بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة12%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247346 / تحميل: 8633
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

( احكام الحج )

الحج من أهم الفرائض في الشريعة الاسلامية ، قال الله تعالى( ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين ) وفي المروي عن الامام الصادقعليه‌السلام أنه قال : ( من مات ولم يحج حجة الاسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تُجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياً ).

( مسألة 523 ) : يجب الحج على البالغ العاقل المستطيع ، وتتحقق الاستطاعة بتوفر الاُمور التالية :

1 ـ سلامة البدن ، بمعنى ان يكون متمكناً من مباشرة الحج بنفسه ، فالمريض أو الهرم ـ اي كبير السن ـ الذي لا يتمكن من أداء الحج إلى آخر عمره ، أو كانت مباشرته لأداء الحج موجبةً لوقوعه في حرج شديد لا يتحمل عادة لا يجب عليه الحج بنفسه.

2 ـ تخلية السرب : ويقصد بها ان يكون الطريق مفتوحاً ومأموناً ، فلا يكون فيه مانع لا يمكن معه من الوصول إلى اماكن أداء المناسك ، وكذلك لا يكون خطراً على النفس أو المال أو العرض والا لم يجب الحج.

وإذا كان طريق الحج مغلقاً أو غير مأمون الا لمن يدفع مبلغاً من المال فان كان بذله مُجحِفاً بحال الشخص لم يجب عليه ذلك والا وجب وان كان المبلغ معتداً به.

٢٢١

3 ـ النفقة ، ويقصد بها كل ما يحتاج اليه في سفر الحج من تكاليف الذهاب والاياب ـ أو الذهاب فقط لمن لا يريد الرجوع إلى بلده ـ وأجور المسكن وما يصرف خلال ذلك من المواد الغذائية والأدوية وغير ذلك.

4 ـ الرجوع إلى الكفاية ، وهو ان يتمكن بالفعل أو بالقوة من اعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع إذا خرج إلى الحج وصرف ما عنده في نفقته بحيث لا يحتاج إلى التكفف ولا يقع في الشدة والحرج بسبب الخروج إلى الحج وصرف ما عنده من المال في سبيله.

5 ـ السعة في الوقت ، بان يكون له متسع من الوقت للسفر إلى الأماكن المقدسة واداء مناسك الحج فلو حصل له المال الكافي لأداء الحج في وقت متأخر لا يتسع لتهيئة متطلبات السفر إلى الحج ـ من تحصيل الجواز والتأشيرة ونحو ذلك ـ أو كان يمكن ذلك ولكن بحرج ومشقة شديدة لا تتحمل عادة ففي هذه الحالة لا يجب عليه الحج في هذا العام ، وعليه أن يحتفظ بماله لأداء الحج في عام لاحق إذا كان محرزاً تمكنه من ذلك من دون عوائق اخرى وكان التصرف فيه يخرجه عن الاستطاعة بحيث لا يتيسر له التدارك ، واما مع عدم احراز التمكن من الذهاب لاحقاً أو تيسر تدارك المال فلا بأس بصرفه وعدم التحفظ عليه.

( مسألة 524 ) : إذا كان عنده ما يفي بنفقات الحج ولكنه كان مديناً بدين مستوعب لما عنده من المال أو كالمستوعب بان لم يكن وافياً لنفقاته لو اقتطع منه مقدار الدين ـ لم يجب عليه الحج ، الا إذا كان مؤجلاً بأجل بعيد جداً كخمسين سنة مثلاً.

( مسألة 525 ) : إذا وجب عليه الحج وكان عليه خمس أو زكاة أو غيرها من الحقوق الواجبة لزمه اداؤها ولم يجز له تأخيرها لأجل السفر إلى

٢٢٢

الحج ، ولو كان ساتره في الطواف أو في صلاة الطوف من المال الذي تعلق به الخمس أو نحوه من الحقوق لم يصحا على الأحوط لزوماً ، ولو كان ثمن هدية من ذلك المال لم يجزئه إلاّ إذا كان الشراء بثمن في الذمة والوفاء من ذلك المال.

( مسألة 526 ) : تجب الاستنابة في الحج اي ارسال شخص للحج عن غيره في حالات ثلاث :

أ ـ إذا كان الشخص قادراً على تأمين نفقة الحج ولكنه كان في حال لا يمكنه معها فعل الحج لمرض ونحوه.

ب ـ إذا كان متمكناً من ادائه بنفسه فتسامح ولم يحج حتى ضعف عن الحج وعجز عنه بحيث لا يأمل التمكن منه لاحقاً.

ج ـ إذا كان متمكناً من أداء الحج ولم يحج حتى مات فيجب ان يستأجر من تركته من يحج عنه.

( مسألة 527 ) : الحج على ثلاثة أنواع : حج التمتع ، وحج الافراد ، وحج القران ، والأول هو وظيفة كل من كان محل سكناه يبعد عن مكة المكرمة اكثر من ثمانية وثمانين كيلومترا ، والآخران وظيفة من كان من اهل مكة أو من كانت المسافة بين محل سكناه ومكة اقل من المقدار المذكور كالمقيمين في جدة.

( مسألة 528 ) : يتألف حج التمتع من عبادتين الأولى ( العمرة ) والثانية ( الحج ) وتجب في عمرة التمتع خمسة أمور حسب الترتيب الآتي :

1 ـ الإحرام بالتلبية.

٢٢٣

2 ـ الطواف حول الكعبة المعظمة سبع مرات.

3 ـ صلاة الطواف خلف مقام إبراهيمعليه‌السلام .

4 ـ السعي بين الصفا والمروة سبع مرات.

5 ـ التقصير بقص شيء من شعر الرأس أو اللحية أو الشارب.

ويجب في حج التمتع ثلاثة عشر أمراً :

1 ـ الاحرام بالتلبية.

2 ـ الوقوف في عرفات يوم التاسع من ذي الحجة من زوال الشمس إلى غروبها.

3 ـ الوقوف في المزدلفة مقداراً من ليلة العيد إلى طلوع الشمس.

4 ـ رمي جمرة العقبة يوم العيد سبع حصيات.

5 ـ الذبح والنحر في يوم العيد أو فيما بعده إلى آخر أيام التشريق في منى.

6 ـ حلق شعر الرأس او التقصير في منى.

7 ـ الطواف بالبيت طواف الحج.

8 ـ صلاة الطواف خلف مقام إبراهيمعليه‌السلام .

9 ـ الطواف بالبيت طواف النساء.

11 ـ صلاة طواف النساء.

12 ـ المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر من ذي الحجة.

13 ـ رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر.

٢٢٤

( مسألة 529 ) : يتألف حج الافراد من الامور الثلاثة عشر المذكور لحج التمتع باستثناء ( الذبح والنحر ) فانه ليس من اعماله ، كما يشترك حج القرآن مع حج الافراد في جميع الأعمال باستثناء أن المكلف يصحب معه الهدي وقت احرامه لحج القران ، وبذلك يجب الهدي عليه ، والاحرام له كما يصح ان يكون بالتلبية يصح ان يكون بالإشعار والتقليد.

ثم ان من تكون وظيفته حج الافراد أو حج القران يجب عليه أداء العمرة المفردة ايضاً إذا تمكن منها بل إذا تمكن منها ولم يتمكن من الحج وجب عليه اداؤها ، وإذا تمكن منهما معاً في وقت واحد فالأحوط لزوماً تقديم الحج على العمرة المفردة.

وتشترك عمرة المفردة مع عمرة التمتع في الامور الخمسة المذكورة ويضاف اليها : الطواف بالبيت طواف النساء وصلاة هذا الطواف خلف مقام إبراهيم ويتخير الرجل فيها بين التقصير والحلق ولا يتعين عليه التقصير كما في عمرة التمتع.

( مسألة 530 ) : كل واحد من افعال العمرة والحج ـ باقسامهما المذكورة ـ عمل عبادي لا بد من ادائه تخضعاً لله تعالى ، ولها الكثير من الخصوصيات والاحكام مما تكفلت لبيانها رسالة ( مناسك الحج ) فعلى من يروم ادائها ان يتعلم احكامها بصورة وافية لئلا يخالف وظيفته فينقص أو يبطل حجّه أو عمرته.

٢٢٥

٢٢٦

( أحكام زكاة المال )

الزكاة من الواجبات التي اهتم الشارع المقدّس بها ، وقد قرنها الله تبارك وتعالى بالصلاة في غير واحد من الآيات الكريمة ، وهي احدى الخمس التي بني عليها الإسلام ، وقد ورد أن الصلاة لا تقبل من مانعها ، وإنَّ من منع قيراطاً من الزكاة فليمت ان شاء يهودياً أو نصرانياً ، وهي على قسمين : زكاة الأموال ، وزكاة الأبدان ( زكاة الفطرة ) وسيأتي بيان القسم الثاني بعد ذلك.

