مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل10%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 329456 / تحميل: 5380
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) (1) .

فهنالك الناس ذُهول، وعُميِّت عليهم الأنباء، ولا يسألُ حميمٌ حميماً، ولا يَتساءلون فيما بينهم، وهكذا لا يسأل أحدٌ أحداً عن ذنبه وعن شأنه الذي هو فيه.

أمّا وبعد أن أَخرجت الأرضُ أثقالَها، وَوضَعت الزلزلةُ أوزارها، وعاد الناس على حالتهم العادية وتفرّغوا للحساب فهناك السؤال والمـُؤاخذة، والتساؤل والتعارف، فاختلف الموقفان.

وهناك بعد انقضاء الحساب ودخول أهل الجنّة الجنّة ودخول أهل النار النار، يقع التساؤل والتعارف بينهم.

يقول تعالى عن المجرمين: ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ * قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طَاغِينَ * فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ * فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ * فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ) (2) .

ويقول عن الصالحين: ( ...إِلاّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ..... فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ... ) (3) .

( إِلاّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ) (4) .

____________________

(1) الحج 22: 2.

(2) الصافّات 37: 22 - 34.

(3) الصافّات 37: 40 - 50.

(4) المدّثّر 74: 39 - 48.

٢٦١

( لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ)

سؤال:

قال تعالى ( لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) (1) ، والبَلد هو البَلد الأمين مكّة المكرّمة، وقد أقسم به في سورة التين: ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ ) (2) ، فكيف التوفيق؟

جواب:

قالوا بزيادة (لا) هنا ليكون معنى الكلام إثباتاً لا نفياً، وأن العرب قد تُدخل (لا) في أثناء كلامها وتُلغي معناها، وأنشدوا في ذلك أبياتاً، ونحن قد فنّدنا ذلك وذَكَرنا أنْ لا شاهد عليه في كلام العرب، فراجع (3) .

والصحيح أنْ يُقال: إنّ مورد الآيتَين مُختلف، فمرّة لا يُقسم ومرّة يُقسم باختلاف الموارد... إذ ليس المعنى في سورة البلد أنّه تعالى لا يُقسم أبداً بهذا البلد، بل لا يُقسم في موردٍ خاصّ - لوضوحه - وهو أنّ الإنسان خُلق في كَبَد... أمّا المعنى في سورة البلد فهو على القسم حيث أهمّية المورد (المـُقسم عليه) وهو أنّ الإنسان خُلق؛ ليكون رفيعاً لكنّه بيديه حطّ من شأن نفسه فارتدّ أسفل سافلين بسوء تدبيره وسوء عمله.

وهنا جواب آخر لعلّه أدقّ وهو: أنْ ليس المراد (في آية البلد) نفي الإقسام على الإطلاق، ليكون متنافياً مع الآية الأُخرى (في سورة التين)، بل هو نوع من القسم على الشكل السلبي، حيث عدم الحاجة إليه بعد وضوح الأمر وظهوره، وهو آكد في إثبات المطلوب بشكلٍ أدبيّ رائع.

والمعنى: إنّي لا أحلف، إذ لا حاجة إليه بعد وضوح الأمر، وهذا يعني أنّ الأمر مُتأكّد الثبوت بذاته واضحاً جليّاً من غير حاجة إلى إقامة حجّة ودليل.

فهو في حقيقته قسم، لكن بصورة سلبية هي آكد من صورة الإيجاب.

____________________

(1) البلد 90: 1 - 2.

(2) التين 95: 1 - 3.

(3) وللعلاّمة البلاغي تحقيق مستوف في ذلك: تفسير آلاء الرحمان، ج1، ص38 - 41.

٢٦٢

( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)

سؤال:

قال تعالى: ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (1) .

ضَمِنَ تعالى أنْ لا يُعذّب العرب على قيد أحد شرطَين: حضور النبيّ بين أظهُرهم، أو استغفارهم هم؛ ومِن ثَمّ قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (كان في الأرض أمانان مِن عذاب اللّه، وقد رُفع أحدهما، فدونكم الآخر فتمسّكوا به، أمّا الأمان الذي رُفع فهو رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأمّا الأمان الباقي فالاستغفار)، ثمّ تلا الآية (2) .

لكن يَتعقّب الآية ما يُنافي ذلك ظاهراً، وقوله: ( وَمَا لَهُمْ أَلاّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاّ الْمُتَّقُونَ ) (3) ، فكيف التوفيق؟

جواب:

إنّ سياق الآيتَين يَدلّنا على اتصالِهما ونزولِهما معاً إحداهما تلو الأُخرى مباشرةً، الأمر الذي يستدعي وِئامَهما طبعاً وعدم تنافيهما؛ حيث المتكلّم النابه - فضلاً عن الحكيم - لا يتناقض في كلامه قيد تكلّمه، فزاعم التناقض واهمٌ في حَدسِه البتة.

على أنّه لا تهافت بين الآيتين حتّى بحسب الظاهر أيضاً، حيث الآية الأُولى إنّما تنفي فعلية العذاب وأنّه لا يقع لوجود المانع، أمّا الآية الثانية فناظرة إلى جهة الاقتضاء وأصل الاستحقاق، فهم مستحقّون للعذاب لتوفّر المقتضي فيهم، بصدّهم عن المسجد الحرام، وليسوا بأوليائه، وإنْ كانوا لا يُعذَّبون فعلاً مادام وجود المانع وهما الشرطان أو أحدهما، فلا مُنافاة بين وجود المقتضي ونفي الفعلية لمكان المانع، كما لا يخفى.

وقد ذكر الطبرسي في جواب المسألة وجوهاً ثلاثة:

أحدها: أنّ المراد بالأَوّل (نفي التعذيب) عذاب الاستئصال والاصطلام، كما وقع

____________________

(1) الأنفال 8: 33.

(2) نهج البلاغة، قصار الحكم، رقم 88، ص483.

(3) الأنفال 8: 34.

٢٦٣

بشأن الأُمَم الماضية، وبالثاني (وقوع التعذيب) عذاب القتل بالسيف والأسر بأيدي المؤمنين - كما في يوم بدر وغيره وأخيراً يوم الفتح - ولكن بعد خروج المؤمنين من بين أظهُرهم.

ثانيها: أنّه أراد: وما لهم أنْ لا يُعذّبهم اللّه في الآخرة، ويُريد بالأَوّل عذاب الدنيا، قاله الجبائي.

ثالثها: أنّ الأَوّل استدعاءٌ للاستغفار، يُريد أنّه لا يُعذّبهم بعذابٍ دُنياً ولا آخرةً إذا استغفروا وتابوا، فإذا لم يفعلوا عُذّبوا - وفي ذلك ترغيبٌ لهم في التوبة والإنابة - ثمّ إنّه بيّن وجه استحقاقهم للعذاب بصدّ الناس عن المسجد الحرام (1) .

( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ)

سؤال:

قال تعالى: ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) (2) .

وقال: ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ) (3) .

وقال: ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً ) (4) .

وقال: ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ) (5) .

هذا مع قوله تعالى بشأن المؤمنين: ( فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (6) .

____________________

(1) مجمع البيان، ج4، ص540.

(2) الأنبياء 21: 47.

(3) الأعراف 7: 8 و9.

(4) الإنشقاق 84: 7 و8.

(5) البقرة 2: 284.

(6) غافر 40: 40.

٢٦٤

وقوله: ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (1) .

وقوله بشأن الكافرين: ( الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ) (2) .

فكيف التوفيق؟

جواب:

ليس في القرآن ما ينفي المحاسبة وموازنة الأعمال، والآيات المـُستَند إليها إنّما تعني شيئاً آخر وهو: الرزق والأجر بما يَفوق الحساب، وكذا الذي حَبِطت أعماله، لا وزن له عند اللّه ولا مِقدار.

قال الطبرسي - عند قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (3) -: فيه أقوال:

أحدهما: أنّ معناه يُعطيهم الكثير الواسع الذي لا يَدخله الحساب مِن كثرته.

ثانيهما: أنّه تعالى لا يَرزق الناس في الدنيا على مقابلة أعمالهم وإيمانهم وكفرهم، وكذا في الآخرة لا يُثيبهم على قَدَرِ أعمالهم بل يَزيدهم فضلاً منه وإنعاماً.

ثالثها: أنّه تعالى يُعطي العطاء لا يؤاخذه عليه أحد، ولا يسأله عنه سائل، ولا يطلب عليه جزاءً ولا مُكافأة.

رابعها: أنّه يعطي العدد من الشيء الذي لا يُضبط بالحساب ولا يأتي عليه العَدَد؛ لأنّ ما يَقدر عليه غير متناهٍ ولا محصور، فهو يُعطي الشيء لا مِن عدد أكثر منه فينقص منه، كمَن يُعطي الألف من الألفين، والعشرة من المِئة، قاله قطرب.

خامسها: أنّ معناه يُعطي أهل الجنّة ما لا يَتناهى ولا يأتي عليه الحساب.

ثمّ قال رحمه اللّه: وكلّ هذه الوجوه جائز حسن (4) .

وقال الزمخشري - في تفسير قوله تعالى: ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ

____________________

(1) الزّمر 39: 10.

(2) الكهف 18: 105.

