موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) الجزء ٣

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور)0%

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 679

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: الصفحات: 679
المشاهدات: 202057
تحميل: 10344


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 679 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202057 / تحميل: 10344
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور)

موسوعة الإمام المهدي (عج) (تاريخ ما بعد الظهور) الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وواضح أنَّ إيجاد هذا الضمان ضروري لاستمرار نظام الحُكم المهدوي، وإلاَّ فسيكون نظامه منوطاً بشخصه، ولا يكون قابلاً للبقاء بعده... إذا لم يكن هناك مَن يُباشر السير فيه إلى نتائجه المطلوبة.

والفرق - بطبيعة الحال - موجود بين نتائج حكم المهدي ونتائج حكم خلفائه، للفرق الشاسع بينه وبينهم، من حيث درجة تكامل القيادة لديه ولديهم، وهذا ما سنتعرَّض له في الباب الأخير من هذا التاريخ، إلاَّ أنَّ أصل النظام يبقى موجوداً ومُستمرَّاً باعتبار الدفع الثوري الفكري والاجتماعي والتشريعي، الذي يوجده المهدي بين البشر، ذلك الدفع الذي تقوم الدولة بعد المهدي بانتهاجه، وتربية البشر تربية مركَّزة على أساسه.

فهذه هي الضمانات المـُهمَّة التي نُدركها لاستمرار التطبيق العالمي... مع أخذ بعض الضمانات التي ذكرناها لابتداء التطبيق بنظر الاعتبار هنا أيضاً، فإنَّها تكون مؤثِّرة في كلا الحقلين، كما لا يخفى على القارئ اللبيب.

٤٨١

٤٨٢

الفصل الرابع

قيادات أصحابه ومقدار قابلياتها

تمهيد:

سبق أن عرفنا بكل تفصيل عدد أصحاب الإمام المهدي، من المـُخلصين المـُمحَّصين، ودرجة إيمانهم وإخلاصهم لعقيدتهم وقائدهم... ومقدار شجاعتهم وإقدامهم على التضحيات الجلّى في سبيل الله تعالى... ومقدار مشاركتهم وتأثيرهم في الفتح العالمي العادل.

وعرفنا - أيضاً - أنَّ عدد أصحابه غير مُنحصر بهؤلاء الثلاثمئة والثلاثة عشر، بعد أن دلَّت الروايات أنَّ نواة جيشه الأُولى التي تجتمع في مكَّة في أول الظهور، لا تقلُّ عن عشرة آلاف إنسان، فضلاً عمَّن يصل إليه بعد ذلك.

ودلَّت القواعد العامة على أنَّ التخطيط الإلهي لعصر ما قبل الظهور، يُنتج ثلاثة مستويات من الإخلاص، كلهم سيكونون من أصحابه - بشكل وآخر - ويكون المـُخلصون من القسمين الأوَّلين قابلين لتولِّي أهمِّ الأعمال في دولة الإمام المهدي.

هذا، وينبغي أن ننظر إليهم الآن، بصفتهم أُناساً يُباشرون الأعمال الهامَّة، والحكم تحت إشراف الإمام، وتنظيمه لهم في العالم.

وينفتح الحديث حول ذلك في عدَّة جهات:

الجهة الأُولى: في إيراد ما دار حول ذلك من الأخبار:

أخرج القندوزي في الينابيع(1) ، عن أبي بصير، قال: جعفر الصادق رضي الله عنه:

____________________

(1) ص509 ط النجف.

٤٨٣

( ما كان قول لوط (ع) لقومه:( ... لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ) ، إلاَّ تمنِّياً لقوَّة القائم المهدي وشدَّة أصحابه، وهم الركن الشديد، فإنَّ الرجل منهم يُعطى قوَّة أربعين رجلاً، وإنَّ قلب الرجل منهم أشدُّ من زُبر الحديد، لو مرُّوا على الجبال لتدكدكت، لا يكفُّون سيوفهم حتى يرضى الله عزَّ وجلَّ ).

وأخرج في البحار(1) الحديث الذي سبق أن رويناه، بالإسناد إلى الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله (ع)، وفيه يقول: ( يتمسَّحون بسرج الإمام (ع) يطلبون بذلك البركة، ويحفُّون به يقونه بأنفسهم في الحروب ويكفونه ما يريد، فيهم رجال لا ينامون الليل، لهم دويٌّ في صلاتهم كدويِّ النحل، يبيتون على أطرافهم ويُصبحون على خيولهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، هم أطوع له من الأَمَة لسيدها، وهم من خشية الله مُشفقون ).

وأخرج أيضاً(2) ، عن جابر، عن أبي جعفر (ع) قال: ( كأنِّي بأصحاب القائم وقد أحاطوا ما بين الخافقين، ليس من شيء إلاَّ وهو مُطيع لهم ).

وأخرج أيضاً(3) ، عن عبد الأعلى الحلبي، عن أبي جعفر (ع) في حديث طويل يقول فيه: ( فيبعث ( يعني المهدي ) الثلاثمئة والبضعة رجلاً إلى الآفاق كلها، فيمسح بين أكتافهم وعلى صدورهم، فلا يتعايون في قضاء، ولا تبقى أرض إلاَّ نودي فيها شهادة أن لا إلاَّ الله، وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً رسول الله، وهو قوله تعالى:( ... وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) (4) ... ) الحديث.

____________________

(1) ج13 ص180.

(2) المصدر ص185.

(3) المصدر ص188- 189.

(4) آل عمران: 3/83.

٤٨٤

وأخرج النعماني(1) ، بإسناده عن هارون العجلي، قال: قال أبو عبد الله (ع): ( إنَّ صاحب هذا الأمر محفوظ له أصحابه، لو ذهب الناس جميعاً أتى الله بأصحابه، وهم الذين قال الله عزَّ وجلَّ:( ... فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ ) (2) ، وهم الذين قال الله فيهم:( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ... ) )(3) .

وأخرج أيضاً عن عبد الله بن حمَّاد الأنصاري، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه (ع) قال: ( إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض ( في الأقاليم بأسرها ) في كل إقليم رجلاً يقول: عهدك في كفِّك، فإذا ورد عليك ما لا تفهمه ولا تعرف القضاء، فانظر إلى كفِّك واعمل بما فيها... ) الحديث.

