مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل10%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 329323 / تحميل: 5378
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

الآيات

( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (٦) )

التّفسير

يجب الحزم في ساحة الحرب :

كما قلنا سائقا ، فإنّ الآيات السابقة كانت مقدمة لتهيئة المسلمين من أجل إصدار أمر حربي مهم ذكر في الآيات مورد البحث ، فتقول الآية :( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ ) (١) .

__________________

(١) «ضرب» مصدر مفعول مطلق لفعل مقدر ، والتقدير : اضربوا ضرب الرقاب ، كما صرّحت الآية (١٢) من سورة الأنفال بذلك إذ قالت :( فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ ) .

٣٢١

من البديهي أن «ضرب الرقاب» كناية عن القتل ، وعلى هذا فلا ضرورة لأن يبذل المقاتلون قصارى جهدهم لأداء هذا الأمر بالخصوص ، فإنّ الهدف هو دحر العدو والقضاء عليه ، ولما كان ضرب الرقاب أوضح مصداق له ، فقد أكّدت الآية عليه.

وعلى أية حال ، فإنّ هذا الحكم مرتبط بساحة القتال ، لأنّ «لقيتم» ـ من مادة اللقاء ـ تعني الحرب والقتال في مثل هذه الموارد ، وفي نفس هذه الآية قرائن عديدة تشهد لهذا المعنى كمسألة أسر الأسرى ، ولفظة الحرب ، والشهادة في سبيل الله ، والتي وردت في ذيل الآية.

وخلاصة القول : إنّ اللقاء يستعمل ـ أحيانا ـ بمعنى اللقاء بأي شكل كان ، وأحيانا بمعنى المواجهة والمجابهة في ميدان الحرب ، واستعمل في القرآن المجيد بكلا المعنيين ، والآية مورد البحث ناظرة إلى المعنى الثّاني.

ومن هنا يتّضح أنّ أولئك الذين حوّروا هذه الآية وفسّروها بأنّ الإسلام يقول : حيثما وجدتم كافرا فاقتلوه ، لم يريدوا إلّا الإساءة إلى الإسلام ، واتخاذ الآية بمعناها المحرّف حربة ضد الدين الحنيف ، محاولة منهم لتشويه صورة الإسلام الناصعة ، وإلّا فإنّ الآية صريحة في اللقاء في ساحة الحرب وميدان القتال.

من البديهي أنّ الإنسان إذا واجه عدوا شرسا في ميدان القتال ، ولم يقابله بحزم ولم يكل له الضربات القاصمة ولم يذقه حرّ سيفه ليهلكه ، فإنّه هو الذي سيهلك ، وهذا القانون منطقي تماما.

ثمّ تضيف الآية :( حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ ) .

«أثخنتموهم» من مادة ثخن ، بمعنى الغلظة والصلابة ، ولهذا تطلق على النصر والغلبة الواضحة ، والسيطرة الكاملة على العدو.

وبالرغم من أنّ أغلب المفسّرين فسّروا هذه الجملة بكثرة القتل في العدو وشدّته ، إلّا أنّ هذا المعنى لا يوجد في أصلها اللغوي ، كما قلنا ، ولكن لمّا كان دفع

٣٢٢

خطر العدو غير ممكن أحيانا إلّا بكثرة القتل فيه ، فيمكن أن تكون مسألة القتل أحد مصاديق هذه الجملة في مثل هذه الظروف ، لا أنّها معناها الأصلي(١) .

وعلى كلّ حال ، فإنّ الآية المذكورة تبيّن تعليما عسكريا دقيقا ، وهو أنّه يجب أن لا يقدم على أسر الأسرى قبل تحطيم صفوف العدو والقضاء على آخر حصن لمقاومته ، لأنّ الإقدام على الأسر قد يكون سببا في تزلزل وضع المسلمين في الحرب ، وسيعوق المسلمين الاهتمام بأمر الأسرى ونقلهم إلى خلف الجبهات عن أداء واجبهم الأساسي.

وعبارة( فَشُدُّوا الْوَثاقَ ) وبملاحظة أنّ الوثاق هو الحبل ، أو كلّ ما يربط به ، يشير الى إتقان العمل في شدّ وثاق الأسرى ، لئلا يستغل الأسير فرصة يفر فيها ، ثمّ يوجّه ضربة إلى الإسلام والمسلمين.

وتبيّن الجملة التالية حكم أسرى الحرب الذي يجب أن يقام بحقّهم بعد انتهاء الحرب ، فتقول :( فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ) وعلى هذا لا يمكن قتل الأسير الحربي بعد انتهاء الحرب ، بل إنّ ولي أمر المسلمين ـ طبقا للمصلحة التي يراها ـ يطلق سراحهم مقابل عوض أحيانا ، وبلا عوض أحيانا أخرى ، وهذا العوض ـ في الحقيقة ـ نوع من الغرامة الحربية التي يجب أن يدفعها العدو.

طبعا يوجد حكم ثالث في الإسلام فيما يتعلق بهذا الموضوع ، وهو استعباد الأسرى ، إلّا أنّه ليس أمرا واجبا ، بل هو راجع إلى ولي أمر المسلمين ينفّذه عند ما يراه ضرورة في ظروف خاصة ، ولعلّه لم يرد في القرآن بصراحة لهذا السبب ، بل بيّنته الرّوايات الإسلامية فقط.

يقول فقيهنا المعروف «الفاضل المقداد» في «كنز العرفان» : إنّ ما روي عن مذهب أهل البيتعليهم‌السلام أنّ الأسير لو أسر بعد انتهاء الحرب فإنّ إمام المسلمين مخيّر بين ثلاث : إمّا إطلاقه دون شرط ، أو تحريره مقابل أخذ الفدية ، أو جعله

__________________

(١) ينقل صاحب لسان العرب عن ابن الأعرابي أنّ : أثخن : إذا غلب وقهر.

٣٢٣

عبدا ، ولا يجوز قتله بأي وجه.

ويقول في موضع آخر من كلامه : إنّ مسألة الرق استفيدت من الروايات ، لا من متن الآية(١) .

وقد وردت هذه المسألة في سائر الكتب الفقهية أيضا(٢) .

وسنشير إلى هذا المطلب في بحث الرق الذي سيأتي في ذيل هذه الآيات.

ثمّ تضيف الآية بعد ذلك :( حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ) (٣) فلا تكفوا عن القتال حتى تحطّموا قوى العدو ويصبح عاجزا عن مواجهتكم ، وعندها سيخمد لهيب الحرب.

«الأوزار» جمع وزر ، وهو الحمل الثقيل ، ويطلق أحيانا على المعاصي ، لأنّها تثقل كاهل صاحبها.

والطريف أنّ هذه الأوزار نسبت إلى الحرب في الآية ، إذ تقول :( حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ) وهذه الأحمال الثقيلة كناية عن أنواع الأسلحة والمشاكل الملقاة على عاتق المقاتلين ، والتي يواجهونها ، وهي بعهدتهم ما كانت الحرب قائمة.

لكن متى تنتهي الحرب بين الإسلام والكفر؟

سؤال أجاب عنه المفسّرون إجابات مختلفة :

فالبعض ـ كابن عباس ـ قال : حتى لا تبقى وثنية على وجه البسيطة ، وحتى يقتلع دين الشرك وتجتث جذوره.

وقال البعض الآخر : إنّ الحرب بين الإسلام والكفر قائمة حتى ينتصر المسلمون على الدجال ، وهذا القول يستند إلى حديث روي عن الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «والجهاد ماض مذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمّتي

__________________

(١) كنز العرفان ، المجلد ١ ، صفحة ٣٦٥.

(٢) الشرائع ، كتاب الجهاد. شرح اللمعة ، أحكام الغنيمة.

(٣) «حتى» غاية لـ (فضرب الرقاب). واحتملت احتمالات أخرى لا تستحق الاهتمام.

٣٢٤

الدجال»(١) .

البحث حول «الدجّال» بحث واسع ، لكن القدر المعلوم أنّ الدجّال رجل خدّاع ، أو رجال خدّاعون ينشطون في آخر الزمان من أجل إضلال الناس عن أصل التوحيد والحق والعدالة ، وسيقضي عليهم المهدي (عج) بقدرته العظيمة ، وعلى هذا فإنّ الحرب قائمة بين الحق والباطل ما عاش الدجّالون على وجه الأرض.

إنّ للإسلام نوعين من المحاربة مع الكفر : أحدهما الحروب المرحلية كالغزوات التي غزاها النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث كانت السيوف تغمد بعد انتهاء كل غزوة. والآخر هو الحرب المستمرة ضد الشرك والكفر ، والظلم والفساد ، وهذا النوع مستمر حتى زمن اتساع حكومة العدل العالمية ، وظهورها على الأرض جميعا على يد المهدي (عج).

ثمّ تضيف الآية :( ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ ) (٢) بالصواعق السماوية ، والزلازل ، والعواصف ، والابتلاءات الأخرى ، لكن باب الاختبار وميدانه سيغلق في هذه الصورة :( وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ) .

هذه المسألة هي فلسفة الحرب ، والنكتة الأساسية في صراع الحق والباطل ، ففي هذه الحروب ستتميز صفوف المؤمنين الحقيقيين والعاملين من أجل دينهم عن المتكلمين في المجالس المتخاذلين في ساعة العسرة ، وبذلك ستتفتح براعم الاستعدادات ، وتحيا قوّة الاستقامة والرجولة ، ويتحقق الهدف الأصلي للحياة الدنيا ، وهو الابتلاء وتنمية قوّة الإيمان والقيم الإنسانية الأخرى.

إذا كان المؤمنون يتوقعون على ذواتهم وينشغلون بالحياة اليومية الرتيبة ، وفي كل مرة تطغى فيها جماعة من المشركين والظالمين يدحضهم الله سبحانه بالقوى الغيبية ، ويدمّرهم بالطرق الإعجازية ، فإنّ المجتمع سيكون خاملا ضعيفا

__________________

(١) مجمع البيان ، المجلد ٩ ، صفحة ٩٨.

(٢) «ذلك» خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : الأمر كذلك.

٣٢٥

عاجزا ، ليس له من الإسلام والإيمان إلّا اسمه.

