بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة6%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247370 / تحميل: 8635
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وبعد أشهر من القراءة والبحث عن الحقيقة والحوارات الطويلة حدث أمر أعتبره العامل المفصلي في اعتناقي للإسلام. كنت واقفة في غرفة ابني أحاول أن أصلي. وكان أمامي كتاب عن الإسلام مفتوح على فصل «كيفية الصلاة». وقفت هناك أصارع نفسي. لم أكن قد اعتدت الصلاة مباشرة؟. طيلة حياتي علموني أن أصلي ليسوع وهو سيوصل صلاتي إلى الله... لذا خشيت أنني أقوم بأمر خطأ، ولم أشأ أن يغضب يسوع عليّ! وفي تلك اللحظة، خطرت لي فكرة كموجة عاتية. هل يعقل أن الله سيغضب إذا أردت أن أكون أكثر قرباً منه؟ وهل يعقل أن يسوع سيستاء مني إذا حاولت أن أكون أكثر قرباً من الله..؟ أليس ذلك ما يريدني أن أفعله؟ إن الله.. أعلم بنيتي. حتى هذا اليوم، لا زلت أعتقد أن الله.... كان يتحدث إليّ - بهذه القوة كان الشعور والصوت الذي شعرت به في داخلي. ممَّ كنت أخشى؟ كيف يمكنني أن لا أعتنق الإسلام؟ في تلك اللحظة بكيت طويلاً.

كان ذلك ما احتجت سماعه. وعلمت حينها أنه يجب أن أدخل في الإسلام. شعرت بأن ذلك هو الأمر الصائب وما خلا ذلك أمور غير مهمة.

وبعد أن نطقت بالشهادتين أمام المدرسة كلها أصبحت إنسانة أخرى. لم يعد لديَّ ذلك الشعور بعدم الانتماء وبماذا أؤمن، فقد تحرّرت من القلق الذي كان لديَّ من قبل وولىَّ إلى غير رجعة. وعلمت أنني قد اتخذت القرار الصائب.

لم أكن قط على هذا القدر من القرب من الله.. كما أصبحت بعد أن اعتنقت الإسلام. الحمد لله.. أنا إنسانة محظوظة. وأشكركم على السماح لي بمشاطرتكم تجربتي.

٢٢١

بعد رحلة طويلة من البحث والإبحار في عالم الأفكار والأديان:

سفينة المسلم الهندي نيرڤان تحطّ بأمان على شاطئ الإِسلام

· قصة أخرى مشوّقة من قصص المهتدين للإِسلام، ذات دلالات وإيحاءات غنية بالتجارب الإنسانية والمشاعر الإيمانية الفياضة، يسردها بإيجاز للقرّاء المعتنق الجديد للإِسلام، الأخ الهندي نيرفان، بعدما غمرته أنوار الهداية الإلهية وأنقذته من مهاوي التيه والشك والضلال.

متى وكيف بدأت القصة كلها؟ وهل بدأت فعلاً أم كانت مجرد يقظة روحية؟ إنه إدراك للحقيقة التي طالما كانت كامنة في داخلي؟

إسمي نيرڤان، من التابعية الهندية. لقد وُلدت لعائلة مختلطة، فأبي هندوسي وأمي مسلمة. منذ طفولتي أذكر بوضوح أنني لم أتلقَّ أي تربية دينية من أي نوع كانت. فأبي لم يكن هندوسياً متديناً، فيما تخلت أمي عن الإِسلام، لذا فقد تربيتُ في ما يمكن وصفه بالـ «خواء» الديني والروحي، بيد أنني سأظل ممتناً لأبويَّ لزرعهما فيّ القيم الأخلاقية التي ستظل ترشدني طيلة حياتي. فمع أن عائلتي لم تكن متدينة، إلا أنها ربتني على مبادئ أخلاقية جيّدة تتمثّل في طاعة الأبوين، والصدق، والامتناع عن السرقة، وخدمة الناس كان حجر الزاوية لحياتنا اليومية.

أدركت مؤخراً خلال فترة المراهقة أنه كانت تجول في خلدي ألغاز الوجود: ما هي الغاية من الحياة على الأرض؟ هل الموت هو نهاية كل شيء؟ هل هناك إله؟ وقد تحرك شيء ما في أعماقي موجِّهاً عقلي نحو سعي دؤوب طلباً للحقيقة. كنت بحاجة إلى أجوبة منطقية واضحة وشاملة عن كل تلك الأسئلة التي أرّقت حياتي وحيّرت لُبّي. وعزمتُ على خوض المغامرة، مع أنها متاهة معقدة حول اللاهوت، وطقوس الغابرين، والفلسفة.

٢٢٢

إنطلاقاً من الإلحاد، شققت طريقي إلى البوذية، والمسيحية، والهندوسية، إلا أنني لم أجد أي طمأنينة في أي منها. تملّكني شعور بأن الحقيقة موجودة في مكان ما، ربما أمام عينيّ، إلا أنها لا تزال تراوغني. وفي مرحلة معينة، تخليت عن البحث وتملّكني اليأس. فَلُذت بنيتشه، وسارتر، وكانط، وهاديجر، وماركس، وفرويد، وأندريه جيد، وكريشنامورتي... ولَكَم بدا الإلحاد أكثر إغراءً لي! أقوال مثل «الله قد مات»، «الدين أفيون الجماهير»، «الأديان تنبع من الخوف الفطري من الأب في المجتمعات البدائية». كنت أحيا وأموت بكتب نيتشه وموسيقى مارلين مانسون. حتى أنني أخذتُ أقرأ «الكتاب الشيطاني المقدس» وأصبحتُ مهتماً بالويكا أو الوثنية. وقد قادني هذا الأمر إلى اكتشاف الميثولوجيا الإسكندناڤية، وآلهة الرومان والإغريق... بَيْدَ أن ظمأي للروحانية والحقيقة النهائية لم يتوقف.

عندئذٍ حصلت المعجزة! فذات يوم جمعة، قرّرت أن أذهب مع صديق مسلم إلى صلاة الجمعة لمجرد التسلية. لم يكن في نيتي أن أصلّي هناك، فقد كنت مجرد فضولي فيما يتعلق بالممارسات الدينية في الإِسلام. الدين الوحيد الذي لم أبحث فيه - لقد استمعنا إلى خطبة الإمام وأديتُ حركات الصلاة من خلال تقليدي لصديقي (القيام، والركوع والسجود). عند هذه النقطة، عشتُ تجربة سماوية روحية غريبة. لم أسمع أي صوت، ولم أرَ أي نور... شعرتُ فقط بعاطفة سماوية وكأنها تجذبني. وكلما لامست جبهتي الأرض، كنت أشعر وكأنها لا تريد أن تفارقها. لقد أرسل الله هدايته إليّ. ولن أعود لحالي السابق بعد الآن أبداً.

وبعد الصلاة، سألني صديقي عن شعوري، فلم أجبه، لأن لغة البشر لا يمكن أن تعبّر عن تلك العاطفة بشكلٍ كافٍ. ذلك الإحساس بالحبور تملّك عقلي لأيام، وكان يشير إلى اتجاه واضح جداً: «الإِسلام»، فتساءلت «هل أنخرط في البحث من جديد؟» كانت قوة خفية ما تدفعني إلى الأمام وترشدني للقيام بذلك. وبعد فترة قصيرة، ألفيت نفسي غارقاً في مطالعة الكتب الإِسلامية ومعجباً بأركان الإيمان الخمسة، والعقائد، والمعجزات العلمية في القرآن، والكمال الرياضي. وشرعتُ في الصلاة بحماسة والدراسة الجادة للقرآن، ولكن القصة لم تنته هنا.

٢٢٣

لقد سقطتُ مرات عديدة في بحور الشك، والشيطان يطاردني بإغراءاته. أمضيت ليالٍ طويلة أرقاً متسائلاً إذا ما كنت على الصراط المستقيم، وهل كنت أتصرف بتهور أم لا؟ حتى أنني بلغتُ حافة الارتداد وتملّكتني رغبة بالتخلي عن كل شيء. وتزامن ذلك مع مشاكل واجهتها في المنزل لكون عائلتي غير مسلمة، مما جعل ترك الإِسلام يروق لي، فتركتُ الصلاة، المعراج الشريف، وأصبحتُ أناظر المسلمين حول معتقداتهم وأساعد المواقع المعادية للإِسلام على شبكة الإنترنت. إلا أن شيئاً ما في قلبي ما كان ليتركني أتخلى عن الله. وأدركت أن تلك الأوقات العصيبة كانت فترة ابتلاء لي، فهل أنجح أم أفشل؟ أخذت أصلّي ليل نهار، وأتوسل إلى الله طالباً العون. شعرت بالخجل لأنني شككت في كلمة الله وتركتُ نفسي تتأثر بالحملات المعادية للإِسلام. شعرتُ بالغثيان لأنني كنت ضحية الشك في كل مرة، وتوسلت إلى الله طالباً الغفران. ولكن في النهاية غمرني النور.

شيئاً فشيئاً، قوّى الله تعالى إيماني وجعلني أصمد. واجهتُ النقد والقسوة من الآخرين بالصبر والسكينة، فلم أجادل أو أغتاظ قط. وإذا ما غمرتني الكآبة، توجهت إلى الله للهداية والعون. لقد عدت إلى دين الفطرة، فماذا هناك لأخافه، وأدركت أن المغامرة لم تنته... بل هي قد بدأت. رحلة فاتنة في أرجاء معجزات وأطايب الإِسلام.

لم أبلغ نهاية الطريق بعد، ولكنني الآن في حالة سلام مع نفسي ومع الله تعالى.

٢٢٤

الهداية إلى الصراط المستقيم

بقلم الأخت زهراء (جويس سلوتر) سابقاً

· الأخت الأميركية جويس سلوتر (زهراء) لاح لها شعاع الإِسلام في مراحل عديدة مرّت بها خلال حياتها وتجاربها الدينية السابقة، وظل يلاحقها حتى عمّها أخيراً سنا بريقه الساطع. فاهتدت إلى الصراط المستقيم، كما تقول في قصَّتها التالية التي بعثت بها إلى المجلة، وهي تعمل حالياً على إرساء دعائم الإِسلام ونشره في منطقتها في ولاية ميشغان إلى جانب أخواتها في منظمة المسلمات الأميركيات.

لقد وُلدت في تشرين الثاني/نوڤمبر 1947م من أبوين أميركيين، وقد رباني أهلي تربية كاثوليكية وكانت أمي قد اعتنقت الكاثوليكية قبل زواجها بأبي. وهي تنحدر من سلالة من البروتستانت المحافظين جداً وقد درس العديد من أفراد عائلتها في معهد مودي للكتاب المقدس، كما كان بعض أفراد عائلتها من اليهود، وقد شرحت لي أمي بعض الشرائع اليهودية.

ولطالما كنت مهتمة منذ الصغر بثقافات الآخرين. حيث كنت شغوفة بدراسة المعتقدات والممارسات الدينية المختلفة.

وقد أقنعتني عناصر التشابه في العديد من الممارسات والمعتقدات الدينية بأن هناك معتقداً أصلياً تم نسيانه وتغييره عبر الزمن.

لقد تعلمتُ في مدرسة كاثوليكية حتى المرحلة الثانوية. وقد فكرتُ بدايةً في أن أصبح ملتزمة دينياً، غير أنني لم أوفق لذلك مع أنني كنت أواظب على حضور الصلاة في الكنيسة بقلب مؤمن وأتلقى التعاليم الكنسية في الوقت المحدد.

