقاء قمّة التكامل بصورة لا تعرف الحدود ، ويقوم بكلّ هذه الأعمال بإرادته وإختياره ، هو الإنسان ، وهذه هي «الأمانة الإلهيّة» التي امتنعت من حملها كلّ الموجودات ، وحملها الإنسان! ولذلك نرى الآية التالية قسّمت البشر إلى ثلاث فئات : «المؤمنين» و «الكفّار» و

٣٦٩

«المنافقين».

بناء على هذا يجب القول في عبارة مختصرة أنّ الأمانة الإلهية هي قابلية التكامل غير المحدودة والممتزجة بالإرادة والإختيار ، والوصول إلى مقام الإنسان الكامل ، وعبودية الله الخاصّة وتقبّل ولاية الله.

لكن لماذا عبّر عن هذا الأمر بالأمانة ، مع أنّ كلّ وجودنا وكلّ ما لدينا أمانة الله؟

لقد عبّر بهذا التعبير لأهميّة امتياز البشر العظيم هذا ، وإلّا فإنّ بقية المواهب أمانات الله أيضا ، غير أنّ أهميّتها تقلّ أمام هذا الامتياز.

ويمكن أن نعبّر هنا عن هذه الأمانة بتعبير آخر ونقول : إنّها التعهّد والالتزام وقبول المسؤولية.

بناء على هذا فإنّ أولئك الذين فسّروا الأمانة بصفة الإختيار والحرية في الإرادة ، قد أشاروا إلى جانب من هذه الأمانة العظمى ، كما أنّ أولئك الذين فسّروها بالعقل ، أو أعضاء البدن ، أو أمانات الناس لدى بعضهم البعض ، أو الفرائض والواجبات ، أو التكاليف بصورة عامّة ، قد أشار كلّ منهم إلى غصن من أغصان هذه الشجرة العظيمة المثمرة ، واقتطف منها ثمرة.

لكن ما هو المراد من عرض هذه الأمانة على السموات والأرض؟

هل المراد : أنّ الله سبحانه قد منح هذه الموجودات شيئا من العقل والشعور ثمّ عرض عليها حمل هذه الأمانة؟

أو أنّ المراد من العرض هو المقارنة؟ أي أنّها عند ما قارنت حجم هذه الأمانة مع ما لديها من القابليات والاستعدادات أعلنت عدم لياقتها واستعدادها عن تحمّل هذه الأمانة العظيمة.

طبعا ، يبدو أنّ المعنى الثّاني هو الأنسب ، وبهذا فإنّ السماوات والأرض والجبال قد صرخت جميعا بأنّا لا طاقة لنا بحمل هذه الأمانة.

٣٧٠

ومن هنا يتّضح جواب السؤال الثالث أيضا ، بأنّ هذه الموجودات لما ذا وكيف رفضت وأبت حمل هذه الأمانة العظمى ، وأظهرت إشفاقها من ذلك؟

ومن هنا تتّضح كيفية حمل الإنسان لهذه الأمانة الإلهية ، لأنّ الإنسان كان قد خلق بشكل يستطيع معه تحمّل المسؤولية والقيام بها ، وأن يتقبّل ولاية الله ، ويسير في طريق العبودية والكمال ويتّجه نحو المعبود الدائم ، وأن يطوي هذا الطريق بقدمه وإرادته ، وبالاستعانة بربّه.

أمّا ما ورد في روايات عديدة وردت عن أهل البيتعليهم‌السلام من تفسير هذه الأمانة بقبول ولاية أمير المؤمنين عليعليه‌السلام وولده ، فمن أجل أنّ ولاية الأنبياء والأئمّة نور ساطع من تلك الولاية الإلهية الكليّة ، والوصول إلى مقام العبودية ، وطي طريق التكامل لا يمكن أن يتمّ من دون قبول ولاية أولياء الله.

جاء في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام أنّه سئل عن تفسير آية عرض الأمانة ، فقال : «الأمانة الولاية ، من ادّعاها بغير حقّ كفر»(١) .

وفي حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال عند ما سئل عن تفسير هذه الآية : «الأمانة الولاية ، والإنسان هو أبو الشرور المنافق»(٢) .

