بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٨

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 668

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 668
المشاهدات: 63277
تحميل: 3564


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 668 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 63277 / تحميل: 3564
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 8

مؤلف:
العربية

التوبة و أعفو عنهم، و أنذر الصدّيقين ألاّ يعجبوا بأعمالهم، فليس عبد أنصبه للحساب إلاّ هلك( ١) .

أيضا: ظهر إبليس لموسىعليه‌السلام و عليه برنس ذو ألوان، فقال له: ما هذا؟

قال: اختطف به قلوب بني آدم. فقال له: فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه. قال: إذا أعجبته نفسه، و استكثر عمله، و صغر في عينه ذنبه( ٢) .

أيضا: دخل عابد و فاسق المسجد، فخرجا و الفاسق صدّيق لكون فكره في التندم على فسقه و استغفاره من ذنبه، و العابد فاسق لكونه مدلاّ بعبادته و فكرته في ذلك( ٣) .

«و يقنط إذا ابتلي» إنّ الإنسان خلق هلوعا. إذا مسّه الشرّ جزوعا.

و إذا مسّه الخير منوعا( ٤) .

«إن أصابه بلاء دعا مضطرا، و إن أصابه رخاء أعرض مغترّا» فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدين فلما نجّاهم إلى البر إذا هم يشركون( ٥) ، و إذا مس الانسان ضرّ دعا ربّه منيبا إليه ثم إذا خوّله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل( ٦) .

«تغلبه نفسه على ما تظن» من الآمال البعيدة «و لا يغلبها على ما يستيقن» من الموت و القيامة «يخاف على غيره بأدنى من ذنبه، و يرجو لنفسه بأكثر من عمله» مع أنه لو عكس فكان عمله أكثر من غيره، و ذنبه أقل من غيره لكان عليه

____________________

(١) أخرجه الكافي ٢: ٣١٤ ح ٦، و نقله المصنّف بتصرّف في العبارة.

(٢) أخرجه الكافي ٢: ٣١٤ ح ٧ و ٨، و نقله المصنف بتصرف في العبارة.

(٣) أخرجه الكافي ٢: ٣١٤ ح ٧ و ٨، و نقله المصنف بتصرف في العبارة.

(٤) المعارج: ١٩ ٢١.

(٥) العنكبوت: ٦٥.

(٦) الزمر: ٨.

٢٦١

أن يخاف على نفسه أكثر و يرجو لغيره أكثر.

و في (المروج) عن ابن عياش المنتوف، قال المنصور يوما و نحن عنده:

أ تعرفون جبّارا أول اسمه عين قتل جبارا أول اسمه عين؟ و جبارا أول أسمه عين، و جبارا أول اسمه عين؟ قلت: نعم. عبد الملك قتل عمرو بن سعيد الأشدق و عبد اللّه بن الزبير و عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. فقال: أ تعرفون خليفة أول اسمه عين قتل جبارا أول اسمه عين؟ و جبارا أول اسمه عين، و جبارا أول اسمه عين؟ قلت: نعم أنت قتلت عبد الرحمن بن مسلم أي: أبا مسلم و عبد الجبار بن عبد الرحمن و كان عامله على خراسان فخلع فأسر فأمر بقطع يديه و رجليه ثم ضرب عنقه و عبد اللّه بن علي سقط عليه البيت.

قال: فما ذنبي إن كان سقط عليه البيت؟ قلت: لا ذنب لك( ١ ) . فسمّى عبد الملك جبارا و نفسه خليفة مع أنه كان أشدّ في الجبّارية، فعبد الملك كتب إلى الحجاج أن يرعى السجّادعليه‌السلام لأنّ بني أبي سفيان انقرضوا بتعرّضهم لبيته، و هو مع ان الصادقعليه‌السلام كان أخبره بصيرورة الأمر إليهم حتى يلعب به صبيانهم أحضره مرّات لقتله، و كانعليه‌السلام يدعو لدفع شره حتى وافق الأخير الأجل.

«إن استغنى بطر» و البطر: شدّة المرح.

«و فتن» إنّ الإنسان ليطغى. أن رآه استغنى( ٢ ) ، و كم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلاّ قليلا( ٣ ) ، و لا تمدنّ عينيك الى ما متّعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه( ٤) .

«و إن افتقر قنط» فأمّا الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه و نعّمه فيقول

____________________

(١) مروج الذهب ٣: ٣٠٦.

(٢) العلق: ٧.

(٣) القصص: ٥٨.

(٤) طه: ١٣١.

