مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل10%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 329484 / تحميل: 5380
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

فتحصّنوا عنه بالحصون، وتمادى بهم التحصّن قريباً من سنة ونصف حتّى ظهر فيهم القحط والوباء.

وأصرّ بخت نصّر على المحاصرة حتّى فتح الحصون، وذلك في سنة خمسمائة وستّ وثمانين قبل المسيح، وقتل نفوسهم، وخرب ديارهم وخرّبوا بيت الله وأفنوا كلّ آية وعلامة دينيّة وبدّلوا هيكلهم تلّاً من تراب، وفقدت عند ذلك التوراة والتابوت الّذي كانت تجعل فيه.

وبقى الأمر على هذا الحال خمسين سنة تقريباً وهم قاطنون ببابل وليس من كتابهم عين ولا أثر ولا من مسجدهم وديارهم إلّا تلال ورياع.

ثمّ لمّا جلس كورش من ملوك فارس على سرير الملك وكان من أمره مع البابليّين ما كان وفتح بابل ودخله أطلق اُسراء بابل من بني اسرائيل وكان عزرا المعروف من المقرّبين عنده فأمّره عليهم وأجاز له أن يكتب لهم كتابهم التوراة ويبني لهم الهيكل ويعيدهم إلى سيرتهم الاُولى وكان رجوع عزرا بهم إلى بيت المقدس سنة أربعمائة وسبعة وخمسين قبل المسيح وبعد ذلك جمع عزرا كتب العهد العتيق وصحّحها وهي التوراة الدائرة اليوم(١) .

وأنت ترى بعد التدبّر في القصّة أنّ سند التوراة الدائرة اليوم مقطوعة غير متّصلة بموسى (عليه السلام) إلّا بواحد (وهو عزرا) لا نعرفه أوّلاً ولا نعرف كيفيّة اطّلاعه وتعمّقه ثانياً ولا نعرف مقدار أمانته ثالثاً، ولا نعرف من أين أخذ ما جمعه من أسفار التوراة رابعاً، ولا ندري بالاستناد إلى أيّ مستند صحّح الأغلاط الواقعة أو الدائرة خامساً.

وقد أعقبت هذه الحادثة المشئومة أثراً مشئوماً آخر وهو إنكار عدّة من باحثي المورّخين من الغربيّين وجود موسى وما يتبعه، وقولهم: إنّه شخص خياليّ كما قيل

____________________

(١) مأخوذ من قاموس الكتاب المقدّس تأليف مستر هاكس الامريكائي الهمداني ومآخذ اُخرى من التواريخ.

٣٤١

نظيره في المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام. لكنّ ذلك لا يسع لمسلم فإنّ القرآن الشريف يصرّح بوجوده (عليه السلام) وينصّ عليه.

٢ - قصّة المسيح والإنجيل:

اليهود مهتمون بتاريخ قوميّتهم وضبط الحوادث الظاهرة في الأعصار الّتي مرّت بهم، ومع ذلك فإنّك لو تتبّعت كتبهم ومسفوراتهم لم تعثر فيها على ذكر المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام): لا على كيفيّة ولادته ولا على ظهوره ودعوته ولا على سيرته والآيات الّتي أظهرها الله على يديه ولا على خاتمة حياته من موت أو قتل أو صلب أو غير ذلك. فما هو السبب في ذلك؟ وما هو الّذي أوجب خفاء أمره عليهم أو إخفائهم أمره؟

والقرآن يذكر عنهم أنّهم قذفوا مريم ورموها بالبهتان في ولادة عيسى، وأنّهم ادّعوا قتل عيسى. قال تعالى:( وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً وقولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم وإنّ الّذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه ما لهم به من علم إلّا اتّباع الظنّ وما قتلوه يقيناً ) النساء - ١٥٧.

فهل كانت دعواهم تلك مستندة إلى حديث دائر بينهم كانوا يذكرونه بين قصصهم القوميّة من غير أن يكون مودعاً في كتاب؟ وعند كلّ اُمّة أحاديث دائرة من واقعيّات وأساطير لا اعتبار بها ما لم تنته إلى مآخذ صحيحة قويمة.

أو أنّهم سمعوا من النصارى الذكر المكرّر من المسيح وولادته وظهوره ودعوته فأخذوا ذلك من أفواههم وباهتوا مريم، وادّعوا قتل المسيح؟ لا طريق إلى استبانة شئ من ذلك غير أنّ القرآن - كما يظهر بالتدبّر في الآية السابقة - لا ينسب إليهم صريحاً إلّا دعوى القتل دون الصلب، ويذكر أنّهم على ريب من الأمر وأنّ هناك اختلافاً.

وأمّا حقيقة ما عند النصارى من قصّة المسيح وأمر الإنجيل والبشارة فهي أنّ قصّته (عليه السلام) وما يتعلّق بها تنتهي عندهم إلى الكتب المقدّسة عندهم وهي الأناجيل الأربعة الّتي هي أناجيل متّى ومرقس ولوقا ويوحنّا، وكتاب أعمال الرسل للوقا،

٣٤٢

وعدّة رسائل لبولس وبطرس ويعقوب ويوحنّا ويهودا. واعتبار الجميع ينتهي إلى اعتبار الأناجيل فلنشتغل بها:

أمّا إنجيل متّى فهو أقدم الأناجيل في تصنيفه وانتشاره ذكر بعضهم أنّه صنّف سنة ٣٨ الميلاديّة، وذكر آخرون أنّه كتب ما بين سنة ٥٠ إلى سنة ٦٠(١) فهو مؤلّف بعد المسيح.

والمحقّقون من قدمائهم ومتأخّريّهم على أنّه كان أصله مكتوباً بالعبرانيّة ثمّ ترجم إلى اليونانيّة وغيرها أمّا النسخة الأصليّة العبرانيّة فمفقودة، وأمّا الترجمة فلا يدري حالها، ولا يعرف مترجمها(٢) .

وأمّا إنجيل مرقس: فمرقس هذا كان تلميذاً لبطرس، ولم يكن من الحواريّين وربّما ذكروا أنّه إنّما كتب إنجيله بإشارة بطرس وأمره، وكان لا يرى إلهيّة المسيح(٣) ولذلك ذكر بعضهم أنّه إنّما كتب إنجيله للعشائر وأهل القرى فعرّف المسيح تعريف رسول إلهيّ مبلّغ لشرائع الله(٤) وكيف كان فقد كتب إنجيله سنة ٦١ ميلاديّة.

وأما إنجيل لوقا: فلوقا هذا لم يكن حواريّاً ولا رأى المسيح وإنّما تلقّن النصرانيّة من بولس، وبولس كان يهوديّاً متعصّباً على النصرانيّة يوذي المؤمنين بالمسيح ويقلّب الاُمور عليهم ثمّ اتّفق مفاجأة أن ادّعى أنّه صرع وفي حال الصرع لمسه المسيح ولامه وزجره عن الإساءة إلى متّبعيه وأنّه آمن بالمسيح وأرسله المسيح ليبشّر بإنجيله.

____________________

(١) قاموس الكتاب المقدّس للمستر هاكس مادّة - متى.

 (٢) كتاب ميزان الحقّ واعتراف به على تردّد في قاموس الكتاب المقدّس.

 (٣) نقل ذلك عبد الوهّاب النجّار في قصص الأنبياء عن كتاب مروج الاخبار في تراجم الاخبار لبطرس قرماج.

(٤) ذكره في قاموس الكتاب المقدّس. يقول فيه: إن نصّ تواتر السلف على أن مرقس كتب إنجيله برومية وانتشر بعد وفاة بطرس وبولس لكنّه ليس له كثير اعتبار لأن ظاهر إنجيله أنّه كتبه لأهل القبائل والقرويين لا لأهل البلاد وخاصّة الروميّة. فتدبّر في كلامه !

٣٤٣

وبولس هذا هو الّذي شيّد أركان النصرانيّة الحاضرة على ما هي عليها(١) فبني التعليم على أنّ الإيمان بالمسيح كاف في النجاة من دون عمل وأباح لهم أكل الميتة ولحم الخنزير ونهى عن الختنة وكثير ممّا في التوراة(٢) مع أنّ الإنجيل لم يأت إلّا مصدّقاً لما بين يديه من التوراة، ولم يحلّل إلّا أشياء معدودة. وبالجملة إنّما جاء عيسى ليقوّم شريعة التوراة ويردّ إليها المنحرفين والفاسقين لا ليبطل العمل ويقصر السعادة على الإيمان الخالي.

وقد كتب لوقا إنجيله بعد إنجيل مرقس. وذلك بعد موت بطرس وبولس. وقد صرّح جمع بأنّ إنجيله ليس كتاباً إلهاميّاً كسائر الأناجيل(٣) كما يدلّ عليه ما وقع في مبتدء إنجيله.

وأمّا إنجيل يوحنّا فقد ذكر كثير من النصارى أنّ يوحنّا هذا هو يوحنّا بن زبديّ الصيّاد أحد التلاميذ الإثنى عشر (الحواريّين) الّذي كان يحبّه المسيح حبّاً شديداً(٤) .

وذكروا أنّ (شيرينطوس) و(أبيسون) وجماعتهما لمّا كانوا يرون أنّ المسيح ليس إلّا إنساناً مخلوقاً لا يسبق وجوده وجود اُمّه اجتمعت أساقفة آسيا وغيرهم في سنة ٩٦

____________________

(١) راجع مادّة بولس من قاموس الكتاب المقدّس.

(٢) راجع كتاب أعمال الرسل ورسائل بولس.

(٣) قال في أوّل إنجيل لوقا:( لأجل أن كثيرين راموا كتب قصص الاُمور الّتي نحن بها عارفون كما عهد الينا اولئك الأوّلون الّذين كانوا من قبل معاينين وكانوا خداما للكلمة رأيت أنا أيضاً إذ كنت تابعا لكلّ شئ بتحقيق أن أكتب اليك أيّها العزيز ثاوفيلا) ودلالته على كون الكتاب نظريا غير إلهامي ظاهرة وقد نقل ذلك أيضاً عن مستر كدل في رسالة اللّهمّ وصرح جيروم أن بعض القدماء كانوا يشكون في البابين الأوّلين من إنجيل لوقا وأنّهما ما كانا في نسخة فرقة مارسيوني وجزم إكهارن في كتابه ص ٩٥ أن من ف ٤٣ إلى ٤٧ من الباب ٢٢ من إنجيل لوقا الحاقية وذكر إكهارن أيضاً في ص ٦١ من كتابه: قد اختلط الكذب الروائي ببيان المعجزات الّتي نقلها لوقا والكاتب ضمه على طريق المبالغة الشاعرية لكن تمييز الصدق عن الكذب في هذا الزمان عسير وقول:( كلي مي شيس أن متّى ومرقس يتخالفان في التحرير وإذا اتفقا ترجح قولهما على قول لوقا) نقل عن قصص الأنبياء للنجّار - ص ٤٧٧.

