ابو الحسين زيد الشهيد

ابو الحسين زيد الشهيد0%

ابو الحسين زيد الشهيد مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 100

ابو الحسين زيد الشهيد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: الصفحات: 100
المشاهدات: 39712
تحميل: 5399

توضيحات:

ابو الحسين زيد الشهيد
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 100 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39712 / تحميل: 5399
الحجم الحجم الحجم
ابو الحسين زيد الشهيد

ابو الحسين زيد الشهيد

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

( تهالكه في حب الاصلاح بين الامة)

في المقاتل بسنده عن البابكي واسمه عبد الله بن مسلم بن بابك خرجنا مع زيد بن علي الى مكة فلما كان نصف الليل واستوت الثريا قال يا بابكي أما ترى هذه الثريا أترى احداً ينالها قلت لا قال والله لوددت ان يدي ملصقة بها اقع الى الارض او حيث اقع فاتقطع قطعة قطعة وان الله أصلح بين امة محمد صلّى الله عليه وسلّم هذا حرص زيد على الاصلاح بين امة جده التي خذلته واسلمته الى بني امية اعداء الله واعداء جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين لم يكتفوا بقتله حتى صلبوه اربع سنين على اشنع صورة ثم احرقوه عداوة لدين الاسلام الذي دخلوا فيه كارهين مرغمين ولم يوجد في هذه الامة من يغير بيد ولا لسان نعم وجد فيها حتى اليوم من يدافع عنهم ويلتمس لهم الاعذار.

( هل كان زيد يفتي الناس)

سأل المتوكل بن هارون يحيى بن زيد فيما رواه الخزاز في كفاية الاثر هل كان ابوك يفتي الناس في معالم دينهم قال ما اذكر ذلك عنه.

( فساد بعض النسب اليه)

من السخافة بمكان ما في فوات الوفيات عن ابن ابي الدم ان

٤١

زيدا واصحابه كانوا معتزلة وانه اخذ الاعتزال عن واصل بن عطاء وان اخاه الباقر كان يعيب عليه قراءته على واصل مع كونه يجوز الخطأ على جده علي بن ابي طالب في حرب الجمل والنهروان ولان واصلا كان يتكلم  في القضاء والقدر على خلاف مذهب اهل البيت الى آخر ما تكلم به من هذا الهذيان فانه لم يرد شيء من هذا عن أئمة اهل البيت في حق زيد بل ورد عنهم مدحته والثناء عليه ولو كان لشيء من ذلك اثر لحكاه عنهم اصحابهم واتباعهم ولما خفي ذلك عنهم وظهر لابن ابي الدم وإنما تكلم فيه من تكلم من حيث احتمال دعواه الامامة والاكثر بل الجميع على انه لم يدعها فلو كان فيه مغمز غير ذلك لما سكتوا عنه لكن واضع هذا الكلام عن لسانه له. غرض غير خفي على المتأمل.

( ما نسب اليه فيمن لقبوا الرافضة )

ذكر كثير ممن تكلم على هذا اللقب من اخصام الشيعة وتلقفه الآخر عن الاول ان زيداً سئل لما كان يحارب جيش هشام عن الشيخين فقال هما صاحبا جدي وضجيعاه في قبره فرفضه جماعة فسموا الرافضة وذكرنا في الجزء الاول من هذا الكتاب انه يجوز ان يكون قال ذلك استصلاحاً لعسكره ومن الذي يشك ان لهما هاتين الصفتين وان المروى انه لما اصابه السهم طلب السائل فاراه السهم وقال هما اوقفاني هذا الموقف.

٤٢

( ما نسب إليه في أمر فدك )

روى ابن عساكر عن زيد انه قال لو كنت مكان ابي بكر لحكمت بمثل ما حكم به في فدك. والناظر بانصاف في قصة فدك يعلم ان هذا الحديث موضوع على زيد ويدل على ذلك ما في شرح النهج لابن ابي الحديد ج ٤ ص ٩٤ المرتضى اخبرنا ابو عبد الله المرزباني حدثني علي بن هارون اخبرني عبيد الله بن احمد بن ابي طاهر عن ابيه قال ذكرت لابي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن ابي طالب كلام فاطمة عند منع ابي بكر اياها فدكا وقلت له ان هؤلاء يزعمون انه مصنوع وانه من كلام ابي العيناء لان الكلام منسوق البلاغة فقال لي رأيت مشايخ آل ابي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه اولادهم وقد حدثني به ابي عن جدي يبلغ به فاطمة على هذه الحكاية وقد رواه مشايخ الشيعة وتدارسوه قبل ان يوجد جد ابي العيناء وقد حدث الحسين بن علوان عن عطية العوفي انه سمع عبد الله بن الحسن بن الحسن يذكر عن ابيه هذا الكلام ثم قال ابو الحسين زيد وكيف ينكرون هذا من كلام فاطمة وهم يروون من كلام عائشة عند موت ابيها ما هو اعجب من كلام فاطمة ويحفظونه لولا عداوتهم لنا اهل البيت.