والمسألة الاخرى التي يلزم ذكرها هنا ، هي أنّنا قلنا في ذيل الآية (١٧٢) من سورة الأعراف فيما يتعلّق بعالم الذرّ بأن أخذ ميثاق الله على التوحيد كان عن طريق الفطرة ، واستعداد وطبيعة الآدمي ، وإنّ عالم الذرّ هو عالم الاستعداد والفطرة.

وفي مورد قبول الأمانة الإلهيّة يجب القول بأنّ هذا القبول لم يكن قبول اتّفاق وعقد ، بل كان قبولا تكوينيا حسب عالم الاستعداد.

السؤال الوحيد الذي يبقى هو مسألة كون الإنسان «ظلوما جهولا» ، فهل أنّ

__________________

(١) تفسير البرهان ، المجلّد ٣ ، صفحة ٣٤١ ذيل الآية مورد البحث.

(٢) المصدر السابق.

٣٧١

وصف الإنسان بهاتين الصفتين ـ وظاهرهما ذمّه وتوبيخه ـ كان نتيجة قبوله لهذه الأمانة؟

من المسلّم أنّ النفي هو جواب هذا السؤال ، لأنّ قبول هذه الأمانة أعظم فخر وميزة للإنسان ، فكيف يمكن أن يذمّ على قبوله مثل هذا المقام السامي؟

أم أنّ هذا الوصف بسبب نسيان غالب البشر وظلمهم أنفسهم ، وعدم العلم بقدر الإنسان ومنزلته وبسبب الفعل الذي بدأ منذ ابتداء نسل آدم من قبل قابيل وأتباعه ، ولا يزال إلى اليوم.

إنّ الإنسان الذي ينادى من العرش ، وبني آدم الذين وضع على رؤوسهم تاج (كرّمنا بني آدم) والبشر الذين هم وكلاء الله في الأرض بمقتضى قوله سبحانه :( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) والإنسان الذي كان معلّما للملائكة وسجدت له ، كم يجب أن يكون ظلوما جهولا لينسى كلّ هذه القيم السامية الرفيعة ، ويجعل نفسه أسيرة هذه الدنيا ، وتابعا لهذا التراب ، ويكون في مصاف الشياطين ، فينحدر إلى أسفل سافلين؟!

أجل إنّ قبول هذا الخطّ المنحرف ـ والذي كان ولا يزال له أتباع وسالكون كثيرون جدّا ـ خير دليل على كون الإنسان ظلوما جهولا ، ولذلك نرى أنّه حتّى آدم نفسه ، والذي كان رأس السلسلة ومتمتّعا بالعصمة ، يعترف بأنّه قد ظلم نفسه( رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ ) .(١)

لقد كان «ترك الأولى» الذي صدر منه ناشئا في الحقيقة عن نسيان جزء من عظمة هذه الأمانة الكبرى!

وعلى أي حال ، فيجب الاعتراف بأنّ الإنسان الضعيف والصغير في الظاهر ، هو اعجوبة علم الخلقة ، حيث استطاع أن يتحمّل أعباء الأمانة التي عجزت السماوات

__________________

(١) الأعراف ، ٢٣.

٣٧٢

والأرضون عن حملها إذا لم ينس مقامه ومنزلته(١) .

وتبيّن الآية التالية علّة عرض هذه الأمانة على الإنسان ، وبيان حقيقة أنّ أفراد البشر قد انقسموا بعد حمل هذه الأمانة إلى ثلاث فئات : المنافقين والمشركين والمؤمنين ، فتقول :( لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً ) .

يوجد هناك احتمالان في معنى «اللام» في( لِيُعَذِّبَ ) :

الأوّل : أنّها «لام الغاية» التي تذكر لبيان عاقبة الشيء ونهايته ، وبناء على هذا يكون معنى الآية : كانت عاقبة حمل هذه الأمانة أن سلك جماعة طريق النفاق ، وجماعة سبيل الشرك ، وهؤلاء سيبتلون بعذاب الله لخيانتهم أمانته ، وجماعة هم أهل الإيمان الذين ستشملهم رحمته لأدائهم هذه الأمانة والقيام بواجباتهم.

والثاني : أنّها «لام العلّة» ، فتكون هناك جملة مقدرة ، وعلى هذا يكون تفسير الآية : كان الهدف من عرض الأمانة أن يوضع كلّ البشر في بوتقة الاختبار ، ليظهر كلّ إنسان باطنه فيرى من الثواب والعقاب ما يستحقّه.

