بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة3%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247390 / تحميل: 8636
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

جنودا لا يفقهون ألسنتهم و لا يعرفون وجوههم و لا يرحمون بكاءهم و لأبتعثن فيهم ملكا جبارا قاسيا له عساكر كقطع السحاب و مواكب كأمثال العجاج ، كأن خفقان راياته طيران النسور و كأنّ حمل فرسانه كرّ العقاب ، يعيدون العمران خرابا و يتركون القرى وحشة ، فيا ويل إيليا و سكّانها كيف اذللّهم للقتل و اسلّط عليهم السباء و اعيد بعد لجب الأعراس صراخ الهام ، و بعد صهيل الخيل عواء الذئب و بعد شرفات القصور مساكن السباع و بعد ضوء السرج رهج العجاج ، و لأبدّلن رجالهم بتلاوة الكتاب انتهار الأرباب و بالعزّ الذل و بالنعمة العبودية ، و لأبدلن نساءهم بالطيب التراب و بالمشي على الزرابي الخبب ، و لأجعلن أجسادهم زبلا للأرض و عظامهم ضاحية للشمس .

و في رواية : ثم لآمرنّ السماء فلتكونن طبقا من حديد و الأرض فلتكونن سبيكة من نحاس ، فإن أمطرت السماء و أنبتت الأرض شيئا في خلال ذلك فبرحمتي للبهائم ، ثم أحبسه في زمن الزرع و ارسله في زمن الحصاد ، فإن زرعوا خلال ذلك شيئا سلّطت عليه الآفة ، فإن خلص منه شي‏ء نزعت منه البركة ، فإن دعوني لم أجبهم و إن سألوني لم اعطهم و إن بكوا لم أرحمهم و إن تضرّعوا صرفت وجهي عنهم(١) .

و عن أبي جعفرعليه‌السلام : أما إنّه ليس من سنة أقلّ مطرا من سنة ، و لكن اللَّه يضعه حيث يشاء ، إنّ اللَّه تعالى إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم و إلى الفيافي و البحار و الجبال ، و إنّ اللَّه تعالى ليعذّب الجعل في جحرها بحبس المطر من الأرض التي بمحلتها بخطايا من بحضرتها ، و قد جعل اللَّه لها السبيل إلى مسلك سوى محلة أهل

____________________

( ١ ) عيون الأخبار ٢ : ٢٦١ ٢٦٢ .

١٢١

المعاصي ثم قال : . .( فاعتبروا يا اولي الأبصار ) (١) .

ثم قالعليه‌السلام : وجدنا في كتاب عليّعليه‌السلام أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا ظهر الزنا كثر موت الفجأة ، و إذا طفف المكيال أخذهم اللَّه بالسنين و النقص ، و إذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركاتها من الزرع و الثمار و المعادن كلها ، و إذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم و العدوان ، و إذا نقضوا العهود سلّط اللَّه عليهم شرارهم فيدعو عند ذلك خيارهم فلا يستجاب لهم .

« ليتوب تائب »( و لقد أرسلنا إلى اُمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء و الضرّاء لعلهم يتضرعون ) (٢) .

« و يقلع » أي : يكف عن الجناية .

« مقلع و يتذكر متذكر »( و لقد صرفناه بينهم ليذكروا .(٣) ( و لقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر ) (٤) .

« و يزدجر » أي يمتنع .

« مزدجر »( و لقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر ) (٥) .

« و قد جعل اللَّه » هكذا في ( المصرية )(٦) و الصواب : « و قد جعل اللَّه سبحانه » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٧) .

« الاستغفار سببا لدرور » من : درّ الضرع باللبن درورا .

____________________

( ١ ) الحشر : ٢ .

( ٢ ) الأنعام : ٤٢ .

( ٣ ) الفرقان : ٥٠ .

( ٤ ) القمر : ١٧ .

( ٥ ) القمر : ٤ .

( ٦ ) الطبعة المصرية : ٢٧٨ .

( ٧ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٢٦٨ ، انظر شرح ابن ميثم الرواية ( ١٤٢ ) أما الخطية ففي الصفحة ١١٧ .

١٢٢

« الرزق فقال » حكاية عن نوحعليه‌السلام لقومه .

( استغفروا ربكم إنّه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ) (١) أي :

تدرّ بالمطر كثيرا و مرارا .

و يمددكم بأموال و بنين (٢) في ( الكافي ) : قال رجل لأبي عبد اللَّهعليه‌السلام :

لا يولد لي فقال : استغفر ربك في السحر مائة مرة فإن نسيته فاقضه(٣) .

و فيه : عن الأبرش الكلبي : شكا إلى أبي جعفرعليه‌السلام أنه لا يولد له قال :

استغفر اللَّه في كل يوم أو كل ليلة مائة مرة ، فإنّه تعالى يقول . .( استغفروا ربكم إنّه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا و يمددكم بأموال و بنين ) . .(٤) و تتمة الآية الأخيرة و يجعل لكم جنات و يجعل لكم أنهارا .

« فرحم اللَّه امرأ استقبل توبته »( قال هود لقومه و يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً و يزدكم قوة إلى قوتكم و لا تتولوا مجرمين ) (٥) .

« و استقال خطيئته » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نزل بأرض قرعاء ، فقال لأصحابه : إيتونا بحطب فقالوا : نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب قال : فليأت كل إنسان بما قدر عليه فجاؤوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : هكذا تجتمع الذنوب ثم قال : إيّاكم و المحقّرات من الذنوب ، فإنّ لكل شي‏ء طالبا الا و إنّ طالبها يكتب ما قدموا و آثارهم و كل شي‏ء أحصيناه في إمام مبين .

