بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة6%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247362 / تحميل: 8635
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

كذّابا ثم قال لهما : فردّاها عليه و أعلماه أنّه لا حاجة لي فيها و لا فيما عنده حتى ألقى اللَّه ربّي فيكون هو الحاكم بيني و بينه(١) .

و روى ( الكافي ) : ان رجلا من أصحاب أبي عبد اللَّهعليه‌السلام كان يدخل عليه فغبر زمانا(٢) لا يحجّ ، فدخل عليه بعض معارفه فقالعليه‌السلام : كيف فلان ؟ ما فعل ؟ قال : فجعل يضجع(٣) الكلام يظن انّهعليه‌السلام يعني الميسرة و الدنيا فقالعليه‌السلام له : كيف دينه ؟ فقال : كما تحبّ فقالعليه‌السلام : هو و اللَّه الغني(٤) .

و روى أن بلالا أقبل من جهة الحلبة ، فسأله رجل : من سبق ؟ قال :

المقرّبون قال : أسألك عن الخيل قال : و اجيبك عن الخير(٥) .

٤ الحكمة ( ٣٤ ) و قالعليه‌السلام :

أَشْرَفُ اَلْغِنَى تَرْكُ اَلْمُنَى أقول : نقله المصنف جزء عنوانه ٢١١ ٣ فذكره هنا تكرار ، و وجهه ما قاله في الديباجة من الاعتذار(٦) .

و كيف كان فوجه ما قالهعليه‌السلام ان من ترك المنى استغنى عن كثير من علائق الدنيا فيكون غناه أشرف غنى .

____________________

( ١ ) رجال الكشي : ٢٧ ٢٨ .

( ٢ ) غبر غبورا : مكث و في بعض النسخ ( فصبر زمانا ) .

( ٣ ) يضجع الكلام : أي يقصر فيه .

( ٤ ) الكافي ٢ : ٢١٦ ح ٤ .

( ٥ ) لم نعثر عليه في ترجمة بلال بن رباح انظر الاصابة ١ : ١٧٠ و طبقات ابن سعد ٣ : ٢٣٢ و حلية الأولياء ١ : ١٤٧ .

( ٦ ) في الكلمة التي أولها : الجود حارس الأعراض .

٢٤١

٥ الحكمة ( ٥٤ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ غِنَى كَالْعَقْلِ وَ لاَ فَقْرَ كَالْجَهْلِ وَ لاَ مِيرَاثَ كَالْأَدَبِ وَ لاَ ظَهِيرَ كَالْمُشَاوَرَةِ « لا غنى كالعقل » قال ابن أبي الحديد : في ( كامل المبرد ) قال أبو عبد اللَّهعليه‌السلام : خمس من لم تكن فيه ، لم يكن فيه كثير مستمتع : العقل ، و الدين ، و الأدب ، و الحياء ، و حسن الخلق(١) .

و قال أيضا : لم يقسم بين الناس شي‏ء أقل من خمس : اليقين و القناعة و الصبر و الشكر و الخامسة التي يكمل بها هذا كلّه العقل(٢) .

و قال أيضا : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان اللَّه ليبغض الضعيف الذي لا زبر له و الزبر العقل(٣) .

و قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما قسم اللَّه للعباد أفضل من العقل ، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل ، و فطر العاقل أفضل من صوم الجاهل ، و إقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل ، و ما بعث اللَّه رسولا حتى يستكمل فيه العقل حتى يكون عقله أفضل من عقول جميع امّته ، و ما يضمره في نفسه أفضل من

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٥ ، و أورده المجلسي في بحار الأنوار ١ : ٨٣ ، و لم نعثر عليه في الكامل ، لا في الطبعة البيروتية و لا في الطبعة المصرية القديمة و لا الحديثة ، و أيضا تمت مراجعة فهارس الكامل التي نظمها سيد كيلاني في الطبعة المصرية للناشر ( البابي ) و لربّما كان النصّ موجودا في الكتاب أيم ابن أبي الحديد فسقط مثله مثل الكثير من النصوص التي سقطت أما سهوا أو عمدا و قد نقل العلاّمة التستري النصّ من ابن أبي الحديد .

( ٢ ) أورده المجلس عن أبي الوليد عن ابن مطان عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام قال : لم يقسم بين العباد أقل من خمس : اليقين و القنوع و الصبر و الشكر ، و الذي يكمل به هذا كله العقل ، بحار الأنوار ١ : ٨٧ و ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ١٨٥ .

( ٣ ) معاني الأخبار للصدوق ٢ : ٣٤٤ ح ١ ، و ذكره ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٥ .

٢٤٢

اجتهاد جميع المجتهدين ، و ما أدّى العبد فرائض اللَّه تعالى حتى عقل عنه ، و لا يبلغ جميع العابدين في عباداتهم ما يبلغه العاقل ، و العقلاء هم أولو الألباب الذين قال تعالى عنهم و ما يَذَّكَّرُ إلاّ أولوا الألباب(١) .

و قال رجل من أصحاب أبي عبد اللَّهعليه‌السلام و قد سمعه يقول بل يروى مرفوعا ( إذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله فإنّما يجازى بعقله ) يا ابن رسول اللَّه إنّ لي جارا كثير الصدقة كثير الصلاة كثير الحجّ .

فقال : كيف عقله ؟ فقال : ليس له عقل فقال : لا يرتفع بذاك منه(٢) .

و قال : ما بعث اللَّه نبيّا إلاّ عاقلا ، و بعض النبيين أرجح من بعض ، و ما استخلف داود سليمان حتى اختبر عقله و هو ابن ثلاث عشرة سنة ، فمكث في ملكه ثلاثين سنة(٣) .

و قال : صديق كل امرى‏ء عقله ، و عدوّه جهله(٤) .

و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّا معاشر الأنبياء نكلّم الناس على قدر عقولهم(٥) .

و سئل ما العقل ؟ فقال : ما عبد به الرحمن ، و اكتسب به الجنان(٦) .

و قال : سئل الحسن بن عليعليهما‌السلام عن العقل فقال : التجرّع للغصة ،

____________________

( ١ ) مرّ ذكره في الصفحة ١٣ ، و ذكره ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٥ ١٨٦ و الآية ٢٦٩ من سورة البقرة .

( ٢ ) أخرجه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي عبد اللَّه ، الكافي ١ : ٢٤ ح ١٩ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٦ .

( ٤ ) أخرجه الكليني عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن الجهم قال : سمعت الإمام الرضاعليه‌السلام يقول : . إلى آخر الحديث الكافي ١ : ١١ ح ٤ و ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ١٨٦ .

( ٥ ) أورده الحراني في تحف العقول بهذا اللفظ : إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلّم . : ٢٦ و أورده العقيلي في الضعفاء بلفظ « أمرنا أن نكلّم » ١ : ٨٥ و في : ١٠٦ بدون هذا اللفظ .

( ٦ ) أخرجه الكليني عن أحمد بن إدريس عن محمّد بن عيد الجيار عن بعض الأصحاب رفعه إلى أبي عبد اللَّهعليه‌السلام ١ :

١١ ح ٣ و ذكره ابن أبي الحديد بسنده عن أبي العباس المبرد ١٨ : ١٨٦ .

٢٤٣

و مداهنة الأعداء(١) .

و قالعليه‌السلام : العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه ، و لا يسأل من يخاف منعه ، و لا يثق بمن يخاف غدره ، و لا يرجو من لا يوثق برجائه(٢) .

و قال : قال المبرد : روي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : كان موسىعليه‌السلام يدني رجلا لطول سجوده و طول صمته ، فلا يكاد يذهب إلى موضع إلاّ هو معه ، فبينا هو يوما من الإمام إذ مرّ على أرض معشبة تهتزّ ، فتأوّه الرجل ، فقال له موسىعليه‌السلام : على ماذا تأوهت ؟ قال : تمنيت أن يكون لربي حمار أرعاه هنا .

فأكبّ موسىعليه‌السلام طويلا ببصره إلى الأرض اغتماما بما سمع منه ، فانحطّ عليه الوحي : ما الذي أنكرت من مقالة عبدي ، إنّما آخذ عبادي على قدر ما آتيتهم(٣) .

قال : و روى عن عليعليه‌السلام : هبط جبرئيل على آدمعليه‌السلام بثلاث ليختار واحدة و يدع اثنتين ، و هي العقل و الحياء و الدين ، فاختار العقل فقال جبرئيل :

للحياء و الدين انصرفا ، فقالا : إنّا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان فقال :

فشأنكما ، ففاز بالثلاث(٤) .

قلت : و في السير : أتى نصيب الشاعر عبد الملك ، فأنشده فاستحسن شعره و وصله ثم دعا بالطعام فأكل معه ، فقال له : هل لك في المنادمة ؟ فقال له : تأمّلني قال : قد أراك قال : جلدي أسود و خلقي مشوّه و وجهي قبيح و لست في منصب ، و إنّما بلغ بي مجالستك و مؤاكتك عقلي ، و أنا أكره أن أدخل عليه

____________________

( ١ ) بحار الأنوار ١ : ١٣٠ ، بحار الأنوار ٧٥ : ٣٩٤ و عن أمير المؤمنين مثله و زاده مداراة الأصدقاء و ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ١٨٦ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ ، و ذكره الصدوق في المواعظ : ١٢٥ ح ١ .

٢٤٤

ما ينقصه ، فأعجبه كلامه فأعفاه(١) .

