مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل10%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 338989 / تحميل: 5822
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ثم اجتمع النور في وسط تلك الصور الخفيّة، فوافق ذلك صورة نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال الله عزّ من قائل: أنت المختار المنتخب، وعندك مستودع نوري وكنوز هدايتي، من أجلك اسطّح البطحاء، واموج الماء، وأرفع السماء، وأجعل الثواب والعقاب، والجنّة والنار، وأنصب أهل بيتك للهداية، وأوتيهم من مكنون علمي ما لا يشكل عليهم دقيق، ولا يعييهم خفيّ، وأجعلهم حجّتي على بريّتي، والمنبّهين على قدرتي ووحدانيّتي.

ثم أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبيّة، والإخلاص بالوحدانيّة.

فبعد أخذ ما أخذ من ذلك شاب ببصائر الخلق انتخاب محمّدا وآلهعليهم‌السلام ، وأراهم أنّ الهداية معه، والنور له، والإمامة في آله، تقديما لسنّة العدل، وليكون الأعذار متقدّما.

ثم أخفى الله الخليقة في غيبة، وغيّبها في مكنون علمه، ثم نصب العوالم، وبسط الزمان، وموّج الماء، وأثار الزبد، وأهاج الدخان، فطفى عرشه على الماء، فسطّح الأرض على ظهر الماء، ثم استجلبهما إلى الطاعة فأذعنتا بالاستجابة.

ثم أنشأ الله الملائكة من أنوار أبدعها، وأرواح اخترعها، وقرن توحيده بنبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فشهرت في السماء قبل بعثته في الأرض.

فلمّا خلق الله آدم أبان فضله للملائكة، وأراهم ما خصّه به من سابق العلم، حيث عرّفه عند استنبائه إيّاه أسماء الأشياء، فجعل الله آدم محرابا وكعبة وقبلة، أسجد إليها الأبرار والروحانيّين الأنوار.

ثم نبّه آدم على مستودعه، وكشف له عن خطر ما ائتمنه عليه، بعد ما سمّاه إماما عند الملائكة، فكان حظّ آدم من الخير ما أراه من مستودع نورنا.

ولم يزل الله تعالى يخبّئ النور تحت الزمان، الى أن وصل محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في ظاهر الفترات، فدعا الناس ظاهرا وباطنا، ونبّههم سرّا وإعلانا، واستدعىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التنبيه على العهد الذي قدّمه إلى الذّر

١٢١

قبل النسل، فمن وافقه واقتبس من مصباح النور المقدّم اهتدى إلى سيره، واستبان واضح أمره، ومن ألبسته الغفلة استحقّ السخط.

ثم انتقل النور إلى غرائزنا، ولمع في أئمّتنا، فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض، فبنا النجاة، ومنّا مكنون العلم، وإلينا يصير الأمور، وبمهدينا تنقطع الحجج، خاتمة الأئمّة، ومنقذ الأمّة، وغاية النور، ومصدر الأمور، فنحن أفضل المخلوقين، وأشرف الموحّدين، وحجج ربّ العالمين، فليهنأ بالنعمة من تمسّك بولايتنا وقبض عروتنا.

فهذا ما روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليهم‌السلام (١) ، انتهى. ولا أظنّ أحدا يروي هذا الخبر من غير إنكار ولا يكون إماميّا )(٢) .

وقوله رحمه‌الله : وكتاب إثبات الوصيّة ليس بنصّ. إلى آخره، كلام من لا عهد له بهذا الكتاب، ولم يظفر بنسخته، وإنّما استظهر من اسمه أنّه موضوع لإثبات وصايتهعليه‌السلام في بعض تركته، وقضاء ديونه، وإنجاز عداته(٣) ، وتجهيز جسده المباركصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ممّا تلقاه الأمّة على اختلاف مشاربهم بالقبول، ولو كان عثر عليه لعلم أنّه أحسن كتاب صنّف في هذا الباب، وفي إثبات وصاية عليّعليه‌السلام وإمامته، وأولاده الأطيابعليهم‌السلام ، فشرع في شرح خلقة صفيّ الله آدم، ومجمل أحواله، وذكر أسامي أوصيائه، مرتّبا إلى نوحعليه‌السلام ، ثم منه إلى إبراهيمعليه‌السلام ، ثم منه إلى موسىعليه‌السلام ، ثم منه إلى داودعليه‌السلام ، ثم منه إلى

__________________

(١) مروج الذهب ١: ٤٢ باختلاف في الألفاظ.

(٢) إلى هنا تنتهي الزيادة التي لم ترد في النسخة الخطية.

(٣) العدات: جمع عدة، وهي الوعد. لسان العرب ٣: ٤٦٢.

١٢٢

المسيحعليه‌السلام ، ثم منه إلى نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليهم، ومختصر من سيرتهم، والغالب أنّهم في كلّ طبقة اثنا عشر، ويذكر في آخر حال كلّ واحد منهم أن الله تعالى أوحى إليه أن يستودع التابوت، ومواريث الأنبياء إلى فلان.

ثم شرع في الجزء الثاني في حال خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ولادته إلى وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مختصرا.

ثم شرع في خلافة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وذكر قصّة المتقدّمين عليه على طريقة الإماميّة، ومن جملة كلامه.

فأقام أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن معه من شيعته في منازلهم، بما عهد إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فوجّهوا إلى منزله فهجموا عليه، وأحرقوا بابه، واستخرجوه منه كرها، وضغطوا سيّدة النساءعليها‌السلام بالباب، حتى أسقطت محسنا، وأخذوه بالبيعة فامتنع، فقال: « لا أفعل » فقالوا: نقتلك، فقال: « إن تقتلوني فإنّي عبد الله وأخو رسوله » وبسطوا يده فقبضها وعسر عليهم فتحها، فمسحوا عليها وهي مضمومة.

ثمّ لقي أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد هذا أحد القوم، فناشده الله وذكّره بأيّام الله، وقال له: « هل لك أن أجمع بينك وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى يأمرك وينهاك » فخرجا إلى قبا. إلى آخر القصّة.

قال: وهمّوا بقتل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وتواصوا وتواعدوا بذلك، وأن يتولّى قتله خالد بن الوليد - إلى أن قال - وكان الموعد في قتله أنّه يسلّم إمامهم، فيقوم خالد إليه بسيفه، فأحسّوا بأسه، فقال الإمام قبل أن يسلّم: لا يفعلنّ خالد ما أمرته به، ثم كان من أقاصيصهم ما رواه الناس(١) .

ثم ساق حالاته، وبعض معاجزه، ووفاته، ونصّه على ابنه أبي محمّدعليه‌السلام ، وهكذا إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه، وذكر في حال كلّ

__________________

(١) إثبات الوصية: ١٢٣ و ١٢٤.

١٢٣

إمام ولادته، وسيرته، ومعاجزه، ووفاته، على أحسن نظم وترتيب.

ومن طريف ما رواه في حال أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قوله: وروي أنّهعليه‌السلام كان يتكلّم في المهد.

وروي عن زكريا بن آدم قال: إنّي لعند الرضاعليه‌السلام ، إذ جيء بأبي جعفرعليه‌السلام وسنّه نحو أربع سنين، فضرب بيده الأرض، ورفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر، فقال له الرضاعليه‌السلام : « بنفسي أنت فيم تفكّر طويلا ( منذ قعدت )(١) .

فقال: فيما صنع بأمّي فاطمةعليها‌السلام ، أما والله لأخرجنّهما، ثم لأحرقنّهما، ثم لاذرينّهما، ثم لأنسفنّهما في اليمّ نسفا، فاستدناه وقبّل بين عينيه، ثم قال: أنت لها - يعني الإمامة - »(٢) .

وذكر في أحوال الحجّةعليه‌السلام النصوص على الأئمّة الاثني عشر، وقال في آخرها وهو آخر الكتاب: فلمّا أفضى الأمر إلى أبي محمدعليه‌السلام ، كان يكلّم شيعته الخواصّ وغيرهم من وراء الستر، إلاّ في الأوقات التي يركب فيها إلى دار السلطان، وإنّ ذلك إنّما كان منه ومن أبيه قبله، مقدّمة لغيبة صاحب الزمانعليه‌السلام ، لتألف الشيعة ذلك ولا تنكر الغيبة، وتجري العادة بالاحتجاب والاستتار.

وفي تسع عشرة سنة من الوقت - أي وقت إمامته عجّل الله تعالى فرجه - توفّي المعتمد، وبويع لأحمد بن الموفّق - وهو المعتضد - وذلك في رجب سنة تسع وسبعين ومائتين، ثمّ ذكر الخلفاء إلى عصره، ثم قال: وللصاحبعليه‌السلام منذ ولد إلى هذا الوقت، وهو شهر ربيع الأوّل، سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، خمس وسبعون سنة وثمانية أشهر(٣) ، أقام مع أبيه أبي محمد على

__________________

(١) في المخطوطة والحجرية: فقعد، وما أثبتناه في المتن نقلناه عن المصدر.

(٢) إثبات الوصية: ١٨٤.

(٣) في المصدر: ست وسبعون سنة وأحد عشر شهرا ونصف شهر.

١٢٤

السلام أربع سنين وثمانية أشهر، ومنها منفردا بالإمامة إحدى وسبعون سنة(١) ، وقد تركنا بياضا لمن يأتي بعد والسلام، وهو آخر الكتاب(٢) .

وقال في مروج الذهب: وفي أيّام عثمان اقتنى جماعة من الصحابة الضياع والدور، منهم الزبير بن العوام بنى داره بالبصرة، وهي المعروفة في هذا الوقت، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، تنزلها التجّار وأرباب الأموال(٣) . إلى آخره. ويعلم من هذا أنّه صنّف كتاب إثبات الوصيّة في خلال أيّام تأليفه المروج، ومنه يعلم فساد احتمال كونه منهم في أيام تأليفه، ورجوعه بعد ذلك بملاحظة الكتاب المذكور.