(3) البقرة 2: 212.

(4) مجمع البيان، ج2، ص305 - 306.

٢٦٥

سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً ) -: (1) (ضلّ سعيهم) ضاع وبطل... وعن أبي سعيد الخدري: يأتي ناس بأعمالٍ يوم القيامة، هي عندهم في العِظَم كجبالِ تَهامة، فإذا وَزَنوها لم تَزن شيئاً، ( فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ) فنزدري بهم ولا يكون لهم عندنا وزن ولا مِقدار (2) .

وقال الطبرسي: أي لا قيمة لهم عندنا ولا كرامة، ولا نعتدّ بهم، بل نستخفّ بهم ونُعاقبهم، تقول العرب: ما لفلانٍ عندنا وزن أي قَدر ومَنزلة، ويُوصف الجاهل بأنّه لا وزن له؛ لخفّته بسرعة بطشه وقلة تثبّته، ورُوي في الصحيح: أنّ النبي (صلّى اللّه عليه وآله) قال: (إنّه ليأتي الرجلُ العظيمُ السَّمين يومَ القيامة لا يَزن جَناح بعوضة) (3) .

قال العلامة الطباطبائي: والوزن هنا هو الثِقل في العمل في مقابلة الخِفّة في العمل، وربّما تبلغ إلى مرتبة فَقْدِ الوزن رأساً.

وقال - في قوله تعالى: ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ) (4) -: المراد أنّ الوزن الذي تُوزن به الأعمال يومئذٍ إنّما هو الحقّ. فبقَدَر اشتمال العمل على الحقّ يكون اعتباره وقيمته، والحسنات مُشتملة على الحقّ، فلها ثِقل، كما أن السيّئات ليست إلاّ باطلة فلا ثِقل لها، واللّه سبحانه يَزن الأعمال يومئذٍ بالحقّ، فما اشتمل عليه العمل مِن الحقّ فهو وزنه وثِقله (5) .

مواطن القيامة متفاوتة

سؤال:

هناك آيات تنصّ على أنّهم لا يَتكلّمون إلاّ صواباً (6) ونهوا أن يتخاصموا (7) بل وختم

____________________

(1) الكهف 18: 103 - 106.

(2) الكشّاف، ج2، ص749.

(3) مجمع البيان، ج6، ص497.

(4) الأعراف 7: 8.

(5) الميزان للطباطبائي، ج8، ص8 - 9.

(6) وهو قوله تعالى: ( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ) النبأ 78: 38.

(7) وهو قوله تعالى: ( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ) ق 50: 28.

٢٦٦

على أفواههم لتتكلّم أيديهم وتشهد أرجُلُهم بما كانوا يكسبون (1) .

الأمر الّذي يتنافى وقوله تعالى فيهم بأنّهم قالوا واللّه ما كنّا مشركين (2) فإنّه قول كَذِب بل ويمين كاذبة وقد أُذنوا بالتكلّم به!

وكذا مع قوله: ( إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ) (3) وقوله: ( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) (4) ، فقد تخاصموا لديه تعالى رُغم منعه سبحانه من ذلك! ثُمّ كيف يلتئم ذلك مع الختم على الأفواه؟!

جواب:

أولاً: إنّ مَن يتكلّم بالصواب في الآية الأُولى هم الملائكة أو المؤمنون، والكلام الصواب هنا هي الشفاعة بالحقّ على ما ذَكَره المفسّرون، وفي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) وقد سُئل عن هذه الآية قال: (نحن واللّه المأذون لهم يوم القيامة، والقائلون صواباً: نُمجّد ربّنا ونُصلّي على نبيّنا ونَشفع لشيعتنا) (5) .

وثانياً: مواطن القيامة متفاوتة ومواقفها متنوّعة، فقوله ( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ) (6) خطاب إلى الكَفّار العنيد وقرينه الشيطان الذي أغواه، حيث يقول الشيطان: ( رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ) (7) ، ويحاول الكافر أنْ يَجعل اللّوم على الّذي أغواه، فكان النهي موجّهاً إليهم: لا تختصموا لديَّ بل اجعلوا بأسَكم بينكم فليس منعاً عن التخاصم على الإطلاق.

غير أنّ هذا التخاصم والتشاجر والمنع منه لديه سبحانه إنّما هو بعد الفراغ من الحساب وفي مقام الاعتذار بعد الاعتراف بالاقتراف، أمّا الختم على الأفواه فهو عند الحساب وفي أثنائه حيث يحاولون الإنكار رأساً، فتتكلّم أيديهم وتشهد أرجُلُهم بما

____________________

(1) وهو قوله تعالى: ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ، يس 36: 65.

(2) وهو قوله تعالى: ( وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) ، الأنعام 6: 22 - 23.

(3) ص 38: 64.

(4) العنكبوت 29: 25.

(5) رواه العيّاشي حسبما ذكره الطبرسي في مجمع البيان، ج10، ص427.

(6) ق 50: 28.

(7) ق 50: 27.

٢٦٧

اقترفوه، فالمـَواطن مُختلفة والمواقف متعدّدة:

فالموطن الأَوّل: موطن المـُداقّة في الحساب، (يختم على أفواه أهل الإلحاد والإنكار).

والموطن الثاني: موطن الفراغ من الحساب، (يتخاصم فيه أهل النار).

والموطن الثالث: موطن الشفاعة لأهل الإيمان، (موطن النُطق بالصواب).

ولكلِّ موطن مناسبتُه وشأنُه.

هكذا يُحمل على اختلاف المواطن ما وَرَد من قوله ( وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) (1) ، مع قوله:) يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ) (2) ، وقوله ( فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ ) (3) .

( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا)

سؤال:

قال تعالى: ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ) (4) .

وقال: ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ) (5) .

وقال: ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) (6) .

وقال: ( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ) (7) .

وقال: ( تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ) (8) .

جواب:

اللّه خالق الموت والحياة، ومَلَك الموت هو الآمر الأَوّل، والملائكة أعوانه المباشرون (9) .

____________________

(1) المرسلات 77: 36.

(2) غافر 40: 52.

(3) الروم 30: 57.

(4) الزمر 39: 42.

(5) الأنعام 6: 60.

(6) السجدة 32: 11.

(7) الأنعام 6: 61.

(8) النحل 16: 28.

(9) راجع: البرهان، ج2، ص64.

٢٦٨

( وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً)

سؤال:

قال تعالى: ( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ) (1) .

فقد أخبر تعالى عنهم بأنّهم لا يَكتمون لديه حديثاً... وهذا يتنافى ظاهراً وقوله في موضع آخر: ( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) (2) فقد كتموا إشراكَهم!

الجواب عن ذلك من وجهين:

الأوّل: أنّ قوله ( لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ) داخل في التمنّي، أي يَودّون لو كانوا لم يَكتموا حديثاً في الدنيا بشأن الرسالة والإسلام، أو لم يَكتموا في الآخرة كفرَهم في الدنيا، حيث قولهم: ( وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُـشْرِكِينَ ) ، وذلك باختلاف الموقف، ففي الوَهلة الأُولى كَتموا، وفي الثانية تمنّوا لو لم يكتموا...

الثاني: أنّهم لا يَستطيعون الكتمان؛ حيث تشهد عليهم أرجُلُهم وأيديهم بما كانوا يَكسبون.

مضاعفة العذاب

سؤال:

قال تعالى: ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) (3) .

لكنّه في موضع آخر قال: ( يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ ) (4) ...؟!

جواب:

المـُجازاة بالمِثل خاصّة بالدنيا في مثل القِصاص والعقوبات الجزائيّة، والآية الأُولى واردة بهذا الشأن.

____________________

(1) النساء 4: 42.

(2) الأنعام 6: 23.

(3) الشورى 42: 40.

(4) هود 11: 20.

٢٦٩

أمّا مُضاعفة العذاب ففي الآخرة على حسب مراتب الكبيرة التي ارتكبَها أهلُ الكبائر، والآثار التي خلّفتها تلك الكبيرة المـُوبقة في الأوساط الاجتماعيّة حين الارتكاب وبعدها، ومورد الآية هم الذين كانوا يَصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عِوجاً وهم بالآخرة هم كافرون؛ ومِن ثَمّ يُضاعف لهم العذاب.

التكليم من وراء حجاب

سؤال:

قال تعالى: ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ) (1) .

كيف يلتئم وقوله: ( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً ) (2) ، وقوله: ( وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا ) (3) حيث وقع التكليم مباشرةً؟!

جواب:

لم تنفِ الآية الأُولى التكليم رأساً، وإنّما نَفَته على الطريقة المعهودة بين الناس حيث يقع مشافهةً، نعم تكليمه تعالى يقع على طرائق ثلاث:

1 - إمّا وحياً وهو النَفث في الرَوع، فيتلقّى النبيّ بشخصيّته الباطنة ما يُلقيه إليه وحي السماء، وهو نوع مِن الإلهام خاصّ بالأنبياء والرسل.

2 - أو بإسماع الصوت من غير أن يُرى شخص المتكلّم، كأنّه يتكلّم من وراء حجاب، وهذا بِخَلقِ التموّج الصوتي في الهواء ليَقرع مسامع النبيّ فيستمع إليه، ولكنّه لا يُرى المتكلّم وإن كان يسمع صوته؛ ومِن ثَمّ وقع التشبيه من وراء حجاب. وهذا هو الذي وقع مع موسى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله).

