بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247349 / تحميل: 8634
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الفصل الثالث و الخمسون في الفتن و الشبه و البدع

١٦١

١ في أوّل الباب الثالث من النهج باب المختار

من حكم امير المؤمنينعليه‌السلام و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله و الكلام القصير الخارج في ساير أغراضه .

قالعليه‌السلام :

كُنْ فِي اَلْفِتْنَةِ كَابْنِ اَللَّبُونِ لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ وَ لاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ قول المصنّف : « باب المختار » هو القسم الأخير من كتابه « من حكم أمير المؤمنينعليه‌السلام » اقتصر عليه في ( المصرية ) و زاد ابن أبي الحديد و ابن ميثم : « و مواعظه » و هو الصحيح لأصحية نسختيهما لا سيما الأخير الذي نسخته بخط المصنف .

و لأنّ فيه مواعظ كثيرة و منها في العنوان ( ١٥٠ ) كلامهعليه‌السلام لرجل سأله أن يعظه الذي قال المصنف فيه « و لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة » .

١٦٢

و وصف الشعبي كلامهعليه‌السلام في الحكم و غيرها فقال : تكلّم أمير المؤمنينعليه‌السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة و أيتمن جواهر الحكمة و قطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهن ، ثلاث منهن في الحكمة و ثلاث في المناجاة و ثلاث في الأدب ، أما اللائي في الحكمة فقال : قيمة كلّ امرى‏ء ما يحسنه ، و ما هلك امرؤ عرف قدره ، و المرء مخبوء تحت لسانه .

و أما اللائي في المناجاة فقال : اللّهم كفى بي عزّا أن أكون لك عبدا ، و كفى بي فخرا أن تكون لي ربا ، أنت كما أحب فاجعلني كما تحب و أما اللائي في الأدب فقال : امنن على من شئت تكن أميره ، و استغن عمّن شئت تكن نظيره و احتج إلى من شئت تكن أسيره(١) .

« و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسألته » ترى أجوبة مسألته في العناوين ( ١٦ ) ( ٣٠ ) ( ٩٤ ) ( ١٢٠ ) ( ١٥٠ ) ( ٢٢٧ ) ( ٢٢٩ ) ( ٢٣٥ ) ( ٢٦٦ ) ( ٢٨٧ ) ( ٢٩٤ ) ( ٣٠٠ ) ( ٣١٨ ) ( ٣٥٦ ) ( ٤٧٠ ) .

« و الكلام القصير » كان حاجب هشام بن عبد الملك يأمر منتجعيه بالإيجاز في الكلام ، فقام أعرابي فقال : إنّ اللَّه تعالى جعل العطاء محبة و المنع مبغضة فلأن نحبك خير من أن نبغضك فأعطاه و أجزل له .

« الخارج في سائر أغراضه » أي باقي مقاصده ، و الأصل في ( الغرض ) الهدف و ( سائر ) يأتي بمعنى الجميع و معنى الباقي ، و الأخير هو المراد هنا .

قوله « كن في الفتنة » الأصل في « الفتنة » قولهم « دينار مفتون » فتن بالنار ، و كلّ شي‏ء ادخل النار فقد فتن ، و قالوا « الناس عبيد الفتانين » أي الدرهم و الدينار .

« كابن اللبون » ابن اللبون : ولد الناقة الذكر إذا دخل في الثالثة ، لأن امّه

____________________

( ١ ) الخصال للصدوق : ١٨٦ .

١٦٣

وضعت غيره فصار لها لبن ، و الانثى بنت اللبون ، و يجمعان بنات اللبون .

« لا ظهر فيركب و لا ضرع فيحلب » نظيره قول حاجب بن زرارة في القعقاع :

ما هو رطب فيعصر و لا يابس فيكسر .

و في المثل : لا تكن حلوا فتزدرد و لا مرّا فتلفظ .

و من الأمثال في الاعتزال قولهم : لا ناقة لي في هذا و لا جمل و قالوا : ان كنت من أهل الفطن فلا تدر حول الفتن .

ثم كما لا ينتفع بابن اللبون لصغره كذلك بالثلب لكبره ، و هو الذي انكسرت أنيابه من شدّة هرمه ، و إنما الانتفاع الكامل بالناب الذي في وسط الشباب ، قال بعضهم :

ألم تر أن الناب يحلب علبة

و يترك ثلب لا ضراب و لا ظهر

قال ابن أبي الحديد : أيام الفتنة هي أيام الخصومة بين رئيسين ضالين يدعوان كلاهما إلى ضلالة ، كفتنة عبد الملك و ابن الزبير و فتنة مروان و الضحاك و فتنة الحجاج و ابن الأشعث ، و أما إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين(١) .

قلت : إن جانبوا العصبية و أرادوا فهم الحقيقة فأول أيام الفتنة أيام أوّلهم ، ففي ( الطبري ) : قال أبو مويهبة مولى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : بعث إليّ النبي من جوف الليل فقال : يا أبا مويهبة إنّي قد امرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال : السّلام عليكم أهل المقابر ، ليهن لكم ما أصبحتم ممّا أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أوّلها ، الآخرة شرّ من الاولى إلى أن قال ثم انصرف فبدأ

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

١٦٤

بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعه الذي قبض فيه(١) .

و في ( بلاغات نساء أحمد بن أبي طاهر البغدادي ) من رجالهم في ذكره خطبة سيّدة نساء العالمين باتفاق فرق المسلمين لما منعها أبو بكر فدك و في الخطبة : فأنقذكم اللَّه برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد اللتيا و التي ، و بعد ما مني ببهم الرجال و ذؤبان العرب ، كلّما حشوا نارا للحرب أطفأها و نجم قرن للضلال و فغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها ، فلا ينكفي حتى يطأ صماخها بأخمصه و يخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات اللَّه قريبا من رسول اللَّه سيّدا في أولياء اللَّه ، و أنتم في بلهنية و ادعون آمنون ، حتى إذا اختار اللَّه تعالى لنبيه دار أنبيائه ظهرت خلّة النفاق و سمل جلباب الدين و نطق كاظم الغاوين و نبغ خامل الآفلين و هدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم ، فوجدكم لدعائه مستجيبين و للغرة فيه ملاحظين ، فاستنهضكم فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير أبلكم و أوردتموها غير شربكم ، هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجراح لما يندمل ، بدارا زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا و إنّ جهنم لمحيطة بالكافرين(٢) .

و روى الإسكافي منهم في نقضه ( عثمانية الجاحظ ) عن أبي رافع قال :

أتيت أبا ذر بالربذة اودّعه ، فلما أردت الانصراف قال لي و لا ناس معي :

ستكون فتنة فاتقوا اللَّه و عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه ، فإني سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له : أنت أوّل من آمن بي و أوّل من يصافحني يوم القيامة ، و أنت الصدّيق الأكبر ، و أنت الفاروق الذي تفرّق بين الحق و الباطل ،

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٤٣٢ .

( ٢ ) بلاغات النساء لابن طيفور : ١٣ ١٤ .

١٦٥

و أنت يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الكافرين ، و أنت أخي و وزيري و خير من أترك بعدي(١) .

ثم ما قاله ابن أبي الحديد : من فتنة الحجاج و ابن الأشعث خلاف عقيدة أهل نحلته ، فإنّ عندهم كان قيام ابن الأشعث فتنة ، و أمّا الحجاج فكان عامل من بايعه جميع الناس و كان عندهم خليفة حقّا و أميرا للمؤمنين به .

و كذلك قوله « فتنة عبد الملك و ابن الزبير » غير صحيح عند أهل ملته ، فانّه عندهم كان ابتداء ابن الزبير ولي اللَّه و عبد الملك عدوّ اللَّه ، و لما غلب عبد الملك صار هو ولي اللَّه و ابن الزبير عدوّ اللَّه(٢) .

ففي ( كامل المبرد ) : خرج مصعب بن الزبير إلى باجميراء ، ثم أتى الخوارج خبر مقتله بمسكن و لم يأت المهلب و أصحابه ، فتواقفوا يوما على الخندق ، فناداهم الخوارج : ما تقولون في المصعب ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : ضالّ مضل فلما كان بعد يومين أتى المهلب قتل صعب و إنّ أهل الشام اجتمعوا على عبد الملك ، و ورد عليه كتاب عبد الملك بولايته ، فلما تواقفوا ناداهم الخوارج : ما تقولون في مصعب ؟ قالوا : لا نخبركم قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : يا أعداء اللَّه بالأمس ضال مضل و اليوم امام هدى ، يا عبيد الدّنيا عليكم لعنة اللَّه(٣) .

و الخوارج و إن طعنوا عليهم بكون ما عليهم خلاف العقل و خلاف الفطرة التي فطر الناس عليها ، إلاّ أنّه يقال لهم : إنّ ذلك لازم لكم أيضا بموافقة العامة في إمامة صديقهم و صديقه ، فلا يمكن القول بالملزوم و ترك اللازم .

____________________

( ١ ) نقض العثمانية لأبي جعفر الإسكافي : ٢٩٠ ملحقة بالعثمانية .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

( ٣ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٣ : ١١٠١ ١١٠٢ .

١٦٦

و أما قوله « إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين » فأيضا أهل ملّته غير معترفين به ، فهذا ابن عبد البر من أئمتهم قال في سعد بن أبي وقاص الذي لم يشهد الجمل و صفين مع أمير المؤمنينعليه‌السلام :

كان ممّن قعد و لزم بيته في الفتنة و أمر أهله أن لا يخبروه من أخبار الناس بشي‏ء حتى تجتمع الامة على إمام(١) .