وخلاصة القول : إنّ الله سبحانه غني عن سعينا وجهادنا من أجل تثبيت دعائم دينه ، بل نحن الذين نتربّى في ميدان جهاد الأعداء ، ونحن الذين نحتاج إلى هذا الجهاد المقدّس.

وقد ذكر هذا المعنى في آيات القرآن الأخرى بصيغ أخرى ، فنقرأ في الآية (١٤٢) من سورة آل عمران :( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) .

وجاء في الآية التي سبقتها :( وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ ) .

وتحدّثت آخر جملة من الآية مورد البحث عن الشهداء الذين قدّموا أرواحهم هدية لدينهم في هذه الحروب ، ولهم فضل كبير على المجتمع الإسلامي ، فقالت :( وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ ) .

فلن تذهب جهودهم وآلامهم وتضحياتهم سدى ، بل كلها محفوظة عند الله سبحانه ، فستبقى آثار تضحياتهم في هذه الدنيا ، وكلّ نداء (لا إله إلّا الله) يطرق سمع البشر يمثل ثمرة جهود أولئك الشهداء ، وكلّ سجدة يسجدها مسلم بين يدي الله هي من بركات تضحياتهم ، فبمساعيهم تحطّمت قيود المذلّة والعبودية ، وعزّة المسلمين ورفعتهم رهينة ما بذلوه من الأرواح والتضحيات.

هذه هي أحدى مواهب الله في شأن الشهداء.

وهناك ثلاث مواهب أخرى أضيفت في الآيات التالية :

تقول الآية أوّلا :( سَيَهْدِيهِمْ ) إلى المقامات السامية ، والفوز العظيم ، ورضوان الله تعالى.

والأخرى :( يُصْلِحُ بالَهُمْ ) فيهبهم هدوء الروح ، واطمئنان الخاطر ، والنشاط المعنوي والروحي ، والانسجام مع صفاء ملائكة الله ومعنوياتهم ، حيث يجعلهم جلساءهم وندماءهم في مجالس أنسهم ولذّتهم ، ويدعوهم إلى ضيافته في جوار

٣٢٦

رحمته.

والموهبة الأخيرة هي :( وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ ) .

قال بعض المفسّرين : إنّه تعالى لم يبيّن لهم الصفات الكلية للجنّات العلى وروضة الرضوان وحسب ، بل عرف لهم صفات قصورهم في الجنّة وعلاماتها ، بحيث أنّهم عند ما يردون الجنّة يتوجّهون إلى قصورهم مباشرة(١) .

وفسر البعض (عرّفها) بأنّها من مادة «عرف» ـ على زنة فكر ـ وهو العطر الطيب الرائحة ، أي إنّ الله سبحانه سيدخلهم الجنّة التي عطّرها جميعا استقبالا لضيوفه.

إلّا أنّ التّفسير الأوّل يبدو هو الأنسب.

وقال البعض : إذا ضممنا هذه الآيات إلى آية :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً ) (٢) ، سيتّضح أنّ المراد من إصلاح البال إحياؤهم حياة يصلحون بها للحضور عند ربّهم بانكشاف الغطاء(٣) .

* * *

بحوث

١ ـ مقام الشهداء السامي

تمرّ في تأريخ الشعوب أيام تحدق الأخطار فيها بتلك الأمم والشعوب ، ولا يمكن دفع هذه الأخطار والحفاظ على الأهداف المقدّسة العظيمة إلّا بالتضحية والفداء وتقديم القرابين الكثيرة ، وهنا يجب أن يتوجّه المؤمنون المضحّون إلى ساحات القتال ، ليحفظوا دين الحق بسفك دمائهم ، ويسمى هؤلاء الأفراد في

__________________

(١) مجمع البيان ، المجلد ٩ ، صفحة ٩٨.

(٢) آل عمران ، الآية ١٦٩.

(٣) الميزان ، المجلد ١٨ ، صفحة ٢٤٤.

٣٢٧

منطق الإسلام بـ «الشهداء».

إنّ إطلاق كلمة الشهيد ـ من مادة الشهود ـ على هؤلاء ، إمّا لحضورهم في ميدان الجهاد ضد أعداء الحق ، أو لأنّهم يشاهدون ملائكة الرحمة لحظة شهادتهم ، أو لمشاهدتهم النعم العظيمة التي أعدّت لهم ، أو لحضورهم عند الله ، كما جاء في الآية الشريفة :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١) .

وقلّ من يصل إلى درجة الشهيد في الإسلام أولئك الشهداء الذين يذهبون ساحة الحرب بين الحق والباطل عن وعي وخلوص نيّة ، ويقدّمون آخر قطرة من دمائهم الزكية في هذا السبيل.

وتلاحظ في المصادر الإسلامية روايات عجيبة حول مقام الشهداء ، تحكي عظمة عمل الشهداء ، وقيمته الفذّة.

فتقرأ في حديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ فوق كلّ بر برا حتى يقتل الرجل شهيدا في سبيل الله»(٢) .

وجاء في حديث آخر روي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «المجاهدون في الله قوّاد أهل الجنّة»(٣) .

ونطالع في حديث آخر عن الإمام الباقرعليه‌السلام : «ما من قطرة أحبّ إلى الله من قطرة دم في سبيل الله ، أو قطرة من دموع عين في سواد الليل من خشية الله ، وما من قدم أحبّ إلى الله من خطوة إلى ذي رحم ، أو خطوة يتمّ بها زحفا في سبيل الله»(٤) .

وإذا قلبنا أوراق تأريخ الإسلام ، فسنرى الشهداء قد سجّلوا القسم الأعظم من الافتخارات ، وهم الذين قدّموا القسط الأوفر من الخدمة.

__________________

(١) آل عمران ، الآية ١٦٩.

(٢) بحار الأنوار ، المجلد ١٠٠ ، صفحة ١٥.

(٣) المصدر السابق.

(٤) بحار الأنوار ، المجلد ١٠٠ ، صفحة ١٤.

٣٢٨

وليس هذا في الأمس فقط ، فإنّ ثقافة الشهادة المصيرية اليوم ترعب العدو أيضا ، وتمزّق صفوفه ، وتمنعه من النفوذ إلى حصون الإسلام ، وتزرع اليأس في نفسه من إمكان تخطّيها ، فما أكثر بركة ثقافة الشهادة للمسلمين ، وما أشدّها على أعداء الدين.

لكن ، لا شكّ أنّ الشهادة ليست هدفا ، بل الهدف هو الإنتصار على العدو ، وحراسة دين الله والحفاظ عليه ، إلّا أنّ هؤلاء الحراس على دينهم يجب أن يكونوا على أهبّة الاستعداد ، بحيث إذا احتاج الحال بذل النفوس والدماء فإنّهم لا يتأخّرون عن بذلها ، بل يبادرون إلى البذل والتضحية والإيثار ، وهذا هو معنى كون الأمّة منجبة للشهداء ، لا أنّهم يطلبون الشهادة كهدف نهائي.

لهذا نقرأ في نهاية حديث مفصل روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شأن مقام الشهداء أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقسم وقال : «والذي نفسي بيده ، لو كان الأنبياء في طريقهم لترجلوا لهم لمّا يرون من بهائهم ، ويشفع الرجل منهم في سبعين ألفا من أهل بيته وجيرته»(١) .

وهناك نكتة تستحق الاهتمام ، وهي أنّ للشهادة في ثقافة الإسلام معنيين مختلفين : معنى «خاص» ، وآخر «عام» واسع.

أمّا الخاص فهو القتل في سبيل الله في معركة الجهاد ، وله أحكامه الخاصة في الفقه الإسلامي ، ومن جملتها أنّ الشهيد لا يغسل ولا يكفن ، بل يدفن بثيابه ودمائه إذا توفي في ميدان المعركة!!

أمّا المعنى العام الواسع للشهادة ، فهو أن يقتل الإنسان في طريق تأدية الواجب الإلهي ، فإنّ كلّ من يرحل عن الدنيا وهو في حالة أداء هذا الواجب يعد شهيدا ، ولذلك ورد في الروايات الإسلامية أنّ عدة فئات يغادرون الدنيا وهم شهداء :

١ ـ روي عن نبي الإسلام الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا جاء الموت طالب العلم وهو على

٣٢٩

هذا الحال مات شهيدا»(١) .

٢ ـ يقول أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : «من مات على فراشه وهو على معرفة حق ربّه ، وحق رسوله وأهل بيته ، مات شهيدا»(٢) .

٣ ـ نقرأ في حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «من قتل دون ماله فهو شهيد»(٣) .

وكذلك آخرون يقتلون في طريق الحق ، أو يموتون فيه ، ومن هنا تتّضح عظمة ثقافة الإسلام هذه ، ومدى سعتها.

وننهي هذا البحث بحديث عن الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، عن آبائه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أوّل من يدخل الجنّة الشهيد»(٤) .

٢ ـ أهداف القتال في الإسلام

إنّ القتال لا يعتبر في الإسلام قيمة من القيم ، بل يعتبر ضد القيم من جهة كونه باعثا على الخراب والتدمير ، وإزهاق الأنفس ، وإهدار القوى والإمكانيات التي يمكن أن تسخّر لخدمة الإنسان وسعادته ورفاهه ، ولذلك جعل في بعض الآيات القرآنية في مصاف العقوبات الإلهية ، فنرى الآية (٦٥) من سورة الأنعام تقول :( قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ) .

فقد اعتبر القتال هنا بمثابة الصاعقة والزلزلة والابتلاءات الأرضية والسماوية ، ولذلك فإنّ الإسلام يمتنع عن القتال والحرب ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

أمّا إذا تعرّض وجود الأمّة للخطر ، أو أنّ أهدافه المقدّسة السامية أصبحت

__________________

(١) سفينة البحار ، المجلد الأول ، مادة شهد.

(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٠ ، آخر الخطبة.

(٣) سفينة البحار ، المجلد الأول ، مادة شهد.

(٤) بحار الأنوار ، المجلد ٧١ ، صفحة ٢٧٢.

٣٣٠

مهددة بالسقوط ، فإنّ القتال هنا يعتبر قيمة سامية ، ويكتسب عنوان الجهاد في سبيل الله ، ولذلك توجد في الإسلام أنواع من الجهاد : الجهاد الابتدائي ، المحرر للأمم ، والجهاد الدفاعي ، والجهاد من أجل إخماد نار الفتنة والشرك والوثنية ، وقد أوردنا تفصيلها في موضع آخر(١) .

