موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) الجزء ٣

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور)8%

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 679

الجزء ١ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 679 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 212446 / تحميل: 11106
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور)

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ثالثاً: رفض ما خالف القواعد العامّة من النصوص، وجعلها قرائن فاصلة في رفض أو قبول الأخبار ما لم تكن مُستفيضة أو متواترة، وجعلها المَحكَّ في هذا التمحيص.

رابعاً: التوصُّل إلى بعض ما سكتت عنه الأخبار من الاتِّجاهات العامة لدولة المهدي (ع) ممَّا يمكن التوصُّل إليه، بعد تذليل الصعوبة الخامسة جهد الإمكان كما سيأتي.

خامساً: التوصُّل إلى الربط بين الحوادث التي لا تبدو مرتبطة في النقل الواصل إلينا، أو مُحاولة ترتيبها زمنيَّاً إن لم يكن الترتُّب موجوداً على ضوء القواعد العامة، مع الإمكان.

إلى غير ذلك من النتائج المـُهمَّة التي سيأتي تطبيقها فيما يلي من البحث.

الأُسلوب الثاني: عند إعواز القواعد العامة أحياناً، تنحصر معرفة النتيجة عن طريق عرض ( الأُطروحات المـُحتملة )، كالذي سبق أن طبَّقناه في تاريخ الغيبة الكبرى... بالنسبة إلى عدد من أُمَّهات الأمور.

وهذا يعني عرض أقرب الاحتمالات في مورد المـُشكلة، أمَّا اثنين أو ثلاثة، ممَّا لا يكون مُخالفاً للقواعد العامة ويكون مُحتمل التحقُّق في زمنه الخاص، ويعني ذلك أيضاً عدم الجزم بأحد المـُحتملات، بل تبقى المسألة معروضة بمُحتملاتها، لكن يبقى في الإمكان جمع القرائن الدالَّة على ترجيح أحد المـُحتملات، في الأعم الأغلب.

نعم، يبقى لدينا أمران يحتاجان إلى مزيد من التأمُّل:

الأمر الأول: المفهوم الطائفي المؤكَّد عليه في أخبار المصادر الخاصة، كما سبق أن أشرنا... وهو وإن كانت له مُبرِّراته الخاصة في عصر صدور هذه الأخبار، كما عرفنا وإلاَّ أنَّ هذه المـُبرّرات تكاد تفقد قيمتها الاجتماعية في العصر الحاضر؛ لأنَّ دولة المهدي (ع) عالمية شاملة للبشرية جمعاء، وإذا كان مقصودها هو الاستيعاب والشمول في التاريخ، فلا ينبغي التأكيد على هذا المفهوم خاصة، وترك ما عداه من الأعمال والأقوال، لعهد ما بعد الظهور بأيِّ حال؛ لأنَّنا نكون قد اقتصرنا على بعض الجوانب دون بعض.

والذي ينبغي أن يُقال: إنَّه بعد التسليم بإمكان تصديق هذه الأخبار، ما كان منها

٢١

صالحاً للإثبات التاريخي... بناءً على الفَهم المهدوي الإمامي.. يُمكننا تغطية هذا الاتِّجاه الطائفي في تاريخنا هذا بأُسلوبين:

الأُسلوب الأول: أنَّنا بعد أن نملأ الفجوات التي عرفنا، ونُبرْهِن على اتِّصال المهدي (ع) بغير المسلمين شعوباً وحكومات، تقديماً لإدراجهم في دولته العالمية... ونستطيع فهم الاتِّجاهات العامة والآثار الكبرى التي تترتَّب على ذلك... وعندئذ يُمكننا أن نُعطي لتلك الأخبار مدلولها الواقعي.

إنَّ الأمَّة الإسلامية ستُصبح هي القائدة والرائدة للبشر أجمعين على طريق العدل الكامل، وبجهودها سيفتح القائد المهدي (ع) العالم، ومن مُنطلقاتها سيستطيع بثّ الدعوة المـُقدَّسة إلى العالم، والأمَّة القائدة ينبغي أن تكون على مستوى هذه المسؤولية الكبرى، وإلاَّ كانت جهودها في العالم فاشلة، ومُخلَّة في التخطيط العام في نهاية المطاف.

ومن هنا؛ كان التأكيد على ترتيبها في التخطيط الإلهي كبيراً، سواء في عصر (الغيبة) أم في عصر الظهور، وقد أنتجت تربيتها في عصر الغيبة تمخُّضها عن الجماعة المؤمنة، التي تُمارس فتح العالم بين يدي المهدي، إلى جانب انحراف الأعم الأغلب من البشر وتمرُّسهم بالظلم والطغيان، حتى من الأُمَّة الإسلامية نفسها، وهذه الأمَّة - التي أصبح الأكثر فيها مُنحرفاً - لا يمكن أن تكون على مستوى مسؤولية القيادة العالمية بأيِّ حال.

فإذا لاحظنا درجات الإخلاص الأربعة التي ذكرناها في التاريخ السابق(١) ، ودرسنا احتمالات تجاوب أفراد الأمّة الإسلامية مع الإمام المهدي (ع) في أول دعوته، وهي احتمالات واسعة جدَّاً بلحاظ ما يحمله الأفراد من درجات الإخلاص، لكن يبقى الكثيرون وممَّا لا يتَّصفون بالإخلاص أساساً، كما ينبغي رفع درجات الإخلاص عند الأفراد، من الدرجات الدانية إلى العالية منها تدريجاً، لتكون الأمَّة بسرعة على مستوى القيادة العالمية، كأمَّة ذات دعوة وهدف.

وهذا يحتاج إلى أعمال عسكريَّة وفكرية واسعة النطاق، قد لا تقلُّ عن المقادير الواردة في الأخبار التي سنسمعها خلال هذا التاريخ، لكن ينبغي أن نفهم أنَّ مَن يعمل المهدي (ع) ضدَّه من الأفراد المسلمين هو كل مُنحرف منهم، وإن كان على مذهب لمهدي نفسه من الناحية النظريَّة.

____________________

(١) انظر تاريخ الغيبة الكبرى ص ٢٤٨ وما بعدها.

٢٢

وهذا الذي يُفسِّر لنا كيف أنَّ جهود المهدي (ع) في أوّل ظهوره، وخلال فترة سيطرته على العالم عسكرياً وفكرياً، وتكون مبذولة على الأمَّة الإسلامية نفسها، أكثر من أيِّ أمَّة أُخرى قائدة للعالم ورائدة للحق، ريثما يستتبُّ له الوضع العالمي؛ ليوزِّع جهوده على العالم على حدٍّ سواء، وليس في مداليل الأخبار التي نحن بصددها ما هو أوسع من ذلك.

الأُسلوب الثاني: في تغطية الاتِّجاه الطائفي للأخبار، وهو الاستغناء عن ذكر ما يوجب جرح العواطف المذهبية، وإثارة الضغائن بين المذاهب الإسلامية، وإن أوجب ذلك وجود فجوة تاريخية.

على أنَّ الأخبار المـُتطرِّفة ليست كثيرة، ليست واردة بطريق صحيح، ولا تثبت للنقد أمام الأُسلوب الذي اتَّخذناه بالعمل بالأخبار، فلا يكون تركها مؤسفاً.

الأمر الثاني: ممَّا يحتاج إلى التأمُّل، أنَّ ما قلناه، من قصور الباحث عن إدراك العمق الحقيقي لليوم الموعود، وقيادة المهدي (ع) فيه، حقيقة واقعة لا مناص منها؛ ومن هنا كان الباب مُنسدَّاً أمام التعرُّف على التخطيطات والتشريعات التفصيلية، التي يقوم بها القائد المهدي (ع)، والعمق الحقيقي لثقافة الفرد المسلم والجماعة المسلمة في ذلك العصر.

إلاَّ أنَّ هذا لا يعني - بحال - عدم إمكان التعرُّف على ذلك بنحو الإجمال، على شكل قضايا تجريدية تتَّصف بشيء من العمومية... وذات اختصار تجاه تلك التفاصيل القليلة على ما سنرى.

إذاً؛ فهذا البحث لا يُمكنه أن يُزاحم الحقائق في ذلك العصر، أو يُغني عنها، وإنَّما غاية جهده أن يُلِمَّ بعناوينها العامة وقضاياها الإجمالية ونتائجها الرئيسية عن طريق مُبرهَن صحيح.

وبالاطِّلاع على هذه الجهات، نعرف - بوضوح - جواب السؤال الذي ذكرناه في أول التمهيد، من أنَّ هذا البحث خالٍ من الفائدة ورجم بالغيب، قد يتحقَّق في المـُستقبل وقد لا يتحقَّق.