وما أخرجه ابن طاوس في الملاحم والفتن(4) ، في حديث طويل، عن أبي بصير، عن جعفر بن محمد - يقول فيه: - فقال أبو بصير: جُعلت فداك، ليس على ظهرها مؤمن غير هؤلاء ( يعني الثلاثمئة والثلاثة عشر )؟

قال: ( بلى، ولكنَّ هذه العدَّة التي يخرج فيها القائم (ع)، وهم النُّجباء والفقهاء، وهم الحُكَّام والقضاة الذين يمسح بطونهم وظهورهم فلا يشكل عليهم ( عليكم ) حكم ).

وما أخرجه في الإرشاد(5) ، عن المفضَّل بن عمر، عن أبي عبد الله (ع) قال: ( يخرج مع القائم (ع) من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى (ع) الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون، وسلمان وأبو دجانة الأنصاري، والمقداد، ومالك الأشتر، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكَّاماً ).

____________________

(1) الغيبة للنعماني: ص 170.

(2) الأنعام: 6/89.

(3) المائدة: 5/ 57.

(4) الغيبة ص172.

(5) ص171.

(6) ص344. وانظر أيضاً إعلام الورى للطبرسي ص423.

٤٨٥

وأخرج المجلسي في البحار(1) ، عن المفضَّل بن عمر، عن الإمام الصادق (ع) في حديث عن أصحاب المهدي (ع) قول فيه: ( وهم أصحاب الألوية، وهم حُكَّام الله في أرضه... ) الحديث.

وقد ورد في ( خُطبة البيان ) التي عرفناها فيما سبق واطَّلعنا على نقاط ضعفها، ما ينفع بهذا الصدد، فلا ينبغي إهماله بأيِّ حال.

حيث ورد في النسخة الثانية من هذه الخُطبة(2) ما يلي:

( ثمَّ يولِّي ( يعني المهدي (ع ) مكَّة جابر بن الأصلح ويُقبِّله العوام بالأبطح، فيرجع من العيلم ويقتل المشركين في الحرم، ثمَّ يولِّي رماع بن مصعب، ويقصد المسير نحو يثرب، فيعقد لزعماء جيوشه ورايته ويُقلِّد أصفياء أصحابه مقاليد ولايته.

ويولِّي شبابة بن وافر، والحسين بن ثميلة، وغيلان بن أحمد، وسلامة بن زيد أعمال الحجاز وأرض نجد، وهم من المدينة.

ويولِّي حبيب بن تغلب، وعمارة بن قاسم، وخليل بن أحمد، وعبد الله بن مضر، وجابر بن فلاح أقاليم اليمن والأكامل، وهم من أعراب العراق.

ويولِّي محمد بن عاصم، وجعفر بن مطلوب، وحمزة بن صفوان، وراشد بن عقيل، ومسعود بن منصور، وأحمد بن حسان أعمال البحرين وسواحلها، وعمان جزاريها، وهم من جزايرهن.

ويولِّي راشد بن رشيد، وحزيمة بن عوام، وهلال بن همام، وعبد الواحد بن يحيى، والفضل بن رضوان، وصلاح بن جعفر، والحسين بن مالك الحبشة، وجزاير الكراديس، وهم من مشارق العراق.

ويولِّي أحمد بن سعيد، وطاهر بن يحيى، وإسماعيل بن جعفر، ويعقوب بن مشرك، وغيلان بن الحسين، وموسى بن حارث الحبشة وأقاليم المراقش، وهم من الكوفة.

ويولِّي إبراهيم بن أعطى، والحسين بن علاب، وأحمد بن موسى،

____________________

(1) ص185

(2) إلزام الناصب ص207 وما بعدها.

٤٨٦

وموسى بن رميح، ويميز بن صالم، ويحيى بن غانم، وسليمان بن قيس مصادر الجذلان، وأعمال الدفولة، وهم من أرض قوشان.

ويولِّي طالب بن العالي، وعبد العزيز بن سلهب بن مرَّة، وهشام بن خولان، وعمر بن شهاب، وجيار بن أعيُن، وصبيح بن مسلم أقاليم الأدنى، وجزاير الكتايب، وهم من نواحي شيراز.

ويولِّي أحمد بن سعدان، ويوسف بن مغانم، وعلي بن مفضل، وزيد بن نضر، والجراد بن أبي العلا، وكريم بن ليث، وحامد بن منصور أقاليم الحمير، وجزاير الرسلات، وهم من بلاد فارس.

ويولِّي العمار بن الحارث، ومحمد بن عطاف، وجمعة بن سعد، وهلال بن داودية، وعمر بن الأسعد جزاير مليبار، وأعمال العماير، وهم من غريّ العراق الأعلى.

ويولِّي الحسن بن هشام، والحسين بن غامر، وعلي بن رضوان، وسماحة بن بهيج، الشام والأردنا، وهم من مشارق لبنان.

ويولِّي الجيش بن أحمد، ومحمد صالح، وعزيز بن يحيى، والفضل بن إسماعيل الشام الأقصى، والسواحل من قرى الشام الأوسط.

ويولِّي محمد بن أبي الفضل، وتميم بن حمزة، والمرتضى بن عماد بن طاهر، وأحمد بن شعبان بأقاليم مصر، وجزاير النوبة، وهم من أرض مصر.

ويولِّي الحسن بن فاخر، وفاضل بن حامد، ومنصور بن خليل، وحمزة بن هريم، وعطا الله بن حياة، وواهب بن حيار، ووهب بن نصر، وجعفر بن وثاب، ومحمد بن عيسى، وتفور وسايط النوبة، وأعمال الكرود، وهم من بلد حلوان.

ويولِّي أحمد بن سلام، وعيسى بن جميل، وإبراهيم بن سلمان، وعلي بن يوسف أعمال نواحي جابلقا وسواحلها، وأعمال مفاوز، وهم من الأزد.

ويولِّي ثابت بن حبيب، وموسى بن نعمان، وعباس بن محفوظ،

٤٨٧

ومحمد بن حسان، والحسين بن شعبان جزاير الأندلس وأفريقيا، وهم من نواحي الموصل.

ويولِّي أبو يحيى بن حامد، وبنهان بن عبيد، وعلي بن محمود، وسلمان بن علي بن ترخان نواحي المراكش، وثغور المصاعد، ومروجة النخيل، وهم من أرض خراسان.

