بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 639
المشاهدات: 237764
تحميل: 8107


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 237764 / تحميل: 8107
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 14

مؤلف:
العربية

عن المدينة و أمر ان يوقف للناس كان يحذّر السجادعليه‌السلام لذلك(١) ، فلم يتعرّضعليه‌السلام له تكرّما فأي فخر في هؤلاء الذين كانوا لجهنم حطبا .

و مع أنّه طوّل في نقل جمع منهم فاته من معروفيهم عمر بن عبد الرحمن و هو الذي أتى في مكة إلى الحسين لما جاءته كتب أهل العراق و قال لهعليه‌السلام : إن تستنصحني أذكر نصيحتي و إلاّ كففت .

مع أنّ كلامهعليه‌السلام في بيان ذكر صفات طوائف قريش لا تعداد رجالهم فهل كانعليه‌السلام نسابة يذكر رجالهم ، فأراد ابن أبي الحديد أن يكون لهعليه‌السلام كتاب نسب لقريش ككتاب مصعب الزبيري و ابن بكار .

مع أنّ مخزوما مع اشتهارهم بالكبر و التيه لم يذكرعليه‌السلام ذلك بل اقتصر على صحة النقل على كونهم ريحانة قريش ، فقالوا : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لحزن بن أبي وهب المخزومي جدّ سعيد بن المسيب : ما اسمك ؟ قال : حزن .

فقالعليه‌السلام له : بل أنت سهل فقال حزن : انّما السهولة للحمار قال سعيد بن المسيب : فما زالت تلك الحزونة تعرف فينا حتى اليوم(٢) .

و في ( الاستيعاب ) : قال أهل النسب و في ولد حزن جروية و سوء خلق معروف ذلك فيهم لا يكاد يعدو منهم و لذلك قال معاوية كما مر لا ينبغي للمخزومي أن يكون غير تياه(٣) .

و أما ردّ الحسنعليه‌السلام عليه إنّما لأن معاوية لم يقل ذلك عن غرض صحيح بل للتحريض على الازدياد من الصفة المذمومة .

و لو كان ابن أبي الحديد قال : إنّهم بعد بني عبد مناف أشرف طوائف

____________________

( ١ ) الكامل لابن الأثير ٥ : ٥٢٦ ٥٢٧ .

( ٢ ) سنن ابن أبي داود ٤ : ٢٨٩ ح ٤٩٥٦ ، دار الفكر البخاري ٨ : ٥٣ دار الفكر .

( ٣ ) الاستيعاب ١ : ١٣٩ ترجمة حزن بن أبي وهب .

٢١

قريش كان كلامه صحيحا ، فلما سمع أبو قحافة أبو صديقهم قيام ابنه بالأمر تعجّب من تقدّم تيم الرذل على اولئك فقال : كيف رضيت بنو عبد مناف و بنو مخزوم بذلك(١) .

و كون مخزوم ريحانة قريش ليس وصفا من انشائهعليه‌السلام ، بل كان مقولا قبلهعليه‌السلام و قد فسّرهعليه‌السلام لهم بتفسير حسن بأن لم يقتصر على حبّ نكاح نسائهم بل زاد حبّ حديث رجالهم فروى أبو عبيدة في كتاب تاجه و قد نقله ابن أبي الحديد(٢) في موضع آخر إنّ خالد بن عبد الرحمن المخزومي دخل مسجد الكوفة ، فانتهى إلى حلقة فيها أبو الصقعب التيمي من تيم الرباب و كان من أعلم الناس فلما سمع علمه و حديثه حسده فقال له : ممن الرجل ؟

قال : من تيم الرباب فقال له : ما أنت من سعد الأكثرين و لا حنظلة الأكرمين و لا عمرو الأشدّين فقال له أبو الصقعب : فممّن أنت ؟ قال : من بني مخزوم قال :

و اللَّه ما أنت من هاشم المنتجبين و لا امية المستخلفين و لا عبد الدار المستحجبين فبم تفخر ؟ قال : نحن ريحانة قريش قال أبو الصقعب : قبحا لما جئت به ، و هل تدري لم سمّيت مخزوم ريحانة قريش ؟ سمّيت بحظوة نسائها عند الرجال فأفحمه .

و في خبر خالد بن صفوان مع السفاح : لما جعل يصف له أقسام النساء الجواري و الحرائر ليرغبه فيهن و يعطيه جائزة ، فسمعت ام سلمة امرأة السفاح ذلك و بعثت من خدمها من ضربه شديدا ، فعكس الأمر لارضاء ام سلمة و قال للسفاح : أخبرتك أنّ بني مخزوم ريحانة قريش و عندك ريحانة من الرياحين و أنت تسطح بعينك إلى حرائر النساء و الإماء .

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن الحديد ١٨ : ٢٨٥ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ١٥ : ١٣٢ .

٢٢

ثم اعتذاره بأنّهعليه‌السلام لم يقصد احتقار مخزوم ، خبط في خبط فلم يكنعليه‌السلام أوّلا في مقام المفاخرة بل في مقام بيان صفات طوائف قريش ، و ثانيا أي ربط لهذا الكلام بمفاخرته مع عبد شمس و هل كون كتابهعليه‌السلام إلى معاوية « منّا النبيّ و منكم المكذّب » الوارد في ذلك يجعل كلّ كلام كذلك ، و ثالثا لم يمر ذكر مخزوم بالعرض كيف و في العنوان ذكر أوّلا ، و رابعا ان قوله « و عليعليه‌السلام إنّما يذكر من قبله » غلط ، فهذا شي‏ء عام فكل إنسان يصف طائفة يصف من وجد منهم لا من يوجد بعده ، و انّما فرقهعليه‌السلام مع باقي الناس أنّه لا يكترث بغير الفضائل الدينية و الأخلاقية .

