بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة6%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 249727 / تحميل: 8786
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

و أجملوا في الطلب و لا يحملنّكم استبطاء شي‏ء من الرزق أن تطلبوه بمعصية اللَّه ، فإنّه لا ينال ما عند اللَّه إلاّ بطاعته(١) .

« قال الرضي » هكذا في ( الطبعة المصرية ) و ليست جملة « قال الرضي » من كلام المصنف بل من الشرّاح ، بدليل خلوّ الخطية عنها رأسا و قول ( ابن ميثم ) « قال السيد » و قول ابن أبي الحديد : « قال »(٢) .

« و قد مضى هذا الكلام » أشار إلى قوله في الحكمة ٢٦٧ الذي نقلناه أولا(٣) و قد ذكره بعد أيضا في الباب مع اختلاف في ( ٤٣١ ) هكذا « الرزق رزقان طالب و مطلوب ، فمن طلب الدنيا طلبه الموت حتى يخرجه عنها ، و من طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي رزقه منها » كما مر في فصل الدّنيا .

و قد رأيت رواية المبرد و غيره له بطريق آخر ، و يأتي في الآتي رواية المفيد له أيضا .

ثمّ في ابن أبي الحديد و الخطية في آخر كلام المصنف « في أول هذا الكتاب »(٤) .

١٩ الحكمة ( ١٩٢ ) و قالعليه‌السلام :

يَا اِبْنَ آدَمَ مَا كَسَبْتَ فِيهِ فَوْقَ قُوتِكَ فَأَنْتَ خَازِنٌ فِيهِ لِغَيْرِكَ

____________________

( ١ ) الفروع من الكافي للكليني ٥ : ٣٣٢ ح ٤ عن جابر رضوان اللَّه عليه .

( ٢ ) ورد لفظ ( قال الرضي ) في شرح شرح ابن ميثم ( النسخة المنقحة ) ٥ : ٤٣٢ .

( ٣ ) انظر الصفحة رقم : ٢٤٥ .

( ٤ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٤٣٢ ، و شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٣١٩ ، أمّا النسخة الخطية فقد سقط النصّ منها ( نسخة المرعشي ) .

٤٦١

أقول : قد عرفت في سابقه أن المبرد(١) و ابن قتيبة(٢) و المسعودي(٣) رووه ذيل الكلام الأول منه ، و كذا رواه المفيد في إرشاده مع زيادات ، فقد قالعليه‌السلام يا ابن آدم لا يكن أكبر همّك يومك الّذي إن فاتك لم يكن من أجلك ، فإنّ همّك يوم فإنّ كلّ يوم تحضره يأتي اللَّه فيه برزقك ، و اعلم أنّك لن تكتسب شيئا فوق قوتك إلاّ كنت فيه خازنا لغيرك يكثر فيها الدنيا نصبك و تحظي به وارثك و يطول معه يوم القيامة حسابك ، فاسعد بمالك في حياتك ، و قدّم ليوم معادك زادا يكون اماما ، فإنّ السفر بعيد و الموعد القيامة و المورد الجنة أو النار(٤) .

في الخبر ما معناه : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأصحابه : أيّكم يكون مال الناس أحبّ إليه من مال نفسه قالوا : ليس فينا من يكون كذلك قال : بل كلكم كذلك ، فكل مال لا تقدموه و لم تصرفوه في مصارفكم يكون مال وراثكم و إنّما مالكم ما قدّمتموه لآخرتكم(٥) .

و قال الشيرازي بالفارسية :

خزينة دارى ميراث خوارگان كفر است

بقول مطرب و ساقى بفتواى دف و نى(٦)

____________________

( ١ ) الكامل في الأدب للمبرد ١ : ٩٢ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٣٧١ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ٤ : ٢٦٤ ، حيث ذكر . و أعلم أنك لن تكتسب شيئا فوق قوتك إلاّ كنت خازنا فيه لغيرك .

( ٤ ) إرشاد المفيد : ١٢٥ ح ١ .

( ٥ ) ورد الحديث في بحار الأنوار ١٣ : ١٣٨ باسناد المجاشقي عن الصادق عن أبائهعليه‌السلام قال : قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله :

أيّكم مال وارثه أحب إليه من ماله ، قالوا : ما فينا أحد يحب ذلك با نبي اللَّه ، قال : بل كلّكم يحب ذلك ، ثم قال : يقول ابن آدم : مالي : مالي : و هل لك من مالك إلاّ ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدّقت فأمضيت و ما عدا ذلك فهو مال الوارث .

( ٦ ) ديوان حافظ الشيرازي : ٢٤٥ قطعة ( ٤٧٤ ) بالفارسية .

٤٦٢

٢٠ الحكمة ( ٢٢ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ حَسَبُهُ أقول : نسبه المصنف في ( مجازاته ) إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) ، و من العجب أنّه لم يومى‏ء ثمة و لا هنا إلى اختلاف رواية ، كما ان ابن أبي الحديد تفرّد بنقله في ( ٣٨٩ ) من الباب و زاد : و في رواية اخرى(٢) « من فاته حسب نفسه لم ينفعه حسب آبائه » و أمّا نقل ( المصرية ) له « نسبه » بدل « حسبه » فغلط(٣) .

ثم الظاهر في معناه ما قاله المصنف في ( مجازاته ) ، فإنّه قال في شرحه له : و هذه استعارة ، و المراد أنّ من تأخر بسوء عمله عن غايات الفضل و مواقف الفخر لم يتقدّم إليها بشرف نسبه و كريم حسبه ، فجعلصلى‌الله‌عليه‌وآله الإبطاء و الإسراع مكان التأخّر و التقدّم ، لأن المبطى‏ء متأخّر و المسرع متقدّم ، و أضافهما إلى العمل و النسب و هما في الحقيقة لصاحبهما لا لهما ، و لكنّ العمل و النسب لمّا كانا سبب الإبطاء و الإسراع ، حسن أن يضاف ذلك إليهما على طريق المجاز و الاتّساع(٤) .

لا ما قاله ابن أبي الحديد من أن كلامهعليه‌السلام ذاك حث على العبادة(٥) مثل قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « يا فاطمة بنت محمد إنّي لا اغني عنك من اللَّه شيئا ، يا عباس

____________________

( ١ ) الشريف الرضي ، المجازات النبوية : ٢٥٩ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٩ : ٣٣١ .

( ٣ ) انظر النسخة المصرية : ٦٦٢ رقم ( ٢٢ ) .

( ٤ ) الشريف الرضي ، المجازات النبوية : ٢٥٩ .

( ٥ ) راجع ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ١٨ : ١٣٤ .

٤٦٣

بن عبد المطلّب إنّي لا اغني عنك من اللَّه شيئا ، إنّ أكرمكم عند اللَّه أتقاكم . »(١) ، فإنّه عنه بعيد .

كان بحر ولد الأحنف و به كان الأحنف يكنى مضعوفا ، قيل له : ما يمنعك أن تجري في بعض أخلاق أبيك ؟ فقال : الكسل(٢) و كان لا يرى جارية إلاّ قال لها يا فاعلة ، فتقول لو كنت كما تقول ، أتيت أباك بمثلك(٣) .

و كما لا يوجب الحسب الشبع و الكسوة كذلك لا يوجب رفع الدرجة ، فمن ادّعى لنفسه درجة بحسبه كان كالوحيدي الذي يختال في مشيته في إزار في يوم قرّ ، فقيل له : من أنت يا مقرور ؟ قال :

« أنا ابن الوحيد أمشي الخيزلي ، و يدفئني حسبي و نسبي » .

٢١ الحكمة ( ٢٥ ) و قالعليه‌السلام :

مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ وَ صَفَحَاتِ وَجْهِهِ أقول : قد أكثروا من المعنى في الشعر ، قال ابن داود الاصبهاني :

لا خير في عاشق يبدي صبابته

بالقول و الشوق في زفراته بادي

يخفي هواه و ما يخفى على أحد

حتى على العيس و الركبان و الحادي

و قال ابن المعتزّ :

تفقّد مساقط لحظ المريب

فإنّ العيون وجوه القلوب

و طالع بوادره في الكلام

فإنّك تجني ثمار العيوب(٤)

____________________

( ١ ) أخرجه ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ٢ : ٣١ و ٢٥ و ابن سعد في طبقاته ٢ : ٤٦ و لم يذكره علماء الشيعة .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٥٩ ، كذلك أورده الجاحظ في البيان و التبيين ٢ : ٢٥٢ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٥٩ ، و كذلك أورده البهائي في الكشكول : ٣٧١ .

( ٤ ) نهاية الأرب في فنون الأدب ٣ : ٩٩ .

٤٦٤

و قال البحتري :

نمّت على ما في ضميري أدمعي

و تتابع الصعداء من أنفاسي(١)

و قال سويد :

تحدّثني العينان ما القلب كاتم

و ما جنّ بالبغضاء و النظر الشزر(٢)

أي لا خفاء و لا ستر بهما ، و قال آخر :

و مراقبين تكاتما بهواهما

جعلا القلوب لمّا تجنّ قبورا

يتلاحظان تلاحظا فكأنّما

يتناسخان من الجفون سطورا(٣)

أيضا :

إن كاتمونا القلى نمّت عيونهم

و العين تظهر ما في القلب أو تصف(٤)

أيضا :

إذا قلوب أظهرت غير ما

تضمره أنبتك عنها العيون(٥)

أبو العتاهية :

و للقلب على القلب دليل حين يلقاه

و للناس من الناس مقاييس و أشباه

يقاس المرء بالمرء إذا ما هو ما شاه

و في العين غنى أن تنطق أفواه(٦)

أعرابية :

____________________

( ١ ) ديوان البحتري ٢ : ٣٣٥ .

( ٢ ) الصداقة و الصديق للتوحيدي : ١٠٩ و ذكره شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٢٧ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣٩ .

( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ١٨١ .

( ٥ ) المصدر نفسه .

( ٦ ) إحياء علوم الدين للغزالي ٢ : ٢٤٨ .

٤٦٥

و مودّع يوم الفراق بلحظه

شرق من العبرات ما يتكلم(١)

أعرابي :

و ما خاطبتها مقلتاي بنظرة

فتفهم نجوانا العيون النواظر

و لكن جعلت الوهم بيني و بينها

رسولا فأدّى ما تجنّ الضمائر(٢)

زهير :

و ما يك في عدوّ أو صديق

تخبّرك العيون عن القلوب(٣)

دريد :

و ما تخفي الضغينة حيث كانت

و لا النظر الصحيح من السقيم(٤)

آخر :

كتمت الهوى حتى إذا نطقت به

بوادر من دمع تسيل على الخدّ

و شاع الذي أضمرت من غير منطق

كأنّ ضمير القلب يرشح من جلدي(٥)

آخر :

العين تبدي الذي في نفس صاحبها

من المحبّة أو بغض إذا كانا

و العين تنطق و الأفواه صامتة

حتى ترى من ضمير القلب تبيانا

آخر :

و عين الفتى تبدي الذي في ضميره

و تعرف بالنجوى الحديث المغمّما

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ٨٦ .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) البيت في ديوان زهير بن أبي سلمي : ١٦ ، بلفظ آخر :

متى تك في صديق أو عدو

تخبّرك الوجوه عن القلوب

( ٤ ) ديوان دريد بن الصمّة : ١٠٥ .