« و لا فقر كالجهل » قال شاعر :

و لم أر مثل الجهل أدنى إلى الردى

و لا مثل بغض الناس غمض صاحبه

أيضا :

تعلم فليس المرء يولد عالما

و ليس أخو علم كمن هو جاهل

و إنّ كبير القوم لا علم عنده

صغير إذا التفّت عليه المحافل(٢)

و في ( عيون ابن قتيبة ) : خرج الوليد بن يزيد حاجّا و معه عبد اللَّه بن معاوية بن عبد اللَّه بن جعفر ، فكانا ببعض الطريق يلعبان بالشطرنج ، فاستأذن عليه رجل من ثقيف ، فأذن له و ستر الشطرنج بمنديل ، فلمّا دخل سلّم فسأله حاجته فقال له الوليد : أقرأت القرآن قال : لا قال : أفتعرف الفقه قال : لا قال :

أفرويت من الشعر شيئا ؟ قال : لا قال : أفعلمت من أيام العرب شيئا ؟ قال : لا .

فكشف الوليد المنديل و قال لعبد اللَّه ما معنا أحد(٣) .

و في السير : لمّا قدم عبد الملك الكوفة بعد قتل مصعب ، جلس لعرض أحياء العرب ، فقام إليه معبد الجدلي و كان قصيرا دميما فتقدّمه إليه رجل حسن الهيئة ، فنظر إليه عبد الملك و قال : من أنت ؟ فسكت و لم يقل شيئا قال معبد و كان منّا فقلت من خلفه : نحن من جديلة ، فأقبل على الرجل و تركني و قال له : من أيّكم ذو الأصبع قال الرجل : لا أدري قلت : كان عدوانيا ، فأقبل على الرجل و تركني و قال له : لم سمّي ذو الاصبع قال : لا أدري قلت : نهشته حيّة في اصبعه فيبست فأقبل على الرجل و تركني فقال : و بم كان يسمّى قبل

____________________

( ١ ) ذكره المبرد الحكاية في ( الفاضل ) : ٣١٧ و نسب الحكاية إلى عبد اللَّه بن جعفر و ليس عبد الملك بن مروان .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٣١ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ١٢٠ ١٢١ بتصرف .

٢٤٥

ذلك ؟ قال : لا أدري قلت : كان يسمّى حرثان فأقبل على الرجل و تركني و قال له : من أيّ عدوان كان ؟ فقلت من خلفه : من بني ناج الذين يقول فيهم الشاعر :

و أمّا بنو ناج فلا تذكرنّهم

و لا تتبعن عينيك ما كان هالكا

إذا قلت معروفا لاصلح بينهم

يقول و هيب لا اسلّم ذلكا

فأضحى كظهر الفحل جُبّ سنامه

يدبّ إلى الأعداء أحدب باركا

فأقبل على الرجل و تركني فقال له : أنشدني قوله

« عذير الحي من عدوان »

قال : لا أدري قلت : إن شئت أنشدتك قال : ادنّ منّي فإنّي أراك بقومك عالما ، فأنشدته أبياته فقال للرجل : كم عطاؤك ؟ قال : ألفان و قال لي : كم عطاؤك ؟ قلت : خمسمائة فأقبل على كاتبه و قال : إجعل الألفين لهذا و الخمسمائة لهذا ، فانصرفت بها(١) .

« و لا ميراث كالأدب » في أدب كاتب الصولي : قال فضل البريدي : كان ولد محمد بن نصر بن بسّام يقرأون عليّ الشعر ، و كذلك أولاد عبد اللَّه بن إسحاق بن إبراهيم و كانوا ادباء ، و كان محمد بن نصر و عبد اللَّه بن إسحاق منفردين ، فجلسا يوما في مجلس فيه أولادهما و مدّت ستارة لم يسمع الناس بأحذق في الغناء ممّن خلفها ، و في المجلس ما يكون مثله في مجالس الخلفاء و أزيد ، فغنت صاحبة الستارة شعرا لجرير :

ألا حيّ الديار بسعد(٢) إني

أحبّ لحبّ فاطمة الديارا

فقال عبد اللَّه لمحمد : لو لا جهل الأعراب ما معنى السعد ها هنا .

فقال محمد : لا تغفل ، فإنّه يقوّي معدهم و يصلح أسنانهم .

قال فضل البريدي : فقال لي علي بن محمد : يا استاذ إصفع أيّا شئت

____________________

( ١ ) الأغاني للأصفهاني ٣ : ٩١ ٩٢ و ذكره شرح ابن أبي الحديد مع فارق في شرح نهج البلاغة ١٨ : ٩٥ .

( ٢ ) سعد : بالضم موضع بنجد .

٢٤٦

منهما و اجعله أبي(١) .

و في ( بيان الجاحظ ) : لحن الوليد بن عبد الملك على المنبر ، فقال الكروس : لا و اللَّه ان رأيته على هذه الأعواد قط فأمكنني أن أملأ عينيّ منه ، من كثرته في عيني و جلالته ، فإذا لحن هذا اللحن الفاحش صار عندي كبعض أعوانه قال عبد الملك : أضرّ بالوليد حبّنا له فلم نوجهه إلى البادية(٢) .

و من الادباء في عصر السفّاح ، خالد بن صفوان الذي نقل ( مروج المسعودي ) عنه مباحثة بين رجل و امرأة و أن المرأة تقول للرجل : من أي قبيلة أنت ؟ فيقول الرجل : من القبيلة الفلانية فتقول المرأة هذه القبيلة : قال الشاعر فيها : و تذكر أبيات هجو و يقول الرجل بل من قبيلة اخرى ، فتفعل كذلك في كلّ قبيلة سمّاها حتى قبيلة هاشم ، فقال السفّاح لخالد : إن كنت تقوّلت هذا الخبر و نظمت فيمن ذكرت هذه الأشعار ، فأنت سيّد الكاذبين ، و ان كان الخبر حقّا فتلك المرأة من أحضر الناس جوابا و أبصرهم بمثالب الناس(٣) .

و كان الجاحظ يتعجّب من قول خالد في وصف أهل اليمن أنّهم بين حائك برد ، و دابغ جلد ، ملكتهم امرأة ، و أغرقتهم فأرة ، و دلّ عليهم هدهد(٤) .

و من الأدباء في عصر المتوكل ، أبو العيناء ، كان آية عجيبة في ذلك(٥) .

و قال ابن أبي الحديد : في حكم الفرس عن بزرجمهر : ما ورّثت الآباء أبناءها شيئا أفضل من الأدب ، لأنّها إذا ورّثتها الأدب اكتسبت بالأدب المال ،

____________________

( ١ ) الصولي ، أدب الكتاب : ١٧١ .

( ٢ ) البيان و التبيين للجاحظ ٢ : ٢٠٥ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٢٧١ .

( ٤ ) ذكره شرح ابن أبي الحديد و نسبه إلى خالد بن صفوان ١ : ٢٩٧ .

( ٥ ) هو أبو عبد اللَّه محمد بن القاسم صاحب النوادر و الشعر و الأدب ، أصله من اليمامة و مولده الأهواز و منشؤه البصرة ( وفيات الاعيان لابن خلكان ٤ : ٣٤٣ ) .

٢٤٧

و إذا ورّثتها المال بلا أدب أتلفتها بالجهل و قعدت صفرا من المال و الأدب(١) .

و قال بعض الحكماء : من أدب ولده صغيرا سرّ به كبيرا(٢) .

و ثلاثة لا غربة معهن ، مجانبة الريب ، و حسن الأدب ، و كفّ الأذى(٣) .

و عليكم بالأدب ، فانّه صاحب في السفر ، و مؤنس في الوحدة ، و جمال في المحفل ، و سبب إلى طلب الحاجة(٤) .

و قال بزرجمهر : من كثر أدبه كثر شرفه و ان كان قبل وضيعا ، و بعد صيته و إن كان خاملا ، و ساد و إن كان غريبا ، و كثرت الحاجة إليه و إن كان مقلاّ(٥) .

و قال بعض الملوك لبعض وزرائه : ما خير ما يرزقه العبد ؟ قال : عقل يعيش به قال : فان عدمه ؟ قال : أدب يتحلّى به قال : فان عدمه ؟ قال : مال يستتر به قال : فان عدمه ؟ قال : صاعقة تحرقه فتريح منه العباد و البلاد(٦) .

« و لا ظهير كالمشاورة » قال أعرابي : ما غبنت حتى يغبن قومي قيل له :

كيف ذلك ؟ قال : لأني لا أفعل شيئا حتى أشاورهم(٧) .

و قال بشّار :

إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن

بحزم نصيح أو نصاحة حازم

و لا تجعل الشورى عليك غضاضة

فريش الخوافي تابع للقوادم(٨)

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) المصدر نفسه .

( ٤ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٧٤ ، و أيضا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٨ : ١٨٨ .

( ٥ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٧٤ ، و أيضا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٨ : ١٨٨ .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٨ .

( ٧ ) ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار ١ : ٣٢ ، و ذكره ابن عبد ربه بلفظ مشابه في العقد الفريد ٢ : ٤١٣ .

( ٨ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣٨٣ و عجز البيت الثاني فيه فإن الخوافي عدّة للقوادم في الشعر و الشعراء : ٨٤ باللفظ

٢٤٨

و عن الأصمعي قلت لبشّار : رأيت رجال الرأي يعجبون من أبياتك في المشورة فقال : أو ما علمت أنّ المشاور بين احدى الحسنيين : صواب يفوز بثمرته ، أو خطأ يشارك في مكروهه فقلت له : أنت و اللَّه في هذا الكلام أشعر منك في شعرك(١) .

و في ( المبهج ) : ثمرة رأي الأديب المشير أحلى من الأرى(٢) المشور(٣) .