( مسألة 531 ) : تجب الزكاة في اربعة اشياء :

(1) في الأنعام : الغنم بقسميها المعز والضأن ، والإبل ، والبقر ومنه الجاموس.

(2) في النقدين : الذهب والفضة.

(3) في الغلاّت : الحنطة والشعير ، والتمر والزبيب.

(4) في مال التجارة على ـ الأحوط وجوباً ـ.

ويعتبر في وجوبها في الجميع أمران :

( الأوّل ) : الملكية الشخصية ، فلا تجب في الأوقاف العامة ، ولا في المال الذي أوصى بان يصرف في التعازي أو المساجد ، أو المدارس ونحوها.

( الثاني ) : ان لا يكون محبوساً عن مالكه شرعاً ، فلا تجب الزكاة في الوقف الخاص ، والمرهون وما تعلق به حق الغرماء ، وأما المنذور التصدق به فتجب فيه الزكاة ولكن يلزم اداؤها من مال آخر لكي لا ينافي الوفاء بالنذر.

٢٢٧

( زكاة الحيوان )

( مسألة 532 ) : يشترط في وجوب الزكاة في الأنعام أمور : فلا تجب بفقدان شيء منها :

(1) استقرار الملكية في مجموع الحول ، فلو خرجت عن ملك مالكها اثناء الحول لم تجب فيها الزكاة ، والمراد بالحول هنا مضي احد عشر شهراً والدخول في الشهر الثاني عشر ـ وان كان الحول الثاني يبدأ من بعد انتهائه ـ وابتداء السنة فيها من حين تملّكها وفي نتاجها من حين ولادتها.

(2) تمكّن المالك ، أو وليّه من التصرف فيها في تمام الحول ، فلو غصبت أو ضلت ، أو سرقت فترة يعتد بها عرفاً لم تجب الزكاة فيها.

(3) السوم ، فلو كانت معلوفة ـ ولو في بعض السنة ـ لم تجب فيها الزكاة ، نعم لا يقدح في صدق السوم علفها قليلاً ، والعبرة فيه بالصدق العرفي ، وتحسب مدة رضاع النتاج من الحول وان لم تكن امهاتها سائمة.

(4) بلوغها حد النصاب ، وسيأتي بيانه.

( مسألة 533 ) : صدق السائمة على ما رعت من الأرض المستأجرة ، او المشتراة للرعي محل اشكال ، فثبوت الزكاة فيها مبني على ـ الاحتياط اللزومي ـ.

( مسألة 534 ) : لا يشترط في وجوب الزكاة في البقر والإبل زائداً على كونها سائمة ان لا تكون عوامل على ـ الأحوط لزوماً ـ فلو استعملت في

٢٢٨

السقي ، أو الحرث ، أو الحمل ، أو نحو ذلك فلا يترك الاحتياط باخراج زكاتها ، وإذا كان استعمالها من القلة بحد يصدق عليها انها فارغة ـ وليست بعوامل ـ وجبت فيها الزكاة بلا اشكال.

( مسألة 535 ) : في الغنم خمسة نصب :

(1) اربعون ، وفيها شاة.

(2) مائة واحدى وعشرون ، وفيها شاتان.

(3) مائتان وواحدة ، وفيها ثلاث شياه.

(4) ثلاثمائة وواحدة ، وفيها اربع شياه.

(5) اربعمائة فصاعداً ففي كل مائة شاة ، وما بين النصابين في حكم النصاب السابق ـ والأحوط لزوماً ـ في الشاة المخرجة زكاة ان تكون داخلة في السنة الثالثة ان كانت معزاً ، وان تكون داخلة في السنة الثانية ان كانت ضأناً.

( مسألة 536 ) : في الإبل اثنا عشر نصاباً :

(1) خمس ، وفيها شاة.

(2) عشرة ، وفيها شاتان.

(3) خمس عشرة ، وفيها ثلاث شياه.

(4) عشرون ، وفيها اربع شياه.

(5) خمس وعشرون ، وفيها خمس شياه.

(6) ست وعشرون ، وفيها بنت مخاض ، وهي الداخلة في السنة الثانية.

(7) ست وثلاثون ، وفيها بنت لبون ، وهي الداخلة في السنة الثالثة.

٢٢٩

(8) ست واربعون ، وفيها حقة ، وهي الداخلة في السنة الرابعة.

(9) احدى وستون ، وفيها جذعة ، وهي التي دخلت في السنة الخامسة.

(10) ست وسبعون ، وفيها بنتا لبون.

(11) احدى وتسعون وفيها حقتان.

(12) مائة واحدى وعشرون فصاعداً ، وفيها حقة لكل خمسين ، وبنت لبون لكل اربعين ، بمعنى انه يتعين عدها بالأربعين اذا كان عادَّاً لها بحيث اذا حسبت به لم تكن زيادة ولا نقيصة ، كما اذا كانت مائة وستين رأساً ، ويتعين عدها بالخمسين اذا كان عاداً لها ـ بالمعنى المتقدم ـ كما اذا كانت مائة وخمسين رأساً ، وان كان كل من الأربعين والخمسين عاداً كما اذا كانت مأتي رأس تخير المالك في العدّ بأيّ منهما ، وان كانا معاً عادين لها وجب العد بهما كذلك كما اذا كانت مأتين وستين رأساً فيحسب خمسينين واربع اربعينات.

( مسألة 537 ) : في البقر نصابان :

(1) ثلاثون ، وزكاتها ما دخل منها في السنة الثانية ـ والأحوط لزوماً ـ ان يكون ذكراً.

(2) اربعون ، وزكاتها مسنّة ، وهي الداخلة في السنة الثالثة ، وفي ما زاد على اربعين يعد بثلاثين أو أربعين على التفصيل المتقدم ، وما بين النصابين في البقر والإبل في حكم النصاب السابق كما تقدم في الغنم.

( مسألة 538 ) : اذا تولى المالك اخراج زكاة ماله لم يجز له اخراج المريض زكاة اذا كان جميع النصاب في الانعام صحاحاً ، كما لا يجوز له

٢٣٠

اخراج المعيب اذا كان النصاب باجمعه سليماً ، وكذلك لا يجوز له اخراج الهرم اذا كان كان الجميع شباباً ، بل الأمر كذلك مع الاختلاف على ـ الأحوط لزوماً ـ نعم إذا كان جميع افراد النصاب مريضاً ، أو معيباً أو هرماً جاز له الإخراج منها.

( مسألة 539 ) : اذا ملك من الأنعام بمقدار النصاب ثم ملك مقداراً آخر بنتاج او شراء او غير ذلك ، ففيه صور :

( الأولى ) : ان يكون ملكه الجديد بعد تمام الحول لما ملّكه أولاً ، ففي هذه الصورة يبتدئ الحول للمجموع ، مثلاً إذا كان عنده من الابل خمس وعشرون ، وبعد انتهاء الحول ملك واحدة فحينئذٍ يبتدئ الحول لست وعشرين.

( الثانية ) : ان يكون ملكه الجديد اثناء الحول ، وكان هو بنفسه بمقدار النصاب ، ففي هذه الصورة لا ينضم الجديد إلى الملك الأوّل ، بل يعتبر لكل منهما حول بانفراده ـ وان كان الملك الجديد مكملاً للنصاب اللاحق على الأحوط لزوماً ـ ، فإذا كان عنده خمس من الابل فملك خمساً اخرى بعد مضي ستة اشهر ، لزم عليه اخراج شاة عند تمام السنة الأولى ، واخراج شاة اخرى عند تمام السنة من حين تملكه الخمس الاُخرى ، واذا كان عنده عشرون من الابل وملك ستة في اثناء حولها فالأحوط لزوماً ان يعتبر للعشرين حولاً وللستة حولاً آخر ويدفع على رأس كل حول فريضته.

( الثالثة ) : ان يكون ملكه الجديد مكملا للنصاب اللاحق ولا يعتبر نصاباً مستقلاً ، ففي هذه الصورة يجب اخراج الزكاة للنصاب الأوّل عند انتهاء سنته ، وبعده يضم الجديد الى السابق ، ويعتبر لهما حولا واحداً ، فاذا ملك ثلاثين من البقر ، وفي اثناء الحول ملك احد عشر رأساً من البقر

٢٣١

وجب عليه ـ بعد انتهاء الحول ـ اخراج الزكاة للثلاثين ويبتدئ الحول للاربعين.

( الرابعة ) : ان لا يكون ملكه الجديد نصاباً مستقلاً ولا مكملاً للنصاب اللاحق ، ففي هذه الصورة لا يجب عليه شيء لملكه الجديد ، وان كان هو بنفسه نصاباً لو فرض انه لم يكن مالكاً للنصاب السابق ، فاذا ملك اربعين رأساً من الغنم ثم ملك اثناء الحول اربعين غيرها لم يجب شيء في ملكه ثانياً ما لم يصل إلى النصاب الثاني.