أمَّا إنكار فوائد هذا البحث، فقد عرفنا ما يترتَّب عليه من فوائد الجهة الأُولى من هذا التمهيد، فإنَّ كل فائدة منها تكفي في رجحان الدخول في هذا البحث، فضلاً عن المجموع.

٢٣

وأمَّا كونه رجماً بالغيب، فليس كذلك؛ لأنَّنا إذ نتكلَّم على المستوى الإسلامي، إنَّما نأخذ ذلك من مصادر الإسلام الأساسية وقواعده العامة، وليس فيه أيُّ إخبار بالمـُغيَّبات على الإطلاق.

نعم، نفس الأخبار الواردة عن النبي (ص) والأئمة (ع) التي نعتمدها في هذا الصدد، تحتوي على الأخبار بالغيب أو بحوادث المـُستقبل، شأنها في ذلك شأن العديد من الأخبار التي اعتمدناها في التاريخ السابق، والتي أثبتنا صحَّة الأعمِّ الأغلب منها، وهو ممَّا لا يكون مُضرَّاً على المستوى الإسلامي، بعد إمكان تعليم الله تعالى إيَّاهم ذلك... ووجود المصلحة في تبليغه، وهو الإعداد التدريجي للأمَّة الإسلامية لتلقِّي اليوم الموعود.

مضافاً إلى أنَّنا اختبرنا هذه الأخبار، في التاريخ السابق، فوجدناها صادقة، وفيها ما هو مُبرهَن الصدق إلى حدٍّ يدلّ على صدق العقيدة الإسلامية، فضلاً عن قضية المهدي، كما قلنا هناك(١) ، فإذا أمكن أن نُصدِّق بعض الأخبار، أمكننا أن لا نستبعد صدق الجميع.

وأمَّا كون هذا التاريخ ممَّا قد يتحقَّق أو لا يتحقَّق، فهذا تابع لقوَّة ما سنعرضه من الأدلَّة، وفيها ما هو قطعي الإنتاج، وما هو مؤكَّد وما هو ظنِّي، وإن كانت كلُّها صالحة للإثبات التاريخي، طبقاً للمنهج الذي ذكرناه، ولا معنى بطبيعة الحال، أن نقول - لما هو قطعي أو مؤكَّد -: إنَّه سوف لن يتحقَّق أو أنَّ احتماله ضعيف...!!

الجهة الخامسة: في بيان ترتيب أبواب وفصول هذا الكتاب...

نذكره في البدء؛ ليكون القارئ مُلمَّاً بالتسلسل المنطقي لها، قبل الدخول في التفاصيل:

يقع هذا التأريخ في أقسام ثلاثة:

القسم الأوّل: في إرهاصات أو تقديمات الظهور، بما فيها من أُسُس عامة، وضواهر خاصة، وفيه بابان:

الباب الأوّل: في الأُسُس العامة للظهور، ونعني بها القضايا الرئيسية التي يبتني عليها اليوم الموعود.

ويتكوَّن هذا الباب من عدَّة فصول:

الفصل الأول: ارتباط يوم الظهور بالتخطيط العام الإلهي للبشريَّة، ذلك التخطيط الذي سبق أن عرضناه وبرهنَّا عليه في تاريخ الغيبة الكبرى.

____________________

(١) انظر تاريخ الغيبة الكبرى ص ٥٣٨ وما بعدها إلى عدَّة صفحات.

٢٤

الفصل الثاني: آثار الغيبة الكبرى على ما بعد الظهور، فيما يعود إلى الإمام المهدي (ع) نفسه، وما يعود إلى أصحابه، وما يعود إلى البشرية على وجه العموم.

الفصل الثالث: توقيت الظهور من ناحية شرائطه وعلاماته، وفائدة تحقُّق هذه الأشياء بالنسبة إلى ما بعد الظهور، مع الإلماع إلى أنَّ مثل هذا التوقيت لا يُنافي الأخبار الدالَّة على نفي التوقيت.

الفصل الرابع: الأيدولوجية العامَّة التي يتبنَّاها الإمام المهدي (ع) تجاه الكون والحياة والتشريع.

الفصل الخامس: التخطيط الإلهي لما بعد الظهور، وإنَّ التخطيط الإلهي العام للبشرية لا ينقطع بالظهور، بل يبقى ساري المفعول، لكن على شكل جديد.

الباب الثاني: حوادث ما قبل الظهور، ونعني بها الحوادث التي تقع قبل الظهور بزمن قليل، وهو ما سبق أن أجَّلنا فيه الكلام من تاريخ الغيبة الكبرى إلى هذا التاريخ، بعد إن فصَّلنا الكلام هناك بالحوادث التي لا تكون بطبيعتها قريبة من عصر الظهور.

يندرج في ذلك: حروب السفياني وفتنة الدجَّال، وقتل النفس الزكية، والصيحة والنداء، وغير ذلك، ممَّا ورد النقل عن حدوثه قبل الظهور بقليل.

وقد سبق أن أعطينا فكرة كافية عن الثلاث الأُوَل في التاريخ السابق، إلاَّ أنَّنا نُحاول هنا أن نُعطي فكرة جديدة عنها، في حدود الفرق في أُسُس الإثبات ومنهجة البحث بين الكتابين، وقد ألمعنا إلى المـُهمِّ منها قبل صفحات.

القسم الثاني: حوادث الظهور وإقامة الدولة العالمية إلى وفاة الإمام المهدي (ع)، ويندرج فيه عدَّة أبواب:

الباب الأول: في حوادث الظهور، وما يليه إلى حين مسير المهدي (ع) إلى العراق، ويتمُّ الكلام في ذلك ضمن فصول:

الفصل الأوَّل: في معنى الظهور وكيفيَّة، وطريقة معرفة الإمام (ع) بالوقت المـُلائم لذلك

الفصل الثاني: في مكان الظهور وزمانه، ونعني بالزمان: اسم اليوم والشهر، ونحو ذلك ممَّا قد في بعض الأخبار تعيينه.

الفصل الثالث: خُطبته الأُولى، مع بيان مغازيها والتعرُّض إلى عُمق مضامينها.

٢٥

الفصل الرابع: عدد أصحابه وخصائصهم وكيفيَّة اجتماعهم.

الفصل الخامس: مُنجزاته الأُولى إلى حين الوصول إلى العراق.

الباب الثاني: فتحه للعالم بالعدل.

وهو على عدَّة فصول:

الفصل الأول: في نقطة الانطلاق، والمراد به المكان الذي يبدأ به المهدي (ع) غزو العالم.

الفصل الثاني: في سعة ملكه.

الفصل الثالث: ضمانات النصر لديه (ع)، وأنَّه كيف يمكن أن ينتصر بالعدد القليل على العالم، وفيه القوى الكبرى ذات العدد والعدَّة.

الفصل الرابع: في كيفيَّة ومدَّة استيلائه على العالم، أعني من أول ظهوره إلى حين تأسيس الدولة العالمية بكاملها.

الفصل الخامس: ما يُحتمل أن يكون موقف الآخرين منه، سواء في ذلك الأفراد أم الجماعات.

الفصل السادس: في مدَّة بقائه في الحُكم.

الباب الثالث: التطبيق الإسلامي المهدوي، أو الدولة المهدوية العالمية، ويتضمَّن هذا الباب عدَّة فصول:

الفصل الأول: مجيء المهدي (ع) بكتاب جديد وقضاء جديد... وإعطاء الفكرة الصالحة عن ذلك.

الفصل الثاني: موقفه من القضايا السياسية والاجتماعية.

الفصل الثالث: ضمانات التطبيق السريع للعدل الكامل في العالم.

الفصل الرابع: قيادات أصحابه، ومقدار قابليَّتهم وسِعتها.

الفصل الخامس: تمحيص المهدي لأصحابه وللأُمَّة عامة.

الفصل السادس: أُسلوبه في تربية الأمَّة على وجه الإجمال بعد تعذُّر الاطِّلاع على التفصيل.

الفصل السابع: مُنجِّزات المهدي على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، في حدود

٢٦

ما وردنا في الأخبار، وما تقتضيه القواعد العامة.

الفصل الثامن: موقف الإمام المهدي (ع) من أهل الكتاب، ومسألة مشاركة المسيح عيسى بن مريم على نبِّينا وعليه السلام، ومعه في القيادة العالمية.

الباب الرابع: في انتهاء حياة المهدي (ع) والحديث عن سبب موته.

القسم الثالث: العالم بعد المهدي (ع).

