بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 639
المشاهدات: 237677
تحميل: 8107


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 237677 / تحميل: 8107
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 14

مؤلف:
العربية

كذّابا ثم قال لهما : فردّاها عليه و أعلماه أنّه لا حاجة لي فيها و لا فيما عنده حتى ألقى اللَّه ربّي فيكون هو الحاكم بيني و بينه(١) .

و روى ( الكافي ) : ان رجلا من أصحاب أبي عبد اللَّهعليه‌السلام كان يدخل عليه فغبر زمانا(٢) لا يحجّ ، فدخل عليه بعض معارفه فقالعليه‌السلام : كيف فلان ؟ ما فعل ؟ قال : فجعل يضجع(٣) الكلام يظن انّهعليه‌السلام يعني الميسرة و الدنيا فقالعليه‌السلام له : كيف دينه ؟ فقال : كما تحبّ فقالعليه‌السلام : هو و اللَّه الغني(٤) .

و روى أن بلالا أقبل من جهة الحلبة ، فسأله رجل : من سبق ؟ قال :

المقرّبون قال : أسألك عن الخيل قال : و اجيبك عن الخير(٥) .

٤ الحكمة ( ٣٤ ) و قالعليه‌السلام :

أَشْرَفُ اَلْغِنَى تَرْكُ اَلْمُنَى أقول : نقله المصنف جزء عنوانه ٢١١ ٣ فذكره هنا تكرار ، و وجهه ما قاله في الديباجة من الاعتذار(٦) .

و كيف كان فوجه ما قالهعليه‌السلام ان من ترك المنى استغنى عن كثير من علائق الدنيا فيكون غناه أشرف غنى .

____________________

( ١ ) رجال الكشي : ٢٧ ٢٨ .

( ٢ ) غبر غبورا : مكث و في بعض النسخ ( فصبر زمانا ) .

( ٣ ) يضجع الكلام : أي يقصر فيه .

( ٤ ) الكافي ٢ : ٢١٦ ح ٤ .

( ٥ ) لم نعثر عليه في ترجمة بلال بن رباح انظر الاصابة ١ : ١٧٠ و طبقات ابن سعد ٣ : ٢٣٢ و حلية الأولياء ١ : ١٤٧ .

( ٦ ) في الكلمة التي أولها : الجود حارس الأعراض .

٢٤١

٥ الحكمة ( ٥٤ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ غِنَى كَالْعَقْلِ وَ لاَ فَقْرَ كَالْجَهْلِ وَ لاَ مِيرَاثَ كَالْأَدَبِ وَ لاَ ظَهِيرَ كَالْمُشَاوَرَةِ « لا غنى كالعقل » قال ابن أبي الحديد : في ( كامل المبرد ) قال أبو عبد اللَّهعليه‌السلام : خمس من لم تكن فيه ، لم يكن فيه كثير مستمتع : العقل ، و الدين ، و الأدب ، و الحياء ، و حسن الخلق(١) .

و قال أيضا : لم يقسم بين الناس شي‏ء أقل من خمس : اليقين و القناعة و الصبر و الشكر و الخامسة التي يكمل بها هذا كلّه العقل(٢) .

و قال أيضا : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان اللَّه ليبغض الضعيف الذي لا زبر له و الزبر العقل(٣) .

و قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما قسم اللَّه للعباد أفضل من العقل ، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل ، و فطر العاقل أفضل من صوم الجاهل ، و إقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل ، و ما بعث اللَّه رسولا حتى يستكمل فيه العقل حتى يكون عقله أفضل من عقول جميع امّته ، و ما يضمره في نفسه أفضل من

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٥ ، و أورده المجلسي في بحار الأنوار ١ : ٨٣ ، و لم نعثر عليه في الكامل ، لا في الطبعة البيروتية و لا في الطبعة المصرية القديمة و لا الحديثة ، و أيضا تمت مراجعة فهارس الكامل التي نظمها سيد كيلاني في الطبعة المصرية للناشر ( البابي ) و لربّما كان النصّ موجودا في الكتاب أيم ابن أبي الحديد فسقط مثله مثل الكثير من النصوص التي سقطت أما سهوا أو عمدا و قد نقل العلاّمة التستري النصّ من ابن أبي الحديد .

( ٢ ) أورده المجلس عن أبي الوليد عن ابن مطان عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام قال : لم يقسم بين العباد أقل من خمس : اليقين و القنوع و الصبر و الشكر ، و الذي يكمل به هذا كله العقل ، بحار الأنوار ١ : ٨٧ و ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ١٨٥ .

( ٣ ) معاني الأخبار للصدوق ٢ : ٣٤٤ ح ١ ، و ذكره ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٥ .

٢٤٢

اجتهاد جميع المجتهدين ، و ما أدّى العبد فرائض اللَّه تعالى حتى عقل عنه ، و لا يبلغ جميع العابدين في عباداتهم ما يبلغه العاقل ، و العقلاء هم أولو الألباب الذين قال تعالى عنهم و ما يَذَّكَّرُ إلاّ أولوا الألباب(١) .

و قال رجل من أصحاب أبي عبد اللَّهعليه‌السلام و قد سمعه يقول بل يروى مرفوعا ( إذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله فإنّما يجازى بعقله ) يا ابن رسول اللَّه إنّ لي جارا كثير الصدقة كثير الصلاة كثير الحجّ .

فقال : كيف عقله ؟ فقال : ليس له عقل فقال : لا يرتفع بذاك منه(٢) .

و قال : ما بعث اللَّه نبيّا إلاّ عاقلا ، و بعض النبيين أرجح من بعض ، و ما استخلف داود سليمان حتى اختبر عقله و هو ابن ثلاث عشرة سنة ، فمكث في ملكه ثلاثين سنة(٣) .