هذا وقال الثقة الجليل محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة، في باب ما نزل من القرآن في القائمعليه‌السلام : أخبرنا علي بن الحسين المسعودي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار القمّي، قال: حدثنا محمد بن حسان(٤) الرازي، قال: حدثنا محمد بن علي الكوفي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، عن القاسم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ:( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) (٥) هي في القائمعليه‌السلام وأصحابه(٦) .

__________________

(١) في المصدر: اثنتان وسبعون سنة وشهورا.

(٢) إثبات الوصية: ٢٣١.

(٣) مروج الذهب ٢: ٣٣٢.

(٤) في المخطوطة والحجرية: الحسن، والذي أثبتناه هو ما اتفقت عليه كتب الرجال، انظر على سبيل المثال لا الحصر: رجال النجاشي ٣٣٨ / ٩٠٣ وفهرست الشيخ ١٤٧ / ٦١٧ ورجال العلامة: ٢٥٥ / ٤٣ وتنقيح المقال ٣: ٩٩ / ١٠٥٢٨ وكذلك المصدر.

(٥) الحج: ٢٢: ٣٩.

(٦) الغيبة للنعماني: ٢٤١.

١٢٥

وروي عنه في الكتاب المذكور - بهذا السند إلى الكوفي - في الأبواب المختصة مضامين أخبارها بالإماميّة أخبارا كثيرة:

ففي باب ما جاء في الإمامة والوصيّة، وأنّهما من الله عزّ وجلّ باختياره وأمانته، لا باختيار خلقه، بالسند المذكور، عن الكوفي، بإسناده عن زيد الشحام، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أيّما أفضل الحسن أو الحسينعليهما‌السلام ؟ قال: « إنّ فضل أوّلنا يلحق فضل آخرنا، وفضل آخرنا يلحق فضل أوّلنا، فكلّ له فضل » قال، فقلت له: جعلت فداك وسّع عليّ في الجواب، فإنّي والله ما أسألك إلاّ مرتادا، فقالعليه‌السلام : « نحن من شجرة برأنا الله تعالى من طينة واحدة، فضلنا من الله، وعلمنا من عند الله، ونحن أمناء الله على خلقه، والدعاة إلى دينه، والحجّاب فيما بينه وبين خلقه، أزيدك يا زيد؟ قال: نعم، فقال: خلقنا واحد، وعلمنا واحد، وفضلنا واحد، وكلّنا واحد عند الله عزّ وجلّ، فقلت: أخبرني بعدّتكم؟ فقال: نحن اثنا عشر، هكذا حول عرش ربّنا عزّ وجلّ وفي مبتدإ خلقنا، أوّلنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأوسطنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآخرنا محمد(١) ».

وبالسند عن الكوفي، بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ذات يوم، فلمّا تفرّق من كان عنده قال: « يا أبا حمزة من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا، فمن شكّ فيما أقول لقي الله وهو به كافر وله جاحد، ثمّ قال: بأبي وأمّي المسمّى باسمي، والمكنّى بكنيتي، والسابع من بعدي، بأبي من يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا(٢) . » الخبر.

وقس على الخبر سائر ما رواه عنه فيه، وإن لم يصفه بالمسعودي في كثير

__________________

(١) الغيبة للنعماني: ٨٥ والحديث في باب: ما روي في أن الأئمة اثنا عشر إماما.

(٢) الغيبة للنعماني: ٨٦.

١٢٦

من المواضع، إلاّ أنّ اتّحاد السند، وتوصيفه به في بعض المواضع، كاف للمستأنس بالطريقة، في ثبوت كونه المقصود في جميع المواضع، وفي بعضها: حدّثنا محمد بن يحيى العطار بقم، ولا يناسب صدور هذا الكلام عن علي بن الحسين بن بابويه الساكن فيه كما لا يخفى، ومن هنا ظهر أنّ ما فعله في الرياض - في مقام جمع مشايخ النعماني من عدّ المسعودي منهم دون ابن بابويه - في محلّه(١) .

__________________

(١) رياض العلماء ٥: ١٣، ولم نقف في ترجمة النعماني على ذكر مشايخه في النسخة المطبوعة.

١٢٧

٢٥ - كتاب دعائم الإسلام:

تأليف نعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيوان، قاضي مصر.

قال في البحار: قد كان أكثر أهل عصرنا(١) يتوهّمون أنّه تأليف الصدوق -رحمه‌الله - وقد ظهر لنا أنّه تأليف أبي حنيفة النعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر في أيام الدولة الإسماعيليّة، وكان مالكيّا أولا، ثم اهتدى وصار إماميّا، وأخبار هذا الكتاب أكثرها موافقة لما في كتبنا المشهورة، لكن لم يرو عن الأئمّة بعد الصادقعليه‌السلام ، خوفا من الخلفاء الإسماعيليّة، وتحت ستر التقيّة أظهر الحقّ لمن نظر فيه متعمّقا، وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد.

قال ابن خلّكان: هو أحد الفضلاء المشار إليهم، ذكره الأمير المختار المسبّحي في تأريخه، فقال: كان من العلم، والفقه، والدين، والنبل، على ما لا مزيد عليه، وله عدّة تصانيف، منها كتاب اختلاف أصول المذاهب، وغيره، انتهى(٢) .

وكان مالكيّ المذهب، ثم انتقل إلى مذهب الإماميّة.

وقال ابن زولاق في ترجمة ولده علي بن النعمان: وكان أبوه النعمان بن محمد القاضي في غاية الفضل، من أهل القرآن والعلم، بمعانيه، وعالما بوجوه الفقه، وعلم اختلاف الفقهاء، واللّغة والشعر الفحل، والمعرفة بأيّام الناس، مع عقل وإنصاف، وألّف لأهل البيت من الكتب آلاف أوراق، بأحسن تأليف، وأملح سجع، وعمل في المناقب والمثالب كتابا حسنا، وله ردود على المخالفين: له ردّ على أبي حنيفة، وعلى مالك والشافعي، وعلى ابن سريج، وكتاب اختلاف الفقهاء ينتصر فيه لأهل البيتعليهم‌السلام (٣) .

__________________

(١) كذا في المصدر والحجرية، وفي المخطوطة: أهلنا.

(٢) أي كلام المختار المسبّحي في تأريخه ( تاريخ مصر )

(٣) وفيات الأعيان ٥: ٤١٥.

١٢٨

أقول : ثمّ ذكر كثيرا من فضائله وأحواله، ونحوه ذكر اليافعي وغيره.

وقال ابن شهرآشوب في كتاب معالم العلماء: القاضي النعمان بن محمد ليس بإماميّ، وكتبه حسان، منها شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام ، ذكر المناقب إلى الصادقعليه‌السلام ، الاتّفاق والافتراق، المناقب والمثالب [ الإمامة ] أصول المذاهب، الدّولة، الإيضاح، انتهى ما في البحار(١) .

وقال العلامة الطباطبائي في رجاله: نعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر، وقد كان بدو أمره مالكيّا، ثم انتقل إلى مذهب الإماميّة، وصنّف على طريق الشيعة كتبا، منها كتاب دعائم الإسلام، وله فيه وفي غيره ردود على فقهاء العامّة، كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وغيرهم.

وذكر صاحب تأريخ مصر: عن القاضي نعمان: إنّه كان من العلم والفقه، والدين والنبل، على ما لا مزيد عليه.

وكتاب الدعائم كتاب حسن جيّد، يصدّق ما قيل فيه، إلاّ أنّه لم يرو فيه عمّن بعد الصادق من الأئمةعليهم‌السلام ، خوفا من الخلفاء الإسماعيليّة، حيث كان قاضيا منصوبا من قبلهم بمصر، لكنّه قد أبدى من وراء ستر التقيّة مذهبه، بما لا يخفى على اللبيب(٢) .

وقال العالم المتبحّر الجليل السيّد حسين القزويني، في المبحث الخامس - من كتاب جامع الشرائع - في شرح حال المشايخ، وهو كرسالة لطيفة قال: النعمان بن محمد عالم فاضل، له كتاب دعائم الإسلام.

قال في البحار - وساق بعض ما نقلناه - وقال(٣) : وأخباره صالحة

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٣٨، معالم العلماء: ١٢٦ / ٨٥٣

(٢) رجال السيد بحر العلوم ٤: ٥ - ١٤.

(٣) أي القزويني.

١٢٩

للتأييد والتأكيد، ولما اشتهر [ من ] الفتوى بين العلماء الثقات ولم يوجد له مستند منسوب إلى الأئمة الأطهارعليهم‌السلام (١) .

وقال المحقّق النحرير الكاظمي في المقابس، في ذكر القائلين بعدم نجاسة الماء القليل بالملاقاة: وذهب إليه من القدماء صاحب دعائم الإسلام، كما يظهر من كلامه في هذا الكتاب - وساق بعض ما رواه فيه وبيّنه وشرحه - ثمّ قال: وهذا الرجل كما يلوح في كتابه من أفاضل الشيعة، بل الإماميّة، وإن لم يرو في كتابه إلاّ عن الصادق ومن قبله من الأئمّةعليهم‌السلام ، وقد ظهر للعلاّمة المجلسيقدس‌سره أنّ اسمه أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر(٢) ، وذكر بعض ما مرّ(٣) .

