بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247434 / تحميل: 8636
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

(الاول): في الانساب.

ومراتبهم ثلاث: (الاولى): الآباء والاولاد: لا لاب يرث المال إذا انفرد.

والام الثلث والباقي بالرد.

ولو اجتمعا فللام الثلث وللاب الباقي.

ولو كان له أخوة كان لها السدس.

ولو شاركهما زوج او زوجة، فللزوج النصف، وللزوجة الربع.

وللام ثلث الاصل إذا لم يكن حاجب والباقي للاب، ولو كان لها حاجب كان لها السدس.

ولو انفرد الابن فالمال له.

ولو كانوا أكثر اشتركوا بالسوية.

ولو كانوا ذكرانا وإناثا فللذكر سهمان، وللانثى سهم.

ولو اجتمع معهما الابوان فلهما السدسان والباقي للاولاد ذكرانا كانوا او اناثا او ذكرانا وإناثا ولو كانت بنت فلها النصف وللابوين السدسان، والباقي يرد أخماسا.

ولوكان من يحجب الام ردعلى الاب والبنت أرباعا.

ولو كانت بنتان فصاعدا فللابوين: السدسان، وللبنتين او البنات: الثلثان بالسوية.

ولو كان معهما او معهن أحد الابوين كان له: السدس، ولهما اولهن: الثلثان والباقي يرد أخماسا.

ولو كان مع البنت والابوين زوج او زوجة كان للزوج: الربع، وللزوجة الثمن، وللابوين: السدسان، والباقي للبنت.

وحيث يفضل عن النصف يرد الزائد عليها وعلى الابوين أخماسا.

ولو كان من يحجب الام رددناه على البنت والاب أرباعا.

ويلحق مسائل: (الاولى): الاولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل فريق نصيب من يتقرب به، ويقسمونه للذكر مثل حظ الانثيين، اولاد ابن كانوا او أولاد البنت على الاشبه.

(ويمنع) الاقرب الابعد.

ويرد على ولد البنت كما يرد

٢٦١

على امه ذكرا كان او انثى.

ويشاركون الابوين كما يشاركهما الاولاد للصلب على الاصح.

(الثانية): يحبى الولد الاكبر بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه إذا خلف الميت غير ذلك.

ولو كان الاكبر بنتا أخذه الاكبر من الذكور ويقضي عنه ما ترك من صيام او صلاة.

وشرط بعض الاصحاب ألا يكون سفيها ولا فاسد الرأي.

(الثالثة): لا يرث مع الابوين ولا مع الاولاد جد ولا جدة ولاأحد من ذوي القرابة.

لكن يستحب للاب أن يطعم أباه وأمه: السدس من أصل التركة بالسوية، إذا حصل له الثلثان.

وتطعم الام أباها وأمها: النصف من نصيبها بالسوية إذا حصل لها الثلث فما زاد.

ولو حصل لاحدهما نصيبه الاعلى دون الآخر استحب له طعمة الجد والجدة دون صاحبه.

ولا طعمة لاحد الاجداد إلا مع وجود من يتقرب به.

(الرابعة): لا يحجب الاخوة الام إلا بشروط أربعة: أن يكون أخوين او أخا وأختين او أربع أخوات فما زاد لاب وأم او لاب مع وجود الاب، غير كفرة ولا رق.

وفي القتلة قولان، أشبههما: عدم الحجب وان يكونوا منفصلين لا حملا.

(المرتبة الثانية): الاخوة والاجداد اذا لم يكن أحد الابوين، ولا ولد وان نزل، فالميراث للاخوة والاجداد.

فالاخ الواحد للاب والام يرث المال، وكذا الاخوة.

والاخت انما ترث النصف بالتسمية، والباقي بالرد.

وللاختين فصاعدا الثلثان بالتسمية والباقي بالرد.

ولو اجتمع الاخوة والاخوات لهما كان المال بينهم للذكر سهمان وللانثى سهم.

٢٦٢

وللواحد من ولد الام السدس ذكرا كان او انثى.

وللاثنين فصاعدا الثلث بينهم بالسوية ذكرانا كانوا او اناثا.

ولا يرث مع الاخوة للاب والام ولا مع أحدهم أحد من ولد الاب، لكن يقومون مقامهم عند عدمهم.

ويكون حكمهم في الانفراد والاجتماع ذلك الحكم.

ولو اجتمع الكلالات كان لولد الام السدس إن كان واحدا، والثلث ان كانوا أكثر، والباقي لولد الاب والام ويسقط أولاد الاب.

فان أبقت الفريضة فالرد على كلالة الاب والام، وان ابقت الفريضة مع ولد الام وولد الاب، ففي الرد قولان، أحدهما: يرد على كلالة الاب، لان النقص يدخل عليهم، مثل أخت لاب مع واحد او اثنين فصاعدا من ولد الام، او أختين للاب، مع واحد من ولد الام.

والآخر: يرد على الفريقين بنسبة مستحقهما وهو أشبه.

وللجد المال إذا انفرد لاب كان او لام.

وكذا الجدة.

ولو اجتمع جد وجدة، فان كانا لاب فلهما المال، للذكر مثل حظ الانثيين وإن كانا لام فالمال بالسوية.

واذا اجتمع الاجداد المختلفون، فلمن يتقرب بالام الثلث على الاصح، واحدا كان او اكثر.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان ولو كان واحدا.

ولو كان معهم زوج او زوجة أخذ النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

والجد الادنى يمنع الاعلى.

واذا اجتمع معهم الاخوة، فالجد كالاخ والجدة كالاخت.

مسألتان: (الاولى): لو اجتمع أربعة أجداد لاب ومثلهم لام كان لاجداد الام الثلث بينهم أرباعا.

ولاجداد الاب وجداته الثلثان، لابوي أبيه ثلثا الثلثين

٢٦٣

أثلاثا ولابوي امه الثلث أثلاثا أيضا فيصح من مئة وثمانية.

(الثانية): الجد وإن علا يقاسم الاخوة والاخوات.

وأولاد الاخوة والاخوات وإن نزلوا، يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الاجداد والجدات ويرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به.

ثم إن كانوا أولاد أخوة او أخوات لاب اقتسموا المال، للذكر مثل حظ الانثيين.

وإن كانوا لام اقتسموا بالسوية.

(المرتبة الثانية): الاعمام والاخوال: المعلم المال اذا انفرد.

وكذا للعمين فصاعدا.

وكذا العمة والعمتان والعمات.

والعمومة والعمات: للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو كانوا متفرقين، فلمن تقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا أكثر بالسوية.

والباقي لمن يتقرب بالاب والام للذكر مثل حظ الانثيين ويسقط من يتقرب بالاب معهم.

ويقومون مقامهم عند عدمهم.

ولا يرث الابعد مع الاقرب مثل ابن خال مع خال او عم.

اوابن عم مع خال او عم، الا ابن عم لاب وأم مع عم لاب فابن العم أولى.

وللخال المال اذا انفرد.

وكذا للخالين والاخوال والخالة والخالتين والخالات.

ولو اجتمعوا فالمال بينهم بالسوية كيف كانوا.

ولو كانوا متفرقين، فلمن يتقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا اكثر.

والثلثان لمن يتقرب بالاب والام.

ويسقط من يتقرب بالام معهم.

والقسمة بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو اجتمع الاخوال والاعمام فللاخوال الثلث وللاعمام الثلثان.

ولو كان معهم زوج او زوجة فلهما النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

ولو اجمتع عم الاب وعمته وخاله وخالته وعم الام وعمتها وخالها وخالتها كان

٢٦٤

لمن يتقرب بالام الثلث بينهم أرباعا.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان: ثلثاه لعمه وعمته أثلاثا.

وثلثه لخاله وخالته بالسوية، على قول.

مسائل: (الاولى): عمومة الميت وعماته وخئولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولى من عمومة أبيه وخئولته.

وكذا أولاد كل بطن أقرب.

أولى من البطن الابعد.

ويقوم اولاد العمومة والعمات والخئولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به واحدا كان أو أكثر.

(الثانية): من اجتمع له سببان ورث بهما ما لم يمنع أحدهما الآخر.

فالاول كابن عم لاب هو خال لام، وزوج هو ابن عم، وعمة لاب هي خالة لام.

والثاني كابن عم هو أخ لام.

(الثالثة): حكم أولاد العمومة والخئولة مع الزوج والزوجة حكم آبائهم، يأخذ من يتقرب بالام ثلث الاصل والزوج نصيبه الاعلى.

وما يبقى لمن يتقرب بالاب.

المقصد الثاني في ميراث الازواج: للزوج مع عدم الولد النصف، وللزوجة الربع.

ومع وجوده وإن نزل نصف النصيب.

ولو لم يكن وارث سوى الزوج، رد عليه الفاضل.

وفي الزوجة قولان: أحدهما: لها الربع والباقي للامام.

والآخر: يرد عليها الفاضل كالزوج.

وقال ثالث: بالرد مع عدم الامام والاول: أظهر.

واذا كن اكثر من واحدة فهن مشتركات في الربع أو الثمن.

وترث الزوجة وإن لم يدخل بها الزوج.

وكذا الزوج.

وكذا في العدة

٢٦٥

الرجعية خاصة.

لكن لو طلقها مريضا ورثت وإن كان بائنا ما لم تخرج السنة ولم يبرأ ولم تتزوج.

ولا ترث البائن إلا هنا.

ويرث الزوج من جمع ما تركته المرأة، وكذا المرأة عدا العقار، وترث من قيمة الآلات والابنية، ومنهم من طرد الحكم في أرض المزارع والقرب، وعلم الهدى يمنعها العين دون القيمة.