( ٥ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٢ : ٧٠٣ .

٤٦٦

و قالوا : « رب طرف أفصح من لسان »(١) و في المثل : « كاد المريب يقول خذوني »(٢) .

و في ( العقد ) عن بعضهم : إنّي لأعرف في العين إذا عرفت و إذا أنكرت ، و إذا لم تعرف و لم تنكر أمّا إذا عرفت فتخوص و إذا أنكرت فتجحظ و إذا لم تعرف و لم تنكر فتشجو(٣) .

و في ( موفقيات الزبير بن بكّار ) في خبر : قال المأمون للأصمعي :

هات بيتا أنظر في معناه ، فقال :

فلا غرو إلاّ جارتي و سؤالها

ألا هل لنا أهل سئلت كذلكا

فجعل يفكر فيه ، و همّ أن يقول فقال له الأصمعي : أعد نظرا فقال : و كيف علمت قلت : رأيت ناظريك يجولان و قد استقرتا كان أوضح لاصابتك .

فضحك حتى انثنى ثم قال فأصاب ، فقلت : أصبت و اللَّه و أحسنت(٤) .

و في ( الأغاني ) : أدرك النمر بن تولب العكلي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأسلم و حسن اسلامه و عمّر فطال عمره ، و كان جوادا واسع القرى كثير الأضياف وهّابا لماله ، فلمّا كبر خرف و اهتر فكان هجيراه « أصبحوا الرّاكب ، أغبقوا الراكب ، أقروا إنحروا للضيف ، أعطوا السائل ، تحمّلوا لهذا في حمالته كذا و كذا » لعادته بذلك في أيام استقامته ، فلم يزل مدّة خرفه يهذي بهذه حتى مات .

و خرفت امرأة من حيّ كرام عظيم خطرها فيهم ، فكان هجيرها « زوّجوني قولوا لزوجي يدخل ، مهّدوا لي إلى جانب زوجي » ، فبلغ خبرها عمر

____________________

( ١ ) فرائد الأدب من المنجد : ٩٩٨ .

( ٢ ) و هو من الأمثلة الجارية على الالسن لم نعثر له على مصدر .

( ٣ ) العقد الفريد لابن عبد ربّه ٢ : ٣٥٤ .

( ٤ ) الموفقيات للزبير بن بكّار : ٧٤ ٧٥ .

٤٦٧

فقال : ما لهج به أخو عكل في خرفه أجمل ممّا لهجت به صاحبتهم(١) .

هذا و في ( البيان ) دخل رجل على آخر يأكل اترجّة بعسل ، فأراد أن يقول السلام عليكم فقال عسليكم(٢) .

و دخلت جارية رومية على راشد البستي لتبلغه عن مولاتها ، فبصرت بحمار قد أدلى في الدار فقالت : قالت مولاتي كيف أير حماركم(٣) ؟

و من أمثالهم « لحظ أصدق من لفظ » يعني أثر الحب و البغض يظهر في العين فيفهم ان اللفظ الذي على خلافه كذب و مين(٤) .

٢٢ الحكمة ( ٢٦ ) و قالعليه‌السلام :

اِمْشِ بِدَائِكَ مَا مَشَى بِكَ أقول : روى ( الخصال ) عن الصادقعليه‌السلام قال : من ظهرت صحّته على سقمه فيعالج بشي‏ء فمات فأنا إلى اللَّه منه بري‏ء(٥) .

٢٣ الحكمة ( ٤٩ ) و قالعليه‌السلام :

اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ

____________________

( ١ ) الأغاني للأصفهاني ٢٢ : ٢٧٩ ٢٨٠ .

( ٢ ) البيان و التبيين للجاحظ ٢ : ١٧٨ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

( ٤ ) مجمع الأمثال للميداني ٢ : ٢١٠ .

( ٥ ) الخصال للصدوق ١ : ٢٦ ح ٩١ .

٤٦٨

أقول : نسبه الجاحظ(١) إلى أردشير و ابن قتيبة(٢) إلى كسرى ، فان فرض صحة قولهما فكسرى لم يعبر باللفظ بل بمعناه .

و كيف كان فهو نظير كلامهعليه‌السلام الآخر « الكريم يلين إذا استعطف و اللّئيم يقسو إذا الطف » .

« احذروا صولة الكريم إذا جاع » قال الصولي في ابن الزيّات :

أسد ضار إذا مانعته

و أب برّ إذا ما قدرا

يعرف الأبعد إن أثرى و لا

يعرف الأدنى إذا ما افتقرا(٣)

و قال البحتري :

اراقب صول الوغد حين يهزّه

اقتدار وصول الحرّ حين يضام(٤)

و قال قرواش بن مقلد الحجازي

للَّه در النائبات فإنّها

صدأ اللئام و صيقل الأحرار

ما كنت إلاّ زبرة فطبعنني

سيفا و أطلق صرفهن غراري(٥)

و كان يحيى البرمكي يقول : مطلك الغريم أحسم من مطلك الكريم ، لأن الغريم لا يسلف إلاّ من فضل و الكريم لا يطلب إلاّ من جهد(٦) .

« و اللّئيم إذا شبع » ليس المراد اختصاص ذمّه بحال شبعه ، فاللّئيم مذموم في جميع أحواله و في حال شبعه أسوأ ، قال مسكين الدارمي :

إنّما الفحش و من يعتاده

كغراب السّوء ما شاء نعق

____________________

( ١ ) البيان و التبيين للجاحظ ٣ : ١٦٩ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٣٨ .

( ٣ ) الأغاني ١٠ : ٦٥ ( في أخبار إبراهيم بن العباس ، و هو بلفظ : « أسد ضار إذا هيّجته » ) .

( ٤ ) ديوان البحتري ١ : ٤٣٢ ( دار الكتب العلمية ) .

( ٥ ) وفيات الأعيان لابن خلكان ٥ ، و قد مرّ ذكر التبيين في ص ٢٣٢ في الفصل ٦٠ .

( ٦ ) تاريخ الوزراء و الكتاب للجهشياري : ٢٠٠ .

٤٦٩

أو حمار السوء إن أشبعته

رمح الناس و إن شاء نهق

أو غلام السوء إن جوّعته

سرق الجار و إن يشبع فسق(١)

و قال بعضهم لعبد : أشتريك من مولاك ؟ قال : لا قال : و لم ؟ قال : لأنّي إن أشبعت أحببت نوما ، و ان جعت أبغضت قوما أي : قياما .

و في ( الأغاني ) : اتي عثمان بعبد بني الحسحاس(٢) ليشتريه فأعجب به فقالوا : انّه شاعر و أرادوا أن يرغّبوه فيه فقال : لا حاجة لي به ، العبد الشاعر إن شبع تشبّب بنساء أهله و إن جاع هجاهم(٣) .

هذا ، و في ( الأغاني ) آلى امرؤ القيس أن لا يتزوّج امرأة حتى يسألها عن ثمانية و أربعة و ثنتين ، فجعل يخطب النساء فإذا سألهن عن هذا قلن : أربعة عشر ، فبينا هو يسير في جوف الليل إذا هو برجل يحمل ابنة صغيرة كأنّها البدر ، فأعجبته فقال لها : يا جارية ما ثمانية و أربعة و ثنتان ؟ فقالت : أمّا ثمانية فأطباء الكلبة ، و أمّا أربعة فأخلاف الناقة ، و أمّا ثنتان فثديا المرأة فخطبها إلى أبيها فزوّجه إيّاها و شرطت هي عليه أن تسأله ليلة بنائها عن ثلاث خصال فجعل لها ذلك و على أن يسوق إليها مائة من الإبل و عشرة أعبد و عشر و صائف و ثلاثة أفراس ففعل ذلك .

ثم إنّه بعث عبدا له إلى المرأة و أهدى إليها نحيا من سمن و نحيا من عسل و حلّة من قصب ، فنزل العبد ببعض المياه فنشر الحلة و لبسها فتعلقت بشجرة فانشقّت ، و فتح النحيين فطعم أهل الماء منهما فنقصا ثم قدم على حيّ المرأة و هم خلوف ، فسألها عن أبيها و امها و أخيها و دفع إليها هديّتها ، فقالت

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١٣٢ .

( ٢ ) اسمه سحيم ، و كان عبدا أسود نوبيا أعجميا مطبوعا في الشعر ، فاشتراه بنو الحسحاس ، و هم بطن من بني أسد .

( ٣ ) الأغاني ٢٢ : ٣٠٦ .

٤٧٠

له : أعلم مولاك أنّ أبي ذهب يقرّب بعيدا و يبعد قريبا ، و أنّ امّي ذهبت تشقّ النفس نفسين ، و أنّ أخي يرعى الشمس ، و أن سماءكم انشقّت ، و أنّ وعاءيكم نضبا .

فقدم الغلام على مولاه فأخبره فقال : أمّا قولها : « ذهب أبي يقرّب بعيدا و يبعد قريبا » فإن أباها ذهب يحالف قوما على قومه ، و أمّا قولها : « ذهبت امّي تشق النفس نفسين » فإنّ امّها ذهبت تقبّل امرأة نفسا ، و أما قولها : « إنّ أخي يرعى الشمس » فإنّ أخاها في سرح له يرعاه فهو ينتظر وجوب الشمس ليروح به ، و أمّا قولها : « إن سماءكم انشقّت » فإن البرد الذي بعثت به انشقّ ، و أمّا قولها : « إنّ وعاءيكم نضبا » فإنّ النحيين اللّذين بعثت بهما نقصا فأصدقني فقال : نزلت بماء فسألوني عن نسبي فأخبرتهم أنّي ابن عمك و نشرت الحلة فانشقّت و فتحت النحيين و أطعمت منهما أهل الماء فقال : أولى لك .

