مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل10%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 329474 / تحميل: 5380
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

٧ -( باب أنّ من دخل من سفر بعد الزوال مطلقا، أو قبله، وقد أفطر، استحب له الإمساك بقيّة النّهار، ولم يجب، ووجب عليه القضاء)

[ ٨٤٧٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، في مسافر يقدم بلده، وقد كان مفطرا (قبل الزوال)(١) ، فيدخل عند الظّهر، قال: « يكفّ عن الطعام أحبّ اليّ ».

[ ٨٤٧١ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا قدمت من السفر، وعليك بقيّة يوم، فامسك من الطعام والشراب إلى الليل ».

٨ -( باب عدم جواز صوم شئ من الواجب في السفر، إلّا النّذر المعيّن، سفرا وحضرا، وثلاثة أيام دم المعتة، وثمانية عشر يوماً لمن أفاض من عرفات قبل الغروب)

[ ٨٤٧٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يصوم في السفر شيئاً من صوم الفرض، ولا السنة، ولا التطوّع، إلّا الصوم الّذي ذكرناه في أوّل الباب، من صوم كفّارة صيد الحرم، وصوم كفّارة الاختلال(١) في

____________________________

الباب - ٧

١ - الجعفريات ص ٦٠.

(١) في المصدر: أول النهار.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: الاحلال.

٣٨١

الإحرام، إن كان به أذى من رأسه، وصوم ثلاثة أيّام، لطلب الحاجة عند قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو يوم الأربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ومن تمتّع بالعمرة إلى الحج، فعليه ما استيسر من الهدي، كما قال الله عزّوجلّ، شاة فما فوقها، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام في الحج، يصوم يوماً قبل التّروية، ويوم التّروية، ويوم عرفة وسبعة أيّام إذا رجع إلى أهله، وله أن يصوم متى شاء، إذا دخل في الحجّ، وإن (قدّم صوم الثلاثة الأيام)(١) في أوّل العشر فحسن، وإن لم يصم في الحج، فليصم في الطّريق » الخبر.

[ ٨٤٧٤ ] ٣ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « لم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يصوم في السفر تطوّعا ولا فريضة، يكذبون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نزلت هذه الآية، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكراع الغميم، عند صلاة الفجر، فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بإناء فشرب وأمر النّاس أن يفطروا، فقال قوم: قد توجّه النهار، ولو صمنا يومنا هذا، فسمّاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : العصاة، فلم يزالوا يسمّون بذلك الاسم، حتّى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٨.

(١) في المصدر: قدمها.

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٩٠.

٣٨٢

٩ -( باب جواز صوم المندوب في السفر، على كراهية)

[ ٨٤٧٥ ] ١ - بعض نسخ الفقه الرضوي: على من نسب إليهعليه‌السلام : « أروي عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، أنّه قال: يستحبّ إذا قدم المدينة - مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله - أن يصوم ثلاثة أيام، فإن كان له بها مقام، أن يجعل صومها في يوم الاربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٦ ] ٢ - الشيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن جابر، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « ليس من البرّ الصّيام في السفر ».

[ ٨٤٧٧ ] ٣ - وعن عبد الرحمان بن عوف، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الصائم في السفر، كالمفطر في الحضر ».

[ ٨٤٧٨ ] ٤ - وعن جابر، أنّه قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن جماعة يصومون في السفر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أُولئك العصاة ».

[ ٨٤٧٩ ] ٥ - وعن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، أنّه قال: « كان أبي لا

____________________________

الباب - ٩

١ - نقله عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤ ح ٣.

٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣١.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨١ ح ٢١٧.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣٢.

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨٠ ح ٢١٣

٣٨٣

يصوم في السفر، وكان ينهى عنه ».

وروى ابن ابي جمهور في عوالي اللآلي: الحديث الأول والثاني، عن الشهيد، مرسلا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠ -( باب جواز الجماع للمسافر ونحوه، في شهر رمضان، على كراهية، وكذا يكره له التملّي من الطّعام والشّراب)

[ ٨٤٨٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وإن هي اغتسلت من حيضتها، وجاء زوجها من سفر، فليكف عن مجامعتها، فهو أحبّ إليّ، إذا جاء في شهر رمضان ».

[ ٨٤٨١ ] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا أفطر المسافر، فلا بأس أن يأتي أهله أو جاريته إن شاء، وقد روي فيه نهي.

____________________________

الباب - ١٠

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - المقنع ص ٦٢.

٣٨٤

١١ -( باب سقوط الصوم الواجب: عن الشيخ، والعجوز، وذي العطاش* ، إذا عجزوا عنه، ويجب على كلّ منهم، أن يتصدق عن كلّ يوم بمدّ من طعام، ويستحبّ أن يتصدق بمدّين، ولا يجب القضاء إن استمرّ العجز، ويستحبّ قضاء الوليّ عنه)

[ ٨٤٨٢ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير يتوكأ بين رجلين، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض ولا أطيق الصّيام، قال: إذهب فكل، واطعم عن كلّ يوم نصف صاع، وإن قدرت ان تصوم اليوم واليومين، وما قدرت فصم - إلى أن قال - وأتاه صاحب عطش، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض، ولا أصبر عن الماء ساعة، الّا تخوّفت الهلاك، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنطلق فافطر، وإذا اطقت فصم ».

[ ٨٤٨٣ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

____________________________

الباب - ١١

(* ) العطاش: داء يصيب الانسان يشرب الماء فلا يروى. (لسان العرب - عطش - ج ٦ ص ٣١٨).

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٦.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٥

[ ٨٤٨٤ ] ٣ - وعن سماعة، عن أبي بصير، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير الّذي لا يستطيع، والمريض ».

[ ٨٤٨٥ ] ٤ - وعن العلاء، عن محمّد، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

[ ٨٤٨٦ ] ٥ - احمد بن محمّد السيّاري في التّنزيل والتّحريف: عن ابي الحسنعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الفاني، والمعطوش، والصّبي الّذي لا يقوى على السّحور(٢) ، ويطعم مسكينا مكان كلّ يوم ».

____________________________

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٧٩.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - التنزيل والتحريف ص ١١.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) في المصدر: السجود.

٣٨٦

١٢ -( باب جواز افطار الحامل المقرب، والمرضع القليلة اللّبن، إذا خافتا على أنفسهما أو الولد، ولم يكن استرضاع غيرها، ويجب عليهما القضاء والصّدقة عن كلّ يوم بمدّ)

[ ٨٤٨٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : أنّه كانت له أُمّ ولد، فأصابها عطاش [ وهي حامل ](١) ، فسئل عبدالله بن عمر بن الخطاب فقال: مروها تفطر، وتطعم كلّ يوم مسكينا.

[ ٨٤٨٨ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير - إلى أن قال - وأتته امرأة فقالت: يا رسول الله، انّي امرأة حبلى، وهذا شهر رمضان مفروض، وأنا أخاف على ما في بطني ان صمت، فقال لها: إنطلقي فافطري، وإن أطقت فصومي، وأتته امرأة مرضعة فقالت: يا رسول الله، هذا شهر مفروض صيامه، وإن صمت خفت أن يقطع لبني، فيهلك ولدي، فقال: إنطلقي وافطري، وإذا أطقت فصومي ».