ويولِّي داود بن المـُخبر، ويعيش بن أحمد، وأبا طالب بن إسماعيل، وإبراهيم بن سهل ديار بكر، ومشارق الروم، وهم من نصيبين وفارقين.

ويولِّي حمام بن جرير، وشعبان بن قيس، وسهل بن نافع، وحمزة بن معفر أقاليم الروم وسواحلها، وهم من فارس.

ويولِّي علقمة بن إبراهيم، وعمران بن شبيب، والفتح بن معلا، وسند بن المبارك، وقايد بن الوفا، ومصفون بن عبد الله بن مفارق قسطنطينية، وسواحل القفجاق، وهم من أصفهان.

ويولِّي الأخوين محمد وأحمد بني ميمون العراق الأيمن، وهما من المكين.

ويولِّي عروة بن مطلوب، وإبراهيم بن معروف العراق الأيسر، وهما من أهواز.

ويولِّي سعد بن نضار، ونزار بن سلمان، ومعد بن كامل، بلاد فارس وسواحل هرمز، وهم من همدان.

ويولِّي عيسى بن عطاف، والحسين بن فضال عراق الري والجبال، وهم من قم.

ويولِّي نصير بن أحمد، وعباس بن تنفيل، وطايع بن مسعود أعمال الموصل، ومصادر الأرمن، وهم من قرى فرهان.

ويولِّي الأمجد بن عبد الله، وأسامة بن أبي تراب، ومحمد بن حامد، وسفيان بن عمران، والضحَّاك بن عبد الجبار، والمنيع بن المكرم بلاد خراسان، وأعمال النهرين، وهم من مازندران.

ويولِّي المفيد بن أرقم، وعون بن الضحَّاك، ويحيى بن يرجم،

٤٨٨

وإسماعيل بن ظلوم، وعبد الرحمان بن محمد وكثار بن موسى جبال الكرخ، وأقاليم العلان، والروس، وهم من بُخارى.

ويولِّي عبد الله بن حاتم، وبركة بن الأصيل، وأبو جعفر بن الزرارة، وهارون بن سلطان، وسامر بن معلا المالق ونواحي جين والصحارى، وهم من مرو.

ويولِّي رهبان بن صالح، وعمارة بن حازم، وعطاف بن صفوان، والبطال بن حمدون، وعبد الرزاق بن غيشام، وحامد بن عبادة، ويوسف بن داود، والعباس بن أبي الحسن أقاليم الديلم، والقماقم ثغور الشقاقش، والغيلان، وهم من سمرقند.

ويولِّي مطاع بن حابس، ومحمود بن قدامة، وعلي بن قينن، وضيف بن إسماعيل، والفصيح بن غيث بن النفيس، وماجد بن حبيب، والفضل بن ظهر، وغياث بن كامل، وعلي بن زيد مداين الخطا، وجبال الزوابق، وأعمال الشجارات، وهم من قم.

ويولِّي يعقوب بن حمزة، ومحمد بن مسلم، وثابت بن عبد العزيز، والحسين بن موهوب، وأحمد بن جعفر، وأبا إسحاق بن نضيع مغاليق الضوب، وقرى القواريق، وهم من نيشابور.

ويولِّي الحسن بن عباس، ومريد بن قحطان، ومُعلَّى بن إبراهيم، وسلامة بن داود، ومفرج بن مسلم، ومعد بن كامل بلاد الكلب، ونواحي الظلمات، وهم من القرى.

ويولِّي فضيل بن أحمد، وفارس بن أبي الخير، وأسد بن مراحات، وباقي بن رشيد، ورضى بن فهد، وعباس بن الحسين، والقاسم بن أبي المحسن، والحسين بن عتيق السدود وحيالها، وهم من نواحي خوارزم.

ويولِّي فضلان بن عقيل، وعبد الله بن غياث، وبشار بن حبيب، وسعد الله بن واثق، وفصيح بن أبي عفيف، والمرقد بن مرزوق، وسالم بن أبي الفتح، وعيسى بن المثنى أقاليم الضحضح، ومناخر القيعان، وهم من قلعة النهر.

٤٨٩

ويولِّي الزاهد بن يونس، وعصام بن أبي الفتح، وعبد الكريم بن هلال، ومؤيَّد بن قاسم وموسى بن معصوم، والمبارك بن سعيد، وعزوان بن شفيع، وعلامة بن جواد أقاليم الغربين وأعمال القراعر، وهم من الجبل.

ويولِّي محمد بن قوام، وجعفر بن عبد الحميد، وعلي بن ثابت، وعطا الله بن أحمد، وعبد الله بن هاشم، وإبراهيم بن شريف، وناصر بن سليمان، ويحيى بن داود، وعلي بن الحسين أقاليم المعابد، وجبال الملابس، وهم من قرى العجم.

ويختار الأكابر من السادات الأعمال - العارفين لإقامة الدعائم منهم - اثني عشر رجلاً، وهم: محمد بن أبي الفضل، وعلي بن أبي غابر، والحسين بن علي، وداود بن المرتضى، وإسماعيل بن حنيفة، ويوسف بن حمزة، وعقيل بن حمزة، وعقيل بن علي، وزيد بن علي، وجابر بن المصاعد، ويولِّيهم جابرسا، وأقاليم المشرق، ويأمرهم بإقامة الحدود ومراعات العهود.

ثمَّ يختار رجالاً كراماً أحراراً أتقياء أبراراً، وهم معصوم بن علي، وطالب بن محمد، وإدريس بن عبيد، وإبراهيم بن مسلم، وحمزة بن تمام، وعلي بن الحسين، ونزار بن حسن، والأشرف بن قاسم، ومنصور بن تقي، وعبد الكريم بن فاضل، وإسحاق بن المؤيَّد، وثواب بن أحمد، ويوليهم جابرقا وبلاد المغرب، ويأمرهم بما أمر به أصحابهم.

ثمَّ يختار اثني عشر رجلاً، وهم: طاهر بن أبي الفرج، وسعد بن الكامل، ولوي بن حرث، ومحمد بن ماجد، ورضي بن إسماعيل، وظهير بن أبي الفجر، وأحمد بن الفضيل، والركن بن الحسين، ويولِّيهم الشمال وأعمال الروم، ويأمرهم بما أمر به مَن تقدَّمهم من الصدِّيقين.