(٤) راجع قاموس الكتاب المقدّس مادّة يوحنّا.

٣٤٤

ميلاديّة عند يوحنّا والتمسوا منه أن يكتب ما لم يكتبه الآخرون في أناجيلهم ويبيّن بنوع خصوصيّ لاهوت المسيح فلم يسعه أن ينكر إجابة طلبهم(١) .

وقد اختلفت كلماتهم في السنة الّتي اُلّف فيها هذا الإنجيل فمن قائل أنّها سنة ٦٥ وقائل أنّها سنة ٩٦ وقائل أنّها سند ٩٨.

وقال جمع منهم إنّه ليس تأليف يوحنّا التلميذ: فبعضهم على أنّه تأليف طالب من طلبة المدرسة الاسكندريّة(٢) وبعضهم على أنّ هذا الإنجيل كلّه وكذا رسائل يوحنّا ليست من تصنيفه بل إنّما صنّفه بعضهم في ابتداء القرن الثاني، ونسبه إلى يوحنّا ليعتربه الناس(٣) وبعضهم على أنّ إنجيل يوحنّا كان في الأصل عشرين باباً فألحقت كنيسة (أفاس) الباب الحادي والعشرين بعد موت يوحنّا(٤) فهذه حال هذه الأناجيل الأربعة وإذا أخذنا بالقدر المتيقّن من هذه الطرق انتهت إلى سبعة رجال هم: متّى، مرقس، لوقا، يوحنّا، بطرس، بولس، يهوذا، ينتهي ركونهم كلّه إلى هذه الأناجيل الأربعة وينتهي الأربعة إلى واحد هو أقدمها وأسبقها وهو إنجيل متّى وقد مرّ أنّه ترجمة مفقود الأصل لا يدري من الّذي ترجمه؟ وكيف كان أصله. وعلى ما ذا كان يبني تعليمه أبرسالة المسيح أم باُلوهيّته.

وهذا الإنجيل الموجود يترجم أنّه ظهر في بني إسرائيل رجل يدعى عيسى بن يوسف النجّار وأقام الدعوة إلى الله، وكان يدّعي أنّه ابن الله مولود من غير أب بشريّ وأنّ أباه أرسله ليفدي به الناس عن ذنوبهم بالصلب والقتل، وأنّه أحيى الميّت وأبرء الأكمه والأبرص وشفى المجانين بإخراج الجنّ من أبدانهم، وأنّه كان له إثنا عشر تلميذاً: أحدهم متّى صاحب الإنجيل بارك لهم وأرسلهم للدعوة وتبليغ الدين المسيحيّ إلخ.

____________________

(١) نقله في قصص الأنبياء عند جرجس زوين الفتوحي اللبناني في كتابه.

 (٢) نقل ذلك من كتاب (كاتلك هر الد) في المجلد السابع المطبوع سنة ١٨٤٤ ص ٢٠٥ نقله عن استادلن (عن القصص) وأشار إليه في القاموس في مادّة يوحنّا.

 (٣) قال ذلك (بر طشنيدر) على ما نقل عن كتاب الفاروق المجلد الأوّل (عن القصص).

(٤) المدرك السابق.

٣٤٥

 فهذا ملخّص ما تنتهى إليه الدعوة المسيحيّة على انبساطها على شرق الأرض وغربها، وهو لا يزيد على خبر واحد مجهول الاسم والرسم، مبهم العين والوصف.

وهذا الوهن العجيب في مبدء القصّة هو الّذي أوجب لبعض أحرار الباحثين من اُروبه أن أدّعى أنّ المسيح عيسى بن مريم شخص خياليّ صوّره بعض النزعات الدينيّة على حكومات الوقت أو لها وتأيّد ذلك بموضوع خرافيّ آخر يشبهه كلّ الشبه في جميع شئون القصّة وهو موضوع (كرشنا) الّذي تدّعي وثنيّة الهند القديمة أنّه ابن الله نزل عن لاهوته، وفدى الناس بنفسه صلباً ليخلّصهم من الأوزار والخطايا كما يدّعى في عيسى المسيح حذو النعل بالنعل (كما سيجئ ذكره).

وأوجب لآخرين من منتقدي الباحثين أن يذهبوا إلى أنّ هناك شخصين مسمّيين بالمسيح: المسيح غير المصلوب، والمسيح المصلوب. وبينهما من الزمان ما يزيد على خمسة قرون.

وأنّ التاريخ الميلاديّ الّذي سنتنا هذه سنة الف وتسعمائة وستّة وخمسين منه لا ينطبق على واحد منهما بل المسيح الأوّل غير المصلوب يتقدّم عليه بما يزيد على مأتين وخمسين سنة وقد عاش نحواً من ستّين سنة والمسيح الثاني المصلوب يتأخّر عنه بما يزيد على مأتين وتسعين سنة وقد عاش نحواً من ثلاث وثلاثين سنة(١)

على أنّ عدم انطباق التاريخ الميلاديّ على ميلاد المسيح في الجملة ممّا لم يسع للنصارى إنكاره(٢) وهو سكتة تاريخيّة.

على أنّ هيهنا اُموراً مريبة موهمة اُخرى فقد ذكروا أنّه كتب في القرنين الأوّلين من الميلاد أناجيل كثيرة اُخرى ربّما أنهوها إلى نيّف ومائة من الأناجيل والأناجيل الأربعة منها ثمّ حرّمت الكنيسة جميع تلك الأناجيل إلّا الأناجيل الأربعة

____________________

(١) وقد فصل القول في ذلك الزعيم الفاضل (بهروز) في كتاب ألفه جديداً في البشارات النبوّية وأرجو أن أوفق لايداع شذرة منه في تفسير آخر سورة النساء من هذا الكتاب والقدر المتيقن (الّذي يهمنا منه) اختلال التاريخ المسيحي.

(٢) راجع مادّة مسيح من قاموس الكتاب المقدس.

٣٤٦

الّتي عرفت قانونيّة لموافقة متونها تعليم الكنيسة(١) .

ومن جملة الأناجيل المتروكة إنجيل برنابا الّذي ظهرت نسخة منها منذ سنين فترجمت إلى العربيّة والفارسيّة، وهو يوافق في عامّة قصصه ما قصّه القرآن في المسيح عيسى بن مريم(٢) .

ومن العجيب أنّ الموادّ التاريخيّة المأثورة عن غير اليهود أيضاً ساكتة عن تفاصيل ما ينسبه الإنجيل إلى الدعوة المسيحيّة من حديث البنوّة والفداء وغيرهما. ذكر المورّخ الإمريكيّ الشهير (هندريك ويلم وان لون) في تأليفه في تاريخ البشر كتاباً كتبه الطبيب (إسكولابيوس كولتلوس) الروميّ سنة ٦٢ الميلاديّة إلى ابن أخيه (جلاديوس أنسا) وكان جنديّاً في عسكر الروم بفلسطين، يذكر فيه أنّه عاد مريضاً بروميّة يسمّى بولس فأعجبه كلامه وقد كان بولس كلّمه بالدعوة المسيحيّة، وذكر له طرفاً من أخبار المسيح ودعوته.

ثمّ يذكر أنّه ترك بولس ولم يره حتّى سمع بعد حين أنّه قتل في طريق (أوستى) ثمّ يسأل ابن أخيه أن يبحث عن أخبار هذا النبيّ الاسرائيليّ الّذي كان يذكره بولس وعن أخبار بولس نفسه ويكتب إليه ما بلغه من ذلك.

____________________

(١) ولقد لام (شيلسوس) الفيلسوف في القرن الثاني النصارى في كتابه (الخطاب الحقيقي) على تلاعبهم بالاناجيل، ومحوهم بالغد ما أدرجوه بالامس، وفي سنة ٣٨٤ م أمر البابا داماسيوس أن تحرر ترجمة لاتينية جديدة من العهدين القديم والحديث تعتبر قانونيّة في الكنائس وكان تيودوسيس الملك قد ضجر من المخاصمات الجدلية بين الاساقفة، وتمت تلك الترجمة الّتي تسمى (فولكانا) وكان ذلك خاصّا بالاناجيل الاربعة: متّى ومرقس ولوقا ويوحنّا وقد قال مرتب تلك الاناجيل: (بعد أن قابلنا عددا من النسخ اليونانية القديمة رتبناها بمعنى أننا نقحنا ماكان فيها مغايرا للمعنى، وأبقينا الباقي على ماكان عليه) ثمّ إن هذه الترجمة قد ثبتها المجمع (التريدنتيني) سنة ١٥٤٦ أي بعدها بأحد عشر قرنا، ثمّ خطأها سيستوس الخامس سنة ١٥٩٠ وأمر بطبع نسخ جديدة ثمّ خطأ كليمنضوس الثامن هذه النسخة الثانية أيضاً، وأمر بطبعة جديدة منقحة هي الدارجة اليوم عند الكاثوليكيين (تفسير الجواهر - الجزء الثاني - ص ١٢١ الطبعة الثانية).

(٢) وقد وجد هذا الانجيل بالخط الايطالي منذ سنين وترجمه إلى العربيّة الدكتور خليل سعاده بمصر وترجمه إلى الفارسيّة الحبر الفاضل (سردار كابلي) بإيران.

٣٤٧

فكتب إليه (جلاديوس أنسا) بعد ستّة أسابيع من معسكر الروم باُورشليم: أنّي سألت عدّة من شيوخ البلد ومعمّريهم عن عيسى المسيح فوجدتهم لا يحسنون مجاوبتي فيما أسألهم( هذا والسنة سنة ٦٢ ميلاديّة وهم شيوخ !) .

حتّى لقيت بيّاع زيتون فسألته هل يعرفه؟ فأنعم لي في الجواب ثمّ دلّني على رجل اسمه يوسف، و ذكر أنّه كان من أتباعه ومحبّيه وأنّه خبير بقصصه بصير بأخباره يستطيع أن يجيبك فيما تسأله عنه.

فلقيت يوسف اليوم بعد ما تفحّصت أيّاماً فوجدته شيخاً هرماً وقد كان قديماً يصطاد السمك في بعض البحيرات من هذه الناحية.