و قال في ترجمة ابن فاروقهم : قيل لنافع : ما بال ابن عمر بايع معاوية و لم يبايع عليّا ؟ فقال : كان ابن عمر لا يعطي يدا في فرقة و لا يمنعها من جماعة ، و لم يبايع معاوية حتى اجتمعوا عليه(٢) .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي يصير معاوية الذي كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعنه في غير موطن و عدوّ الدين أولى بالإمامة من أمير المؤمنينعليه‌السلام الذي جعله اللَّه تعالى في كتابه كنفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله .( و أنفسنا و أنفسكم . ) (٣) و جعله النبي بمنزلة نفسه في المتواتر منه في قوله للناس : من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه .

لا يقال : انّما قال « من كنت مولاه فعلي مولاه » لا ما قلت قلت : ما ذكرته ان لم يكن لفظه هو معناه ، ألم يكن قال تلك الجملة بعد قوله للناس « ألست بكم أولى من أنفسكم » و قول الناس له « بلى أنت أولى بنا من أنفسنا » فهل يصير معناها غير ما قلناه .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي هو خلاف ناموس الإنسانية ، حتى ان الحجاج الذي قال عمر بن عبد العزيز الذي هو أحد خلفائهم : لو أنّ جميع الامم جاءت

____________________

( ١ ) الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ٢ : ٦٠٩ .

( ٢ ) المصدر نفسه ٣ : ٩٥٣ .

( ٣ ) آل عمران : ٦١ .

١٦٧

يوم القيامة كلّ واحدة منهم بشرارهم و جئناهم بالحجاج لغلبنا جميعهم لم يرضه ، فقال الاسكافي أحد أئمتهم في نقض ( عثمانيته ) : امتنع ابن عمر من بيعة عليعليه‌السلام و طرق على الحجاج بابه ليلا ليبايع لعبد الملك كيلا يبيت تلك الليلة بلا إمام ، زعم لأنّه روي ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال « من مات و لا إمام له مات ميتة جاهلية »(١) و حتى بلغ من احتقار الحجاج له و استرذاله حاله أن أخرج رجله من الفراش فقال : اصفق بيدك عليها قال و رواه بعضهم و زاد : و لما خرج قال الحجاج : ما أحمق هذا يترك بيعة علي و يأتيني مبايعا في ليله .

٢ الخطبة ( ٩١ ) إِنَّ اَلْفِتَنَ

إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ يُنْكَرْنَ مُقْبِلاَتٍ وَ يُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ يَحُمْنَ حَوْلَ اَلرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً وَ يُخْطِئْنَ بَلَداً أقول : رواه الثقفي في أول ( غاراته ) باسنادين عن زر بن حبيش عنهعليه‌السلام : الأول عن إسماعيل بن ابان عن عبد الغفار بن القاسم عن المنصور بن عمرو عن ذر و الثاني عن أحمد بن عمران الأنصاري عن أبيه عن أبن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن زر قال : خطب عليعليه‌السلام بالنهروان إلى أن قال فقام إليه رجل آخر فقال لهعليه‌السلام : حدّثنا عن الفتن قال : ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت ، يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات ، ان الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا و يخطئن اخرى(٢) .

« ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت » في ( نهاية الجزري ) : التشابه قسمان ، قسم إذا ردّ إلى المحكم يفهم معناه ، و قسم لا سبيل إلى معرفة

____________________

( ١ ) نقض العثمانية : ٣٠١ .

( ٢ ) الغارات للثقفي : ٧ .

١٦٨

حقيقته ، فالمتتبع له متتبع للفتنة ، لأنّه لا يكاد ينتهي إلى شي‏ء تسكن إليه نفسه ، و منه حديث ذكر فيه فتنة « تشبه مقبلة و تبين مدبرة » أي أنّها إذا أقبلت شبهت على القوم و أرتهم أنّهم على الحق حتى يدخلوا فيها و يركبوا منها ما لا يجوز ، فإذا أدبرت بان أمرها فعلم من دخل فيها أنّه كان على الخطأ(١) .

« ينكرن مقبلات و يعرفن مدبرات » قد عرفت أنّ ( غارات الثقفي ) رواه « يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات » .

« يحمن حول الرياح » هكذا في ( المصرية )(٢) ، و الصواب : « حوم الرياح » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٣) ، مع أنّه لا معنى لما في ( المصرية ) ، فالفتن لا يدرن حول الرياح بل يدرن حول الناس دور الرياح ، من قولهم « حام الطائر حول الشي‏ء حوما » أي دار .

« يصبن بلدا و يخطئن اخرى » أي كما أن الرياح الشديدة تصيب بلدا و تخطى‏ء بلدا كذلك الفتن يصبن بلدا فيبتلى الناس بوخامتهن و يخطئن بلدا فيسلمون منها .

٣ الحكمة ( ٧٦ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ اَلْأُمُورَ إِذَا اِشْتَبَهَتْ اُعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا كان العباسيون يدّعون إجراء العدالة إذا ظهروا إلاّ انّه كان حالهم في الآخر معلومة من أوّلها .

____________________

( ١ ) النهاية لابن الأثير للجزري ٢ : ٤٤٢ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ٢٣٤ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٤٤ الخطبة ( ١٩٢ ) ، أمّا شرح ابن ميثم ٢ : ٣٨٨ ، بلفظ « حول » ، أما الخطبة ٧٤ بلفظ « حوم » .

١٦٩

و لما بايعت الأوس أبا بكر لئلا يصير الأمر إلى الخزرج و كانت بينهما رقابة من الجاهلية ، قال لهم المنذر بن الحباب : فعلتموها أما و اللَّه لكأني بأبنائكم على أبواب أبنائهم قد وقفوا يسألونهم بأكفّهم و لا يسقون الماء .

و صار كما قال(١) .

٤ الحكمة ( ٩٣ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ اَلْفِتْنَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَةٍ وَ لَكِنْ مَنِ اِسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلاَّتِ اَلْفِتَنِ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ وَ اِعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ١ ٧ ٨ : ٢٨ وَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْتَبِرُهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَ اَلْأَوْلاَدِ لِيَتَبَيَّنَ اَلسَّاخِطَ لِرِزْقِهِ وَ اَلرَّاضِيَ بِقِسْمِهِ وَ إِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ لَكِنْ لِتَظْهَرَ اَلْأَفْعَالُ اَلَّتِي بِهَا يُسْتَحَقُّ اَلثَّوَابُ وَ اَلْعِقَابُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ اَلذُّكُورَ وَ يَكْرَهُ اَلْإِنَاثَ وَ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ تَثْمِيرَ اَلْمَالِ وَ يَكْرَهُ اِنْثِلاَمَ اَلْحَالِ و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير « لا يقولن أحدكم اللّهم اني أعوذ بك من الفتنة » قال ابن بابويه في ( توحيده ) :

الفتنة على عشرة أوجه : فوجه الضلال ، و الثاني : الاختبار و هو قوله تعالى .( و فتناك فتونا ) .(٢) ( ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون ) (٣) و الثالث : الحجّة و هو قوله تعالى( ثم لم تكن فتنتهم إلاّ أن قالوا

_ ___________________

( ١ ) التوحيد للصدوق : ٣٨٦ .

( ٢ ) طه : ٤٠ .

( ٣ ) العنكبوت : ١ ٢ .

١٧٠

 و اللَّه ربنا ما كنّا مشركين ) (١) و الرابع : الشرك و هو قوله تعالى .( و الفتنة أشدّ من القتل ) .(٢) و الخامس : الكفر و هو قوله تعالى .( ألا في الفتنة سقطوا ) .(٣) و السادس : الإحراق بالنار و هو قوله تعالى( إن الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ) . .(٤) و السابع : العذاب كقوله تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٥) ( ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ) (٦) .( و من يرد اللَّه فتنته فلن تملك له من اللَّه شيئا ) . .(٧) و الثامن : القتل كقوله تعالى .( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) .(٨) ( فما آمن لموسى إلاّ ذريّة من قومه على خوف من فرعون و ملئهم أن يفتنهم ) .(٩) و التاسع : الصدّ كقوله تعالى( و ان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا اليك ) .(١٠) و العاشر : شدّة المحنة كقوله تعالى .( ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) (١١) ، و قد زاد علي بن ابراهيم وجها آخر ، و هو المحبة كقوله تعالى .( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(١٢) و عندي أنّه المحنة بالنون لا المحبة بالباء لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله « الولد مجبنة مبخلة »(١٣) .

____________________

( ١ ) الأنعام : ٢٣ .

( ٢ ) البقرة : ١٩١ .

( ٣ ) التوبة : ٤٩ .

( ٤ ) البروج : ١٠ .

( ٥ ) الذاريات : ١٣ .

( ٦ ) الذاريات : ١٤ .

( ٧ ) المائدة : ٤١ .

( ٨ ) النساء : ١٠١ .

( ٩ ) يونس : ٨٣ .

( ١٠ ) الاسراء : ٧٣ .

( ١١ ) يونس : ٨٥ .

( ١٢ ) الأنفال : ٢٨ .

( ١٣ ) بحار الأنوار ١٠٤ : ٩٧ رواية ٦٠ ب ٢ .

١٧١

قلت : و المفهوم من الخليل أن الأصل في معناه الإحراق ، فقال : الفتن الإحراق(١) ، قال تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٢) ، و ورق فتين أي فضة محرقة و يقال للحرة فتين كأن حجارتها محرقة .

هذا ، و عن الأصمعي لا يقال أفتنته بل فتنته ، ورد عليه بقول أعشى همدان في سعيد بن جبير :

لئن أفتنتني فهي بالأمس أفتنت سعيدا فأمسى قد قلى كلّ مسلم(٣) و عن ام عمرو بنت الأهتم : مررنا بمجلس فيه سعيد بن جبير و نحن جوار و معنا جارية تغني بدف معها و تنشد البيت « لئن أفتنتني . » ، فقال سعيد : كذبتن كذبتن .

