دراسة في السند زيارة عاشورا

دراسة في السند زيارة عاشورا0%

دراسة في السند زيارة عاشورا مؤلف:
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
تصنيف: دراسات
الصفحات: 292

دراسة في السند زيارة عاشورا

مؤلف: جعفر التبريزي
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
تصنيف:

الصفحات: 292
المشاهدات: 123422
تحميل: 5000

توضيحات:

دراسة في السند زيارة عاشورا
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 292 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 123422 / تحميل: 5000
الحجم الحجم الحجم
دراسة في السند زيارة عاشورا

دراسة في السند زيارة عاشورا

مؤلف:
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
العربية

١٠ - إن من مسلمات الدين هو الاعتقاد بوجود عذاب القبر والقيامة ونار جهنم، وقد أوضحت الروايات أن وقوع ذلك من الحتميات، ولذا يسعى المؤمن دائماً إلى أن يدفع عن نفسه هذه العقوبات الإلهية، وتشير الروايات إلى أن أفضل الطرق لتجنب ذلك هو زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام فهي ضمان للخلاص من عذاب القبر ومن نار جهنم والنجاة يوم القيامة:

«عن أبى بصير قال: سمعت أبا عبدالله ؛ أو ابا جعفر عليهما‌السلام يقول: من أحبّ أن يكون مسكنه الجنّة ومأواه الجنة فلا يدع زيارة المظلوم، قلت: من هو؟ قال: الحسين بن على عليهما‌السلام صاحب كربلا، من أتاه شوقاً إليه وحبّاً لرسول الله وحبّاً لفاطمة وحبّاً لأميرالمؤمنين، أقعده الله على موائد الجنّة، يأكل معهم والناس في الحساب ؛(١)

__________________

(١) كامل الزيارات، ص ٢٦١، ح ٣٩٣ ؛ ص ٢٦٩، ح ٤١٦ ؛ وسائل الشيعه، ج ١٤، ص ٤٩٦.

٢١

«عن عبدالله بن زرارة قال: سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول: انّ لزوار الحسين بن على عليهما‌السلام يوم القيامة فضلاً على الناس، قلت: وما فضلهم؟ قال: يدخلون الجنّة قبل الناس بأربعين عاماً وسائر الناس في الحساب والموقف ؛(١)

«عن حُذيفة بن منصور قال: قال أبو عبدالله عليه‌السلام : من زار قبر الحسين عليه‌السلام لله وفى الله، اعتقه الله من النار وآمنه يوم الفزع الأكبر، ولم يسأل الله تعالى حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاّ أعطاه ؛(٢)

«عن ابى اسامة زيد الشحام قال: سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول: من أتى قبر الحسين عليه‌السلام تشوّقاً اليه كتبه الله من الآمنين يوم القيامة، واعطى كتابه بيمينه، وكان تحت لواء الحسين (عليه

__________________

(١) كامل الزيارات، ص ٢٦٢، ح ٣٩٥ ؛ وسائل الشيعه، ج ١٤، ص ٤٢٥.

(٢) كامل الزيارات، ص ٢٧٦، ح ٤٣٠ ؛ وسائل الشيعه، ج ١٤، ص ٤٩٩.

٢٢

السلام) حتّى يدخل الجنة، فيسكنه في درجته ان الله سميع عليم »(١) .

ونحن عازمون على دراسة الأحاديث الشريفة الواردة في شأن زيارة عاشوراء وكذلك سنقوم بحول الله تعالى بدراسة سند هذه الزيارة العظيمة في هذا الكتيّب الذي بين يديك.

* * *

__________________

(١) كامل الزيارات، ص ٢٧٠، ح ٤١٨ ؛ وسائل الشيعه، ج ١٠، ص ٣٨٨، ح ٤.

٢٣

مشروعية البكاء على الإمام الحسينعليه‌السلام

عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قال الرضاعليه‌السلام : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم ترع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حرمة في أمرنا. إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا، بأرض كرب وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء، إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء يحط الذنوب العظام. ثم قالعليه‌السلام : كان أبي ( صلوات الله عليه ) إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين ( صلوات الله عليه )(١) .

__________________

(١) أمالي الصدوق، ص ١٩٠.

٢٤

بكاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لمصاب الحسينعليه‌السلام

وعن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : زارنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد أهدت لنا أم أيمن لبنا وزبدا وتمرا، فقدمنا منه، فأكل ثم قام إلى زاوية البيت، فصلى ركعات، فلما كان في آخر سجوده بكى بكاء شديدا، فلم يسأله أحد منا اجلالا واعظاما له، فقام الحسينعليه‌السلام وقعد في حجره فقال: يا ابه لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشئ كسرورنا بدخولك ثم بكيت بكاء غمنا، فما أبكاك، فقال: يا بني أتاني جبرئيلعليه‌السلام آنفا فأخبرني انكم قتلي وان مصارعكم شتى. فقال: يا ابه فما لمن يزور قبورنا على تشتتها، فقال: يا بني أولئك طوائف من أمتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة، وحقيق علي ان اتيهم يوم القيامة حتى أخلصهم من أهوال الساعة ومن ذنوبهم، ويسكنهم الله الجنة(١)

__________________

(١) كامل الزيارات، ص ١٢٥.