٤٣

( حديث سد الابواب )

في تاريخ دمشق لابن عساكر بسنده عن شعبة سمعت سيد الهاشميين زيد بن علي بالمدينة في الروضة يقول حدثني اخي محمد انه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول سدوا الابواب كلها الا باب علي وأومأ بيده الى باب علي.

قال مهذب تاريخ ابن عساكر : هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات ورواه بمعناه الامام احمد في مسنده عن سعد ابن مالك وعن ابن عمر ورواه النسائي في مناقب علي عن الحارث ابن مالك وعن زيد بن ارقم ورواه ابو نعيم عن ابن عباس ورواه ابو نعيم عن ابن عباس ورواه الحافظ ابن حجر في كتابه القول المسدد في الرد على ابن الجوزي في جعله هذا الحديث موضوعاً واطال الكلام ثم قال هذا الحديث مشهور وله طرق متعددة كل طريق منها على انفراده لا يقصر عن رتبة الحسن ومجموعها مما يقطع بصحته على طريقة كثير من اهل الحديث قال وذكر الحافظ السيوطي اسانيده في كتابه اللآليء المصنوعة واطال في دفع الوضع عنه فظهر ان زعم الوضع فيه كبوة من ابن الجوزي.

( حديث المعراج )

في تاريخ دمشق لابن عساكر عن زيد بن علي عن ابيه عن

٤٤

جده عن علي صلى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة الفجر ذات يوم بغلس ثم التفت الينا فقال أفيكم من رأى الليلة شيئاً فقلنا لا يا رسول الله قال ولكني رأيت ملكين اتياني الليلة فأخذا بضبعي فانطلقا بي الى السماء الدنيا وذكر حديثاً طويلا فيه عقاب من ينام عن صلاة العشاء والنمام وآكل الربا والزنا ومن يعملون عمل قوم لوط ثم قال فمضيت فاذا انا بروضة فيها شيخ جليل لا اجمل منه وحوله الولدان واذا انا بمنازل لا احسن منها من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوتة حمراء فقالا تلك منازل اهل عليين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وهذه منازلك واهل بيتك الحديث بطوله.

( ما قاله في البترية )

مر في البترية ما رواه الكشي في ترجمة سلمة بن كهيل بسنده عن سدير دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام ومعي سلمة بن كهيل وابو المقدام ثابت الحداد وسالم بن ابي حفصة وكثير النوا وجماعة معهم وعند ابي جعفر اخوه زيد بن علي فقالوا لابي جعفر نتولى علياً وحسناً وحسيناً ونتبرأ من اعدائهم ونتولى غيرهم ونتبرأ من اعدائهم فالتفت اليهم زيد بن علي وقال لهم أتتبرأون من فاطمة بترتم امرنا بتركم الله فيومئذ سموا البترية.

٤٥

( دلالته على قبر امير المؤمنينعليه‌السلام )

عن فرحة الغري عن ابي حمزة الثمالي في حديث قال لما كانت ليلة النصف من شعبان اتيت الى زيد بن علي وسلمت عليه وكان قد انتقل من دار معاوية بن اسحاق الى دور بارق وبني هلال فلما جلست عنده قال يا ابا حمزة تقوم حتى نذور قبر امير المؤمنين علي ابن ابي طالبعليه‌السلام فقلت نعم جعلت فداك ( الى ان قال ابو حمزة ) فاتينا الذكوات البيض فقال هذا قبر امير المؤمنين علي بن ابي طالب وبعد ان زرناه رجعنا وكان قبرهعليه‌السلام قد اخفي خوفاً من بني أمية ولم يكن يعرفه الا ولده وخواص شيعتهم الى ان اظهر ايام الرشيد.