ثمَّ يختار اثني عشر رجلاً نقيَّاً من العيوب، وهم: إسماعيل بن إبراهيم، ومحمد بن أبي القاسم، ويوسف بن يعقوب، وفيروز بن موسى، والحسين بن محمد، وعلي بن أبي طالب، وعقيل بن منصور، وعبد القادر بن حبيب، وسعد الله بن سعيد، وسليمان بن مرزوق، وعبد الرحمان بن عبد المنذر، ومحمد بن عبد الكريم، ويولِّيهم جهة الجنوب وأقاليمها، ويأمرهم بما أمر به مَن يقدمهم (تقدَّمهم).

٤٩٠

ثمَّ بعد ذلك يُقيم الرايات، ويُظهر المعجزات، ويسير نحو الكوفة... ) الحديث.

وينبغي أن نتحدَّث عن هذه الأخبار في الجهات التالية:

الجهة الثانية (*) : بعض نقاط الضعف في خُطبة البيان، غير النقاط العامة التي عرفناها، والتي تُسقطها عن قابلية الإثبات التاريخي.

النقطة الأُولى: إنَّ مقتضى الفَهم العام للروايات الأخرى، هي أنَّ الخاصة الثلاثمئة والثلاثة عشر، هم سيقومون بالقيادة العسكرية الرئيسية منذ فتح العالم، وسيكونون هم أنفسهم الحُكَّام الذين يوزِّعهم الإمام المهدي على مناطق العالم، وأوضح ما دلَّ على ذلك من الروايات قوله: ( وهم الحُكَّام والقضاة والفقهاء )، مضافاً إلى أنَّهم الصفوة، الذين هم في أعلى درجات الإخلاص من الجيل المـُعاصر يومئذ من البشر أجمعين، فلن يجد المهدي - عادة - غيرهم لتولِّي الحُكم في العالم تحت إشرافه وقيادته.

وأمَّا خُطبة البيان، فيمكن فَهم خلاف ذلك منها؛ حيث دلَّتنا النسخة الأُولى منها على أسماء الخاصة بصفتهم، يجتمعون للإمام في أول ظهوره، ويُبايعونه وينصرونه.

ودلَّتنا النسخة الثانية من الخُطبة على أسماء الحُكَّام الذين يوزِّعهم لمهدي في أقاليم الأرض، وهو ما نقلناه قبل قليل، وقد نقلنا الأسماء الواردة في النسخة الأُولى عند الحديث عن بيعة المهدي.

وبعد ضمِّ النسختين إلى بعضهم، نستنتج - بوضوح - أنَّ الخاصة الذين يُبايعونه ليسوا هم الخاصة الذين يُمارسون الحُكم تحت قيادته، مع العلم أنَّه ليس هناك أيُّ اشتراك بين الأسماء في النسختين، كما هو واضح لمَن يراجعهما، وهذا على خلاف النتيجة التي ثبتت عندنا فيما سبق.

وقد يخطر في الذهن: إنَّنا لا نستطيع ضمَّ النسختين إلى بعضهما، بعد العلم أنَّ كليهما لم يصدرا من الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام، وإنَّما تعدَّدت النُّسخ في طريق الرواية فقط.

وجواب ذلك: إنَّ دلالة خُطبة البيان على أنَّ الحُكَّام هم غير الخاصة الذين يُبايعونه لأول مرَّة، كما يمكن أن نفهمه عند ضمِّ النسختين، بعد العلم أنَّ قيمة الإثبات التاريخي لأيٍّ منهما مساوية للأخرى... يمكن أن نفهمه أيضاً بضمِّ النسخة الثانية التي ذكرناها في هذا الفصل إلى الروايات الأُخرى التي سمعناها هناك، والتي لم نسمعها أيضاً، ممَّا ورد فيه تعداد أسماء الخاصة، الذين يُبايعون المهدي لأول مرَّة، فإنَّ أيَّاً من تلك الروايات غير

____________________

* هكذا وردت في الكتاب من غير ذكر الجهة الأُولى. [ الشبكة ]

٤٩١

مُطابقة مع هذه النسخة الثانية، فتدلُّ هذه النسخة - بعد ضمِّها إلى أيٍّ من تلك الروايات - على أنَّ هؤلاء الحُكَّام الذين ذكرتهم هم غير أولئك الخاصة، وهي خلاف النتيجة التي عرفناها.

النقطة الثانية: إنَّ هذه النسخة من خُطبة البيان دالَّة - بوضوح - على أنَّ الإمام المهدي يُعيِّن هؤلاء الحُكَّام قبل وصوله إلى الكوفة لأول مرَّة، وهذا معناه أنَّه يُعيِّنهم قبل سيطرته على العراق، فضلاً عن باقي العالم، وقد سمعنا فيما سبق أنَّه إنَّما يبثُّ الجيوش بعد وصوله إلى الكوفة.

وهذا المضمون لا يبدو صحيحاً، لورود اعتراضين عليه:

الاعتراض الأول: إنَّ تعيين الحُكَّام يومئذ لا يعني إرسالهم إلى المناطق التي جُعِلوا فيها؛ لوضوح أنَّ السيطرة لن تتمَّ على أيِّ شيء من هذه المناطق إلى حدِّ الآن؛ فلا بدَّ أن يفترض أنَّه تعيين (نظري)، لأجل إنجازه بعد الوصول إلى تلك المناطق، وهذا بعيد؛ باعتبار كونه تعييناً قبل وقت الحاجة، وإنَّما يحتاج إلى التعيين في كل منطقة بعد السيطرة على المنطقة بطبيعة الحال، ما لم تكن هناك مصالح إضافية في نظر الإمام لهذا التعيين (النظري)... والله العالم.

الاعتراض الثاني: معارضة رواية خُطبة البيان، بما دلَّ من الروايات على أنَّ تعيين الحُكَّام يتمُّ في الكوفة نفسها... كالرواية التي نقلنا قسماً منها عن المجلسي في البحار.

فإنَّه يذكر دخول المهدي إلى العرق أولاً، ومُنازلته للسفياني، واستتباب الأمر هناك... ثمَّ يذكر تحديه للروم - وهو صورة من صور الفتح العالمي - ويقول: ثمَّ يرجع إلى الكوفة، فيبعث الثلاثمئة عشر والبضعة رجلاً إلى الآفاق كلها... الحديث.

وهذه الرواية تُفيدنا أيضاً من زاوية أنَّ الحُكَّام الذين يُرسلهم المهدي، هم أولئك الخاصة الثلاثمئة والثلاثة عشر رجلاً، وليسوا أشخاصاً آخرين، كما دلَّت عليه خُطبة البيان.