ثم ساق مائة من الإبل و خرج نحوها و معه الغلام ، فنزلا منزلا فخرج الغلام يسقي الإبل فعجز فأعانه امرؤ القيس فرمى به الغلام في البئر و ذهب إلى المرأة بالإبل و أخبرهم أنّه زوجها ، فقالت : و اللَّه ما أدري أهو أم لا و لكن انحروا له جزورا و أطعموه من كرشها و ذنبها ، ففعلوا فقالت : اسقوه لبنا خازرا و هو الحامض فسقوه فشرب ، فقالت : افرشوا له عند الفرث و الدم ففرشوا له فنام ، فلمّا أصبحت أرسلت إليه إنّي اريد أن أسألك ، فقال : سلي عمّا شئت فقالت : ممّ تختلج شفتاك ؟ قال : لتقبيلي إيّاك قالت : فممّ تختلج كشحاك ؟

قال : لالتزامي إيّاك قالت : فممّ يختلج فخذاك ؟ قال : لتوريكي إيّاك قالت : عليكم العبد فشدوا أيديكم به ففعلوا .

قال : و مرّ قوم فاستخرجوا امرأ القيس من البئر ، فرجع إلى حيّه فاستاق

٤٧١

مائة من الابل و أقبل إلى امرأته ، فقيل لها قد جاء زوجك ، قالت ما أدري و لكن انحروا له جزورا و أطعموه من كرشها و ذنبها ، فلما أتوه بذلك قال : و أين الكبد و السّنام و الملحاء(١) فأبى أن يأكل ، فقالت : اسقوه لبنا خازرا فأبى أن يشربه و قال : فأين الصّريف(٢) و الرثيئة(٣) ، فقالت : افرشوا له عند الفرث و الدم فأبى أن ينام و قال : افرشوا لي فوق التلعة الحمراء و اضربوا عليها خباء ، ثم أرسلت إليه هلم شريطتي عليك في المسائل الثلاث ، فأرسل إليها أن سلي عمّا شئت ، فقالت : ممّ يختلج شفتاك ؟ قال : لشربي المشعشعات قالت : فكشحاك ؟ قال :

للبسي الحبرات قالت : ففخذاك ؟ قال : لركضي المطهّمات قالت : هذا زوجي لعمري فعليكم به و اقتلوا العبد(٤) .

٢٤ الحكمة ( ٥٨ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْمَالُ مَادَّةُ اَلشَّهَوَاتِ أقول : في ( عيون القتيبي ) كان يقال : عيب الغنى أنّه يورث البله ، و فضيلة الفقر أنّه يورث الفكرة(٥) .

و قال الحسن : عيّرت اليهود عيسىعليه‌السلام بالفقر فقال : من الغنى اوتيتم(٦) .

____________________

( ١ ) الملحاء : لحم في الصلب من الكاهل إلى العجز من البعير .

( ٢ ) الصريف : الحليب الحار ساعة يصرف عن الضرع .

( ٣ ) الرثيئة : اللبن الذي يصبح روبا .

( ٤ ) الأغاني للأصفهاني ٩ : ١٠١ ١٠٢ .

( ٥ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٤٦ .

( ٦ ) المصدر نفسه .

٤٧٢

و قيل : حسبك من شرف الفقر ، أنّك لا ترى أحدا يعصي اللَّه ليفتقر ، و العاصي لتحصيل الغنى كثير(١) و قال محمود الورّاق :

يا عائب الفقر ألا تزدجر

عيب الغنى أكثر لو تعتبر

من شرف الفقر و من فضله

على الغنى إن صحّ منك النظر

إنّك تعصي اللَّه تبغي الغنى

و لست تعصي اللَّه كي تفتقر(٢)

و في ( الخصال ) عن الصادقعليه‌السلام : يقول إبليس : ما أعياني من ابن آدم فلن يعيني منه واحدة من ثلاث : أخذ مال من غير حقّه ، أو منعه من حقه ، أو وضعه في غير وجهه(٣) .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام قال تعالى لموسىعليه‌السلام : إذا رأيت الفقر مقبلا فقل : مرحبا بشعار الصالحين ، و إذا رأيت الغنى مقبلا فقل : ذنب عجّلت عقوبته(٤) .

و عنهعليه‌السلام : جاء رجل موسر نقي الثوب إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فجلس إليه ، فجاء معسر درن الثوب فجلس إلى جنبه ، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أخفت أن يمسّك من فقره شي‏ء ؟ قال : لا قال : فخفت أن يصيبه من غناك شي‏ء ؟ قال : لا قال : فخفت أن توسخ ثيابك ؟ قال : لا قال : فما حملك على ما صنعت ؟ قال : إنّ لي قرينا يزيّن لي كلّ قبيح و يقبّح لي كلّ حسن ، و قد جعلت له نصف مالي فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للمعسر : أتقبل ؟ قال : لا فقال له الرجل :

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٠ ، و عيون الأخبار ١ : ٢٤٧ و نسبه الماوردي إلى عمر بن الخطاب ( أدب الدنيا و الدين ) : ٢١٥ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٤٩ ، و شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٠ ، التبيين الأوّل و الأخير .

( ٣ ) الخصال للصدوق ١ : ١٣٢ ح ١٤١ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٦٣ ح ١٢ .

٤٧٣

و لم ؟ قال : أخاف أن يدخلني ما دخلك(١) .

و قال تعالى : أَيَحسَبُونَ أنَّما نُمِدُّهم بهِ مِن مالٍ و بنين نُسارِعُ لَهُم في الخيراتِ بل لا يشعُرون(٢) فلا تُعجبك أَموالُهُم و لا أَولادهم إِنَّما يريدُ اللَّه ليُعذبهُم بها في الحَياة الدُنيا و تَزهَق أَنفُسُهم و هُم كافرون(٣) و ما أَموالُكم و لا أَولادُكم بالَّتي تُقرّبُكم عندنا زُلفى إِلاَّ من آمن و عَمِلَ صالحاً فأُولئكَ لَهُم جَزاءُ الضِعفِ بما عملوا و هُم في الغُرفاتِ آمنُونَ(٤) .

٢٥ الحكمة ( ٤٠٦ ) و قالعليه‌السلام :

مَا أَحْسَنَ تَوَاضُعَ اَلْأَغْنِيَاءِ لِلْفُقَرَاءِ طَلَباً لِمَا عِنْدَ اَللَّهِ وَ أَحْسَنُ مِنْهُ تِيهُ اَلْفُقَرَاءِ عَلَى اَلْأَغْنِيَاءِ اِتِّكَالاً عَلَى اَللَّهِ أقول : إنّما روى المسعودي و الخطيب و ابن طاووس أنّهعليه‌السلام قال هذا الكلام في المنام ، قال الأول في ( مروجه ) بعد نقل خبر قال سمعته من إبراهيم بن جابر القاضي قبل ولايته القضاء و هو يومئذ ببغداد يعالج الفقر و يتلقّاه من خالقه بالرضا ناصرا للفقر على الغنى فما مضت أيام حتى لقيته بحلب في سنة تسع و ثلاثمائة و إذا هو بالضدّ عمّا عهدته ، متولّيا القضاء ، ناصرا للغنى على الفقر ، فقلت له : أيها القاضي تلك الحكاية التي كنت تحكيها عن الوالي بالريّ و أنّه قال لك : إعترضتني الخواطر بين منازل الفقراء و الأغنياء فرأيت في النوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال لي : يا

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٦٢ ح ١١ .

( ٢ ) المؤمنون : ٥٥ ٥٦ .

( ٣ ) التوبة : ٥٥ .

( ٤ ) سبأ : ٣٧ .

٤٧٤

فلان ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء شكرا للَّه تعالى ، و أحسن منه تعزّز الفقراء على الأغنياء ثقة باللَّه تعالى إلى أن قال و ركب بعد ذلك الهماليج من الخيل و قطع لزوجته أربعين ثوبا تستريا على مقراض واحد(١) .

و قال الثاني في ( تاريخه ) في عبد اللَّه بن بشران قال أبو الحسين القاضي : سمعت الفتح بن شخرف يقول : رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في النوم فقلت له : أوصني فقال : ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء ، و أحسن من ذلك تيه الفقراء على الأغنياء فقلت له : زدني ، فأومى إليّ بكفّه فإذا فيه مكتوب :

قد كنت ميتا فصرت حيّا

و عن قليل تصير(٢) ميتا

أعيى بدار الفناء بيت

فابن بدار البقاء بيتا(٣)

و نقله في الفتح نفسه أيضا ، و في تشريف علي بن طاووس الذي جمع فيه ثلاث فتن من العامة و ينقل فيه من كتب أخرى .

و من ( المجموع ) الذي لمحمد بن الحسين المرزبان ذكر يسير بن الحرث أنّه رأى أمير المؤمنين في المنام فقال : تقول شيئا لعل اللَّه ينفعني به فقال : ما أحسن عطف الأغنياء على الفقراء ، و أحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء ثقة باللَّه فقلت : زدني ، فولّى و هو يقول :

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٤ : ٢٦٤ .

( ٢ ) و في نسخة التحقيق ( تعود ) بدلا من ( تصير ) .

( ٣ ) ذكر الخطيب البغدادي في تاريخه هكذا : بينما أنا نائم إذا أنا بشخصين ، فقلت للذي يقرب منّي : من أنت يا هذا ؟

فقال : لي من ولد آدم ، قلت : كلّنا من ولد آدم ، قلت : له : أنت قريب منه و لا تسأله ، قال : أخشى أن يقول النّاس إنّي رافضي ، فتنحّى من مكانه ، و قعدت فيه ، فقلت : يا أمير المؤمنين كلمة خير شي‏ء فقال لي : نعم صدقة المؤمن بلا تكلّف و لا ملل ، قال قلت : زدني يا أمير المؤمنين ، قال : تواضع الغني للفقير رجاء ثواب اللَّه ، قلت : زدني يا أمير المؤمنين ، قال و أحسن من ذلك ترفع الفقير على الغني ثقة باللَّه ، قلت زدني يا أمير المؤمنين ، قال فبسط كفه ، فإذا فيها مكتوب ( و ذكر التبيين ) راجع تاريخ بغداد ٩ : ٤٢٦ .

٤٧٥

قد كنت ميتا فصرت حيا

و عن قليل تصير ميتا

عزّ بدار الفناء بيت

فأبن بدار البقاء بيتا(١)

« ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لمّا عند اللَّه » في ( الكافي ) عن إسحاق بن عمّار قال لي أبو عبد اللَّهعليه‌السلام : كيف تصنع بزكاة مالك إذا حضرت ؟

فقلت : يأتوني إلى المنزل فاعطيهم فقال : أراك يا إسحاق قد أذللت المؤمنين ، فإيّاك إيّاك إنّ اللَّه تعالى يقول : من أذلّ لي وليّا فقد أرصد لي بالمحاربة(٢) .

و في ( تاريخ بغداد ) : كان عمارة بن حمزة أتيه النّاس حتى ضرب به المثل فقيل : « أتيه من عمارة » ، و استأذن عليه قوم ليشفعوا إليه في برّقوم أصابتهم حاجة و كان قام عن مجلسه فأخبره حاجبه بحاجتهم فأمر لهم بمائة ألف درهم ، فاجتمعوا إليه ليدخلوا عليه للشكر له فقال لحاجبه : إقرأهم سلامي و قل لهم إنّي رفعت عنكم ذل المسألة فلا أحمّلكم مؤونة الشكر(٣) .