و ينقسم إلى بابين:

الباب الأول: في قيادة ما بعد المهدي (ع)، وعرض صفات الدولة، ومن حيث الرئاسة والخصائص العامة لها وللمـُجتمع.

الباب الثاني: في نهاية البشرية، وهل يصح: أنَّه لا تقوم الساعة إلاَّ على شِرار الخَلق.

هذا، ويكون الكلام في هذا القسم الثالث موجَزاً نسبيَّاً؛ لأجل أن نعرضه بكل تفصيل في الكتاب الرابع من هذه الموسوعة.

وينبغي أن نُشير هنا إلى أنَّنا جعلنا عنوان هذا الكتاب: تاريخ ما بعد الظهور؛ لأنَّ المـُهمّ هو التعرُّض إلى تاريخ البشرية من زاوية ما يقوم به المهدي (ع) من أعمال من حين ظهوره فصاعداً، ويبقى التعرُّض إلى العلامات القريبة السابقة على الظهور بقليل، وإلى الظهور نفسه وما يحتويه من ملابسات، يبقى ذلك كأنّه من مُقدِّمات هذا التاريخ.

٢٧

٢٨

القسم الأول

في إرهاصات الظهور ومُقدّماته

بما فيها من أُسس عامة وظواهر خاصة

وفيه بابان:

٢٩

٣٠

الباب الأول

في الأُسُس العامة لظهور المهدي (ع)

ونعني بها القضايا الرئيسية التي يبتني عليها اليوم الموعد،

بما يحتويه من ظهور المهدي (ع) ودولته العالمية العادلة.

ويتكوَّن هذا الباب من عدَّة فصول:

٣١

٣٢

الفصل الأول

ارتباط الظهور بالتخطيط الإلهي العام

يكون التخطيط الإلهي العام المـُنتِج لشرائط الظهور، قد انتهى، وتكلَّل بنتيجه الكبرى، وهو حصول اليوم الموعد.

وحاصل الفكرة التي فصَّلناها في التاريخ السابق(١) : إنَّنا - انطلاقاً من قوله تعالى:( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (٢) - نفهم أنَّ الغرض الإلهي الأسمى من إيجاد الخليقة، وإمدادها بالإدراك والاختيار، هو التوصُّل بها إلى الكمال، وهو تمحيض العبادة الحقيقة لله تعالى، والغرض الإلهي لا يمكن أن يتختلَّف.

وقد ذكرنا هناك معنى العبادة الحقيقية(٣) ... وبرهنَّا(٤) على أنَّ وجود هذا الهدف يتوقَّف على عدَّة شرائط، هي كما يلي:

أولاً: وجود الأُطروحة العادلة الكاملة المـُبلِّغة إلى البشر من قبل الله تعالى؛ لتكون هي القانون السائد في المجتمع.

ثانياً: وجود القيادة الحكيمة التي يقوم بتطبيق تلك الأُطروحة في اليوم الموعود.

ثالثاً: وجود العدد الكافي من المـُخلِصين المؤازرين للقائد بتطبيقه العالمي المنشود.

أمَّا الشرط الأول: فقد خطَّط الله تعالى لإيجاده وتربية البشرية عليه. ضمن خَطِّ الأنبياء الطويل، حتى تكلَّل هذا التخطيط بالنجاح بانجاز هذا الشرط ضمن الأُطروحة الإسلامية المـُبلَّغة من قِبَل خاتم الأنبياء (ع).

وقد سبق هناك أن برهنَّا أنَّ الأُطروحة

____________________

(١) انظر تاريخ الغيبة الكبرى ص ٢٣٣ وما بعدها إلى عدّة صفحات.

(٢) الذاريات: ٥٦.

(٣) تأريخ الغيبة الكبرى ص٢٣٤

(٤) المصدر ٤٧٦ وما بعدها.

٣٣

العادلة الكاملة هي الإسلام(١) .

وأمّا الشرط الثاني: فقد وفّره الله تعالى في المهدي (ع) كقائد أمثَل للبشرية؛ ليكون هو المـُطبِّق لتلك الأُطروحة الكاملة في اليوم الموعود... وأكّد على بقائه الطويل خلال أجيال عديدة من البشر، ذلك البقاء الذي سنرى - في الفصل الآتي - كونه ضرورياً لتولية القيادة المأمولة في اليوم الموعود، وقد أعطينا طرفاً مُختصراً عن ذلك في التاريخ السابق(٢) .

وأما الشرط الثالث: فقد خطّط الله تعالى لإيجاده بعد الإسلام، فإنَّ تربية الفرد على تفهم وتطبيق مناهج سابقة غير الأُطروحة العادلة الكاملة، والتي سبق(٣) أن برهنّا على مرحليّتها وضيق مضمونها، باعتبار أنّ الذهن البشري لم يكن قابلاً لأكثر من ذلك.

إنّ التربية على تفهم وتطبيق هذه المناهج ممّا لا يكون مُجديا ً في تحقيق العدل في اليوم الموعود.

وإنَّما لا بدّ من تربية الأمّة الإسلامية على الأطروحة الكاملة نفسها، من حيث تفهُّمها واستيعاب مضمونها - من ناحية - والكفاءة لتطبيقها وإطاعة موادّ قانونها - من ناحية ثانية -... ليكون اللأفذاذ المـُمحَّصين من هذه الأمّة شرفُ المـُشاركة في انجاز اليوم الموعود، وتوطيد دعائم الدولة العالمية العادلة.

ومن هنا؛ كان لا بدّ أن تمرّ الأمّة الإسلامية بخطٍّ طويل من التربية، وبظروف مُعيّنة من الامتحان والتمحيص، من الناحيتين الفكرية والعاطفية.

أمّا من الناحية الفكرية، فتتربّى الأمّة - وبشكل غير مباشر كل البشرية - بما يُقدِّمه لها المـُفكّرون الإسلاميون من بحوث وتدقيقات لدينهم الحنيف؛ لكي تكون الأمة - ومن ثُمَّ البشرية كلها - على مستوى تفهم الأفكار والتشريعات الجديدة، التي تُعلَن في اليوم الموعود.

وأمّا التربية من الناحية العاطفية، أي من جهة تعميق الإيمان والإخلاص، فالأسلوب الرئيسي لذلك هو أن تمرَّ الأمّة بظروف صعبة، من الظلم والمصاعب والانحراف، ويكون ردُّ فعلهم تجاه هذا الظلم والانحراف، ويكون لدى النخبة الصالحة منها من الإخلاص والإيمان وقوّة الإرادة، بحيث يكون ردُّ فعلهم تجاه هذا الظلم والانحراف ردَّ فعل مُخلص، مُتضمّن للتطبيق الكامل للأُطروحة الكاملة، أو الإطاعة التامّة للإسلام.

____________________

(١) المصدر ص ٢٦١.

(٢) المصدر ص ٥٠١ وما بعدها.

(٣) المصدر ص ٢٥٥ وما بعدها و ص ٢٥٨ وما بعدها.

٣٤

وتستمرُّ التربية جيلاً بعد جيل على هذا الأساس، يتزايد خلالها هؤلاء المخلصون، كما يتطرّف العديدون إلى جانب الظلم والانحراف، حتى يأتي اليوم الذي يتوفّر العدد الكافي من هؤلاء المـُخلصين لقيادة اليوم الموعود وتنفيذه، وعندئذ يكون الوعد الإلهي ضروري التطبيق، بعد توفّر شرائطه الثلاثة.

ومعه نستطيع أن نفهم - بكل وضوح - مدى ارتباط يوم الظهور الموعود بالتخطيط العام للبشرية، فإنّه في الحقيقة هو اليوم الذي يتحقّق فيه السبب الرئيسي لإيجاد العبادة الكاملة لله تعالى في خلقة... وبإيجاده يتحقَّق الهدف الأسمى لخلق البشرية ككُلّ.

إذاً؛ فيوم الظهور، ليس يوماً ولا عرضاً عارضاً، ولا ظاهرة موقَّتة، وإنّما هو النتيجة الطبيعة المقصودة لله عز وجل من خلقة، وعلى طريقة كانت جهودَ الأنبياء والأولياء والشهداء، أولئك الأعاظم الذين لم تتكمَّل جهودهم بالنتيجة الأساسية المأمولة في عصورهم، بل بقيت مذخورة ومُخطّطة لليوم الموعود.

وعلى طريقة كانت تضحيات البشر والآمهم، وما قاسوه من المصاعب والمصائب على مَرِّ التاريخ، وما مرُّوا فيه من ظروف الظلم والعَسْف والنحراف، فهو غياث المـُستغيثين، وأمل الآملين، ورافع كرب المكروبين وظلم المظلومين، ومُحقِّق العدل العظيم.

