موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) الجزء ٣

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور)0%

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 679

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: الصفحات: 679
المشاهدات: 202053
تحميل: 10344


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 679 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202053 / تحميل: 10344
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور)

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

على العالم. فإذا تعذَّر الانتصار لم يكن للظهور فائدة، وكان مُتعذِّراً أيضاً، فتكون هذه الحرب موجبة لتأخُّر الظهور، وانخرام شرطه بدلاً عن أن تكون في صالحه.

ولعلَّنا لو قلنا: بأنَّ الباقي من البشرية هو نسبة الواحد إلى المئة والواحد والعشرين... كان هذا الإيراد صحيحاً... وكان من الصعب القول: بأنَّ أصحاب المهدي (ع) كلَّهم سيكونون من الباقيين، وخاصة إذا توسَّعنا أكثر إلى الثلاثمئة والثلاثة عشر إلى المـُخلصين من الدرجتين الثانية والثالثة، فإنَّ المحافظة عليهم تحتاج إلى عناية خاصة تُشبه المعجزة؛ وبذلك تكون الحرب العالمية التي تُسبِّب هذه القلَّة العظيمة في البشر، ضدَّ مصلحة الظهور، وليست إلى صالحه.

إلاَّ أنَّ هذه الفكرة غير صحيحة، بمعنى أنَّ الحرب لا تكون مُضرَّة بالظهور حتى على هذا المستوى؛ وذلك لأمرين:

الأمر الأول: إنَّنا - على أسوأ تقدير - يمكن أن نفترض تساوي نسبة الفناء في البشر بين جميع أصنافهم سواء من أصحاب الإمام أو غيرهم، فإذا كانت البشرية ذات العدد الكبير تحتاج إلى ثلاثمئة ونيِّف من القوَّاد، فمن المنطقي أنَّ البشرية القليلة العدد، تحتاج إلى قادة أقل، وكلَّما قلَّت نسبتها قلَّت حاجتها إلى القوَّاد، فإنَّ النسبة بين عدد البشر وعدد الجيش المهدوي تبقى ذاتها مهما صغر الرقم.

الأمر الثاني: لو تنزَّلنا – جدلاً - عن الأمر الأول، وفرضنا أنَّ الحرب العالمية التي تُسبب القلَّة العظيمة مُضرَّة بمصلحة الظهور، إذن ونستطيع أن نعرف بالأدلة الدالة على حصول الظهور وانتصار الإمام (ع)، وكون ذلك هو الهدف من خلق البشرية، تعرف أنَّ هذه القِلَّة لن تحصل في أنصار الإمام (ع)، إمَّا لأنَّ الحرب نفسها لن تحصل، وإمَّا لأنَّها لا تكون موجبة لقِلَّة البشر بهذا المقدار، وإمَّا أن توجب قِلَّة البشر الآخرين مع المحافظة على هؤلاء بعناية وتأييد خاص، ناشئ من تأييد هدفهم الأعلى نفسه.

إلاَّ أنَّ الإنصاف أنَّ استنتاج هذه القِلَّة العظيمة في البشر من هذه الأخبار بلا موجب؛ فإنَّ الحاصل الناتج من ضرب الكسور لم يدلَّ عليه خبر أصلاً، بل ولا الأخذ بأكبر الكسور، وهو التسعة أعشار، فإن دلّ عليه خبر واحد لم تسنده الأخبار الأُخرى، فلا يكون قابلاً للإثبات.

٣٤١

بل إمَّا نحمل هذه الأخبار على التقريب - كما ذكرنا - أو نأخذ بأقلِّ التقادير؛ باعتبار أنَّه المقدار المـُسلَّم بين الأخبار، والزائد مشكوك لم يثبت تاريخياً، وأقلُّ النسب هو ذهاب الثُّلثين وبقاء الثُّلث، وإذا صحَّ جوابنا على النسب العالية للهلاك، صحَّ جوابنا على النسب الأقلِّ بطريق أوْلى.

يُضاف إلى ذلك أجوبة أُخرى:

أهمُّها: إنَّ المحافظة على أصحاب الإمام الخاصة - بل وغير الخاصة - ليس يحتاج إلى العناية والتأييد الخاص، بل يمكن أن يكون طبيعياً خالصاً، وذلك انطلاقاً من زاويتين:

الزاوية الأُولى: إنَّ الأسلحة التي تشمل بالفناء كل البشرية سوف لن تُستعمل؛ لأنَّها توجِب فناء الدولة الضاربة... وهذا واضح.

الزاوية الثانية: أنَّه لا دليل على شمول الحرب لكل دول العالم وأقاليمه، وإنَّما سوف تقتصر على المناطق التي تكون محكومة للدول المـُتحاربة، ولكل أصدقائها ومحالفيها... وهي بكل سكَّانها نسبة عُظمى من العالم، قد تزيد على ثلاثة أرباع سكَّانه.

فلو هلك أكثر هؤلاء مع القليل من غيرهم، يكون الهالك بالنسبة التي فهمناها أخيراً.

ومن الواضح والسهل، افتراض أن يكون هؤلاء المـُخلصون المـُعدَّون لنُصرة الإمام القائد المهدي (ع) موجودين في الدول غير المشاركة في الحرب، فمهما نالهم من الضرر نتيجةً للحرب العالمية، فإنَّهم يبقون على قيد الحياة على أيِّ حال، وهو المطلوب.

وهذا هو المقصود من قوله (ع) في إحدى الروايات: ( أما ترضون أن تكونوا في الثُّلث الباقي... ).

إذن؛ فسوف يقلُّ أعداء المهدي (ع) دون أصحابه وناصريه، وهو المقصود من أنَّ وجود الحرب العالمية تُشكِّل إحدى الضمانات لانتصاره (ع).

السؤال الثاني: أنَّه إذا قامت الحرب العالمية الرهيبة التي تذهب بأكثر أفراد البشر... فمعنى ذلك زوال معالم الحضارة الحديثة بكل حقولها، وموت كل الاختصاصيين في فروع المعرفة، فماذا يبقى لعصر ما بعد الظهور من حضارة ومدنية؟ ومعه فكيف يعمُّ الرفاه كل البشر بدون ذلك؟!

وجواب ذلك: أنَّ المـُهمَّ من معالم الحضارة الحديثة التي يمكن أن يُفيد منها عصر ما

٣٤٢

بعد الظهور، ليس هو المباني والشوارع والجسور ونحوها، بل الأهمُّ هو المصانع الكبرى والمـُختبرات العلمية وخبراؤها، والمصادر التي تتحدَّث عن العلوم التي تخصُّها، أعني الكُتب والوثائق التي تخصُّ هذه الحقول، فإنَّ هذا هو أفضل ما أنتجته أوروبا من خدمات إنسانية.