في ذلك الوقت، تعرّفت لأول مرة على الإِسلام، حيث كنت قد بدأتُ بدراسة اللغة الإسبانية في المدرسة الثانوية. وكما هو معلوم فإن شبه الجزيرة الإيبيرية تأثرت إلى حد بعيد بالثقافة الإِسلامية منذ التواجد الإِسلامي في الأندلس.

وللأسف فإنني لدى شروعي في دراستي الجامعية تركتُ ممارساتي الدينية. حتى خلال العديد من المشاكل أثناء زواجي الأول، لم أذهب للصلاة في الكنيسة. كنت أتلو صلاتي بمفردي وأقرأ في الوقت عينه عن الأديان المختلفة.

٢٢٥

وبعدما مررتُ بمرحلة مليئة بالقلق. بدأتُ بالذهاب مجدداً إلى الكنيسة ومررتُ بتجربة «الولادة الجديدة». وهذه هي مرحلة قرب خاص من الله تعالى.

بَيْدَ أن الله تعالى كان قد رسم لي خطة أخرى ليقرّبني منه أكثر، أو هكذا يبدو الأمر لي عندما أعود بالذاكرة. لقد تصادقت ابنتي مع فتاة إيرانية في المدرسة. وقد التقيتُ بأهل تلك الفتاة وتعرفتُ على ثقافتهم. عندها اشتريتُ لأول مرة ترجمة للقرآن الكريم. وبعد حوالى عام انتقلنا إلى سكن آخر، حيث التقيت بإحدى صديقاتي التي كانت متزوجة من إيراني. ومجدداً تعرّفت أكثر على الثقافة الإيرانية وكيفية طهو بعض الأطباق الإيرانية. ومع أن صديقتي لم تكن مسلمة، إلا أنها حدثتني عن الإِسلام، ومجدداً شدّ ذلك اهتمامي. في العام 1997م بدأ يساورني شعور بأن الله تعالى يريدني أن أقوم بأمر ما، شيء أكثر من مجرد إطاعة تعاليم الكنيسة وقوانين البلاد. شعرتُ بأن عليّ أن أبدأ بتعلم قيادة سيارتي بمفردي إلى أماكن بعيدة، لذا كنت أذهب إلى أوماها في نبراسكا للعمل هناك طيلة أسبوع. وذهبتُ للاعتراف في فترة عيد الميلاد وأخبرتُ الكاهن بشعوري بأن لديَّ مهمة خاصة. أعتقد أنه ظن أنني إنسانة «غريبة الأطوار». ثم في كانون الثاني/يناير 1998م، توفي زوجي الثاني إثر ذبحة قلبية. كان عمره 46 عاماً فقط. وعندئذٍ أصبحت قريبة جداً من الله تعالى وقد منحني ذلك قدراً كبيراً من الراحة.

أمضيتُ قسماً كبيراً من وقتي باحثة عما عليّ القيام به لنفسي في ذلك الحين. أصبحتُ نشطة جداً في الكنيسة كالمساعدة في جمع التبرعات لبناء مدرسة، وقد تم انتخابي عضواً في مجلس الرعية. وعبر كنيستي التقيتُ أشخاصاً من سائر أنحاء العالم. وقد تمكنتُ من السفر إلى الهند وإسبانيا.

وفي الهند رأيتُ الناس من جميع الأديان يعيشون معاً منسجمين.

٢٢٦

وفي أيار/مايو 2001م قررت أخيراً الإصغاء لنداء الله وركزت على الصلاة من أجل السلام في العالم. وقد شعرتُ على امتداد السنوات أن لديَّ حافزاً قوياً للعمل من أجل السلام في العالم. وقد بدت تلك مهمة مستحيلة.

في الأعوام القليلة التالية واصلت حياتي كما في السابق، كنت أقرأ عن الأديان الأخرى واستمريت في الأنشطة التطوعية. في العام 2003م بدأتُ بحضور سلسلة من المحاضرات عن الإِسلام في مسجد في بلومنغتون. وبعد أن انتهت السلسلة بدأتُ بحضور جلسات في منزل إحدى الأخوات إلا أنني انتقلت بعد ذلك، لذا توقفتُ عن حضورها. عرفت بأنني سأصبح مسلمة إلا أنني لم أرد أن أستسلم وأتغير. لقد اشتريتُ نسخة من القرآن الكريم ترجمها يوسف علي وقرأتها كلها. وقد قرأتُ سيرة النبي محمد (ص) وكتباً عن الإِسلام. وعندما نفق كلبي، لم أحضر كلباً آخر بل قطة لأنني عرفتُ أن معظم المسلمين يعتقدون أن الكلاب نجسة.

حلّ العام 2006م وتلقيتُ المزيد من الإشارات من الله تعالى ذات مرة كنت وصديقة لي نتحدّث عن المشاكل في العالم الإِسلامي، فقالت لي إننا من غير المسلمين ولا يمكن لنا أن نكون ممن يحمل السلام للعالم الإِسلامي. واتفقنا أن ذلك يحدث فقط من خلال المسلمين أنفسهم. وأدركتُ أنني إذا ما أردت العمل من أجل السلام في العالم فإنه عليّ أن أصبح مسلمة، إلا أن نفسي الضعيفة لم ترغب بالتغيير. وقد تجاهلتُ المزيد من الإلهامات الإلهية التي وصلت إليّ عبر أشخاص في مجموعة دراسة الكتاب المقدس التي كنت أنتمي إليها. إحدى السيدات كانت تقول للجميع باستمرار إن علينا أن نستسلم لمشيئة الله أليس ذلك ما يتضمنه الإِسلام؟ سيدة أخرى قالت اختاروا طريقاً والتزموا به. أليس الإِسلام هو الصراط المستقيم؟ لقد حاولت خلال أعوام أن أحصل على شيء يربطني أكثر بالكنيسة الكاثوليكية، وتقدمت بطلبات لعدة وظائف في أبرشيتنا، إلا أنهم لم يجدوني ملائمة للوظيفة. أعرف أن الله تعالى بمشيئته قد حال دون توظيفي كي أكون حرة أكثر من أجل الإِسلام. ومع ذلك، لم أكن أخال نفسي عنيدة إلا أنني كنت كذلك فعلاً، لم أشأ التخلّي في هذا الوقت عن شرب الكحول وأكل لحم الخنزير ومن ثَمَّ المواظبة على الصلاة اليومية، والالتزام باللباس الشرعي الإِسلامي.

٢٢٧

أخيراً، وخلال حضوري دروساً جامعية، قررت التوقف عن شرب الكحول. وعندما تمكّنتُ من القيام بذلك، عرفتُ أنني قادرة على القيام بأي شيءٍ آخر. ورغم ذلك استمر خوفي من تلك الخطوة. إلى أن دعوت الله تعالى أن يهيء لي معلماً إذا أرادني أن أعتنق الإِسلام. وبما أنني كنت أدرس في جامعة كاثوليكية كنت متأكدة أن معلماً كهذا لن يظهر أبداً.

ولكن الله تعالى يقول في (سورة يس آية 82):﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَیْئًا أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ ﴿82﴾ ﴾ . فقد جاءني المعلم المسلم إلى صف اللاهوت المسيحي الذي كنت أتابع فيه، عندها، أدركتُ أنه لا مكان للتردد بعد الآن، فأدّيت الشهادة لله ولرسوله بعد فترة قصيرة. أعرف الآن أن عليّ الاستمرار في كفاحي كي أكون مسلمة صالحة عاملة ولكني أعرف أني بعون الله وبمساعدة إخواني وأخواتي المسلمين سأظل على الصراط المستقيم.

٢٢٨

(سيريل سفراك)

الشاب الفرنسي المهتدي للإِسلام

هكذا استنار قلبي بنور الإِسلام المتجلّي بالنبي الأكرم (ص) والمتجسّد بنهج أهل البيت (عليهم السلام)

«سيريل سفراك» شاب أخلص قلبه لله منذ طفولته، فأكرمه تعالى بنعمة الإِسلام في شبابه، وبرحمته أصبح شاباً مسلماً فخوراً بانتمائه الجديد رغم انتقادات الكثيرين من حوله لكونه فرنسياً اعتنق الإِسلام.

لكن قلب «سيريل» مطمئن بالإيمان مستنير بكلمة الحق التي تجلت في دين محمد (ص) وتجسدت في نهج آل البيت (عليهم السلام) ، وهو هنا يروي عبر مجلة (نور الإِسلام) قصة هذا التحول نحو الإِسلام الذي يراه: الحب الخالص لله.

يقول «سيريل»: وُلدت عام 1975م في أُسرة لا يؤمن أفرادها حقاً بوجوده تعالى. لم يلق تناولي للقربانة الأولى التي تمثل دخولي إلى الديانة المسيحية أي اعتراض بينهم ولا أي تشجيع. التحقتُ صغيراً بصفوف التعليم الديني. كنت متحمساً جداً فرحاً بما أتلقاه من تعاليم؛ خاصة عندما يتعلق الموضوع بالمسيح (ع) ، كانت معلومات سطحية بعض الشيء، لكنها كانت كافية لتغذي حلم كاهن صغير لا زال في سن الثانية عشر... صرتُ أقرأ التوراة والإنجيل بارتياح كبير حتى تعمّقتُ في قراءتهما، فبدا لي وقتذاك شرخاً كبيراً بين تعاليم الكتب المقدسة والدروس الكنسية، وبدأتُ أطرح على نفسي أسئلة جمة كتحريم زواج رجل الدين، مع أن الزواج خطوة مباركة يحثُّ عليها الدين، أو انتشار الأيقونات والمنحوتات كرموز دينية. حتى في الكنائس. مع أن ذلك لا يتناسب مع ما نص عليه الكتاب المقدس... كثرة الأسئلة، وكثرة التناقضات، دفعت بي إلى التمسك بإيماني (بديني) في حين أسقطت من اهتماماتي تعاليم الكنيسة، فكانت علاقتي بالله مباشرة لا تمر عبر كنيسة ولا تحدها سلطة دينية، هذا الخط الذي رسمته في سن الخامسة عشر، أخلصت له سنين طويلة.

٢٢٩

أذكر أني حين تعرفتُ إلى أصدقاء من «شهود يهوه» كنت أحاججهم بإيماني بالإنجيل، كانت أسئلتهم تحثني على البحث لاستخلاص الأجوبة، ولكن ما تعلمته من خصمي أن العقل هو السبيل لمعرفة الله «وهذا لا زال منهجاً في حياتي الدينية».

خلال أعوام دراستي الجامعية (كنت قد اخترت دراسة علم النفس) تعرفت على صديق سرعان ما صار بمثابة أخ لي، كان يجمعنا، عدا السكن الجامعي، سهرات قضيناها معاً تبادلنا فيها الآراء وأخرى ناقشنا فيها أفكاراً فلسفية لا حدود لها.