٦ الخطبة ( ١٠١ ) ( و منها ) :

اَلْعَالِمُ مَنْ عَرَفَ قَدْرَهُ وَ كَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلاً أَلاَّ يَعْرِفَ قَدْرَهُ وَ إِنَّ مِنْ أَبْغَضِ اَلرِّجَالِ إِلَى اَللَّهِ لَعَبْداً وَكَلَهُ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَفْسِهِ جَائِراً عَنْ قَصْدِ اَلسَّبِيلِ سَائِراً بِغَيْرِ دَلِيلٍ إِنْ دُعِيَ إِلَى حَرْثِ اَلدُّنْيَا عَمِلَ وَ إِنْ دُعِيَ إِلَى حَرْثِ اَلْآخِرَةِ كَسِلَ كَأَنَّ مَا عَمِلَ لَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَ كَأَنَّ مَا وَنَى فِيهِ سَاقِطٌ عَنْهُ « و منها » هكذا في الطبعة ( المصرية )(٤) ، و الصواب : ( منها ) كما في ابن أبي الآتي و ذكره ابن قتيبة :

إذا بلغ الرأي النصيحة فاستعن

برأي نصيح أو نصيحة حازم

و لا تحسب الشورى عليك غضاضة

فإن الخوافى راد فات القوادم

____________________

( ١ ) ذكره الجرجاني في الكنايات : ٦٠ بهذا اللفظ :

قال الأصمعي : قلت لبشار ما احسن ابياتك يا أبا معاذ يريدها فقال : أو ما علمت ان المشاورة بين إحدى الحسنيين ، صواب يفوز بثمرته أو خطأ يشارك في مكروهه ، فقلت له هذا و اللَّه أحسن من الشعر .

( ٢ ) الأرى : العسل .

( ٣ ) ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ٣٨٣ بقوله : و من ألفاظهم البديعة و لم يشر إلى قائله ، و لم نعثر على كتاب المبهج .

( ٤ ) في النسخة المصرية المنقحة ٢٤٨ : ( منها ) .

٢٤٩

الحديد(١) و ابن ميثم(٢) و الخطية(٣) ، و لأنه لا وجه للعطف .

« العالم من عرف قدره ، و كفى بالمرء جهلا ألاّ يعرف قدره » في ( الكافي ) عنهعليه‌السلام : ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه ، و لا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه(٤) .

« و ان من أبغض الرجال إلى اللَّه » ليست كلمة « إلى اللَّه » في الطبعة ( المصرية ) مع انّها موجودة في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) و الخطية(٥) .

« لعبدا وكله اللَّه إلى نفسه جائرا عن قصد السبيل » أي : مائلا عن عدل الطريق .

« سائرا بغير دليل » و لا بد في مثله أن يضلّ و لا يصل إلى مقصد .

و روى ( بدع الكافي ) عنهعليه‌السلام : إنّ من أبغض الخلق إلى اللَّه تعالى لرجلين : رجلا وكله اللَّه تعالى إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل مشعوف بكلام بدعة قد لهج بالصوم و الصلاة ، فهو فتنة لمن افتتن به ضالّ عن هدى من كان قبله مضلّ لمن اقتدى به في حياته و بعد موته ، حمّال خطايا غيره ، رهن بخطيئته(٦) .

« إن دعي إلى حرث الدّنيا عمل ، و إن دعي إلى حرث الآخرة كسل ، كأنّ ما عمل له واجب عليه ، و كأن ماونى » أي : ضعف و فتر .

« فيه ساقط عنه » .

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ١٠٧ .

( ٢ ) شرح ابن ميثم ٣ : ١٨ .

( ٣ ) النسخة الخطية ( المرعشي ) : ٨٥ .

( ٤ ) الكافي للكليني ١ : ٥١ ح ١٤ ، أخرجه عن أبي عائشة البصري مرفوعا .

( ٥ ) النسخة المصرية المصححة تتضمن لفظ « إلى اللَّه » خلافا لمّا ذكر و المتعلق بالنسخة القديمة .

( ٦ ) الاصول الكافي للكليني ١ : ٥٥ ح ٦ أخرجه عن مسعدة بن صدقة .

٢٥٠

روى ( الكافي ) عنهعليه‌السلام قال : أيّها الناس إعلموا أنّ كمال الدين طلب العلم و العمل به ، ألا و إنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال ، إنّ المال مقسوم مضمون لكم ، قد قسّمه عادل بينكم و ضمنه و سيفي لكم ، و العلم مخزون عند أهله و قد امرتم بطلبه من أهله فاطلبوه(١) .

و قد نظم البهائي « ره » مضمون قولهعليه‌السلام ( ان دعي إلى حرث الدّنيا عمل و ان دعي إلى حرث الآخرة كسل ) بالفارسية ، فقال مشيرا إلى الحرثين :

در ره آن تيز هوش و زيركى

در ره اين كند فهم و احمقى

در ره آن ميدوى از جان و دل

در ره اين ميروى چون خر به گل(٢)

٧ الحكمة ( ١١٣ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ مَالَ أَعْوَدُ مِنَ اَلْعَقْلِ وَ لاَ وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ اَلْعُجْبِ وَ لاَ عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَ لاَ كَرَمَ كَالتَّقْوَى وَ لاَ قَرِينَ كَحُسْنِ اَلْخُلُقِ وَ لاَ مِيرَاثَ كَالْأَدَبِ وَ لاَ قَائِدَ كَالتَّوْفِيقِ وَ لاَ تِجَارَةَ كَالْعَمَلِ اَلصَّالِحِ وَ لاَ رِبْحَ كَالثَّوَابِ وَ لاَ وَرَعَ كَالْوُقُوفِ عِنْدَ اَلشُّبْهَةِ وَ لاَ زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي اَلْحَرَامِ وَ لاَ عِلْمَ كَالتَّفَكُّرِ وَ لاَ عِبَادَةَ كَأَدَاءِ اَلْفَرَائِضِ وَ لاَ إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَ اَلصَّبْرِ وَ لاَ حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ وَ لاَ شَرَفَ كَالْعِلْمِ وَ لاَ مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ اَلْمُشَاوَرَةِ أقول : هو جزء خطبة الوسيلة التي خطبعليه‌السلام بها لسبعة أيام من وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كما رواه ( روضة الكافي ) عن الباقرعليه‌السلام ، لكن فيه : أيها الناس

____________________

( ١ ) من الكافي للكليني ١ : ٣٠ ٣١ ح ٤ ، أخرجه عن أبي اسحاق السبيعي عمّن حدّثه .

( ٢ ) ورد في ( الكليات ) باختلاف طفيف ، راجع كليات الشيخ البهائي : ١٧ .

٢٥١

إنّه لا مال أعود من العقل ، و لا فقر أشدّ من الجهل ، و لا واعظ أبلغ من النصح ، و لا عقل كالتدبّر ، و لا علم كالتفكّر ، و لا مظاهرة أوثق من المشاورة ، و لا وحشة أشدّ من العجب ، و لا ورع كالكفّ عن المحارم ، و لا حلم كالصبر و الصمت(١) .

« لا مال أعود من العقل » في ( كنز الكراجكي ) قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

العقل ولادة ، و العلم إفادة ، و مجالسة العلماء زيادة(٢) .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ليس بين الإيمان و الكفر إلاّ قلّة العقل(٣) .

قيل : و كيف ذاك ؟ قال : ان العبد يرفع رغبته إلى مخلوق ، فلو أخلص نيّته للَّه لأتاه الذي يريد في أسرع من ذلك(٤) .

و في ( عيون القتيبي ) : لو صور العقل لا ظلمت معه الشمس(٥) .

« و لا وحدة أوحش من العجب » في ( عقاب الأعمال ) عن أبي جعفرعليه‌السلام : انّ اللَّه تعالى فوّض الأمر إلى ملك من الملائكة فخلق سبع سماوات و سبع أرضين و أشياء فلما رأى الأشياء قد انقادت له قال : من مثلي ؟ فأرسل اللَّه تعالى نويرة من نار مثل انملة ، فاستقبلها بجميع ما خلق حتى وصلت إليه لمّا أن دخله العجب(٦) .

و في ( تفسير القمي ) : لمّا كلّم اللَّه تعالى موسىعليه‌السلام و أنزل عليه الألواح رجع إلى بني اسرائيل ، فصعد المنبر فأخبرهم أنّ اللَّه كلّمه و أنزل عليه التوراة

____________________

( ١ ) الروضة من الكافي للكليني ٨ : ١٨ ح ٤ .

( ٢ ) كنز الفوائد للكراجكي ١ : ٥٦ .

( ٣ ) يعني ان قليل العقل متوسط بين المؤمن و الكافر ، فليس مؤمنا حقيقيا كاملا لمّا فيه من قصور العقل .

( ٤ ) الكافي للكليني ١ : ٢٨ ح ٣٣ اسنده إلى محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن بعض الأصحاب عن الإمام الصادقعليه‌السلام .

( ٥ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٨٠ نقلا عن أعرابي .

( ٦ ) ثواب الأعمال و عقاب الأعمال للصدوق : ٥٧١ .

٢٥٢

ثم قال في نفسه : ما خلق اللَّه خلقا أعلم منّي فأوحى اللَّه تعالى إلى جبرئيل أدرك موسى فقد هلك ، و أعلمه أنّ عند ملتقى البحرين عند الصخرة الكبيرة رجلا أعلم منك فصر إليه و تعلّم من علمه ، فنزل جبرئيل على موسىعليه‌السلام و أخبره بذلك .(١) .

« و لا عقل كالتدبير » قد عرفت أن ( روضة الكافي ) رواه « و لا عقل كالتدبّر » و كلاهما صحيح في نفسه(٢) .

و في الخبر : ينبغي للعاقل أن لا يرى إلاّ في إحدى ثلاث تزود لمعاد ، أو مرمّة لمعاش ، أو لذّة في غير محرم ، و ينبغي للعاقل أن يكون عارفا بزمانه ، حافظا للسانه ، مقبلا على شأنه(٣) .

و عن الباقرعليه‌السلام : الكمال كل الكمال ، التفقّه في الدين ، و الصبر على النّائبة ، و تقدير المعيشة(٤) .