النقطة الثالثة: إنَّ رواية خُطبة البيان تحتوي على خطأين في الترقيم.

الخطأ الأول: أنَّه يقول: ( ويختار الأكابر من السادات الأعمال العارفين لإقامة الدعائم منهم، اثني عشر رجلاً... )، ويعدُّ عشرة فقط، وهم المسؤولون عن أقاليم المشرق من العالم.

الخطأ الثاني: أنَّه يقول: ( ثمَّ يختار اثني عشر رجلاً )، ثمَّ يعد ثمانية فقط!! وهم

٤٩٢

المسؤولون عن جانب الشمال من العالم.

وهذا خطأ واقع لا مناص منه، إلاَّ أنَّه خطأ في الرواية والنقل، حيث أسقط الرواة الأشخاص الآخرين سهواً.

وأمَّا الخُطبة في الواقع فهي - على تقدير صحَّتها - ليست ناقصة بطبيعة الحال.

النقطة الرابعة: إنَّ تقسيم المناطق على الحكَّام قابل للمـُناقشة على عدَّة جهات:

الجهة الأُولى: التكرار في المناطق خلال الرواية، إمَّا بنفس اللفظ، أو بلفظ آخر.

فالحبشة تكرَّرت مرَّتين بهذا اللفظ، ومرَّتين بلفظ النوبة.

مع العلم أنَّ الحبشة والنوبة اسمان لبلاد واحدة في أفريقيا، وتكرَّرت (الروم) مرَّتين، وتكرَّر (المغرب) مرَّتين، تارة بلفظ (جابلقا) وأخرى بلفظ (جابرقا)، وهي أكبر مُدن المغرب(1) ، أو جهة المغرب في بعض اللغات.

الجهة الثانية: أنَّه بينما نريد أن التعيين يتمُّ في مناطق العراق وإيران وشبه الجزيرة بكثرة... نرى إلى جانب ذلك أنَّ مناطق شاسعة ليس لها إلاَّ القليل من الأشخاص كإفريقيا، وجهات الجنوب، كأستراليا، وأمريكا الجنوبية.

الجهة الثالثة: إنَّ عدداً من المناطق المذكورة في الرواية غير معروفة على الإطلاق، وغير موجودة في المصادر والأطلس.

نعم، يمكن في بعضها فَهْم المناطق من زاوية اللغة القديمة، المـُعاصرة لزمن صدور النصِّ، فقوله: ( أقاليم الأدنى )، يُراد بها الأقاليم الشرقية القريبة من الشرق الأوسط، كأفغانستان، وباكستان، والجمهوريات الأسيوية الجنوبية من الاتِّحاد السوفيتي.

ويُراد بوسايط النوبة، ما يُصطلح عليه باللغة الحديثة بوسط أفريقيا، ويُراد ببلاد الروم، أوروبا على العموم، ويُراد بديار بكر ومشارق الروم، آسيا الصغرى وشرق أوروبا، وهي التي تحت الحُكم الشيوعي في العصر الحاضر، والجين بالجيم الفارسية هو الصين باللغة الحديثة، ويُراد بنواحي الظلمات أمريكا بأقسامها، الشمالية، والوسطى، والجنوبية باعتبارها واقعة وراء بحر الظلمات، وهو المحيط الأطلسي باللغة الحديثة.

هذا، ولكن يبقى بعد ذلك عدد من المناطق غير المعروفة، كما لا يخفى.

____________________

(1) قال في مراصد الإطلاع: هي مدينة بأقصى المغرب:ج1 ص304.

٤٩٣

الجهة الثالث - من هذا الفصل -: في تقديم فَهْم عام لهذه الروايات، قبل الوصول إلى التفاصيل الآتية:

تقسيم خُطبة البيان العالم إلى تقسمين:

التقسيم الأول: وهو الأشمل والأوسع، وهو تقسيم العالم كله إلى أربع مناطق:

شمال، وجنوب، وشرق، وغرب... يُعيِّن لكل منطقة ( لجنة ) مُكوَّنة من اثني عشر رجلاً من الأتقياء الأبرار الصالحين.

وأمَّا تطبيق هذه المناطق على العالم، فلا تنطق به الرواية، ومن الصعب تطبيقه إلى حدٍّ ما... غير أنَّ أفضل ما نفهمه بهذا الصدد، هو أنَّ هذا التطبيق موكول إلى نظر القائد المهدي، طبقاً لما يرى من المصلحة.

التقسيم الثاني: تقسيم العالم إلى مناطق أصغر من ذلك، وقد يكون الحُكَّام المـُعيَّنين فيها أقلَّ من درجات الإيمان من أولئك... بدليل على أنَّ الرواية دلَّت على مدح أولئك دون هؤلاء.

كما أنَّ مقتضى هذين التقسيمين، هو أن يكون الحاكم للمنطقة ( الصغيرة ) تابع في مسؤولياته إلى الحاكم للمنطقة ( الكبيرة ).

وهذا التقسيم الثاني هو المـُشار إليه في الروايات الأخرى، مع شيء من الاختلاف، فإنَّ خطبة البيان تنصُّ على تعيين ( لجنة ) في كل إقليم، بخلاف الروايات الأخرى، فإنَّها تنصُّ على أنَّه ( إذا قام القائم بعث في إقليم الأرض، في كل إقليم رجلاً ).

على أنَّه من الممكن صدق كلا الروايتين، فإنَّ الحاكم الرئيسي أكثر من ذلك بطبيعة الحال.

وبذلك يُصبح أصحاب الإمام المهدي القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين، ليس من شيء إلاَّ هو مُطيع لهم، ( ولا تبقى أرض إلاَّ نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً رسول الله )، وطبِّقت فيها الأُطروحة العادلة الكاملة.

وسيتمُّ تعيين حاكم مكَّة المـُكرَّمة بمُجرَّد الخروج منه الأول، وإذا كان المهدي سيُسيطر على البلاد هناك قبل دخوله العراق، فسيتمُّ تعيين الجماعة التي تحكم نجد والحجاز، وأمَّا باقي الحُكَّام سيتمُّ تعيينهم بالكوفة، كما رجَّحنا تبعاً لوجود الحاجة إلى التعيين.