( مسألة 540 ) : إذا كان مالكاً للنصاب لا أزيد ـ كاربعين شاة مثلاً ـ فحال عليه ، احوال فان اخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه حينئذٍ عن النصاب ، وان اخرجها منه أو لم يخرجها اصلاً لم تجب الا زكاة سنة واحدة ، ولو كان عنده ازيد من النصاب ـ كأن كان عنده خمسون شاة ـ وحال عليه احوال لم يؤد زكاتها وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين الى ان ينقص عن النصاب.

( مسألة 541 ) : لا يجب اخراج الزكاة من شخص الأنعام التي تعلقت الزكاة بها ، فلو ملك من الغنم اربعين جاز له ان يعطي شاة من غيرها زكاة.

٢٣٢

( زكاة النقدين )

يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة أمور :

( الأوّل ) : كمال المالك بالبلوغ والعقل ، فلا تجب الزكاة في النقدين من اموال الصبي والمجنون.

( الثاني ) : بلوغ النصاب ، ولكل منهما نصابان ، ولا زكاة فيما لم يبلغ النصاب الأوّل منهما ، وما بين النصابين بحكم النصاب السابق ، فنصابا الذهب : خمسة عشر مثقالاً صيرفياً ، ثم ثلاثة فثلاثة ، ونصابا الفضة : مائة وخمسة مثاقيل ، ثم واحد وعشرون ، فواحد وعشرون مثقالاً وهكذا ، والمقدار الواجب اخراجه في كل منهما ربع العشر ( 2.5%).

( الثالث ) : ان يكونا من المسكوكات النقدية التي يتداول التعامل بها سواء في ذلك السكة الاسلامية وغيرها ، فلا تجب الزكاة في سبائك الذهب والفضة ، والحلي المتخذة منهما ، وفي غير ذلك مما لا يكون مسكوكاً او يكون من المسكوكات القديمة الخارجة عن رواج المعاملة.

وبذلك يعلم انه لا موضوع لزكاة الذهب والفضة في العصر الحاضر الذي لا يتداول فيه التعامل بالعملات النقدية الذهبية والفضية.

( الرابع ) : مضي الحول ، بان يبقى في ملك مالكه واجداً للشروط تمام الحول ، فلو خرج عن ملكه اثناء الحول ، أو نقص عن النصاب ، او الغيت سكته ـ ولو بجعله سبيكة ـ لم تجب الزكاة فيه ، نعم لو ابدل الذهب

٢٣٣

المسكوك بمثله ، أو بالفضة المسكوكة ، أو ابدل الفضة المسكوكة بمثلها ، أو بالذهب المسكوك كلاً أو بعضاً بقصد الفرار من الزكاة وبقي واجداً لسائر الشرائط الى تمام الحول فلا يترك الاحتياط باخراج زكاته حينئذٍ ، ويتم الحول بمضي احد عشر شهراً ، ودخول الشهر الثاني عشر.

( الخامس ) : تمكن المالك من التصرف فيه في تمام الحول ، فلا تجب الزكاة في المغصوب والمسروق ، والمال الضائع فترة يعتد بها عرفاً.

٢٣٤

( زكاة الغلات الأربع )

يعتبر في وجوب الزكاة في الغلات الأربع أمران :

( الأوّل : بلوغ النصاب ) ولها نصاب واحد وهو ثلاثمائة صاع ، وهذا يقارب ـ فيما قيل ـ ثمانمائة وسبعة واربعين كيلو غراماً(1) ، ولا تجب الزكاة في ما لم يبلغ النصاب ، فاذا بلغه وجبت فيه وفي ما يزيد عليه ، وان كان الزائد قليلاً.

( الثاني : الملكية حال تعلق الزكاة بها ) فلا زكاة فيها اذا تملكها الانسان بعد تعلق الزكاة بها.

( مسألة 542 ) : تتعلق الزكاة بالغلات حينما يصدق عليها اسم الحنطة

__________________

(1) ان نصاب الغلات قد حدد في النصوص الشرعية بالمكاييل التي كانت متداولة في العصور السابقة ولا تعرف مقاديرها اليوم بحسب المكاييل السائدة في هذا العصر ، كما لا يمكن تطبيق الكيل على الوزن بضابط عام يطرد في جميع انواع الغلات لانها تختلف خفة وثقلاً بحسب طبيعتها ولعوامل اُخرى ، فالشعير اخف وزناً من الحنطة بكثير كما ان ما يستوعبه المكيال من التمر غير المكبوس أقل وزناً مما يستوعبه من الحنطة لاختلاف افرادهما في الحجم والشكل مما تجعل الخلل والفُرَج الواقعة بين أفراد التمر ازيد منها بين افراد الحنطة ، بل ان نفس افراد النوع الواحد تختلف في الوزن بحسب اختلافها في الصنف وفي نسبة ما تحملها من الرطوبة ، ولذلك لا سبيل إلى تحديد النصاب بوزن موحد لجميع الانواع والاصناف ، ولكن الذي يسهل الأمر ان المكلف اذا لم يحرز بلوغ ما ملكه من الغلة حد النصاب لا يجب عليه اخراج الزكاة منه ومع كونه بالمقدار المذكور في المتن يقطع ببلوغه النصاب على جميع التقادير والمحتملات.

٢٣٥

أو الشعير ، أو التمر أو العنب ، إلاّ أن المناط في اعتبار النصاب بلوغها حده بعد يبسها ، حين تصفية الحنطة والشعير من التبن ، واجتذاذ التمر واقتطاف الزبيب ، فاذا كانت الغلة حينما يصدق عليها احد هذه العناوين بحد النصاب ، ولكنها لا تبلغه حينذاك لجفافها لم تجب الزكاة فيها.

( مسألة 543 ) : لا تتعلق الزكاة بما يؤكل ويصرف من ثمر النخل حال كونه بُسراً ( خلالاً ) أو رطباً وإن كان يبلغ مقدار النصاب لو بقي وصار تمراً ، وأمّا ما يؤكل ويصرف من ثمر الكرم عنباً فيجب إخراج زكاته لو كان بحيث لو بقي وصار زبيباً لبلغ حد النصاب.

( مسألة 544 ) : لا تجب الزكاة في الغلات الأربع إلاّ مرة واحدة ، فاذا ادى زكاتها لم تجب في السنة الثانية ، ولا يشترط فيها الحول المعتبر في النقدين والأنعام.

( مسألة 545 ) : يختلف مقدار الزكاة في الغلات باختلاف الصور الآتية :

( الأولى ) : ان يكون سقيها بالمطر ، أو بماء النهر ، أو بمصّ عروقها الماء من الأرض ونحو ذلك مما لا يحتاج السقي فيه إلى العلاج ، ففي هذه الصورة يجب اخراج عشرها ( 10% ) زكاة.

( الثانية ) : ان يكون سقيها بالدلو والرشا ، والدوالي والمضخات ونحو ذلك ، ففي هذه الصورة يجب اخراج نصف العشر ( 5% ).

( الثالثة ) : ان يكون سقيها بالمطر أو نحوه تارة ، وبالدلو أو نحوه تارة اُخرى ، ولكن كان الغالب احدهما بحد يصدق عرفاً انه سقي به ، ولا يعتد بالآخر ، ففي هذه الصورة يجري عليه حكم الغالب.

٢٣٦

( الرابعة ) : ان يكون سقيها بالأمرين على نحو الاشتراك ، بان لا يزيد احدهما على الآخر ، أو كانت الزيادة على نحو لا يسقط بها الآخر عن الاعتبار ، ففي هذه الصورة يجب اخراج ثلاثة ارباع العشر ( 7.5% ).

( مسألة 546 ) : المدار في التفصيل المتقدم في الثمرة عليها لا على شجرتها ، فاذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء مثلا فلما بلغ اوان اثمارها صار يمص ماء النزيز بعروقه وجب فيه العشر 10%.

( مسألة 547 ) : إذا زرع الأرض حنطة ـ مثلاً ـ وسقاها بالمضخات أو نحوها ، فتسرّب الماء إلى ارض مجاورة فزرعها شعيراً فمصّ الماء بعروقه ولم يحتج الى سقي آخر فمقدار الزكاة في الزرع الأوّل 5% وفي الزرع الثاني 10% على ـ الأحوط لزوماً ـ ومثل ذلك ما إذا زرع الأرض وسقاها بعلاج ثم حصده وزرع مكانه شعيراً مثلا فمصّ الماء المتخلف في الأرض ولم يحتج الى سقي جديد فان ـ الأحوط لزوماً ـ ثبوت الزكاة فيه بنسبة 10%.

( مسألة 548 ) : لا يعتبر في بلوغ الغلات حدّ النصاب استثناء ما صرفه المالك في المؤن قبل تعلق الزكاة وبعده ، فلو كان الحاصل يبلغ حد النصاب ولكنه إذا وضعت المؤن لم يبلغه وجبت الزكاة فيه ، بل الأحوط لزوماً إخراج الزكاة من مجموع الحاصل من دون وضع المؤن ، نعم ما تأخذه الحكومة من اعيان الغلات لا تجب زكاته على المالك.