وقال: وما في معالم السّروي من نفي كونه إماميّا منظور فيه، وقد ذكر السروي أنّ له كتبا حسانا في الإمامة، وفضائل الأئمّةعليهم‌السلام ، وغيرها، وعدّ منها كتابا في المناقب الى الصادقعليه‌السلام ، ولعلّ الوجه في اقتصاره عليهعليه‌السلام ما سبق(٤) ، مع احتمال كون [ مراد ](٥) من نسبه من العامّة إلى الإماميّة أنّه من الشيعة، لكنّه خلاف الظاهر والله يعلم.

وأكثر الأخبار التي أوردها في الدعائم موافقة لما في كتب أصحابنا المشهورة، وقال في أوّله: إنّه اقتصر فيه على الثابت الصحيح ممّا جاء عن الأئمّة، من أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من جملة ما اختلف فيه الرّواة عنهم، وإنّه إنّما أسقط الأسانيد طلبا للاختصار، إلاّ أنّه مع ذلك خالف

__________________

(١) انتهى كلام القزويني والزيادة التي بين المعقوفتين أثبتناها لمقتضى السياق.

(٢) مقابس الأنوار: ٦٥ - ٦٦.

(٣) من كلام العلامة المجلسيرحمه‌الله .

(٤) أي كونه قاضي مصر في أيام الدولة الإسماعيلية.

(٥) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

١٣٠

فيه الأصحاب في جملة من الأحكام المعلومة عندهم، بل بعض ضروريّات مذهبهم كحلّيّة المتعة، فربّما كان مخالفته لهم هنا، وبقاؤه على مذهب مالك من هذا الباب، ولعلّه لبعض ما ذكر، ولعدم اشتهاره بين الأصحاب، وعدم توثيقهم له، وعدم تصحيحهم لحديثه أو كتابه، لم يورد صاحب الوسائل شيئا من أخباره، ولم يعدّ الدعائم من الكتب التي يعتمد عليها.

وقال صاحب البحار: ( إنّ أخباره تصلح للتأييد والتأكيد ) مع أنّ أخبار كثير من الأصول والمصنّفات يعتمد عليها وإن كان مؤلّفوها فاسدي المذهب كابن فضّال وغيره، فليعرف ذلك(١) ، انتهى.

وفي أمل الآمل: نعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن أحمد بن حيوان، أحد الأئمّة الفضلاء المشار إليهم(٢) ، ثم ساق بعض ما مرّ عن ابن خلّكان.

وذكره الشهيد الثالث القاضي نور الله في مجالسه في عداد علمائنا الأعلام، ورواة أخبارنا الكرام(٣) .

ولنرجع الى توضيح بعض ما ذكره هؤلاء المشايخ العظام، بما فيه قوّة اعتبار كتاب دعائم الإسلام، ويتمّ ذلك برسم أمور:

الأوّل في قول المجلسيقدس‌سره : قد كان أكثر أهل عصرنا. آخره. والظاهر أنّ سبب التوهّم عدّ الشيخ في الفهرست من كتب الصدوق كتاب دعائم الإسلام(٤) ، فظنّوا أنّه الموجود بأيدينا، ويرتفع ذلك بعد كثرة الاشتراك في أسامي الكتب، وبعد طريقة الصدوق عن تأليف مثله، بأنّه يظهر من مواضع(٥) منه أنّه كان في مصر، و(٦) مختلطا مع المنصور بالله، والمهدي بالله

__________________

(١) مقابس الأنوار: ٦٦.

(٢) أمل الآمل ٢: ٣٣٥ / ١٠٣٤.

(٣) مجالس المؤمنين ١: ٥٣٨.

(٤) الفهرست: ١٥٧ / ٦٩٥.

(٥) لم ترد في المخطوطة.

(٦) في الحجرية زيادة: أنه كان.

١٣١

من ملوك الفاطميّين(١) ، فراجع.

الثاني في قوله، وقول الجماعة: إنّه لم يرو عن الأئمّة بعد الصادقعليهم‌السلام . إلى آخره، والأمر كما قالوا إلاّ أنّي رأيت فيه الرواية عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، وعن الرضاعليه‌السلام ، ففي كتاب الوصايا: عن ابن أبي عمير(٢) أنّه قال: كنت جالسا على باب أبي جعفرعليه‌السلام ، إذ أقبلت امرأة، فقالت: استأذن لي على أبي جعفرعليه‌السلام ، قيل لها: وما تريدين منه، قالت: أردت أن أسأله عن مسألة، قيل لها: هذا الحكم، فقيه أهل العراق فاسأليه، قالت: إنّ زوجي هلك وترك ألف درهم، وكان لي عليه من صداقي خمسمائة درهم ( فأخذت صداقي وأخذت ميراثي، ثمّ جاء رجل فقال: لي عليه ألف درهم )(٣) وكنت أعرف له ذلك فشهدت بها، فقال الحكم: اصبري حتى أتدبّر في مسألتك وأحسبها، وجعل يحسب، فخرج إليه أبو جعفرعليه‌السلام وهو على ذلك، فقال: « ما هذا الذي تحرّك به أصابعك يا حكم » فأخبره، فما أتمّ الكلام حتى قال أبو جعفرعليه‌السلام : « أقرّت له بثلثي ما في يديها، ولا ميراث لها حتى تقضيه(٤) ».

والمراد به أبو جعفر الثانيعليه‌السلام قطعا، لأنّ ابن أبي عمير لم يدرك الصادقعليه‌السلام فضلا عن الباقرعليه‌السلام ، بل أدرك الكاظم عليه

__________________

(١) دعائم الإسلام ١: ٥٤ - ٥٥.

(٢) روى القاضي النعمان في دعائمه الحديث المذكور عن الحكم بن عيينة، بدلا من ابن أبي عمير، ورواه الشيخ الكليني في الكافي ٧: ٢٤ حديث ١ و ١٦٧ حديث ١، والشيخ الطوسي في التهذيب ٩: ١٦٤ حديث ٦٧١، والاستبصار ٤: ١١٤ حديث ٤٣٦ كلها عن الحكم بن عتيبة، والشيخ الصدوق في الفقيه ٤: ١٦٦ حديث ٥٧٩ عن الحكم بن عيينة، فعليه يكون استنتاج المصنف ( قده ) من أن المقصود بأبي جعفر في هذه الرواية هو الجوادعليه‌السلام ، وليس الباقرعليه‌السلام لرواية ابن أبي عمير عنه فيه تأمل، فلاحظ.

(٣) ما بين القوسين زيادة من الحجرية لم ترد في المخطوطة.

(٤) نسخة بدل: يقبضه ( مخطوط ). دعائم الإسلام ٢: ٣٦٠ / ١٣٠٩.

١٣٢

السلام ولم يرو عنه، وإنّما هو من أصحاب الرضا والجوادعليهما‌السلام ، وهو من مشاهير الرواة، بل الفقهاء العظام الذين لا يخفى عصرهم، وزمانهم وطبقتهم، على مثله من أهل العلم والفضل، وهذا ظاهر على الخبير المنصف.

وفي كتاب الوقوف: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنّ بعض أصحابه كتب إليه: إنّ فلانا ابتاع ضيعة وجعل لك في الوقف الخمس(١) إلى آخر الخبر المروي في الكافي، والتهذيب، والفقيه، مسندا عن علي ابن مهزيار، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام (٢) . إلى آخره، وعليّ من أصحاب الجواد والرضاعليهما‌السلام ، لم يدرك قبلهما من الأئمةعليهم‌السلام أحدا فلاحظ.

وفي كتاب الميراث: عن حذيفة بن منصور، قال: مات أخ لي وترك ابنته، فأمرت إسماعيل بن جابر أن يسأل أبا الحسن عليّا صلوات الله عليه عن ذلك، فسأله فقال: « المال كلّه لابنته »(٣) .

الثالث في تصريح الجماعة بأنّه أظهر الحقّ تحت أستار التقيّة لمن نظر فيه متعمّقا. وهو حقّ لا مرية فيه، بل لا يحتاج إلى التعمّق في النظر.

أمّا أولا : فلانّ الإسماعيليّة الخالصة كما صرّح به الشيخ الجليل الحسن ابن موسى النوبختي في كتاب الفرق، هم الذين أنكروا موت إسماعيل في حياة

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢: ٣٤٤ / ١٢٩٠ كتاب العطايا، فصل: ذكر ما يجوز من الصدقة وما لا يجوز.

(٢) الكافي ٧: ٣٦ حديث ٣٠، والتهذيب ٩: ١٣٠ حديث ٥٥٧، والفقيه ٤: ١٧٨ حديث ٦٢٨.

(٣) لم نعثر على هذه الرواية في النسخة المطبوعة من الدعائم، ولم نعثر عليها في الكتب الحديثية ولعلها مذكورة في نسخته.

١٣٣

أبيه، وقالوا: كان ذلك على جهة التلبيس من أبيه على الناس، لأنّه خاف فغيّبه عنهم، وزعموا أنّ إسماعيل لا يموت حتى يملك الأرض يقوم بأمر الناس، وأنّه هو القائم(١) .

وأمّا الباطنيّة منهم فلهم ألقاب كثيرة، ومقالات شنيعة، وزعموا كما في الكتاب المذكور أنّ الله عزّ وجلّ بدا له في إمامة جعفرعليه‌السلام وإسماعيل، فصيّرها في محمد بن إسماعيل.

وزعموا أنّه حيّ لم يمت، وأنّه يبعث بالرسالة، وبشريعة جديدة ينسخ بها شريعة محمّد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّه من اولي العزم.