____________________

( ١ ) نوح : ١٠ ١١ .

( ٢ ) نوح : ١٢ .

( ٣ ) الكافي ٦ : ٦٩٩ .

( ٤ ) نوح : ١٠ ١٢ .

( ٥ ) هود : ٥٢ .

١٢٣

« و بادر منيته »( أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرّطت في جنب اللَّه ) . .(١) .

« اللهم إنّا خرجنا إليك من تحت الأستار و الأكنان » و المراد بها لبيوت .

« و بعد عجيج » أي : رفع صوت .

« البهائم و الولدان راغبين في رحمتك » التي وسعت كل شي‏ء .

« و راجين نعمتك » المسبغة على عبادك ظاهرة و باطنة .

« و خائفين من عذابك و نقمتك » أي الآيسين من رحمتك .

« و لا تهلكنا بالسنين » أي : سني القحط و الغلاء .

و في ( القاموس )(٢) : في ( الشغر ) قال ابن هشام حفر السيل عن قبر باليمن فيه امرأة في عنقها سبع مخانق من در و في يديها و رجليها من الأسورة و الخلاخيل و الدماليج سبعة سبعة و في كل إصبع خاتم فيه جوهرة مثمنة و عند رأسها تابوت مملوّ مالا و لوح فيه مكتوب « باسمك اللّهم الرحمن الرحيم ، أنا تاجة بنت ذي شغر بعثت مائرنا الى يوسف فابطأ علينا ، فبعثت لاذنى بمدمن ورق لتأتيني بمدمن طحين فلم تجده ، فبعثت بمد من ذهب فلم تجده ، فبعثت بمد من بحري فلم تجده ، فأمرت به فطحن فلم انتفع به ، فاقتلفت فمن سمع بي فليرحمني و أية امرأة لبست حليا من حليتي فلا ماتت إلاّ ميتتي » .

و في ( الكافي )(٣) عن الصادقعليه‌السلام : إنّ قوما افرغت عليهم النعمة و هم أهل الثرثار ، فعمدوا إلى مخ الحنطة فجعلوها خبزا و جعلوا ينجون به

____________________

( ١ ) هود : ٥٦ .

( ٢ ) القاموس : ٥٣٥ ، مادة ( شغر ) .

( ٣ ) الكافي ٣ : ٦٦٢ ح ١ .

١٢٤

صبيانهم ، حتى اجتمع من ذلك جبل عظيم ، فمرّ بهم رجل صالح و امرأة تفعل ذلك بصبي لها ، فقال : ويحكم اتقوا اللَّه و لا تغيّروا ما بكم من نعمة فقالت له :

كأنّك تخوّفنا بالجوع ، أما ما دام ثرثارنا يجري فإنّا لا نخاف الجوع فأسف اللَّه تعالى فأضعف لهم الثرثار و حبس عنهم قطر السماء و نبات الأرض فاحتاجوا إلى ذلك الجبل و انه كان ليقسم بينهم بالميزان(١) .

و عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : كان نبي في من كان قبلكم يقال له دانيال ، و إنّه أعطى صاحب معبر رغيفا لكي يعبر به ، فرماه و قال : ما أصنع به ؟ الخبز عندنا يداس بالأرجل فلما رأى ذلك دانيال رفع يده إلى السماء ثم قال : اللهم أكرم الخبر فقد رأيت ما صنع هذا العبد و ما قال فأوحى اللَّه تعالى إلى السماء أن تحبس الغيث و إلى الأرض أن كوني طبقا كالفخار ، فلم يمطروا حتى بلغ من أمرهم أنّ بعضهم أكل بعضا ، فلما بلغ منهم ما أراد اللَّه تعالى من ذلك قالت امرأة لاخرى و لهما ولدان : يا فلانة تعالي حتى نأكل أنا و أنت اليوم ولدي ، و إذا كان غدا أكلنا ولدك قالت لها : نعم ، فأكلتاه فلما أن جاعتا راودت الاخرى على أكل ولدها فامتنعت عليها فقالت لها : بيني و بينك نبي اللَّه فاختصمتا إلى دانيال فقال لهما : بلغ الأمر إلى ذلك ؟ قالتا : و أشدّ فرفع يده إلى السماء فقال : اللهم عد علينا بفضلك و رحمتك و لا تعاقب الأطفال و من فيه خير بذنب صاحب المعبر فأمر اللَّه تعالى إلى السماء أن امطري على الأرض و إلى الأرض أن أنبتي لخلقي ما فاتهم من خيرك ، فإنّي لأرحمنهم بالطفل الصغير(٢) .

« و لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا يا ارحم الراحمين » يؤاخذ اللَّه تعالى الحلماء بفعل السفهاء لانهم لا يأخذون على أيديهم .

____________________

( ١ ) الكافي ٦ : ٣٠١ ح ١ .

( ٢ ) الكافي ٦ : ٣٠١ ح ٢ .

١٢٥

و في الخبر : أوحى اللَّه تعالى إلى شعيب النبيّ أنّي معذّب من قومك مائة ألف ، أربعين من شرارهم و ستين من خيارهم فقالعليه‌السلام : يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار فأوحى تعالى إليه : لأنّهم داهنوا أهل المعاصي و لم يغضبوا لغضبي(١) .