٢٦٢

ربيّ أكرمن. و أمّا إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربّي أهانن( ١) .

«يقصر إذا عمل» و الحال إنّه تعالى قال: فاستبقوا الخيرات( ٢) ، سابقوا الى مغفرة من ربّكم و جنّة عرضها كعرض السماء و الأرض( ٣) .

«و يبالغ إذا سأل» عن الصادقعليه‌السلام : إيّاك و سؤال الناس فإنّه ذلّ في الدنيا و حساب طويل يوم القيامة.

و عن الباقرعليه‌السلام : لو يعلم السائل ما في المسألة، ما سأل أحد أحدا، و لو يعلم المعطي ما في العطية، ما ردّ أحد أحدا.

و عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الأرزاق دونها حجب، فمن شاء قنى حياءه و أخذ رزقه، و من شاء هتك الحجاب و أخذ رزقه، و الذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبلا ثم يدخل عرض هذا الوادي فيحتطب حتى لا يلتقي طرفاه ثم يدخل به السوق فيبيعه بمدّ من تمر يأخذ ثلثه و يتصدّق بثلثيه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو حرموه( ٤) .

«ان عرضت له شهوة أسلف المعصية و سوّف التوبة» مع أنّه تعالى قال و أمّا من خاف مقام ربّه و نهى النفس عن الهوى. فإنّ الجنّة هي المأوى( ٥ ) و قالواعليهم‌السلام : اذكروا انقطاع اللذّات و بقاء التبعات.

«و إن عرته المحنة انفرج عن شرائط الملّة» فيعلم أنّه ليس بكامل الإيمان و إلاّ فالمؤمن الكامل دينه أشدّ من الجبل يؤثر في الجبل المعول و لا يؤثر في

____________________

(١) الفجر: ١٥ ١٦.

(٢) البقرة: ١٤٨، المائدة: ٤٨.

(٣) الحديد: ٢١.

(٤) أخرجه الكافي ٤: ٢٠، ١ ٣.

(٥) النازعات: ٤٠ ٤١.

٢٦٣

دينه شي‏ء، و السحرة لما قال لهم فرعون و لأصلّبنّكم في جذوع النخل( ١ ) لايمانهم بموسى قالوا له فاقض ما أنت قاض إنّما تقضي هذه الحياة الدنيا.

انّا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا و ما أكرهتنا عليه من السّحر( ٢) .

«يصف العبرة و لا يعتبر» كما ان أكثر الناس يصفون الحق و لا يعملون به «و يبالغ في الموعظة و لا يتعظ» قال الشاعر:

ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها

فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك تعذر إن وعظت و يقتدى

بالقول منك و يقبل التعليم

و قيل بالفارسية:

واعظان كاين جلوه در محراب و منبر ميكنند

چون بخلوت ميروند آن كار ديگر ميكنند( ٣)

«فهو بالقول مدلّ» من الدلال.

«و من العمل مقلّ» في (تاريخ بغداد): لقي رجل يحيى بن أكثم و هو يومئذ على قضاء القضاة فقال له: كم آكل؟ قال: دون الشبع. قال: فكم أضحك؟ قال: لا يعلو صوتك. قال: فكم أبكي؟ قال: لا تملّ البكاء من خشية اللّه.

قال: فكم أخفي من عملي: قال: ما استطعت. قال: فكم أظهر منه؟ قال: ما يقتدي بك البرّ الخيّر، و يؤمن عليك قول الناس. فقال الرجل: سبحان اللّه قول قاطن و عمل ظاعن( ٤) .

قلت: قال الرجل ذلك لأن يحيى كان بالعكس عملا، و كان معروفا بعمل اللواط بل القول بحليته.

____________________

(١) طه: ٧١.

(٢) طه: ٧٢ ٧٣.

(٣) ديوان حافظ. چاپ غنى و قزوينى.

(٤) تاريخ بغداد ١٤: ٢٠٠، و النقل بتصرف.

٢٦٤

«ينافس ما يفنى، و يسامح ما يبقى» على العكس ممّا قال تعالى إنّ الأبرار لفي نعيم. على الأرائك ينظرون. تعرف في وجوههم نضرة النعيم.

يسقون من رحيق مختوم. ختامه مسك و في ذلك فليتنافس المتنافسون( ١ ) ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم( ٢) .

«يرى الغنم مغرما و الغرم مغنما» و من الأعراب من يتّخذ ما ينفق مغرما و يتربّص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء( ٣ ) ، إنّ الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدّوا عن سبيل اللّه فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون( ٤) .