وأولو العزم عندهم سبعة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّد، وعلي - صلوات الله عليهما وآلهما - ومحمّد بن إسماعيل، على أنّ السموات سبع، وأنّ الأرضين سبع، وأنّ الإنسان بدنه سبع: يداه، ورجلاه، وظهره، وبطنه، وقلبه، وأنّ رأسه سبع: عيناه، وأذناه، ومنخراه وفمه، وفيه لسانه - كصدره الذي فيه قلبه - وأنّ الأئمّة كذلك، وقلبهم محمد بن إسماعيل، وأنّ الله تبارك وتعالى جعل له جنّة آدم، ومعناها عندهم الإباحة للمحارم، وجميع ما خلق في الدنيا، وهو قول الله عزّ وجلّ:( وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ ) (٢) : [ أي ](٣) موسى بن جعفر بن محمد، وولدهعليهم‌السلام من بعده من ادّعى الإمامة منهم.

وزعموا أنّه خاتم النبيّين الذي حكاه الله عزّ وجلّ في كتابه.

وزعموا أنّ جميع الأشياء التي فرضها الله عزّ وجلّ على عباده، وسنّها نبيّه

__________________

(١) فرق الشيعة: ٧٩.

(٢) البقرة ٢: ٣٥.

(٣) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

١٣٤

وأمر بها، لها ظاهر وباطن، وأنّ جميع ما استعبد الله به العباد في الظاهر من الكتاب والسنّة، فأمثال مضروبة، وتحتها معان هي بطونها، وعليها العمل، وفيها النجاة، وأنّ ما ظهر منها ففي استعمالها الهلاك والشقاء، وهي جزء من العذاب الأدنى، عذّب الله به قوما إذ لم يعرفوا الحقّ، ولم يقولوا به.

الى غير ذلك من مقالاتهم الشنيعة، التي نسبها إليهم في الكتاب المذكور(١) ، وغيره في تصانيفهم في هذا الباب.

وأنت خبير بأنّه ليس في كتاب الدعائم ذكر لإسماعيل، ولا لمحمد أصلا في موضع منه، حتى في مقام إثبات الإمامة، وردّ مقالات العامّة وأئمّتهم الأربعة، فكيف يرضى المنصف أن ينسب إليه هذا المذهب؟! ولا يذكر في كتابه اسم إمامه أو نبيّه، مع أنّ خلفاء عصره الذين كان هو في قاعدة سلطنتهم، ومنصوبا للقضاوة من قبلهم، المدّعين انتهاء نسبهم الى محمد بن إسماعيل، المستولين على بلاد المغاربة، ومصر الإسكندرية، وغيرها، كانوا في الباطن من الباطنية - كما صرّح به العالم الخبير البصير السيد المرتضى الرازي، في كتاب تبصرة العوام(٢) - وكان دعاتهم متفرّقين في البلاد، ومنهم الحسن الصبّاح المعروف في خلافة المستنصر منهم، ومع ذلك ليس فيه إشارة إلى هذا المذهب، وفي مواضع لا بدّ من الإشارة إليه لو كان ممّن يميل إليه.

وأمّا ثانيا : فلأنّه صرّح في كتابه بكفر الباطنيّة وضلالتهم، وخروجهم عن الدين، فإنّه قال في باب ذكر منازل الأئمّةعليهم‌السلام ، وتنزيههم ممّن وضعهم بغير مواضعهم، وتكفيرهم من ألحد فيهم ما لفظه.

أئمّة الهدى صلوات الله عليهم ورحمته وبركاته، خلق مكرّمون من خلق

__________________

(١) فرق الشيعة: ٨٤ - ٨٥.

(٢) تبصرة العوام: ١٨١.

١٣٥

الله جلّ جلاله، وعباد مصطفون من عباده، افترض طاعة كلّ إمام منهم على أهل عصره، وأوجب عليهم التسليم لأمره، وجعلهم هداة خلقه إليه، وأدلاّء عباده عليه، وقرن طاعتهم في كتابه بطاعته وطاعة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهم حجج الله على خلقه، وخلفاؤه في أرضه.

ليس كما زعم الضالّون المفترون بآلهة غير مربوبين، ولا بأنبياء مرسلين - إلى أن قال - ولمّا كان أولياء الله الأئمّة الطاهرين، حجج الله التي احتجّ بها على خلقه، وأبواب رحمته التي فتح لعباده، وأسباب النجاة التي سبّب لأوليائه وأهل طاعته، ومن لا يقبل العمل إلاّ بطاعتهم، ولا يجازى بالطاعة إلاّ من تولاّهم وصدّقهم، كان الشيطان أشدّ عداوة لأوليائهم وأهل طاعتهم، ليستزلّهم كما استزلّ أبويهم من قبلهم، فاستزلّ كثيرا منهم واستغواهم(١) ، واستهواهم، فصاروا إلى الحور بعد الكور(٢) ، والى الشقوة بعد السعادة، والى المعصية بعد الطاعة.

وقصد الشيطان كلّ امرئ منهم من حيث يجد السبيل اليه والى الإجلاب بخيله ورجله عليه، فمن كان منهم قصير العلم، متخلّف الفهم ممّن تابع هواه، استفزّه واستغواه، واستزلّه فمال إلى الجحد لهم والنفاق عليهم، والخروج عن طاعتهم والكفر بهم، والانسلاخ من معرفتهم.

ومن كان قد برع في العلم وبلغ حدود الفهم، فاستزلّه وخدعه ودخل إليه، من باب محبوبة، وموضع رغبته، ومكان طلبته، فبيّن(٣) له زخرف التأويل، ونمّق له قول الأباطيل، فأغراه بالفكرة في تعظيم شأنهم، ورفع

__________________

(١) ورد هنا في الحجرية والمصدر زيادة: وسول لهم.

(٢) في الدعاء: نعوذ بالله من الحور بعد الكور، أي نعوذ بالله من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة والتمام، انظر مجمع البحرين ٤: ٢٧٩.

(٣) نسخة بدل: فزين ( مخطوطة )، وكذا في المصدر.

١٣٦

مكانهم، وقرّب منه الوسائل، وأكّد له الدلائل على أنّهم آلهة غير مربوبين، أو أنبياء مرسلون، أمكنه من ذلك ما أمكنه فيه، وتهيأ له منه ما تجرّأ به عليه، ودخل إلى طبقة ثالثة من مدخل الشبهات، واستثقال الفرائض الواجبات، وأباح لهم المحارم، وسهّل عليهم العظائم، في رفض فرائض الدين، والخروج من جملة المسلمين، بفاسد أقام لهم من التأويل، ودلّهم عليه بأسوء دليل، فصاروا إلى الشّقوة والخسران، وانسخلوا من جملة الإيمان.

نسأل الله العصمة من الزّيغ، والخروج من الدنيا سالمين، غير ناكثين ولا مارقين، ولا مبدّلين، ولا مغضوب علينا ولا ضالّين(١) .

ثم ذكر قصّة الغلاة في عصر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإحراقه إيّاهم بالنار، ثم قال: وكان في أعصار الأئمّة من ولدهعليهم‌السلام من مثل ذلك، ما يطول الخبر بذكرهم، كالمغيرة بن سعيد وكان من أصحاب أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ودعاته، فاستزلّه الشيطان - إلى أن قال -: واستحلّ المغيرة وأصحابه المحارم كلّها وأباحوها، وعطّلوا الشرائع وتركوها، وانسلخوا من الإسلام جملة، وبانوا من جميع شيعة الحقّ، وأتباع الأئمّةعليهم‌السلام ، وأشهر أبو جعفرعليه‌السلام لعنهم، والبراءة منهم.

ثمّ كان أبو الخطّاب في عصر جعفر بن محمدعليهما‌السلام من أجلّ دعاته، ثمّ أصابه ما أصاب المغيرة فكفر وادّعى أيضا النبوّة، وزعم أنّ جعفراعليه‌السلام إلها، تعالى الله عزّ وجلّ عن قوله، واستحلّ المحارم كلّها، ورخّص لأصحابه فيها، وكانوا كلّما ثقل عليهم أداء فرض أتوه، فقالوا: يا أبا الخطّاب خفّف عنّا، فيأمرهم بتركه، حتى تركوا جميع الفرائض، واستحلّوا جميع المحارم، وأباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور، وقال: من عرف الإمام حلّ له كلّ شيء كان حرم عليه، فبلغ أمره جعفر بن محمد عليهما

__________________

(١) دعائم الإسلام ١: ٤٥ - ٤٧.

١٣٧

السلام، فلم يقدر عليه بأكثر من أن لعنه وتبرّأ منه، وجمع أصحابه فعرّفهم ذلك، وكتب إلى البلدان بالبراءة منه وباللعنة عليه، وعظم أمره على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، واستفظعه واستهاله.

ثمّ ساق بعض الأخبار في ذلك، قال: وروينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كتب إلى بعض أوليائه، وقد كتب إليه بحال قوم قبله، ممّن انتحل الدعوة: تعدّوا الحدود، واستحلّوا المحارم، واطّرحوا الظاهر.

فكتب إليه أبو عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، بعد أن وصف حال القوم: « وذكرت أنّه بلغك أنّهم يزعمون أنّ الصلاة، والزكاة، وصوم شهر رمضان، والحجّ والعمرة، والمسجد الحرام، والبيت الحرام، والمشاعر، والشهر الحرام، إنّما هو رجل، والاغتسال من الجنابة رجل، وكلّ فريضة فرضها الله تبارك وتعالى على عباده هو رجل، وإنّهم ذكروا أنّ من عرف ذلك الرجل فقد اكتفى بعلمه من غير عمل، وقد صلّى، وأدّى الزكاة، وصام وحجّ البيت واعتمر، واغتسل من الجنابة وتطهّر، وعظّم حرمات الله والشّهر الحرام، والمسجد الحرام، وأنّهم زعموا أنّ من عرف ذلك وثبت في قلبه، جاز له أن يتهاون، وليس عليه أن يجتهد، وأنّ من عرف ذلك الرجل فقد قبلت منه هذه الحدود لوقتها، وإن هو لم يعملها.

