مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل10%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 329457 / تحميل: 5380
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

و يندفع بهذا الوجه الاعتراض على ما استدلّ به على المعاد من إطلاق القدرة كما سيجي‏ء، و محصّله أنّ إطلاق القدرة إنّما ينفع فيما كان ممكناً لكن إعادة الإنسان بعينه محال فإنّ الإنسان المخلوق ثانياً مثل الإنسان الدنيويّ المخلوق أوّلاً لا شخصه الّذي خلق أوّلاً و مثل الشي‏ء غير الشي‏ء لا عينه.

وجه الاندفاع أنّ شخصيّة الشخص من الإنسان بنفسه لا ببدنه و النفس محفوظة فإذا خلق البدن و تعلّقت به النفس كان هو الإنسان الدنيويّ بشخصه و إن كان البدن بالقياس إلى البدن مع الغضّ عن النفس، مثلاً لا عيناً.

قوله تعالى: ( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ) أي ما هو مبدأ خلقه؟ و ما هو الّذي صيّره الله إنساناً؟

و الجملة متفرّعة على الآية السابقة و ما تدلّ عليه بفحواها بحسب السياق و محصّل المعنى و إذ كانت كلّ نفس محفوظة بذاتها و عملها من غير أن تفنى أو ينسى عملها فليذعن الإنسان أن سيرجع إلى ربّه و يجزي بما عمل و لا يستبعد ذلك و لينظر لتحصيل هذا الإذعان إلى مبدإ خلقه و يتذكّر أنّه خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب و الترائب.

فالّذي بدأ خلقه من ماء هذه صفته يقدر على رجعه و إحيائه بعد الموت.

و في الإتيان بقوله:( خُلِقَ ) مبنيّاً للمفعول و ترك ذكر الفاعل و هو الله سبحانه إيماء إلى ظهور أمره، و نظيره قوله:( خُلِقَ مِنْ ماءٍ ) إلخ.

قوله تعالى: ( خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ) الدفق تصبّب الماء و سيلانه بدفع و سرعة و الماء الدافق هو المنيّ و الجملة جواب عن استفهام مقدّر يهدي إليه قوله:( مِمَّ خُلِقَ ) .

قوله تعالى: ( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ ) الصلب الظهر، و الترائب جمع تريبة و هي عظم الصدر.

و قد اختلفت كلماتهم في الآية و ما قبلها اختلافاً عجيباً، و الظاهر أنّ المراد بقوله:( بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ ) البعض المحصور من البدن بين جداري عظام الظهر و

٣٨١

عظام الصدر(1) .

قوله تعالى: ( إِنَّهُ عَلى‏ رَجْعِهِ لَقادِرٌ ) الرجع الإعادة، و ضمير( إِنَّهُ ) له تعالى و اكتفى بالإضمار مع أنّ المقام مقام الإظهار لظهوره نظير قوله:( خُلِقَ ) مبنيّاً للمفعول.

و المعنى أنّ الّذي خلق الإنسان من ماء صفته تلك الصفة، على إعادته و إحيائه بعد الموت - و إعادته مثل بدئه - لقادر لأنّ القدرة على الشي‏ء قدرة على مثله إذ حكم الأمثال فيما يجوز و فيما لا يجوز واحد.

قوله تعالى: ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ) ظرف للرجع، و السريرة ما أسرّه الإنسان و أخفاه في نفسه، و البلاء الاختبار و التعرّف و التصفّح.

فالمعنى يوم يختبر ما أخفاه الإنسان و أسرّه من العقائد و آثار الأعمال خيرها و شرّها فيميّز خيرها من شرّها و يجزي الإنسان به فالآية في معنى قوله تعالى:( إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ) البقرة: 284.

قوله تعالى: ( فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ ) أي لا قدرة له في نفسه يمتنع بها من عذاب الله و لا ناصر له يدفع عنه ذلك أي لا قدرة هناك يدفع عنه الشرّ لا من نفسه و لا من غيره.

قوله تعالى: ( وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ ) إقسام بعد إقسام لتأكيد أمر القيامة و الرجوع إلى الله.

و المراد بكون السماء ذات رجع ما يظهر للحسّ من سيرها بطلوع الكواكب بعد غروبها و غروبها بعد طلوعها، و قيل: رجعها أمطارها، و المراد بكون الأرض ذات صدع تصدّعها و انشقاقها بالنبات، و مناسبة القسمين لما اُقسم عليه من الرجوع بعد الموت و الخروج من القبور ظاهرة.

قوله تعالى: ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ ) الفصل إبانة أحد الشيئين من

____________________

(1) و قد أورد المراغي في تفسيره في ذيل الآية عن بعض الأطباء توجيهاً دقيقاً علميّاً لهذه الآية من أراده فليراجعه.

٣٨٢

الآخر حتّى يكون بينهما فرجة، و التعبير بالفصل - و المراد الفاصل - للمبالغة كزيد عدل و الهزل خلاف الجدّ.

و الآيتان جواب القسم، و ضمير( إِنَّهُ ) للقرآن و المعنى اُقسم بكذا و كذا إنّ القرآن لقول فاصل بين الحقّ و الباطل و ليس هو كلاماً لا جدّ فيه فما يُحقّه حقّ لا ريب فيه و ما يبطله باطل لا ريب فيه فما أخبركم به من البعث و الرجوع حقّ لا ريب فيه.

و قيل: الضمير لما تقدّم من خبر الرجوع و المعاد، و الوجه السابق أوجه.

قوله تعالى: ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَ أَكِيدُ كَيْداً ) أي الكفّار يحتالون بكفرهم و إنكارهم المعاد احتيالاً يريدون به إطفاء نور الله و إبطال دعوتك، و احتال عليهم بعين أعمالهم بالاستدراج و الإملاء و الإضلال بالطبع على قلوبهم و جعل الغشاوة على سمعهم و أبصارهم احتيالاً أسوقهم به إلى عذاب يوم القيامة.

قوله تعالى: ( فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ) التمهيل و الإمهال بمعنى واحد غير أنّ باب التفعيل يفيد التدريج و الإفعال يفيد الدفعة، و الرويد القليل.

و المعنى: إذا كان منهم كيد و منّي كيد عليهم بعين ما يكيدون به و الله غالب على أمره، فانتظر بهم و لا تعاجلهم انتظر بهم قليلاً فسيأتيهم ما اُوعدهم به فكلّ ما هو آت قريب.

و في التعبير أوّلاً بمهّل الظاهر في التدريج و ثانياً مع التقييد برويداً بأمهل الظاهر في الدفعة لطف ظاهر.

( بحث روائي‏)

في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ ) قال: الملائكة.

و فيه: في قوله تعالى:( خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ) قال: النطفة الّتي تخرج بقوّة.

و فيه: في قوله تعالى:( يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ ) قال: الصلب الرجل

٣٨٣

و الترائب المرأة، و هو صدرها.

أقول: الرواية على إضمارها و إرسالها لا تخلو من شي‏ء.

و فيه: في قوله تعالى:( يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ) قال: يكشف عنها.

و في المجمع، روي مرفوعاً عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ضمن الله خلقه أربع خصال: الصلاة، و الزكاة، و صوم شهر رمضان، و الغسل من الجنابة، و هي السرائر الّتي قال الله تعالى: يوم تبلى السرائر.

أقول: و لعلّه من قبيل ذكر بعض المصاديق كما تؤيّده الرواية التالية.

و فيه، عن معاذ بن جبل قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما هذه السرائر الّتي ابتلى الله بها العباد في الآخرة؟ فقال: سرائركم هي أعمالكم من الصلاة و الصيام و الزكاة و الوضوء و الغسل من الجنابة و كلّ مفروض لأنّ الأعمال كلّها سرائر خفيّة فإن شاء الرجل قال: صلّيت و لم يصلّ و إن شاء قال: توضّيت و لم يتوضّ فذلك قوله:( يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ) .

و في تفسير القمّيّ: في قوله تعالى:( فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ ) قال: ما له من قوّة يهوي بها على خالقه، و لا ناصر من الله ينصره إن أراد به سوءا.

و فيه: في قوله تعالى:( وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ ) قال: ذات المطر( وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ ) أي ذات النبات.

و في المجمع:( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ) يعني أنّ القرآن يفصل بين الحقّ و الباطل بالبيان عن كلّ واحد منهما، و روي ذلك عن الصادقعليه‌السلام .

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي شيبة و الدارميّ و الترمذيّ و محمّد بن نصر و ابن الأنباريّ في المصاحف عن الحارث الأعور قال: دخلت المسجد فإذا الناس قد وقعوا في الأحاديث فأتيت عليّاً فأخبرته فقال: أ و قد فعلوها؟

سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنّها ستكون فتنة. قلت: فما المخرج منها يا رسول الله قال: كتاب الله فيه نبأ من قبلكم و خبر من بعدكم، و حكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبّار قصمه الله، من ابتغى الهوى في غيره أضلّه الله، و هو حبل الله

٣٨٤

المتين، و هو الذكر الحكيم، و هو الصراط المستقيم، هو الّذي لا تزيغ به الأهواء، و لا يشبع منه العلماء، و لا تلتبس منه الألسن، و لا يخلق من الردّ، و لا تنقضي عجائبه هو الّذي لم ينته الجنّ إذ سمعته حتّى قالوا( إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ) . من قال به صدق، و من حكم به عدل، و من عمل به اُجر، و من دعي إليه هدي إلى صراط مستقيم.

أقول: و روي ما يقرب منه عن معاذ بن جبل عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و رواه مختصراً عن ابن مردويه عن عليّعليه‌السلام .