وسيأتي فيما يلي من البحث، المزيد من التفصيل والإيضاح لهذه الفكرة.

٣٥

٣٦

الفصل الثاني

في نتائج الغيبة الكبرى على ما بعد الظهور

بالنسبة إلى كلٍّ من الإمام المهدي (ع) نفسه، وبالنسبة إلى أصحابه وخاصّته، وإلى الأمّة الإسلامية بشكل عام، بل إلى البشر أجمعين، تنقسم الغيبة الكبرى في مفهومها الضخم الذي حقّقناه في التاريخ السابق إلى ثلاثة مداليل:

المدلول الأول: تأجيل اليوم الموعود إلى أمدٍ بعيد، وإلى موعد مجهول.

المدلول الثاني: طول عمر الإمام القائد المذخور للمـُهمّة، ومُعاصرة العالمية في اليوم الموعود... كما يقتضية الفهم الإمامي للمهدويّة، مُعاصرة هذا القائد لتاريخ طويل وأجيال كثيرة للأمّة الإسلامية.

المدلول الثالث: غيبة هذا القائد خلال ذلك، وعدم اطّلاع الناس على شخصه، ومكانه وأُسلوب حياته... بالمعنى الذي ذكرناه من الغيبة في التاريخ السابق(١) ، ولكلٍّ من هذه المداليل تأثيره الحقيقي الفعّال في اليوم الموعود.

أمّا المدلول الأول: فهو مدلول ثابت ومُنتج، سواء على الفهم الإمامي للمهدي أم على الفهم الآخر؛ لأنّ قضيّة التأجيل أمر واضح للمسلمين عموماً، من صدر الإسلام وإلى المـُستقبل... لا يختلف الحال فيه بين أن يكون القائد المهدي (ع) موجوداً خلال هذا الأجل الطويل أو لم يكن، أو غائباً أو ليس بغائب.

ولهذا المدلول، أعني التأجيل الطويل، فوائد المـُهمّة وآثاره العميقة على اليوم

____________________

(١) انظر تأريخ الغيبة الكبرى ص٣٤

٣٧

الموعود والدولة العالمية، من عدَّة نواحٍ:

الناحية الأُولى: مرور الأُمّة الإسلامية بظروف التمحيص والاختيار، التي توضِّح حقيقة أفرادها، وتكشف عن إيمان المؤمنين فيها، وتجعلها على طريق تعميق الإخلاص والوعي.

الناحية الثانية: إنّ ظروف التمحيص الطويل تُنتج العدد الكافي من الإفراد المـُخلصين الكاملين، لغزو العالم بالعدل، الذين يكون لهم شرف القيادة في اليوم الموعود، الأمر الذي عرفنا أهمِّيَّته في التاريخ السابق مُفصّلاً.

الناحية الثالثة: إنّ هذه المدّة الطويلة كفيلة بإكمال تربية الأجيال من الناحية الفكرية والعاطفية أو - بتعبير آخر: - على فهم الأُطروحة العادلة الكاملة، أولاً، والتدرُّب على إطاعتها والتضحية في سبيلها.

وقد سبق أن عرفنا في تاريخ الغيبة الكبرى فكرة مُفصَّلة عن ذلك، وهذه التربية لا تختصّ بخصوص المـُمحّصين الكاملين، بل هي عامة تشمل سائر الأفراد على مُختلف المستويات، كما برهنّا، وهي تؤثِّر في الأُمّة من زاوية جعلها على مستوى فهم القوانين والأفكار، والمفاهيم التي تُعلن في الدولة العالمية، والتي يكون إعلانها ضروريّاً لاستتباب العدل الكامل في الأرض.

وهذه النواحي الثلاث - كما قلنا - لا ترتبط بوجود الإمام الغائب، بل يمكن تصوُّر إنتاجها لفوائدها بدون الإيمان بذلك، طبقاً للتصوُّر غير الإمامي للمهدي... حتى ما إذا علم الله تعالى إكماله للنتيجة بحسب ما هو المقصود في تخطيطه الطويل، أوجد الإمام المهدي في عصره، فأخذ بقيادة الأمّة الإسلامية والبشرية إلى شاطئ العدل والسلام.

إلاَّ أنّ هذا ممّا لا ينبغي المـُبالغة في نتيجته، وإن كان صحيحاً على أيّ حال... وذلك بعد أن نلتفت إلى مجموعة أمرين:

الأمر الأول: ما تسالمت عليه مذاهب المسلمين على اختلافها، من أنّ الحقّ مُنحصِر في مذهب واحد على الإجمال، وأنَّ المذاهب الإسلامية الأُخرى بعيدة عن واقع الإسلام بقليل أو بكثير، غاية الأمر أنّ كل مذهب يدّعي هذه المزيَّة لنفسه.

الأمر الثاني: إنّ التمحيص الإلهي الضروري لإيجاد اليوم الموعود، لا يكون إلاّ على الحقّ، والتجارب والمِحن لا تنطلق إلاّ من طاعته والإخلاص له، وأمّا المذهب أو المذاهب التي يكون في واقعها بعيدة عن الإسلام، فالتربية على أساسها والتدريب على

٣٨

طاعتها تدريب على الباطل، وإن اتّخذ صفة الإسلام.

إذاً؛ فالتمحيص ينحصر في المذهب الواحد الحق المـُطابق للإسلام، والمـُرضي لله تعالى من المذاهب المـُتعدِّدة في الإسلام، وهو - على إجماله - الذي يقوم فيه المـُخلصون الكاملون بقيادة البشرية بين يدي الإمام المهدي في اليوم الموعود.

ومعه؛ فالفوائد المَبْنيّة على أساس المدلول الأول والناتجة عنه، لا تترتَّب إلاَّ على ذلك المذهب الحق، ولا يمكن أن يترتَّب على مجموع مذاهب المسلمين.

وأما المدلول الثاني: وهو عمر الإمام المهدي (ع) ومعاصرته لتاريخ طويل للأمّة الإسلامية خاصة، وللبشرية عامة... فما يترتّب عليه من الفوائد يختصّ بالفهم الإمامي للمهدي (ع)، ولا يعمُّ فَهْم المذاهب الأُخرى له، فإذا عرفنا ما لهذا المدلول من فوائد في تكميل وترسيخ العدل في عصر الظهور، أمكننا أن نعرف أفضليّة التصوُّر الإمامي على غيره من هذه الجهة، وأنّ الله تعالى حين يريد أفضل أشكال العدل للدولة العالمية، فهو يختار التخطيط للغيبة، وبذلك نستكشف صحّة التصوُّر الإمامي وتعين الأخذ به في التخطيط الإلهي.

وقد بحثنا ذلك في التاريخ السابق(١) طبقاً لمنهج مُعيّن، ونريد أن نبحثه الآن طبقاً لمنهج آخر، قد يكون أكثر تحليلاً:

وخلاصة القول في ذلك: إنّ الأُطروحة الإمامية لفهم المهدي (ع)، في حدودها الصحيحة المـُبرهنة التي عرضناها في التاريخ السابق، تتضمَّن - في حدود المدلول الثاني الذي نحن بصدده - عدّة خصائص مُهمّة:

الخصِّيصة الأُولى: الإيمان بعصمة الامام المهدي (ع)، باهتباره الثاني عشر من الائمة المعصومين.

الخصِّيصة الثانية: الإيمان بكونه القائد الشرعي الوحيد للعالم عامة، ولقواعده الشعبية خاصة، طيلة زمان وجوده، سواء كان غائباً أم حاضراً.

الخصِّيصة الثالثة: مُعاصرته لأجيال مُتطاولة من الأمَّة الإسلامية خاصة، والبشرية عامة.

الخصيصة الرابعة: كونه على مستوى الاطِّلاع على الأحداث يوماً فيوماً، وعاماً فعاماً،

____________________

(١) انظر: التخطيط الخاص بإيجاد القائد ص٤٩٧ وما بعدها.

٣٩

عارفاً بأسبابها ونتائجها وخصائصها.

الخصِّيصة الخامسة: كونه على ارتباط مُباشر بالناس خلال غيبته، يراهم ويرونه، ويتفاعل معهم ويتفاعلون معه، لا أنّهم لا يعرفون بحقيقة إلاّ نادراً جدّاً، وذلك طبقاً لـ ( أُطروحة خفاء العنوان ) التي اخترناها وبرهنّا عليها في تاريخ الغيبة الكبرى(١) .