« لأنّه ليس أحد إلاّ و هو مشتمل على فتنة » و لو بالمال أو الولد ، و لأنّ سنته تعالى فتن عباده و لن تجد لسنته تبديلا ، قال تعالى( أحسب الناس ان يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فَليعلمنَّ اللَّه الذين صدقوا و ليعلَمَنَّ الكاذبين ) (٤) .

« و لكن من استعاذ فليستعذ باللَّه من مضلاّت الفتن » كما في فتنة بني اسرائيل بالعجل الذي أضلّهم السامري به حتى تركوا هارون و أرادوا قتله .

و كما في فتنة المسلمين بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمثل فتنة بني اسرائيل بجعل الثاني الأول عجله حتى تركوا خليفة نبيّهم و أرادوا قتله ، و كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لهم في المتواتر : لتتبعن بني إسرائيل حذوا بحذو حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه .

____________________

( ١ ) العين لأحمد الفراهيدي ٨ : ١٢٧ مادة ( فتن ) .

( ٢ ) الذاريات : ١٣ .

( ٣ ) العين للفراهيدي ٨ : ١٢٨ مادة ( فتن ) .

( ٤ ) العنكبوت : ٢ ٣ .

١٧٢

و في ( خلفاء ابن قتيبة ) في قصة السقيفة فأخرجوا عليّا فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع فقال : إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذن و اللَّه الذي لا إله إلاّ هو لضرب عنقك قال : إذن تقتلون عبد اللَّه و أخا رسوله قال عمر : أما عبد اللَّه فنعم و أما أخو رسوله فلا و أبو بكر ساكت لا يتكلّم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه ؟ فقال : لا اكرهه على شي‏ء ما كانت فاطمة إلى جنبه فلحق علي بقبر رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصيح و يبكي و ينادي : يابن امّ إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني إلى آخر ما ذكر(١) .

هذا ، و روى ( توحيد الصدوق ) أنّه تعالى قال : إنّ من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فأكفّه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالفقر و لو أغنيته لأفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالغنى و لو أفقرته لأفسده ، و ان منهم لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالسقم و لو صححت جسده لأفسده ذلك ، و إنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالصحّة و لو أسقمته لأفسده ، و إنّي ادبر عبادي بعلمي بقلوبهم فإنّي عليم خبير(٢) .

« فإنّ اللَّه سبحانه يقول( و اعلموا أنّما أموالكم و أولادكم فتنة و أن اللَّه عنده أجر عظيم ) (٣) .

« و معنى ذلك أنّه سبحانه » سقطت كلمة « سبحانه » من ( المصرية )(٤) مع وجودها في ( ابن ميثم و ابن أبي الحديد و الخطية )(٥) .

____________________

( ١ ) الخلفاء لابن قتيبة : ١٣ .

( ٢ ) التوحيد للصدوق : ٣٩٨ ح ١ .

( ٣ ) الأنفال : ٢٨ .

( ٤ ) الطبعة المصرية : ٦٧٧ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٤٨ ، و ابن ميثم ٥ : ٢٨٧ .

١٧٣

« يختبرهم » أي : يمتحنهم .

« بالأموال و الأولاد ليتبيّن الساخط لرزقه » في الأموال .

« و الراضي بقسمه » في الأولاد .

« و إن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم » .( فليعلمن اللَّه الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين ) (١) .

« و لكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب و العقاب » لأن الجزاء على العمل لا مجرّد النيّة و مقتضى الطوية ، و إن كان هو تعالى يثيب على مجردهما تفضلا و لا يؤاخذ على صرفهما تكرّما .

« لأنّ بعضهم يحب الذكور و يكره الاناث » حتى قال تعالى( في مثلهم و إذا بُشّر أحدهم بالانثى ظلّ وجهه مسودّا و هو كظيم يتوارى عن القوم من سوء ما بُشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) (٢) .

قالوا : و لحب الناس الذكور و كراهتم للإناث و كان الواجب عليهم التسليم لمشيته تعالى شأنه قدّم عز و جل هبة الإناث على الذكور فقال .( يهب لمن يشاء إناثا و يهب لمن يشاء الذكور ) (٣) .

« و بعضهم يحبّ تثمير المال و يكره انثلام الحال » أي وقوع الخلل فيه ، قال تعالى( و إنّه لحبّ الخير لشديد ) (٤) و فسر الخير هنا بالمال .

و قال تعالى في امتحان عبيده بالمال و الولد و غيرهما( و لنبلونكم بشي‏ء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات

_ ___________________

( ١ ) العنكبوت : ٣ .

( ٢ ) النحل : ٥٨ ٥٩ .

( ٣ ) الشورى : ٤٩ .

( ٤ ) العاديات : ٨ .

١٧٤

 و بشّر الصابرين ) (١) .

« و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير » و لو كان قال ما روي عنهعليه‌السلام بدل ما سمع منهعليه‌السلام كان أحسن .

جعله من غريب التفسير لأنّ المتبادر من كون الأموال فتنة أنّ الانسان يطغى أن رآه استغنى ، و أنّ كثيرا من الناس يميل المال بهم إلى الشهوات كما أنّ كثيرا منهم يصعب عليهم إخراج الحقوق التي أوجب اللَّه تعالى عليهم في المال فيهلكون كما ان المتبادر من كون الأولاد فتنة أنّهم يصيرون سببا للتخلّف عن الجهاد ، و البخل عن الزكاة ، و تحصيل المال لهم من غير طريق المشروع لو ضاق عليه المشروع و لموافقة الآباء غالبا أهواء أبنائهم المهوية ، كما اتفق للزبير مع ابنه ، فقالعليه‌السلام : ما زال الزبير منّا حتى نشأ ابنه الميشوم .

و روت العامة في تفسير الآية عن بريدة : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخطب فجاء الحسن و الحسينعليهما‌السلام و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران ، فنزل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إليهما فأخذهما و وضعهما في حجره على المنبر و قال : صدق اللَّه تعالى( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(٢) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما(٣) .

هذا ، و مما روي عنهعليه‌السلام من غريب التفسير غير ما مرّ أنّهعليه‌السلام قال :

الاستثناء في اليمين متى ما ذكر و لو بعد أربعين صباحا ثم تلا هذه الآية . و اذكر ربّك إذا نسيت .(٤) .

و أنّهعليه‌السلام قال : تستحب المقاربة مع أهله ليلة أول شهر الصيام لقوله

____________________

( ١ ) البقرة : ١٥٥ .

( ٢ ) التغابن : ١٥ .

( ٣ ) سنن الترمذي ٥ : ٦١٦ ح ٣٧٧٤ .

( ٤ ) الكافي ٧ : ٤٤٨ الرواية ٦ ، و الآية ٢٤ من سورة الكهف .

١٧٥

تعالى( اُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) . .(١) .

٥ في الخطبة ( ١٤٣ ) منها :

وَ مَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إِلاَّ تُرِكَ بِهَا سُنَّةٌ فَاتَّقُوا اَلْبِدَعَ وَ اِلْزَمُوا اَلْمَهْيَعَ إِنَّ عَوَازِمَ اَلْأُمُورِ أَفْضَلُهَا إِنَّ مُحْدَثَاتِهَا شِرَارُهَا « و ما احدثت بدعة إلاّ ترك بها سنة » قال ابن أبي الحديد : البدعة كلّ ما لم يكن في عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمنها الحسن كصلاة التراويح و منها القبيح كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية و إن كانت قد تكلّفت الأعذار عنها(٢) .

قلت : صلاة التراويح أيضا من بدع ، قالعليه‌السلام ترك بها سنة ، و كيف تكون حسنة و كانت تشريعا في قبال الدين ، و إنما التشريع للَّه تعالى( ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إنّ لكم فيه لما تخيرون ) (٣) .

ما كان للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يشرّع شيئا من قبل نفسه إلاّ بوحي منه تعالى إليه ، فكيف كان لعمر الذي أفحمته مرأة في أنفها فطس في حظره جعل الصداق أكثر من خمسمائة درهم بأنّه تعالى قال .( و آتيتم إحداهن قنطاراً ) .(٤) فقال : كل الناس أفقه من عمر .

و روى سليم بن قيس الهلالي في كتابه أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه

____________________

( ١ ) البقرة : ١٨٧ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

( ٣ ) القلم : ٣٦ ٣٨ .

( ٤ ) النساء : ٢٠ .

١٧٦

ناقضين لعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها تفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي و قليل من شيعتي ، و اللَّه لقد أمرت أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي يا أهل الاسلام لقد غيرت سنّة عمر نهينا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و قد خفت أن يثوروا في ناحية عسكري(١) .

و روى محمد بن علي بن بابويه عن الباقر و الصادقعليهما‌السلام : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان في جماعة بدعة ، و صلاة الضحى بدعة ، ألا و إنّ كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة سبيلها إلى النار(٢) .

و روى محمد بن يعقوب الكليني : إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام مر برجل يصلّي الضحى في مسجد الكوفة ، فغمز جنبه بالدرة و قال : نحرت صلاة الأوابين نحرك اللَّه(٣) .

و أما أعمال عثمان و لم قال كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية كنفيه أبا ذر و ضربه عمارا و نهبه بيت المال لأقاربه و توليته لهم حتى يصلّوا بالناس سكارى و يصلّوا الصبح أربعا و يغنوا في الصلاة و غيرها من نظائرها فشنائع ينكرها الموحد و الملحد و المسلم و الكافر .

و أما ما قاله من تكلّف الأعذار الذي نوريهم ، فالتكلّف لعدم منكرية عداوة أبي جهل مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أقرب إلى العقول منه .

ثم جعلها في عداد البدع كصلاة التراويح في غير محله .