« اللهم إنّا خرجنا إليك نشكو إليك ما لا يخفى عليك » و الشكاية إليه تعالى ليس فيها كراهة ، قال تعالى حكاية عن يعقوب : « إنّما أشكو بثّي و حزني إلى اللَّه » و إنّما المذموم الشكاية منه تعالى .

« حين ألجأتنا » أي : اضطرتنا .

« المضايق » جمع المضيقة .

« الوعرة » أي : الصعبة .

« و اجاءتنا » أي : جاءت بنا اضطرارا قال زهير :

و جار سار معتمدا إليكم

أجاءته المخافة و الرجاء(٢)

« المقاحط » جمع المقحطة .

« المجدبة » و الجدب : يبس الأرض و انقطاع المطر .

« و أعيتنا » أي : أعجزتنا .

« المطالب المتعسرة و تلاحمت علينا » أي : صارت كالمتلاحمة الشجة التي أخذت في اللحم .

« الفتن المستصعبة » قال اعرابي : اللهم أنت الرب يستغاث ، لك الحياة و لك الميراث ، و قد دعاك الناس و عندك الغياث ، لم يبق إلاّ عكرس انكاث ، و شيح اصولها مباث ، و طاحت الألبان و الأرماث .

____________________

( ١ ) تهذيب الأحكام للطوسي ٦ : ١٨١ ح ٢١ الباب ٢٢ .

( ٢ ) الصحاح للجوهري : ٤٢ مادة ( جيا ) .

١٢٦

« اللهم إنّا نسألك ألا تردّنا خائبين » خاب الرجل : إذا لم ينل ما طلب .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : لما استسقى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و سقي الناس حتى قالوا إنّه الغرق فقال بيده و ردّها « اللهم حوالينا و لا علينا » فتفرق السحاب ، فقالوا : يا رسول اللَّه استسقيت لنا فلم نسق ثم استسقيت فسقينا .

قال : إنّي دعوت و ليس لي في ذلك نية ثم دعوت و لي في ذلك نية(١) .

« و لا تقلبنا واجمين » الواجم الذي اشتدّ حزنه حتى أمسك عن الكلام .

« و لا تخاطبنا بذنوبنا » بأن تقول لنا : يا مذنبون بل خاطبنا باسمك و وصفك يا مرحومين و يا معفوين .

« و لا تقايسنا » و مصدره القياس كالمقايسة .

« بأعمالنا » فنكون من المهلكين .

« اللهم انشر علينا غيثك » المطر عقيب المحل و عند الحاجة إليه .

« و بركتك و رزقك و رحمتك » في ( الروضة ) عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ اللَّه تعالى جعل السحاب غرابيل للمطر تذيب البرد حتى يصير ماء لكيلا يضرّ شيئا ، و الذي ترون فيه من البرد و الصواعق نقمة من اللَّه تصيب بها من يشاء من عباده(٢) .

« و اسقنا سقيا نافعة مروية » من ( أرواه ) من الماء .

« معشبة » جائية بالعشب ، أي : الكلاء الرطب في أول الربيع .

« تنبت بها ما قد فات و تحيى بها ما قد مات » .

في ( الروضة )(٣) عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام : اتى قوم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : إنّ

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٧٤ الرواية ٥ .

( ٢ ) الكافي ٨ : ٢٣٩ الرواية ٣٢٦ الباب ( ٨ ) .

( ٣ ) الروضة : ٢١٧ ح ٢٦٦ .

١٢٧

بلادنا قد قحطت و توالت السنون علينا فادع اللَّه تعالى يرسل السماء علينا .

فأمر بالمنبر فاخرج و اجتمع الناس فصعده و دعا و أمر الناس أن يؤمّنوا ، فلم يلبث أن هبط جبرئيل فقال : أخبر الناس أنّ ربك قد وعدهم أن يمطرو اليوم كذا و كذا و ساعة كذا و كذا ، فلم يزل الناس ينتظرون ذلك اليوم و تلك الساعة حتى إذا كانت أهاج اللَّه تعالى ريحا فأثارت سحابا و جللت السماء و أرخت عزاليها ، فجاء اولئك النفر بأعيانهم إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : ادع اللَّه أن يكفّ السماء عنّا فإنّا كدنا أن نغرق فاجتمع الناس و دعا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و أمر أن يؤمّنوا على دعائه ، فقال له رجل : اسمعنا فإنّ كل ما تقول ليس يسمع فقال : قولوا « اللهم حوالينا و لا علينا ، اللهم صبها في بطون الأودية و في نبات الشجر و حيث يروى أهل الوبر ، اللهم اجعلها رحمة و لا تجعلها عذابا »(١) .

« نافعة الحيا » في ( فقه اللغة ) : إذا أحيى المطر الأرض بعد موتها فهو الحيا ، و في ( الصحاح ) الحيا المطر و الخصب .

« كثيرة المجتنى » من اجتنيت الثمرة .

هذا و في ( الأغاني ) : قال إسحاق بن أيوب بن سلمة : اعتمرت في رجب سنة ( ١٠٥ ) فصادفني ابن ميادة بمكة قدمها معتمرا ، فأصابنا مطر شديد تهدمت منه البيوت و توالت فيه الصواعق ، فجلس إليّ ابن ميادة غد ذاك اليوم ، فجعل يأتيني من قومي و غيرهم فأستخبرهم عن ذلك الغيث فيقولون : صعق فلان و انهدم منزل فلان ، فقال ابن ميادة : هذا العيث لا الغيث .

