بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247483 / تحميل: 8639
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

السفياني وأصحابه، فيهزمونهم ويأخذون المـُلْك من أيدي الظالمين، ويسلِّموها إلى أهلها من الهاشميِّين، وهو الإمام المهدي الموعود المنتظر (عليه السلام) الذي يخرج في مكَّة المكرَّمة.

11- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله)، ج1، باب (104)، ص33، أخرج بسنده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تَخرجُ من خُراسان - الكوفة، فإذا ظهر المهدي [ عليه السلام ] بمكَّة بعثت إليه بالبيعة).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي في عقد الدُّرر الحديث في رقم (172) بسنده عن أبي جعفر محمَّد بن علي (عليهما السلام) قال:

(تنزِلُ الرايات السود - التي تُقبِل من خُراسان - الكوفةَ، فإذا ظهر المهدي بمكَّة، بَعَثتْ بالبيعة إلى المهدي)، وقال: أخرجه أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد.

المؤلِّف:

وأخرج الحديث في العرف الوردي، ج2، ص69، ولفظه ولفظ السيِّد في الملاحم سواءٌ.

12- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (105)، ص 33، أخرج بسنده عن كعب قال:

(إذا دارت رحى بني العبَّاس، وربَط أصحابُ الرايات السود خيولهم بزيتون الشام، ويُهلك الله لهم الأصهب، ويَقتله وعامَّة أهل بيته على أيديهم، حتَّى لا يبقى أُموي منهم إلاَّ هاربٌ ومختفٍ، ويَسقط السعفتان: بنو جعفر وبنو العبَّاس، ويجلس ابن آكلة الأكباد على منبر دمشق، ويَخرج البربر إلى سرة الشام، فهو علامةُ خروج المهدي).

المؤلِّف:

قوله: (علامةُ خروج المهدي) أي: تكون مقدِّمةً لخروج الإمام المهدي (عليه السلام) كما يظهر ذلك من كثير من أحاديث الباب وغيره.

٦١

13- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، باب (128)، ص40، أخرج بسنده عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام) قال:

(إذا هَزمت الرايات السود خيلَ السفياني - التي فيها شُعيب بن صالح - تمنَّى الناس المهدي فيطلبونه، فيخرج من مكَّة ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، فيصلِّي ركعتين - بعد أن ييأس الناس من خروجه لمَّا طال عليهم من البلاء - فإذا فرغ من صلاته انصرف، فقال: أيُّها الناس: ألحَّ البلاء بأُمَّة محمَّد (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، وبأهل بيته خاصَّة، قُهرنا وبُغيَ علينا).

المؤلِّف:

فيخرج الإمام المهدي (عليه السلام) بعد بيعة أصحابه الخاصَّة معه، وبعد خسفِ جيش السفياني في البيداء، ووصول خبرهم إليه، وقوله: (هذا الذي كنَّا ننتظره).

14- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس (رحمه الله) ج1 باب (129)، أخرج بسنده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(ثمَّ يظهر المهدي بمكَّة عند العشاء، ومعه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصه، وسيفه، وعلامات ونور وبيان، فإذا صلَّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أُذكِّركم الله أيُّها الناس ومقامكم بين يدي ربِّكم، فقد اتَّخذ الحُجَّة، وبعث الأنبياء، وأنزل الكتاب، يأمرُكم أن لا تشركوا به شيئاً، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وأن تحيوا ما أحيى القرآن، وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعواناً على الهدى، ووزراً على التقوى، فإنَّ الدنيا قد دنى فناؤها وزوالها، وأَذِنت بالوداع، وإنِّي أدعوكم إلى الله وإلى رسوله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سُنَّته، فيظهر في ثلاثمئة وثلاثةَ عشرَ رجلاً عدَّة أهل بدرٍ، على غير ميعادٍ قُزعاً كقُزع الخريف ، رهبانٌ بالليل، أُسدٌ بالنهار

٦٢

فيفتح الله أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن [ في المدينة ] من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه القسطنطينيَّة).

المؤلِّف:

يأتي هذا الحديث الشريف بلفظ آخر في رقم (23) نقلاً من (القول المختصر) لابن حجر الهيتمي الشافعي المخطوط، ونسخته توجد في مكتبة أمير المؤمنين في النجف الأشرف عندنا، ويُطبع إنشاء الله في ذيل هذا الكتاب.

15- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، باب (132)، ص41، أخرج بسند عن رزين، عن علي (عليه السلام) قال:

(يُرسل الله على أهل الشام مـَن يُفرِّق جماعتهم حتَّى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم، وعند ذلك يخرج رجلٌ من أهل بيتي في ثلاث رايات، المـُكْثِر يقول: خمسةَ عشرَ ألفاً، والمـُقْلِل يقول: اثني عشر ألفاً، أمارتهم: أَمت أَمت، على رايةٍ منها رجلٌ يطلب المـُلْك، أو يُبْتَغى له المـُلْك، فيقتلهم الله جميعاً، ويردّ الله على المسلمين أُلفَتهم وفاصتهم وبزارتهم).

قال ابن ليهعة: وأخبرني إسرائيل بن عبَّاد، عن محمَّد بن علي مثله، قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا رشدين، حدَّثنا ابن لهيعة قال: وأخبرني عبد الرحمان بن سالم، عن أبيه، عن أبي رومان، عن علي (عليه السلام)، الحديث، إلاَّ أنَّه قال: (تسع راياتٍ سودٍ)، [ أي: مكان ثلاثِ راياتٍ في الحديث ].

المؤلِّف:

الحديث مرَّ ذكره في قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (المهدي رجلٌ من أهل بيتي)، في الباب (2) في رقم (110)، ورقم (111)، نقلاً من كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، ج7، ص317، ومن المستدرك للحاكم، ج4

٦٣

، ص553 ط حيدر آباد الدكن، والحديثين فيهما اختلاف في الألفاظ مع حديث الفتن، وفيهما مقدِّمة لم تُذكر في الفتن والله أعلم بسبب النقص والاختلاف.

وأخرج الحديث علي المتَّقي الحنفي في كنز العمَّال، ج7، ص263، نقلاً من المستدرك والملاحم والفتن، وأخرج الحديث ابن خلدون في كتابه المعروف (بمقدِّمة ابن خلدون، ص267)، ولفظه يَقرُب لفظ مجمع الزوائد ولا يساويه، راجع الباب (2) تجد اللفظين بنصِّهما.

16- وفي ينابيع المودَّة، ص193، أخرج بسنده من مسند أبي حاتم، وصحيح ابن حبَّان، وكتاب ابن السري بأسانيدهم عن ابن مسعود مرفوعاً أنَّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال:

(... إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله - تعالى - لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي إثرةً وشدَّةً وتطريداً في البلاد، حتَّى يأتي قومٌ من ها هنا - وأشار إلى المشرق - أصحابُ راياتٍ سودٍ، فيسألون حقَّهم فلا يُعطَوْنه - مرَّتين أو ثلاثاً - فيقاتلون فَيُنصَرُون، فيعطون ما شاؤوا فلا يقبلونها، حتَّى يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَملَؤها عدلاً بعدما مـُلئت ظلماً، فمن أدرك ذلك [ منكم ] فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

.

المؤلِّف:

في الحديث اختصار، ويأتي في رقم (17) الحديث كاملاً، وقد أخرجه كاملاً ابن خلدون في المقدِّمة، وأخرجه الحاكم كاملاً، وأخرجه الذهبي كاملاً، ويأتي الحديث عن غيرهم.

17- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص518، طبع مصر، سنة 1349، أخرج الحديث المتقدِّم بسندٍ متَّصل عن عبد الله بن مسعود - وله مقدِّمة - وهذا نصُّه:

بحذف السند عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم النبي (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه، وتغيَّر لونه

٦٤

قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اخْتارَ الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيسألون الخير فلا يُعْطَوْنه، فَيُقاتِلون فيَنُصَرُون فَيُعطَونَ ما سألوا فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، فَيَمْلَؤُهَا قسطاً كما مـَلَئُوهَا جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

في الأربعين لأبي نعيم، أخرج نحوه، وقال فيه:

(حتَّى يأتي قومٌ من المشرق ومعهم راياتٌ سود، فيسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه...). الحديث، وقال في آخره: (ومن استطاع منكم فليأتهم ولو حبواً).

18- وفي الصواعق المـُحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، ص100 طبع مصر، سنة 1308 هـ، أخرج حديث عبد الله بن مسعود مع المقدِّمة، نقلاً من سُنن ابن ماجة بسنده عن عبد الله قال:

بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) إذ أقبلَ فتيةٌ من بني هاشم، فلمَّا رآهم (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ)، وذكر الحديث.

ولفظه يساوي لفظ ابن ماجة إلى قوله: (فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج)، وزاد فيه: (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

يظهر من لفظِ حديثِ ابن حجر في الصواعق أنَّه الحديث الذي في ينابيع المودَّة، وفي نفس السُنن أسقط منه قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): (فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

هذا وقد أخرج الحديث في عقد الدُّرر - تأليف الشافعي - وفيه زيادات كثيرة، وإليك لفظه في الرقم الآتي.

19- وفي عقد الدُّرر، الحديث (162)، من الفصل (4)، أخرج بسنده عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود قال:

٦٥

أتيتا رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، فخرج إلينا مـُستبشراً، يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فئةٌ من بني هاشم، فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم خبر بممرهم، وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً تكرهه، فقال:

(إنَّا أهلُ البيت اخْتار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيَلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تُرفع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطَونه، فيُقاتِلون فَيُنصَرَون، فمـَن أدركه منكم ومِن أعقابكم فليأتِ إِمامـَ أهلَ بيتي، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطاً وعدلاً، كما مـُلئت جوراً وظلماً).

أخرجه الإمام الحافظ أبو عبد الله في مستدركه هكذا، ورواه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والإمام أبو عبد الله محمَّد بن يزيد بن ماجه، والحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد، كلُّهم بمعناه.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (29) الحديث من مستدرك الحاكم مع اختلافٍ، ويأتي بقيَّةُ ألفاظه من كتبٍ عديدة بعد رقم (29).

المؤلِّف:

تقدَّم لفظ ابن ماجه، ولفظ ابن حجر، ولفظ ينابيع المودَّة، وليس فيها ما في هذا الحديث من الألفاظ النافعة المهمَّة، ومنه يُعرف أنَّ ألفاظ الحديث في الكتب المتقدِّمة وقعَ فيها تغييرٌ أو تحريف.