3 - أو بإرسال رسول - ملك الوحي - وهو جبرائيل (عليه السلام)، فيُلقي ما تلقّاه وحياً على

____________________

(1) الشورى 42: 51.

(2) النساء 4: 164.

(3) الأعراف 7: 22.

٢٧٠

النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)، والأكثر ولعلّه الشامل من الوحي القرآني هذا النوع الأخير.

والتكليم والنداء في الآيتَين هُما من النوع الثاني أي التكليم من وراء حجاب، إذن فلا منافاة.

نظرة أو انتظار؟

سؤال:

قال تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) (1) ، وقال: ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) (2) .

قالوا: كيف يلتئم ذلك مع قوله: ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ) (3) . ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) (4) ، في حين أنّ مَن رأى الشيء وحَدّق النظر إليه فقد أَدركه ببصره وأحاط به علمه؟!

جواب:

هناك فَرق بين نظر رؤية ونظر انتظار وتوقّع، فيومئذٍ تكون الأنظار إليه سبحانه لكنّها نظرة توقّع وانتظار عَميم رحمته، ولا نظر إلاّ إليه (عظمت آلاؤه)، فالنظر إنّما هو إلى ربّهم كيف يُثيبهم؟ وإلى ما وَعَدهم مِن المثوبة في جنّة عدن.

قال الزمخشري: و(الناظرة) مِن نضرة النعيم، ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) تنظر إلى ربّها خاصّة ولا تنظر إلى غيره، والمراد: نظر توقّع ورجاء، كقولك: أنا إلى فلان ما يَصنع بي، تُريد معنى التوقّع والرجاء، ومنه قول القائل:

وإذا نظرتُ إليك من مَلِكٍ

والبحرُ دونك زدتني نِعَماً

قال: وسمعت سَرَويَّة مُستجدية بمكّة وقت الظهيرة حين يُغلق الناس أبوابهم ويأوون إلى مقائلهم تقول: عُيَينَتي نُوَيظرة إلى اللّه وإليكم، أي رجائي إلى اللّه وإليكم.

فمعنى الآية: أنّهم لا يتوقّعون النعمة والكرامة إلاّ من ربّهم، كما كانوا في الدّنيا لا يَخشون ولا يرجون إلاّ إيّاه (5) .

____________________

(1) القيامة 75: 22 و23.

(2) النجم 53: 13 و14.

(3) الأنعام 6: 103.

(4) طه 20: 110.

(5) الكشّاف، ج4، ص662 بتصرّف.

٢٧١

وأمّا الآية من سورة النَّجم فالمـُراد: رؤية جبرائيل على صورته الأصليّة؛ حيث وقعت لمـُحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) مرّتَين، مرّة عند التبشير بنبوّته، ومرّة أُخرى في المعراج عند سورة المنتهى.

التناسي أو النسيان

سؤال:

قال تعالى: ( فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا ) (1) ، وقال: ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) (2) .

كيف يلتئم ذلك مع قوله: ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً ) (3) ، وقوله: ( لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ) ؟! (4) .

جواب:

النسيان في الآيتَين الأَوّليتَين هو التناسي والتغافل، أمّا المنفّي في الآيتَين الأخيريتَين فهي الغفلة والنسيان حقيقة.

والنسيان - بمعنى التناسي - في القرآن، كما في قوله تعالى: ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) (5) أي تناسى العهد ولم يأخذ بجدٍّ؛ إذ لو كان نَسيَ حقيقةً لكان معذوراً، إذ لا مؤاخذة على التناسي عقلاً ولا لوم عليه.

وقوله: ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ) (6) أي تَغافلوا حضورَه تعالى في الحياة؛ ومِن ثَمَّ تغافلوا ولم يأخذوا كرامة الإنسان بجدّ.

فقوله تعالى: ( قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) (7) يعني نَبَذتَ آياتنا وراء ظهرك ولم تأخذها بجدٍّ، فكذلك اليوم تُنسى ولا تَشملك العناية الإلهيّة.

كما في قوله تعالى: ( فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) (8) أي استهانوا بشأن الكتاب واستعاضوا به مَتاع الحياة الدنيا القليل، وهو مِن التغافل في الأمر والتساهل فيه وليست حقيقة الغفلة.

____________________

(1) الأعراف 7: 51.                                   (2) التوبة 9: 67.

(3) مريم 19: 64.                                      (4) طه 20: 52.

(5) طه 20: 115.                                    (6) الحشر 59: 19.

(7) طه 20: 126.                                     (8) آل عمران 3: 187.

٢٧٢

وهكذا جاء في الجواب فيما نُسب إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:

(أمّا قوله: ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) فإنّما يعني: نَسوا الله في دار الدنيا، لم يَعملوا بطاعته، فنَسَيهم في الآخرة أي لم يَجعل لهم في ثوابه شيئاً، فصاروا منسيّينَ من الخير، وقد يقول العرب: قد نَسيَنا فلان فلا يَذكُرُنا، أي إنّه لا يَأمر لنا بخير ولا يَذكُرُنا به، وأمّا قوله: ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً ) فإنّ ربّنا تبارك و تعالى ليس بالذي يَنسى ولا يَغفل بل هو الحفيظ العليم) (1) .

كسب التأنيث والتذكير

سؤال:

قال تعالى: ( وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) (2) .

وقال: ( وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ) (3) .

كيف جاء الوصف وكذا الضمير في الآية الأُولى مُذَكّراً، وفي الآية الثانية مُؤنّثاً في حين وحدة السياق؟!

جواب:

المضاف إلى مؤنّث إن كان يجوز حذفه ولا يُخلّ حذفُه بمَفاد الكلام يجوز في وصفه التذكير والتأنيث، قال ابن مالك:

وربّما أكسبَ ثانٍ أَوَّلاً

تأنيثاً إن كانِ لحذف مُوهَلاَ

فإنّ المضاف المـُذَكّر قد يَكتسب التأنيث من المضاف إليه المؤنّث بشرط جواز حذفه من غير إخلال بمَفاد الكلام، كما قال الأعشى:

وَتَشرِقُ بالقول الذي قد أَذعتَه

كما شَرِقَت صدرُ القناة مِن الدمِ

فتأنيث الفعل (شرقت) المسند إلى (صدر) إنّما هو باعتبار كسبه التأنيث من

____________________

(1) كتاب التوحيد للصدوق، ص259 - 260.

(2) السجدة 32: 20.

(3) سبأ 34: 42.

٢٧٣

المضاف إليه، فلو قُدّر حذفه لم يختلّ مَفاد الكلام.

وجاء عكسه في قول الآخر:

رؤية الفكرِ ما يؤولُ له الأمرُ

مُعينٌ على اجتناب التَواني

وقال غيره:

إنارةُ العقلِ مكسوفٌ بطوعِ هوىً

وعقلُ عاصي الهوى يَزداد تَنويراً

فالضمائر الراجعة إلى المضاف - وهو مؤنّث - في البيتَين، إنّما رُوعي فيها جانب المضاف إليه المـُذَكّر، باعتبار أنّ حذف المضاف في مثل هذا الكلام غير مُخلّ بمفاده.

وهكذا في الآية الكريمة يَجوز في وصف العذاب المضاف إلى النار مُراعاة التذكير على الأصل، كما في الآية من سورة السجدة، وكذا مراعاة التأنيث باعتبار إضافته إلى النار، كما في الآية من سورة سبأ.

وكِلا الأمرَين جائز، كما قال ابن مالك: (وربّما أكسب ثانٍ أوَّلاً تأنيثاً...)، وليس دائماً ولا ضرورة.

* * *

هذا بناءً على كون الوصف نعتاً للمضاف في كلتا الآيتَين؛ نظراً لوحدة السياق فيهما.

وربما فرّقوا بين الآيتَين فجعلوا الوصف نعتاً للمضاف في الآية الأُولى، وللمضاف إليه في الآية الثانية، وعلّلوا ذلك باختلاف الموجب:

قال الزركشي: جاء في سورة السجدة بلفظ (الذي) على وصف العذاب، وفي سورة سبأ بلفظ (التي) على وصف النار. وذلك لوقوع (النار) في سورة السجدة موقع الضمير الذي لا يُوصف، وإنّما وقعت موقع الضمير لتقدّم إضمارها في قوله: ( أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ ) (1) .

____________________

(1) السجدة 32: 20.

٢٧٤

فحقّ الكلام أنْ يُقال: (وقيل لهم ذوقوا عذابها...) فلمـّا وضعها موضع المضمر الذي لا يقبل الوصف عَدَل إلى وصف العذاب.

وأمّا في (سبأ) فوَصَفَها لعدم المانع مِن وصفِها (1) .

* * *

وربّما ذهبوا إلى أنّه وصفٌ للنار في كلتا الآيتَين، وجاء التذكير في سورة السجدة على معنى (الجحيم) أو (الحريق) (2) .

وهنا وجوه استحسانيّة لا نُطيل بذِكرها فليراجع مظانّها (3) .