« و أحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالا على اللَّه » في ( حلية أبي نعيم ) :

جاء ابن لسليمان بن عبد الملك فجلس إلى جنب طاووس اليماني ، فلم يلتفت إليه فقيل له : جلس إليك ابن الخليفة فلم تلتفت إليه ، فقال : أردت أن يعلم أنّ للَّه تعالى عبادا يزهدون في ما في يديه و قال عمر بن عبد العزيز له : إرفع حاجتك إلى الخليفة يعني سليمان فقال : مالي إليه حاجة(٤) .

و في ( تاريخ بغداد ) : قال عيسى بن يونس : ما رأيت الأغنياء و السلاطين

____________________

( ١ ) الملاحم و الفتن لابن طاووس : ١٥٢ .

( ٢ ) لم نعثر عليه في الكافي انما وجدناه في بحار الأنوار ٩٦ : ٧٧ رواية ٢ نقلا عن أمالي الطوسي ١ : ١٩٨ و مجالس المفيد : ١١٣ .

( ٣ ) تاريخ بغداد ١٢ : ٢٨٠ .

( ٤ ) حلية الأولياء ٤ : ١٦ ، و هو طاووس بن كيسان أبو عبد الرحمن من أهل اليمن أدرك خمسين رجلا من الصحابة و علمائهم و أعلامهم ، و أكثر روايته عن ابن عباس .

٤٧٦

عند أحد أحقر منهم عند الأعمش مع فقره و حاجته(١) .

و في ( المعجم ) : وجّه سليمان بن علي والي الأهواز إلى الخليل لتأديب ولده ، فأخرج لرسوله خبزا يابسا و قال : ما دمت أجده فلا حاجة لي إلى سليمان(٢) .

و في ( العيون ) : قال معاوية لحضين بن المنذر و كان يدخل عليه في أخريات الناس يا أبا ساسان كأنّه لا يحسن اذنك ، فأنشأ يقول :

كلّ خفيف الشأن يسعى مشمّرا

إذا فتح البوّاب بابك إصبعا

و نحن الجلوس الماكثون رزانة

و حلما إلى أن يفتح الباب أجمعا(٣)

٢٦ الحكمة ( ٣٠٧ ) و قالعليه‌السلام :

يَنَامُ اَلرَّجُلُ عَلَى اَلثُّكْلِ وَ لاَ يَنَامُ عَلَى اَلْحَرَبِ قال الرضي : و معنى ذلك أنه يصبر على قتل الأولاد و لا يصبر على سلب الأموال .

أقول : في ( كامل المبرد ) ان رجلا من قريش بعث إلى رجل منهم و كان أخذ غلاما له يا هذا إنّ الرجل ينام على الثكل و لا ينام على الحرب ، فإمّا رددته و إمّا عرضت اسمك على اللَّه كلّ يوم و ليلة خمس مرّات(٤) .

و في ( نسب قريش ابن بكار ) : كان عبد اللَّه بن عروة بن الزبير دخل على هشام عام حج بالمدينة ، فقال : إنّك أطعمت إبراهيم بن هشام ما بين منابت

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد ٩ : ٨ في ترجمة سليمان الأعمش .

( ٢ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ١١ : ٧٥ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٨٨ .

( ٤ ) الكامل في الأدب للمبرد ١ ( طبع القاهرة ) : ٧٤ .

٤٧٧

الزيتون من الشام إلى منابت القرظ(١) من اليمن فلم يغنه كثيرا ما بيده عن قليل ما بأيدينا ، و إنّا و اللَّه ما طبنا أنفسا بفراق الأحبة إلاّ بما ترك بأيدينا من معايشنا ، و لو لا ذلك لاخترنا بطن الأرض على ظهرها ، و قد أعطيتمونا من الأمان ما قد علمتم ، فإمّا وفيتم لنا بعهدنا أو رددتم إلينا سيوفنا فأعجب قوله هشاما(٢) .

و في ( الاستيعاب ) أخذ أبو سفيان سعد بن النعمان الأنصاري أسيرا ففدا به ابنه عمرا و كان أسر يوم بدر فقيل له : ألا تفتديه ؟ فقال : قتل حنظلة و أفتدي عمرا بمالي فأصاب بمالي و ولدي لا أفعل و لكني أنتظر حتى أصيب منهم رجلا فأفديه به ، فأصاب سعدا هذا(٣) ، و قال ابن أبي الحديد قال الشاعر :

لنا إبل غرّ يضيق فضاؤها

و يغبرّ عنها أرضها و سماؤها

فمن دونها أن تستباح دماؤنا

و من دوننا أن تستباح دماؤها

حمى و قرى فالموت دون مرامها

و أيسر أمر يوم حق فناؤها(٤)

قلت : و ربطه بما نحن فيه كما ترى .

٢٧ الحكمة ( ٣١٥ ) وَ قَالَ ع لِكَاتِبِهِ ؟

 عُبَيْدِ اَللَّهِ بْنِ رَافِعٍ ؟ : أَلِقْ دَوَاتَكَ وَ أَطِلْ جِلْفَةَ قَلَمِكَ وَ فَرِّجْ بَيْنَ اَلسُّطُورِ وَ قَرْمِطْ بَيْنَ اَلْحُرُوفِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْدَرُ بِصَبَاحَةِ اَلْخَطِّ أقول : روى ( الخصال ) عنهعليه‌السلام : كتب إلى عماله : أدقّوا أقلامكم و قاربوا

____________________

( ١ ) في الأصل « القرط » بدلا من ( القرظ ) .

( ٢ ) نسب قريش لابن بكار : ٢٤٦ بتصرف في النقل .

( ٣ ) الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ٢ : ٦٠٦ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢١٣ .

٤٧٨

بين سطوركم و أحذفوا من فضولكم و اقصدوا قصد المعاني و إيّاكم و الإكثار فإنّ أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار(١) .

قول المصنف « لكاتبه عبيد اللَّه بن رافع » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٢) و الصواب : ( عبيد اللَّه بن أبي رافع ) كما في ابن أبي الحديد(٣) ، و عنون ( الخطيب ) عبيد اللَّه بن أبي رافع و وثقه و روى عنه حديث ذي الثديّة(٤) .

و قال المبرد في ( كامله ) : كان لأبي رافع بنون أشراف منهم عبيد اللَّه بن أبي رافع و حديثه أثبت الحديث عن عليعليه‌السلام (٥) .

و قال الشيخ في ( فهرسته ) : له كتاب قضايا أمير المؤمنين و كتاب تسمية من شهد الجمل و صفّين و النهر من الصحابة(٦) .

و كتبوا في كتّابه غير عبيد اللَّه ، عبد اللَّه بن جعفر الطيار و سعيد بن عمران الهمداني .

و في ( المعجم ) : كان محمد بن علي بن مقلة أوحد الدنيا في كتبه قلم الرقاع و التوقيعات ، و كان أخوه أبو عبد اللَّه بن مقلة أكتب منه في قلم الدفاتر و النسخ(٧) .

و في ( كامل الجزري ) : الحسين بن علي بن خازن أبو الفوارس صاحب

____________________

( ١ ) الخصال للصدوق ١ : ٣١٠ ح ٨٥ .

( ٢ ) راجع الطبعة المصرية لشرح محمّد عبده ٧٤١ رقم ( ٣١٧ ) .

( ٣ ) راجع شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٢٣ .

( ٤ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١٠ : ٣٠٥ و عبيد اللَّه ابن أبي رافع هو فولى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و اسم أبي رافع أسلم ، سمع أباه و علي بن أبي طالب ، و أبا هريره ، و كان كاتب علي بن أبي طالب ، و حضر معه وقعة الخوارج و النهروان ( تاريخ بغداد ١ : ٣٠٤ ) .

( ٥ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٢ : ٢٩٥ .

( ٦ ) فهرست الشيخ : ١٠٧ .

( ٧ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ٩ : ٢٩ في ترجمة محمد بن علي بن مقلة .

٤٧٩

الخط الجيّد مات سنة ( ٤٩٩ ) قيل كتب خمسمائة ختمة(١) .

و قالوا : كان الأحدب المزور يكتب خط كلّ أحد فلا يشك المكتوب عنه أنّه خطه مات سنة ( ٣٧٠ )(٢) .

« ألق دواتك » قال ابن أبي الحديد : الاق لغة قليلة بها جاء كلامهعليه‌السلام و « لاق » هي الكثيرة .

قلت : بل ألاق أيضا كثيرة مثل لاق ، قال ابن دريد في ( جمهرته ) ( باب ما اتفق عليه أبو زيد و أبو عبيدة ممّا تكلمت به العرب من فعلت و أفعلت ) إلى أن قال : و لقت الدواة و القتها و نقل في بعض أمثلته خلاف الأصمعي في « فعل » أو « أفعل » و لم يذكر هنا شيئا فيعلم أنّه غير خلافي ، و قرّره حتى الأصمعي الذي يستشكل في كثير ممّا نقل عن العرب بعدم الثبوت(٣) ، و مثله الفيروز آبادي في قاموسه ذكر « لاق » و « الاق » بدون تفاضل(٤) ، إلاّ أنّ ابن أبي الحديد قلّد فيما قال الجوهري ، فإنه قال : لاقت الدواة تليق أي لصقت ، و لقتها أنا يتعدّى و لا يتعدّى ، و ألقتها لغة قليلة(٥) و هو خطأ منه لمّا عرفت .

بل المفهوم من ( الصولي ) كون ( لاق ) لغة قليلة بل غير محقّقة ، فقال في ( أدب كاتبه ) : ألقت الدواة إذا أردت كرسفها حتى تسود إلى أن قال

____________________

( ١ ) الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزري ١٠ : ٤١٥ س ٤٩٩ بتصرف .

( ٢ ) ذكر ابن الأثير فيمن توفى سنة ( ٣٧٠ ) و فيها توفى علي بن محمّد الأحدب المزور ، و كان يكتب على خط كل واحد فلا يشك المكتوب عنه انه خطه ، و كان عضد الدولة إذا أراد الايقاع بين الملوك امره ان يكتب على خط بعضهم إليه في الموافقة على من يريد فساد الحال بينه ، تم يتوصل ليصل المكتوب إليه ، فيفسد الحال ، و كان هذا الأحدب ربّما ختمت يده لهذا السبب ( الكامل في التاريخ ٩ : ٨ ) .

( ٣ ) جمهرة اللغة لابن دريد ٣ : ٤٣٦ مادة ( لاق ) .