____________________

( ١ ) سليم بن قيس ، لا وجود له في الطبعة النجفية ، لعل المؤلف أخذه من البحار حيث ذكر المجلسي في ٩٦ : ٢٠٣ الرواية ٢١ باب ٢٤ .

( ٢ ) الفقيه للصدوق ٢ : ١٣٧ الرواية ١٩٦٤ باب ٢ .

( ٣ ) الكافي ٣ : ٤٥٢ رواية ٨ .

١٧٧

« فاتقوا البدع » روى ابن بابويه عن الصادقعليه‌السلام : من مشى إلى صاحب بدعة فوقرها فقد مشى في هدم الإسلام(١) .

« و الزموا المهيع » أي الطريق الواسع و هو طريق الاسلام ، قال تعالى( و إنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ) . .(٢) .

« إنّ عوازم الامور أفضلها » قال ابن أبي الحديد : عوازم ما تقادم منها من قولهم « عجوز عوزم » أي مسنّة ، و يجوز أن يكون جمع عازمة بمعنى مفعول أي معزوم عليها ، أي مقطوع معلوم بيقين صحتها ، و الأول أظهر لأن في مقابلته « و ان محدثاتها » و المحدث في مقابلة القدم(٣) .

قلت : بل الظاهر أن « عوازم » محرف « قدائم » جمع قديم للتشابه الخطي بينهما ، لأن العزم في مقابل الرخصة لا المحدث ، يقال عزائم القرآن و رخصه ، ثم جمع العوزم بالعوازم كما قاله غير معلوم .

٦ الخطبة ( ٥٠ ) و من كلام لهعليه‌السلام :

إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ اَلْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اَللَّهِ وَ يَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً عَلَى غَيْرِ دِينِ اَللَّهِ فَلَوْ أَنَّ اَلْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ اَلْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى اَلْمُرْتَادِينَ وَ لَوْ أَنَّ اَلْحَقَّ خَلَصَ مِنْ اَلْبَاطِلِ اِنْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ اَلْمُعَانِدِينَ وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا

____________________

( ١ ) الفقيه للصدوق ٣ : ٥٧٢ ح ٤٩٥٧ الباب ٢ .

( ٢ ) الأنعام : ١٥٣ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

١٧٨

ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي اَلشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ يَنْجُو اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ ٢ ٤ ٢١ : ١٠١ مِنَ اَللَّهِ اَلْحُسْنى‏ ٦ ٦ ٢١ : ١٠١ أقول : رواه الكليني في ( بدع كافيه ) بإسنادين عن عاصم بن حميد عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : أيها الناس إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب اللَّه ، يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا ، فهنا لك استحوذ الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم منه الحسنى(١) .

و رواه في ( روضته ) مع زيادات ، فروى عن سليم بن قيس قال : خطب عليعليه‌السلام فقال : إنّما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم اللَّه ، يتولى فيها رجال رجالا ، إنّ الحق لو خلص لم يكن اختلاف و لو أنّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ، لكنّه يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجتمعان فيجللان معا ، فهنا لك يستولي الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم الحسنى ، إنّي سمعت رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

كيف أنتم إذا لبستكم فتنة تربو فيها الصغير و يهرم فيها الكبير يجري الناس عليها و يتخذونها سنة ، فإذا غيّر منها شي‏ء قيل قد غيّرت السنّة ، و قد أتى الناس منكرا ثم تشتدّ البلية و تسبى الذريّة و تدقهم الفتنة كما تدقّ النار الحطب و كما تدقّ الرحى بثفالها ، و يتفقهون لغير اللَّه و يتعلمون لغير العمل و يطلبون الدنيا بأعمال الآخرة .

ثم أقبل بوجهه و حوله ناس من أهل بيته و خاصته و شيعته فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه ناقضين بعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها و حوّلتها إلى مواضعها

____________________

( ١ ) الكافي ١ : ٥٤ رواية ١ و أيضا ٨ : ٥٨ الرواية ٢١ .

١٧٩

و الى ما كانت في عهد رسول اللَّه لتفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي أو مع قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي و فرض إمامتي من كتاب اللَّه و سنّة رسوله ، أرأيتم لو أمرت بمقام ابراهيم فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللَّه و رددت فدك إلى ذريّة فاطمة و رددت صاع رسول اللَّه كما كان و أمضيت قطائع أقطعها النبي لأقوام لم تمض لهم و لم تنفذ و رددت دار جعفر إلى ورثته و هدمتها من المسجد و رددت قضايا من الجور قضي بها و نزعت نساء تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن و استقبلت بهن الحكم ( في الفروج و الأحكام ) و سبيت ذراري بني تغلب و رددت ما قسم من أرض خيبر و محيت دواوين العطاء و أعطيت كما كان النبي يعطي بالسوية و لم أجعلها دولة بين الأغنياء و ألقيت المساحة و سويت بين المناكح و أنفذت خمس الرسول كما أنزل اللَّه عز و جل و فرضه و رددته إلى ما كان عليه و سددت ما فتح من الأبواب و فتحت ما سد منه و حرمت المسح على الخفين و حددت على النبيذ و أمرت باحلال المتعتين و أمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات و ألزمت الناس الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم و أخرجت من ادخل مع رسول اللَّه في مسجده ممن كان رسول اللَّه أخرجه و أدخلت من اخرج بعد رسول اللَّه و حملت الناس على حكم القرآن ( في ) الطلاق على السنّة و أخذت الصدقات على أصنافها و حدودها و رددت الوضوء و الغسل و الصلاة إلى مواقيتها و شرائعها و حدودها و رددت أهل نجران إلى مواضعهم و رددت سبايا فارس و سائر الامم إلى كتاب اللَّه و سنّة نبيّه ، إذن لتفرّقوا عني ، و اللَّه لقد أمرت الناس ألا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الاسلام غيّرت سنّة عمر نهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و لقد خفت أن

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

و أجملوا في الطلب و لا يحملنّكم استبطاء شي‏ء من الرزق أن تطلبوه بمعصية اللَّه ، فإنّه لا ينال ما عند اللَّه إلاّ بطاعته(١) .

« قال الرضي » هكذا في ( الطبعة المصرية ) و ليست جملة « قال الرضي » من كلام المصنف بل من الشرّاح ، بدليل خلوّ الخطية عنها رأسا و قول ( ابن ميثم ) « قال السيد » و قول ابن أبي الحديد : « قال »(٢) .

« و قد مضى هذا الكلام » أشار إلى قوله في الحكمة ٢٦٧ الذي نقلناه أولا(٣) و قد ذكره بعد أيضا في الباب مع اختلاف في ( ٤٣١ ) هكذا « الرزق رزقان طالب و مطلوب ، فمن طلب الدنيا طلبه الموت حتى يخرجه عنها ، و من طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي رزقه منها » كما مر في فصل الدّنيا .

و قد رأيت رواية المبرد و غيره له بطريق آخر ، و يأتي في الآتي رواية المفيد له أيضا .

ثمّ في ابن أبي الحديد و الخطية في آخر كلام المصنف « في أول هذا الكتاب »(٤) .

١٩ الحكمة ( ١٩٢ ) و قالعليه‌السلام :

يَا اِبْنَ آدَمَ مَا كَسَبْتَ فِيهِ فَوْقَ قُوتِكَ فَأَنْتَ خَازِنٌ فِيهِ لِغَيْرِكَ

____________________

( ١ ) الفروع من الكافي للكليني ٥ : ٣٣٢ ح ٤ عن جابر رضوان اللَّه عليه .

( ٢ ) ورد لفظ ( قال الرضي ) في شرح شرح ابن ميثم ( النسخة المنقحة ) ٥ : ٤٣٢ .

( ٣ ) انظر الصفحة رقم : ٢٤٥ .

( ٤ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٤٣٢ ، و شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٣١٩ ، أمّا النسخة الخطية فقد سقط النصّ منها ( نسخة المرعشي ) .

٤٦١

أقول : قد عرفت في سابقه أن المبرد(١) و ابن قتيبة(٢) و المسعودي(٣) رووه ذيل الكلام الأول منه ، و كذا رواه المفيد في إرشاده مع زيادات ، فقد قالعليه‌السلام يا ابن آدم لا يكن أكبر همّك يومك الّذي إن فاتك لم يكن من أجلك ، فإنّ همّك يوم فإنّ كلّ يوم تحضره يأتي اللَّه فيه برزقك ، و اعلم أنّك لن تكتسب شيئا فوق قوتك إلاّ كنت فيه خازنا لغيرك يكثر فيها الدنيا نصبك و تحظي به وارثك و يطول معه يوم القيامة حسابك ، فاسعد بمالك في حياتك ، و قدّم ليوم معادك زادا يكون اماما ، فإنّ السفر بعيد و الموعد القيامة و المورد الجنة أو النار(٤) .

في الخبر ما معناه : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأصحابه : أيّكم يكون مال الناس أحبّ إليه من مال نفسه قالوا : ليس فينا من يكون كذلك قال : بل كلكم كذلك ، فكل مال لا تقدموه و لم تصرفوه في مصارفكم يكون مال وراثكم و إنّما مالكم ما قدّمتموه لآخرتكم(٥) .

و قال الشيرازي بالفارسية :

خزينة دارى ميراث خوارگان كفر است

بقول مطرب و ساقى بفتواى دف و نى(٦)

____________________

( ١ ) الكامل في الأدب للمبرد ١ : ٩٢ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٣٧١ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ٤ : ٢٦٤ ، حيث ذكر . و أعلم أنك لن تكتسب شيئا فوق قوتك إلاّ كنت خازنا فيه لغيرك .

( ٤ ) إرشاد المفيد : ١٢٥ ح ١ .