ومن الممكن القول: إنَّ كل ذلك يمكن أن ( يعبر ) الحرب إلى ما بعدها سالماً؛ وذلك لأنَّ الحرب تستهدف - أساساً - الجيوش والأسلحة ومصانعها، والعواصم والمـُدن الكبيرة، والمعسكرات ونحوها، ولن تستهدف معامل صنع السيارات والزجاج بطبيعة الحال، فما يتلف تحت التفجيرات الذَّرَّية والهيدروجينية هو ذلك... وكذلك قسم كبير من الناس، والقسم الأوفر هو الذي يموت مُتأثِّراً بالإشعاع بعد ذلك، ويكون موته محسوباً على الحرب بطبيعة الحال.

إذن؛ فأغلب المصانع سوف لن تتلف تحت الضرب، ولا يضرُّها الإشعاع بطبيعة الحال، مضافاً إلى أنَّ عدداً من المصانع موجودة في الدول غير المشتركة في الحرب، ولن تتلف الوثائق والكُتب الخاصة بهذه الحقول أيضاً.

وأمَّا الخبراء، فأغلب الظنِّ أنَّ الموجود منهم في الدول المشتركة في الحرب، سوف ينتهي أو يُقارب النهاية، فلو لم يكن هناك خُبراء آخرون في العالم لتوقَّفت المعامل عن العمل، إلاَّ أنَّنا نعيش الفكرة في هذا العصر بوضوح... إنَّ الخُبراء في الدول الصغيرة عدد كبير لا يُستهان به، وهم في ازدياد مُستمرٍّ، مضافاً إلى أنَّ انحفاظ المصادر والوثائق الخاصة بحقول المعرفة الصناعية تُتيح للإنسانية إنتاج خُبراء أكثر.

إذن؛ فالحرب وإن كانت قاتلة لأعداد بشرية هائلة فوق الحسبان بكثير، غير أنَّها لن تنال الجانب الصناعي بضرر كبير، الأمر الذي يوفِّر فرصة الاستفادة منه في عصر ما بعد الظهور.

السؤال الثالث: إنَّ معنى ما سمعناه في هذا الضمان الثاني لانتصار الإمام المهدي (ع)، أنَّ قيام الحرب العالمية هي الضمان الرئيسي لانتصاره، وأمَّا إذا لم تقم الحرب إلى حين الظهور، فسوف لن يستطيع النصر ولا تحقيق الدولة العالمية العادلة؛ إذ إنَّه سيواجه

٣٤٣

القوى العالمية بكل جبروتها، الأمر الذي يجعل انتصاره أمراً مُتعذِّراً.

وجواب ذلك من عدَّة وجوه:

الوجه الأول: أنَّنا بعد أن نعرف أنَّ ( الظهور) المـُنتج للدولة العالمية العادلة هو الهدف البشري الأعلى، وقد عرفنا في التاريخ السابق وفي هذا التاريخ، أنَّ الله تعالى يُحقِّق كل ما هو لازم لإنجاز هذا الهدف، إن أمكن ذلك بالطريق الطبيعي ( المـُخطَّط ) فهو، وإلاَّ فبالطريق الإعجازي، وقد استنتجنا من ذلك عدَّة نتائج تمتُّ إلى عصر الغيبة بصِلَةٍ.

ومن هنا؛ يتبرهن بالضرورة كونه مُنتصراً على كل حال، في كل غزواته وفتوحاته، وأنَّ الدولة العالمية العادلة ناتجة على يده لا محالة، سواء وقعت الحرب العالمية قبل الظهور أم لا.

الوجه الثاني: أنَّه لو لم تحدث الحرب العالمية، كان هذا الضمان مُنتفياً، ولكن تبقى الضمانات الأُخرى على حالها للمشاركة في إنجاز النصر بعد الظهور، وهي فعَّالة شديدة التأثير ضدَّ أعظم القوى العالمية، وقد سمعنا بعضها ويأتي البعض الآخر.

الوجه الثالث: إنَّ المهدي (ع) بقابلياته القيادية - التي حملنا عنها أكثر من فكرة في أكثر من مناسبة - يستطيع أن يُخطِّط للحرب الفكرية والعسكرية في هذا العالم المليء بالظلم والطغيان، ما يستطيع به أن يُذلِّل كل عسير.

ونحن بالطبع، حيث نكون سابقين على عصر الظهور، لا نستطيع أن نُدرك كُنْهَ تلك التخطيطات والأساليب، فيبقى إدراك ذلك موكولاً إلى عصر ما بعد الظهور.

السؤال الرابع: وهو يدور حول عبارة في الرواية التي سمعناها عن الشيخ في الغيبة، بسنده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع): ( كان أمير المؤمنين (ع) قول: لا يزال الناس ينقصون حتى لا يُقال: الله ).

فإنّ العبارة ذات دلالة على أنَّ النقصان لا يحدث في الناس أنفسهم، بل يحدث في إيمانهم، وحتى لا يُقال: الله. باعتبار إنكارهم للعقيدة الإلهية، وهذا انحراف واضح نتيجةً للتمحيص حين تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً، فهل كانت هذه الرواية قرينة على أنَّ المراد من النقص المذكور في الروايات الأُخرى هو النقص في الإيمان لا في الأنفس...؟!

٣٤٤

وجواب ذلك: إنَّ تلك الروايات واضحة جدَّاً في نقصان الأنفس، وهذه الرواية ليست بهذا الوضوح لتكون قرينة على فَهْم الروايات الأخرى؛ إذ من المـُحتمل أنَّ هذه الرواية تريد بيان نقصان الإيمان فقط، كما هو المراد السؤال، ومن المـُحتمل أنَّها تريد نقص الإيمان والأنفس فقط معاً، فكأنَّما تقول: لا يزال الناس ينقصون إيماناً حتى لا يُقال: الله. ومعه تكون القرينة المذكورة في السؤال، بدون موضوع.

الضمان الثالث: لانتصار الإمام المهدي (ع).

توفير جماعة من المـُخلصين الكافين للقيام بمهامِّ الفتح العالمي، وتنفيذ الغرض الإلهي الأعلى من خَلْقِ الخليفة، وقد عرفنا كيف خطَّط الله تعالى لوجودهم، في ضمن الفترة الطويلة المـُتخلِّلة بين صدر الإسلام والظهور، كما عرفنا أعدادهم وسمعنا الروايات الواردة في أسمائهم، إلى غير ذلك من التفاصيل.

والمـُهمُّ الآن، هو كيف ننظر إلى أمور أُخرى من خصائصهم وصفاتهم، لم نكن قد سمعناها، من حيث إيمانهم وشجاعتهم وإخلاصهم للمهدي (ع) وطاعتهم له، وحُسن انقيادهم لقيادته، لنعرف في النتيجة كفايتهم لفتح العالم، وكون هذه الأوصاف تُشكِّل ضماناً أساسياً للنجاح في الثورة، بشكل غير مُتوفِّر في أيِّ جيش.

وينبغي أن نتكلَّم عن ذلك ضمن عدَّة جهات:

الجهة الأُولى: ثبت من التجارب الكثيرة التي عاشتها الجيوش خلال الحروب: أنَّ النصر منوط عادة بصفات مُعيَّنة لا بدَّ أن يتَّصف بها أفراد الجيش؛ لكي يكونوا أكثر إقداماً وأسرع نصراً.