[ ٨٤٨٩ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا لم يتهيأ للشيخ، أو الشاب المعلول، أو المرأة الحامل، أن يصوم من العطش والجوع، أو خافت

____________________________

الباب - ١٢

١ - الجعفريات ص ٦٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٣٨٧

أن يضر بولدها، فعليهم جميعا الإفطار، ويتصدق عن كلّ واحد، لكلّ يوم (بمدّ من)(١) طعام، وليس عليه القضاء ».

[ ٨٤٩٠ ] ٤ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن رفاعة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « المرأة تخاف على ولدها، والشيخ الكبير ».

[ ٨٤٩١ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « [ الشيخ ](١) الكبير والذي به العطاش، لا حرج عليهما أن يفطرا في رمضان، وتصدق كلّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام، ولا قضاء عليهما، وإن لم يقدرا فلا شئ عليهما ».

١٣ -( باب وجوب الافطار على المريض الّذي يضره الصوم، في شهر رمضان وغيره)

[ ٨٤٩٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر، الصيام ».

[ ٨٤٩٣ ] ٢ - العياشي: عن سماعة، عن أبي بصير قال: سألته عن قول

____________________________

(١) في المصدر: بمدين.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨٠.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨١.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب - ١٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

٣٨٨

الله:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ ) (١) الآية، قال: « هو الشّيخ الكبير، الّذي لا يستطيع، والمريض ».

١٤ -( باب أنّ حدّ المريض الموجب للإفطار، وما يخاف به الإضرار، وأنّ المريض يرجع إلى نفسه، في قوّته وضعفه)

[ ٨٤٩٤ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام ، عن حدّ المرض، الّذي يجب على صاحبه فيه الإفطار، كما يجب عليه في السّفر، في قوله:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ ) (١) قال: « هو مؤتمن عليه مفوّض إليه، فإن وجد ضعفاً فليفطر، وإن وجد قوّة فليصم، كان المريض(٢) على ما كان ».

[ ٨٤٩٥ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « حدّ المرض الّذي يجب على صاحبه فيه( عِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (١) ، كما يجب(٢) في السّفر، لقول الله عزّوجلّ:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (٣) أن يكون العليل لا

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

الباب - ١٤

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٨٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) لعلّه: المرض. بقرينة الحديث التالي.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) في المصدر: الإفطار.

(٢) وفيه زيادة: عليه

(٣) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٩

يستطيع أن يصوم، أو يكون إن استطاع الصوم زاد في علّته، وخاف على نفسه، وهو مؤتمن على ذلك مفوّض إليه فيه، فإن أحسّ ضعفا فليفطر، وإن وجد قوّة على الصوم فليصم، كان (المريض على)(٤) ما كان ».

[ ٨٤٩٦ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ويصوم العليل إذا وجد من نفسه خفّة، وعلم أنّه قادر على الصوم، وهو أبصر بنفسه ».

١٥ -( باب أنّ من صام في المرض مع إضراره به، لم يجزه، وعليه القضاء)

[ ٨٤٩٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر الصيام، فإن صاما كانا عاصيين، وعليهما القضاء » وقالعليه‌السلام : « وروي أن من صام في مرضه أو سفره، أو أتمّ الصلاة، فعليه القضاء ».

وقال «عليه‌السلام في موضع آخر(١) : « فإن صام في السفر، أو في حال المرض، فعليه في ذلك القضاء، فإنّ الله يقول:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ».

الصّدوق في الهداية: عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، مثله(٢) .

____________________________

(٤) في المصدر: المرض.

٣ - فقه الرضا ص ٢٥.

الباب - ١٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

(١) نفس المصدر ص ٢٣.

(٢) الهداية ص ٥١.

٣٩٠

[ ٨٤٩٨ ] ٢ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عنهعليه‌السلام ، مثله، وزاد بعد قوله: أو في حال المرض، فهو عاص الخ.

١٦ -( باب استحباب إمساك المريض بقيّة النّهار، إذا برئ من مرضه في أثنائه، ويجب عليه القضاء)

[ ٨٤٩٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأمّا صوم التّأديب، فإنّه يؤمر الصبي إذا بلغ سبع سنين بالصوم تأديبا، وليس بفرض، وإن لم يقدر إلّا نصف النهار، فليفطر إذا غلبه العطش، وكذلك من أفطر لعلّة أوّل النهار، ثمّ قوي بقيّة يومه، أُمر بالإمساك بقيّة يومه تأديبا، وليس بفرض ».

[ ٨٥٠٠ ] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم تأديبا، و ليس بفرض، وكذلك من أفطر بعلة من أوّل النهار، وقوي(١) بقيّة يومه » و ذكر مثله.

الصدوق في الهداية: عنهعليه‌السلام ، مثله، وفي المقنع مثله(٢) .

____________________________

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

الباب - ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: ثمّ عوفي.

(٢) الهداية ص ٥٠، والمقنع ص ٥٧.

٣٩١

١٧ -( باب بطلان صوم الحائض وإن رأت الدّم قرب الغروب، أو انقطع عقيب الفجر، ووجوب قضائها للصّوم دون الصلاة)

[ ٨٥٠١ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن حاضت وقد بقي عليها بقيّة يوم، أفطرت وعليها القضاء ».

١٨ -( باب استحباب إمساك الحائض بقيّة النهار، إذا طهرت في أثنائه، أو حاضت، ويجب عليها قضاؤه)

[ ٨٥٠٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : في المرأة إذا حاضت فاغتسلت نهارا، قال: « تكف عن الطعام، أحبّ اليّ ».

[ ٨٥٠٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا طهرت المرأة من حيضها، وقد بقي عليها يوم، صامت ذلك اليوم تأديبا، وعليها قضاء ذلك اليوم ».

الصدوق في المقنع: مثله، وفيه: « بقي عليها بقيّة يوم، صامت ذلك المقدار »(١) .

____________________________

الباب - ١٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ١٨

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

(١) المقنع ص ٦٤.

٣٩٢

[ ٨٥٠٤ ] ٣ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: بإسناده المعتبر عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: » إذا قدم المسافر مفطرا بلده نهارا يكف عن الطعام أحبّ اليّ وكذلك قال في الحائض إذا طهرت نهارا ».

١٩ -( باب عدم وجوب الصوم على الطفل والمجنون، واستحباب تمرين الولد على الصوم لسبع أو تسع، بقدر ما يطيق، ولو بعض النهار، أو إذا أطاق، أو راهق، ووجوبه على الذكر لخمس عشرة، وعلى الأُنثى لتسع، إلّا أن يبلغ بالاحتلام أو الإنبات قبل ذلك، فيجب إلزامهما)

[ ٨٥٠٥ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الغلام يؤخذ بالصيام، إذا بلغ تسع سنين، على قدر ما يطيقه، فإن أطاق إلى الظّهر أو بعده، صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع والعطش أفطر، وإذا صام ثلاثة أيّام، فلا تأخذه بصيام الشهر كلّه ».

[ ٨٥٠٦ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام أنّه قال: « يؤمر الصبي بالصلاة إذا عقل، وبالصوم إذا أطاق ».

[ ٨٥٠٧ ] ٣ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « إنّا نأمر صبياننا بالصلاة والصيام ما أطاقوا منه، إذا كانوا أبناء سبع سنين ».