( خروجه والسبب فيه ومقتله)

في مروج الذهب ج ٢ ص ١٨١ في ايام هشام بن عبد الملك استشهد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب سنة ١٢١ وقيل ١٢٢ وقد كان زيد بن علي شاور اخاه ابا جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن علي فاشار عليه بان لا يركن الى اهل الكوفة اذ كانوا اهل غدر ومكر وقال له بها قتل جدك علي وبها طعن عمك الحسن وبها قتل ابوك الحسين وفيها وفي اعمالها شتمنا اهل البيت واخبره بما كان عنده من العلم في مدة ملك بني مروان وما يتعقبهم

٤٦

من الدولة العباسية فأبى الا ما عزم عليه من المطالبة بالحق فقال له اني اخاف عليك يا اخي أن تكون غداً المصلوب بكناسة الكوفة وودعه ابو جعفر واعلمه انهما لا يلتقيان وكان هذا مما أخذه الباقر عن آبائهعليه‌السلام عن جدهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله . وقال ابو بكر الخوارزمي في رسالته الى شيعة نيسابور لما قصدهم واليها : واتصل البلاء مدة ملك المروانية الى الايام العباسية حتى اذا اراد الله ان يختم مدتهم باكبر آثامهم ويجعل عظيم ذنوبهم في آخر ايامهم بعث على بقية الحق المهمل والدين المعطل زيد بن علي فخذله منافقوا اهل العراق وقتله احزاب اهل الشام فلما انتهكوا ذلك الحريم وافترفوا ذلك الاثم العظيم غضب الله عليهم وانتزع الملك منهم :

( سبب خروجه)

اختلفت الروايات والاقوال في سبب خروجه على وجوه ( احدها ) ما عامله به هشام من الجفاء المفرط.

قال ابن عساكر في تاريخ دمشق وفد على هشام بن عبد الملك فرأى منه جفوة فكان ذلك سبب خروجه وقال المفيد في الارشاد كان سبب خروج ابي الحسين زيد بن عليرضي‌الله‌عنه بعد الذي ذكرناه من غرضه في الطلب بدم الحسينعليه‌السلام انه دخل على هشام بن عبد الملك وقد جمع هشام اهل الشام وامر ان يتضايقوا في

٤٧

المجلس حتى لا يتمكن من الوصول الى قربه فقال له زيد انه ليس من عباد الله احد فوق ان يوصى بتقوى الله ولا من عباد الله احد دون ان يوصي بتقوى الله وانا اوصيك بتقوى الله يا امير المؤمنين فاتقه فقال له هشام انت المؤهل نفسك للخلافة الراجي لها وما انت وذاك لا أم لك وانما انت ابن أمة فقال له زيد اني لا اعلم احداً اعظم منزلة عند الله من نبي بعثه وهو ابن أمة فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يبعث وهو اسماعيل بن ابراهيمعليهما‌السلام فالنبوة اعظم منزلة عند الله ام الخلافة يا هشام وبعد فما يقصر برجل ابوه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ابن علي بن ابي طالب فوثب هشام عن مجلسه ( وزيد في عمدة الطالب ووثب الشاميون ) ودعا قهرمانه فقال لا يبيتن هذا في عسكري ( الليلة ) فخرج زيد وهو يقول انه لم يكره قط احد حد السيوف الا ذلوا فلما وصل الى الكوفة اجتمع اليه اهلها فلم يزالوا به حتى بايعوه على الحرب ثم نقضوا بيعته واسلموه فقتل وصلب بينهم اربع سنين لا ينكر احد منهم ولا يغير بيد ولا بلسان.

وفي المناقب لما رأى هشام معرفته وقوة حجته وشاهد منه مالم يكن في حسبانه داخله الخوف منه ان يفتتن به اهل الشام وقال لقهرمانه لا يبيتن هذا في عسكري الليلة. وفي كتاب مختار البيان والنبيين للجاحظ عند تعداد الخطباء : ومنهم زيد بن علي بن الحسين قال وكان قد وشي به الى هشام فسأله عن ذلك فقال احلف لك قال هشام واذا حلفت أفأصدقك قال اتق الله قال او مثلك يا زيد يأمر

٤٨

مثلي بتقوى الله قال لا أحد فوق ان يوصى بتقوى الله ولا احد دون ان يوصي بتقوى الله قال هشام بلغني انك تريد الخلافة وانت تصلح لها لانك ابن امة قال قد كان اسماعيل بن إبراهيم ابن أمة واسحق ابن حرة فاخرج الله من صلب اسماعيل النبي الكريم فعندها قال له هشام قم قال اذا لا تراني الا حيث تكره الى ان قال ومن اخبار زيد بعد ذلك انه لما رأى الارض قد طبقت جوراً ورأى قلة الاعوان وتخاذل الناس كانت الشهادة احب المنيات اليه.