كان الرجل على كبر سنّه صحيح المشاعر جيّد الحافظة وقصّ لي جميع الأخبار والقضايا الحادثة في ذلك الأوان، أوان الاغتشاش والفتنة.

ذكر أنّ فونتيوس فيلاطوس كان حاكماً على سامرا ويهوديّه في عهد القيصر (تي بريوس).

فاتّفق أن وقع أيّام حكومته فتنة في اُورشليم فسافر فونتيوس فيلاطوس إليه لإخماد ما فيه من نار الفتنة وكانت الفتنة هي ما شاع يومئذ أنّ ابن نجّار من أهل الناصرة يدعو الناس ويستنهضهم على الحكومة.

فلمّا تحقّقوا أمره تبيّن أنّ ابن النجّار المتّهم شابّ عاقل متين لم يرتكب ما يوجب عليه سياسة غير أنّ رؤساء المذهب من اليهود كانوا يخالفونه ويباغضونه بأشدّ ما يكون وقد قالوا لفيلاطوس إنّ هذا الشابّ الناصريّ يقول: لو أنّ يونانيّاً أو روميّاً أو فلسطينيّاً عامل الناس وعاشرهم بالعدالة والشفقة كان عند الله كمن صرف عمره في مطّلعة كتاب الله وتلاوة آياته.

وكأنّ هذه التعرّضات والاقتراحات لم تؤثّر في فيلاطوس أثرها لكنّه لما سمع ازدحام الناس قبال المعبد وهم يريدون أن يقبضوا على عيسى وأصحابه ويقطّعوهم إرباً إرباً رأى أنّ الأصلح أن يقبض هو على هذا الشابّ النجّار ويسجنة حتّى لا يقتل بأيدي الناس في غوغائهم.

٣٤٨

وكان فيلاطوس لم يتّضح له سبب ما ينقمه الناس من عيسى كلّ الاتّضاح وكلّما كلّم الناس في أمره وسألهم واستوضحهم علت أصواتهم وتنادوا (هو كافر) (هو ملحد) (هو خائن) فلم ينته الأمر إلى طائل.

حتّى استقرّ رأي فيلاطوس أن يكلّم عيسى بنفسه فأشخصه وكلّمه وسأله عمّا يقصده بما يبلّغه من الدين فأجابه عيسى أنّه لا يهتمّ بأمر الحكومة والسياسة ولا له في ذلك غرض وأنّه يهتمّ بالحياة الروحانيّة أكثر ممّا يهتمّ بأمر الحياة الجسمانيّة وأنّه يعتقد أنّ الإنسان يجب أن يحسن إلى الناس ويعبد الله الفرد الواحد وحده الّذي هو في حكم الأب لجميع أرباب الحياة من المخلوقات.

وكان فيلاطوس ذا خبرة في مذاهب الرواقيّين وسائر فلاسفة يونان فكأنّه لم ير في ما كلّمه به عيسى موضع غمضة ولا محلّ مؤاخذة ولذلك عزم ثانياً أن يخلّص هذا النبيّ السليم المتين من شرّ اليهود وسوّف في حكم قتله وإنجازه.

لكنّ اليهود لم يرضوا بذلك ولم يتركوه على حاله بل أشاعوا عليه أنّه فتن بأكاذيب عيسى وأقاويله وأنّ فيلاطوس يريد الخيانة على قيصر، وأخذوا يستشهدون عليه ويسجّلون الطوامير على ذلك يريدون به عزله من الحكومة، وقد كان برز قبل ذلك فتن وانقلابات في فلسطين. والقوى المؤمّنة القيصريّة قليلة العدّة لا تقوى على إسكات الناس فيها كلّ القوّة.

وكان على الحكّام وسائر المأمورين من ناحية قيصر أن لا يعاملوا الناس بما يجلب شكواهم وعدم رضايتهم.

فلهذه الأسباب لم ير فيلاطوس بدّاً من أن يفدي هذا الشابّ المسجون للأمن العامّ، ويجيب الناس فيما سألوه من قتله.

وأمّا عيسى فإنّه لم يجزع من الموت بل استقبله على شهامة من نفسه وقد عفى قبل موته عمّن تسبّب إلى قتله من اليهود ثمّ قضى به على الصليب و الناس يسخرون منه ويشتمونه ويسبّونه.

٣٤٩

قال (جلاديوس أنسا) هذا ما قصّ لي يوسف من قصّة عيسى ودموعه تجري على خدّيه وحين ودّعني للمفارقة قدّمت إليه شيئاً من المسكوك الذهبيّ لكنّه أبى أن يأخذه، وقال لي يوجد هيهنا من هو أفقر منّي فأعطه إيّاه.

وسألته عن بولس رفيقك المعهود فما كان يعرفه معرفة تامّة. والقدر الّذي تبيّن من أمره أنّه كان رجلاً خيّاماً ثمّ ترك شغله واشتغل بالتبليغ لهذا المذهب الجديد مذهب الربّ الرؤوف الرحيم الإله الّذي بينه وبين (يهوّه) إله يهود الّذي لا نزال نسمعه من علماء اليهود من الفرق ما هو أبعد ممّا بين السماء والأرض.

والظاهر أنّ بولس سافر أوّلاً إلى آسيا الصغرى ثمّ إلى يونان وأنّه كان يقول للعبيد والأرقّاء إنّهم جميعاً أبناء لأب يحبّهم ويرأف بهم وأنّ السعادة ليست تخصّ بعض الناس دون بعض بل تعمّ جميع الناس من فقير وغنيّ بشرط أن يعاشروا على المواخاة ويعيشوا على الطهارة والصداقة انتهى ملخّصاً.

هذه عامّة فقرات هذا الكتاب ممّا يرتبط بما نحن فيه من البحث.

وبالتأمّل في جمل مضامين هذا الكتاب يتحصّل للمتأمّل أنّ ظهور الدعوة المسيحيّة كيف كان في بني إسرائيل بعيد عيسى (عليه السلام). وأنّه لم يكن إلّا ظهور دعوة نبويّة بالرسالة من عند الله لا ظهور دعوة إلهيّة بظهور اللاهوت ونزولها إليهم وتخليصهم بالفداء!

ثمّ إنّ عدّة من تلامذة عيسى أو المنتسبين إليه كبولس وتلامذة تلامذتهم سافروا بعد وقعة الصلب إلى مختلف أقطار الأرض من الهند وإفريقيّة وروميّة وغيرها وبسطوا الدعوة المسيحيّة لكنّهم لم يلبثوا دون أن اختلفوا في مسائل أصليّة من التعليم كلاهوت المسيح وكفاية الإيمان بالمسيح عن العمل بشريعة موسى وكون دين الإنجيل ديناً أصيلاً ناسخاً لدين موسى أو كونه تابعاً لشريعة التوراة مكمّلاً إيّاها(١) فافترقوا عند ذلك فرقاً.

____________________

(١) يشير إليه كتاب الرسل ووسائل بولس، وقد اعترضت به النصارى

٣٥٠

والّذي يجب الإمعان فيه أنّ الاُمم الّتي بسطت الدعوة المسيحيّة وظهرت فيها أوّل ظهورها كالروم والهند وغيرهما كانوا قبلها منتحلين بالوثنيّة الصابئة أو البرهمنيّة أو البوذائيّة وفيها اُصول من مذاق التصوّف من جهة والفلسفة البرهمنيّة من جهة وفيها جميعاً شطر وافر من ظهور اللاهوت في مظهر الناسوت. على أنّ القول بتثليث الوحدة ونزول اللاهوت في لباس الناسوت وتحمّلها الصلب(١) والعذاب فدائا كان دائراً بين القدماء من وثنيّة الهند والصين ومصر وكلدان والآشور والفرس وكذا قدماء وثنيّة الغرب كالرومان والاسكندناويّين وغيرهم على ما يوجد في الكتب المؤلّفة في الاديان والمذاهب القديمة.

ذكر (دوان) في كتابه (خرافات التوراة وما يماثلها في الأديان الاُخرى): إذا رجعنا البصر إلى الهند نرى أنّ أعظم وأشهر عبادتهم اللاهوتيّة هو التثليث ويسمّون هذا التعليم بلغتهم (ترى مورتى) وهي عبارة مركّبة من كلمتين بلغتهم السنسكريتيّة (ترى) ومعناها الثلاثة و(مورتى) ومعناها هيآت أو أقانيم وهي (برهما، وفشنو، وسيفا) ثلاثة أقانيم متّحدة لا ينفكّ عن الوحدة فهي إله واحد بزعمهم.

ثمّ ذكر: أنّ برهما عندهم هو الأب وفشنو هو الابن، وسيفا هو روح القدس.

ثمّ ذكر أنّهم يدعون سيفا (كرشنا)(٢) الربّ المخلّص والروح العظيم الّذي ولد منه (فشنو) الإله الّذي ظهر بالناسوت على الأرض ليخلّص الناس فهو أحد الأقانيم الثلاثة الّتي هي الإله الواحد.

____________________

(١) القتل بالصلب على الصليب من القواعد القديمة جدّاً فقد كانوا يقتلون من اشتدّ جرمه وفظع دنبه بالصلب الّذي هو من أشدّ أسباب القتل عذاباً وأسوئها ذكراً، وكانت الطريقة فيه أن يصنع من خشبتين تقاطع إحديهما الاُخرى ما هو على شكل الصليب المعروف بحيث ينطبق عليه إنسان لو حمل عليه ثمّ يوضع المجرم عليه مبسوط اليدين ويدق من باطن راحتيه على طرفي الخشبة المعترضة بالمسامير، وكذا تدق قدماه على الخشبة وربّما شدتا من غير دقّ ثمّ تقام الخشبة بنصب طرفها على الأرض بحيث يكون ما بين قدمه إلى الأرض ما يقرب من ذراعين فيبقى الصليب على ذلك يوماً أو أيّاماً ثمّ تكسر قدماه من الساقين ويقتل على الصليب أو ينزل فيقتل بعد الانزال، وكان المصلوب يعذب قبل الصلب بالجلد أو المثلة وكان من العار الشنيع على قوم أن يقتل واحد منهم بالصلب.

(٢) وهو المعبر عنه ابلانكليزية (كرس) وهو المسيح المخلص.

٣٥١

 وذكر أيضاً: أنّهم يرمزون للاُقنوم الثالث بصورة حمامة كما يقوله النصارى.