و في (المناقب): فرّق الرضاعليه‌السلام بخراسان ماله كلّه في يوم عرفة، فقال له الفضل بن سهل: ان هذا المغرم. فقال: بل هو المغنم، لا تعدّنّ مغرما ما ابتغيت به أجرا و كرما( ٥) .

«يخشى الموت و لا يبادر الفوت» مع أن الفرصة تمرّ مرّ السحاب و يجب اغتنام الحياة قبل الممات و أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لو لا أخّرتني إلى أجل قريب فأصّدّق و أكن من الصالحين.

و لن يؤخّر اللّه نفسا إذا جاء أجلها و اللّه خبير بما تعملون( ٦ ) ، أو لم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكر( ٧) .

____________________

(١) المطفّفين: ٢٢ ٢٦.

(٢) الحديد: ٢٣.

(٣) التوبة: ٩٨.

(٤) الأنفال: ٣٦.

(٥) المناقب ٤: ٣٦١.

(٦) المنافقون: ١٠ ١١.

(٧) فاطر: ٣٧.

٢٦٥

«يستعظم من معصية غيره ما يستقلّ أكثر من نفسه».

و تعذر نفسك إمّا أسأت

و غيرك بالعذر لا تعذر

و تبصر في العين منه القذى

و في عينك الجذع لا تبصر

«و يستكثر من طاعته ما يحقر من طاعة غيره» و الواجب أن يحكم في غيره إذا كان أكبر منه بأنّه أكثر طاعة، و أصغر أقلّ معصية، و تراه في شك من معصيته و يقينه في معصية نفسه.

«فهو على الناس طاعن و لنفسه مداهن» في (الأغاني): لمّا مات إبراهيم الموصلي كان إبراهيم بن المهدي يشرب و جواريه يغنين و كان كالشامت بموته و اندفع يغنّي:

ستبكيه المزامر والملاهي

و تسعدهن عاتقة الدنان

و تبكيه الغويّة إذ تولّى

و لا تبكيه تالية القران

فقال بعض من حضر في نفسه: أفتراه هو إذا مات من يبكيه؟ المحراب أم المصحف؟ مع أنّه كان كما اعترف تلميذ إبليس في الغناء، ظهر له و علّمه( ١ ) . و قال دعبل فيه لمّا قام في مجلس المأمون لمّا جعل الرضاعليه‌السلام ولي عهده:

إن كان إبراهيم مضطلعا بها

فلتصلحن من بعده لمخارق( ٢)

«اللهو مع الأغنياء أحبّ إليه من الذكر مع الفقراء» و قالواعليه‌السلام : من تواضع لغنيّ لغناه ذهب ثلثا دينه( ٣) .

و عن الكاظمعليه‌السلام : محادثة العالم على المزابل، خير من محادثة

____________________

(١) الأغاني ٥: ٢٥٦، بتصرف.

(٢) الأغاني ٢٠: ١٨١.

(٣) ميزان الحكمة لري شهري ١٠: ٥٠٥ ٥٠٦، و النقل بالمعنى.

٢٦٦

الجاهل على الزرابيّ( ١) .

و في (تفسير القمي) في و لا تطرد الذين يدعون ربّهم بالغداة و العشيّ يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شي‏ء و ما من حسابك عليهم من شي‏ء فتطردهم فتكون من الظالمين( ٢ ) كان بالمدينة فقراء مؤمنون أمرهم البنيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكونوا في صفه يأوون إليها، و كان البنيّ‏ّ يتعاهدهم بنفسه، و ربّما حمل إليهم ما يأكلون، و كانوا يختلفون إلى البنيّ‏ّ فيقرّبهم و يقعد معهم و يؤنسهم، و كان إذا جاء الأغنياء و المترفون من أصحابه أنكروا عليه ذلك و قالوا له اطردهم عنك، فجاء يوما رجل من الأنصار اليهصلى‌الله‌عليه‌وآله و عنده رجل من أصحاب الصّفّة قد لزق بالنبي و البنيّ يحدّثه، فقعد الأنصاري بالبعد منهما، فقال له البنيّ: تقدّم فلم يفعل، فقال له البنيّ: لعلّك خفت أن يلزق بك فقره. قال:

اطرد عنك هؤلاء، فنزلت الآيات( ٣) .

و في (الكافي) عن الصادقعليه‌السلام : جاء رجل موسر الى البنيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نقيّ الثوب فجلس، فجاء رجل معسر درن الثوب فجلس إلى البنيّ بجنب الموسر فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له البنيّ: أخفت أن يمسّك من فقره شي‏ء؟ قال: لا. قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: إنّ لي قرينا يزيّن لي كلّ قبيح و يقبّح لي كلّ حسن، و قد جعلت له نصف مالي. فقال البنيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للمعسر:

أ تقبل؟ قال: لا. قال له الرجل: لم؟ قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك( ٤) .