و قال : صديق كل امرى‏ء عقله ، و عدوّه جهله(٤) .

و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّا معاشر الأنبياء نكلّم الناس على قدر عقولهم(٥) .

و سئل ما العقل ؟ فقال : ما عبد به الرحمن ، و اكتسب به الجنان(٦) .

و قال : سئل الحسن بن عليعليهما‌السلام عن العقل فقال : التجرّع للغصة ،

____________________

( ١ ) مرّ ذكره في الصفحة ١٣ ، و ذكره ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٥ ١٨٦ و الآية ٢٦٩ من سورة البقرة .

( ٢ ) أخرجه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي عبد اللَّه ، الكافي ١ : ٢٤ ح ١٩ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٦ .

( ٤ ) أخرجه الكليني عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن الجهم قال : سمعت الإمام الرضاعليه‌السلام يقول : . إلى آخر الحديث الكافي ١ : ١١ ح ٤ و ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ١٨٦ .

( ٥ ) أورده الحراني في تحف العقول بهذا اللفظ : إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلّم . : ٢٦ و أورده العقيلي في الضعفاء بلفظ « أمرنا أن نكلّم » ١ : ٨٥ و في : ١٠٦ بدون هذا اللفظ .

( ٦ ) أخرجه الكليني عن أحمد بن إدريس عن محمّد بن عيد الجيار عن بعض الأصحاب رفعه إلى أبي عبد اللَّهعليه‌السلام ١ :

١١ ح ٣ و ذكره ابن أبي الحديد بسنده عن أبي العباس المبرد ١٨ : ١٨٦ .

٢٤٣

و مداهنة الأعداء(١) .

و قالعليه‌السلام : العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه ، و لا يسأل من يخاف منعه ، و لا يثق بمن يخاف غدره ، و لا يرجو من لا يوثق برجائه(٢) .

و قال : قال المبرد : روي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : كان موسىعليه‌السلام يدني رجلا لطول سجوده و طول صمته ، فلا يكاد يذهب إلى موضع إلاّ هو معه ، فبينا هو يوما من الإمام إذ مرّ على أرض معشبة تهتزّ ، فتأوّه الرجل ، فقال له موسىعليه‌السلام : على ماذا تأوهت ؟ قال : تمنيت أن يكون لربي حمار أرعاه هنا .

فأكبّ موسىعليه‌السلام طويلا ببصره إلى الأرض اغتماما بما سمع منه ، فانحطّ عليه الوحي : ما الذي أنكرت من مقالة عبدي ، إنّما آخذ عبادي على قدر ما آتيتهم(٣) .

قال : و روى عن عليعليه‌السلام : هبط جبرئيل على آدمعليه‌السلام بثلاث ليختار واحدة و يدع اثنتين ، و هي العقل و الحياء و الدين ، فاختار العقل فقال جبرئيل :

للحياء و الدين انصرفا ، فقالا : إنّا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان فقال :

فشأنكما ، ففاز بالثلاث(٤) .

قلت : و في السير : أتى نصيب الشاعر عبد الملك ، فأنشده فاستحسن شعره و وصله ثم دعا بالطعام فأكل معه ، فقال له : هل لك في المنادمة ؟ فقال له : تأمّلني قال : قد أراك قال : جلدي أسود و خلقي مشوّه و وجهي قبيح و لست في منصب ، و إنّما بلغ بي مجالستك و مؤاكتك عقلي ، و أنا أكره أن أدخل عليه

____________________

( ١ ) بحار الأنوار ١ : ١٣٠ ، بحار الأنوار ٧٥ : ٣٩٤ و عن أمير المؤمنين مثله و زاده مداراة الأصدقاء و ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ١٨٦ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ ، و ذكره الصدوق في المواعظ : ١٢٥ ح ١ .

٢٤٤

ما ينقصه ، فأعجبه كلامه فأعفاه(١) .

« و لا فقر كالجهل » قال شاعر :

و لم أر مثل الجهل أدنى إلى الردى

و لا مثل بغض الناس غمض صاحبه

أيضا :

تعلم فليس المرء يولد عالما

و ليس أخو علم كمن هو جاهل

و إنّ كبير القوم لا علم عنده

صغير إذا التفّت عليه المحافل(٢)

و في ( عيون ابن قتيبة ) : خرج الوليد بن يزيد حاجّا و معه عبد اللَّه بن معاوية بن عبد اللَّه بن جعفر ، فكانا ببعض الطريق يلعبان بالشطرنج ، فاستأذن عليه رجل من ثقيف ، فأذن له و ستر الشطرنج بمنديل ، فلمّا دخل سلّم فسأله حاجته فقال له الوليد : أقرأت القرآن قال : لا قال : أفتعرف الفقه قال : لا قال :

أفرويت من الشعر شيئا ؟ قال : لا قال : أفعلمت من أيام العرب شيئا ؟ قال : لا .

فكشف الوليد المنديل و قال لعبد اللَّه ما معنا أحد(٣) .

و في السير : لمّا قدم عبد الملك الكوفة بعد قتل مصعب ، جلس لعرض أحياء العرب ، فقام إليه معبد الجدلي و كان قصيرا دميما فتقدّمه إليه رجل حسن الهيئة ، فنظر إليه عبد الملك و قال : من أنت ؟ فسكت و لم يقل شيئا قال معبد و كان منّا فقلت من خلفه : نحن من جديلة ، فأقبل على الرجل و تركني و قال له : من أيّكم ذو الأصبع قال الرجل : لا أدري قلت : كان عدوانيا ، فأقبل على الرجل و تركني و قال له : لم سمّي ذو الاصبع قال : لا أدري قلت : نهشته حيّة في اصبعه فيبست فأقبل على الرجل و تركني فقال : و بم كان يسمّى قبل

____________________

( ١ ) ذكره المبرد الحكاية في ( الفاضل ) : ٣١٧ و نسب الحكاية إلى عبد اللَّه بن جعفر و ليس عبد الملك بن مروان .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٣١ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ١٢٠ ١٢١ بتصرف .