بناء على هذا فإنّ الجهاد الإسلامي على خلاف ما يدّعيه أعداء الإسلام من أنّه يعني فرض العقيدة على الآخرين ، بل إنّ العقيدة المفروضة لا قيمة لها في الإسلام ، لكن الجهاد يتعلق بالموارد التي يشن فيها العدو الحرب ضد الأمّة الإسلامية ، أو عند ما يسلبها الحريات التي منحها الله إيّاها ، أو أنّه يريد أن يهدر حقوقها ويصادرها ، أو أنّ ظالما قد أخذ بأنفاس مظلوم فيجب على المسلمين حينئذ أن يهبوا لنصرة المظلوم ، حتى وإن أدّى الأمر إلى قتال القوم الظالمين.

وقد عكست الآيات السابقة هذا المعنى في عبارة لطيفة وجيزة ، حينما تقول :( ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ ) وعلى هذا فإنّ الحرب هي حرب بين الحق والباطل ، لا أنّها وسيلة لتكوين الدولة ، ومحاولة توسيع رقعتها ، والإغارة على أموال الآخرين ، والتسلّط وإعمال القوة والإرهاب.

ولهذا السبب ـ أيضا ـ قرأنا في الرواية التي أوردناها في تفسير هذه الآيات أنّ نار الحرب لن تخمد في المجتمع الإنساني إلّا بعد القضاء على الدجّالين ، وتطهير الأرض من دنسهم.

وهنا نكتة تستحق الانتباه ، وهي أنّ الإسلام قد أكّد على مسألة التعايش السلمي مع أتباع الأديان السماوية الأخرى ، وقد وردت في الآيات والرّوايات والفقه الإسلامي بحوث مفصلة في هذا الباب تحت عنوان (أحكام أهل الذمّة) فإذا كان الإسلام يؤيّد فرض العقيدة والإكراه عليها ، ويتوسّل بالقوة والسيف من أجل

__________________

(١) التّفسير الأمثل ، ذيل الآية ١٩٣ من سورة البقرة.

٣٣١

تحقيق أهدافه ، فأي معنى إذن لقانون أهل الذمّة والتعايش السلمي؟

٣ ـ أحكام أسرى الحرب

قلنا : يجب على المسلمين أن لا يفكروا في أسر أفراد العدو إلّا بعد هزيمة العدو الكاملة واندحاره التام ، لأنّ هذا التفكير والانشغال بالأسرى قد يتضمّن أخطارا جسيمة.

غير أنّ أسلوب الآيات ـ مورد البحث ـ يدل على وجوب الإقدام على أسر أفراد العدو بعد هزيمته ، فالآية تقول :( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ ) ثمّ تضيف :( حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ ) وعلى هذا يجب أسرهم بدل قتلهم بعد الإنتصار عليهم ، وهو أمر لا بدّ منه ، لأنّ العدو إذا ترك وشأنه فمن الممكن أن ينظم قواه مرّة أخرى ليهجم على المسلمين من جديد.

إلّا أنّ الحال يختلف بعد الأسر ، إذ يكون الأسير أمانة إلهية بيد المسلمين رغم كلّ الجرائم التي ارتكبها ، ويجب أن تراعى فيه حقوق كثيرة.

إنّ القرآن يمجد أولئك الذين آثروا الأسير على أنفسهم ، وقدّموا له طعامهم ، فيقول :( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) وهذه الآية ـ طبقا لرواية معروفة ـ نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، إذ كانوا صائمين وأعطوا إفطارهم لمسكين مرّة وليتيم أخرى ، لأسير ثالثة.

وحتى الأسرى الذين يقتلون بعد الحرب استثناء ، إمّا لكونهم خطرين ، أو لارتكابهم جرائم خاصّة ، فإنّ الإسلام أمر أن يحسن إليهم قبل تنفيذ الحكم بحقّهم ، كما نرى ذلك في حديث عن عليعليه‌السلام : «إطعام الأسير والإحسان إليه حق واجب ، وإنّ قتلته من الغد»(١) .

__________________

(١) وسائل الشيعة ، المجلد ١١ ، صفحة ٦٩.

٣٣٢

والأحاديث في هذا الباب كثيرة(١) ، حتى أنّه ورد في حديث عن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام أنّه قال : «إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي وليس معك محمل فأرسله ولا تقتله ، فإنّك لا تدري ما حكم الإمام فيه»(٢) .

بل ورد في التأريخ في أحوال أئمة أهل البيتعليهم‌السلام أنّهم كانوا يطعمون الأسرى من نفس الطعام الذي كانوا يتناولونه.

إلّا أنّ حكم الأسير ـ وكما قلنا في تفسير الآيات ـ بعد انتهاء الحرب أحد ثلاثة : إمّا إطلاق سراحه من دون قيد أو شرط ، أو إطلاق سراحه مقابل دفع غرامة مالية هي الفدية ، أو استرقاقه ، واختيار أحد هذه الأمور الثلاثة منوط بنظر إمام المسلمين ، فهو الذي يختار ما يراه الأصلح بعد الأخذ بنظر الإعتبار ظروف الأسرى ، ومصالح الإسلام والمسلمين من الناحية الداخلية والخارجية ، وبعد ذلك يأمر بتنفيذ ما اختاره.

بناء على هذا ، فليس لأخذ الفدية أو الاسترقاق صفة الإلزام والوجوب ، بل هما تابعان للمصالح التي يراها إمام المسلمين ، فإذا لم تكن مصلحة فيهما فله أن يغض النظر عنهما ، ويطلق سراح الأسرى دون طلب الفدية.

وقد بحثنا حول فلسفة أخذ الفدية بصورة مفصلة لدى تفسير الآية ٧٠ من سورة الأنفال.

٤ ـ الرق في الإسلام

بالرغم من أنّ مسألة «استرقاق أسرى الحرب» لم ترد في القرآن المجيد كحكم حتمي ، لكن لا يمكن إنكار ورود أحكام في القرآن فيما يتعلق بالعبيد ، وهي تثبت وجود أصل الرقية حتى في زمان النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصدر الإسلام ، كالأحكام المتعلقة

__________________

(١) يراجع فروع الكافي ، المجلد ٥ ، صفحة ٣٥ ، باب الرفق بالأسير وإطعامه.

(٢) المصدر السابق.

٣٣٣

بالزواج من العبيد ، أو كونهم محرما ، أو مسألة المكاتبة (وهي اتفاق يتحرر بموجبه العبد بعد أدائه مبلغا من المال يتفق عليه) وقد وردت هذه الأحكام في آيات عديدة من القرآن في سورة النساء ، النحل ، المؤمنون ، النور ، الروم ، والأحزاب.

وهنا يعترض البعض على الإسلام بأنّه : لماذا لم يلغ هذا الدين الإلهي مسألة الرق تماما مع ما يحتويه من القيم الإنسانية السامية ، ولم يعلن تحرير كلّ العبيد من خلال إصدار حكم قطعي؟!

صحيح أنّ الإسلام أوصى كثيرا بالرقيق ، إلّا أنّ المهم هو تحريرهم بدون قيد شرط ، فلما ذا يكون الإنسان مملوكا لإنسان آخر مثله ، ويفقد الحرية التي هي أعظم عطايا الله سبحانه؟!

الجواب :

يجب القول في جملة موجزة : إنّ للإسلام برنامجا دقيقا مدروسا لتحرير العبيد ، تؤدي نهايته إلى تحرير جميع العبيد تدريجيا ، دون أن يكون لهذه الحرية ردّ فعل سلبي في المجتمع.

وقبل أن نتناول توضيح هذه الخطة الإسلامية الدقيقة ، نرى لزاما ذكر عدة نقاط كمقدمة :

١ ـ الإسلام لم يكن المبتدع للرق مطلقا ، بل إنّه لمّا ظهر كانت مسألة العبودية والرقيق قد عمّت أرجاء العالم ، وكانت معجونة بظلام المجتمعات البشرية وبوجودها ، بل استمرت مسألة الرقيق في كلّ المجتمعات حتى بعد الإسلام أيضا ، وبقيت مستمرة حتى قبل مائة عام حيث بدأت ثورة تحرير الرقيق ، حيث لم تعد مسألة الرقيق مقبولة بشكلها القديم نتيجة اختلاف نظام حياة البشر ، وتغيره عمّا كان عليه.

إنّ إلغاء العبودية بدأ من أوربا ، ثمّ اتسع في سائر الدول ومن جملتها أمريكا

٣٣٤

وآسيا.

لقد استمر الرق في إنجلترا حتى سنة ١٨٤٠ ، وفي فرنسا حتى سنة ١٨٤٨ ، وفي هولندا إلى سنة ١٨٦٣ ، وفي أمريكا إلى سنة ١٨٦٥ ، ثمّ عقد مؤتمر بروكسل فأصدر قرارا بإلغاء الرق في أنحاء العالم ، وكان ذلك سنة ١٨٩٠ ، أي قبل أقل من مائة عام.

٢ ـ تغيير شكل الرق في دنيا اليوم : صحيح أنّ الغربيين كانوا قد سبقوا إلى إلغاء الرق ، إلّا أنّنا عند ما نحقق في المسألة بدقة ، نرى أنّ الرق لم تقتلع جذوره ، بل إنّه تحور من حالة إلى أخرى أخطر وأكثر رعبا ، أي إنّه اتخذ شكل استعمار الشعوب ، واسترقاق المستعمرات ، بحيث كلما ضعف الرق الفردي قوي الاسترقاق الجماعي والاستعمار ، فإنّ الإمبراطورية البريطانية التي كانت سبّاقة إلى إلغاء الرق ، تعتبر السبّاقة أيضا في استعمار الشعوب.

إنّ الجرائم التي ارتكبها المستعمرون الغربيون طوال مدة استعمارهم لم تكن أقل من جرائم مرحلة العبودية ، بل كانت أوسع وأشدّ إجراما.