( ٤ ) القاموس المحيط للفيروز آبادي ٣ : ٢٨١ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٢٣ ، و الصحاح ٤ : ١٥٥٢ مادة ( ليق ) .

٤٨٠

و الصواب المختار أن تقول : ألقت الدواة ، و حكى عن ابن دريد ألقت و لقت(١) . .

و حينئذ فليقل للجوهري و لمقلده ابن أبي الحديد في نسبة كلامهعليه‌السلام إلى اللّغة القليلة : « إقلب تصب » .

و لعل منشأ توهّم الجوهري أنّه رأى أنّهم قالوا « القنا الدوايا رديئة » و مقصودهم رداءة الدوايا فظن كون مرادهم رداءة الاق ، فقال الصولي : يقال دواة و دوايا و هي رديئة ، قال الشاعر :

إذا نحن وجّهنا إليكم صحيفة

ألقنا الدوايا بالدموع السواجم(٢) .

هذا ، و في ( اليتيمة ) كان كاتب سيف الدولة يعجن مداده بالمسك و لا تليق دواته إلاّ بماء الورد تفاديا من قول القائل :

دعيّ في الكتابة لا رويّ

له يعدّ و لا بديه

كأنّ دواته من ريق فيه

تلاق فريحها أبدا كريه(٣)

« تلاق » المستقبل المجهول من ألاق .

« و أطل جلفة قلمك » في ( الأساس ) : جلفة القلم من مبراه إلى سنّه ، من جلفته بالسيف إذا بضعت من لحمه بضعة(٤) .

في ( تاريخ بغداد ) كان أحمد بن يوسف بن صبيح من أفاضل كتّاب المأمون ، قال : و رآني عبد الحميد بن يحيى أكتب خطّا رديئا ، فقال لي : ان أردت أن يجود خطّك فأطل جلفتك و أسمنها و حرّف قطعتك و أيمنها(٥) .

هذا ، و ممّا لغز في القلم قول الشاعر :

____________________

( ١ ) أدب الكتاب للصولي : ٩٩ .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) يتيمة الدهر للثعالبي ١ : ٢٠١ .

( ٤ ) أساس البلاغة للزمخشري : ٦٢ مادة ( ج ل ض ) .

( ٥ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٥ : ٢١٧ .

٤٨١

عجبت لذي سنّين في الماء نبته

له أثر في كلّ مصر و معمر(١)

و في ( اليتيمة ) قال السري في الفياض كاتب سيف الدولة :

لك القلم الذي يصبح و يمسي

به الاقليم محميّ الحريم(٢)

و في ( طرائف المقدسي ) : كما أقسم اللَّه تعالى بالأشياء الجليلة الأقدار الكبيرة الأخطار في نفوس عباده و عيون بلاده كالشمس و القمر و الليل و النهار و السماء و الأرض ، أقسم بالقلم فقال :( ن و القَلَمِ وَ ما يَسطُرُون ) (٣) و ذاكرت في هذا أبا الفتح البستي فأنشدني لنفسه :

إذا افتخروا يوما بسيفهم

و عدّوه ممّا يكسب المجد و الكرم

كفى قلم الكتّاب فخرا و رفعة

مدى الدهر أنّ اللَّه أقسم بالقلم(٤)

و قال آخر : لم أر باكيا أحسن تبسّما من القلم .

« و فرّج بين السطور » لا تنافي بين التفريج بينها كما هنا و المقاربة بنيها كما في خبر الخصال(٥) كما لا يخفى .

« و قرمط بين الحروف » أي : قارب بينها ، و لا بد ان حروف كلّ كلمة لتكن أقرب إلى نفسها منها إلى حروف كلمة أخرى .

« فان ذلك أجدر بصباحة الخط » في ( الطرائف ) قال إقليدس : الخطّ هندسة روحانية و إن ظهرت بآلة جسمانية .

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٤٨ .

( ٢ ) يتيمة الدهر و خريدة العصر للثعالبي ١ : ١٠٢ .

( ٣ ) القلم : ١ .

( ٤ ) الطرايف و اللطايف لأحمد المقدسي : ٣١ ، الباب الخامس عشر في مدح الخط و القلم ، و ذكر الآية فقط أما باقي النصّ فالظاهر أنّه إضافة من المؤلف زيادة في التوضيح .

( ٥ ) الخصال للصدوق ١ : ٣١٠ ح ٨٥ ، و قد مرّ في الصفحة ٢٦٥ في بداية شرح الحكمة ٣١٥ فراجع .

٤٨٢

و قال إفلاطون : الخطّ عقال العقل(١) .

قولهعليه‌السلام في ( رواية الخصال ) : و احذفوا من فضولكم و اقصدوا المعاني ، و إيّاكم و الإكثار(٢) .

في ( تاريخ بغداد ) : رئي مروان بن أبي حفصة واقفا بباب الجسر كئيبا آسفا ينكت بسوطه في معرفة دابته ، فقيل : ما الذي نراه بك ؟ قال : أخبركم بالعجب ، مدحت الرشيد فوصفت له ناقتي من خطامها إلى خفّيها و وصفت الفيافي من اليمامة إلى بابه أرضا أرضا و رملة رملة ، حتى إذا أشفيت منه على غناء الدهر جاء ابن بيّاعة النخاخير يعني أبا العتاهية فأنشده بيتين ضعضع بهما شعري و سوّاه في الجائزة بي و هما :

إنّ المطايا تشتكيك لأنّها

تطوي إليك سباسبا و رمالا

فإذا رحلن بنا رحلن مخفّة

و إذا رجعن بنا رجعن ثقالا(٣)

٢٨ الحكمة ( ٦٦ ) و قالعليه‌السلام :

فَوْتُ اَلْحَاجَةِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِهَا إِلَى غَيْرِ أَهْلِهَا أقول : في الكافي عن الحسنعليه‌السلام : إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها .

قيل : يا ابن رسول اللَّه من أهلها قال : الذين ذكرهم اللَّه في كتابه فقال( إِنّما يَتذكرُ اُولُو الأَلبابِ ) (٤) و هم أولو العقل(٥) .

____________________

( ١ ) الطرائف و اللطائف لأحمد المقدسي : ٣١ .

( ٢ ) الصدوق : الخصال ١ : ٣١٠ ح ٨٥ و قد مرّ : ٢٦٥ .

( ٣ ) ورد في ديوان أبي العتاهية : ٢١٦ كذلك راجع تاريخ بغداد ٦ : ٢٥٨ ترجمة إسماعيل بن القاسم .

( ٤ ) الزمر : ٩ .

( ٥ ) الكافي للكليني ١ : ١٩٠ ح ٢٢ .

٤٨٣

و لمّا مطل أحمد بن أبي داود أبا الأسد في حاجته قال :

فصرت من سوء ما رميت به

اكنى أبا الكلب لا أبا الأسد(١)

٢٩ الحكمة ( ٦٧ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ تَسْتَحِ مِنْ إِعْطَاءِ اَلْقَلِيلِ فَإِنَّ اَلْحِرْمَانَ أَقَلُّ مِنْهُ أقول : في ( تاريخ بغداد ) كتب كلثوم بن عمرو إلى رجل :

إذا تكرّهت أن تعطي القليل و لا

تكون ذا سعة لم يظهر الجود

بثّ النّوال و لا يمنعك قلّته

فكلّ ما سدّ فقرا فهو محمود

فشاطره ماله حتى بعث بنصف خاتمه و فرد نعله(٢) .

٣٠ الحكمة ( ٥ ) و قالعليه‌السلام :

صَدْرُ اَلْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ وَ اَلْبَشَاشَةُ حِبَالَةُ اَلْمَوَدَّةِ وَ اَلاِحْتِمَالُ قَبْرُ اَلْعُيُوبِ أَو وَ اَلْمُسَالَمَةُ خِبَاءُ اَلْعُيُوبِ وَ مَنْ رَضِيَ عَنْ نَفْسِهِ كَثُرَ اَلسَّاخِطُ عَلَيْهِ أقول : كون العنوان إلى هنا في ( الطبعة المصرية )(٣) ، و لكن ابن أبي الحديد جعل(٤) فقرة « و من رضي . » جزء الآتي ، و أمّا ( ابن ميثم )

_ ___________________

( ١ ) ذكر ترجمته و بعض أخباره ابن عبد ربه في العقد الفريد ٤ : ١٣٩ .

( ٢ ) الخطيب البغدادي تاريخ بغداد ١٢ : ٤٩١ .

( ٣ ) النسخة المصرية : ٦٠٩ رقم ٥ ، شرح محمّد عبده .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٩٧ رقم ( ٦ و ٧ ) .

( ٥ ) راجع شرح ابن ميثم ٥ : ٢٣٨ .

٤٨٤

و الخطية(١) فجعلا من العنوان الثاني إلى السادس ، أي من الباب الثالث عنوانا واحدا .

« صدر العاقل صندوق سرّه » في ( أدب كاتب الصولي ) : كان رجل من الكتّاب يهوى مغنّية و يكاتبها ، فكانت تخرّق كتبه و تأمر بتخريق كتبها ، فكتب إليها : إنّي أحتفظ بكتبك و تتهاونين بكتبي فتخرّقينها ، فكتبت إليه :

يا ذا الذي لام في تخريق قرطاس

كم مرّ محلك في الدّنيا على راسي

الحزم تخريقه إن كنت ذا نظر

و إنّما الحزم سوء الظنّ بالناس

إذا أتاك و قد أدّى أمانته

فاجعل كرامته دفنا بأرماس

و شق قرطاس من تهوى و كن حذرا

يا رب ذي ضيعة من حفظ قرطاس

فكتب إليها : « الصواب رأيك » ، و خرّق رقاعها(٢) .

و في ( كامل المبرد ) : أحسن ما سمع في صيانة السر ما يعزى إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقائل يقول هو له و قائل يقول قاله متمثلا و لم يختلف في انّه كان يكثر إنشاده :

فلا تفش سرّك إلاّ إليك

فان لكلّ نصيح نصيحا

و إنّي رأيت غواة الرجال

لا يتركون أديما صحيحا(٣)

و قال امرؤ القيس :

إذا المرء لم يخزن عليه لسانه

فليس على شي‏ء سواه بخازن(٤)

و قال آخر :

____________________

( ١ ) النسخة الخطية ( المرعشي ) : ٣٠٦ .

( ٢ ) أدب الكتاب للصولي : ١٠٩ .

( ٣ ) الكامل في الأدب للمبرد ٢ : ١٥ « في صيانة السر » زيادة من المؤلف ، ذكره النخعي في الديوان المنسوب إلى الإمام : ٣٠ .

( ٤ ) ديوان امرى‏ء القيس : ١٧٣ .