٢٤٥

ذلك ؟ قال : لا أدري قلت : كان يسمّى حرثان فأقبل على الرجل و تركني و قال له : من أيّ عدوان كان ؟ فقلت من خلفه : من بني ناج الذين يقول فيهم الشاعر :

و أمّا بنو ناج فلا تذكرنّهم

و لا تتبعن عينيك ما كان هالكا

إذا قلت معروفا لاصلح بينهم

يقول و هيب لا اسلّم ذلكا

فأضحى كظهر الفحل جُبّ سنامه

يدبّ إلى الأعداء أحدب باركا

فأقبل على الرجل و تركني فقال له : أنشدني قوله

« عذير الحي من عدوان »

قال : لا أدري قلت : إن شئت أنشدتك قال : ادنّ منّي فإنّي أراك بقومك عالما ، فأنشدته أبياته فقال للرجل : كم عطاؤك ؟ قال : ألفان و قال لي : كم عطاؤك ؟ قلت : خمسمائة فأقبل على كاتبه و قال : إجعل الألفين لهذا و الخمسمائة لهذا ، فانصرفت بها(١) .

« و لا ميراث كالأدب » في أدب كاتب الصولي : قال فضل البريدي : كان ولد محمد بن نصر بن بسّام يقرأون عليّ الشعر ، و كذلك أولاد عبد اللَّه بن إسحاق بن إبراهيم و كانوا ادباء ، و كان محمد بن نصر و عبد اللَّه بن إسحاق منفردين ، فجلسا يوما في مجلس فيه أولادهما و مدّت ستارة لم يسمع الناس بأحذق في الغناء ممّن خلفها ، و في المجلس ما يكون مثله في مجالس الخلفاء و أزيد ، فغنت صاحبة الستارة شعرا لجرير :

ألا حيّ الديار بسعد(٢) إني

أحبّ لحبّ فاطمة الديارا

فقال عبد اللَّه لمحمد : لو لا جهل الأعراب ما معنى السعد ها هنا .

فقال محمد : لا تغفل ، فإنّه يقوّي معدهم و يصلح أسنانهم .

قال فضل البريدي : فقال لي علي بن محمد : يا استاذ إصفع أيّا شئت

____________________

( ١ ) الأغاني للأصفهاني ٣ : ٩١ ٩٢ و ذكره شرح ابن أبي الحديد مع فارق في شرح نهج البلاغة ١٨ : ٩٥ .

( ٢ ) سعد : بالضم موضع بنجد .

٢٤٦

منهما و اجعله أبي(١) .

و في ( بيان الجاحظ ) : لحن الوليد بن عبد الملك على المنبر ، فقال الكروس : لا و اللَّه ان رأيته على هذه الأعواد قط فأمكنني أن أملأ عينيّ منه ، من كثرته في عيني و جلالته ، فإذا لحن هذا اللحن الفاحش صار عندي كبعض أعوانه قال عبد الملك : أضرّ بالوليد حبّنا له فلم نوجهه إلى البادية(٢) .

و من الادباء في عصر السفّاح ، خالد بن صفوان الذي نقل ( مروج المسعودي ) عنه مباحثة بين رجل و امرأة و أن المرأة تقول للرجل : من أي قبيلة أنت ؟ فيقول الرجل : من القبيلة الفلانية فتقول المرأة هذه القبيلة : قال الشاعر فيها : و تذكر أبيات هجو و يقول الرجل بل من قبيلة اخرى ، فتفعل كذلك في كلّ قبيلة سمّاها حتى قبيلة هاشم ، فقال السفّاح لخالد : إن كنت تقوّلت هذا الخبر و نظمت فيمن ذكرت هذه الأشعار ، فأنت سيّد الكاذبين ، و ان كان الخبر حقّا فتلك المرأة من أحضر الناس جوابا و أبصرهم بمثالب الناس(٣) .

و كان الجاحظ يتعجّب من قول خالد في وصف أهل اليمن أنّهم بين حائك برد ، و دابغ جلد ، ملكتهم امرأة ، و أغرقتهم فأرة ، و دلّ عليهم هدهد(٤) .

و من الأدباء في عصر المتوكل ، أبو العيناء ، كان آية عجيبة في ذلك(٥) .

و قال ابن أبي الحديد : في حكم الفرس عن بزرجمهر : ما ورّثت الآباء أبناءها شيئا أفضل من الأدب ، لأنّها إذا ورّثتها الأدب اكتسبت بالأدب المال ،

____________________

( ١ ) الصولي ، أدب الكتاب : ١٧١ .

( ٢ ) البيان و التبيين للجاحظ ٢ : ٢٠٥ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٢٧١ .

( ٤ ) ذكره شرح ابن أبي الحديد و نسبه إلى خالد بن صفوان ١ : ٢٩٧ .

( ٥ ) هو أبو عبد اللَّه محمد بن القاسم صاحب النوادر و الشعر و الأدب ، أصله من اليمامة و مولده الأهواز و منشؤه البصرة ( وفيات الاعيان لابن خلكان ٤ : ٣٤٣ ) .

٢٤٧

و إذا ورّثتها المال بلا أدب أتلفتها بالجهل و قعدت صفرا من المال و الأدب(١) .