فرعون يُقتّل أبناء إسرائيل قبل بعثة موسى أم بعدها؟

جاء في آيات من سورة غافر (4) وسورة الأعراف (5) ما يَدلّ على أنّ فرعون هَمَّ بقتل أبناء إسرائيل واستحياء نسائهم بعد أنْ بُعث موسى (عليه السلام) ودعاه إلى الإيمان.

وفي سورة القصص (6) وسورة طه (7) وإبراهيم (8) والأعراف (9) والبقرة (10) ما يدلّ على أنّ ذبح الأبناء واستحياء النساء كان قد وقع من قبل.

كان فرعون قد أَمر بقتل الذُكور من مواليد بني إسرائيل مِن قبل؛ خوفاً من ظهور نبيّهم موسى (عليه السلام) وقد خاب ظنّه، لكنّه بعد أنْ ظهرت نبوّته وقام في وجهه مُهدّداً له

____________________

(1) البرهان، ج2، ص63 - 64.

(2) إملاء ما مَنَّ به الرحمان لأبي البقاء العكبري، ج2، ص190.

(3) ذكر الزركشي وجوهاً أربعة، وقد ذَكَرنا اثنين منها، راجع: البرهان، ج2، ص63 - 64.

(4) ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ ) . غافر 40: 23 - 25.

(5) ( وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ) . الأعراف 7: 127.

(6) ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) . القصص 28: 4.

(7) ( أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ ) . طه 20: 39.

(8) ( إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ) .إبراهيم 14: 6.

(9) ( وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ) . الأعراف 7: 141.

(10) ( وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ) . البقرة 2: 49.

٢٧٥

- ولا سيّما بعد أنْ آمن السَحَرة - خاف ازدياد قوّة موسى وقومه والنجدة بالأبناء، فحاول كسر شوكتِهم بالقتل في الأبناء واستعباد النساء، لكنّه لم يُساعده الحظّ؛ حيث أَهلَكَهم اللّه.

قال الطبرسي عند تفسير الآيات من سورة غافر: أُمروا بقتل الذُكور من قوم موسى؛ لئلاّ يكثر قومه ولا يتقوّى بهم، وباستبقاء نسائهم للخِدمَة، وهذا غير القتل الأَوّل؛ لأنّه أمر بالقتل أَوّلاً لئلاّ ينشأ منهم مَن يزول مُلكُه على يده، ثُمَّ ترك ذلك لمـّا أنْ تيقّن ولادة موسى، ولا فائدة في ذبح الأبناء، لكنّه بعد أن ظهرت نبوّة موسى وقام في وجهه مهدِّداً له حاول العَودَ إلى القتل ثانياً؛ حتّى لا تكون فيهم نجدة وقوّة، لكنه تعالى حال دون بلوغ أُمنيّته وأَخذهم بالبلاء والعذاب (1) .

التقدير أَزلاً أم في ليلة القَدر؟

قد يَزعم البعض أنّ في ذلك تناقضاً في القرآن، فتارةً يُرى من تقدير الأُمور مُثبتاً في اللوح المحفوظ ( فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ) (2) ، وأُخرى تقديرها في ليلة القَدر لكلّ عام ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (3) .

قلت: ليس التقدير ممّا يختلف وإنّما يختلف العلم به، فالّذي يعلم تقدير الأمور ومجاريها أَزلاً وفي اللوح المحفوظ هو اللّه وحده لا شريك له، وأمّا الذي يتنزّل به ويُطلع أولياءه عليه فهو في ليلةٍ مباركةٍ هي ليلة القدر من شهر رمضان من كلّ عام. يتنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلّ أمر، يتنزّلون بتقادير الأمور على الحجّة القائم مِن أوليائه؛ ليُطلعه على مجاري الأُمور عامّة ذلك، وبذلك تواترت روايات أئمة أهل البيت الصادقين (عليهم السلام) ومِن ثمَّ فإنّ عِلمـَهم الحتم بمجاري الأُمور محدود بعامِهم، دون علم اللّه المحيط الشامل (4) .

____________________

(1) راجع: مجمع البيان، ج4، ص465، وج 8، ص520.

(2) الحديد 57: 22.

(3) الدخان 44: 4، راجع: هاشم العربي في ملحق ترجمة كتاب الإسلام، ص384 - 385.

(4) راجع: الكافي، ج1، ص242 - 253.

٢٧٦

والدليل على ذلك أنّ الوارد في سورَتي الدخان والقَدْر هو النزول والتفريق، وليس أصل التقدير، فتدبّر جيّداً.

فاللّه تبارك وتعالى يعلم تقدير الأُمور حسب مجاريها عِلماً في الأَزل، لكنّه تعالى يُنزل بهذا التقدير في كلّ ليلة قدر بشأن تفريقه طول ذلك العام، الأمر الذي لا يبدو عليه أيّ شبهة تناقض.

متى وقع التقدير؟ وهل لا يتنافى التقدير مع الاختيار؟

جاء في سورة الدخان أنّ التقدير إنّما يقع في كلّ ليلة قَدْرٍ مِن شهر رمضان في كلّ سنة ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (1) . وقد وردت روايات أيضاً بأنّ ما يقع في تلك السنّة إنّما يُقدَّر في ليلة القدر.

هذا، في حين كَثرة الآيات والروايات بأنّ التقدير إنّما وقع في الأَزل، وتجري الأمور حسبما قُدّرت في اللّوح المحفوظ من غير تخلّف ولا تبديل، ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ) (2) ، ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاّ فِي كِتَابٍ ) (3) .

على أنّ هذه الآيات تَرمي إلى سلب مسؤوليّة الإنسان عمّا يفعله؛ حيث إنّه كان مُقدّراً من قبل، وهذا يتنافى وقوله تعالى: ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً ) (4) .

أمّا المسألة الأُولى: فقد سَبَق البحث عنها في مسألة البداء وأنّ هناك تقديرَين، تقديرٌ ظاهري حسب مجاري الأمور الطبيعيّة من عللٍ وأسبابٍ تتفاعل حسب طبيعتها الأُولى، وهي السُنَن الساطية على الكون ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) (5) .

وهذه السُنَن ليست حتميّة، في حين كونها هي الغالبة، حيث احتمال مفاجئة أُمور

____________________

(1) الدخان 44: 4.

(2) الحديد 57: 22.

(3) فاطر 35: 11.

(4) الإسراء 17: 13.

(5) القمر 54: 49.

٢٧٧

طارِئة من خارج مَدارات السُنَن فتُغيّر من اتجاهاتها أحياناً، الأمر الذي لا يَعلمه إلاّ اللّه وكان مُقدّراً أي معلوماً لديه تعالى في الأَزل، خافياً عن أعين الخلائق إلاّ مَن علّمه اللّه، وهذا هو التقدير المكنون في اللوح المحفوظ، ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ ) (1) .

فالأَجل الأَوّل هو الذي تقتضيه مجاري الأمور الطبيعيّة حسب السُنَن الجارية في الخَلق، وهذا ليس بحتم، أمّا الأَجل الآخر الحتمي فهو الذي عَلِمَه اللّه في الأَزل حسب الأسباب الطارئة الخافية عن غيره تعالى، ( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (2) .

روى الصدوق بإسناده إلى الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (وهل يَمحو اللّه إلاّ ما كان؟ وهل يُثبت إلاّ ما لم يكن؟) (2) .

فهناك تغيير وتبديل على خلاف مجاري الأُمور، لا يَعلمه إلاّ اللّه عِلماً كائناً في الأَزل.

قال الإمام الباقر (عليه السلام): (من الأُمور أُمور موقوفة عند اللّه، يُقدّم منها ما يشاء ويُؤخّر منها ما يشاء ويُثبت منها ما يشاء) (4) ، أي: من الأمور ما هي موقوفة - في جريانها حسب العادة الطبيعيّة - على شرائط، إنْ وُجدت جرت، وإلاّ تخلّفت، فحصول هذه الشرائط في وقتها أو عدم حصولها شيء لا يعلمه إلاّ اللّه.

فالعلم بالتقادير الحتميّة الأَزليّة خاصّ اللّه تعالى، أمّا غيره تعالى من الملائكة المقرّبين والمدبِّرات أمراً وكذا المـُصطَفون من عباد اللّه المـُكرمينَ فلا عِلم لهم بسِوى مُقتضيات السُنَن الطبيعيّة في مجاري الأمور، والتي هي بمَعرض البَداء والتبديل، أمّا حتميّتها فهذا شيءٌ إنّما يعرفونه في كلّ ليلة قدرٍ من كلّ سنةٍ وفي محدودة عامِها فحسب.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (إنّ للّه عِلمـَينِ، عِلمٌ مكنونٌ مخزونٌ لا يَعلمه إلاّ هو، من

____________________

(1) الأنعام 6: 2.

(2) الرعد 13: 38 - 39.

(3) كتاب التوحيد للصدوق، ص333، رقم 4.

(4) بحار الأنوار، ج4، ص116 - 117، رقم 44.

٢٧٨

ذلك يكون البداء، وعِلم علّمه ملائكتَه ورسلَه وأنبياءَه، فنحن نعلمه) (1) ، وقد عنى بهذا العلم الذي تَعلمه الملائكة والأنبياء والأئمّة هو العِلم وِفق مجاري الأمور الطبيعيّة، والتي يُمكن التخلّف فيها؛ ومِن ثَمَّ قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (واللّه لولا آية في كتاب اللّه لحدّثتُكم بما يكون إلى يوم القيامة، وهي قوله تعالى: ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) ) (2) .