( مسألة 549 ) : اذا تعلقت الزكاة بالغلات لا يتعين على المالك تحمل مؤونتها إلى أوان الحصاد أو الاجتناء ، فان له المخرج عن ذلك بان يسلمها الى مستحقها ، أو الحاكم الشرعي وهي على الساق ، أو على الشجر ثم يشترك معه في المؤن.

( مسألة 550 ) : لا يعتبر في وجوب الزكاة أن تكون الغلة في مكان

٢٣٧

واحد ، فلو كان له نخيل أو زرع في بلد لم يبلغ حاصله حد النصاب ، وكان له مثل ذلك في بلد آخر ، وبلغ مجموع الحاصلين في سنة حد النصاب وجبت الزكاة فيه.

( مسألة 551 ) : إذا ملك شيئاً من الغلات وتعلقت به الزكاة ثم مات وجب على الورثة إخراجها ، وإذا مات قبل تعلقها به انتقل المال باجمعه الى الورثة ، فمن بلغ نصيبه حد النصاب ـ حين تعلق الزكاة به ـ وجبت عليه ، ومن لم يبلغ نصيبه حده لم تجب عليه.

( مسألة 552 ) : من ملك نوعين من غلة واحدة كالحنطة الجيدة والرديئة ، جاز له اخراج الزكاة منهما مراعياً للنسبة ، ولا يجوز اخراج تمامها من القسم الرديء على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 553 ) : إذا اشترك اثنان أو أكثر في غلة ـ كما في المزارعة وغيرها ـ لم يكف في وجوب الزكاة بلوغ مجموع الحاصل حد النصاب ، بل يختص الوجوب بمن بلغ نصيبه حده.

٢٣٨

( زكاة مال التجارة )

وهو المال الذي يتملكه الشخص بعقد المعاوضة قاصداً به الاكتساب والاسترباح ، فيجب ـ على الأحوط ـ أداء زكاته ، وهي ربع العشر ( 2.5% ) مع استجماع الشرائط التالية :

( الأوّل ) : كمال المالك بالبلوغ والعقل.

( الثاني ) : بلوغ المال حد النصاب وهو نصاب احد النقدين المتقدم في ص (233).

( الثالث ) : مُضيِّ الحول عليه بعينه من حين قصد الاسترباح.

( الرابع ) : بقاء قصد الاسترباح طول الحول ، فلو عدل عنه ونوى به القنية ، أو الصرف في المؤونة مثلاً في الأثناء لم تجب فيه الزكاة.

( الخامس ) : تمكن المالك من التصرف فيه في تمام الحول.

( السادس ) : ان يطلب برأس المال أو بزيادة عليه طول الحول ، فلو طلب بنقيصة اثناء السنة لم تجب فيه الزكاة.

٢٣٩

( من أحكام الزكاة )

يجب قصد القربة في أداء الزكاة حين تسليمها الى المستحق ، أو الحاكم الشرعي ، أو العامل المنصوب من قبله ، أو الوكيل في ايصالها الى المستحق ـ والأحوط استحباباً ـ استمرار النية حتى يوصلها الوكيل ، وان ادى قاصداً به الزكاة من دون قصد القربة فالأظهر تعيّنه واجزاؤه وإن أثم ، والأولى تسليم الزكاة إلى الحاكم الشرعي ليصرفها في مصارفها.

( مسألة 554 ) : لا يجب اخراج الزكاة من عين ما تعلقت به فيجوز اعطاء قيمتها من النقود ، دون غيرها على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 555 ) : من كان له على الفقير دين جاز له ان يحتسبه زكاة ، سواء في ذلك موت المديون وحياته ، نعم يعتبر في المديون الميت ان لا تفي تركته باداء دينه ، أو يمتنع الورثة عن ادائه ، او يتعذر استيفاؤه لسبب آخر.

( مسألة 556 ) : يجوز اعطاء الفقير الزكاة من دون إعلامه بالحال.

( مسألة 557 ) : إذا أدى الزكاة الى من يعتقد كونه مصرفاً لها ثم انكشف خلافه استردها إذا كانت عينها باقية ، وكان له استرداد بدلها إذا تلفت العين وقد علم الآخذ ان ما اخذه زكاة ، وأما إذا لم يكن الآخذ عالماً بذلك فلا ضمان عليه ، ويجب على المالك حينئذٍ وعند عدم امكان الاسترداد في الصورة الأولى اخراج بدلها ، نعم اذا كان أداؤه بعد الفحص

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

قال حاجز الأزدي :

إن قد نصصت بعد ما شبت سيدا

تقول و تهدي من كلامك ما تهدى

« فالعصبة أولى » و زاد في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) « و يروى نص الحقاق » و العصبة كما قال الجوهري : البنون و قرابة الأب ، ( سمّوا بذلك لأنّهم عصبوا به أي : أحاطوا فالأب طرف و الابن طرف و العم جانب و الأخ جانب )(١) .

في ( كامل المبرد ) : قال فلان بن السائب الأسدي من أسد بن عبد العزّى : زوّجت ابنتي عمرو بن عثمان ، فلمّا نصّت عليه طلقها على المنصّة ، فجئت إلى ابن الزبير فقلت له إنّ عمرا طلّق ابنتي على المنصّة و قد ظنّ الناس أنّ ذلك لعاهة و أنت عمّها فقم فادخل إليها فقال : أو خير من ذلك جيئوني بمصعب أي أخيه فخطب فزوجها منه و أقسم ليدخلن بها في ليلته ، فلا تعرف امرأة نصت على رجلين في ليلتين ولاء غيرها(٢) .

و في ( الأغاني ) : قال أبو الهيثم : إجتمع مالك بن الريب و أبو صردبة و شظاظ يوما فقالوا : تعالوا نتحدّث بأعجب ما عملناه في سرقتنا إلى أن قال فقال شظاظ : كان لرجل من أهل البصرة بنت عم ذات مال كثير و هو وليّها و كان له نسوة فأبت أن تتزوجه فحلف ألاّ يزوجها من أحد ضرارا لها ، و كان يخطبها رجل غني من أهل البصرة فحرصت عليه و أبى الولي ، ثم إنّه حجّ حتّى إذا كان بالدّو(٣) على مرحلة من البصرة مات فدفن برابية و شيّد على قبره ، فتزوجت بالرجل الذي كان يخطبها ، و خرجت رفقة من البصرة معهم بز و متاع فتبصّرتهم و ما معهم و اتّبعتهم حتى نزلوا فلمّا ناموا

____________________

( ١ ) الصحاح للجوهري ١ : ١٨٣ مادة ( عصب ) .

( ٢ ) الكامل للمبرد ١ : ٤٣٣ .

( ٣ ) أرض ملساء بين مكة و البصرة .

٣٢١

بيّتّهم و أخذت من متاعهم .

ثم إنّ القوم لمّا انتبهوا أخذوني و ضربوني ضربا شديدا و جرّدوني ، و ذلك في ليلة قرة و سلبوني كلّ قليل و كثير فتركوني عريانا و تماوتّ لهم ، فارتحل القوم فقلت : كيف أصنع ؟ ثم ذكرت قبر الرجل فأتيته فنزعت لوحه ثم احتفرت فيه سربا فدخلت فيه ثم سددت عليّ باللوح و قلت لعلّي أدفأ فأتبعهم ، و مرّ الرجل الذي تزوج بالمرأة في الرفقة ، فمرّ بالقبر الذي أنا فيه فوقف عليه و قال لرفيقه : و اللَّه لأنزلنّ إلى قبر فلان حتى أنظر هل يحمي الآن بضع فلانة .

فعرفت صوته فقلعت اللوح ثم خرجت عليه من القبر و قلت : بلى و ربّ الكعبة لأحمينّها فوقع و اللَّه مغشيا عليه لا يتحرك و لا يعقل فجلست و أخذت كلّ أداة و ثياب عليه و مالا معه ، فكنت بعد ذلك أسمعه بالبصرة يحدّث الناس و يحلف لهم : إنّ الميت الذي كان منعه من تزويج المرأة خرج عليه من قبره بسلبه و كفنه فبقى يومه ثم هرب منه و الناس يعجبون منه ، فعاقلهم يكذبه و الأحمق منهم يصدقه و أنا أعرف القصة فأضحك منهم(١) .

هذا ، و في الكامل : كان ذو الأصبع العدواني رجلا غيورا و كانت له بنات أربع و كان لا يزوّجهنّ غيرة ، فاستمع عليهن يوما و قد خلون يتحدّثن ، فقالت قائلة منهنّ : لتقل كلّ واحدة منكن ما في نفسها و لتصدق ، ثم نقل أن إحداهنّ أنشدت أبياتا مشعرة بأنّها تريد زوجا شابّا غنيّا ، و الثانية عاقلا سخيّا ، و الثالثة ابن عمّ لها ، و سكتت الرابعة ، فقلن : لا ندعك حتى تقولين ، فقالت : زوج من عود خير من قعود فخطبن فزوّجهنّ(٢) .