وقال مستر (فابر) في كتابه (أصل الوثنيّة) كما نجد عند الهنود ثالوثاً مؤلّفاً من (برهما) و(فشنو) و(سيفا) نجد عند البوذيّين ثالوثاً فإنّهم يقولون: إنّ (بوذ) إله له ثلاثة أقانيم. وكذلك بوذيو (جينست) يقولون: إنّ (جيفا) مثلّث الأقانيم.

قال: والصينيّون يعبدون بوذه ويسمّونه (فو) ويقولون إنّه ثلاثة أقانيم كما تقول الهنود.

وقال دوان في كتابه المتقدّم ذكره: وكان قسّيسوا هيكل منفيس بمصر يعبّرون عن الثالوث المقدّس للمبتدئين بتعلّم الدين بقولهم: إنّ الأوّل خلق الثاني والثاني خلق الثالث وبذلك تمّ الثالوث المقدّس.

وسأل توليسو ملك مصر الكاهن تنيشوكي أن يخبره: هل كان قبله أحد أعظم منه؟ وهل يكون بعده أحد أعظم منه فأجابه الكاهن: نعم يوجد من هو أعظم وهو الله قبل كلّ شئ ثمّ الكلمة ومعهما روح القدس ولهذه الثلاثة طبيعة واحدة، وهم واحد بالذات وعنهم صدرت القوّة الأبديّة فاذهب يا فاني يا صاحب الحياه القصيرة.

وقال بونويك في كتابه (عقائد قدماء المصريّين) أغرب كلمة عمّ انتشارها في ديانة المصريّين هي قولهم بلاهوت الكلمة، وأنّ كلّ شئ حصل بواسطتها، وأنّها منبثقة من الله، وأنّها هي الله انتهى. وهذا عين العبارة الّتي يبتدي بها إنجيل يوحنّا.

وقال (هيجين) في كتاب (الإنكلوساكسون) كان الفرس يدعون متروساً الكلمة والوسيط ومخلّص الفرس.

ونقل عن كتاب سكّان اُوروبة الأوّلين: أنّه كان الوثنيّون القدماء يقولون: إنّ الإله مثلّث الأقانيم.

ونقل عن اليونان والرومان والفنلنديّين والاسكندناويّين قضيّة الثالوث السابق الذكر وكذا القول بالكلمة عن الكلدانيّين والآشوريّين والفينيقيّين.

وقال دوان في كتابه (خرافات التوراة وما يقابلها من الديانات الاُخرى) (ص ١٨١ - ١٨٢) ما ترجمته بالتلخيص:

٣٥٢

(إنّ تصوّر الخلاص بواسطة تقديم أحد الآلهة ذبيحة فدائا عن الخطيئة قديم العهد جدّاً عند الهنود الوثنيّين وغيرهم) وذكر شواهد على ذلك:

منها قوله: يعتقد الهنود أنّ كرشنا المولود البكر - الّذي هو نفس الإلهة فشنو الّذى لا ابتداء له ولا انتهاء على رأيهم - تحرّك حنوّاً كي يخلّص الأرض من ثقل حملها فأتاها وخلّص الإنسان بتقديم ذبيحة عنه.

وذكر أنّ (مسترمور) قد صوّر كرشنا مصلوباً كما هو مصوّر في كتب الهنود مثقوب اليدين والرجلين، وعلى قميصه صورة قلب الإنسان معلّقاً، ووجدت له صورة مصلوباً وعلى رأسه إكليل من الذهب. والنصارى تقول: إن يسوع صلب وعلى رأسه إكليل من الشوك.

وقال (هوك) في ص ٣٢٦ من المجلد الأوّل من رحلته: ويعتقد الهنود الوثنيّون بتجسّد بعض الآلهة وتقديم ذبيحة فداء للناس من الخطيئة.

وقال (موريفور ليمس) في ص ٢٦ من كتابه (الهنود) ويعتقد الهنود الوثنيّون بالخطيئة الأصليّة وممّا يدلّ على ذلك ما جاء في مناجاتهم وتوسّلاتهم الّتي يتوسّلون بها بعد (الكياتري) وهو إنّي مذنب ومرتكب الخطيئة، وطبيعتي شريرة، وحملتني اُمّي بالإثم فخلّصني يا ذا العين الحندقوقيّة يا مخلّص الخاطئين من الآثام والذنوب.

وقال القسّ (جورج كوكس) في كتابه (الديانات القديمة) في سياق الكلام عن الهنود: ويصفون كرشنا بالبطل الوديع المملوء لاهوتاً لأنّه قدّم شخصه ذبيحة.

ونقل (هيجين) عن (اندارا دا الكروزوبوس) وهو أوّل اُوروبيّ دخل بلاد التيبال والتبّت: أنّه قال في الإله (اندرا) الّذي يعبدونه: أنّه سفك دمه بالصلب وثقب المسامير لكي يخلّص البشر من ذنوبهم وأنّ صورة الصلب موجودة في كتبهم.

وفي كتاب (جورجيوس) الراهب صورة الإله (اندرا) هذا مصلوباً، وهو بشكل صليب أضلاعه متساوية العرض متفاوتة الطول فالرأسيّ اقصرها - وفيه صورة وجهه - والسفلى أطولها ولو لا صورة الوجه لما خطر لمن يرى الصورة أنّها تمثّل شخصاً هذا.

٣٥٣

وأمّا ما يروى عن البوذيّين في بوذا فهو أكثر انطباقاً على ما يرويه النصارى عن المسيح من جميع الوجوه حتّى أنّهم يسمّونه المسيح، والمولود الوحيد، ومخلّص العالم ويقولون إنّه إنسان كامل وإله كامل تجسّد بالناسوت، وأنّه قدّم نفسه ذبيحة ليكفّر ذنوب البشر ويخلّصهم من ذنوبهم فلا يعاقبوا عليها، ويجعلهم وارثين لملكوت السماوات بيّن ذلك كثير من علماء الغرب: منهم (بيل) في كتابه و(هوك) في رحلته و(موالر) في كتابه تاريخ الآداب السنسكريتيّة وغيرهم.(١)

فهذه نبذة أو اُنموذجة من عقيدة تلبّس اللاهوت بالناسوت، وحديث الصلب والفداء في الديانات القديمة الّتي كانت الاُمم متمسّكين بها منكبّين عليها يوم شرعت الديانة النصرانيّة تنبسط على الأرض وأخذت الدعوة المسيحيّة تأخذ بمجامع القلوب في المناطق الّتي جال الدعاة المسيحيّون فيها فهل هذا إلّا أنّ الدعاة المسيحيّين أخذوا اُصول المسيحيّة وأفرغوها في قالب الوثنيّة واستمالوا بذلك قلوب الناس في تقبّل دعوتهم وهضم تعليمهم؟

ويؤيّد ذلك ما ترى في كلمات بولس وغيره من الطعن في حكمة الحكماء وفلسفتهم والإزراء بطرق الاستدلالات العقليّة وأنّ الإله الربّ يرجّح بلاهة الأبله على عقل العاقل.

وليس ذلك إلّا لأنّهم قابلوا بتعليمهم مكاتب التعقّل والاستدلال فردّه أهله بأنّه لا طريق إلى قبوله بل إلى تعقّله الصحيح من جهة الاستدلال فوضعوا الأساس على المكاشفة والامتلاء بالروح المقدّس فشاكلوا بذلك ما يصرّ به جهلة المتصوّفة أنّ طريقتهم طور وراء طور العقل.

ثمّ إنّ الدعاة منهم ترهبوا وجالوا في البلاد (على ما يحكيه كتاب أعمال الرسل والتواريخ) وبسطوا الدعوة المسيحيّة واستقبلتهم في ذلك العامّة في شتات البلاد، كان من سرّ موفّقيّتهم وخاصّة في إمبراطوريّة الروم هي الضغطة الروحيّة الّتي عمّت

____________________

(١) يجد القارئ هذه المنقولات في تفسير المنار - الجزء السادس في تفسير النساء وفي دوائر المعارف وفي كتاب العقائد الوثنيّة في الديانة النصرانيّة وغيرها.

٣٥٤

البلاد من فشوّ الظلم والتعدّي، وشمول أحكام الاسترقاق والاستعباد، والبون البعيد في حياة الطبقة الحاكمة والمحكومة والآمرة والمأمورة والفصل الشاسع بين عيشة الاغنياء وأهل الإتراف والفقراء والمساكين والأرقّاء.

وقد كانت الدعاة تدعو إلى المواخاة والمحابّة و التساوي والمعاشرة الجميلة بين الناس ورفض الدنيا وعيشتها الكدرة الفانية والاقبال على الحياة الصافية السعيدة الّتي في ملكوت السماء ولهذا بعينه ما كان يعني بحالهم الطبقة الحاكمة من الملوك والقياصرة كلّ العناية، ولا يقصدونهم بالأذى والسياسة والطرد.

فلم يزالوا يزيدون عدداً من غير تظاهر وتنافس وينمون قوّة وشدّة حتّى حصل لهم جمّ غفير في إمبراطوريّة الروم وإفريقيّة والهند وغيرها من البلاد. ولم يزالوا كلّما بنوا كنيسة وفتحوا بابها على وجوه الناس هدموا بذلك واحداً من بيوت الأوثان وأغلقوا بابه.

وكانوا لا يعتنون بمزاحمة رؤساء الوثنيّة في هدم أساسهم، ولا بملوك الوقت وحكّامه في التعالي عن خضوعهم وفي مخالفة أحكامهم ودساتيرهم وربّما كان ذلك يؤدّيهم إلى الهلاك والقتل والحبس والعذاب فكان لا تزال تقتل طائفة وتسجن اُخرى وتشرّد ثالثة.

وكان الأمر على هذه الصفة إلى أوان ملك القيصر (كنستانتين) فآمن بالملّة المسيحيّة وأعلن بها فأخذ التنصّر بالرسميّة وبنيت الكنائس في الروم وما يتبع إمبراطوريّته من الممالك وذلك في النصف الأخير من القرن الرابع الميلاديّ.

تمركزت النصرانيّة يومئذ في كنيسة الروم وأخذت تبعث القسّيسين إلى أكناف الأرض من البلاد التابعة يبنون الكنائس والديرات ومدارس يدرسون بها التعليم الإنجيليّ.

والّذي يجب إلتفات النظر إليه أنّهم وضعوا البحث على اُصول مسلّمة إنجيليّة فأخذوا التعاليم الإنجيليّة كمسألة الأب والابن والروح، ومسألة الصلب والفداء وغير ذلك اُصولاً مسلّمة وبنوا البحث والتنقير عليها.