مسألتان: (الاولى): إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى فاشتبهت كان للاخيرة ربع الثمن مع الولد او ربع الربع مع عدمه، والباقي بين الاربعة بالسوية.

(الثانية): نكاح المريض مشروط بالدخول، فان مات قبله فلا مهر لها ولا ميراث.

المقصد الثالث في الولاء وأقسامه ثلاثة.

(القسم الاول): ولاء العتق: ويشترط التبرع بالعتق وألا يتبرأ من ضمان جريرته.

فلو كان واجبا كان المعتق سائبة.

وكذا لو تبرع بالعتق وتبرأ من الجريرة ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وإن بعد.

ويرث مع الزوج والزوجة.

وإذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن كان واحدا، واشتركوا في المال ان كانوا أكثر.

ولو عدم المنعم فللاصحاب فيه أقوال، أظهرهما.

انتقال الولاء إلى الاولاد الذكور دون الاناث.

فان لم يكن الذكور، فالولاء لعصبة المنعم.

ولو كان المعتق امرأة فالى عصبها دون أولادها ولو كانوا ذكورا.

ولا يرث الولاء من يتقرب بأم المنعم.

ولا يصح بيعه ولا هبته.

ويصح جره من مولى الام إلى المولى الاب اذا كان الاولاد مولودين على الحرية.

٢٦٦

القسم الثاني ولاء تضمن الجريرة: من توالى إنسانا يضمن حدثه: ويكون ولاؤه له.

ثبت له الميراث ولا يتعدى الضامن، ولا يضمن إلا سائبة كالمعتق في النذر والكفارات أو من لا وارث له.

ولا يرث الضامن الا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق.

ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى وما بقي له، وهو أولى من بيت مال الامام.

القسم الثالث ولاء الامامة: ولا يرث الا مع فقد وارث عدا الزوجة فانها تشاركه على الاصح.

ومع وجوده (ع) فالمال له يصنع به ما شاء.

وكان عليعليه‌السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا.

ومع غيبته يقسم في الفقراء ولا يعطي الجائر إلا مع الخوف.

وأما اللواحق فأربعة: (الاول): في ميراث ابن الملاعنة: ميراثه لامه وولده، للام السدس والباقي للولد.

ولو انفردت كان لها الثلث والباقي بالرد.

ولو انفردت الاولاد فللواحد النصف وللاثنتين فصاعدا الثلثان.

وللذكران المال بالسوية.

وان اجتمعوا فللذكر سهمان وللانثى سهم.

ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى مع عدم الولد وان نزل، والادنى معهم.

ولو عدم الولد يرثه من تقرب بأمه الاقرب فالاقرب الذكر والانثى سواء.

ومع عدم الوارث يرثه الامام.

ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الاظهر.

ولا يرث أباه ولا من يتقرب به ولا يرثونه.

ولو اعترف به الاب لحق به، وورث هو أباه دون غيره من ذوي قرابة أبيه ولا عبرة بنسب الاب.

فلو ترك اخوة الاب وأم مع أخ أو اخت لام كانوا سواء في المال.

وكذا لو ترك جدا لام مع أخ أو أخت أو اخوة أو أخت من أب وأم.

٢٦٧

خاتمة تشتمل على مسائل: (الاولى): ولد الزنا لا ترثه أمه ولا غيرها من الانساب.

ويرثه ولده إن نزل والزوج أو الزوجة.

ولو لم يكن أحدهم فميراثه للامام.

وقيل: ترثه أمه كابن الملاعنة.

(الثانية): الحمل يرث ان سقط حيا وتعتبر حركة الاحياء كالاستهلال، والحركات الارادية، دون التقلص.

(الثالثة): قال الشيخ: يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا.

ولو كان ذو فرض أعطوا النصيب الادنى.

(الرابعة): يرث دية الجنين أبواه ومن يتقرب بهما أو بالاب.

(الخامسة): اذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا ولم يكلف أحدهما البينة.

(السادسة): المفقود يتربص بماله.

وفى قدر التربص روايات: أربع سنين، وفي سندها ضعف.

وعشر سنين وهي في حكم خاص.

وفي ثالثة يقتسمه الورثة اذا كانوا ملاء، وفيها ضعف أيضا.

وقال في الخلاف حتى يمضي مدة لا يعيش مثله إليها، وهو أولى في الاحتياط وأبعد من التهجم على الاموال المعصومة بالاخبار الموهومة.

(السابعة): لو تبرأ من جريرة ولده و ميراثه، ففي رواية يكون ميراثه للاقرب إلى أبيه، وفي الرواية ضعف.

(الثاني): في ميراث الخنثى: من له فرج الرجال والنساء يعتبر بالبول، فمن أيهما سبق يورث عليه.

فان

٢٦٨

بدر منهما قال الشيخ: يورث على الذي ينقطع منه أخيرا، وفيه تردد.

وإن تساويا، قال في الخلاف: يعمل فيه بالقرعة، وقال المفيد وعلم الهدى: تعد أضلاعه.

وقال في النهاية والايجاز والمبسوط: يعطى نصف ميراث رجل ونصف امرأة، وهو أشهر.

ولو اجتمع مع الانثى ذكر وانثى، قيل: للذكر أربعة، وللخنثى ثلاثة وللانثى سهمان.

وقيل: تقسم الفريضة مرتين فتفرض مرة ذكرا ومرة انثى ويعطى نصف النصيبين وهو أظهر.

مثاله خنثى وذكر تفرضهما ذكرين تارة وذكرا وأنثى أخرى، وتطلب أقل مال له نصف ولنصفه نصف وله ثلث ولثلثه نصف، فيكون اثنا عشر فيحصل للخنثى خمسة وللذكر سبعة.

ولو كان بدل الذكر انثى حصل للخنثى سبعة وللانثى خمسة.

ولو شاركهم زوج أو زوجة صححت فريضة الخنثى ثم ضربت فخرج نصيب الزوج أو الزوجة في تلك الفريضة فما ارتفع فمنه تصح.

ومن ليس له فرج النساء ولا الرجال يورث بالقرعة.

ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد يوقظ أو يصاح به، فان انتبه أحدهما فهما اثنان.

(الثالث): في الغرقى والمهدوم عليهم: وهؤلاء يرث بعضهم إذا كان لهم أو لاحدهم مال وكانوا يتوارثون واشتبه المتقدم في الموت بالمتأخر.

وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الغرق والهدم تردد.

ومع الشرائط يورث الاضعف أولا، ثم الاقوى، ولا يورث مما ورث منه.

وفيه قول آخر.

والتقديم على الاستحباب على الاشبه.

فلو غرق أب وابن، ورث الاب أولا نصيبه، ثم ورث الابن من أصل تركة

٢٦٩

أبيه مما لا ورث منه، ثم يعطى نصيب كل منهما لوارثه.

ولو كان لاحدهما وارث اعطي ما اجتمع لدى الوراث لهم، وما اجتمع للآخر للامام.

ولو لم يكن لهما غيرهما انتقل مال كل منهما إلى الآخر ثم منهما إلى الامام.

واذا لم يكن بينهما تفاوت في الاستحقاق سقط اعتبار التقديم، كأخوين، فان كان لهما مال ولا مشارك لهما انتقل مال كل منهما إلى صاحبه ثم منهما إلى ورثتهما.

وإن كان لاحدهما مال صار ماله لاخيه، ومنه إلى ورثته ولم يكن للآخر شئ ولو لم يكن لهما وارث انتقل المال إلى الامام.

ولو ماتا حتف أنفهما لم يتوارثا، وكان ميراث كل منهما لورثته.

(الرابع): في ميراث المجوس: وقد اختلف الاصحاب فيه.

فالمحكي عن يونس أنه لا يورثهم إلا بالصحيح من النسب والسبب.

وعن الفضل بن شاذان: أنه يورثهم بالنسب، صحيحه وفاسده.

والسبب الصحيح خاصة، وتابعه المفيدرحمه‌الله .

وقال الشيخ: يورثون بالصحيح والفاسد فيهما.

واختيار الفضل أشبه.

ولو خلف أما هي زوجة، فلها نصيب الام دون الزوجة.

ولو خلف جدة هي أخت ورثت بهما.

ولا كذا لو خلف بنتا هي أخت، لانه لا ميراث للاخت مع البنت.

٢٧٠

خاتمة في حساب الفرائض مخارج الفروض ستة: ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا.

فالنصف من اثنين، والربع من أربعة، والثمن من ثمانية، والثلثان والثلث من ثلاثة، والسدس من ستة.

والفريضة إما بقدر السهام أو أقل أو أكثر: فما كان بقدرها فان انقسم من غير كسر وإلا فاضرب عدد من انكسر عليهم في أصل الفريضة مثل: أبوين وخمس بنات، تنكسر الاربعة على الخمسة، فتضرب خمسة في اصل الفريضة فما اجتمع فمنه الفريضة، لانه لا وفق بين نصيبهن وعددهن.

ولو كان وفق ضربت الوفق من العدد لا من النصيب في اصل الفريضة مثل: أبوين وست بنات، للبنات أربعة، وبين نصيبهن وهو أربعة وعددهن وهو ستة، وفق، وهو النصف فيضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة في أصل الفريضة وهو ستة فما اجتمع صحت منه.

ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة فلا عول ويدخل النقص على البنت أو البنات أو من يتقرب بالاب والام، أو الاب، مثل: ابوين، وزوج وبنت.

فللابوين السدسان وللزوج الربع، والباقي للبنت.

وكذا الابوان أو أحدهما، وبنت او بنات وزوج، النقص يدخل على البنت او البنات، واثنان من ولد الام والاختان للاب والام أو للاب مع زوج أو زوجة يدخل النقص على من يتقرب بالاب والام، أو الاب خاصة.