هذا ، و في ( الأغاني ) : وفد عمر بن أبي ربيعة على عبد الملك فسأله عن مفاخرته مع الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب ، فقال : بينا أنا جالس في المسجد الحرام في جماعة من قريش إذ دخل الفضل و وافقني و أنا أتمثّل بهذا البيت :

و أصبح بطن مكّة مقشعرا

كأن الأرض ليس بها هشام

فقال : يا أخا بني مخزوم إنّ بلدة تبجح بها عبد المطلب و بعث فيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و فيها بيت اللَّه تعالى لحقيقة ألا تقشعر لهشام ، و إنّ أشعر من هذا البيت و أصدق قول من يقول :

انما عبد مناف جوهر

زين الجوهر عبد المطلب

فقلت : يا أخا بني هاشم أشعر من صاحبك الذي يقول :

إنّ الدليل على الخيرات أجمعها

أبناء مخزوم للخيرات مخزوم

فقال لي : أشعر و اللَّه من صاحبك الذي يقول :

جبريل أهدى لنا الخيرات أجمعها

أرام هاشم لا أبناء مخزوم

فقلت في نفسي : غلبني و اللَّه ، ثم حملني الطمع في انقطاعه عني فقلت له :

٢٣

بل أشعر منه الذي يقول :

أبناء مخزوم الحريق إذا

حرّكته تارة ضرما

يخرج منه الشرار مع لهب

من حاد عن حده فقد سلما

فأقبل علي و قال : أشعر من صاحبك و أصدق الذي يقول :

هاشم بحر إذا سما و طما

أخمد حر الحريق و اضطرما

و اعلم و خير القول أصدقه

بأنّ من رام هاشما هشما

فتمنيت و اللَّه أن الأرض ساخت بي ، ثم تجلدت عليه فقلت : أشعر من صاحبك الذي يقول :

أبناء مخزوم أنجم طلعت

للناس تجلو بنورها الظلما

تجود بالنيل قبل تساله

جودا هنيئا و تضرب البهما

فأقبل عليّ بأسرع من اللحظ ، ثم قال أشعر من صاحبك و أصدق الذي يقول :

هاشم شمس بالسعد مطلعها

إذا بدت أخفت النجوم معا

اختارنا اللَّه في النبي فمن

قارعنا بعد أحمد قرعا

فأسودت الدّنيا في عيني ، فانقطعت فلم أجد جوابا ، ثم قلت له : يا أخا بني هاشم ان كنت تفتخر علينا بالنبي فما تسعنا مفاخرتك فقال : كيف لا أفتخر به و لو كان منك لفخرت به علي فقلت : صدقت إنّه لموضع الفخار .

و سررت بقطع الكلام إذ ابتدأ المناقضة ، ثم قال : قد قلت فلم أجد بدا من الاستماع فقلت : هات فقال :

نحن الذين إذا سما بفخارهم

ذو الفخر أقعده هناك القعدد

افخر بنا ان كنت يوما فاخرا

تلفى الاولى فخروا بفخرك أفردوا

قل يابن مخزوم لكلّ مفاخر

منّا المبارك ذو الرسالة أحمد

٢٤

ما ذا يقول ذو الفخار هنا لكم

هيهات ذلك هل ينال الفرقد

فحصرت و تبلدت ثم قلت له : أنظرني و فكّرت مليّا ثم أنشأت أقول :

لا فخر إلاّ قد علاه محمّد

فإذا فخرت به فاني أشهد

ان قد فخرت وفقت كلّ مفاخر

و إليك في الشرف الرفيع المقصد

و لنا دعائم قد تناهى أول

في المكرمات جرى عليها المولد

من دامها حاشى النبي و أهله

في الأرض غطغطه الخليج المزبد

دع ذا ورح بفناء خودبضة

مما نطقت به و غنى معبد

مع فتية تندى بطون أكفّهم

جودا إذا هزّ الزمان الأنكد

يتناولون سلافة عامية

طابت لشاربها و طاب المقعد

فو اللَّه لقد أجابني بجواب مثل كان أشدّ عليّ من الشعر ، فقال لي : يا أخا بني مخزوم : « أريك السها و تريني القمر » فقلت له : لا أرى شيئا أصلح من السكوت فضحك و قام عنّي قال : فضحك عبد الملك حتى استلقى(١) .

« و أما بنو عبد شمس فأبعدها رأيا ، و أمنعها لما وراء ظهورها » في ( بيان الجاحظ ) : خاض جلساء عبد الملك يوما في قتل عثمان ، فقال رجل منهم : في أي سنّك كنت يومئذ ؟ قال : كنت دون المحتلم قال : فما بلغك من حزنك عليه ؟

قال : شغلني الغضب له عن الحزن عليه(٢) .

و في ( موفقيات ابن بكار ) : كتب مروان إلى معاوية في معنى قتل عثمان و كونه بصدد الانتقام من قتلته :

و لقد طويت أديمهم على نغل يحلم منه الجلد ، كذبت نفس الظأن بنا ترك المظلمة و حبّ الهجوع ، الا تهويمة الراكب العجل حتى تجذ جماجم و جماجم

____________________

( ١ ) الأغاني ١٦ : ١٨٦ ١٨٩ .

( ٢ ) بيان الجاحظ ٢ : ٣٢١ .

