بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 639
المشاهدات: 237758
تحميل: 8107


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 237758 / تحميل: 8107
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 14

مؤلف:
العربية

قال حاجز الأزدي :

إن قد نصصت بعد ما شبت سيدا

تقول و تهدي من كلامك ما تهدى

« فالعصبة أولى » و زاد في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) « و يروى نص الحقاق » و العصبة كما قال الجوهري : البنون و قرابة الأب ، ( سمّوا بذلك لأنّهم عصبوا به أي : أحاطوا فالأب طرف و الابن طرف و العم جانب و الأخ جانب )(١) .

في ( كامل المبرد ) : قال فلان بن السائب الأسدي من أسد بن عبد العزّى : زوّجت ابنتي عمرو بن عثمان ، فلمّا نصّت عليه طلقها على المنصّة ، فجئت إلى ابن الزبير فقلت له إنّ عمرا طلّق ابنتي على المنصّة و قد ظنّ الناس أنّ ذلك لعاهة و أنت عمّها فقم فادخل إليها فقال : أو خير من ذلك جيئوني بمصعب أي أخيه فخطب فزوجها منه و أقسم ليدخلن بها في ليلته ، فلا تعرف امرأة نصت على رجلين في ليلتين ولاء غيرها(٢) .

و في ( الأغاني ) : قال أبو الهيثم : إجتمع مالك بن الريب و أبو صردبة و شظاظ يوما فقالوا : تعالوا نتحدّث بأعجب ما عملناه في سرقتنا إلى أن قال فقال شظاظ : كان لرجل من أهل البصرة بنت عم ذات مال كثير و هو وليّها و كان له نسوة فأبت أن تتزوجه فحلف ألاّ يزوجها من أحد ضرارا لها ، و كان يخطبها رجل غني من أهل البصرة فحرصت عليه و أبى الولي ، ثم إنّه حجّ حتّى إذا كان بالدّو(٣) على مرحلة من البصرة مات فدفن برابية و شيّد على قبره ، فتزوجت بالرجل الذي كان يخطبها ، و خرجت رفقة من البصرة معهم بز و متاع فتبصّرتهم و ما معهم و اتّبعتهم حتى نزلوا فلمّا ناموا

____________________

( ١ ) الصحاح للجوهري ١ : ١٨٣ مادة ( عصب ) .

( ٢ ) الكامل للمبرد ١ : ٤٣٣ .

( ٣ ) أرض ملساء بين مكة و البصرة .

٣٢١

بيّتّهم و أخذت من متاعهم .

ثم إنّ القوم لمّا انتبهوا أخذوني و ضربوني ضربا شديدا و جرّدوني ، و ذلك في ليلة قرة و سلبوني كلّ قليل و كثير فتركوني عريانا و تماوتّ لهم ، فارتحل القوم فقلت : كيف أصنع ؟ ثم ذكرت قبر الرجل فأتيته فنزعت لوحه ثم احتفرت فيه سربا فدخلت فيه ثم سددت عليّ باللوح و قلت لعلّي أدفأ فأتبعهم ، و مرّ الرجل الذي تزوج بالمرأة في الرفقة ، فمرّ بالقبر الذي أنا فيه فوقف عليه و قال لرفيقه : و اللَّه لأنزلنّ إلى قبر فلان حتى أنظر هل يحمي الآن بضع فلانة .

فعرفت صوته فقلعت اللوح ثم خرجت عليه من القبر و قلت : بلى و ربّ الكعبة لأحمينّها فوقع و اللَّه مغشيا عليه لا يتحرك و لا يعقل فجلست و أخذت كلّ أداة و ثياب عليه و مالا معه ، فكنت بعد ذلك أسمعه بالبصرة يحدّث الناس و يحلف لهم : إنّ الميت الذي كان منعه من تزويج المرأة خرج عليه من قبره بسلبه و كفنه فبقى يومه ثم هرب منه و الناس يعجبون منه ، فعاقلهم يكذبه و الأحمق منهم يصدقه و أنا أعرف القصة فأضحك منهم(١) .

هذا ، و في الكامل : كان ذو الأصبع العدواني رجلا غيورا و كانت له بنات أربع و كان لا يزوّجهنّ غيرة ، فاستمع عليهن يوما و قد خلون يتحدّثن ، فقالت قائلة منهنّ : لتقل كلّ واحدة منكن ما في نفسها و لتصدق ، ثم نقل أن إحداهنّ أنشدت أبياتا مشعرة بأنّها تريد زوجا شابّا غنيّا ، و الثانية عاقلا سخيّا ، و الثالثة ابن عمّ لها ، و سكتت الرابعة ، فقلن : لا ندعك حتى تقولين ، فقالت : زوج من عود خير من قعود فخطبن فزوّجهنّ(٢) .

و في ( تاريخ بغداد ) في محمد بن جعفر بن أحمد بن جعفر المعروف

____________________

( ١ ) الأغاني ٢٢ : ٢٩٨ ٢٩٩ .

( ٢ ) الكامل للمبرد ١ : ٤٢٧ ٤٤٩ .