٣٨٥

( سورة الأعلى مكّيّة و هي تسع عشرة آية)

( سورة الأعلى الآيات 1 - 19)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ( 1 ) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ ( 2 ) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ( 3 ) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَىٰ ( 4 ) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَىٰ ( 5 ) سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ ( 6 ) إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ ( 7 ) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ ( 8 ) فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ ( 9 ) سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ ( 10 ) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ( 11 ) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ ( 12 ) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ ( 13 ) قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ( 14 ) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ ( 15 ) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ( 16 ) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ( 17 ) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ ( 18 ) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ( 19 )

( بيان‏)

أمرٌ بتوحيده تعالى على ما يليق بساحته المقدّسة و تنزيه ذاته المتعالية من أن يذكر مع اسمه اسم غيره أو يسند إلى غيره ما يجب أن يسند إليه كالخلق و التدبير و الرزق و وعد لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتأييده بالعلم و الحفظ و تمكينه من الطريقة الّتي هي أسهل و أيسر للتبليغ و أنسب للدعوة.

و سياق الآيات في صدر السورة سياق مكّيّ و أمّا ذيلها أعني قوله:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ) إلخ فقد ورد من طرق أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام و كذا من طريق أهل السنّة

٣٨٦

أنّ المراد به زكاة الفطرة و صلاة العيد و من المعلوم أنّ الصوم و ما يتبعه من زكاة الفطرة و صلاة العيد إنّما شرعت بالمدينة بعد الهجرة فتكون آيات الذيل نازلة بالمدينة.

فالسورة صدرها مكّيّ و ذيلها مدنيّ، و لا ينافي ذلك ما جاء في الآثار أنّ السورة مكّيّة فإنّه لا يأبى الحمل على صدر السورة.

قوله تعالى: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) أمر بتنزيه اسمه تعالى و تقديسه، و إذ علّق التنزيه على الاسم - و ظاهر اللفظ الدالّ على المسمّى - و الاسم إنّما يقع في القول فتنزيهه أن لا يذكر معه ما هو تعالى منزّه عنه كذكر الآلهة و الشركاء و الشفعاء و نسبة الربوبيّة إليهم و كذكر بعض ما يختصّ به تعالى كالخلق و الإيجاد و الرزق و الإحياء و الإماتة و نحوها و نسبته إلى غيره تعالى أو كذكر بعض ما لا يليق بساحة قدسه تعالى من الأفعال كالعجز و الجهل و الظلم و الغفلة و ما يشبهها من صفات النقص و الشين و نسبته إليه تعالى.

و بالجملة تنزيه اسمه تعالى أن يجرّد القول عن ذكر ما لا يناسب ذكره ذكر اسمه تعالى و هو تنزيهه تعالى في مرحلة القول الموافق لتنزيهه في مرحلة الفعل.

و هو يلازم التوحيد الكامل بنفي الشرك الجليّ كما في قوله:( وَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ إِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) الزمر: 45 و قوله:( وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ) إسراء: 46.

و في إضافة الاسم إلى الربّ و الربّ إلى ضمير الخطاب تأييد لما قدّمناه فإنّ المعنى سبّح اسم ربّك الّذي اتّخذته ربّاً و أنت تدعو إلى أنّه الربّ الإله فلا يقعنّ في كلامك مع ذكر اسمه بالربوبيّة ذكر من غيره بحيث ينافي تسمّيه بالربوبيّة على ما عرّف نفسه لك.

و قوله:( الْأَعْلَى ) و هو الّذي يعلو كلّ عال و يقهر كلّ شي‏ء صفة( رَبِّكَ ) دون الاسم و يعلّل بمعناه الحكم أي سبّح اسمه لأنّه أعلى.

٣٨٧

و قيل: معنى( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) قل: سبحان ربّي الأعلى كما عن ابن عبّاس و نسب إليه أيضاً أنّ المعنى صلّ.

و قيل: المراد بالاسم المسمّى و المعنى نزّهه تعالى عن كلّ ما لا يليق بساحة قدسه من الصفات و الأفعال.

و قيل: إنّه ذكر الاسم و المراد به تعظيم المسمّى و استشهد عليه بقول لبيد، إلى الحول ثمّ اسم السلام عليكما. فالمعنى سبّح ربّك الأعلى.

و قيل: المراد تنزيه أسمائه تعالى عمّا لا يليق بأن لا يؤوّل ممّا ورد منها اسم من غير مقتض، و لا يبقى على ظاهره إذا كان ما وضع له لا يصحّ له تعالى، و لا يطلقه على غيره تعالى إذا كان مختصّاً كاسم الجلالة و لا يتلفّظ به في محلّ لا يناسبه كبيت الخلاء، و على هذا القياس.

و ما قدّمناه من المعنى أوسع و أشمل و أنسب لسياق قوله الآتي( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) ( وَ نُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى‏ فَذَكِّرْ ) فإنّ السياق سياق البعث إلى التذكرة و التبليغ فبدأ أوّلاً بإصلاح كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و تجريده عن كلّ ما يشعر بجليّ الشرك و خفيّه بأمره بتنزيه اسم ربّه، و وعد ثانياً بإقرائه بحيث لا ينسى شيئاً ممّا اُوحي إليه و تسهيل طريقة التبليغ عليه ثمّ اُمر بالتذكير و التبليغ فافهم.

قوله تعالى: ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ) خلق الشي‏ء جمع أجزائه، و تسويته جعلها متساوية بحيث يوضع كلّ في موضعه الّذي يليق به و يعطى حقّه كوضع كلّ عضو من أعضاء الإنسان فيما يناسبه من الموضع.

و الخلق و التسوية و إن كانا مطلقين لكنّهما إنّما يشملان ما فيه تركيب أو شائبة تركيب من المخلوقات.

و الآية إلى تمام أربع آيات تصف التدبير الإلهيّ و هي برهان على ربوبيّته تعالى المطلقة.

قوله تعالى: ( وَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَدى‏ ) أي جعل الأشياء الّتي خلقها على مقادير مخصوصة و حدود معيّنة في ذواتها و صفاتها و أفعالها لا تتعدّاها و جهّزها بما يناسب

٣٨٨

ما قدّر لها فهداها إلى ما قدّر فكلّ يسلك نحو ما قدّر له بهداية ربّانيّة تكوينيّة كالطفل يهتدي إلى ثدي اُمّه و الفرخ إلى زقّ اُمّه و أبيه، و الذكر إلى الاُنثى و ذي النفع إلى نفعه و على هذا القياس.

قال تعالى:( وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ) الحجر: 21، و قال:( ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ) عبس: 20 و قال:( لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها ) البقرة: 148.

قوله تعالى: ( وَ الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى‏ ) المرعى ما ترعاه الدوابّ فالله تعالى هو الّذي أخرجها أي أنبتها.

قوله تعالى: ( فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى‏ ) الغثاء ما يقذفه السيل على جانب الوادي من الحشيش و النبات، و المراد هنا - كما قيل - اليابس من النبات، و الأحوى الأسود.

و إخراج المرعى لتغذّي الحيوان ثمّ جعله غثاء أحوى من مصاديق التدبير الربوبيّ و دلائله كما أنّ الخلق و التسوية و التقدير و الهداية كذلك.

قوله تعالى: ( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى‏ إِلَّا ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَ ما يَخْفى‏ ) قال في المفردات: و القراءة ضمّ الحروف و الكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل، و ليس يقال ذلك لكلّ جمع لا يقال: قرأت القوم إذا جمعتهم، و يدلّ على ذلك أنّه لا يقال للحرف الواحد إذا تفوّه به قراءة، انتهى، و قال في المجمع: و الإقراء أخذ القراءة على القارئ بالاستماع لتقويم الزلل، و القارئ التالي. انتهى.

و ليس إقراؤه تعالى نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القرآن مثل إقراء بعضنا بعضاً باستماع المقري لما يقرؤه القارئ و إصلاح ما لا يحسنه أو يغلط فيه فلم يعهد من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقرأ شيئاً من القرآن فلا يحسنه أو يغلط فيه عن نسيان للوحي ثمّ يقرأ فيصلح بل المراد تمكينه من قراءة القرآن كما اُنزل من غير أن يغيّره بزيادة أو نقص أو تحريف بسبب النسيان.

فقوله:( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى‏ ) وعدٌ منه لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يمكّنه من العلم

٣٨٩

بالقرآن و حفظه على ما اُنزل بحيث يرتفع عنه النسيان فيقرؤه كما اُنزل و هو الملاك في تبليغ الوحي كما اُوحي إليه.

و قوله:( إِلَّا ما شاءَ اللهُ ) استثناء مفيد لبقاء القدرة الإلهيّة على إطلاقها و أنّ هذه العطيّة و هي الإقراء بحيث لا تنسى لا ينقطع عنه سبحانه بالإعطاء بحيث لا يقدر بعد على إنسائك بل هو باق على إطلاق قدرته له أن يشاء إنساءك متى شاء و إن كان لا يشاء ذلك فهو نظير الاستثناء الّذي في قوله:( وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) هود: 108 و قد تقدّم توضيحه.

و ليس المراد بالاستثناء إخراج بعض أفراد النسيان من عموم النفي و المعنى سنقرئك فلا تنسى شيئاً إلّا ما شاء الله أن تنساه و ذلك أنّ كلّ إنسان على هذه الحال يحفظ أشياء و ينسى أشياء فلا معنى لاختصاصه بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلحن الامتنان مع كونه مشتركاً بينه و بين غيره فالوجه ما قدّمناه.

و الآية بسياقها لا تخلو من تأييد لما قيل: إنّه كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي يقرؤه مخافة أن ينساه فكان لا يفرغ جبريل من آخر الوحي حتّى يتكلّم هو بأوّله فلمّا نزلت هذه الآية لم ينس بعده شيئاً.