وأخرج الحديث في كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان)، ص315، ولفظه يساوي لفظ ابن ماجه القزويني الشافعي، وأخرج الحديث ابن الصبَّاغ المالكي في كتاب الفصول المهمَّة في الفصل (12)، ص276 – 277، ولفظه يقرب لفظ ابن ماجه في سُننه وقال: أخرجه الحافظ أبو نعيم، ثمَّ ذكر بعده حديثاً آخر مختصر مضمونه فيه ما في الحديث السابق، وأخرجه الحاكم في المستدرك، ج4، ص553، وقد تقدَّمت ألفاظهم، ويأتي في رقم

٦٦

(29) لفظ الحاكم وغيره، ولفظ السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص117، راجع رقم (33).

20- وفي الفصول المهمَّة الفصل (12)، ص277، الطبعة الثانية، النجف، سنة 1369 قال: وروى الحافظ أيضاً بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(إذا رأيتم الرايات السود من خراسان فأتوها ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّ فيها خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج أبو نعيم حديث ثوبان في الأربعين حديث الذي جمعه في أحوال الإمام المنتظر (عليه السلام)، وذكر السيِّد في غاية المرام، ص700 جميع الأربعين حديث، ومن جملتها حديث ثوبان، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ.

وأخرجه يوسف بن يحيى في عقد الدُّرر في الحديث (173)، ولفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الرايات السود من قِبَل المشرق، كأنَّ قلوبهم زُبَرَ الحديد، فمن سَمِع بهم فليأتهم فيبايعهم، ولو حَبْواً على الثلج).

أخرجه الإمام أبو نعيم في صفةِ المهدي، وأخرج السيِّد في غاية المرام، ص700 هذا الحديث بلفظه نقلاً من الأربعين حديث لأبي نعيم وقال فيه: (كأنَّ قلوبهم من حديد...). الحديث، وهو الحديث (104) من الأحاديث التي جمعها في الإمام المهدي (عليه السلام).

وأخرج ذلك جلال الدين السيوطي الشافعي في العرف الوردي، ج2، ص63، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

21- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم في الحديث (31) من الأحاديث التي أخرجها السيِّد في غاية المرام، ص700، فقد أخرج بإسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله):

(يَقْتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير [ الأمر ] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلونهم

٦٧

قتلاً لا يُقاتله قومٌ... ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج يوسف بن يحيى الشافعي حديث ثوبان في كتابه عقد الدُّرر، الحديث (89)، ولفظه يخالف لفظ أبا نعيم، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثة، كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطْلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقاتلونهم قتالاً لم يُقاتِله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً، فقال -: إذا رأيتموه فبايعوه، ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

أخرجه الحافظ عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يُخرجاه.

وأخرج أبو نعيم بمعناه وقال: موضع قوله: (ذَكَر شيئاً): (ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي)، وأخرج الحديث في رقم (92) ولفظه لفظ الأربعين لأبي نعيم وقال في آخره: (ثمَّ يجيء خليفة رسول الله المهدي)، ثمَّ قال: أخرجه أبو نعيم هكذا، وأبو عمرو الدَّاني في سُننه، وسيأتي الحديث في رقم (26)، وفي لفظه زيادةٌ واختلاف نفهم منه معنى الحديث.

22- وفي الأربعين حديث للحافظ أبي نعيم، وهو الحديث (33) من الأربعين حديث، قال: وعن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تجيءُ الراياتُ السودُ مِن قِبَل المشرق، كأنَّ قُلوبَهم مِن حديدٍ، فمـَن سَمِع بهم فليأتِهم ولو حَبْواً على الثلج) .

المؤلِّف:

تقدَّم حديث عن ثوبان في رقم (20) ولفظه يقرُب هذا اللفظ، وفيه زيادةٌ واختلافٌ لا يغيِّر المعنى.

المؤلِّف:

الحديث مـُفصّل اختصره أبو نعيم، وقد أخرجه في

٦٨

كتاب البيان، ص313 مفصَّلاً، ويأتي لفظه في رقم (26)، وأخرجه في مقدِّمة ابن خلدون، ص267، وتكلَّم في رجالِ الحديث؛ لأنَّهم ليسوا على مذهبه وفيهم من يتشيَّع، وأخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269، ويأتي لفظه في رقم (27) إنشاء الله.

23- وفي كتاب (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) تأليف ابن حجر الهيتمي الشافعي قال:

الرابعة والعشرون : - من علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - يظهر من مكَّة عند العشاء، معه رايةُ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، وقميصُه، وسيفُه، وعلامات، ونور، وبيان، فإذا صلَّى العشاء خطبَ خطبةً طويلة، ودعى الناس إلى طاعةِ الله وطاعةِ رسوله، فيفتح له أرض الحجاز، ويُخرِج مـَن في السجن من بني هاشم، ويبعث الرايات السود إليه من الكوفة، ويبعث جنوده في الآفاق.

المؤلِّف:

وذكر ابن حجر قبل هذا الحديث في العدد (18) وقال: ينزل قبل رايات سود من خراسان بالكوفة فإذا ظهر [ وليُّ الله الحُجَّة (عليه السلام) ] بمكَّة بعث إليه بمكَّة.

24- وفي عقد الدُّرر، الحديث (176) قال: وعن الحسين قال:

( يَخرجُ بالريِّ رجلٌ رُبْعةٌ أَشَمُّ، مولى لبني تميم، كوسج، يقال له: شُعيب بن صالح، في أربعةِ آلافٍ، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يكون على مقدِّمة المهدي، لا يلقاه أحدٌ إلاَّ فَلَّه).

أخرجه أبو عبد الله في كتاب الفتن.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (4) نقلاً من كتاب الملاحم والفتن، ص31، ولفظه يُخالف هذا اللفظ، وقال: رواه عبد الله بن إسماعيل البصري، عن أبيه، عن الحسن والظاهر، أنَّ في أحدِ الحديثين تحريف.

٦٩

25- وفي عقد الدُّرر، الحديث (143)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(انظروا الفرج في ثلاث ، قلنا: يا أمير المؤمنين: وما هي؟ قال: اختلاف أهلِ الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان! فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: أوَ ما سمعتم قول الله عزَّ وجلَّ في القرآن: ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمـَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) ، وهي آيةٌ تُخرِج الفتاةَ من خِدرها، وتُوقظ النائم، وتُفزع اليقظان!).

أخرجه أبو الحسن أحمد بن جعفر المـُنادي.

26- وفي كتاب البيان للكنجي الشافعي، ص336، طبع إيران، سنة 1322 هـ، أخرج بسنده عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تجئ الرايات السود، فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ، ثمَّ يجئ خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

أخرج العلاَّمة السيِّد هاشم البحراني الحديث في غاية المرام، ص701 نقلاً من كتاب البيان للكنجي الشافعي، وفي لفظه اختلاف وزيادة، ويظهر منه: أنَّ الحديث - في طبع إيران - فيه سَقْط، وهذا نصُّ ما في غاية المرام: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

( يقتتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود مِن قِبَل المشرق فيقتلونهم قتلاً لم يَقتُله قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا احتفظه، ثمَّ قال النبي (صلَّى الله عليه وآله): فإذا رأيتم أميرهم فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي). أخرجه الحافظ ابن ماجه.

المؤلِّف:

بالتأمُّل في هذا الحديث الشريف يتَّضح لك الحديث المتقدِّم في رقم (20)، ورقم (21)، ورقم (22)، وأخرج الكنجي الحديث أيضاً في الباب الرابع من كتاب البيان، ص313، طبع إيران، وهذا

٧٠

لفظه عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا تَصير [الخلافة] إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تطُلع الرايات السود من قِبَل المشرق، فيقتلوهم قتلاً لم يقتله قوم - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

المؤلِّف:

تأمَّل دقيقاً لعلَّك تعرف الفرق بين اللفظ الذي أخرجه في غاية المرام، واللفظ الذي في كتاب البيان، ثمَّ قال الكنجي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، أخرجه الحافظ ابن ماجه القزويني في سُننه كما سُقناه.

المؤلِّف:

ثمَّ أخرج الكنجي الحديث بسند آخر، ولفظه فيه اختصار واختلاف، وهذا نصُّه: عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يُقتل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ، ثمَّ يجيء خليفة الله المهدي، فإذا سمعتم به فأتوه وبايعوه؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

ثمَّ قال الكنجي: قلت: رواه عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذّاء نحوه، إلاَّ أنَّه قال في حديثه:

(تجيء راياتٌ سودٌ مِن قِبَل المشرق كأنَّ قلوبهم زُبَر الحديد - فمن سَمِع بهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج - حتَّى يأتوا مدينة دمشق، فيهدمونها حَجَراً حَجَراً ويقتلون بها أبناء الملوك).

رواه أبو نعيم في مناقب المهدي (عليه السلام) عن الطبراني، رُزِقْناه عالياً بحمد الله.

27- وفي سُنن ابن ماجه، ج2، ص269، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَقتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يَصير إلى واحدٍ منهم، ثم تَطلُع الرايات السود مِنْ قِبَل المشرق، فَيقْتلُونكم قتلاً لم يُقْتَلْهُ قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً لا أحفظه - فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبْواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله المهدي).

٧١

المؤلِّف:

ذكر أبو الحسن محمَّد بن عبد الهادي الحنفي نزيل المدينة، سنة 1138 عند شرحه للحديث في الهامش ص269، ج2، من سُنن ابن ماجه قوله: (عند كَنْزِكُم): أي: مـُلْكِكِم.

وقال ابن كثير: الظاهر أنَّ المراد بالكنز المذكور [ في الحديث ] كنز الكعبة، [ قال ]: وقوله: (ثمَّ تطلع الرايات السود).

قال ابن كثير: هذه الرايات السود ليست هي التي أقبلَ بها أبو مـُسلم الخُراساني فاستلب بها دولة بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

قال: وقوله: (خليفة الله المهدي)، كذا ذكره السيوطي، قال: وفي الزوائد، أي زوائد المسند، هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، ورواه الحاكم في المستدرك، ج4، ص463، ويأتي لفظه في رقم (28) إنشاء الله.