كان صديقي مسلماً، يصوم شهر رمضان لا أكثر، لكن إيمانه الداخلي كان يحاكي قناعاتي التي كونتها عن الله، ولما كنت أفتقر إلى كثير من المعلومات حول ديانته (الإِسلام) قدم لي مرة كتاب «القرآن» وعلمني كيفية الوضوء شارحاً لي ضرورة القيام به عند قراءة القرآن. ظل الكتاب على طاولتي شهوراً لم أفتحه، كنت أشعر أني لست جديراً بفتحه، وغاب صديقي عني فجأة.. واختفى! صدفة أخرى جمعتني بسيدة مغربية دعتني لحضور حلقات دينية كانت تعقد في شهر رمضان، بدا لي الحديث عن الإِسلام جلياً، فبادرتُ أطرح أسئلتي وأتعرف أكثر فأكثر على الإِسلام، ولا أنسى أني سمعتُ لأول مرة في حياتي عن الصهيونية العالمية وكان عمري قد تجاوز السابعة والعشرين.... وبدأتُ رحلة البحث عن الحقيقة: صرتُ أنهل من هذا العلم الواسع لأجد الأجوبة الشافية لأسئلتي، وأستغرقُ في البحث والتفكير فتمضي ليالٍ تلو أخرى والتساؤلات تكبر في داخلي، فأرويها بالمعرفة والتزود، ويقيني بوجود دين يجيب على أسئلتي (تطلعاتي وأفكاري) يتأكد يوماً بعد يوم، فعرفت أن الدين الإِسلامي هو آخر الديانات السماوية، وأن الله هو الرب الأوحد لكل هذه الديانات، فاعتقدتُ بذلك، وصرتُ أرى الإِسلام مُكمّلاً لها. ذات يوم تجرأت وفتحت القرآن، ومن قراءتي لأول آياته، تعلقت بكتابي، وصرت أقرأ وأزداد تعلقاً وأتمنى أن أصل إلى آخر صفحاته. فهمتُ أن المسلم يؤمن بوجود المسيح كرسول كريم وهذه الحقيقة لعيسى (ع) لاقت صورة رسمتها سابقاً في داخلي للمسيح الذي آمنت بوجوده على طريقتي (على فطرتي)، وتوضحت أكثر. اعتقدت ببعثة محمد (ص) خاتماً للرسل، صرتُ أراني مسلماً بشكلٍ عفوي وتلقائي؛ فكيف أتعبد؟ تودّدتُ لجار لي، سوري علوي، كنا نتحاور وحين يصعب سؤالي عليه، كان يتصل بأستاذه في سوريا ويجيبني، حدثني كثيراً عن الإمام علي (ع) ، شخصية جذبتني بعفوية، لكن مبالغات جاري وصديقي لم تخفَ عليّ.

٢٣٠

نهج أهل البيت(عليهم السلام) :

واصلت البحث وتعمقت أكثر، وكان طريق أهل البيت بالنسبة لي هو المنهج السليم والنيّر، فخيانة يهوذا في الدين المسيحي حادثة تعيد نفسها بعد وفاة النبي (ص) وانقلاب بعض الأصحاب عليه، وهذه الخيانات يحذرنا منها القرآن الكريم في مواضع عدة، والنبي محمد (ص) الذي تأذى أكثر من كل الأنبياء في حياته، لم يرحمه أتباعه من بعده، فالتيار جرف كثيراً من المسلمين وقلة منهم تمسك بوصاياه. هنا، يرشدنا العقل إلى السبيل القويم، إلى نهج آل محمد (ص) ، ولمَ كان أتباعه الخلّص قلة تفانوا لأجله وما زالوا.

أصداء:

كان لاعتناقي الإِسلام صدى كبيراً لدى مَن حولي: أصدقائي وزملائي في الجامعة على وجه الخصوص. أحدهم (والذي جمعتني به صلة قرابة لاحقاً: صار أخ زوجتي) كان يأتي إليّ يحدثني عن الإِسلام، ونصلي معاً، ويصحح لي ما تعلمته، ويوضح لي الأحكام الشرعية، فصرت أتبع المدرسة الجعفرية. (مدرسة الإمام الصادق (ع) ):

وصارت تعقد في غرفتي حلقات الحوار والنقاشات الفلسفية والتي غالباً ما جمعت الكثير من الشبان والشابات، فكانت فرصتي للتعرف على زوجتي التي كانت وما زالت بالنسبة لي لطفاً إلهياً مباركاً أنار دربي؛ إذ كان لها الفضل أولاً في تعليمي حفظ بعض السور، وكذلك أداء الصلاة باللغة العربية. وفجأة ظهر صديقي وأخي الذي افتقدته طويلاً، أطل هذه المرة بحلة جديدة، فقد التزم دينياً واصطحبني إلى المسجد لأول مرة وشرح لي أحكام صلاة الجماعة، وتزوج هو أيضاً، وكلانا رزق بطفلة، فكبرت عائلتانا في نور الإِسلام.

إلهي وسيدي الذي أدعوه كلما شئت لحاجتي، وأخلو به حيث شئت لسري... الحمد لك والشكر لك على ما خلقتني وسوّيتني، وربّيتني وأعطيتني حمداً دائماً لا ينقطع أبداً.. اللّهمّ املأ قلبي حباً لك وخشية منك وتصديقاً لك وإيماناً بك.

٢٣١

قصة إسلام الشاب الأرجنتيني

«محمد عيسى غارسيا»

من آثار السمعة الحسنة التي حققها مسلمو الأرجنتين هي ظاهرة إسلام العديد من المواطنين من أصل أرجنتيني نظراً للقِيَم النبيلة التي لمسوها في الدين الإِسلامي والطابع الأخلاقي السليم لسلوك المهاجرين المسلمين.

في هذا الإطار تلقينا من الأخ الكاتب مجاهد شرارة المقيم في الأرجنتين قصة شيقة عن (محمد عيسى غارسيا) وهو شاب أرجنتيني وجد سعادته كما يقول في الإِسلام بعد بحث طويل عن الحقيقة مقتفياً آثار الصحابي الجليل سلمان الفارسي (رض)

حكاية محمد عيسى أنه ولد لأبوين نصرانيين وقد أمضى طفولته في التردد على الكنيسة، ولمّا بلغ العاشرة من عمره أنهضته نفسه البريئة إلى بداية رحلة جديدة للتأمل في الكون الذي حوله، ورغم صغر سنّه وقصور ذهنه على الاستدلال إلّا أن فطرته لم تكن لتتقبّل عقيدة التثليث فقد كان يميل ببراءته إلى أن عيسى بن مريم (ع) شخصية عظيمة وليس إلهاً، وهذه المسألة هي التي فتحت باب المناقشات والتساؤلات بينه وبين أهله في البيت ومع قساوسة الكنيسة التي يتردد إليها.

لم يجد محمد عيسى غارسيا وهو الطفل البريء جواباً شافياً على تساؤلاته المبكّرة وما يجيش في نفسه، وازدادت حيرته وقلقه عندما لم يعر أهله والكنيسة اهتماماً بسؤاله نظراً لصغر سنّه.

مرّت الأعوام بمحمد عيسى حتى بلغ الخامسة عشر وهو يحمل في نفسه تلك الأسئلة، ودخل الثانوية العامة، وتلقى في أثناء دراسته كلاماً سطحياً عن الإِسلام ومغلوطاً في الكثير من الأحيان، فالكتاب المدرسي يذكر أن المسلمين يعبدون الحجر الأسود ويسجدون للكعبة مصحوباً بصور للمسلمين وهم يصلون ويسجدون ويطوفون حول الكعبة.

٢٣٢

كبر محمد عيسى وكبرت معه حيرته فهو الآن شاب بإمكانه أن يحلّل ويستدل فقد قوِيَ تمسّكه وولعه بالبحث عن الحقيقة. وفي ليلة من ليالي شهر أكتوبر عام 1989 ضاقت به نفسه فالسؤال ما زال يتردد داخله، من هو خالق الكون؟! ووقف في جنح الليل ينظر إلى السماء هاتفاً: «يا أنت الذي خلقتني اهدني للحق وإلّا خذ روحي فإني أعيش حياة ضالة» وانهمرت من عينيه دموع الحيرة ثم استسلم للنوم. وفي الصباح استيقظ على طرق الباب فوجد محمد رجلاً مشرق الوجه يطلب منه أن يحدِّثه لبعض الوقت، وبدأ حديثه بقوله: أنا «ماشوركا»، مسلم جئت لأحدثك عن الإِسلام. وأخذ ماشوركا يحدّثه عن الله ووحدانيته وعظمته وكيف أنه يستحق العبادة ومنزّه عن كل نقص.

انشرح قلب محمد عيسى غارسيا لهذه الكلمات، ونظر إلى السماء متذكراً ما دعا به في الليلة الماضية، وشعر برحمة الله تحفه ونفحات الإيمان تتدافع في قلبه. دام حديث ماشوركا معه ثلاث ساعات بعدها استأذن لصلاة الجمعة. وقبل أن ينصرف طلب غارسيا أن يرافقه إلى المسجد، فقد وجد ضالته ولن يتركها تضيع من بين يديه، واستمع للخطبة التي تحدثت عن الإِسلام. وما إن فرغ المصلّون من الصلاة حتى توجه محمد غارسيا إلى ماشوركا مخاطباً: أريد أن أسلم، ماذا أفعل؟ فقال له: عليك بنطق الشهادتين ثم الاغتسال. ففعل محمد غارسيا ما طلب منه فكبّر المصلّون فرحاً بإسلامه.

طريق الأهل الشائك والهجرة إلى الحقيقة:

تعلّم محمد عيسى غارسيا في المدرسة والبيت الحرية في أن يعتقد ما يريد دون أن يؤثر ذلك في حياة الأسرة، لكن ما حدث بعد إسلامه كان خلاف ذلك، فقد واجهته المصاعب من جميع الجهات؛ فوالدته غضبت منه غضباً شديداً وتوعدته رغم حبها الجمّ له، وقام والده بطرده من المنزل وهو ما زال طالباً لم يتعدَّ 18 عاماً، فخرج حزيناً من بيته مصدوماً من أهله الذين طالما تغنوا بالحرية في المعتقد والسلوك.

٢٣٣

ليس لمحمد عيسى غارسيا أحد يلجأ إليه سوى «ماشوركا» الذي احتضنه ووفر له عملاً بسيطاً في شركة لتصنيع البلاستيك، ومأوى في بيته كي يعيش فيه. ظل محمد عيسى يعمل ويتردد إلى المسجد كي يتعلم العربية وتعاليم الإِسلام، كان جلّ همّه أن يستزيد من المعرفة وينهل من نهج نبي الإِسلام (ص)

رغب محمد عيسى أن يتعلم سيرة النبي (ص) فأقبل على كتاب السيرة النبوية «لمارتن لينكس»، وكلما قرأ عن الاضطهاد الذي تعرض له النبي وكيف صبر عليه، ازداد صلابة في مواجهة الحياة الصعبة التي يعيشها، وبعد فترة اجتهد محمد عيسى في حفظ القرآن والأحاديث النبوية حتى حفظ جزء «عم» و«الأربعون النووية».

ظلّت نفس محمد عيسى تهفو لزيارة البيت الحرام والوقوف أمام مقام الرسول (ص) حتى أتت فرصة الحج عام 1993 ووقف أمام الكعبة يصلّي معلناً أنه لا يسجد لها ولا يعبد الحجر الأسود بل يسجد ويعبد الله وحده.

بعد الحج عزم محمد عيسى على التخصص في علم الحديث بعدما تعلّم اللغة العربية، وكانت ترافقه أمنية في أن يهدي الله أُمه للإِسلام فأخذ يراسلها ويكتب إليها ويتصل بها بين الحين والحين، وفي إحدى المرات فاجأته أُمه بقولها: «لقد أسلمتُ يا محمد» حينها طار قلب محمد فرحاً لإِسلام أُمه.