ثم ان انقسمت الفريضة على صحة والا ضربت سهام من انكسر عليهم.

في أصل الفريضة.

٢٧١

ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم.

ولا تعصيب.

ولا يرد على الزوج والزوجة، ولا على الام مع وجود من يحجبها، مثل أبوين وبنت.

فاذا لم يكن حاجب فالرد أخماسا.

وان كان حاجب فالرد ارباعا تضرب فخرج سهام الرد في أصل الفريضة فما اجتمع صحت منه الفريضة.

تتمة في (المناسخات) ونعني به أن يموت الانسان فلا تقسم تركته، ثم يموت أحد وراثه ويتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد.

فان اختلف الوارث او الاستحقاق اوهما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على وراثه والا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الاولى، ان كان بين الفريضتين وفق.

وان لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الاولى فما بلغ صحت منه الفريضتان.

٢٧٢

كتاب القضاء والنظر في الصفات، والآداب، وكيفية الحكم، وأحكام الدعوى

والصفات ست: التكليف، والايمان، والعدالة، وطهارة المولد، والعلم، والذكورة ويدخل في العدالة اشتراط الامانة والمحافظة على الواجبات.

ولا ينعقد الا لمن له أهلية الفتوى، ولا يكفيه فتوى العلماء.

ولابد أن يكون ضابطا، فلو غلبه النسيان لم ينعقد له القضاء.

وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الاشبه: نعم، لاضطراره إلى ما لا يتيسر لغير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الا بها، ولا ينعقد للمرأة.

وفي انعقاده للاعمى تردد، والاقرب: أنه لا ينعقد لمثل ما ذكرناه في الكتابة وفي اشتراط الحرية تردد، الاشبه: أنه لا يشترط.

ولا بد من اذن الامام ولا ينعقد بنصب العوام له.

نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم.

ومع عدم الامام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيتعليهم‌السلام ، الجامع للصفات.

وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن يثق بنفسه، وربما وجب النظر الثاني في الآداب: وهي مستحبة ومكروهة.

فالمستحب: اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره.

والجلوس في قضائه مستدبر القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم.

والسؤال عن أهل السجون واثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب اطلاقه، وتفريق الشهود عند الاقامة، فانه اوثق، خصوصا في موضع الريبة.

٢٧٣

عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه(١) في المسائل المشتبهة.

والمكروهات: الاحتجاب وقت القضاء، وان يقضي مع ما يشغل النفس، كالغضب، والجوع، والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس، وأن يرتب قوما للشهادة، وأن يشفع إلى الغريم في اسقاط أو ابطال.

مسائل: (الاولى): للامام أن يقضي بعلمه مطلقا في الحقوق، ولغيره في حقوق الناس، وفي حقوق الله قولان.

(الثانية): إن عرف عدالة الشاهدين حكم، وان عرف فسقهما اطرح، وإن جهل الامرين، فالاصح: التوقف حتى يبحث عنهما.

(الثالثة): تسمع شهادة التعديل مطلقة، ولا تسمع شهادة الجرح الا مفصلة.

(الرابعة): اذا التمس الغريم احضار الغريم وجب اجابته ولو كان امرأة ان كانت برزة.

ولو كان مريضا او امرأة غير برزة استناب الحاكم من يحكم بينهما.

(الخامسة): الرشوة على الحاكم حرام وعلى المرتشي اعادتها.

النظر الثالث في كيفية الحكم، وفيه مقاصد: (الاول): في وظائف الحاكم، وهي أربع: (الاولى): التسوية بين الخصوم في السلام، والكلام، والمكان، والنظر، والانصات، والعدل في الحكم.

ولو كان أحد الخصمين كافرا جاز أن يكون الكافر قائما والمسلم قاعدا أو أعلى منزلا.

(الثانية): لا يجوز أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهره على خصمه.

٢٧٤

(الثالثة): اذا سكتا استحب له أن يقول: تكلما، او ان كنتما حضرتما لشئ فاذكراه او ما ناسبه.

(الرابعة): اذا بدر أحد الخصمين سمع منه.

ولو قطع عليه غريمه منعه حتى تنتهي دعواه او حكومته.

ولو ابتدرا الدعوى.

سمع من الذي عن يمين صاحبه.

وان اجتمع خصوم كتب أسماء المدعين واستدعى من يخرج اسمه.

المقصد الثاني - في جواب المدعى عليه.

وهو إما اقرار، او انكار، او سكوت.

أما الاقرار فيلزم إذا كان جائز الامر، رجلا كان او امرأة.

فان التمس المدعي الحكم به حكم له.

ولا يكتب على المقر حجة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه او يشهد بذلك عدلان إلا أن يقنع المدعي بالحلية.

ولو امتنع المقر من التسليم أمر الحاكم خصمه بالملازمة، ولو التمس حبسه حبس.

ولو ادعى الاعسار كلف البينة، ومع ثبوته ينظر.

وفي تسليمه إلى الغرماء رواية، وأشهر منها: تخليته.

ولو ارتاب بالمقر توقف في الحكم حتى يستبين حاله.

وأما الانكار فعنده يقال للمدعي: ألك بينة؟ فان قال: نعم، امر باحضارها فاذا حضرت سمعها. ولو قال: البينة غائبة، اجل بمقدار احضارها.

وفي تكفيل المدعى عليه تردد، ويخرج من الكفالة عند انقضاء الاجل.

وإن قال: لا بينة، عرفه الحاكم أن له اليمين. ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعي.

فان تبرع او احلفه الحاكم لم يعتد بها، واعيدت مع التماس المدعي.

ثم المنكر: إما أن يحلف او يرد او ينكل، فان حلف سقطت الدعوى، ولو ظفر له المدعي بمال لم يجز له المقاصة.

ولو عاود الخصومة لم تسمع دعواه.

ولو

٢٧٥

أقام بينة لم تسمع، وقيل: يعمل بها ما لم يشترط الحالف سقوط الحق بها.

ولو أكذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته.

فان رد اليمين على المدعي صح.

فان حلف استحق.

وان امتنع سقطت دعواه.

ولو نكل المنكر عن اليمين وأصر، قضي عليه بالنكول، وهو المروي.

وقيل: يرد اليمين على المدعي، فان حلف ثبت حقه، وان نكل بطل.

ولو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بالنكول لم يلتفت اليه.

ولا يستحلف المدعي مع بينة إلا في الدين على الميت يستحلف على بقائه في ذمته استظهارا.

وأما السكوت: فان كان لآفة توصل إلى معرفة إقراره او انكاره.

ولو افتقر إلى مترجم لم يقتصر على الواحد.

ولو كان عنادا حبسه حتى يجيب.

المقصد الثالث - في كيفية الاستحلاف: ولا يستحلف أحد إلا بالله ولو كان كافرا، لكن ان رأى الحاكم احلاف الذمي بما يقتضيه دينه اردع جاز.

ويستحب للحاكم تقديم العظة.

ويجزيه ان يقول: والله ماله قبلي كذا.

ويجوز تغليظ اليمين بالقول والزمان والمكان.

ولا تغليظ لما دون نصاب القطع.

ويحلف الاخرس بالاشارة، وقيل: يوضع يده على اسم الله تعالى في المصحف وقيل: يكتب اليمين في لوح ويغسل ويؤمر بشربه بعد اعلامه فان شربه كان حالفا وإن امتنع الزم الحق.

ولا يحلف الحاكم أحدا إلا في مجلس قضائه إلا معذورا كالمريض، او امرأة غير برزة.

٢٧٦

ولا يحلف المنكر إلا على القطع.

ويحلف على فعل غيره على نفي العمل كما لو ادعى على الوارث فأنكر، او ادعى أن يكون وكيله قبض او باع.

واما المدعي ولا شاهد له، فلا يمين عليه إلا مع الرد او مع نكول المنكر على قول.

ويحلف على الجزم.

ويكفي مع الانكار الحلف على نفي الاستحقاق.

فلو ادعى المنكر الابراء او الاداء انقلب مدعيا.

والمدعي منكرا، فيكفيه اليمين على بقاء الحق.

ولا يتوجه على الوارث بالدعوى على موروثه الا مع دعوى علمه بموجبه أو إثباته وعلمه بالحق وأنه ترك في يده مالا.

ولا تسمع الدعوى في الحدود مجردة عن البينة.

ولا يتوجه بها يمين على المنكر.

ولو ادعى الوارث لموروثه مالا سمع دعواه سواء كان عليه دين يحيط بالتركة أو لم يكن.

ويقضى بالشاهد واليمين في الاموال والديون.

ولا يقبل في غيره مثل الهلال والحدود والطلاق والقصاص.

ويشترط شهادة الشاهد أولا، وتعديله.

ولو بدأ باليمين وقعت لاغية.

ويفتقر إلى اعادتها بعد الاقامة.

ولا يحلف مع عدم العلم ولا يثبت مال غيره(١) .

مسألتان: (الاولى): لا يحكم الحاكم باخبار لحاكم آخر، ولا بقيام البينة بثبوت الحكم عند غيره.

نعم لو حكم بين الخصوم واثبت الحكم واشهد على نفسه فشهد شاهدان

____________________ ___

(١) إي: مال لغيره.

وفى الشرح الكبير: فلو ادعى غريم الميت مالا له (للميت) على آخر مع شاهد فان حلف الوارث ثبت وان امتنع لم يحلف الغريم ولا يجبر الوارث عليه.. لان يمينه لاثبات مال الغير.

(*)

٢٧٧

يحكم عند آخر وجب على المشهود عنده انفاذ ذلك الحكم.