وفي عمدة الطالب انه لما قال ما كره قوم حد السيوف الا ذلوا حملت كلمته الى هشام فعرف انه يخرج عليه ثم قال هشام ألستم تزعمون ان اهل هذا البيت قد بادوا ولعمري ما انقرض من مثل هذا خلفهم.

وفي المناقب عن عيون الاخبار وفي الرياض ان هشاماً قال له ما فعل او ما يصنع اخوك البقرة فغضب زيد حتى كاد يخرج من اهابه ثم قال سماه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الباقر وتسميه انت البقرة لشد ما اختلفتما ولتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار.

وفي الرياض فقال هشام خذوا بيد هذا الاحمق المائق فاخرجوه فاخرج زيد واشخص الى المدينة ومعه نفر يسير حتى طردوه عن حدود الشام فلما فارقوه عدل العراق.

وفي تاريخ دمشق قال عبد الاعلى الشامي لما قدم زيد الشام كان حسن الخلق حلو اللسان فبلغ ذلك هشاماً فاشتد عليه فشكا ذلك

٤٩

الى مولى له فقال ائذن للناس اذناً عاماً واحجب زيداً وائذن له في آخر الناس فدخل فقال السلام عليك يا امير المؤمنين فلم يرد عليه فقال السلام عليك يا احول فانك ترى نفسك اهلا لهذا الاسم فقاله له هشام انت الطامع في الخلافة وامك أمة فقال ان لكلامك جوابا فان شئت أجبت قال وما جوابك فقال لو كان في ام الولد تقصير لما بعث الله اسماعيل نبياً وامه هاجر فالخلافة اعظم ام النبوة فافحم هشام فلما خرج قال لجلسائه انتم القائلون ان رجالات بني هاشم هلكت والله ما هلك قوم هذا منهم فرده وقال يا زيد ما كانت امك تصنع بالزوج ولها ابن مثلك قال ارادت آخر مثلي قال ارفع الي حوائجك فقال اما وانت الناظر في امور المسلمين فلا حاجة لي ثم قام فخرج فاتبعه رسولا وقال اسمع ما يقول فتبعه فسمعه يقول من احب الحياة ذل ثم أنشأ يقول :

مهلا بني عمنا عن نحت اثلتنا

سيروا رويداً كما كنتم تسيرونا

لا تطمعوا ان تهينونا ونكرمكم

وان نكف الاذى عنكم وتؤذونا

الله يعلم انا لا نحبكم

ولا نلومكم ان لا تحبـونا

كل امرىء مولع في بغض صاحبه

فنحمد الله نقلوكم وتقلونا

ثم حلف ان لا يلقى هشاما ولا يسأله صفراء ولا بيضاء الحديث.

وفي مروج الذهب قد كان زيد دخل على هشام بالرصافة فلم ير موضعاً يجلس فيه فجلس حيث انتهى به مجلسه وقال يا امير المؤمنين ليس احد يكبر عن تقوى الله ولا يصغر دون تقوى الله فقال هشام

٥٠

اسكت لا ام لك انت الذي تنازعك نفسك في الخلافة وانت ابن أمة قال يا أمير المؤمنين ان لك جواباً اذا أحببت أجبتك به وان احببت أمسكت عنه فقال بل اجب فقال ان الامهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات وقد كانت أم إسماعيل أمة لا أم اسحاق صلى الله عليهما وسلم فلم يمنعه ذلك ان بعثه الله نبياً وجعله للعرب أباً فاخرج من صلبه خير البشر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فتقول لي هذا وانا ابن فاطمة وابن علي وقام وهو يقول ( منخرق النعلين يشكو الوجى ) الابيات الاربعة الآتية فمضى عنها الى الكوفة وخرج فيها ومعه القراء والاشراف فحاربه يوسف بن عمر الثقفي فلما قامت الحرب انهزم اصحاب زيد وبقي في جماعة يسيرة فقاتلهم لشد قتال وهو يقول متمثلا :

أذل الحياة وعز الممات

وكلا أراه طعاماً وبيلا

فان كان لا بد من واحد

فسيري الى الموت سيراً جميلا

وروى ابن عساكر ان زيداً دخل على هشام فقال له يا زيد بلغني ان نفسك لتسمو بك الى الامامة والامامة لا تصلح لاولاد الاماء فاجابه بما مر فقال هشام يا زيد ان الله لا يجمع النبوة والملك لاحد فقال زيد قال الله تعالى :( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) .