و يقرب من الاعتبار أن تكون هذه الآية أعني قوله:( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى‏ ) نازلة أوّلاً ثمّ قوله:( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ ) القيامة: 19 ثمّ قوله:( وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى‏ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) طه: 114.

و قوله:( إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَ ما يَخْفى) الجهر كمال ظهور الشي‏ء لحاسّة البصر كقوله:( فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً ) النساء: 153، أو لحاسّة السمع كقوله:( إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ ) الأنبياء: 110، و المراد بالجهر الظاهر للإدراك بقرينة مقابلته لقوله:( وَ ما يَخْفى‏ ) من غير تقييده بسمع أو بصر.

و الجملة في مقام التعليل لقوله:( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) و المعنى سنصلح لك بالك

٣٩٠

في تلقّي الوحي و حفظه لأنّا نعلم ظاهر الأشياء و باطنها فنعلم ظاهر حالك و باطنها و ما أنت عليه من الاهتمام بأمر الوحي و الحرص على طاعته فيما أمر به.

و في قوله:( إِلَّا ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ) إلخ التفات من التكلّم مع الغير إلى الغيبة و النكتة فيه الإشارة إلى حجّة الاستثناء فإفاضة العلم و الحفظ للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما لا يسلب القدرة على خلافه و لا يحدّها منه تعالى لأنّه الله المستجمع لجميع صفات الكمال و منها القدرة المطلقة ثمّ جرى الالتفات في قوله:( إِنَّهُ يَعْلَمُ ) إلخ لمثل النكتة.

قوله تعالى: ( وَ نُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى‏ ) اليسرى - مؤنث أيسر - و هو وصف قائم مقام موصوفة المحذوف أي الطريقة اليسرى و التيسير التسهيل أي و نجعلك بحيث تتّخذ دائماً أسهل الطرق للدعوة و التبليغ قولاً و فعلاً فتهدي قوماً و تتمّ الحجّة على آخرين و تصبر على أذاهم.

و كان مقتضى الظاهر أن يقال: و نيسّر لك اليسرى كما قال:( وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي ) طه: 26 و إنّما عدل عن ذلك إلى قوله:( وَ نُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى‏ ) لأنّ الكلام في تجهيزه تعالى نفس النبيّ الشريفة و جعله إيّاها صالحة لتأدية الرسالة و نشر الدعوة. على ما في نيسّر اليسرى من إيهام تحصيل الحاصل.

فالمراد جعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صافي الفطرة حقيقاً على اختيار الطريقة اليسرى الّتي هي طريقة الفطرة فالآية في معنى قوله حكاية عن موسى:( حَقِيقٌ عَلى‏ أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ) الأعراف: 105.

قوله تعالى: ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى‏ ) تفريع على ما تقدّم من أمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتنزيه اسم ربّه و وعده إقراء الوحي بحيث لا ينسى و تيسيره لليسرى و هي الشرائط الضروريّة الّتي يتوقّف عليها نجاح الدعوة الدينيّة.

و المعنى إذ تمّ لك الأمر بامتثال ما أمرناك به و إقرائك فلا تنسى و تيسيرك لليسرى فذكّر إن نفعت الذكرى.

و قد اشترط في الأمر بالتذكرة أن تكون نافعة و هو شرط على حقيقته فإنّها إذا

٣٩١

لم تنفع كانت لغواً و هو تعالى يجلّ عن أن يأمر باللّغو فالتذكرة لمن يخشى لأوّل مرّة تفيد ميلا من نفسه إلى الحقّ و هو نفعها و كذا التذكرة بعد التذكرة كما قال:( سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى‏ ) و التذكرة للأشقى الّذي لا خشية في قلبه لأوّل مرّة تفيد تمام الحجّة عليه و هو نفعها و يلازمها تجنّبه و تولّيه عن الحقّ كما قال:( يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى‏ ) و التذكرة بعد التذكرة له لا تنفع شيئاً و لذا اُمر بالإعراض عن ذلك قال تعالى:( فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَ لَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا ) النجم: 29.

و قيل: الشرط شرط صوريّ غير حقيقيّ و إنّما هو إخبار عن أنّ الذكرى نافعة لا محالة في زيادة الطاعة و الانتهاء عن المعصية كما يقال: سله إن نفع السؤال و لذا قال بعضهم( إن ) ( إِنْ ) في الآية بمعنى قد، و قال آخرون: إنّها بمعنى إذ.

و فيه أنّ كون الذكرى نافعة مفيدة دائماً حتّى فيمن يعاند الحقّ - و قد تمّت عليه الحجّة - ممنوع كيف؟ و قد قيل فيهم:( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ عَلى‏ سَمْعِهِمْ وَ عَلى‏ أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ ) البقرة: 7.

و قيل: إنّ في الكلام إيجازاً بالحذف، و التقدير فذكّر إن نفعت الذكرى و إن لم تنفع و ذلك لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث للتذكرة و الإعذار فعليه أن يذكّر نفع أو لم ينفع فالآية من قبيل قوله:( وَ جَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ) النحل: 81 أي و البرد.

و فيه أنّ وجوب التذكرة عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى فيما لا يترتّب عليها أثراً أصلاً ممنوع.

و قيل: إنّ الشرط مسوق للإشارة إلى استبعاد النفع في تذكرة هؤلاء المذكورين نعياً عليهم كأنّه قيل: افعل ما اُمرت به لتوجر و إن لم ينتفعوا به.

و فيه أنّه يردّه قوله تعالى بعده بلا فصل:( سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى‏ ) .

قوله تعالى: ( سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى‏ ) أي سيتذكّر و يتّعظ بالقرآن من في قلبه شي‏ء من خشية الله و خوف عقابه.

قوله تعالى: ( يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى‏ ) الضمير للذكرى و المراد بالأشقى بقرينة

٣٩٢

المقابلة من ليس في قلبه شي‏ء من خشية الله تعالى، و تجنّب الشي‏ء التباعد عنه، و المعنى و سيتباعد عن الذكرى من لا يخشى الله.

قوله تعالى: ( الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى) الظاهر أنّ المراد بالنار الكبرى نار جهنّم و هي نار كبري بالقياس إلى نار الدنيا، و قيل: المراد بها أسفل دركات جهنّم و هي أشدّها عذاباً.

قوله تعالى: ( ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَ لا يَحْيى‏ ) ثمّ للتراخي بحسب رتبة الكلام، و المراد من نفي الموت و الحياة عنه معاً نفي النجاة نفياً مؤبّداً فإنّ النجاة بمعنى انقطاع العذاب بأحد أمرين إمّا بالموت حتّى ينقطع عنه العذاب بانقطاع وجوده و إمّا يتبدّل صفة الحياة من الشقاء إلى السعادة و من العذاب إلى الراحة فالمراد بالحياة في الآية الحياة الطيّبة على حدّ قولهم في الحرض: لا حيّ فيرجى و لا ميّت فينسى.

قوله تعالى: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) التزكّي هو التطهّر و المراد به التطهّر من ألواث التعلّقات الدنيويّة الصارفة عن الآخرة بدليل قوله بعد( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا ) إلخ، و الرجوع إلى الله بالتوجّه إليه تطهّر من الإخلاد إلى الأرض، و الإنفاق في سبيل الله تطهّر من لوث التعلّق الماليّ حتّى أنّ وضوء الصلاة تمثيل للتطهّر عمّا كسبته الوجوه و الأيدي و الأقدام.

و قوله:( وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) الظاهر أنّ المراد بالذكر الذكر اللفظيّ، و بالصلاة التوجّه الخاصّ المشروع في الإسلام.

و الآيتان بحسب ظاهر مدلولهما على العموم لكن ورد في المأثور عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام أنّهما نزلتا في زكاة الفطر و صلاة العيد و كذا من طرق أهل السنّة.

قوله تعالى: ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا ) إضراب بالخطاب لعامّة الناس على ما يدعو إليه طبعهم البشريّ من التعلّق التامّ بالدنيا و الاشتغال بتعميرها، و الإيثار الاختيار، و قيل: الخطاب للكفّار، و الكلام على أيّ حال مسوق للعتاب و الالتفات لتأكيده.

٣٩٣

قوله تعالى: ( وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى‏ ) عدّ الآخرة أبقى بالنسبة إلى الدنيا مع أنّها باقية أبديّة في نفسها لأنّ المقام مقام الترجيح بين الدنيا و الآخرة و يكفي في الترجيح مجرّد كون الآخرة خيراً و أبقى بالنسبة إلى الدنيا و إن قطع النظر عن كونها باقية أبديّة.

قوله تعالى: ( إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏ صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏ ) الإشارة بهذا إلى ما بين في قوله:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ) إلى تمام أربع آيات، و قيل: هذا إشارة إلى مضمون قوله:( وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى‏ ) .

قيل: و في إبهام الصحف و وصفها بالتقدّم أوّلاً ثمّ بيانها و تفسيرها بصحف إبراهيم و موسى ثانياً ما لا يخفى من تفخيم شأنها و تعظيم أمرها.

( بحث روائي‏)

في تفسير العيّاشيّ، عن عقبة بن عامر الجهنيّ قال: لمّا نزلت:( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اجعلوها في ركوعكم، و لمّا نزل( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) قال: اجعلوها في سجودكم.