وتتلخَّص هذه الأوصاف بالأمور التالية.

الأمر الأول: الإيمان بالهدف، فكلَّما كان الجيش أوعى لهدفه كان أقرب إلى النجاح، وأمَّا إذا لم يكن يفهم لنفسه هدفاً، وإنَّما يُساق سوق الأغنام إلى ساحة القتال، فسوف تكون فرصة الفوز من هذه الناحية قد فاتت بشكل مؤسِف.

الأمر الثاني: الشعور بالمسؤولية تجاه الهدف، وأنَّه هدف مُهمٌّ يتوقَّف تحقيقه على مسعاه ومسعى غيره من الناس، وأنَّه هدف لا يتحقَّق إلاَّ ببذل النفس والنفيس في سبيله.

وإذ يكون الجندي على مستوى المسؤولية والإخلاص، فإنَّه يكون لا محالة مُقْدِماً

٣٤٥

على التضحية، والصبر على المكاره في سبيل هدفه، وكلَّما تعمَّق هذا الشعور في نفس الفرد أو أنفس كل أفراد الجيش، كان أقرب إلى النصر.

وأمَّا إذا كان أفراد الجيش غير شاعرين بالمسؤولية، ولا مُخلصين للهدف، بل يرون ضرورة تقديم مصالحهم الخاصة على مصلحة القتال وتحقيق الهدف... فمثل هؤلاء من الصعب أن نتصوُّر لهم النجاح والانتصار، وإنَّما يخرج هذا الجندي باعتبار الاضطرار... لأنَّه لو رفض ذلك عوقب بالقتل، فهو مُخيَّر بين قتل عاجل جازم لو رفض أوامر القتال، وبين قتل مؤجَّل أو مُحتمَل لو باشر القتال، فهو يخرج تقديماً لأحسن الفرضيتين على أسوئهما في مصلحته.

ومثل هذا الجندي، متى ما رأى أنَّ من مصلحته ترك الحرب من دون أن يُعاقب بالقتل، كالهرب والاختفاء أو الانتقال إلى معسكر الأعداء، أو غير ذلك من الفعاليات، فإنَّه لا يتوانى عن القيام بها، كما أنَّه لو رأى أنَّ من مصلحته قبض الأموال للتجسُّس أو للقيام بالأعمال التخريبية، فإنَّه لا يكون لديه أيُّ مانع من القبول، وأيُّ مانع لديه للإجهاز على حرب تُهدِّده بالقتل، بدون أن يفهم لها هدفاً أو أن يجد نحوها إخلاصاً.

إذن؛ فالمـُهمُّ هو أن يجد الجندي - وبالتالي الجيش كله - الشعور بالمسؤولية تجاه الهدف من هذه الحرب، وكلَّما ازداد شعورهم وإخلاصهم، وكلَّما ازداد عدد الشاعرين المـُخلصين في الجيش، كانت فرص الفوز واحتمالات النصر أقرب لا محالة.

الأمر الثالث: الإخلاص للقائد والإيمان بقيادته، وبالتالي بذل الطاعة التامة له، وهي ليست طاعة عمياء - لو كان الجندي شاعراً بالمسؤولية - بل ستكون طاعة واعية مُبصِرة وهادفة، فلو لم يكن الأمر كذلك، بل كان الجندي عاصياً أحياناً، أو يُطلق لنفسه حُرِّية المناقشة والطعن في قرارات وتطبيقات القائد ونحو ذلك، فإنَّ فرصة النجاح تتضاءل لا محالة، لو كان في الجيش عدد مُهمٌّ بهذه الصفة.

الأمر الرابع: وهو شرط فيمَن توكَل إليه القيادة للجيش أو لبعضه، وهو أن يكون خبيراً بما أوكِل إليه من المهامِّ، عالماً بالصحيح من المصالح والمفاسد، من النواحي العسكرية والاجتماعية والعقائدية، لكي لا يقع في الغلط المؤدِّي إلى التورُّط في المشاكل المـُهلِكة.

ومن هنا؛ لا بدَّ أن ننطلق إلى جيش الإمام المهدي (ع) قادة وجنوداً.. لكي نرى

٣٤٦

ما إذا كانت الخصائص الرئيسية للجيش العقائدي المخلص المنتصر متوفّرة فيها أولاً، وبأي أسلوب يمكن توفّرها فيهم.

وسيكون منهجنا فيما يلي أن نخصَّ الجهة في نقل الأخبار الواردة في أوصافهم، ممَّا عدا ما ذكرناه فيما سبق، ونخصُّ ما بعدها من الجهات في الاستنتاج من هذه الأخبار وتمحيصها من سائر الأخبار.

الجهة الثانية: في سرد الأخبار الدالَّة على أوصاف أصحاب الإمام المهدي (ع) من نواحي الإيمان والطاعة والشجاعة، ونحو ذلك.

وهي أخبار كثيرة، نقتصر على نماذج كافية منها:

أخرج القندوزي في الينايع(1) ، عن أبي بصير، قال: قال جعفر الصادق رضي الله عنه: ( وما كان قول لوط (ع) لقومه:( ... لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ) (2) ، إلاَّ تمنِّياً لقوَّة القائم المهدي وشِدَّة أصحابه، وهم الركن الشديد، فإنَّ الرجل منهم يُعطى قوَّة أربعين رجلاً، وأن قلب الرجل منهم أشدُّ من زبر الحديد، لو مرُّوا بالجبال لتدكدكت، لا يكفُّون سيوفهم حتى يرضى الله عزَّ وجلَّ ).

وما أخرجه أيضاً(3) ، عن أبي نعيم، عن الإمام الباقر رضي الله عنه، قال: ( إنَّ الله يُلقي في قلوب مُحبِّينا وأتباعنا الرعب، فإن قام قائمنا المهدي (ع)، كان الرجل من مُحبِّينا أجرأ من سيف وأمضى من سنان ).

وأخرج السيوطي في الحاوي(4) ، عن نعيم بن حماد، عن أبي جعفر قال: ( يظهر المهدي بمكَّة عند العشاء - إلى أن قال: - فيظهر في ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً عدد أهل بدر، على غير ميعاد قَزَعاً كقَزَع الخريف، رُهبان بالليل أُسْد بالنهار - إلى أن يقول: - فليُقي الله محبَّته في صدور الناس، فيصير مع

____________________

(1) ينابيع المودَّة ص509 ط النجف.

(2) هود: 11 / 80

(3) ينابيع المودّة ص 538.

(4) ص144 - 145 ج 2.

٣٤٧

قوم أُسْد بالنهار ورُهبان بالليل ).

وأخرج أيضاً(1) عن الحسن بن سفيان وأبي نعيم، عن ثوبان، قال: قال رسول الله (ص): ( تجيء الرايات السود من قِبَل المشرق، كأنَّ قلوبهم زُبر الحديد... ) الحديث.