« و لا كرم كالتقوى » :

إذا أنت لم تلبس لباسا من التقى

تقلّبت عريانا و إن كنت كاسيا

« و لا قرين كحسن الخلق » عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا زعيم بيت في ربض الجنّة و بيت في وسط الجنّة و بيت في أعلى الجنّة لمن ترك المراء و ان كان محقّا ، و لمن ترك الكذب و إن كان هازلا ، و لمن حسّن خلقه(٥) .

____________________

( ١ ) تفسير القمي ٢ : ٣٧ .

( ٢ ) الروضة من الكافي للكليني ٨ : ١٨ ح ٤ .

( ٣ ) أورده المجلسي في بحار الأنوار ٧٧ : ٤٩ عن الإمام الرضاعليه‌السلام بلفظ : لا ينبغي للعاقل أن يكون ضاعنا الاّ في ثلاث : حرمة لمعاش و تزود لمعاد ، أو لذّة في غير محرم .

( ٤ ) الاصول من الكافي للكليني ١ : ٣٢ ح ٤ و أخرجه عن محمّد بن إسماعيل نقله المجلسي في بحار الأنوار ٧٨ :

١٧٢ .

( ٥ ) أخرجه أبو داود عن محمّد بن عثمان في ( سننه ) بلفظ « أنا زعيم ببيت في ربض » سنن أبي داود ٤ : ٢٥٣ ح ٤٨٠٠ .

كذا أخرجه المنذري في الترغيب و الترهيب عن معاذ بن جبل بلفظ « ببيت » أيضا و بدلا من « هازلا » ذكر « مازحا »

٢٥٣

و في ( تاريخ بغداد ) : كان الفضل بن يحيى عبسا بسرا و كان سخيا كريما ، و كان أخوه جعفر طلقا بشرا و كان بخيلا لا عطاء له ، و كان الناس إلى لقاء جعفر أميل منهم إلى لقاء الفضل(١) .

قلت : فكان الفضل كمن قيل فيه بالفارسية « من عطايش را بلقايش بخشيدم » .

« و لا ميراث كالأدب » قال الشعبي : حلي الرجال العربية و حلي النساء الشحم .

و قال سعيد بن سلم : دخلت على الرشيد فبهرني هيبة و جمالا ، فلما لحن خفّ في عيني(٢) .

و قال أبو عمرو الشيباني : تكلّم المنصور في مجلس فيه أعرابي فلحن ، فصرّ الأعرابي اذنيه ، فلحن مرّة اخرى أعظم من الاولى فقال الأعرابي : افّ لهذا ما هذا ؟ ثم تكلّم فلحن الثالثة فقال الأعرابي : أشهد لقد وليت هذا الأمر بقضاء و قدر(٣) .

و عن الضحّاك السّكسكي قال : كنّا مع سليمان بن عبد الملك بدابق إذ قام إليه السحّاح الأزدي الموصلي فقال : إنّ أبينا هلك و ترك مال كثير ، فوثب أخانا على مال أبانا فأخذه فقال سليمان : فلا رحم اللَّه أباك ، و لا نيح عظام أخيك ، و لا بارك لك في ما ورثت أخرجوا هذا اللّحّان عنّي ، فأخذ بيده بعض الشاكرية فقال : قم فقد آذيت أمير المؤمنين بالضم فقال سليمان : و هذا انظر المنذري : الترغيب و الترهيب ١١ : ١٣ .

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١٢ : ٣٣٤ .

( ٢ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٨٣ و نسبه ابن قتيبة في عيون الأخبار ٤ : ٣٠ إلى ابن شبرمة .

( ٣ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٨٤ .

٢٥٤

العاض بظر امّه ، إسحبوا برجله(١) .

و أخذ عبد الملك رجلا كان يرى رأي الخوارج فقال له ألست القائل :

و منّا سويد و البطين و قعنب

و منّا أمير المؤمنين شبيب

فقال : إنّما قلت : « أمير المؤمنين » أي : يا أمير المؤمنين ، فأمر بتخلية سبيله(٢) .

و قال رجل للحسن : ما تقول في من ترك أبيه و أخيه ؟ فقال الحسن : ترك أباه و أخاه فقال الرجل : فما لأباه و أخاه قال الحسن : إنّما هو « فما لأبيه و أخيه » فقال الرجل : ما أشد خلافك عليّ قال : أنت أشد خلافا عليّ ، أدعوك إلى الصواب و تدعوني إلى الخطأ(٣) .

و عن ابن المبارك : تعلّموا العلم شهرا و الأدب شهرين(٤) .

و قال رجل لبنيه : أصلحوا من ألسنتكم ، فإنّ الرجل تنوبه النائبة يحتاج أن يتجمّل فيها فيستعير من أخيه دابّة و من صديقه ثوبا و لا يجد من يعيره لسانا(٥) .

« و لا قائد كالتوفيق » من اللَّه تعالى .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور فأضاء لها سمعه و قلبه ثم تلا هذه الآية فمن يرد اللَّه أن يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقا حرجا

____________________

( ١ ) المصدر نفسه .

( ٢ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ١ : ٨٨ ، و ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار ٢ : ١٥٥ .

( ٣ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ١ : ٨٧ .

( ٤ ) المصدر نفسه ١ : ٨٩ .

( ٥ ) المصدر نفسه .

٢٥٥

كأنّما يصَّعَّد في السماء(١) .

« و لا تجارة كالعمل الصالح » في أرباحها و الأمن من الخسران فيها .

( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللَّه كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبّة و اللَّه يضاعف لمن يشاء و اللَّه واسع عليم ) (٢) .

« و لا ربح كالثواب » في الخبر : ينادي ملك كلّ يوم : يا صاحب الخير أتمّ و أبشر(٣) .

« و لا ورع كالوقوف عند الشبهة » لئلاّ يقع في الحرام فيهلك .

« و لا زهد كالزّهد في الحرام » و أمّا الزهد في المباح فليس بذاك ، قال تعالى :

( قل من حرّم زينة اللَّه الّتي أخرج لعباده و الطيّبات من الرزق ) (٤) .

« و لا علم كالتفكر » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : أفضل العبادة إدمان التفكّر في اللَّه و في قدرته(٥) .

و عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : التفكّر يدعو إلى البر و العمل به ، نبّه بالتفكّر قلبك و جاف عن الناس جنبك و اتّق اللَّه ربّك(٦) .

و في الخبر : التفكر مرآتك تريك سيئاتك و حسناتك(٧) .

« و لا عبادة كأداء الفرائض » في الخبر أعبد الناس من أقام الفرائض(٨) .

« و لا ايمان كالحياء و الصبر » أما الحياء ففي الكافي عن الصادقعليه‌السلام :

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ١ : ٣٤٣ ح ٣٠ و الآية ١٢٥ من سورة الأنعام .

( ٢ ) البقرة : ٢٦١ .

( ٣ ) بحار الأنوار للمجلسي ٥٨ : ١٤٣ مرويا عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام .

( ٤ ) الأعراف : ٣٢ .

( ٥ ) الكافي ٢ : ٥٤ ح ٢ .

( ٦ ) هما حديثان للإمام عليّعليه‌السلام بلفظ ( التفكير يدعو ) و ( جاف عن الليل ) ، الكافي ٢ : ٥٤ ٥٥ ح ١ و ٢ .

( ٧ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧١ : ٣٢٥ الرواية ١٩ .

( ٨ ) أخرجه الصدوق في معاني الأخبار عن أبي حمزة الثمالي عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ٢ : ١٩٥ ح ١ .

٢٥٦

الحياء و الايمان مقرونان في قرن ، فاذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه(١) .

و عنهعليه‌السلام : لا إيمان لمن لا حياء له و أمّا الصبر فهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد .

« و لا حسب كالتواضع » يقال : إسمان متضادّان بمعنى واحد التواضع و الشرف و عن الصادقعليه‌السلام : وقع بين سلمان الفارسي و رجل خصومة ، فقال الرجل لسلمان : من أنت ؟ فقال : سلمان ، أمّا أوّلي و أوّلك فنطفة قذرة ، و أما آخري و آخرك فجيفة منتنة ، فإذا كان يوم القيامة و وضعت الموازين فمن ثقل ميزانه فهو الكريم و من خف ميزانه فهو اللئيم .

« و لا شرف كالعلم » قال الباقرعليه‌السلام : عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد .

و أيّ شرف أعلى من شرف العلم و قد جعل اللَّه تعالى صاحب العلم رديف نفسه و ملائكته ، قال تعالى :( شهد اللَّه أنّه لا إله إلاّ هو و الملائكة و أولوا العلم ) (٢) .

« و لا مظاهرة أوثق من المشاورة » قال حكيم : إذا شاورت عاقلا صار عقله لك و قد قيل : نصف عقلك مع أخيك فاستشره .

و في الصديق و الصداقة للتوحيدي قال حكيم : إذا استشارك عدوّك فامحضه النصيحة ، فإنّه إن عمل برأيك و انتفع ندم على تفريطه في مناوأتك و أفضت عداوته إلى المودة ، و إن خالفك و استضرّ عرف قدر أمانتك بنصحه و بلغت مناك في مكروهه(٣) .

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ١٠٦ ح ٤ .

( ٢ ) آل عمران : ١٨ .

( ٣ ) لم نعثر على النصّ في الصداقة و الصديق لأبي حيان التوحيدي ( طبع مصر ) .