أقول: و رواه أيضاً في الدرّ المنثور، عن أحمد و أبي داود و ابن ماجة و ابن المنذر و ابن مردويه عن عقبة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و في تفسير القمّيّ:( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) قال: قل سبحان ربّي الأعلى( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَدى‏ ) قال: قدّر الأشياء بالتقدير الأوّل ثمّ هدى إليها من يشاء.

و فيه: في قوله تعالى:( وَ الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى‏ ) قال: أي النبات. و في قوله:( غُثاءً أَحْوى‏ ) قال: يصير هشيماً بعد بلوغه و يسودّ.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن مردويه عن ابن عبّاس قال: كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستذكر القرآن مخافة أن ينساه فقيل له: كفيناك ذلك و نزلت:( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى‏ ) .

٣٩٤

و في الفقيه: و سئل الصادقعليه‌السلام عن قول الله عزّوجلّ:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ) قال قال: من أخرج الفطرة قيل له: و( ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) قال: خرج إلى الجبانة(1) فصلّى.

أقول: و روي هذا المعنى أيضاً عن حمادّ عن جرير عن أبي بصير و زرارة عنهعليه‌السلام و رواه القمّيّ في تفسيره، مرسلاً مضمراً.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدريّ قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول:( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) ثمّ يقسّم الفطرة قبل أن يغدو إلى المصلّى يوم الفطر.

أقول: و روي أيضاً نزول الآيتين في زكاة الفطرة و صلاة العيد بطريقين عن أبي سعيد موقوفاً، و كذا بطريقين عن ابن عمر و بطريق عن نائلة بن الأصقع و بطريقين عن أبي العالية و بطريق عن عطاء و بطريق عن محمّد بن سيرين و بطريق عن إبراهيم النخعي و كذا عن عمرو بن عوف عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و في الخصال، عن عتبة بن عمرو الليثيّ عن أبي ذرّ في حديث قلت: يا رسول الله فما في الدنيا ممّا أنزل الله عليك شي‏ء ممّا كان في صحف إبراهيم و موسى؟ قال: يا أبا ذرّ اقرأ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقى‏ إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏ صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏ ) .

أقول: يؤيّد الحديث كون الإشارة بهذا إلى مجموع الآيات الأربع كما تقدّم.

و في البصائر، بإسناده عن أبي بصير قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : عندنا الصحف الّتي قال الله:( صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى‏ ) قلت: الصحف هي الألواح؟ قال: نعم.

أقول: و رواه أيضاً بطريق آخر عن أبي بصير عنهعليه‌السلام و الظاهر أنّ المراد بكون الصحف هي الألواح كونها هي التوراة المعبّر عنها في مواضع من القرآن بالألواح كقوله تعالى:( وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ ) الأعراف: 145 و قوله:( وَ أَلْقَى

____________________

(1) الجبانة: الصحراء

٣٩٥

الْأَلْواحَ ) الأعراف: 150 و قوله:( أَخَذَ الْأَلْواحَ ) الأعراف: 154.

و في المجمع، روي عن أبي ذرّ أنّه قال: قلت: يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال: مائة ألف نبيّ و أربعة و عشرون ألفاً قلت: يا رسول الله كم المرسلون منهم؟ قال: ثلاث مائة و ثلاثة عشر و بقيّتهم أنبياء. قلت: كان آدم نبيّاً؟ قال: نعم كلّمة الله و خلقه بيده.

يا أبا ذرّ أربعة من الأنبياء عرب: هود و صالح و شعيب و نبيّك.

قلت: يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب؟ قال: مائة و أربعة كتب اُنزل منها على آدم عشرة صحف، و على شيث خمسين صحيفة، و على اُخنوخ و هو إدريس ثلاثين صحيفة و هو أوّل من خطّ بالقلم و على إبراهيم عشر صحائف و التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان.

أقول: و روي ذلك في الدرّ المنثور، عن عبد بن حميد و ابن مردويه و ابن عساكر عن أبي ذرّ غير أنّه لم يذكر صحف آدم و ذكر لموسى عشر صحف قبل التوراة.

٣٩٦

( سورة الغاشية مكّيّة و هي ستّ و عشرون آية)

( سورة الغاشية الآيات 1 - 26)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ( 1 ) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ( 2 ) عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ( 3 ) تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً ( 4 ) تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ( 5 ) لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ ( 6 ) لَّا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ ( 7 ) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ ( 8 ) لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ( 9 ) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ( 10 ) لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً ( 11 ) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ( 12 ) فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ( 13 ) وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ ( 14 ) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ( 15 ) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ( 16 ) أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ( 17 ) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ( 18 ) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ( 19 ) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ( 20 ) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ ( 21 ) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ( 22 ) إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ ( 23 ) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ ( 24 ) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ( 25 ) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم ( 26 )

( بيان‏)

سورة إنذار و تبشير تصف الغاشية و هي يوم القيامة الّذي يحيط بالناس تصفه بحال الناس فيه من حيث انقسامهم فريقين: السعداء و الأشقياء و استقرارهم فيما اُعدّ لهم من الجنّة و النار و تنتهي إلى أمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يذكّر الناس بفنون من التدبير الربوبيّ

٣٩٧

في العالم الدالّة على ربوبيّته تعالى لهم و رجوعهم إليه لحساب أعمالهم.

و السورة مكّيّة بشهادة سياق آياتها.

قوله تعالى: ( هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ ) استفهام بداعي التفخيم و الإعظام، و المراد بالغاشية يوم القيامة سمّيت بذلك لأنّها تغشى الناس و تحيط بهم كما قال:( وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) الكهف: 47، أو لأنّها تغشى الناس بأهوالها بغتة كما قيل، أو لأنّها تغشى وجوه الكفّار بالعذاب.

قوله تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ ) أي مذلّلة بالغمّ و العذاب يغشاها، و الخشوع إنّما هو لأرباب الوجوه و إنّما نسب إلى الوجوه لأنّ الخشوع و المذلّة يظهر فيها.

قوله تعالى: ( عامِلَةٌ ناصِبَةٌ ) النصب التعب و( عامِلَةٌ ) خبر بعد خبر لوجوه، و كذا قوله:( ناصِبَةٌ ) و( تَصْلى) و( تُسْقى) و( لَيْسَ لَهُمْ ) و المراد من عملها و نصبها بقرينة مقابلتهما في صفة أهل الجنّة الآتية بقوله:( لِسَعْيِها راضِيَةٌ ) عملها في الدنيا و نصبها في الآخرة فإنّ الإنسان إنّما يعمل ما يعمل في الدنيا ليسعد به و يظفر بالمطلوب لكن عملهم خبط باطل لا ينفعهم شيئاً كما قال تعالى:( وَ قَدِمْنا إِلى‏ ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً ) الفرقان: 23 فلا يعود إليهم من عملهم إلّا النصب و التعب بخلاف أهل الجنّة فإنّهم لسعيهم الّذي سعوه في الدنيا راضون لما ساقهم إلى الجنّة و الراحة.

و قيل: المراد أنّها عاملة في النار ناصبة فيها فهي تعالج أنواع العذاب الّذي تعذّب به و تتعب لذلك.

و قيل: المراد أنّها عاملة في الدنيا بالمعاصي ناصبة في النار يوم القيامة.

قوله تعالى: ( تَصْلى‏ ناراً حامِيَةً ) أي تلزم ناراً في نهاية الحرارة.

قوله تعالى: ( تُسْقى‏ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) أي حارّة بالغة في حرارتها.

قوله تعالى: ( ليسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ‏ ) قيل: الضريع نوع من الشوك يقال له: الشبرق و أهل الحجاز يسمّونه الضريع إذا يبس و هو أخبث طعام و أبشعه لا ترعاه دابّة، و لعلّ تسمية ما في النار به لمجرّد المشابهة شكلاً و خاصّة.

٣٩٨

قوله تعالى: ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ ) من النعومة فيكون كناية عن البهجة و السرور الظاهر على البشرة كما قال:( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ) المطفّفين: 24، أو من النعمة أي متنعّمة. قيل: و لم يعطف على قوله:( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ ) إشارة إلى كمال البينونة بين حالي الفريقين.

قوله تعالى: ( لِسَعْيِها راضِيَةٌ ) اللّام للتقوية، و المراد بالسعي سعيها في الدنيا بالعمل الصالح، و المعنى رضيت سعيها و هو عملها الصالح حيث جوزيت به جزاءً حسناً.

قوله تعالى: ( فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ - إلى قوله -وَ زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ) المراد بعلوّها ارتفاع درجاتها و شرفها و جلالتها و غزارة عيشها فإنّ فيها حياة لا موت معها، و لذّة لا ألم يشوبها و سروراً لا غمّ و لا حزن يداخله لهم فيها فوق ما يشاؤن.

و قوله:( لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً ) أي لا تسمع تلك الوجوه في الجنّة كلمة ساقطة لا فائدة فيها.

و قوله:( فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ ) المراد بالعين جنسها فقد عدّ تعالى فيها عيوناً في كلامه كالسلسبيل و الشراب الطهور و غيرهما.

و قوله:( فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ) السرر جمع سرير و في ارتفاعها جلالة القاعد عليها،( وَ أَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ ) الأكواب جمع كوب و هو الإبريق لا خرطوم له و لا عروة يتّخذ فيه الشراب( وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ ) النمارق جمع نمرقة و هي الوسادة و كونها مصفوفة وضعها في المجلس بحيث يتّصل بعضها ببعض على هيئة المجالس الفاخرة في الدنيا( وَ زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ) الزرابيّ جمع زريبة مثلّثة الزاي و هي البساط الفاخر و بثّها بسطها للقعود عليها.