وكل هذه الخصائص ممّا يفقدها الفهم غير الإمامي للمهدي، بكل وضوح، وإنّما المهدي بحسب تلك الأُطروحة شخص يولَد في زمانه، ويُيسِّر له الله عزّ وجلّ ظروف الثورة العالمية، فهل هذا العمل الكبير ممكن التنفيذ من قِبل شخص غير معصوم، أحسن ما فيه أنّه يُمثِّل ثقافة عصره ودرجة وعيه من الناحية الإسلامية؟!

الحق، إنّنا ينبغي أن نُذعن بأنّ مثل هذا الإنسان، لا يمكن أن يؤهَّل للقيادة العالمية بأيّ حال، وأنّ خصائص المهدي في التصوُّر الإمامي ليست بالخصائص الطارئة أو الثانوية، وإنّما هي أساسية في تكوين قيادته وتمكُّنه من تحقيق المجتمع العادل، كما أراده الله تعالى، وكما وعد به.

أمّا الخصيصة الأُولى: وهي عصمة الإمام المهدي (ع)، فتترتّب عليها عدّة فوائد، يمكن أن نُشير إلى أربعة منها:

الفائدة الأُولى: كونه وارثاً علم الإمامة المـُتضمِّن للأُسس الرئيسية للفكر القيادي العالمي... عن آبائه المعصومين، عن رسول الله (ص)، عن الله عز وجل، وأنًَّى لمَن يوجد في العصور المـُتأخِّرة الحصول على ذلك؟! إلاّ بوحي جديد من الله عز وجل! وهو ما حصل الإجماع من قِبل سائر المسلمين على عدم حصوله للمهدي (ع).

ولا يخفى ما في الاطِّلاع على هذه الأُسس الرئيسية، من زيادة في القدرة على القيادة العالمية، إن لم تكن في واقعها الطريق الرئيسي الوحيد لذلك، وتعذُّر القيادة العالمية بدونها، وكلّما تعيّن شيء للقيادة العالمية، أو كان أفضل لها، كان الله تعالى مُنجِزاً له لا محالة؛ لكونه واقعاً في طريق الهدف البشري الأعلى، وكون اختيار عكسه ظلم للبشرية، وموجب لتخلُّف الهدف وكلاهما مُحال على الله عز وجل!

الفائدة الثانية: الشعور بالأُبوَّة للبشر أجمعين، فهو حين يُحارب الكافرين والمـُنحرفين، ويقتل العاصين، لا يشعر تجاههم بحقد أو ضغينة، وإنّما يُحاربهم من أجل مصالحهم أنفسهم،

____________________

(١) انظر ص٣٤ وما بعدها.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الباب (12)

التوجه إلى مشهد أمير المؤمنينعليه‌السلام

1 ـ فإذا أردت الخروج من الكوفة والتوجه إلى أمير المؤمنينصلوات الله عليه فاحرز رحلك وتوجه وأنت على طهرك وغسلك ،وعليك السكينة والوقار وتقول :

اللهم إني توجهت(1) من منزلي ابغي فضلك ، وأزور وصي نبيكصلوات الله عليهما ، اللهم فيسر لي ذلك وسبب المزار له ، واخلفنيفي عاقبتي(2) وحزانتي(3) بأحسن الخلافة يا ارحم الراحمين.

فإذا وردت الخندق فقل :

الله أكبر ، أهل الكبرياء والعظمة ، الله أكبر أهل التكبير والتقديسوالتسبيح والمجد والآلاء ، الله أكبر مما أخاف واحذر ، الله أكبر عماديوعليه أتوكل ، الله أكبر رجائي واليه أنيب.

اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي ، تعلم حاجتي وماتضمره هواجس الصدور(4) ، فأسألك بحق نبيك المرضي ، الذي قطعتبه حجج المحتجين ، وعذر المعتذرين ، فاخترته حجة على العالمين ،

__________________

(1) خرجت ( خ ل ).

(2) العاقبة : الولد.

(3) حزانة الرجل : عياله الذين تتحزن لأمرهم.

(4) هواجس الصدور اي ما يخطر فيها ويدور فيها من الأحاديث والأفكار.

١٨١

ان لا تحرمنا زيارة أمير المؤمنين وثواب مزاره ، وان تجعلني من وفدهالصالحين وشيعته ومنتجبيه المباركين.

وإذا تراءت لك القبة فقل :

الحمد لله على ما اختصني من طيب المولد ، واستخلصني اكرامابه من(1) موالاة الأبرار ، السفرة الأطهار ، والخيرة الاعلام ، اللهم فتقبلسعيي إليك ، وتضرعي بين يديك ، واغفر لي الذنوب [ التي لا تخفىعليك ](2) ، انك أنت الله الملك الغفار.

فإذا وصلت إلى العلم فقل :

اللهم انك ترى مكاني ، وتسمع كلامي ، ولا يخفى عليك شئ منأمري ، وكيف يخفى عليك ما أنت مكونه وبارؤه ، وقد جئتك مستشفعابنبيك نبي الرحمة ، ومتوسلا بوصي رسولك ، وأسألك بهما اثباتا فيالهدى ، ونورك في الآخرة والأولى ، وقربة إليك ، وزلفة لديك ، انكأنت الملك القديم.

فإذا وصلت إلى باب الحائر كبرت ثلاثين تكبيرة ، وهللت ثلاثينتهليلة ، وحمدت الله ثلاثين تحميدة ، وصليت على محمد وآله ثلاثينمرة ، ثم دنوت من حيث تدخل ، فقدمت رجلك اليمنى وقلت :

__________________

(1) استخلصني اكراما به اي استخلصني به اكراما لي ، ومن بيانية ، يقال : استخلصه لنفسه :استخصه.

(2) من المصادر.

١٨٢

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى اللهعليه وآله.

وصل ركعتين تحية المشهد مندوبا وقل :

السلام على رسول الله خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله ، السلامعلى وصيه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، السلام على جميع ملائكة هذاالحرم الذي هم به محفون ، وبمشهده محدقون ، ولزواره مستغفرون ،الحمد لله الذي أكرمنا بمعرفته ومعرفة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومنفرض علينا طاعته صلى الله عليه ، رحمة وتطولا.

الحمد لله الذي سيرني في بلاده ، وحملني على دوابه ، وطوى ليالبعيد ، ودفع عني المكاره ، وبلغني حرم أخي نبيه ووصي رسولهصلى الله عليهما ، وادخلني البقعة التي قدسها ، وبارك عليه ، واختارهالوصي نبيه صلى الله عليهما.

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، اشهدان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واشهد ان علياعليه‌السلام عبده وأخو رسوله.

اللهم إني عبدك وزائرك ، الوافد إليك ، المتقرب إليك بزيارة أخينبيك ومستحفظ رسولك صلى الله عليهما وسلم ، وعلى كل مأتي حقلمن زاره ، وأنت خير مأتي وأكرم مزور.

فأسألك اللهم بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ،

١٨٣

وبموجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ، ان تصلي على محمد واله وانتجعل حظي من زيارتي في موضعي فكاك رقبتي من النار ، وتجعلنيممن يسارع في الخيرات ويدعوك رغبا ورهبا ، واجعلني منالخاشعين.

اللهم انك بشرتني على لسان نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت :( وبشر الذين امنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) (1) .

فاني مؤمن بك وبجميع أنبيائك ورسلك صلواتك عليهم ،وبكلماتك وأنبيائك ، فلا توقفني بعد معرفتهم موقفا تفضحني فيه علىرؤوس الاشهاد ، وأوقفني مع محمد وآله صلواتك عليهم ، وتوفنيعلى التصديق بهم والتسليم لهم ، فإنهم عبيدك ، وأنت خصصتهمبكرامتك ، وأمرتني باتيانهم ، وفرضت علي طاعتهم ، فلك الحمد يارب العالمين.

فإذا وقفت على باب السلام فقل :

السلام على أبي الأئمة ، ومعدن النبوة ، والمخصوص بالاخوة ،السلام على يعسوب(2) الايمان ، وكلمة الرحمن(3) ، وكهف الأنام ، وسلام

__________________

(1) يونس : 2.

(2) اليعسوب : السيد والرئيس والمقدم ، واصله أمير النحل.

(3) كلمة الرحمن : اي يبين للخلق ما أراد الله اظهاره ، كما أن الكلمة تبين ما في ضميرصاحبها ، أو المراد انه صاحب كلمات الله وعلومه.

١٨٤

على ميزان الأعمال(1) ومقلب الأحوال(2) وسف ذي الجلال ، وسلامعلى صالح المؤمنين ، ووارث علم النبيين ، والحاكم في يوم الدين.