____________________________

٣ - نوادر الراوندي ص ٣٧.

الباب - ١٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٣٩٣

[ ٨٥٠٨ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام : أنّه كان يأمر الصبي بالصوم في شهر رمضان، بعض النهار، فإذا رأى الجوع والعطش غلب عليه، أمره فأفطر.

[ ٨٥٠٩ ] ٥ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « يجب الصلاة على الصبي إذا عقل، والصوم إذا أطاق ».

السيد الرّاوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عنهعليهم‌السلام ، مثله(١) .

وتقدم عن تفسير علي بإسناده، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام : أنّه قال: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم، تأديبا وليس بفرض »(٢) .

____________________________

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٥ - الجعفريات ص ٥١.

(١) عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣١٩ ح ٣.

(٢) تقدم في الباب ١٦ حديث ٢.

٣٩٤

أبواب أحكام شهر رمضان

١ -( باب وجوب صومه، وعدم وجوب شئ من الصّوم، غير ما نصّ على صومه)

[ ٨٥١٠ ] ١ - الشيخ المفيد في الاختصاص: عن عبد الرحمان بن ابراهيم، عن الحسين بن مهران، عن الحسين بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمّد عن أبيه، عن جدّه الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « جاء رجل من اليهود، إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - وساق الخبر إلى أن قال - يا محمّد، فاخبرني عن الثامن، لأيّ شئ افترض الله صوما على أُمّتك ثلاثين يوما؟ وافترض على سائر الأُمم أكثر من ذلك؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ آدم لمـّا أن أكل من الشجرة، بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوما، فافترض الله على ذريّته ثلاثين يوماً الجوع والعطش، وما يأكلون(١) باللّيل فهو تفضّل من الله على خلقه، وكذلك كان لآدمعليه‌السلام ثلاثين يوما، كما على أُمّتي، ثمّ تلا هذه الآية:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (٢) قال: صدقت يا محمّد، فما

____________________________

أبواب أحكام شهر رمضان

الباب - ١

١ - الاختصاص ص ٣٨.

(١) في المصدر: يأكلونه.

(٢) البقرة ٢: ١٨٣.

٣٩٥

جزاء من صامها؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما مؤمن يصوم يوماً من شهر رمضان، حاسبا محتسبا، إلّا أوجب الله تعالى له سبع خصال: أوّل الخصلة يذوب الحرام من جسده، والثّاني يتقرّب إلى رحمة الله تعالى، والثّالث يكفر خطيئته، ألا تعلم أنّ الكفّارات في الصوم يكفّر، والرّابع يهوّن عليه سكرات الموت، والخامس آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة، والسّادس براءة من النّار، والسّابع أطعمه الله من طيّبات الجنّة، قال: صدقت يا محمّد ».

[ ٨٥١١ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن الفضل بن ربيع، ورجل آخر، في حديث طويل أنّ هارون سأل موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، وهو لا يعرفه فقال: أخبرني ما فرضك؟ قالعليه‌السلام : « إنّ الفرض رحمك الله واحد - إلى أن قال - ومن اثني عشر واحد - إلى أن قالعليه‌السلام - وأمّا قولي من اثني عشر واحد، فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا » الخبر.

[ ٨٥١٢ ] ٣ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من صام يوماً من رمضان، خرج من ذنوبه مثل يوم ولدته أُمّه، فإن انسلخ عليه الشّهر وهو حيّ، لم تكتب عليه خطيئته إلى الحول ».

[ ٨٥١٣ ] ٤ - وعن الشعبي، عن قيس الجهني، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « ما من يوم يصومه العبد من شهر رمضان، إلّا جاء يوم القيامة في غمامة من نور، في تلك الغمامة قصر

____________________________

٢ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣١٢.

٣ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٣٩٦

من درّة، له سبعون بابا، كلّ باب من ياقوته حمراء ».

[ ٨٥١٤ ] ٥ - وعن عبد الرحمان بن عوف: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ذكر شهر رمضان، وفضله على الشّهور بما فضّله الله، وقال: « إنّ شهر رمضان شهر كتب الله صيامه على المسملين، وسَنَّ قيامه، فمن صامه إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٥ ] ٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من صام شهر رمضان وقامه، إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ».

[ ٨٥١٦ ] ٧ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: عن علي بن الحسين الورّاق، عن عبدالله بن جعفر، عن محمّد بن أبي نعيم بن علي، وأبي إسحاق بن عيسى، عن محمّد بن الفضل بن حاتم، عن إسحاق بن راهويه، عن النّضر بن شميل، عن القاسم بن الفضل، عن النّضر بن شيبان، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمان، عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر رمضان ففضله بما فضّله الله عزّوجلّ، على سائر الشّهور، قال: « شهر فرض الله صيامه، وسنّ قيامه، فمن صام وقام(١) إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٧ ] ٨ - وعن أبي القاسم الورّاق، عن محمّد، عن عمير بن احمد، عن أبيه، عن محمّد بن سعيد، عن هدية، عن همام بن [ يحيى ](١) عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن مسيّب، عن

____________________________

٥ و ٦ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

٧ - نوادر الراوندي، أخرجه عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٧.

(١) في البحار: صامه وقامه.

٨ - نوادر الراوندي، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٨.

(١) سقط من الطبعة الحجرية، وما أثبتناه من البحار هو الصواب « راجع =

٣٩٧

سلمانرضي‌الله‌عنه قال: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في آخر يوم من شعبان، فقال: « قد أظلكم شهر رمضان، شهر مبارك، شهر فيه ليلة القدر(٢) خير من الف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيامه لله عزّوجلّ طوعا » الخبر.

[ ٨٥١٨ ] ٩ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: قال لي يوما: « يا زهري، من أين جئت؟ » قلت: من المسجد، قال: « فيم كنت؟ » قال: تذاكرنا فيه أمر الصوم، فاجتمع رأيي ورأي اصحابي، أنّه ليس من الصوم شئ واجب، إلّا صوم شهر رمضان، فقال: « يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجها: فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وأربعة عشر وجها صاحبها بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر، وعشرة أوجه منها حرام، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الإباحة، وصوم السفر، والمرض »، فقلت: فسرّهنّ لي جعلت فداك، فقال: « أمّا الواجب فصوم شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين » الخبر.

ورواه الصدوق في الهداية والمقنع: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[ ٨٥١٩ ] ١٠ - وقال في قوله تعالى:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين

____________________________

= تهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٢٢ ».

(٢) « القدر » ليس في البحار.

٩ - تفسير القمي ج ١ ص ١٨٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٥٩.

(١) الهداية ص ٤٨، المقنع ص ٥٥.

١٠ - تفسير القمي ج ١ ص ٦٥.

٣٩٨

مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) فإنّه قال، أي الصادقعليه‌السلام كما هو الظّاهر: « أوّل ما فرض الله الصّوم، لم يفرضه في شهر رمضان إلّا على الأنبياء، ولم يفرضه على الأُمم، فلمّا بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خصّه بفضل [ شهر ](٢) رمضان، هو وأُمّته، وكان الصّوم قبل أن ينزل شهر رمضان، يصوم النّاس أيّاماً، ثمّ نزل:( شَهْرُ رَمَضَانَ الّذي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) (٣) ».