«يحكم على غيره لنفسه و لا يحكم عليها لغيره» من أنصف الناس فهو

____________________

(١) الكافي ١: ٣٩ ح ٢.

(٢) الأنعام: ٥٢.

(٣) تفسير القمي ١: ٢٠٢.

(٤) الكافي ٢: ٢٦٢ و ٢٦٣، و نقله بحذف بعض الرواية.

٢٦٧

المؤمن حقا و لو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين( ١) .

و في (الأغاني): لقي الفرزدق كثّيرا بقارعة البلاط فقال له: يا أبا صخر أنت أنسب العرب حيث تقول:

أريد لأنسى ذكرها فكأنّما

تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل

قال له كثّير: و أنت يا أبا فراس أفخر العرب حيث تقول:

ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا

و إن نحن أومأنا إلى النّاس وقّفوا

قال الراوي: و هذان البيتان جميعا لجميل، سرق أحدهما الفرزدق و سرق الآخر كثّير. فقال له الفرزدق: هل كانت أمك ترد البصرة. قال: لا و لكن أبي كان كثيرا يردها، فعرّض بكثّير في سرقته و نسي سرقة نفسه، و أعتقد شاعرية بيته فقط( ٢) .

في (العيون): كان رجل من المتوقّرين لا يزال يعيب النبيذ و شرابه، فإذا وجده سرّا شربه، فقال بعض جيرانه:

و عيّابة للشّرب لو أنّ أمّه

تبول نبيذا لم يزل يستبيلها( ٣)

و في (العقد): قيل للحجاج كيف وجدت منزلك بالعراق؟ قال: خير منزل لو أدركت بها أربعا لتقرّبت الى اللّه بدمائهم. قيل: و من هم؟ قال: مقاتل بن مسمع ولي سجستان فأتاه الناس فأعطاهم الأموال، فلما قدم البصرة بسط الناس له أرديتهم، فقال لمثل هذا فليعمل العاملون، و عبيد اللّه بن ظبيان خطب خطبة أوجز فيها، فنادى رجل من أعراض الناس: كثّر اللّه فينا من أمثالك، قال:

لقد سألتم اللّه شططا، و معن بن زرارة كان ذات يوم جالسا على الطريق فمرّت

____________________

(١) النساء: ١٣٥.

(٢) الأغاني ٨: ٩٦، و نقله المصنف بتصرف كثير.

(٣) عيون الأخبار ٢: ١٩.

٢٦٨

به امرأة فقالت: يا عبد اللّه أين الطريق الى مكان كذا؟ فغضب و قال: ألمثلي يقال يا عبد اللّه؟ و أبو سمّاك الحنفي أضل ناقته فقال: لئن لم يردها عليّ لا صلّيت له أبدا، فلما وجدها قال: علم أن يميني كانت برا. قال الراوي: و نسي الحجاج نفسه و هو خامس الأربعة بل هو أفسقهم و أطغاهم و أعظمهم إلحادا، كتب الى عبد الملك: ان خليفة اللّه في أرضه أكرم عليه من رسوله اليهم( ١) .

و لما سمع الحجاج بظفر ابن خازم على الكفار قال: الحمد للّه الذي نصر المنافقين على الكفار( ٢) .

«يرشد غيره و يغوي نفسه) و «و يرشد» في (المصرية) تحريف( ٣) .

في (الكافي) عن الباقرعليه‌السلام في قوله تعالى: فكبكبوا فيها هم و الغاون( ٤ ) هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره( ٥) .

و عن الصادقعليه‌السلام : أوحى تعالى الى داود: لا تجعل بيني و بينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدّك عن طريق محبّتي، فإنّ أولئك قطّاع طريق عبادي المريدين، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي من قلوبهم( ٦) .

«فهو يطاع و يعصي» في (الكافي) عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى: إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء( ٧ ) من لم يصدّق فعله قوله فليس بعالم( ٨) .

و عن البنيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال الحواريون لعيسى: من نجالس؟ قال: من يذكّركم

____________________

(١) العقد الفريد ٢: ١٩٨ و ١٩٩ و نقله بتصرف كثير.

(٢) تاريخ الطبري ٦: ٤٠٥.

(٣) نهج البلاغة ٣: ١٩١ من الكلام ١٥٠.