( ٥ ) ورد الحديث في بحار الأنوار ١٣ : ١٣٨ باسناد المجاشقي عن الصادق عن أبائهعليه‌السلام قال : قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله :

أيّكم مال وارثه أحب إليه من ماله ، قالوا : ما فينا أحد يحب ذلك با نبي اللَّه ، قال : بل كلّكم يحب ذلك ، ثم قال : يقول ابن آدم : مالي : مالي : و هل لك من مالك إلاّ ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدّقت فأمضيت و ما عدا ذلك فهو مال الوارث .

( ٦ ) ديوان حافظ الشيرازي : ٢٤٥ قطعة ( ٤٧٤ ) بالفارسية .

٤٦٢

٢٠ الحكمة ( ٢٢ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ حَسَبُهُ أقول : نسبه المصنف في ( مجازاته ) إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) ، و من العجب أنّه لم يومى‏ء ثمة و لا هنا إلى اختلاف رواية ، كما ان ابن أبي الحديد تفرّد بنقله في ( ٣٨٩ ) من الباب و زاد : و في رواية اخرى(٢) « من فاته حسب نفسه لم ينفعه حسب آبائه » و أمّا نقل ( المصرية ) له « نسبه » بدل « حسبه » فغلط(٣) .

ثم الظاهر في معناه ما قاله المصنف في ( مجازاته ) ، فإنّه قال في شرحه له : و هذه استعارة ، و المراد أنّ من تأخر بسوء عمله عن غايات الفضل و مواقف الفخر لم يتقدّم إليها بشرف نسبه و كريم حسبه ، فجعلصلى‌الله‌عليه‌وآله الإبطاء و الإسراع مكان التأخّر و التقدّم ، لأن المبطى‏ء متأخّر و المسرع متقدّم ، و أضافهما إلى العمل و النسب و هما في الحقيقة لصاحبهما لا لهما ، و لكنّ العمل و النسب لمّا كانا سبب الإبطاء و الإسراع ، حسن أن يضاف ذلك إليهما على طريق المجاز و الاتّساع(٤) .

لا ما قاله ابن أبي الحديد من أن كلامهعليه‌السلام ذاك حث على العبادة(٥) مثل قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « يا فاطمة بنت محمد إنّي لا اغني عنك من اللَّه شيئا ، يا عباس

____________________

( ١ ) الشريف الرضي ، المجازات النبوية : ٢٥٩ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٩ : ٣٣١ .

( ٣ ) انظر النسخة المصرية : ٦٦٢ رقم ( ٢٢ ) .

( ٤ ) الشريف الرضي ، المجازات النبوية : ٢٥٩ .

( ٥ ) راجع ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ١٨ : ١٣٤ .

٤٦٣

بن عبد المطلّب إنّي لا اغني عنك من اللَّه شيئا ، إنّ أكرمكم عند اللَّه أتقاكم . »(١) ، فإنّه عنه بعيد .

كان بحر ولد الأحنف و به كان الأحنف يكنى مضعوفا ، قيل له : ما يمنعك أن تجري في بعض أخلاق أبيك ؟ فقال : الكسل(٢) و كان لا يرى جارية إلاّ قال لها يا فاعلة ، فتقول لو كنت كما تقول ، أتيت أباك بمثلك(٣) .

و كما لا يوجب الحسب الشبع و الكسوة كذلك لا يوجب رفع الدرجة ، فمن ادّعى لنفسه درجة بحسبه كان كالوحيدي الذي يختال في مشيته في إزار في يوم قرّ ، فقيل له : من أنت يا مقرور ؟ قال :

« أنا ابن الوحيد أمشي الخيزلي ، و يدفئني حسبي و نسبي » .

٢١ الحكمة ( ٢٥ ) و قالعليه‌السلام :

مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ وَ صَفَحَاتِ وَجْهِهِ أقول : قد أكثروا من المعنى في الشعر ، قال ابن داود الاصبهاني :

لا خير في عاشق يبدي صبابته

بالقول و الشوق في زفراته بادي

يخفي هواه و ما يخفى على أحد

حتى على العيس و الركبان و الحادي

و قال ابن المعتزّ :

تفقّد مساقط لحظ المريب

فإنّ العيون وجوه القلوب

و طالع بوادره في الكلام

فإنّك تجني ثمار العيوب(٤)

____________________

( ١ ) أخرجه ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ٢ : ٣١ و ٢٥ و ابن سعد في طبقاته ٢ : ٤٦ و لم يذكره علماء الشيعة .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٥٩ ، كذلك أورده الجاحظ في البيان و التبيين ٢ : ٢٥٢ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٥٩ ، و كذلك أورده البهائي في الكشكول : ٣٧١ .

( ٤ ) نهاية الأرب في فنون الأدب ٣ : ٩٩ .

٤٦٤

و قال البحتري :

نمّت على ما في ضميري أدمعي

و تتابع الصعداء من أنفاسي(١)

و قال سويد :

تحدّثني العينان ما القلب كاتم

و ما جنّ بالبغضاء و النظر الشزر(٢)

أي لا خفاء و لا ستر بهما ، و قال آخر :

و مراقبين تكاتما بهواهما

جعلا القلوب لمّا تجنّ قبورا

يتلاحظان تلاحظا فكأنّما

يتناسخان من الجفون سطورا(٣)

أيضا :

إن كاتمونا القلى نمّت عيونهم

و العين تظهر ما في القلب أو تصف(٤)

أيضا :

إذا قلوب أظهرت غير ما

تضمره أنبتك عنها العيون(٥)

أبو العتاهية :

و للقلب على القلب دليل حين يلقاه

و للناس من الناس مقاييس و أشباه

يقاس المرء بالمرء إذا ما هو ما شاه

و في العين غنى أن تنطق أفواه(٦)

أعرابية :

____________________

( ١ ) ديوان البحتري ٢ : ٣٣٥ .

( ٢ ) الصداقة و الصديق للتوحيدي : ١٠٩ و ذكره شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٢٧ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣٩ .

( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ١٨١ .

( ٥ ) المصدر نفسه .

( ٦ ) إحياء علوم الدين للغزالي ٢ : ٢٤٨ .

٤٦٥

و مودّع يوم الفراق بلحظه

شرق من العبرات ما يتكلم(١)

أعرابي :

و ما خاطبتها مقلتاي بنظرة

فتفهم نجوانا العيون النواظر

و لكن جعلت الوهم بيني و بينها

رسولا فأدّى ما تجنّ الضمائر(٢)

زهير :

و ما يك في عدوّ أو صديق

تخبّرك العيون عن القلوب(٣)

دريد :

و ما تخفي الضغينة حيث كانت

و لا النظر الصحيح من السقيم(٤)

آخر :

كتمت الهوى حتى إذا نطقت به

بوادر من دمع تسيل على الخدّ

و شاع الذي أضمرت من غير منطق

كأنّ ضمير القلب يرشح من جلدي(٥)

آخر :

العين تبدي الذي في نفس صاحبها

من المحبّة أو بغض إذا كانا

و العين تنطق و الأفواه صامتة

حتى ترى من ضمير القلب تبيانا

آخر :

و عين الفتى تبدي الذي في ضميره

و تعرف بالنجوى الحديث المغمّما

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ٨٦ .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) البيت في ديوان زهير بن أبي سلمي : ١٦ ، بلفظ آخر :

متى تك في صديق أو عدو

تخبّرك الوجوه عن القلوب

( ٤ ) ديوان دريد بن الصمّة : ١٠٥ .

( ٥ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٢ : ٧٠٣ .

٤٦٦

و قالوا : « رب طرف أفصح من لسان »(١) و في المثل : « كاد المريب يقول خذوني »(٢) .

و في ( العقد ) عن بعضهم : إنّي لأعرف في العين إذا عرفت و إذا أنكرت ، و إذا لم تعرف و لم تنكر أمّا إذا عرفت فتخوص و إذا أنكرت فتجحظ و إذا لم تعرف و لم تنكر فتشجو(٣) .

و في ( موفقيات الزبير بن بكّار ) في خبر : قال المأمون للأصمعي :

هات بيتا أنظر في معناه ، فقال :

فلا غرو إلاّ جارتي و سؤالها

ألا هل لنا أهل سئلت كذلكا

فجعل يفكر فيه ، و همّ أن يقول فقال له الأصمعي : أعد نظرا فقال : و كيف علمت قلت : رأيت ناظريك يجولان و قد استقرتا كان أوضح لاصابتك .

فضحك حتى انثنى ثم قال فأصاب ، فقلت : أصبت و اللَّه و أحسنت(٤) .

و في ( الأغاني ) : أدرك النمر بن تولب العكلي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأسلم و حسن اسلامه و عمّر فطال عمره ، و كان جوادا واسع القرى كثير الأضياف وهّابا لماله ، فلمّا كبر خرف و اهتر فكان هجيراه « أصبحوا الرّاكب ، أغبقوا الراكب ، أقروا إنحروا للضيف ، أعطوا السائل ، تحمّلوا لهذا في حمالته كذا و كذا » لعادته بذلك في أيام استقامته ، فلم يزل مدّة خرفه يهذي بهذه حتى مات .

و خرفت امرأة من حيّ كرام عظيم خطرها فيهم ، فكان هجيرها « زوّجوني قولوا لزوجي يدخل ، مهّدوا لي إلى جانب زوجي » ، فبلغ خبرها عمر

____________________

( ١ ) فرائد الأدب من المنجد : ٩٩٨ .

( ٢ ) و هو من الأمثلة الجارية على الالسن لم نعثر له على مصدر .

( ٣ ) العقد الفريد لابن عبد ربّه ٢ : ٣٥٤ .

( ٤ ) الموفقيات للزبير بن بكّار : ٧٤ ٧٥ .

٤٦٧

فقال : ما لهج به أخو عكل في خرفه أجمل ممّا لهجت به صاحبتهم(١) .