[ ٨٥٢٠ ] ١١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الصوم على أربعين وجها - إلى أن قال - أمّا الصوم الواجب، فصوم شهر رمضان » الخبر. قال: « وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) ، أنّه قال: من دخل عليه شهر رمضان، فصام نهاره، وأقام ورداً في ليله، وحفظ فرجه ولسانه، وغضّ بصره، وكفّ أذاه(٢) ، خرج من ذنوبه (كهيئة يوم)(٣) ولدته أُمّه، فقيل له: ما أحسن هذا من حديث! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أصعب هذا من شرط! ».

[ ٨٥٢١ ] ١٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد أنّه قال: « صوم شهر رمضان، فرض في كلّ عام ».

وعن عليعليه‌السلام (١) أنّه قال: « صوم شهر رمضان، جنّة

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٣.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ١٨٥.

١١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) نفس المصدر ص ٢٤.

(٢) في المصدر: أذناه.

(٣) في المصدر: كيوم.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٨.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٦٩.

٣٩٩

من النّار ».

[ ٨٥٢٢ ] ١٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « شهر رمضان، شهر فرض الله صيامه، فمن صامه احتسابا وإيمانا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥٢٣ ] ١٤ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « ينطق الله جميع الأشياء، بالثناء على صوام شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٤ ] ١٥ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « إنّ الجنّة مشتاقة إلى أربعة نفر: إلى مطعم الجيعان، وحافظ اللّسان، وتالي القرآن، وصائم شهر رمضان، » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ رمضان إلى رمضان، كفّارة لمـّا بينهما » وقال: « أنّ الجنّة لتزيّن من السنة إلى السنة، لصوم شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٥ ] ١٦ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن محمّد بن محمّد بن سعيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي الزبير المكّي، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله تبارك وتعالى، لم يفرض من صيام شهر رمضان، فيما مضى الّا على الأنبياء دون أُممهم، وإنّما فرض عليكم ما فرض على أنبيائه ورسله قبلي، إكراما وتفضيلا » الخبر.

____________________________

١٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٣٢ ح ١.

١٤ - لب اللباب: مخطوط.

١٥ - لب اللباب: مخطوط.

١٦ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٣٩.

٤٠٠

(٨٧)

سورة الأعلى

مكّيّة عند ابن عبّاس، ومدنيّة عند الضحّاك. وهي تسع عشرة آية بلا خلاف.

أبيّ بن كعب قال: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من قرأها أعطاه الله من الأجر عشر حسنات، بعدد كلّ حرف أنزله الله على إبراهيم وموسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

وعن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: «كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحبّ هذه السورة( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) . وأوّل من قال: سبحان ربّي الأعلى، ميكائيل».

وعن ابن عبّاس قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قرأ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) قال: «سبحان ربّي الأعلى». وكذلك روي عن عليّعليه‌السلام . وروى جرير عن الضحّاك أنّه كان يقول ذلك. وكان يقول: من قرأها فليفعل ذلك.

وعن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «من قرأ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) في فريضة أو نافلة، قيل له يوم القيامة: ادخل من أيّ أبواب الجنّة شئت».

وروى العيّاشي بإسناده عن أبي حميصة، عن عليّعليه‌السلام ، قال: «صلّيت خلفه عشرين ليلة، فليس يقرأ إلّا( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) . وقال: لو يعلمون ما فيها لقرأها الرجل كلّ يوم عشرين مرّة، وإنّ من قرأها فكأنّما قرأ صحف موسى وإبراهيم الّذي وفّى».

٤٠١

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥) )

ولـمّا ختم سبحانه سورة الطارق بذكر الوعيد والتهديد للكفّار، افتتح هذه السورة بذكر صفاته العلى وقدرته على ما يشاء، فقال :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) نزّه اسمه عمّا لا يصحّ فيه، من المعاني الّتي هي الإلحاد في أسمائه بالتأويلات الزائغة، مثل أن يفسّر الأعلى بمعنى العلوّ الّذي هو القهر والاقتدار على كلّ شيء، لا بمعنى العلوّ في المكان والاستواء على العرش حقيقة، كما هو مذهب المشبّهة. ومن إطلاقه على غيره راعما أنّهما فيه سواء، كعبدة الأصنام. ومن أن يصان عن الابتذال والذكر لا على وجه الخشوع والتعظيم. ويجوز أن يكون الأعلى صفة للربّ، والاسم باعتبار المسمّى.

وعن عقبة بن عامر الجهنيّ قال: «لمّا نزلت( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) (١) قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اجعلوها في ركوعكم. فلمّا نزلت( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) قال: اجعلوها في سجودكم. وكانوا يقولون في الركوع: أللّهمّ لك ركعت، وفي السجود: أللّهمّ لك سجدت».

( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ) خلق كلّ شيء فسوّى خلقه، بأن جعل له ما به يتأتّى كماله من الإحكام والاتّساق، على وجه يدلّ على أنّه صادر من قدير

__________________

(١) الحاقّة: ٥٢.

٤٠٢

عليم وصانع حكيم.

( وَالَّذِي قَدَّرَ ) قدّر أجناس الأشياء وأنواعها وأشخاصها وأفعالها وآجالها.

وقرأ الكسائي: قدر بالتخفيف.( فَهَدى ) فوجّهه إلى أفعاله طبعا أو اختيارا، بخلق الميول والإلهامات، فعرّفه وجه الانتفاع به. كما يحكى أنّ الأفعى إذا أتت عليها ألف سنة عميت، وقد ألهمها الله أنّ مسح العين بورق الرازيانج الغضّ يردّ إليها بصرها، فربما كانت في برّيّة بينها وبين الريف مسيرة أيّام، فتطوي تلك المسافة على طولها وعلى عماها، حتّى تهجم في بعض البساتين على شجرة الرازيانج لا تخطئها، فتحكّ بها عينيها، وترجع باصرة بإذن الله تعالى.

وإلهامات البهائم والطيور وهو امّ الأرض باب واسع لا يحيط به وصف واصف. ومن ذلك أنّه سبحانه هدى الطفل إلى ثدي أمّه، وهدى الفرخ حتّى طلب الرزق من أبيه وأمّه، وسائر الدوابّ والطيور حتّى فزع كلّ منهم إلى أمّه. وما صدر من النحل من صنعة البيوت المسدّسة والمثمّنة وغيرهما من الأشكال، على وجه يعجز عنه المهندسون العالمون في صنائعهم المحسّنة اللطيفة البديعة العجيبة، كاف في تأمّل أولي الألباب والأبصار ليهتدوا إلى الله العزيز الحكيم.

وهدايات الله للإنسان من نصب الدلائل وإنزال الآيات ـ إلى ما لا يحدّ من مصالحه، وما لا يحصر من حوائجه، في أغذيته وأدويته، وفي أبواب دنياه ودينه، فسبحان ربّي الأعلى وبحمده.

( وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى ) أنبت ما ترعاه الحيوانات( فَجَعَلَهُ ) بعد خضرته( غُثاءً ) يابسا هشيما( أَحْوى ) أسود. وقيل: هو حال من المرعى، أي: أخرجه حال كونه أحوى، أي: أسود من شدّة خضرته وريّه، فجعله غثاء، أي: يابسا بعد حويّه، أي: شدّة خضرته. فسبحان من دبّر هذا التدبير، وقدّر هذا التقدير. وقيل: إنّه مثل ضربه الله تعالى لذهاب الدنيا بعد نضارتها.