(٤) الشعراء: ٩٤.

(٥) الكافي ١: ٤٦ ح ٤ و ١: ٤٧ ح ٤.

(٦) المصدر نفسه.

(٧) فاطر: ٢٨.

(٨) الكافي ١: ٣٦ ح ٢، و ١: ٣٩ ح ٢.

٢٦٩

اللّه رؤيته، و يزيد في علمكم منطقه، و يرغّبكم في الآخرة عمله.

«و يستوفي و لا يوفي» ويل للمطفّفين. الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون. و إذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون( ١) .

«يخشى الخلق في غير ربه» مع أنّه تعالى قال: و لا يخافون لومة لائم( ٢) .

و شاور معاوية الأحنف في استخلاف يزيد، فسكت فقال: مالك لا تقول؟ فقال: إن صدقناك أسخطناك، و إن كذبناك أسخطنا اللّه، و سخطك أهون من سخط اللّه. قال: صدقت.

و قال ابن هبيرة للحسن البصري: تأتينا كتب يزيد بن عبد الملك، فإن أنفذتها وافق سخط اللّه و إن لم أنفذها خشيت على دمي. فقال: هذا الشعبي فقيه الحجاز عندك فاسأله، فسأله فقال: إنّما أنت عبد مأمور. فقال للحسن: ما تقول أنت؟ فقال: يا ابن هبيرة خف اللّه في يزيد و لا تخف يزيد في اللّه، إنّ اللّه مانعك من يزيد، و إنّ يزيد لا يمنعك من اللّه، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فانظر ما كتب اليك يزيد، فاعرضه على كتاب اللّه، فإن وافقه فأنفذه، و إن خالفه فلا تنفذه، فإنّ اللّه أولى بك من يزيد، و كتاب اللّه أولى بك من كتاب يزيد. فقال ابن هبيرة: هذا الشيخ صدقني و ربّ الكعبة.

«و لا يخشى اللّه في خلقه» قالواعليهم‌السلام : إتّقوا من لا يجد ملجأ إلاّ اللّه.

و في (الطبري): أقرّ معاوية بعد زياد سمرة بن جندب ستة أشهر ثم عزله، فقال سمرة: لعن اللّه معاوية لو أطعت اللّه كما أطعت

____________________

(١) المطففين: ١ ٣.

(٢) المائدة: ٥٤.

٢٧٠

معاوية ما عذّبني أبدا( ١) .

و في (الخلفاء): قال طاووس لسليمان بن عبد الملك: أبغض الخلق إلى اللّه عبد أشركه اللّه في سلطانه، فعمل فيه بمعاصيه، فحك سليمان رأسه حتى كاد أن يجرح( ٢) .

(قال الرضي: و لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة) من نجع فيه الدواء: أثّر (و حكمة بالغة، و بصيرة لمبصر، و عبرة لناظر مفكّر).

مرّ أن ابن عباس أخذه منهعليه‌السلام و وصّى به ابنه ثم قال له: ليكن هذا كنزك الذي تدّخره، و كن به أشدّ اغتباطا منك بكنز الذهب الأحمر، فإنّك إن وعيته اجتمع لك به خير الدنيا و الآخرة.

هذا، و في (ذيل الطبري): أتى صعصعة عمّ الفرزدق البنيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقرأ البنيّ عليه فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره. و من يعمل مثقال ذرّة شرّا يره( ٣ ) فقال صعصعة: حسبي لا أسمع غيرها( ٤)

٩ - الحكمة (٢٨٥) و قالعليه‌السلام :

كُلُّ مُعَاجَلٍ يَسْأَلُ اَلْإِنْظَارَ وَ كُلُّ مُؤَجَّلٍ يَتَعَلَّلُ بِالتَّسْوِيفِ

____________________

(١) تاريخ الطبري ٥: ٢٩١ في وقائع سنة ٥٣، و نقله المصنف بتصرف.

(٢) الامامة و السياسة ٢: ١٠٥.

(٣) الزلزلة: ٧ و ٨.

(٤) ذيل المذيل: ٦٥. المراد نقص الناس بأنّ من عليه حقّ معجّل يسأل من ذي الحق إنظاره و إمهاله، و من عليه حقّ مؤجّل يتعلّل بالتسويف بعد الأجل.