وأنّه بلغك أنّهم يزعمون أنّ الفواحش التي نهى الله تعالى. عنها الخمر، والميسر، والزنا، والربا، والميتة، والدم، ولحم الخنزير أشخاص، وذكروا أنّ الله عزّ وجلّ إنّما حرّم من نكاح الأمّهات، والبنات، والأخوات، والعمّات، والخالات، وما حرّم على المؤمنين من النساء، إنّما عنى بذلك نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما سوى ذلك فمباح، وبلغك أنّهم يترادفون نكاح المرأة الواحدة، ويتشاهدون بعضهم لبعض بالزور، ويزعمون أنّ لهذا ظهرا وبطنا يعرفونه، وأنّ الباطن هو الذي يطالبون به، وبه أمروا.

وكتبت تسألني عن ذلك، وعن حالهم وما يقولون، فأخبرك أنّه من كان

١٣٨

يدين الله بهذه الصفة التي كتبت تسأل عنها، فهو عندي مشرك بيّن الشرك، ولا يسع لأحد أن يشكّ فيه »(١) . إلى آخر الخبر الشريف الطويل، الذي رواه سعد بن عبد الله في بصائره، ومحمّد بن الحسن الصفار في أواخر بصائر الدرجات، وفيهما: إنّ الذي كتب إليهعليه‌السلام هو المفضل بن عمر(٢) ، ولا يخفى أنّ صاحب هذه المقالات الشنيعة هو أبو الخطاب وأصحابه.

وقال الشيخ المقدّم الحسن بن موسى النوبختي في كتاب المقالات: فأمّا الإسماعيلية فهم الخطابيّة، أصحاب أبي الخطاب محمّد بن أبي زينب الأسدي الأجدع، وقد دخلت منهم فرقة في فرقة محمّد بن إسماعيل، وأقرّوا بموت إسماعيل بن جعفرعليه‌السلام في حياة أبيه، وهم الذين خرجوا في حياة أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، فحاربوا عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن العباس، فبلغه عنهم أنّهم أظهروا الإباحات، ثم ساق قصّة مقاتلتهم وهلاكهم(٣) .

ثمّ أنّ الظاهر من كتب المقالات أنّ الإسماعيليّة كلّهم منكرون للشرائع، تاركون للفرائض، مستبيحون للمحارم، ولذا يذكرون - إذا بلغوا إلى شرح حالهم - أنّهم لقّبوا بسبعة ألقاب، منها الباطنيّة بالمعنى الذي أشرنا إليه، صرّح بذلك السيد المرتضى الرازي في تبصرة العوام، وغيره.

ووافقنا على ذلك السيد الفاضل المعاصررحمه‌الله في الروضات، في ترجمة جلال الرومي حيث قال: الإسماعيليّة وإن كانوا في ظاهر دعاويهم الكاذبة، من جملة فرق الشيعة المنكرين لخلافة غير أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إلاّ أنّ الغالب عليهم الإلحاد، والزندقة، والمروق عن الدين، والخروج عن

__________________

(١) دعائم الإسلام ١: ٤٨ - ٥٢.

(٢) بصائر الدرجات: ٥٤٦، ومختصر بصائر الدرجات: ٧٨.

(٣) فرق الشيعة: ٨٠ - ٨١.

١٣٩

دائرة الموحّدين، والملّيّين، وأتباع النبيّين، انتهى(١) .

ولعلّه لذلك لم يتعرّض شيخ الطائفةرحمه‌الله في كتاب الغيبة لإبطال مذهبهم، كما تعرّض لإبطال مذهب الكيسانيّة، والناوسيّة، والواقفيّة، والفطحيّة، وغيرها، لظهور فساد مذهبهم عند جميع فرق المسلمين.

ومن ذلك كلّه ظهر أنّ نسبة هذا العالم الجليل، صاحب هذا المؤلّف الشريف إلى هذا المذهب السخيف، افتراء عظيم.

وأمّا ثالثا : فلأنّ لأرباب هذا المذهب ودعاته قواعد واصطلاحات ورموزا وإشارات، لا أثر لها في هذا الكتاب، ولا إشارة فيه إليها، فعندهم أنّه لا بدّ في كلّ عصر من سبعة، بهم يقتدون، وبهم يؤمنون، وبهم يهتدون، وهم متفاوتون في الرتب: إمام يؤدي عن الله وهو غاية الأدلّة إلى دين الله. وحجّة يؤدّي عن الإمام يحمل علمه. وذو مصّة يمصّ العلم من الحجّة أي يأخذه منه، فهذه ثلاثة. وأبواب وهم الدعاة: فداع أكبر هو رابعهم، يرفع درجات المؤمنين. وداع مأذون يأخذ العهود على الطالبين من أهل الظاهر، فيدخلهم في ذمّة الإمام، ويفتح لهم باب العلم والمعرفة وهو خامسهم. ومكلّب قد ارتفعت درجته في الدين، ولكن لم يؤذن له في الدعوة، بل في الاحتجاج على الناس، فهو يحتجّ ويرغّب إلى الداعي، ككلب الصائد، حتى إذا احتجّ على أحد من أهل الظاهر، وكسر عليه مذهبه بحيث رغب عنه، وطلب الحقّ، أدّاه المكلّب إلى الداعي المأذون ليأخذ عليه العهود، وإنّما سمّي مكلّبا لأنّ مثله مثل الجارح يحبس الصيد على الصائد، على ما قاله تعالى:( وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ) (٢) وهو سادسهم. ومؤمن يتبع الداعي، وهو الذي أخذ عليه العهد، وآمن وأيقن بالعهد، ودخل في ذمّة الإمام وحزبه وهو سابعهم.

__________________

(١) روضات الجنات ٨: ٧١.

(٢) المائدة: ٥: ٤.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بيعقوب » قال الرّجل: يا ابن رسول الله، ما الّذي نزل بيعقوب؟ قال: « كان يعقوب النّبيعليه‌السلام ، يذبح لعياله في كلّ يوم شاة، ويقسم لهم من الطّعام مع ذلك ما يسعهم، وكان في عصره نبي من الأنبياء كريم على الله لا يؤبه له، قد أخمل نفسه ولزم السّياحة، ورفض الدّنيا فلا يشتغل بشئ منها، فإذا بلغ من الجهد توخّى دور الأنبياء وأبناء الأنبياء والصّالحين، ووقف لها وسأل ممـّا يسأل السّؤال، من غير أن يعرف به، فإذا أصاب ما يسمك رمقه مضى لمـّا هو عليه، (ولمـّا أغري)(١) ليلة بباب يعقوب وقد فرغوا من طعامهم، وعندهم منه بقيّة كثيرة، فسأل فأعرضوا عنه، فلا هم أعطوه شيئاً ولا صرفوه، وأطال الوقوف ينتظر ما عندهم، حتّى أدركه ضعف الجهد وضعف طول القيام، فخرّ من قامته قد غشي عليه، فلم يقم إلّا بعد هَوِىّ من اللّيل، فنهض لمـّا به ومضى لسبيله، فرأى يعقوب في منامه تلك اللّيلة ملكاً أتاه فقال: يا يعقوب، يقول لك ربّ العالمين: وسعت عليك في المعيشة، وأسبغت عليك النّعمة، فيعتري ببابك نبيّ من أنبيائي كريم عليّ، قد بلغ الجهد فتعرض أنت وأهلك عنه، وعندكم من فضول ما أنعمت به عليكم ما القليل منه يحييه، فلم تعطوه شيئاً ولم تصرفوه فيسأل غيركم، حتّى غشي عليه فخرّ من قامته لاصقاً بالأرض عامّة ليلته، وأنت في فراشك مستبطن متقلّب في نعمتي عليك، وكلاكما بعيني، وعزّتي وجلالي لأبتلينّك ببليّة تكون لها حديثاً في الغابرين، فانتبه يعقوبعليه‌السلام مذعوراً، وفزغ إلى محرابه فلزم البكاء والخوف حتّى أصبح، أتاه بنوه يسألونه ذهاب يوسف معهم » ثمّ ذكر أبو جعفرعليه‌السلام قصّة يوسف بطولها.

____________________________

(١) في المصدر: وأنه أعترى ذات، والظاهر أنّه أصوب إذ أن عراه وأعتراه: غشيه طالباً معروفه (لسان العرب ج ١٥ ص ٤٤).

٢٠١

[ ٨٠٣٢ ] ١٠ - عماد الدّين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي البقاء ابراهيم بن الحسين البصري، عن أبي طالب محمّد بن الحسن، عن أبي الحسن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن وهبان الدّبيلي، عن عليّ بن أحمد بن كثير العسكري، عن أحمد بن المفضّل أبي سلمة الأصفهاني، عن أبي علي راشد بن عليّ بن وائل القرشي، عن عبدالله بن حفص المدني، عن محمّد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن أرطأة، عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال فيما أوصاه إليه: « البركة في المال من إعطاء(١) الزكاة، ومواساة المؤمنين، وصلة الأقربين، وهم الأقربون(٢) يا كميل، زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين، وكن بهم أرأف وعليهم أعطف، وتصدّق على المساكين، يا كميل، لا تردّن سائلاً ولو بشقّ تمرة، أو من شطر عنب، يا كميل، الصّدقة تنمى عند الله تعالى » الخبر.

ورواه الحسن بن عليّ بن شعبة في تحف العقول(٣) ، ويوجد في بعض نسخ نهج البلاغة.

[ ٨٠٣٣ ] ١١ - الشيخ ابراهيم الكفعمي في كتاب مجموع الغرائب: عن الجواهر للشّيخ الفاضل محمّد بن محاسن البادرائي، أنّه روى: أنّ عيسىعليه‌السلام قال: من ردّ السائل محروماً، لا تغشى الملائكة بيته سبعة أيّام.