وحتى بعد تحرر المستعمرات ، فإنّ استعباد الأمم قد استمر ، لأنّ هذه الحرية كانت حرية سياسية ، أمّا الاستعمار الاقتصادي والثقافي فلا يزال حاكما في كثير من المستعمرات التي نالت حريتها ، وغيرها.

وأمّا الدول الشيوعية التي نادت قبل الجميع بإلغاء العبودية ، واتخذتها ذريعة في ثورتها ، فإنّها بالذات مبتلاة بنوع من الاسترقاق العام الذي يندى له الجبين ، فإنّ الشعوب التي تعيش في ظل هذه الدول تكون كالعبيد تماما لا يملكون من أمرهم شيئا ، ويعيّن أعضاء الحزب الشيوعي كلّ مقدراتهم وما يتعلق بشؤون حياتهم ، وإذا ما أبدى أحد وجهة نظر مخالفة فإمّا أن يرسل إلى المخيّمات الإجبارية ، أو يلقى في دهاليز السجون ، وإذا كان من العلماء فإنّه يبعث إلى دار المجانين باعتباره مختل العقل ومصابا بمرض نفسي وعصبي.

٣٣٥

والخلاصة : إنّ الرق لا يتبع الاسم ، فإنّ القبيح والمرفوض هو محتوى الرق ، ونحن نعلم أنّ مفهوم الرق قائم في الدول الاستعمارية والدول الشيوعية بأسوأ أشكاله.

والنتيجة : إنّ إلغاء الرق في العالم كان صوريا ، ولم يكن في الحقيقة إلّا تبديل للصورة والشكل الظاهري.

٣ ـ مصير الرقيق المؤلم في الماضي

لقد كان للرقيق على مرّ التاريخ مصير مؤلم جدّا ، ولنأخذ على سبيل المثال عبيد الرومان ـ باعتبارهم قوما متمدنين ـ كنموذج ، فإنّهم ـ على حدّ قول كاتب «روح القوانين» ـ كانوا تعساء بحيث لم يكونوا عبيدا لفرد ، وإنّما كانوا يعتبرون عبيدا لكل المجتمع ، وكان باستطاعة كلّ شخص أن يعذّب عبده ويؤذيه كما يحلو له دون خوف من القانون. لقد كانت حياة أولئك أسوأ من حياة الحيوانات في الواقع.

لقد كان الكثير من الرقيق يموتون في الفترة بين اصطيادهم من المستعمرات الأفريقية وحتى عرضهم في الأسواق للبيع ، وما تبقى منهم كان يتخذ وسيلة للاستغلال في العمل. وكان تجار العبيد الطامعون لا يعطونهم من الغذاء إلّا ما يبقيهم أحيآء وقادرين على العمل ، أمّا عند كبرهم وعجزهم وابتلائهم بأمراض يصعب علاجها ، فإنّهم كانوا يتركونهم وشأنهم ليسلموا الروح بشكل أليم. ولذلك كان اسم الرق يقترن بسيل من الجرائم المرعبة على مرّ التاريخ.

وباتضاح هذه النكات نعود إلى خطة الإسلام في تحريره العبيد تدريجيا ، ونتناولها بصورة مختصرة.

٤ ـ خطة الإسلام لتحرير العبيد

إنّ ما يغفل عنه غالبا هو أنّ ظاهرة سلبية إذا توغّلت في مفاصل المجتمع ،

٣٣٦

فهناك حاجة إلى فترة زمنية لاقتلاع جذورها ، ولكلّ حركة غير مدروسة ردّ فعل سلبي ، تماما كما إذا ابتلي إنسان بمرض خطير ، وقد استفحل هذا المرض في بدنه ، أو من اعتاد على تناول المخدرات لعشرات السنين حتى تطبع على هذه الطبيعة المستهجنة ، ففي هذه الموارد يجب الاعتماد على برامج زمنية لعلاجه قد تطول وقد تقصر.

ونقول بأسلوب أكثر صراحة : لو أنّ الإسلام كان قد أصدر أمرا عاما بتحرير كل العبيد ، فربّما كان الضرر أكثر ، وقد يهلك منهم عدد أكثر ، لأنّ الرقيق كانوا يشكلون نصف المجتمع أحيانا ، وليس لهم عمل مستقل يتكسبون به ، ولا دار أو ملجأ ، أو وسيلة ما لإدامة الحياة.

إنّ هؤلاء لو تحرّروا في ساعة معينة من يوم معين فستظهر على الساحة فجأة جماعة عظيمة عاطلة عن العمل ، وعندها ستكون حياتهم مهددة وربّما أدّى إلى إرباك نظام المجتمع ، وعند ما يلح عليه الحرمان فسيجد نفسه مضطرا إلى الهجوم على ممتلكات الآخرين ، فتنشب الصراعات والاشتباكات ونزف الدماء.

هنا ندرك الغاية من التحرير التدريجي ، وذلك ليستوعبهم المجتمع ولا يشمئز منهم ، وحينئذ سوف لا تتعرض أرواحهم للخطر ، كما لا يتهدد أمن المجتمع ، وقد اتبع الإسلام هذا البرنامج الدقيق تماما.

إنّ تطبيق وترجمة هذا البرنامج الإنساني على أرض الواقع العملي له قواعد كثيرة نذكر هنا رؤوس نقاطها بصورة موجزة وكفهرس ، أمّا تفصيلها فيحتاج إلى كتاب مستقل :

المادة الأولى : غلق مصادر الرق

لقد كان للرق على طول التاريخ أسباب كثيرة ، فلم يقتصر الاستبعاد على أسرى الحرب ، والمدينين الذين يعجزون عن أداء ديونهم ، حيث كانت القوّة

٣٣٧

والغلبة تبيح الاسترقاق والاستعباد ، بل إنّ الدولة القوية كانت ترسل فرق من جيوشها وهم مدجّجون بأنواع الأسلحة إلى الدول الأفريقية المتخلفة وأمثالها ، ليأسروا شعوب تلك الدول جماعات جماعات ، ثمّ يرسلونهم بواسطة السفن إلى أسواق بلدان آسيا وأوربا.

لقد منع الإسلام كلّ هذه المسائل ، ووقف حائلا دونها ، ولم يبح الاسترقاق إلّا في مورد واحد ، وهو أسرى الحرب ، وحتى هذا لم يكن يتصف بالوجوب والإلزام ، بل إنّ الإسلام قد أجاز ـ وكما قلنا في تفسير الآيات المذكورة ـ إطلاق سراح الأسرى مقابل فدية يؤدّونها تبعا لمصلحة الإسلام والمسلمين.

ولم تكن في تلك الأيام سجون يسجن فيها أسرى الحرب حتى يتبيّن وضعهم وماذا يجب فعله معهم ، بل كان الطريق الوحيد هو تقسيمهم بين العوائل ، والاحتفاظ بهم كرقيق.

من البديهي أنّ هذه الظروف إذا تغيّرت فلا دليل على أنّ إمام المسلمين ملزم بأن يرضى برق الأسرى ، بل هو قادر على تحريرهم إمّا منّا أو فداء ، لأنّ الإسلام خيّر الإمام المسلمين في هذا الأمر ، كي يقدم على اختيار الأصلح من خلال مراعاة المصلحة ، وبهذا فإنّ مصادر الرق الجديدة قد أغلقت في الإسلام.

المادة الثانية : فتح نافذة الحرية

لقد وضع الإسلام برنامجا واسعا لتحرير العبيد ، بحيث أنّ المسلمين لو عملوا بموجبه فإنّ كلّ العبيد كانوا سيتحررون في مدة وجيزة وبصورة تدريجية ، وكان المجتمع سيستوعبهم ويؤمّن لهم ما يحتاجونه من اللوازم الحياتية ، من عمل ومسكن وغير ذلك.

وإليك رؤوس نقاط هذا البرنامج :

٣٣٨

أ ـ إنّ أحد الموارد الثمانية لصرف الزكاة في الإسلام شراء العبيد وعتقهم(١) ، وبهذا فقد خصصت ميزانية دائمية في بيت المال لتنفيذ هذا الأمر ، وهي مستمرة حتى إعتاق العبيد جميعا.

ب ـ ولتكميل هذا المطلب وضع الإسلام أحكاما يستطيع العبيد من خلالها أن يعقدوا اتفاقيات مع مالكيهم ، على أن يؤدّوا إليهم مبلغا من المال يتفق عليه مقابل الحصول على حريتهم. وقد جاء في الفقه الإسلامي فصل في هذا الباب تحت عنوان المكاتبة(٢) .

ج ـ إنّ عتق العبيد يعتبر أحد أهم العبادات والأعمال الصالحة في الإسلام ، وقد كان أئمة أهل البيتعليهم‌السلام من السابقين في هذا المضمار ، حتى كتبوا في أحوال عليعليه‌السلام أنّه أعتق ألف مملوك من كد يده(٣) .

د ـ لقد كان أئمة أهل البيتعليهم‌السلام يعتقون العبيد لأدنى عذر ليكونوا قدوة للآخرين ، حتى أنّ أحد غلمان الإمام الباقرعليه‌السلام عمل عملا صالحا ، فقال له الإمام : «اذهب فأنت حر ، فإنّي أكره أن أستخدم رجلا من أهل الجنّة»(٤) .

وجاء في أحوال الإمام السجاد علي بن الحسينعليه‌السلام ، أنّ جارية كانت تسكب عليه الماء ، فسقط الإبريق من يدها فشجّه ، فرفع رأسه إليها ، فقالت :( وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ ) ، قال : «قد كظمت غيظي» قالت :( وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ ) ، قال : «عفا الله عنك» ، قالت :( وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) قال : «فاذهبي فأنت حرّة لوجه الله»(٥) .

ه ـ ورد في بعض الرّوايات الإسلامية أنّ العبيد يتحرّرون تلقائيا بعد مرور سبع سنين ، ففي رواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «من كان مؤمنا فقد عتق بعد سبع سنين ،

__________________

(١) التوبة ، الآية ٦٠.

(٢) كان لنا بحث مفصل حول المكاتبة وأحكامها الرائعة في ذيل الآية (٣٤) من سورة النور.

(٣) بحار الأنوار ، المجلد ٤١ ، صفحة ٤٣.

(٤) الوسائل ، المجلد ١٦ ، صفحة ٣٢.

(٥) نور الثقلين ، المجلد ١ ، ص ٣٩٠.