٤٨٥

سأكتمه سرّي و أحفظ سرّه

و ما غرّني أنّي عليه كريم

حليم فينسى أو جهول يضيعه

و ما الناس إلاّ جاهل و حليم(١)

أيضا :

إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه

فصدر الذي يستودع السر أضيق(٢)

« و البشاشة حبالة المودة » عنهعليه‌السلام « إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بطلاقة الوجه و حسن اللقاء »(٣) .

و عن علي بن محمد التنوخي :

الق العدوّ بوجه لا قطوب به

يكاد يقطر من ماء البشاشات

فأحزم الناس من يلقى أعاديه

في جسم حقد وثوب من مودّات(٤)

و عن أكثم بن صيفي : الانقباض من الناس مكسبة للعداوة ، و افراط الانس مكسبة لقرناء السوء(٥) .

« و الاحتمال قبر العيوب » قال ابن أبي الحديد و من كلامهعليه‌السلام « وجدت الاحتمال أنصر لي من الرجال » .

و من كلامهعليه‌السلام : من سالم الناس سلم منهم ، و من حاربهم حاربوه ، فإنّ العثرة للكاثر .

و كان يقال : العاقل خادم الأحمق أبدا ، إن كان فوقه لا يجد بدّا من مداراته و إن كان دونه لم يجد من احتماله و استكفاف شرّه بدّا(٦) .

____________________

( ١ ) الكامل في الأدب للمبرد ٢ : ١٨ ، ( المعارف : بيروت ) .

( ٢ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٢ : ١٩ .

( ٣ ) نسبها الصدوق للرسول الأكرم صلّى اللَّه عليه و آله من حديث غياث بن إبراهيم : الأمالي : ٢٠ ح ٩ .

( ٤ ) أدب الدنيا و الدين للماوردي : ١٨٣ .

( ٥ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣٢٨ .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٩٩ .

٤٨٦

« أو و المسالمة خباء العيوب » هكذا في ( الطبعة المصرية ) ، و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) : و ( روي أنّهعليه‌السلام قال في العبارة عن هذا المعنى أيضا :

« المسالمة خباء العيوب » و صرّح الثاني بأنّه كلام الرضي ) و هو الصحيح ، و خباء العيوب خفاؤها و استتارها(١) .

و في معنى قوله هذا الاحتمال أو المسالمة قبر العيوب أو خباء العيوب و قولهعليه‌السلام « البشاشة حبالة المودة »(٢) و قولهعليه‌السلام « ليجتمع في قلبك الافتقار إلى النّاس و الاستغناء عنهم ، يكون افتقارك إليهم في لين كلامك و حسن سيرك ، و يكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك و بقاء عزّك »(٣) .

« و من رضي عن نفسه كثر الساخط عليه » لأنّه يعجب بنفسه ، و من أعجب بنفسه يتنفر الناس عنه و يكثرون السخط عليه .

و قال ابن أبي الحديد مثله قول الشاعر :

إذا كنت تقضي أنّ عقلك كامل

و أنّ بني حوّاء غيرك جاهل

و أنّ مفيض العلم صدرك كلّه

فمن ذا الذي يدري بأنّك عاقل(٤)

لكنه كما ترى معنى آخر .

٣١ الحكمة ( ٢٠ ) و قالعليه‌السلام :

قُرِنَتِ اَلْهَيْبَةُ بِالْخَيْبَةِ وَ اَلْحَيَاءُ بِالْحِرْمَانِ وَ اَلْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ اَلسَّحَابِ فَانْتَهِزُوا فُرَصَ اَلْخَيْرِ

____________________

( ١ ) راجع الهوامش ( ٢ ٤ ) من الصفحة السابقة .

( ٢ ) بحار الأنوار ١٨ : ٩٨ .

( ٣ ) بحار الأنوار ٧٥ : ١٠٦ رواية ٣ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٠١ .

٤٨٧

أقول : و روى الشيخ في ( أماليه ) مسندا عن الرضاعليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : الهيبة خيبة و الفرصة خلصة و الحكمة ضالّة المؤمن فاطلبوها و لو عند المشرك تكونوا أحقّ بها و أهلها(١) .

و في ( الأغاني ) : قال دعبل : ما حسدت أحدا قط على شعر كما حسدت العتابي على قوله :

هيبة الإخوان قاطعة

لأخي الحاجات عن طلبه

فإذا ما هبت ذا أمل

مات ما أمّلت من سببه(٢)

قال ابن مهرويه : هذا سرقة العتابي من قول علي بن أبي طالب :

الهيبة مقرونة بالخيبة ، و الحياء مقرون بالحرمان ، و الفرصة تمرّ مرّ السّحاب .

حدّثني محمد بن داود عن محمد بن أبي الأزهر عن عيسى بن الحسن بن داود الجعفري عن أخيه عن علي بن أبي طالب بذلك(٣) .

« قرنت الهيبة بالخيبة » قال ( ابن أبي الحديد ) : كانت العرب إذا أوفدت وافدا قالت له : إيّاك و الهيبة فإنّها خيبة ، و لا تبت عند ذنب الأمر و بت عند رأسه(٤) . . و قال الشاعر :

من راقب الناس مات غمّا

و فاز باللذة الجسور(٥)

« و الحياء بالحرمان » في ( المعجم ) قال البلاذري : كانت بيني و بين عبيد اللَّه بن يحيى بن خاقان حرمة منذ أيام المتوكل ، و ما كنت أكلفه حاجة

____________________

( ١ ) أمالي الطوسي : ٦٢٥ رقم ١٢٩٠ ( بنياد بعثت ) .

( ٢ ) ذكر التبيين ابن قتيبة في عيون الأخبار ٣ : ١٢٠ .

( ٣ ) الأغاني للأصفهاني ١٣ : ١١٦ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٣١ .

( ٥ ) القائل هو سلم بن عمرو ، نهاية الأرب ٣ : ٨١ .

٤٨٨

لاستغنائي عنه ، فنالتني في أيّام المعتمد إضاقة ، فدخلت عليه و هو جالس للمظالم فشكوت إليه تأخّر رزقي و ثقل ديني و قلت : إنّ عيبا على الوزير حاجة مثلي في أيامه و غض طرفه عنّي فوقّع لي بعض ما أردت و قال : إنّ حياءك المانع لك من الشكوى عن الاستبطاء فقلت له : غرس البلوى يثمر الشكوى .

و انصرفت و كتبت إليه :

لحاني الوزير المرتضى في شكايتي

زمانا احّلت للجدوب محارمه

و قال لقد جاهرتني بملامة

و من لي بدهر كنت فيه اكاتمه

فقلت : حياء المرء ذي الدّين و التّقى

يقلّ إذا قلّت لديه دراهمه(١)

و قال ( ابن أبي الحديد ) : قال الشاعر :

ليس للحاجات إلاّ

من له وجه وقاح

و لسان طرمذيّ

و غدوّ و رواح

فعليه السعي فيها

و على اللَّه النجاح(٢)

« و الفرصة تمرّ مرّ السحاب » قال ( ابن أبي الحديد ) : قال ابن المقفع : إنتهز الفرصة في إحراز المآثر ، و اغتنم الإمكان باصطناع الخير ، و لا تنتظر ما تعامل فتجازي عنه بمثله ، فإنّك إن عوملت بمكروه و اشتغلت ترصد المكافأة عنه قصر العمر بك عن اكتساب فائدة و اقتناء منقبة .(٣) .

« فانتهزوا فرص الخير » أي : إغتنموها و لا تدعوها تفوت فتندموا .

____________________

( ١ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ٥ : ١٠٠ في ترجمة أحمد بن يحيى البلاذري .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٣١ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

٤٨٩

٣٢ الحكمة ( ٢١١ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْجُودُ حَارِسُ اَلْأَعْرَاضِ وَ اَلْحِلْمُ فِدَامُ اَلسَّفِيهِ وَ اَلْعَفْوُ زَكَاةُ اَلظَّفَرِ وَ اَلسُّلُوُّ عِوَضُكَ مِمَّنْ غَدَرَ وَ اَلاِسْتِشَارَةُ عَيْنُ اَلْهِدَايَةِ وَ قَدْ خَاطَرَ مَنِ اِسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ وَ اَلصَّبْرُ يُنَاضِلُ اَلْحِدْثَانَ وَ اَلْجَزَعُ مِنْ أَعْوَانِ اَلزَّمَانِ وَ أَشْرَفُ اَلْغِنَى تَرْكُ اَلْمُنَى وَ كَمْ مِنْ عَقْلٍ أَسِيرٍ تَحْتَ هَوَى أَمِيرٍ وَ مِنَ اَلتَّوْفِيقِ حِفْظُ اَلتَّجْرِبَةِ وَ اَلْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ وَ لاَ تَأْمَنَنَّ مَلُولاً « الجود حارس الأعراض » في ( شعراء ابن قتيبة ) : جاور الحطيئة الزبرقان بن بدر ، فتحوّل عنه إلى بغيض فأحسن إليه ، فقال الحطيئة يمدح البغيض و يهجو الزبرقان :

ما كان ذنب بغيض أن رأى رجلا

ذا فاقة عاش في مستوغر(١) شاس

جار لقوم أطالوا هون منزله

و غادروه مقيما بين أرماس(٢)

ملّوا قراه و هدّته كلابهم

و جرّحوه بأنياب و أضراس

و قال للزبرقان :

دع المكارم لا تنهض لبغيتها

و اقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسي(٣)

فاستعدى الزبرقان عليه عمر بن الخطاب و أنشده البيت ، فقال له عمر :

ما أراد هجاءك ، أما ترضى أن تكون طاعما كاسيا قال : إنّه لا يكون في الهجاء أشدّ من هذا فبعث إلى حسّان يسأله عن ذلك فقال : ما هجاه و لكن

____________________

( ١ ) مستوغر : مكان شديد القيظ ، شاس : الخشن من الحجارة .

( ٢ ) أرماس : جمع رمس و هو القبر .

( ٣ ) ذكر البيت بالإضافة إلى ابن قتيبة المبرد في الكامل ٢ : ٥٣٧ ، و النويري في نهاية الارب ٣ : ٧٢ .

٤٩٠

سلح عليه فحبسه عمر(١) .

و قال بعضهم : كفى بالبخيل عارا أنّ اسمه لم يقع في حمد قط ، و كفى بالجواد مجدا أنّ اسمه لم يقع في ذمّ قط .

و قال آخر : لا أردّ سائلا إنّما هو كريم أسدّ خلّته أو لئيم أشتري عرضي منه ، و قال الشاعر :

و من يجعل المعروف من دون عرضه

يفره و من لا يتّق الشتم يشتم(٢)

« و الحلم » و ما في ( الطبعة المصرية ) « و العلم » غلط واضح .

« فدام السفيه » الفدام ما يوضع في فم الإبريق ليصفي ما فيه(٣) .