قوله تعالى: ( أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ) بعد ما فرغ من وصف الغاشية و بيان حال الفريقين، المؤمنين و الكفّار عقّبه بإشارة إجماليّة إلى التدبير الربوبيّ الّذي يفصح عن ربوبيّته تعالى المقتضية لوجوب عبادته و لازم ذلك حساب الأعمال و جزاء المؤمن بإيمانه و الكافر بكفره و الظرف الّذي فيه ذلك هو الغاشية.

٣٩٩

و قد دعاهم أوّلاً أن ينظروا إلى الإبل كيف خلقت؟ و كيف صوّر الله سبحانه أرضاً عادمة للحياة فاقدة للشعور بهذه الصورة العجيبة في أعضائها و قواها و أفاعيلها فسخّرها لهم ينتفعون من ركوبها و حملها و لحمها و ضرعها و جلدها و وبرها حتّى بولها و بعرتها فهل هذا كله توافق اتّفاقيّ غير مطلوب بحياله.؟

و تخصيص الإبل بالذكر من جهة أنّ السورة مكّيّة و أوّل من تتلى عليهم الإعراب و اتّخاذ الآبال من أركان عيشتهم.

قوله تعالى: ( وَ إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ) و زيّنت بالشمس و القمر و سائر النجوم الزواهر بما فيها من المنافع لأهل الأرض و قد جعل دونها الهواء الّذي يضطرّ إليه الحيوان في تنفّسه.

قوله تعالى: ( وَ إِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ) و هي أوتاد الأرض المانعة من مورها و مخازن الماء الّتي تتفجّر منها العيون و الأنهار و محافظ للمعادن.

قوله تعالى: ( وَ إِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ) أي بسطت و سوّيت فصلحت لسكنى الإنسان و سهل فيها النقل و الانتقال و أغلب التصرّفات الصناعيّة الّتي للإنسان.

فهذه تدبيرات كلّيّة مستندة إليه تعالى بلا ريب فيه فهو ربّ السماء و الأرض ما بينهما فهو ربّ العالم الإنسانيّ يجب عليهم أن يتّخذوه ربّاً و يوحّدوه و يعبدوه و أمامهم الغاشية و هو يوم الحساب و الجزاء.

قوله تعالى: ( فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ ) تفريع على ما تقدّم و المعنى إذا كان الله سبحانه هو ربّهم لا ربّ سواه و أمامهم يوم الحساب و الجزاء لمن آمن منهم أو كفر فذكّرهم بذلك.

و قوله:( إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ ) بيان أنّ وظيفته - و هو رسول - التذكرة رجاء أن يستجيبوا و يؤمنوا من غير إكراه و إلجاء.

قوله تعالى: ( لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ) المصيطر - و أصله المسيطر - المتسلّط، و الجملة بيان و تفسير لقوله:( إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ ) .

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

فيقولون: أنّ الله غفر لصالحيها، وشفع لطالحيها، فيرفعون ملائكة السماء أصواتهم، بالتّسبيح والتّهليل والثّناء على الله تعالى، وشكره بما فعل بأُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وساق في الخبر صعودهم سماء سماء، إلى العرش، بهذه الكيفيّة - إلى أن قال - فيقول الله تبارك وتعالى: ولأمّة محمّد عندي، ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر(١) .

[ ٨٦٥٩ ] ١٧ - وعن بعض أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّها قالت: يا رسول الله، ما أقول إن أدركت ليلة القدر، فما أقول؟ قال: « قولي: اللّهمّ إنّك عفو، تحبّ العفو فاعف عنّي ».

[ ٨٦٦٠ ] ١٨ - أحمد بن محمّد بن عياش في كتاب مقتضب الأثر: عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، عن أبي العباس عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله اختار من الأيام الجمعة، ومن الشهور شهر رمضان ومن الليالي ليلة القدر » الخبر.

[ ٨٦٦١ ] ١٩ - وعن محمّد بن عثمان بن محمّد الصيداني، وغيره، عن اسماعيل بن اسحاق القاضي، عن سليمان بن حرب الواشجي، عن حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

____________________________

(١) نصّ هذا الحديث مطابق لمـّا في النسخة الحجرية وهي ترجمة غير حرفية للحديث المذكور في المصدر.

١٧ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٥٦٢.

١٨ - مقتضب الأثر ص ٩.

١٩ - مقتضب الأثر ص ٩.

٤٦١

[ ٨٦٦٢ ] ٢٠ - محمّد بن الحسن الصّفار في البصائر: عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن بكير، عن ابن بكير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « إنّ ليلة القدر، يكتب ما يكون منها في السنة إلى مثلها، من خير أو شرّ، أو موت أو حياة، أو مطر، ويكتب فيها وفد الحاجّ، ثمّ يفضي ذلك إلى أهل الأرض »، فقلت: « إلى من من أهل الأرض؟ فقال: إلى من ترى ».

[ ٨٦٦٣ ] ٢١ - وعن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن داود بن فرقد، قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ:( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) (١) قال: « ينزل فيها ما يكون من السنة من موت أو مولود »، قلت له: إلى من؟ فقال: « إلى من عسى أن يكون، إنّ الناس في تلك الليلة في صلاة ودعاء ومسألة، وصاحب هذا الأمر في شغل، تنزل الملائكة إليه بأُمور السنة، من غروب الشمس إلى طلوعها، من كلّ أمر [ سلام ](٢) هي له، إلى أن يطلع الفجر ».

[ ٨٦٦٤ ] ٢٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن اسحاق بن عمّار، أو سماعة بن مهران، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا دخل العشر الأواخر، ضربت له قبّة شعر، وشدّ المئزر »، قال قلت:(١) واعتزل النساء، قال: « أمّا

____________________________

٢٠ - بصائر الدرجات ص ٢٤٠ ح ١.

٢١ - بصائر الدرجات ص ٢٤٠ ح ٢.

(١) القدر ٩٧: ١ و ٢.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١٢.

(١) في المصدر زيادة: له.

٤٦٢

إعتزال النساء فلا ».

[ ٨٦٦٥ ] ٢٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إعلم يرحمك الله، أنّ لشهر رمضان حرمة ليست كحرمة سائر الشهور، لمـّا خصّه الله به وفضّله، وجعل فيه ليلة القدر، العمل فيها، خير من العمل في الف شهر ».

٢٣ -( باب تعيين ليلة القدر، وأنّها في كلّ سنة، وتأكّد استحباب الغسل فيها، واحيائها بالعبادة، فإن اشتبه الهلال، استحب العمل في اللّيالي المشتبهة كلّها)

[ ٨٦٦٦ ] ١ - ابراهيم بن محمّد الثقفي في كتاب الغارت: عن الأصبغ بن نباتة: أنّ رجلاً سأل علياعليه‌السلام ، عن الرّوح، قال: « ليس هو جبرئيل، فإن(١) جبرئيل من الملائكة، والرّوح غير جبرئيل » وكان الرّجل شاكّا، فكبر ذلك عليه، فقال: لقد قلت عظيما، ما أجد(٢) من الناس من يزعم أنّ الروح غير جبرئيل، قال عليعليه‌السلام : « أنت ضالّ تروي عن أهل الضّلال، يقول الله تعالى لنبيّه:( أَتَىٰ أَمْرُ اللَّـهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ، يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) (٣) فالرّوح غير الملائكة، وقال تعالى:( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم ) (٤) وقال تعالى:( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ

____________________________

٢٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

الباب - ٢٣

١ - الغارات ج ١ ص ١٨٣.

(١) في المصدر: قال عليعليه‌السلام .

(٢) وفيه: أحد.

(٣) النحل ١٦: ١ و ٢.

(٤) القدر ٩٧: ٣ و ٤.

٤٦٣

صَفًّا ) (٥) وقال لآدم، وجبرئيل يومئذ مع الملائكة:( إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) (٦) فسجد جبرئيل مع الملائكة للرّوح، وقال تعالى لمريم:( فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ) (٧) وقال تعالى لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله :( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، عَلَىٰ قَلْبِكَ ) (٨) - ثمّ قال -:( لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ، وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) (٩) والزّبر: الذكر، والأوّلين: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم، فالرّوح واحدة والصّور شتّى » قال سعد: فلم يفهم الشّاكّ ما قاله أمير المؤمنينعليه‌السلام ، غير أنّه قال: الرّوح غير جبرئيل، فسأله عن ليلة القدر فقال: إنّي أراك تذكر ليلة القدر، تنزّل الملائكة والرّوح فيها، قال له عليعليه‌السلام : «(١٠) فإن عمى عليك شرحه، فسأعطيك ظاهرا منه، تكون أعلم أهل بلادك بمعنى ليلة القدر، ليلة القدر ليلة القدر »، قال: قد أنعمت عليّ [ إذا ](١١) بنعمة، قال له عليعليه‌السلام : « إنّ الله فرد يحبّ الوتر، وفرد اصطفى الوتر، فأجرى جميع الأشياء على سبعة، فقال عزّوجلّ:( خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ) (١٢) وقال:( خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ) (١٣) وقال

____________________________

(٥) النبأ ٧٨: ٣٨.

(٦) ص ٣٨: ٧١ و ٧٢.

(٧) مريم ١٩: ١٧.

(٨) الشعراء ٢٦: ١٩٣ و ١٩٤.

(٩) الشعراء ٢٦: ١٩٤ - ١٩٦.

(١٠) في المصدر زيادة: قد رفرشت نزول الملائكة بمشفرة.

(١١) أثبتناه من المصدر.

(١٢) الطلاق ٦٥: ١٢.

(١٣) الملك ٦٧: ٣.