المؤلِّف:

قال جلال الدين السيوطي في كتابه العرف الوردي، ص60، أخرج أحمد، والترمذي، ونعيم بن حمَّاد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(تَخرجُ مِن خُراسان راياتٌ سودٌ، فلا يَرُدَّها شئٌ حتَّى تُنْصب بإيلياء).

قال ابن كثير: هذه الرايات ليست هي التي أقْبل بها أبو مسلم الخُراساني، فاستلب بها دولةَ بني أُميَّة، بل راياتٌ سودٌ أُخرى تأتي صحبة المهدي.

المؤلِّف:

أخرج جلال الدين في كتاب العرف الوردي - قَبل نقلِه هذا الحديث - حديثاً عن أحمد بن حنبل، والترمذي، والطبراني بأسانيدهم عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرج ناسٌ مِن المشرق [ خراسان ] فَيُوطِّئون للمهدي سُلطانه).

وهم أهل الرايات السود المذكورين في الحديث، وهم الذين أمر النبي (صلَّى عليه وآله وسلَّم) بمبايعة الناس مع أميرهم، وهو المهدي (عليه السلام).

المؤلِّف:

وقع اختلاف في المصادر في كلمة: (كَنْزِكُم)، ففي

٧٢

مقدِّمة ابن خلدون قال: عند (كِبَرِكُم)، وفي نسخةٍ للبيان قال: عند (كَرْبِكُم)، وفي الأكثر عند (كَنْزِكُم)، والظاهر أنَّ الصحيح هو هذا، وعليه وافقت الشرَّاح للحديث، والله أعلم.

28- وفي المستدرك للصحيحين - البخاري ومسلم - للحاكم النيسابوري الشافعي، ج4، ص463، أخرج بسنده عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

(يَقْتَتِل عند كَنْزِكُم ثلاثةٌ كلُّهم ابن خليفة، ثمَّ لا يصير إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تَطلُع الرايات السود مِن قِبَل المشرق، فيقاتلونكم قتالاً لم يُقاتِلْه قومٌ - ثمَّ ذكر شيئاً - فقال: إذا رأيتموه فبايعوه ولو حَبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله المهدي ).

ثمَّ قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين.

المؤلِّف:

هذا الحديث الشريف، أخرجه جماعةٌ من الحُفَّاظ وعلماء الحديث في كتبهم المعتبرة، وقد تقدَّم ذِكْرُ بعضهم في رقم (26)، وقد أخرجوه بألفاظٍ مختلفةٍ مفصَّلةٍ ومختصرةٍ وهم جماعة.

منهم: ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة في الفصل الثاني عشر في ص277، وقد تقدَّم لفظه في رقم (20).

منهم: الحافظ أبو نعيم في أربعينه، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21).

منهم: يوسف بن يحيى الشافعي، وقد أخرجه في عقد الدُّرر، وقد تقدَّم لفظه في رقم (21) (23) أيضاً.

ومنهم: ابن حجر الهيتمي، فإنَّه أخرجه في الصواعق المحرقة، ص 100، ولفظه يَقرُب لفظ ابن الصبَّاغ المالكي في الفصول المهمَّة.

ومنهم: علي المتَّقي الهندي الحنفي، أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص186، الحديث (1932)، نقلاً من سُنن ابن ماجه ومستدرك

٧٣

الحاكم عن ثوبان وقد تقدَّم لفظ ابن ماجه في رقم (27)، ولفظ الحاكم في رقم (28)، وفي لفظيهما اختلاف يسير.

ومنهم: السيوطي في العرف الوردي، ج2، ص63.

ومنهم: القندوزي في ينابيع المودَّة، ص431، وقال: أخرجه أحمد، والبيهقي في دلائل النبوَّة.

ومنهم: علي المتَّقي في كنز العمَّال، ج7، ص187، أخرج بسنده من مسند الفردوس للديلمي أنَّه قال:

عن ثوبان: (سَتطْلُع عليكم راياتٌ سودٌ من قِبَل خُراسان، فأتوها ولو حَبواً على الثلج؛ فإنَّه خليفة الله تعالى المهدي). الديلمي عن ثوبان.

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث في رقم (3)، ورقم (20) من كُتبٍ عديدة لعلماء أهل السنَّة، وليس في ألفاظهم هذا اللفظ.

ومنهم: الشبلنجي في نور الأبصار، ص154 من أربعين أبي نعيم، ولفظه يساوي لفظ ابن الصبَّاغ، وقد تقدَّم في رقم (20).

ومنهم: السيِّد في الملاحم والفتن، ج1، ص31، باب (94)، وقد تقدَّم في رقم (3).

29- وفي المستدرك للحاكم، ج4، ص464، أخرج بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:

أتينا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، فخرج إلينا مـُستبْشِراً يُعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيءٍ إلاَّ أخبرنا به، ولا سكتنا إلاَّ ابتدأنا، حتَّى مرَّت فِتيةٌ من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلمَّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟!

٧٤

فقال: (إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّه سَيلْقى أهلُ بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد، حتَّى تَرتَفِع راياتٌ سودٌ من المشرق، فيَسألُون الحقَّ فلا يُعْطُونه، ثمَّ يَسألونه فلا يُعْطُونه، ثمَّ يسألونه فلا يُعْطُونه، فيقاتلون فَيُنصَرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمامـَ أهلِ بيتي ولو حَبْواً على الثلج، فإنَّها راياتُ هدىً يدفعونها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي).

30- وفي ينابيع المودَّة، ص433، أخرج الحديث المتقدِّم من جواهر العقدين وقال: ولابن ماجه عن طريق إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال:

بينا نحن عند رسول الله (ص) إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي (ص) اغرورقت عيناه وتغيَّر لونه، فقلت: يا رسول الله: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟! فقال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي سَيَلْقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتَّى يأتي قومٌ من قِبَل المشرق معهم راياتٌ سودٌ، فيَسألون الخير فلا يُعْطُونه، فيُقاتلِون فَيُنْصَرون، فيُعْطَون ما سألوه فلا يَقْبلونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهلِ بيتي فيملأها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

أخرج الحديث في العرف الوردي عن ابن أبي شَيْبة في سُننه، [ وعن ] نعيم بن حمَّاد في الفتن، وعن ابن ماجه في سُننه، وأبي نعيم، عن ابن مسعود، وزاد في آخره بعد قوله: (ولو حبواً على الثلج)، (فإنَّه المهدي).

وقال السيوطي: فيه دلالةٌ على أنَّ المهدي يكون بعد دولة بني العبَّاس.

المؤلِّف:

من الغريب أن يخفى على جلال الدين السيوطي المتوفَّى سنة 911 أنَّ ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) بعد انقضاء دولة العباسيين وغير العباسيين، وأمَّا الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في سُننه، ج2، ص269

٧٥

فحديثين، تقدَّم أحدُهما في رقم (27)، والحديث الآخر هذا بحذف السند عن علقمة، عن عبد الله قال:

(بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إذ أقبل فِتيةٌ من بني هاشم...). الحديث، ولفظه يساوي لفظ الحديث المنقول من جواهر العقدين فيما تقدَّم بلا اختلافٍ وبلا زيادةٍ.

المؤلِّف:

قال شارح السُنن: (اغرورقت) أي: غَرِقتا بالدموع .

وهذا الحديث الشريف أخرجه الحاكم في المستدرك، وأخرجه غيره، فهو حديثٌ ثابتٌ رواته من رواة الصحاح، كالجامع للترمذي، والسُنن لأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، ومن رواةِ صحيح مـُسلم، وفيهم من يتشيَّع، أي: يُقدِّم أمير المؤمنين في الفضل على غيره؛ ولأجل ذلك توقَّف بعض المـُتعصِّبين عن روايته.

وقد تقدَّم نقلُ الحديث من كتاب البيان للكنجي الشافعي، ومن سُنن ابن ماجه، ومن الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي الشافعي، وأخرج السيِّد في الملاحم والفتن الحديث بلفظ آخر كما في ج1، ص32 راجع الحديث الآتي.

31- وفي الملاحم والفتن لابن طاووس، ج1، ص32، قال:

الباب (100) فيما ذكره نعيم - مِن نصرِ الذي اسمه اسم النبي (عليه السلام) برايةٍ من المشرق - قال: حدَّثنا نعيم، حدَّثنا عبد الله بن مروان، عن العلاء بن عقبة، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم) ذَكَرَ بلاءً يلقاه أهل بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نَصَرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتوا رجلاً اسمه كاسمي، فيولُّوه أمرهم، فيؤيِّده الله ويَنصُره).

المؤلِّف:

قد تقدَّم الحديث في رقم (8)، وعلَّقنا عليه وقلنا: إنَّ الحديث في روايته تصحيف، والرواية عن الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام)، عن النبي، كما في عقد الدُّرر، الحديث رقم (174) من الباب (5)، ولفظُه يساوي لفظَه.

٧٦

المؤلِّف:

إنَّ هذا الحديث هو الحديث السابق المروي في كُتبٍ عديدة، ولكنَّ الراوي اختصره كما هو عادةُ الرواة، وهو أمرٌ غير صحيح؛ لأنَّه يوجب الإجمال وعدم الوصول إلى معنى الحديث.

المؤلِّف:

ويأتي في باب أصحاب الإمام المهدي (عليه السلام) أحاديث عديدة ذُكر فيها الرايات السود، وأنَّهم من أصحابه وأنصاره، غير أنَّهم يتقدَّمون عليه، وعند انتصارهم يُسلِّمون الأمر إليه.

وقد ذُكر من أوصافهم أنَّ راياتِهم سودٌ صغارٌ، وقلانِسُهم سود، وثيابهم بيض، وهم على خلاف الجيش الذي حارب بني أُميَّة وأخذ السلطة منهم وسلَّمها إلى بني العبَّاس، وهم أصحاب أبي مسلم الخراساني.

وفي العرف الوردي، ج2، ص68 قال: أخرج نعيم بن حمَّاد، عن الحسن:

(أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ذكر بلاءً يلقاه أهلُ بيته، حتَّى يبعث الله رايةً من المشرق سوداء، من نصرها نصره الله، ومن خذلها خذله الله، حتَّى يأتي رجلٌ اسمه كاسمي، فيولُّونه أمرهم، فيؤيِّده الله وينصره).