وهنا امور ينبغي الالتفات إليها :

١ ـ إنّ سبب تقديم أهل النفاق على المشركين هو أنّ المنافق يتظاهر بأنّه أمين في حين أنّه خائن ، إلّا أنّ خيانة المشرك ظاهرة مكشوفة ، ولذلك فإنّ المنافق يستحقّ حظّا أكبر من العذاب.

٢ ـ يمكن أن يكون سبب تقديم هاتين الفئتين على المؤمنين هو أنّ الآية

__________________

(١) اتّضح ممّا قلناه في تفسير الآية أن لا حاجة مطلقا إلى أن نقدر شيئا في الآية ، كما قال ذلك جمع من المفسّرين ، ففسّروا الآية بأنّ المراد من عرض أمانة الله على السماء والأرض والجبال هو عرضها على أهلها ، أي الملائكة! ولذلك قالوا بأنّ أولئك الذين أبوا أن يحملوها قد أدّوها ، وأولئك الذين حملوها خانوها. إنّ هذا التّفسير ليس مخالفا لظاهر الآية من ناحية الاحتياج إلى التقدير وحسب ، بل يمكن أن يناقش ويورد على اعتقاده بأنّ على الملائكة نوع تكليف ، وأنّها حاملة لجزء من هذه الأمانة. وبغضّ النظر عن كلّ ذلك فإنّ تفسير أهل الجبال بالملائكة لا يخلو من غرابة ، دقّقوا ذلك.

٣٧٣

السابقة قد ختمت بـ( ظَلُوماً جَهُولاً ) وهاتان الصفتان تناسبان المنافق والمشرك ، فالمنافق ظالم ، والمشرك جهول.

٣ ـ لقد وردت كلمة (الله) مرّة واحدة في شأن المنافقين والمشركين ، ومرّة في شأن المؤمنين ، وذلك لأنّ مصير الفئتين الاوّليين واحد ، وحساب المؤمنين يختلف عنهما.

٤ ـ يمكن أن يكون التعبير بالتوبة بدل الجزاء والثواب في شأن المؤمنين بسبب أنّ أكثر خوف المؤمنين من الذنوب والمعاصي التي تصدر عنهم أحيانا ، ولذا فإنّ الآية تطمئنهم وتمنحهم السكينة بأنّ ذنوبهم ستغفر.

أو لأنّ توبة الله على عباده تعني رجوعه عليهم بالرحمة ، ونعلم أنّ كلّ الهبات والعطايا والمكافآت قد أخفيت في كلمة «الرحمة».

٥ ـ إنّ وصف الله بالغفور والرحيم ربّما كان في مقابل الظلوم والجهول. أو لمناسبته ذكر التوبة بالنسبة للمؤمنين والمؤمنات.

الآن وقد بلغنا نهاية سورة الأحزاب بفضل الله سبحانه ، نرى لزاما ذكر هذه المسألة ، وهي : أنّ انسجام بداية هذه السورة مع نهايتها يستحقّ الدقّة والانتباه ، لأنّ هذه السورة ـ سورة الأحزاب ـ قد بدأت بخطاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمره بتقوى الله ، ونهيه عن طاعة الكافرين والمنافقين ، والتأكيد على كون الله عليما حكيما ، وانتهت بذكر أعظم مسألة في حياة البشر ، أي حمل أمانة الله. ثمّ بتقسيم البشر إلى ثلاث فئات : المنافقين ، والكافرين ، والمؤمنين ، والتأكيد على كون الله غفورا رحيما.

وبين هذين البحثين طرحت بحوثا كثيرة حول هذه الفئات الثلاثة ، وأسلوب تعاملهم مع هذه الأمانة الإلهية ، وكلّ هذه البحوث يكمل بعضها بعضا ، ويوضّح بعضها بعضا.

اللهمّ اجعلنا ممّن قبلوا أمانتك بإخلاص ، وحملوها بعشق ولذّة ، وقاموا

٣٧٤

بواجباتهم تجاهها.

اللهمّ اجعلنا من المؤمنين الذين وسعتهم رحمتك ، لا من المنافقين والمشركين الذين استحقّوا العذاب لكونهم ظلومين جهولين.