* * *

وأمّا المسألة الثانية: هل لا يتنافى التقدير مع الاختيار؟ فقد استوفينا الكلام عنها عند البحث عن مسألة الاستطاعة والاختيار، وتَبيّن أنّ التقدير السابق لا يَعدو سوى العِلم بما سيقع وتقديره حسبما يقع، من غير أن يكون العِلم السابق ذا أثرٍ في تحقّق المعلوم، فإنّ للظواهر الكونيّة عِللاً وأسباباً تكوينيّةً هي التي تُؤثّر في الفعل والانفعال التكوينيّينِ، كما أنّ للأفعال الاختياريّة الصادرة من الفاعل المختار (الحيوان والإنسان) سبباً مباشراً هي إرادته بالذات وليس مقهوراً فيها.

فإذا كان اللّه يعلم - أَزلاً - ماذا سيقع وسيتحقّق عِبر الأبد ثُمّ قدّر مجاريها ودبّر من شؤونها بما يتوائم ونظام الكون فهذا لا يعني الإجبار، ولا سيّما فيما يَعود إلى أعمالٍ يقوم بها الإنسان حسب إرادته واختياره، وليس مِن المنطق أن يُفرض العلم بأمرٍ علّةً لوجوده.

والتقدير السابق، إنّما هو العِلم بالأسباب والمسبّبات - كما هي - ثمّ تدبير مجاريها حسب نظام الكون، فلا هناك جَبر ولا سلب للمسؤوليّة فيما يَمسّ أفعال العباد الاختياريّة.

( إِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا)

قال تعالى: ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً ) (3) ، والخطاب عامّ يشمل

____________________

(1) الكافي للكليني، ج1، ص147، رقم 8.

(2) بحار الأنوار، ج4، ص97، رقم 4 و5، والآية 38 من سورة الرعد.

(3) مريم 19: 71.

٢٧٩

المؤمن والكافر، وبدليل ما بعد الآية: ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً ) (1) ، حيث قوله: ( وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا ) ، أي الجميع يَرِدُونها فيخرج المؤمن ويُترك الظالم بحاله.

الأمر الذي يتنافى وقوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ) (2) ، فيكف الوئام؟!

وقد ذَكَر المفسّرون هنا وجوهاً، أوجهُها - ما عن ابن مسعود والحسن وقتادة واختاره أبو مسلم - أنّه بمعنى الإشراف عليها ليَشهدوا ذلك العرض الرهيب، فالمؤمنون يَجوزونها ويَدنون منها ويَمرّون بها وهي تتأجّج وتتميّز وتتلمـّظ، ويَرَون العتاة ينزعون فيقذفون فيها.

قال تعالى: ( فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ ) لن يكونوا لوحدِهم بل ( وَالشَّيَاطِينَ ) الذين هم قادتُهم، وبينهما صلة التابع والمتبوع والقائد والمـَقود، ( ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً ) جاثين على رُكَبِهم في ذلّ وفَزَع، ( ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً ) ، فلا يُؤخذ أحدٌ جُزافاً من تلك الجُموع المتكاثفة، ( ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً ) ليكونوا طليعةَ المقذوفينَ فيها.

وبعد، فيأتي دور المؤمنينَ الذين سَبَقت لهم مِن اللّه الحُسنى، فيأتي زَرَافات منهم، يَمرّون بهذا المشهد الرهيب، فيُزَحزَحون عنها وفي منجاةٍ منها يَجوزونه ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا ) أي نجعلهم في منجاةٍ منه ( وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً ) (3) أي نَدعهم جاثمين على رُكَبِهم على شفا جُرُفٍ هارٍ؛ لينهار بهم في نار جهنّم.

فقد كان المـُراد بالورود هنا هو الإشراف عليها، كما في قوله تعالى: ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ) (4) ، وقوله: ( فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ ) (5) ، إذ ليس المـُراد من الورود هنا الدخول، بل الدنوّ والاقتراب، قال الراغب: الورود، أصله قَصْدُ الماء، ثُمّ يُستعمل في غيره (6) قوله: ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ ) أي قَصَدَه واقترب منه. والوارد: الذي

____________________

(1) مريم 19: 72.

(2) الأنبياء 21: 101 - 102.

(3) مريم 19: 68 - 72.

(4) القصص 28: 23.

(5) يوسف 12: 19.

(6) المفردات، ص519.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

٢ -( باب قتل من أفطر في شهر رمضان مستحلا، وتعزير من أفطر فيه غير مستحلّ، أوّل مرّة وثانياً، و قتله ثالثاً)

[ ٨٥٢٦ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه: « أنّ علياعليهم‌السلام أُوتي برجل مفطر، في شهر رمضان، نهارا من غير علّة، فضربه تسعة و ثلاثين سوطا، حقّ شهر رمضان حيث أفطر فيه ».

[ ٨٥٢٧ ] ٢ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام : « أنّه أُوتي برجل شرب خمرا في شهر رمضان، فضربه الحدّ، وضربه تسعة وثلاثين سوطا، لحق شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٨ ] ٣ - ابراهيم بن محمّد الثقفي في كتاب الغارات، عن عوانة(١) قال: خرج النجاشي في أوّل يوم من رمضان، فمرّ بابي سمّال(٢) الأسدي، وهو قاعد بفناء داره، فقال له: أين تريد؟ قال: أُريد الكناسة، قال: هل لك في رؤوس وإليات، قد وضعت في التّنور من أوّل اللّيل، فأصبحت قد أينعت وتهرّأت(٣) ؟ قال: ويحك في أوّل يوم

____________________________

الباب - ٢

١، ٢ - الجعفريات ص ٥٩.

٣ - كتاب الغارات ج ٢ ص ٥٣٣.

(١) كان في الطبعة الحجرية « أبي عوانة » وهو تصحيف. والصحيح ما أثبتناه، راجع لسان الميزان ج ٤ ص ٣٨٦.

(٢) كان في الطبعة الحجرية « أبي سماك » وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه كما في الاصابة ج ٤ ص ٩٩ ح ٥٩٤.

(٣) تهرّأ اللحم: نضج حتّى سقط من العظم (لسان العرب - هرأ - ج ١ ص ١٨٢).

٤٠١

من رمضان، قال: دعنا ممـّا لا نعرف، قال: ثمّ مه؟ قال: ثمّ أسقيك من شراب كالورس، يطيب في النّفس، يجري في العروق، و يزيد في الطّروق(٤) ، يهضم الطعام، ويسهل للفدم(٥) الكلام، فنزل فتغدّيا، ثمّ أتاه بنبيذ فشربا [ ه ](٦) ، فلمّا كان من آخر النهار، علت اصواتهما، ولهما جار يتشيّع، من أصحاب عليعليه‌السلام ، فأتى علياعليه‌السلام ، فأخبره بقصّتهما، فارسل اليهما قوما فأحاطوا بالدّار، فامّا أبو سمّال فوثب إلى دور بني اسد وافلت، وأمّا النجاشي فأتى به علياعليه‌السلام ، فلمّا اصبح أقامه في سراويل، فضربه ثمانين، ثمّ زاده عشرين سوطا، فقال: يا أمير المؤمنين [ أمّا الحدّ فقد عرفته ](٧) ما(٨) هذه العلاوة الّتي لا نعرف؟ قال: « لجرأتك على ربّك، وإفطارك في شهر رمضان » الخبر وهو طويل.

[ ٨٥٢٩ ] ٤ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « من أفطر يوماً من شهر رمضان، خرج منه روح الإيمان ».

____________________________

(٤) كذا ولعل صوابه: الطرق، جاء في لسان العرب في سياقه لنفس الحديث (ويكثر الطَّرق) والطرق: ماء الفحل، والطَّروقة: الزوجة. (لسان العرب - طرق - ج ١٠ ص ٢١٦) وفي المصدر: الطرق.

(٥) الفدم: العيي عن الحجة والكلام (لسان العرب ج ١٢ ص ٤٥٠)، وكان في الطبعة الحجرية: القرم، وهو تصحيف.

(٦، ٧) أثبتناه من المصدر.

(٨) في المصدر: فما.

٤ - الهداية ص ٤٧.

٤٠٢

٣ -( باب أنّ علامة شهر رمضان وغيره رؤية الهلال، فلا يحب الصوم إلّا للرّؤية، أو مضي ثلاثين، ولا يجوز الإفطار في آخره إلّا للرّؤية، أو مضيّ ثلاثين، وأنّه يجب العمل في ذلك باليقين، دون الظّن)

[ ٨٥٣٠ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن زيد أبي أُسامة، قال: سئل أبو عبداللهعليه‌السلام ، عن الاهلة، قال: « هي الشّهور، فإذا رأيت الهلال فصم، وإذا رأيته فافطر » قلت: أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين، أيقضي ذلك اليوم؟ قال: « لا إلّا أن يشهد ثلاثة عدول، فإنّهم إن شهدوا أنّهم رأوا الهلال قبل ذلك، فإنه يقضي ذلك اليوم ».