هذا و في ( البيان ) دخل رجل على آخر يأكل اترجّة بعسل ، فأراد أن يقول السلام عليكم فقال عسليكم(٢) .

و دخلت جارية رومية على راشد البستي لتبلغه عن مولاتها ، فبصرت بحمار قد أدلى في الدار فقالت : قالت مولاتي كيف أير حماركم(٣) ؟

و من أمثالهم « لحظ أصدق من لفظ » يعني أثر الحب و البغض يظهر في العين فيفهم ان اللفظ الذي على خلافه كذب و مين(٤) .

٢٢ الحكمة ( ٢٦ ) و قالعليه‌السلام :

اِمْشِ بِدَائِكَ مَا مَشَى بِكَ أقول : روى ( الخصال ) عن الصادقعليه‌السلام قال : من ظهرت صحّته على سقمه فيعالج بشي‏ء فمات فأنا إلى اللَّه منه بري‏ء(٥) .

٢٣ الحكمة ( ٤٩ ) و قالعليه‌السلام :

اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ

____________________

( ١ ) الأغاني للأصفهاني ٢٢ : ٢٧٩ ٢٨٠ .

( ٢ ) البيان و التبيين للجاحظ ٢ : ١٧٨ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

( ٤ ) مجمع الأمثال للميداني ٢ : ٢١٠ .

( ٥ ) الخصال للصدوق ١ : ٢٦ ح ٩١ .

٤٦٨

أقول : نسبه الجاحظ(١) إلى أردشير و ابن قتيبة(٢) إلى كسرى ، فان فرض صحة قولهما فكسرى لم يعبر باللفظ بل بمعناه .

و كيف كان فهو نظير كلامهعليه‌السلام الآخر « الكريم يلين إذا استعطف و اللّئيم يقسو إذا الطف » .

« احذروا صولة الكريم إذا جاع » قال الصولي في ابن الزيّات :

أسد ضار إذا مانعته

و أب برّ إذا ما قدرا

يعرف الأبعد إن أثرى و لا

يعرف الأدنى إذا ما افتقرا(٣)

و قال البحتري :

اراقب صول الوغد حين يهزّه

اقتدار وصول الحرّ حين يضام(٤)

و قال قرواش بن مقلد الحجازي

للَّه در النائبات فإنّها

صدأ اللئام و صيقل الأحرار

ما كنت إلاّ زبرة فطبعنني

سيفا و أطلق صرفهن غراري(٥)

و كان يحيى البرمكي يقول : مطلك الغريم أحسم من مطلك الكريم ، لأن الغريم لا يسلف إلاّ من فضل و الكريم لا يطلب إلاّ من جهد(٦) .

« و اللّئيم إذا شبع » ليس المراد اختصاص ذمّه بحال شبعه ، فاللّئيم مذموم في جميع أحواله و في حال شبعه أسوأ ، قال مسكين الدارمي :

إنّما الفحش و من يعتاده

كغراب السّوء ما شاء نعق

____________________

( ١ ) البيان و التبيين للجاحظ ٣ : ١٦٩ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٣٨ .

( ٣ ) الأغاني ١٠ : ٦٥ ( في أخبار إبراهيم بن العباس ، و هو بلفظ : « أسد ضار إذا هيّجته » ) .

( ٤ ) ديوان البحتري ١ : ٤٣٢ ( دار الكتب العلمية ) .

( ٥ ) وفيات الأعيان لابن خلكان ٥ ، و قد مرّ ذكر التبيين في ص ٢٣٢ في الفصل ٦٠ .

( ٦ ) تاريخ الوزراء و الكتاب للجهشياري : ٢٠٠ .

٤٦٩

أو حمار السوء إن أشبعته

رمح الناس و إن شاء نهق

أو غلام السوء إن جوّعته

سرق الجار و إن يشبع فسق(١)

و قال بعضهم لعبد : أشتريك من مولاك ؟ قال : لا قال : و لم ؟ قال : لأنّي إن أشبعت أحببت نوما ، و ان جعت أبغضت قوما أي : قياما .

و في ( الأغاني ) : اتي عثمان بعبد بني الحسحاس(٢) ليشتريه فأعجب به فقالوا : انّه شاعر و أرادوا أن يرغّبوه فيه فقال : لا حاجة لي به ، العبد الشاعر إن شبع تشبّب بنساء أهله و إن جاع هجاهم(٣) .

هذا ، و في ( الأغاني ) آلى امرؤ القيس أن لا يتزوّج امرأة حتى يسألها عن ثمانية و أربعة و ثنتين ، فجعل يخطب النساء فإذا سألهن عن هذا قلن : أربعة عشر ، فبينا هو يسير في جوف الليل إذا هو برجل يحمل ابنة صغيرة كأنّها البدر ، فأعجبته فقال لها : يا جارية ما ثمانية و أربعة و ثنتان ؟ فقالت : أمّا ثمانية فأطباء الكلبة ، و أمّا أربعة فأخلاف الناقة ، و أمّا ثنتان فثديا المرأة فخطبها إلى أبيها فزوّجه إيّاها و شرطت هي عليه أن تسأله ليلة بنائها عن ثلاث خصال فجعل لها ذلك و على أن يسوق إليها مائة من الإبل و عشرة أعبد و عشر و صائف و ثلاثة أفراس ففعل ذلك .

ثم إنّه بعث عبدا له إلى المرأة و أهدى إليها نحيا من سمن و نحيا من عسل و حلّة من قصب ، فنزل العبد ببعض المياه فنشر الحلة و لبسها فتعلقت بشجرة فانشقّت ، و فتح النحيين فطعم أهل الماء منهما فنقصا ثم قدم على حيّ المرأة و هم خلوف ، فسألها عن أبيها و امها و أخيها و دفع إليها هديّتها ، فقالت

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١٣٢ .

( ٢ ) اسمه سحيم ، و كان عبدا أسود نوبيا أعجميا مطبوعا في الشعر ، فاشتراه بنو الحسحاس ، و هم بطن من بني أسد .

( ٣ ) الأغاني ٢٢ : ٣٠٦ .

٤٧٠

له : أعلم مولاك أنّ أبي ذهب يقرّب بعيدا و يبعد قريبا ، و أنّ امّي ذهبت تشقّ النفس نفسين ، و أنّ أخي يرعى الشمس ، و أن سماءكم انشقّت ، و أنّ وعاءيكم نضبا .

فقدم الغلام على مولاه فأخبره فقال : أمّا قولها : « ذهب أبي يقرّب بعيدا و يبعد قريبا » فإن أباها ذهب يحالف قوما على قومه ، و أمّا قولها : « ذهبت امّي تشق النفس نفسين » فإنّ امّها ذهبت تقبّل امرأة نفسا ، و أما قولها : « إنّ أخي يرعى الشمس » فإنّ أخاها في سرح له يرعاه فهو ينتظر وجوب الشمس ليروح به ، و أمّا قولها : « إن سماءكم انشقّت » فإن البرد الذي بعثت به انشقّ ، و أمّا قولها : « إنّ وعاءيكم نضبا » فإنّ النحيين اللّذين بعثت بهما نقصا فأصدقني فقال : نزلت بماء فسألوني عن نسبي فأخبرتهم أنّي ابن عمك و نشرت الحلة فانشقّت و فتحت النحيين و أطعمت منهما أهل الماء فقال : أولى لك .

ثم ساق مائة من الإبل و خرج نحوها و معه الغلام ، فنزلا منزلا فخرج الغلام يسقي الإبل فعجز فأعانه امرؤ القيس فرمى به الغلام في البئر و ذهب إلى المرأة بالإبل و أخبرهم أنّه زوجها ، فقالت : و اللَّه ما أدري أهو أم لا و لكن انحروا له جزورا و أطعموه من كرشها و ذنبها ، ففعلوا فقالت : اسقوه لبنا خازرا و هو الحامض فسقوه فشرب ، فقالت : افرشوا له عند الفرث و الدم ففرشوا له فنام ، فلمّا أصبحت أرسلت إليه إنّي اريد أن أسألك ، فقال : سلي عمّا شئت فقالت : ممّ تختلج شفتاك ؟ قال : لتقبيلي إيّاك قالت : فممّ تختلج كشحاك ؟

قال : لالتزامي إيّاك قالت : فممّ يختلج فخذاك ؟ قال : لتوريكي إيّاك قالت : عليكم العبد فشدوا أيديكم به ففعلوا .

قال : و مرّ قوم فاستخرجوا امرأ القيس من البئر ، فرجع إلى حيّه فاستاق

٤٧١

مائة من الابل و أقبل إلى امرأته ، فقيل لها قد جاء زوجك ، قالت ما أدري و لكن انحروا له جزورا و أطعموه من كرشها و ذنبها ، فلما أتوه بذلك قال : و أين الكبد و السّنام و الملحاء(١) فأبى أن يأكل ، فقالت : اسقوه لبنا خازرا فأبى أن يشربه و قال : فأين الصّريف(٢) و الرثيئة(٣) ، فقالت : افرشوا له عند الفرث و الدم فأبى أن ينام و قال : افرشوا لي فوق التلعة الحمراء و اضربوا عليها خباء ، ثم أرسلت إليه هلم شريطتي عليك في المسائل الثلاث ، فأرسل إليها أن سلي عمّا شئت ، فقالت : ممّ يختلج شفتاك ؟ قال : لشربي المشعشعات قالت : فكشحاك ؟ قال :

للبسي الحبرات قالت : ففخذاك ؟ قال : لركضي المطهّمات قالت : هذا زوجي لعمري فعليكم به و اقتلوا العبد(٤) .

٢٤ الحكمة ( ٥٨ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْمَالُ مَادَّةُ اَلشَّهَوَاتِ أقول : في ( عيون القتيبي ) كان يقال : عيب الغنى أنّه يورث البله ، و فضيلة الفقر أنّه يورث الفكرة(٥) .