٢٥

جذ العراجين المهدلة حين إيناعها و انا على صحة نيتي و قوّة عزيمتي و تحريك الرحم لي و غليان الدم مني غير سابقك بقول و لا متقدّمك بفعل ، و أنت ابن حرب طلاب الترات و آبي الضيم ، و كتابي إليك و انا كحرباء السبب في الهجير ترقب عين الغزالة و كالسبع المفلت من الشرك يفرق من صوت نفسه .

و كتب إليه عبد اللَّه بن عامر : و إنّا بني عبد شمس معشر أنف غرّ حجاج طلاب أوتار ، و اللَّه لو كان ذميّا مجاورنا ليطلب العزّ لم نقعد عن الجار ، فكيف عثمان لم يدفن بمزبلة على القمامة مطروحا .

و كتب إليه الوليد بن عقبة : فمل‏ء بطني عليّ حرام إلاّ مسكة الرمق ، حتى أفري أوداج قتلة عثمان فري الاهب بشبات الشفار ، و أما اللين فهنيهات إلا خيفة المرتقب يرتقب غفلة الطالب ، انا على مداجاة و لما تبد صفحاتنا بعد ، و ليس دون الدم بالدم مرحل ، ان العار منقصة و الضعف ذل ، أيخبط قتلة عثمان زهرة الحياة الدّنيا و يسقون برد المعين و لما يمتطوا الخوف و يستحلسوا الحذر ، مع بعد مسافة الطرد و امتطاء العقبة الكؤود في الرحلة ، لا دعيت لعقبة ان كان ذلك حتى أنصب لهم حربا تضع الحوامل لها أطفالها إلى أن قال :

نومي عليّ حرام ان لم أقم

بدم ابن امي من بني العلات

قامت عليّ إذا قعدت و لم أقم

بطلاب ذاك مناحة الأموات(١)

و في ( كامل المبرّد ) : قال أحد الأمويين :

إذا ما وترنا لم ننم عن تراتنا

و لم نك أوغالا نقيم البواكيا

____________________

( ١ ) لا وجود له في أخبار الموفقيات ، لكنه موجود في ابن أبي الحديد ١٠ : ٢٣٣ ، نقلا عن الموفقيات .

٢٦

و لكننا نمضي الجياد شوازبا

فنرمي بها نحو الترات المراميا(١)

« و أما نحن فأبذل لما في أيدينا » قال ابن الزبعرى في هاشم و اسمه عمرو :

عمرو العلى هشم الثريد لقومه

و رجال مكّة مسنتون عجاف

قال الجاحظ : عم ابن الزبعرى أهل مكّة بالأزل و العجف و جعل هاشما الذي هشم لهم الخبز و الثريد ، فغلب هذا اللقب على اسمه حتى صار لا يعرف إلاّ به .

و قال الجاحظ أيضا : كان أكثر ما يهب الملك من العرب مائة بعير ، فيقال ( ذهب هنيدة ) و انما يقال ذلك إذا أريد غاية المدح ، و لقد وهب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لرجل ألف بعير .

و في ( خلفاء ابن قتيبة ) : ذكروا أنّ عبد اللَّه بن أبي محجن الثقفي قدم إلى معاوية و قال له : أتيتك من عند العي الجبان البخيل ابن أبي طالب فقال له معاوية : أتدري ما قلت ؟ أما قولك العي فو اللَّه لو أن ألسن الناس جمعت فجعلت لسانا واحدا لكفاها لسان علي ، و امّا انّه جبان فثكلتك امك هل رأيت أحدا قط بارزه إلاّ قتله ، و أما قولك إنّه بخيل فو اللَّه لو كان لعلي بيتان أحدهما من تبر و الآخر من تبن لأنفذ تبره قبل تبنه فقال الثقفي : فعلام تقاتله ؟ قال : على دم عثمان و على هذا الخاتم الذي من جعله في يده جازت طينته فضحك الثقفي و لحق بهعليه‌السلام (٢) .

« و أسمح بنفوسنا عند الموت » في ( الطبري ) : ان الحر قال للحسينعليه‌السلام لما أرسله ابن زياد إليه : أذكرك في نفسك ، فاني أشهد لئن قاتلت لتقتلن و لئن قوتلت لتهلكن فيما أرى فقال له الحسينعليه‌السلام : أفبالموت تخوّفني ، و هل يعدو

____________________

( ١ ) الكامل للمبرّد ٣ : ٧ .

( ٢ ) الخلفاء لابن قتيبة : ١١٤ .

٢٧

بكم الخطب أن تقتلوني ، أقول لك ما قال أخو الأوس لابن عمه لقيه و هو يريد نصرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : أين تذهب فانّك مقتول فقال :

سأمضي و ما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقّا و جاهد مسلما

و آسى الرجال الصالحين بنفسه

و فارق مثبورا يغش و يرغما(١)

و فيه بعد ذكر أسر أهل البيت و إدخالهم على يزيد دعا يزيد يوما علي بن الحسينعليهما‌السلام و دعا عمرو بن الحسن بن علي و هو غلام صغير ، فقال لعمرو : أتقاتل هذا الفتى ؟ يعني خالدا ابنه قال : لا و لكن اعطني سكينا ثم اقاتله فقال له يزيد و ضمّه « شنشنة أعرفها من أخزم » هل تلد الحية إلاّ حيّة .