و قال بعض الحكماء : من أدب ولده صغيرا سرّ به كبيرا(٢) .

و ثلاثة لا غربة معهن ، مجانبة الريب ، و حسن الأدب ، و كفّ الأذى(٣) .

و عليكم بالأدب ، فانّه صاحب في السفر ، و مؤنس في الوحدة ، و جمال في المحفل ، و سبب إلى طلب الحاجة(٤) .

و قال بزرجمهر : من كثر أدبه كثر شرفه و ان كان قبل وضيعا ، و بعد صيته و إن كان خاملا ، و ساد و إن كان غريبا ، و كثرت الحاجة إليه و إن كان مقلاّ(٥) .

و قال بعض الملوك لبعض وزرائه : ما خير ما يرزقه العبد ؟ قال : عقل يعيش به قال : فان عدمه ؟ قال : أدب يتحلّى به قال : فان عدمه ؟ قال : مال يستتر به قال : فان عدمه ؟ قال : صاعقة تحرقه فتريح منه العباد و البلاد(٦) .

« و لا ظهير كالمشاورة » قال أعرابي : ما غبنت حتى يغبن قومي قيل له :

كيف ذلك ؟ قال : لأني لا أفعل شيئا حتى أشاورهم(٧) .

و قال بشّار :

إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن

بحزم نصيح أو نصاحة حازم

و لا تجعل الشورى عليك غضاضة

فريش الخوافي تابع للقوادم(٨)

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) المصدر نفسه .

( ٤ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٧٤ ، و أيضا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٨ : ١٨٨ .

( ٥ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٧٤ ، و أيضا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٨ : ١٨٨ .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٨ .

( ٧ ) ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار ١ : ٣٢ ، و ذكره ابن عبد ربه بلفظ مشابه في العقد الفريد ٢ : ٤١٣ .

( ٨ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣٨٣ و عجز البيت الثاني فيه فإن الخوافي عدّة للقوادم في الشعر و الشعراء : ٨٤ باللفظ

٢٤٨

و عن الأصمعي قلت لبشّار : رأيت رجال الرأي يعجبون من أبياتك في المشورة فقال : أو ما علمت أنّ المشاور بين احدى الحسنيين : صواب يفوز بثمرته ، أو خطأ يشارك في مكروهه فقلت له : أنت و اللَّه في هذا الكلام أشعر منك في شعرك(١) .

و في ( المبهج ) : ثمرة رأي الأديب المشير أحلى من الأرى(٢) المشور(٣) .

٦ الخطبة ( ١٠١ ) ( و منها ) :

اَلْعَالِمُ مَنْ عَرَفَ قَدْرَهُ وَ كَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلاً أَلاَّ يَعْرِفَ قَدْرَهُ وَ إِنَّ مِنْ أَبْغَضِ اَلرِّجَالِ إِلَى اَللَّهِ لَعَبْداً وَكَلَهُ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَفْسِهِ جَائِراً عَنْ قَصْدِ اَلسَّبِيلِ سَائِراً بِغَيْرِ دَلِيلٍ إِنْ دُعِيَ إِلَى حَرْثِ اَلدُّنْيَا عَمِلَ وَ إِنْ دُعِيَ إِلَى حَرْثِ اَلْآخِرَةِ كَسِلَ كَأَنَّ مَا عَمِلَ لَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَ كَأَنَّ مَا وَنَى فِيهِ سَاقِطٌ عَنْهُ « و منها » هكذا في الطبعة ( المصرية )(٤) ، و الصواب : ( منها ) كما في ابن أبي الآتي و ذكره ابن قتيبة :

إذا بلغ الرأي النصيحة فاستعن

برأي نصيح أو نصيحة حازم

و لا تحسب الشورى عليك غضاضة

فإن الخوافى راد فات القوادم

____________________

( ١ ) ذكره الجرجاني في الكنايات : ٦٠ بهذا اللفظ :

قال الأصمعي : قلت لبشار ما احسن ابياتك يا أبا معاذ يريدها فقال : أو ما علمت ان المشاورة بين إحدى الحسنيين ، صواب يفوز بثمرته أو خطأ يشارك في مكروهه ، فقلت له هذا و اللَّه أحسن من الشعر .

( ٢ ) الأرى : العسل .

( ٣ ) ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ٣٨٣ بقوله : و من ألفاظهم البديعة و لم يشر إلى قائله ، و لم نعثر على كتاب المبهج .

( ٤ ) في النسخة المصرية المنقحة ٢٤٨ : ( منها ) .

٢٤٩

الحديد(١) و ابن ميثم(٢) و الخطية(٣) ، و لأنه لا وجه للعطف .

« العالم من عرف قدره ، و كفى بالمرء جهلا ألاّ يعرف قدره » في ( الكافي ) عنهعليه‌السلام : ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه ، و لا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه(٤) .

« و ان من أبغض الرجال إلى اللَّه » ليست كلمة « إلى اللَّه » في الطبعة ( المصرية ) مع انّها موجودة في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) و الخطية(٥) .

« لعبدا وكله اللَّه إلى نفسه جائرا عن قصد السبيل » أي : مائلا عن عدل الطريق .

« سائرا بغير دليل » و لا بد في مثله أن يضلّ و لا يصل إلى مقصد .

و روى ( بدع الكافي ) عنهعليه‌السلام : إنّ من أبغض الخلق إلى اللَّه تعالى لرجلين : رجلا وكله اللَّه تعالى إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل مشعوف بكلام بدعة قد لهج بالصوم و الصلاة ، فهو فتنة لمن افتتن به ضالّ عن هدى من كان قبله مضلّ لمن اقتدى به في حياته و بعد موته ، حمّال خطايا غيره ، رهن بخطيئته(٦) .