المؤلِّف:

الظاهر أنَّ المراد من الحسن في هذه الرواية - وغيرها - هو: الحسن البصري على اصطلاح علماء أهل السنَّة.

32- وفي كنز العمَّال، ج6، ص68، نقلاً مِن مسند علي (عليه السلام)، قال: وعن أبي الطفيل، أنَّ علياً (عليه السلام) قال له:

(يا عامر: إذا سمِعتَ الرايات السود مـُقبلة مِن خُراسان، فكنت في صندوقٍ مـُقْفلٍ عليك، فاكْسر ذلك القفل، وذلك الصندوق، حتَّى تُقتل تحتها! [ أي: تحت الرايات السود ] فإن لم تستطع [ أي: أن تمشي ] فتدحرج حتَّى تُقْتلَ تحتها [ أي: تحت الرايات السود ]) .

قال السيوطي: - بعد نقل الحديث - قال: أخرجه أبو الحسن علي بن عبد الرحمان بن أبي السري البكالي في جزء من حديثه.

٧٧

33- وفي الملاحم والفتن للسيِّد ابن طاووس، ج1، ص117 قال: أخرج زكريا في الفتن، بسنده عن عبد الله، قال:

بينما نحن جلوس عند رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم)، إذ مرَّ فِتيةٌ من قريش، فتغيَّر لونه، فقلنا: يا رسول: الله إنَّا لا نزال نرى في وجهك شيئاً نَكرَهُهُ؟! قال:

(إنَّا أهلُ بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنَّ أهلَ بيتي هؤلاء سيُصيبُهم بعدي بلاءٌ، وتطريدٌ، وتشريدٌ، حتَّى يَخرُج قومٌ مِن ها هنا - وأومأ بيده نحو المشرق - معهم راياتٌ سودٌ، يَسألون الحقَّ فلا يُعْطَوْنه، ويَسألون فلا يُعْطَوْن، فيُقاتِلون ويصبِرون، فيُعْطونَ ما سألوا، فلا يقبلُونه، حتَّى يدفعوها إلى رجلٍ من أهل بيتي، يملأها قسطاً وعدلاً كما مـُلِئت ظلماً وجوراً، فمن أدركهم فليأتهم ولو حَبْواً على الثلج).

المؤلِّف:

تقدَّم الحديث من كُتبٍ عديدةٍ وألفاظ الجميع تُخالف لفظ السيِّد في الملاحم والفتن؛ ولذلك أخرجناه.

٧٨

البَابُ الخامِس وَالعِشرُون

1- في عقد الدُّرر، الحديث (122) من الباب (4)، أخرج بسنده عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:

(السفياني: من وُلْدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، رجلٌ ضخمـُ الهَامةِ، بوجهه آثار جُدري، بعينه نُكتةُ بياضٍ، يَخرُج من ناحيةِ مدينة دمشق، في وادٍ يقال له: الوادي اليابس، يَخرُج في سبعةِ نفرٍ، مع رجلٍ منهم لواءٌ معقود، يُعرَفون به في النصر، يَسيرُ بين يديه على ثلاثين ميلاً، لا يَرى ذلك العلم أحدٌ يريده إلاَّ انهزم).

أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حمَّاد في الفتن.

المؤلِّف:

أخرج ابن الصبَّان في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار في ص127 حديثاً مفصَّلاً في علامات الإمام المهدي (عليه السلام)، والنداء السماوي، أخرجنا أوَّله في أحاديث النداء في رقم (6).

وذَكرَ في آخره من كتاب (المسائل الظريفيِّة) للشيخ مجدولي: أنَّ السفياني رجلٌ من وُلدِ خالد بن يزيد بن أبي سفيان، ضخم الهامة، بوجهه أثرُ الجُدري، وبعينه نكتهٌ بيضاء، يخرج من ناحية دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ اسم عشيرة ]، يفعل الأفاعيل، ويقتل قبيلةَ قيسٍ.

[ ثمَّ قال ]: وإنَّ المهدي يستخرج تابوتَ السكينة من غار أنطاكية، وأسفار التوراة من جبلٍ بالشام، يُحاجُّ به اليهود فيُسْلِم كثيرٌ منهم [ قال ]: وإنَّه يكون بعد موت المهدي

٧٩

القحطاني: رجلٌ من أهل اليمن، يَعدِل في الناس، ويسير فيهم بسيرة المهدي، يمكث مدَّة ثمَّ يُقتل.

المؤلِّف:

يأتي في رقم (45)، حديث نور الأبصار - الذي فيه علامات الإمام المهدي (عليه السلام) - بتفصيله، راجع واغتنم أيُّها الطالب.

2- وفي عقد الدُّرر، الحديث (123)، من الباب (4)، أخرج بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه [ وآله ] وسلَّم):

(يَخرجُ رجلٌ يُقال له: السفياني، في عمق دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب [ أي: من عشيرة كلب ] ، فيَقتلُ حتَّى يَبْقر بطون النساء، ويَقْتل الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويَخرجُ رجلٌ من أهل بيتي في الحرم [ أي: مكَّة ] فيبلغ [ إلى ] السفياني [ خروجه ] فيبعث إليه من جُنْدِه فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمن معه، حتَّى إذا جاز بِبَيْدَاءَ مِن الأرض خُسِف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

أخرجه أبو عبد الله الحاكم في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ولم يُخرجاه.

المؤلِّف:

أخرج الحديث في كنز العمَّال، ج7، ص188، نقلاً من المستدرك للحاكم، عن أبي هريرة، وهذا نصُّه:

(يَخرج رجلٌ يُقال له: السفياني، في عُمقِ دمشق، وعامَّة من يَتْبعه من كلب، فيَقتُل حتَّى يبقر بطون النساء، ويقتلُ الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها، حتَّى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجلٌ من أهل بيتي في الحرَّة، فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جُنْداً من جُنْدهِ فيهزمهم، فيسير إليه السفياني بمِن معه، حتَّى إذا صار بِبَيْدَاءَ من الأرض خُسف بهم، فلا ينجو منهم إلاَّ المـُخبِر عنهم).

(ك، عن أبي هريرة).

3- وفي عقد الدُّرر، الحديث (124) من الباب (4)، عن المهاجر

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

المصلى يصلي ركعتين بالناس بغير أذان و لا إقامة ثم يصعد المنبر فيقلب رداءه فيجعل الذي على يمينه على يساره و بالعكس ، ثم يستقبل القبلة فيكبر اللَّه مائة تكبيرة رافعا بها صوته ، ثم يلتفت إلى الناس عن يمنة فيسبح مائة تسبيحة رافعا بها صوته ، ثم يلتفت إلى الناس عن يساره فيهلل اللَّه مائة تهليلة رافعا بها صوته ، ثم يستقبل الناس فيحمد اللَّه مائة تحميدة ، ثم يرفع يديه فيدعو ثم يدعون فإنّي أرجو ألاّ يخيبوا قال : ففعل فما رجعنا إلاّ أهمّتنا أنفسنا .

فلما رجعنا قالوا : هذا اللَّه من تعليم جعفر(١) .

و فيه ، و في رواية ابن المغيرة : يكبر في العيدين في الاولى سبعا و في الثانية خمسا و يصلّي قبل الخطبة .

و زاد ( المقنعة ) الاستغفار و تكرار قلب الرداء و دعاء فقال : فإذا سلم رقي المنبر فحمد اللَّه و أثنى عليه و صلّى على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله و وعظ و زجر و أنذر و حذر ، فإذا فرغ من خطبته قلب رداءه عن يمينه إلى يساره و عن يساره إلى يمينه ثلاث مرات ثم استقبل القبلة فرفع رأسه نحوها و كبر اللَّه مائة تكبيرة رافعا بها صوته و كبر الناس معه ، ثم التفت عن يمينه يسبح اللَّه تعالى مائة تسبيحة رافعا بها صوته و يسبح الناس معه ، ثم التفت عن يساره فحمد اللَّه مائة تحميدة رافعا بها صوته و حمد الناس معه ، ثم أقبل على الناس بوجهه فاستغفر اللَّه مائة مرة رافعا صوته و استغفر الناس معه ، ثم حول وجهه إلى القبلة فدعا و دعا الناس معه فقال : اللهم رب الأرباب و معتق الرقاب و منشى‏ء السحاب و منزل القطر من السماء و محيي الأرض بعد موتها ، يا فالق الحب و النوى ، يا مخرج الزرع و النبات و محيي الأموات و جامع الشتات ، اللهم اسقنا غيثا مغيثا غدقا مغدقا هنيئا مريئا تنبت به الزرع و تدرّ به الضرع و تحيي به

____________________

( ١ ) الكافي ٣ : ٤٦٣ ح ١ .

١٠١

الأرض بعد موتها و تسقي به مما خلقت أنعاما و أناسي كثيرا(١) .

و عن الكفعمي(٢) : أفضل القنوت فيه ما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : استغفر اللَّه الذي لا إله إلاّ هو الحي القيوم الرحمن الرحيم ذو الجلال و الاكرام و اسأله أن يتوب علي توبة عبد ذليل خاضع فقير بائس مسكين مستكين لا يملك لنفسه نفعا و لا ضرّا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا ، اللهم معتق الرقاب و رب الارباب و منشى‏ء السحاب و منزل القطر من السماء إلى الأرض بعد موتها فالق الحب و النوى و مخرج النبات و جامع الشتات صل على محمّد و آل محمّد و اسقنا غيثا مغيثا غدقا مغدوقا هنيئا مريئا تنبت به الزرع و تدرّ به الضرع و تحيي به مما خلقت أنعاما و أناسي كثيرا ، اللهم اسق عبادك و بهائمك و انشر رحمتك و أحي بلادك الميتة(٣) .

و الأصل فيه و في دعاء المقنعة واحد لكن ذاك جعله بعد الاذكار .

و من دعائهعليه‌السلام رافعا يديه كما في ( الرضوي ) يا مغيثنا و مغنينا و معيننا على ديننا و دنيانا بالذي تنشر علينا من الرزق نزل بنا عظيم لا يقدر على تفريجه غير منزله ، عجّل على العباد فرجك فقد أشرفت الأبدان على الهلاك ، فإذا هلكت الأبدان هلك الدين ، يا ديان العباد و مقدّر امورهم بمقادير أرزاقهم لا تحل بيننا و بين رزقنا و ما أضعنا فيه من كرامتك معترفين قد اصيب من لا ذنب له من خلقك بذنوبنا ، ارحمنا بمن جعلته أهلا لاستجابة دعائه حين سألك يا رحيم لا تحبس عنا ماء السماء و انشر علينا نعمك و عد علينا برحمتك و ابسط علينا كنفك و عد علينا بقبولك و اسقنا الغيث و لا تجعلنا

____________________

( ١ ) المقنعة للمفيد : ٢٠٧ ٢٠٨ باب صلاة الاستسقاء .