و قال الحسن : عيّرت اليهود عيسىعليه‌السلام بالفقر فقال : من الغنى اوتيتم(٦) .

____________________

( ١ ) الملحاء : لحم في الصلب من الكاهل إلى العجز من البعير .

( ٢ ) الصريف : الحليب الحار ساعة يصرف عن الضرع .

( ٣ ) الرثيئة : اللبن الذي يصبح روبا .

( ٤ ) الأغاني للأصفهاني ٩ : ١٠١ ١٠٢ .

( ٥ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٤٦ .

( ٦ ) المصدر نفسه .

٤٧٢

و قيل : حسبك من شرف الفقر ، أنّك لا ترى أحدا يعصي اللَّه ليفتقر ، و العاصي لتحصيل الغنى كثير(١) و قال محمود الورّاق :

يا عائب الفقر ألا تزدجر

عيب الغنى أكثر لو تعتبر

من شرف الفقر و من فضله

على الغنى إن صحّ منك النظر

إنّك تعصي اللَّه تبغي الغنى

و لست تعصي اللَّه كي تفتقر(٢)

و في ( الخصال ) عن الصادقعليه‌السلام : يقول إبليس : ما أعياني من ابن آدم فلن يعيني منه واحدة من ثلاث : أخذ مال من غير حقّه ، أو منعه من حقه ، أو وضعه في غير وجهه(٣) .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام قال تعالى لموسىعليه‌السلام : إذا رأيت الفقر مقبلا فقل : مرحبا بشعار الصالحين ، و إذا رأيت الغنى مقبلا فقل : ذنب عجّلت عقوبته(٤) .

و عنهعليه‌السلام : جاء رجل موسر نقي الثوب إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فجلس إليه ، فجاء معسر درن الثوب فجلس إلى جنبه ، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أخفت أن يمسّك من فقره شي‏ء ؟ قال : لا قال : فخفت أن يصيبه من غناك شي‏ء ؟ قال : لا قال : فخفت أن توسخ ثيابك ؟ قال : لا قال : فما حملك على ما صنعت ؟ قال : إنّ لي قرينا يزيّن لي كلّ قبيح و يقبّح لي كلّ حسن ، و قد جعلت له نصف مالي فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للمعسر : أتقبل ؟ قال : لا فقال له الرجل :

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٠ ، و عيون الأخبار ١ : ٢٤٧ و نسبه الماوردي إلى عمر بن الخطاب ( أدب الدنيا و الدين ) : ٢١٥ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٤٩ ، و شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٠ ، التبيين الأوّل و الأخير .

( ٣ ) الخصال للصدوق ١ : ١٣٢ ح ١٤١ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٦٣ ح ١٢ .

٤٧٣

و لم ؟ قال : أخاف أن يدخلني ما دخلك(١) .

و قال تعالى : أَيَحسَبُونَ أنَّما نُمِدُّهم بهِ مِن مالٍ و بنين نُسارِعُ لَهُم في الخيراتِ بل لا يشعُرون(٢) فلا تُعجبك أَموالُهُم و لا أَولادهم إِنَّما يريدُ اللَّه ليُعذبهُم بها في الحَياة الدُنيا و تَزهَق أَنفُسُهم و هُم كافرون(٣) و ما أَموالُكم و لا أَولادُكم بالَّتي تُقرّبُكم عندنا زُلفى إِلاَّ من آمن و عَمِلَ صالحاً فأُولئكَ لَهُم جَزاءُ الضِعفِ بما عملوا و هُم في الغُرفاتِ آمنُونَ(٤) .

٢٥ الحكمة ( ٤٠٦ ) و قالعليه‌السلام :

مَا أَحْسَنَ تَوَاضُعَ اَلْأَغْنِيَاءِ لِلْفُقَرَاءِ طَلَباً لِمَا عِنْدَ اَللَّهِ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ تِيهُ اَلْفُقَرَاءِ عَلَى اَلْأَغْنِيَاءِ اِتِّكَالاً عَلَى اَللَّهِ أقول : إنّما روى المسعودي و الخطيب و ابن طاووس أنّهعليه‌السلام قال هذا الكلام في المنام ، قال الأول في ( مروجه ) بعد نقل خبر قال سمعته من إبراهيم بن جابر القاضي قبل ولايته القضاء و هو يومئذ ببغداد يعالج الفقر و يتلقّاه من خالقه بالرضا ناصرا للفقر على الغنى فما مضت أيام حتى لقيته بحلب في سنة تسع و ثلاثمائة و إذا هو بالضدّ عمّا عهدته ، متولّيا القضاء ، ناصرا للغنى على الفقر ، فقلت له : أيها القاضي تلك الحكاية التي كنت تحكيها عن الوالي بالريّ و أنّه قال لك : إعترضتني الخواطر بين منازل الفقراء و الأغنياء فرأيت في النوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال لي : يا

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٦٢ ح ١١ .

( ٢ ) المؤمنون : ٥٥ ٥٦ .

( ٣ ) التوبة : ٥٥ .

( ٤ ) سبأ : ٣٧ .

٤٧٤

فلان ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء شكرا للَّه تعالى ، و أحسن منه تعزّز الفقراء على الأغنياء ثقة باللَّه تعالى إلى أن قال و ركب بعد ذلك الهماليج من الخيل و قطع لزوجته أربعين ثوبا تستريا على مقراض واحد(١) .

و قال الثاني في ( تاريخه ) في عبد اللَّه بن بشران قال أبو الحسين القاضي : سمعت الفتح بن شخرف يقول : رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في النوم فقلت له : أوصني فقال : ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء ، و أحسن من ذلك تيه الفقراء على الأغنياء فقلت له : زدني ، فأومى إليّ بكفّه فإذا فيه مكتوب :

قد كنت ميتا فصرت حيّا

و عن قليل تصير(٢) ميتا

أعيى بدار الفناء بيت

فابن بدار البقاء بيتا(٣)

و نقله في الفتح نفسه أيضا ، و في تشريف علي بن طاووس الذي جمع فيه ثلاث فتن من العامة و ينقل فيه من كتب أخرى .

و من ( المجموع ) الذي لمحمد بن الحسين المرزبان ذكر يسير بن الحرث أنّه رأى أمير المؤمنين في المنام فقال : تقول شيئا لعل اللَّه ينفعني به فقال : ما أحسن عطف الأغنياء على الفقراء ، و أحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء ثقة باللَّه فقلت : زدني ، فولّى و هو يقول :

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٤ : ٢٦٤ .

( ٢ ) و في نسخة التحقيق ( تعود ) بدلا من ( تصير ) .

( ٣ ) ذكر الخطيب البغدادي في تاريخه هكذا : بينما أنا نائم إذا أنا بشخصين ، فقلت للذي يقرب منّي : من أنت يا هذا ؟

فقال : لي من ولد آدم ، قلت : كلّنا من ولد آدم ، قلت : له : أنت قريب منه و لا تسأله ، قال : أخشى أن يقول النّاس إنّي رافضي ، فتنحّى من مكانه ، و قعدت فيه ، فقلت : يا أمير المؤمنين كلمة خير شي‏ء فقال لي : نعم صدقة المؤمن بلا تكلّف و لا ملل ، قال قلت : زدني يا أمير المؤمنين ، قال : تواضع الغني للفقير رجاء ثواب اللَّه ، قلت : زدني يا أمير المؤمنين ، قال و أحسن من ذلك ترفع الفقير على الغني ثقة باللَّه ، قلت زدني يا أمير المؤمنين ، قال فبسط كفه ، فإذا فيها مكتوب ( و ذكر التبيين ) راجع تاريخ بغداد ٩ : ٤٢٦ .

٤٧٥

قد كنت ميتا فصرت حيا

و عن قليل تصير ميتا

عزّ بدار الفناء بيت

فأبن بدار البقاء بيتا(١)

« ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لمّا عند اللَّه » في ( الكافي ) عن إسحاق بن عمّار قال لي أبو عبد اللَّهعليه‌السلام : كيف تصنع بزكاة مالك إذا حضرت ؟

فقلت : يأتوني إلى المنزل فاعطيهم فقال : أراك يا إسحاق قد أذللت المؤمنين ، فإيّاك إيّاك إنّ اللَّه تعالى يقول : من أذلّ لي وليّا فقد أرصد لي بالمحاربة(٢) .

و في ( تاريخ بغداد ) : كان عمارة بن حمزة أتيه النّاس حتى ضرب به المثل فقيل : « أتيه من عمارة » ، و استأذن عليه قوم ليشفعوا إليه في برّقوم أصابتهم حاجة و كان قام عن مجلسه فأخبره حاجبه بحاجتهم فأمر لهم بمائة ألف درهم ، فاجتمعوا إليه ليدخلوا عليه للشكر له فقال لحاجبه : إقرأهم سلامي و قل لهم إنّي رفعت عنكم ذل المسألة فلا أحمّلكم مؤونة الشكر(٣) .

« و أحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالا على اللَّه » في ( حلية أبي نعيم ) :

جاء ابن لسليمان بن عبد الملك فجلس إلى جنب طاووس اليماني ، فلم يلتفت إليه فقيل له : جلس إليك ابن الخليفة فلم تلتفت إليه ، فقال : أردت أن يعلم أنّ للَّه تعالى عبادا يزهدون في ما في يديه و قال عمر بن عبد العزيز له : إرفع حاجتك إلى الخليفة يعني سليمان فقال : مالي إليه حاجة(٤) .

و في ( تاريخ بغداد ) : قال عيسى بن يونس : ما رأيت الأغنياء و السلاطين

____________________

( ١ ) الملاحم و الفتن لابن طاووس : ١٥٢ .