وأخرج النعماني(2) ، بسنده عن إبان بن تغلب، عن أبي عبد الله الصادق (ع) في حديث يتحدَّث فيه عن المهدي (ع)، ثمَّ ذكر رايته، فقال: ( فإذا هزَّها لم يبقَ مؤمن إلاَّ صار قلبه أشدَّ من زُبر الحديد، وأُعطي قوَّة أربعين رجلاً ).

وأخرج الطبرسي في إعلام الورى(3) ، والصدوق في الإكمال(4) ، والراوندي في الخرايج(5) ، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر الباقر (ع)، عن أبيه عن جدِّه، قال: ( قال أمير المؤمنين (ع) على المنبر: يخرج رجل من ولْدي في آخر الزمان... - إلى أن قال: - فإذا هزَّ رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع يده على رؤوس العباد، فلا يبقى مؤمن إلاَّ صار قلبه أشدَّ من زُبر الحديد، وأعطاه الله عزَّ وجلَّ قوَّة أربعين رجلاً... ) الحديث.

وأخرج ابن طاووس في الملاحم والفتن(6) عن ابن رزين الغافقي، سمع علياً (ع) يقول: ( يخرج المهدي في اثني عشر ألفاً إن قلُّوا، وخمسة عشر ألفاً إن كثروا، ويسير الرعب بين يديه، لا يلقاه عدوٌّ إلاَّ هزمهم بإذن الله. شعارهم: أمِتْ أمِتْ. لا يُبالون في الله لومة لائم... ) الحديث.

وأخرج المجلسي في البحار(7) ، بالإسناد إلى الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (ع)

____________________

(1) ص 133.

(2) الغيبة ص 167.

(3) ص435.

(4) إكمال الدين المخطوط.

(5) الخرايج والجرايح ص195.

(6) ص52ط النجف.

(7) ص180 ج 13.

٣٤٨

في حديث قال:

( ورجال كأنَّ قلوبهم زُبر الحديد، لا يشوبها شكٌّ في ذات الله، أشدُّ من الجمر، لو حملوا على الجبال لأزالوها، لا يقصدون براية بلدةً إلاَّ أخرجوها، كأنَّ على خيولهم العقبان، يتمسَّحون بسرج الإمام (ع) يطلبون بذلك البركة، ويحفُّون به، يقونه بأنفسهم في الحروب ويكفونه ما يريد، فيهم رجال لا ينامون الليل، لهم دويٌّ في صلاتهم كدويِّ النحل، يبيتون قياماً على أطرافهم، ويُصبحون على خيولهم، رُهبان بالليل ليوث بالنهار، هم أطوع له من الأَمَة لسيدها، كالمصابيح، كأنَّ قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مُشفِقين، يدعون له بالشهادة، ويتمنَّون أن يُقتلوا في سبيل الله، شعارهم: يا لثارات الحسين (ع). إذا ساروا سار الرُّعب أمامهم مسيرة شهر، يمشون إلى الموت إرسالاً، بهم ينصر الله إمام الحق ).

إلى غير ذلك من الأخبار.

ولا ينبغي أن تنسى ما سبق أن رويناه، ممَّا أخرجه مسلم في صحيحه من أوصافهم وأنَّهم ( خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ )، أو ( من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ )، وما أخرجه وما غيره من أنَّهم ( رجال عرفوا الله حق معرفته )، وأنَّهم ( أصحاب الألوية )، وأنَّهم ( الفقهاء والقضاة والحُكَّام )، إلى غير ذلك.

الجهة الثالثة: في تحديد مقدار إيمانهم:

سمعنا من هذه الروايات أنَّهم مؤمنون، لا يُبالون في الله لومة لائم، ولا يشوب قلوبهم شكٌّ في ذات الله، رُهبان في الليل لا ينامون، لهم دويٌّ في صلاتهم كدويِّ النحل، يبيتون قياماً على أطرافهم، وهم رجال عرفوا الله حقَّ معرفته، وسنعرف أنَّ شجاعتهم أيضاً من الأوصاف الإيمانية لديهم.

والإيمان الذي يتَّصف بهذه الصفات، لَهْوَ من أعظم الإيمان وأقواه، فإنَّ حَسْبَ الإنسان المؤمن أن لا يُبالي في الله لومة لائم... كما قال الله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

٣٤٩

وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ... ) الآية(1) .

وإذا حاولنا فَهْمَ هذه الآية من زاوية التخطيط العام، كان( الَّذِينَ آَمَنُوا ) المـُخاطبون في الآية هم مؤمنون ما قبل التمحيص، وهم يُصبحون بالتمحيص مُنقسمين إلى قسمين:

قسم مُرْتدٌّ عن دينه نتيجةً للفشل في التمحيص ولردود الفعل السيِّئة التي اتَّخذها اتجاه الواقع، تلك الردود المنافية مع إيمانه والمـُنافرة مع الحق والهدى، فأصبح التزامه لها ارتداداً كما قالت الآية.

والقسم الآخر الذي يُنتجه التمحيص تدريجياً وليس فوراً، هم المؤمنون الناجحون، في التمحيص( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) ، وهؤلاء طِبقاً للتخطيط العام لا يمكن أن يكونوا إلاَّ هؤلاء الذين ذخرهم الله لنُصرة المهدي (ع)، فانظر لاهتمام الله تعالى في قرآنه الكريم بهذه المجموعة العادلة الكاملة، وهم( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) لشعورهم بالأخوة الإيمانية( أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ) ، والمـُنحرفين والمرتدِّين أجمعين، لفشلهم جميعاً في التمحيص،( يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) ، خلال الفتح العالمي بالعدل، ومن أجل تأسيس الدولة العالمية العادلة،( وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ) ، ممَّا يقع منهم من الأعمال المـُضرَّة بمصالح المـُنحرفين، والموجبة لغيظ الكافرين، كيف، وإنَّ نجاحهم في التمحيص لم يكن إلاَّ نتيجةً لأمثال هذه التضحيات التي أدُّوها خلال الحياة، حتى أصبح العدل والهَدْي هو مقصودهم فوق كل مقصود، لا يُزحزحهم عنه عتب ولا تأنيب مؤنِّب؟! وإذا كان ديدنهم السابق على ذلك في عصر الفتن والانحراف، فكيف لا يكون ذلك مسلكهم بين يدي وقائدهم والإنجاز هدفهم الأعلى العادل الصالح؟!

و( ذلك ) النجاح في التمحيص بأيِّ درجة من درجاته( فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ) ، انطلاقا من إرادة نفس الفرد المؤمن لا قسراً عليه... حتى حين يجد الله تعالى في قلبه السلامة وحُسن النيَّة والإخلاص.

كما أنَّ حَسْبَ الفرد أن لا يشوب قلبه شكٌّ في ذات الله عزَّ وجلَّ، فهو يرى في كل أهدافه وأحكامه - والموجودات حوله - عدلاً لا يشوبه ظلم، وصدقاً لا يشوبه كذب، ومصلحةً لا يشوها مفسدة، وعلى هذا كان سلوكه في عصر التمحيص السابق على ذلك، فكيف لا يكون كذلك بعده؟!