( ٢ ) المصباح للكفعمي : ٤١٦ .

( ٣ ) المصباح للكفعمي : ٤١٦ .

١٠٢

فيه من القانطين و لا تهلكنا بالسنين و لا تؤاخذنا بما فعل المبطلون و عافنا يا رب من النقمة في الدين و شماتة القوم الكافرين ، يا ذا النفع و الضر إنّك إن أجبتنا فبجودك و كرمك و لإتمام ما بنا من نعمائك و إن تردّنا فبجنايتنا على أنفسنا فاعف عنا قبل أن تصرفنا و أقلنا و أقلبنا بإنجاح الحاجة يا اللَّه(١) .

قال ابن أبي الحديد : مذهب الشيعة أن يستقبل الإمام بعد الركعتين يكبر اللَّه مائة ، ثم يسبح مائة عن يمينه ثم يهلل مائة عن يساره ، ثم يستقبل الناس و يحمد مائة ثم يخطب بهذه الخطبة(٢) .

قلت : بل اختلفوا في تقديم الخطبة و تأخيرها ، فابن بابويه و المفيد على الأول و النعماني و الشيخ على الثاني .

و كيف كان فروى قرب الاسناد عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن جده قال : اجتمع عند عليعليه‌السلام قوم فشكوا إليه قلّة المطر و قالوا : يا أبا الحسن ادع لنا بدعوات في الاستسقاء فقال : يا حسن ادع فقال : « اللهم هيج لنا السحاب بفتح الأبواب بماء عباب و رباب بانصباب و انسكاب يا وهاب بصوب الماء يا وهاب يا فعال اسقنا مطرا قطرا طلاّ مطلا طبقا مطبقا عامّا معمّا مدهما بهما رشا مرشا واسعا كافيا عاجلا طيبا مباركا سلاطح بلاطح يناطح الاباطح مغدودقا مطبوبقا مغرورقا ، اسق سهلنا و جبلنا بدونا و حضرنا حتى ترخص به أسعارنا و تبارك به في ضياعنا و مدننا ، و ارنا الرزق موجودا و الغلاء مفقودا آمين رب العالمين » .

ثم قال للحسينعليه‌السلام : ادع فقال « اللهم معطى الخيرات من مظانّها و منزل الرحمات من معادنها و مجري البركات على أهلها ، منك الغيث المغيث

____________________

( ١ ) بحار الأنوار ٩١ : ٣٣٤ ح ١٨ الباب ١ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٢٦٩ .

١٠٣

و أنت الغياث و المستغاث و نحن الخاطئؤن و أهل الذنوب و أنت المستغفر الغفار لا إله إلاّ أنت ، اللهم أرسل السماء علينا ديمة مدرارا و اسقنا الغيث واكفا مغزارا غيثا مغيثا واسعا مسبعا مهطلا مربعا غدقا مغدقا عبابا مجلجلا صحا صحصاحا بسا بساسا مسبلا عاما و دقا مطفاحا ، تدفع الودق بالودق دفاعا و يطلع القطر منه القطر غير خيب البرق و لا مكذب الرعد ، تنعش بها الضعيف من عبادك و تحيى به الميت من بلادك و تستحق علينا مننك آمين رب العالمين » .

فما تم كلامه حتى صب الماء صبا فسأل سلمان : أهذا شي‏ء علماه ؟

فقال : ويحكم ألم تسمعوا قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : اجريت الحكمة على لسان أهل بيتي(١) .

و رواه ( الفقيه ) : و فيه جاء قوم من أهل الكوفة فقالوا يا امير المؤمنين(٢) .

قال ابن أبي الحديد : و من دعاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الاستسقاء : « اللهم اسقنا و أغثنا ، اللّهم اسقنا غيثا مغيثا و حيا ربيعا و حدا طبقا غدقا مغدقا مونقا عاما هنيئا مريئا وابلا سابلا مسملا دررا نافعا غير ضار عاجلا غير رائث تحيي به العباد و تغيث به البلاد و تجعله بلاغا منا للحاضر و الباد ، اللهم أنزل علينا في أرضنا زينتها و أنزل علينا في أرضنا سكنها ، اللهم أنزل علينا ماء طهورا و أحي به بلدة ميتا واسعة مما خلقت أنعاما و أناسي كثيرا »(٣) .

قلت : و من دعاء السجاد « اللهم اسقنا الغيث و انشر علينا رحمتك بغيثك المغدق من السحاب المنساق لنبات أرضك المونق في جميع الآفاق ، و امنن

____________________

( ١ ) قرب الإسناد للحميري : ١٥٧ .

( ٢ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ١ : ٥٣٥ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٢٧٣ .

١٠٤

على عبادك بإيناع الثمرة و أحي بلادك ببلوغ الزهرة ، و أشهد ملائكتك الكرام السفرة بسقي منك نافع دائم غزره واسع درره وابل سريع عاجل تحيي به ما قد مات و ترد به ما قد فات و تخرج به ما هو آت و توسع به في الأقوات سحابا متراكما هنيئا مريئا طبقا مجلجلا غير ملث و دقه و لا خلب برقه ، اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريعا ممرعا عريضا واسعا غزيرا تردّ به النهيض و تجبر به المهيض ، اللهم اسقنا سقيا تسيل منه الظراب و تملأ منه الجباب و تفجر به الأنهار و تنبت به الأشجار و ترخص به الأسعار في جميع الأمصار و تنعش به البهائم و الخلق و تكمل لنا به طيبات الرزق و تنبت لنا به الزرع و تدر به الضرع و تزيدنا به قوة إلى قوتنا ، اللهم لا تجعل ظله علينا سموما و لا تجعل برده علينا حسوما و لا تجعل صوبه علينا رجوما و لا تجعل ماءه علينا اجاجا ، اللهم صل على محمّد و آل محمّد و ارزقنا من بركات السماوات و الأرض إنك على كل شي‏ء قدير » .

قال ابن أبي الحديد(١) : جاء في الأخبار الصحيحة عن رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم ابن عبد مناف قالت : تتابعت سنون أقحلت الضرع و أرقت العظم ، فبينا أنا راقدة اللهم أو مهومة إذا أنا بهاتف صيت يصرخ بصوت صحل : يا معشر قريش إنّ هذا النبيّ المبعوث فيكم قد أظلّتكم أيامه و هذا ابن نجومه فحي هذا بالخصب و الحبا ، ألا فانظروا رجلا منكم عظاما جساما أبيض بضا أوطف الأهداب سهل الخدين أشمّ العرنين له سنة يهدى إليه ، ألا فليخلص هو ولده و ليدلف إليه من كل بطن رجل ، ألا فليسنوا عليهم من الماء و ليمسوا من الطيب و ليطوفوا بالبيت سبعا و ليكن فيهم الطيب الطاهر فليستق الرجل و ليؤمّن القوم ، ألا فغثتم إذا ما شئتم فأصبحت علم اللَّه مذعورة قد

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٢٧٠ .

١٠٥

قف جلدي و وله عقلي ، فاقتصصت رؤياي على الناس ، فذهبت في شعاب مكة فو الحرمة و الحرم إن بقي أبطحي إلاّ و قال : هذا شيبة الحمد فتتامت رجال قريش و انفضّ إليه من كل بطن رجل فسنّوا عليهم ماء و مسّوا طيبا و استلموا و اطوفوا ثم ارتقوا أبا قبيس و طفق القوم يدفون حول عبد المطلب ما إن يدرك سعيهم مهله حتى استقروا بذروة الجبل و استكفوا جانبيه ، فقام ، فاعتضد ابن ابنه محمّدا فرفعه على عاتقه و هو يومئذ غلام قد أيفع أو كرب ، ثم قال : « اللهم سادّ الخلة و كاشف الكربة أنت عالم غير معلم و مسؤول غير مبخل و هذه عبداؤك و اماؤك بعذرات حرمك يشكون إليك سنتهم التي أذهبت الخف و الظلف فاسمعن ، اللهم و امطرن علينا غيثا مغدقا مريعا سحا طبقا دراكا » .

فو الكعبة ما راموا حتى انفجرت السماء بمائها و اكتظّ الوادي بثجثجه و انصرف الناس يقولون لعبد المطلب : هنيئا لك سيد البطحاء .

و في رواية أبي عبيدة : فسمعت شيخان قريش و جلتها عبد اللَّه بن جدعان و حرب بن امية و هشام بن المغيرة يقولون لعبد المطلب : هنيئا لك باب البطحاء ، و في ذلك قال شاعر قريش و قد روى هذا الشعر لرقيقة :

بشيبة الحمد أسقى اللَّه بلدتنا

و قد فقدنا الحيا و اجلوذ المطر

فجاد بالماء و سمى له سبل

فعاشت به الأنعام و الشجر

قلت : و رواه ( كاتب الواقدي ) و زاد في الأبيات :

منّا من اللَّه بالميمون طائره

و خير من بشرت يوما به مضر

مبارك الأمر يستسقى الغمام به

ما في الأنام له عدل و لا خطر

و رواه اليعقوبي في ( تاريخه )(١) إلاّ أنّه قال : توالت على قريش سنون مجدبة حتى ذهب الزرع و قحل الضرع ، ففزعوا إلى عبد المطلب و قالوا : قد

____________________

( ١ ) التاريخ لليعقوبي ٢ : ١٢ .

١٠٦

سقانا اللَّه بك مرة بعد اخرى فادع اللَّه أن يسقينا ، و سمعوا صوتا ينادي من بعض جبال مكة : معشر قريش إنّ النبيّ الامي منكم و هذا أوان توكفه ، ألا فانظروا منكم رجلا عظاما جساما له سنّ يدعو إليه . .

و رواه أحمد بن أبي طاهر البغدادي في ( بلاغات نسائه )(١) عن مخرمة بن نوفل عن امه رقيقة نباتة و كانت لدة(٢) عبد المطلب قالت : تتابعت على قريش سنون إلى أن قال و في ذلك تقول رقيقة ، و نقل الأبيات الأربعة بيتي كاتب الواقدي مع بيتي أبي عبيدة(٣) .