٣٢٢

بزوج الحرة الذي روى عن الطبري و البغوي و غيرهما ، قال جعفر بن المكتفي العباسي كانت بنت بدر مولى المعتضد زوج المقتدر ، فأقامت عنده سنين و كان لها مكرما و عليها مفضلا الأفضال العظيم ، فتأثّلت حالها ، و انضاف ذلك إلى عظيم نعمتها الموروثة ، و قتل المقتدر و أفلتت من النكبة و سلم لها جميع أموالها و ذخائرها حتى لم يذهب لها شي‏ء و خرجت عن الدار .

قال : و كان يدخل إلى مطبخها حدث يحمل فيه على رأسه و كان حركا ، فنفق على القهارمة بخدمته فنقلوه إلى أن صار وكيل المطبخ و بلغها خبره و رأته فاستكاسته فردت إليه الوكالة في غير المطبخ و تراقى أمره حتى صار ينظر في ضياعها و عقارها و غلب عليها ، فصارت تكلّمه من وراء ستر و خلف باب أو ستارة ، و زاد اختصاصه بها حتى علق بقلبها فاستدعته إلى تزويجها فلم يجسر على ذلك ، فجسّرته و بذلت له مالا حتى تمّ لها ذلك و قد كانت حاله تأثلت بها و أعطته لمّا أرادت ذلك منه أموالا جعلها لنفسه نعمة ظاهرة لئلاّ يمنعها أولياؤها منه بالفقر و أنّه ليس بكف‏ء ، ثم هادت القضاة بهدايا جليلة حتى زوّجوها منه و اعترض الأولياء فغالبتهم بالحكم و الدراهم ، فتمّ له ذلك و لها ، فأقام معها سنين حتى ماتت فحصل له من مالها نحو ثلاثمائة ألف دينار قال : و هو الآن يعرف بزوج الحرّة ، و إنّما سمّيت الحرّة لأجل تزويج المقتدر بها و كذا عادة الخلفاء لغلبة المماليك عليهم إذا كانت لهم زوجة قيل لها : الحرّة(١) .

قلت : و المراد من قوله فيه « و أفلتت من النكبة » النكبة التي عرضت لزوجها المقتدر حتى قتل .

قول المصنف ( و النص منتهى الأشياء و مبلغ أقصاها كالنص في السير

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٢ : ١٥٣ ١٥٤ .

٣٢٣

لأنّه أقصى ما تقدر عليه الدابة ، و تقول نصصت الرجل عن الأمر ، إذا استقصيت مسألته عنه لتستخرج ما عنده فيه ، فنص الحقاق يريد به الإدراك لأنّه منتهى الصغر و الوقت الذي يخرج منه الصغير إلى حد الكبير ) .

ترى ان المصنف جعل الأصل في معنى النص الانتهاء و جعله الجامع بين قولهم « النص في السير » و قولهم « نصصت الرجل عن الأمر » ، و الأظهر كون الأصل فيه الإظهار كما صرّح به ابن دريد فقال : نصصت الحديث نصّا ، إذا أظهرته ، و نصصت العروس نصا ، إذا أظهرتها ، و نصصت البعير في السير نصّا ، إذا رفعته ، و نصصت الحديث ، إذا عزوته إلى محدثك به ، و نصصت العروس نصا ، إذا أقعدتها على المنصة ، و كلّ شي‏ء أظهرته فقد نصصته ، و نصة المرأة الشعر الذي يقع على وجهها من مقدّم رأسها .

( و هو من أفصح الكنايات عن هذا الأمر ) زاد ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم )(١) « و أغربها » فلا بدّ من سقوطه من نسخنا .

( فإذا بلغ النساء فالعصبة أولى بالمرأة إذا كانوا محرما مثل الإخوة و الأعمام ان أرادوا ذلك ) ما ذكره من أنّ الإخوة و الأعمام أولى بالمرأة ، مذهب العامة و الخبر من طريقهم ، و الأصل في نقله أبو عبيدة ، و عندنا إنّما الوليّ الأب و الجدّ بالإجماع إذا كانت صغيرة و على خلاف إذا كانت كبيرة باكرة ، و أمّا غيرهما فلا خلاف عندنا في عدم ولايتهما .

( و الحقاق محاقة الام للعصبة في المرأة و هو الجدال و الخصومة و قول كلّ واحد منهما للآخر أنا أحقّ منك بهذا ، يقال منه حاققته حقاقا مثل جادلته جدالا ) لا كلام في مجي‏ء الحقاق مصدر حاق بمعنى جادل كالمحاقة ، لكن (( الكلام )) في صحّة إضافة النص إليه بذاك المعنى فلم يذكر أحد أنه يقال

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٨ رقم ( ٢٦١ ) و شرح ابن ميثم ٥ : ٣٧٢ رقم ٤ .

٣٢٤

نصصت الجدال كما قالوا : نصصت الحديث و البعير و العروس كما مرّ .

( و قد قيل ان نص الحقاق بلوغ العقل و هو الإدراك ، لأنّهعليه‌السلام إنّما أراد منتهى الأمر الذي يجب فيه الحقوق و الأحكام ) هكذا في ( الطبعة المصرية )(١) و لكن في ( ابن أبي الحديد(٢) و ابن ميثم )(٣) « يجب به الحقوق و الأحكام » .