و في ( تنبيه البكري على أوهام القالي ) : عن عمرو بن دينار قال : قال الحجاج لعلي بن الحسينعليهما‌السلام : أنتم كنتم أكرم عند شيخكم من آل الزبير عند شيخهم قال ذلك لأنّه لم يشهد الطف أحد من بني هاشم أطاقت يده حمل حديدة إلاّ قتل قبل الحسينعليه‌السلام ، و قتل الحجاج عبد اللَّه بن الزبير و طاف من العشي بين عباد و عامر ابني عبد اللَّه واضعا يديه عليهما(٢) .

هذا ، و في ( نسب قريش مصعب الزبيري ) : إنّ الحسن المثنى لما وفد على عبد الملك لمنع الحجاج من إشراكه عمر الأطراف معه في صدقات جدّه و لقيه يحيى بن الحكم فقال له : سأنفعك عند عبد الملك و لما دخل الحسن على عبد الملك قال له عبد الملك : أسرع إليك الشيب و يحيى في المجلس فقال له :

و ما يمنعه شيبه أماني أهل العراق كلّ عام يقدم عليه منهم ركب يمنونه الخلافة فأقبل عليه الحسن فقال له : بئس الرفد و اللَّه رفدت ، و ليس كما قلت و لكنّا أهل البيت يسرع إلينا الشيب و عبد الملك يسمع فأقبل عليه و قال : هلم

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣٠٥ .

( ٢ ) في ذيل الأمالي كما ذكره العلامة التستري : ١٧٤ .

٢٨

ما قدمت له فأخبره بقول الحجاج ، فقال : ليس ذلك له و لما خرج لقيه يحيى فعاتبه الحسن على سوء محضره فقال له يحيى : أيها و اللَّه ما يزال يهابك ، و لو لا هيبته إيّاك ما قضى لك حاجة و ما ألوتك رفدا(١) .

« و هم أكثر و أمكر و أنكر » في ( الطبري ) في واقعة الحرة لما بايع أهل المدينة عبد اللَّه بن حنظلة الغسيل على خلع يزيد وثبوا على عثمان بن محمد بن أبي سفيان و من بالمدينة من بني امية و مواليهم و من يرى رأيهم من قريش ، فكانوا نحوا من ألف رجل ، فخرجوا بجماعتهم حتى نزلوا دار مروان ، فكتب بنو امية إلى يزيد مع رسول و خرج معه عبد الملك إلى ثنية الوداع و قال له : قد أجلتك اثنتي عشرة ليلة ذاهبا و اثنتي عشرة ليلة مقبلا ، فوافني لأربع و عشرين ليلة في هذا المكان تجدني جالسا أنتظرك فقدم على يزيد و هو جالس على كرسي واضع قدميه في ماء طست من وجع كان يجده و يقال كان به النقرس فقرأه ثم قال :

لقد بدّلوا الحلم الذي من سجيتي

فبدّلت قومي غلظة بليان

ثم قال : أما يكون بنو امية و مواليهم ألف رجل ؟ قال : بلى و أكثر قال : فما استطاعوا أن يقاتلوا ساعة قال : أجمع الناس عليهم فلم يكن لهم بهم طاقة إلى أن قال و أقبل مسلم بن عقبة بالجيش حتى إذا بلغ أهل المدينة إقباله وثبوا على من معهم من بني امية فحصروهم في دار مروان و قالوا : لا نكفّ عنكم حتى نستنزلكم و نضرب أعناقكم أو تعطونا عهد اللَّه و ميثاقه لا تبغونا غائلة و لا تدلون لنا على عورة إلى أن قال فقال عبد الملك لمسلم بن عقبة : أرى أن تسير بمن معك فتنكب هذا الطريق حتى إذا انتهيت إلى أدنى نخيل بالمدينة نزلت حتى إذا كان الليل أذكيت الحرس حتى إذا أصبحت تركت المدينة ذات

____________________

( ١ ) النسب ، لمصعب الزبيري : ٤٦ ٤٧ .

٢٩

اليسار حتى تأتيهم من قبل الحرة مشرقا ثم تستقبل القوم و قد أشرفت عليهم و طلعت الشمس طلعت بين أكتاف أصحابك ، فلا تؤذيهم و تقع في وجوههم فيؤذيهم حرّها و تصيبهم أذاها ، و يرون ما دمتم مشرقين ايتلاق بيضكم و حرابكم و أسنة رماحكم و سيوفكم و دروعكم و سواعدكم ما لا ترونه أنتم لشي‏ء من سلاحهم ما داموا مغربين فقال له مسلم : للَّه أبوك أي امرى‏ء ولد إلى أن قال فدخل مسلم بن عقبة المدينة فدعا الناس للبيعة على أنّهم خول ليزيد يحكم في دمائهم و أموالهم و أهليهم ما شاء(١) .

و فيه : قال خالد بن يزيد ذات يوم لعبد الملك بن مروان : عجب منك و من عمرو بن سعيد كيف أصبت غرته ؟ فقال :

دانيته مني ليسكن روعه

فأصول صولة حازم مستمكن

غضبا و محمية لديني انّه

ليس المسي‏ء سبيله كالمحسن

« و نحن أفصح » قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أفصح من نطق بالضاد و قال الصادقعليه‌السلام : اعربوا حديثنا فانّا قوم فصحاء(٢) .

« و أنصح و أصبح » كان يقال لهاشم القمر لجماله .

قال الجاحظ في كتابه ( فضل هاشم ) يقال لهاشم القمر ، و في ذلك يقول مطرود الخزاعي و كان بينه و بين بعض قريش شي‏ء فدعاه إلى المحاكمة إلى هاشم و قال :

إلى القمر الساري المنير دعوته

و مطعمهم في الازل من قمع الجزر

و كان عبد المطلب أجمل الناس جمالا و أظهرهم جودا و أكملهم كمالا ،

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣٧٠ .