و في ( تاريخ بغداد ) في محمد بن جعفر بن أحمد بن جعفر المعروف

____________________

( ١ ) الأغاني ٢٢ : ٢٩٨ ٢٩٩ .

( ٢ ) الكامل للمبرد ١ : ٤٢٧ ٤٤٩ .

٣٢٢

بزوج الحرة الذي روى عن الطبري و البغوي و غيرهما ، قال جعفر بن المكتفي العباسي كانت بنت بدر مولى المعتضد زوج المقتدر ، فأقامت عنده سنين و كان لها مكرما و عليها مفضلا الأفضال العظيم ، فتأثّلت حالها ، و انضاف ذلك إلى عظيم نعمتها الموروثة ، و قتل المقتدر و أفلتت من النكبة و سلم لها جميع أموالها و ذخائرها حتى لم يذهب لها شي‏ء و خرجت عن الدار .

قال : و كان يدخل إلى مطبخها حدث يحمل فيه على رأسه و كان حركا ، فنفق على القهارمة بخدمته فنقلوه إلى أن صار وكيل المطبخ و بلغها خبره و رأته فاستكاسته فردت إليه الوكالة في غير المطبخ و تراقى أمره حتى صار ينظر في ضياعها و عقارها و غلب عليها ، فصارت تكلّمه من وراء ستر و خلف باب أو ستارة ، و زاد اختصاصه بها حتى علق بقلبها فاستدعته إلى تزويجها فلم يجسر على ذلك ، فجسّرته و بذلت له مالا حتى تمّ لها ذلك و قد كانت حاله تأثلت بها و أعطته لمّا أرادت ذلك منه أموالا جعلها لنفسه نعمة ظاهرة لئلاّ يمنعها أولياؤها منه بالفقر و أنّه ليس بكف‏ء ، ثم هادت القضاة بهدايا جليلة حتى زوّجوها منه و اعترض الأولياء فغالبتهم بالحكم و الدراهم ، فتمّ له ذلك و لها ، فأقام معها سنين حتى ماتت فحصل له من مالها نحو ثلاثمائة ألف دينار قال : و هو الآن يعرف بزوج الحرّة ، و إنّما سمّيت الحرّة لأجل تزويج المقتدر بها و كذا عادة الخلفاء لغلبة المماليك عليهم إذا كانت لهم زوجة قيل لها : الحرّة(١) .

قلت : و المراد من قوله فيه « و أفلتت من النكبة » النكبة التي عرضت لزوجها المقتدر حتى قتل .

قول المصنف ( و النص منتهى الأشياء و مبلغ أقصاها كالنص في السير

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٢ : ١٥٣ ١٥٤ .

٣٢٣

لأنّه أقصى ما تقدر عليه الدابة ، و تقول نصصت الرجل عن الأمر ، إذا استقصيت مسألته عنه لتستخرج ما عنده فيه ، فنص الحقاق يريد به الإدراك لأنّه منتهى الصغر و الوقت الذي يخرج منه الصغير إلى حد الكبير ) .

ترى ان المصنف جعل الأصل في معنى النص الانتهاء و جعله الجامع بين قولهم « النص في السير » و قولهم « نصصت الرجل عن الأمر » ، و الأظهر كون الأصل فيه الإظهار كما صرّح به ابن دريد فقال : نصصت الحديث نصّا ، إذا أظهرته ، و نصصت العروس نصا ، إذا أظهرتها ، و نصصت البعير في السير نصّا ، إذا رفعته ، و نصصت الحديث ، إذا عزوته إلى محدثك به ، و نصصت العروس نصا ، إذا أقعدتها على المنصة ، و كلّ شي‏ء أظهرته فقد نصصته ، و نصة المرأة الشعر الذي يقع على وجهها من مقدّم رأسها .

( و هو من أفصح الكنايات عن هذا الأمر ) زاد ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم )(١) « و أغربها » فلا بدّ من سقوطه من نسخنا .

( فإذا بلغ النساء فالعصبة أولى بالمرأة إذا كانوا محرما مثل الإخوة و الأعمام ان أرادوا ذلك ) ما ذكره من أنّ الإخوة و الأعمام أولى بالمرأة ، مذهب العامة و الخبر من طريقهم ، و الأصل في نقله أبو عبيدة ، و عندنا إنّما الوليّ الأب و الجدّ بالإجماع إذا كانت صغيرة و على خلاف إذا كانت كبيرة باكرة ، و أمّا غيرهما فلا خلاف عندنا في عدم ولايتهما .

( و الحقاق محاقة الام للعصبة في المرأة و هو الجدال و الخصومة و قول كلّ واحد منهما للآخر أنا أحقّ منك بهذا ، يقال منه حاققته حقاقا مثل جادلته جدالا ) لا كلام في مجي‏ء الحقاق مصدر حاق بمعنى جادل كالمحاقة ، لكن (( الكلام )) في صحّة إضافة النص إليه بذاك المعنى فلم يذكر أحد أنه يقال

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٨ رقم ( ٢٦١ ) و شرح ابن ميثم ٥ : ٣٧٢ رقم ٤ .

٣٢٤

نصصت الجدال كما قالوا : نصصت الحديث و البعير و العروس كما مرّ .

( و قد قيل ان نص الحقاق بلوغ العقل و هو الإدراك ، لأنّهعليه‌السلام إنّما أراد منتهى الأمر الذي يجب فيه الحقوق و الأحكام ) هكذا في ( الطبعة المصرية )(١) و لكن في ( ابن أبي الحديد(٢) و ابن ميثم )(٣) « يجب به الحقوق و الأحكام » .

و كيف كان فقال الأول : لم ينقل أهل اللغة أن الحقاق استعملت في معنى الحقوق ( و من رواه نص الحقائق فإنّما أراد جمع حقيقة ) و في ( ابن أبي الحديد ) « و قال من رواه . » ، و الصواب ما في ( الطبعة المصرية ) لتصديق ( ابن ميثم ) له و لأنّه لا فاعل لقوله « و قال »(٤) .

( هذا معنى ما ذكره أبو عبيد ) زاد في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) « القاسم بن سلام » فلا بدّ من سقوطها من ( الطبعة المصرية )(٥) .

( و الذي عندي ان المراد بنصّ الحقاق هاهنا بلوغ المرأة إلى الحدّ الذي يجوز تزويجها و تصرّفها في حقوقها تشبيها بالحقاق من الإبل ) في ( اللسان )(٦) و الحقة نبز ام جرير بن الخطفي ، خطبها سويد بن كراع إلى أبيها فقال : إنّها لصغيرة صرعة ، فقال سويد : لقد رأيتها و هي حقة ، أي : كالحقة من الإبل في عظمها و إضافة النص إلى الإبل كثيرة ، فلما فقد زيد بن حارثة في طفوليته قال أبوه :

____________________

( ١ ) راجع شرح محمد عبده : ٧١٥ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٨ .

( ٣ ) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٥ : ٣٧٢ .

( ٤ ) راجع المصادر نفسها و الصفحات نفسها .

( ٥ ) راجع الطبعة المصرية : شرح محمّد عبده ٧١٦ و أيضا ابن أبي الحديد ٩ : ١٠٨ و أيضا ابن ميثم ٥ : ٣٧٣ .

( ٦ ) ابن منظور : لسان العرب ٣ : ٢٥٩ مادة ( حقق ) .

٣٢٥

سأعلم نص العيس في الأرض جاهدا

و لا أسأم التطواف أو تسأم الإبل

و قال زيد نفسه : لمّا حجّ ناس من قبيلته و رأوه عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم

و لا تعملوا في الأرض نص الأباعر(١)

( و هي جمع حقة و حق و هو الذي استكمل ثلاث سنين و دخل في الرابعة و عند ذلك يتمكن فيه من ركوب ظهره و نصه في السير )(٢) هكذا في الطبعة ( المصرية ) و الصواب ( في سيره ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) و الخطية(٣) ، و الجوهري جعل الحقق ايضا جمعهما(٤) .

( و الحقائق أيضا جمع حقة ، فالروايتان جميعا ترجعان إلى معنى واحد ) قال ( ابن أبي الحديد ) : الحقائق جمع حقاق ، و الحقاق جمع حق ، فالحقائق إذن جمع الجمع لحقّ لا لحِقة(٥) .

قلت : إذا كان الحقائق جمع الحقاق و الحقاق جمع حق و حقة بالاتفاق يصدق ان الحقائق جمع حقة كما قال المصنف .

هذا ، و قال ( ابن أبي الحديد ) : يمكن أن يقال الحقاق هاهنا الخصومة ، يقال : ما له فيه حق و لا حقاق ، أي : و لا خصومة ، و يقال لمن نازع : إنّه لنزق الحقاق أي : خصومة في الدنيّ من الأمر ، فيكون المعنى : إذا بلغت المرأة الحدّ

____________________

( ١ ) ذكر ابن حجر هذه الحكاية في الإصابة في تمييز الصحابة ٣ : ٢٥ .