« إن دعي إلى حرث الدّنيا عمل ، و إن دعي إلى حرث الآخرة كسل ، كأنّ ما عمل له واجب عليه ، و كأن ماونى » أي : ضعف و فتر .

« فيه ساقط عنه » .

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ١٠٧ .

( ٢ ) شرح ابن ميثم ٣ : ١٨ .

( ٣ ) النسخة الخطية ( المرعشي ) : ٨٥ .

( ٤ ) الكافي للكليني ١ : ٥١ ح ١٤ ، أخرجه عن أبي عائشة البصري مرفوعا .

( ٥ ) النسخة المصرية المصححة تتضمن لفظ « إلى اللَّه » خلافا لمّا ذكر و المتعلق بالنسخة القديمة .

( ٦ ) الاصول الكافي للكليني ١ : ٥٥ ح ٦ أخرجه عن مسعدة بن صدقة .

٢٥٠

روى ( الكافي ) عنهعليه‌السلام قال : أيّها الناس إعلموا أنّ كمال الدين طلب العلم و العمل به ، ألا و إنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال ، إنّ المال مقسوم مضمون لكم ، قد قسّمه عادل بينكم و ضمنه و سيفي لكم ، و العلم مخزون عند أهله و قد امرتم بطلبه من أهله فاطلبوه(١) .

و قد نظم البهائي « ره » مضمون قولهعليه‌السلام ( ان دعي إلى حرث الدّنيا عمل و ان دعي إلى حرث الآخرة كسل ) بالفارسية ، فقال مشيرا إلى الحرثين :

در ره آن تيز هوش و زيركى

در ره اين كند فهم و احمقى

در ره آن ميدوى از جان و دل

در ره اين ميروى چون خر به گل(٢)

٧ الحكمة ( ١١٣ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ مَالَ أَعْوَدُ مِنَ اَلْعَقْلِ وَ لاَ وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ اَلْعُجْبِ وَ لاَ عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَ لاَ كَرَمَ كَالتَّقْوَى وَ لاَ قَرِينَ كَحُسْنِ اَلْخُلُقِ وَ لاَ مِيرَاثَ كَالْأَدَبِ وَ لاَ قَائِدَ كَالتَّوْفِيقِ وَ لاَ تِجَارَةَ كَالْعَمَلِ اَلصَّالِحِ وَ لاَ رِبْحَ كَالثَّوَابِ وَ لاَ وَرَعَ كَالْوُقُوفِ عِنْدَ اَلشُّبْهَةِ وَ لاَ زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي اَلْحَرَامِ وَ لاَ عِلْمَ كَالتَّفَكُّرِ وَ لاَ عِبَادَةَ كَأَدَاءِ اَلْفَرَائِضِ وَ لاَ إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَ اَلصَّبْرِ وَ لاَ حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ وَ لاَ شَرَفَ كَالْعِلْمِ وَ لاَ مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ اَلْمُشَاوَرَةِ أقول : هو جزء خطبة الوسيلة التي خطبعليه‌السلام بها لسبعة أيام من وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كما رواه ( روضة الكافي ) عن الباقرعليه‌السلام ، لكن فيه : أيها الناس

____________________

( ١ ) من الكافي للكليني ١ : ٣٠ ٣١ ح ٤ ، أخرجه عن أبي اسحاق السبيعي عمّن حدّثه .

( ٢ ) ورد في ( الكليات ) باختلاف طفيف ، راجع كليات الشيخ البهائي : ١٧ .

٢٥١

إنّه لا مال أعود من العقل ، و لا فقر أشدّ من الجهل ، و لا واعظ أبلغ من النصح ، و لا عقل كالتدبّر ، و لا علم كالتفكّر ، و لا مظاهرة أوثق من المشاورة ، و لا وحشة أشدّ من العجب ، و لا ورع كالكفّ عن المحارم ، و لا حلم كالصبر و الصمت(١) .

« لا مال أعود من العقل » في ( كنز الكراجكي ) قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

العقل ولادة ، و العلم إفادة ، و مجالسة العلماء زيادة(٢) .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ليس بين الإيمان و الكفر إلاّ قلّة العقل(٣) .

قيل : و كيف ذاك ؟ قال : ان العبد يرفع رغبته إلى مخلوق ، فلو أخلص نيّته للَّه لأتاه الذي يريد في أسرع من ذلك(٤) .

و في ( عيون القتيبي ) : لو صور العقل لا ظلمت معه الشمس(٥) .

« و لا وحدة أوحش من العجب » في ( عقاب الأعمال ) عن أبي جعفرعليه‌السلام : انّ اللَّه تعالى فوّض الأمر إلى ملك من الملائكة فخلق سبع سماوات و سبع أرضين و أشياء فلما رأى الأشياء قد انقادت له قال : من مثلي ؟ فأرسل اللَّه تعالى نويرة من نار مثل انملة ، فاستقبلها بجميع ما خلق حتى وصلت إليه لمّا أن دخله العجب(٦) .

و في ( تفسير القمي ) : لمّا كلّم اللَّه تعالى موسىعليه‌السلام و أنزل عليه الألواح رجع إلى بني اسرائيل ، فصعد المنبر فأخبرهم أنّ اللَّه كلّمه و أنزل عليه التوراة

____________________

( ١ ) الروضة من الكافي للكليني ٨ : ١٨ ح ٤ .

( ٢ ) كنز الفوائد للكراجكي ١ : ٥٦ .

( ٣ ) يعني ان قليل العقل متوسط بين المؤمن و الكافر ، فليس مؤمنا حقيقيا كاملا لمّا فيه من قصور العقل .