____________________________

١٠ - بشارة المصطفى ص ٢٥.

(١) في المصدر: إيتاء.

(٢) وفيه: الأقربون لنا.

(٣) تحف العقول ص ١١٥.

١١ - مجموع الغرائب:

٢٠٢

[ ٨٠٣٤ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « للسّائل حقّ وإن جاء على فرس ».

[ ٨٠٣٥ ] ١٣ - وعن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، أنّ سائلاً كان يسأل يوماً، فقالعليه‌السلام : « أتدرون ما يقول؟ » قالوا: لا، يا ابن رسول الله قالعليه‌السلام : « يقول: أنا رسولكم إن أعطيتموني شيئاً أخذته وحملته إلى هناك، وإلا أرد إليه وكفّي صفر ».

[ ٨٠٣٦ ] ١٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لو لا أنّ السّائلين(١) يكذبون، ما قدّس من ردّهم ».

[ ٨٠٣٧ ] ١٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يقول: « اللّهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين » فقالت له إحدى زوجاته: لم تقول هكذا؟ قال: « لأنهم يدخلون الجنّة قبل الأغنياء بأربعين عاماً، ثمّ قال: أنظري ألّا تزجري المسكين، وإن سأل شيئاً فلا تردّيه ولو بشقّ تمرة، واحبيه وقربيه إلى نفسك، حتّى يقرّبك الله تعالى إلى رحمته ».

[ ٨٠٣٨ ] ١٦ - وروي: أنّ الله تعالى يقول يوم القيامة لبعض عباده: استطعمتك فلم تطعمني، واستقيتك فلم تسقني، واستكسيتك فلم

____________________________

١٢ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧، وفي ج ٥ ص ٥٤٨، وأخرجه في البحار ج ٩٦ ص ١٧ ح ٢ عن جامع الأخبار ص ١٦٢.

١٣ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

١٤ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

(١) في المصدر: السؤّال.

١٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٦.

١٦ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٢٨١.

٢٠٣

تكسني، فيقول العبد: إلهي أنّه كان، وكيف كان؟ فيقول تعالى: العبد الفلاني الجائع استطعمك فما أطعمته، والفلاني العاري استكساك فما كسوته، فلأمنعنك اليوم فضلي كما منعته.

[ ٨٠٣٩ ] ١٧ - أبو علي محمّد بن همام في كتاب التّمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتّى يحتوي على مائة وثلاث خصال - إلى أن عدّصلى‌الله‌عليه‌وآله منها - لا يردّ سائلاً، ولا يبخل بنائل ».

[ ٨٠٤٠ ] ١٨ - البحار، عن الديلمي في أعلام الدين: عن أبي أمامة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « قال الخضرعليه‌السلام : من سُئل بوجه الله عزّوجلّ فردّ سائله، وهو قادر على ذلك، وقف يوم القيامة ليس لوجهه جلد ولا لحم، (إلّا)(١) عظم يتقعقع » الخبر.

[ ٨٠٤١ ] ١٩ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن زيد الشحّام، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: « ما سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً قطّ، فقال: لا، إن كان عنده أعطاه، وإن لم يكن عنده، قال: يكون إن شاء الله ».

[ ٨٠٤٢ ] ٢٠ - القطب الراوندي في لبّ اللّباب: عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنّه خرج ذات يوم معه خمسة دراهم، فأقسم عليه

____________________________

١٧ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

١٨ - البحار ج ١٣ ص ٣٢١ ح ٥٥ عن أعلام الدين ص ١١٢.

(١) في أعلام الدين: ولا.

١٩ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦١ ح ٢١٢.

٢٠ - لبّ اللباب: مخطوط.

٢٠٤

فقير فدفعها إليه، فلمّا مضى فإذا بأعرابي على جمل، فقال له: اشتر هذا الجمل، قال: « ليس معي ثمنه »، قال: اشتر نسية، فاشتراه بمائة درهم، ثمّ أتاه إنسان فاشتراه منه بمائة وخمسين درهماً نقداً، فدفع إلى البايع مائة، وجاء بخمسين إلى داره، فسألته - أي فاطمةعليها‌السلام - عن ذلك، فقال: « أتجّرت مع الله، فأعطيته واحداً فأعطاني مكانه عشرة ».

[ ٨٠٤٣ ] ٢١ - وعن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من نهر سائلاً، نهرته الملائكة يوم القيامة ».

٢١ -( باب جواز ردّ السّائل، بعد إعطاء ثلاثة)

[ ٨٠٤٤ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه وقف به سائل وهو مع جماعة من أصحابه، فسأله فأعطاه، ثمّ جاء آخر فسأله فأعطاه ثمّ جاء الثّالث(١) فأعطاه ثمّ جاء الرّابع فقال له: « يرزقنا الله وإيّاك » ثمّ قال لأصحابه: « لو أنّ رجلاً عنده مائة ألف، ثمّ أراد ان يضعها موضعها لوجد ».

[ ٨٠٤٥ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن عجلان، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام ، فجاءه سائل، فقام إلى مكتل فيه تمر فملأ يده ثمّ ناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده

____________________________

٢١ - لب اللباب: مخطوط.

الباب - ٢١

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٥ ح ١٢٦٦.

(١) في المصدر زيادة: فسأله.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٥٩، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٦٩ ح ٥٩.

٢٠٥

فناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقال: « رزقنا الله وإيّاك »(١) .

٢٢ -( باب عدم جواز الرّجوع في الصّدقة، وحكم صدقة الغلام)

[ ٨٠٤٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا تصدّق الرّجل بصدقة، لم يحلّ له أن يشتريها، ولا أن يستوهبها، ولا أن يملكها، بعد أن تصدّق بها، إلّا بالميراث، فإنّها(١) إن دارت له بالميراث حلّت له ».

[ ٨٠٤٧ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن كتاب الفنون، قال: نام رجل من الحاجّ في المدينة فتوهّم أنّ هميانه سرق، فخرج فرأى جعفر الصّادقعليه‌السلام ، مصلّيا ولم، يعرفه فتعلّق به وقال له: أنت أخذت همياني، قال: « ما كان فيه؟ » قال: ألف دينار، قال: فحمله إلى داره، ووزن له ألف دينار، وعاد إلى منزله ووجد هميانه، فرجع(١) إلى جعفرعليه‌السلام معتذراً بالمال فأبى قبوله، وقالعليه‌السلام : « شئ خرج من يدي لا يعود إليّ » (إلى أن)(٢)

____________________________

(١) ورد في هامش الطبعة الحجرية، منه (قدّه) ما نصّه: « هذا الخبر رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٥٥ ح ٧ بإسناده عن عجلان كما في الأصل، وفيه أنهم كانوا أربعة أعطى ثلاثة منهم وردّ الرابع فالظاهر أنّه سقط في نسخة العياشي جملة أخرى، والله العالم ».

الباب - ٢٢

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٥.

(١) في الطبعة الحجرية « فانهما » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٢٧٤.

(١) في المصدر: فعاد.

(٢) ليس في المصدر.

٢٠٦

قال: فسأل(٣) الرّجل، فقيل: هذا جعفر الصّادقعليه‌السلام ، قال: لا جرم هذا فعال مثله.

[ ٨٠٤٨ ] ٣ - السيّد عليّ بن طاووس في مهج الدّعوات: نقلاً من كتاب عتيق، حدّثنا محمّد بن أحمد بن عبدالله بن صفوة، عن محمّد بن العبّاس العاصمي، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أبيه، عن محمّد بن الرّبيع الحاجب، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام - في حديث طويل - أنّه قال: « إنّا أهل بيت لا نرجع في معروفنا » الخبر.

٢٣ -( باب استحباب التماس الدّعاء من السّائل، واستحباب دعاء السّائل لمن أعطاه)

[ ٨٠٤٩ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا تستخفوا بدعاء المساكين للمرضى منكم، فإنّه يستجاب لهم فيكم، ولا يستجاب لهم في أنفسهم ».

[ ٨٠٥٠ ] ٢ - الشّيخ المفيد في الاختصاص: عن القاسم، عن بريد العجلي، عن أبيه، قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ، فقلت له: جعلت فداك، قد كان الحال حسنة، وإنّ الأشياء اليوم متغيّرة، فقال: « إذا قدمت الكوفة فاطلب عشرة دراهم، فإن لم تصبها فبع وسادة من وسائدك بعشرة دراهم، ثمّ ادع عشرة من أصحابك واصنع لهم طعاماً، فإذا أكلوا فاسألهم فيدعوا الله لك » قال: فقدمت الكوفة فطلبت عشرة دراهم فلم أقدر عليها، حتّى بعت

____________________________

(٣) وفيه: فسأل عنه.

٣ - مهج الدعوات ص ١٩٦.

الباب - ٢٣

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٣٦ ح ٤٧٨.

٢ - الاختصاص ص ٢٤.

٢٠٧

وسادة لي بعشرة دراهم كما قال، وجعلت لهم طعاماً، ودعوت أصحابي عشرة، فلمّا أكلوا سألتهم أن يدعوا الله لي، فما مكثت حتّى مالت إليّ(١) الدّنيا.

٢٤ -( باب استحباب المساعدة على إيصال الصّدقة والمعروف إلى المستحقّ)

[ ٨٠٥١ ] ١ - الصّدوق في الخصال: عن حمزة بن محمّد العلوي(١) ، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن جعفر الأشعري، عن عبدالله بن ميمون القداح، عن الصّادقعليه‌السلام ، عن آبائه، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٢ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من شفع شفاعة حسنة أو أمر بمعروف، فإن الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٣ ] ٣ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: قال: روي أنّ الصّدقة لتجري على سبعين رجلاً، تكون أجر آخرهم كأوّلهم.