ومعه؛ فمن الممكن القول: بأنَّ التعيين سيكون تدريجياً، تبعاً لسيطرة المهدي

٤٩٤

(ع) بالتدريج على العالم.

وقد رجَّحنا فيما سبق أنَّ تقسيم العالم سيكون إلى مئة وخمسين إقليماً على أقلِّ تقدير، وستكون الحاجة مُلحَّة عندئذ إلى استعمال الثلاثمئة والثلاثة عشر كلهم في الحُكم، مع إضافات أخرى من ذوي الإخلاص الأدنى من ذلك.، ومن المعلوم أنَّ المنطقة إذا كانت أصغر كان مباشرة الحكم وتطبيق العدل فيها أسهل.

وليس ما يُخالف ذلك في الروايات إلاَّ خُطبة البيان، فإنَّها قسَّمت العالم - بالتقسيم الثاني - إلى خمسة وثلاثين إقليماً، بعضها شاسع جدَّاً، حتى إنَّها اعتبرت إفريقيا كلها جزءاً من إقليم، مضافاً إلى جزاير الأندلس.

يتراوح عدد أفراد ( اللجنة ) الحاكمة لكل إقليم - في الخُطبة - بين خمسة إلى ثمانية، ويكون مجموعهم مئة وسبعة وتسعين... فإذا أضفنا إليهم الثمانية والأربعين الحاكمين - طبقاً للتقسيم الأول - كان المجموع مئتين وخمسة وأربعين، وهو ينقص عن عدد الخاصة بثمانية وستِّين فرداً، فلماذا حصل هذا الفرق؟!

وقد يخطر في الذهن: أنَّنا عرفنا أنَّ هؤلاء هم غير أولئك الخاصة، فمن الطبيعي أن يختلف رقم هؤلاء عن أولئك.

وجوابه: أنَّنا عرفنا أيضاً أنَّ هذا التفريق هو إحدى نقاط الضعف في خُطبة البيان؛ إذ ليس من المنطقي أن يعرض القائد المهدي (ع) عن تعيين أولئك الخاصة في أعلى مناصب الدولة العالمية، ويُعيِّن أشخاصاً آخرين أدنى منهم، إذ أدنى ما يلزم من ذلك الإخلال بالعدل الكامل المطلوب منه، مضافاً إلى دلالة الروايات على ذلك، كما سمعنا.

إذن؛ فلو بقينا نحن والنسخة الثانية لخُطبة البيان، لاستفدنا منها أنَّ هؤلاء الذين ذكرتهم، هم بعض أولئك الخاصة، ومعه يكون السؤال عن مصير البقيَّة الذين لم تذكرهم الخُطبة، متوجِّهاً...!

وعلى أيِّ حال، فإذا تمَّ توزيع الحُكَّام على كل أقاليم الأرض، كانت الدولة العالمية المهدوية قد استتبَّت لأول مرَّة.

أقول: والإقليم في العُرف قسم من الأرض، يختص باسم يتميَّز به عن غيره، فمصر إقليم، والشام إقليم، واليمن إقليم، مُعرَّب، وقيل: عربي، مأخوذ من قلامة الظفر؛ لأنَّه قطعة من الأرض.

وقال الجواليقي: ليس بعربي محض، جمعه: أقاليم(1) . هذا بحسب

____________________

(1) انظر أقرب الموارد ج2 ص1035

٤٩٥

اللغة، وأمَّا في الدولة العالمية، فالمراد بالإقليم كل منطقة مُحدَّدة، ذات حُكم داخلي مُستقلٍّ عن غيره، سواء كانت بمقدار الإقليم بالمعنى اللغوي أو أكثر.

الجهة الرابعة: في إثارة بعض الأسئلة حول مجموع هذه الروايات، ممَّا قد يُلقي بعض الضوء على عدد من التفاصيل.

السؤال الأول: إنَّ المـُخلصين عموماً، والخاصة منهم على الخصوص، سوف يُشاركون بطبيعة الحال في الفتح العالمي، وسوف ينقصون نتيجةً للحرب التي يخوضونها نقصاً كبيراً، فكيف يُفترض مشاركتهم بكامل عدَّتهم في الحكم؟

إلاَّ أنَّ في الخبرات التي عرفناها إلى حدِّ الآن ما يصلح جواباً واضحاً عن هذا السؤال، وخاصة إذا التفتنا إلى أمرين من خصائص الفتح العالمي:

الأمر الأول: الضمانات المـُتوفِّرة للجيش المهدوي، ممَّا لا يمكن توفُّره لأيِّ جيش آخر، كالنصر بالرعب، ومعونة الملائكة، والحرب العالمية السابقة على الظهور، لو كانت قد وجدت، وأنَّ أفضل هذه الضمانات في صيانة الجيش المهدوي هو خبرة الإمام القائد نفسه، وحُسن تخطيطه لغزو العالم، كما سبق أن حملنا عنه فكرة مُفصَّلة.

الأمر الثاني: أنَّنا عرفنا بعدَّة أدلة أنَّ أكثر العالم سوف يدخل تحت الحُكم المهدوي، من دون قتال تقريباً، الأمر الذي يوفِّر للقائد (ع) كثيراً من الأسلحة والنفوس.

غير أنَّ هذا كله لا ينفي وجود القتال فيهم على نطاق ضيِّق، غير أنَّ المظنون أنَّ القتل لو حصل، فإنَّما يحصل على المـُخلصين من الدرجة الثانية، لا المـُخلصين من الدرجة الأُولى، أعني الخاصة الثلاثمئة والثلاثة عشر؛ لأنَّ هؤلاء الخاصة يكونون قوَّاداً، والقائد في الحرب القديمة يعيش خلف خطِّ النار؛ ليتوفَّر له المـُراقبة وإصدار التعليمات باستمرار، وبالتالي المحافظة على نفسه، من أجل انتصار الجيش نفسه.

إذاً؛ فالحرب الحديثة تُعطي فرصاً واسعةً لصيانة القائد، فكيف بالتخطيط العسكري الذي يكون أكثر حكمة وعمقاً من هذه الحرب.

ومعه؛ يكون افتراض وجود الخاصة بكامل عدَّتهم بعد الحرب، كما هو ظاهر الروايات، أمراً ميسوراً، وأمَّا المـُخلصين من الدرجة الثانية، فَهْم من الكثرة بحيث لا يؤثِّر فيهم القتل القليل نسبياً.