فقلت : فما الغيث عندك ؟ فقال :

سحائب لا من صيب ذي صواعق

و لا محرقات ماؤهن حميم

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٨ : ٢١٧ ح ٢٦٦ .

١٢٨

إذا ما هبطن الأرض قد مات عودها

بكين بها حتى يعيش هشيم(١)

« تروى » من أرواه من الماء .

« بها القيعان » جمع القاع : المستوي من الأرض .

« و تسيل » من سال الماء و أساله غيره .

« البطنان » جمع البطن : الغامض من الأرض .

« و تستورق الأشجار » أي : يخرج ورقها .

« و ترخص الأسعار انك على كل شي‏ء قدير » فافعل بنا ما سألنا .

و روى ( توحيد الصدوق ) : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مر بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق و حيث تنظر الأبصار إليها ، فقيل لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قومت عليهم فغضب حتى عرف الغضب في وجهه و قال : أنا أقوم عليهم ، إنّما السعر إلى اللَّه عزّ و جلّ يرفعه إذا شاء و يخفضه إذا شاء(٢) .

و روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لما قيل له : لو أسعرت فإنّ الاسعار تزيد و تنقص ، قال : ما كنت لألقى اللَّه تعالى ببدعة لم يحدث لي فيها شيئا ، فدعوا عباد اللَّه يأكل بعضهم من بعض(٣) .

و عن السجادعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى و كل بالسعر ملكا يدبره بأمره(٤) .

٣ من الحكمة ( ٤٧٢ ) و قالعليه‌السلام في دعاء استسقى به :

اَللَّهُمَّ اِسْقِنَا ذُلُلَ اَلسَّحَابِ دُونَ صِعَابِهَا

____________________

( ١ ) الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ٢ : ٣٢٣ .

( ٢ ) التوحيد للصدوق : ٣٨٨ ح ٣٣ ، لم يأت الشيخ الطوسي في النهاية على ذكره بل اكتفى بالإشارة ص ١٣٩ .

( ٣ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ٣ : ٢٦٨ ، الرواية ٣٩٦٩ ، الباب ٢ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٥ : ١٦٣ الرواية ٣ .

١٢٩

أقول : رواه كتب غريب الحديث ، كما يظهر من ( النهاية ) و حيث إنهعليه‌السلام دعا لذلل السحاب ننقل أوصاف السحاب و أسماءها من ( فقه لغة الثعالبي ) ، فقال : أوّل ما ينشأ السحاب فهو النشؤ ، فإذا انسحب في الهواء فهو السحاب ، فإذا تغيّرت له السماء فهو الغمام ، فإذا كان غيما ينشأ في عرض السماء فلا تبصره و لكن تسمع رعده من بعيد فهو العقر ، فإذا أظلّ السماء فهو العارض ، فإذا كان ذا رعد و برق فهو العراص ، فإذا كانت السحاب قطعا صغارا متدانيا بعضها من بعض فهي النمرة ، فإذا كانت متفرقة فهي القزع ، فإذا كانت قطعا متراكمة فهي الكرفي ، فإذا كانت كأنّها قطع الجبال فهي قلع و كنهور واحدتها كنهورة ، فإذا كانت قطعا مستدقة رقاقا فهي الطخارير واحدتها طخرور ، فإذا كانت حولها قطع من السحاب فهي مكللة ، فإذا كانت سوداء فهي طخياء و متطخطخة ، فإذا رأيتها و حسبتها ماطرة فهي مخيلة ، فإذا غلظ السحاب و ركب بعضه بعضا فهو المكفهر فإذا ارتفع و لم ينبسط فهو النشاص ، فإذا انقطع في أقطار السماء و تلبد بعضه فوق بعض فهو القرد ، و إذا ارتفع و حمل الماء و كثف و أطبق فهو العماء و العماية و الطخاء و الطخاف و الطهاء ، فإذا اعترض اعتراض الجبل قبل أن يطبق السماء فهو الحيا ، فإذا عن فهو العنان ، فإذا أظل الأرض فهو الدجن ، فإذا اسودّ تراكب فهو المحمومي ، فإذا تعلق سحاب دون السحاب فهو الرباب ، فإذا كان سحاب فوق السحاب فهو الغفارة ، فإذا تدلى و دنا من الأرض مثل هدب القطيفة فهو الهيدب ، فإذا كان ذا ماء كثير فهو القنيف ، فإذا كان أبيض فهو المزن و الصبير ، فإذا كان لرعده صوت فهو الهزيم ، فإذا اشتد صوت رعده فهو الأجشّ فإذا كان باردا و ليس فيه ماء فهو الصرار ، فإذا كان خفيفا تسفره الريح فهو الزبرج ، فإذا كان ذا صوت شديد

١٣٠

فهو الصيب ، فإذ اهراق ماؤه فهو الجهام و يقال بل ما لا ماء فيه(١) .

ثم الظاهر أنّ المراد بذلل السحاب سحاب إذا ظهر أمطر و أكثر ، و بصعابها سحاب ترعد و تبرق و تتكاثف و تتداني و لا ترى منها أثرا .

هذا ، و في ( الاسد ) : استسقى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « اللهم اسقنا » فقال أبو لبابة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ التمر في المربد و ما في السماء سحاب نراه فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثا « اللهم اسقنا » و قال في الثالثة « حتى يقوم أبو لبابة عريانا يسدّ ثعلب مربده بإزاره » فاستهلت السماء و أمطرت مطرا شديدا ، فأطافت الأنصار بأبي لبابة و قالوا له : إنّ السماء لن تقلع حتى تقوم عريانا فتسدّ ثعلب مربدك بأزارك كما قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقام فسد ثعلب مربده بأزاره فأقلعت السماء(٢) .