وقال ابن عساكر قال عبد الله بن جعفر قال لي سالم مولى هشام دخل زيد على هشام فرفع ديناً كثيراً وحوائج فلم يقض له هشام

٥١

حاجة وتجهمه واسمعه كلاماً شديداً فخرج من عنده وهو يأخذ شاربه ويفتله ويقول ما احب الحياة احد الا ذل ثم مضى فكان وجهه الى الكوفة فخرج بها ثم قتل وصلب فاخبرت هشاماً بعد ذلك بما قاله زيد لما خرج من عنده فقال ثكلتك امك الا كنت اخبرتني بذلك قبل اليوم وما كان يرضيه انما كانت خمسمائة الف فكان ذلك اهون علينا مما صار اليه. وهذا من الاعذار التي هي اقبح من الذنب. ورواه الطبري في ذيل المذيل بسنده عن عبد الله بن جعفر مثله.

وقال ابن الاثير وغيره ان زيداً تنازع مع ابن عمه جعفر ابن حسن بن حسن بن علي في صدقات ( وقوف ) علي بن ابي طالب زيد من طرف اولاد الحسين بن علي وجعفر من طرف اولاد الحسن ابن علي فكانا يتبالغان كل غاية ويقومان فلا يعيدان مما كان بينهما حرفاً فلما توفي جعفر قام مقامه عبد الله المحض بن الحسن المثنى فتخاصم مع زيد يوماً في مجلس خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم والي المدينة فاسمع عبد الله زيداً كلاماً فيه غلظة وخشونة وعرض بان امه ام ولد وقال له يا ابن السندية فتبسم زيد وقال لا عيب في كون امي امة فان ام اسماعيل ايضاً أمة وقد صبرت امي بعد وفاة سيدها ولم تتزوج كما فعل غيرها يعرض بام عبد الله المحض فاطمة بنت الحسين ابن علي عمة زيد فإنها بعد وفات الحسن بن الحسن تزوجت وندم زيد على هذا الكلام وبقي مدة لا يدخل دار فاطمة حياء منها فارسلت اليه يا ابن اخي اني لاعلم ان قدر امك ومنزلتها عندك مثل منزلة ام

٥٢

عبد الله عند عبد الله وعاتبت عبد الله وقالت له بئسما قلت لام زيد اما والله لنعم دخيلة القوم كانت. وقال لهم خالد في ذلك اليوم اغدوا علي غداً فلست لعبد الملك ان لم افصل بينكما فباتت المدينة تغلي كالمرجل يقول قائل قال زيد كذا ويقول قائل قال عبد الله كذا فلما كان الغد جلس خالد في المسجد واجتمع الناس فمن بين شامت ومهموم فدعا بهما خالد وهو يحب ان يتشاتما فذهب عبد الله يتكلم فقال له زيد لا تعجل يا ابا محمد اعتق زيد ما يملك ان خاصمك الى خالد ابداً ثم اقبل على خالد وقال جمعت ذرية رسول الله لامر لم يكن ابوبكر وعمر يجمعانهم له فقال خالد أما لهذا السفيه احد فقام رجل من الانصار من آل عمرو بن حزم وقال يا ابن ابي تراب اما ترى لوال عليك حقاً قال زيد اسكت ايها القحطاني فانا لا نجيب مثلك قال فلماذا ترغب عني فوالله اني لخير منك وابي خير من ابيك وامي خير من امك فتضاحك زيد وقال يا معشر قريش هذا الدين قد ذهب أفذهبت الاحساب انه ليذهب دين القوم وما تذهب احسابهم فتكلم عبد الله بن واقد بن عبد الله ابن عمر بن الخطاب فقال كذبت والله ايها القحطاني فوالله لهو خير منك نفساً واباً واماً ومحتداً وتناوله بكلام كثير واخذ كفاً من حصباه فضرب بها الارض ثم قال انه والله ما لنا على هذا من صبر ثم خرج من المسجد وشخص زيد الى هشام بن عبد الملك فجعل هشام لا يأذن له فيرفع اليه القصص فكلما رفع اليه قصة كتب