قال ابن أبي الحديد : عن أنس بن مالك : أصاب أهل المدينة قحط على عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقام إليه رجل و هو يخطب يوم جمعة فقال : هلك الشاء هلك الزرع ادع اللَّه أن يسقينا ، فمدّصلى‌الله‌عليه‌وآله يده و دعا و استسقى و إنّ السماء كمثل الزجاجة فهاجت ريح ثم أنشأ سحابا ثم اجتمع ثم أرسلت عزاليها ، فخرجنا نخوض الماء حتى اتينا منازلنا و دام القطر ، فقام إليه الرجل في اليوم الثالث فقال : يا رسول اللَّه تهدمت البيوت ادع اللَّه أن يحبسه عنا ، فتبسمصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم رفع يده و قال : اللهم حوالينا و لا علينا فو الذي بعث محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق لقد نظرت إلى السماء و لقد انجاب حول المدينة كالإكليل(٤) .

و في حديث عائشة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله استسقى حين بدأ قرن الشمس فقعد على المنبر و حمد اللَّه و كبّر ثم قال : إنّكم شكوتم جدب دياركم و قد أمركم اللَّه أن تدعوه و وعدكم أن يستجيب لكم فادعوه ، ثم رفع صوته فقال : « اللهم أنت الغنيّ و نحن الفقراء فأنزل علينا الغيث و لا تجعلنا من القانطين ، اللهم اجعل ما

____________________

( ١ ) بلاغات النساء لأحمد بن أبي طاهر البغدادي .

( ٢ ) لدة : نظير في السن .

( ٣ ) بلاغات النساء لابن طيفور : ٧٩ ٧٠ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٢٧٢ .

١٠٧

تنزله علينا قوة لنا و بلاغا إلى حين برحمتك يا أرحم الراحمين » فأنشأ اللَّه سحابا فرعدت و برقت فلم يأت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله منزله حتى سالت السيول ، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه و قال : أشهد أنّي عبد اللَّه و رسوله و أنّ اللَّه على كل شي‏ء قدير .

قلت : و روى كاتب الواقدي في ( طبقاته )(١) عن أبي وجزة السعدي أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لما رجع من غزوة تبوك و كانت سنة تسع قدم عليه وفد بني فزارة فسألهم عن بلادهم فقال أحدهم : أسنت بلادنا و هلكت مواشينا و أجدب جنابنا و غرث عيالنا فادع لنا ربك ، فصعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر و دعا فقال :

« اللهم اسق بلادك و بهائمك و انشر رحمتك و أحي بلدك الميت ، اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا واسعا عاجلا غير آجل نافعا غير ضار ، اللهم اسقنا سقيا رحمة لا سقيا عذاب و لا هدم و لا غرق و لا محق ، اللهم اسقنا الغيث و انصرنا على الأعداء » .

فمطرت فما رأوا السماء ستا ، فصعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فدعا فانجابت السماء عن المدينة انجياب الثوب .

و روى أيضا : إنّ وفد بني مرة قدموا على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مرجعه من تبوك ، فقال لهم كيف البلاد ؟ قالوا : و اللَّه إنّا لمسنتون فادع اللَّه لنا فقال : « اللهم اسقهم الغيث » فرجعوا فوجدوا قد مطروا في اليوم الذي دعا لهم .

هذا ، و في ( الأرشاد ) : لما اغمي على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أكبّت فاطمةعليها‌السلام تندبه و تبكي و تقول :

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

ففتح النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عينيه و قال بصوت ضئيل : يا بنية هذا قول عمك

____________________

( ١ ) الطبقات للواقدي ١ : ٢٩٧ .

١٠٨

أبي طالب و لكن قولي و ما محمّد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم .(١) .

و قال ابن أبي الحديد روى ابن مسعود : إنّ عمر خرج يستسقي بالعباس فقال :( اللهم إنّا نتقرب إليك بعم نبيك و بقية آبائه و كبر رجاله فإنّك قلت و قولك الحق و اما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة ) . .(٢) ، فحفظتهما لصلاح أبيهما فاحفظ اللهم نبيك في عمه فقد دلونا به إليك مستشفعين و مستغفرين ثم أقبل على الناس فقال : استغفروا ربكم إنّه كان غفارا قال ابن مسعود : و رأيت العباس يومئذ و قد طال عمره و عيناه تنضحان و سبابته تجول على صدره و هو يقول :

« اللهم أنت الراعي فلا تهمل الضالّة و لا تدع الكسير بدار مضيعة ، فقد ضرع الصغير و رقّ الكبير و ارتفعت الشكوى و أنت تعلم السر و أخفى ، اللهم أغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا إنّه لا ييأس الا القوم الكافرين » .

فنشأت طريرة من سحاب و قال الناس : ترون ترون ، ثم تلاءمت و استقلت و مشت فيها ريح ، ثم هدرت و درّت ، فو اللَّه ما برحوا حتى اعتلقوا الأحذية و قلصوا المآزر و طفق الناس يلوذون بالعباس يمسحون أركانه و يقولون هنيئا ساقي الحرمين(٣) .

قلت : و نقله ( الفقيه )(٤) بطريق آخر فقال : روي عن ابن عباس أنّ عمر خرج يستسقي فقال للعباس : قم و ادع ربك و استسق و قال : اللهم إنّا نتوسل إليك بعم نبيك فقام العباس فحمد اللَّه و أثنى عليه و قال :

____________________

( ١ ) الأرشاد ١ : ١٨٦ ، مؤسسه أهل البيت ، و الآية ١٤٤ من آل عمران .

( ٢ ) الكهف : ٨٢ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٢٧٤ .

( ٤ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ١ : ٥٣٨ .

١٠٩

« اللهم إنّ عندك سحابا و إنّ عندك مطرا فانشر السحاب و أنزل فيه الماء ثم انزله علينا و اشدد به الأصل و أطلع به الفرع و أحي به الزرع ، اللهم إنّا شفعاء إليك عمن لا منطق له من بهائمنا و أنعامنا شفعنا في أنفسنا و أهالينا ، اللهم إنّا لا ندعو إلاّ إيّاك و لا نرغب إلاّ إليك ، اللهم اسقنا سقيا وارعا نافعا طبقلا مجللا ، اللهم إنّا نشكو إليك جوع كل جائع و عري كل عار و خوف كل خائف و سغب كل ساغب » .

و أقول : لم لم يستسق عمر بنفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله امير المؤمنينعليه‌السلام ؟ لم لم يستسق بريحانتي النبيّ و ابنيه و سيدي شباب أهل الجنة و قد باهل بهم النبيّ بأمر اللَّه تعالى في نصّ القرآن .

و العمية للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من حيث هي لا أثر لها ، فقد كان أبو لهب أيضا عمّا للنبيّ ثم إن كان معتقدا بعم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم لم يجعله في الشورى إلاّ أنّه استسقى به لحطّ قدر أمير المؤمنينعليه‌السلام كما أنّه لما أراد استحكام أمر صاحبه توسل إلى العباس هو مع صاحبه بإشارة المغيرة بأن يجعلا له نصيبا في أمر الخلافة تضعيفا لجانب امير المؤمنين ، فيقولان له : إن كنت ابن عمه فهو عمه .

و أراد أيضا في الاستسقاء بالعباس أنّه إن لم ينزل لهم المطر يقول توسلت بعم النبيّ فلم يكن أهلا للإجابة ، و إن جاءهم المطر يقول : أنا الأصل في ذلك ، إلاّ أنّ اللَّه تعالى نقض غرضه فرأى الناس نزول المطر من دعاء العباس ، فقد عرفت لفظ الخبر ( طفق الناس يلوذون بالعباس يمسحون أركانه و يقولون هنيئا لك ساقي الحرمين ) .

و أشار إلى ذلك لقيط المحاربي في أبياته في المهدي ، ففي ( المعجم )(١)

___________________

( ١ ) المعجم ١٧ : ٣٧ .

١١٠

أمر المهدي في سنة ( ١٦٠ ) الناس بصوم ثلاثة أيام لبطء المطر ليستسقى ، فلما كان في اليوم الثالث من الليل طرق الناس ليلتهم كلها ثلج ملأ الارض ، فقال لقيط في ذلك مخاطبا للمهدي :

لما استغاث بك العباد بجهدهم

متوسلين إلى إله الناس

أسقاهم بك مثل ما أسقاهم

صوب الغمام بجدك العباس

هذا ، و قد دعا اللَّه تعالى قس بن ساعدة في الجاهلية لكونه قرأ الكتب بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و الأئمة الاثني عشر الذين مثله في العصمة في استسقائه على ما روى السروي في ( مناقبه ) .

فقال : روى الكلبي عن شرقي بن قطامي عن تميم بن وعلة المرى عن الجارود بن المنذر العبدي و كان نصرانيا فأسلم عام الحديبية و أنشأ يقول :

يا بني المهدي أتتك رجال

قطعت فدفدا و أفرت جبالا

جابت البيد و المهامه حتى

غالها من طوى السرى ما غالا

أنبأ الأوّلون باسمك فينا

و بأسماء بعده تتتالى

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الإيادي ؟ فقال الجارود : كلنا نعرفه غير أنّي من بينهم بخبره واقف على أثره فقال سلمان :

أخبرنا فقال : لقد شهدته و قد خرج من ناد من أنديته إلى ضحضاح ذي قتاد و سمر و غياد و هو مشتمل بنجاد فوقف في اضحيان ليل كالشمس رافعا إلى السماء وجهه و اصبعه ، فدنوت منه فسمعته يقول :

« اللهم ربّ السماوات الأرفعة و الأرضين الممرعة بحق محمّد و الثلاثة المحاميد معه و العليين الأربعة و فاطمة و الحسنين الأبرعة و جعفر و موسى التبعة سميّ الكليم الضرعة اولئك النقباء الشفعة و الطريق المهيعة راشة

١١١

الاناجيل و محاة الأضاليل و نفاة الأباطيل الصادقو القيل عدد نقباء بني إسرائيل فهم أوّل البداية و عليهم تقوم الساعة و بهم تنال الشفاعة و لهم من اللَّه فرض الطاعة اسقنا غيثا مغيثا » .