٣٥٥

وهذا أوّل ما ورد على أبحاثهم الدينيّة من الوهن والوهي فإنّ استحكام البناء المبنيّ وإن بلغ ما بلغ واستقامته لا يغني عن وهن الأساس المبنيّ عليه شيئاً وما بنوا عليه من مسألة تثليث الوحدة والصلب والفداء أمر غير معقول.

وقد اعترف عدّة من باحثيهم في التثليث بأنّه أمر غير معقول لكنّهم اعتذروا عنه بأنّه من المسائل الدينيّة الّتي يجب أن تقبل تعبّداً فكم في الأديان من مسألة تعبديّة تحيلها العقول.

وهو من الظنون الفاسدة المتفرّعة على أصلهم الفاسد، وكيف يتصوّر وقوع مسألة مستحيلة في دين حقّ؟ ونحن إنّما نقبل الدين ونميّز كونه دين حقّ بالعقل وكيف يمكن عند العقل أن تشتمل العقيدة الحقّة على أمر يبطله العقل ويحيله؟ وهل هذا إلّا تناقض صريح؟

نعم يمكن أن يشتمل الدين على ممكن يخرق العادة الجارية، والسنّة الطبيعيّة القائمة، وأمّا المحال الذاتيّ فلا البتّة.

وهذا الطريق المذكور من البحث هو الّذي أوجب وقوع الخلاف والمشاجرة بين الباحثين المتفكّرين منهم في أوائل انتشار صيت النصرانيّة وانكباب المحصّلين على الأبحاث المذهبيّة في مدارس الروم والإسكندريّة وغيرهما.

فكانت الكنيسة تزيد كلّ يوم في مراقبتها لوحدة الكلمة وتهيّئ مجمعاً مشكّلاً عند ظهور كلّ قول حديث وبدعة جديدة من البطارقة والأساقفة لإقناعهم بالمذهب العامّ وتكفيرهم ونفيهم وطردهم وقتلهم إذا لم يقنعوا.

وأوّل مجمع عقدوه مجمع نيقيه لمّا قال أريوس: إنّ اُقنوم الابن غير مساو لاُقنوم الأب وإنّ القديم هو الله والمسيح مخلوق.

اجتمعت البطارقة والمطارنة والأساقفة في قسطنطينيّة بمحضر من القيصر كنستانتين وكانوا ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلاً واتّفقوا على هذه الكلمة( نؤمن بالله الواحد الأب مالك كلّ شئ وصانع ما يرى وما لا يرى وبالابن الواحد يسوع المسيح

٣٥٦

ابن الله الواحد، بكر الخلائق كلّها، وليس بمصنوع، إله حقّ من إله حقّ، من جوهر أبيه الّذي بيده اُتقنت العوالم وكلّ شئ، الّذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا نزل من السماء، وتجسّد من روح القدس، وولد من مريم البتول، وصلب أيّام فيلاطوس، ودفن، ثمّ قام في اليوم الثالث، وصعد إلى السماء، وجلس عن يمين أبيه، وهو مستعدّ للمجئ تارة اُخرى للقضاء بين الأموات والأحياء ونؤمن بروح القدس الواحد، روح الحقّ الّذي يخرج من أبيه، وبمعموديّة(١) واحدة لغفران الخطايا، وبجماعة واحدة قدسيّة مسيحيّة - جاثليقيّة وبقيام أبداننا(٢) والحياة أبد الآبدين(٣) ) .

هذا هو المجمع الأوّل، وكم من مجمع بعد ذلك عقدوه للتبرّي عن المذاهب المستحدثة كمذهب النسطوريّة واليعقوبيّة والأليانيّة واليليارسيّة و المقدانوسيّة والسباليوسيّة والنوئتوسيّة والبولسيّة وغيرها.

ومع هذا كانت الكنيسة تقوم بالواجب من مراقبتها، ولا تتوانى ولا تهن في دعوتها وتزيد كلّ يوم في قوّتها وسيطرتها حتّى وفّقت لجلب سائر دول اُوروبه إلى التنصّر كفرنسا و الإنجليز والنمسا والبروس والإسبانيا والبرتغال والبلجيك وهولاندا وغيرهم إلّا الروسيا أواخر القرن الخامس الميلاديّ سنة ٤٩٦.

ولم تزل تتقدّم وترتقي الكنيسة من جانب، ومن جانب آخر كانت تهاجم الاُمم الشماليّة والعشائر البدويّة على الروم، والحروب والفتن تضعّف سلطنة القياصرة،

____________________

(١) المراد بالمعمودية طهارة الباطن وقداسته.

(٢) أورد عليه أنّه يستلزم القول بالمعاد الجسمانيّ والنصارى تقول بالمعاد الروحانيّ كما يدلّ عليه الانجيل وأظنّ أنّ الانجيل إنّما يدلّ على عدم وجود اللذائذ الجسمانيّة الدنيويّة في القيامة وأمّا كون الإنسان روحاً مجرّداً من غير جسم فلا دلالة فيه عليه بل يدلّ على أنّ الإنسان يصير في المعاد كالملائكة لا ازدواج بينهم وظاهر العهدين أنّ الله سبحانه وملائكته جميعاً أجسام فضلا عن الإنسان يوم القيامة.

(٣) الملل والنجل للشهرستاني.

٣٥٧

وآل الأمر إلى أن أجمعت أهل الروم والاُمم المتغلّبة على إلقاء زمام اُمور المملكة إلى الكنيسة كما كانت زمام اُمور الدين بيدها فاجتمعت السلطنة الروحانيّة والجسمانيّة لرئيس الكنيسة اليوم وهو (البابا جريجوار) وكان ذلك سنة ٥٩٠ الميلاديّة.

وضارت كنيسة الروم لها الرئاسة المطلقة للعالم المسيحيّ غير أنّ الروم لمّا كانت انشعبت إمبراطوريّته إلى الروم الغربيّ الّذي عاصمتها رومة، والروم الشرقيّ الّذي عاصمتها قسطنطينيّة كانت قياصرة الروم الشرقيّ يعدّون أنفسهم رؤساء دينيّين لمملكتهم من غير أن يتّبعوا كنيسة روما وهذا مبدأ انشعاب المسيحيّة إلى الكاثوليك، أتباع كنيسة روما والأرثوذوكس وهم غيرهم.

وكان الأمر على ذلك حتّى إذا فتحت قسطنطينيّة بيد آل عثمان، وقتل القيصر (بالي اُولوكوس) وهو آخر قياصرة الروم الشرقيّ وقسّيس الكنيسة اليوم (قتل في كنيسة(أياصوفيا)).

وادّعى وراثة هذا المنصب الدينيّ أعني رئاسة الكنيسة قياصرة روسيا لقرابة سببيّة كانت بينهم وبين قياصرة الروم، وكانت الروس تنصّرت في القرن العاشر الميلاديّ فصارت ملوك روسيا قسّيسي كنيسة أرضهم غير تابعة لكنيسة رومة، وكان ذلك سنة ١٤٥٤ الميلاديّة.

وبقي الأمر على هذا الحال نحواً من خمسة قرون حتّى قتل (تزار نيكولا) وهو آخر قياصرة الروسيا قتل هو وجميع أهل بيته سنة ١٩١٨ الميلاديّة بيد الشيوعيّين فعادت كنيسة رومة تقريباً إلى حالها قبل الانشعاب.

لكنّ الكنيسة في أثر ما كانت تحاول رؤسائها السلطة على جميع جهات حياة الناس في القرون الوسطى الّتي كانت الكنيسة فيها في أوج ارتقائها وإرتفاعها ثار عليها جماهير من المتديّنين تخلّصاً من القيود الّتي كانت تحملها عليهم الكنيسة.

فخرجت طائفة عن تبعيّة أحكام رؤساء الكنيسة والباباوات وطاعتهم مع البقاء على طاعة التعليم الإنجيليّ على ما يفهمه مجامعهم، ويقرّره اتّفاق علمائهم وقسّيسهم وهؤلاء هم الأرثوذكس.

٣٥٨

 وطائفة خرجت عن متابعة كنيسة رومة أصلاً فليسوا بتابعين في التعليم الإنجيليّ لكنيسة رومة ولا معتنين للأوامر الصادرة منها وهؤلاء هم البروتستانت.

فأنشعب العالم المسيحيّ اليوم إلى ثلاث فرق: الكاثوليك وهي التابعة لكنيسة رومة وتعليمها والاُورثوذكس وهي التابعة لتعليم الكنيسة دون نفسها وقد حدثت شعبتهم بحدوث الانشعاب في الكنيسة وخاصّة بعد انتقال كنيسة قسطنطينيّة إلى مسكو بالروسيا (كما تقدّم) والبروتستانت وهي الخارجة عن تبعيّة الكنيسة وتعليمها جميعاً. وقد استقلّت طريقتهم وتظاهرت في القرن الخامس عشر الميلاديّ.

هذا إجمال ما جرى عليه الدعوة المسيحيّة في زمان يقرب من عشرين قرناً والبصير بالغرض الموضوع له هذا الكتاب يعلم أنّ القصد من ذكر جمل تاريخهم:

أوّلا: أن يكون الباحث على بصيرة من التحوّلات التاريخيّة في مذهبهم والمعاني الّتي يمكن أن تنتقل إلى عقائدهم الدينيّة بنحو التوارث أو السراية أو الانفعال بالامتزاج أو الإلف والعادة من عقائد الوثنيّة والأفكار الموروثة منهم أو المأخوذة عنهم.

وثانياً: أنّ اقتدار الكنيسة وخاصّة كنيسة رومة بلغ بالتدريج في القرون الوسطى الميلاديّة إلى نهاية أوجه حتّى كانت لهم سيطرة الدين والدنيا وانقادت لهم كراسيّ الملك بأوربه فكان لهم عزل من شاءوا ونصب من شاءوا(١) .

يروى أنّ البابا مرّة أمر إمبراطور آلمانيا أن يقف ثلاثة أيّام حافياً على باب قصره في فصل الشتاء لزلّة صدرت منه يريد ان يغفرها له(٢) .

ورفس البابا مرّة تاج الملك برجله حيث جائه جاثياً يطلب المغفرة(٣) .

وقد كانوا وصفوا المسلمين لأتباعهم وصفاً لم يدعهم إلّا أن يروا دين الإسلام دين الوثنيّة يستفاد ذلك من الشعارات والأشعار الّتي نظموها في استنهاض النصارى و

____________________

(١) الفتوحات الإسلاميّة.