(الثانية): القسمة تميز الحقوق ولا يشترط حضور قاسم بل هو أحوط فاذا عدلت السهام كفت القرعة في تحقق القسمة.

وكل ما يتساوى اجزاؤه يجبر الممتنع على قسمته كالحنطة، والشعير، وكذا ما لا يتساوى أجزاؤه اذا لم يكن في القسمة ضرر.

كالارض، والخشب.

ومع الضرر لا يجبر الممتنع.

المقصد الرابع - في الدعوى.

وهي تستدعي فصولا: (الاول) في المدعي: وهو الذي يترك لو ترك الخصومة.

وقيل: هو الذي يدعي خلاف الاصل او امرا خفيا.

ويشترط التكليف، وان يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه، وايراد الدعوى بصيغة الجزم وكون المدعى به مملوكا.

ومن كانت دعواه عينا فله انتزاعها.

ولو كان دينا والغريم مقر باذل او مع جحوده عليه حجة لم يستقل المدعي بالانتزاع من دون الحاكم.

ولو فات احد الشروط وحصل للغريم في يد المدعي مال كان له المقاصة ولو كان من غير جنس الحق.

وفي سماع الدعوى المجهولة تردد، اشبهه: الجواز.

مسائل: (الاولى): من انفرد بالدعوى لما لا يد عليه قضى له به.

ومن هذا ان يكون بين جماعة كيس فيدعيه أحدهم.

(الثانية): لو انكسرت سفينة في البحر فما اخرجه البحر فهو لاهله.

وما اخرج بالغوص فهو لمخرجه، وفي الرواية ضعف.

(الثالثة): روي في رجل دفع إلى رجل دراهم بضاعة يخلطها بماله ويتجر بها، فقال: ذهبت، وكان لغيره معه مال كثير فأخذوا أموالهم، قال: يرجع عليه

٢٧٨

بماله ويرجع هو على اولئك بما أخذوا.

ويمكن حمل ذلك على من خلط المال ولم يأذن له صاحبه وأذن الباقون.

(الرابعة): لو وضع المستأجر الاجرة على يد أمين فتلفت كان المستأجر ضامنا إلا أن يكون الآجر دعاه إلى ذلك فحقه حيث وضعه.

(الخامسة): يقضى على الغائب مع قيام البينة، ويباع ماله، ويقضى دينه ويكون الغائب على حجته، ولا يدفع اليه المال إلا بكفلاء.

(الفصل الثاني): في الاختلاف في الدعوى: وفيه مسائل: (الاولى): لو كان في يد رجل وامرأة جارية فادعى أنها مملوكته وادعت المرأة حريتها وأنها بنتها، فان أقام أحدهما بينة قضي له وإلا تركت الجارية حتى تذهب حيث شاء‌ت.

(الثانية): لو تنازعا عينا في يدهما قضي لهما بالسوية ولكل منهما احلاف صاحبه.

ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للمتشبث وللخارج احلافه.

ولو كانت في يد ثالث وصدق أحدهما قضي له، وللآخر إحلافه.

ولو صدقهما قضى لهما بالسوية.

ولكل منهما احلاف الآخر وإن كذبهما أقرت في يده.

(الثالثة): اذا تداعيا خصا قضي لمن اليه القمط(١) وهي رواية عمرو بن شمر عن جابر، وفي عمرو ضعف.

وعن منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام أن علياعليه‌السلام قضى بذلك، وهي قضية في واقعة.

(الرابعة): إذا ادعى ابوالميتة عارية بعض متاعها كلف البينة وكان كغيره من الانساب.

وفيه رواية بالفرق ضعيفة.

(الخامسة): اذا تداعى الزوجان متاع البيت فله ما للرجال، ولها ما للنساء وما يصلح لهما يقسم بينهما.

وفي رواية: هو للمرأة وعلى الرجال البينة.

____________________ ___

(١) القمط بالكسر: الحبل الذى يشد به الخص.

(*)

٢٧٩

وفي المبسوط: اذا لم يكن بينة ويدهما عليه كان بينهما.

(الثالث): في تعارض البينات: يقضى مع التعارض للخارج إذا شهدتا بالملك المطلق على الاشبه.

ولصاحب اليد لو انفردت بينته بالسبب كالنتاج وقديم الملك وكذا الابتياع.

ولو تساويا في السبب فروايتان، أشبههما: القضاء للخارج.

ولو كانت يداهما عليه قضي لكل منهما بما في يد الآخر، فيكون بينهما نصفين.

ولو كان المدعى به في يد ثالث قضي بالاعدل فالاكثر، فان تساويا عدالة وكثرة أقرع بينهما، فمن خرج اسمه أحلف وقضي له.

ولو امتنع احلف الآخر.

ولو امتنعا قسم بينهما.

وفي المبسوط: يقرع بينهما إن شهدتا بالملك المطلق.

ويقسم إن شهدتا بالملك المقيد.

والاول أشبه.

كتاب الشهادات

والنظر في امور أربعة: (الاول): في صفات الشاهد، وهي ستة: (الاول): البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبي ما لم يصر مكلفا.

وقيل: تقبل اذا بلغ عشرا، وهو شاذ.

واختلفت عبارة الاصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات و محصلها القبول في الجراح مع بلوغ العشر ما لم يختلفوا، ويؤخذ بأول قولهم.

وشرط الشيخ في الخلاف: ألا يفترقوا.

(الثاني): كمال العقل: فالمجنون لا تقبل شهادته.

ومن يناله الجنون أدوارا تقبل في حال الوثوق باستكمال فطنته.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

قد عادوا إلى المعصية فأعاد اللَّه عليهم النقمة بتسليط الأكاسرة و ضرب الأتاوة عليهم .

و عن الحسن عادوا فبعث اللَّه محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله فهم يعطون الجزية عن يد و هم صاغرون .

و عن قتادة : ثم كان آخر ذلك أن بعث اللَّه عليهم هذا الحيّ من العرب فهم منهم في عذاب إلى يوم القيامة(١) .

هذا ، و في ( غارات الثقفي ) في فتنة ابن الحضرمي بالبصرة من قبل معاوية و تعارض مخنف بن سليم و شبث بن ربعي في قومهما الأزد و تميم قال عليعليه‌السلام : مه تناهوا أيّها الناس و ليردعكم الإسلام و وقاره عن التباغي(٢) و التهاذي(٣) ، و لتجمع كلمتكم ، و الزموا دين اللَّه الذي لا يقبل من أحد غيره ، و كلمة الاخلاص التي هي قوام الدين و حجّة اللَّه على الكافرين ، و اذكروا إذ كنتم قليلا مشركين متفرقين متباغضين فألّف بينكم بالاسلام فكثّرتم و اجتمعتم و تحاببتم ، فلا تفرّقوا بعد إذ اجتمعتم و لا تباغضوا بعد إذ تحاببتم ، و إذا رأيتم الناس و بينهم النائرة قد تداعوا إلى العشائر و القبائل فاقصدوا لهامهم و وجوههم بالسّيف حتى يفزعوا إلى اللَّه تعالى و إلى كتابه و سنّة نبيّه ، فأمّا تلك الحميّة حين تكون في المسلمين ، من خطرات الشيطان فانتهوا عنها لا أبا لكم تفلحوا و تنجحوا(٤) .

____________________

( ١ ) الكشّاف للزمخشري ٢ : ٦٥٠ .

( ٢ ) التباغي : ظلم بعضهم بعضا .

( ٣ ) التهاذي : التكلّم بغير المعقول .

( ٤ ) الغارات للثقفي : ٢٧١ ٢٧٢ .

٤٠١

٣ الخطبة ( ٧ ) و من خطبة لهعليه‌السلام :

اِتَّخَذُوا اَلشَّيْطَانَ لِأَمْرِهِمْ مِلاَكاً وَ اِتَّخَذَهُمْ لَهُ أَشْرَاكاً فَبَاضَ وَ فَرَّخَ فِي صُدُورِهِمْ وَ دَبَّ وَ دَرَجَ فِي حُجُورِهِمْ فَنَظَرَ بِأَعْيُنِهِمْ وَ نَطَقَ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَرَكِبَ بِهِمُ اَلزَّلَلَ وَ زَيَّنَ لَهُمُ اَلْخَطَلَ فِعْلَ مَنْ قَدْ شَرِكَهُ اَلشَّيْطَانُ فِي سُلْطَانِهِ وَ نَطَقَ بِالْبَاطِلِ عَلَى لِسَانِهِ أقول : أخذها منهعليه‌السلام الحجّاج فخطب بها بعد دير الجماجم فقال كما في ( بيان الجاحظ ) يا أهل العراق إنّ الشيطان قد استبطنكم فخالط اللّحم و الدّم و العصب و المسامع و الأطراف و الأعضاء و الشغاف ، ثم أفضى إلى الأمخاخ و الأصماخ ، ثم ارتفع فعشّش ثم باض و فرّخ ، فحشاكم نفاقا و شقاقا و أشعركم خلافا ، و اتخذتموه دليلا تتّبعونه و قائدا تطيعونه و مؤامرا تستشيرونه ، فكيف تنفعكم تجربة و تعظكم وقعة ، أو يحجزكم إسلام أو ينفعكم بيان ، ألستم أصحابي بالأهواز .(١) .

و كلامهعليه‌السلام كلّه استعارات و مجازات و كنايات ، و نظيره في ذلك كلامهعليه‌السلام في وصف التائبين و ان كان الموصوفون فيهما متضادّين ، فقالعليه‌السلام كما في ( تذكرة سبط ابن الجوزي ) غرسوا أشجار ذنوبهم نصب عيونهم و قلوبهم و سقوها بمياه الندم فأثمرت لهم السلامة و أعقبتهم الرضا و الكرامة(٢) .