( ٢ ) الكافي ١ : ٥٢ ح ١٣ .

٣٠

و كان الزبير بن عبد المطلب شجاعا أبيّا و جميلا بهيا(١) .

و في ( المقاتل ) لأبي الفرج : كان العباس بن عليعليه‌السلام رجلا و سيما جميلا يركب الفرس المطهم و رجلاه تخطان في الأرض ، و كان يقال له قمر بني هاشم(٢) .

هذا ، و في ( المروج ) : إنّ صعصعة لما ورد بكتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام على معاوية قال له معاوية : ممّن الرجل ؟ قال : من نزار فقال له : ما كان نزار ؟

قال : كان إذا غزا نكّس و إذا لقى افترس و إذا انصرف احترس .

قال : فمن أي أولاده ؟ قال : من ربيعة قال : و ما كان ربيعة ؟ قال : كان يطيل النجاد و يعول العباد و يضرب ببقاع الأرض العماد قال : فمن أي أولاده أنت ؟ قال : من جديلة قال : و ما كان جديلة ؟ قال : كان في الحرب سيفا قاطعا و في المكرمات غيثا نافعا و في اللقاء لهبا ساطعا قال : فمن أي أولاده ؟ قال : من عبد القيس قال : و ما كان عبد القيس ؟ قال : كان حضريا خصيبا أبيض وهابا لضيفه ما يجد و لا يسأل عمّا فقد ، كثير المرق طيب العرق ، يقوم للناس مقام الغيث من السماء قال : ويحك يابن صوحان فما تركت لهذا الحي من قريش مجدا و لا فخرا قال : بلى و اللَّه تركت لهم ما لا يصلح إلاّ بهم ، تركت لهم الأبيض و الأحمر و الأصفر و الأشقر و السرير و المنبر و الملك إلى المحشر ، و أنّى لا يكون ذلك كذلك و هم منار اللَّه في الأرض و نجومه في السماء ففرح معاوية و ظنّ ان كلامه يشتمل على قريش كلّها فقال : صدقت يابن صوحان ان ذلك كذلك فعرف صعصعة ما أراد فقال : ليس لك و لا لقومك في ذلك إصدار و لا ايراد ، بعدتم عن أنف المرعى و علوتم عن عذب الماء قال : فلم ذلك و يلك يابن

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ١٥ : ١٩٩ ٢٠٠ .

( ٢ ) المقاتل لأبي الفرج : ٥٦ .

٣١

صوحان قال : الويل لأهل النار انما ذلك لبني هاشم فقال له معاوية : قم فقال صعصعة : « الصدق ينبى‏ء عنك لا الوعيد »(١) .

هذا ، و روى ( نوادر نكاح الفقيه ) عن محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام قال :

ان اللَّه تعالى خلق الشهوة عشرة أجزاء تسعة في الرجال و واحدة في النساء ، ذلك لبني هاشم و شيعتهم ، و في نساء بني أمية و شيعتهم عشرة أجزاء تسعة في النساء و واحدة في الرجال ٢ .

٣ الكتاب ( ١٨ ) و من كتاب لهعليه‌السلام

إلى عبد اللَّه بن العباس و هو عامله على البصرة :

اِعْلَمْ أَنَّ ؟ اَلْبَصْرَةَ ؟ مَهْبِطُ ؟ إِبْلِيسَ ؟ وَ مَغْرِسُ اَلْفِتَنِ فَحَادِثْ أَهْلَهَا بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَ اُحْلُلْ عُقْدَةَ اَلْخَوْفِ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَ قَدْ بَلَغَنِي تَنَمُّرُكَ ؟ لِبَنِي تَمِيمٍ ؟

وَ غِلْظَتُك عَلَيْهِمْ وَ إِنَّ ؟ بَنِي تَمِيمٍ ؟ لَمْ يَغِبْ لَهُمْ نَجْمٌ إِلاَّ طَلَعَ لَهُمْ آخَرُ وَ إِنَّهُمْ لَمْ يُسْبَقُوا بِوَغْمٍ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَ لاَ إِسْلاَمٍ وَ إِنَّ لَهُمْ بِنَا رَحِماً مَاسَّةً وَ قَرَابَةً خَاصَّةً نَحْنُ مَأْجُورُونَ عَلَى صِلَتِهَا وَ مَأْزُورُونَ عَلَى قَطِيعَتِهَا فَارْبَعْ ؟ أَبَا اَلْعَبَّاسِ ؟ رَحِمَكَ اَللَّهُ فِيمَا جَرَى عَلَى لِسَانِكَ وَ يَدِكَ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ فَإِنَّا شَرِيكَانِ فِي ذَلِكَ وَ كُنْ عِنْدَ صَالِحِ ظَنِّي بِكَ وَ لاَ يَفِيلَنَّ رَأْيِي فِيكَ وَ اَلسَّلاَمُ أقول : قال ابن ميثم روي أنّ ابن عباس كان قد أضر ببني تميم حين ولّى البصرة للذي عرفهم به من العداوة يوم الجمل لأنّهم كانوا من شيعة طلحة و الزبير و عائشة ، فحمل عليهم ابن عباس فأقصاهم و تنكّر عليهم و عيّرهم

____________________

( ١ ) المروج ٣ : ٣٨ .

( ٢ ) الكافي ٥ : ٣٣٨ ، نوادر نكاح الفقيه ٣ : ١٩٢ .