(٢) المدرك السابق.

(٣) المدرك السابق.

٣٥٩

تهييجهم على المسلمين في الحروب الصليبيّة الّتي نشبت بينهم وبين المسلمين سنين متطاولة.

فإنّهم كانوا(١) يرون أنّ المسلمين يعبدون الأصنام وأنّ لهم آلهة ثلاثة أسماؤها على الترتيب (ماهوم) ويسمّى بافوميد وماهومند وهو أوّل الآلهة وهو (محمّد) وبعده (ايلين) وهو الثاني وبعده (ترفاجان) وهو الثالث وربّما يظهر من بعض كلماتهم أنّ للمسلمين إلهين آخرين وهما (مارتوان) و(جوبين) ولكنّهما بعد الثلاثة المتقدّمة رتبة وكانوا يقولون: إنّ محمّداً بنى دعوته على دعوى الاُلوهيّة وربّما قالوا: إنّه كان اتّخذ لنفسه صنماً من ذهب.

وفي أشعار ريشار الّتي قالها لاستنهاض الإفرنج على المسلمين: (قوموا وقلّبوا ماهومند وترفاجان وألقوهما في النار تقرّباً من إلهكم).

وفي أشعار رولان في وصف (ماهوم) إله المسلمين: (إنّه مصنوع تامّاً من الذهب والفضّة ولو رأيته أيقنت أنّه لا يمكن لصانع أن يصوّر في خياله أجمل منه ثمّ يصنعه عظيمة جثّته جيّدة صنعته وفي سيمائه آثار الجلالة ظاهرة ماهوم مصنوع من الذهب والفضّة يكاد سنا برقه يذهب بالبصر. وقد اُقعد على فيل هو من أحسن المصنوعات وأجودها بطنه خال وربّما أحسّ الناظر من بطنه ضوءاً هو مرصّعة بالأحجار الثمينة المتلالئة، يرى باطنه من ظاهره ولا يوجد له في جودة الصنعة نظير.

ولمّا كانت آلهة المسلمين يوحون إليهم في مواقع الشدّة وقد انهزم المسلمون في بعض حروبهم بعث قائد القوم واحداً في طلب إلههم الّذي كان بمكّة (يعني محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم)). يروي بعض من شاهد الواقعة: أنّ الإله (يعني محمّداً) جائهم وقد أحاط به جمّ غفير من أتباعه وهم يضربون الطبول والعيدان والمزامير والبوقات المعمولة من فضّة ويتغنّون ويرقصون حتّى أتوا به إلى المعسكر بسرور وترح ومرح، وقد كان خليفته منتظراً لقدومه فلمّا رآه قام على ساقه، واشتغل بعبادته بخضوع وخشوع.

____________________

(١) هذا وما بعده إلى آخر الفصل منقول عن ترجمة كتاب (هنري دوكاستري) في الديانة الإسلاميّة الفصل الأوّل منه.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

(سهل بن أحمد)(١) ، عن محمّد بن محمّد الأشعث، عن موسى بن اسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ)(٢) ، رغم أنف رجل أدرك أبويه عند الكبر، فلم يدخلاه الجنّة، رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان، ثمّ انسلخ قبل أن يغفر له ».

[ ٨٧٠٤ ] ٢ - السيد فضل الله في نوادره: عن علي بن الحسن الورّاق، عن أبي محمّد، عن اسحاق بن عيسى، عن الحسين بن علي، عن اسماعيل بن سعيد، عن يزيد بن هارون، عن المسعودي، يقول: من قرأ أول ليلة من شهر رمضان( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) (١) حفظ إلى مثلها من قابل.

[ ٨٧٠٥ ] ٣ - وعن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عبد الرحمان، عن أبي بكر بن محمّد، عن محمّد بن عمرو بن مذعورة، عن ابي هريرة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من صلى في شهر رمضان، في كلّ ليلة ركعتين، يقرأ في كلّ ركعة بفاتحة الكتاب مرّة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات، إن شاء صلاهما في أوّل الليل، وإن شاء في آخر

____________________________

(١) في جامع الأحاديث: محمّد بن عبدالله، وفي البحار كما في المتن وكلاهما من مشايخ مؤلف جامع الأحاديث.

(٢) ليس في جامع الأحاديث.

٢ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٥٠ ح ١٩.

(١) الفتح ٤٨: ١.

٣ - نوادر الراوندي: النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٦ ح ١١.

٤٨١

الليل، والذي بعثني بالحق نبيّا، إنّ الله عزّوجلّ يبعث بكلّ ركعة مائة الف ملك، يكتبون له الحسنات، ويمحون عنه السيئات، ويرفعون له الدرجات، واعطاه ثواب من أعتق سبعين رقبة ».

[ ٨٧٠٦ ] ٤ - البحار، عن اعلام الدين للديلمي: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ في شهر رجب وشعبان وشهر رمضان، كلّ يوم وليلة: فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ بربّ الناس، وقل أعوذ بربّ الفلق، ثلاث مرّات، ويقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، ثلاث مرّات، ثمّ يصلّي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثلاث مرات، ثمّ يقول: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وعلى كلّ ملك ونبي، ثلاث مرّات، ثمّ يقول: اللّهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات، ثلاث مرّات، ثمّ يقول: أستغفر الله وأتوب إليه، أربعمائة مرة، ثمّ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي نفسي بيده، من قرأ هذه السّور، وفعل ذلك كلّه في الشهور الثلاثة ولياليها، لا يفوتها شئ، لو كانت ذنوبه عدد قطر المطر، وورق الشّجر، وزبد البحر، غفرها الله له، وأنّه ينادي مناد يوم الفطر، يا عبدي أنت ولييّ حقّا حقّا، ولك عندي بكلّ حرف قرأته، شفاعة في الإخوان والأخوات، بكرامتك عليّ، ثمّ قال: والذي بعثني بالحقّ نبيّا، إنّ من قرأ هذه السّور، وفعل ذلك في هذه الشّهور الثّلاثة ولياليها، ولو في عمره مرّة واحدة، اعطاه الله بكلّ حرف سبعين الف حسنة، كلّ حسنة عند الله أثقل من جبال الدّنيا، ويقضي الله له سبعمائة حاجة

____________________________

٤ - البحار ج ٩٦ ص ٣٨١ ح ٧ عن اعلام الدين ص ١١٣.

٤٨٢

عند نزعه، وسبعمائة حاجة في القبر، وسبعمائة حاجة عند خروجه من قبره، ومثل ذلك عند تطاير الصّحف، ومثله عند الميزان، ومثله عند الصراط، ويظلّه تحت ظلّ عرشه، ويحاسبه حسابا يسيرا، ويشيّعه سبعون الف ملك إلى الجنّة، ويقول الله تعالى: خذها لك في هذه الأشهر(١) ، ويذهب به إلى الجنّة، وقد أعدّ له ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ».

[ ٨٧٠٧ ] ٥ - الكافي: عن محمّد بن عيسى، بإسناده عن الصالحينعليهم‌السلام ، قال: تكرّر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، هذا الدّعاء ساجدا وقائما، [ وقاعداً ](١) وعلى كلّ حال، وفي الشهر كلّه، وكيف أمكنك، ومتى حضرك من دهرك، تقول بعد تحميد الله تبارك وتعالى، والصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللّهمّ كن لوليّك فلان بن فلان، هذه الساعة، وفي كلّ ساعة، وليّا، وحافظا، وناصرا، ودليلا، وقائدا، وعينا، حتّى تسكنه أرضك طوعا، وتمتّعه فيها طويلا ».

ورواه الكفعمي في مصباحه: مثله، باختلاف يسير(٢) .

[ ٨٧٠٨ ] ٦ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: وأمّا ما رواه العامة، عن جعفر، عن آبائه، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنّ من صلى ليلة سبع وعشرين، ركعتين يقرأ في كلّ ركعة: فاتحة الكتاب، وإنّا أنزلناه مرة، وقل هو الله أحد خمسا وعشرين مرة، فإذا سلّم استغفر مائة

____________________________

(١) في نسخة: هذا الشهر.

٥ - الكافي ج ٤ ص ١٦٢ ح ٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) مصباح الكفعمي ص ٥٨٦.

٦ - لب اللباب: مخطوط.

٤٨٣

مرّة، وصلى على النبي وآله مائة مرة، فقد أدرك ليلة القدر »، فإنّ هذه الرواية، لا تنافي ما صحّ من أنّ ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين، لأنّ هذه الرواية تختصّ بمن فاته ليلة ثلاث وعشرين، فأدرك ليلة سبع وعشرين.

[ ٨٧٠٩ ] ٧ - وفيه: روي أنّ الملائكة إذا ما سلّموا ليلته على المنتبهين الذّاكرين، ثمّ يرجعون إلى السماء، يأمرهم الله تعالى بالانصراف إلى الأرض، حتّى يسلّموا على النائمين من المؤمنين، على كلّ واحد سبعين سلاما.

[ ٨٧١٠ ] ٨ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « أتدرون لم سمّي شعبان شعبان؟ لأنّه يتشعب منه خير كثير لرمضان، وإنّما سمّي رمضان رمضان، لأنّه ترمض فيه الذنوب - أي تحرق - وقال: إنّ لله في كلّ يوم جمعة، ستمائة الف عتيق من النار، كلهم قد استوجبوها، وفي كلّ ساعة من ليل أو نهار من شهر رمضان، الف عتيق من النار، كلّهم قد استوجبوها، وله يوم الفطر مثل ما أعتق في الشهر والجمعة ».

[ ٨٧١١ ] ٩ - الصدوق في الأمالي، وفضائل الأشهر الثلاثة: عن صالح بن عيسى العجلي، عن محمّد بن علي بن علي، عن محمّد بن الصلت، عن محمّد بن بكير، عن عباد المهلبي، عن سعد بن عبدالله، عن هلال بن عبدالله(١) ، عن علي بن زيد بن جدعان(٢) ، عن

____________________________

٧، ٨ - لب اللباب: مخطوط.

٩ - أمالي الصدوق ص ١٩١ ح ١، فضائل الاشهر الثلاثة ص ١١٢.

(١) في الأمالي: عبد الرحمن.

(٢) في الطبعة الحجرية: يعلى بن زيد بن جذعان، والصواب أثبتناه من المصدر « راجع تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٢ ».