____________________

(1) 5 / 54.

٣٥٠

كما أنَّ حَسْبَ الفرد أن يعرف الله حقَّ معرفته... أي كما ينبغي أن يُعرف، وكما هو أهل له، وأهمُّ فقرة في ذلك بعد الاعتقاد توحيده وعدله، هو الشعور بأهمِّية طاعته وعظمة شأنه، والانصياع النفسي والسلوكي الكامل لتنفيذ أوامره وتطبيق أهدافه... وأن يرى الفرد نفسه وكلَّ ما يملك شيئاً هيِّناً يسيراً تجاه عظمة الله العُلْيَا، ينبغي تقديمها بكل سرور في سبيله، كذلك تكون صفة هؤلاء المؤمنين.

ويترتَّب على هذا الإيمان أمران مُقترنان:

الأمر الأول: شجاعتهم الموصوفة في الأخبار، وسنتعرَّض لها في الجهة الآتية، فإنَّها الحقيقة شجاعة في تنفيذ أوامر الله وتطبيق أحكامه.

الأمر الثاني: عبادتهم الموصوفة في الأخبار، وتهجُّدهم في الأسحار... الأمران اللذان يُعبَّر عنهما في الروايات ( رُهبان في الليل ليوث في النهار ).

الجهة الرابعة: عبادتهم.

هم رهبان الليل، من خشية الله مُشفقون، فيهم رجال لا ينامون الليل، لهم دويٌّ في صلاتهم كدويِّ النحل، يبيتون قياماً على أطرافهم، ويُصبحون على خيولهم.

إنَّ العبادة - بمعناها الخاص - صفة واضحة الدلالة على الإيمان، وكلَّما ازداد الإيمان ازدادت العبادة، فالفرد من هؤلاء، لا يُبالي بتعب النهار والجُهد والجهاد الذي بذله فيه، ولن يمنعه ذلك من العبادة في الليل والتوجُّه إلى الربِّ العظيم بمزيد الصلاة والدعاء والتسبيح، واستمداد العون منه والنصر، إنَّه الربُّ العظيم الذي يستقطب جهود الفرد في الليل والنهار.

إلاَّ أنَّ العبادة على هذا الشكل، مُختصَّة ببعض أصحاب الإمام المهدي (ع)، وليست عامة لهم أجمعين: ( فيهم رجال لا ينامون... )، فإنَّ الفرد منهم لو خُلِّي وطبعه، لتهجَّد بالليل وتعبَّد، وقد كان على ذلك سلوكه قبل الظهور، قبل أن يُمارس الجهاد، ولكنَّه الآن يبذل الطاقة الكبيرة خلال الجهاد نهاراً، ويحتاج إلى تجديد طاقة أُخرى للغد، إذن؛ فينبغي أن يستريح في الليل بعض الشيء؛ ومن هنا لم يكن الكلُّ ليُقبلوا على عبادة الليل، بل كان ذلك صفة البعض منهم.

وإذاً؛ سوف نعرف في مستقبل هذا الفصل أنَّ الشجاعة ظاهرة عامة لكل الجيش المهدوي، ففي الإمكان أن نعرض هذه الأُطروحة بوضوح: أنَّ الخاصة المـُخلصين بالدرجة العُلْيَا، هم الذين يقومون بالجهاد والعبادة معاً... فهم رُهبان الليل وليوث

٣٥١

النهار، وأمَّا سائر الجيش فهم يقومون بالجهاد الواجب عليهم في الشريعة العادلة الكاملة، ومن أجل أتعابهم يتركون المـُستحبَّ وهو التهجُّد في الليل، ولا يُناسب تعبهم البدني ودرجة وعيهم الديني أن يجدوا النشاط الكافي للجمع بين العبادة والجهاد.

ومن هنا؛ ينقسم أصحاب الإمام المهدي (ع) إلى قسمين: مُتهجدين، وغير مُتهجدين.

كما انقسم أصحاب رسول الله (ص) كذلك، كما قال الله تعالى:( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ... ) (1) .

والذين مع النبي (ص) يومذاك، هم جماعة المسلمين قبل الهجرة، فلم يكونوا كلهم مُتهجِّدين، وإنَّما كان النبي (ص) مع طائفة منهم مُتهجِّداً... بالرغم من أنَّهم جميعاً كانوا على مستوى الشجاعة في تحمُّل أذى قريش واضطهادهم للمسلمين، كذلك سيكون الإمام المهدي (ع) مع طائفة من أصحابه مُتهجِّداً، بالرغم من أنَّهم جميعاً على مستوى الشجاعة في تحمُّل الجهاد وفتح العالم بالعدل، لا تأخذهم في الله لومة لائم.

الجهة الخامسة: شجاعتهم:

هم الركن الشديد الذين تمنَّاه لوط النبي (ع) ضدَّ الكفَّار والمـُنحرفين من قومه، قلوبهم كزُبر الحديد، وكالحجر، وإنَّ الواحد منهم أجرأ من ليثٍ وأمضى من سنان، ويُعطى قوَّة أربعين رجلاً، لو مرُّوا بالجبال لتكدكت يتمنّون أن يُقتلوا في سبيل الله.

إلى غير ذلك من الأوصاف، وقد تكرَّر الكثير منها في عدد من الروايات.

وزُبر الحديد، بضم الأول وفتح الثاني، جمع زبرة، وهي القطعة منه، قال الله تعالى:( ... آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ... ) (2) ، أي قطع الحديد.

والتشبيه للقلب بقطع الحديد وبالحجز لمزيد التأكيد على عظمة الشجاعة والجرأة، وعدم تطرُّق الخوف والتلكُّؤ على القلب، أعني وجدان الإنسان وفكره.

____________________

(1) 73/20. (2) 18/96.

٣٥٢

وأوضح منه تشبيهه بالسيف وبالسنان، فإنَّه ليس فقط مثل هذه الجمادات في الأثر، بل هو أجرأ من ذلك، وأمضى في العمل والنشاط.

وأوضح منه قولهم (ع): أنَّه ( يُعطى الفرد منهم قوَّة أربعين رجلاً من غيرهم )، فأنَّه لا يراد بذلك التحديد بل التقريب... ويكون المؤدَّى أنَّ الأثر العملي الفعلي لنشاط الفرد من أصحاب الإمام المهدي (ع) يكون مُعادٍ للأثر الفعلي الناتج عن نشاط جماعة ضخمة من الرجال، مُتكوِّنة من أربعين فرداً على وجه التقريب.

وأعتقد أنَّنا ينبغي أن نفهم من الأربعين، مَن يتَّصف بالجرأة والشجاعة بالمقدار الاعتيادي، وإلاَّ فلا شكَّ أنَّ الفرد من أصحاب الإمام تزيد قيمته المعنوية على كل التافهين والمـُخنَّثين في العالم، وإن وصل عددهم إلى عشرات الملايين.