« إتخذوا الشّيطان » قال الجوهري : نون الشيطان أصلية و يقال زائدة

____________________

( ١ ) البيان و التبيين للجاحظ ٢ : ١٣٨ .

( ٢ ) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : ١٣٧ .

٤٠٢

فإن جعلته فيعالا من قولهم « تشيطن الرجل » صرفته ، و ان جعلته من « شيط » لم تصرفه لأنّه فعلان .

و قال أيضا : و كلّ عات متمرّد من الجنّ و الإنس و الدوابّ ، شيطان أيضا(١) ، و أمّا قوله تعالى :( طلعها كأَنّه رؤوس الشياطين ) (٢) فقال الفرّاء فيه أوجه : أحدها أن يشبه طلعها في قبحه برؤوس الشياطين لأنّها موصوفة بالقبح ، و ثانيها ان العرب تسمّي بعض الحيّات شيطانا و هو ذو العرف قبيح الوجه ، و الثالث أنّه نبت قبيح يسمّى رؤوس الشياطين(٣) .

« لأمرهم ملاكا » أي :( مالكا و قيّما و من يتَّخذ الشَّيطان وليّاً من دون اللَّه فقد خسر خُسراناً مبيناً ) (٤) .

في ( صفّين نصر بن مزاحم ) : حمل شمر الخثعمي من أهل الشام على أبي كعب رأس خثعم الكوفة فطعنه فقتله ، ثم انصرف يبكي فقال : و اللَّه ما أدري ما أقول ، و لا أرى الشيطان إلاّ قد فتننا ، و لا أرى قريشا إلاّ لعبت بنا(٥) .

و في ( تاريخ ابن الأثير ) : دخل قاضي قضاة الأندلس و هو منذر بن سعيد البلوطي المتوفى سنة ( ٣٦٦ ) يوما على عبد الرحمن الناصر صاحب الأندلس بعد أن فرغ من بناء « الزهراء » و قصورها ، و قد قعد في قبة مزخرفة بالذهب و البناء البديع الذي لم يسبق إليه و معه جماعة من الأعيان ، فقال عبد الرحمن : هل بلغكم أنّ أحدا بنى مثل هذا البناء فقال له الجماعة : لم نر و لم نسمع بمثله و أثنوا و بالغوا ، و القاضي مطرق ، فاستنطقه عبد الرحمن ، فبكى

____________________

( ١ ) الصحاح للجوهري ٥ : ٢١٤٥ مادة ( شطن ) .

( ٢ ) الصافات : ٦٥ .

( ٣ ) معاني القرآن للفرّاء ٢ : ٣٨٧ .

( ٤ ) النساء : ١١٩ .

( ٥ ) وقعة صفّين لنصر بن مزاحم المنقري : ٢٥٧ .

٤٠٣

القاضي و انحدرت دموعه على لحيته و قال : و اللَّه ما كنت أظنّ أنّ الشيطان يبلغ منك هذا المبلغ و لا أن تمكّنه من قيادك هذا التمكين ، مع ما آتاك اللَّه و فضّلك به حتى أنزلك منازل الكافرين فقال له عبد الرحمن ، انظر ما تقول و كيف أنزلنى منزلة الكافرين ؟ فقال له : قال تعالى :( و لولا أَن يكُونَ الناسُ اُمّة واحِدَةً لجَعَلنا لمَن يكفُر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضةٍ و معارج عليها يظهرُون و لبيوتهم أبواباً و سرراً عليها يتّكئون و زخرفاً . و الآخرة عند ربك للمُتّقين ) (١) فوجم عبد الرحمن و بكى و قال : أكثر اللَّه في المسلمين مثلك(٢) .

« و اتّخذهم له أشراكا » أي : مصائد قال الفيّومى ، الشّرك للصائد معروف ، و الجمع أشراك مثل سبب و أسباب(٣) أو المعنى شركاء فقال الجوهري :

شريك يجمع على شركاء و أشراك(٤) .

في ( الكشّي ) في عنوان ( غلاة وقت الهادىعليه‌السلام ) علي بن حسكة و القاسم بن يقطين قال محمد بن عيسى : كتب إليّ أبو الحسنعليه‌السلام : لعن اللَّه القاسم اليقطيني ، و لعن اللَّه علي بن حسكة القمّي ، إن شيطانا تراءى للقاسم فيوحي إليه زخرف القول غرورا(٥) .

و في ( الكشي ) أيضا في عنوان ( السرّي ) عن الصادقعليه‌السلام : إنّ بيانا و السرّي و بزيعا لعنهم اللَّه ترآءى لهم الشيطان في أحسن ما يكون صورة

____________________

( ١ ) الزخرف : ٣٣ ٣٥ .

( ٢ ) الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزرري ٨ : ٦٧٤ .

( ٣ ) المصباح المنير للفيّومي ١ : ٤٢٣ .

( ٤ ) الصحاح للجوهري ٤ : ١٥٩٣ ، مادة ( شرك ) .

( ٥ ) الكشي للطوسي : ٥١٨ ، و قد ؟ ؟ إلى ذلك في الصفحة ١٤١ .

٤٠٤

آدمى من قرنه إلى سرّته(١) .

و في ( المروج ) قال إسحاق الموصلي : بينا أنا ذات ليلة عند الرشيد اغنّيه إذ طرب لغنائى و قال لا تبرح ، و لم أزل اغنّيه حتى نام فأمسكت و وضعت العود من حجري و جلست مكاني ، فإذا شاب حسن القدّ عليه مقطّعات خزّ وهية جميلة ، فدخل و سلم و جلس ، فجعلت أعجب من دخوله في ذلك الوقت إلى ذلك الموضع بغير استيذان ، ثم قلت في نفسي : لعل بعض ولد الرشيد من لم نعرفه و لم نره فضرب بيده على العود فأخذه و وضعه في حجره و جسّه فرأيت أنّه جس أحسن خلق اللَّه ، ثم أصلحه إصلاحا ما أدري ما هو ثم ضرب ضربا ما سمعت اذني أجود منه ، ثم اندفع يغنّي :

ألا علّلانى قبل أن نتفرقا

و هات اسقني صرفا شرابا مروّقا

فقد كاذ ضوء الصبح أن يفضح الدجى

و كاد قميص الليل أن يمتزقا

ثم وضع العود من حجره و قال : يا عاض بظر أمّه إذا غنّيت فغنّ هكذا .

ثم خرج فقمت على أثره فقلت للحاجب : من الفتى الذي خرج الساعة ؟ فقال : ما دخل هنا أحد و لا خرج ، فقمت متعجّبا و رجعت إلى مجلسي و انتبه الرشيد فقال شأنك ، فحدثته بالقصة فبقي متعجّبا و قال لقد صادقت شيطانا ثم قال :

أعد علي الصوت ، فأعدته فطرب طربا شديدا و أمر لي بجائزة فانصرفت .

و في ( الاغاني ) : قال إبراهيم الموصلي : سألت الرشيد أن يهب لي يوما في الجمعة لا يبعث فيه إليّ بوجه و لا سبب لأخلو فيه بجواريّ و إخواني ، فأذن لي في يوم السبت و قال : هو يوم أستثقله ما له بما شئت فأقمت فيه بمنزلي

____________________

( ١ ) الكشي للطوسي : ٣٠٤ ، في ترجمة ( بيان ) رقم ٥٤٧ .

٤٠٥

و تقدّمت في إصلاح طعامي و شرابي بما احتجت إليه ، و أمرت بوّابي فأغلق الأبواب و تقدّمت ألاّ يأذن عليّ لأحد ، فبينا أنا في مجلسي و الحرم قد حفّوا بي و جواريّ يتردّدن بين يديّ ، إذا أنا بشيخ ذي هيئة و جمال عليه خفّان قصيران و قميصان ناعمان ، و على رأسه قلنسوة لاطية و بيده عكازة مقمّعة بفضة ، و روائح المسك تفوح منه حتى ملأ البيت و الدار ، فداخلني بدخوله عليّ مع ما تقدّمت فيه غيظ ما تداخلني قط مثله ، و هممت بطرد بوّابى ، فسلّم عليّ أحسن سلام فرددت عليه و أمرته بالجلوس ، فجلس ثم أخذ في أحاديث الناس و أيّام العرب و أشعارها حتى سلّى ما بي من الغضب ، و ظننت أنّ غلماني تحرّوا مسرّتي بإدخالهم مثله عليّ لأدبه و ظرفه ، فقلت : هل لك في الطعام ؟ فقال : لا حاجة لي فيه فقلت : هل لك في الشراب ؟ فقال : ذاك إليك .