____________________________

(١) في المصدر عليّ.

الباب - ٢٤

١ - الخصال ص ١٣٤ ح ١٤٥.

(١) كذا في المصدر، وفي النسخة الحجرية « حمزة بن الحسن العلوي » راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٢٧٨ و ٢٨١، ومجمع الرجال ج ٧ ص ٢٣٦.

٢ - الجعفريات ص ١٧١.

٣ - لب اللباب: مخطوط.

٢٠٨

[ ٨٠٥٤ ] ٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الخازن الأمين الذي يؤدّي ما ائتمن به، طيبة به نفسه فإنّه أحد المتصدّقين ».

[ ٨٠٥٥ ] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صدقة المرأة من بيت زوجها، غير مسرفة ولا مضرّة، مع علم عدم كراهيّة، لها أجر وله مثلها، لها بما أنفقت، وله بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك ».

٢٥ -( باب مواساة المؤمن في المال)

[ ٨٠٥٦ ] ١ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « أشدّ الأعمال ثلاثة: إنصاف النّاس من نفسك، حتّى لا ترضى لهم إلّا ما ترضى به لها منهم، ومواساة الأخ في الله(١) ، وذكر الله على كلّ حال ».

[ ٨٠٥٧ ] ٢ - وعن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قلت: ما أشدّ ما عمل العباد؟ قال: « إنصاف المرء من نفسه، ومواساة المرء أخاه، وذكر الله على كلّ حال » الخبر.

[ ٨٠٥٨ ] ٣ - الصّدوق في مصادقة الإخوان: عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « إختبر شيعتنا في خصلتين، فإن كانتا

____________________________

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

٥ - درر اللآلي ج ١ ص ١٥.

الباب - ٢٥.

١ - الغايات ص ٧٣.

(١) في المصدر: المال.

٢ - الغايات ص ٧٤.

٣ - مصادقة الإخوان ص ٣٦ ح ٢.

٢٠٩

فيهم (وإلّا فاغرب ثمّ اغرب)(١) ، قلت: ما هما؟ قال: المحافظة على الصّلاة(٢) ، والمواساة للإخوان وإن كان الشّئ قليلاً ».

[ ٨٠٥٩ ] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « المواساة أفضل الأعمال، وقال(١) : أحسن الإحسان مواساة الإخوان ».

[ ٨٠٦٠ ] ٥ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « يجئ أحدكم إلى أخيه، فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه »، فقلت: ما أعرف ذلك فينا، قال: فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلا شئ إذاً »، قلت: فالهلكة إذاً؟ قال: « إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد ».

[ ٨٠٦١ ] ٦ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيّد الأعمال ثلاث: إنصاف النّاس من نفسك ومواساة الأخ في الله، وذكرك الله تعالى في كلّ حال ».

[ ٨٠٦٢ ] ٧ - أصل من أصول القدماء: قال: دخل رجل إلى جعفر بن

____________________________

(١) في المصدر: وإلّا فأعزب ثمّ أعزب.

(٢) في المصدر: الصلوات في مواقيتهن.

٤ - درر الحكم ودرر الكلم ص ٤٧ ح ١٣٥٩.

(١) نفس المصدر ص ١٨٤ ح ١٩٧.

٥ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٣.

٦ - الجعفريات ص ٢٣٠.

٧ - أصل من أصول القدماء.

٢١٠

محمّدعليهما‌السلام ، وقال: يابن رسول الله، ما المروّة؟ قال: « ترك الظّلم ومواساة الإخوان في السّعة » الخبر.

[ ٨٠٦٣ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه أوصى لبعض(١) شيعته فقال: يا معشر شيعتنا، اسمعوا وافهموا وصايانا وعهدنا إلى أوليائنا، اصدقوا في قولكم، وبرّوا في أيمانكم لأوليائكم واعدائكم، وتواسوا بأموالكم، وتحابّوا بقلوبكم » الخبر.

وباقي أخبار الباب، يأتي في أبواب العشرة من كتاب الحجّ.

٢٦ -( باب استحباب الإيثار على النّفس ولو بالقليل، لغير صاحب العيال)

[ ٨٠٦٤ ] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن سماعة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألناه عن الرّجل لا يكون عنده إلّا قوت يومه، ومنهم من عنده قوت شهر، ومنهم من عنده قوت سنة، أيعطف من عنده قوت يوم على من ليس عنده شئ؟ ومن عنده قوت شهر على من دونه؟ والسّنة(١) على نحو ذلك؟ وذلك كلّه الكفاف الذي لا يلام عليه، فقالعليه‌السلام : « هما أمران، أفضلهم(٢) فيه أحرصكم على الرّغبة فيه والأثرة على نفسه، إنّ الله عزّوجلّ

____________________________

٨ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٦٤.

(١) في المصدر: بعض، والظاهر هو الصحيح.

الباب - ٢٦

١ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٢.

(١) في المصدر: ومن عنده قوت سنة على من دونه.

(٢) وفيه: أفضلكم.

٢١١

يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٣) وإلّا لا يلام عليه، اليد العليا خير اليد السّفلى، ويبدأ بمن يعول ».

[ ٨٠٦٥ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « قد فرض الله التّحمل على الأبرار في كتاب الله »، قيل: وما التّحمل؟ قال: « إذا كان وجهك آثر من(١) وجهه التمست له، وقال في قول الله عزّوجلّ:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٢) وقال: لا تستأثر عليه بما هو أحوج إليه منك ».

[ ٨٠٦٦ ] ٣ - سبط الشّيخ الطّبرسي في مشكاة الأنوار: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه سئل: ما أدنى حقّ المؤمن على أخيه؟ قال: « أن لا يستأثر عليه بما هو أحوج إليه منه ».

[ ٨٠٦٧ ] ٤ - وعن أنس [ قال ](١) : أنّه أهدي لرجل من أصحاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رأس شاة مشوي فقال: إنّ أخي فلاناً وعياله أحوج إلى هذا حقّاً، فبعث [ به ](٢) إليه، فلم يزل يبعث به واحد بعد واحد، حتّى تداولوا بها سبعة أبيات، حتّى رجعت إلى الأوّل، فنزل( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٢ - المؤمن ص ٤٤ ج ١٠٤.

(١) في الطبعة الحجرية « عن » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٩٢.

٤ - مشكاة الأنوار ص ١٨٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه ليستقيم المعنى.

٢١٢

نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٣) وفي رواية: فتداولته تسعة أنفس، ثمّ عاد إلى الأوّل.

[ ٨٠٦٨ ] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاثة من حقائق الإيمان: الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من نفسك، وبذل السّلام لجميع العالم ».

[ ٨٠٦٩ ] ٦ - زيد الزرّاد في أصله: قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : نخشى أن لا نكون مؤمنين، قال: « ولم ذاك؟ » فقلت: وذلك أنّا لا نجد فينا من يكون أخوه عنده آثر من درهمه وديناره، ونجد الدّينار والدّرهم آثر عندنا من أخ قد جمع بيننا وبينه موالاة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: « كلّا، إنّكم مؤمنون ولكن لا تكملون إيمانكم حتّى يخرج قائمنا، فعندها يجمع الله أحلامكم فتكونون مؤمنين كاملين، ولو لم يكن في الأرض مؤمنون كاملون، إذاً لرفعنا الله إليه، وأنكرتم الأرض وأنكرتم السّماء، [ بل ](١) والذي نفسي بيده، إنّ في الأرض في أطرافها مؤمنين، ما قدر الدّنيا كلّها عندهم يعدل جناح بعوضة - إلى أن قالعليه‌السلام - هم البررة بالإخوان في حال اليسر والعسر، والمؤثرون على أنفسهم في حال العسر، كذلك وصفهم الله فقال:( وَيُؤْثِرُونَ ) (٢) الآية - إلى أن

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٥ - الجعفريات ص ٢٣١.

٦ - أصل زيد الزرّاد ص ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٢١٣

قال - حليتهم طول السكوت بكتمان السّر، والصّلاة، والزّكاة، والحجّ، والصوم: والمواساة للإخوان في حال اليسر والعسر » الخبر.

[ ٨٠٧٠ ] ٧ - وفيه: قال زيد: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: « خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الإيمان البرّ بالإخوان، وفي ذلك محبّة من الرّحمان، ومرغمة من الشّيطان، وتزحزح عن النّيران ».

[ ٨٠٧١ ] ٨ - الشّيخ الطّوسي في أماليه: بإسناده عن أبي ذر رحمه الله، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أيّ الصّدقة أفضل؟ قال: « جهد من مقل إلى فقير (في سرّ)(١) ».

كتاب الغايات(٢) لجعفر بن أحمد القمي: مثله.

[ ٨٠٧٢ ] ٩ - وعن أبي بصير، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: قلت: ما أفضل الصّدقة؟ قال: « جهد المقلّ، أما سمعت الله يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) ويرى هيهنا فضلاً ».

[ ٨٠٧٣ ] ١٠ - محمّد بن علي بن شهر آشوب في المناقب: قال: روى جماعة عن عاصم بن كليب، عن أبيه واللّفظ له، عن أبي هريرة: أنّه جاء

____________________________

٧ - أصل زيد الزراد ص ٢.

٨ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٣.

(١) كان في الطبعة الحجرية « محتال ».

(٢) الغايات ص ٦٨.

٩ - الغايات ص ٧٧.

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٠ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٤.