وبهذه الشجاعة النادرة وارتفاع المعنويات الضخم، يمكنهم القيام بالمسؤولية العالمية، من فتحه والمحافظة على عدله، وتغيير مجرى التاريخ تماماً، ويكتبون بأيديهم على كل ظلم وفساد سطور الخيبة والزوال.

وحصول التطوُّر في معنويات الفرد وأعماله - في ظروف مُعيَّنة - أمر واكبه علم النفس وأقرَّه، وذلك عند وجود المـُناسبات العامة الهامة، والمشاركات الجماعية المـُتحمِّسة لعمل من الأعمال، فإنَّه يمكن للفرد في مثل ذلك أن يقوم بأضعاف ما يستطيع عمله في أحوله الاعتيادية، ولا يحسُّ بالتعب، وأنَّه ليُعجَب ممَّا أنجزه حين يلتفت إلى ذلك بعد انتهائه، ومثاله: المظاهرة الصاخبة ضدَّ شخص أو مؤسَّسة أو شعار، فإنَّها تقوم بتحطيم كل ما يقع تحت يديها من أشياء وأشخاص بكل جرأة واندفاع.

وكذلك يمكن التمثُّل له إسلامياً بالحج، حيث نجد المؤمن مُنهمكاً في أداء شعائره بهمَّة وإخلاص، لا يشعر بالتعب خلاله، نعم، قد يشعر به بعد الانتهاء حين يوجد الرضى والراحة بأداء الواجب، وهي ظاهرة موصوفة من قِبل الكثير من الحجَّاج.

فإذا اقترن العمل بقابلية طبيعية للتحمُّس والاندفاع - كما في فترة الشباب -... كانت النتائج أكثر وضوحاً وأبعد أثراً، ولهذا وغيره، كان أغلب أنصار الإمام المهدي (ع) من الشباب.

فكيف، وهم يواجهون الحق بصراحة ويُدركونه بعُمق، ويؤمنون بقيادة القائد بإخلاص؟! فمن الطبيعي جدَّاً أن يكون للفرد منهم قوَّة جماعة ضخمة، ويكون لنشاطه الأثر

٣٥٣

الكبير الذي لا تكاد تُنتجه الجماعات.

ومن هنا نعرف أنَّ قوله: ويُعطى قوَّة أربعين رجلاً... يُراد به أنَّ الله تعالى يُعطيهم هذه القوَّة، لا بنحو الإعجاز، بل بالأسباب الطبيعية... لما عرفناه من أنَّ النفس الإنسانية قابلة لهذا التكامل والرُّقيِّ، تحت ظروف مُعيَّنة تحت التربية.

وهذه الشجاعة العُلْيَا، عامة لكل الجيش، بل تعمُّ كل المؤمنين، وكلُّهم من أفراد جيشه بشكل وآخر؛ ومن هنا نسمع الرواية تقول: ( فلا يبقى مؤمن إلاَّ صار قلبه أشدَّ من زُبر الحديد، وأعطاه الله عزَّ وجلَّ قوَّة أربعين رجلا ً)، وهذه الفقرة واضحة في شمول الشجاعة لكل الأفراد، مضافاً إلى عدم وجود الاستثناء في هذه الصفة في أيَّةِ رواية أُخرى.

إلاَّ أنَّنا - على أيِّ حال - نعلم أنَّ مثل هذه الشجاعة الإيمانية، تتناسب تناسباً طردياً مع زيادة الإيمان، فتزداد بزيادته وتنقص بنقيصته؛ لوضوح أنَّ الفرد كلَّما كان أشدَّ إيماناً بالهدف وأكثر إخلاصاً له، كلَّما ازداد جرأةً في عمله وتضحيةً على طريقه.

وبذلك نستطيع أن نحكم: أنَّ الخاصة من الإمام المهدي (ع) - وهم القادة والحكَّام - أشجع وأقوى إرادةً وأمضى عزيمةً من الآخرين، وإن كانوا هم والآخرون يُمثِّلون كل الأوصاف المذكورة في الروايات، وتنبسط عليهم خصائصها جميعاً.

ومعه؛ فالمفهوم أنَّ الخاصة يتَّصفون بصفات أعلى ممَّا هو مذكور في الروايات.

الجهة السادسة: في مقدار إطاعتهم لقائدهم المهدي (ع) وتطبيقهم لتعاليمه والاعتقاد ببركة وجوده.

وقد نصَّت على ذلك الرواية الأخيرة التي نقلناها عن البحار، وأشبعته إيضاحاً بالرغم من أنَّه أمر واضح في نفسه، فإنَّ كل إيمانهم الذي وصفناه في مركز الإمام المهدي (ع)، وكل شجاعتهم التي عرفناها مبذولة في سبيل طاعته؛ حتى إنَّهم وصِفوا بما وصِف به المهدي (ع) نفسه فقيل عنهم: إنَّهم (... إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر )، وهو ما وصِف به المهدي (ع) كما سيأتي.

كما قيل عنهم: إنَّهم (... لا يكفُّون سيوفهم حتى يرضى الله تعالى )، وهو ما وصِف به (ع) أيضاً، كما سيأتي.

وما ذلك إلاَّ لأنَّ فعلهم وفعله واحد، على نمط واحد وهدف واحد، كما تقول: فتح الأمير المدينة. وتقول: فتح الجيش المدينة، وأنت صادق في كلتا الجملتين. من حيث إنَّ التعاليم بيد القائد والتطبيق بيد الجيش.

٣٥٤

وقد نصَّت رواية البحار على أنهَّم: ( يتمسَّحون بسَرْج الإمام (ع) يطلبون بذلك البركة، ويحفُّون به، يقونه بأنفسهم في الحروب، ويكفونه ما يريد... هم أطوع له من الأَمَة لسيدها... ) الحديث.

وتمسُّحهم بسرج الإمام (ع)، معنى كنائي عن مدى حُبِّ أصحابه له (ع) وعلاقتهم به... إلى حدٍّ يرون أنَّ مُلامستهم للشيء الذي لامسته يد الإمام (ع) يتضمَّن معنى البركة، وهذا هو الشأن بين الأحبَّاء دائماً، إنَّ ملامستك لثوب مَن تُحبُّه أو للزهرة التي يُمسكها يُعطيك زخماً عاطفياً عالياً... ليس فقط ذلك، بل يشمل النظر أيضاً، وقديماً قال الشاعر: نَعَمْ وأرى الهلال كما تراه... فالنظر المـُشترك إلى الهلال يُعطيه الزخم العاطفي المطلوب.