٥٣

هشام في اسفلها ارجع الى منزلك فيقول زيد والله لا ارجع الى خالد ابداً ثم اذن له يوماً بعد طول حبس فرقى علية عالية وأمر هشام خادماً ان يتبعه بحيث لا يراه زيد ويسمع ما يقول فصعد زيد وكان بادناً فوقف في بعض الدرجة فسمعه الخادم يقول ما احب احد الحياة الا وذل فابلغ الخادم هشاماً ذلك فعلم هشام ان في نفسه الخروج ثم دخل على هشام الى ان قال : فقال هشام لقد بلغني يا زيد انك تذكر الخلافة وتتمناها ولست هناك وانت ابن امة الى آخر ما مر فقال له هشام اخرج قال اخرج ثم لا اكون الا بحيث تكره فقال له سالم يا ابا الحسين لا يظهرن هذا منك فخرج من عنده وسار الى الكوفة ولما خرج من مجلس هشام انشد :

شرده الخوف وازرى به

كذاك من يكره حر الجلاد

منخرق النعلين ( الخفين ) يشكو الوجى

تنكبه اطراف مرو حداد

قد كان في الموت له راحة

والموت حتم في رقاب العباد

ان يحدث الله له دولة

تترك آثار العدا كالرماد

وفي رواية أنه نهض من عند هشام وهو يقول :

من احب الحياة اصبح في قدي‍

‍د من الذل ضيق الحلقات

واخرج ابن عساكر عن الزهري كنت على باب هشام ابن عبد الملك فخرج من عنده زيد بن علي وهو يقول والله ما كره قوم الجهاد في سبيل الله الا ضربهم الله تعالى بالذل وقال ابن الاثير قال له هشام اخرج قال اخرج ثم لا اكون إلا بحيث تكره فقال له

٥٤

سالم ( مولى هشام ) يا ابا الحسين لا يظهرن هذا منك فخرج من عنده وسار الى الكوفة.

( ثانيها ) انه كان سبب خروجه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث شاعت المحرمات والفسق والفجور في عصر بني امية. روى الخوارزمي في كتاب المقتل عن جابر الجعفري انه قال : قال لي محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ان اخي زيد بن علي خارج مقتول وهو على الحق فالويل لمن خذله والويل لمن حاربه والويل لمن يقتله قال جابر فلما أزمع زيد بن علي على الخروج قلت له اني سمعت اخاك يقول كذا وكذا فقال لي يا جابر لا يسعني ان اسكت وقد خولف كتاب الله وتحوكم الى الجبت والطاغوت وذلك اني شهدت هشاماً ورجل عنده يسب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت للشاب ويلك يا كافر اما اني لو تمكنت منك لاختطفت روحك وعجلتك الى النار فقال لي هشام مه عن جليسنا يا زيد فوالله ان لم يكن الا انا ويحيى ابني لخرجت عليه وجاهدته حتى افنى. وقال ابن عساكر : قال محمد ابن عمير ان ابا الحسين لما رأى الارض قد طوقت جوراً ورأى قلة الاعوان وتخاذل الناس كانت الشهادة أحب الميتات اليه فخرج وهو يتمثل بهذين البيتين :

ان المحكم ما لم يرتقب حسدا

لو يرهب السيف أو وخز القناة صفا

من عاذ بالسيف لاقى فرجة عجبا

موتاً على عجل او عاش فانتصفا

٥٥

( ثالثها ) انه كان السبب في خروجه ان خالد بن عبد الله القسري وابنه يزيد ادعيا ما لا قبل زيد وغيره لما سألهم يوسف بن عمر عن ودائعهم فكتب يوسف بذلك الى هشام فارسل هشام زيداً الى الكوفة ليجمع يوسف بينه وبين خالد فلما انقضى امر هذه الدعوى وخرج زيد من الكوفة لحقه الشيعة وحملوه على الخروج وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق قال حمزة بن ربيعة كان سبب خروج زيد بالعراق أن يوسف بن عمر سأل القسري وابنه عن ودائعهم فقالوا لنا عند داود بن علي وديعة وعند زيد بن علي وديعة فكتب بذلك الى هشام فكتب هشام الى صاحب المدينة في اشخاص زيد وكتب الى صاحب البلقاء في اشخاص داود اليه فاما داود فحلف لهشام ان لا وديعة له عندي فصدقه واذن له بالرجوع الى اهله واما زيد فأبى ان يقبل منه وانكر زيد ان يكون له عنده شيء فقال أقدم على يوسف فقدم عليه فجمع بينه وبين يزيد وخالد القسر بين فقال خالد انما هو شيء تبردت به اي ليس لي عنده شيء وانما قلت هذا لتخفيف العذاب عني فصدقه واجازه يوسف وخرج يريد المدينة فلحقه رجال من الشيعة وقالوا له ارجع فان لك عندنا الرجال والاموال فرجع.