عاد محمد عيسى عام 2004 إلى الأرجنتين بعد رحلة استغرقت إحدى عشر عاماً، حفظ خلالها عشرة أجزاء من القرآن الكريم وأتقن اللغة العربية، آنذاك حمل محمد عيسى لواء الدعو إلى الله وتبصير الناس بالله وبالإِسلام لكنه واجه ظروفاً صعبة، ولكن من براثن الظلام يتولد الضوء، فكثير من الأرجنتينيين بدأوا يسألونه عن الإِسلام وهو يشرح لهم حقيقة الافتراءات التي ألصقت بهذا الدين الحنيف، حتى أسلم على يديه 70 رجلاً وامرأة خصصوا لهم مكاناً للصلاة في حيّهم، ويقوم محمد عيسى بتدريس العربية للمسلمين الجدد وتعليمهم قراءة القرآن وتعاليم الإِسلام.

٢٣٤

أصبحت الدعوة إلى الإِسلام هي الشغل الشاغل لمحمد عيسى وتطورت أساليبه في التبليغ، فنظراً إلى أنه يجيد اللغة العربية والإسبانية اتجه إلى الترجمة عندما وجد ندرة في الكتب الإِسلامية باللغة الإسبانية، فعمل مديراً لقسم اللغة الإسبانية في الدار العالمية للكتاب الإِسلامي، وقد ترجم حتى الآن أكثر من سبعين كتاباً إسلامياً من العربية إلى الإسبانية، ويناشد محمد عيسى الجميع الحكومات والمؤسسات الإسلامية أن يدعموا الدعوة والتبليغ في الأرجنتين وأمريكا اللاتينية، وأن تزيد حركة الترجمة وتتسع حتى تشمل جميع الكتب التي تحتضن العلوم الشرعية.

وليس غريباً أن يلوم المسلم الأرجنتيني محمد عيسى المسلمين على تقصيرهم في تبليغ رسالة الإِسلام في أمريكا اللاتينية، بعدما اطلع على عظمة الإِسلام ونجاعته في سعادة الإنسان في هذا العصر، فالمسلمون بنظره لا يقدّرون إسلامهم حق قدره. ويضيف محمد عيسى غارسياً قائلاً: «كثير من الدعاة يسافرون إلى أماكن أخرى من العالم مقابل عدد قليل جداً يأتي إلينا للدعوة إلى الله، وهذا يحزنني كثيراً، فالناس هنا في الأرجنتين، متقبلون للإِسلام ولكنهم يحتاجون إلى من يرشدهم إليه».

نداء إلى المسلمين:

وفي نهاية حديثه معنا قال: «60% من الأرجنتينيين الذين أسلموا تعرفوا على الإِسلام من خلال مواقع الإنترنت، وهناك مواقع إسبانية عن الإِسلام وكذلك منتديات للحوار باللغة الإسبانية، لذلك أناشد الشباب المسلم العربي أن يتعلم اللغة الإسبانية يدخل إلى هذه المواقع ليدعوا إلى الله، أرجو أن تهتموا بأمور المسلمين الجدد في أمريكا اللاتينية ونحن نرحب بكم جميعاً ونود أن نستقبلكم في بيوتنا».

٢٣٥

قصّة قسيس روسي

اعتنق الإسلام بعد صراع ضد الإلحاد :

من هو القسيس المسيحي الروسي الذي اعتنق الإسلام وما هي قصة الشيخ الذي دخل عليه إلى قلب الكنيسة وكان كلامه بمثابة دعوة للهدى، وماذا يفعل بولوسين ورفاقه لنصرة الإسلام في روسيا؟

قال الدكتور في الفلسفة والعلوم السياسية علي فيتشسلاف بولوسين: «لقد تربيت في عائلة غير مؤمنة ولكنني كنت أدرك بإحساسي وجود الله الذي أتوجه إليه في كل ضائقة وسرعان ما تنفرج».

وأضاف بولوسين الذي وضع عدداً من المؤلفات حول علوم الدنيا والآخرة أبرزها كتابه «الخرافات والدين والدولة» الذي صدر في موسكو في عام 9991م إنه التحق بكلية الفلسفة في جامعة موسكو من أجل الوصول إلى معرفة حقيقة الله (سبحانه وتعالى) حيث تخرَّج بعد أن أمعن في دراسة المسيحية الأرثوذكسية وقال «اكتشفت الكثير من التناقضات فيها».

وإبان العهد السوفياتي حيث كانت الشيوعية تمثل الإيديولوجية الرسمية للدولة وكانت الكنيسة الأرثوذكسية تمثل البديل الوحيد الموجود التحق بولوسين بمدرسة الرهبان وأصبح قسيساً في عام 3891م. وأقر بولوسين بأن وضعه كراهب كان يشكِّل رمزاً للصراع ضد الإلحاد وفي الوقت نفسه فإن مقامه كراهب كان يفرض عليه ممارسة طقوس تلبية لاحتياجات الناس المؤمنين التي يقول إنه «لم يقتنع بها مما خلق لديه ازدواجية بين الإيمان الشخصي والواجب الديني الاجتماعي ويعتقد بولوسين أن شكوكه ومواقفه التي لم يكن قادراً على إخفائها كانت السبب وراء إبعاده إلى آسيا الوسطى للخدمة في إحدى الكنائس في طاجكستان «حيث تعرفت لأول مرة وبصورة مباشرة على المسلمين والإسلام الذي بدأت أشعر بانشداد إليه».

وروى بولوسين أن شيخاً وقوراً دخل عليه إلى قلب الكنيسة التي كان يرعى أمورها وبدون أن يقدِّم نفسه «سألني عدة أسئلة أجبته عليها وبعدها قال لي إنك تنظر إلى الأمور بعيون مسلم وستكون إن شاء الله من المسلمين».

٢٣٦

وقال بولوسين: «بدا هذا الأمر عجيباً وغريباً إذ دخل الشيخ إلى قلب الكنيسة بكل احترام ولكنه غير آبه بأي مكروه قد يتعرض إليه ليدعو راعي الكنيسة إلى الإسلام، والعجيب في الأمر أن هذه الدعوة دخلت إلى روحي ولم تلقَ مني أي مقاومة».

وأضاف: إن الأمر الأكثر عجباً أنني لم أرَ هذا الشيخ قبل هذه الحادثة ولا بعدها وبعد وقت أدركت أن مجيئه إليّ كان مثابة «دعوة للهدى».

وبعد آسيا الوسطى تولى بولوسين رعاية كنيسة مهجورة أعيد ترميمها في مدينة كالوغا حيث يعترف بأنه بدأ فيها ممارسة قناعته بالإيمان بعيداً عن الطقوس التي لم يكن يؤمن بها.

وبفضل العلاقة الطيبة التي ارتسمت بينه وبين رواد الكنيسة سارع الناس في سنوات الانفتاح والانعتاق الديني التي دشنتها البيرسترويكا إلى ترشيحه لعضوية البرلمان الروسي في عام 0991م حيث أصبح نائباً في البرلمان وترأس لجنة برلمانية لحرية العقيدة وتفرغ للعمل النيابي بعد أن تقدم بطلب رسمي إلى الكنيسة حرره من التزاماته الشكلية الدينية.

وأضاف أن فترة عمله في البرلمان تُوِّجت بإقرار قانون حول الأديان منح الكثير من التسهيلات للمسلمين وظل العمل به مستمراً حتى عام 7991م.

ويعترف بولوسين أنه انكب في بداية التسعينيات على دراسة المصادر التاريخية القديمة للمسيحية في محاولة للوقوف على تفسيرات للشكوك التي انطوت عليها نفسه ولكن هذه الدراسة المتعمقة زادت شكوكه وعمقتها «حسب قوله».

واستطرد بأن عام 5991م كان عام التحول في قناعاته الدينية حيث توقف تماماً عن ممارسة عمله في الكنيسة وانتقل لدراسة الإسلام وقال: «لكن قراءة القرآن بالترجمة الروسية التي أعدها أغناتي كراتشكوفسكي شوهت المعاني السامية للقرآن التي لم تتضح بأبعادها العظيمة إلّا بعد مراجعة ترجمة عصرية للمعاني القرآنية والمؤلفات الإسلامية حول المسيح واستماعي إلى سلسلة محاضرات حول الدين الإسلامي حيث لم يبقَ لديّ أي شك في اعتناق الإسلام.

٢٣٧

وقال بولوسين «أعلنت إسلامي سراً ولم يكن يعلم به أحد سوى شخصين، وانطوى هذا القرار على خطر يتهدد حياتي وحياة زوجتي التي سبقتني إلى الإسلام وظللت على هذا الحال حتى العام الماضي حيث نطقت علناً بالشهادتين في حديث أدليت به لصحيفة «المسلمون» واتخذت لنفسي اسم علي وزوجتي علية».

ورداً على النظريات الغربية التي ترى أن الصراع بين الأديان والحضارات يبدو حتمياً أعرب بولوسين عن قناعته بأن روسيا تشكل نموذجاً يحتذى للتعايش السلمي بين الإسلام والمسيحية بالرغم من بعض الفترات التاريخية التي ألحقت فيها الدولة أذى بالمسلمين كما حدث في العهد القيصري إبان حكم إيفان الرهيب وغيرها.

وحذر بولوسين من وجود أطراف خارجية تسعى لإثارة النعرات الدينية في روسيا من أجل تقويض الوحدة الوطنية وإضعاف الدولة الروسية.

ويتهم بولوسين الصهيونية بأنها صاحبة المصلحة الأولى في الإيقاع بين المسلمين والمسيحيين في روسيا.

ودحض بولوسين بقوة محاولة إضفاء صفة الإرهاب على الإسلام قائلاً إن الأصولية اليهودية تشكل قمة التطرف لأنها تندرج في الإطار الإيديولوجي للصهيونية وتقوم على الخرافات التي كانت قائمة قبل ثلاثة آلاف عام.

وتساءل «كيف يتحدثون عن الأصولية الإسلامية وكلنا نعرف إن الأصولية اليهودية هي التي أقامت دولة على حساب شعب آخر استناداً إلى روايات خرافية وما زالت تسعى لإقامة دولة إسرائيل الكبرى على حساب الأمة العربية جمعاء».

وعن المهام الملحَّة التي يقوم بها بولوسين لنصرة الإسلام في روسيا قال إن المهمة الملحة تتمثل في «تقديم صورة صحيحة عن الإسلام للمواطنين الروس على جميع الأصعدة بما في ذلك أجهزة الدولة الأمنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية».

وأضاف أننا نقوم بنشر صورة الإسلام المشرقة بصفته ديناً قائماً على المحبة والتعايش السلمي وسط المثقفين الروس وبدأنا بإصدار نشرة الصراط المستقيم التي تتضمن مقالات تطرح نظرة عصرية وحديثة للإسلام في روسيا وموقف المسلمين إزاء معضلات ومشكلات المجتمع الروسي.

٢٣٨

وذكر بولوسين الذي يعمل في الوقت الحاضر مستشاراً لدى رئيس الإدارة الدينية لمسلمي الجزء الأوروبي من روسيا أنه يعمل مع فريق من المسلمين الروس على وضع أسس لبرنامج اجتماعي للمسلمين الروس من أجل طرحه في الأوساط الروسية الرسمية والاجتماعية.

٢٣٩

الأخ الإسباني يوسف فرنانديز

يقول:

· أدركت أن الإسلام هو ما كنت أنتظره منذ فترة طويلة، فهو نهج حياة واضح لا يكتنفه غموض أو أسرار.

· قبل الإسلام كنت شخصاً عصبياً متشائماً لا يرى معنى لوجوده.. وقد أصبحت بعده إنساناً هادئاً وحيوياً وإيجابياً.

· في إسبانيا آفاق الدعوة إلى الإسلام جيّدة على الرغم من أن العمل في هذا المجال ليس كافياً.