٣٣٩

أعتقه صاحبه أم لم يعتقه ، ولا يحل خدمة من كان مؤمنا بعد سبع سنين»(١) .

وروي في هذا الباب حديث من النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنّه قال : «ما زال جبرئيل يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنّه سيضرب له أجلا يعتق فيه»(٢) .

و ـ إذا كان العبد مشتركا بين اثنين ، وأعتق أحدهما نصيبه ، وجب عليه شراء نصيب شريكه وأعتقا العبد(٣) .

وإذا أعتق مالك العبد بعضه سرت الحرية إلى باقيه فيعتق جميعه(٤) .

ز ـ إذا ملك إنسان أباه ، أو أمّه ، أو أجداده ، أو أبناءه ، أو عمّه ، أو عمّته ، أو خاله ، أو خالته ، أو أخاه ، أو أخته ، أو ابن أخيه ، أو ابن أخته ، فإنّهم يعتقون فورا.

ح ـ إذا استولد المالك جاريته فلا يجوز بيعها ، وتعتق من سهم ولدها من الميراث. وقد كان هذا الأمر سببا في عتق الكثير من العبيد ، لأنّ الجواري كن بمنزلة زوجات مالكيهن ، وكان لهن أولاد منهم.

ط ـ لقد جعل عتق العبيد كفارة لكثير من الذنوب من الإسلام ، ككفارة القتل الخطأ ، وكفارة ترك الصوم عمدا ، وكفارة اليمين ، وغيرها.

ي ـ إذا عاقب المالك عبده ببعض العقوبات الشديدة ، فإنّ العبد ينعتق تلقائيا(٥) .

المادة الثالثة : إحياء شخصية الرقيق

عند ما كان العبيد يطوون مسيرهم نحو الحرية طبقا لبرنامج الإسلام الدقيق ، أقدم الإسلام على خطوات واسعة لإحياء حقوقهم وشخصيتهم الإنسانية ، حتى أنّه

__________________

(١) وسائل الشيعة ، المجلد ١٦ ، صفحة ٣٦.

(٢) المصدر السابق ، صفحة ٣٧.

(٣) الشرائع ، كتاب العتق ، وسائل الشيعة ، المجلد ١٦ ، صفحة ٢١.

(٤) الشرائع ، كتاب العتق.

(٥) وسائل الشيعة ، المجلد ١٦ ، صفحة ٢٦.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

أُولئك هم الآمنون يوم القيامة(٥) وفي يد كوكبائيل(٦) لواء من نور، يضرب في السماء الرابعة، مكتوب عليه، لا إله إلّا الله محمّد رسول الله، طوبى لأُمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يتصدّقون بالنهار، ويقومون في اللّيل بالدّعاء والاستغفار، ينظر الله إليهم ويرضى عنهم، وفي يد شمشائيل لواء من نور، يضرب في السماء الثالثة، مكتوب عليه: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله طوبى لأُمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صيامهم جنّة من النار. وفي يد اسماعيل لواء من نور، يضرب في السماء الثانية، مكتوب عليه، لا إله إلّا الله محمّد رسول الله، (طوبى لأُمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و)(٧) يجوزون الصراط يوم القيامة كالبرق الخاطف، وفي يد دردائيل(٨) لواء من نور، يضرب في السماء الدنيا، مكتوب عليه: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله، السلام عليكم يا أُمة محمّد، ابشروا بالنعيم الدّائم، وجوار الرّحمان، وجوار محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجوار الملائكة ».

[ ٨٥٨٥ ] ٢ - وعنه: عن علي بن أبي خلف الطبري، عن محمّد بن اسحاق المروزي، عن اسحاق بن [ محمّد ](١) عن محمّد بن شعيب الناري، عن محمّد بن جمشيد، عن جوير، عن ليث بن ابي سليم، عن مجاهد، عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

____________________________

(٥) جاء في هامش الحجرية ما نصّه: « قد سقط في الخبر أو النسخة ذكر ملكين وسماءين ».

(٦) في البحار: كوكيائيل.

(٧) ما بين القوسين ليس في البحار.

(٨) وفيه: درديائيل.

٢ - نوادر الراوندي، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٤ ح ٨ باختلاف يسير.

(١) أثبتناه من البحار.

٤٢١

« إنّ أبواب السماء تفتح في أوّل ليلة من شهر رمضان، ولا تغلق إلى آخر ليلة منه، فليس من عبد يصلي في ليلة منه، إلّا كتب الله عزّوجلّ له بكلّ سجدة، الفا وخمسمائة حسنة، وبنى له بيتا في الجنّة من ياقوته حمراء، لها سبعون الف باب، لكل باب منها مصراعان من ذهب، موشحّ بياقوتة حمراء، وكان له بكلّ سجدة سجدها في ليل أو نهار، شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، فإذا صام أوّل يوم من شهر رمضان، غفر الله له كلّ ذنب تقدّم إلى ذلك اليوم من شهر رمضان، وكان كفّارة إلى مثلها من الحول، وكان له بكل يوم يصومه من شهر رمضان، قصر في الجنّة، له ألف باب من ذهب، واستغفر له سبعون الف الف [ ملك ](٢) تأتي غدوة إلى أن توارى بالحجاب ».

[ ٨٥٨٦ ] ٣ - وعنه: عن علي عن عبدالله بن جعفر الحافظ، عن عمران بن أحمد، عن أبي محمّد سعيد، عن أحمد بن موسى، عن حماد بن عمرو، عن يزيد بن رفيع، عن ابي عالية، عن عبدالله بن مسعود قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « من صام رمضان، ثمّ حدث نفسه أن يصومه ان عاش، فإن مات بين ذلك دخل الجنّة، وما من نفقة إلّا ويسأل العبد عنها، إلّا النفقة في شهر رمضان صلة للعباد، وكان كفّارة لذنوبهم، ومن تصدق في شهر رمضان بصدقة، مثقال ذرّة فما فوقها، كان اثقل عند الله عزّوجلّ من جبال الأرض، ذهبا تصدق بها في غير رمضان، ومن قرأ آية في رمضان أو سبّح، كان له من الفضل على غيره، كفضلي على أُمتي، فطوبي لمن ادرك رمضان،

____________________________

(٢) أثبتناه من البحار.

٣ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٥ ح ٩.

٤٢٢

ثم طوبى له « فقالوا: يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وما طوبى؟ قال: » اخبرني جبرئيل: أنّها شجرة غرسها الله بيده، تحمل كلّ نعيم خلق(١) الله عزّوجلّ لأهل الجنّة، وأن عليها ثمارا بعدد النّجوم، في كلّ ثمرة مثل ثدي النّساء، تخرج في كلّ ثمرة منها اربعة انهار: ماء، وخمر، وعسل، ولبن، وسعة كلّ نهر ما بين المغرب والمشرق، وعرضه ما بين السماء والأرض، ومن صلّى ركعتين في رمضان، تحسب له ذلك بسبعمائة الف ركعة في غير رمضان، فإنّ العمل يضاعف في شهر رمضان »، فقالوا: يا رسول الله كم يضاعف؟ قال: « اخبرني جبرئيل قال: تضاعف الحسنات بالف الف، كلّ حسنة منها افضل من أُحد(٢) ، وهو قوله تعالى:( وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ) (٣) ».

[ ٨٥٨٧ ] ٤ - وعنه: عن عبد الرحيم بن محمّد، عن محمّد بن علي، [ عن أبي القاسم بن محمّد، عن أبي عبد الرحمان، عن اسحاق بن وهب، عن عبد الملك بن يزيد عن أبي إسماعيل بن خالد، عن جعفر بن محمّد(١) ، عن أبيه عن جده، عن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من صام شهر رمضان، فاجتنب فيه الحرام والبهتان، رضي الله عنه، واوجب له الجنان ».

____________________________

(١) في البحار: خلقها.

(٢) وفيه: جبل أُحد.

(٣) البقرة ٢: ٢٦١.

٤ - نوادر الراوندي: النسخة المتوفرة خالية من هذا الحديث، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٦ ح ١٠.

(١) أثبتناه من البحار.

٤٢٣

[ ٨٥٨٨ ] ٥ - وعنه: عن ابي الحسن بن علي، عن عبدالله بن جعفر، [ عن احمد بن محمّد ](١) عن احمد بن جعفر، عن الحسين بن اسماعيل، عن يوسف بن سعد، عن زايد القمي، عن مرّة الهمداني، عن أبي مسعود الأنصاري، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله [ أنّه قال ](٢) وقد دنا رمضان: « لو يعلم العبد ما في رمضان، يودّ أن يكون رمضان السنة، فقال رجل من خزاعة: يا رسول الله، وما فيه؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الجنّة لتزيّن لرمضان من الحول إلى الحول، فإذا كان أوّل ليلة من رمضان، هبت ريح من تحت العرش، فصفقت ورق الجنّة، فتنظر حور العين إلى ذلك، فيقلن: يا ربّ اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجا، تقرّ أعيننا بهم وتقرّ اعينهم بنا، فما من عبد صام رمضان، إلّا زوّجه الله تعالى من الحور، في خيمة من درّة مجوّفة، كما نعت الله سبحانه وتعالى في كتابه:( حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) (٣) على كلّ واحدة منهن سبعون [ ألف ](٤) حلة، ليست واحدة منهن على لون الأُخرى، ويعطى سبعين لونا(٥) من الطّيب، ليس منها طيب على لون آخر، وكلّ امرأة منهن على سرير من ياقوته حمراء، متوشّحة من درّ، عليها سبعون فراشا بطائنها من استبرق، وفوق سبعين فراشا سبعون أريكة، لكل امرأة منهن سبعون

____________________________

٥ - نوادر الراوندي: النسخة المتداولة خالية من هذا الحديث، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٦ ح ١٢.

(١) أثبتناه من البحار.

(٢) أثبتناه من البحار.

(٣) الرحمن ٥٥: ٧٢.

(٤) أثبتناه من البحار.

(٥) في البحار: ألفاً.

٤٢٤

ألف(٦) وصيفة (لخدمتها، وسبعون للقياها زوجها)(٧) ، مع كلّ وصيفة منهن صحفة(٨) من ذهب، فيها لون من الطّعام، هذا لكلّ يوم صام من رمضان، سوى ما عمل من حسنات ».