و كيف كان فقال الأول : لم ينقل أهل اللغة أن الحقاق استعملت في معنى الحقوق ( و من رواه نص الحقائق فإنّما أراد جمع حقيقة ) و في ( ابن أبي الحديد ) « و قال من رواه . » ، و الصواب ما في ( الطبعة المصرية ) لتصديق ( ابن ميثم ) له و لأنّه لا فاعل لقوله « و قال »(٤) .

( هذا معنى ما ذكره أبو عبيد ) زاد في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) « القاسم بن سلام » فلا بدّ من سقوطها من ( الطبعة المصرية )(٥) .

( و الذي عندي ان المراد بنصّ الحقاق هاهنا بلوغ المرأة إلى الحدّ الذي يجوز تزويجها و تصرّفها في حقوقها تشبيها بالحقاق من الإبل ) في ( اللسان )(٦) و الحقة نبز ام جرير بن الخطفي ، خطبها سويد بن كراع إلى أبيها فقال : إنّها لصغيرة صرعة ، فقال سويد : لقد رأيتها و هي حقة ، أي : كالحقة من الإبل في عظمها و إضافة النص إلى الإبل كثيرة ، فلما فقد زيد بن حارثة في طفوليته قال أبوه :

____________________

( ١ ) راجع شرح محمد عبده : ٧١٥ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٨ .

( ٣ ) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٥ : ٣٧٢ .

( ٤ ) راجع المصادر نفسها و الصفحات نفسها .

( ٥ ) راجع الطبعة المصرية : شرح محمّد عبده ٧١٦ و أيضا ابن أبي الحديد ٩ : ١٠٨ و أيضا ابن ميثم ٥ : ٣٧٣ .

( ٦ ) ابن منظور : لسان العرب ٣ : ٢٥٩ مادة ( حقق ) .

٣٢٥

سأعلم نص العيس في الأرض جاهدا

و لا أسأم التطواف أو تسأم الإبل

و قال زيد نفسه : لمّا حجّ ناس من قبيلته و رأوه عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم

و لا تعملوا في الأرض نص الأباعر(١)

( و هي جمع حقة و حق و هو الذي استكمل ثلاث سنين و دخل في الرابعة و عند ذلك يتمكن فيه من ركوب ظهره و نصه في السير )(٢) هكذا في الطبعة ( المصرية ) و الصواب ( في سيره ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) و الخطية(٣) ، و الجوهري جعل الحقق ايضا جمعهما(٤) .

( و الحقائق أيضا جمع حقة ، فالروايتان جميعا ترجعان إلى معنى واحد ) قال ( ابن أبي الحديد ) : الحقائق جمع حقاق ، و الحقاق جمع حق ، فالحقائق إذن جمع الجمع لحقّ لا لحِقة(٥) .

قلت : إذا كان الحقائق جمع الحقاق و الحقاق جمع حق و حقة بالاتفاق يصدق ان الحقائق جمع حقة كما قال المصنف .

هذا ، و قال ( ابن أبي الحديد ) : يمكن أن يقال الحقاق هاهنا الخصومة ، يقال : ما له فيه حق و لا حقاق ، أي : و لا خصومة ، و يقال لمن نازع : إنّه لنزق الحقاق أي : خصومة في الدنيّ من الأمر ، فيكون المعنى : إذا بلغت المرأة الحدّ

____________________

( ١ ) ذكر ابن حجر هذه الحكاية في الإصابة في تمييز الصحابة ٣ : ٢٥ .

( ٢ ) شرح محمد عبده : ٧١٦ .

( ٣ ) أورد شرح ابن ميثم لفظ « في السير » كما في الطبعة المصرية راجع شرح ابن ميثم ٥ : ٣٧٣ ، و أورد شرح ابن أبي الحديد لفظ « في سيره » ١٩ : ١٠٨ ، أما في النسخة الخطية فقد سقط النصّ في نسخة ( المرعشي ) .

( ٤ ) الصحاح للجوهري ٤ : ١٤٦ مادة ( حقق ) .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١١٠ .

٣٢٦

الذي يستطيع الإنسان فيه الخصومة و الجدال فعصبتها أولى بها من أمّها(١) .

قلت : ما ذكره تطويل بلا طائل و تكرار بلا حاصل ، فهو عين ما ذكره المصنف سابقا بقوله : « و الحقاق محاقّة الام للعصبة في امرأة و هو الجدال و الخصومة و قول كلّ واحد منهما للآخر أنا أحقّ منك » إلاّ أنّ ما عبّر به ( ابن أبي الحديد ) لفظ الصحاح و ما عبّر به المصنف لفظ الجمهرة و المعنى واحد .

و قال ( ابن ميثم ) : قيل يحتمل أن يراد بالنص الارتفاع ، يقال نصّت الضبيّة رأسها : إذا رفعته ، و منه منصة العروس لارتفاعها عليها ، و يكون قد استعار لفظ الحقاق لأثداء الصغيرة إذا نهدت و ارتفعت لشبهها بالحقة صورة ، أي : إذا بلغت المرأة حدّ ارتفاع أثدائهن كانت العصبة أولى(٢) .