[ ٨٥٣١ ] ٢ - وعن أبي خالد الواسطي قال: أتيت أبا جعفرعليه‌السلام ، يوم شكّ فيه من رمضان، فإذا مائدة موضوعة، وهو يأكل، ونحن نريد أن نسأله، فقال: « ادنوا الغداء، إذا كان مثل هذا اليوم ولم يحكم فيه سبب ترونه، فلا تصوموا - ثمّ قال - حدّثني أبي علي بن الحسين، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لمـّا ثقل في مرضه، قال: أيّها النّاس، إنّ السّنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثمّ قال بيده: رجب مفرد، وذو العقدة، وذو الحجة، والمحرم، ثلاث متواليات، الا وهذا الشهر المفروض رمضان، فصوموا لرؤيته، وافطروا لرؤيته، فإذا خفي الشهر فاتموا العدّة شعبان ثلاثين، وصوموا الواحد والثّلاثين » الخبر.

____________________________

الباب - ٣

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٥ ح ٢٠٨.

٢ - تفسير العيّاشي ج ٢ ص ٨٨ ح ٥٦.

٤٠٣

[ ٨٥٣٢ ] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: صوموا لرؤيته، وافطروا لرؤيته ».

[ ٨٥٣٣ ] ٤ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « الصوم للرّؤية والفطر للرّؤية، وليس بالرّأي ولا بالتّظنّي، وليس الرّؤية أن يراه واحد ولا اثنان ولا خمسون، وقالعليه‌السلام : ليس على أهل القبلة إلّا الرّؤية، ليس على المسلمين إلّا الرّؤية ».

[ ٨٥٣٤ ] ٥ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا تفطروا إلّا لتمام ثلاثين [ يوماً ](١) من رؤية الهلال، أو بشهادة شاهدين عدلين(٢) أنّهما رأياه ».

[ ٨٥٣٥ ] ٦ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا شككت في هلال شوّال، وتغيّمت السماء، فصم ثلاثين يوماً وافطر ».

[ ٨٥٣٦ ] ٧ - الشيخ المفيد في الرسالة العددية: عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، يقول: « صم حين يصوم الناس [ وافطر حين يفطر الناس ](١) ، فإنّ الله جعل الاهلّة مواقيت ».

____________________________

٣ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٣٣ ح ٣.

٤ - الهداية ص ٤٥.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ليس في المصدر.

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٧ - الرسالة العدديّة ص ١٦.

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

٤٠٤

[ ٨٥٣٧ ] ٨ - وعن الحسن بن نصر، عن أبيه، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال: « أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: إنّ السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ثلاثة أشهر متواليات، وواحد مفرد، وشهر رمضان منها مفروض فيه الصيام، فصوموا للرّؤية، فإذا خفي الشهر فأتموا ثلاثين يوماً ».

[ ٨٥٣٨ ] ٩ - وروى أبو سارة، عن ابن أبي يعفور، قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « صم للرّؤية [ وافطر للرّؤية ](١) ». وروى عبدالله بن بكير، مثل ذلك.

[ ٨٥٣٩ ] ١٠ - وروى عبد السلام بن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا رأيت الهلال فصم، وإذا رأيت الهلال فافطر ».

[ ٨٥٤٠ ] ١١ - وروى سيف بن عميرة، عن الفضيل بن عثمان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « ليس على أهل القبلة إلّا الرّؤية، وليس على المسلمين إلّا الرّؤية ».

[ ٨٥٤١ ] ١٢ - السيد المرتضى في رسالته في الرّد على أصحاب العدد: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صوموا لرؤيته، وافطروا

____________________________

٨ - الرسالة العدديّة ص ١٧.

٩ - الرسالة العدديّة ص ١٨.

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

١٠ - الرسالة العدديّة ص ١٨.

١١ - الرسالة العدديّة ص ١٩.

١٢ - رسالة السيد المرتضى ج ٢ ص ٢٠.

٤٠٥

لرؤيته، فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين » قال السيد: وهذا الخبر، وإن كان من طريق الآحاد، فقد أجمعت الأُمة على قبوله، وإن اختلفوا في تأويله، فما ردّه احد منهم.

ورواه في موضع آخر(١) : عن كتاب من أصحاب العدد، هكذا: إنّ الناس كانوا يصومون بصيام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويفطرون بإفطاره، فلمّا أراد مفارقتهم في بعض الغزوات، قالوا: يا رسول الله، كنّا نصوم بصيامك، وننفطر بإفطارك، وها أنت ذاهب لوجهك، فما نصنع؟ قالعليه‌السلام : « صوموا لرؤيته، وافطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ».

٤ -( باب جواز كون شهر رمضان تسعة وعشرين يوما، وأنّه إذا كان بحسب الرّؤية كذلك، لم يجب قضاء يوم منه، إلّا مع قيام بينة بتقدّم الرّؤية، وأنّه إن خفي الهلال وجب إكمال ثلاثين، وكذا كلّ شهر غمّ هلاله)

[ ٨٥٤٢ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي: عن ابي خالد الواسطي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في حديث أنّه قال: « قال عليعليه‌السلام : صمنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تسعا وعشرين، ولم نقضه، ورآه تماما ».

[ ٨٥٤٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وشهر رمضان ثلاثون وتسعة وعشرون يوما، يصيبه ما يصيب الشهور من التّمام والنّقصان،

____________________________

(١) رسالة السيد المرتضى ج ٢ ص ٥٠.

الباب - ٤

١ - تفسير العيّاشي ج ٢ ص ٨٨ ح ٥٦.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٤٠٦

والفرض تام فيه ابدا لا ينقص، كما روي، ومعنى ذلك الفريضة فيه الواجبة قد تمّت، وهو شهر قد يكون ثلاثين يوما، (وقد يكون)(١) تسعة وعشرين يوماً ».

[ ٨٥٤٤ ] ٣ - الشيخ المفيد في رسالته في الرّد على أصحاب العدد: أخبرني أبو غالب احمد بن محمّد الزّراري رحمه الله، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن الحسن بن أبان، عن عبدالله بن جبلة، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النّقصان، فإذا صمت تسعة وعشرين يوما، ثمّ تغيّمت السّماء، فأتم العدّة ثلاثين ».

وروى محمّد بن قيس، مثل ذلك.

[ ٨٥٤٥ ] ٤ - أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن محمّد بن همام، عن عبدالله بن جعفر، عن إبراهيم بن مهران(١) ، عن الحسين بن سعيد، عن يوسف بن عقيل، عن أبي جعفر الباقر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إذا رأيتم الهلال فافطروا، أو شهد عليه عدول من المسلمين، فإن لم تروا الهلال، فأتمّوا الصيام إلى الليل، وإذا غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين يوما، ثمّ افطروا ».

[ ٨٥٤٦ ] ٥ - وروى مصدق بن صدقه، عن عمّار بن موسى السّاباطي،

____________________________

(١) ليس في المصدر.

٣ - الرسالة العدديّة ص ١٥.

٤ - الرسالة العدديّة ص ١٥.

(١) في المصدر: مهزيار، والظاهر أنّه هو الصحيح « معجم رجال الحديث ج ١ ص ٣٠٧ ».

٥ - الرسالة العدديّة ص ١٧.

٤٠٧

عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: « يصيب شهر رمضان ما يصيب الشهور من النّقصان، يكون ثلاثين يوما، ويكون تسعة وعشرين يوماً ».

[ ٨٥٤٧ ] ٦ - وروى الحسن بن أبان(١) ، عن أبي أحمد عمر بن الرّبيع قال: سئل جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن الاهلة، قال: « هي أهلة الشهور، فإذا عاينت الهلال فصم، وإذا رأيته فافطر » قلت: أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما، أقضي ذلك اليوم؟ قال: « لا، إلّا أن يشهد لك عدول، أنّهم رأوه، فإن شهدوا فاقض ذلك اليوم ».

[ ٨٥٤٨ ] ٧ - وروى الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكناني، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « إذ رأيت الهلال فصم، وإذا رأيته فافطر » قلت: أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما، أقضي ذلك اليوم؟ قال: « لا، الّا أن تشهد بيّنة عدول [ فإن شهدوا ](١) ، أنّهم رأوا الهلال قبل ذلك، فاقض ذلك اليوم ».

[ ٨٥٤٩ ] ٨ - وروى الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن منصور ابن حازم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « صم لرؤية الهلال وافطر لرؤيته، فإن شهد عندك شاهدان مؤمنان، بأنّهما رأياه فاقضه ».

____________________________

٦ - الرسالة العدديّة ص ١٧.

(١) في المصدر: الحسن بن الحسين بن أبان، والظاهر أنّ الصحيح: الحسين بن الحسن بن أبان « راجع مجمع الرجال ج ٢ ص ١٧٠ و ١٧١ ».

٧ - الرسالة العدديّة ص ١٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٨ - الرسالة العدديّة ص ١٨.

٤٠٨

وروى صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، مثل ذلك سواء.

وروى احمد بن الحسن، عن صالح بن خالد، عن أبي جميلة، عن زيد الشّحام، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، مثل ذلك سواء.