قول المصنّف : « قال الرضي » إنّه من كلام الشراح فليس في ( الخطية ) رأسا و في ( ابن ميثم ) « قال السيد »(٣) .

« و هذا من الكلام العجيب الفصاحة » ككثير من كلامهعليه‌السلام .

« و ذلك أنّهعليه‌السلام شبه السحاب ذوات الرعود » قال الثعالبي في ( فقه لغته ) : تقول العرب رعدت السماء ، فإذا زاد صوتها قيل أرزمت و دوّت ، فإذا زاد و اشتدّ قيل قصفت و قعقعت ، فإذا بلغ النهاية قيل جلجلت و هدهدت(٤) .

« و البوارق » قال الثعالبي أيضا : عن الأصمعي و أبي زيد : إذا برق البرق كأنه يبتسم و ذلك بقدر ما يريك سواد الغيم من بياضه قيل انكل انكلالا ، فإذا بدأ من السماء برق يسير قيل أوشمت السماء و منه قيل « أوشم النبت » إذا أبصرت أوّله ، فإذا برق برقا ضعيفا قيل خفى يخفى عن أبي عمرو ، و خفا

____________________

( ١ ) فقه اللغة للثعالبي : ٢٧٤ ٢٧٥ .

( ٢ ) اسد الغابة لابن الأثير ٥ : ٢٨٤ .

( ٣ ) النسخة الخطيّة : سقطت منه العبارة ، شرح ابن ميثم ٥ : ٤٦٥ الرواية ٢٧٦ .

( ٤ ) فقه اللغة للثعالبي : ٢٧٦ .

١٣١

يخفو عن الكسائي ، فإذا لمع لمعا خفيفا قيل لمح و أومض ، فإذا تشقق قيل انعق انعقاقا ، فإذا ملأ السماء و تكشف و اضطرب قيل تبوج ، فإذا كثر و تتابع قيل ارتعج ، فإذا لمع و أطمع ثم عدل قيل له خلب(١) .

« و الرياح و الصواعق » قال الثعالبي أيضا : إذا وقعت الريح بين الريحين فهي النكباء ، فإذا وقعت بين الجنوب و الصبا فهي الجربيا ، فإذا هبت من جهات مختلفة فهي المتناوحة ، فإذا كانت لينة فهي الريدانة ، فإذا جاءت بنفس ضعيف و روح فهي النسيم ، فإذا كان لها حنين كحنين الإبل فهي الحنون ، فإذا ابتدأت بشدة فهي النافجة ، فإذا كانت شديدة فهي العاصف و السيهوج ، فإذا كانت شديدة و لها زفزفة و هي الصوت فهي الزفزافة ، فإذا اشتدت حتى تقلع الخيام فهي الهجوم ، فإذا حرّكت الأغصان تحريكا شديدا و قلعت الأشجار فهي الزعزع و الزعزاع و الزعزعان ، فإذا جاءت بالحصباء فهي الحاصبة ، فإذا درجت حتى ترى لها ذيلا كالرسن في الرمل فهي الدروج ، فإذا كانت شديدة المرور فهي النئوج ، فإذا كانت سريعة فهي المجفل و الجافة ، فإذا هبت من الأرض نحو السماء كالعمود فهي الإعصار و يقال لها زوبعة أيضا ، فإذا هبت بالغبرة فهي الهبوة ، فإذا حملت المور و جرت الذيل فهي الهوجاء ، فإذا كانت باردة فهي الحرجف و الصرصر و العرية فإذا كان مع بردها ندى فهي البليل ، فإذا كانت حارة فهي الحرور و السموم ، فإذا كانت حارة و أتت من قبل اليمن فهي الهيف ، فإذا كانت باردة شديدة تخرق الثوب فهي الخريق ، فإذا ضعفت و جرت فويق الأرض فهي المسفسفة ، فإذا لم تلقح شجرا و لم تحمل مطرا فهي العقيم و قد نطق بها القرآن(٢) .

____________________

( ١ ) فقه اللغة : ٢٧٦ ٢٧٧ .

( ٢ ) فقه اللغة : ٢٧٣ ٢٧٤ .

١٣٢

« بالابل الصعاب التي تقمص برحالها » قال الجوهري : يقال دابة فيها قماص ، و هو أن ترفع يديها و تطرحهما معا و تعجن برجليها ، و في المثل « ما بالعير من قماص » و هو الحمار يضرب لمن ذلّ بعد عزّ(١) .

و في ( الأساس ) : قمصت الناقة بالرديف : مضت به نشيطة ، قال لبيد :

عذافرة تقمص بالردا في

تخونها نزولي و ارتحالي(٢)

« و تقص » هكذا في ( المصرية )(٣) و الصواب : « و تتوقص » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٤) .

و في ( الأساس ) : « توقصت الركاب توقصا » ، و هو نزوها مع القرمطة كأنها تكسر الخطو(٥) .

« بركبانها » جمع الركب أصحاب الإبل في السفر .

« و شبه السحاب خالية » هكذا في ( المصرية )(٦) و الصواب : « الخالية » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) .

« من تلك الروائع » جمع الروعة بالفتح أي : الفزعة .

« بالإبل الذلل التي تحتلب طيعة » أي : طائعة .

« و تقعد » في ( الصحاح ) : القعود البعير الذي يقتعده الراعي في كل حاجة ، و هو بالفارسية رخت ، و بتصغيره جاء المثل « اتخذوه قعيد الحاجات » إذا امتهنوا الرجل في حوائجهم .