قلت : لم يقل أحد : إن الحقاق جمع حقة بالضم ، بل اتّفقوا على أنّه جمع حق و حقّه بالكسر أي إبل دخل في الرابعة و استحق الحمل عليه ، فما ذكره ساقط و إن كان ما قاله من كون النص بمعنى الارتفاع صحيحا .

٧ من الخطبة ( ١٥١ ) اِعْقِلْ ذَلِكَ

 فَإِنَّ اَلْمِثْلَ دَلِيلٌ عَلَى شِبْهِهِ إِنَّ اَلْبَهَائِمَ هَمُّهَا بُطُونُهَا وَ إِنَّ اَلسِّبَاعَ هَمُّهَا اَلْعُدْوَانُ عَلَى غَيْرِهَا وَ إِنَّ اَلنِّسَاءَ هَمُّهُنَّ زِينَةُ اَلْحَيَاةِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْفَسَادُ فِيهَا إِنَّ اَلْمُؤْمِنِينَ مُسْتَكِينُونَ إِنَّ اَلْمُؤْمِنِينَ مُشْفِقُونَ إِنَّ اَلْمُؤْمِنِينَ خَائِفُونَ أقول : رواه ( الكافي )(٣) في باب الاجمال من كتاب معيشته مسندا ، و رواه

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١١٠ .

( ٢ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣٧٢ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٥ : ٨١ ح ٩ .

٣٢٧

 تحف العقول )(١) في باب حكمهعليه‌السلام مرفوعا .

« اعقل ذلك » قال ابن أبي الحديد : فيه رمز بباطن هذا الكلام إلى الرؤساء يوم الجمل(٢) .

« فإنّ المثل دليل على شبهه » في ( أمثال الميداني ) : قال المبرد المثل مأخوذ من المثال كقول كعب بن زهير :

كانت مواعيد عرقوب لها مثلا

و ما مواعيدها إلاّ الأباطيل(٣)

و قال ابن السّكّيت : المثل لفظ يخالف لفظ المضروب له و يوافق معناه معنى ذلك اللفظ ، شبّهوه بالمثال الذي يعمل عليه غيره .

و قال النظام : في المثل أربع لا تجتمع في غيره : ايجاز اللفظ ، و إصابة المعنى ، و حسن التشبيه ، و جودة الكناية فهو نهاية البلاغة(٤) .

و لكون المثل دليلا على شبهه ، أكثر تعالى من الأمثال ، و منها :( يا أيُّها النّاس ضرب مثل فاستمعوا له إن الّذين تدعون من دون اللَّه لن يخلقوا ذباباً و لو اجتمعوا له و إن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب و المطلوب ) (٥) .

« ان البهائم همّها بطونها » ذكر الصادقعليه‌السلام للمفضل من حكم عدم دوام النهار ان لا تفرط البهائم في الأكل فتموت كعدم إفراط الإنسان في العمل فيموت(٦) .

____________________

( ١ ) تحف العقول للحراني : ١٠٣ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٢ .

( ٣ ) مجمع الأمثال للميداني ١ : ٩ .

( ٤ ) مجمع الأمثال للميداني ١ : ٩ .

( ٥ ) الحج : ٧٣ .

( ٦ ) توحيد المفضل : ٨٧ بتصرف .

٣٢٨

ثم ان ما ذكره ( ابن أبي الحديد ) من كون كلامهعليه‌السلام رمزا إلى أصحاب الجمل و هو الظاهر أشارعليه‌السلام إلى كون طلحة و الزبير كالبهائم همّهما بطونهما ، فلذا خرجا عليهعليه‌السلام فهلكا(١) .

روى المفيد في ( جمله ) انّه لمّا خرج عثمان بن حنيف عاملهعليه‌السلام من البصرة عاد طلحة و الزبير إلى بيت المال فتأملا ما فيه من الذهب و الفضة قالا هذه الغنائم التي وعدنا اللَّه بها و أخبرنا انّه يعجلها لنا قال أبو الأسود : سمعت هذا منهما و رأيت عليّاعليه‌السلام بعد ذلك و قد دخل بيت مال البصرة ، فلما رأى ما فيه قال : يا صفراء يا بيضاء غرّي غيري ، المال يعسوب الظلمة و أنا يعسوب المؤمنين فلا و اللَّه ما التفت إلى ما فيه و لا فكّر فيما رآه و ما وجدته عنده إلاّ كالتراب هوانا ، فتعجبت من القوم و منه ، فقلت اولئك ممّن يريد الدنيا و هذا ممّن يريد الآخرة(٢) .