٢٥٧

٨ الحكمة ( ٢٥٩ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْوَفَاءُ لِأَهْلِ اَلْغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اَللَّهِ وَ اَلْغَدْرُ لِأَهْلِ اَلْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ اَللَّهِ في ( الطبري ) : كان مالك بن أبي السمح المغني و عمرو الوادي مع الوليد بن يزيد لمّا حصر ، فلما تفرّق أصحابه عنه قال مالك لعمرو : إذهب بنا فقال عمرو : ليس هذا من الوفاء و نحن لا يعرض لنا لأنّا لسنا ممّن يقاتل فقال له مالك : ويلك و اللَّه لئن ظفروا بنا لا يقتل أحد قبلي و قبلك فيوضع رأسه مع رأسينا و يقال للناس انظروا من كان معه في هذه الحال ، فلا يعيبونه بشي‏ء أشد من هذا ، فهربا و قتل و كان قتله سنة ( ١٢٦ ) .

و فيه بعد ذكر شفاعة عبد اللَّه بن عمر للمختار عند عاملي ابن الزبير على الكوفة لمّا حبساه دعواه فحلّفاه باللَّه الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم لا يبغيهما غائلة و لا يخرج عليهما ما كان لهما سلطان ، فان هو فعل فعليه ألف بدنة ينحرها عند رتاج الكعبة ، و مماليكه كلّهم ذكرهم و انثاهم احرار ، فحلف لهما بذلك ثم خرج فقال :

قاتلهم اللَّه ما أحمقهم حين يرون أنّي أفي لهم بأيمانهم هذه ، أمّا حلفي لهم باللَّه فانه ينبغي لي إذا حلفت على يمين فرأيت ما هو خير منها أن أدع ما حلفت عليه و آتي الذي هو خير و أكفر يميني ، و خروجي عليهم خير من كفّي عنهم .(١) .

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٥ : ٥٥٦ .

٢٥٨

٩ الخطبة ( ٣٢٧ ) و قالعليه‌السلام :

مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ اَلْإِثْمُ بِهِ وَ اَلْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ أقول : في ( اللهوف على قتلى الطفوف ) : أقبل ابن زياد على زينب فقال :

الحمد للَّه الذي فضحكم و أكذب أحدوثتكم فقالت : إنّما يفتضح الفاسق و يكذب الفاجر و هو غيرنا فقال : كيف رأيت صنع اللَّه بأخيك و بأهل بيتك ؟ فقالت : ما رأيت إلاّ جميلا ، هؤلاء قوم كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم و سيجمع اللَّه بينك و بينهم فتحاجّ و تخاصم ، فانظر لمن الفلج يومئذ(١) .

و ( فيه ) أيضا في شرح ورود أهل بيت الحسينعليه‌السلام على يزيد : فقامت زينب و قالت : أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض و آفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الاسارى ، أنّ بنا هوانا على اللَّه و بك عليه كرامة ؟ فشمخت بأنفك و نظرت في عطفك جذلان مسرورا حين رأيت لك الدنيا مستوسقة و الامور متّسقة ، و حين صفالك ملكنا و سلطاننا إلى أن قالت فكد كيدك واسع سعيك ، فو اللَّه لا تمحو ذكرنا و لا تميت وحينا و لا تدرك أمدنا و لا ترحض عنك عارها ، و هل رأيك إلاّ فندو أيّامك إلاّ عدد و جمعك إلاّ بدد ، و يوم يناد المناد ألا لعنة اللَّه على الظالمين(٢) .

هذا و قال ابن أبي الحديد : بعد العنوان « و نظير قولهعليه‌السلام هذا قوله : من قصّر في الخصومة ظُلِم و من بالغ فيها أثم »(٣) .

____________________

( ١ ) ابن طاووس ، اللهوف في قتلى الطفوف : ١٤٢ .

( ٢ ) المصدر نفسه : ١٦٤ ١٦٦ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٣٩ .

٢٥٩

قلت : أين ذاك الكلام من هذا الكلام ، فان كلاّ منهما في مقام ، فإنّ المقصود من ذاك أنّ الخصومة أمر يعسر معه القيام على الجادة الوسطى حتى لا يكون ظالما و لا مظلوما ، و أمّا هذا فالمراد به أنّ الظافر على صاحبه بالشر و الغالب عليه بالإثم مغلوب و منكوب في الحقيقة و ان كان في الظاهر غالبا و ظافرا .

و إنّما نظير قولهعليه‌السلام هذا قول ابنه الصادقعليه‌السلام حين دخل عليه رجلان مدارأة بينهما في خصومة ، فلما أن سمع كلامهما قال : « ما ظفر أحد بخير من ظفر بظلم ، أما إنّ المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر ممّا يأخذ الظالم من مال المظلوم ، من يفعل الشر بالناس فلا ينكر الشر إذا فعل به ، إنّما يحصد ابن آدم ما يزرع ، و ليس يحصد أحد من المرّ حلوا و من الحلو مرّا » فاصطلح الرجلان(١) .

١٠ الحكمة ( ٤٢٨ ) و قالعليه‌السلام في بعض الاعياد :

إِنَّمَا هُوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبِلَ اَللَّهُ صِيَامَهُ وَ شَكَرَ قِيَامَهُ وَ كُلُّ يَوْمٍ لاَ يُعْصَى اَللَّهُ فِيهِ فَهُوَ عِيدٌ « في بعض الأعياد » أي : الفطر بقرينة ذكر الصيام و القيام فيه .

« إنّما هو عيد لمن قبل اللَّه صيامه » و قبول الصيام بالكفّ عن جميع المحرّمات لا خصوص المفطرات ، و إنّما الكفّ عنها يوجب سقوط القضاء و الكفارة دون القبول .

ففي الخبر : ليس الصيام من الطعام و الشراب وحده ، إذا صمت فليصم

____________________

( ١ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧٥ : ٣٢٨ .

٢٦٠

سمعك و بصرك و باقي جوارحك حتى شعرك(١) .

هذا ، و قال الصابي في بعض امراء عصره في شهر رمضان(٢) :

يا ذا الذي صام عن الطعم

ليتك قد صمت عن الظّلم

هل ينفع الصوم امرءا ظالما

أحشاؤه ملأى من الإثم

« و شكر قيامه » أي : قبل صلاته ، و لا تقبل الصلاة إلاّ بالإقبال فيها على اللَّه ، إن كلا فكل و إن جزءا فجزء .

« و كل يوم لا يعصى اللَّه فيه فهو عيد » قالعليه‌السلام : لا تأمن البيات و قد عملت السيئات(٣) .

و قال أيضا : و لا تبدينّ عن واضحة و قد عملت الأعمال الفاضحة(٤) .

و قالوا : ليس العيد لمن لبس الجديد ، إنّما العيد لمن سلم من الوعيد ، و ليس العيد لمن ركب المطايا ، إنّما العيد لمن ترك الخطايا ، و ليس العيد لمن حضر المصلّى ، إنّما العيد لمن صام و صلّى .

و في ( الفقيه ) : نظر الحسن بن عليعليهما‌السلام إلى ناس في يوم فطر يلعبون و يضحكون ، فقالعليه‌السلام لأصحابه : إنّ اللَّه عز و جل خلق شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه ، فسبق فيه قوم ففازوا و تخلّف

____________________

( ١ ) الكافي ٤ : ٨٧ ح ٣ و أورد أيضا مسندا إلى محمد بن مسلم عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام : إذا صمت فليصم سمعك و بصرك و شعرك و جلدك و عدّد أشياء غير هذا و قال : لا يكون يوم صومك كيوم فطرك الكافي ٤ : ٨٧ و ذكره الفيض الكاشاني في المحجّة البيضاء ٢ : ١٣١ ، كذا ذكره الأشعري في النوادر : ٢٢ ٢٣ .

( ٢ ) هو أبو إسحاق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون بن حبّون الحرّاني الصابي‏ء ، صاحب الرسائل المشهورة و النظم البديع ، كان كاتب الإنشاء ببغداد عن الخليفة و عن عز الدولة بختيار بن معز الدولة ابن بويه الديلمي ، ترجم له ياقوت الحموي في معجم الادباء ٢ : ٢٠ و الثعالبي في اليتيمة ٢ : ٢٤٣ ٣١٢ ، و ابن خلّكان في وفيات الأعيان ١ : ٥٢ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٧٣ ح ٢١ .

( ٤ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧٣ : ٣٣٤ ح علي بن اسباط .

٢٦١

آخرون فخابوا ، فالعجب كلّ العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون و يخيب فيه المقصّرون ، و أيم اللَّه لو كشف الغطاء لشغل كلّ محسن بإحسانه و مسي‏ء بإساءته(١) .

و في الخبر : إنّ الملائكة ينادون الناس في أول أوقات الصلاة و يقولون لهم : قوموا و أطفئوا بالصلاة في أوّل الوقت النيران التي أوقدتموها على ظهوركم(٢) .

و كما أنّ من أصيب بمصيبة في يوم عيد ليس له فيه سرور كباقي الناس في العيد ، حتى ورد عن الباقرعليه‌السلام : ما عيد للمسلمين أضحى و لا فطر إلاّ و يجدّد لآل محمّدعليهم‌السلام فيه حزن : قيل : و لم ذاك ؟ قال : لأنّهم يرون حقّهم في يد غيرهم كذلك من اصيب بخطيئة فيه استحقت العقوبة به(٣) .

و في ( عيون ابن قتيبة ) قال زيد الحميري : قلت لثوبان الراهب : أخبرني عن لبس النصارى هذا السواد ما المعنى فيه ؟ قال : هو أشبه بلبس أهل المصائب قلت : كلّكم معشر الرهبان اصيب بمصيبة قال : و أي مصيبة أعظم من مصيبة الذنوب قال : فلا أذكر قوله ذاك إلاّ أبكاني(٤) .

هذا و قال الصابي يهنّى‏ء عضد الدولة بعيد الفطر :

يا ماجدا يده بالجود مفطرة

و فوه من كل هجر صائم أبدا

أسعد بصومك إذ قضّيت واجبه

نسكا و وفّيته من شهره العددا

و اسحب بذا العيد أذيالا مجدّدة

و استقبل العيش في إفطاره رغدا(٥)

____________________

( ١ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ١ : ٣٢٤ ح ٨٣ انتشارات إمام الهدى قم .