( ٤ ) الكافي للكليني ١ : ٢٨ ح ٣٣ اسنده إلى محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن بعض الأصحاب عن الإمام الصادقعليه‌السلام .

( ٥ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٨٠ نقلا عن أعرابي .

( ٦ ) ثواب الأعمال و عقاب الأعمال للصدوق : ٥٧١ .

٢٥٢

ثم قال في نفسه : ما خلق اللَّه خلقا أعلم منّي فأوحى اللَّه تعالى إلى جبرئيل أدرك موسى فقد هلك ، و أعلمه أنّ عند ملتقى البحرين عند الصخرة الكبيرة رجلا أعلم منك فصر إليه و تعلّم من علمه ، فنزل جبرئيل على موسىعليه‌السلام و أخبره بذلك .(١) .

« و لا عقل كالتدبير » قد عرفت أن ( روضة الكافي ) رواه « و لا عقل كالتدبّر » و كلاهما صحيح في نفسه(٢) .

و في الخبر : ينبغي للعاقل أن لا يرى إلاّ في إحدى ثلاث تزود لمعاد ، أو مرمّة لمعاش ، أو لذّة في غير محرم ، و ينبغي للعاقل أن يكون عارفا بزمانه ، حافظا للسانه ، مقبلا على شأنه(٣) .

و عن الباقرعليه‌السلام : الكمال كل الكمال ، التفقّه في الدين ، و الصبر على النّائبة ، و تقدير المعيشة(٤) .

« و لا كرم كالتقوى » :

إذا أنت لم تلبس لباسا من التقى

تقلّبت عريانا و إن كنت كاسيا

« و لا قرين كحسن الخلق » عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا زعيم بيت في ربض الجنّة و بيت في وسط الجنّة و بيت في أعلى الجنّة لمن ترك المراء و ان كان محقّا ، و لمن ترك الكذب و إن كان هازلا ، و لمن حسّن خلقه(٥) .

____________________

( ١ ) تفسير القمي ٢ : ٣٧ .

( ٢ ) الروضة من الكافي للكليني ٨ : ١٨ ح ٤ .

( ٣ ) أورده المجلسي في بحار الأنوار ٧٧ : ٤٩ عن الإمام الرضاعليه‌السلام بلفظ : لا ينبغي للعاقل أن يكون ضاعنا الاّ في ثلاث : حرمة لمعاش و تزود لمعاد ، أو لذّة في غير محرم .

( ٤ ) الاصول من الكافي للكليني ١ : ٣٢ ح ٤ و أخرجه عن محمّد بن إسماعيل نقله المجلسي في بحار الأنوار ٧٨ :

١٧٢ .

( ٥ ) أخرجه أبو داود عن محمّد بن عثمان في ( سننه ) بلفظ « أنا زعيم ببيت في ربض » سنن أبي داود ٤ : ٢٥٣ ح ٤٨٠٠ .

كذا أخرجه المنذري في الترغيب و الترهيب عن معاذ بن جبل بلفظ « ببيت » أيضا و بدلا من « هازلا » ذكر « مازحا »

٢٥٣

و في ( تاريخ بغداد ) : كان الفضل بن يحيى عبسا بسرا و كان سخيا كريما ، و كان أخوه جعفر طلقا بشرا و كان بخيلا لا عطاء له ، و كان الناس إلى لقاء جعفر أميل منهم إلى لقاء الفضل(١) .

قلت : فكان الفضل كمن قيل فيه بالفارسية « من عطايش را بلقايش بخشيدم » .

« و لا ميراث كالأدب » قال الشعبي : حلي الرجال العربية و حلي النساء الشحم .

و قال سعيد بن سلم : دخلت على الرشيد فبهرني هيبة و جمالا ، فلما لحن خفّ في عيني(٢) .

و قال أبو عمرو الشيباني : تكلّم المنصور في مجلس فيه أعرابي فلحن ، فصرّ الأعرابي اذنيه ، فلحن مرّة اخرى أعظم من الاولى فقال الأعرابي : افّ لهذا ما هذا ؟ ثم تكلّم فلحن الثالثة فقال الأعرابي : أشهد لقد وليت هذا الأمر بقضاء و قدر(٣) .

و عن الضحّاك السّكسكي قال : كنّا مع سليمان بن عبد الملك بدابق إذ قام إليه السحّاح الأزدي الموصلي فقال : إنّ أبينا هلك و ترك مال كثير ، فوثب أخانا على مال أبانا فأخذه فقال سليمان : فلا رحم اللَّه أباك ، و لا نيح عظام أخيك ، و لا بارك لك في ما ورثت أخرجوا هذا اللّحّان عنّي ، فأخذ بيده بعض الشاكرية فقال : قم فقد آذيت أمير المؤمنين بالضم فقال سليمان : و هذا انظر المنذري : الترغيب و الترهيب ١١ : ١٣ .

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١٢ : ٣٣٤ .

( ٢ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٨٣ و نسبه ابن قتيبة في عيون الأخبار ٤ : ٣٠ إلى ابن شبرمة .

( ٣ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٨٤ .

٢٥٤

العاض بظر امّه ، إسحبوا برجله(١) .

و أخذ عبد الملك رجلا كان يرى رأي الخوارج فقال له ألست القائل :

و منّا سويد و البطين و قعنب

و منّا أمير المؤمنين شبيب

فقال : إنّما قلت : « أمير المؤمنين » أي : يا أمير المؤمنين ، فأمر بتخلية سبيله(٢) .