يوسف فرنانديز.. أخ مسلم غربي آخر يروي قصّة تحوّله المشوّقة إلى جمال أنوار الإسلام، بعد رحلة طالت مع العقائد والأفكار السائدة في عالم الغرب، التي لم تشفِ غليله، ولم توفّر له قناعة بسلامتها وطمأنينة بصلاحيتها.. وقد تفضّل مشكوراً بالكتابة عن قصّة اعتناقه للإسلام، ليطّلع عليها قرّاء المجلة وكل من هو متيقِّن بعظمة هذا الدين الحنيف.

لقد وُلدت في العام 5691 في أستورياس، وهي منطقة في شمال إسبانيا زُعم أنها مهد الكاثوليكية الوطنية، أي العقيدة السياسية والدينية التي سادت في إسبانيا طيلة خمسة قرون. تقول أساطير الفكر الرسمي القديم إن المسلمين الذين جاؤوا في العام 711 ميلادي إلى إسبانيا عن طريق مضيق جبل طارق واستولوا على معظم أنحاء شبه الجزيرة الأيبيرية في سبع سنوات فقط، قد هُزموا من قبل الملك بيلايو وبعض أتباع المسيحية في كوفادونغا، وهي معقل جبلي في أستورياس. وقد قيل إن ذلك آذن ببدء الـatsiuqnoceR (الاسترداد) أي الحرب المسيحية المقدسة التي استمرت ثمانية قرون لفتح شبه الجزيرة بأكملها والقضاء على الدول الإسلامية فيها. وفي الثاني من كانون الثاني/يناير 2941، سقطت غرناطة؛ وقد مثل هذا التاريخ نهاية العصر الإسلامي المشرق في الأندلس.

بعد ذلك، أصبحت إسبانيا دولة كاثوليكية رسمية وذلك حتى وفاة الدكتاتور فرانشيسكو فرانكو في العام 5791. وفي عام 8791، تمت المصادقة على أول دستور ديمقراطي، وبعد ذلك بعامين صدر أول قانون للحرية الدينية.

نظراً لهذه الحقائق التاريخية، كان من المفترض أن تكون أستورياس مكاناً من الصعب أن يكتشف المرء الإسلام فيه، لا سيما وأن الهويتين الأستورية والإسبانية قد تم ربطهما بالكاثوليكية الوطنية لفترة طويلة.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

و قال الحطيئة « و القول ينفذ ما لا ينفذ الابر »(١) .

و في ( أنساب البلاذري ) : كان خالد بن يزيد يقاتل قرقيسا مع كلب و هم أخواله لأن ام يزيد ميسون بنت بجدل من كلب ، فألخّ عليهم بالقتال و الرمي حتى كاد يظفر ، فقال رجل من بني كلاب : لاسمعنّه قولا لا يعود بعده إلى ما يصنع ، و لأكسرنه به ، فلمّا غدا خالد للمحاربة أشرف الكلابي عليه و هو يقول :

ماذا ابتغاء خالد و همّه

إذ سلب الملك و نيكت امّه

فأنكر و استحى و لم يعد إلى الحرب حتى انقضى .

و تقاذف عبد الرحمن بن حسّان و يحيى بن الحكم في امارة أخيه مروان ، فضرب مروان أخاه عشرين و عبد الرحمن ثمانين ، فقال عبد الرحمن :

ضربني مروان ضرب حر و ضرب أخاه حد نصف عبد ، فكان هذا القول أشد على يحيى من سبّه و أنفذ من صوله(٢) .

و في ( صفّين نصر ) : ذكروا أنّ عليّاعليه‌السلام أظهر أنه مصبح غدا معاوية و مناجزه ، ففزع أهل الشام لذلك و انكسروا و كان معاوية بن الضحّاك صاحب راية بني سليم مع معاوية و كان مبغضا له ، و كان يكتب بالأخبار إلى عبد اللَّه بن الطفيل العامري و يبعث بها إلى عليعليه‌السلام ، فبعث إلى عبد اللَّه إنّي قائل شعرا إذ عرّبه أهل الشام ، و كان معاوية لا يتهمه ، فقال ليلا ليسمع أصحابه :

ألا ليت هذا الليل أطبق سرمدا

علينا و انا لا نرى بعده غدا

و يا ليتنا ان جاءنا بصباحه

وجدنا إلى مجرى الكواكب مصعدا

حذار عليّ إنّه غير مخلف

مدى الدهر ما لبّى الملبّون موعدا

____________________

( ١ )

( ٢ ) لا وجود له في أنساب البلاذري ، ذكره ابن الأثير في الكامل ٤ : ٣٣٧ ٣٣٨ .

٦٠١

فاما فراري في البلاد فليس لي

مقام و لو جاوزت جابلق مصعدا

كأني به في الناس كاشف رأسه

على ظهر خوّار الرحالة أجردا

يخوض غمار الموت في مرجحنة

ينادون في نقع العجاج محمدا

فوارس بدر و النضير و خيبر

و احد يروّون الفصيح المهندا

و يوم حنين جالدوا عن نبيّهم

فريقا من الأحزاب حتى تبدّدا

هنالك لا تلوي عجوز على ابنها

و إن أكثرت في القول نفسي لك الفدا

فقل لابن حرب ما الّذي أنت صانع

أتثبت أم ندعوك في الحرب قعددا

و ظنّي بألاّ يصبر القوم موقفا

يقفه و ان لم نجر في الدهر للمدا

فلا رأي إلاّ تركنا الشام جهرة

و ان أبرق الفجفاح فيها و أرعدا

فلمّا سمع أهل الشام شعره أتوا به معاوية ، فهم بقتله ثم راقب فيه قومه و طرده عن الشام فلحق بمصر ، و قال معاوية : لقول السلمي أشدّ على أهل الشام من لقاء علي ، ما له قاتله اللَّه لو أصاب خلف جابلق مصعدا نفذه و جابلق مدينة بالمشرق و جابلص بالمغرب ليس بعدهما شي‏ء .

و قال هارون : لمّا سمع من وراء الستر محاجّة هشام بن الحكم مع المذاهب في اثبات أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى موسى بن جعفرعليه‌السلام ببراهين بيّنة :

لكلام هذا أشدّ عليّ من مائة ألف سيف ، و العجب كيف بقيت خلافتي مع وجود مثل هذا الرجل في الناس ، و همّ بقتله لكن توارى هشام و انصدع قلبه من الخوف فمات(١) .

و قد نقل شرحه ( الإكمال ) في آخر بابه الرابع و الثلاثين .

____________________

( ١ )

٦٠٢

٩٠ الحكمة ( ٣٩٥ ) و قالعليه‌السلام :

كُلُّ مُقْتَصَرٍ عَلَيْهِ كَافٍ و قالعليه‌السلام كما روى ( الكافي ) : من رضي من الدنيا بما يجزيه كان أيسر ما فيها يكفيه ، و من لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم يكن فيها شي‏ء يكفيه(١) .

و قال الباقر أو الصادقعليهما‌السلام : من قنع بما رزقه اللَّه فهو أغنى الناس .

و نزل هارون في سفر في ظل ميل و كان معه أبو العتاهية فقال أبياتا و منها :

و ما تصنع بالدّنيا

و ظلّ الميل يكفيكا(٢)

٩١ الحكمة ( ٤٠٢ ) و قالعليه‌السلام :

لبعض مخاطبيه و قد تكلم بكلمة يستصغر عن قول مثلها : لَقَدْ طِرْتَ شَكِيراً وَ هَدَرْتَ سَقْباً أقول : في ( المعجم ) صاحب ابن جنّي الفارسي أربعين سنة ، و كان السبب في صحبته أن الفارسي اجتاز بالموصل فمرّ بالجامع و ابن جني في حلقة يقرى‏ء النحو و هو شاب ، فسأله الفارسي عن مسألة في التصريف فقصّر فيها ، فقال له الفارسي « زبّبت(٣) و أنت حصرم » فسأل عنه فقيل له هذا الفارسي ، فلزمه فلمّا مات الفارسي تصدّر ابن جني في مجلسه ببغداد(٤) .

قول المصنف ( و الشكير هاهنا أوّل ما ينبت من ريش الطائر قبل أن

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ١٤٠ ح ١١ رواه عن خان بن سدير رفعه .

( ٢ ) ديوان أبي العتاهية : ١٩١ ، و في الهامش نسبه المسعودي لهارون الرشيد .

( ٣ ) أي صرت زبيبا .

( ٤ ) الحموي ، معجم الأدباء ٦ : ٩١ في ترجمة عثمان بن جنّي .

٦٠٣

يقوى و يستحصف ) أي : يستحكم ، إنّما قال المصنف « و الشكير هاهنا » أي : في كلامهعليه‌السلام لأنّه يأتي الشكير بمعنى آخر كما في قول الشاعر :

و من عضة ما ينبتن شكيرها

بمعنى ما ينبت حول الشجرة من أصلها ، يقال شكرت الشجرة بالكسر كثر شكيرها ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ الأصل واحد ، و هو أوّل ما نبت ريش الطائر و قولهم « شكرت الشجرة » استعارة و تشبيه بالطائر كقولهم « اشتكر الجنين » نبت عليه الزغب و كقول هلال بن مجاعة لمّا قال له عمر بن عبد العزيز : هل بقي من شيوخ مجاعة أحد « نعم و شكير كثير » أي :

و احداث كثير .

« و السقب الصغير من الإبل و لا يهدر » بالتخفيف و التشديد ، أي : لا يردّد صوته في حنجرته قال الوليد بن عقبة لمعاوية « تهدّر في دمشق فما تريم »(١) .

و في ( المثل ) « كالمهدّر في العنّة » يضرب للرجل يصيح و يجلب و ليس وراء ذلك شي‏ء كالبعير الذي يحبس في الحظيرة و يمنع من الضراب و هو يهدر « إلاّ بعد أن يستفحل » أي : يصير فحلا(٢) .

هذا و ليس في نسخة ( ابن ميثم ) بيان المصنف(٣) .

و من أمثالهم « قد استنوق الجمل » أي : صار الجمل ناقة قيل الأصل فيه ان شاعرا أنشد ملكا في وصف جمل ثم حوّله إلى ناقة ، فقال طرفة و كان حاضرا قد استنوق الجمل(٤) .

____________________

( ١ ) ابن الأثير ٣ : ٢٨٠ .

( ٢ ) الميداني ، معجم الأمثال ٢ : ١١٦ .

( ٣ ) راجع شرح ابن ميثم ٥ : ٤٣٩ رقم ٣٧٨ .

( ٤ ) الميداني ، مجمع الأمثال ٢ : ٥٦ .

٦٠٤

٩٢ الحكمة ( ٤٠٣ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ أَوْمَأَ إِلَى مُتَفَاوِتٍ خَذَلَتْهُ اَلْحِيَلُ أقول : قال ( ابن أبي الحديد ) : قيل في تفسير الكلام : من استدلّ بالمتشابه من القرآن في التوحيد و العدل انكشفت حيلته ، فإنّ علماء التوحيد قد أوضحوا تأويل ذلك(١) و قيل : من بنى عقيدته على أمرين مختلفين حقّ و باطل كان مبطلا و قيل : من أومى بطمعه إلى فائت قد مضى لن تنفعه حيلته ، أي لا يتبعن أحدكم امله ما قد فاته و هذا ضعيف لأن المتفاوت في اللغة غير الفائت .