و في ( كامل المبرد ) : دخل شامي المدينة فرأى رجلا راكبا على بغلة لم ير أحسن وجها و لا سمنا و لا ثوبا و لا دابة منه ، فمال قلبه إليه ، فسأل عنه قيل له هو الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال : فامتلأ قلبي له بغضا و حسدت عليّا أن يكون له ابن مثله ، فصرت إليه و قلت له : أنت ابن أبي طالب فقال : إبن ابنه فقلت : فبك و بأبيك أسبهما فلمّا انقضى كلامي قال لي : أحسبك غريبا .

قلت : أجل قال : فمل بنا فإن احتجت إلى منزل أنزلناك أو إلى مال آسيناك أو إلى حاجة عاونّاك فانصرفت عنه و و اللَّه ما على الأرض أحد أحبّ إليّ منه(٤) .

« و العفو زكاة الظفر » هو نظير قولهعليه‌السلام في ( ١٠ ) : إذا قدرت على عدوّك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه(٥) .

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١١٠ ١١٤ .

( ٢ ) القائل هو زهير بن أبي سلمى في ديوانه : ٨٧ ، و نقله ابن عبد ربّه في العقد الفريد ١ : ٣٠٤ .

( ٣ ) راجع الطبعة المصرية : ٧٠٥ النسخة المنقحة بلفظ و الحلم و ليس العلم .

( ٤ ) الكامل في الأدب للمبرد ١ : ٢٣٥ ( مكتبة المعارف ) .

( ٥ ) من الكلمات في المعجم القصار برقم ( ١١ ) .

٤٩١

و في ( العقد ) أمر عمر بن عبد العزيز بعقوبة رجل ، فقال له رجاء بن حيوه : إنّ اللَّه قد فعل ما تحبّ من الظّفر فافعل ما يحبّه من العفو(١) .

و قال مبارك بن فضالة : كنت عند المنصور فأمر بقتل رجل ، فقلت : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « إذا كان يوم القيامة نادى مناد : ألا من كانت له عند اللَّه يد فليتقدّم فلا يتقدّم إلاّ من عفا عن مذنب » فأمر بإطلاقه(٢) .

« و السلوّ عوضك ممّن غدر » يعني ان الغدر من الصديق يستعقب السلوّ عن تعلق القلب به ، و هو المراد من قول الشاعر :

أعتقني سوء ما صنعت من الرقّ

فيا بردها على كبدي(٣)

« و الاستشارة عين الهداية » يكفي في فضلها قوله تعالى لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَ شاورهُم في الأَمرِ ) (٤) .

« و قد خاطر » أي : أشرف على الهلاك .

« من استغنى برأيه » قولهعليه‌السلام هنا في الاستشارة و الاستبداد نظير قولهعليه‌السلام في ( ١٦١ ) : « من استبد برأيه هلك و من شاور الرجال شاركها في عقولها »(٥) .

« و الصبر يناضل الحدثان » أي : يرامي حوادث الدهر .

« و الجزع من أعوان الزمان » على بوار الإنسان ، ذكرعليه‌السلام فائدة الصبر و مضرّة الجزع تحريضا و تحذيرا .

« و أشرف الغنى ترك المنى » سها المصنف فذكر هذه الفقرة في

____________________

( ١ ) العقد الفريد لابن عبد ربّه ٢ : ١٥٧ .

( ٢ ) العقد الفريد لابن عبد ربّه ٢ : ١٥٩ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٠٧ .

( ٤ ) آل عمران : ١٥٩ .

( ٥ ) مرّ ذكره في الصفحة ٢٢٤ من هذا الكتاب .

٤٩٢

عنوانه ( ٣٤ )(١) .

« و كم من عقل أسير تحت هوى أمير » هو نظير قولهعليه‌السلام في كتاب اشتراء شريح لداره « شهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى » فكل انسان يعلم بعقله بقاء الآخرة و فناء الدّنيا و وجوب العمل بالحقّ و التجنّب عن الباطل ، إلاّ أنّ هواه لا يدعه يعمل بمقتضاه .

« و من التوفيق حفظ التجربة » فالتجارب تحصل منها فوائد كثيرة ، فمن لم يحفظها حرم منها فلا يكون موفقا .

« و المودة قرابة مستفادة » و في العنوان ( ٣٠٨ ) « مودّة الآباء قرابة بين الابناء ، و القرابة إلى المودة أحوج من المودة إلى القرابة »(٢) ، و من كون المودة قرابة مستفادة تكون المصاهرة كنسب جديد ، و لذا أردفه اللَّه تعالى في قوله عز و جل( فَجَعَلَهُ نَسَباً و صهراً ) (٣) .

« و لا تأمننّ ملولا » فعول من الملالة ، و مصداق كلامهعليه‌السلام أصحابه في صفّين ، فقد كانوا ملّوا من الحرب فكانوا منتظرين لمكيدة من العدو و يكون عذرا لهم في ترك القتال .

٣٣ الحكمة ( ٥٢ ) و قالعليه‌السلام :

أَوْلَى اَلنَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى اَلْعُقُوبَةِ في ( العيون ) : قال رجل لبعض الأمراء : أسألك بالذي أنت بين يديه أذلّ

____________________

( ١ ) سيأتي ذكره في شرح الحكمة ١١٦ في الصفحة ٢٨٠ من هذا الكتاب .

( ٢ ) راجع الحكمة ( ٣٠٨ ) : ١٧٨ من نسخة المعجم .

( ٣ ) الفرقان : ٥٤ .

٤٩٣

منّي بين يديك ، و هو على عقابك أقدر منك على عقابي ، إلاّ نظرت في أمري نظر من برئي أحبّ إليه من سقمي و براءتي أحبّ إليه من جرمي .

و أمر عبد الملك بقتل رجل فقال له : إنّك أعزّ ما تكون أحوج ما تكون إلى اللَّه تعالى ، فاعف عنّي له فإنّك به تعان و إليه تعود فخلّى سبيله(١) .

و قالوا : وقف رجل جنى جناية بين يدي المأمون ، فقال له : و اللَّه لأقتلنّك .

فقال الرجل : تأنّ عليّ فإنّ الرفق نصف العفو قال : و كيف و قد حفت ؟ فقال : ت لأن تلقى اللَّه حانثا خير من أن تلقاه قاتلا فخلّى سبيله(٢) .

٣٤ الحكمة ( ١١٦ ) و قالعليه‌السلام :

كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَ مَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ وَ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ اَلْقَوْلِ فِيهِ وَ مَا اِبْتَلَى اَللَّهُ أَحَداً بِمِثْلِ اَلْإِمْلاَءِ لَهُ الحكمة ( ٤٦٢ ) و قالعليه‌السلام :

رُبَّ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ اَلْقَوْلِ فِيهِ أقول : كرره بعينه بنقل ( ابن أبي الحديد ) و الخطية(٣) في ( ٢٦٠ ) زائدا « و قد مضى هذا الكلام فيما تقدم إلاّ أنّ فيه ها هنا زيادة جيّدة » بنقل ابن أبي الحديد و « زيادة مفيدة » بنقل ( النسخة الخطية و الطبعة المصرية )(٤) جمعت

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ١٠٢ .

( ٢ ) ذكره البيهقي بالمعنى و نسبه إلى المنصور .

( ٣ ) انظر شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٨١ رقم ( ١١٢ ) و ١٩ : ١٠٣ رقم ( ٢٥٨ ) ، و راجع النسخة الخطية ( المرعشي ) : ٣١٩ .

( ٤ ) راجع النسخة المصرية شرح محمّد عبده : ١٨٣ و ٧١٤ رقم ( ١٧ ) و رقم ( ٢٦٢ ) .

٤٩٤

بينهما ، لكن ليس في ( ابن ميثم )(١) تكرار ، لكن أواخر نسخته لا تخلو من السقم فلعلّه من سقط النسخة ، و لو كان نقل الأوّلين صحيحا لم يصح قول المصنف و قد مضى . ، بعد كونه بعينه بلا زيادة و لا نقصان .

و كيف كان فكرّر الفقرة الثالثة مستقلة في ( ٤٦٢ ) اتفاقا بلفظ « رب مفتون بحسن القول فيه » كما عرفت من العنوان ، و قد عرفت في أوّل الكتاب تصريح ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) بختم المصنف الكتاب أولا به(٢) .

« كم من مستدرج بالإحسان إليه »( أَيحسَبُون أَنّما نُمدُّهم بهِ مِن مَالٍ و بَنينَ نُسارِعُ لهُم فِي الخَيراتِ بل لا يشعُرون ) (٣) ( فلمّا نَسُوا ما ذكرُوا به فتحنا عليهم أَبواب كلّ شي‏ءٍ حتى إذا فرحوا بما اُوتُوا أَخذناهم بغتةً فإذا هم مبلسون فقطع دابرُ القوم الَّذين ظَلَموا و الحمدُ للَّه ربّ العالَمين ) (٤) .( سنَستَدرجهم من حَيثُ لا يعلَمُونَ ) (٥) .

« و مغرور بالستر عليه » و ورد أنّه لو لا ستر اللَّه على الناس لكانوا يطرحون كثيرا من الناس على المزابل و لا يدفنونهم .

« و مفتون بحسن القول فيه » كخلفاء الباطل و المتملّقين لهم ، فكانوا يقولون لبيعة معاوية لابنه يزيد و بيعة هارون لبنيه و بيعة المتوكل لبنيه :

« إنها بيعة مثل بيعة الشجرة » .

و قال ابن قتيبة في ( خلفائه ) بعد ذكر أنّ فاطمةعليها‌السلام قالت لأبي بكر و عمر بعد تقريرهما بقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيها « رضا فاطمة من رضاي و سخط

____________________

( ١ ) راجع شرح ابن ميثم ٥ : ٣٠٣ رقم ١٠٧ .

( ٢ ) راجع المصادر السابقة النسخة المصرية ، ابن أبي الحديد ، ابن ميثم ، الخطية .

( ٣ ) المؤمنون : ٥٥ ٥٦ .

( ٤ ) الأنعام : ٤٤ ٤٥ .

( ٥ ) الأعراف : ١٨٢ .

٤٩٥

فاطمة من سخطي ، و من أرضى فاطمة فقد أرضاني و من أسخط فاطمة فقد أسخطني » إنّي اشهد اللَّه و ملائكته أنّكما أسخطتماني و ما أرضيتماني ، و لئن لقيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأشكونّكما إليه فانتحب أبو بكر يبكي و فاطمةعليها‌السلام تقول :

و اللَّه لأدعونّ اللَّه عليك في كلّ صلاة اصلّيها ، فخرج باكيا و اجتمع إليه الناس فقال لهم : لا حاجة لي في بيعتكم أقيلوني بيعتي قالوا : إنّ هذا الأمر لا يستقيم و أنت أعلمنا بذلك ، إنّه إن كان هذا لم يقم للَّه دين فقال : و اللَّه لو لا ذلك و ما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة و لي في عنق مسلم بيعة بعد ما سمعت و رأيت من فاطمة .(١) .