[ ٨٥٨٩ ] ٦ - وعنه: عن عبد الجبّار بن احمد بن محمّد الرّوياني، عن عبد الواحد بن محمّد بن سلام، عن اسماعيل بن الزّاهد، عن محمّد بن احمد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن مسلم بن ابراهيم، عن عمرو بن حمزة، عن ابي الرّبيع، عن أنس بن مالك قال: لمـّا حضر شهر رمضان، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « سبحان الله، ماذا تستقبلون؟ وماذا يستقبلكم؟ » قالها ثلاث مرات، فقال عمر: وحي نزل أو عدوّ حضر، قال: « لا، ولكنّ الله تعالى يغفر في أوّل رمضان، لكلّ أهل هذه القبلة »، قال: ورجل في ناحية القوم يهزّ رأسه، ويقول: بخ بخ، فقال (النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ): « كأنّك ضاق صدرك ممـّا سمعت »، قال: لا والله، يا رسول الله، ولكن ذكرت المنافقين، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « المنافق كافر، وليس لكافر في ذا شئ ».

[ ٨٥٩٠ ] ٧ - وبهذا الإسناد: عن محمّد بن احمد، عن اسماعيل بن اسحاق، عن عبدالله بن مسلمة، عن سلمة بن وردان قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ارتقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على

____________________________

(٦) كذا في الطبعة الحجرية والبحار، واستظهر الشيخ المصنف زيادتها.

(٧) ما بين القوسين ليس في البحار.

(٨) في البحار: صفحة.

٦ - نوادر الراوندي، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٧ ح ١٣.

٧ - نوادر الراوندي، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٧ ح ١٣.

٤٢٥

المنبر درجة، فقال: « آمين »، ثمّ ارتقى الثّانية فقال: « آمين »، ثمّ ارتقى الثّالثة فقال: « آمين » ثمّ استوى فجلس، فقال أصحابه: على ما أمّنت؟ فقال: « أتاني جبرئيل، فقال: رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين فقال: رغم أنف امرئ أدرك أبويه فلم يدخل الجنّة، فقلت: آمين، فقال: رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين ».

[ ٨٥٩١ ] ٨ - وعنه: عن عبد الجبار بن احمد، عن الحاكم ابي الفضل التّرمذي، عن عبدالله بن صالح، عن محمّد بن احمد، عن اسماعيل بن اسحاق، عن ابراهيم بن حمزة، عن عبد العزيز بن محمّد، عن سهيل بن مالك، عن أبيه، عن ابي هريرة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا استهلّ رمضان، غلقت أبواب النّار، وفتحت أبواب الجنّة(١) وصفدت الشياطين ».

[ ٨٥٩٢ ] ٩ - وعنه: عن عبد الواحد بن علي بن الحسين، عن عبد الواحد بن محمّد(١) عن احمد بن عمران بن موسى، عن احمد بن هشام، عن محمّد بن نصير(٢) عن احمد(٣) بن الهيثم، عن عمرو بن الأزهر، عن ابان بن ابي عياش، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول

____________________________

٨ - نوادر الراوندي، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٨ ح ١٤.

(١) في البحار: الجنان.

٩ - نوادر الراوندي، النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٨ ح ١٥.

(١) في البحار زيادة: عن الحسين بن محمّد.

(٢) في البحار: نصر.

(٣) في البحار: علي بن هيثم.

٤٢٦

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا كان أوّل ليلة من شهر رمضان، نادى الجليل تبارك وتعالى، رضوان خازن الجنّة، فيقول: [ يا رضوان فيقول ](٤) : لبّيك ربّي وسعديك، فيقول: نجد(٥) جنّتي وزيّنها، للصّائمين من أُمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا تغلقها عنهم، حتّى ينقضي شهرهم، قال: ثمّ يقول: يا مالك، فيقول: لبّيك ربّي وسعديك، فيقول: اغلق أبواب الجحيم، عن الصّائمين من أُمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا تفتحها عليهم، حتّى ينقضي شهرهم، ثمّ يقول لجبرئيل: [ يا جبرئيل ](٦) فيقول: لبّيك(٧) وسعديك، فيقول: انزل إلى الأرض، فغل فيها مردة الشياطين، حتّى لا يفسدوا على عبادي صومهم، ولله تبارك وتعالى ملك في السماء الدنيا، يقال له دردريا(٨) رأسه تحت العرش، وله جناحان: جناح مكلّل بالياقوت، والآخر بالدّر، وقد جاوز المشرق والمغرب، ينادي الشهر كله: يا باغي الخير هلم، ويا باغي الشر اقصر هل من سائل فيعطى سؤله؟ وهل من داع فتستجاب دعوته؟ هل من تائب فيتاب عليه؟ والله تعالى يقول الشهر كله: هل من تائب فيتاب عليه؟ هل من مستغفر يغفر(٩) له؟ عبادي اصبروا وابشروا، فتوشكوا ان تنقلبوا إلى رحمتي وكرامتي، قال: ولله عزّوجلّ عتقاء عند كلّ فطر، رجال ونساء ».

____________________________

(٤) أثبتناه من البحار.

(٥) التنجيد: التزيين، يقال: بيت مُنَجَّد: أي مُزَيَّن (مجمع البحرين ج ٣ ص ١٤٩).

(٦) أثبتناه من البحار.

(٧) في البحار زيادة: ربِّي.

(٨) الظاهر درديائيل - منه (قدّه).

(٩) في البحار: فيغفر له، ويقول عزّوجلّ.

٤٢٧

[ ٨٥٩٣ ] ١٠ - وبهذا الأسناد: عن [ أحمد بن ](١) عمران بن موسى، عن احمد بن هاشم، عن احمد بن عبدالله بن ابي نصر، عن يزيد بن هارون، عن هشام بن ابي هشام، عن محمّد بن محمّد، عن ابي سلمة، عن ابي هريرة، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اعطيت امتي في شهر رمضان خمس خصال، لم يعطاها احد قبلهم: خلوف(٢) فم الصائم اطيب عند الله تعالى من ريح المسك، وتستغفر له الملائكة حتّى يفطر، وتصفّد(٣) فيه مردة الشياطين، فلا يصلوا فيه [ إلى ](٤) ما كانوا يصلون في غيره، ويزيّن الله فيه كلّ يوم جنّته، ويقول: يوشك عبادي الصّالحون ان يلقوا عنهم المؤونة والأذى، ويصيروا اليك، ويغفر لهم في آخر ليلة منه »، قيل: يا رسول الله، أهي(٥) ليلة القدر؟ قال: « لا، ولكنّ العامل إنّما يوفّى أجره إذا انقضى عمله ».

[ ٨٥٩٤ ] ١١ - وعن أبي القاسم الورّاق، عن أبي محمّد، عن عمير(١) بن (احمد)، عن أبيه، عن محمّد بن سعيد، عن هدبة، عن همام بن

____________________________

١٠ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٨ ح ١٥.

(١) أثبتناه من البحار.

(٢) الخلوف: رائحة الفم المتغير (مجمع البحرين ج ٥ ص ٥٣).

(٣) تصفد: أي تشد وتوثق بالأغلال. (مجمع البحرين ج ٣ ص ٨٨).

(٤) أثبتناه من البحار.

(٥) في البحار: أيّ.

١١ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٨.

(١) في البحار: عمر.

(٢) كان في الطبعة الحجرية زيادة: « أبي أحمد عن عمر بن أحمد » وما أثبتناه من البحار.

٤٢٨

يحيى، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيّب، عن سلمان الفارسيرضي‌الله‌عنه ، قال: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في آخر يوم [ من ](٣) شعبان فقال: « قد أظلكم شهر رمضان، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيامه لله عزّوجلّ تطوّعاً، من تقّرب فيه بخصلة من خير، كان كمن أدّى فريضة فيما سواه، ومن أدّى فيه فريضة، كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصّبر [ والصبر ](٤) ثوابه الجنّة، وشهر المواساة، شهر أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار ».

[ ٨٥٩٥ ] ١٢ - وعن الورّاق، عن أبي محمّد، عن عماد بن احمد، عن الحسن(١) بن علي، عن محمّد بن العلاء، عن ابي بكر بن عيّاش، عن الأعمش، عن ابي صالح، عن ابي هريرة، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إذا كان أوّل ليلة من رمضان، صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلّقت ابواب النّار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب السماء فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير اقبل، ويا باغي الشر اقصر، ولله عزّوجلّ عتقاء من النّار، وذلك كلّ ليلة ».

[ ٨٥٩٦ ] ١٣ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أبي الطيب الحسين بن محمّد التّمار، عن جعفر بن احمد، عن احمد بن محمّد بن ابي مسلم، عن

____________________________

(٣) أثبتناه من البحار.

(٤) أثبتناه من البحار.

١٢ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٥٠ ح ٢٠.

(١) في البحار: الحسين.

١٣ - أمالي المفيد ص ٢٢٩ ح ٣ باختلاف يسير.

٤٢٩

أحمد بن حليس الرّازي، عن القاسم بن الحكم العرني، عن هشام بن الوليد، عن حمّاد بن سليمان السّدوسي، عن أبي الحسن علي بن محمّد السّيرافي، عن الضحاك بن مزاحم، عن عبدالله بن العباس بن عبد المطلب، أنّه سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « إنّ الجنّة لتنجّد وتزيّن من الحول إلى الحول، لدخول شهر رمضان، فإذا كان أوّل ليلة منه، هبت ريح من تحت العرش، يقال لها: المثيرة، تصفق ورق أشجار الجنان وحلق المصاريع(١) ، فيسمع لذلك طنين لم يسمع السّامعون أحسن منه، ويبرزن الحور العين، حتّى يقفن بين شرف الجنّة، فينادين: هل من خاطب إلى الله فيزوّجه؟ ثمّ يقلن: يا رضوان ما هذه اللّيلة؟ فيجيبهنّ بالتّلبية، ثمّ يقول: يا خيرات حسان، هذه أوّل ليلة من شهر رمضان، قد فتحت أبواب الجنان، للصائمين من أُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويقول له عزّوجلّ: يا رضوان، افتح أبواب الجنان، يا مالك، إغلق أبواب جهنّم، عن الصائمين من أُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يا جبرئيل، اهبط إلى الأرض، فصفّد مردة الشياطين، وغلّهم بالأغلال، ثمّ اقذف بهم في لجج البحار، حتّى لا يفسدوا على أُمّة حبيبي صيامهم، قال ويقول الله تبارك وتعالى، في كلّ ليلة من شهر رمضان، ثلاث مرّات: هل من سائل فاعطيه سؤله؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فاغفر له؟ من يقرض الملي غير المعدم؟ الوفي غير الظالم قال وإنّ لله في آخر كلّ يوم من شهر رمضان، عند الإفطار، الف الف عتيق من النار، فإذا كانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة، أعتق في كلّ ساعة منها الف الف عتيق من النار، وكلّهم قد استوجب العذاب، فإذا كان في

____________________________

(١) مصراعا الباب: بابان منصوبان ينظمان جميعا مدخلهما في الوسط (لسان العرب ج ٨ ص ١٩٩).