٢١٤

رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فشكا إليه الجوع، فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أزواجه، فقلن: ما عندنا إلّا الماء، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من لهذا الرّجل اللّيلة؟ » فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أنا يا رسول الله » فأتى فاطمةعليها‌السلام وسألها: « ما عندك يا بنت رسول الله؟ فقالت: ما عندنا إلّا قوت الصّبية، لكنّا نؤثر ضيفنا به، فقالعليه‌السلام : يا بنت محمّد نوّمي الصّبية، واطفئي المصباح، وجعلا يمضغان بألسنتهما، فلمّا فرغا من الأكل أتت فاطمةعليها‌السلام بسراج، فوجدت الجفنة مملوّة من فضل الله، فلمّا أصبح صلى مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا سلّم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من صلاته، نظر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وبكى بكاءً شديداً وقال: « يا أمير المؤمنين، لقد عجب الرّب من فعلكم البارحة، إقرأ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) » أي مجاعة الخبر.

[ ٨٠٧٤ ] ١١ - وعن محمّد بن العتمة(١) ، عن أبيه، عن عمّه، قال: رأيت في المدينة رجلاً على ظهره قربة وفي يده صحفة، يقول: « اللّهم وليّ المؤمنين(٢) وجار المؤمنين، اقبل قرباني اللّيلة، فما أمسيت أملك سوى ما في صحفتي وغير ما يواريني، فإنّك تعلم إنّي منعت نفسي [ مع شدّة ](٣) سغبي، أطلب القربة إليك غنماً، اللّهم فلا تخلق وجهي ولا تردّ دعوتي » فأتيته حتّى عرفته فإذا هو عليّ بن أبي طالب

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١١ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦، وعنه في البحار ج ٤١ ص ٢٩.

(١) في المصدر: الصمة.

(٢) في المصدر زيادة: وإله المؤمنين.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٢١٥

عليه‌السلام ، فأتى رجلاً فأطعمه.

[ ٨٠٧٥ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود، قال: صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة صلة العشاء، فقام رجل من بين الصّف، فقال: يا معاشر المهاجرين والأنصار، أنا رجل غريب فقير، وأسألكم في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاطعموني، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّها الحبيب لا تذكر الغربة، فقد قطعت نياط قلبي، أمّا الغرباء فأربعة، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: مسجد ظهراني قوم لا يصلّون فيه، وقرآن في أيدي قوم لا يقرؤون فيه، وعالم بين قوم لا يعرفون حاله ولا يتفقّدونه، وأسير في بلاد الرّوم بين الكفّار لا يعرفون الله، ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من الذي يكفي مؤونة هذا الرّجل؟ فيبوّئه الله في الفردوس الأعلى، فقام أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخذ بيد السائل، وأتى به إلى حجرة فاطمةعليها‌السلام ، فقال: يا بنت رسول الله، انظري في أمر هذا الضّيف، فقالت فاطمةعليها‌السلام : يا ابن العمّ، لم يكن في البيت إلّا قليل من البرّ، صنعت منه طعاماً، والأطفال محتاجون إليه، وأنت صائم، والطّعام قليل لا يغني غير واحد، فقال: أحضريه، فذهبت وأتت بالطّعام ووضعته، فنظر إليه أمير المؤمنينعليه‌السلام فرآه قليلاً، فقال في نفسه: لا ينبغي أن آكل من هذا الطّعام، فإن أكلته لا يكفي الضيف، فمدّ يده إلى السّراج يريد أن يصلحه فأطفأه، وقال لسيّدة النّساءعليها‌السلام : تعلّلي في إيقاده، حتّى يحسن الضّيف أكله ثمّ إثتيني به، وكان أميرالمؤمنينعليه‌السلام يحرّك فمه المبارك، يري الضّيف أنّه يأكل ولا يأكل، إلى أن فرغ الضّيف من

____________________________

١٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٨٩.

٢١٦

أكله وشبع، وأتت خير النّساءعليها‌السلام بالسّراج ووضعته، وكان الطّعام بحاله، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لضيفه: لم ما أكلت الطّعام؟ فقال: يا أبا الحسن أكلت الطّعام وشبعت، ولكنّ الله تعالى بارك فيه، ثمّ أكل من الطّعام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وسيّدة النّساء، والحسنانعليهم‌السلام ، وأعطوا منه جيرانهم، وذلك ممـّا بارك الله تعالى فيه، فلمّا أصبح أمير المؤمنينعليه‌السلام أتى إلى مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي، كيف كنت مع الضّيف؟ فقال: بحمد الله - يا رسول الله - بخير، فقال: إنّ الله تعالى تعجّب ممـّا فعلت البارحة، من إطفاء السّراج والامتناع من الأكل للضّيف، فقال: من أخبرك بهذا؟ فقال: جبرائيل، وأتى بهذه الآية في شأنك( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ) (١) الآية ».

[ ٨٠٧٦ ] ١٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنّه رأى يوماً جماعة فقال: « من أنتم؟ » قالوا: نحن قوم متوكّلون، فقال: « ما بلغ بكم توكّلكم؟ » قالوا: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا، فقالعليه‌السلام : « هكذا يفعل الكلاب عندنا »، فقالوا: كيف نفعل يا أمير المؤمنين؟ فقال: « كما نفعله، إذا فقدنا شكرنا، وإذا وجدنا آثرنا ».

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٩٠.

٢١٧

٢٧ -( باب استحباب تقبيل الإنسان يده بعد الصّدقة، وتقبيل ما تصدّق به، وشمّه بعد القبض، وتقبيل يد السّائل)

[ ٨٠٧٧ ] ١ - الشّيخ في مجالسه: عن أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمّد بن الزّبير، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن أبي أسامة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: الصّدقة تطفئ غضب الرّب، قال: وكان يقبل الصّدقة قبل أن يعطيها السّائل، قيل له: ما يحملك على هذا؟ قال: فقال: لست أقبل يد السّائل، إنّما أقبل يد ربي، إنها تقع في يد ربي، قبل أن تقع في يد السّائل ».

٢٨ -( باب استحباب القرض للصّدقة، وصدقة من عليه قرض، واستحباب الزّيادة في قضاء الدين)

[ ٨٠٧٨ ] ١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن ذريح المحاربي، قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « أتى رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله، وأسلفه أربعة أوساق، ولم يكن له غيرها، فأعطاها السائل، فمكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما شاء الله، ثمّ أنّ المرأة قالت لزوجها: أما

____________________________

الباب - ٢٧

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٥.

الباب - ٢٨

١ - بل كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي ص ٨٣.

٢١٨

آن لك أن تطلب سلفك، فتقاضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: سيكون ذلك، ففعل ذلك الرّجل مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ أنّه دخل ذات يوم عند اللّيل، فقال له ابن له: جئت بشئ؟ فإنّي لم أذق شيئاً اليوم، ثمّ قال: والولد فتنة، فغدا الرّجل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: سلفي، فقال: سيكون ذلك، فقال: حتّى متى سيكون ذلك؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فأسلفه ثمانية أوساق، فقال الرّجل: إنّما لي أربعة، فقال له: خذها، فأعطاها إيّاه ».

[ ٨٠٧٩ ] ٢ - إبن شهر آشوب في المناقب: قال: روت الخاصّة والعامّة، عن الخدري: أنّ عليّاًعليه‌السلام أصبح ساغباً، فسأل فاطمةعليها‌السلام طعاماً، فقالت: « ما كان إلّا ما أطعمتك منذ يومين، آثرت به على نفسي وعلى الحسن والحسين » - إلى أن قال - فخرج واستقرض من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ديناراً، فخرج يشتري به شيئاً، فاستقبله المقداد قائلاً: ما شاء الله، فناوله عليّعليه‌السلام الدينار، ثمّ دخل المسجد فوضع رأسه ونام الخبر.

وهذا الخبر، رواه جماعة من أصحابنا، بألفاظ مختلفة، أجمعها وأطولها ما رواه الشّيخ أبوالفتوح الرّازي(١) في تفسيره، وقد أخرجناه في كتابا المسمّى بالكلمة الطّيبة.

____________________________

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦.

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٦٣.

٢١٩

٢٩ -( باب تحريم السّؤال من غير احتياج)

[ ٨٠٨٠ ] ١ - الشيخ الطوسي في مجالسه: عن الحسين بن إبراهيم، عن محمّد بن وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن علي الزّعفراني، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « يا محمّد، لو يعلم السّائل ما في المسألة، ما سأل أحد أحداً، ولو يعلم المعطي ما في العطيّة، ما ردّ أحد أحداً - قال: ثمّ قال لي - يا محمّد، أنّه من سأل وهو بظهر(١) غنى، لقي الله مخموشاً وجهه ».

[ ٨٠٨١ ] ٢ - القطب الرّاوندي في الخرائج: روى أنّ رجلاً جاء إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما طعمت طعاماً منذ يومين، فقال: « عليك بالسّوق » فلمّا كان من الغد، دخل فقال: يا رسول الله، أتيت السّوق أمس فلم أصب شيئاً، فبتّ بغير عشاء، قال: « فعليك بالسّوق » فأتى بعد ذلك أيضاً، فقال: « عليك بالسّوق » فانطلق إليها، فإذا عير قد جاءت وعليها متاع فباعوه بفضل دينار، فأخذه الرّجل وجاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما أصبت شيئاً، قال: « بل أصبت من عير آل فلان شيئاً » قال: لا، قال: « بلى، ضرب لك فيها بسهم، وخرجت منها بدينار » قال: نعم، قال: « فما حملك على أن تكذب؟ » قال: أشهد أنّك صادق، ودعاني إلى ذلك إرادة أن أعلم، أتعلم ما يعمل النّاس؟ وأن أزداد خيراً إلى

____________________________

الباب - ٢٩

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٧٧.

(١) في المصدر: يظهر غنى.

٢ - الخرائج والجرايح ص ٨٠ باختلاف يسير.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594