( ٢ ) شرح محمد عبده : ٧١٦ .

( ٣ ) أورد شرح ابن ميثم لفظ « في السير » كما في الطبعة المصرية راجع شرح ابن ميثم ٥ : ٣٧٣ ، و أورد شرح ابن أبي الحديد لفظ « في سيره » ١٩ : ١٠٨ ، أما في النسخة الخطية فقد سقط النصّ في نسخة ( المرعشي ) .

( ٤ ) الصحاح للجوهري ٤ : ١٤٦ مادة ( حقق ) .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١١٠ .

٣٢٦

الذي يستطيع الإنسان فيه الخصومة و الجدال فعصبتها أولى بها من أمّها(١) .

قلت : ما ذكره تطويل بلا طائل و تكرار بلا حاصل ، فهو عين ما ذكره المصنف سابقا بقوله : « و الحقاق محاقّة الام للعصبة في امرأة و هو الجدال و الخصومة و قول كلّ واحد منهما للآخر أنا أحقّ منك » إلاّ أنّ ما عبّر به ( ابن أبي الحديد ) لفظ الصحاح و ما عبّر به المصنف لفظ الجمهرة و المعنى واحد .

و قال ( ابن ميثم ) : قيل يحتمل أن يراد بالنص الارتفاع ، يقال نصّت الضبيّة رأسها : إذا رفعته ، و منه منصة العروس لارتفاعها عليها ، و يكون قد استعار لفظ الحقاق لأثداء الصغيرة إذا نهدت و ارتفعت لشبهها بالحقة صورة ، أي : إذا بلغت المرأة حدّ ارتفاع أثدائهن كانت العصبة أولى(٢) .

قلت : لم يقل أحد : إن الحقاق جمع حقة بالضم ، بل اتّفقوا على أنّه جمع حق و حقّه بالكسر أي إبل دخل في الرابعة و استحق الحمل عليه ، فما ذكره ساقط و إن كان ما قاله من كون النص بمعنى الارتفاع صحيحا .

٧ من الخطبة ( ١٥١ ) اِعْقِلْ ذَلِكَ

 فَإِنَّ اَلْمِثْلَ دَلِيلٌ عَلَى شِبْهِهِ إِنَّ اَلْبَهَائِمَ هَمُّهَا بُطُونُهَا وَ إِنَّ اَلسِّبَاعَ هَمُّهَا اَلْعُدْوَانُ عَلَى غَيْرِهَا وَ إِنَّ اَلنِّسَاءَ هَمُّهُنَّ زِينَةُ اَلْحَيَاةِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْفَسَادُ فِيهَا إِنَّ اَلْمُؤْمِنِينَ مُسْتَكِينُونَ إِنَّ اَلْمُؤْمِنِينَ مُشْفِقُونَ إِنَّ اَلْمُؤْمِنِينَ خَائِفُونَ أقول : رواه ( الكافي )(٣) في باب الاجمال من كتاب معيشته مسندا ، و رواه

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١١٠ .

( ٢ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣٧٢ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٥ : ٨١ ح ٩ .

٣٢٧

 تحف العقول )(١) في باب حكمهعليه‌السلام مرفوعا .

« اعقل ذلك » قال ابن أبي الحديد : فيه رمز بباطن هذا الكلام إلى الرؤساء يوم الجمل(٢) .

« فإنّ المثل دليل على شبهه » في ( أمثال الميداني ) : قال المبرد المثل مأخوذ من المثال كقول كعب بن زهير :

كانت مواعيد عرقوب لها مثلا

و ما مواعيدها إلاّ الأباطيل(٣)

و قال ابن السّكّيت : المثل لفظ يخالف لفظ المضروب له و يوافق معناه معنى ذلك اللفظ ، شبّهوه بالمثال الذي يعمل عليه غيره .

و قال النظام : في المثل أربع لا تجتمع في غيره : ايجاز اللفظ ، و إصابة المعنى ، و حسن التشبيه ، و جودة الكناية فهو نهاية البلاغة(٤) .

و لكون المثل دليلا على شبهه ، أكثر تعالى من الأمثال ، و منها :( يا أيُّها النّاس ضرب مثل فاستمعوا له إن الّذين تدعون من دون اللَّه لن يخلقوا ذباباً و لو اجتمعوا له و إن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب و المطلوب ) (٥) .

« ان البهائم همّها بطونها » ذكر الصادقعليه‌السلام للمفضل من حكم عدم دوام النهار ان لا تفرط البهائم في الأكل فتموت كعدم إفراط الإنسان في العمل فيموت(٦) .

____________________

( ١ ) تحف العقول للحراني : ١٠٣ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٢ .

( ٣ ) مجمع الأمثال للميداني ١ : ٩ .

( ٤ ) مجمع الأمثال للميداني ١ : ٩ .

( ٥ ) الحج : ٧٣ .

( ٦ ) توحيد المفضل : ٨٧ بتصرف .

٣٢٨

ثم ان ما ذكره ( ابن أبي الحديد ) من كون كلامهعليه‌السلام رمزا إلى أصحاب الجمل و هو الظاهر أشارعليه‌السلام إلى كون طلحة و الزبير كالبهائم همّهما بطونهما ، فلذا خرجا عليهعليه‌السلام فهلكا(١) .

روى المفيد في ( جمله ) انّه لمّا خرج عثمان بن حنيف عاملهعليه‌السلام من البصرة عاد طلحة و الزبير إلى بيت المال فتأملا ما فيه من الذهب و الفضة قالا هذه الغنائم التي وعدنا اللَّه بها و أخبرنا انّه يعجلها لنا قال أبو الأسود : سمعت هذا منهما و رأيت عليّاعليه‌السلام بعد ذلك و قد دخل بيت مال البصرة ، فلما رأى ما فيه قال : يا صفراء يا بيضاء غرّي غيري ، المال يعسوب الظلمة و أنا يعسوب المؤمنين فلا و اللَّه ما التفت إلى ما فيه و لا فكّر فيما رآه و ما وجدته عنده إلاّ كالتراب هوانا ، فتعجبت من القوم و منه ، فقلت اولئك ممّن يريد الدنيا و هذا ممّن يريد الآخرة(٢) .

« و إنّ السباع همّها العدوان على غيرها » أشارعليه‌السلام في هذا الكلام أيضا إليهم و أنّهم كما كانوا في الشهوة كالبهائم يكونون كالسباع في الغضب ، فلمّا كتب طلحة و الزبير مع عثمان بن حنيف كتاب عهد بينهم بالمتاركة حتى يقدم أمير المؤمنينعليه‌السلام و فرّق ابن حنيف أصحابه غدر طلحة و الزبير به فأتياه في بيته و هو غافل و على باب الدار السبابجة يحرسون بيوت الأموال ، فوضعوا فيهم السيف فقتلوا أربعين رجلا منهم صبرا يتولى ذلك منهم الزبير خاصة ، ثم هجموا على عثمان فأوثقوه رباطا و عمدوا إلى لحيته فنتفوها و كان كث اللحية حتى لم يبق فيها شعرة ، و قال طلحة : عذّبوا الفاسق و انتفوا شعر

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٢ .

( ٢ ) الجمل للمفيد : ١٥٤ .

٣٢٩

حاجبيه و أشفار عينيه و أوثقوه بالحديد(١) ، ثم قال طلحة و الزبير لعائشة ماذا تأمرين فيه فقالت : اقتلوه قتله اللَّه .

« و إنّ النساء همّهنّ زينة الحياة الدّنيا و الفساد فيها » أشارعليه‌السلام على ما قال ( ابن أبي الحديد ) في هذا الكلام إلى عائشة(٢) .

و روى المفيد في ( جمله ) و ( ابن أبي الحديد ) في موضع آخر : ان عائشة لمّا بلغها نزول أمير المؤمنينعليه‌السلام بذي قار كتبت إلى حفصة : أمّا بعد ، فإنّا نزلنا البصرة و نزل عليّ بذي قار و اللَّه داق عنقه كدق البيضة ، إنّه بمنزلة الأشقر إن تقدّم نحر و إن تأخّر عقر فلما وصل الكتاب إليها استبشرت بذلك و دعت صبيان بني تميم و عدي و أعطت جواريها دفوفا و أمرتهن أن يضربن بالدفوف و يقلن : « الخبر ما الخبر ؟ عليّ الأشقر ، إن تقدّم نحر و إن تأخّر عقر » إلى أن قال : فدخلت عليها ام كلثوم و قالت لحفصة إن تظاهرت أنت و اختك على أمير المؤمنين فقد تظاهرتما على أخيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل تعالى فيكما ما أنزل أي قوله تعالى : و إن تظاهرا عليه فإنّ اللَّه هو مولاه و جبريل و صالح المؤمنين و الملائكة بعد ذلك ظهير(٣) .