٤٣٠

آخر شهر رمضان، أعتق الله في ذلك اليوم، بعدد ما أعتق من أوّل الشهر إلى آخره، فإذا كانت ليلة القدر، أمر الله عزّوجلّ جبرئيل فهبط في كتيبة من الملائكة إلى الأرض، ومعه لواء اخضر، فيركز اللّواء إلى ظهر الكعبة، وله ستمائة جناح، منها جناحان لا ينشرهما إلّا في ليلة القدر، فينشرهما تلك الليلة، فيجاوزان المشرق والمغرب، ويبيت جبرئيل والملائكة في هذه الليلة، فيسلّمون على كلّ قائم وقاعد ومصلّي وذاكر، ويصافحونهم ويؤمنون على دعائهم، حتّى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر نادى جبرئيل: يا معشر الملائكة، الرّحيل الرّحيل، فيقولون: يا جبرئيل، فماذا صنع الله تعالى في حوائج المؤمنين، من أُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فيقول: إنّ الله تعالى، نظر إليهم في هذه الليلة، فعفا عنهم وغفر لهم، إلّا أربعة، قال فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مدمن الخمر، والعاقّ لوالديه، والقاطع الرّحم، والمشاجن(٢) ، فإذا كانت ليلة الفطر، وهي تسمّى ليلة الجوائز، اعطى الله تعالى العاملين أجرهم بغير حساب، فإذا كانت غداة يوم الفطر، بعث الله الملائكة في كلّ البلاد، فيهبطون إلى الأرض، ويقفون على أفواه السكك، فيقولون: يا أُمّه محمّد، اخرجوا إلى ربّ كريم، يعطي الجزيل، ويغفر العظيم، فإذا برزوا إلى مصلّاهم، قال الله عزّوجلّ للملائكة: ملائكتي ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ قال فتقول الملائكة: إلهنا وسيدنا، جزاؤه أن توفّي أجره، قال فيقول الله عزّوجلّ: فإني أُشهدكم ملائكتي، إنّي قد جعلت ثوابهم من صيام شهر رمضان، وقيامهم فيه، رضائي ومغفرتي، ويقول: يا عبادي سلوني، فوعزّتي وجلالي، لا تسألوني اليوم في

____________________________

(٢) في المصدر: والمشاحن، والظاهر هو الأصح. المشاحن: من الشحناء وهي العداوة والبغضاء (مجمع البحرين ج ٦ ص ٢٧١).

٤٣١

جمعكم، لاخرتكم ودنياكم، إلّا أعطيتكم، وعزّتي لاسترنّ عليكم عوراتكم ما راقبتموني، وعزّتي لآجرنكم ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الحدود، انصرفوا مغفورا لكم، قد أرضيتموني ورضيت عنكم، قال: فتفرح الملائكة وتستبشر، ويهنّئ بعضهم بعضا، بما يعطي هذه الأُمة إذا افطروا ».

[ ٨٥٩٧ ] ١٤ - تفسير الإمامعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ لله خيارا من كلّ ما خلقه، فله من البقاع خيار، وله من اللّيالي والأيام خيار، وله من الشهور خيار، وله من عباده خيار، وله من خيارهم خيار، فأمّا خياره من البقاع فمكّة والمدينة وبيت المقدّس، وأمّا خياره من اللّيالي فليالي الجمع، وليلة النّصف من شعبان، وليلة القدر، وليلتا العيد، وأمّا خياره من الأيام، فأيّام الجمعة والأعياد، وأمّا خياره من الشهور، فرجب وشعبان وشهر رمضان - إلى أن قال - وإنّ الله عزّوجلّ اختار من الشهور، شهر رجب وشعبان وشهر رمضان، فشعبان أفضل الشهور، إلّا ممـّا كان من شهر رمضان، فإنه أفضل منه، وإنّ الله عزّوجلّ ينزل في شهر رمضان من الزّحمة، الف ضعف ما ينزل في سائر الشهور، ويحشر شهر رمضان في أحسن صوره في القيامة، على تلة لا يخفى هو عليها، على أحد ممّن ضمّه ذلك المحشر، ثمّ يأمر فيخلع عليه من كسوة الجنّة وخلعها، وأنواع سندسها وثيابها، حتّى يصير في العظم بحيث لا ينفذه بصر، ولا تعي علم مقداره أُذن، ولا يفهم كنهه قلب، ثمّ يقال للمنادي من بطنان العرش: ناد، فينادي: يا معشر الخلائق أما تعرفون هذا؟ فيجيب الخلائق يقولون: بلى لبّيك داعي ربّنا وسعديك، أما إننا لا

____________________________

٤ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٧٨.

٤٣٢

نعرفه، ثمّ يقول منادي ربّنا: هذا شهر رمضان، ما أكثر من سعد به منكم، وما اكثر من شقى به، ألا فليأته كلّ مؤمن له، معظّم بطاعة الله فيه، فليأخذ حظّه من هذا الخلع، فتقاسموها بينكم، على قدر طاعتكم لله وجدّكم، قال فيأتيه المؤمنون الّذين كانوا لله مطيعين، فيأخذون من تلك الخلع على مقادير طاعتهم، كانت في الدّنيا، فمنهم من يأخذ الف خلعة، ومنهم من يأخذ عشرة آلاف، ومنهم من يأخذ اكثر من ذلك، وأقلّ، فيشرفهم الله تعالى بكراماته، ألا وإن أقواما يتعاطون تلك الخلع، يقولون في أنفسهم: لقد كنّا بالله مؤمنين، وله موحّدين، وبفضل هذا الشهر معترفين، فيأخذونها ويلبسونها، فتقلّب على ابدانهم مقطّعات النيران، وسرابيل القطران، يخرج على كلّ واحد منهم بعدد كلّ سلكة من تلك الثّياب، افعى وحية وعقرب، وقد تناولوا من تلك الثّياب اعداداً مختلفة، على قدر اجرامهم، كلّ من كان جرمه اعظم، فعدد ثيابه اكثر، فمنهم الآخذ الف ثوب، ومنهم من أخذ عشرة آلاف ثوب، ومنهم من يأخذ اكثر من ذلك، وأنّها لأثقل على أبدانهم من الجبال الرّواسي، على ضعيف من الرّجال، ولو لا ما حكم الله تعالى، بأنّهم لا يموتون لماتوا، إن أقلّ قليل ذلك الثّقل والعذاب، ثمّ يخرج عليهم بعدد كلّ سلكة في تلك السرابيل، من القطران ومقطّعات النّيران، أفعى وحيّة وعقرب وأسد ونمر وكلب، من سباع النّار، فهذه تنهشه، وهذه تلدغة، وهذه تفرسه، وهذه تمزقه، وهذه تقطعه، يقولون: ما بالنا تحولت علينا هذه الثّياب؟ وقد كانت من سندس واستبرق، وأنواع خيار ثياب الجنّة، تحوّلت علينا مقطّعات النّيران وسرابيل قطران، وهي على هؤلاء ثياب فاخرة ملذّة منعمة، فيقال لهم: ذلك بما كانوا يطيعون في شهر رمضان، وكنتم تعصون، وكانوا يعفّون، وكنتم تفجرون، وكانوا يخشون ربّهم، وكنتم تجترون،

٤٣٣

وكانوا يتّقون السّرق، وكنتم تسرقون، وكانوا يتقون ظلم عباد الله، وكنتم تظلمون، فتلك نتائج أفعالهم الحسنة، وهذه نتائج أفعالكم القبيحة، فهم في الجنّة خالدون، لا يشيبون فيها ولا يهرمون، ولا يحوّلون عنها ولا يخرجون ولا ينقلون، ولا يقلقون فيها ولا يغتمون، بل هم فيها سائرون فرحون مبتهجون آمنون مطمئنّون، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وانتم في النار خالدون، تعذّبون فيها ولا تهاونون، من نيرانها وإلى زمهريرها تنقلون، وفي حميمها تغمسون، ومن زقّومها تطعمون، وبمقامعها تقمعون، وبضروب عذابها تعاقبون، لا أحياء أنتم فيها ولا تموتون، أبد الآبدين، إلّا من لحقته منكم رحمة ربّ العالمين، فخرج منها بشفاعة محمّد أفضل النبيّين، بعد العذاب الأليم، والنّكال الشديد ».

[ ٨٥٩٨ ] ١٥ - القطب الراوندي في لبّ اللّباب: عن سلمان قال: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في آخر يوم من شعبان، فقال: « يا أيها الناس، قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوّعا، من تقرّب فيه بنافلة من الخير، كان كمن أدّى فريضة فيما سواه، وهو شهر الصّبر والصبر ثوابه الجنّة، وشهر المواساة، وشهر يزداد في رزق المؤمن، وشهر أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، وهو للمؤمن غنم، وللمنافق غرم ».

[ ٨٥٩٩ ] ١٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يرتقي المنبر، فامّن عند كلّ مرقاة، فسئل عن سبب ذلك، فقال: « دعا جبرئيل وأمّنت،

____________________________

١٥ - لب اللباب: مخطوط.

١٦ - لب اللباب: مخطوط.