السؤال الثاني: قالت إحدى الروايات التي سمعناها: ( يخرج مع القائم (ع) من،

٤٩٦

ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى (ع) الذين كانوا( ... يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُون ) ، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون، وسلمان، وأبو دجانة الأنصاري، والمقداد، ومالك الأشتر، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكَّاماً ).

وظاهر هذه الرواية رجوع جماعة من الأموات المؤمنين - ممَّا قبل الإسلام وبعده إلى الحياة - ليكونوا من أعوان المهدي (ع)، غير أنَّ هذا المضمون يواجه عدَّة اعتراضات:

الاعتراض الأول: أنَّ هذه الرواية غير كافية لإثبات هذه الفكرة؛ فإنَّها - باعتبار غرابتها - تحتاج إلى إثبات قوي، ولا يكفي فيها لخبر الواحد.

الاعتراض الثاني: أنَّ هذه الفكرة مُخالفة لقانون المعجزات؛ لأنَّ رجوع الميِّت إلى الحياة معجزة، والمعجزة لا تقع إلاَّ عند انحصار انتصار الحق بها، وعدم وجود البديل الطبيعي لها، ومن الواضح توفُّر البديل الطبيعي لدى المهدي (ع) في أصحابه، فإنَّ المـُخلصين من الدرجة الأُولى، بل وكثير من أفراد الدرجة الثانية، يُماثلون - بكل تأكيد - الأعمَّ الأغلب ممَّن ذكرتهم هذه الرواية، كيف، وقد تمَّ تمحيصهم الكامل على الأُطروحة العادلة الكاملة، وكانوا نتيجة جهود البشرية في أكثر من ألف عام؟ على حين أنَّ المؤمنين السابقين على الإسلام لم يُعاصروا هذه الأطروحة، والمؤمنين المـُعاصرين للإسلام لم يتمَّ تمحيصهم بالشكل الكامل، لوضوح أنَّهم وجِدوا قبل استكمال ظروف التمحيص والامتحان.

الاعتراض الثالث: أنَّنا لو غضضنا النظر عن الاعتراضين السابقين، كان اللازم رجوع أموات كثيرين إلى الحياة، ليسوا بأقلِّ ممَّن ذكرتهم الرواية، كالجيش الذي قاتل مع (طالوت) وقالوا:( ... كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ... ) (1) ، وكبعض الحواريين لعيسى بن مريم (ع)، وكعدد من أنبياء بني إسرائيل وغيرهم، كداوود، وسليمان، وشعيب، ويحيى، وغيرهم، ومثل أنصار النبي (ص)، الذين قُتلوا بين يديه في بدر وأحد وغيرهما، وبعض صحابته أيضاً غير مَن ذكرتهم الرواية، وعدد من علماء المسلمين على مرِّ الأجيال.

وإذا صرنا إلى مثل هذا التفكير، لم يكن من اللازم وجود أيِّ شخص من المـُخلصين الأحياء، بل يمكن الاكتفاء بالأموات، ومعه يبقى تأخير ظهور الإمام المهدي (ع) وطول

____________________

(1) البقرة: 2/ 249

٤٩٧

غيبته بلا سبب، فتكون ظلماً للبشر؛ لأنَّه يعني بقاؤهم ضمن المشاكل والظلم مع إمكان دفعه عنهم بكل سهولة.

ومع تنزيه الله تعالى شأنه عن كل أشكال الظلم، يتعيَّن القول بعدم صحَّة المضمون الظاهر لهذه الرواية، في حدود فَهْمنا المعاصر.

ومعه؛ فلابدَّ من حملها على بعض أشكال الرمز، وأنَّ المراد التنبيه على أنَّ المخلصين المـُتوفِّرين للمهدي (ع) ليسوا بأقلِّ رتبة في الإيمان والإخلاص، والعلم والعمل ممَّن عددتهم في الرواية، وهذا أمر صحيح كما عرفنا.

السؤال الثالث: إنَّ المـُخلصين المـُمحَّصين من الدرجة الأُولى، فضلاً عن الدرجات المـُتأخِّرة، لم يُفرض فيهم أنَّهم مارسوا إدارة الدولة أو قضاء في منطقة، خلال عصر ما قبل الظهور، كما لا يُفرض فيهم أنَّهم درسوا هذه الأمور من الناحية النظرية، بحيث يستطيعون تطبيقها في أيِّ وقت شاؤوا.

بل قد يكون الأمر بالعكس، كما يظهر من بعض الحقائق التي عرفناه، فإنَّ التمحيص يُنتِج اكتساب درجة عُلْيَا من الإيمان وقوَّة الإرادة، نتيجةً لردود الفعل الصحيحة تجاه ظروف الظلم والطغيان، ولا يُنتج التمحيص القدرة على القضاء، والمِران على أساليب الحكم.

إذاً؛ فمن زاوية كونهم مُمحَّصين، لا يعني كونهم قادرين على مثل ذلك، مضافاً إلى ما عرفناه في التاريخ السابق(1) ، من لزوم التزامهم بالتقيَّة خلال عصر التمحيص السابق على الظهور، بالمعنى الذي فسَّرناه هناك(2) ، قد يلزم منه البُعْد عن مُباشرة أساليب الحُكم والقضاء والانكماش عن الدولة الظالمة ككل، فإنَّه لو شارك فيها كان فاشلاً في التمحيص الإلهي، وبالتالي لم يكن من المـُخلصين الذين لهم شرف الالتحاق بالإمام المهدي (ع) بعد ظهوره.

ينتج من ذلك أنَّ المـُخلصين، بأيِّ درجات لم يُمارسوا حُكماً ولا قضاء في عهد ما قبل الظهور، فكيف يستطيعون مُمارسته في العالم تحت القيادة المهدوية، وخاصة أنَّ المطلوب ليس هو القيادة الاعتيادية، بل القيادة العادلة المـُعمَّقة، ذات التربية المركَّزة والمـُستمرَّة لكل البشرية، فكيف يتمَّ لهم ذلك؟

والجواب على ذلك: إنَّ هناك دليلاً عامَّاً، يوجب الالتزام بكون أصحاب الإمام

____________________

(1) انظر تاريخ الغيبة الكبرى ص416.

(2) المصدر ص 417 وما بعدها.