و كلامهعليه‌السلام عام و ان كانت هي المراد بالخصوص ، و قد ضرب تعالى فيها و في اختها المثل في قوله :( ضرب اللَّه مثلاً للذين كفروا امرأت نوح و امرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللَّه شيئا و قيل ادخلا النار مع الداخلين ) (٤) .

____________________

( ١ ) الكامل في التاريخ لابن الأثير ٣ : ٢١٦ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

( ٣ ) الجمل للمفيد : ١٤٩ ، و ذكر ابن أبي الحديد ذلك في ٦ : ٢٢٥ و الآية ٤ من سورة التحريم .

( ٤ ) التحريم : ١٠ .

٣٣٠

و قد صرّح بكونهما المرادتين الزمخشري(١) ، و في اسد الغابة(٢) في معبد بن أكثم الخزاعي روى عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد اللَّه قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : عرضت عليّ النار و أكثر من رأيت فيها النساء اللاتي إن اؤتمنّ أفشين ، و إن سألن الحفن ، و إن اعطين لم يشكرن(٣) .

قلت : و كانتا ممّن أفشى سرّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( و إذ أسرّ النبيّ إلى بعض أزواجه حديثاً ) (٤) .

و قال ( ابن أبي الحديد ) : نظر حكيم إلى امرأة مصلوبة على شجرة فقال :

ليت كلّ شجرة تحمل مثل هذه الثمرة(٥) .

و رأى بعض الحكماء امرأة غريقة قد احتملها السيل فقال : زادت الكدر كدرا و الشر بالشر يهلك(٦) .

و رأى بعضهم جارية تحمل نارا فقال : نار على نار ، و الحامل شرّ من المحمول(٧) .

____________________

( ١ ) الزمخشري ٤ : ٥٧١ ، يذكر الزمخشري : و في طي هذين التمثيلين ( امرأة لوط و امرأة نوح ) تعريف بأمي المؤمنين المذكورتين في أوّل السورة و ما فرط منهما من التظاهر على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله بما كرهه و تحذير لهما على أغلظ وجه و أشده . لما في التمثيل من ذكر الكفر و نحوه في التغليظ قوله تعالى : و من كفر فإن اللَّه غني عن العالمين و إشارة إلى أن في حقهما أن تكونا في الاخلاص و الكمال فيه كمثل هاتين المؤمنتين ثم يقول الزمخشري :

و التعريض بحفصة ارجح لأنّ امرأة لوط أفشت عليه كما أفشت حفصة على رسول اللَّه : راجع المصدر المذكور .

( ٢ ) اسد الغابة ٤ : ٣٨٩ .

( ٣ ) اخرجه أحمد في مسنده عن أبي بن كعب : مسنده أحمد ٣ : ٣٥٣ .

( ٤ ) التحريم : ٣ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

( ٧ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٦٣ .

٣٣١

و رأى حكيم امرأة تعلم الكتابة فقال : سهم يسقى سما ليرمى به يوما ما(١) .

و مرّت امرأة بسقراط و هو مشرق في الشمس فقالت : ما أقبحك أيها الشيخ فقال : لو لا أنّكنّ من المرائي الصديّة لغمّني ما بان فيكنّ من قبح صورتي(٢) .

قلت : و في ( اصلاح المنطق ) في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « إنّكنّ إذا شبعتنّ خجلتنّ ، و إذا جعتنّ دقعتنّ » الخجل سوء احتمال الغنى ، و الدقع سوء احتمال الفقر(٣) .

« إنّ المؤمنين مستكينون » ليس همّهم بطونهم كالبهائم .

« إنّ المؤمنين مشفقون » ليسوا مثل فرقة همّهم العدوان على العباد .

« إنّ المؤمنين خائفون » ليسوا كطائفة كالنساء همّهم زينة الحياة الدنيا و الفساد فيها و الإفساد .

و في الكلام اشارة ثانية إلى أن أصحاب الجمل لم يكونوا من الايمان في شي‏ء لخلّوهم من أوصافهم .

هذا ، و عن المغيرة : النساء أربع و الرجال أربعة : رجل مذكر و امرأة مؤنّثة فهو قوّام عليها ، و رجل مؤنّث و امرأة مذكّرة فهي قوّامة عليه ، و رجل مذكّر و امرأة مذكّرة فهما كالوعلين ينتطحان ، و رجل مؤنّث و امرأة مؤنّثة فهما لا يفلحان(٤) و للأخطل :

يمددن من هفواتهن إلى الصبا

سببا يصدن به الغواة طوالا

____________________

( ١ ) المصدر نفسه .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) ابن السكيت ، اصلاح المنطق : ١٤١ .

( ٤ ) الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ١٦ : ٨٧ .

٣٣٢

ما إن رأيت كمكرهن إذا جرى

فينا و لا كحبالهنّ حبالا

المهديات لمن هوين مسبّة

و المحسنات لمن قلين مقالا

يرعين عهدك ما رأينك شاهدا

و إذا مذلت يصرن عنك مذالا

إنّ الغواني إن رأينك طاويا

برد الشباب طوين عنك وصالا

و إذا وعدنك نائلا أخلفنه

و وجدت عند عداتهن مطالا

و إذا دعونك عمّهن فإنّه

نسب يزيدك عندهن خبالا(١)

و لعلقمة الفحل :

فإن تسألوني بالنساء فإنّني

بصير بأدواء النساء طبيب

إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله

فليس له في ودّهن نصيب

يردن ثراء المال حيث علمنه

و شرخ الشباب عندهن عجيب(٢)

و لطفيل الغنوي :

إنّ النساء كأشجار نبتن معا

منها المرار و بعض النبت مأكول

إنّ النساء و ان ينهين عن خلق

فإنّه واجب لا بدّ مفعول

لا يصرفنّ لرشد إن دعين له

و هنّ بعد ملائيم مخاذيل(٣)

و قال كعب بن زهير في قصيدته في مدح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله التي أولها

« بانت

سعاد فقلبي اليوم متبول »

فيا لها خلة لو أنّها صدقت

بوعدها أو لو أنّ النصح مقبول

لكنّها خلّة قد سيط من دمها

فجع و ولع و أخلاف و تبديل

فما تدوم على حال تكون بها

كما تلوّن في أثوابها الغول

____________________

( ١ ) ديوان الأخطل : ٢٤٧ .

( ٢ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٣٤ .

( ٣ ) ديوان الغنوي : ٣٤ ، و ذكره النويري في نهاية الارب ٣ : ٦٨ .

٣٣٣

و ما تمسك بالعهد الذي زعمت

إلاّ كما يمسك الماء الغرابيل

فلا يغرّنك ما منّت و ما وعدت

إنّ الأماني و الأحلام تضليل

كانت مواعيد عرقوب لها مثلا

و ما مواعيدها إلاّ الأباطيل(١)

و في ( نوادر نكاح الفقيه ) عنهعليه‌السلام : لا تحملوا الفروج على السروج فتهيجوهن على الفجور(٢) .

و مر في ٤ ٤٢ « و جهاد المرأة حسن التبعّل »(٣) .

و روى ( حلية أبي نعيم ) إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنصرف من الصبح يوما فأتى النساء فوقف عليهن فقال : اني قد رأيت انكن أكثر أهل النار فتقرّبن إلى اللَّه تعالى بما استطعتنّ و في خبر تصدقن و لو بحليّكنّ و كانت امرأة ابن مسعود فيهن ، فأخذت حليا لها فقال لها ابن مسعود : أين تذهبين به ؟ قالت :

أتقرّب به إلى اللَّه تعالى لعل اللَّه لا يجعلني من أهل النار فقال : هلمّي تصدّقي به عليّ و على ولدي فأنا له موضع قال : و سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك فقال : لها أجران أجر القرابة و أجر العلاقة(٤) .

و في ( المعمرون ) لأبي حاتم : عاش شرية الجعفي(٥) ثلاثمائة سنة ، و قيل له ما بال ابنك قد خرف و بك بقية قال : أما و اللَّه ما تزوّجت أمه حتى أتت عليّ سبعون سنة ، و تزوجتها ستيرة عفيفة إن رضيت رأيت ما تقرّبه عيني و إن

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٣٣ .

( ٢ ) الفقيه ٣ : ٤٦٨ ح ٤٦٢٦ .

( ٣ ) راجع الكتاب .

( ٤ ) و هي زينب الثقفية : انظر ترجمتها في حلية الأولياء ٢ : ٦٩ ، و أخرج الحديث « تصدقن و لو من حليكن » البخاري في الزكاة الحديث ٣٣ و ٤٨ و مسلم في صحيحة في العيدين الحديث ٤ و الزكاة الحديث ٤٦ و ٤٧ ، و الترمذي في الزكاة الحديث ١٢ ، و النسائي في الزكاة الحديث ١٩ و ٨٢ ، و الدارمي في كتاب الصلاة الحديث ٢٣٤ ، و الزكاة الحديث ٢٣ .