٣٢

بالجمل حتى كان يسمّيهم شيعة الجمل و أنصار عسكر اسم جمل عائشة كما في ( الدميري ) فاشتدّ ذلك على نفر من شيعة عليعليه‌السلام من بني تميم منهم جارية بن قدامة و في المصدر حارثة فكتب بذلك إليهعليه‌السلام يشكوه ، فكتبعليه‌السلام إليه : أما بعد ، فان خير الناس عند اللَّه أعملهم بطاعته في ما عليه و له ، و أقولهم بالحق و ان كان مرّا ألا و انّه بالحق قامت السماوات و الأرض فيما بين العباد ، فلتكن سريرتك كعلانيتك و ليكن حكمك واحدا و طريقك مستقيما ، و اعلم ان البصرة .(١) .

و في ( صفين نصر ) : كان عليعليه‌السلام قد استخلف بعد الجمل ابن عباس على البصرة ، فكتب إليه يذكر اختلافهم ، فكتبعليه‌السلام إليه : أمّا بعد فقد قدم عليّ رسولك و ذكرت ما رأيت و بلغك عن أهل البصرة بعد انصرافي و سأخبرك عن القوم ، هم من بين مقيم لرغبة يرجوها أو عقوبة يخشاها ، فارغب راغبهم بالعدل و الانصراف و الاحسان إليه ، و حل عقدة الخوف عن قلوبهم ، فانّه ليس لأمراء البصرة في قلوبهم عظم إلاّ قليل منهم ، و انته إلى أمري و لا تعده و أحسن إلى هذا الحي من ربيعة ، و كل من قبلك فأحسن إليهم ما استطعت ان شاء اللَّه و السّلام و كتب عبيد اللَّه بن أبي رافع في ذي القعدة سنة ( ٣٧ ) .

و فيه أيضا : و كتب عليّعليه‌السلام إلى ابن عباس : أما بعد ، فان خير الناس عند اللَّه عز و جل أقومهم للَّه بالطاعة في ما له و عليه ، و أقولهم بالحق و لو كان مرّا ، فان الحق به قامت السماوات و الأرض ، و لتكن سريرتك كعلانيتك ، و ليكن حكمك واحدا و طريقتك مستقيمة ، فان البصرة مهبط الشيطان ، فلا تفتحن على يد أحد بابا لا يطيق سدّه نحن و لا أنت ، و السّلام .

« اعلم أنّ البصرة مهبط ابليس و مغرس الفتن » روى كامل بن قولويه عن

____________________

( ١ ) شرح ابن ميثم ٤ : ٣٩٥ .

٣٣

أبي عبد اللَّهعليه‌السلام قال : لما مضى الحسين بكى عليه جميع ما خلق اللَّه إلاّ ثلاثة البصرة و دمشق و آل عثمان .

« فحادث » أي : عامل .

« أهلها بالإحسان إليهم » فان الإنسان أسير الإحسان .

« و احلل عقدة الخوف عن قلوبهم » لئلا يجرّهم إلى احداث فتنة(١) .

« و قد بلغني » المبلغ كان جارية بن قدامة كما قال ابن ميثم لأنّه كان من تميم و ان كان شيعتهعليه‌السلام .

« تنمرك » أي : تنكّرك كالنمر ، و النمر لا تلقاه أبدا إلاّ متنكرا غضبان(٢) ، و قال الجوهري في قول الشاعر :

قوم إذا لبسوا الحديد

تنمّروا حلقا وقدا(٣)

أي : تشبّهوا بالنمر لاختلاف ألوان القد و الحديد .

« لبني تميم و غلظتك عليهم » انّما تنمّر لهم و غلظ عليهم لأنّهم كانوا أعوان أهل الجمل ، فكان يسمّيهم كما في ( ابن ميثم ) : شيعة الجمل و أنصار عسكر اسم جمل عائشة و حزب الشيطان ، كما أنّهم في وقت غارات معاوية و بعث ابن الحضرمي إلى البصرة كانوا من أعوانه(٤) .

قال في ( المروج ) : راسل معاوية من بالعراق من تميم ليثبوا بعليعليه‌السلام ، فبلغه ذلك فقال في بعض مقاماته في كلام له طويل :

ان خبا يرى الصلاح فسادا

أو يرى الغي في الامور رشادا

____________________

( ١ ) صفين ، لنصر بن مزاحم : ١٠٥ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٤ : ٣٩٥ ، و هو ( حارثه ) و ليس ( جارية ) .

( ٣ ) الصحاح ٢ : ٧٣٨ مادة ( نمر ) .

( ٤ ) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٤ : ٣٩٥ .

٣٤

لقريب من الهلاك كما

أهلك سابور بالسواد إيادا(١)

« و إنّ بني تميم لم يغب لهم نجم إلاّ طلع لهم آخر » في ( تاريخ اليعقوبي ) :

كانت الرئاسة في تميم ، و كان أوّل رئيس منهم سعد بن زيد مناة بن تميم ثم حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم(٢) .

و في ( الصحاح ) : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : تميم كأهل مضر و عليها المحمل(٣) .

و في ( القاموس ) : حكّام العرب في الجاهلية أكثم بن صيفي و حاجب بن زرارة و الأقرع بن حابس و ربيعة بن مخاشن و ضمرة بن أبي ضمرة لتميم(٤) .