سلام على شجرة التقوى ، وسامع السر والنجوى ، ومنزل المنوالسلوى ، سلام على حجة الله البالغة ، ونعمته السابغة ، ونقمتهالدامغة.

سلام على إسرائيل الأمة ، وباب الرحمة ، وأبي الأئمة ، سلام علىصراط الله الواضح ، والنجم اللائح ، والامام الناصح ، سلام على وجهالله الذي من آمن به امن ، سلام على نفسه القائمة فيه بالسنن ، وعينهالتي من رعته اطمأن ، سلام على اذن الله الواعية في الأمم ، ويدهالباسطة بالنعم ، وجنبه الذي من فرط فيه ندم.

اشهد انك مجازي الخلق ، ومالك الرزق ، والحاكم بالحق ، بعثكالله علما لعباده ، فوفيت بمراده ، وجاهدت فيه حق جهاده ، صلى اللهعليك ، وجعل أفئدة من المؤمنين تهوي إليك ، والخير منك وفييديك.

عبدك الزائر بحرمك ، اللائذ بكرمك ، الشاكر لنعمك ، قد هربإليك من ذنوبه ، ورجاك لكشف كروبه ، فأنت ساتر عيوبه ، فكن لي إلى

__________________

(1) لأنهم ـ على ما ورد في الروايات الكثيرة ـ موازين يوم القيامة وهم يحاسبون الخلق.

(2) اي يقلب أحوالهم من الضلالة إلى الهداية ، ومن الجهل إلى العلم و ، أو انه محنةالورى به يتميز المؤمن من الكافر ، وبه انتقل جماعة من الكفر إلى الايمان ، وبه ظهر كفرالمنافقين ، وله معنى آخر دقيق ليس هنا موضع ذكرها.

١٨٥

الله سبيلا ، ومن الله مقيلا ، ولما آمل فيك كفيلا ، نجني نجاة من وصلحبله بحبلك ، وسلك إلى الله بسبلك ، وأنت سامع الدعاء ، ولي الجزاء ،عليك منا التسليم ، وأنت السيد الكريم ، وأنت بنا رحيم ، منك النوال ،وعليك بعد الله التكلان ، والحمد لله وحده.

السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، السلام عليكيا ولي الله ، السلام عليك يا صفوة الله ، السلام عليك يا حبيب الله ،السلام عليك يا وصي رسول رب العالمين وخاتم النبيين ، السلام عليكيا سيد الوصيين ، السلام عليك يا حجة الله على الخلق أجمعين.

السلام عليك أيها النبأ العظيم ، الذي هم فيه مختلفون ، وعنهمسؤولون ، السلام عليك أيها الفاروق الأعظم ، السلام عليك ياأمير المؤمنين ، السلام عليك يا امين الله ، السلام عليك يا حبل اللهوموضع سره ، وعيبة علمه وخازن وحيه.

بابي أنت وأمي يا مولاي يا حجة الخصام ، بابي أنت وأمي يا بابالمقام(1) ، اشهد انك حبيب الله وخاصة الله وخالصته.

واشهد انك عمود الدين ، ووارث علم الأولين والآخرين ،

__________________

(1) باب المقام اي مقام إبراهيم لحج البيت واعتماره لا يقبل الا بولايتك فمن لم يأتهبولايتك فكأنما اتى البيت من غير بابه ، أو باب القيام عند رب العالمين للحساب ، كناية عن أنإياب الخلق إليه وحسابهم عليه ، فكما انه لا يدخل البيت الا بعد المرور على الباب كذلكلا يأتي أحد ليقوم للحساب الا بعد أن يلقاهعليه‌السلام بما هو أهله من البشارة أو الاكتياب ـ البحار.

١٨٦

وصاحب الميسم(1) والصراط المستقيم ، اشهد انك قد بلغت عن اللهوعن رسوله ، ورعيت ما استحفظت ، وحفظت ما استودعت ، وحللتحلال الله ، وحرمت حرام الله ، وأقمت احكام الله ، ولم تتعد حدودالله ، وعبدت الله مخلصا حتى اتاك اليقين.

اشهد انك أقمت الصلاة ، واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ،ونهيت عن المنكر ، واتبعت الرسول ، وتلوت الكتاب حق تلاوته ،وجاهدت في الله حق جهاده ، ونصحت لله ولرسوله ، وجدت بنفسكصابرا محتسبا ، وعن دين الله مجاهدا ، ولرسول الله موفيا ، ولما عندالله طالبا ، وفيما وعد راغبا ، ومضيت للذي أنت عليه شاهدا وشهيداومشهودا ، فجزاك الله عن رسول الله وعن الاسلام وأهله أفضلالجزاء.

لعن الله من افترى عليك وغضبك ، ولعن الله من قتلك ، ولعنمن بايع على قتلك ، ولعن من بلغه ذلك فرضي به ، أنا إلى الله منهمبرئ ، ولعن الله أمة خالفتك ، وأمة جحدت ولايتك ، وأمة تظاهرتعليك ، وأمة قاتلتك ، وأمة جارت عليك وحادت عنك(2) وخذلتك(3) ،الحمد لله الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود.

__________________

(1) إشارة إلى ما ورد في الاخبار انهعليه‌السلام الدابة التي يخرج في آخر الزمان ، ومعه العصاوالميسم ، يسم بهما وجوه المؤمنين والكافرين.

(2) الحيد : الميل.

(3) خذله : ترك نصرته.

١٨٧

اللهم العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتكوأصلهم(1) حر نارك ، اللهم العن الجوابيت والطواغيت والفراعنة ،واللات والعزى ، وكل ند يدعى من دون الله ، وكل ملحد مفتر.

اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم ، وأولياءهم وأعوانهمومحبيهم لعنا كثيرا ، لا انقطاع له ولا اجل.

اللهم إني أبرأ إليك من جميع أعدائك ، وأسألك اللهم ان تصليعلى محمد وآله وان تجعل لي لسان صدق في أوليائك ، وتحبب إليمشاهدهم ، حتى تلحقني بهم ، وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة ، ياارحم الراحمين.

ثم تحول إلى عند رأسه صلوات الله عليه وتقول :

سلام الله وسلام ملائكته المقربين ، والمسلمين لك بقلوبهم ،والناطقين بفضلك ، والشاهدين على أنك صادق صديق ، عليك يامولاي ورحمة الله وبركاته ، صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك ،اشهد أنك طاهر مطهر ، من طهر طاهر مطهر.

اشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء ، واشهد أنكحبيب الله ، وأنك باب الله(2) الذي يؤتى منه ، وأنك سبيل الله ، وانك

__________________

(1) صلى اللحم : شواه أو ألقاه في النار للاحراق.

(2) المراد بالباب الذي لا يؤتي الا منه ، اي لا يوصل إلى الله والى معرفته وعبادته الابمتابعتك.

١٨٨

عبد الله وأخو رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

اتيتك متقربا إلى الله بزيارتك ، في خلاص نفسي ، متعوذا بك مننار استحقها مثلي بما جنيت على نفسي ، اتيتك انقطاعا إليك وإلىولدك(1) الخلف من بعدك على بركة الحق ، فقلبي لكم مسلم ، وأمري لكممتبع ، ونصرتي لكم معدة.

أنا عبد الله ومولاك وفي طاعتك ، الوافد إليك ، ألتمس كمالالمنزلة عند الله تعالى ، وأنت يا مولاي ممن أمرني الله بصلته ، وحثنيعلى بره ، ودلني على فضله ، وهداني لحبه ، ورغبني في الوفادة إليه ،وألهمني طلب الحوائج عنده.

أنتم أهل بيت يسعد من تولاكم ، ولا يخيب من أتاكم ، ولا يخسرمن يهواكم ، ولا يسعد من عاداكم ، لا أجد أحدا أفزع إليه خيرا ليمنكم ، أنتم أهل بيت الرحمة ، ودعائم الدين ، وأركان الأرض ، والشجرةالطيبة.

اللهم لا تخيب توجهي إليك برسولك وال رسولك ، واستشفاعيبهم ، اللهم أنت مننت علي بزيارة مولاي أمير المؤمنين وولايتهومعرفته ، فاجعلني ممن ينصره وينتصر به ، ومن علي بنصرك لدينكفي الدنيا والآخرة ، اللهم إني أحيى على ما حيي عليه علي بن أبي طالبوذريته الطاهرون.

__________________

(1) المراد بالولد الحسينعليه‌السلام ، أو جميع الأئمةعليهم‌السلام ، فان الولد يكون واحدا وجمعا.