٤٠٣

( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (١٣) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٧) إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٨) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى (١٩) )

ثمّ بشّر نبيّه بإعطاء آيات هادية بيّنة في الإعجاز بقوله:( سَنُقْرِئُكَ ) على لسان جبرئيل، أو سنجعلك قارئا بإلهام القراءة.( فَلا تَنْسى ) فلا تنساه أصلا من قوّة الحفظ، مع أنّك أمّيّ، ليكون ذلك آية اخرى لك. مع أنّ الإخبار به عمّا يستقبل ووقوعه كذلك أيضا من الآيات.

وقيل: نهي، والألف للفاصلة، كقوله:( السَّبِيلَا ) (١) . والمعنى: فلا تغفل من قراءته وتكريره فتنساه.

( إِلَّا ما شاءَ اللهُ ) نسيانه، بأن يذهب به عن حفظك برفع حكمه وتلاوته، كقوله:( أَوْ نُنْسِها ) (٢) فإنّ الإنساء نوع من النسخ.

وقيل: كان يعجل بالقراءة إذا لقّنه جبرئيل، فقال: لا تعجل، فإنّ جبرئيل

__________________

(١) الأحزاب: ٦٧.

(٢) البقرة: ١٠٦.

٤٠٤

مأمور بأن يقرأه عليك قراءة مكرّرة إلى أن تحفظه، ثمّ لا تنساه إلّا أن يشاء الله.

وقيل: الغرض نفي النسيان رأسا، كما يقول الرجل لصاحبه: أنت سهيمي فيما أملك إلّا فيما شاء الله. ولا يقصد استثناء شيء. وهو من استعمال القلّة في معنى النفي.

( إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى ) ما ظهر من أحوالكم وما بطن، فيعلم ما هو مصلحة لكم في دينكم ومفسدة فيه. أو يعلم جهرك يا محمّد بالقراءة مع جبرئيل، وما دعاك إليه من مخافة التفلّت والنسيان، فيعلم ما فيه صلاحك وأمّتك من إبقاء أو إنساء.

( وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى ) معطوف على( سَنُقْرِئُكَ ) . وقوله:( إِنَّهُ يَعْلَمُ ) اعتراض.

والمعنى: سنوفّقك للطريقة الّتي هي أيسر وأسهل في حفظ الوحي. وقيل: للشريعة السمحة الّتي هي أيسر الشرائع وأسهلها مأخذا. وقيل: نوفّقك لعمل الجنّة. ولـمّا كان التيسير متضمّنا لمعنى التوفيق قال: «نيسّرك»، لا: نيسّر لك.

روي: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد استفرغ مجهوده في تذكيرهم، وما كانوا يزيدون على زيادة الذكرى إلّا عتوّا وطغيانا. وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتلظّى حسرة وتلهّفا، ويزداد جدّا في تذكيرهم وحرصا عليه، فقيل له:( وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ ) (١) .( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ ) (٢) . ثمّ قيل له:( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى ) وذلك بعد إلزام الحجّة بتكرير التذكير.

وقيل: ظاهر الآية شرط، ومعناه ذمّ للمذكّرين، وإخبار عن حالهم، واستبعاد لتأثير الذكرى فيهم، وتسجيل عليهم بالطبع على قلوبهم، كما تقول للواعظ: عظ

__________________

(١) ق: ٤٥.

(٢) الزخرف: ٨٩.

٤٠٥

المكّاسين(١) إن سمعوا منك، قاصدا بهذا الشرط استبعاد ذلك، وأنّه لن يكون كذلك.

( سَيَذَّكَّرُ ) سيتّعظ وينتفع بها( مَنْ يَخْشى ) يخشى الله وسوء العاقبة، بأن يتفكّر فيها فيعلم حقيقتها، فيقوده النظر إلى اتّباع الحقّ. فأمّا هؤلاء فغير خاشين ولا ناظرين، فلا تأمل أن يقبلوا منك.

( وَيَتَجَنَّبُهَا ) ويتجنّب الذكرى( الْأَشْقَى ) الكافر، لأنّه أشقى من الفاسق.

أو الّذي هو أشقى من الكفرة، لتوغّله في جحوده وإنكاره، وحقده وشدّة غضبه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة.

( الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ) نار جهنّم. والصغرى: نار الدنيا، فإنّهعليه‌السلام قال: «ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنّم».

أو ما في الدرك الأسفل من أطباق النار، فإنّ ناره أحرّ وأشدّ من نار أطباق أخر.

( ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها ) فيستريح( وَلا يَحْيى ) حياة تنفعه، بل صارت حياته وبالا عليه، ومشقّة يتمنّى زوالها، لـما فيها من فنون العقاب وألوان العذاب. ولهذا ذكر «ثمّ» للدلالة على أنّ التردّد بين الحياة والموت أفظع من الصلي، فهو متراخ عنه في مراتب الشدّة.

( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ) تطهّر من الكفر والمعصية. وقيل: من الزكاء بمعنى النماء. والمعنى: من نشأ ونما في التقوى. وقيل: تطهّر للصلاة، أو أدّى الزكاة، كتصدّق من الصدقة.

( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ ) وحّده بقلبه ولسانه( فَصَلَّى ) بذلك الاسم الصلوات الخمس، لقوله:( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) (٢) . وعن ابن عبّاس: معناه: ذكر معاده

__________________

(١) المكّاس: من يأخذ المكس. والمكس: دراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في أسواق الجاهليّة.

(٢) طه: ١٤.

٤٠٦

وموقفه بين يدي ربّه، فصلّى له. وعن الضحّاك: وذكر اسم ربّه في طريق المصلّى، فصلّى صلاة العيد. وعن عليّعليه‌السلام : تصدّق بالفطر،( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ ) كبّر يوم العيد، فصلّى صلاته.

ومتى قيل: على هذا القول كيف يصحّ أن تكون السورة مكّيّة، ولم يكن هناك صلاة عيد ولا زكاة فطرة؟

قلنا: يحتمل أن يكون نزلت أوائلها بمكّة وختمت بالمدينة.

وعند أكثر علمائنا أنّ المراد بالذكر هنا الأذان والإقامة، استنادا إلى روايات واردة عن أئمّتنا صلوات الله عليهم.

ثمّ قال سبحانه مخاطبا للكفّار الأشقين على طريقة الالتفات، أو على إضمار قل:( بَلْ تُؤْثِرُونَ ) تختارون( الْحَياةَ الدُّنْيا ) على الآخرة، فلا تفعلون ما تفلحون به. وقيل: هو عامّ في المؤمن والكافر، بناء على الأعمّ الأغلب في أمر الناس.

قال عبد الله بن مسعود: إنّ الدنيا اخضرّت لنا، وعجّل لنا طعامها وشرابها ونساؤها ولذّتها وبهجتها، وإنّ الآخرة نعتت لنا وزويت عنّا، فأخذنا بالعاجل وتركنا الآجل.

( وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ ) أفضل في نفسها( وَأَبْقى ) وأدوم، فإنّ نعيمها ملذّ بالذات، خالص عن الغوائل، لا انقطاع له.

( إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى ) الإشارة إلى ما سبق من قوله: «قد أفلح» إلى قوله: «وأبقى»، فإنّه جامع أمر الديانة، وخلاصة الكتب المنزلة. والمعنى: أنّ معنى هذا الكلام وارد في تلك الصحف.( صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى ) بدل من الصحف الأولى.

٤٠٧

وروي عن أبي ذرّرضي‌الله‌عنه أنّه قال: «قلت: يا رسول الله كم الأنبياء؟

قال: مائة ألف نبيّ وأربعة وعشرون ألفا.

قلت: يا رسول الله كم المرسلون منهم؟

قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر، وبقيّتهم أنبياء.

قلت: أكان آدم نبيّا؟

قال: نعم، كلّمه الله وخلقه بيده. يا أبا ذرّ أربعة من الأنبياء عرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيّك.

قلت: يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب؟

قال: مائة وأربعة كتب، منها: على آدم عشر صحف، وعلى شيث خمسين صحيفة، وعلى أخنوخ ـ وهو إدريس ـ ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشر صحائف، والتوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان».

وقيل: إنّ في صحف إبراهيم: ينبغي للعاقل أن يكون حافظا للسانه، عارفا بزمانه، مقبلا على شأنه.

وقيل: إنّ كتب الله سبحانه كلّها أنزلت في شهر رمضان.

٤٠٨

(٨٨)

سورة الغاشية

مكّيّة. وهي ستّ وعشرون آية بالإجماع.

أبيّ بن كعب عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من قرأها حاسبه الله حسابا يسيرا».

أبو بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: «من أدمن قراءة( هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ ) في فريضة أو نافلة، غشّاه الله رحمته في الدنيا والآخرة، وأعطاه الأمن يوم القيامة من عذاب النار».

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (٢) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) تَصْلى ناراً حامِيَةً (٤) تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) )

ولـمّا ختم الله سبحانه سورة الأعلى بالترغيب في الآخرة، وأنّها خير من الدنيا، افتتح هذه السورة أيضا ببيان أحوال الآخرة، فقال :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ ) الداهية الّتي تغشى الناس بشدائدها، وتلبسهم أهوالها. يعني: يوم القيامة، من قوله:( يَوْمَ يَغْشاهُمُ

٤٠٩

الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ ) (١) . أو النار من قوله:( وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) (٢) ( وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ ) (٣) .

( وُجُوهٌ ) أي: صواحبها( يَوْمَئِذٍ ) يوم إذ غشيت( خاشِعَةٌ ) ذليلة( عامِلَةٌ ناصِبَةٌ ) تعمل في النار عملا تتعب فيه، كجرّ السلاسل والأغلال، وخوضها في النار خوض الإبل في الوحل، والصعود والهبوط في تلالها ووهادها.

وقيل: عملت في الدنيا أعمال السوء، والتذّت بها وتنعّمت، ونصبت في أعمال لا ينفعها في الآخرة.

وقيل: عملت ونصبت في أعمال لا تجدي عليها في الآخرة، من قوله:( وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ ) (٤) .( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) (٥) .

( أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ) (٦) .

وقيل: هم أصحاب الصوامع. ومعناه: أنّها خشعت لله، وعملت ونصبت في أعمالها، من الصوم الدائب(٧) والتهجّد الواصب.

وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «كلّ ناصب لنا وإن تعبّد واجتهد يصير إلى هذه الآية «عامِلَةٌ ناصِبَةٌ ».

( تَصْلى ناراً ) تدخلها. قيل: المصلّي عند العرب أن يحفروا حفيرا، فيجمعوا فيه جمرا كثيرا، ثمّ يعمدوا إلى شاة فيدسّوها وسطه. فأمّا ما يشوى فوق

__________________

(١) العنكبوت: ٥٥.

(٢) إبراهيم: ٥٠.

(٣) الأعراف: ٤١.

(٤) الفرقان: ٢٣.

(٥) الكهف: ١٠٤.

(٦) آل عمران: ٢٢.

(٧) الدائب: الدائم المستمرّ. والتهجّد الواصب: الدائم المواظب على القيام به.

٤١٠

الجمر، أو على المقلى(١) ، أو في التنّور، فلا يسمّى مصلّيا. وقرأ أبو عمرو ويعقوب وأبو بكر تصلى، من: أصلاه الله.( حامِيَةً ) متناهية في الحرّ.

( تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) متناهية في الحرّ، كقوله:( وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ) (٢) قال الحسن: قد أوقدت عليها جهنّم مذ خلقت، فدفعوا إليها وردا عطاشا، هذا شرابهم.

وقال أبو الدرداء: إنّ الله يرسل على أهل النار الجوع حتّى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصّة، فيذكرون أنّهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالماء، فيستسقون فيعطشهم الله ألف سنة، ثمّ يسقون من عين آنية شربة لا هنيئة ولا مريئة، كلّما أدنوه من وجوههم سلخ وجوههم وشواها، فإذا وصل إلى بطونهم قطعها، فذلك قوله:( وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ ) (٣) .

( لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ) يبيس الشبرق. وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا، فإذا يبس تحامته، وهو سمّ قاتل. وقيل: شجرة ناريّة تشبه الضريع، كما نقل.

وعن الضحّاك عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الضريع شيء يكون في النار يشبه الشوك، أمرّ من الصبر، وأنتن من الجيفة، وأشدّ حرّا من النار، سمّاه الله الضريع».

وإنّما قال:( لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ) . وفي الحاقّة:( وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ) (٤) وظاهر الكلامين تناف، لأنّ العذاب ألوان، والمعذّبون طبقات، فمنهم أكلة الزقّوم، ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع.

__________________

(١) المقلى: وعاء يقلى ـ أي: ينضج ـ فيه الطعام.

(٢) الرحمن: ٤٤.

(٣) محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ١٥.

(٤) الحاقة: ٣٦.

٤١١

( لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) (١) . أو المراد: إنّما طعامهم ممّا تتحاماه الإبل وتعافه، لضرّه وعدم نفعه.

وهذا إشارة إلى أنواع طعام جهنّم، من الضريع والزقّوم والغسلين.

روي: أنّ المشركين لـمّا سمعوا هذه الآية قالوا: إن إبلنا لتسمن على الضريع. وكذبوا في ذلك، لأنّ الإبل لا ترعاه كما علمت. فقال سبحانه تكذيبا لهم :

( لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ) أي: لا يسمن أحدا، ولا يدفع جوعا. وهذا مرفوع المحلّ أو مجروره على وصف: طعام أو ضريع. والمعنى: طعامهم من ضريع ليس من جنس ضريعكم، إنّما هو ضريع غير مسمن ولا مغن من جوع.

وقيل: أراد الله سبحانه بهذه الآية أن لا طعام لهم أصلا، لأنّ الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الإنس، لأنّ الطعام ما أشبع أو أسمن، وهو منهما بمعزل، كما تقول: ليس لفلان ظلّ إلّا الشمس، تريد: نفي الظلّ على التوكيد.

( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١) فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (١٢) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦) )

ثمّ وصف أهل الجنّة بقوله:( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ ) ذات بهجة وحسن، أو متنعّمة في أنواع اللذّات( لِسَعْيِها ) في الدنيا( راضِيَةٌ ) رضيت بعملها لـمّا رأت ما أدّاهم إليه من الكرامة والثواب لسعيها.

__________________

(١) الحجر: ٤٤.

٤١٢

( فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ ) عليّة المحلّ أو القدر( لا تَسْمَعُ فِيها ) يا مخاطب، أو الوجوه. وقرأ على بناء المفعول بالياء ابن كثير وأبو عمرو ورويس. وبالتاء نافع.

( لاغِيَةً ) لغوا، أو كلمة ذات لغو، أو نفسا تلغو، فإنّ أهل الجنّة لا يتكلّمون إلّا بالذكر والحكم، وحمد الله على ما رزقهم من النعيم الدائم.

( فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ ) يجري ماؤها ولا ينقطع. يريد عيونا في غاية الكثرة، كقوله:( عَلِمَتْ نَفْسٌ ) (١) . فهي اسم جنس. والتنوين للتعظيم. فلكلّ إنسان في قصره من الجنّة عين جارية من كلّ شراب يشتهيه.

( فِيها سُرُرٌ ) ألواحها من ذهب مكلّلة بالزبرجد والدرّ والياقوت( مَرْفُوعَةٌ ) رفيعة السمك، ليرى المؤمن بجلوسه عليه جميع ما خوّله ربّه من الملك والنعيم الدائم. أو رفيعة القدر.

( وَأَكْوابٌ ) جمع كوب. وهو إناء من ذهب وفضّة لا عروة له.( مَوْضُوعَةٌ ) بين أيديهم لا يحتاجون إلى أن يدعوا بها. أو على حافّات العيون معدّة للشرب.

( وَنَمارِقُ ) جمع نمرقة بالفتح والضمّ، وهي الوسادة( مَصْفُوفَةٌ ) بعضها إلى جنب بعض، أينما أراد أن يجلس جلس على مسورة(٢) واستند إلى اخرى.

( وَزَرابِيُ ) وبسط عراض فاخرة. وقيل: هي الطنافس(٣) الّتي لها خمل رقيق. جمع زربية.( مَبْثُوثَةٌ ) مبسوطة، أو مفرّقة في المجالس.

( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ

__________________

(١) التكوير: ١٤.

(٢) المسورة: متّكأ من جلد.

(٣) الطنافس جمع الطنفسة: البساط، الحصير.

٤١٣

سُطِحَتْ (٢٠) فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (٢٦) )

ولـمّا نعت الله سبحانه الجنّة وما فيها عجب من ذلك أهل الضلال، فبيّن سبحانه أفعاله العجيبة الغريبة الدالّة على كمال القدرة، الموجبة لفعل كلّ ما أراد من الصنائع العظيمة العجيبة، فقال :

( أَفَلا يَنْظُرُونَ ) نظر اعتبار( إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ) خلقا عجيبا دالّا على كمال قدرته وحسن تدبيره، حيث خلقها لجرّ الأثقال إلى البلاد النائية، فجعلها عظيمة باركة للحمل، ناهضة بالحمل، منقادة لمن اقتادها، ولو كان قائدها غير إنسان، كما حكي أنّ فارة أخذت بزمام ناقة فأخذت تجرّها وهي تتبعها حتّى دخلت الجحر، فجرّت الزمام فقرّبت فمها من جحر الفار. طوال الأعناق لتنوء بالأوقار(١) ، ترعى كلّ نابت في البراري والمفاوز ممّا لا يرعاه سائر البهائم، وتحتمل العطش إلى عشر فصاعدا ليتأتّى لها قطع البراري والمفاوز. مع ما لها من منافع أخر، ولذلك خصّت بالذكر لبيان الآيات المنبثّة في الحيوانات الّتي هي أشرف المركّبات وأكثرها صنعا، ولأنّها أعجب ما عند العرب من هذا النوع.

وقيل: المراد بها السحاب على طريق التشبيه والمجاز، لأنّ الإبل ليست من أسماء السحاب حقيقة، كالغمام والمزن والرباب والغيم والغين وغير ذلك.

( وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ) بلا عمد، مع ما في خلقها من صنائع القدرة

__________________

(١) الأوقار جمع الوقر: الحمل الثقيل.

٤١٤

وبدائع الفطرة، من الشمس والقمر والكواكب، وعلّق بها منافع الخلق وأسباب معايشهم.

( وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ) فهي راسخة لا تميل ولا تزول، ولولاها لمادت الأرض بأهلها.

( وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ) بسطت حتّى صارت مهادا للمتقلّب عليها.

ووجه حسن ذكر الإبل مع السماء والجبال والأرض: أنّ هذه الأشياء غالبا في مناظر العرب ومطاع(١) نظرهم في أوديتهم وبواديهم، فانتظمها الذكر على حسب ما انتظمها نظرهم.

وملخّص المعنى: أفلا ينظرون إلى أنواع المخلوقات من البسائط والمركّبات، ليتحقّقوا كمال قدرة الخالق، فلا ينكروا اقتداره على البعث، فيسمعوا إنذار الرسول ويؤمنوا به، ويستعدّوا للقائه؟ ولذلك عقّب به أمر المعاد، ورتّب عليه الأمر بالتذكير، فقال:( فَذَكِّرْ ) أي: لا ينظرون، فذكّرهم ولا تلحّ عليهم( إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ ) أي: فلا عليك إن لم ينظروا ولم يتذكّروا، إذ ما عليك إلّا البلاغ، كقوله:( إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ ) (٢) .

( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ) بمتسلّط يمكنك أن تدخل الإيمان في قلوبهم وتجبرهم عليه، كقوله:( وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ) (٣) . وعن الكسائي بالسين على الأصل، وحمزة بالإشمام.

( إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ ) الاستثناء منقطع. والمعنى: لست بمستول عليهم، ولكن من تولّى عن الذكر وكفر بالله( فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ ) الّذي هو عذاب جهنّم.

__________________

(١) كذا في النسخة الخطّية، ولعلّ الصحيح: ومطمح.

(٢) الشورى: ٤٨.

(٣) ق: ٤٥.

٤١٥

وقيل: متّصل، فإنّ جهاد الكفّار وقتلهم تسلّط. وكأنّه أوعدهم الجهاد في الدنيا وعذاب النار في الآخرة.

وقيل: هو استثناء من قوله: «فذكّر» أي: فذكّر إلّا من انقطع طمعك من إيمانه وتولّى، فاستحقّ العذاب الأكبر. وما بينهما اعتراض.

( إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ) رجوعهم بعد الموت( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ ) في المحشر. وتقديم الخبر للتخصيص والمبالغة في الوعيد. كأنّه قال: إنّ إيابهم ليس إلّا إلى الجبّار المقتدر على الانتقام، وإنّ حسابهم ليس بواجب إلّا عليه، وهو الّذي يحاسب على النقير والقطمير. ومعنى الوجوب الوجوب في الحكمة.

٤١٦

(٨٩)

سورة الفجر

مكّيّة. وهي ثلاثون آية.

أبيّ بن كعب عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: «من قرأها في ليال عشر غفر الله له، ومن قرأها سائر الأيّام كانت له نورا يوم القيامة».