٤٦٤

جهنّم:( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) (١٤) وقال:( سَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ) (١٥) وقال:( سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ ) (١٦) وقال:( حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ ) (١٧) وقال:( سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) (١٨) فابلغ حديثي أصحابك، لعلّ الله يجعل(١٩) فيهم نجيبا، إذا هو سمع حديثنا، نفر قلبه إلى مودّتنا، ويعلم فضل علمنا، وما نضرب من الأمثال، التي لا يعلمها إلّا العالمون بفضلنا » قال السّائل: بيّنها في أيّ ليلة أقصدها؟ قال: « اطلبها في السّبع الأواخر، والله لئن عرفت آخر السّبعة، لقد عرفت أوّلهن، ولئن عرفت أوّلهن، لقد أصبت ليلة القدر » قال: ما أفقه ما تقول، قال: « إنّ الله طبع على قلوب قوم، فقال:( وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ) (٢٠) فأمّا إذا أبيت، وأبى عليك أن تفهم، فانظر فإذا مضت ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، فاطلبها في أربع وعشرين، وهي ليلة السّابع، ومعرفة السّبعة، فإنّ من فاز بالسّبعة، كمل الدّين كلّه، وهي الرّحمة للعباد، والعذاب عليهم، وهم الأبواب التي قال الله تعالى:( لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ) (٢١) يهلك عند كلّ باب جزء، وعند الولاية كلّ باب ».

[ ٨٦٦٧ ] ٢ - وعن يحيى بن صالح، عن مالك بن خالد، عن الحسن بن

____________________________

(١٤) الحجر ١٥: ٤٤.

(١٥، ١٦) يوسف ١٢: ٤٣.

(١٧) البقرة ٢: ٢٦١.

(١٨) الحجر ١٥: ٨٧.

(١٩) في المصدر: يكون قد جعل.

(٢٠) الكهف ١٨: ٥٧.

(٢١) الحجر ١٥: ٤٤.

٢ - الغارات ج ١ ص ٢٤٩.

٤٦٥

ابراهيم، عن عبدالله بن الحسن، عن عباية، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، اعتكف عاما في العشر الأوّل من شهر رمضان، واعتكف في العام المقبل في العشر الأوسط،(١) فلمّا كان العام الثالث رجع من بدر فقضى اعتكافه، فقام فرأى في منامه ليلة القدر، في العشر الأواخر، كأنّه يسجد في ماء وطين، فلمّا استيقظ(٢) من ليلته وأزواجه وأُناس من أصحابه، ثمّ أنّهم مطروا ليلة ثلاث وعشرين، فصلّى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حين أصبح، فرأى وجه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الطّين، فلم يزل يعتكف في العشر الأواخر(٣) حتّى توفّاه الله تعالى ».

[ ٨٦٦٨ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وصلّوا في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، مائة ركعة - إلى أن قال - وإن استطعت أن تحيي هاتين الليلتين إلى الصّبح [ فافعل ](١) ، فإنّ فيها فضلا كثيرا، والنّجاة من النار، وليس سهر ليلتين يكبر فيما أنت تؤمّل، وقد روي: أنّ السهر في شهر رمضان، في ثلاث ليال: ليلة تسع عشرة، في تسبيح ودعاء، بغير صلاة، وفي هاتين الليلتين، أكثروا من ذكر الله عزّوجلّ » الخ.

[ ٨٦٦٩ ] ٤ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

____________________________

(١) في المصدر زيادة: من شهر رمضان.

(٢) في المصدر زيادة: رجع.

(٣) وفيه زيادة: من شهر رمضان.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - لبّ اللباب: مخطوط.

٤٦٦

أنّه قال: « التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اطلبوها في العشر الأواخر من الوتر » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « التمسوها في العشر الأواخر، في الثالثة والخامسة والسابعة والتاسعة » وقال أبو ذر: سألتهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنها، فقال: « التمسوها في العشر الأواخر » فقلت: أيّ ليلة؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو شاء الله اطلعك عليها » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « التمسوها في العشر الأواخر من شهر رمضان، فإن غلبتم فلا تغلبوا على التّسع ».

[ ٨٦٧٠ ] ٥ - وروى أبو هريرة، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « تبيّت بليلة القدر، ورأيت كأنّي أسجد في الطّين، فلمّا كانت في ليلة ثلاث وعشرين، مطرنا مطرا شديدا، حتّى وكف(١) علينا المسجد، فسجدنا على الطّين ».

[ ٨٦٧١ ] ٦ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه أمر بدعاء مفرد، في كلّ ليلة من لياليه، فقال: « ادعوا في اللّيلة الثالثة، من العشر الأواخر من شهر رمضان، وقولوا: يا ربّ ليلة القدر، وجاعلها خيرا من ألف شهر، وربّ اللّيل والنّهار، والجبال والبحار، والظّلم والأنوار، لك الأسماء الحسنى، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السّعداء، وروحي مع الشّهداء، وارزقني فيها ذكرك وشكرك ».

____________________________

٥ - لبّ اللباب: مخطوط.

(١) وكف المسجد: أي تقاطر من سقفه من ماء المطر (مجمع البحرين ج ٥ ص ١٣١).

٦ - لبّ اللباب: مخطوط.

٤٦٧

[ ٨٦٧٢ ] ٧ - وروي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنّها ليلة ملحة(١) ساكنة سمحة، لا باردة ولا حارّة، تطلع الشمس صبيحة ليلتها ليس لها شعاع، كالقمر ليلة البدر ».

[ ٨٦٧٣ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « سلوا الله الحجّ في ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، وفي تسع عشرة، وفي إحدى وعشرين، وفي ثلاث وعشرين، فإنّه يكتب الوفد في كلّ عام ليلة القدر، وفيها(١) ( يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (٢) ».

[ ٨٦٧٤ ] ٩ - وعن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال: « علامة ليلة القدر، أن تهب ريح، وإن كانت في برد دفئت، وإن كانت في حرّ بردت ».

[ ٨٦٧٥ ] ١٠ - وعنه، عن آبائه: « أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى أن يغفل عن ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، أو(١) ينام أحد تلك الليلة ».

[ ٨٦٧٦ ] ١١ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: « أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

____________________________

٧ - لبّ اللباب: مخطوط.

(١) كذا، ولعلّ صوابه « بلجة »، قال في النهاية (ج ١ ص ١٥١): ليلة القدر بلجة: أي مشرقة.

٨ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨١.

(١) في المصدر زيادة: كما قال الله عزّوجلّ.

(٢) الدخان ٤٤: ٤.

٩ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨١.

١٠ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨١.

(١) في المصدر: ونهى أن.

١١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٢.

٤٦٨

رجل من جهينة، فقال: يا رسول الله، إن لي إبلا وغنما وغلمة، أُحبّ ان تأمرني بليلة ادخل فيها من شهر رمضان، فأشهد الصلاة، فدعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسارّه في أُذنه، فكان الجهني، إذا كانت ليلة ثلاث وعشرين، دخل بإبله وغنمه وأهله وولده وغلمته، فبات تلك الليلة بالمدينة، فإذا أصبح خرج بمن دخل به فرجع إلى مكانه ».

[ ٨٦٧٧ ] ١٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه سئل عن ليلة القدر، فقال: « هي في العشر الأواخر من شهر رمضان ».

[ ٨٦٧٨ ] ١٣ - وعن عليعليه‌السلام ، أنّه [ قال: ](١) « سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن ليلة القدر، فقال: التمسوها في العشر الأواخر من شهر رمضان، فقد رأيتها ثمّ أنسيتها، إلّا أنّي رأيتني (تلك أُصلّي)(٢) في ماء وطين، فلمّا كانت ليلة ثلاث وعشرين، مطرنا مطرا شديدا، ووكف المسجد، فصلى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإن أرنبة أنفه لفي الطّين ».

[ ٨٦٧٩ ] ١٤ - وعن علي (صلوات الله عليه)، أنّه قال: « التمسوها في العشر الأواخر، فإن المشاعر سبع، والسماوات سبع، والأرضين سبع، وبقرات سبع، وسبع سنبلات خضر [ والإنسان يسجد على سبع ](١) .

____________________________

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٢.

١٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) وفيه: أصلّي تلك الليلة.

١٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤٦٩

[ ٨٦٨٠ ] ١٥ - وعنه (صلوات الله عليه): « أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يطوي فراشه، ويشدّ مئزره، في العشر الأواخر من شهر رمضان، وكان يوقظ اهله ليلة ثلاث وعشرين، وكان يرشّ وجوه النّيام بالماء، في تلك الليلة، وكانت فاطمةعليها‌السلام ، لا تدع أحدا من أهلها ينام تلك الليلة، وتداويهم بقلّة الطعام، وتتأهبّ لها من النهار، وتقول: محروم من حرم خيرها ».

[ ٨٦٨١ ] ١٦ - وعن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، الليلة التي التقى فيها الجمعان، وليلة تسع عشرة، فيها يكتب الوفد، وفد السنة، وليلة إحدى وعشرين، [ الليلة ](١) التي مات فيها أوصياء النبيّينعليهم‌السلام ، وفيها رفع عيسى بن مريمعليه‌السلام ، وقبض موسى بن عمرانعليه‌السلام ، وليلة ثلاث وعشرين، يرجى فيها ليلة القدر ».

[ ٨٦٨٢ ] ١٧ - السيد علي بن طاووس، في كتاب عمل شهر رمضان، المسمّى بالمضمار: عن كتاب الصيام لعلي بن فضّال، بإسناده إلى عبدالله بن سنان، قال: سألته عن النّصف من شعبان، فقال: « ما عندي فيه شئ، ولكن إذا كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، قسم فيها الأرزاق، وكتب فيها الآجال، وخرج منها(١) صكاك(٢)

____________________________

١٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٢.