١٨٩

ثم انكب على القبر فقبله وضع خديك عليه ، ثم انفتل إلى القبلةوأنت مقامك عند الرأس ، فصل ركعتين ، تقرأ في الأولى فاتحة الكتابوسورة الرحمن ، وفي الثانية فاتحة الكتاب وسورة يس ، ثم تتشهدوتسلم.

فإذا سلمت فسبح تسبيح الزهراء فاطمةعليها‌السلام واستغفر وادع ، ثماسجد وقل في سجودك :

اللهم إني إليك توجهت ، وبك اعتصمت ، وعليك توكلت ، اللهمأنت ثقتي ورجائي ، فاكفني ما أهمني وما لا يهمني وما أنت اعلم بهمني ، عز جارك وجل ثناؤك ولا اله غيرك ، صل على محمد وآل محمدوقرب فرجهم.

ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل :

اللهم ارحم ذلي بين يديك ، وتضرعي إليك ، ووحشتي منالناس ، وانسي بك يا كريم.

ثم ضع خدك الأيسر على الأرض وقل :

لا إله إلا أنت حقا حقا ، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا ، اللهم انعملي ضعيف ، فضاعفه لي يا كريم.

تقول ذلك ثلاثا ، ثم عد إلى السجود وقل : شكرا شكرا ـ مائة مرة.

وتقوم فصل أربع ركعات كما صليت ، ويجزيك ان عدلت عن ذلكإلى ما تيسر من القرآن ، تكمل بالأربع ست ركعات الأوليان ، منها لزيارة

١٩٠

أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والأربع لزيارة ادم ونوحعليهما‌السلام ، وتسبح تسبيحالزهراءعليها‌السلام وتستغفر لذنبك وتدعوا بما شئت.

ثم تحول إلى عند الرجلين وقل :

السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، أنت أولمظلوم ، وأول مغصوب حقه ، صبرت واحتسبت حتى اتاك اليقين ،اشهد انك لقيت الله وأنت شهيد ، عذب الله قاتلكم بأنواع العذاب.

جئتك زائرا عارفا بحقك ، مستبصرا بشأنك ، معاديا لأعدائك ،مواليا لأوليائك ، القى على ذلك ربي إن شاء الله تعالى ، ولي ذنوبكثيرة ، فاشفع لي عند ربك ، فان لك عند الله مقاما معلوما وجاهاوشفاعة ، وقد قال الله تعالى :( ولا يشفعون الا لمن ارتضى (1) وهم منخشيته مشفقون ) (2) .

صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك ، وعلى الأئمة من ذريتك ،صلاة لا يحصيها الا هو ، وعليكم أفضل السلام ورحمة الله وبركاته.

واجتهد في الدعاء فإنه موضع مسألة ، وأكثر من الاستغفار فإنه

__________________

(1) لعل المراد بالشفاعة أولا في قوله :( فاشفع لي إلى ربك ) الاستغفار في هذه الحالة ،وبالشفاعة ثانيا في قوله :( ولا يشفعون الا لمن ارتضى ) في القيامة ، اي ادع لي الان بالغفرانلأصير قابلا لشفاعتك في القيامة ، ويحتمل أن يكون المعنى اشفع لي فان كل من شفعتم له فهوالمرتضى ، ويحتمل أن يكون المقصود الاستشهاد بالقران لمجرد وقوع الشفاعة لا لخصوصالمشفوع له ، والله العالم ـ البحار.

(2) الأنبياء : 28.

١٩١

موطن مغفرة ، اساله الحوائج فإنه مقام إجابة ، وأكثر من الصلاة والدعاءوالزيارة والتحميد والتسبيح والتهليل وذكر الله تعالى وتلاوة القرآنوالاستغفار ما استطعت.

زيارة أبي البشر آدم صلى الله عليه :

تقف على ضريح أمير المؤمنينعليه‌السلام وتقول :

السلام عليك يا صفي الله ، السلام عليك يا حبيب الله ، السلامعليك يا نبي الله ، السلام عليك يا امين الله ، السلام عليك يا خليفة اللهفي ارضه.

السلام عليك يا أبا البشر ، سلام الله عليك وعلى روحك وبدنك ،وعلى الطاهرين من ولدك وذريتك ، صلاة لا يحصيها الا هو ورحمة اللهوبركاته.

باب الوداع :

فإذا قضيت نسكك واردت الانصراف فقف على القبر كوقوفكعليه في ابتداء زيارتك ، وتستقبله بوجهك وتجعل القبلة بين كتفيك ،تقول :

السلام عليك يا أمير المؤمنين وعلى ضجيعيك ادم ونوحورحمة الله وبركاته ، أستودعكم الله وأسترعيكم واقرأ عليكم

١٩٢

السلام ، امنا بالله وبالرسل ، وبما جاءت به ودلت عليه ، اللهم اكتبنا معالشاهدين.

اللهم إني أشهدك في مماتي على ما شهدت عليه في حياتي ، اشهدانكم الأئمة ـ وتسميهم واحدا بعد واحد.

واشهد ان من قتلكم وحاربكم مشركون ، ومن رد عليكم فيأسفل درك من الجحيم ، واشهد ان من حاربكم لنا أعداء ، وانهم حزبالشيطان ، وعلى من قتلكم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ومنشرك فيه ومن سره قتلكم.

اللهم إني أسألك بعد الصلاة والتسليم ان تصلي على محمد النبي وآله ـ وتسميهم ـ ولا تجعل هذا اخر العهد من زيارتي إياهم ، فان جعلتهفاحشرني معهم.

اللهم وذلل قلوبنا لهم بالطاعة والمناصحة ، وحسن المؤازرةوالتسليم(1) .

__________________

(1) رواه السيد ابن طاووس في مصباح الزائر : 60 والشهيد في مزاره : 29 والمفيد فيمزاره ، عنهم البحار 100 : 281

ذكره عبد الكريم بن طاووس في فرحة الغري : 93 عن صفي الدين بن معدان ، عن الحسينابن الفضل ، عن الحسين بن محمد بن مصعب ، وعن زيد بن علي بن محمد بن يعقوب ، عنالحسين بن محمد بن مصعب ، عن محمد بن حسين بن أبي الخطاب ، عن صفوان بن علي البزازعن صفوان الجمال ، عن الصادق عليه‌السلام ، عنه البحار 100 : 235

١٩٣

الباب (13)

فأما العمل والصلاة ليلة المبعث ، وهي ليلة سبع وعشرين من رجب

الف ـ فإنه روى صالح بن عقبة عن أبي الحسنعليه‌السلام أنه قال : صلليلة سبع وعشرين من رجب أي وقت شئت من الليل اثنتي عشرة ركعة ،تقرأ في كل ركعة الحمد ، والمعوذتين ، و( قل هو الله أحد ) أربعا يعنيسورة منها أربع ركعات ، وينوي انه يصلي صلاة ليلة المبعث مندوبا قربةإلى الله تعالى.

فإذا فرغت قلت وأنت في مكانك أربع مرات :

لا إله إلا الله والله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله ، ولا حولولا قوة الا بالله.

ثم ادع ما شئت(1) .

ب ـ رواية أخرى : روي عن أبي جعفر محمد بن علي الرضاعليهما‌السلام أنه قال : ان في رجب ليلة خير مما طلعت عليه الشمس ، وهي ليلة سبعوعشرين من رجب ، فيها نبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في صبيحتها ، وان للعاملفيها من شيعتنا أجر عمل ستين سنة ، قيل له : وما العمل فيها أصلحكالله؟ قال :

__________________

(1) رواه الشيخ في مصباحه : 813 ، عنه السيد في الاقبال 3 : 267 ، عنه الوسائل 8 : 111.

١٩٤

إذا صليت العشاء الآخرة واخذت مضجعك ، ثم استيقظت ايساعة شئت من الليل قبل الزوال ، صليت اثنتي عشرة ركعة ، تقرأ في كلركعة الحمد وسورة من خفاف المفصل.

فإذا سلمت في كل شفع جلست بعد التسليم ، وقرأت الحمدسبعا ، و( قل هو الله أحد ) ، و( قل يا أيها الكافرون ) سبعا سبعا(1) ،وقلت بعقب ذلك هذا الدعاء :

الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملكولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.

اللهم إني أسألك بمعاقد عزك على أركان عرشك ، ومنتهى الرحمةمن كتابك ، وباسمك الأعظم الأعظم الأعظم ، وذكرك الاعلى الاعلىالاعلى ، وبكلماتك التامات ان تصلي على محمد واله وان تفعل بي ماأنت أهله(2) .

ويستحب الغسل في هذه الليلة.