٤٩٨

(ع) في أعلى درجات المعرفة والاطِّلاع؛

وذلك لليقين الذي نملكه بأنَّ دولة المهدي سوف تُطبِّق العدل الكامل، إلى جانب تلك الأخبار الضخمة التي تزيد على التواتر بكثير، والمرويَّة من قِبل الفريقين، بل الموجودة في التوراة والإنجيل أيضاً، كما سوف يأتي في الجزء الخاص بهما من هذه الموسوعة، الدالَّة كلها على وجود السعادة والرفاه في أجلى صورها في دولة المهدي، ووجود الإنجازات الضخمة فيها.

ومن المعلوم أنَّ مثل هذا العدل وهذه السعادة، لا يمكن أن تتمَّ بدون الخبرة الواسعة والثقافة العميقة لكل فرد ممَّن يُشارك في تكوين الدولة وإدارتها، فضلاً عن الرؤساء والقضاة.

إذاً؛ فالخبرة المـُعمَّقة موجودة لديهم، كل ما في الأمر، أنَّنا ينبغي أن نحمل فكرة كافية عن أسلوب حصولهم على هذه الثقافة، وفي هذا الصدد تواجهنا عدَّة أُطروحات:

الأُطروحة الأُولى: أنَّهم يأخذون كلَّما يحتاجونه من علوم عن طريق المعجزة، لا عن طريق التعليم الطبيعي... إمَّا دُفْعة واحدة، وإمَّا بالتدريج حسب حاجاتهم في كل وقت.

ويمكن أن يستدلَّ على هذه الأُطروحة بوجهين:

الوجه الأول: إنَّ هذا هو ظاهر الأخبار السابقة نفسها، وهي بمجموعها قابلة للإثبات التاريخي.

حيث نسمعه يقول في أحد الأخبار: ( وهم النُّجباء والفقهاء... الذين يمسح بطونهم وظهورهم، فلا يُشكِل عليهم حُكم... ).

وفي الخبر الآخر: ( فيمسح بين أكتافهم، وعلى صدورهم، فلا يتعايون في قضاء ) , فإنَّ المسح بمُجرَّده ليس تعليماً، وإنَّما هو ( سبب ظاهري ) لإيجاد المعجزة التي تُعطي التعليم.

وكذلك قوله في الخبر الآخر: ( عهدك في كفِّك، فإذا ورد عليك ما لا تفهمه، ولا تعرف القضاء فيه، فانظر إلى كفِّك واعمل بما فيها... )، دالٌّ على السبب الإعجازي إذا كان المراد أنَّ مُجرَّد النظر إلى الكفِّ كافٍ في ذلك.

وصحَّة هذا الوجه منوطة بقانون المعجزات، من حيث إنَّ دقَّة الحُكم وحُسن التصرُّف من قِبل هؤلاء، هل هو ممَّا يتوقَّف عليه نجاح دولة المهدي أولا؟ فمتى أصبح الأمر مُنحصراً بالمعجزة، كان وقوعها لازماً كيفما كان شكلها، ومتى لم يكن الأمر مُنحصراً

٤٩٩

بها لم تقم المعجزة ألبتَّة، وسيأتي أنَّ المعجزة ليست سبباً مُنحصراً، باعتبار وجود الأُطروحات الطبيعية الأخرى البديلة لتلقِّي العلم من قِبل هؤلاء الحكَّام.

الوجه الثاني: أنَّنا قلنا في هذا التاريخ، والتاريخ الذي قبله(1) ، أنَّ الرئاسة العامة في المجتمع تتوقَّف على أن يكون الرئيس له من قِبَل الله هذه الصفة الإعجازية، وهي: أنَّه متى أراد أن يعلم أعلمه الله تعالى ذلك.

وقد طبَّقناها على الإمام المهدي نفسه بنجاح، وردت في ذلك عدَّة روايات.

فقد يُقال: إنَّنا نُطبِّقها على أصحاب الإمام أيضاً، فإنَّ كلاَّ ًمنهم قد أصبح في منطقته رئيساً، لا بدَّ له من حُسن التصرُّف وتطبيق العدل الكامل في إقليمه؛ ومعه يكون مُندرجاً تحت هذه القاعدة، وبها لا يعسر عليه حكم ولا قضاء؛ لأنَّ جميعه سوف يكون بإلهام إلهي مباشر.

ومن هنا قد يُقال: إنَّ المهدي (ع) إنَّما يمسح بطونهم وظهورهم مُقدِّمة لوجود هذا الإلهام فيهم، فإنَّهم بحسب وضعهم البشري الاعتيادي فاقدون لهذه الصفة، ما لم يقم المهدي بعمل مُعيَّن لإعطائها لهم وهو المسح.

إلاَّ أنَّ هذا الوجه غير صحيح أساساً لعدَّة وجوه، نذكر منها اثنين:

الوجه الأول: أنَّ هذه القاعدة خاصة بالرئيس الأعلى الذي ليس فوقه رئيس، وليس له موجِّه بشري، ولا حاكم أعلى منه، كالإمام المهدي نفسه، فإنَّه يحتاج إذا أشكلت عليه الأمور إلى الإلهام.

أمَّا لو كان للرئيس رئيس فوقه، يوجِّهه ويُدبِّر أمره، فإنَّه لا يحتاج إلى الإلهام، وإنَّما يمكنه أن يستفيد من توجيهات رئيسه وقائده، ويجب على القائد الأعلى أن يمدَّ ولاته باستمرار بالتوجيه والإرشاد؛ حتى لا ينقطعوا عن حُسن الرأي وعدالة التصرُّف، فتفشل قيادتهم، ومع إمكان هذا التوجيه، يكون افتراض وجود الإلهام أمراً مُستأنفاً.

الوجه الثاني: أنَّ أصل الدليل على ذلك خاص بالقائد العالمي المعصوم، وغير شامل لمثل هؤلاء الحُكَّام، وذلك لوجهين، نذكر أحدهما: وهو أنَّ وجه الحاجة إلى ذلك كان خاصاً بالقيادة العالمية، من حيث إنَّ القدرة على استيعاب الوقائع والأحكام العادلة التي تقتضيها في كل العالم، أمر خارج عن طوق القدرة البشرية لأيِّ فرد مهما كان عبقرياً؛ ومن هنا كان من الضروري إسعاف القائد العالمي بالإلهام من أجل تغطية هذه الحاجة الأساسية.

____________________

(1) تاريخ الغيبة الكبرى ص504 وما بعدها إلى عدَّة صفحات.

٥٠٠