____________________

( ١ ) الصحاح للجوهري ٢ : ٥٤ مادة ( قمص ) .

( ٢ ) أساس البلاغة للزمخشري : ٣٧٧ .

( ٣ ) الطبعة المصرية : ٢٧٨ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٢٢٩ ، و ابن ميثم ٥ : ٤٦٥ بلفظ « تقص » .

( ٥ ) أساس البلاغة : ٥٠٦ مادة ( وقص ) .

( ٦ ) الطبعة المصرية : ٢٧٨ .

١٣٣

« مسمحة » أي : ذلولة .

هذا ، و روى ( العيون ) : أنّ المأمون لما جعل الرضاعليه‌السلام ولي عهده احتبس المطر ، فجعل بعض حاشية المأمون من المتعصبين عليهعليه‌السلام يقولون انظروا لما جاءنا علي بن موسى و صار ولي عهدنا حبس عنا المطر ، فاتصل ذلك بالمأمون فاشتد عليه فقال لهعليه‌السلام : لو دعوت اللَّه قال : نعم قال :

متى و كان يوم الجمعة فقال : يوم الاثنين قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني البارحة في منامي و معه أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : يا بني انتظر يوم الاثنين فابرز إلى الصحراء و استسق فإنّ اللَّه تعالى سيسقيهم و أخبرهم بما يريك اللَّه مما لا يعلمون من حالهم ليزداد علمهم بفضلك و مكانك من ربك تعالى فلما كان يوم الاثنين غدا إلى الصحراء و خرج الخلائق ينظرون ، فصعد المنبر فحمد اللَّه و أثنى عليه ثم قال : « اللهم يا ربّ أنت عظّمت حقنا أهل البيت فتوسلوا بنا كما أمرت و أمّلوا فضلك و رحمتك و توقّعوا إحسانك و نعمتك فاسقهم سقيا نافعا عاما غير رائث و لا ضائر ، و ليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم و مقارّهم » فو الذي بعث محمّدا بالحق لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم و أرعدت و أبرقت و تحرك الناس كأنهم يريدون التنحي عن المطر ، فقالعليه‌السلام : على رسلكم فليس هذا الغيم لكن إنّما هو لأهل بلد كذا .

فمضت السحابة و عبرت ثم جاءت اخرى تشتمل على رعد و برق فتحركوا فقالعليه‌السلام : على رسلكم انما هو لأهل بلد كذا حتى جاءت عشر سحابة في كلها يقولعليه‌السلام : هي لبلد كذا ثم أقبلت سحابة فقالعليه‌السلام : هذه لكم فاشكروا اللَّه و إنّها ممسكة عنكم إلى ان تدخلوا مقارّكم فانصرفوا إلى ان قربوا من بيوتهم فجاءت بوابل المطر فملأت الأودية و الحياض و الغدران و الفلوات ، فجعلوا

١٣٤

يقولون : هنيئا لولد رسول اللَّه كراماته تعالى . .(١) .

٤ من الخطبة ( ٥٣ ) و من كلام لهعليه‌السلام في ذكر يوم النحر :

وَ مِنْ تَمَامِ اَلْأُضْحِيَّةِ اِسْتِشْرَافُ أُذُنِهَا وَ سَلاَمَةُ عَيْنِهَا فَإِذَا سَلِمَتِ اَلْأُذُنُ وَ اَلْعَيْنُ سَلِمَتِ اَلْأُضْحِيَّةُ وَ تَمَّتْ وَ لَوْ كَانَتْ عَضْبَاءَ اَلْقَرْنِ تَجُرُّ رِجْلَهَا إِلَى اَلْمَنْسَكِ قال الشريف : و المنسك هنا المذبح قول المصنّف : « و من كلام لهعليه‌السلام في ذكر يوم النحر » هكذا في ( المصرية )(٢) و لكن في ( ابن ميثم ) : « و من كلام لهعليه‌السلام يوم النحر في صفة الأضحية » و في ( الخطية و ابن أبي الحديد ) : « و منها في ذكر يوم النحر و صفة الأضحية » و الصواب : ما في ( ابن ميثم ) لأنّ العنوان ليس فيه إلاّ صفة الأضحية(٣) .

و كيف كان فالعنوان جزء من خطبتهعليه‌السلام في يوم النحر رواها ( الفقيه ) بتمامها في باب صلاة العيدين إلى أن قال : و إنّ هذا يوم حرمته عظيمة و بركته مأمولة و المغفرة فيه مرجوة ، فأكثروا ذكر اللَّه تعالى و استغفروه و توبوا إليه إنّه هو التواب الرحيم ، و من ضحى منكم بجذع من المعز فإنّه لا يجزي عنه و الجذع من الضأن يجزي ، و من تمام الأضحية استشراف عينها و اذنها و إذا سلمت العين و الاذن تمت الأضحية ، و إن كانت عضباء القرن أو

____________________

( ١ ) عيون أخبار الرضا للصدوق : ١٣ .

( ٢ ) الطبعة المصرية المصححة « في ذكر النحر و صفة الأضحية » : ١٥٥ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٢٤ ، شرح ابن ميثم ٢ : ١٤٢ ورد « في ذكر يوم النحر » ، النسخة الخطية : ٣٧ « في ذكر يوم النحر و صفة الأضحية » .