فلو لا فتنته بحسن قولهم فيه لكان اللازم أن نقول : إنّ كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان جزافا و باطلا ، و هوى نفس لبنته و رضاه بخراب الدين لأجلها .

و قال ابن قتيبة أيضا : إنّ عمر دعا في احتضاره ابن عباس و قال له : لو أنّ لي ما طلعت عليه الشمس و ما غربت لافتديت به من هول المطلع فقال له ابن عباس : أسلمت و كان إسلامك عزّا ، و هاجرت و كانت هجرتك فتحا ، و وازرت الخليفة و قبض الخليفة عنك راضيا ، و مصر اللَّه بك الأمصار وجبى بك الأموال و أوصل بك على أهل بيت كلّ مسلم توسعة في دينهم و توسعة في أرزاقهم ثم ختم لك بالشهادة فقال له عمر : أتشهد لي بهذا يا عبد اللَّه عند اللَّه يوم القيامة قال : نعم فقال عمر : اللّهم لك الحمد .(٢) .

فهل اللَّه محتاج إلى شهادة ابن عباس لو لا فتنته بمثل تلك الأقوال ؟

« و ما ابتلى اللَّه أحدا بمثل الإملاء له » قال تعالى في موضعين من كتابه :

____________________

( ١ ) تاريخ الخلفاء لابن قتيبة : ١٤ .

( ٢ ) ابن قتيبة ، الامامة و السياسة : ٢٢ ٢٣ .

٤٩٦

و اُملي لهم إِنّ كيدي متينٌ(١) .

٣٥ الحكمة ( ٤٦٦ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْعَيْنُ وِكَاءُ اَلسَّهِ أقول : أيّ حبل يسد به الاست ، فالوكاء الذي يشد به رأس القربة و ( السّه ) الاست ، أي : الدّبر و أصل سه « سته » لأن جمعه أستاه و قال الجوهري في سته إذا أردت الهاء الّتي هي لام الفعل و حذفت العين أي : من الاست قلت ( سه ) بالفتح قال الشاعر :

و أنت السّه السّفلى

إذا دعيت نصر(٢)

أي : أنت فيهم بمنزلة الاست ، و في الحديث : « العين وكاء السّه » .

في ( العيون ) : كان سليمان بن عبد الملك يأخذ الوليّ بالوليّ و الجار بالجار ، فدخل عليه رجل و على رأسه وصيفة روقة(٣) ، فنظر إليها فقال سليمان : أأعجبتك ؟ قال : بارك اللَّه للخليفة فيها قال : هات سبعة أمثال في الاست و خذها فقال : « صرّ عليه الغزو استه » قال : واحد ، قال : « است البائن أعلم » قال : إثنان ، قال : « أست لم تعوّد المجمر تحترق » قال : ثلاثة ، قال : « الحرّ يعطي و العبد ييجع باسته » قال : أربعة ، قال : « أستي أخبثي » قال : خمسة ، قال :

« عاد سلاها في استها » قال : ستة ، قال « لا مائك أبقيت و لا حرك أنفيت » قال :

ليس هذا من ذاك قال : أخذت الجار بالجار كما يفعل الخليفة قال : خذها(٤) .

____________________

( ١ ) الأعراف : ١٨٣ ، و القلم : ٤٥ .

( ٢ ) الصحاح للجوهري ٦ : ٢٢٣٣ مادة ( سته ) .

( ٣ ) الوصيفة : الجارية ، و الروقة : الحسناء الجميلة .

( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ١٣٠ .

٤٩٧

قلت : و لو ذكر السابع شعر جعفر بن الزبير في الفرزدق و امرأته نوار لمّا وكّلته في تزويجها فزوجها من نفسه فأبت و ما رضيته و حاكمته إلى ابن الزبير :

لقد أصبحت عرس الفرزدق ناشزا

و لو رضيت رمح استه لاستقرّت(١)

كان وجها ، و الظاهر أنّه تعمّد التبديل و إلاّ فقولهم « أخطأت استه الحفرة » مثل معروف .

و في الأساس : و في مثل « إني لأعلم من المائح باست الماتح » و الثاني من ينزح من البئر و الأول من ينزل في البئر فيملا الدلوله(٢) .

هذا ، و في ( الأغاني ) كانت امرأة من عقيل يقال لها ليلى يتحدّث إليها الشبّان ، فدخل عليها الفرزدق فجعل يحادثها ، و أقبل فتى من قومها فأقبلت عليه ، فغاظ ذلك الفرزدق فقال للرجل أ تصارعني ؟ قال : ذاك إليك فقام إليه فصرعه الفتى و جلس على صدره ، فخرج من الفرزدق صوت فقام الرجل و قال : ما أردت بك ما جرى فقال : ما بي إن صرعتني ، و لكن كأنك بجرير بلغه خبري فقال فيّ :

جلست إلى ليلى لتحظى بقربها

فخانك دبر لا يزال يخون

فلو كنت ذا حزم شددت و كاءها

كما شدّ خرتا للدّلاص قيون(٣)

فما مضت أيام حتى بلغ جرير الخبر فقال فيه البيتين(٤) .

و من أمثالهم كما في ( الأغاني ) « أريها استها و تريني القمر »(٥) .

____________________

( ١ ) الأغاني لأبي فرج الأصفهاني ٣ : ٣٦٤ .

( ٢ ) أساس البلاغة للزمخشري : ٤٤٠ مادة ( م ى ح ) .

( ٣ ) الوكاء : الخيط الذي تربط به الصرة ، الخرت : الثقب ، الدلاص : الدرع اللينة ، قيون : جمع قين و هو الحداد .

( ٤ ) الأغاني لأبي فرج الأصفهاني ٢١ : ٣٤٠ .

( ٥ ) الأغاني لأبي فرج الأصفهاني ١٦ : ٣٧٨ .

٤٩٨

و من أمثالهم كما في ( الكرماني ) « مالك است مع استك »(١) و قال : قال أبو زيد : يضرب لمن لم تكن له ثروة من مال و لا عدة من رجال .

و منها كما فيه « في أست المغبون عود »(٢) أيضا « في استها ما لا ترى »(٣) .

و في الأساس : « لقيت منه است الكلبة »(٤) أي ما كرهته و « أضيق استا من ذاك »(٥) أي : عاجز و « تركته باست الأرض »(٦) أي : عديما لا شي‏ء له و « يا ابن استها »(٧) كناية عن احماض امه اياه و « على است الدهر »(٨) أي : على وجهه و « باست فلان » إذا استخف به(٩) .

هذا ، و في ( القاموس المحيط ) الحماء الاست جمعه حم .

و في ( الأغاني ) : حكى ابن الكلبي أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا افتتح مكة قدمت عليه وفود العرب ، فكان فيمن قدم قيس بن عاصم و عمرو بن أهتم ابن عمّه ، فلمّا صارا عنده تسابّا ، فقال قيس لعمرو : و اللَّه ما هم منّا ، و إنّهم لمن أهل الحيرة .

فقال عمرو : هو و اللَّه من الروم و ليس منّا ثم قال له :

____________________

( ١ ) ذكره الميداني في مجمع الأمثال و هو ( المعتمد ) الميداني ٢ : ١٦٧ ، يضرب لمن لم تكن له ثروة من مال و لا عدة من رجال .

( ٢ ) المصدر نفسه ٢ : ١٨ و يضرب فيمن غبن .

( ٣ ) المصدر نفسه ٢ : ١٢ ، و يضرب للباذل الهيئة يكون مخبره أكثر من مرآة و يضرب لمن خفي عليه شي‏ء و هو يظن انه عالم به .

( ٤ ) المصدر نفسه ٢ : ٩٥ .

( ٥ ) أساس البلاغة للزمخشري : ٢٠٢ .

( ٦ ) في مجمع الأمثال ١ : ٨٢ ، ذكره الميداني بلفظ تركته باست المتن ، و المتن ما طلب من الأرض أي تركته وحيدا ، و في أساس البلاغة : ٢٠٢ بلفظ الأرض .

( ٧ ) أورده الميداني بلفظ يا ابن استها إذا أخمظت خمارها ٢ : ٥٠٠ .

( ٨ ) للفيروز آبادي ٤ : ١٠١ .

( ٩ ) الزمخشري ، أساس البلاغة : ٢٠٢ مادة ( س ت ه ) .

٤٩٩

ظللت مفترش الهلباء تشتمني

عند الرسول فلم تصدق و لم تصب

الهلباء يعني استه ، يعيّره بذلك و بأن عانته وافية قال : و إنّما نسبه إلى الروم لأنّه كان أحمر ، فيقال : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهاه عن هذا القول في قيس ، و قال :

إسماعيل بن إبراهيم كان أحمر(١) .

و في ( القاموس ) « و ام العزم و عزمه و ام عزمه مكسورات الاست »(٢) .

و في ( النهاية ) : قال الأشعث لعمرو بن معد يكرب : لئن دنوت لاضرّطنّك .

فقال عمرو : كلاّ إنّها لعزوم مفرّغة ، يريد أنّ استه ذات عزم و قوّة(٣) .

و في ( بديع ابن المعتز ) : قال عبد اللَّه بن أياد لسويد بن منجوف : اقعد على است الأرض فقال سويد : ما أعلم للأرض استا(٤) .

و في ( الصحاح ) : الوباعة بالعين و الغين : الاست(٥) .

و في ( تقريب المعاهد ) : قال المنصور الخالدي كنت ليلة عند التنوخي في ضيافة فأغفى إغفاء فخرجت منه ، فضحك بعض القوم فانتبه لضحكه فقال :

إذا نامت العينان من متيقّظ

تراخت بلا شكّ تشاريح فقحته

فمن كان ذا عقل فيعذر نائما

و من كان ذا جهل ففي جوف لحيته(٦)

و ذكروا أن المأمون وضع رأسه في حجر بوران بنت الحسن بن سهل

____________________

( ١ ) الأغاني ١٤ : ٨٨ .

( ٢ ) القاموس المحيط للفيروز آبادي ٤ : ١٥٠ .

( ٣ ) النهاية ١ : ٢٣٢ .

( ٤ ) البديع لابن المعتز : ٢٣ و في النسخة عبيد اللَّه و ليس عبد اللَّه بن أياد .

( ٥ ) الصحاح للجوهري ٣ : ١٢٩٤ مادة ( وبع ) .

( ٦ ) معاهد التنصيص ، لعبد الرحيم العباس : ١٨١ .

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639