و قال رجل للحسن : ما تقول في من ترك أبيه و أخيه ؟ فقال الحسن : ترك أباه و أخاه فقال الرجل : فما لأباه و أخاه قال الحسن : إنّما هو « فما لأبيه و أخيه » فقال الرجل : ما أشد خلافك عليّ قال : أنت أشد خلافا عليّ ، أدعوك إلى الصواب و تدعوني إلى الخطأ(٣) .

و عن ابن المبارك : تعلّموا العلم شهرا و الأدب شهرين(٤) .

و قال رجل لبنيه : أصلحوا من ألسنتكم ، فإنّ الرجل تنوبه النائبة يحتاج أن يتجمّل فيها فيستعير من أخيه دابّة و من صديقه ثوبا و لا يجد من يعيره لسانا(٥) .

« و لا قائد كالتوفيق » من اللَّه تعالى .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور فأضاء لها سمعه و قلبه ثم تلا هذه الآية فمن يرد اللَّه أن يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقا حرجا

____________________

( ١ ) المصدر نفسه .

( ٢ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ١ : ٨٨ ، و ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار ٢ : ١٥٥ .

( ٣ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ١ : ٨٧ .

( ٤ ) المصدر نفسه ١ : ٨٩ .

( ٥ ) المصدر نفسه .

٢٥٥

كأنّما يصَّعَّد في السماء(١) .

« و لا تجارة كالعمل الصالح » في أرباحها و الأمن من الخسران فيها .

( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللَّه كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبّة و اللَّه يضاعف لمن يشاء و اللَّه واسع عليم ) (٢) .

« و لا ربح كالثواب » في الخبر : ينادي ملك كلّ يوم : يا صاحب الخير أتمّ و أبشر(٣) .

« و لا ورع كالوقوف عند الشبهة » لئلاّ يقع في الحرام فيهلك .

« و لا زهد كالزّهد في الحرام » و أمّا الزهد في المباح فليس بذاك ، قال تعالى :

( قل من حرّم زينة اللَّه الّتي أخرج لعباده و الطيّبات من الرزق ) (٤) .

« و لا علم كالتفكر » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : أفضل العبادة إدمان التفكّر في اللَّه و في قدرته(٥) .

و عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : التفكّر يدعو إلى البر و العمل به ، نبّه بالتفكّر قلبك و جاف عن الناس جنبك و اتّق اللَّه ربّك(٦) .

و في الخبر : التفكر مرآتك تريك سيئاتك و حسناتك(٧) .

« و لا عبادة كأداء الفرائض » في الخبر أعبد الناس من أقام الفرائض(٨) .

« و لا ايمان كالحياء و الصبر » أما الحياء ففي الكافي عن الصادقعليه‌السلام :

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ١ : ٣٤٣ ح ٣٠ و الآية ١٢٥ من سورة الأنعام .

( ٢ ) البقرة : ٢٦١ .

( ٣ ) بحار الأنوار للمجلسي ٥٨ : ١٤٣ مرويا عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام .

( ٤ ) الأعراف : ٣٢ .

( ٥ ) الكافي ٢ : ٥٤ ح ٢ .

( ٦ ) هما حديثان للإمام عليّعليه‌السلام بلفظ ( التفكير يدعو ) و ( جاف عن الليل ) ، الكافي ٢ : ٥٤ ٥٥ ح ١ و ٢ .

( ٧ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧١ : ٣٢٥ الرواية ١٩ .

( ٨ ) أخرجه الصدوق في معاني الأخبار عن أبي حمزة الثمالي عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ٢ : ١٩٥ ح ١ .

٢٥٦

الحياء و الايمان مقرونان في قرن ، فاذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه(١) .

و عنهعليه‌السلام : لا إيمان لمن لا حياء له و أمّا الصبر فهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد .

« و لا حسب كالتواضع » يقال : إسمان متضادّان بمعنى واحد التواضع و الشرف و عن الصادقعليه‌السلام : وقع بين سلمان الفارسي و رجل خصومة ، فقال الرجل لسلمان : من أنت ؟ فقال : سلمان ، أمّا أوّلي و أوّلك فنطفة قذرة ، و أما آخري و آخرك فجيفة منتنة ، فإذا كان يوم القيامة و وضعت الموازين فمن ثقل ميزانه فهو الكريم و من خف ميزانه فهو اللئيم .

« و لا شرف كالعلم » قال الباقرعليه‌السلام : عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد .

و أيّ شرف أعلى من شرف العلم و قد جعل اللَّه تعالى صاحب العلم رديف نفسه و ملائكته ، قال تعالى :( شهد اللَّه أنّه لا إله إلاّ هو و الملائكة و أولوا العلم ) (٢) .

« و لا مظاهرة أوثق من المشاورة » قال حكيم : إذا شاورت عاقلا صار عقله لك و قد قيل : نصف عقلك مع أخيك فاستشره .

و في الصديق و الصداقة للتوحيدي قال حكيم : إذا استشارك عدوّك فامحضه النصيحة ، فإنّه إن عمل برأيك و انتفع ندم على تفريطه في مناوأتك و أفضت عداوته إلى المودة ، و إن خالفك و استضرّ عرف قدر أمانتك بنصحه و بلغت مناك في مكروهه(٣) .

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ١٠٦ ح ٤ .

( ٢ ) آل عمران : ١٨ .

( ٣ ) لم نعثر على النصّ في الصداقة و الصديق لأبي حيان التوحيدي ( طبع مصر ) .