٢٧١

٢٧٢

الفصل السابع و العشرون في القضاء و القدر

٢٧٣

٢٧٤

١ - الحكمة (٧٨) و من كلامهعليه‌السلام للسائل لما سأله: «أ كان مسيرنا إلى الشام بقضاء من اللّه و قدر» بعد كلام طويل هذا مختاره:

وَيْحَكَ لَعَلَّكَ ظَنَنْتَ قَضَاءً لاَزِماً وَ قَدَراً حَاتِماً وَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَبَطَلَ اَلثَّوَابُ وَ اَلْعِقَابُ وَ سَقَطَ اَلْوَعْدُ وَ اَلْوَعِيدُ إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ عِبَادَهُ تَخْيِيراً وَ نَهَاهُمْ تَحْذِيراً وَ كَلَّفَ يَسِيراً وَ لَمْ يُكَلِّفْ عَسِيراً وَ أَعْطَى عَلَى اَلْقَلِيلِ كَثِيراً وَ لَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً وَ لَمْ يُطَعْ مَكْرُوهاً وَ لَمْ يُرْسِلِ اَلْأَنْبِيَاءَ لَعِباً وَ لَمْ يُنْزِلِ اَلْكِتَابَ لِلْعِبَادِ عَبَثاً وَ لاَ خَلَقَ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذلِكَ ظَنُّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ اَلنَّارِ ١١ ١٩ ٣٨: ٢٧ أقول: رواه المفيد في (إرشاده) و الكليني في (كافيه) و الصدوق في (توحيده)، قال الأول: روى الحسن البصري أن رجلا جاء الى أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد انصرافه من حرب صفّين فقال: خبّرني عمّا كان بيننا

٢٧٥

و بين هؤلاء القوم من الحرب أ كان بقضاء من اللّه و قدر؟ فقالعليه‌السلام له: ما علوتم تلعة و لا هبطتم واديا إلاّ و للّه فيه قضاء و قدر. فقال الرجل: فعند اللّه أحتسب عنائي. فقال له: و لم؟ قال: إذا كان القضاء و القدر إلى العمل فما وجه الثواب لنا على الطاعة؟ و ما وجه العقاب لنا على المعصية؟ فقالعليه‌السلام : أو ظننت يا رجل أنّه قضاء حتم و قدر لازم، لا تظنّ ذلك، فإن القول به مقال عبدة الأوثان، و حزب الشيطان، و خصماء الرحمن، و قدرية هذه الامة و مجوسها، ان اللّه جل جلاله أمر تخييرا، و نهى تحذيرا، و كلّف يسيرا، و لم يطع مكرها، و لم يعص مغلوبا، و لم يخلق السماء و الأرض و ما بينهما باطلا، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار( ١ ) . فقال الرجل: فما القضاء و القدر الذي ذكرته؟

قالعليه‌السلام : الأمر بالطاعة و النهي عن المعصية، و التمكّن من فعل الحسنة و ترك السيئة، و المعونة على القربة إليه و الخذلان لمن عصاه، و الوعد و الوعيد، كلّ ذلك قضاء اللّه في أفعالنا و قدره لأعمالنا، فأمّا غير ذلك فلا تظنّه، فإن الظنّ له محبط للأعمال. فقال الرجل: فرّجت عنّي فرّج اللّه عنك، و أنشأ يقول:

أنت الامام الذي نرجو بطاعته

يوم المآب من الرحمن غفرانا

أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا

جزاك ربك بالإحسان احسانا

قال: و هذا الحديث موضح عن قولهعليه‌السلام في معنى العدل و نفي الجبر و إثبات الحكمة في أفعاله تعالى و نفي العبث عنها( ٢) .

و قال الثاني: علي بن محمد عن سهل بن زياد و اسحاق بن محمد و غيرهما رفعوه قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام جالسا بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه ثم قال له: أخبرنا عن مسيرنا الى أهل

____________________

(١) ص: ٢٧.

(٢) إرشاد المفيد: ١٢٠.