١٣٥

تجر برجلها فلا تجزي و إذا ضحيتم فكلوا و أطعموا و اهدوا و احمدوا اللَّه على ما رزقكم من بهيمة الأنعام .(١) .

قولهعليه‌السلام : « و من كمال » هكذا في ( المصرية )(٢) و الصواب : « و من تمام » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٣) ، و كما في مستنده ( الفقيه ) .

« الأضحية » في ( إصلاح المنطق ) قال الأصمعي : فيها أربع لغات أضحية و أضحيّة و جمعها أضاحي و ضحية و جمعها ضحايا و أضحاة و جمعها أضحى ، كما يقال أرطاة و أرطى ، و به سمي يوم الأضحى و قال الفراء :

الأضحى مؤنثة و قد تذكّر يذهب بها إلى اليوم و أنشد :

رأيتكم بني الحذواء لما

دنا الأضحى و صللت اللحام

توليتم بودكم و قلتم

لعك منك أقرب أو جذام(٤)

« استشراف اذنها » قد عرفت أنّ رواية ( الفقيه ) « استشراف عينها و اذنها » .

قال الجوهري : استشرفت الشي‏ء إذا رفعت بصرك تنظر إليه و بسطت كفك فوق حاجبك كالذي يستظل من الشمس ، و منه قول ابن نظير :

فيا عجبا للناس يستشرفونني

كأن لم يروا بعدي محبّا و لا قبلي(٥)

و روى ( المعاني )(٦) و ( التهذيب ) عنهعليه‌السلام قال : أمرنا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأضاحي أن نستشرف العين و الاذن ، و نهانا عن الخرقاء و الشرقاء

____________________

( ١ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ١ : ٥٢٠ الرواية ١٤٨٤ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ١٥٥ .

( ٣ ) شرح ابن ميثم ٢ : ١٤٢ بلفظ « من كمال » أما ابن أبي الحديد و الخطية فبلفظ « من تمام » ٤ : ٤ .

( ٤ ) إصلاح المنطق لابن السكيت : ٢٩٨ .

( ٥ ) الصحاح للجوهري ٣ : ١٣٨٠ .

( ٦ ) معاني الأخبار ٢ : ٥٨ .

١٣٦

و المقابلة و المدابرة(١) .

و زاد الأوّل « الخرقاء » أن يكون في الاذن ثقب مستدير و « الشرقاء » المشقوقة الاذن باثنين حتى ينفذ إلى الطرف ، و « المقابلة » أن يقطع من مقدم اذنها شي‏ء ثم يترك ذلك معلقا لاينين كأنه زغبة ، و « المدابرة » ان يفعل ذلك بمؤخر اذن الشاة .

و في ( النهاية ) بعد ذكر تفسير ( الصحاح ) للاستشراف و منه حديث الأضاحي « أمرنا أن نستشرف العين و الاذن » أي : نتأمل سلامتهما من آفة(٢) .

و في ( المغرب ) : قوله « فاستشرفوا العين و الاذن » أي : تأملوا سلامتهما من آفة أو عور .

و مما ذكرنا يظهر لك ما في قول ابن أبي الحديد و الخوئي استشراف اذنها : انتصابها و ارتفاعها ، اذن شرفاء أي : منتصبة ، و قول ابن ميثم و استشراف اذنها : طولها .(٣) .

« و سلامة عينها » قد عرفت أنّ في رواية ( الفقيه ) بدل ما هنا ( استشراف اذنها و سلامة عينها ) : « استشراف عينها و اذنها » .

« و إذا سلمت الاذن و العين » قد عرفت أنّ رواية ( الفقيه ) بلفظ : « و إذا سلمت العين و الاذن » .

« سلمت الأضحية » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : إن كان شق اذن الأضحية وسما فلا بأس ، و إن كان شقّا فلا يصلح(٤) .

و في ( الفقيه ) : سئل الكاظمعليه‌السلام عن الرجل يشتري الأضحية عوراء فلا

____________________

( ١ ) تهذيب الأحكام للطوسي ٥ : ٢١٢٠ الرواية ٥٤ من الباب ١ ، و في من لا يحضره الفقيه ٢ : ٤٨٩ .

( ٢ ) النهاية لابن الأثير ٢ : ٤٦٢ مادة ( شرف ) .

( ٣ ) راجع شرح ابن أبي الحديد ٤٠ : ٤ ، و شرح ابن ميثم ٢ : ١٤٢ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٤ : ٤٩١ ح ١١ .

١٣٧

يعلم الا بعد شرائها هل تجزي عنه ؟ قال : نعم إلا أن يكون هديا واجبا فلا يجوز أن يكون ناقصا(١) .

و في ( التهذيب ) : عن أحدهماعليهما‌السلام في ما إذا كانت الاذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة فقال : ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس(٢) .

و مر خبر شريح : نهانا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الخرقاء و الشرقاء و المقابلة و المدابرة و مرّ كون الجميع من عيوب الاذن .

« و لو كانت عضباء القرن » قال أبو زيد كما في ( الصحاح ) العضباء :

الشاة المكسورة القرن الداخل و هو المشاش .(٣) .

و في ( الجمهرة ) ظبي أعضب : إذا انكسر أحد قرنيه ، و الانثى عضباء و يتشاءم به ، قال الأخطل :

إنّ السيوف غدوها و رواحها

تركت هوازن مثل قرن الأعضب

و قال غيره :

غراب و ظبي اعضب القرن خبرا

ببين و صردان العشي تصيح(٤)

هذا ، و في ( الصحاح ) ناقة عضباء أي : مشقوقة الاذن(٥) ، و أمّا ناقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله التي تسمى العضباء فإنما كان ذلك لقبا لها و لم تكن مشقوقة الأذن(٦) .