و قال ابن ميثم : المتفاوت كالامور المتضادّة ، أو التي يتعذّر الجمع بينها في العرف و العادة ، فلا يمكنه الجمع بين ما يرومه من تلك الامور(٢) .

قلت : و الظاهر أنّ المراد عدم إمكان الجمع بين الحق و الباطل قال عامر بن الضرب العدواني لقومه : من جمع بين الحق و الباطل لم يجتمعا له ، و كان الباطل أولى به ، و إن الحق لم يزل ينفر من الباطل و لم يزل الباطل ينفر من الحق .

٩٣ الحكمة ( ٤٠٨ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ صَارَعَ اَلْحَقَّ صَرَعَهُ أقول : هو نظير قولعليه‌السلام في ١٥ ١ و في ١٨٨ ٣ « من ابدى صفحته

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٥ .

( ٢ ) شرح ابن ميثم : ترجم نهج البلاغة ٥ : ٤٤ .

٦٠٥

للحق هلك »(١) .

قال الاسكافي في ( نقض عثمانيته ) : علم الناس كافة ان الدولة و السلطان لأرباب مقالة العثمانية و عرف كلّ أحد علو أقدار شيوخهم و علمائهم و امرائهم و ظهور كلمتهم و قهر سلطانهم و ارتفاع التقية عنهم ، و إعطاء الجائزة لمن روى في فضل أبي بكر و ما كان من تأكيد بني امية في ذلك و ما ولّده المحدّثون طلبا لمّا في أيديهم ، فكانوا لا يألون جهدا في طول ما ملكوا ان يخملوا ذكر عليعليه‌السلام و ولده و يطفئوا انوارهم و يكتموا فضائلهم و مناقبهم و سوابقهم و يحملوا الناس على سبّهم و لعنهم على المنابر ، و لم يزل السيف يقطر من دمائهم مع قلّة عددهم و كثرة عدوّهم ، فكانوا بين قتيل و أسير و شريد ، و هارب و مستخف ذليل و خائف مترقب و يتقدّم إليهم ألاّ يذكروا شيئا من فضائلهم ، و حتى بلغ من تقية المحدّث منهم إذا ذكر حديثا عن عليعليه‌السلام كنّى عن ذكره برجل من قريش ، و رأينا جميع المخالفين قد حاولوا نقض فضائله و وجهوا الحيل و التأويلات نحوها ، من خارجي مارق و ناصبي حنق و نابت مستبهم و ناشي معاند و منافق مكذب و عثماني حسود يطعن فيها ، و معتزلي قد نظر في الكلام و أبصر علم الاختلاف و عرف الشبهة و مواضع الطعن و ضرب التأويل ، قد التمس الحيل في إبطال مناقبه و تأوّل مشهور فضائله ، فمرّة يتأولها بما لا يحتملها و مرّة يقصد أن يضع من قدرها بقياس منتقض ، و لا يزداد مع ذلك إلاّ قوّة و رفعة .

و قد علمت أنّ معاوية و يزيد و بني مروان أيام ملكهم نحو ثمانين سنة لم يدعوا جهدا في حمل الناس على شتمه و اخفاء فضائله ، فقال ابن لعامر بن عبد اللَّه بن الزبير لولده : يا بنيّ لا تذكر عليّا إلاّ بخير ، فإنّ بني امية لعنوه على

____________________

( ١ ) راجع الكتاب .

٦٠٦

منابرهم ثمانين سنة فلم يزده اللَّه بذلك إلاّ رفعة ، ان الدّنيا لم تبن شيئا قط إلاّ رجعت على ما بنت فهدمته ، و ان الدين لم يبن شيئا قط و هدمه .

إلى أن قال بعد ذكر أخذ الحجّاج الناس بترك قراءة ابن مسعود و ابيّ و لزومهم قراءة عثمان و مهجورية قراءتهما و شيوع قراءته لذلك : و لقد كان الحجّاج و من ولاّه كعبد الملك و الوليد و من قبلهما و بعدهما من فراعنة بني امية على إخفاء محاسن عليعليه‌السلام و فضائل ولده و شيعته أحرص منهم على إسقاط قراءة الرجلين ، لأن قراءتهما لم تكن سببا لزوال ملكهم و في اشتهار فضل عليعليه‌السلام و ولده بوارهم ، فحرصوا في اخفاء فضائله و أبي اللَّه أن يزيد أمره و أمر ولده إلاّ استنارة و إشراقا و حبّهم إلاّ شغفا ، فلو لا أنّ فضائله كانت كالقبلة المنصوبة في الشهرة و كالسنن المحفوظة في الكثرة لم يصل إلينا منها في دهرنا حرف واحد مع ما قلنا(١) .

٩٤ الحكمة ( ١١٨ ) و قالعليه‌السلام :

إِضَاعَةُ اَلْفُرْصَةِ غُصَّةٌ أقول : و قالعليه‌السلام في قريب من هذا المعنى « التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم بعده » و « الفرصة تمرّ مرّ السحاب »(٢) .

قال تعالى :( و أَنفقوا من مّا رزقناكم من قَبل أن يأتي أَحَدكُم المَوت فيقول ربِّ لو لا أَخّرتني إِلى أجلٍ قَريب فأصَّدَّقَ و أَكُن من الصالحين و لَن

___________________

( ١ ) نقل المؤلف هذا النص من شرح نهج البلاغة ١٣ : ٢١٨ ٢٢٣ بتصرف ، إذ ليس للأسكافي كتاب متداول بهذا الأسم ، فكل ما هو موجود هو ما جمعه محمد هارون المصري من هذا الكتاب ممّا رواه شرح ابن أبي الحديد في شرحه ثم طبعه في آخر كتاب العثمانية للجاحظ .

( ٢ ) من الكلمات القصار رقم ( ٢١ ) .

٦٠٧

يُؤخّر اللَّه نفساً إذا جاء أَجلُها و اللَّه خبير بما تعمَلُون ) (١) ( و اتَّبعوا أحسن ما أنزل إليكم من رَبكُم من قَبل أن يأتيَكُم العَذاب بغتَةً و أنتم لا تَشعرون أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرّطتُ في جنب اللَّه ) .(٢) .

و في الخبر : اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، و صحتك قبل سقمك ، و غناك قبل فقرك ، و فراغك قبل شغلك ، و حياتك قبل موتك(٣) .

و في ( أخبار حكماء القفطي ) : كان أحمد بن محمد بن مروان الطبيب السرخسي تلميذ يعقوب بن إسحاق الكندي أحد المتفنّنين في علوم الفلسفة ، و كان الغالب عليه علمه لا عقله ، و كان أولا معلما للمعتضد ثم نادمه و كان يفضي إليه بأسراره ، فأفضى إليه بسر يتعلّق بالقاسم بن عبيد اللَّه و بدر غلام المعتضد ، فأذاعه بحيلة من القاسم عليه مشهورة ، فسلّمه المعتضد إليهما فاستصفيا ماله ثم أودعاه المطامير ، فلمّا خرج المعتضد لفتح آمد أفلت من المطامير جماعة و أقام أحمد في موضعه و كان قعوده سببا لمنيّته ، فأمر المعتضد القاسم بإثبات جماعة ممّا ينبغي أن يقتلوا ليستريح من تعلق القلب بهم ، فأثبتهم و أدخل أحمد في جملتهم فقتل و مضى بعد أن بلغ السماء رفعة(٤) .

٩٥ الحكمة ( ٤١١ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ تَجْعَلَنَّ ذَرَبَ لِسَانِكَ أي حدته عَلَى مَنْ أَنْطَقَكَ وَ بَلاَغَةَ قَوْلِكَ

____________________

( ١ ) المنافقون : ١٠ ١١ .

( ٢ ) الزمر : ٥٥ ٥٦ .

( ٣ ) رواه الحاكم في المستدرك ٤ : ٣٠٦ و ذكره الفيض في المحجة مسندا عن ابن عباس ٨ : ٢٥ .

( ٤ ) أخبار القفطي : ٥٥ .

٦٠٨

عَلَى مَنْ سَدَّدَكَ أي اصلحك قال الشاعر :

فيا عجبا لمن ربيت طفلا

ألقمه بأطراف البنان

اعلمه الرماية كلّ يوم

فلمّا اشتد ساعده رماني

اعلمه الفتوة فلمّا

طر شاربه جفاني

و كم قد علمته نظم القوافي

فلمّا قال شعرا قد هجاني(١)

٩٦ الحكمة ( ٤١٦ ) و قالعليه‌السلام لابنه الحسن :

يَا بُنَيَّ لاَ تُخَلِّفَنَّ وَرَاءَكَ شَيْئاً فَإِنَّكَ تَخَلِّفُهُ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ إِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اَللَّهِ فَسَعِدَ بِمَا شَقِيتَ بِهِ وَ إِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اَللَّهِ فَشَقِيَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ فَكُنْتَ عَوْناً لَهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَ لَيْسَ أَحَدُ هَذَيْنِ حَقِيقاً عَلَى أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ في ( المروج ) كان المهدي محبّبا الى الخاص و العام ، لأنّه افتتح أمره بالنظر في المظالم(٢) ، و الكفّ عن القتل ، و أمن الخائف ، و إنصاف المظلوم ، و بسط يده في الاعطاء ، فأذهب جميع ما خلّفه المنصور و هو ستمائة ألف ألف درهم و أربعة عشر ألف ألف دينار سوى ما جباه في أيامه(٣) .

و في ( الطبري ) : قال محمد بن سليمان الهاشمي : كان المنصور لا يعزل أحدا من عمّاله إلاّ ألقاه في دار خالد البطين على شاطى‏ء دجلة ملاصقا لدار

____________________

( ١ )

( ٢ ) في نسخة أخرى في رد المظالم .

( ٣ ) المسعودي ، مروج الذهب ٣ : ٣٢٢ .

٦٠٩

صالح المسكين ، فيستخرج منه مالا ، فما أخذ من شي‏ء ، أمر به فعزل و كتب عليه اسم من أخذ منه و عزل في بيت المال و سمّاه بيت مال المظالم ، فكثر في ذلك البيت من المال و المتاع ، ثم قال للمهدي : إنّي قد هيّأت لك شيئا ترضي به الخلق و لا تغرم من مالك شيئا ، فإذا أنامت فادع هؤلاء الذين أخذت منهم هذه الأموال التي سميتها المظالم فاردد عليهم كلّ ما أخذ منهم فانّك تستحمد إليهم و إلى العامة ، ففعل ذلك المهدي لمّا ولي(١) .

قال المصنف ( و يروى هذا الكلام على وجه آخر ، و هو « أمّا بعد ، فإنّ الذي في يدك من الدنيا قد كان له أهل قبلك و هو صائر إلى أهل بعدك ) .

في ( الأنوار النعمانية ) : مرّ عيسىعليه‌السلام ذات يوم مع جماعة من أصحابه بزرع قد أمكن من الفرك ، فقالوا : يا نبي اللَّه إنّا جياع فاوحي إليه أن ائذن لهم في قوتهم ، فأذن لهم فتفرقوا في الزرع يفركون و يأكلون ، فبيناهم كذلك إذ جاء صاحب الزرع و هو يقول : زرعي و أرضي ورثتها من آبائي فبإذن من تأكلون ؟ فدعا عيسىعليه‌السلام ربه فبعث تعالى جميع من ملك تلك الأرض من لدن آدم إلى ساعته كلّ ينادي زرعي و أرضي ورثته من آبائي ففزع الرجل منهم و كان بلغه أمر عيسىعليه‌السلام ، فأتاه و قال : لم أعرفك ، زرعي لك حلال ، فقال :

ويحك هؤلاء كلّهم قد ورثوا هذه الأرض و عمروها و ارتحلوا عنها و أنت مرتحل عنها و لاحق بهم ليس لك أرض و لا مال(٢) .