__________________

(1) كذا ، وفي بعض المصادر زيادة : المعوذتين وانا أنزلناه وآية الكرسي.

(2) رواه الشيخ في مصباحه : 813.

رواه السيد ابن طاووس في الاقبال 3 : 266 ، باسناده عن الطرازي في كتابه ، عن عدة منأصحابنا ، عن عبد الباقي بن قانع بن مروان ، عن محمد بن زكريا الغلابي ، عن محمد بن عفيرالضبي.

وأيضا عن محمد بن عبد الله ، عن جعفر بن فروخ ، عن الغلابي ، عن العباس بن بكار ، عنالضبي ، عنه مستدرك الوسائل 6 : 289.

١٩٥

ويوم السابع والعشرين منه :

فيه بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويستحب صومه ، وهو أحد الأيامالأربعة في السنة ، ويستحب الغسل فيه ندبا والصلاة المخصوصة.

الف ـ وروى الريان بن الصلت قال : صام أبو جعفر الثانيعليه‌السلام لماكان ببغداد يوم النصف من رجب ويوم سبع وعشرين منه ، وصام معهجميع حشمه ، وأمرنا ان نصلي الصلاة التي هي اثنتا عشرة ركعة ، تقرأفي كل ركعة الحمد وسورة.

فإذا فرغت قرأت الحمد أربعا ، و( قل هو الله أحد ) أربعا ،والمعوذتين أربعا ، وقلت :

لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله والحمد لله ، ولا حولولا قوة الا بالله العلي العظيم ـ أربعا.

الله الله ربي لا أشرك به شيئا ـ أربعا(1) .

ب ـ ويستحب ان يدعي في هذا اليوم بهذا الدعاء :

يا من أمر بالعفو والتجاوز ، وضمن على نفسه العفو والتجاوز ، يامن عفى وتجاوز ، اعف عني وتجاوز يا كريم.

__________________

(1) رواه السيد ابن طاووس في الاقبال 3 : 274 ، عن الشيخ في مصباحه : 814 ، عنهالوسائل 8 : 112.

١٩٦

اللهم وقد أكدى(1) الطلب ، وأعيت الحيلة والمذهب ، ودرستالآمال ، وانقطع الرجاء الا منك وحدك لا شريك لك.

اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة(2) ، ومناهل(3) الرجاءلديك مترعة(4) ، وأبواب الدعاء لمن دعاك مفتحة ، والاستعانة لمناستعان بك مباحة ، واعلم انك لداعيك بموضع إجابة ، وللصارخ إليكبمرصد إغاثة ، وان في اللهف إلى جودك والضمان بعدتك عوضا منمنع الباخلين ، ومندوحة(5) عما في أيدي المستأثرين ، وانك لا تحتجب(6) عن خلقك الا ان تحجبهم الأعمال دونك.

وقد علمت أن أفضل زاد الراحل إليك عزم إرادة ، وقد ناجاك بعزمالإرادة قلبي ، فأسالك بكل دعوة دعاك بها راج بلغته امله ، أو صارخ إليكأغثت صرخته ، أو ملهوف مكروب فرجت عن قلبه(7) ، أو مذنب خاطئغفرت له ، أو معافى أتممت نعمتك عليه ، أو فقير أهديت غناك إليه ،ولتلك الدعوة عليك حق ، وعندك منزلة ، الا صليت على محمد

__________________

(1) أكدى : بخل أو قل خيره.

(2) مشرعة : مفتوحة.

(3) المناهل : المشارب.

(4) مترعة : مملوة.

(5) المندوحة : السعة.

(6) تحجب ( خ ل ).

(7) فرجت كربه ( خ ل ).

١٩٧

وال محمد وقضيت حوائجي وحوائج الدنيا والآخرة.

وهذا رجب المرجب المكرم ، الذي أكرمتنا به أول أشهر الحرم ،أكرمتنا به من بين الأمم يا ذا الجود والكرم ، فنسألك به وباسمك الأعظمالأعظم الأعظم ، الاجل الأكرم الذي خلقته فاستقر في ظلك فلا يخرجمنك إلى غيرك ، ان تصلي على محمد وأهل بيته الطاهرين ، وتجعلنا منالعاملين فيه بطاعتك ، والآملين فيه لشفاعتك.

اللهم واهدنا إلى سواء السبيل ، واجعل مقيلنا(1) عندك خير مقيل ،في ظل ظليل ، فإنك حسبنا ونعم الوكيل ، والسلام على عبادهالمصطفين وصلواته عليهم أجمعين.

اللهم بارك لنا في يومنا هذا الذي فضلته ، وبكرامتك جللته ،وبالمنزل العظيم منك أنزلته ، وصل على من فيه إلى عبادك أرسلته ،وبالمحل الكريم أحللته.

اللهم صل عليه صلاة دائمة ، تكون لك شكرا ولنا ذخرا ، واجعللنا من أمرنا يسرا ، واختم لنا بالسعادة إلى منتهى اجالنا ، وقد قبلتاليسير من أعمالنا ، وبلغنا برحمتك أفضل امالنا ، انك على كل شئقدير ، وصلى الله على محمد وآله وسلم(2) .

__________________

(1) المقيل : موضع الاستراحة.

(2) رواه الشيخ في مصباحه : 814.

ذكره السيد في الاقبال 3 : 276 باسناده إلى محمد بن علي الطرازي ، عن علي بن إسماعيلابن يسار.

١٩٨

ج ـ رواية أخرى : رواية أبو القاسم الحسين بن روح رحمة الله عليهقال : تصلي في هذا اليوم اثنتا عشرة ركعة ، يقرأ في كل ركعة فاتحةالكتاب وما تيسر من السور ، وتتشهد وتسلم وتقول بين كل ركعتين :

الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ،ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.

يا عدتي في مدتي ، ويا صاحبي في شدتي ، ويا وليي في نعمتي ، ياغياثي في رغبتي ، يا مجيبي في حاجتي ، يا حافظي في غيبتي ، يا كالئيفي وحدتي ، يا أنسي في وحشتي.

أنت الساتر عورتي فلك الحمد ، وأنت المقيل عثرتي فلك الحمد ،و أنت المنفس صرعتي فلك الحمد ، صل على محمد وال محمد واسترعورتي ، وآمن روعتي ، وأقلني عثرتي ، واصفح عن جرمي ، وتجاوز عنسيئاتي في أصحاب الجنة ، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.

فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد والاخلاصوالمعوذتين و( قل يا أيها الكافرون ) و( انا أنزلناه ) وآية الكرسي سبعمرات ، ثم تقول :

لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله والحمد لله ولا حولولا قوة الا بالله ـ سبع مرات.

ثم تقول :

١٩٩

الله الله ربي لا أشرك به شيئا ـ سبع مرات.

فاسأل ما أحببت(1) .

فاما الزيادات في عمل رجب :

الف ـ فإنه روي أبو سعيد الخدري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الا انرجبا شهر الله الأصم ـ وذكر فضل صيامه وما لصائم أيامه من الثواب ،ثم قال في آخره ـ : قيل : يا رسول الله فمن لم يقدر على هذه الصفة يصنعماذا لينال ما وصفت ، قال : يسبح الله تعالى في كل يوم من رجب إلى تمامثلاثين بهذا التسبيح مائة مرة :

سبحان الاله الجليل ، سبحان من لا ينبغي التسبيح الا له ، سبحانالأعز الأكرم ، سبحان من لبس العز وهو له أهل(2) .

__________________

(1) رواه السيد في الاقبال 3 : 273 ، باسناده عن الطرازي في كتابه ، عن أبي العباس احمدابن علي بن نوح ، عن أصل كتاب أبي احمد المحسن بن عبد الحكم الشجري ، عن كتابأبي نصر جعفر بن محمد بن الحسن بن الهيثم ، عن الحسين بن روح ، عنه المستدرك 6 : 291.

ذكره مع اختلاف السيد في الاقبال 3 : 275 عن الشيخ الطوسي في المصباح : 750 باسنادهعن أبي القاسم بن روح.

(2) رواه السيد في الاقبال 3 : 197 عن جده الشيخ الطوسي ، عن أبي سعيد الخدري.

ذكره الصدوق في أماليه : 429 ، باسناده عن محمد بن أبي إسحاق بن أحمد الليثي ، عن محمدابن الحسين الرازي ، عن علي بن محمد بن علي المفتي ، عن الحسن بن محمد بن المروزي ، عنأبيه ، عن يحيى بن عياش ، عن علي بن عاصم ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ،عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ذكره في الاقبال 3 : 284 عن أمالي الصدوق وثواب الأعمال.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679