وليس التمسُّح بالسرج، محمولاً على المعنى الحقيقي؛ إذ قد لا يركب المهدي (ع) بعد ظهوره فرساً على الإطلاق، وإنَّما يستعمل وسائط النقل وأسلحة الحرب المـُناسبة مع عصر ظهوره بطبيعة الحال، وهم ( يحفُّون به )، أي يُحيطون به ( يقونه بأنفسهم في الحروب )، أي يحمونه ويصونونه ويتحمَّلون الموت دونه، وقد كانت الإحاطة المـُباشرة بالقائد كافية في الحماية من الأسلحة في الحرب القديمة، التي كانت معروفة في عصر صدور النصِّ، وأمَّا الآن، فلا زالت الإحاطة موجبة للحماية من كثير من الأسلحة والاعتداءات، ويراد بها الإحاطة حال استعمال الأسلحة، كركوب الدبَّابات أو الطائرات، فإذا أحاطوا به برَّاً وبحراً وجوَّاً، كان في ذلك الحماية المطلوبة.

ويُحتمل أن يكون المراد من الرواية: أنَّ الوقاية نشاط مُستقلٌّ يقوم به أصحاب الإمام (ع) عن الإحاطة به، فهم يُحيطون به لأجل الاستفادة من علومه وتعاليمه.

وهم أيضاً يقونه بأنفسهم في الحروب، بمعنى أنَّهم يُقدِّمون أنفسهم فداءً بين يديه.

وأمَّا أنَّهم يكفونه ما يريد، فهو من كفاه الأمر، إذا قام به عنه. يُقال: كفى فلاناً مؤنته. إذا جعلها كافية له، أي قام بها دونه فأغناه عن القيام بها(1) .

فالمراد بيان إطاعتهم الكاملة وانقيادهم لتعاليم قائدهم، وتنفيذهم الأمور تحت ظلِّ

____________________

(1) انظر: أقرب الموارد،مادة كفى ج2 ص1095.

٣٥٥

قيادته. فهم ( أطوع له من الأَمَة لسيدها )، كيف لا، مع أنَّهم يرون به الإمام القائد نحو العدل الكامل والنفع البشري العام؟!

الجهة السابعة: شعارهم.

تعرَّضت هذه الروايات وغيرها إلى شعارهم، فيحسن بنا الآن أن نحمل عنه فكرة كافية... وإن كان استطراداً بالنسبة إلى موضوع هذا الفصل.

ذكرت رواية ابن طاووس في الفتن: أنَّ شعارهم: ( أمِتْ أمِتْ ). وذكرت رواية المجلسي في البحار: أنَّ ( شعارهم: يا لثارات الحسين (ع) ).

وأخرج ابن قولويه في كامل الزيارات(1) ، بإسناده عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقر (ع)، قال: ( مَن زار الحسين (ع) يوم عاشوراء من المـُحرَّم... ) - إلى أن يقول: - قال: قلت: فكيف يُعزِّي بعضهم بعضاً؟

قال: ( يقولون: عظَّم الله أجورنا بمصابنا بالحسين (ع)، وجعلنا وإيَّاكم من الطالبين بثأره مع وليِّه الإمام المهدي من آل محمد (ص)... ) الحديث.

وتتضمَّن هذه الرواية نفسها الزيارة المعروفة بـ ( زيارة عاشوراء ) التي يُزار بها الحسين بن علي (ع)، والتي سمعنا الإمام المهدي (ع) في بعض الروايات التي نقلناها في التاريخ السابق(2) يحثُّ على قراءتها حثَّاً شديداً. وتتضمَّن هذه الزيارة هذا الدعاء: ( فاسأل الله الذي أكرم مقامك أن يُكرمني بك، ويرزقني طلب ثأرك، مع إمام منصور من آل محمد (ص) ).

ويقول في موضع آخر منها: ( وأن يرزقني طلب ثأركم، مع إمام مهدي ناطق لكم )(3) .

والشعار يمكن أن يراد به أحد معنيين:

المعنى الأول: اللفظ الذي يُنادى به في الحرب لأجل بثِّ روح الحماس والإقدام في الجنود، وهو المعنى الذي كان مفهوماً من اللفظ عند صدور الروايات، وقد كان رسول الله (ص)

____________________

(1) انظر ص 175. ونقلها في ( مفاتيح الجنان ص454 وما بعدها ) عن الشيخ الطوسي.

(2) تاريخ الغيبة الكبرى ص148.

(3) انظر كامل الزيارات ص176-177 ومفاتيح الجنان ص457-457.

٣٥٦

يتَّخذ الشعار في حروبه، والمعروف المروي أنَّ شعار المسلمين يوم بدر:يا منصور أمِتْ (1) . ويوم بني الملوح:أمِتْ أمِتْ (2) .

المعنى الثاني: اللفظ الذي يُصاغ للتثقيف الجماهيري، يُعبَّر عن مفهوم أو هدف مُعيَّن، وهو المعنى المفهوم في عصرنا الحاضر.

والشعار الوارد في هذه الروايات التي نقلناها، إنَّما يُراد بها المعنى الأول؛ لأنَّه المعنى الذي كان معروفاً في ذلك العصر، فأصحاب الإمام المهدي (ع) سيتَّخذون الشعار في الحرب مُشابهاً لشعار رسول الله (ص):أمِتْ أمِتْ.

أمَّا المـُطالبة بثأر الحسين (ع)، فرواية البحار تدلُّ على أنَّه شعار بالمعنى الأول، وتدلُّ الروايات التي بعدها أنَّه شعار بالمعنى الثاني، بمعنى أنَّه يكون هدفاً مُعلَناً ومفهوماً تثقيفياً... ولا تنافي بين المعنيين؛ إذ من المـُحتمَل استعمال هذا المفهوم على كلا الشكلين.

وعلى كلا الحالين؛ فاستعماله واضح؛ باعتبار أنَّ الإمام الحسين (ع) أشدَّ القادة الإسلاميين مظلومية في الضمير المسلم، بإجماع الأُمَّة المسلمة بكل مذاهبها، فاتِّخاذ الثأر شعاراً انطلاقٌ من زاوية شديدة الأهمِّية من ناحية، ومُتسالم على صحَّتها بين المسلمين من ناحية أُخرى، وتحمل معنى وحدة الأهداف حركة الإمام الحسين وحركة الإمام المهدي (ع)، وهي مُحاولة إحقاق الحق وإزهاق الباطل.

هذا، وبعض هذه الروايات، صحيحة من حيث السند، فتكون قابلة للإثبات التاريخي، في حدود منهجنا في هذا التاريخ.

الضمان الرابع: المـُميِّزات الخاصة بالإمام المهدي (ع).

من حُسن قيادته وشجاعته، واطِّلاعه على قوانين التاريخ، وغير ذلك ممَّا أنتجه التخطيط الإلهي ودلَّت عليه الأخبار، فتكون هذه المؤهَّلات بمجموعها من أكبر الضمانات لانتصار حركته ونجاح ثورته، وبالتالي في تحقيق الهدف الإلهي الأعلى لوجوده.

وينبغي أن ينفتح الحديث عن ذلك في عدَّة جهات:

الجهة الأُولى: في مُميِّزات الإمام المهدي (ع)، كما يُنتجه التخطيط العام السابق

____________________

(1) انظر: وسائل الشيعة للشيخ الحُرِّ العاملي كتاب الجهاد، باب استحباب اتِّخاذ المسلمين شعاراً ج2 ص487.