فشربت رطلا و سقيته مثله : فقال لي : يا أبا إسحاق هل لك أن تغنّي لنا شيئا من صنعتك و ما قد نفقت به عند الخاص و العام ، فغاظني قوله ، ثم سهّلت على نفسي أمره ، فأخذت العود فجسسته ثم ضربت فغنّيت ، فقال : أحسنت يا إبراهيم فقلت : ما رضي بما فعله من دخوله عليّ بغير إذن ، و اقتراحه أن أغنّيه حتى سمّاني و لم يكنّني و لم يجمل مخاطبتي ، ثم قال : هل لك أن تزيدنا ، فتذمّمت فأخذت العود فغنّيت فقال : أجدت يا أبا إسحاق فأتمّ حتى نكافئك و نغنّيك ، فأخذت العود و تغنّيت و تحفّظت و قمت بما غنّيته إيّاه تامّا ما تحفّظت مثله و لا قمت بغناء كما قمت به له بين يدي خليفة قطّ ، لقوله : اكافئك ، فطرب و قال : أحسنت يا سيدي ثم قال : أتأذن بعدك بالغناء فقلت : شأنك و استضعفت عقله في أن يغنّي بحضرتي بعد ما سمعه منّي فأخذ العود و جسه فو اللَّه لخلته ينطق بلسان عربيّ لحسن ما سمعت من صوته ثم تغنّى :

و لي كبد مقروحة من يبيعنى

بها كبدا ليست بذات قروح

٤٠٦

أباها عليّ الناس لا يشترونها

و من يشتري ذا علّة بصحيح

أئنّ من الشوق الذي في جوانبي

أنين غصيص بالشّراب جريح

فو اللَّه لقد ظننت الحيطان و كل ما في البيت يجيبه و يغنّي معه من حسن غنائه حتى خلت و اللَّه أنّي و عظامي و ثيابي تجاوبه ، و بقيت مبهوتا لا أستطيع الكلام و لا الجواب و لا الحركة لمّا خالط قلبي ثم غنّى :

ألا يا حمامات اللّوى عدن عودة

فإنّي إلى أصواتكنّ حزين

فعدن فلما عدن كدن يمتننى

و كدت بأسراري لهنّ ابين

دعون بترداد الهدير كأنّما

سقين حميّا أو بهنّ جنون

فلم تر عيني مثلهنّ حمائما

بكين و لم تدمع لهنّ عيون

فكاد و اللَّه عقلي أن يذهب طربا ممّا سمعت ، ثم غنّى :

ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد

لقد زادنى مسراك وجدا على وجد

بكيت كما يبكي الحزين صبابة

و ذبت من الحزن المبرّح و الجهد

أأن هتفت و رقاء في رونق الضّحى

على غصن غضّ(١) النّبات من الرّند

و قد زعموا أنّ المحبّ إذا نأى(٢)

يملّ و أنّ النأي يشفي من الوجد

بكلّ تداوينا فلم يشف ما بنا

على أنّ قرب الدار خير من البعد

ثم قال : يا إبراهيم هذا الغناء الماخوري فخذه وانح نحوه في غنائك و علّمه جواريك فقلت : أعده عليّ فقال : ليس تحتاج قد أخذته و فرغت منه ثم غاب من بين يديّ ، فقمت إلى السيف فجرّدته و عدوت نحو أبواب الحرم فوجدتها مغلقة ، فقلت للجواري : اي شي‏ء سمعتنّ عندي فقلن : سمعنا احسن غناء سمع قط ، فخرجت متحيّرا إلى باب الدار فوجدته مغلقا ، فسألت البوّاب

____________________

( ١ ) نسخة التحقيق بلفظ ( فتن ) .

( ٢ ) نسخة التحقيق بلفظ ( دنا ) .

٤٠٧

عن الشيخ فقال : أيّ شيخ هو ، و اللَّه ما دخل إليك اليوم أحد فرجعت لأ تأمل أمري فإذا هو قد هتف من بعض جوانب البيت : لا بأس عليك يا أبا إسحاق ، أنا إبليس كنت نديمك اليوم فلا ترع فركبت إلى الرشيد و قلت : لا أطرفه بطرفة مثل هذه ، فدخلت عليه و حدثته بالحديث فقال : ويحك تأمّل هذه الابيات هل أخذتها ، فأخذت العود أمتحنها فإذا هي راسخة في صدري كأنّها لم تزل ، فطرب الرشيد و جلس يشرب و لم يكن عزم على الشراب و أمر لي بصلة و حملان و قال : كان الشيخ أعلم بما قال لك من أنك أخذتها و فرغت منها ، فليته أمتعنا بنفسه يوما واحدا كما أمتعك(١) .

قلت : عمره كان معه و هو يتمنّى يوما .

« فباض و فرّخ في صدورهم » و قال الجوهري : يقال : فرّخ الطائر و أفرخ(٢) .

في ( تفسير العياشي ) عن زرارة عن الباقرعليه‌السلام : كان الحجّاج ابن شيطان ، يباضع ذي الردهة ، إنّ يوسف دخل على امرأته ام الحجّاج فأراد أن يصيبها فقالت : أليس إنّما عهدك بذلك الساعة ، فأمسك عنها فولدت الحجّاج(٣) .

و روى مثله عن السجادعليه‌السلام و زاد : إنهعليه‌السلام أمر يوسف بالإمساك عن زوجته ( و فيه ) و هو ابن الشيطان ذي الردهة(٤) .

و في ( المروج ) : ولد الحجّاج مشوّها لا دبر له ، فثقب عن دبره و أبى أن يقبل ثدي امّه ، فيقال : إنّ الشيطان تصور لهم في صورة الحرث بن كلدة فقال :

ما خبركم ؟ فأخبروه فقال : إذبحوا جديا أسود و أولغوه دمه ، فإذا كان في اليوم الثاني فافعلوا به كذلك ، فإذا كان في اليوم الثالث فاذبحوا له تيسا أسود

____________________

( ١ ) الأغاني لأبي الفرج الاصفهاني ٥ : ٢٣١ ٢٣٤ .

( ٢ ) الصحاح للجوهري ٢ : ٤٢٨ مادة ( فرخ ) .

( ٣ ) تفسير العياشي ٢ : ٣٠١ ، و ذكره البحراني في تفسير البرهان ٢ : ٤٢٧ و المجلسي في البحار ٨ : ٣٨٠ .

( ٤ ) المصدر نفسه ٢ : ٢٩٩ .

٤٠٨

و أولغوه دمه ، ثم إذبحوا له أسود سالخا أي : الأسود من الحيّات فأولغوا دمه و اطلوا به وجهه فإنّه يقبل الثدي في اليوم الرابع ، ففعلوا به ذلك فكان بعد لا يصبر عن سفك الدماء(١) .

و عن ابن خلّكان : قال الفارسي : أنشدني ابن دريد لنفسه :

و حمراء قبل المزج صفراء بعده

بدت في لباسي نرجس و شقائق

حكت و جنة المعشوق صرفا فسلّطوا

عليها مزاجا فاكتست لون عاشق

و قال : جاءني إبليس في المنام و قال : أغرت على أبي نؤاس فقلت : نعم .

فقال : أجدت إلاّ أنّك أسأت في شي‏ء ، قدّمت الحمراء فقلت : « و حمراء » ثم قلت « نرجس و شقائق » فقدّمت الصفراء(٢) .

و قريب من استعارتهعليه‌السلام هذه من بيض الشيطان و إفراخه في صدورهم استعارة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيته لامراء الجيش الذي بعثه إلى مؤتة على نقل المصنف في مجازاته « و ستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحص فاقلعوها بالسيوف » قال في شرحه : و هذه من الإستعارات العجيبة و المجازات اللطيفة ، و ذلك أنّ من كلام العرب أن يقول منهم إذا أراد ان يصف إنسانا بشدة الارتكاس في غيّه و الارتكاض في عنان بغيه : « قد فرخ الشيطان في رأسه » أو « قد عشّش الشيطان في قلبه » ، فذهبصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذلك الوضع و بنى على ذلك الأصل فقال : « للشيطان في رؤوسهم مفاحص » ، و المفحص في الأصل الموضع الذي تبحثه القطاة لتجثم

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ١٢٥ .

( ٢ ) أوفيات الأعيان لابن خلكان ٤ : ٣٢٧ .

٤٠٩

عليه أو لتبيض فيه ، إنّما قيل له مفحص لأنّها لا تجثم فيه إلاّ بعد أن تفحص التراب عنه توطئة لمجثمها و تمهيدا لجسمها ، فيحتمل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحد معنيين :

أحدهما : أن يكون أراد أنّ الشيطان قد بدا يختدعهم و يغرّهم و يستوهنهم و يضلّهم و لم يبلغ بعد من ذلك غايته و لا استوعب خديعته كالقطاة التي بدأت باتخاذ المفحص لتبيض فيه و تربّي فرخها فيه .

و الثاني : أن يكون أراد أنّ الشيطان قد استوطن رؤوسهم فجعلها له مقيلا و مبركا و ملعبا و متمعّكا كما تتخذ القطاة مفحصا لتأوي إليه(١) .

هذا ، و في ( بلاغات نساء البغدادي ) قال إسحاق الموصلي : سألت أعرابية عن الأير ما هو ؟ فقالت : عصبة نفخ فيها الشيطان فلا يرد أمرها(٢) .

« و دب و درج في حجورهم » الاصل في الدبّ دبيب النمل ، و يطلق على مشي الصبيّ على بدنه و مشي الشيخ على العصا ، فيقال « أدببت الصبى » حملته على الدبيب و « دبّ الشيخ » و الدرج المشي المتعارف ، و من أمثالهم : « أكذب من دبّ و درج » و أيضا : « أعييتنى من شبّ إلى دبّ »(٣) أي : اكذب الصغار و الكبار و من شبابه إلى هرمه .

و في ( الإرشاد ) : روى زكريا بن يحيى القطّان عن فضيل بن الزبير عن أبي الحكم قال : سمعت مشيختنا و علماءنا يقولون : خطب عليّعليه‌السلام فقال في خطبته : سلوني قبل أن تفقدوني ، فو اللَّه لا تسألوني عن فئة تضل مائة و تهدي مائة إلاّ نبّأتكم بناعقها و سائقها إلى يوم القيامة فقام إليه رجل فقال : أخبرنى كم في رأسي و لحيتي طاقة شعر فقالعليه‌السلام : و اللَّه لقد حدثني خليلي رسول

____________________

( ١ ) المجازات النبوية للشريف الرضي : ٣٣ ٣٤ .

( ٢ ) بلاغات النساء لابن طيفور : ٢٢٣ .