[ ٨٥٥٠ ] ٩ - وروى محمّد بن عبد الحميد، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : إني صمت شهر رمضان على رؤية الهلال، تسعة وعشرين يوما، وما قضيت، فقال لي: « وانا قد صمته تسعة وعشرين يوما، وما قضيت - ثمّ قال - قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : شهر كذا وكذا، وكذا وكذا، وقبض الابهام ».

وروى علي بن الحسين الطاطري، عن محمّد بن زياد، عن اسحاق بن جرير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، مثله.

[ ٨٥٥١ ] ١٠ - وروى عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « ما أدري ما صمت ثلاثين يوماً اكثر، أو ما صمت تسعة وعشرين(١) ، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: شهر كذا(٢) ، فعقد(٣) بيده تسعة وعشرين يوماً ».

وروى الحسن بن نصر، عن أبيه، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، نحو ذلك الخبر.

____________________________

٩ - الرسالة العدديّة ص ١٩.

١٠ - الرسالة العدديّة ص ٢٠.

(١) في المصدر زيادة: يوماً

(٢) وفيه زيادة: وشهر كذا.

(٣) وفيه: يعقده.

٤٠٩

[ ٨٥٥٢ ] ١١ - وروى علي بن مهزيار، عن الحسين بن بشار، عن عبدالله بن جندب، عن معاوية بن وهب، قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « إنّ الشهر الّذي يقولون - يعني اصحاب العدد - أنّه لا ينقص، هو ذو القعدة، ليس في الشهور اكثر نقصانا منه ».

[ ٨٥٥٣ ] ١٢ - وروى يزيد بن إسحاق، عن حمّاد بن عثمان، عن عبد الأعلى بن أعين، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « إذا صمت لرؤية الهلال وأفطرت لرؤيته، فقد أكملت الشهر، وإن لم تصم إلّا تسعة وعشرين يوماً ».

[ ٨٥٥٤ ] ١٣ - وروى محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن ابراهيم(١) بن حمزة الغنوي، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام ، يقول: « إذا صمت لرؤيته وافطرت لرؤيته، فقد أكملت صيام شهر رمضان ».

[ ٨٥٥٥ ] ١٤ - وروى عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « صيام شهر رمضان للرّؤية وليس بالظنّ، وقد يكون شهر رمضان تسعة وعشرين يوما، ويكون ثلاثين يوما، يصيبه ما يصيب الشهور من النّقصان والتّمام ».

وروى عبيد بن زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، مثله.

[ ٨٥٥٦ ] ١٥ - وروى الفضيل بن عبد الملك، عن ابي عبدالله

____________________________

١١ - الرسالة العدديّة ص ٢١.

١٢ - الرسالة العدديّة ص ٢٢.

١٣ - ١٥ - الرسالة العددية ص ٢٢ - ٢٤.

(١) في المصدر: هارون وهو الصحيح، انظر معجم رجال الحديث ج ١٩ ص ٢٢٢.

٤١٠

عليه‌السلام ، قال: « صام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تسعة وعشرين يوما، وصام ثلاثين يوما، يعني شهر رمضان ».

[ ٨٥٥٧ ] ١٦ - وروى ابن ابي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « شهر رمضان شهر من الشهور، يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان ».

[ ٨٥٥٨ ] ١٧ - وروى الأحمر قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : شهر رمضان تامّ ابدا؟ قال: « لا، بل شهر من الشهور ».

[ ٨٥٥٩ ] ١٨ - وروى كرام الخثعمي، وعيسى بن أبي منصور، وقتيبة الأعشى، وشعيب الحدّاد، والفضيل بن بشار، وأبو أيّوب الخرّاز، وقطرب(١) بن عبد الملك، وحبيب الجماعي، وعمرو بن مرداس، ومحمّد بن عبدالله بن الحسين، ومحمّد بن الفضيل الصيرفي، وابو علي بن راشد، وعبيد الله بن علي الحلبي، ومحمّد بن علي الحلبي، وعمران بن علي الحلبي، وهشام بن الحكم، وهشام بن سالم، وعبد الاعلى بن اعين، ويعقوب الأحمر، وزيد بن يونس، وعبدالله بن سنان، ومعاوية بن وهب، وعبدالله بن ابي يعفور، ممّن لا يحصى كثرة، مثل ذلك حرفا بحرف.

[ ٨٥٦٠ ] ١٩ - الشيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « نحن أُمّة أُميّة، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا » وعقد بيده مرّة ثلاثين، ومرة تسعة وعشرين

____________________________

١٦ - ١٨ - الرسالة العدديّة ص ٢٢ - ٢٤.

(١) في المصدر: فطر، وهو الصواب ظاهراً « راجع معجم رجال الحديث ج ١٣ ص ٣٤٣ ».

١٩ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥.

٤١١

[ ٨٥٦١ ] ٢٠ - محمّد بن مسعود العياشي: عن ابن ابي عمير، عن رجل، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: جعلت فداك [ ما ](١) يتحدّث به عندنا: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صام تسعة وعشرين، أكثر ممـّا صام ثلاثين، احقّ هذا؟ قال: « ما خلق الله من هذا حرفا، ما صامه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا ثلاثين، لأنّ الله يقول( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ) (٢) فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينقصه! ».

[ ٨٥٦٢ ] ٢١ - الشيخ المفيد في الرسالة العددية: عن محمّد بن الحسين بن ابي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « شهر رمضان ثلاثون يوما، لا ينقص ابدا ».

[ ٨٥٦٣ ] ٢٢ - وعن محمّد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد الآدمي، عن بعض اصحابه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « إنّ الله عزّوجلّ، خلق الدّنيا في ستّة ايام، ثمّ اختزلها من ايام السنة، فالسنة ثلثمائة واربعة وخمسون يوما، وشعبان لا يتم و [ شهر ](١) رمضان لا ينقص أبدا، ولا تكون فريضة ناقصة، إنّ الله تعالى يقول:( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ) ».

[ ٨٥٦٤ ] ٢٣ - وعن محمّد بن الحسين بن ابي الخطاب، عن محمّد بن

____________________________

٢٠ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٢ ح ١٩٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البقرة ٢: ١٨٥.

٢١ - الرسالة العدديّة ص ٩.

٢٢ - الرسالة العدديّة ص ١٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢٣ - الرسالة العدديّة ص ١٢.

٤١٢

اسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن يعقوب بن شعيب، عن أبيه، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: إنّ الناس يروون: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صام شهر رمضان تسعة وعشرين يوما، أكثر ممـّا صام ثلاثين يوما، فقال: « فقد(١) كذبوا، ما صام إلّا تامّا، ولا تكون الفرائض ناقصة ».

[ ٨٥٦٥ ] ٢٤ - السيد المرتضي في رسالته في الرد على أصحاب العدد: نقلاً عن كتاب منهم، قال: روى الشيخ أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمي، في رسالته إلى حمّاد بن علي الفارسي، في الردّ على الجنيديّة، وذكر بإسناده عن محمّد بن يعقوب بن شعيب، عن أبيه، عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: قلت له: إنّ النّاس يروون: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صام شهر رمضان تسعة وعشرين يوما، أكثر ممـّا صام ثلاثين، فقال: « كذبوا ما صام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا تامّا، ولا تكون الفرائض ناقصة، إنّ الله خلق السنة ثلاثمائة وستين يوماً [ وخلق السماوات والأرض في ستّة أيام يحجزها من ثلثمائة وستين يوماً ](١) فالسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوماً،(٢) وهو شهر رمضان ثلاثون يوما، لقول الله تعالى:( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ) (٣) والكامل تام، وشوّال تسعة وعشرون يوما، وذو القعدة ثلاثون يوما، لقول الله تعالى:( وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) (٤) والشهر هكذا ابدا، شهر تام وشهر ناقص، وشهر

____________________________

(١) ليس في المصدر.

٢٤ - رسالة السيد المرتضى في الرد على اصحاب العدد ج ٢ ص ٢٩.

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

(٢) الظاهر وجود سقط هنا.

(٣) البقرة ٢: ١٨٥.

(٤) الأعراف ٧: ١٤٢.

٤١٣

رمضان لا ينقص ابدا، وشعبان لا يتمّ ابدا ».

قلت: هذه الأخبار متروكة مجهولة، محمولة على وجوه، اشار إلى بعضها في الأصل، ولا يقتضي المقام ذكر باقيها.

[ ٨٥٦٦ ] ٢٥ - الصدوق في المقنع: اعلم أنّ صيام شهر رمضان للرّؤية، والفطر للرّؤية، وليس بالرّأي والتّظنّي، وليس الرّؤية أن يقوم عشرة فلينظروا فيقول واحد: هو ذا، وينظر تسعة فلا يرونه، لأنّه إذا رآه واحد رآه عشرة، وإذا رأيت علّة أو غيما، فأتمّ شعبان ثلاثين، وقد يكون شهر رمضان تسعة وعشرين، ويكون ثلاثين، ويصيبه ما يصيب الشهور من النّقصان والتّمام.

٥ -( باب أنّه لا عبرة برؤية الهلال قبل الزّوال ولا بعده، ولا يجب بذلك الصوم ذلك اليوم في أوّل شهر رمضان، ولا يجوز الإفطار في آخره)

[ ٨٥٦٧ ] ١ - الصدوق في المقنع: روي إذا رأيت الهلال من وسط النهار أو آخره، فاتمّ الصيام إلى اللّيل.