وروى ابو الفرج في مقاتل الطالبيين باسانيده عن رواة حديثه قالوا كان أول امر زيد بن علي صلوات الله عليه ان خالد بن عبد الله القسري ادعى ما لا قبل زيد بن علي ومحمد بن عمر بن علي بن ابي طالب وداود بن علي بن عبد الله بن عباس وسعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن

٥٦

ابن عوف وايوب بن سامة المخزومي وكتب فيهم يوسف بن عمر عامل هشام على العراق الى هشام وزيد بن علي ومحمد بن عمر يومئذ بالرصافة ( الظاهر انها رصافة الشام بناها هشام بن عبد الملك ) وزيد يخاصم الحسن بن الحسن في صدقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فبعث اليهم هشام فانكروا فقال لهم هشام فانا باعثون بكم اليه يجمع بينكم وبينه فقال له زيد أنشدك الله والرحم أن لا تبعث بنا الى يوسف قال وما الذي تخاف من يوسف قال أخاف ان يتعدى علينا فكتب هشام الى يوسف اذا قدم عليك زيد وفلان وفلان فاجمع بينهم وبينه فان أقروا فسرح بهم الي وان انكروا ولم يقم بينة فاستحلفهم بعد صلاة العصر ثم اخل سبيلهم فقالوا إنا نخاف ان يتعدى كتابك قال كلا انا باعث معكم رجلا من الحرس ليأخذه بذلك حتى يفرغ ويعجل قالوا جزاك الله عن الرحم خيراً. فسرح بهم الى يوسف وهو يومئذ بالحيرة واحتبس ايوب بن سلمة لخؤلته ولم يؤخذ بشيء من ذلك فلما قدموا على يوسف أجلس زيداً قريباً منه ولاطفه في المسألة ثم سألهم عن المال فأنكروا فأخرجه يوسف اليهم وقال هذا زيد بن علي ومحمد بن عمر بن علي اللذان ادعيت قبلهما ما أدعيت قال ما لي قبلهما قليل ولا كثير قال أفبي كنت تهزأ ام بامير المؤمنين فعذبه عذاباً ظن انه قد قتله ثم اخرج زيداً واصحابه بعد صلاة العصر الى المسجد فاستحلفهم فحلفوا فخلى سبيلهم ( كان خالد القسري والياً على العراق قبل يوسف فلما ولي يوسف عذبه بامر هشام ليستخرج منه الاموال

٥٧

فادعى أن له مالا اودعه عند هؤلاء ليرفع عنه العذاب ولم يكن له عندهم شيء فلما جمعه بهم تكلم بالحقيقة ).

وقال ابن الاثير أن هشاما احضرهم من المدينة وسيرهم الى يوسف ليجمع بينهم وبين خالد فقال يوسف لزيد ان خالداً زعم انه اودعك مالا قال كيف يودعني وهو يشتم آبائي على منبره فارسل الى خالد فاحضره في عباءة فقال هذا زيد قد انكر انك اودعته شيئاً فقال خالد ليوسف أتريد مع اثمك في اثماً في هذا كيف اودعه وانا اشتمه واشتم آباءه على المنبر فقالوا لخالد ما دعاك الى ما صنعت قال شدد علي العذاب فادعيت ذلك وأملت ان يأتي الله بفرج قبل قدومكم فرجعوا وأقام زيد وداود بالكوفة وقيل ان يزيد بن خالد القسري هو الذي ادعى المال وديعة عند زيد.