٢٥٧

٨ الحكمة ( ٢٥٩ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْوَفَاءُ لِأَهْلِ اَلْغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اَللَّهِ وَ اَلْغَدْرُ لِأَهْلِ اَلْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ اَللَّهِ في ( الطبري ) : كان مالك بن أبي السمح المغني و عمرو الوادي مع الوليد بن يزيد لمّا حصر ، فلما تفرّق أصحابه عنه قال مالك لعمرو : إذهب بنا فقال عمرو : ليس هذا من الوفاء و نحن لا يعرض لنا لأنّا لسنا ممّن يقاتل فقال له مالك : ويلك و اللَّه لئن ظفروا بنا لا يقتل أحد قبلي و قبلك فيوضع رأسه مع رأسينا و يقال للناس انظروا من كان معه في هذه الحال ، فلا يعيبونه بشي‏ء أشد من هذا ، فهربا و قتل و كان قتله سنة ( ١٢٦ ) .

و فيه بعد ذكر شفاعة عبد اللَّه بن عمر للمختار عند عاملي ابن الزبير على الكوفة لمّا حبساه دعواه فحلّفاه باللَّه الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم لا يبغيهما غائلة و لا يخرج عليهما ما كان لهما سلطان ، فان هو فعل فعليه ألف بدنة ينحرها عند رتاج الكعبة ، و مماليكه كلّهم ذكرهم و انثاهم احرار ، فحلف لهما بذلك ثم خرج فقال :

قاتلهم اللَّه ما أحمقهم حين يرون أنّي أفي لهم بأيمانهم هذه ، أمّا حلفي لهم باللَّه فانه ينبغي لي إذا حلفت على يمين فرأيت ما هو خير منها أن أدع ما حلفت عليه و آتي الذي هو خير و أكفر يميني ، و خروجي عليهم خير من كفّي عنهم .(١) .

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٥ : ٥٥٦ .

٢٥٨

٩ الخطبة ( ٣٢٧ ) و قالعليه‌السلام :

مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ اَلْإِثْمُ بِهِ وَ اَلْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ أقول : في ( اللهوف على قتلى الطفوف ) : أقبل ابن زياد على زينب فقال :

الحمد للَّه الذي فضحكم و أكذب أحدوثتكم فقالت : إنّما يفتضح الفاسق و يكذب الفاجر و هو غيرنا فقال : كيف رأيت صنع اللَّه بأخيك و بأهل بيتك ؟ فقالت : ما رأيت إلاّ جميلا ، هؤلاء قوم كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم و سيجمع اللَّه بينك و بينهم فتحاجّ و تخاصم ، فانظر لمن الفلج يومئذ(١) .

و ( فيه ) أيضا في شرح ورود أهل بيت الحسينعليه‌السلام على يزيد : فقامت زينب و قالت : أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض و آفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الاسارى ، أنّ بنا هوانا على اللَّه و بك عليه كرامة ؟ فشمخت بأنفك و نظرت في عطفك جذلان مسرورا حين رأيت لك الدنيا مستوسقة و الامور متّسقة ، و حين صفالك ملكنا و سلطاننا إلى أن قالت فكد كيدك واسع سعيك ، فو اللَّه لا تمحو ذكرنا و لا تميت وحينا و لا تدرك أمدنا و لا ترحض عنك عارها ، و هل رأيك إلاّ فندو أيّامك إلاّ عدد و جمعك إلاّ بدد ، و يوم يناد المناد ألا لعنة اللَّه على الظالمين(٢) .

هذا و قال ابن أبي الحديد : بعد العنوان « و نظير قولهعليه‌السلام هذا قوله : من قصّر في الخصومة ظُلِم و من بالغ فيها أثم »(٣) .

____________________

( ١ ) ابن طاووس ، اللهوف في قتلى الطفوف : ١٤٢ .

( ٢ ) المصدر نفسه : ١٦٤ ١٦٦ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٣٩ .

٢٥٩

قلت : أين ذاك الكلام من هذا الكلام ، فان كلاّ منهما في مقام ، فإنّ المقصود من ذاك أنّ الخصومة أمر يعسر معه القيام على الجادة الوسطى حتى لا يكون ظالما و لا مظلوما ، و أمّا هذا فالمراد به أنّ الظافر على صاحبه بالشر و الغالب عليه بالإثم مغلوب و منكوب في الحقيقة و ان كان في الظاهر غالبا و ظافرا .

و إنّما نظير قولهعليه‌السلام هذا قول ابنه الصادقعليه‌السلام حين دخل عليه رجلان مدارأة بينهما في خصومة ، فلما أن سمع كلامهما قال : « ما ظفر أحد بخير من ظفر بظلم ، أما إنّ المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر ممّا يأخذ الظالم من مال المظلوم ، من يفعل الشر بالناس فلا ينكر الشر إذا فعل به ، إنّما يحصد ابن آدم ما يزرع ، و ليس يحصد أحد من المرّ حلوا و من الحلو مرّا » فاصطلح الرجلان(١) .

١٠ الحكمة ( ٤٢٨ ) و قالعليه‌السلام في بعض الاعياد :

إِنَّمَا هُوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبِلَ اَللَّهُ صِيَامَهُ وَ شَكَرَ قِيَامَهُ وَ كُلُّ يَوْمٍ لاَ يُعْصَى اَللَّهُ فِيهِ فَهُوَ عِيدٌ « في بعض الأعياد » أي : الفطر بقرينة ذكر الصيام و القيام فيه .

« إنّما هو عيد لمن قبل اللَّه صيامه » و قبول الصيام بالكفّ عن جميع المحرّمات لا خصوص المفطرات ، و إنّما الكفّ عنها يوجب سقوط القضاء و الكفارة دون القبول .

ففي الخبر : ليس الصيام من الطعام و الشراب وحده ، إذا صمت فليصم

____________________

( ١ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧٥ : ٣٢٨ .

٢٦٠