اللهمّ انزل غضبك وسخطك على أحزاب الكفر التي اتّحدت مرّة اخرى ، واحتّلت مدينة الإسلام في عصرنا الحاضر ، واهدم قصورهم على رؤوسهم. اللهمّ وهب لنا من الثبات والاستقامة ما نقف به كالجبل لندافع عن مدينة الإسلام ونحرسها في هذه اللحظات الحسّاسة.

آمين يا ربّ العالمين.

* * *

نهاية سورة الأحزاب

٣٧٥
٣٧٦

سورة

سبأ

مكيّة

وعدد آياتها أربع وخمسون آية

٣٧٧
٣٧٨

«سورة سبأ»

محتوى سورة سبأ :

سمّيت السورة بهذا الاسم (سبأ) لذكرها قصّة قوم سبأ ، وهي من السور المكيّة ، التي تشتمل عادة على بحوث المعارف الإسلامية واصول الإعتقادات ، خصوصا «المبدأ» و «المعاد» و «النبوّة». فأغلب بحوثها تحوم حول تلكم الموضوعات ، لحاجة المسلمين لبلورة امور العقيدة في مكّة ، وإعدادهم للانتقال إلى فروع الدين ، وتشكيل الحكومة ، وتطبيق كافّة البرامج الإسلامية.

وبشكل إجمالي يمكن القول بأنّ محتوى هذه السورة يندرج في خمسة مواضيع :

١ ـ «التوحيد» ، وبعض الآثار الدالّة عليه في عالم الوجود ، وبعض صفات الله المقدّسة كالوحدانية ، والربوبية ، والالوهية.

٢ ـ قضيّة المعاد التي نالت النصيب الأوفى من العرض في هذه السورة ، باستعراضها ضمن بحوث منوّعة ومن زوايا مختلفة.

٣ ـ نبوّة الأنبياء السابقين وبالأخص رسول الإسلام الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله والردّ على تخرصات أعدائه حوله ، وذكر جانب من معجزات من سبقه من الأنبياء.

٤ ـ التعرّض لذكر بعض النعم الإلهية العظيمة ، ومصير الشاكرين والجاحدين من خلال استعراض جانب من حياة النّبي سليمانعليه‌السلام وحياة قوم سبأ.

٥ ـ الدعوة إلى التفكّر والتأمّل والإيمان والعمل الصالح ، وبيان تأثير هذه

٣٧٩

العوامل في سعادة وموفقية البشر.

وعلى كلّ حال ، فانّها تشكّل برنامجا تربويا شاملا لتربية الباحثين عن الحقّ.

فضيلة هذه السورة :

يلاحظ في الروايات تعبيرات ملفتة حول أهميّة هذه السورة وأهميّة قراءتها. من جملتها ما ورد في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «من قرأ سورة سبأ لم يبق نبيّ ولا رسول إلّا كان له يوم القيامة رفيقا ومصافحا»(١) .

وفي حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «من قرأ الحمدين جميعا ، سبأ وفاطر ، في ليلة لم يزل ليلته في حفظ الله تعالى وكلاءته ، فإن قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه ، واعطي من خير الدنيا وخير الآخرة ما لم يخطر على قلبه ولم يبلغ مناه»(٢) .

ونذكّر ـ كما في بداية كلّ سورة ـ بأنّ من الطبيعي أنّ هذا الثواب العظيم لا يكون نصيب من يكتفي من قراءته بلقلقة اللسان وحسب ، بل يجب أن تكون القراءة مقدّمة للتفكير الذي يكون بدوره باعثا على العمل الصالح.

فإنّ من يقرأ هذه السورة مثلا ، سيعلم بأنّ الدمار الذي حلّ بقوم سبأ وجعل من مصرعهم عبرة للعالمين ، ومصيرهم مضربا للأمثال ، إنّما كان لكفرانهم النعم الإلهية الوافرة.

ومن يطّلع على ذلك فسيؤدّي شكر النعمة بطريقة عملية. والشاكر بنعمة الله سيكون في حفظه وأمانه تعالى.

وقد ذكرنا شرحا أوفى حول هذا الموضوع في أوّل تفسيرنا لسورة النور.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، بداية سورة سبأ ، المجلّد ٨ ، صفحة ٣٧٥.

(٢) المصدر السابق.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594