( ٣ ) لسان العرب لابن منظور ١ : ٣٧٠ .

٤١٠

اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما سألت عنه و ان على كل طاقة شعر من رأسك ملكا يلعنك و على كل طاقة شعر من لحيتك شيطانا يستفزّك ، و ان في بيتك لسخلا يقتل ابن رسول اللَّه ، و لو لا أن الذي سألت عنه يعسر برهانه لأخبرتك به و كان ابنه في ذلك الوقت صغيرا يحبو ، فلمّا كان من أمر الحسينعليه‌السلام ما كان تولّى قتله و كان الأمر كما قالعليه‌السلام (١) .

قلت : و في خبر ان السائل كان أبا سنان بن انس(٢) .

« فنظر بأعينهم و نطق بألسنتهم » في الاستيعاب في عامر بن عبدة ، روى عامر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان الشيطان يأتي القوم في صورة الرجل يعرفون وجهه و لا يعرفون نسبه فيحدثهم فيقولون حدثنا فلان ما اسمه ليس يعرفونه(٣) .

و في ( الأغاني ) عن حولا مولاة ابن جامع : انتبه مولاي يوما من قائلته فقال عليّ بهشام يعني ابنه ادعوه لي عجّلوه ، فجاء مسرعا فقال : خذ العود فإنّ رجلا من الجن ألقى عليّ في قائلتي صوتا فأخاف أن أنساه ، فأخذ هشام العود و تغنّى ابن جامع عليه رملا لم أسمع رملا أحسن منه و هو :

أمست رسوم الديار غيّرها

هوج الرّياح الزّعازع العصف

و كلّ حنّانة لها زجل

مثل حنين الروّائم الشّغف

فأخذه عنه هشام فكان بعد ذلك يتغناه و ينسبه إلى الجن(٤) .

قلت : لا بدّ أنّه استحى أن يقول : إنّ الشيطان ألقى عليّ فقال : إنّ رجلا من الجنّ ألقى عليّ .

و في ( الكشّي ) في محمد بن أبي زينب ، قال بريد العجلي : سألت أبا

____________________

( ١ ) الإرشاد للمفيد : ١٧٤ عن حديث الاصبغ ابن نباته .

( ٢ ) في البحار ٤٠ : ١٩٢ ، السائل هو أبو الحصين بتميم بن اسامة التميمي .

( ٣ ) الاستيعاب لابن عبد البر ٢ : ٧٩٥ .

( ٤ ) الأغاني للأصفهاني ٦ : ٢٩٤ .

٤١١

عبد اللَّهعليه‌السلام عن قوله تعالى :( هل اُنبّئكم على من تنزّل الشياطين تَنزَّلُ على كلِّ أفاكٍ أَثيم ) (١) قال : هم سبعة ، المغيرة بن سعيد و بنان(٢) و صائد(٣) النهدي و الحرث(٤) الشامي و عبد اللَّه بن الحارث و حمزة بن عمارة و أبو الخطاب(٥) .

و عن الصادقعليه‌السلام و ذكر الغلاة قال : إنّ فيهم من يكذب حتى أنّ الشيطان ليحتاج إلى كذبه .

و عن زرارة ، قال أبو عبد اللَّهعليه‌السلام : أيزعم حمزة أن أبي يأتيه ؟ قلت : نعم .

قال : كذب و الله ما يأتيه إلاّ المتكون ، إنّ إبليس سلّط شيطانا يقال له المتكون يأتي الناس في أي صورة شاء ، و لا و اللَّه ما يستطيع ان يجي‏ء في صورة أبي(٦) .

و عن الصادقعليه‌السلام قال لأصحاب أبي الخطاب : إنّ شيطانا يقال له المذهب يأتي في كل صورة إلاّ أنّه لا يأتي في صورة نبيّ و لا وصيّ نبيّ ، و لا أحسبه إلاّ و قد ترأى لصاحبكم .(٧) .

و أظنّ أنّ الأصل في « المذهب » و « المتكون » في سابقه واحد .

« فركب بهم الزلل و زيّن لهم الخطل » أي : المنطق الفاسد المضطرب .

« فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه و نطق بالباطل على لسانه » في ( الكشّي ) عن الصادقعليه‌السلام : إبليس اتّخذ عرشا في ما بين السماء و الأرض ، فإذا

____________________

( ١ ) الشعراء : ٢٢١ ٢٢٢ .

( ٢ ) نسخة التحقيق ( بيان ) .

( ٣ ) نسخة التحقيق ( صايد ) .

( ٤ ) نسخة التحقيق ( الحارث ) .

( ٥ ) رجال الكشي للطوسي : ٢٩٠ ٢٩١ .

( ٦ ) المصدر نفسه : ٣٠٠ .

( ٧ ) المصدر نفسه : ٢٩٣ .

٤١٢

دعا رجلا فأجابه و وطى‏ء عقبه و تخطّت إليه الأقدام تراءى له إبليس و رفع إليه(١) .

و في ( الأغاني ) : أتى الفرزدق الحسن البصري فقال : إني هجوت إبليس فاسمع منّي قال : لا حاجة لنا بما تقول قال : لتسمعنّ أو لأخرجنّ فأقول للناس إنّ الحسن ينهى عن هجاء إبليس فقال : اسكت فإنّك بلسانه تنطق(٢) .

أيضا : ما زال بشّار يهجو حماد عجرد و لا يرفث في هجائه حتى قال حمّاد : من كان مثل أبيك يا أعمى أبوه فلا أبا له فقال بشّار : جزى اللَّه ابن نهبى خيرا لقد كنت أردّ على شيطاني أشياء من هجائه إبقاء على المودّة و لقد أطلق من لساني ما كان مقيدا عنه(٣) .

أيضا : كان يزيد بن أسد جد خالد بن عبد اللَّه القسري يلقب خطيب الشيطان ، و كان أكذب الناس في كل شي‏ء معروفا بذلك ، ثم نشأ ابنه عبد اللَّه فسلك منهاجه من الكذب ، ثم نشأ خالد ففاق الجماعة إلاّ أنّ رئاسة و سخاء كانا فيه سترا أمره(٤) .

أيضا : قالت أسماء بنت المهدي : قلت لأخي إبراهيم : أشتهي و اللَّه أن أسمع من غنائك شيئا فقال : إذن و اللَّه يا اختي لا تسمعين مثله عليّ و عليّ و غلّظ باليمين إن لم يكن إبليس ظهر لي و علّمني و صافحني و قال لي : إذهب فأنت منّي و أنا منك .

____________________

( ١ ) في نسخة التحقيق من رجال الكشي : إن إبليس اتخذ عرشا فيما بين السماء و الأرض و اتخذ زبانية كعدد الملائكة :

٣٠٣ ٣٠٤ .

( ٢ ) لفظ الأصفهاني في الأغاني ٢١ : ٣٥٧ ، أتى الفرزاق الحسن البصري فقال : إين قد هجوت إبليس ، فقال : كيف تهجوه و عن لسانه تنطق .

( ٣ ) الأغاني الأصفهاني ١٤ : ٣٤٦ ٣٤٧ .

( ٤ ) الأغاني الأصفهاني ٢٢ : ١١ .

٤١٣

أيضا : قال إبراهيم بن المهدي : غضب عليّ محمد الأمين في بعض هنات فسلّمني إلى كوثر فحبسني في سرداب و أغلق عليّ ، فمكثت فيه ليلتي فلمّا أصبحت إذا أنا بشيخ قد خرج عليّ من زاوية السرداب و دفع إليّ شيئا فقال :

كل فأكلت ثم أخرج قنّينة شراب فقال : إشرب فشربت ، ثم قال لي : غن

لي مدّة لا بدّ أبلغها

معلومة فإذا انقضت متّ

لو ساورتني الاسد ضارية

لغلبتها ما لم يجي الوقت

فغنّيته و سمع كوثر فصار إلى الامين و قال له : قد جنّ عمّك و هو جالس يغنّي بكيت و كيت ، فأمر بإحضاري فاحضرت و أخبرته بالقصة فأمر لي بسبعمائة الف درهم و رضي عنّي(١) .

و مرّ في فصل شكايتهعليه‌السلام من أهل عصره ما له ربط بما هنا .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : إنّ العبد يوقظ ثلاث مرات من اللّيل ، فإن لم يقم أتاه الشيطان فبال في اذنه(٢) .

و في ( غناء الكافي ) في أشربته عن إسحاق بن حريز عن الصادقعليه‌السلام أن شيطانا يقال له القفندر إذا ضرب في منزل رجل أربعين يوما بالبربط و دخل عليه الرجال ، وضع ذلك الشيطان كل عضو منه على مثله من صاحب البيت ثم نفخ فيه نفخة فلا يغار بعده حتى تؤتى نساؤه فلا يغار(٣) .

و في ( تقريب ابن حجر ) : كان محمد بن سعد بن أبي وقاص و هو أخو عمر ابن سعد يلقب ظل الشيطان لقصره(٤) .

و عن أبي داود المسترق : من ضرب في بيته بربط أربعين يوما سلط

____________________

( ١ ) الأغاني ١٠ : ١٠٤ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٣ : ٤٤٦ ح ١٨ عن محمّد بن مسلم .

( ٣ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٣٦ ح ٥ .

( ٤ ) تقريب التهذيب لابن حجر ٢ : ١٦٤ ، و قال عنه ثقة في الطبقة الثالثة قتله الحجّاج فيما بعد الثمانين .

٤١٤

اللَّه عليه شيطانا يقال له القفندر ، فلا يبقى عضو من أعضائه إلاّ قعد عليه ، فإذا كان كذلك نزع منه الحياء و لم يبال ما قال و لا ما قيل فيه(١) .