( ٢ ) التهذيب للطوسي ١ : ٢٠٣ و من لا يحضره الفقيه ١ : ٦٧ ، و ثواب الأعمال : ٢٠ ، و المحاسن : ٢٧ ، و الوسائل ٢ : ٨٨ .

( ٣ ) من لا يحضره الفقيه للصدوق ١ : ٣٢٤ رواية ١٤٨٤ .

( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٢٩٧ بتصرف .

( ٥ ) يتيمة الدهر للثعلبي ٢ : ٢٧٦ .

٢٦٢

و قال الصابي أيضا في بعض الوزراء :

يصوم الوزير الدهر عن كلّ منكر

و ليس لهذا الصوم عيد و لا فطر

و يفطر بالمعروف و الجود و الندى

و ليس لهذا الفطر صوم و لا حظر(١)

١١ الحكمة ( ٥٣ ) و قالعليه‌السلام :

اَلسَّخَاءُ مَا كَانَ اِبْتِدَاءً فَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَحَيَاءٌ وَ تَذَمُّمٌ في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام قال : بعث أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى رجل يرجو نوافله و لا يسأله بخمسة أو ساق تمر فقال لهعليه‌السلام رجل : و اللَّه ما سألك فلان و لقد كان يجزيه من الخمسة أو ساق وسق واحد فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام له : لا كثّر اللَّه في المؤمنين ضربك ، اعطي أنا و تبخل أنت إذا أنا لم اعط الذي يرجوني إلاّ من بعد المسألة فلم أعطه ثمن ما أخذت منه ، و ذلك لأني عرّضته أن يبذل لي وجهه الذي يعفّره في التراب لربي و ربّه عند تعبّده له و طلب حوائجه إليه ، فمن فعل هذا بأخيه المسلم و قد عرف أنّه موضع لصلته و معروفه فلم يصدّق اللَّه تعالى دعاءه له في قوله : « اللّهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات » ، فإذا دعا لهم بالمغفرة فقد طلب لهم الجنة فما أنصف من فعل هذا بالقول و لم يحققه بالفعل(٢) .

و قال الأحنف : إذا لم أصل مجتدي حتى ينتح جبينه عرقا كما ينتح الحمّيت فو اللَّه ما وصلته و الحمّيت الزق الذي لا شعر فيه .

و في ( تاريخ بغداد ) : لمّا خرج عبد اللَّه بن طاهر إلى المغرب كان معه

____________________

( ١ ) يتيمة الدهر للثعلبي ٢ : ٢٧٧ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٤ : ٢٢ ح ١ .

٢٦٣

كاتبه أحمد بن نهيك ، فلما نزل دمشق اهديت إلى أحمد هدايا كثيرة في طريقه و بدمشق و كان يثبت كلّ ما يهدى إليه في قرطاس و يدفعه إلى خازن له ، فلمّا نزل عبد اللَّه بن طاهر دمشق أمر أحمد أن يعود عليه بعمل كان أمره أن يعمله ، فأمر أحمد خازنه أن يخرج إليه قرطاسا فيه العمل الذي أمر بإخراجه و يضعه في المحراب بين يديه لئلاّ ينساه وقت ركوبه في السحر ، فغلط الخازن فأخرج إليه القرطاس الذي فيه ثبت ما أهدي إليه فوضعه في المحراب ، فلما صلّى أحمد الفجر أخذ القرطاس و وضعه في خفّه ، فلما دخل على عبد اللَّه سأله عمّا أمره به ، فأخرج الدرج من خفه فدفعه إليه ، فقرأه عبد اللَّه من أوله إلى آخره و تأمّله ثم أدرجه و دفعه إلى أحمد و قال له : ليس هذا الذي أردت فلما نظر أحمد فيه اسقط في يديه ، فلمّا انصرف إلى مضربه وجّه إليه عبد اللَّه يعلمه أنّي قد وقفت على ما في القرطاس فوجدته سبعين ألف دينار ، و اعلم أنّك لزمتك مؤونة عظيمة في خروجك و معك زوّار و غيرهم ، و أنّك تحتاج إلى برّهم و ليس مقدار ما صار إليك يفي‏ء بمؤونتك ، و قد وجّهت إليك بمائة ألف دينار لتصرفها في الوجوه التي قلت(١) .

١٢ الحكمة ( ٥٦ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْغِنَى فِي اَلْغُرْبَةِ وَطَنٌ وَ اَلْفَقْرُ فِي اَلْوَطَنِ غُرْبَةٌ أقول : نظم معنى قولهعليه‌السلام « الغنى في الغربة وطن » بالفارسية من قال :

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٩ : ٤٨٤ ٤٨٥ و هو عبد اللَّه بن طاهر بن الحسين بن مصعب ، ولاّه المأمون الشام ثم ولاّه إمارة خراسان ، فأقام بها حتى مات .

٢٦٤

منعم بكوه و دشت و بيابان غريب نيست

هر جا كه رفت خيمه زد و بارگاه كرد(١)

و نظم معنى « و الفقر في الوطن غربة » بالعربية مع تصرف فيه من قال :

فلو أنّي جعلت أمير جيش

لمّا قاتلت إلاّ بالسّؤال

فإنّ النّاس ينهزمون منه

و قد ثبتوا لأطراف العوالي(٢)

و نظم معنى الجملتين من قال :

ألم تر أنّ الفقر يهجر بيته

و بيت الغنى يهدى له و يزار(٣)

١٣ الحكمة ( ٥٩ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ حَذَّرَكَ كَمَنْ بَشَّرَكَ أقول : وجه كون المحذّر كالمبشّر أنّ المبشّر يبشّر بوقوع محبوب و نجاة و المحذّر يحذّر من الوقوع في المهالك .

و كما كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بشيرا بالثواب للمطيعين كان نذيرا بالعقاب للعاصين .

و في ( الكافي ) قال محمد بن عذافر : قال أبو عبد اللَّهعليه‌السلام لأبي : نبّئت أنّك تعامل أبا أيوب و الربيع ، فما حالك إذا نودي بك في أعوان الظلمة قال : فوجم

____________________

( ١ ) دهخدا ، حكم و أمثال ٤ : ١٧٤٦ .

( ٢ ) البيتان بعيتدان عن فحوى النصّ ، و هناك من نظم أبياتا موافقة المعنى النصّ منها :

ان الدراهم في الوطن كلها

تكو الرجال مهاية و جمالا

فهي اللسان لمن أراد فصاحة

و هي السلاح لمن أراد قتالا

( الأبشيهي ، المستطرف ٢ : ٩٧ ) .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٤٢ .

٢٦٥

أبي فقالعليه‌السلام له : إنّما خوّفتك بما خوّفني اللَّه تعالى به قال : فلم يزل أبي مغموما مكروبا حتى مات(١) .

١٤ الحكمة ( ٢٨١ ) و قالعليه‌السلام :

لَيْسَتِ اَلرَّوِيَّةُ مَعَ اَلْإِبْصَارِ فَقَدْ تَكْذِبُ اَلْعُيُونُ أَهْلَهَا وَ لاَ يَغُشُّ اَلْعَقْلُ مَنِ اِسْتَنْصَحَهُ « ليست الرؤية مع الابصار » هكذا في ( ابن أبي الحديد(٢) و ابن ميثم )(٣) و نسختهما الصحيحة لا سيما الثاني الذي نسخته بخط مصنفه ، و امّا ما في الطبعة المصرية « ليست الرؤية كالمعاينة مع الابصار » فالظاهر أن « كالمعاينة » كان حاشية لبيان المعنى فخلط بالمتن كما هو كثير في الطبعة المصرية .

و حينئذ فالمعنى ليست الرؤية الحقيقية برؤية البصر بل برؤية العقل و النظر ، و حينئذ « فالأبصار » بالفتح جمع البصر بمعنى العيون .

« فقد تكذب العيون أهلها » كذب العين كناية فصيحة عن عدم كون ما رأته العين بالظاهر موجودا في الواقع ، قال الشاعر :

كذبتك عينك أم رأيت بواسط

غلس الظلام من الرباب خيالا(٤)

و الشاهد لوقوع الكذب من العين أحيانا أنّها ترى الكبير من بعيد صغيرا و قد ترى الصغير كبيرا ، و ترى القمر كبيرا ، و ترى القمر تحت السحاب

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٥ : ١٠٥ ح ١ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٧٣ .

( ٣ ) شرح ابن ميثم ، أورده بلفظ « كالمعاينة » انظر ٥ : ٣٨٦ .

( ٤ ) البيت للأخطل ، لسان العرب ١ : ٢٢٢ .

٢٦٦

المتحرّك سائرا و انما السير للسحاب ، و ترى عند الوقوف على نهر جار الساحل جاريا و الجري للنهر .

« و لا يغش العقل من استنصحه » بخلاف باقي المستنصحين ، فقد يغشون و لا يبيّنون لك الرأي الصحيح ، و حينئذ فالرؤية الحقيقية إنّما هي لرؤية العقل الذي لا يكذب أصلا .

٢٦٧

الفصل السابع و الخمسون في الفقر

٢٦٨

١ الحكمة ( ١٦٣ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْفَقْرُ اَلْمَوْتُ اَلْأَكْبَرُ أقول : هو من حديث الأربعمائة الذي رواه الخصال عن أبيه عن سعد عن اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جدّه الحسن بن راشد عن أبي بصير و محمد ابن مسلم عن الصادقعليه‌السلام عن آبائه عنهعليهم‌السلام تحت عنوان ( علّم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه )(١) .

و في ( المعاني ) قال الحرث الأعور لأمير المؤمنينعليه‌السلام : ما الفقر ؟ قال :

الحرص و الشره(٢) .