٤٨٤

سعيد بن المسيّب، عن عبد الرحمان بن سمرة، قال: كنّا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: « رأيت البارحة عجائب » فقلنا يا رسول الله، وما رأيت؟ حدّثنا [ به ](٣) فداك أنفسنا وأهلونا وأولادنا. فقال:

« رأيت رجلاً من أُمتي، قد أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه برّه بوالديه فمنعه منه - إلى أن قال - ورأيت رجلاً من أُمّتي يلهث عطشا، كلّما ورد حوضا منع منه، فجاءه صيام شهر رمضان فسقاه وأرواه ».

[ ٨٧١٢ ] ١٠ - وفي الأمالي: عن علي بن أحمد الدقاق، عن محمّد بن جعفر الأسدي، عن سهل بن زياد، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني، عن أبي محمّد الحسن العسكريعليه‌السلام ، قال: « قال موسىعليه‌السلام : إلهي فما جزاء من صام شهر رمضان لك محتسبا؟ قال: يا موسى، اقيمه يوم القيامة مقاما لا يخاف فيه، قال: إلهي، فما جزاء من صام شهر رمضان يريد به الناس؟ قال: يا موسى ثوابه كثواب من لم يصمه ».

____________________________

(٣) أثبتناه من المصدرين.

١٠ - أمالي الصدوق ص ١٧٤.

٤٨٥

٤٨٦

أبواب بقيّة الصوم الواجب

١ -( باب حصر أنواع ما يجب منه)

[ ٨٧١٣ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الصوم على أربعين وجها: فعشرة (منها واجب)(١) ، كوجوب شهر رمضان، وعشرة أوجه منها صيامهنّ حرام، وأربعة عشر وجها منها، صاحبها فيها بالخيار، إن شاء صام، وإن شاء أفطر، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التّأديب، ومنها صوم الإباحة، وصوم السفر والمريض، وأمّا صوم الواجب: فصوم شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين - يعني لمن افطر يوماً من شهر رمضان عمدا متعمّدا - وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ، لمن لم يجد العتق واجب، من قول الله:( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ) (٢) وصيام شهرين في كفّارة الظهار، (لمن لم يجد العتق، واجب من)(٣) قول(٤) الله:( فَمَن لَّمْ يَجِدْ

____________________________

أبواب بقية الصوم الواجب

الباب - ١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) في المصدر: واجبة فيها.

(٢) النساء ٤: ٩٢.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) في المصدر: وقال.

٤٨٧

فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ) (٥) أو صيام(٦) ثلاثة أيام في كفّارة اليمين، واجب لمن لم يجد الإطعام، قال الله تعالى:( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) (٧) كلّ ذلك متتابع ليس بمفترق، وصيام من كان به أذى من رأسه، واجب قال الله تبارك وتعالى:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (٨) فصاحب هذه بالخيار، فإن شاء صام ثلاثة أيّام، وصوم دم المتعة واجب، لمن لم يجد الهدي، قال الله تبارك وتعالى:( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) (٩) وصوم جزاء الصيد واجب، قال الله تبارك وتعالى:( أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا ) (١٠) وأروي عن العالم أنّه قال: أتدرون كيف يكون عدل ذلك صياما؟ فقيل له: لا، فقال: يقوّم الصّيد قيمة، ثمّ يشتري بتلك القيمة البرّ، ثمّ يكال ذلك البرّ أصواعا، فيصوم لكلّ نصف صاع يوما، وصوم النّذر واجب، وصوم الاعتكاف واجب ».

ورواه الصدوق في الهداية(١١) : عن الزهري، أنّه قال: دخلت على علي بن الحسينعليهما‌السلام ، فقال لي: « يا زهري من أين جئت؟ » فقلت: من المسجد، فقال: « فيم كنتم؟ » قلت: تذاكرنا أمر الصوم، فاجتمع رأيي ورأي أصحابي، على أنّه ليس شئ من الصوم بواجب، إلّا صوم شهر رمضان، فقال: « يا زهري ليس

____________________________

(٥) المجادلة ٥٨: ٤.

(٦) في المصدر: وصيام.

(٧) المائدة ٥: ٨٩.

(٨، ٩) البقرة ٢: ١٩٦.

(١٠) المائدة ٥: ٩٥.

(١١) الهداية ص ٤٨.

٤٨٨

كما قلتم، إنّ الصوم على أربعين وجها » الخ.

وفي المقنع: اعلم أنّ الصوم على أربعين وجها وساق مثله(١٢) .

٢ -( باب أنّ من وجب عليه صوم شهرين متتابعين، فافطر لعذر بنى، ولغير عذر استأنف، إلّا أن يصوم شهرا ومن الثّاني ولو يوماً فيبني)

[ ٨٧١٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « متى وجب على الإنسان صوم شهرين متتابعين، فصام شهرا وصام من الشهر الثاني أياما، ثمّ أفطر، فعليه أن يبني عليه ولا بأس، وإن صام شهرا أو أقلّ منه، ولم يصم من الشهر الثاني شيئا، عليه أن يعيد صومه، إلّا أن يكون قد أفطر لمرض، فله أن يبني على ما صام، لأنّ الله حبسه ».

[ ٨٧١٥ ] ٢ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط: عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن رجل جعل عليه صوم شهرين متتابعين، فصام شهرا ثمّ مرض، هل يعيده؟ قال: « نعم، أمر الله حبسه ».

[ ٨٧١٦ ] ٣ - وعن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن المرأة يجب عليها صوم شهرين متتابعين، قال: « تصوم، فما حاضت فهو يجزيها ».

____________________________

(١٢) المقنع ص ٥٥.

الباب - ٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦. ٢،

٣ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط ص ٣٢.

٤٨٩

٣ -( باب وجوب صوم النّذر)

[ ٨٧١٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وصوم النّذر واجب ».

[ ٨٧١٨ ] ٢ - فرات بن ابراهيم الكوفي، بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّهعليهم‌السلام ، قال: « مرض الحسن والحسينعليهما‌السلام ، مرضا شديدا، فعادهما سيّد ولد آدم، محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعادهما أبو بكر وعمر، فقال عمر لعليّعليه‌السلام : يا أبا الحسن، إن نذرت لله نذرا واجبا، فإنّ كلّ نذر لا يكون لله فليس فيه وفاء، فقال عليعليه‌السلام : إن عافى الله ولديّ ممـّا بهما، صمت لله ثلاثة أيّام متواليات، وقالت فاطمةعليها‌السلام ، مثل مقالة عليعليه‌السلام » الخبر، وله طرق كثيرة.

[ ٨٧١٩ ] ٣ - الصدوق في الهداية: عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه قال للزّهري: « وصوم النّذر واجب » الخبر.

[ ٨٧٢٠ ] ٤ - وفي المقنع: فإن نذر أن يصوم يوماً معروفا أو شهراً معروفا، فعليه أن يصوم ذلك اليوم و(١) ذلك الشهر، فإن لم يصمه أو صامه فأفطر، عليه(٢) الكفّارة.

____________________________

الباب - ٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - تفسير فرات الكوفي ص ١٩٦.

٣ - الهداية ص ٤٩.

٤ - المقنع ص ١٣٨.

(١) في المصدر: أو.

(٢) وفيه: فعليه.

٤٩٠

٤ -( باب وجوب صوم كفّارة النّذر وقضائه، وقدر الكفّارة)

[ ٨٧٢١ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن أفطر (يوم صوم)(١) النّذر، فعليه الكفّارة شهرين متتابعين، وقد روي أنّ عليه كفّارة يمين ».

[ ٨٧٢٢ ] ٢ - الصدوق في المقنع: فإن نذر رجل أن يصوم يوما، فوقع ذلك اليوم على أهله، فعليه أن يصوم يوماً بدل يوم، ويعتق رقبة مؤمنة.

٥ -( باب وجوب كفّارة مخيّرة بقتل الخطأ، وكفّارة الجمع بقتل العمد، وأنّ القاتل في الأشهر الحرم، يصوم شهرين منها، وحكم دخول العيد وأيّام التّشريق)

[ ٨٧٢٣ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « كفّارة القتل، عتق رقبة، أو صوم شهرين متتابعين، إذا لم يجد ما يعتق، أو إطعام ستّين مسكينا، إن لم يستطع الصّوم ».

[ ٨٧٢٤ ] ٢ - احمد بن محمّد بن عيسى في نوادره: عن فضالة بن أيّوب، والقاسم بن محمّد، عن ابان بن عثمان، عن زرارة والحسين بن سعيد، عن أحمد بن عبدالله، عن أبان، عن زرارة، قال: سمعت

____________________________

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في الطبعة الحجرية (يوما صومه) وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المقنع ص ١٣٨.

الباب - ٥

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٤١٣ ح ١٤٤٣.

٢ - نوادر أحمد بن عيسى ص ٦١.

٤٩١

أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « إذا قتل الرّجل في شهر حرام، صام شهرين متتابعين من أشهر الحرم »، فتبسّمت وقلت له: يدخل ها هنا شئ، قال: « أدخلني(١) »، قلت: العيد والأضحى وأيّام التّشريق، قال: « هذا حقّ لزمه فليصمه » قال أحمد بن عبدالله في حديثه: ليعتق أو يصوم.

٦ -( باب وجوب التّتابع: في صوم كفّارة اليمين، والظّهار، والقتل، والإفطار، وبدل الهدي، وأحكام كفّارات الحجّ)

[ ٨٧٢٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن علي، ومحمّد بن علي بن الحسين، وجعفر بن محمّدعليهم‌السلام ، أنّهم قالوا: « صيام كفّارة اليمين، ثلاثة أيّام متتابعات، لا يفرّق(١) بينها ».

[ ٨٧٢٦ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « صيام الظّهار، شهران متتابعان، كما قال الله عزّوجلّ ».

[ ٨٧٢٧ ] ٣ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن علي بن جعفر، عن أخيه(١) موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: سألته عن صوم

____________________________

(١) في نسخة: أدخله، منه قدّه.

الباب - ٦

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٠٣.

(١) في الطبعة الحجرية: لا فرق، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٢٧٩.

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٩٣ ح ٢٤١.

(١) في الطبعة الحجرية « عمّن أخبره، عن »، وما أثبتناه من المصدر هو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٢٨٥ ورجال النجاشي ص ١٧٦ وغيرهما ».

٤٩٢

الثلاثة أيّام في الحجّ والسّبعة، ايصومها متوالية أم يفرّق بينها؟ قال: « يصوم الثّلاثة لا يفرّق بينها، (والسبعة لا يفرق بينها)(٢) ، ولا يجمع الثلاثة والسبعة(٣) ».