( ٢ ) لم نعثر عليه في الكافي انما وجدناه في بحار الأنوار ٩٦ : ٧٧ رواية ٢ نقلا عن أمالي الطوسي ١ : ١٩٨ و مجالس المفيد : ١١٣ .

( ٣ ) تاريخ بغداد ١٢ : ٢٨٠ .

( ٤ ) حلية الأولياء ٤ : ١٦ ، و هو طاووس بن كيسان أبو عبد الرحمن من أهل اليمن أدرك خمسين رجلا من الصحابة و علمائهم و أعلامهم ، و أكثر روايته عن ابن عباس .

٤٧٦

عند أحد أحقر منهم عند الأعمش مع فقره و حاجته(١) .

و في ( المعجم ) : وجّه سليمان بن علي والي الأهواز إلى الخليل لتأديب ولده ، فأخرج لرسوله خبزا يابسا و قال : ما دمت أجده فلا حاجة لي إلى سليمان(٢) .

و في ( العيون ) : قال معاوية لحضين بن المنذر و كان يدخل عليه في أخريات الناس يا أبا ساسان كأنّه لا يحسن اذنك ، فأنشأ يقول :

كلّ خفيف الشأن يسعى مشمّرا

إذا فتح البوّاب بابك إصبعا

و نحن الجلوس الماكثون رزانة

و حلما إلى أن يفتح الباب أجمعا(٣)

٢٦ الحكمة ( ٣٠٧ ) و قالعليه‌السلام :

يَنَامُ اَلرَّجُلُ عَلَى اَلثُّكْلِ وَ لاَ يَنَامُ عَلَى اَلْحَرَبِ قال الرضي : و معنى ذلك أنه يصبر على قتل الأولاد و لا يصبر على سلب الأموال .

أقول : في ( كامل المبرد ) ان رجلا من قريش بعث إلى رجل منهم و كان أخذ غلاما له يا هذا إنّ الرجل ينام على الثكل و لا ينام على الحرب ، فإمّا رددته و إمّا عرضت اسمك على اللَّه كلّ يوم و ليلة خمس مرّات(٤) .

و في ( نسب قريش ابن بكار ) : كان عبد اللَّه بن عروة بن الزبير دخل على هشام عام حج بالمدينة ، فقال : إنّك أطعمت إبراهيم بن هشام ما بين منابت

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد ٩ : ٨ في ترجمة سليمان الأعمش .

( ٢ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ١١ : ٧٥ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٨٨ .

( ٤ ) الكامل في الأدب للمبرد ١ ( طبع القاهرة ) : ٧٤ .

٤٧٧

الزيتون من الشام إلى منابت القرظ(١) من اليمن فلم يغنه كثيرا ما بيده عن قليل ما بأيدينا ، و إنّا و اللَّه ما طبنا أنفسا بفراق الأحبة إلاّ بما ترك بأيدينا من معايشنا ، و لو لا ذلك لاخترنا بطن الأرض على ظهرها ، و قد أعطيتمونا من الأمان ما قد علمتم ، فإمّا وفيتم لنا بعهدنا أو رددتم إلينا سيوفنا فأعجب قوله هشاما(٢) .

و في ( الاستيعاب ) أخذ أبو سفيان سعد بن النعمان الأنصاري أسيرا ففدا به ابنه عمرا و كان أسر يوم بدر فقيل له : ألا تفتديه ؟ فقال : قتل حنظلة و أفتدي عمرا بمالي فأصاب بمالي و ولدي لا أفعل و لكني أنتظر حتى أصيب منهم رجلا فأفديه به ، فأصاب سعدا هذا(٣) ، و قال ابن أبي الحديد قال الشاعر :

لنا إبل غرّ يضيق فضاؤها

و يغبرّ عنها أرضها و سماؤها

فمن دونها أن تستباح دماؤنا

و من دوننا أن تستباح دماؤها

حمى و قرى فالموت دون مرامها

و أيسر أمر يوم حق فناؤها(٤)

قلت : و ربطه بما نحن فيه كما ترى .

٢٧ الحكمة ( ٣١٥ ) وَ قَالَ ع لِكَاتِبِهِ ؟

 عُبَيْدِ اَللَّهِ بْنِ رَافِعٍ ؟ : أَلِقْ دَوَاتَكَ وَ أَطِلْ جِلْفَةَ قَلَمِكَ وَ فَرِّجْ بَيْنَ اَلسُّطُورِ وَ قَرْمِطْ بَيْنَ اَلْحُرُوفِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْدَرُ بِصَبَاحَةِ اَلْخَطِّ أقول : روى ( الخصال ) عنهعليه‌السلام : كتب إلى عماله : أدقّوا أقلامكم و قاربوا

____________________

( ١ ) في الأصل « القرط » بدلا من ( القرظ ) .

( ٢ ) نسب قريش لابن بكار : ٢٤٦ بتصرف في النقل .

( ٣ ) الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ٢ : ٦٠٦ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢١٣ .

٤٧٨

بين سطوركم و أحذفوا من فضولكم و اقصدوا قصد المعاني و إيّاكم و الإكثار فإنّ أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار(١) .

قول المصنف « لكاتبه عبيد اللَّه بن رافع » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٢) و الصواب : ( عبيد اللَّه بن أبي رافع ) كما في ابن أبي الحديد(٣) ، و عنون ( الخطيب ) عبيد اللَّه بن أبي رافع و وثقه و روى عنه حديث ذي الثديّة(٤) .

و قال المبرد في ( كامله ) : كان لأبي رافع بنون أشراف منهم عبيد اللَّه بن أبي رافع و حديثه أثبت الحديث عن عليعليه‌السلام (٥) .

و قال الشيخ في ( فهرسته ) : له كتاب قضايا أمير المؤمنين و كتاب تسمية من شهد الجمل و صفّين و النهر من الصحابة(٦) .

و كتبوا في كتّابه غير عبيد اللَّه ، عبد اللَّه بن جعفر الطيار و سعيد بن عمران الهمداني .

و في ( المعجم ) : كان محمد بن علي بن مقلة أوحد الدنيا في كتبه قلم الرقاع و التوقيعات ، و كان أخوه أبو عبد اللَّه بن مقلة أكتب منه في قلم الدفاتر و النسخ(٧) .

و في ( كامل الجزري ) : الحسين بن علي بن خازن أبو الفوارس صاحب

____________________

( ١ ) الخصال للصدوق ١ : ٣١٠ ح ٨٥ .

( ٢ ) راجع الطبعة المصرية لشرح محمّد عبده ٧٤١ رقم ( ٣١٧ ) .

( ٣ ) راجع شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٢٣ .

( ٤ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١٠ : ٣٠٥ و عبيد اللَّه ابن أبي رافع هو فولى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و اسم أبي رافع أسلم ، سمع أباه و علي بن أبي طالب ، و أبا هريره ، و كان كاتب علي بن أبي طالب ، و حضر معه وقعة الخوارج و النهروان ( تاريخ بغداد ١ : ٣٠٤ ) .

( ٥ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٢ : ٢٩٥ .

( ٦ ) فهرست الشيخ : ١٠٧ .

( ٧ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ٩ : ٢٩ في ترجمة محمد بن علي بن مقلة .

٤٧٩

الخط الجيّد مات سنة ( ٤٩٩ ) قيل كتب خمسمائة ختمة(١) .

و قالوا : كان الأحدب المزور يكتب خط كلّ أحد فلا يشك المكتوب عنه أنّه خطه مات سنة ( ٣٧٠ )(٢) .

« ألق دواتك » قال ابن أبي الحديد : الاق لغة قليلة بها جاء كلامهعليه‌السلام و « لاق » هي الكثيرة .

قلت : بل ألاق أيضا كثيرة مثل لاق ، قال ابن دريد في ( جمهرته ) ( باب ما اتفق عليه أبو زيد و أبو عبيدة ممّا تكلمت به العرب من فعلت و أفعلت ) إلى أن قال : و لقت الدواة و القتها و نقل في بعض أمثلته خلاف الأصمعي في « فعل » أو « أفعل » و لم يذكر هنا شيئا فيعلم أنّه غير خلافي ، و قرّره حتى الأصمعي الذي يستشكل في كثير ممّا نقل عن العرب بعدم الثبوت(٣) ، و مثله الفيروز آبادي في قاموسه ذكر « لاق » و « الاق » بدون تفاضل(٤) ، إلاّ أنّ ابن أبي الحديد قلّد فيما قال الجوهري ، فإنه قال : لاقت الدواة تليق أي لصقت ، و لقتها أنا يتعدّى و لا يتعدّى ، و ألقتها لغة قليلة(٥) و هو خطأ منه لمّا عرفت .

بل المفهوم من ( الصولي ) كون ( لاق ) لغة قليلة بل غير محقّقة ، فقال في ( أدب كاتبه ) : ألقت الدواة إذا أردت كرسفها حتى تسود إلى أن قال

____________________

( ١ ) الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزري ١٠ : ٤١٥ س ٤٩٩ بتصرف .

( ٢ ) ذكر ابن الأثير فيمن توفى سنة ( ٣٧٠ ) و فيها توفى علي بن محمّد الأحدب المزور ، و كان يكتب على خط كل واحد فلا يشك المكتوب عنه انه خطه ، و كان عضد الدولة إذا أراد الايقاع بين الملوك امره ان يكتب على خط بعضهم إليه في الموافقة على من يريد فساد الحال بينه ، تم يتوصل ليصل المكتوب إليه ، فيفسد الحال ، و كان هذا الأحدب ربّما ختمت يده لهذا السبب ( الكامل في التاريخ ٩ : ٨ ) .

( ٣ ) جمهرة اللغة لابن دريد ٣ : ٤٣٦ مادة ( لاق ) .

( ٤ ) القاموس المحيط للفيروز آبادي ٣ : ٢٨١ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٢٣ ، و الصحاح ٤ : ١٥٥٢ مادة ( ليق ) .

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639