____________________

( ١ ) الخصال للصدوق ٢ : ٦٢٠ .

( ٢ ) معاني الأخبار للصدوق : ٢ ، أخرجه الأصبغ بن نباتة عن الحارث بن الأعور قال : كان فيما سأل عنه علي بن أبي

٢٦٩

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : قيل له قولهم الفقر الموت الأحمر هو من الدينار و الدرهم ؟ قال : لا ، و لكن من الدين(١) .

و روي عن لقمان ، قال لقمان لابنه : حملت الجندل و الحديد و كلّ حمل ثقيل فلم أحمل شيئا أثقل من جار السوء ، و ذقت المرارات فلم أذق شيئا أمرّ من الفقر(٢) .

قلت : و أصل الفقير في اللغة من كسر فقار ظهره .

٢ الحكمة ( ٣١٩ ) و قالعليه‌السلام لابنه محمّد بن الحنفية :

يَا بُنَيَّ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ اَلْفَقْرَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ فَإِنَّ اَلْفَقْرَ مَنْقَصَةٌ لِلدِّينِ مَدْهَشَةٌ لِلْعَقْلِ دَاعِيَةٌ لِلْمَقْتِ قول المصنف « و قالعليه‌السلام لابنه محمد بن الحنفية » هو أكبر أولاده بعد الحسنينعليهم‌السلام اشتهر بالنسبة إلى امّه خولة الحنفية قال المدائني : إنّ زبيدا سبتها من بني حنيفة ، ثم ارتدّت زبيد مع عمرو بن معد يكرب باليمن ، فبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنينعليه‌السلام فأصابها فصارت في سهمه و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله له : إن ولدت منك غلاما فسمّه باسمي و كنّه بكنيتي(٣) قال ابن قتيبة : مات بالطائف هاربا من ابن الزبير(٤) .

و قالعليه‌السلام له أيضا على ما روى الخصال في باب الثلاثة : إيّاك و العجب طالبعليه‌السلام ابنه الحسنعليه‌السلام إن قال : ما الفقر قال : الحرص و الشره .

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٦٦ ح ٢ .

( ٢ ) ذكره المجلسي عن الصادقعليه‌السلام ١٣ : ٤٢١ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ١٩ : ٢٤٤ .

( ٤ ) المسعودي ، مروج الذهب ٣ : ١٢٣ .

٢٧٠

و سوء الخلق و قلّة الصبر ، فانّه لا يستقيم لك على هذه الخصال الثلاث صاحب و لا يزال لك عليها من الناس مجانب ، و ألزم نفسك التودّد و صبّر على مؤونات الناس نفسك ، و ابذل لصديقك نفسك و مالك ، و لعرفتك رفدك و محضرك ، و للعامة بشرك و محبتك ، و لعدوّك عدلك و إنصافك ، و اضنن بدينك و عرضك عن كلّ أحد(١) .

قولهعليه‌السلام « يا بنيّ إنّي أخاف عليك الفقر فاستعذ باللَّه منه » في دعاء أبي حمزة للسجّادعليه‌السلام « أعوذ بك من الفقر و الفاقة و كلّ بلية ، و الفواحش كلّها ما ظهر منها و ما بطن »(٢) .

« فان الفقر منقصة للدّين » كون الفقر سببا لنقص الدين أنّ الفقير يتواضع غالبا للغنيّ ، و من تواضع لغنيّ ذهب ثلثا دينه .

و عنهمعليهم‌السلام : كاد الفقر أن يكون كفرا(٣) .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم العون على التقوى المال(٤) .

« مدهشة للعقل » قال شاعر :

إذا قلّ مال المرء قلّ حياؤه

و ضاقت عليه أرضه و سماؤه

و أصبح لا يدري و إن كان حازما

أقدّامه خير له أم وراؤه(٥)

« داعية للمقت » أي : انّه سبب لبغض الناس له ، فقالوا : المفلس عند الناس أكذب من لمعان السراب و من سحاب تموز ، لا يسأل عنه إن غاب و لا يسلّم عليه إذا قدم ، إن غاب شتموه و إن حضر طردوه ، مصافحته تنقض الطهارة

____________________

( ١ ) الخصال للصدوق ١ : ١٤٧ ح ١٧٨ .

( ٢ ) مفاتيح الجنان للقمي ، دعاء أبي حمزة الثمالي : ٣٥٦ .

( ٣ ) أخرجه الصدوق عن هشام بن سالم عن الصادقعليه‌السلام الأمالي : ٢٤٣ ح ٦ .

( ٤ ) تحف العقول : ٣٥ .

( ٥ ) المحاسن و المساوى‏ء للبيهقي ١ : ٢١٥ .

٢٧١

و قراءته تقطع الصلاة .

و في ( تاريخ بغداد ) : سئل أبو محمد الجريري عن الفقر و الغنى أيّهما أفضل ؟ فقال : لو لم يكن من فضل الفقر إلاّ ثلاث : إسقاط المطالبة ، و قطع عن المعصية ، و تقديم الدخول إلى الجنّة ، لكفى فقال أبو العباس بن عطا : يا سبحان اللَّه و أيّ فضل يكون أفضل ممّا أضافه اللَّه تعالى إلى نفسه ؟ و أيّ شي‏ء يكون أعجز من شي‏ء تنافى اللَّه تعالى عنه ؟ فانّه تعالى أضاف الغنى إلى نفسه و تنافى عن الفقر و اعتدّ على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :( و وجدك عائلا فأغنى ) (١) فإن احتجّ محتجّ بأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله عرض عليه مفاتيح الدنيا و لم يقبلها ، فيقال له :

تركها اختيارا و التارك لا يكون إلاّ غنيا(٢) .

٣ الحكمة ( ٣٤٦ ) و قالعليه‌السلام :

مَاءُ وَجْهِكَ جَامِدٌ يُقْطِرُهُ اَلسُّؤَالُ فَانْظُرْ عِنْدَ مَنْ تُقْطِرُهُ أقول : هكذا في الطبعة ( المصرية )(٣) ، و لكن في ( ابن أبي الحديد(٤) و الخطية(٥) بدل « ماء وجهك جامد » « وجهك ماء جامد » و الصواب هنا ما في الطبعة المصرية لتصديق ( ابن ميثم )(٦) الذي نسخته بخط المصنف لمّا فيها .

____________________

( ١ ) الضحى : ٨ .

( ٢ ) لم يرد ذلك في تاريخ بغداد في ترجمة أحمد بن محمّد ( أبو محمّد الجريري ) ٤ : ٤٣٠ رقم ( ٢٣٣٣ ) كما أن الخطيب البغدادي لم يترجم لحياة عبد اللَّه بن عطاء ( أبي العباس بن عطاء ) .

( ٣ ) الطبعة المصرية : ٧٣٧ رقم ( ٣٤٥ ) .

( ٤ ) نسخة التحقيق لشرح بن أبي الحديد بهذا اللفظ ماء وجهك جامد ١٩ : ٢٦١ .

( ٥ ) النسخة الخطية سقط النصّ منها ( نسخة مكتبة المرعشي ) .

( ٦ ) شرح ابن ميثم ، شرح نهج البلاغة ٥ : ٤١١ .

٢٧٢

و كيف كان فيجوز في « يقطر » و « تقطر » التخفيف مجردا و التشديد ، ففي الصحاح « قطر الماء و قطرته » يتعدّى و لا يتعدّى ، و تقطير الشي‏ء إسالته قطرة قطرة(١) .

و لا يجوز أن يكونا بضم المضارعة من باب الافعال ، فمعنى « اقطر » حان له أن يقطر ، و لا مناسبة له هنا .

دخل محمد بن واسع على بعض الامراء فقال : أتيتك في حاجة فإن شئت قضيتها فكنّا كريمين ، و إن شئت لم تقضها و كنّا لئيمين ، أراد انّه إذا لم يقضها كان طالب الحاجة أيضا لئيما حيث طلب حاجته من غير أهلها(٢) .

و قال الطائي :

أعياش انّك لئيم و إنّني

مذ صرت موضع مطلبي للئيم(٣)

و قال أبو العيناء لمن طلب إليه حاجة فلم يقضها : سألتك حاجة فرددت بأقبح من وجهك و قال الطائي :

رددت رونق وجهي في صحيفته

ردّ الصقال بهاء الصارم الخذم

و ما ابالي و خير القول أصدقه

حقنت لي ماء وجهي أم حقنت دمي(٤)

و قال أبو الأسود :

و إنّ أحقّ الناس إن كنت مادحا(٥)

بمدحك من أعطاك و الوجه وافر(٦)

____________________

( ١ ) الصحاح للجوهري ٢ : ٧٩٦ مادة ( قطر ) .

( ٢ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ١ : ٢٦١ .

( ٣ ) أورده ابن عبد ربه بلفظ آخر فيه اختلاف قليل ١ : ٢٦٢ .

( ٤ ) ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ١٩ : ٢٦١ .

( ٥ ) في ديوانه حامدا .

( ٦ ) ديوان أبي الأسود الدؤلي : ١٩٣ .

٢٧٣

لآخر :

إذا أظمأتك أكفّ الرجال

كفتك القناعة شبعا و ريّا

فكن رجلا رجله في الثرى

و هامة همّته في الثريّا

فإنّ إراقة ماء الحياة

دون إراقة ماء المحيّا(١)

و قال بشار في عمر بن العلاء :

دعاني إلى عمر جوده

و قول العشيرة بحر خضم

و لو لا الذي زعموا لم أكن

لأمدح ريحانة قبل شم(٢)

و في ( الكافي ) عن الحارث الهمداني قال : سامرت أمير المؤمنينعليه‌السلام فقلت : عرضت لي حاجة قال : رأيتني لها أهلا ؟ قلت : نعم قال : جزاك اللَّه عنّي خيرا ، ثم قام إلى السراج فأغشاها و جلس ثم قال : انّما أغشيت السراج لئلا أرى ذلّ حاجتك في وجهك فتكلّم فإنّي سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : الحوائج أمانة من اللَّه في صدور العباد ، فمن كتمها كتبت له عبادة و من أفشاها كان حقّا على من سمعها أن يعينه(٣) .