« و إنّ السباع همّها العدوان على غيرها » أشارعليه‌السلام في هذا الكلام أيضا إليهم و أنّهم كما كانوا في الشهوة كالبهائم يكونون كالسباع في الغضب ، فلمّا كتب طلحة و الزبير مع عثمان بن حنيف كتاب عهد بينهم بالمتاركة حتى يقدم أمير المؤمنينعليه‌السلام و فرّق ابن حنيف أصحابه غدر طلحة و الزبير به فأتياه في بيته و هو غافل و على باب الدار السبابجة يحرسون بيوت الأموال ، فوضعوا فيهم السيف فقتلوا أربعين رجلا منهم صبرا يتولى ذلك منهم الزبير خاصة ، ثم هجموا على عثمان فأوثقوه رباطا و عمدوا إلى لحيته فنتفوها و كان كث اللحية حتى لم يبق فيها شعرة ، و قال طلحة : عذّبوا الفاسق و انتفوا شعر

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٢ .

( ٢ ) الجمل للمفيد : ١٥٤ .

٣٢٩

حاجبيه و أشفار عينيه و أوثقوه بالحديد(١) ، ثم قال طلحة و الزبير لعائشة ماذا تأمرين فيه فقالت : اقتلوه قتله اللَّه .

« و إنّ النساء همّهنّ زينة الحياة الدّنيا و الفساد فيها » أشارعليه‌السلام على ما قال ( ابن أبي الحديد ) في هذا الكلام إلى عائشة(٢) .

و روى المفيد في ( جمله ) و ( ابن أبي الحديد ) في موضع آخر : ان عائشة لمّا بلغها نزول أمير المؤمنينعليه‌السلام بذي قار كتبت إلى حفصة : أمّا بعد ، فإنّا نزلنا البصرة و نزل عليّ بذي قار و اللَّه داق عنقه كدق البيضة ، إنّه بمنزلة الأشقر إن تقدّم نحر و إن تأخّر عقر فلما وصل الكتاب إليها استبشرت بذلك و دعت صبيان بني تميم و عدي و أعطت جواريها دفوفا و أمرتهن أن يضربن بالدفوف و يقلن : « الخبر ما الخبر ؟ عليّ الأشقر ، إن تقدّم نحر و إن تأخّر عقر » إلى أن قال : فدخلت عليها ام كلثوم و قالت لحفصة إن تظاهرت أنت و اختك على أمير المؤمنين فقد تظاهرتما على أخيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل تعالى فيكما ما أنزل أي قوله تعالى : و إن تظاهرا عليه فإنّ اللَّه هو مولاه و جبريل و صالح المؤمنين و الملائكة بعد ذلك ظهير(٣) .

و كلامهعليه‌السلام عام و ان كانت هي المراد بالخصوص ، و قد ضرب تعالى فيها و في اختها المثل في قوله :( ضرب اللَّه مثلاً للذين كفروا امرأت نوح و امرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللَّه شيئا و قيل ادخلا النار مع الداخلين ) (٤) .

____________________

( ١ ) الكامل في التاريخ لابن الأثير ٣ : ٢١٦ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

( ٣ ) الجمل للمفيد : ١٤٩ ، و ذكر ابن أبي الحديد ذلك في ٦ : ٢٢٥ و الآية ٤ من سورة التحريم .

( ٤ ) التحريم : ١٠ .

٣٣٠

و قد صرّح بكونهما المرادتين الزمخشري(١) ، و في اسد الغابة(٢) في معبد بن أكثم الخزاعي روى عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد اللَّه قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : عرضت عليّ النار و أكثر من رأيت فيها النساء اللاتي إن اؤتمنّ أفشين ، و إن سألن الحفن ، و إن اعطين لم يشكرن(٣) .

قلت : و كانتا ممّن أفشى سرّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( و إذ أسرّ النبيّ إلى بعض أزواجه حديثاً ) (٤) .

و قال ( ابن أبي الحديد ) : نظر حكيم إلى امرأة مصلوبة على شجرة فقال :

ليت كلّ شجرة تحمل مثل هذه الثمرة(٥) .

و رأى بعض الحكماء امرأة غريقة قد احتملها السيل فقال : زادت الكدر كدرا و الشر بالشر يهلك(٦) .

و رأى بعضهم جارية تحمل نارا فقال : نار على نار ، و الحامل شرّ من المحمول(٧) .

____________________

( ١ ) الزمخشري ٤ : ٥٧١ ، يذكر الزمخشري : و في طي هذين التمثيلين ( امرأة لوط و امرأة نوح ) تعريف بأمي المؤمنين المذكورتين في أوّل السورة و ما فرط منهما من التظاهر على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله بما كرهه و تحذير لهما على أغلظ وجه و أشده . لما في التمثيل من ذكر الكفر و نحوه في التغليظ قوله تعالى : و من كفر فإن اللَّه غني عن العالمين و إشارة إلى أن في حقهما أن تكونا في الاخلاص و الكمال فيه كمثل هاتين المؤمنتين ثم يقول الزمخشري :

و التعريض بحفصة ارجح لأنّ امرأة لوط أفشت عليه كما أفشت حفصة على رسول اللَّه : راجع المصدر المذكور .

( ٢ ) اسد الغابة ٤ : ٣٨٩ .

( ٣ ) اخرجه أحمد في مسنده عن أبي بن كعب : مسنده أحمد ٣ : ٣٥٣ .