٢٧٦

الشام بقضاء من اللّه و قدر؟ فقالعليه‌السلام له: أجل يا شيخ، ما علوتم تلعة و لا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من اللّه و قدر. فقال له الشيخ: فعند اللّه أحتسب عنائي. فقال له: مه، فو اللّه لقد عظّم اللّه لكم الأجر في مسيركم و أنتم سائرون، و في مقامكم و أنتم مقيمون، و في منصرفكم و أنتم منصرفون، و لم تكونوا في شي‏ء من حالاتكم مكرهين، و لا إليه مضطرين. فقال له الشيخ: و كيف لم نكن في شي‏ء من حالاتنا مكرهين و لا إليه مضطرين، و كان بالقضاء و القدر مسيرنا و منقلبنا و منصرفنا؟ فقالعليه‌السلام له: و تظن أنّه كان قضاء حتما و قدرا لازما؟ انّه لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب، و الأمر و النهي. و الزجر من اللّه، و سقط معنى الوعد و الوعيد، فلم تكن لائمة للمذنب، و لا محمدة للمحسن، و لكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن، و لكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان، و خصماء الرحمن، و حزب الشيطان، و قدرية هذه الامة و مجوسها، إنّ اللّه تعالى كلّف تخييرا، و نهى تحذيرا، و أعطى على القليل كثيرا، و لم يعص مغلوبا، و لم يطع مكرها، و لم يملّك مفوضا، و لم يخلق السماوات و الأرض و ما بينهما باطلا، و لم يبعث النبيين مبشّرين و منذرين عبثا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار. فأنشأ الشيخ...( ١) .

و روى الثالث مسندا عن السكوني عن الصادقعليه‌السلام عن آبائه و عن الهادي عن آبائهعليهم‌السلام قال: دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: أخبرنا عن خروجنا الى أهل الشام أ بقضاء من اللّه و قدر؟ فقال له: أجل يا شيخ، فو اللّه ما علوتم تلعة و لا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من اللّه و قدر؟ فقال الشيخ: عند اللّه أحتسب عنائي. فقالعليه‌السلام : مهلا يا شيخ لعلك تظن قضاء حتما

____________________

(١) الكافي ١: ١٥٥، ١.

٢٧٧

و قدرا لازما، لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب، و الأمر و النهي و الزجر، و لسقط معنى الوعيد و الوعد، و لم يكن على مسي‏ء لائمة، و لا لمحسن محمدة، و لكان المحسن أولى باللائمة من المذنب، و المذنب أولى بالإحسان من المحسن، تلك مقالة عبدة الأوثان، و خصماء الرحمن، و قدرية هذه الامة و مجوسها. يا شيخ إنّ اللّه عزّ و جلّ كلّف تخييرا، و نهى تحذيرا، و أعطى على القليل كثيرا، و لم يعص مغلوبا، و لم يطع مكرها، و لم يخلق السماوات و الأرض و ما بينهما باطلا، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار. فنهض الشيخ و هو يقول الى أن قال زائدا على ما مرّ من الشعر:

فليس معذرة في فعل فاحشة

قد كنت راكبها فسقا و عصيانا

لا لا و لا قائلا ناهية أوقعه

فيها عبدت إذن يا قوم شيطانا

فلا أحبّ و لا شاء الفسوق و لا

قتل الولي له ظلما و عدوانا

و رواه مسندا عن عبد اللّه بن نجيح عن جعفر عن محمد عن آبائهعليهم‌السلام ، و عن عكرمة عن ابن عباس الى أن قال و ذكر الحديث مثله سواء إلاّ أنّه زاد:

فقال الشيخ: فما القضاء و القدر اللذان ساقانا و ما هبطنا واديا و لا علونا تلعة إلاّ بهما؟ فقالعليه‌السلام : الأمر من اللّه و الحكم، ثم تلا هذه الآية و قضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه و بالوالدين إحسانا( ١) .

و قال ابن أبي الحديد: ذكره أبو الحسين في (غرره) في بيان أن القضاء و القدر قد يكون بمعنى الحكم و الأمر.

و روى عن الأصبغ قال: قام شيخ إلى عليّعليه‌السلام فقال: أخبرنا عن مسيرنا الى الشام أ كان بقضاء اللّه و قدره؟ فقال: و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما وطئنا موطئا و لا هبطنا واديا إلاّ بقضاء اللّه و قدره. فقال الشيخ: فعند اللّه

____________________

(١) التوحيد: ٣٨٠ ٣٨٢. و الآية ٣٣ من سورة الاسراء.

٢٧٨

احتسب عنائي ما أرى عليّ من الأجر شيئا. فقال: مه، لقد عظّم اللّه أجركم في مسيركم و أنتم سائرون، و في منصرفكم و أنتم منصرفون، و لم تكونوا في شي‏ء من حالاتكم مكرهين و لا اليها مضطرين. فقال: و كيف و القضاء و القدر ساقانا؟ فقال: ويحك لعلّك ظننت قضاء لازما و قدرا حتما، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب و العقاب، و الوعد و الوعيد، و الأمر و النهي، و لم تك لائمة من اللّه لمذنب، و لا محمدة لمحسن، و لم يكن المحسن أولى بالمدح من المسي‏ء، و لا المسي‏ء أولى بالذم من المحسن، تلك مقالة عبّاد الأوثان، و جنود الشيطان، و شهود الزور، و أهل العمى عن الصواب، و هم قدرية هذه الامة و مجوسها، إن اللّه سبحانه أمر تخييرا و نهى تحذيرا، و كلّف يسيرا، و لم يعص مغلوبا و لم يطع مكرها، و لم يرسل الرسل الى خلقه عبثا و لم يخلق السماوات و الأرض و ما بينهما باطلا، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار. فقال الشيخ: فما القضاء و القدر اللذان ما سرنا إلاّ بهما؟ فقال: هو الأمر من اللّه و الحكم، ثم تلا قوله سبحانه و قضى ربك ألا تعبدوا إلاّ إيّاه( ١) .