و في ( البيان ) : دخل الأحنف على معاوية فأشار له على الوساد فجلس على الأرض فقال له : ما منعك ؟ قال : ان فيما أوصى قيس بن عاصم المنقري ولده ان قال : لا تغش السلطان حتى يملك ، و لا تقطعه حتى ينساك ، و لا تجلس له على فراش و لا وساد ، و اجعل بينك مجلس رجل أو رجلين ، فانّه عسى أن يأتي من هو أولى بذلك المجلس مني فقال : لقد أوتيت تميم الحكمة مع رقة الحواشي(٥) .

و في ( الصناعتين ) لأبي هلال : قال رجل من قريش لخالد بن صفوان التميمي : ما اسمك ؟ قال : خالد بن صفوان بن الأهتم فقال : ان اسمك لكذب ما خلد أحد ، و ان أباك لصفوان و هو حجر ، و ان جدّك لأهتم قلت و الأهتم من كسر ثناياه و ان الصحيح خير من الأهتم فقال له خالد : من أي قريش أنت ؟

____________________

( ١ ) المروج ١ : ٢٨٠ .

( ٢ ) التاريخ لليعقوبي ١ : ٢٢٩ .

( ٣ ) الصحاح ٣ : ١٨١٤ مادة ( كهل ) .

( ٤ ) القاموس : ١٤١٥ مادة ( حكم ) .

( ٥ ) البيان و التبيين ٣ : ٥٤٠ .

٣٥

قال : من بني عبد الدار قال : فمثلك يشتم تميما في عزّها و حسبها و قد هشتمك هاشم و امتك امية و جمحت بك جمح و خزمتك مخزوم و أقصتك قصي ، فجعلتك عبد دارها و موضع شنارها ، تفتح لهم الأبواب إذا دخلوها و تغلقها إذا خرجوا(١) .

هذا ، و نظير قولهعليه‌السلام « لم يغب لهم نجم إلاّ طلع لهم آخر » قول أبي الطحان القيني :

و اني من القوم الذين هم هم

إذا مات منهم سيد قام صاحبه

نجوم سماء كلّما غاب كوكب

بدا كوكب تأوي إليه كواكبه

أضاءت لهم أحسابهم و وجوههم

دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه

و ما زال منهم حيث كانوا مسود

تسير المنايا حيث سارت كتائبه(٢)

و في ( العيون ) قال شبيب بن شيبة : إنّي لأعرف أمرا لا يتلاقى به اثنان إلاّ وجب النجح بينهما فقال له خالد بن صفوان : ما هو ؟ قال : العقل ، فان العاقل لا يسأل ما لا يجوز و لا يرد عمّا يمكن فقال له خالد : نعيت إليّ نفسي ، انّا أهل بيت لا يموت منّا أحد حتى يرى خلفه(٣) .

« و إنّهم لم يسبقوا بوغم » أي : ترة و حقد .

و في ( الأغاني ) : قدم عمارة بن تميم و محمد بن الحجاج سجستان لحرب ابن الأشعث ، فلما قدماها هرب و لم يبق من أصحابه بسجستان إلاّ نحو سبعمائة رجل من بني تميم كانوا مقيمين بها فقال لهما أبو حزابة التميمي الشاعر : ان الرجل قد هرب منكما و لم يبق من أصحابه أحد و انما

____________________

( ١ ) الصناعتين : ٣٥٥ ٣٥٦ .

( ٢ ) الأغاني لابي الفرج الاصفهاني ١٣ : ٩ .

( ٣ ) العيون ٣ : ١١٩ .

٣٦

بسجستان من كان بها من بني تميم قبل قدومه فقالا : ما لهم عندنا أمان لأنّهم كانوا مع ابن الأشعث و خلعوا الطاعة فقال : ما خلعوا الطاعة و لكنه ورد عليهم في جمع عظيم لم يكن لهم بدفعه طاقة فلم يجيباه إلى ما أراد فعاد إلى قومه و حاصرهم أهل الشام فاستقلت بنو تميم ، فكانوا يخرجون إليهم في كل يوم فيواقعونهم و يبيتونهم بالليل و ينتهبون أطرافهم حتى ضجروا بذلك ، فلما رأى عمارة فعلهم صالحهم و خرجوا إليه ، فلما رأى قلتهم قال : ما كنتم إلاّ ما أرى قالوا : لا فان شئت أن نقيلك الصلح أقلناك وعدنا للحرب فقال : أنا غني عن ذلك فقال أبو حزابة :

للَّه عينا من رأى من فوارس

أكر على المكروه منهم و أصبرا

و أكرم لو لاقوا سوادا مقاربا

و لكن لقواطما من البحر أخضرا

فما برحوا حتى أعضوا سيوفهم

ذرى الهام منهم و الحديد المسمرا

و حتى حسبناهم فوارس كهمس

حيوا بعدما ماتوا من الدهر أعصرا(١)

و في ( البيان ) : ذكر مؤمل بن خاقان ان تميم بن مر قال في خطبته : ان تميما لها الشرف العود ، و العزّ الأقعس و العدد الهيضل ، و هي في الجاهلية القدام و الذروة و السنام ، و قد قال الشاعر :

فقلت له و انكر بعض شأني

ألم تعرف رقاب بني تميم(٢)

____________________

( ١ ) الأغاني ٢٢ : ٢٦٧ ٢٦٨ .

( ٢ ) البيان ١ : ١١٩ .

٣٧

و فيه أيضا : لما حضرت قيس بن عاصم الوفاة دعا بنيه فقال : يا بني احفظوا عني فلا أحد أنصح لكم مني ، إذا مت فسودوا كباركم و لا تسودوا صغاركم فيسفه الناس كباركم ، و لا تهونوا عليهم و عليكم باصلاح المال فانّه منبهة للكريم و يستغنى به عن اللئيم ، و إيّاكم و مسألة الناس فانّها أخزى كسب الرجل(١) .