(2) المصدر والصفحة.

٣٥٧

على الظهور.

وهذا ما لا ينبغي أن نُطيل الحديث عنه، بعد كل الذي قلناه في التاريخ السابق وهذا التاريخ، من أثر الغيبة الكبرى وطول مُعاصرة الإمام المهدي (ع) للمجتمع البشري وحوادثه، واحتكاكه بالأُمَّة الإسلامية والبشرية عموماً، واستشعار لآلامها وآمالها، وعمله في سبيل مصالحها... أثره على تطوُّر هذا الإمام القائد، وتكامله من درجة العصمة إلى ما هو أعلى منها وأعمق بمراتب؛ فإنَّ الكمال غير مُتناهي الدرجات، ويمكن للفرد أن يصعد في درجاته ما شاء له ربُّه وعمله. وقد برهنَّا على ذلك في تاريخ الغيبة الكبرى(1) .

ويَنْتجُ من هذا التكامل التعمُّقُ في قابليَّته للقيادة العالمية ودقتَّها، بحيث يمكنه التوصُّل إلى النتائج المطلوبة بشكل أسهل وأسرع وأوسع، ويتمثَّل هذا التكامل في خطوات نذكر أهمَّها:

الخطوة الأُولى:

قدرته الضخمة على تحمَّل الألم في سبيل الهدف، مهما تعاظم الألم وتعدَّدت التضحيات، بل إنَّه ليجده برداً وسلاماً وسعادةً، إذا كان فيه نصر دينه وتحقيق هدفه وإرضاء ربِّه.

الخطوة الثانية: قوَّة إرادته وارتفاع معنويَّاته، بشكل لا نظير له في التاريخ... مهما بعُد الهدف وتعقَّدت الوسيلة.

الخطوة الثالثة: اطِّلاعه على قوانين مُعيَّنة للتاريخ والمجتمع وللنفس البشرية، بشكل يفسح له فرصة التصرُّف في المجتمعات وسير التاريخ، بطرق لم يسبق لأحد أن اطَّلع عليها.

فهذا وغيره، يصنع منه القائد العظيم الذي يُمكنه فتح الكرة الأرضية برمَّتها، وتنفيذ الغرض الإلهي الأقصى فيها.

الجهة الثانية: في مُميِّزاته الشخصية - كما دلَّت عليه الأخبار - لنرى مقدار موافقتها لنتائج التخطيط العام التي عرفناها.

والأخبار التي نريد التعرُّض إليها عن هذه الجهة على ثلاثة أنواع: من حيث إنَّه تدلُّ (أولاً) على مقدار عمره الظاهري عند ظهوره.

وتدلُّ (ثانياً) على صفاته الجسمية.

وتدلُّ (ثالثاً) على شجاعته وارتفاع معنويَّاته.

____________________

(1) ص504 وما بعدها.

٣٥٨

النوع الأول: الأخبار الدالَّة على مقدار عمره الظاهري عند ظهوره، مع العلم أنَّ عمره الواقعي، بالفهم الإمامي للفكرة المهدوية، وأكثر من ذلك بكثير.

أخرج ابن الصبَّاغ في الفصول المـُهمَّة(1) ، عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله (ص) - في حديث -: ( المهدي من ولْدي ابن أربعين سنة... ) الحديث.

وأخرج السفاريني في لوائح الأنوار البهية(2) ، عن أبي أمامة مرفوعاً:( المهدي من ولْدي ابن أربعين سنة... ) الحديث.

وأخرج السيوطي في الحاوي(3) ، عن نعيم بن حمَّاد، عن عبد الله بن الحارث، قال:( يخرج المهدي وهو ابن أربعين سنة... ) الحديث.

وأخرج عنه عن محمد بن حمير - في حديث عن المهدي (ع) - قال:( يجيء من الحجاز حتى يستوي على منبر دمشق، وهو ابن ثمان عشرة سنة ) .

وأخرج عنه أيضاً، عن علي بن أبي طالب – في حديث عن المهدي (ع) – قال: ( يُبعث وهو ما بين الثلاثين إلى الأربعين ).

وأخرج الصدوق في إكمال الدين(4) ، بسنده إلى أبي الصلت الهروي قال: قلت للرضا (ع): ما علامة القائم (ع) منكم إذا خرج؟

قال: ( علامته أن يكون شيخ المـُسنُّ شابَّ المَنْظر، حتى إنَّ الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، وإنَّ من علاماته أن لا يهرم بمرور الأيَّام والليالي حتى يأتيه أجله ).

وأخرج النعماني في الغيبة(5) ، بإسناده عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله (ع)، أنَّه قال:

____________________

(1) الفصول المـُهمَّة ص217.

(2) ص 70 ج2.

(3) الحاوي ج2 ص147 وكذلك الخبرين اللذين بعده.

(4) المصدر المخطوط.

(5) ص99 وكذلك الخبر الذي بعده.

٣٥٩

( لو قام القائم لأنكره الناس؛ لأنَّه يرجع إليهم شابَّاً موفَّقاً ).

وفي غير هذا الرواية، أنَّه قال (ع):

( وإنَّ من أعظم البليَّة أن يخرج إليهم صاحبهم شابَّاً، وهم يحسبونه شيخاً كبيراً ).

وأخرج أيضاً بإسناده عن علي بن عمر بن الحسين، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنَّه قال: - في حديث عن المهدي (ع) - ( ويظهر في صورة شابٍّ موفَّق ابن اثني وثلاثين سنة، حتى ترجع طائفة من الناس... ) الحديث.

وأخرجه الشيخ في الغيبة(1) ، إلاَّ أنَّه قال: ( ابن ثلاثين سنة ).

وقال الشيخ أيضاً(2) : روي عن أبي جعفر ( ع) أنَّه قال: ( ليس صاحب هذا الأمر من جاز الأربعين، صاحب هذا الأمر القويُّ المـُشمِّر ).

وأخرج(3) بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) أنَّه قال: ( لو خرج القائم لقد أنكره الناس، يرجع إليهم شابَّاً موفَّقاً، فلا يثبت عليه إلاَّ كل مؤمن أخذ الله ميثاقه... ) الحديث.

وأخرج الطبرسي في إعلام الورى(4) : ومما جاء عن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) - في حديث يذكر فيه المهدي (ع) إلى أن يقول -: ( التاسع من ولْد أخي الحسين، ابن سيِّدة الإماء، يُطيل الله عمره في غيبته، ثمَّ يُظهره بقدرته في صورة شابٍّ دون أربعين سنة، ذلك ليعلم أنَّ الله على كل شيء قدير ).

ونقل ابن طاووس، عن زكريا في كتاب الفتن، بإسناده عن كعب، عن النبي (ص) قال:

____________________

(1) ص259.

(2) ص258.

(3) ص259.

(4) ص401.

٣٦٠