و فيه أيضا : كانت للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ناقة تسمى قصواء و لم تكن

____________________

( ١ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ٢ : ٤٩٦ رواية ٣٥٩ الباب ( ٢ ) .

( ٢ ) تهذيب الأحكام ٥ : ٢١٣ ، رواية ٥٧ الباب ( ١ ) .

( ٣ ) تهذيب الأحكام للطوسي ٥ : ٢١٢ الرواية ٥٤ الباب ( ١ ) .

( ٤ ) جمهرة اللغة ١ : ٣٥٤ ، مادة ( عضب ) .

( ٥ ) الصحاح للجوهري ١ : ١٨٤ ، مادة ( عضب ) .

( ٦ ) المصدر نفسه ١ : ١٨٤ مادة ( عضب ) .

١٣٨

مقطوعة الاذن(١) .

و مثله ( القاموس ) : و قال في ( جدع ) : لم تكن ناقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جدعاء و لا عضباء و لا قصواء و إنّما هن ألقاب مع أنّهما وهما(٢) ، فإنّ ابن دريد إنّما قال :

كان اسمها العضباء و لم يقل لم يكن بها عيب(٣) ، و كذلك الطبري إنّما روى عن محمّد بن إبراهيم التيمي « ان اسم ناقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان القصواء و الجدعاء و العضباء » و لم يقل لم يكن بها عيب(٤) .

و مما يوضح أنّ الاسم لم يكن مجردا ما رواه الطبري عن سعيد بن المسيب قال : كان اسم ناقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله العضباء و كان في طرف اذنها جدع(٥) .

و كيف كان ، فالمصنف حرف الرواية و أسقط جواب ( لو ) فجعلها وصلية فحصر عيب الأضحية في العين و الاذن .

و كيف تجزى عضباء القرن و قد روى المشائخ الثلاثة عن السكوني عن جعفر عن آبائهعليهما‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يضحي بالعرجاء بين عرجها ، و لا بالعوراء بين عورها ، و لا بالعجفاء و لا بالخرقاء ، و لا بالجذعاء و لا بالعضباء .

و زاد الأوّل و لا الجرباء » و قال الأخيران العضباء مكسورة القرن .

و روى الأوّلان صحيحا عن جميل عن الصادقعليه‌السلام في الأضحية يكسر قرنها قال : ان كان القرن الداخل صحيحا فهو يجزي(٦) .

و رواه الأخير هكذا : في المقطوع القرن أو المكسور القرن إذا كان القرن

____________________

( ١ ) المصدر نفسه ٤ : ٢٤٦٢ مادة ( قصا ) .

( ٢ ) القاموس المحيط : ٩١٤ ، مادة ( جدع ) .

( ٣ ) جمهرة اللغة ١ : ٣٥٤ مادة ( عضب ) .

( ٤ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٢ : ٤٢٢ .

( ٥ ) المصدر نفسه ٢ : ٤٢٢ .

( ٦ ) الكافي للكليني ٤ : ٢٢٠ رواية ٧ .

١٣٩

الداخل صحيحا و إن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا(١) .

و قال ابن بابويه : قال الصفار إذا ذهب من القرن الداخل ثلثاه و بقي ثلثه فلا بأس بأن يضحى به(٢) .

« تجر رجلها إلى المنسك » قد عرفت أنّ رواية الصدوق ( و إن كانت عضباء القرن أو تجر برجلها فلا تجزي ) فالمصنّف حرّف في حذف الجواب و العاطف و الظاهر أنّ قوله « إلى المنسك » مصحف « فلا تجزى » فليس كلمة « إلى المنسك » في رواية ( الفقيه ) و لا مناسبة لها ، و إن كان ( مصباح الشيخ ) أيضا نقله مثل المصنّف(٣) ، فكما أنّ إجزاء العضباء خلاف مذهبنا كذلك إجزاء العرجاء ، فقد عرفت ثمة رواية الثلاثة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يضحى بالعرجاء بيّن عرجها(٤) .

ثم قد عرفت حكم عيب العين و الاذن و القرن و الرجل ، و أمّا باقي الاعضاء فقال ابن أبي عقيل يكره أن يضحى بالخصي ، و قال ابن الجنيد : لا يجوز في الهدي نقص بعض الأعضاء ، و قال الشيخ في ( النهاية ) : لا يجوز في الهدي الخصى إلا أن لا يتمكن ، و قال بجواز الموجوء(٥) ، و قال العماني كما في ( المختلف ) لا تصحّ بالجداء و هي التي ليس لها إلاّ ضرع واحد ، و الأخبار ظاهرة في الجواز(٦) .

قول المصنّف : « و المنسك هنا المذبح » ليس في ( ابن ميثم ) رأسا و كيف

____________________

( ١ ) تهذيب الأحكام للطوسي ٥ : ٢١٣ ، رواية ٥٦ باب ١ .

( ٢ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ٢ : ٤٩٦ رواية ٣٠٦٢ الباب ( ٢ ) .

( ٣ ) مصباح المتهجد : ٣٧ .

( ٤ ) تهذيب الأحكام للطوسي ٥ : ٢١٣ ، رواية ٥٥ الباب ( ١ ) .

( ٥ ) النهاية في مجرد الفقه و الفتاوي للطوسي : ٢٥٧ .

( ٦ ) لا وجود له في ( مختلف الشيعة ) للعلاّمة الحلّي .

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639