( و انما أنت جامع لأحد رجلين رجل عمل فيما جمعته بطاعة اللَّه فسعد بما شقيت به ، و رجل عمل فيه بمعصية اللَّه فشقيت بما جمعت له ، و ليس أحد هذين أهلا أن تؤثره على نفسك و لا أن تحمل له على ظهرك ، فارج لمن مضى

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٦ : ٣٢٤ .

( ٢ )

٦١٠

رحمة اللَّه و لمن بقي رزق اللَّه ) .

الأصل في هذه الرواية ( الروضة ) ، روي أن مولى لأمير المؤمنينعليه‌السلام سأله مالا فقال : يخرج عطائي فاقاسمك فقال : لا أكتفي ، و خرج إلى معاوية فوصله ، فكتبعليه‌السلام إليه : أما بعد الخ و زاد بين قوله « بعدك » و قوله « و انما » و انما لك ما مهدت لنفسك فآثر نفسك على اصلاح ولدك(١) .

٩٧ الحكمة ( ٤٢٩ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ أَعْظَمَ اَلْحَسَرَاتِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ حَسْرَةُ رَجُلٍ كَسَبَ مَالاً فِي غَيْرِ طَاعَةِ اَللَّهِ فَوَرِثَهُ رَجُلٌ فَأَنْفَقَهُ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ فَدَخَلَ بِهِ اَلْجَنَّةَ وَ دَخَلَ اَلْأَوَّلُ اَلنَّارَ هكذا في ( الطبعة المصرية )(٢) و الصواب : ( فورّثه رجلا ) كما في ابن أبي الحديد(٣) و ابن ميثم(٤) و الخطية(٥) .

« فأنفقه في طاعة اللَّه سبحانه فدخل به الجنة و دخل الأول به النار » .

قال ابن أبي الحديد : يقال لعمر بن عبد العزيز السعيد ابن الشقي ، و ذلك أنّ عبد العزيز ملك ضياعا كثيرة بمصر و الشام و العراق و المدينة من غير طاعة اللَّه لسلطان أخيه عبد الملك و بولايته مصر و غيرها ، ثم تركها لابنه عمر فكان ينفقها في طاعة اللَّه إلى أن أفضت الخلافة إليه ، فأخرج سجلات عبد الملك

____________________

( ١ ) روضة الكافي للكليني ٧٢ ، أخرجه عن علي بن إبراهيم عن بعض أصحابه مر ذكره ص ٢٨٧ .

( ٢ ) راجع افسيت النسخة المصرية : ٧٥٦ .

( ٣ ) راجع شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٧١ .

( ٤ )

( ٥ )

٦١١

بها لأبيه فمزّقها و أعادها إلى بيت المال(١) .

قلت : تسميته سعيدا بذلك على أصول العامة ، و أمّا على أصول الخاصة فكان أشقى من أبيه حيث إنّه تصدّى للخلافة بغير حقّ ، و هو فوق أخذ الأملاك بغير حق ، و كان مصداق قوله تعالى( و حَمَلها الإنسانُ إنَّهُ كانَ ظلوماً جَهُولا ) (٢) .

ثم ان كلامهعليه‌السلام في انفاق الوارث المال في الطاعة محمول على جهله بغاصبية مورثه ، و إلاّ فالواجب عليه ردّه إلى صاحبه ، و قد رد عمر بن عبد العزيز فدك التي صارت إلى أبيه على أهلها ، مع ان الأصل في غصبها صدّيقهم و فاروقهم ، و قد قال له أقرباؤه إنّك في عملك هذا تطعن على الشيخين فلم يكترث بهم .

٩٨ الحكمة ( ٤٢٦ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَثِقَ بِخَصْلَتَيْنِ اَلْعَافِيَةِ وَ اَلْغِنَى بَيْنَا تَرَاهُ مُعَافًى إِذْ سَقِمَ وَ بَيْنَا تَرَاهُ غَنِيّاً إِذِ اِفْتَقَرَ أقول : جزؤه الأول نظير قولهعليه‌السلام « ما المريض المبتلى بأحوج إلى الدعاء من الصحيح المعافى » .

و في ( دلالات الرضاعليه‌السلام : عاد بعض أعمامه و عمّه الآخر يبكي عليه ، فتبسّمعليه‌السلام و قال يبرأ المريض المحتضر المأيوس منه و يموت السالم الباكي

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢٠ : ٧٤ .

( ٢ ) الأحزاب : ٧٢ .

٦١٢

على أخيه ، فصار كما قالعليه‌السلام (١) و من شعر الخليل :

و قبلك داوى الطبيب المريض

فعاش المريض و مات الطبيب

فكن مستعدّا لدار البقاء

فإنّ الذي هو آت قريب(٢)

و قال ابن أبي الحديد قال شاعر :

و ربّ غنيّ عظيم الثراء

أمسى مقلاّ عديما فقيرا

و كم بات من مترف في القصور

فعوّض في الصبح عنها القبورا(٣)

٩٩ الحكمة ( ٤٣٠ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ أَخْسَرَ اَلنَّاسِ صَفْقَةً وَ أَخْيَبَهُمْ سَعْياً رَجُلٌ أَخْلَقَ بَدَنَهُ فِي طَلَبِ مَالِهِ وَ لَمْ تُسَاعِدْهُ اَلْمَقَادِيرُ عَلَى إِرَادَتِهِ فَخَرَجَ مِنَ اَلدُّنْيَا بِحَسْرَتِهِ وَ قَدِمَ عَلَى اَلْآخِرَةِ بِتَبِعَتِهِ قال الجوهري : يقال صفقة رابحة و صفقة خاسرة ، و الصفق الضرب الذي يسمع له صوت ، و صفقت له بالبيع و البيعة أي : ضربت يدي على يده(٤) .

« و أخيبهم سعيا » أي : أيأسهم من سعيه و جده .

« رجل أخلق بدنه » أي : جعله باليا .

« في طلب آماله و لم تساعده المقادير على إرادته ، فخرج من الدّنيا بحسرته و قدم على الآخرة بتبعته » .

في ( كامل الجزري ) : مات بركيارق بن ملكشاه السلجوقي في سنة

____________________

( ١ ) ذكره المجلسي بالمعنى في ٤٩ : ٣٢ رواية ٧ .

( ٢ ) الحموي ، معجم الأدباء ١١ : ٧٦ .

( ٣ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢٠ : ٧١ .

( ٤ ) الجوهري ، الصحاح ٤ : ١٥٠٧ مادة (( صفق )) .

٦١٣

 ٤٩٨ ) عن خمس و عشرين سنة و مدّة وقوع اسم السلطنة عليه ( ١٢ ) سنة ، قاسى من الحروب و اختلاف الأمور عليه ما لم يقاسه أحد ، و أشرف في عدّة نوب بعد إسلام النعمة على ذهاب المهجة ، و لمّا أطاعه المخالفون أدركته المنية(١) .

و في ( معجم بلدان الحموي ) : قادس جزيرة غربي الأندلس ، و كان صاحبها من ملوك الروم قبل الإسلام ، و كانت له بنت ذات جمال خطبها ملوك النواحي إلى أبيها فقال : لا ازوجها إلاّ بمن يصنع في جزيرتي طلسما يمنع البربر من الدخول إليها بغضا منها لهم أو يسوق الماء إليها من البر بحيث يدور فيها الرحى ، فخطبها ملكان فاختار أحدهما سوق الماء و الآخر عمل الطلسم على أن من سبق منهما يكون هو صاحب البنت ، فسبق صاحب الماء فلم يظهر الملك أبو البنت ذلك خوفا من أن يبطل الآخر ، فلمّا فرغ صاحب الطلسم و لم يبق إلاّ صقله أجرى صاحب الرحاء الماء و دارت رحاه ، فقيل لصاحب الطلسم انّك قد سبقت ، فألقى نفسه من أعلى الموضع الذي عليه الطلسم فمات و صارت الجارية لصاحب الماء .

قالوا : و الطلسم من حديد مخلوط بصفر على صورة بربري له لحية و في رأسه ذؤابة من شعر جعد قائمة في رأسه لجعودتها متأبط صورة كساء قد جمع فضلتيه على يده اليسرى قائم على رأس بناء عال مشرف طوله نيّف و ستون ذراعا و طول الصورة قدر ستة أذرع قد مدّ يده اليمنى بمفتاح قفل في يده قابضا عليه مشيرا إلى البحر كأنّه يقول : لا عبور .(٢) .

و في ( جمل المفيد ) : قال الحسن البصري : خرج طلحة من رساتيق

____________________

( ١ ) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ١١ : ٣٨٥ بتصرف في النقل .

( ٢ ) الحموي ، معجم البلدان ٤ : ٢٩١ .

٦١٤

أقطعه إيّاها عثمان إذ كان يقبضها ينخ به ألف راكب ثم يروحون فلم يعرف له ذلك حتى سعى في دمه ، فلمّا كان يوم البصرة خرج للقتال و قد لبس درعا استجن به من السهام إذ أتاه سهم فأصابه و كان أمر اللَّه قدراً مقدوراً(١) و رأيته يقول حين أصابه السهم : ما رأيت كاليوم مصرع شيخ أضيع من مصرعي و قد كان قبل ذلك جاهد مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و وقاه بيده فضيع أمر نفسه و لقد رأيت قبره مأوى الشقاء يضع عنده الغريب ثم يقضي عنده حاجته .

و أتى الزبير حيّا من أحياء العرب فقال أجيروني قال الحسن : و كنت يا زبير قبل ذلك تجير و لا يجار عليك و ما الذي أخافك و و اللَّه ما أخافك إلاّ ابنك فاتبعه ابن جرموز فقتله و و اللَّه ما رأيت مثله أحدا قط قد ضاع ، و هذا قبره بوادي السباع مخراة الثعالب ، فخرجا من الدّنيا لم يدركا ما طلبا و لم يرجعا إلى ما تركا قال الحسن : فعز عليّ هذه الشقوة التي كتبت عليهما(٢) .

( و فيه أيضا ) : لمّا انجلت الحرب بالبصرة و قتل طلحة و الزبير و حملت عائشة إلى قصر بني خلف ركب أمير المؤمنينعليه‌السلام و عمّار يمشي مع ركابه حتى خرج إلى القتلى يطوف عليهم ، فمرّ بعبد اللَّه بن خلف الخزاعي و عليه ثياب حسان مشهرة ، فقال الناس : هذا و اللَّه رأس الناس فقالعليه‌السلام : ليس برأس الناس و لكنه شريف منيع النفس ثم مرّ بعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فقالعليه‌السلام : هذا يعسوب القوم و رأسهم ، ثم جعل يستعرض القتلى رجلا رجلا ، فلمّا رأى أشراف قريش صرعى في جملة القتلى قال : جدعت أنفي ، أما و اللَّه إن كان مصرعكم بغيضا إليّ و لقد تقدمت إليكم و حذرتكم عض السيوف و كنتم احداثا لا علم لكم بما ترون و لكن الحين و مصارع سوء

____________________

( ١ )

( ٢ ) جمل المفيد : ٢٠٥ ٢٠٦ .

٦١٥

نعوذ باللَّه من سوء المصرع .