و عن الحسن بن علي بن يقطين عن أبي جعفرعليه‌السلام : من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق يروي عن اللَّه عز و جل فقد عبد اللَّه ، و إن كان الناطق يروي عن الشيطان فقد عبد الشيطان(٢) .

و في الخبر الثاني من أول صوم ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أخبركم بشي‏ء ان أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب .

قالوا : بلى قال : الصوم يسوّد وجهه ، و الصدقة تكسر ظهره ، و الحبّ في اللَّه ، و المؤازرة على العمل الصالح يقطع دابره ، و الاستغفار يقطع و تينه ، و لكل شي‏ء زكاة و زكاة الأبدان الصيام(٣) .

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٦ : ٤٣٤ ح ١٧ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٦ : ٤٣٤ ح ٢٤ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٤ : ٦٢ ح ٢ عن إسماعيل بن أبي زياد .

٤١٥

الفصل الستون في موضوعات مختلفة

٤١٦

١ الكتاب ( ٧٤ ) و من حلف لهعليه‌السلام

 كتبه بين ربيعة و اليمن و نقل من خط هشام الكلبىّ :

هَذَا مَا اِجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ ؟ اَلْيَمَنِ ؟ حَاضِرُهَا وَ بَادِيهَا وَ ؟ رَبِيعَةُ ؟ حَاضِرُهَا وَ بَادِيهَا أَنَّهُمْ عَلَى كِتَابِ اَللَّهِ يَدْعُونَ إِلَيْهِ وَ يَأْمُرُونَ بِهِ وَ يُجِيبُونَ مَنْ دَعَا إِلَيْهِ وَ أَمَرَ بِهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً وَ لاَ يَرْضَوْنَ بِهِ بَدَلاً وَ أَنَّهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ وَ تَرَكَهُ أَنْصَارٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ دَعْوَتُهُمْ وَاحِدَةٌ لاَ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ لِمَعْتَبَةِ عَاتِبٍ وَ لاَ لِغَضَبِ غَاضِبٍ وَ لاَ لاِسْتِذْلاَلِ قَوْمٍ قَوْماً عَلَى ذَلِكَ شَاهِدُهُمْ وَ غَائِبُهُمْ وَ سَفِيهُهُمْ وَ عَالِمُهُمْ وَ حَلِيمُهُمْ وَ جَاهِلُهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ عَهْدَ اَللَّهِ وَ مِيثَاقَهُ إِنَّ عَهْدَ اَللَّهِ كَانَ مَسْئُولاً وَ كَتَبَ ؟ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ؟

٤١٧

أقول : قول المصنف ( و من حلف لهعليه‌السلام ) قال الجوهري : الحلف بالكسر العهد يكون بين القوم(١) ، و المراد بالأحلاف في شعر زهير :

تداركتما الأحلاف قد ثلّ عرشها

و ذبيان قد زلّت بأقدامها النّعل(٢)

أسد و غطفان لأنهم تناصروا على التحالف ، و الأحلاف أيضا قوم من ثقيف لأنّ ثقيفا فرقتان : بنو مالك و الأحلاف ، و يقال لبني أسد وطيّ : الحليفان ، و يقال ايضا لفزارة و أسد : حليفان لأنّ خزاعة لمّا أجلت بني أسد عن الحرم و خرجت حالفت طيئا ثم حالفت بني فزارة .

و في ( العقد ) بعد عدّ بني ضبّة و بني الحرب بن كعب في جمرات العرب :

و قال أبو عبيدة طفئت جمرتان : بنو ضبّة لأنها صارت إلى الرباب فحالفتها و بنو الحرث لأنّها صارت إلى مذحج فحالفتها(٣) .

« كتبه بين ربيعة و اليمن » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٤) و الصواب : ( بين اليمن و ربيعة ) كما في ( ابن أبي الحديد(٥) و ابن ميثم(٦) و الخطية )(٧) ثم المراد بربيعة هنا طائفته أي : بنوه .

و في ( الطبري ) و غيره : ذكر بعضهم أنّ نزار بن معد بن عدنان لمّا حضرته الوفاة قسّم ماله بين بنيه مضر و ربيعة و أياد و أنمار ، فقال : هذه القبة و كانت من آدم حمراء و ما أشبهها من مالي لمضر فسمّي مضر الحمراء

____________________

( ١ ) الصحاح للجوهري ٤ : ١٣٤٦ مادة ( حلف ) .

( ٢ ) ديوان زهير بن أبى سلمان : ٦١ .

( ٣ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٣ : ٣٦٩ .

( ٤ ) جاء في النسخة المصرية : شرح محمّد عبده ( نقل عن خط هشام بن الكلبي ) انظر : ٦٤٩ .

( ٥ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد أورده كالنسخة المصرية انظر ١٨ : ٦٦ .

( ٦ ) شرح نهج البلاغة لابن ميثم أورده كالنسخة المصرية انظر ٥ : ٢٣١ .

( ٧ ) ورد في النسخة الخطية ( المرعشي ) ( بين اليمن و ربيعة ) انظر : ٣٠٣ .

٤١٨

و هذا الخباء الأسود و ما أشبهه من مالي و كان خلّف خيلا دهما لربيعة فسمّي ربيعة الفرس ، و هذه الخادم و كانت شمطاء و ما أشبهها من مالي لأياد ، و هذه البدرة و المجلس لأنمار ، فإن اختلفتم في شي‏ء فعليكم بالأفعى الجرهمي ، فاختلفوا في القسمة فتوجّهوا إلى الأفعى ، فبينا هم يسيرون في مسيرهم إذ رأى مضر كلأ و قد رعي ، فقال : إنّ البعير الذي رعاه لأعور ، و قال ربيعة هو أزور ، و قال أياد هو أبتر ، و قال أنمار هو شرود فلم يسيروا إلاّ قليلا حتى لقيهم رجل فسألهم عن بعير ، فقال مضر : هو أعور ؟ قال نعم ، قال ربيعة :

هو أزور ؟ قال نعم ، قال أياد : هو أبتر ؟ قال نعم ، قال أنمار : هو شرود ؟ قال نعم ، هذه صفة بعيري دلّوني عليه ، فحلفوا ما رأوه فلزمهم و قال : كيف اصدّقكم و أنتم تصفون بعيري بصفته ؟

فساروا جميعا حتى قدموا نجران فنزلوا بالأفعى الجرهمي ، فنادى صاحب البعير : هؤلاء أصحاب بعيري وصفوا لي صفته ثم قالوا : لم نره فقال الجرهمي كيف وصفتموه و لم تروه ؟ قال مضر : رأيته يرعى جانبا و يدع جانبا فعرفت أنّه أعور ، و قال ربيعة : رأيت إحدى يديه ثابتة الأثر و الاخرى فاسدة فعرفت أنّه أفسده بشدّة وطئه لازوراره ، و قال أياد : عرفت أنّه أبتر باجتماع بعره و لو كان أذنب لمصع به ، و قال أنمار : عرفت أنّه شرود لأنّه يرعى المكان الملتف نبته ثم يجوزه إلى مكان آخر أرقّ منه نبتا و أخبث فقال الجرهمي : ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه ، ثم سألهم من هم فأخبروه ، فرحّب بهم و قال : أ تحتاجون إليّ و أنتم كما أرى فدعا لهم بطعام فأكلوا و أكل و شربوا و شرب ، فقال مضر : لم أر كاليوم خمرا لو لا أنّها نبتت على قبر ، و قال ربيعة : لم أر كاليوم لحما لو لا أنّه ربّي بلبن كلب ، و قال أياد : لم أر كاليوم رجلا لو لا أنّه لغير أبيه الذي يدعى إليه ، و قال أنمار : لم أر كاليوم شهدا لو لا كون

٤١٩

نحله في هامة جبار .

و سمع الجرهمي الكلام فتعجب و أتى امّه فسألها فأخبرته أنّها كانت تحت ملك لا يولد له فكرهت أن يذهب الملك فأمكنت رجلا كان نزل بها من نفسها فحملت به ، و سأل القهرمان عن الخمر فقال : من حبلة غرستها على قبر أبيك ، و سأل الراعي عن اللحم فقال : شاة أرضعتها بلبن كلبة و لم يكن ولد في الغنم و ماتت امها ، و سأل عن الشهد فقيل : هجموا على عظام نخرة فإذا النحل قد عسلت في جمجمة منها لم ير عسل مثله ، فقال الأفعى : إن هؤلاء إلاّ شياطين .

ثم أحضرهم فقصّوا عليه قصّتهم فقضى بالقبّة الحمراء و الدنانير و الإبل و هي حمر لمضر ، و قضى بالخباء الأسود و الخيل الأدهم لربيعة ، و قضى بالخادم و كانت شمطاء و الماشية البلق لأياد ، و قضى بالأرض و الدراهم لأنمار .

و المراد من اليمن أيضا أهلها ، و هم من قحطان و ربيعة من عدنان ، و كان من اليمن حمير بن سبأ و كهلان بن سبأ و عمرو بن سبأ و الأشعر بن سبأ و أنمار بن سبأ و عاملة بن سبأ و مرّ بن سبأ .

و كانت ربيعة و اليمن متحالفتين من الجاهلية ، و لمّا أراد الكرماني و هو من اليمانية الخروج على نصر بن سيّار عامل مروان بن محمد آخر الأموية و هو من المضرية و أراد معاضدة ربيعة له في ذلك ، كتب إلى عمر بن إبراهيم و هو من ولد أبرهة آخر ملوك حمير فبعث إليه بنسخة حلفهما في الجاهلية(١) .

و قال أبو حنيفة الدينوري في ( أخباره الطوال ) : جمع الكرماني إليه

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٢ : ٢٥ .

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639