ثم قال : ليتني مدركهم و لو بعد لأي من عمري و محياي ، ثم أنشأ يقول :

أقسم قسّ قسما

ليس به مكتتما

لو عاش ألفى سنة

لم يلق منها سأما

حتى يلاقي أحمدا

و النجباء الحكما

هم أوصياء أحمد

أفضل من تحت السما

يعمى الأنام عنهم

و هم ضياء للعمى

لست بناس ذكرهم

حتى أحلّ الرجما

قال الجارود : فقلت : يا رسول اللَّه أنبأني بخبر هذه الأسماء التي لم نشهدها و أشهدنا قس ذكرها كما أنبأك اللَّه فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا جارود ليلة اسري بي إلى السماء اوحى إليّ عزّ و جلّ أن سل من قد أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا قلت : على ما بعثوا ؟ قال : على نبوتك و ولاية علي و الأئمة منكما ثم عرّفني عزّ و جلّ بهم و بأسمائهم ثم ذكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أسماءهم للجارود واحدا واحدا إلى المهدىعليه‌السلام ، ثم قال : قال تعالى هؤلاء أولياء ، و هذا يعني المهدي المنتقم من أعدائي .(١) .

و أقول : ( الحسنين ) في دعاء قس بلفظ الجمع لأنّ المراد الحسنان و العسكريعليهم‌السلام .

قول المصنّف : « قال الشريف » هكذا في ( المصرية ) و لكن في ( ابن ميثم ) :

« قال السيد رحمه اللَّه » و في ( ابن أبي الحديد ) : « قال الشريف الرضي رحمه اللَّه » فالظاهر

____________________

( ١ ) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ١ : ٢٨٧ ٢٨٨ .

١١٢

كونه كلامهما لا كلام المصنف و لذا ليس في ( الخطية ) رأسا و كيف كان فزاد ابن ميثم عن المصنف جملة « تفسير ما في هذه الخطبة من الغريب » إلا أن يكون سقط لفظة « في » من أول الكلام من النسخة فيكون من إنشائه(١) .

قولهعليه‌السلام « انصاحت جبالنا » أي : تشققت .

« من المحول » قال الجوهري(٢) : المحل القحط ، يقال : أرض محل و أرض محول كما قالوا : بلد سبسب و بلد سباسب يريدون بالواحد الجمع ، قال ابن السكيت : أمحل البلد فهو ما حل و لم يقولوا : ممحل(٣) ، « يقال انصاح الثوب إذا انشق و يقال أيضا انصاح النبت و صاح و صوح إذا جف و يبس » هكذا في ( المصرية و ابن ميثم و الخطية ) و زاد ابن أبي الحديد و الخوئي « كله بمعنى » .

و كيف كان فليس كله بمعنى ، فانصاح بمعنى انشقّ لازم ، و أما صوّح فقد يجي‏ء لازما كما في حديثهعليه‌السلام « فبادروا العلم من قبل تصويح نبته » و قد يجي‏ء متعديا بمعنى أيبس ، قال ذو الرمة :

و صوح البقل ناج تجي‏ء به

هيف يمانية في مرها نكب

و أما ( صاح ) ففي ( الصحاح )(٤) صحت الشي‏ء فانصاح أي شققته فانشقّ(٥) ، و في ( المصباح ) :(٦) صاحت الشجرة طالت .

« و قوله و هامت » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : هامت كما في ( ابن أبي

____________________

( ١ ) النسخة المصرية المصححة لا تتضمن هذه العبارة أمّا النسخة الخطيّة فيها ، و قال الشريف « بل منها » تفسير ما في هذه الخطبة . ٩٨ ، شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٢٦٣ الرواية ( ١١٤ ) .

( ٢ ) الصحاح للجوهري ١ : ٣٨٤ .

( ٣ ) الصحاح ٣ : ١٨١٧ ، مادة « محل » .

( ٤ ) الصحاح ١٠ : ٣٨٤ ، مادة ( صوح ) .

( ٥ ) المصدر نفسه .

( ٦ ) المصباح المنير للفيومي : ٣٥٣ ، مادة ( صاح ) .

١١٣

الحديد و ابن ميثم و الخطية ) .

« دوابنا أي عطشت و الهيام العطش » قد عرفت أنه يحتمل وجها آخر(١) .

« و قوله حدابير السنين » إلى :

حدابير ما تنفك إلاّ مناخة

على الخسف أو نرمى بها بلدا قفرا

قال ابن أبي الحديد : لا أعرف البيت إلاّ « حراجيج » و هكذا رأيته بخط ابن الخشاب(٢) .

قلت : و نقله الجوهري(٣) في ( فك ) و ابن هشام(٤) في ( إلاّ الزائدة ) أيضا :

« حراجيج » .

« و قوله و لا قزع ربابها » ليست الجملة في ( ابن ميثم )(٥) .

« القزع القطع الصغار المتفرقة من السحاب » التفسير لقوله « قزع ربابها » لا لمطلق القزع ، فقد عرفت أنه بمعنى مطلق التفرق و الاختلاف .

« و قوله و لا شفان ذهابها » إلى « فحذف ( ذات ) لعلم السامع به » هذا إن فسرنا « الشفان » بالريح الباردة ، و إن فسرناه بمطلق البرد كما مر فلا يحتاج إلى تقدير .

ثم إنّ الجزري فسّره بالريح الباردة و جعله من ( شفن ) و قال و يجوز أن يكون شفان فعلان من شف إذا نقص ، أي قليلة أمطارها مع أنّ غيره لم يذكره

____________________

( ١ ) انظر الطبعة المصرية : ٢٧٨ ، و انظر ابن أبي الحديد ٧ : ٢٦٨ اما النسخة الخطية : ٩٨ ، فقد وردت العبارة بهذا اللفظ « و هامت دوابنا » .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٧ : ٢٦٨ .

( ٣ ) الصحاح للجوهري ٣ : ١٦٥٣ مادة ( فك ) .

( ٤ ) مغني اللبيب لابن هشام ١ : ١٠٢ .

( ٥ ) شرح ابن ميثم ٣ : ٣٥ الرواية ( ١١٢ ) .

١١٤

إلاّ في ( شف )(١) .

هذا ، و يناسب قولهعليه‌السلام « بالسحاب المنبعق . » ، ما رواه ( شعراء القتيبي ) : أنّ واليا من قريش على المدينة كان عنده ابن مطير و كان مطر جود فقال له : صف لي هذا المطر قال : دعني اشرف عليه ، فأشرف ثم نزل فقال :

كثرت لكثرة قطره أطباؤه

فإذا تحلب فاضت الأطباء

و له رباب هيدب لرفيفه

قبل التبعق ديمة و طفاء

و كأن ريقه و لما يحتفل

و دق السماء عجاجة كدراء

و كأن بارقه حريق تلتقي

ريح عليه عرفج والاء

مستضحك بلوامع مستعبر

بمدامع لم تمرها الاقذاء

فله بلا حزن و لا بمسرة

ضحك يؤلف بينه و بكاء

حيران متبع صباه يقوده

و جنوبه كنف له و وعاء

غدق ينتج في الأباطح فرقا

تلد السيول و ما لها اسلاء

غرّ محجلة دوالج ضمّنت

حمل اللقاح و كلّهن عذراء

سحم فهنّ إذا كظمن سواجم

سود و هن إذا ضحكن وضاء

لو كان من لجج السواحل ماؤه

لم يبق في لجج السواحل ماء(٢)

٢ من الخطبة ( ١٤١ ) و من خطبة لهعليه‌السلام في الاستسقاء :

أَلاَ وَ إِنَّ اَلْأَرْضَ اَلَّتِي تَحْمِلُكُمْ وَ اَلسَّمَاءَ اَلَّتِي تُظِلُّكُمْ مُطِيعَتَانِ لِرَبِّكُمْ

____________________

( ١ ) النهاية لابن الأثير ٢ : ٤٨٧ .

( ٢ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٣٨ ٣٩ ، في مقدمة الكتاب .

١١٥

وَ مَا أَصْبَحَتَا تَجُودَانِ لَكُمْ بِبَرَكَتِهِمَا تَوَجُّعاً لَكُمْ وَ لاَ زُلْفَةً إِلَيْكُمْ وَ لاَ لِخَيْرٍ تَرْجُوَانِهِ مِنْكُمْ وَ لَكِنْ أُمِرَتَا بِمَنَافِعِكُمْ فَأَطَاعَتَا وَ أُقِيمَتَا عَلَى حُدُودِ مَصَالِحِكُمْ فَأَقَامَتَا إِنَّ اَللَّهَ يَبْتَلِي عِبَادَهُ عِنْدَ اَلْأَعْمَالِ اَلسَّيِّئَةِ بِنَقْصِ اَلثَّمَرَاتِ وَ حَبْسِ اَلْبَرَكَاتِ وَ إِغْلاَقِ خَزَائِنِ اَلْخَيْرَاتِ لِيَتُوبَ تَائِبٌ وَ يُقْلِعَ مُقْلِعٌ وَ يَتَذَكَّرَ مُتَذَكِّرٌ وَ يَزْدَجِرَ مُزْدَجِرٌ وَ قَدْ جَعَلَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ اَلاِسْتِغْفَارَ سَبَباً لِدُرُورِ اَلرِّزْقِ وَ رَحْمَةِ اَلْخَلْقِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ( اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ ) ٢ ٢٣ ٧١ : ١٠ ١٢(١) فَرَحِمَ اَللَّهُ اِمْرَأً اِسْتَقْبَلَ تَوْبَتَهُ وَ اِسْتَقَالَ خَطِيئَتَهُ وَ بَادَرَ مَنِيَّتَهُ اَللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ مِنْ تَحْتِ اَلْأَسْتَارِ وَ اَلْأَكْنَانِ وَ بَعْدَ عَجِيجِ اَلْبَهَائِمِ وَ اَلْوِلْدَانِ رَاغِبِينَ فِي رَحْمَتِكَ وَ رَاجِينَ فَضْلَ نِعْمَتِكَ وَ خَائِفِينَ مِنْ عَذَابِكَ وَ نِقْمَتِكَ اَللَّهُمَّ فَاسْقِنَا غَيْثَكَ وَ لاَ تَجْعَلْنَا مِنَ اَلْقَانِطِينَ وَ لاَ تُهْلِكْنَا بِالسِّنِينَ وَ لاَ تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ اَلسُّفَهَاءُ مِنَّا يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ اَللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا نَشْكُو إِلَيْكَ مَا لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ حِينَ أَلْجَأَتْنَا اَلْمَضَايِقُ اَلْوَعْرَةُ وَ أَجَاءَتْنَا اَلْمَقَاحِطُ اَلْمُجْدِبَةُ وَ أَعْيَتْنَا اَلْمَطَالِبُ اَلْمُتَعَسِّرَةُ وَ تَلاَحَمَتْ عَلَيْنَا اَلْفِتَنُ اَلْمَسْتَصْعَبَةُ اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَلاَّ تَرُدَّنَا خَائِبِينَ وَ لاَ تَقْلِبَنَا وَاجِمِينَ وَ لاَ تُخَاطِبَنَا بِذُنُوبِنَا وَ لاَ تُقَايِسَنَا بِأَعْمَالِنَا اَللَّهُمَّ اُنْشُرْ عَلَيْنَا غَيْثَكَ وَ بَرَكَتَكَ وَ رِزْقَكَ وَ رَحْمَتَكَ وَ اِسْقِنَا سُقْيَا نَافِعَةً مُرْوِيَةً مُعْشِبَةً تُنْبِتُ بِهَا مَا قَدْ فَاتَ وَ تُحْيِي بِهَا مَا قَدْ مَاتَ نَافِعَةَ اَلْحَيَا كَثِيرَةَ اَلْمُجْتَنَى تُرْوِي بِهَا اَلْقِيعَانَ وَ تُسِيلُ اَلْبُطْنَانَ وَ تَسْتَوْرِقُ اَلْأَشْجَارَ وَ تُرْخِصُ اَلْأَسْعَارَ إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ « ألا و ان الأرض التي تحملكم و السماء التي تظلكم »( الذي جعل لكم الأرض