[ ٨٥٦٨ ] ٢ - وقال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « إذا رئي الهلال قبل الزّوال، فذلك اليوم من شوّال، وإذا رئي الهلال بعد الزّوال، فذلك اليوم من(١) شهر رمضان ».

____________________________

٢٥ - المقنع ص ٥٨.

الباب - ٥

١ - المقنع ص ٥٩.

٢ - المقنع ص ٥٩.

(١) ليس في المصدر.

٤١٤

٦ -( باب أنّه لا عبرة بغيبوبة الهلال بعد الشّفق، ولا بتطّوقه، ولا برؤية ظلّ الرأس فيه، ولا بخفائه من المشرق)

[ ٨٥٦٩ ] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « الصوم للرّؤية والفطر للرّؤية » - إلى أن قال - وروي أنّه إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة، وإذا غاب بعد الشّفق فهو لليلتين، وإذا رأيت ظلّ رأسك فيه فهو لثلاث ليال.

وفي المقنع: مثله(١) ، وفيه: وروي إذا تطوّق الهلال فهو لليلتين، وقال أبو عبداللهعليه‌السلام : « قد يكون الهلال لليلة وثلث، وليلة ونصف، وليلة وثلثين، ولليلتين إلّا شئ، و [ هو ](٢) لليلة ».

فقه الرضاعليه‌السلام (٣) : « وقد روي إذا غاب الهلال » إلى آخر ما في الهداية.

[ ٨٥٧٠ ] ٢ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: عن كتاب الصيام لعلي بن الحسن بن علي بن فضّال، بإسناده إلى ابن الحرّ، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام ، يقول: « إذا غاب الهلال قبل الشّفق فهو لليلة، وإذا غاب بعد الشّفق فهو لليلتين ».

قلت: العمل على الرّؤية، وامثال هذه الأخبار، محمولة كما في الأصل على الأغلبية، أو التّقية.

____________________________

الباب - ٦

١ - الهداية ص ٤٥.

(١) المقنع ص ٥٨.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - إقبال الأعمال ص ١٦.

٤١٥

٧ -( باب أنّه يستحبّ الصوم يوم الخامس من هلال السنة الماضية، ويوم الستين من هلال رجب، ونظير يوم الأضحى من الماضية)

[ ٨٥٧١ ] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا شككت في صوم شهر رمضان، فانظر أيّ يوم صمت عام الماضي، وعدّ منه خمسة أيام وصم يوم الخامس » وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا صحّ هلال رجب، فعد تسعة وخمسين يوما، وصم يوم السّتين ».

[ ٨٥٧٢ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : في سياق حكم يوم الشك: « وإلا فانظر أي يوم صمت عام الماضي، وعد منه خمسة أيّام، وصم اليوم الخامس ».

[ ٨٥٧٣ ] ٣ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: روي عن أحدهمعليه‌السلام ، أنّه قال: « يوم صومكم يوم نحركم ».

وعن كتاب الصيام لعلي بن الحسن بن فضّال، بإسناده إلى أبي بصير، عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال(١) : « إذا عرفت هلال رجب، فعدّ تسعة وخمسين يوماً، ثمّ صم يوم السّتين ».

____________________________

الباب - ٧

١ - الهداية ص ٤٥.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٣ - كتاب إقبال الأعمال ص ١٦ رواه في الكافي ج ٤ ص ٧٧.

(١) إقبال الأعمال ص ١٥.

٤١٦

٨ -( باب أنّه يثبت الهلال بشهادة رجلين عدلين، ولا يثبت بشهادة النساء، ومع الصّحو وتعارض الشهادات، يعتبر شهادة خمسين رجلاً)

[ ٨٥٧٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وتقبل شهادة النّساء في النكاح - إلى أن قال(١) - ولا تقبل في الطّلاق، ولا في رؤية الهلال » الخ.

[ ٨٥٧٥ ] ٢ - الشيخ المفيد في الرسالة العددية: عن الحسن بن الحسين بن ابان، عن أبي احمد عمر بن الرّبيع، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، في حديث قال: قلت: أرأبت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما، اقضي ذلك اليوم؟ قال: « لا، إلّا أن يشهد(١) عدول أنّهم رأوه، فإن شهدوا فاقض ذلك اليوم ».

[ ٨٥٧٦ ] ٣ - وعن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكناني، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا رأيت الهلال فصم، وإذا رأيته فافطر، قلت: أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما، اقضي ذلك اليوم؟ قال: لا، إلّا أن يشهد بيّنة عدول، فإن شهدوا أنّهم رأوا الهلال قبل ذلك، فاقض ذلك اليوم ».

[ ٨٥٧٧ ] ٤ - وعن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن

____________________________

الباب - ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

(١) نفس المصدر ص ٤١.

٢ - الرسالة العدديّة ص ١٧.

(١) في المصدر: يشهد لك.

٣ - الرسالة العدديّة ص ١٧.

٤ - الرسالة العدديّة:

٤١٧

منصور بن حازم، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « صم لرؤية الهلال وافطر لرؤيته، فإن شهد عندك شاهدان مؤمنان، أنّهما رأياه فاقضه » ورواه بسندين آخرين تقدّما(١) .

[ ٨٥٧٨ ] ٥ - الصدوق في الخصال: عن احمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي العسكري، عن ابي عبدالله محمّد بن زكريّا البصري، عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن ابي جعفر محمّد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ولا تجوز شهادة النساء في شئ من الحدود، ولا تجوز شهادتهنّ في الطلاق، ولا في رؤية الهلال » الخبر.

[ ٨٥٧٩ ] ٦ - وفي الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا تقبل في رؤية الهلال، إلّا شهادة خمسين رجلا، عدد القسامة، إذا كان في المصر، وشهادة عدلين إذا كان خارج المصر، ولا تقبل شهادة النساء في الطلاق، ولا في رؤية الهلال ».

٩ -( باب ثبوت رؤية الهلال، بالشياع، وبالرّؤية في بلد قريب)

[ ٨٥٨٠ ] ١ - العيّاشي في تفسيره: عن زياد بن المنذر، قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « صم حين يصوم الناس، وافطر حين يفطر الناس، فإنّ الله جعل الأهلّة مواقيت ».

____________________________

(١) تقدّما في الباب ٤، الحديث ٨.

٥ - الخصال ص ٥٨٦ ح ١٢.

٦ - الهداية ص ٤٥.

الباب - ٩

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨٦ ح ٢٠٩.

٤١٨

١٠ -( باب عدم جواز صوم يوم الشّك، بنيّة أنّه من شهر رمضان، واستحباب صومه، بنيّة أنّه من شهر شعبان)

[ ٨٥٨١ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي: عن ابي خالد الواسطي، قال: أتيت أبا جعفرعليه‌السلام ، يوم شكّ فيه من رمضان، فإذا مائدة موضوعة، وهو يأكل، ونحن نريد أن نسأله، فقال: « ادنوا الغداءه إذا كان مثل هذا اليوم، ولم يجئكم(١) فيه سبب برؤية(٢) ، فلا تصوموا ».

[ ٨٥٨٢ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « ومن صام على شكّ، فقد عصى ».

[ ٨٥٨٣ ] ٣ - وعن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال: « لأن افطر يوماً من رمضان، أحبّ الي [ من ](١) أن اصوم يوماً من شعبان، أزيده في رمضان ».

____________________________

الباب - ١٠

١ - تفسير العيّاشي ج ٢ ص ٨٨ ح ٥٦.

(١) في المصدر: يحكم.

(٢) وفيه: ترونه.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٢.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤١٩

١١ -( باب تأكد استحباب الاجتهاد في العبادة، سيّما الدّعاء والاستغفار، والعتق، والصدقة، في شهر رمضان، وخصوصا ليلة القدر، وآخر ليلة من الشهر)

[ ٨٥٨٤ ] ١ - السيد فضل الله الراوندي في كتاب النوادر: عن ابي الفتح رستم بن مسعود، عن أحمد بن ابراهيم المعروف بالأخباري، عن علي بن ابي خلف الطبري، عن عبدالله بن جعفر الحافظ، عن محمّد بن العباس الأخباري، وابراهيم بن عيسى المفرتي(١) ، عن الحسن بن محمّد الرّوياني، عن الحسن بن بزاز البغدادي، عن عبد المنعم بن ادريس، عن وهب بن منبه، عن عبدالله بن العباس، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إذا كان أوّل ليلة من شهر رمضان، أمر الله تبارك وتعالى، سبعة من الملائكة: جبرئيل، وميكائيل، واسرافيل، وكوكبائيل(٢) ، وشمشائيل، واسماعيل، ودردائيل(٣) ،عليهم‌السلام ، مع كلّ ملك منهم لواء من نور، وسبعون الفا من الملائكة، مع جبرئيل لواء من نور، يضرب في السماء السابعة، مكتوب على ذلك اللّواء: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله، طوبى لأُمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ينادون بالأسحار بالبكاء والتّضرع،

____________________________

الباب - ١١

١ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة خالية من الحديث، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٣ ح ٧.

(١) في البحار: المقري.

(٢) في البحار: كوكيائيل.

(٣) وفيه: درديائيل.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594