( ٤ ) التحريم : ٣ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

( ٧ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

٣٣١

و رأى حكيم امرأة تعلم الكتابة فقال : سهم يسقى سما ليرمى به يوما ما(١) .

و مرّت امرأة بسقراط و هو مشرق في الشمس فقالت : ما أقبحك أيها الشيخ فقال : لو لا أنّكنّ من المرائي الصديّة لغمّني ما بان فيكنّ من قبح صورتي(٢) .

قلت : و في ( اصلاح المنطق ) في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « إنّكنّ إذا شبعتنّ خجلتنّ ، و إذا جعتنّ دقعتنّ » الخجل سوء احتمال الغنى ، و الدقع سوء احتمال الفقر(٣) .

« إنّ المؤمنين مستكينون » ليس همّهم بطونهم كالبهائم .

« إنّ المؤمنين مشفقون » ليسوا مثل فرقة همّهم العدوان على العباد .

« إنّ المؤمنين خائفون » ليسوا كطائفة كالنساء همّهم زينة الحياة الدنيا و الفساد فيها و الإفساد .

و في الكلام اشارة ثانية إلى أن أصحاب الجمل لم يكونوا من الايمان في شي‏ء لخلّوهم من أوصافهم .

هذا ، و عن المغيرة : النساء أربع و الرجال أربعة : رجل مذكر و امرأة مؤنّثة فهو قوّام عليها ، و رجل مؤنّث و امرأة مذكّرة فهي قوّامة عليه ، و رجل مذكّر و امرأة مذكّرة فهما كالوعلين ينتطحان ، و رجل مؤنّث و امرأة مؤنّثة فهما لا يفلحان(٤) و للأخطل :

يمددن من هفواتهن إلى الصبا

سببا يصدن به الغواة طوالا

____________________

( ١ ) المصدر نفسه .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) ابن السكيت ، اصلاح المنطق : ١٤١ .

( ٤ ) الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ١٦ : ٨٧ .

٣٣٢

ما إن رأيت كمكرهن إذا جرى

فينا و لا كحبالهنّ حبالا

المهديات لمن هوين مسبّة

و المحسنات لمن قلين مقالا

يرعين عهدك ما رأينك شاهدا

و إذا مذلت يصرن عنك مذالا

إنّ الغواني إن رأينك طاويا

برد الشباب طوين عنك وصالا

و إذا وعدنك نائلا أخلفنه

و وجدت عند عداتهن مطالا

و إذا دعونك عمّهن فإنّه

نسب يزيدك عندهن خبالا(١)

و لعلقمة الفحل :

فإن تسألوني بالنساء فإنّني

بصير بأدواء النساء طبيب

إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله

فليس له في ودّهن نصيب

يردن ثراء المال حيث علمنه

و شرخ الشباب عندهن عجيب(٢)

و لطفيل الغنوي :

إنّ النساء كأشجار نبتن معا

منها المرار و بعض النبت مأكول

إنّ النساء و ان ينهين عن خلق

فإنّه واجب لا بدّ مفعول

لا يصرفنّ لرشد إن دعين له

و هنّ بعد ملائيم مخاذيل(٣)

و قال كعب بن زهير في قصيدته في مدح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله التي أولها

« بانت

سعاد فقلبي اليوم متبول »

فيا لها خلة لو أنّها صدقت

بوعدها أو لو أنّ النصح مقبول

لكنّها خلّة قد سيط من دمها

فجع و ولع و أخلاف و تبديل

فما تدوم على حال تكون بها

كما تلوّن في أثوابها الغول

____________________

( ١ ) ديوان الأخطل : ٢٤٧ .

( ٢ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٣٤ .

( ٣ ) ديوان الغنوي : ٣٤ ، و ذكره النويري في نهاية الارب ٣ : ٦٨ .

٣٣٣

و ما تمسك بالعهد الذي زعمت

إلاّ كما يمسك الماء الغرابيل

فلا يغرّنك ما منّت و ما وعدت

إنّ الأماني و الأحلام تضليل

كانت مواعيد عرقوب لها مثلا

و ما مواعيدها إلاّ الأباطيل(١)

و في ( نوادر نكاح الفقيه ) عنهعليه‌السلام : لا تحملوا الفروج على السروج فتهيجوهن على الفجور(٢) .

و مر في ٤ ٤٢ « و جهاد المرأة حسن التبعّل »(٣) .

و روى ( حلية أبي نعيم ) إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنصرف من الصبح يوما فأتى النساء فوقف عليهن فقال : اني قد رأيت انكن أكثر أهل النار فتقرّبن إلى اللَّه تعالى بما استطعتنّ و في خبر تصدقن و لو بحليّكنّ و كانت امرأة ابن مسعود فيهن ، فأخذت حليا لها فقال لها ابن مسعود : أين تذهبين به ؟ قالت :

أتقرّب به إلى اللَّه تعالى لعل اللَّه لا يجعلني من أهل النار فقال : هلمّي تصدّقي به عليّ و على ولدي فأنا له موضع قال : و سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك فقال : لها أجران أجر القرابة و أجر العلاقة(٤) .