وروى داود بن فرقد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «اقرؤا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فإنّها سورة الحسين بن عليّعليه‌السلام ، من قرأها كان مع الحسين بن عليّعليه‌السلام يوم القيامة في درجته من الجنّة».

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤) هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٥) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (١٠) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤) )

٤١٧

ولـمّا ختم سورة الغاشية بأنّ إياب الخلق إليه وحسابهم عليه، افتتح هذه السورة بتأكيد ذلك المعنى حين أقسم أنّه بالمرصاد، فقال :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَالْفَجْرِ ) أقسم بمطلق الصبح في الأيّام، كما أقسم في قوله:( وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ) (١) . أو بمطلق فلقه، كقوله:( وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ ) (٢) . أو بصلاة الفجر، أو بفجر يوم النحر، أو بفجر عرفة، أو فجر أوّل ذي الحجّة، أو فجر أوّل المحرّم. والأوّل أشمل وأعمّ، ومنقول عن عكرمة والحسن والجبائي، ورواه أبو صالح عن ابن عبّاس.

( وَلَيالٍ عَشْرٍ ) عشر ذي الحجّة، على ما نقل عن مجاهد والضحّاك وابن عبّاس والحسن وقتادة والسدّي. ولذلك فسّر الفجر بفجر عرفة أو النحر. وقيل: عشر رمضان الأخير. ولأنّها ليال مخصوصة من بين جنس الليالي العشر، أو مخصوصة بفضيلة ليست لغيرها، وقعت منكّرة من بين ما أقسم به. ولو عرّفت بلام العهد، لأنّها ليال معلومة معهودة، لم تستقلّ بمعنى الفضيلة الّذي في التنكير، فإنّ التنكير للتعظيم والتفخيم. ولأنّ الأحسن أن تكون اللامات متجانسة، ليكون الكلام أبعد من الألغاز والتعمية، فيوهم أنّ المراد جنس العشرات لا العشرات المعيّنة المطلوبة.

( وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) أي: والأشياء كلّها، شفعها ووترها. أو الخلق، لقوله:( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ ) (٣) والخالق، لأنّه فرد.

ومن فسّرهما بشفع هذه الليالي ووترها، وبالعناصر والأفلاك والبروج والسيّارات. أو شفع الصلوات ووترها. أو بيومي النحر وعرفة، لأنّها تاسع أيّامها

__________________

(١) المدّثر: ٣٤.

(٢) التكوير: ١٨.

(٣) الذاريات: ٤٩.

٤١٨

وذلك عاشرها، فقد روي مرفوعا إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلى أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام .

أو الوتر آدم، شفّع بزوجته. أو الشفع الأيّام، والوتر اليوم الّذي لا ليل بعده، وهو يوم القيامة. أو الشفع عليّ وفاطمةعليهما‌السلام ، والوتر محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . أو الصفا والمروة، والوتر البيت. فلعلّه(١) أفرد بالذكر من أنواع المدلول ما رآه أظهر دلالة على التوحيد، أو مدخلا في الدين، أو مناسبة لـما قبلها، أو أكثر منفعة موجبة للشكر.

وقرأ حمزة والكسائي: والوتر، بفتح الواو. وهما لغتان، كالحبر والحبر.

( وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ ) إذا يمضي، كقوله:( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ) (٢) . وأصله: يسري، حذف الياء اكتفاء بالكسرة تخفيفا. وقد خصّه نافع وأبو عمرو بالوقف. والتقييد بذلك لـما في التعاقب من قوّة الدلالة على كمال القدرة ووفور النعم.

( هَلْ فِي ذلِكَ ) الإقسام، أو المقسم به( قَسَمٌ ) حلف، أو محلوف به( لِذِي حِجْرٍ ) يعتبره ويعظم بالإقسام به، ويؤكّد به ما يريد تحقيقه. والحجر: العقل. سمّي به لأنّه يحجر عمّا لا ينبغي، كما سمّي عقلا ونهية وحصاة من الإحصاء، وهو الضبط. وفي هذا تعظيم وتأكيد لـما وقع به القسم.

والمعنى: أنّ من كان ذا لبّ علم أنّ ما أقسم الله به من هذه الأشياء فيه عجائب ودلائل على توحيد الله، توضح عن عجائب صنعه وبدائع حكمته.

والمقسم عليه محذوف، وهو: ليعذّبنّ. يدلّ عليه قوله:( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ ) . الخطاب للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وفيه تنبيه للكفّار على ما فعله سبحانه بالأمم السابقة لـمّا كفرت بالله وبأنبيائه، وكانت أطول أعمارا وأشدّ قوّة. وعاد قوم ثمود، سمّوا باسم أبيهم، كما سمّي بنو هاشم باسمه. وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح.

__________________

(١) خبر لقوله: ومن فسّرهما ...، في بداية الفقرة.

(٢) المدّثر: ٣٣.

٤١٩

( إِرَمَ ) عطف بيان لـ «عاد» إيذانا بأنّهم عاد الأولى القديمة. وهذا على تقدير مضاف، أي: سبط إرم، أو أهل إرم، إن صحّ أنّه اسم بلدتهم. وقيل: سمّي أوائلهم ـ وهم عاد الأولى ـ بإرم اسم جدّهم، ومن بعدهم سمّوا عادا الأخيرة. ومنع صرفه للعلميّة والتأنيث، باعتبار القبيلة أو البلدة.( ذاتِ الْعِمادِ ) ذات البناء الرفيع، أو القدود(١) الطوال. ومنه قولهم: رجل معمد إذا كان طويلا. ورجل طويل العماد، أي: القامة. أو ذات الرفعة والثبات.

( الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ ) صفة اخرى لـ «إرم». والضمير لها، سواء جعلت اسم القبيلة أو البلدة. والمعنى: لم يخلق مثل عاد في جميع بلاد الدنيا عظم أجرام وقوّة. فقد روي أنّ طول الرجل منهم كان أربعمائة ذراع، وكان يأتي الصخرة العظيمة فيحملها فيلقيها على الحيّ فيهلكهم. أو لم يخلق مثل مدينة إرم في جميع بلاد الدنيا.

وقيل: كان لعاد ابنان: شدّاد وشديد، فملكا وقهرا، ثمّ مات شديد فخلص الأمر لشداد، وملك المعمورة، ودانت له ملوكها، فسمع بذكر الجنّة فبنى على مثالها في بعض صحاري عدن جنّة وسمّاها إرم، فلمّا تمّ سار إليها بأهله، فلمّا كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا.

وعن عبد الله بن قلابة: أنّه خرج في طلب إبله فوقع عليها. وقصّة ذلك مفصّلا على ما روى وهب بن منبّه: أنّ عبد الله بن قلابة خرج يوما في طلب إبل له شردت، فبينا هو في صحاري عدن إذ هو قد وقع على مدينة في تلك الفلوات عليها حصن، وحول الحصن قصور كثيرة وأعلام طوال.

فلمّا دنا منها ظنّ أنّ فيها أحدا يسأله عن إبله، فنزل عن دابّته وعقلها، وسلّ سيفه ودخل من باب الحصن. فلمّا دخل الحصن إذا هو ببابين عظيمين لم ير أعظم

__________________

(١) القدود جمع القدّ: قدر الشيء وتقطيعه.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594