و فيه : سئل دغفل النسابة عن تميم قال : حجر أخشن ان دنوت منه آذاك و ان تركته أعفاك(٢) و قال الراجز :

ان تميما اعطيت تماما

و اعطيت مآثرا عظاما

و عددا و حسبا قمقاما

و بازخا من عزّها قداما

في الدهر أعيى الناس ان يراما

إذا رأيت منهم الأجساما

و الدل و الشيمة و الكلاما

و اذرعا و قصرا و هاما

عرفت ان لم يخلقوا طغاما

و لم يكن أبوهم مسقاما

لم تر في من يأكل الطعاما

أقل منهم سقطا وذاما

و في ( موفقيات ابن بكار ) : كان عبد الرحمن بن حسان معنى غريضا ذا كبر و نخوة ، فكتب من المدينة إلى مسكين بن عامر بن شريح بن عمرو بن عمرو ابن عدس بن زيد بن عبد اللَّه بن دارع يدعوه إلى المفاخرة و التهاجي في كتاب إلى أن قال فقال مسكين في قصيدة :

فان يبل الشباب فكلّ شي‏ء

سمعت به سوى الرحمن بال

الا ان الشباب ثياب لبس

و ما الأموال إلا كالظلال

و ما أدري و ان جامعت قوما

أفيهم رغبتي أم في الزيال

____________________

( ١ ) البيان ٢ : ٨٠ .

( ٢ ) البيان ٢ : ٨٠ .

٣٨

و عاملة و ما تدري أفيه

يكون نجاحها أم في الحيال

لعلّك يابن فرخ اللؤم تنمي

تروم الراسيات من الجبال

فانّك لن تنال المجد حتى

ترد الماضيات من الليالي

أبي مضر الذي حدّثت عنه

و كلّ ربيعة الاثرين خالي

و اني حين أنسب من تميم

لفي الشمّ الشماريخ الطوال

و آبائي بنو عدس بن زيد

و خالي البشر بشر بني هلال

كساني عزّتي عمرو بن عمرو

و ردّاني زرارة بالفعال

كفانا حاجب كسرى و قوما

هم البيض الكرام ذوو السبال

و سار عطارد حتى أتاهم

فأعطوه المنى غير انتحال

قال : « كفانا حاجب » يعني كفى العرب جميعا أمر كسرى حيث منعهم أن يرعوا في بلاد العجم إلا بضمين ، فرهنه قوسه فأطلقه .

و ذو القرنين آخاه لقيط

و كان صفيّه دون الرجال

و ذو القرنين عمرو بن هند .

هما حبيا بديباج كريم

و ياقوت يفصل بالمحال

و كان الحازم القعقاع منّا

لزاز الخصم و الأمر العضال

شريح فارس النعمان جدي

و نازلها إذا دعيت نزال

و قاتل خاله بأبيه منّا

سماعة لم يبع حسبا بمال

و ندمان ابن جفنة كان خالي

ففارقه و ليس له بقال

و يوم مظلم لبني تميم

جلونا شمسه و الكف عال

دعتنا الحنظلية إذ لحقنا

و قد حملت على جمل ثقال

فأدركها و لم يعدل شريح

و اعوج عند مختلف العوالي

فغرنا ان غيرتنا كذاكم

إذا برز النساء من الحجال

٣٩

متى نأسر و نؤسر في اناس

و يوجع كلّما عقد الحبال

فنحن الذائدون إذا بدئنا

و لا يرضون منّا بالبدال

إلى أن قال :

كأنّ قدور قومي كلّ يوم

قباب الترك ملبسة الجلال

أمام الحي تحملها أثاف

ململمة كأثباج الرئال

كأنّ الموقدين لها جمال

طلاها الزفت و القطران طال

بأيديهم معازف من حديد

يشبهها مقيرة الدوالي

و قال في قوله « متى نأسر و نؤسر في أناس » : أسرت بنو أسد رجلا من زرارة و في بني زرارة أسير من بني أسد فعوّضوه به ، فأبت بنو أسد حتى زادوهم في فداء الزراري(١) .

و في ( بلاغات نساء البغدادي ) : قال معاوية لجروة بنت غالب التميمية :

أخبريني عن قومك قالت : هم أكثر الناس عددا و أوسعهم بلدا و أبعدهم أمدا ، هم الذهب الأحمر و الحسب الأفخر ، اما بنو عمرو بن تميم فأصحاب بأس و نجدة و تحاشد و شدّة ، لا يتخاذلون عند اللقاء و لا يطمع فيهم الأعداء ، سلمهم فيهم و سيفهم على عدوّهم ، و اما بنو سعد بن زيد مناة ففي العدد الأكثرون و في النسب الأطيبون ، يضرون ان غضبوا و يدركون ان طلبوا ، أصحاب سيوف و جحف و نزال و زلف ، على ان بأسهم فيهم و سيفهم عليهم ، و اما حنظلة فالبيت الرفيع و الحسب البديع و العزّ المنيع ، المكرمون للجار و الطالبون بالثار و الناقضون للأوتار ، و اما البراجم فأصابع مجتمعة و كفّ ممتنعة ، و اما طهية فقوم هوج و قرن لجوج ، و أما بنو ربيعة فصخرة صماء و حية رقشاء ، يغزون غيرهم و يفخرون بقومهم ، و أما بنو يربوع ففرسان

____________________

( ١ ) أخبار الموفقيات للزبيد بن بكار : ٢٦٦ ٢٧٢ .

٤٠