و عن الصادقعليه‌السلام قال : ما توسّل أحد إليّ بوسيلة و لا تذرّع بذريعة أقرب له إلى ما يريده منّي من رجل سلف إليه منّي يد اتبعها اختها و أحسنت ربّها أي تربيتها فإنّي رأيت منع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل ، و لا سخت نفسي بردّ بكر الحوائج و قد قال الشاعر :

و إذا بليت ببذل وجهك سائلا

فابذله للمتكرّم المفضال

إنّ الجواد إذا حباك بموعد

أعطاكه سلسا بغير مطال

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ١٩ : ٢٦١ .

( ٢ ) ابن قتيبة ، الشعر و الشعراء : ١٧٧ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٤ : ٢٤ ح ٤ .

٢٧٤

و إذا السّؤال مع النوال و زنته رجح السّؤال و خفّ كل نوال(١) و عن الرضاعليه‌السلام : سأله رجل أن يعطيه ما يصل إلى بلده ، فدخل و ردّ الباب و أعطاه من أعلى الباب ، فقيل لهعليه‌السلام في ذلك ، فقال : أما سمعت قول الأول :

متى آته يوما لأطلب حاجة رجعت إلى أهلي و وجهي بمائه(٢) هذا ، و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت حتى يحوجه اللَّه إليها و يثبت اللَّه له بها النار(٣) و عنهعليه‌السلام أيضا : رحم اللَّه عبدا عفّ و تعفّف و كفّ عن المسألة ، فإنّه يتعجّل الدنيّة في الدّنيا و لا يغني الناس عنه شيئا ثم تمثّل ببيت حاتم :

إذا ما عرفت اليأس ألفيته الغنى إذا عرفته النفس و الطمع الفقر(٤) و عنهعليه‌السلام : جاءت فخذ من الأنصار إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : لنا حاجة .

قال : هاتوا قالوا : إنّها عظيمة فقال : هاتوها ما هي ؟ قالوا : تضمن لنا على ربّك الجنّة فنكس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه ثم نكت في الأرض ثم رفع رأسه فقال : أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحدا شيئا فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان : ناولنيه فرارا من المسألة و ينزل فيأخذه ، و يكون على المائدة فيكون بعض الجلساء أقرب إلى الماء منه فلا يقول : ناولني ، حتى يقوم فيشرب(٥) .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان اللَّه تعالى أحبّ شيئا لنفسه و أبغضه لخلقه ، أبغض

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٤ : ٢٥ ح ٥ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٤ : ٢٥ ح ٣ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٤ : ١٩ ح ٣ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٤ : ٢١ ح ٦ .

( ٥ ) أورده المجلسي في بحار الأنوار ٩٦ : ١٥٧ .

٢٧٥

لخلقه المسألة و أحبّ لنفسه أن يسأل ، و لا يستحي أحدكم أن يسأل اللَّه من فضله و لو شسع نعل(١) .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضا : و الذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبلا ثم يدخل عرض هذا الوادي فيحتطب حتى لا يلتقي طرفاه ثم يدخل به إلى السوق فيبيعه بمدّ من تمر و يأخذ ثلثيه و يتصدّق بثلثه خير له من أن يسأل الناس ، أعطوه أو حرموه(٢) .

و عن الباقرعليه‌السلام : لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا ، و لو يعلم المعطي ما في العطية ما ردّ أحد أحدا(٣) .

٤ الحكمة ( ٤٢٧ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ شَكَا اَلْحَاجَةَ إِلَى مُؤْمِنٍ فَكَأَنَّمَا شَكَاهَا إِلَى اَللَّهِ وَ مَنْ شَكَاهَا إِلَى كَافِرٍ فَكَأَنَّمَا شَكَا اَللَّهَ هكذا في ( ابن أبي الحديد(٤) و ابن ميثم )(٥) و الخطية و ما في الطبعة المصرية(٦) غلط .

أقول : في ( روضة الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام قال لبعض شيعته : إذا نزلت بك نازلة فلا تشكها إلى أحد من أهل الخلاف ، و لكن اذكرها لبعض إخوانك

____________________

( ١ ) الكافي ٤ : ٢٠ ح ٤ .

( ٢ ) أخرجه البخاري عن أبي هريرة بلفظ مشابه ١ : ٢٥٧ باب الزكاة و ذكره الهندي في كنز العمّال ٦ : ٤٩٧ ح ١٦٧٠٠ .

( ٣ ) الكافي ٤ : ٢٠ ح ٢ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ٢٠ : ٧٢ .

( ٥ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٤٤٩ و انظر النسخة الخطية : ٣٢٧ .

( ٦ ) راجع الطبعة المصرية : ٧٥٦ شرح محمّد عبده .

٢٧٦

فانّك لن تعدم خصلة من أربع : إمّا كفاية بمال ، أو معونة بجاه ، أو دعوة فتستجاب ، أو مشورة برأي(١) .

هذا ، و في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال اللَّه تعالى : من مرض ثلاثا فلم يشك إلى أحد من عوّاده أبدلته لحما خيرا من لحمه و دما خيرا من دمه ، فإن عافيته عافيته و لا ذنب له ، و إن قبضته قبضته إلى رحمتي(٢) .

و في خبر : إن قال حممت اليوم أو سهرت البارحة ليس بشكاة ، إنّما الشكوى أن يقول : لقد ابتليت بما لم يبتل به أحد ، و أصبت ما لم يصب أحدا(٣) .

____________________

( ١ ) الروضة في الكافي للكليني ٨ : ١٧٠ الرواية ١٩٢ عن الحسن بن راشد .

( ٢ ) الكافي للكليني ٣ : ١١٥ حديث ١ مسند عن جابر عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام .

( ٣ ) الكافي للكليني ٣ : ١١٦ ، حديث ١ أسنده إلى جميل بن صالح عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام .

٢٧٧

الفصل الثامن و الخمسون كلامهعليه‌السلام في النساء

٢٧٨

١ الحكمة ( ١٢٤ ) و قالعليه‌السلام :

غَيْرَةُ اَلْمَرْأَةِ كُفْرٌ وَ غَيْرَةُ اَلرَّجُلِ إِيمَانٌ أقول : « الغيرة » بالفتح صرح به ابن السّكّيت(١) ، روى ( الكافي ) عنهعليه‌السلام قال : كتب اللَّه الجهاد على الرجال و النساء ، و جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها و غيرته(٢) و في خبر آخر و جهاد المرأة حسن التبعل .

و روى ( الطبري ) عن ابن عباس قال : إنّ ليلى بنت الخطيم الخزرجية أقبلت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و هو مولّ ظهره الشمس ، فضربت على منكبه فقال : من هذه ؟ قالت : أنا ابنة مباري الريح ، جئتك أعرض عليك نفسي فتزوّجني قال : قد فعلت فرجعت إلى قومها فقالت : قد تزوّجني النبيّ فقالوا : بئس ما صنعت ، أنت امرأة غيرى و النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صاحب نساء ، إستقيليه نفسك ، فرجعت إلى

____________________

( ١ ) اصلاح المنطق لابن السّكّيت : ٢٨٣ ، و ذكره ابن سيده في الصحاح ٢ : ٧٧٦ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٥ : ٩ ح ١ .

٢٧٩

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت : أقلني قال : قد أقلتك(١) .

قلت : لو صح الخبر لدلّ على اختصاص النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالإقالة بدل الطلاق .

و في ( ذيل الطبري ) : قال أبو معشر تزوّج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مليكة بنت كعب الليثي و كانت تذكر بجمال بارع ، فدخلت عليها عائشة فقالت : أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك فاستعاذت من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فطلقها ، فجاء قومها إلى النبي فقالوا : إنّها صغيرة و لا رأي لها و خدعت فارتجعها ، فأبى ، و كان أبوها قد قتل يوم فتح مكّة قتله خالد بن الوليد بالخندمة .

و ( فيه ) أيضا قال أبو اسيد الساعدي : تزوّج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أسماء ابنة النعمان الجونية و أرسلني فجئت بها فقالت حفصة لعائشة أو عائشة لحفصة إخضبيها أنت و أمشطها أنا ، ففعلت ثم قالت إحداهما لها : إن النبيّ يعجبه من المرأة إذا ادخلت عليه أن تقول : « أعوذ باللَّه منك » ، فلما دخلت عليه و اغلق الباب و أرخى الستر مدّ يده إليها فقالت : أعوذ باللَّه منك فقال بكمه على وجهه فاستتر به و قال : عذت معاذا ثلاث مرّات قال أبو أسيد : ثم خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ و قال ألحقها بأهلها و متّعها برازقيتين يعني كرباسين فكانت تقول : ادعوني الشّقسّة ، فلما طلعت بها على القوم تصايحوا و قالوا : إنّك لغير مباركة ما دهاك ؟ فقالت : خدعت ، فقيل لي كيت و كيت فقال أهلها : لقد جعلتنا في العرب شهرة فنادت أبا أسيد و قالت : قد كان ما كان فالذي أصنع ما هو ؟ قال : أقيمي في بيتك فاحتجبي إلاّ من ذي محرم و لا يطمع فيك طامع بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّك من امّهات المؤمنين .

فأقامت حتى توفّيت في خلافة عثمان قال زهير بن معاوية ماتت كمدا(٢) .

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٢ : ٤١٧ .

( ٢ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٨ : ٨٩ .

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639