و في ( المعمرون ) لأبي حاتم : عاش شرية الجعفي(٥) ثلاثمائة سنة ، و قيل له ما بال ابنك قد خرف و بك بقية قال : أما و اللَّه ما تزوّجت أمه حتى أتت عليّ سبعون سنة ، و تزوجتها ستيرة عفيفة إن رضيت رأيت ما تقرّبه عيني و إن

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٣٣ .

( ٢ ) الفقيه ٣ : ٤٦٨ ح ٤٦٢٦ .

( ٣ ) راجع الكتاب .

( ٤ ) و هي زينب الثقفية : انظر ترجمتها في حلية الأولياء ٢ : ٦٩ ، و أخرج الحديث « تصدقن و لو من حليكن » البخاري في الزكاة الحديث ٣٣ و ٤٨ و مسلم في صحيحة في العيدين الحديث ٤ و الزكاة الحديث ٤٦ و ٤٧ ، و الترمذي في الزكاة الحديث ١٢ ، و النسائي في الزكاة الحديث ١٩ و ٨٢ ، و الدارمي في كتاب الصلاة الحديث ٢٣٤ ، و الزكاة الحديث ٢٣ .

( ٥ ) هو شرية بن عبد اللَّه بن قليت بن خولي بن ربيعة بن عوف بن معاوية بن ذهل بن مالك بن مريم بن جعفي .

٣٣٤

سخطت تأتت لي حتى أرضى ، و انّ ابني تزوّج امرأة فاحشة بذيّة إن رأى ما تقربه عينه تعرضت له حتى يسخط و ان سخط تلغبّته(١) حتى يهلك(٢) .

____________________

( ١ ) اللغب هو التعب و الإعياء .

( ٢ ) المعمّرون لابن حاتم : ٤٩ .

٣٣٥

الفصل التاسع و الخمسون في إبليس

٣٣٦

١ الخطبة ( ٨١ ) في خطبة عجيبة :

أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اَللَّهِ اَلَّذِي أَعْذَرَ بِمَا أَنْذَرَ وَ اِحْتَجَّ بِمَا نَهَجَ وَ حَذَّرَكُمْ عَدُوّاً نَفَذَ فِي اَلصُّدُورِ خَفِيّاً وَ نَفَثَ فِي اَلْآذَانِ نَجِيّاً فَأَضَلَّ وَ أَرْدَى وَ وَعَدَ فَمَنَّى وَ زَيَّنَ سَيِّئَاتِ اَلْجَرَائِمِ وَ هَوَّنَ مُوبِقَاتِ اَلْعَظَائِمِ حَتَّى إِذَا اِسْتَدْرَجَ قَرِينَتَهُ وَ اِسْتَغْلَقَ رَهِينَتَهُ أَنْكَرَ مَا زَيَّنَ وَ اِسْتَعْظَمَ مَا هَوَّنَ وَ حَذَّرَ مَا أَمَّنَ « اوصيكم بتقوى اللَّه الذي أعذر بما أنذر »( يا معشر الجن و الإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصّون عليكم آياتي و ينذورنكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا و غرّتهم الحياة الدُّنيا ) (١) .

____________________

( ١ ) الأنعام : ١٣٠ .

٣٣٧

قال الجوهري : كان ابن عباس يقرأ :( و جاء المعذرون ) (١) مخفّفة من أعذر و يقول : و اللَّه لهكذا انزلت كان الأمر عنده أنّ المعذّر بالتشديد هو المظهر للعذر اعتلالا من غير حقيقة له في العذر و المعذر الذي له العذر(٢) .

« و احتجّ بما نهج » أي : أوضح الطريق :( و أن هذا صراطي مستقيماً فاتَّبعوه و لا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ) (٣) .

« و حذّركم عدوّا نفذ في الصّدور خفيّا »( يا بني آدم لا يفتنَّنكم الشَّيطان كما أَخرج أبويكم ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم ) (٤) .

« و نفث في الآذان نجيّا » نفث من باب نصر و ضرب ، و النفث شبيه بالنفخ ، و النجيّ الذي تسارّه( و إنّ الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ) (٥) .

هذا ، و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : إنّ العبد يوقظ ثلاث مرّات من الليل ، فإن لم يقم أتاه الشيطان فبال في أذنه(٦) .

و في الخبر : اوحي إلى موسىعليه‌السلام : ما لم تسمع بموت إبليس فلاتأ من مكره(٧) .

و في الخبر أيضا : أتى إبليس موسىعليه‌السلام و هو يناجي ربّه قال : أتطمع

____________________

( ١ ) التوبة : ٩٠ .

( ٢ ) الصحاح للجوهري ٢ : ٧٤١ .

( ٣ ) الأنعام : ١٥٣ .

( ٤ ) الأعراف : ٢٧ .

( ٥ ) الأنعام : ١٢١ .

( ٦ ) الكافي للكليني ٣ : ٤٤٦ ح ١٢ .

( ٧ ) في حديث مفصل عن أمير المؤمنين : و الرابعة : و ذكر ( النص ) . و قد ذكر في الخصال ١ : ١٠٣ ، و نقل عنه المجلسي في بحار الأنوار ١٣ : ٣٤٤ رواية ٢٦ .