قال ابن عساكر : قال مصعب بن عبد الله : كان هشام بعث الى زيد والى داود بن علي وأتهمهما أن يكون عندهما مال لخالد ابن عبد الله القسري حين عزله فقال كثير بن كثير بن المطلب ابن وداعة السهمي حين اخذ داود وزيد بمكة :

يأمن الظبي والحمام ولا يأ

من ابن النبي عند المقام

طبت بيتاً وطاب اهلك اهلا

أهل بيت النبي والاسلام

رحمة الله والسلام عليكم

كلما قام قائم بسلام

حفظوا خاتماً وجزء رداء

وأضاعوا قرابة الارحام

قال ويقال ان زيداً بينما كان بباب هشام في خصومة عبد الله

٥٨

ابن حسن في الصدقة ورد كتاب يوسف بن عمر في زيد وداود ابن علي ومحمد بن عمر بن علي بن ابي طالب وايوب بن سلمة فحبس زيداً وبعث الى اولئك فقدم بهم ثم حملهم الى يوسف بن عمر غير ايوب فانه اطلقه لانه من اخواله وبعث يزيد الى يوسف بن عمر بالكوفة فاستحلفه ما عنده لخالد مال وخلى سبيله حتى اذا كان بالقادسية لحقته الشيعة فسألوه الرجوع معهم والخروج ففعل وقتل وانهزم اصحابه وفي ذلك يقول سلمة بن الحر بن يوسف بن الحكم :

وامتنا جحاجح من قريش

فامسى ذكرهم كحديث امس

وكنا اس ملكهم قديماً

وما ملك يقوم بغير اس

ضمنا منهم ثكلا وحزناً

ولكن لا محالة من تأس

والاختلاف بين هذه الاخبار ظاهر. فالخبر الاول دل على ان زيداً كان بالمدينة وداود بالبلقاء والخبر الثاني دل على ان زيداً ومحمد ابن عمر كانا بالرصافة بالشام. والخبر الثالث دل على ان الجميع كانوا بمكة والخبر الرابع دل على ان هشاماً هو الذي اتهم زيداً وداود بالمال وأنهما كانا بمكة وانه حبس زيداً.

وقال ابن الاثير في الكامل ان المال الذي ادعاه خالد على زيد كان ثمن ارض ابتاعها خالد من زيد ثم ردها عليه فذكر في حوادث سنة ١٢١ قيل ان زيداً قتل فيها وقيل في سنة ١٢٢ وقيل في سبب خلافه ان زيداً وداود بن علي بن عبد الله بن عباس ومحمد بن عمر بن علي ابن ابي طالب قدموا على خالد بن عبد الله القسري بالعراق فاجازهم ورجعوا

٥٩

الى المدينة فلما ولي يوسف بن عمر كتب الى هشام بذلك وذكر ان خالد بن عبد الله ابتاع من زيد ارضاً بالمدينة بعشرة آلاف دينار ثم رد الارض عليه فكتب هشام الى عامل المدينة ان يسيرهم اليه ففعل فسألهم هشام عن ذلك فاقروا بالجائزة وانكروا ما سوى ذلك وحلفوا فصدقهم وامرهم بالمسير الى العراق ليقابلوا خالداً فساروا على كره وقابلوا خالداً فصدقهم فعادوا نحو المدينة فلما نزلوا القادسية راسل اهل الكوفة زيداً فعاد اليهم.

قال ابو الفرج في روايته فاقام زيد بعد خروجه من عند يوسف بالكوفة اياماً وجعل يوسف يستحثه حتى خرج واتى القادسية ثم ان الشيعة لقوة فقالوا اين تخرج عنا رحمك الله ومعك مائة الف سيف من اهل الكوفة والبصرة وخراسان يضربون بني أمية بها دونك وليس قبلنا من اهل الشام الا عدة يسيرة فابى عليهم فقال له محمد ابن عمر بن علي بن ابي طالب اذكرك الله يا ابا الحسين لما لحقت باهلك ولم تقبل قول احد من هؤلاء فانهم لا يفون لك أليسوا أصحاب جدك الحسين بن عليعليهما‌السلام فأبى ان يرجع فما زالوا يناشدونه حتى رجع بعد ان اعطوه العهود والمواثيق. وقال ابن الاثير فقال له محمد ابن عمر بن علي بن ابي طالب اذكرك الله يا زيد لما لحقت باهلك ولا ترجع اليهم فانهم لا يفون لك فلم يقبل وقال له خرج بنا اسراء على غير ذنب من الحجاز الى الشام ثم الى الجزيرة ثم الى العراق الى تيس ثقيف يلعب بنا ثم قال :

٦٠