قلت: و رواه الزمخشري في (فائقه) مثله( ٢) .

قلت: شتان بينهعليه‌السلام و بين فاروقهم. روى الخطيب عن ابن مسعود قال:

خطب عمر الناس بالجابية فقال في خطبته: ان اللّه يضلّ من يشاء و يهدي من يشاء. فقال قس من القسوس: ما يقول أميركم؟ هذا. قالوا: يقول: إنّ اللّه يضلّ من يشاء و يهدي من يشاء. فقال القس: برقست. اللّه أعدل من أن يضلّ أحدا فبلغ عمر ذلك فبعث اليه: بل اللّه أضلّلك و لو لا عهدك لضربت عنقك( ٣) .

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٢٢٧ ٢٢٨ و الآية: ٢٣ من سورة الاسراء.

(٢) أورد الزمخشري أجوبة الامام عليعليه‌السلام على بعض الأسئلة المحيرة راجع ١: ٧١ و ٢: ٣٣٥ من الفائق، دار المعرفة، تحقيق محمد ابي الفضل.

(٣) أورد أبو عبيد عن علي بن رباح عن أبيه: أن عمر بن الخطاب خطب الناس بالجابية، فقال: من أراد أن يسأل عن

٢٧٩

قول المصنّف: (و من كلام لهعليه‌السلام للسائل) هكذا في (المصرية الأولى)( ١ ) و لكن في ابن أبي الحديد: و من كلامهعليه‌السلام للسائل الشامي. و في (ابن ميثم): و من كلام له للشامي( ٢ ) . فالظاهر ان أصل النهج كان هكذا لصحّة نسختهما، فيرد عليه ان السائل لم يكن شاميا بل عراقيا شهد معه صفّين، كما صرّح به في طريق الصدوق. نعم ورد ورود شيخ شامي عليهعليه‌السلام في خبر آخر و سؤاله و سؤالات أخر، فروى (الفقيه): أنه بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام يعبّى‏ء أصحابه للحرب إذ أتاه شيخ عليه سجية السفر، فقال له: إنّي أتيتك من ناحية الشام، و أنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضائل، و إنّي أظنّك ستغتال، فعلّمني ممّا علّمك اللّه. قال: نعم يا شيخ، من اعتدل يوماه فهو مغبون الى أن قال فقال الشيخ: فأين أذهب و أدع الجنّة، و أرى الجنّة و أهلها معك...( ٣) .

(لمّا سأله أ كان مسيرنا الى الشام بقضاء و قدر بعد كلام طويل هذا مختاره) إشارة الى قولهعليه‌السلام «ما علوتم تلعة و لا هبطتم واديا إلاّ و للّه فيه قضاء و قدر» و قوله: «مه يا شيخ فو اللّه لقد عظّم اللّه لكم الأجر في مسيركم و أنتم سائرون و في مقامكم و أنتم مقيمون و في منصرفكم و أنتم منصرفون و لم تكونوا في شي‏ء من حالاتكم مكرهين و لا إليه مضطرين».

«ويحك لعلّك ظننت قضاء لازما و قدرا حاتما» قد عرفت أن لفظ الروايات «و قدرا حتما» و هو أحسن، فلم نر استعمال «حاتم» إلاّ بمعنى الغراب الأسود، كقوله:

((ا))لقرآن فليأت أبيّ بن. كعب، و من أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، و من أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، و من أراد أن يسأل عن المال فليأتني. (كتاب الأموال لأبي عبيد: ٩٩ ح ٥٤٨).

____________________

(١) نهج البلاغة ٣: ١٦٧ من الكلام ٧٨.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٢٢٧ ابن ميثم (الطبع الحجري) ٣: ٤٧٤ و فيه: و من كلام لهعليه‌السلام للشامي.

(٣) الفقيه ٤: ٢٧٣ ح ٩.

٢٨٠