١٦ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٧ - إقبال الأعمال ص ١٨٤.

(١) في المصدر: فيها.

(٢) الصك كتاب كالسجل تكتب فيه المعاملات وجمعه صكاك (مجمع =

٤٧٠

الحاجّ، واطلع الله عزّوجلّ إلى عباده، فيغفر لمن يشاء، إلّا شارب مسكر، فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين، فيها يفرق كلّ أمر حكيم، ثمّ ينتهي ذلك ويفضي(٣) »، قال قلت: إلى من؟ قال: « إلى صاحبكم، ولو لا ذلك لم يعلم ».

ورواه الصّفّار في البصائر(٤) عن العبّاس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن عبدالله بن سنان، عنه، مثله، إلّا أنّه في البصائر، بدل شارب مسكر: شارب خمر.

[ ٨٦٨٣ ] ١٨ - وعن كتاب عمل شهر رمضان، لعلي بن واحد النهدي: بإسناده إلى عبدالله بن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « إذا كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، أُنزلت صكاك الحاج، وكتب الآجال والأرزاق، واطلع الله إلى خلقه، فغفر لكلّ مؤمن، ما خلا شارب مسكر، ولا صارم(١) رحم مؤمنة ماسّة ».

[ ٨٦٨٤ ] ١٩ - وعنه في الكتاب المذكور: بإسناده إلى اسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول وناس يسألونه، يقولون: إنّ الأرزاق تقسم ليلة النّصف من شعبان، فقال: « لا والله، ما ذلك إلّا في تسع عشرة من شهر رمضان، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، فإنّ في ليلة تسع عشرة يلتقي الجمعان، وفي ليلة

____________________________

= البحرين - صكك - ج ٥ ص ٢٧٩).

(٣) في المصدر: يقضي.

(٤) بصائر الدرجات ص ٢٤٠ ح ٣.

١٨ - إقبال الأعمال ص ١٨٥.

(١) صرم الشئ: قطعه (مجمع البحرين - صرم - ج ٦ ص ١٠١).

١٩ - إقبال الأعمال ص ١٨٥.

٤٧١

إحدى وعشرين يفرق كلّ أمر حكيم، وفي ليلة ثلاث وعشرين يمضي ما أراد الله جلّ جلاله ذلك، وهي ليلة القدر التي قال الله:( خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) »، قلت: ما معنى قوله: «يلتقي الجمعان » قال: يجمع الله فيها ما أراد الله، من تقديمه وتأخيره وإرادته وقضائه، قلت: وما معنى «يمضيه في ليلة ثلاث وعشرين » قال: إنّه يفرق في ليلة إحدى وعشرين، ويكون له فيه البداء، فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين أمضاه، فيكون من المحتوم الّذي لا يبدو له فيه، تبارك وتعالى.

[ ٨٦٨٥ ] ٢٠ - وروي: أنّه يستغفر ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، مائة مرة، ويلعن قاتل مولانا عليعليه‌السلام ، مائة مرة.

[ ٨٦٨٦ ] ٢١ - وبإسناده إلى عبد الواحد بن المختار الأنصاري، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : أخبرني عن ليلة القدر، قال: « التمسها في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين » فقلت: افردها إليّ، فقال: « ما عليك أن تجتهد في ليلتين ».

[ ٨٦٨٧ ] ٢٢ - وبإسناده عن زرارة، عن عبد الواحد بن المختار، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن ليلة القدر، فقال: « أخبرك والله ولا أعمي عليك، هي أوّل ليلة من السّبع الآخر » أقول: لعلّه قد أخبر عن شهر كان تسعة وعشرين يوما، لأنّني ما عرفت أنّ ليلة أربع وعشرين وهي غير مفردة، ممـّا يحتمل أن يكون ليلة القدر، ووجدت بعد هذا التأويل، في الجزء الثالث من جامع محمّد بن الحسن

____________________________

٢٠ - إقبال الأعمال ص ١٨٦.

٢١ - إقبال الأعمال ص ١٩٤.

٢٢ - إقبال الأعمال ص ٢٠٦.

٤٧٢

القمّي، لمـّا روى منه هذا الحديث، فقال ما هذا لفظه: عن زرارة قال: كان ذلك الشّهر تسعة وعشرين يوما.

[ ٨٦٨٨ ] ٢٣ - وبإسناده إلى زمرة الأنصاري، عن أبيه، أنّه سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: « ليلة القدر ثلاث وعشرون ».

[ ٨٦٨٩ ] ٢٤ - وبإسناده إلى أبي نعيم في كتاب الصيام والقيام: بإسناده، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يرشّ على أهله الماء، ليلة ثلاث وعشرين، يعني من شهر رمضان.

[ ٨٦٩٠ ] ٢٥ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن اسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « في تسعة عشر من شهر رمضان، يلتقي الجمعان » قلت: ما معنى [ قوله ](١) « يلتقي الجمعان؟ » قال: يجمع(٢) فيها ما يريد، من تقديمه وتأخيره، وإرادته وقضائه.

[ ٨٦٩١ ] ٢٦ - الشيخ الطّوسي في مجالسه: عن الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن أبيه، عن احمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن علي قال: كنت عند ابي عبداللهعليه‌السلام ، فقال له أبو بصير: ما الليلة التي يرجى فيها ما يرجى؟ قال: « في إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين » قال: فإن

____________________________

٢٣ - إقبال الأعمال ص ٢٠٧.

٢٤ - إقبال الأعمال ص ٢٠٧.

٢٥ - تفسير العيّاشي ج ٢ ص ٦٤ ح ٦٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: يجتمع.

٢٦ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٣٠١ باختلاف يسير في الألفاظ.

٤٧٣

لم أقو على كلتيما؟ قال: « فما أيسر ليلتين فيما تطلب » قال قلت: فربما رأينا الهلال عندنا، وجاءنا بخلاف ذلك، في أرض أُخرى، فقال: « ما أيسر أربع ليال، تطلبها فيها » قلت: جعلت فداك، ليلة ثلاث وعشرين، ليلة الجهني؟ فقال: « إنّ ذلك يقال » قلت: إنّ سليمان بن خالد، روى: في تسع عشرة يكتب وفد الحاجّ، فقال: « يا أبا محمّد يكتب وفد الحاجّ في ليلة القدر، والمنايا والبلايا والأرزاق، وما يكون، إلى مثلها في قابل، فاطلبها في إحدى وثلاث، وصلّ في كلّ واحدة منهما مائه ركعة، واحيهما إن استطعت » قلت: فإن لم استطع؟ قال: « فلا عليك أن تكتحل أوّل ليلة بشئ من النوم، فإنّ أبواب السماء تفتح في رمضان، وتصفد الشياطين، وتقبل أعمال المؤمنين، نعم الشهر رمضان، كان يسمّى على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المرزوق ».

[ ٨٦٩٢ ] ٢٧ - وعن أحمد بن عبدون، عن علي بن محمّد بن الزّبير، عن علي بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني(١) ، عن يحيى بن العلا، قال: كان أبو عبداللهعليه‌السلام ، مريضا مدنفا، فأمر فأُخرج إلى مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكان فيه حتّى اصبح ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان.

[ ٨٦٩٣ ] ٢٨ - القطب الراوندي في دعواته: عن ابي عبدالله

____________________________

٢٧ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٩.

(١) كان في الطبعة الحجرية أحمد بن زرق القمشاني وفي المصدر العشاني وكلاهما تصحيف والصحيح أحمد بن رِزق بالراي ثمّ الزّاء الغمشاني بالغين كما أثبتناه، راجع معجم رجال الديث ج ٢ ص ١١٥.

٢٨ - دعوات الراوندي ص ٩٤ وعنه في البحار ج ٩٧ ص ٤ ح ٥.

٤٧٤

عليه‌السلام : « أن ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان، هي ليلة الجهني فيها يفرق كلّ أمر حكيم، وفيها تثبت البلايا والمنايا، والآجال والأرزاق والقضايا، وجميع ما يحدث الله فيها، إلى مثلها من الحول، فطوبى لعبد احياها راكعا وساجدا، ومثّل خطاياه بين عينيه، ويبكي عليها، فإذا فعل ذلك، رجوت أن لا يخيب إن شاء الله ».

[ ٨٦٩٤ ] ٢٩ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يأمر الله ملكا ينادي، في كلّ يوم من شهر رمضان في الهواء: أبشروا عبادي، فقد وهبت لكم ذنوبكم السّالفة، وشفّعت بعضكم في بعض، في ليلة القدر(١) ، إلّا من أفطر على مسكر، أو حقد على أخيه المسلم ».

[ ٨٦٩٥ ] ٣٠ - وعن زرارة قال: قال الصادقعليه‌السلام : « تأخذ المصحف في (ثلاث ليال)(١) من شهر رمضان، فتنشره وتضعه بين يديك، وتقول: اللّهمّ إنّي أسألك بكتابك المنزل وما فيه، وفيه اسمك الأكبر، وأسماؤك الحسنى، وما يخاف ويرجى، أن تجعلني من عتقائك، من النار، وتدعو بما بدا لك من حاجة ».

ورواه السيد في كتاب المضمار عن حريز بن عبدالله السجستاني، عنهعليه‌السلام ، مثله.

[ ٨٦٩٦ ] ٣١ - كتاب العلاء: عن محمّد بن مسلم، قال: علامة ليلة

____________________________

٢٩ - دعوات الراوندي ص ٩٤، وعنه في البحار ج ٩٧ ص ٥ ح ٥.

(١) في المصدر: الفطر.