( ٥ ) هو شرية بن عبد اللَّه بن قليت بن خولي بن ربيعة بن عوف بن معاوية بن ذهل بن مالك بن مريم بن جعفي .

٣٣٤

سخطت تأتت لي حتى أرضى ، و انّ ابني تزوّج امرأة فاحشة بذيّة إن رأى ما تقربه عينه تعرضت له حتى يسخط و ان سخط تلغبّته(١) حتى يهلك(٢) .

____________________

( ١ ) اللغب هو التعب و الإعياء .

( ٢ ) المعمّرون لابن حاتم : ٤٩ .

٣٣٥

الفصل التاسع و الخمسون في إبليس

٣٣٦

١ الخطبة ( ٨١ ) في خطبة عجيبة :

أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اَللَّهِ اَلَّذِي أَعْذَرَ بِمَا أَنْذَرَ وَ اِحْتَجَّ بِمَا نَهَجَ وَ حَذَّرَكُمْ عَدُوّاً نَفَذَ فِي اَلصُّدُورِ خَفِيّاً وَ نَفَثَ فِي اَلْآذَانِ نَجِيّاً فَأَضَلَّ وَ أَرْدَى وَ وَعَدَ فَمَنَّى وَ زَيَّنَ سَيِّئَاتِ اَلْجَرَائِمِ وَ هَوَّنَ مُوبِقَاتِ اَلْعَظَائِمِ حَتَّى إِذَا اِسْتَدْرَجَ قَرِينَتَهُ وَ اِسْتَغْلَقَ رَهِينَتَهُ أَنْكَرَ مَا زَيَّنَ وَ اِسْتَعْظَمَ مَا هَوَّنَ وَ حَذَّرَ مَا أَمَّنَ « اوصيكم بتقوى اللَّه الذي أعذر بما أنذر »( يا معشر الجن و الإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصّون عليكم آياتي و ينذورنكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا و غرّتهم الحياة الدُّنيا ) (١) .

____________________

( ١ ) الأنعام : ١٣٠ .

٣٣٧

قال الجوهري : كان ابن عباس يقرأ :( و جاء المعذرون ) (١) مخفّفة من أعذر و يقول : و اللَّه لهكذا انزلت كان الأمر عنده أنّ المعذّر بالتشديد هو المظهر للعذر اعتلالا من غير حقيقة له في العذر و المعذر الذي له العذر(٢) .

« و احتجّ بما نهج » أي : أوضح الطريق :( و أن هذا صراطي مستقيماً فاتَّبعوه و لا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ) (٣) .

« و حذّركم عدوّا نفذ في الصّدور خفيّا »( يا بني آدم لا يفتنَّنكم الشَّيطان كما أَخرج أبويكم ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم ) (٤) .

« و نفث في الآذان نجيّا » نفث من باب نصر و ضرب ، و النفث شبيه بالنفخ ، و النجيّ الذي تسارّه( و إنّ الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ) (٥) .

هذا ، و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : إنّ العبد يوقظ ثلاث مرّات من الليل ، فإن لم يقم أتاه الشيطان فبال في أذنه(٦) .

و في الخبر : اوحي إلى موسىعليه‌السلام : ما لم تسمع بموت إبليس فلاتأ من مكره(٧) .

و في الخبر أيضا : أتى إبليس موسىعليه‌السلام و هو يناجي ربّه قال : أتطمع

____________________

( ١ ) التوبة : ٩٠ .

( ٢ ) الصحاح للجوهري ٢ : ٧٤١ .

( ٣ ) الأنعام : ١٥٣ .

( ٤ ) الأعراف : ٢٧ .

( ٥ ) الأنعام : ١٢١ .

( ٦ ) الكافي للكليني ٣ : ٤٤٦ ح ١٢ .

( ٧ ) في حديث مفصل عن أمير المؤمنين : و الرابعة : و ذكر ( النص ) . و قد ذكر في الخصال ١ : ١٠٣ ، و نقل عنه المجلسي في بحار الأنوار ١٣ : ٣٤٤ رواية ٢٦ .

٣٣٨

في هذه الحال قال : نعم كما طمعت في أبيك آدم(١) .

و في الخبر : أتى عيسىعليه‌السلام و قد اضطجع و جعل تحت رأسه لبنة فقال :

أتطمع فيّ و ليس لي شي‏ء من علائق الدنيا تخدعني به فقال : بلى ما دام لك علاقة بهذه اللّبنة أطمع فيك ، فأخذها و رماها(٢) .

« فأضلّ و أردى » أي : أهلك « و وعد فمنى » و قال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً( و لأضلّنّهم و لاُمنِّينَّهم ) (٣) .

« و زيّن سيئات الجرائم »( و زيّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون ) (٤) ( لاُزيِّننَّ لهم في الأرض ) (٥) ( و زيَّن لهم الشيطان أعمالهم فصدَّهم عن السَّبيل فهم لا يهتدون ) (٦) .

« و هوّن موبقات العظائم » أي :( مهلكات الذنوب العظيمة و لآمرنَّهم فليغيّرنّ خلق اللَّه ) (٧) .

« حتى إذا استدرج قرينته » أي : أدنى على التدريج صاحبه الذي كان قرينه .

« و استغلق رهينته » أي : صارت الرهينة غلقة عنده لا يقدر صاحبها على فكّها ، أي : في حال الاحتضار و ما بعده .

« أنكر ما زيّن و استعظم ما هوّن و حذّر ما أمّن »( و قال الشّيطان لمّا قضي

_ ___________________

( ١ ) أورد الصدوق في الأمالي بهذا اللفظ : جاء إلبيس إلى موسى بن عمرانعليه‌السلام و هو يناجي ربه ، فقال له ملك من الملائكة : ما ترجو منه و هو في هذه الحال يناجي به ، فقال : أرجوا منه ما رجوت من أبيه آدم و هو في الجنّة : انظر الأمالي : ٣٩٥ ٣٩٦ ، طبع بنياد بعثت .

( ٢ ) لم نعثر عليه في كتب الحديث و قصص الأنبياء .

( ٣ ) النساء : ١١٨ ١١٩ .

( ٤ ) الأنعام : ٤٣ .

( ٥ ) الحجر : ٣٩ .

( ٦ ) النمل : ٢٤ .

( ٧ ) النساء : ١١٩ .

٣٣٩

 الأمر إنّ اللَّه وعدكم وعد الحق و وعدتكم فأخلفتكم و ما كان لي عليكم من سلطان إلاّ أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني و لوموا أَنفسكم ما أَنا بمصرخكم و ما أَنتم بمصرخيّ إنّي كفرت بما أَشركتمون من قبل ) (١) و في سورة الحشر( كمثل الشَّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بري‏ءٌ منك إنّي أخاف اللَّه رَبَّ العالمين ) (٢) .

٢ من الخطبة القاصعة ( ١٩٠ )

 فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اَللَّهِ ؟ بِإِبْلِيسَ ؟ إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ اَلطَّوِيلَ وَ جَهْدَهُ اَلْجَهِيدَ وَ كَانَ قَدْ عَبَدَ اَللَّهَ سِتَّةَ آلاَفِ سَنَةٍ لاَ يُدْرَى أَ مِنْ سِنِي اَلدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي اَلْآخِرَةِ عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَنْ بَعْدَ ؟ إِبْلِيسَ ؟ يَسْلَمُ عَلَى اَللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ كَلاَّ مَا كَانَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ اَلْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ مِنْهَا مَلَكاً إِنَّ حُكْمَهُ فِي أَهْلِ اَلسَّمَاءِ وَ أَهْلِ اَلْأَرْضِ لَوَاحِدٌ وَ مَا بَيْنَ اَللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ حِمًى حَرَّمَهُ عَلَى اَلْعَالَمِينَ فَاحْذَرُوا عِبَادَ اَللَّهِ أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِهِ وَ أَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ بِنِدَائِهِ وَ أَنْ يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِهِ وَ رَجْلِهِ فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ لَكُمْ سَهْمَ اَلْوَعِيدِ وَ أَغْرَقَ لَكُمْ بِالنَّزْعِ اَلشَّدِيدِ وَ رَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ( وَ قَالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي اَلْأَرْضِ ) ( وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) ٢ ١١ ١٥ : ٣٩(٣) قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعِيدٍ وَ رَجْماً بِظَنٍّ مُصِيبٍ صَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ اَلْحَمِيَّةِ وَ إِخْوَانُ اَلْعَصَبِيَّةِ وَ فُرْسَانُ اَلْكِبْرِ وَ اَلْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى إِذَا اِنْقَادَتْ لَهُ اَلْجَامِحَةُ مِنْكُمْ وَ اِسْتَحْكَمَتِ

____________________

( ١ ) إبراهيم : ٢٢ .

( ٢ ) الحشر : ١٦ .

( ٣ ) الحجر : ٣٩ .

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639