٤٣٤

قال: من أدرك والديه، ولم يؤدّ حقّهما، فلا غفر الله له، فقلت: آمين، ثمّ قال: من ذكرت عنده فلم يصلّ عليك، فلا غفر الله له، فقلت: آمين، ثمّ قال: من أدرك شهر رمضان ولا يتوب، فلا غفر الله له، فقلت: آمين - وفي الخبر - أنّ فريضة فيه، بسبعين فريضة في غيره، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : خفّفوا على المملوكين، في شهر رمضان ».

[ ٨٦٠٠ ] ١٧ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأكثر في هذا الشهر المبارك، من قراءة القرآن، والصلاة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكثرة الصّدقة، وذكر الله في آناء اللّيل والنهار، وبرّ الإخوان، وإفطارهم معك بما يمكنك، فإنّ في ذلك ثواباً عظيماً، وأجراً كبيراً ».

[ ٨٦٠١ ] ١٨ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن ابانة العكبري، عن سليمان بن المغيرة، عن أُمه قالت: سألت أُمّ سعيد - سريّة عليعليه‌السلام - عن صلاة عليعليه‌السلام ، في شهر رمضان، فقالت: رمضان وشوّال سواء، يحيي اللّيل كلّه.

[ ٨٦٠٢ ] ١٩ - ابن ابي جمهور في عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « أيّما مؤمن أطعم مؤمنا ليلة من شهر رمضان، كتب الله له بذلك، مثل أجر من أعتق(١) ثلاثين نسمة مؤمنة، وكان له بذلك عند الله دعوة مستجابة ».

____________________________

١٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

١٨ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ١٢٣.

١٩ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٥٣ ح ١٨.

(١) في المصدر زيادة: نسمة، قال ومن أطعمه شهر رمضان كله كتب الله له بذلك أجر من أعتق.

٤٣٥

[ ٨٦٠٣ ] ٢٠ - وفي درر اللآلي: عن رجل من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: « إنّ شهر رمضان، تفتح فيه أبواب الجنّة الثّمانية، وتغلق فيه أبواب النار السّبعة، ويصفد فيه كلّ شيطان مريد، وينادي مناد كلّ ليلة: يا طالب الخير هلمّ، ويا طالب الشّر امسك ».

[ ٨٦٠٤ ] ٢١ - وعن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا كان أوّل ليلة من شهر رمضان، فتحت أبواب الجنان، ولم يغلق منها باب الشهر كلّه، وأُغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب الشهر كلّه، وغلت عتاة الجنّ ومردة الشياطين، ونادى مناد من السماء، كلّ ليلة إلى انفجار الصبح: يا باغي الخير تمّم وابشر، ويا باغي الشر أقصر وابصر، هل من مستغفر نغفر له؟ هل من تائب نتوب عليه؟ هل من داع فنستجيب له؟ هل من سائل يعطى سؤله؟ ولله عند كلّ فطر من شهر رمضان، كلّ ليلة، عتقاء من النار، ستّون الفا، فإذا كان يوم الفطر، أعتق مثل ما أعتق في جميع ثلاثين مرّة، ستّين الفا، ستّين الفا ».

[ ٨٦٠٥ ] ٢٢ - دعائم الإسلام: بإسناده عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه كان يقول لبنيه: « إذا دخل شهر رمضان، فاجهدوا انفسكم فيه، فإن فيه تقسم الأرزاق، وتوقت الأرزاق وتوقت الآجال، ويكتب وفد الله الّذين(١) يفدون عليه، وفيه ليلة

____________________________

٢٠ - درر اللآلي ج ١ ص ١٥.

٢١ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٢٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٨.

(١) في المصدر: الذي.

٤٣٦

(القدر، التي)(٢) العمل فيها خير من العمل في الف شهر ».

[ ٨٦٠٦ ] ٢٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّه خطب الناس آخر يوم من شعبان، فقال: « أيّها الناس، أنّه قد اظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة العمل فيها خير من العمل في الف شهر، من تقرّب فيه بخصلة من خصال الخير، كان كمن أدّى فريضة فيما سواه، ومن أدّى فيه فريضة، كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصّبر، والصّبر ثوابه الجنّة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه من رزق المؤمن، من فطّر فيه صائما، كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النّار، وكان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شئ » فقال بعض القوم: يا رسول الله، ليس كلّنا يجد ما يفطر الصّائم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يعطي الله هذا الثّواب، من فطّر صائما على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة ماء، ومن أشبع صائما، سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها، وهو شهر أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، من خفّف عن مملوكه فيه، غفر الله له وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتان ترضون بهما ربكم، وخصلتان لا غنى بكم عنهما، فأمّا الخصلتان اللّتان ترضون بهما ربكم، فشهادة أن لا إله إلّا الله، وتستغفرونه، وأمّا اللّتان لا غنى بكم عنهما، فتسألون الله الجنّة. وتعوذون به من النار ».

[ ٨٦٠٧ ] ٢٤ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « من لم

____________________________

(٢) ليس في المصدر.

٢٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٨.

٢٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٩.

٤٣٧

يغفر له في شهر رمضان، لم يغفر له إلى مثله من قابل، إلّا أن يشهد عرفة ».

[ ٨٦٠٨ ] ٢٥ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه صعد المنبر فقال: « آمين - ثمّ قال - أيّها النّاس إنّ جبرائيل استقبلني، فقال: يا محمّد، من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فيه، فمات(١) فابعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين ».

١٢ -( باب كراهة قول رمضان من غير إضافة إلى الشهر، وعدم تحريمه، وكفّارة ذلك، وكراهة إنشاد الشعر فيه، ليلا ونهارا)

[ ٨٦٠٩ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا ابي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، أنّه كان يقول: « لا تقولوا رمضان، فإنكم لا تدرون ما رمضان، ومن قاله فليتصدّق، وليصم كفّارة لقوله، ولكن قولوا كما قال الله تعالى: شهر رمضان ».

[ ٨٦١٠ ] ٢ - الصّفار في بصائر الدّرجات: عن محمّد بن يحيى العطّار، عن احمد بن محمّد بن عيسى، عن احمد بن محمّد بن ابي نصر، عن هشام بن سالم، عن سعد، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نحن

____________________________

٢٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٩.

(١) في المصدر: فدخل النار.

الباب - ١٢

١ - الجعفريات ص ٥٩.

٢ - بصائر الدرجات ص ٣٣١.

٤٣٨

عنده ثمانية رجال، فذكرنا رمضان فقال: « لا تقولوا: هذا رمضان، ولا ذهب رمضان، ولا جاء رمضان فانّ رمضان اسم من أسماء الله تعالى، لا يجئ ولا يذهب، وإنّما يجئ ويذهب الزّائل، ولكن قولوا شهر رمضان، فالشهر مضاف إلى الاسم، والاسم اسم الله، وهو الشهر الّذي أُنزل فيه القرآن » الخبر.

١٣ -( باب استحباب الدعاء عند رؤية الهلال، وأوّل ليلة من شهر رمضان، بالمأثور)

[ ٨٦١١ ] ١ - الصدوق في الفقيه: (عن الصادقعليه‌السلام قال)(١) : « إذا رأيت هلال شهر رمضان، فلا تشر إليه، ولكن استقبل القبلة، وارفع يديك إلى الله عزّوجلّ، وخاطب الهلال تقول: ربّي وربّك الله ربّ العالمين، اللهم أهلّه علينا بالأمن والأمان، والسلامة والإسلام، والمسارعة إلى ما تحبّ وترضى، اللّهمّ بارك لنا في شهرنا هذا، وارزقنا خيره وعونه، واصرف عنّا ضرّه وشرّه، وبلاءه وفتنته ».

[ ٨٦١٢ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا رأيت هلال شهر رمضان، فلا تشر إليه، ولكن استقبل القبلة، وارفع يديك إلى الله، وخاطب الهلال، وكبّر في وجهه، ثمّ تقول: ربّي وربّك الله ربّ العالمين، اللّهمّ أهلّه علينا بالأمن والأمانة والإيمان، والسلامة والإسلام، والمسارعة إلى ما تحبّ وترضى، اللّهمّ بارك لنا في شهرنا هذا، وارزقنا عونه وخيره، واصرف عنّا شرّه وضرّه وبلاءه وفتنته ».

____________________________

الباب - ١٣

١ - الفقيه ج ٢ ص ٦٢ ح ٢.

(١) في المصدر: وقال أبيرضي‌الله‌عنه في رسالته إليّ.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

٤٣٩

[ ٨٦١٣ ] ٣ - دعائم الإسلام: روينا عن علي (صلوات الله عليه)، أنّه كان إذا رأى الهلال قال: « الله أكبر، اللّهمّ إنّي أسألك خير هذا الشهر، وفتحه ونصره، ونوره ورزقه، واعوذ بك من شره، وشرّ ما بعده ».

[ ٨٦١٤ ] ٤ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: عن محمّد بن الحنفيّة، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا استهلّ هلال شهر رمضان، استقبل القبلة بوجهه، وقال: اللّهمّ أهلّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والعافية المجلّلة ودفاع الاسقام، والعون على الصلاة والصيام، وتلاوة القرآن، اللّهمّ سلّمنا لشهر رمضان، وتسلّمه منّا، وسلّمنا فيه، حتّى ينقضي عنّا شهر رمضان، وقد عفوت عنّا، وغفرت لنا، ورحمتنا ».

[ ٨٦١٥ ] ٥ - وعن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّهعليهم‌السلام ، قال: « مرّ علي بن الحسينعليهما‌السلام ، في طريقه يوماً إلى هلال شهر رمضان، فوقف فقال: أيّها الخلق المطيع، الدّائب السّريع، المتردّد في فلك التّقدير، المتصرّف في منازل التّدبير، آمنت بمن نوّر بك الظّلم، وأوضح بك البهم، وجعلك آية من آيات ملكه، وعلامة من علامات سلطانه، فحدّ بك الزّمان، وامتهنك(١) بالزّيادة والنقصان، والطّلوع والأُفول، والانارة والكسوف، في كلّ ذلك انت له مطيع، وإلى إرادته سريع، سبحانه ما أعجب ما أظهر من

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧١.

٤ - إقبال الأعمال ص ١٧.

٥ - الإقبال ص ١٧ باختلاف.

(١) امتهنك: استخدمك (مجمع البحرين ج ٦ ص ٣٢١).

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594