____________________

( ١ ) نوح : ١٠ ١٢ .

١١٦

فراشا و السماء بناء ) .(١) .

في ( توحيد المفضل ) : أوّل العبر و الدلائل على الباري جلّ قدسه تهيئة هذا العالم و تأليف أجزائه و نظمها على ما هي عليه ، فإنّك إذا تأملت العالم بفكرك و خبرته بعقلك وجدته كالبيت المبني المعدّ فيه جميع ما يحتاج إليه عباده ، فالسماء مرفوعة كالسقف ، و الأرض ممدودة كالبساط ، و النجوم مضيئة كالمصابيح ، و الجواهر مخزونة كالذخائر ، و كل شي‏ء فيها لشأنه معدّ ، و الإنسان كالمملك ذلك البيت و المخول جميع ما فيه ، و ضروب النبات مهيأة لمآربه ، و صنوف الحيوان مصروفة في مصالحه و منافعه ، ففي هذا دلالة واضحة على أنّ العالم مخلوق بتقدير و حكمة و نظام و ملاءمة و أنّ الخالق له واحد ، و هو الذي ألّفه و نظمه بعضا إلى بعض ، تعالى عما يقول الجاحدون و عظم عما ينتحله الملحدون(٢) .

« مطيعتان لربكم » .( فقال لها و للأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين و أوحى في كلِّ سماء أمرها ) (٣) .

« و ما أصبحتا تجودان لكم ببركتهما توجّعا لكم » كغني يجود على مسكين توجعا له .

« و لا زلفة » أي : قربة .

« إليكم » كمن يهدي إلى سلطان أو أمير تقربا إليه .

« و لا لخير ترجوانه منكم » كمحترف يهدي إلى غني رجاء اكثر منه .

« و لكن امرتا بمنافعكم فأطاعتا و اقيمتا على حدود مصالحكم فأقامتا »( أولم

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٢ .

( ٢ ) التوحيد للمفضل بن عمر : ٤٧ .

( ٣ ) فصلت : ١١ ١٢ .

١١٧

ير الذين كفروا أنّ السماوات و الأرض كانتا رتقاً ففتقناهما ) .(١) .

و عن السجادعليه‌السلام : جعل تعالى الأرض ملائمة لطبائعكم موافقة لأجسادكم و لم يجعلها شديدة الحرارة فتحرقكم و لا شديدة البرودة فتجمدكم و لا شديدة طيب الريح فتصدع هاماتكم و لا شديدة النتن فتعطبكم و لا شديدة اللين كالماء فتغرقكم و لا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في دوركم و أبنيتكم و قبور موتاكم ، و لكنّه عزّ و جلّ جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به و تتماسكون عليه و تتماسك عليها أبدانكم و بينانكم ، و جعل فيها ما تنقاد به لدوركم و قبوركم و كثير من منافعكم ، فذلك قوله تعالى .( جعل لكم الأرض فراشاً ) .(٢) و قوله تعالى .( و السماء بناء ) .(٣) يعني سقفا محفوظا من فوقكم يرى فيها شمسها و قمرها و نجومها لمنافعكم ثم قال( و أنزل من السماء ماء ) (٤) يعني المطر ينزله من علو ليبلغ قلل جبالكم و تلالكم و هضابكم و أوهادكم ، ثم فرّقه رذاذا و وابلا و هطلا لتنشفه أرضوكم ، و لم يجعل ذلك المطر نازلا عليكم قطعة واحدة فيفسد أراضيكم و أشجاركم و زروعكم و ثماركم .

« إنّ اللَّه يبتلي عباده عند الاعمال السيئة بنقص الثمرات و حبس البركات و اغلاق خزائن الخيرات » في ( الكافي )(٥) : عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى :

( فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا و ظلموا أنفسهم ) .(٦) هؤلاء قوم كانت لهم

____________________

( ١ ) الأنبياء : ٣٠ .

( ٢ ) البقرة : ٢٢ .

( ٣ ) البقرة : ٢٢ .

( ٤ ) إبراهيم : ٣٢ .

( ٥ ) الكافي ٢ : ٢٧٤ ، رواية ٢٣ .

( ٦ ) سبأ : ١٩ .

١١٨

قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض و أنهار جارية و أموال ظاهرة ، فكفروا نعم اللَّه و غيّروا ما بأنفسهم من عافية اللَّه فغيّر اللَّه ما بهم من نعمة ، و إنّ اللَّه لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم ، فأرسل اللَّه عليهم سيل العرم ففرق قراهم و خرّب ديارهم و ذهب بأموالهم و أبدلهم مكان جنّاتهم جنتين ذواتي ، اكل خمط و أثل و شي‏ء من سدر قليل ثم قال :( ذلك جزيناهم بما كفروا و هل نجازي الا الكفور ) (١) ( و لو أنّ أهل القرى آمنوا و اتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الأرض ) .(٢) ( أفأمِن أهلُ القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا و هم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحىً و هم يلعبون أفأمِنوا مكر اللَّه فلا يأمن مكر اللَّه الاّ القوم الخاسرون أو لم يهدِ للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ) .(٣) .

و في ( الكافي ) : عن الرضاعليه‌السلام : أوحى اللَّه تعالى إلى نبي من الأنبياء : إذا أطعت رضيت و إذا رضيت باركت و ليس لبركتي نهاية ، و إذا عصيت غضبت و إذا غضبت لعنت و لعنتي تبلغ السابع من الورى(٤) .

و عنهعليه‌السلام : كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعلمون أحدث اللَّه لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون(٥) .

و عنهعليه‌السلام : إنّ للَّه تعالى في كل يوم و ليلة مناديا ينادي : مهلا مهلا عباد اللَّه عن معاصي اللَّه ، فلو لا بهائم رتّع و صبية رضّع و شيوخ ركّع لصبّ

____________________

( ١ ) سبأ : ١٧ .

( ٢ ) الأعراف : ٩٦ .

( ٣ ) الأعراف : ٩٧ ١٠٠ .

( ٤ ) الكافي ٢ : ٢٧٥ ح ٢٦ .

( ٥ ) المصدر نفسه ٢ : ٢٧٥ ح ٢٩ .

١١٩

عليكم العذاب صبّا ترضون به رضا(١) .

و عن الصادقعليه‌السلام : من همّ بسيئة فلا يعملها فإنّه ربما عمل البلا لسيئة فيراه الرب فيقول : و عزّتي لا أغفر لك بعد ذلك أبدا ، و إنّ العمل السيي‏ء أسرع في صاحبه من السكين في اللحم(٢) .

و عنهمعليهم‌السلام : حقّ على اللَّه ألاّ يعصى في دار إلاّ أضحاها الشمس حتى يطهرها(٣) .

هذا ، و في ( الطبري ) : أصابت الناس في سنة ( ١٨ ) مجاعة شديدة و جدوب و قحوط و سمّي ذاك العام عام الرمادة ، قال ابن إسحاق : و كان في ذاك العام أيضا طاعون عمواس فتفانى فيها اناس(٤) .

و في ( عيون القتيبي ) : عن وهب بن منبه قال : أوحى اللَّه تعالى إلى نبي من بني اسرائيل يقال له أرميا حين ظهرت فيهم المعاصي : أن قم بين ظهراني قومك فأخبرهم أنّ لهم قلوبا و لا يفقهون و أعينا و لا يبصرون و آذانا و لا يسمعون ، و إنّي تذكرت صلاح آبائهم فعطفني ذلك على أبنائهم ، سلهم كيف وجدوا غب طاعتي ؟ و هل سعد أحد ممن عصاني بمعصيتي ؟ و هل شقى أحد ممن أطاعني بطاعتي ؟ إنّ الدواب تذكر أوطانها فتنزع إليها و إنّ هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت عليه آباءهم و التمسوا الكرامة من غير وجهها ، أمّا أحبارهم فأنكروا حقي و أمّا قراؤهم فعبدوا غيري ، و اما نسّاكهم فلم ينتفعوا بما علموا من حكمتي ، و أما ولاتهم فكذبوا عليّ و كذبوا رسلي ، خزنوا المكر في قلوبهم و عوّدوا الكذب ألسنتهم ، و إنّي اقسم بجلالي و عزتي لأتيحنّ عليهم

____________________

( ١ ) المصدر نفسه ٢ : ٢٧٦ ح ٣١ .

( ٢ ) الكافي ٢ : ٢٧٢ الرواية ( ١٦ ) .

( ٣ ) المصدر نفسه ٢ : ٢١٣ الرواية ( ١٧ ) .

( ٤ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٣ : ١٩٠ .

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639