٣٠ - دعوات الراوندي ص ٩٤، وعنه في البحار ج ٩٧ ص ٤ ح ٥.

(١) في المصدر: ثلث الليل.

٣١ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥٥.

٤٧٥

القدر، أن تطيب ريحها، وإن كانت في برد دفئت، وإن كانت في حرّ بردت وطابت.

[ ٨٦٩٧ ] ٣٢ - الشيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن ضمرة(١) بن عبدالله، قال: كنت في جماعة من بني سلمة، فقالوا: من الّذي يذهب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيسأله عن ليلة القدر؟ فقلت: أنا، فأتيت المدينة ليلا، وذهبت إلى باب بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر لي بطعام فأكلت، فقال: « إيتني بنعلي » فوضعته بين يديه، وخرج وأتى إلى المسجد، فقال، « ألك حاجة؟ » فقلت: إنّ بني سلمة أرسلوني لأسألك عن ليلة القدر، أيّ ليلة هي؟ فقال: « أيّ ليلة هذه الليلة من الشهر؟ » قلت: الثانية والعشرين، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الليلة الآتية ليلة الثالثة والعشرين ».

[ ٨٦٩٨ ] ٣٣ - ابن ابي جمهور في درر اللآلي: عن عبدالله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من كان منكم ملتمسا ليلة القدر، فليلتمسها في العشر الأواخر، فإن ضعف أو عجز، فلا يغلبن على السبع البواقي ».

وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليلة القدر هي في رمضان، فالتمسوها في العشر الأواخر، فإنّها وتر في إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أو خمس وعشرين،

____________________________

٣٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٥٦٠.

(١) في المصدر: حمزة، والصحيح ما في المتن « راجع تهذيب التهذيب ج ٤ ص ٤٦١ وتقريب التهذيب ج ١ ص ٣٧٥ ح ٢٩ ».

٣٣ - درر اللآلي ج ١ ص ١٨.

٤٧٦

أو سبع وعشرين، أو تسع وعشرين، أو في آخر ليلة من شهر رمضان، ومن قام فيها احتسابا، غفر له ما تقدّم من ذنبه ».

٢٤ -( باب استحباب دعاء الوداع في آخر ليلة من شهر رمضان، أو في آخر جمعة منه، فإن خاف أن ينقص الشهر، جعله في ليلتين)

[ ٨٦٩٩ ] ١ - ثقة الإسلام في الكافي: عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن احمد، عن احمد بن الحسن بن علي، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: « إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان، فقل: اللّهمّ هذا شهر رمضان، الّذي أنزلت فيه القرآن، وقد تصرّم، وأعوذ بوجهك الكريم، أن يطلع الفجر من ليلتي هذه، أو يتصرّم شهر رمضان، ولك قبلي تبعة أو ذنب، تريد أن تعذّبني به يوم ألقاك ».

[ ٨٧٠٠ ] ٢ - وعن الحسين بن محمّد، عن أحمد بن اسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، في وداع شهر رمضان:

« اللّهمّ إنّك قلت في كتابك المنزل، (على لسان نبيّك المرسل، صلواتك عليه وآله، وقولك حق)(١) :( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ

____________________________

الباب - ٢٤

١ - الكافي ج ٤ ص ١٦٤ ح ٥.

٢ - الكافي ج ٤ ص ١٦٥ ح ٦.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٤٧٧

الْقُرْآنُ ) (٢) وهذا شهر رمضان قد تصرّم، فأسألك بوجهك الكريم، وكلماتك التّامّة، إن كان بقي عليّ ذنب لم تغفره لي، أو تريد أن تعذّبني عليه، أو تقايسني به، أن يطلع فجر هذه الليلة، أو يتصرّم هذا الشهر، إلّا وقد غفرته لي، يا أرحم الرّاحمين، اللّهمّ لك الحمد بمحامدك كلّها، أوّلها وآخرها، ما قلت لنفسك منها، وما قاله لك(٣) الخلائق الحامدون، المجتهدون المعددون، الموقرون في(٤) ذكرك وشكرك(٥) ، الّذين أعنتهم على أداء حقّك، من أصناف خلقك، من الملائكة المقرّبين، والنبيّين والمرسلين، وأصناف النّاطقين، والمسبّحين لك من جميع العاملين، على أنّك بلغتنا شهر رمضان، وعلينا من نعمك، وعندنا من قسمك وإحسانك، وتظاهر امتنانك، فذلك لك منتهى الحمد الخالد، الدّائم الرّاكد، المخلّد السّرمد، الّذي لا ينفد طول الأبد، جلّ ثناؤك، أعنتنا عليه حتّى قضيت عنّا صيامه وقيامه، من صلاة وما كان منّا فيه من برّ أو شكر أو ذكر، اللّهمّ فتقبّله منّا بأحسن قبولك، وتجاوزك وعفوك، وصفحك وغفرانك، وحقيقة رضوانك، حتّى تظفرنا فيه بكلّ خير، مطلوب، وجزيل عطاء موهوب، وتؤمننا(٦) فيه من كلّ مرهوب، أو بلاء مجلوب، أو ذنب مكسوب، اللّهمّ إنّي أسألك بعظيم ما سألك به أحد من خلقك، من كريم أسمائك، وجميل ثنائك، وخاصّة دعائك، أن تصلي على محمّد وعلى آل محمّد، وأن تجعل شهرنا

____________________________

(٢) البقرة ٢: ١٨٥.

(٣، ٤) ليس في المصدر.

(٥) في المصدر: والشكر لك.

(٦) في نسخة: وتوقينا.

٤٧٨

هذا، أعظم شهر رمضان مرّ علينا، منذ أنزلتنا إلى الدنيا، بركة في عصمة ديني، وخلاص نفسي، وقضاء حوائجي، وتشفّعني في مسائلي، وتمام النّعمة عليّ، وصرف السّوء عنّي، ولباس العافية لي فيه، وأن تجعلني برحمتك، ممّن خرت له ليلة القدر، وجعلتها له خيرا من الف شهر، في اعظم الأجر، وكرائم الذّخر، وحسن الشكر، وطول العمر، ودوام اليسر، اللّهمّ وأسألك برحمتك وطولك، وعفوك ونعمائك، وجلالك، وقديم إحسانك وامتنانك، أن لا تجعله آخر العهد منّا لشهر رمضان، حتّى تبلّغناه من قابل على أحسن حال، وتعرفني هلاله مع النّاظرين إليه، والمعترفين(٧) له، في اعفي عافيتك، وأنعم نعمتك، وأوسع رحمتك، وأجزل قسمك، يا ربّي الّذي ليس لي ربّ غيره، لا يكون هذا الوداع منّي له وداع فناء، ولا آخر العهد منّي للّقاء، حتّى ترينيه من قابل، في أوسع(٨) النّعم، وأفضل الرّجاء، وأنا لك على أحسن الوفاء، إنّك سميع الدعاء، اللّهمّ اسمع دعائي، وارحم تضرّعي وتذلّلي واستكانتي، وتوكّلي عليك، وأنا لك مسلم، لا أرجو نجاحا ولا معافاة، ولا تشريفاً ولا تبليغا، إلّا بك ومنك، وامنن عليّ - جلّ ثناؤك وتقدّست اسماؤك - بتبليغي شهر رمضان، وأنا معافى من كلّ مكروه ومحذور، ومن جميع البوائق، الحمد لله الّذي أعاننا على صيام هذا الشهر وقيامه، حتّى بلغني آخر ليلة منه ».

ورواه الشيخ الطّوسي، عنه إلى هنا، ثمّ زاد عليه برواية اخرى، زيادة تركناها، مخافة للإطالة(٩) .

____________________________

(٧) في المصدر: والمتعرفين.

(٨) وفيه: في أسبغ.

(٩) مصباح المتهجد: ص ٥٨٠.

٤٧٩

[ ٨٧٠١ ] ٣ - السيد علي بن طاووس في كتاب المضمار: بإسناده إلى أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبريرضي‌الله‌عنه ، بإسناده إلى أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « من ودّع شهر رمضان في آخر ليلة منه، وقال: اللّهمّ لا تجعله آخر العهد من صيامي لشهر رمضان، وأعوذ بك أن يطلع فجر هذه الليلة، إلّا وقد غفرت لي غفر الله له قبل أن يصبح، ورزقه الإنابة إليه ».

[ ٨٧٠٢ ] ٤ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن الحسن القطّان، عن أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، عن جابر بن يزيد، عن أبي الزّبير المكّي(١) ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في آخر جمعة من شهر رمضان، فلمّا بصر بي قال لي: « يا جابر هذا آخر جمعة من شهر رمضان، فودّعه وقل: اللّهمّ لا تجعله آخر العهد من صيامنا إيّاه، فإن جعلته فاجعلني مرحوماً، ولا تجعلني محروما، فإنه من قال ذلك، ظفر بإحدى الحسنيين: إمّا ببلوغ شهر رمضان، وإمّا بغفران الله ورحمته » الخبر.

٢٥ -( باب نوادر ما يتعلّق بأبواب أحكام شهر رمضان)

[ ٨٧٠٣ ] ١ - البحار، عن كتاب الإمامة والتّبصرة لعلي بن بابويه: عن

____________________________

٣ - كتاب المضمار، الإقبال ص ٣٥٦.

٤ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٣٩.

(١) كان في الطبعة الحجرية: ابن الزبير المكّي، وما أثبتناه هو الصحيح راجع معجم رجال الحديث ج ٢١ ص ١٥٧ وج ٤ ص ١٥.

الباب - ٢٥

١ - البحار ج ٩٦ ص ٣٧٦ ح ٦٤ بل عن جامع الأحاديث ص ١٢.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594