ثم سار حتى وقف على كعب بن سوار القاضي و هو مجدّل بين القتلى و في عنقه المصحف ، فقال : نحّوا المصحف وضعوه في مواضع الطهارة ثم قال : أجلسوا لي كعبا ، فاجلس فقالعليه‌السلام : يا كعب قد وجدت ما وعدني ربي حقّا فهل وجدت ما وعد ربك حقّا ؟ ثم قال : أضجعوا كعبا ، فتجاوزه فرأى طلحة صريعا فقال : أجلسوه ، فاجلس ، فقال : يا طلحة قد وجدت ما وعدني ربي حقّا فهل وجدت ما وعد ربك حقّا ؟ ثم قال أضجعوه ، فوقف رجل من القرّاء أمامه و قال لهعليه‌السلام : ما كلامك ؟ هذه الهام قد صديت لا تسمع لك و لا ترد جوابا فقالعليه‌السلام : إنّهما ليسمعان كلامي كما سمع أصحاب القليب كلام الرسول ، و لو أذن لهما في الجواب لرأيت عجبا .

و مرّ بمعبد بن المقداد و هو في الصرعى ، فقالعليه‌السلام : رحم اللَّه أبا هذا ، إنّما كان رأيه فينا أحسن من رأي هذا فقال عمّار : الحمد للَّه الذي أوقعه و جعل خدّه الأسفل ، و اللَّه لا نبالي بمن عند عن الحق من والد و ولد فقالعليه‌السلام : رحمك اللَّه يا عمّار و جزاك عن الحق خيرا .

و مرّ بعبد اللَّه بن ربيعة و هو في القتلى ، فقالعليه‌السلام : هذا البائس ما كان أخرجه نصر عثمان ، و اللَّه ما كان رأي عثمان فيه و لا في أبيه بحسن .

و مرّ بمعبد بن زهير بن امية فقالعليه‌السلام : لو كانت الفتنة برأس الثريا لتناولها هذا الغلام ، و اللَّه ما كان فيها بذي مخبرة ، و لقد أخبرني من أدركه انّه يلوذ خوفا من السيف حتى قتل البائس ضياعا .

و مرّ بمسلم بن قرضة فقال : البر أخرج هذا و لقد سألني أن أكلم عثمان في شي‏ء يدّعيه عليه بمكّة فلم أزل به حتى أعطاه و قال لي : لو لا أنت ما أعطيته ان هذا ما علمت بئس العشيرة ، ثم جاء لحينه ينصر عثمان .

٦١٦

ثمّ مرّ بعبد اللَّه بن عمير بن زهير قال : هذا أيضا ممّن أوضع في قتالنا يطلب بزعمه دم عثمان و مرّ بعبد اللَّه بن حكيم بن حزام فقال : هذا خالف أباه في الخروج عليّ ، و إن أباه حيث لم ينصرنا بايع و جلس في بيته ، ما ألوم أحدا إذا كفّ عنا و عن غيرنا و لكن الملوم الذي يقاتلنا .

و مرّ بعبد اللَّه بن الأخنس فقال : أما هذا فقتل أبوه يوم قتل عثمان في الدار فخرج غضبا لمقتل أبيه و هو غلام لا علم له بعواقب الأمور و مرّ بعبد اللَّه بن الأخنس بن شريق فقال : أما هذا فاني أنظر إليه و قد أخذ القوم السيوف و انّه لهارب يعدو من السيف ، فنهيت عنه فلم يسمع حتى قتل(١) .

و أيضا مصداق ما ذكرهعليه‌السلام خلافة ابن المعتز ، فإنّه ولي الأمر ليلة ثم قتل(٢) .

١٠٠ الحكمة ( ٤٣٥ ) و قالعليه‌السلام :

مَا كَانَ اَللَّهُ لِيَفْتَحَ عَلَى عَبْدٍ بَابَ اَلشُّكْرِ وَ يُغْلِقَ عَنْهُ بَابَ اَلزِّيَادَةِ قال تعالى( لئن شَكرتُم لأَزيدَنّكُم ) .(٣) .

و قال الصادقعليه‌السلام : ما أنعم تعالى على عبد من نعمة فعرفها بقلبه و حمده تعالى بلسانه فتم كلامه حتى يؤمر له بالمزيد(٤) .

« و لا ليفتح على عبد باب الدعاء و يغلق عنه باب الإجابة » قال تعالى

____________________

( ١ )

( ٢ )

( ٣ ) إبراهيم : ٧ .

( ٤ ) أورده الحراني بهذا اللفظ : من أنعم اللَّه عليه نعمة فعرفها بقلبه و علم ان المنعم عليه اللَّه فقد أدّى شكرها و ان لم يحرّك لسانه ( تحف العقول ٢٧٥ ) .

٦١٧

( ادعُوني أَسَجِب لَكُم ) (١) ( و إذا سأَلك عبادي عَني فإنّي قَريب اُجيبُ دعوةَ الداعِ إذا دَعان فَليستَجيبوا لي و ليُؤمِنوا بي لعلَّهم يَرشُدون ) (٢) .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : انّ العبد ليدعو فيقول تعالى للملكين قد استجبت له و لكن احبسوه بحاجته فإنّي احبّ أن أسمع صوته ، و إنّ العبد ليدعو فيقول تعالى : عجّلوا له حاجته فإني أبغض صوته(٣) .

و عنهعليه‌السلام : خمس دعوات لا تحجبن عن الرّبّ تعالى : دعوة الإمام المقسط ، و المظلوم ، يقول تعالى : لأنتقمن لك و لو بعد حين ، و الولد الصالح لوالديه ، و الوالد الصالح لولده ، و المؤمن لأخيه بظهر الغيب و يقول : و لك مثله(٤) .

و عنهعليه‌السلام : أربعة لا يستجاب لهم دعوة : الرجل الجالس في بيته يقول :

اللّهم ارزقني فيقال له : ألم آمرك بالطلب ، و من كانت له امرأة سوء فدعا عليها فيقال له : ألم أجعل أمرها إليك ، و رجل كان له مال فأفسده فيقول : اللّهم ارزقني فيقال له ألم آمرك بالاقتصاد :( و الّذين إِذا أَنفَقُوا لم يُسرِفوا وَ لَم يقتُرُوا و كانَ بينَ ذلك قواماً ) (٥) و رجل كان له مال فأدانه بغير بيّنه فيقال له : ألم آمرك بالشهادة(٦) .

و عنهعليه‌السلام : كان في بني اسرائيل رجل فدعا اللَّه تعالى أن يرزقه غلاما ثلاث سنين ، فلمّا رأى انّه لا يجيبه قال : يا ربّ أبعيد أنا منك فلا تسمعني أم

____________________

( ١ ) غافر : ٦٠ .

( ٢ ) البقرة : ١٨٦ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٤٨٩ ح ٣ عن علي بن حديد .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٥٠٩ رقم ٢ ، بحار الأنوار ٩٣ : ٣٥٨ رقم ١٦ .

( ٥ ) فرقان : ٦٧ .

( ٦ ) الكافي للكليني ٢ : ٥١١ رقم ( ٢ ) ، المجلسي ، بحار الأنوار ٧١ : ٣٤٤ رواية ١ .

٦١٨

قريب أنت منّي فلا تجيبني ، فأتى آت في منامه فقال : إنّك دعوته منذ ثلاث سنين بلسان بذيّ و قلب عات غير تقيّ و نيّة غير صادقة فأقلع عن بذائك و ليثق باللَّه تعالى قلبك و ليحسن نيتك ، ففعل الرجل ذلك ثم دعا فولد له(١) .

« و لا يفتح لعبد » هكذا في الطبعة المصرية(٢) ، و الصواب : ( على عبد ) كما في ابن أبي الحديد(٣) و ابن ميثم(٤) و الخطية ( باب التوبة و يغلق عنه باب المغفرة ) قال تعالى استَغفروا ربَّكُم إِنّه كان غفَّاراً يُرسِل السماء عليكم مدرارا(٥) ( و هو الذي يَقبل التوبة عن عباده و يعفوا عن السيّئات ) (٦) .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه اللَّه تعالى فستر عليه ، ينسي ملكيه ما كانا يكتبان عليه ، و يوحي إلى جوارحه و إلى بقاعه أن اكتمي عليه ذنوبه ، فيلقى اللَّه تعالى حين يلقاه و ليس شي‏ء يشهد عليه بذنب(٧) .

و عن الباقرعليه‌السلام : أوحى تعالى إلى داودعليه‌السلام أن ائت عبدي دانيال فقل له انّك عصيتني فغفرت لك ، و عصيتني فغفرت لك ، و عصيتني فغفرت لك ، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك فأتاه داودعليه‌السلام و بلّغه ذلك فقال له دانيال : قد بلّغت يا نبيّ اللَّه ، فلمّا كان في السحر قام دانيال و ناجى ربّه فقال : يا ربّ إنّ داود أخبرني عنك كذا و كذا و عزّتك و جلالك لئن لم تعصمني لأعصينّك ثم

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٣٢٥ ح ٧ .

( ٢ )

( ٣ )

( ٤ )

( ٥ )

( ٦ ) الشورى : ٢٥ .

( ٧ ) الكافي للكليني ٢ : ٤٣٦ ح ١٢ .

٦١٩

لأعصينك ثم لأعصينك(١) .

و أمّا قولهعليه‌السلام في الحكمة ١٣٥ : « من اعطي أربعا لم يحرم أربعا : من اعطي الدّعاء لم يحرم الإجابة ، و من اعطي التّوبة لم يحرم القبول ، و من اعطي الإستغفار لم يحرم المغفرة ، و من اعطي الشّكر لم يحرم الزّيادة » و تصديق ذلك في كتاب اللَّه قال اللَّه عز و جل في الدعاء( ادعُوني أستَجب لَكُم ) (٢) و قال في الاستغفار :( و مَن يَعمل سُوءً أو يَظلم نَفسَه ثُمَّ يَستَغفِر اللَّه يَجدِ اللَّهَ غَفوراً رحيماً ) (٣) و قال في الشكر( لَئِن شَكَرتُم لأزيدنّكُم ) (٤) و قال في التوبة :( إنَّما التوبةُ عَلى اللَّه لِلَّذينَ يَعمَلون السُّوَءَ بِجَهالةٍ ثمَّ يتُوبُونَ مِن قَريبٍ فأُولئكَ يَتُوبُ اللَّه عليهم و كانَ اللَّه عَليماً حَكيماً ) (٥) فلا يحتاج إلى شرح لأنّه في معنى سابقه ، و إنّما زيد في هذا الاستغفار مع أنّهعليه‌السلام استدل لكل منها بما في كتاب اللَّه تعالى .

و أمّا زيادة المصرية ، مطبعة الاستقامة جملة « قال الرضي » قبل قوله « و تصديق ذلك » فأخذتها من نقل ابن أبي الحديد و هو أخذها من حاشية و همية خلطت بالمتن(٦) .

و يدل على كونها وهما أنّه لو كان كلام الرضي لقال : « و تصديق قولهعليه‌السلام » لا « و تصديق ذلك » و ابن ميثم و الخطية(٧) لم ينقلا الجملة مع أنّ ابن

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٤٣٦ ح ١١ .

( ٢ ) غافر : ٦٠ .

( ٣ ) النساء : ١١٠ .

( ٤ ) إبراهيم : ٧ .

( ٥ ) النساء : ١٧ .

( ٦ ) انظر ١٨ : ٣٣١ من شرح بن أبي الحديد ، كذلك راجع افسيت النسخة المصرية ٦٨٩ .

( ٧ ) نقل شرح ابن ميثم في النسخة المنقحة ٥ : ٣١٧ رقم ١٢٥ .

٦٢٠

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639