[ ٨٧٢٨ ] ٤ - وعن الزهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « صيام شهرين متتابعين من قتل خطأ، لمن لم يجد العتق واجب، قال الله تعالى:( وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً ) (١) » الآية.

الصدوق في الهداية(٢) والمقنع(٣) : عنهعليه‌السلام ، مثله.

فقه الرضا(٤) عليه‌السلام : مثله.

٧ -( باب أنّ من نذر أن يصوم حتّى يقوم القائمعليه‌السلام ، لزمه ووجب عليه صوم ما عدا الأيّام المحرّمة)

[ ٨٧٢٩ ] ١ - محمّد بن ابراهيم النّعماني في كتاب الغيبة: حدّثنا محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن

____________________________

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) وفيه زيادة: جميعاً.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٢٦٦ ح ٢٣١.

(١) النساء ٤: ٩٢.

(٢) الهداية ص ٤٩.

(٣) المقنع ص ٥٦.

(٤) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

الباب - ٧

١ - الغيبة ص ٩٤ ح ٢٦.

٤٩٣

شمّون، عن عبدالله بن عبد الرحمان الأصمّ، عن كرام، قال: حلفت فيما بيني وبين نفسي، ان لا آكل طعاما بنهار، حتّى يقوم قائم آل محمّدعليهم‌السلام ، فدخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ، فقلت له: رجل من شيعتك جعل لله عليه أن لا يأكل طعاما(١) أبدا، حتّى يقوم قائم آل محمّدعليهم‌السلام ، فقال: « صم يا كرام، ولا تصم العيدين، ولا ثلاثة أيّام التّشريق، ولا إذا كنت مسافرا » الحديث.

٨ -( باب أنّ من نذر أن يصوم حينا، وجب عليه صوم ستة أشهر، ومن نذر أن يصوم زمانا، وجب عليه صوم خمسة أشهر)

[ ٨٧٣٠ ] ١ - العيّاشي في تفسيره: عن اسماعيل بن زياد السكوني، عن جعفر بن محمّد(١) عليهما‌السلام ، أنّ علياعليه‌السلام ، قال في رجل نذر أن يصوم زمانا، قال: « الزّمان خمسة أشهر، والحين ستّة أشهر، لأن الله يقول:( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ) (٢) ».

[ ٨٧٣١ ] ٢ - الجعفريات: اخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد،(١) عن عليعليهم‌السلام ، أنّه قال فيمن نذر أن يصوم زمانا، قال: « الزّمان خمسة أشهر ».

____________________________

(١) في المصدر زيادة: بنهار.

الباب - ٨

١ - تفسير العيّاشي ج ٢ ص ٢٢٤.

(١) في المصدر زيادة: عن أبيه.

(٢) ابراهيم ١٤: ٢٥.

٢ - الجعفريات ص ٦٢.

(١) في المصدر زيادة: عن أبيه.

٤٩٤

٩ -( باب أنّ من نذر صوما معيّنا فعجز، وجب عليه أن يتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام)

[ ٨٧٣٢ ] ١ - الصدوق في المقنع: فإن نذر رجل أن يصوم كلّ سبت، أو احد، أو سائر الأيام، فليس له أن يتركه إلّا من علّة، وليس عليه صومه في سفر ولا مرض، إلّا أن يكون نوى ذلك، فإن أفطر من غير علّة، تصدّق مكان كلّ يوم على عشرة مساكين.

١٠ -( باب أنّ من نذر صوم أيّام معيّنة في الشهر، فاتّفق في السّفر، لم يجب صومها ولا قضاؤها، وأنّه لا يجب التتّابع في صوم النّذر، إلّا مع الشّرط فيه)

[ ٨٧٣٣ ] ١ - الصدوق في المقنع: فإن نذر أن يصوم يوماً بعينه ما دام حيا، فوافق ذلك اليوم عيد فطر، أو أضحى، أو ايّام التّشريق، أو سافر، أو مرض، فقد وضع الله عنه الصّيام في هذه الأيام كلّها، ويصوم يوماً بدل يوم.

____________________________

الباب - ٩

١ - المقنع ص ١٣٧.

الباب - ١٠

١ - المقنع ص ١٣٧.

٤٩٥

٤٩٦

أبواب الصوم المندوب

١ -( باب استحباب صوم كلّ يوم، عدا الأيام المحرّمة)

[ ٨٧٣٤ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا ابي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وكّل الله تعالى ملائكة بالدعاء للصّائمين ».

[ ٨٧٣٥ ] ٢ - وبهذا الإسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : نوم الصّائم عبادة، ونفسه تسبيح ».

[ ٨٧٣٦ ] ٣ - وبهذا الإسناد قال: « قيل يا رسول الله: ما الّذي يباعد الشّيطان منّا؟ قال: الصوم لله يسوّد وجهه، والصّدقة تكسر ظهره، والحبّ في الله عزّوجلّ، والمواظبة على العمل، تقطع دابره(١) ،

____________________________

أبواب الصوم المندوب

الباب - ١

١، ٢ - الجعفريات ص ٥٨.

٣ - الجعفريات ص ٥٨.

(١) دابر الشئ: آخره (لسان العرب - دبر - ج ٤ ص ٢٧٠) وقوله تعالى:( فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ) أي أهلك آخر من بقي منهم (مجمع البحرين ج ٣ ص ٢٩٧).

٤٩٧

والاستغفار يقطع وتينه(٢) ».

[ ٨٧٣٧ ] ٤ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ثلاثة من روح الله: التّهجّد في الليل بالصلاة، ولقاء الإخوان، والصوم ».

[ ٨٧٣٨ ] ٥ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لكلّ شئ زكاة، وزكاة الأبدان الصيام ».

[ ٨٧٣٩ ] ٦ - وعن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « سبع من سوابق الإيمان، فتمسكوا بهنّ: شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله، وحبّ أهل بيت نبيّ الله حقّا (حقّا)(١) ، من قبل القلوب لا الزّحم بالمناكب، ومفارقة القلوب، والجهاد في سبيل الله، والصيام في الهواجر، وإسباغ الوضوء في السبرات(٢) ، والمحافظة على الصلوات، وحج(٣) بيت الله الحرام ».

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « نوم الصائم عبادة، ونفسه تسبيح ».

[ ٨٧٤٠ ] ٧ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « يقول الله عزّ

____________________________

(٢) الوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه (لسان العرب - وتن - ج ١٣ ص ٤٤١). ٤،

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٩.

٦ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٩.

(١) ليس في المصدر.

(٢) السَّبَرات: جمع سبرة، وهي شدّة البرد (مجمع البحرين ج ٣ ص ٣٢٢).

(٣) في المصدر: والحجّ إلى.

٧ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٠.

٤٩٨

وجلّ: الصوم لي وأنا أُجزي به، وللصّائم فرحتان. فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربّه، والذي نفس محمّد بيده، لخلوف فم الصّائم، أطيب عند الله من ريح المسك ».

[ ٨٧٤١ ] ٨ - أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي في كتاب التّحصين: نقلاً عن الشيخ ابي محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمّي، في كتابه المنبئ عن زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: حدّثنا أحمد بن علي بن بلال، قال: حدّثنا عبد الرحمان بن حمدان قال: حدّثنا الحسن بن محمّد، حدّثنا ابو الحسن بشر بن أبي بشر البصري، قال: أخبرني الوليد بن عبد الواحد، قال: حدّثنا حنّان البصري، عن اسحاق بن نوح، عن محمّد بن علي، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، قال: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأقبل على أُسامة بن زيد، فقال: « يا أُسامة، عليك بطريق الحقّ، وإيّاك وأن تختلج دونه، بزهرة رغبات الدّنيا، وغضارة نعيمها، وبائد(١) سرورها، وزائل عيشها » فقال اسامة: يا رسول الله، ما أيسر ما ينقطع به ذلك الطّريق؟ قال: « السّهر الدّائم، والظمأ في الهواجر(٢) ، وكفّ النفس عن الشهوات، وترك اتّباع الهوى، واجتناب أبناء الدّنيا، يا أُسامة، عليك بالصوم فإنّه قربة إلى الله، وليس شئ أطيب عند الله من ريح فم صائم، ترك الطّعام والشّراب لله ربّ العالمين، وآثر الله على ما سواه، وابتاع آخرته بدنياه، فإن استطعت أن يأتيك الموت، وانت

____________________________

٨ - التحصين ص ٨.

(١) البائد: المنقطع، وبادَ الشئ: انقطع وذهب (لسان العرب ج ٣ ص ٩٧).

(٢) الهاجرة: نصف النهار عند اشتداد الحرّ والجمع هواجر. (مجمع البحرين - هجر - ج ٣ ص ٥١٦).

٤٩٩

جائع وكبدك ظمآن فافعل، فإنّك تنال بذلك اشرف المنازل، وتحلّ مع الأبرار والشهداء والصّالحين » الخبر.

[ ٨٧٤٢ ] ٩ - مصباح الشّريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الصّوم جنّة - أي ستر - من آفات الدّنيا، وحجاب من عذاب الآخرة - إلى ان قال - وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : [ قال الله تعالى: ](١) الصوم لي وأنا أُجزي به، فالصوم يميت مراد(٢) النّفس، وشهوة الطّبع الحيواني، وفيه صفاء(٣) القلب، وطهارة الجوارح، وعمارة الظّاهر والباطن، والشكر على النّعم، والإحسان إلى الفقراء، وزيادة التّضرع والخشوع والبكاء، وحبل الالتجاء إلى الله، وسبب انكسار الشهوة(٤) ، وتخفيف السّيئات، وتضعيف الحسنات، وفيه من الفوائد ما لا يحصى، وكفى بما ذكرناه منه، لمن عقله، ووفق لاستعماله ».

[ ٨٧٤٣ ] ١٠ - الحسن بن أبي الحسن الديلمي في إرشاد القلوب: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال في ليلة المعراج: « يا ربّ ما أوّل العبادة؟ قال: أوّل العبادة الصّمت والصوم، قال: يا ربّ وما ميراث الصوم؟ قال: يورث الحكمة، والحكمة تورث المعرفة، والمعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد، لا يبالي كيف أصبح، بعسر أم بيسر، وإذا كان العبد في حالة الموت،

____________________________

٩ - مصباح الشريعة ص ١٣٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: هوى.

(٣) وفيه: حياة.

(٤) في الطبعة الحجرية (الهمة) وما أثبتناه من المصدر.

١٠ - إرشاد القلوب ص ٢٠٣.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594