٣٣٨

في هذه الحال قال : نعم كما طمعت في أبيك آدم(١) .

و في الخبر : أتى عيسىعليه‌السلام و قد اضطجع و جعل تحت رأسه لبنة فقال :

أتطمع فيّ و ليس لي شي‏ء من علائق الدنيا تخدعني به فقال : بلى ما دام لك علاقة بهذه اللّبنة أطمع فيك ، فأخذها و رماها(٢) .

« فأضلّ و أردى » أي : أهلك « و وعد فمنى » و قال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً( و لأضلّنّهم و لاُمنِّينَّهم ) (٣) .

« و زيّن سيئات الجرائم »( و زيّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون ) (٤) ( لاُزيِّننَّ لهم في الأرض ) (٥) ( و زيَّن لهم الشيطان أعمالهم فصدَّهم عن السَّبيل فهم لا يهتدون ) (٦) .

« و هوّن موبقات العظائم » أي :( مهلكات الذنوب العظيمة و لآمرنَّهم فليغيّرنّ خلق اللَّه ) (٧) .

« حتى إذا استدرج قرينته » أي : أدنى على التدريج صاحبه الذي كان قرينه .

« و استغلق رهينته » أي : صارت الرهينة غلقة عنده لا يقدر صاحبها على فكّها ، أي : في حال الاحتضار و ما بعده .

« أنكر ما زيّن و استعظم ما هوّن و حذّر ما أمّن »( و قال الشّيطان لمّا قضي

_ ___________________

( ١ ) أورد الصدوق في الأمالي بهذا اللفظ : جاء إلبيس إلى موسى بن عمرانعليه‌السلام و هو يناجي ربه ، فقال له ملك من الملائكة : ما ترجو منه و هو في هذه الحال يناجي به ، فقال : أرجوا منه ما رجوت من أبيه آدم و هو في الجنّة : انظر الأمالي : ٣٩٥ ٣٩٦ ، طبع بنياد بعثت .

( ٢ ) لم نعثر عليه في كتب الحديث و قصص الأنبياء .

( ٣ ) النساء : ١١٨ ١١٩ .

( ٤ ) الأنعام : ٤٣ .

( ٥ ) الحجر : ٣٩ .

( ٦ ) النمل : ٢٤ .

( ٧ ) النساء : ١١٩ .

٣٣٩

 الأمر إنّ اللَّه وعدكم وعد الحق و وعدتكم فأخلفتكم و ما كان لي عليكم من سلطان إلاّ أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني و لوموا أَنفسكم ما أَنا بمصرخكم و ما أَنتم بمصرخيّ إنّي كفرت بما أَشركتمون من قبل ) (١) و في سورة الحشر( كمثل الشَّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بري‏ءٌ منك إنّي أخاف اللَّه رَبَّ العالمين ) (٢) .

٢ من الخطبة القاصعة ( ١٩٠ )

 فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اَللَّهِ ؟ بِإِبْلِيسَ ؟ إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ اَلطَّوِيلَ وَ جَهْدَهُ اَلْجَهِيدَ وَ كَانَ قَدْ عَبَدَ اَللَّهَ سِتَّةَ آلاَفِ سَنَةٍ لاَ يُدْرَى أَ مِنْ سِنِي اَلدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي اَلْآخِرَةِ عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَنْ بَعْدَ ؟ إِبْلِيسَ ؟ يَسْلَمُ عَلَى اَللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ كَلاَّ مَا كَانَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ اَلْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ مِنْهَا مَلَكاً إِنَّ حُكْمَهُ فِي أَهْلِ اَلسَّمَاءِ وَ أَهْلِ اَلْأَرْضِ لَوَاحِدٌ وَ مَا بَيْنَ اَللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ حِمًى حَرَّمَهُ عَلَى اَلْعَالَمِينَ فَاحْذَرُوا عِبَادَ اَللَّهِ أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِهِ وَ أَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ بِنِدَائِهِ وَ أَنْ يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِهِ وَ رَجْلِهِ فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ لَكُمْ سَهْمَ اَلْوَعِيدِ وَ أَغْرَقَ لَكُمْ بِالنَّزْعِ اَلشَّدِيدِ وَ رَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ( وَ قَالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي اَلْأَرْضِ ) ( وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) ٢ ١١ ١٥ : ٣٩(٣) قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعِيدٍ وَ رَجْماً بِظَنٍّ مُصِيبٍ صَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ اَلْحَمِيَّةِ وَ إِخْوَانُ اَلْعَصَبِيَّةِ وَ فُرْسَانُ اَلْكِبْرِ وَ اَلْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى إِذَا اِنْقَادَتْ لَهُ اَلْجَامِحَةُ مِنْكُمْ وَ اِسْتَحْكَمَتِ

____________________

( ١ ) إبراهيم : ٢٢ .

( ٢ ) الحشر : ١٦ .

( ٣ ) الحجر : ٣٩ .

٣٤٠