٢٥

وما رواه عبد الله ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: دخلت فاطمةعليها‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعيناه تدمع، فسألته: مالك، فقال: ان جبرئيلعليه‌السلام أخبرني ان أمتي تقتل حسينا، فجزعت وشق عليها، فأخبرها بمن يملك من ولدها، فطابت نفسها وسكنت(١)

وما رواه المعلي بن خنيس، قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أصبح صباحا فرأته فاطمة باكيا حزينا، فقالت: مالك يا رسول الله، فأبي ان يخبرها، فقالت: لا آكل ولا اشرب حتى تخبرني، فقال: ان جبرئيلعليه‌السلام أتاني بالتربة التي يقتل عليها غلام لم يحمل به بعد، ولم تكن تحمل بالحسينعليه‌السلام ، وهذه تربته(٢) .

__________________

(١) نفس المصدر.

(٢) المصدر السابق، ص ١٣٢.

٢٦

بكاء اميرالمؤمنينعليه‌السلام على الامام الحسينعليه‌السلام

روى الشيخ الصدوق في أماليه بسنده عن ابن عباس، قال: كنت مع أمير المؤمنينعليه‌السلام في خروجه إلى صفين، فلما نزل بنينوى وهو شط الفرات، قال بأعلى صوته: يا بن عباس، أتعرف هذا الموضع؟ فقلت له: ما أعرفه، يا أمير المؤمنين. فقال عليعليه‌السلام : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي. قال: فبكى طويلا حتى اخضلت لحيته وسالت الدموع على صدره، وبكينا معا، وهو يقول: أوه أوه، مالي ولآل أبي سفيان، مالي ولآل حرب، حزب الشيطان، وأولياء الكفر، صبرا - يا أبا عبد الله - فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم(١) .

وقال العلامة المجلسيرحمه‌الله : وروي في بعض الكتب المعتبرة عن لوط بن يحيى، عن عبد الله بن قيس قال: كنت مع من غزى مع أمير المؤمنينعليه‌السلام في صفين وقد أخذ أبو أيوب الأعور السلمي الماء وحرزه عن الناس فشكى المسلمون العطش فأرسل فوارس على كشفه فانحرفوا خائبين،

__________________

(١) أمالي الصدوق، ص ٦٩٤.

٢٧

فضاق صدره، فقال له ولده الحسينعليه‌السلام أمضي إليه يا أبتاه؟ فقال: امض يا ولدي، فمضى مع فوارس فهزم أبا أيوب عن الماء، وبنى خيمته وحط فوارسه، وأتى إلى أبيه وأخبره. فبكى عليعليه‌السلام فقيل له: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ وهذا أول فتح ببركة الحسينعليه‌السلام فقال: ذكرت أنه سيقتل عطشانا بطف كربلا، حتى ينفر فرسه ويحمحم ويقول: « الظليمة الظليمة لأمة قتلت ابن بنت نبيها »(١)

بكاء الصديقة الزهراءعليها‌السلام على الحسينعليه‌السلام

عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام أحدثه، فدخل عليه ابنه فقال له: مرحبا، وضمه وقبله، وقال: حقر الله من حقركم وانتقم ممن وتركم، وخذل الله من خذلكم ولعن الله من قتلكم، وكان الله لكم وليا وحافظا وناصرا، فقد طال بكاء النساء وبكاء الأنبياء والصديقين والشهداء وملائكة السماء. ثم بكى وقال: يا أبا بصير إذا نظرت إلى ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أتى إلى أبيهم

__________________

(١) بحار الأنوار، ج ٣٣ ص ٢٦٦.

٢٨

واليهم، يا أبا بصير ان فاطمةعليهما‌السلام لتبكيه وتشهق فتزفر جهنم زفرة لولا أن الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدوا لذلك مخافة ان يخرج منها عنق أو يشرد دخانها فيحرق أهل الأرض فيكبحونها ما دامت باكية ويزجرونها ويوثقون من أبوابها مخافة على أهل الأرض، فلا تسكن حتى يسكن صوت فاطمة. وان البحار تكاد ان تنفتق فيدخل بعضها على بعض، وما منها قطرة الا بها ملك موكل، فإذا سمع الملك صوتها أطفأ نارها بأجنحته، وحبس بعضها على بعض مخافة على الدنيا وما فيها ومن على الأرض، فلا تزال الملائكة مشفقين، يبكونه لبكائها، ويدعون الله ويتضرعون إليه، ويتضرع أهل العرش ومن حوله، وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس لله مخافة على أهل الأرض، ولو أن صوتا من أصواتهم يصل إلى الأرض لصعق أهل الأرض، وتقطعت الجبال وزلزلت الأرض باهلها. قلت: جعلت فداك ان هذا الامر عظيم، قال: غيره أعظم منه ما لم تسمعه، ثم قال لي: يا أبا بصير اما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمةعليهما‌السلام ، فبكيت حين قالها فما قدرت على المنطق، وما قدرت على كلامي من البكاء، ثم قام إلى المصلي يدعو، فخرجت من عنده على تلك الحال،

٢٩

فما انتفعت بطعام وما جاءني النوم، وأصبحت صائما وجلا حتى أتيته، فلما رأيته قد سكن سكنت، وحمدت الله حيث لم تنزل بي عقوبة(١)

بكاء الإمامين الحسن والحسينعليهما‌السلام

عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا التفت إلينا فبكى، فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: أبكي مما يصنع بكم بعدي. فقلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: أبكي من ضربتك على القرن، ولطم فاطمة خدها، وطعنة الحسن في الفخذ، والسم الذي يسقى، وقتل الحسين. قال: فبكى أهل البيت جميعا، فقلت: يا رسول الله، ما خلقنا ربنا إلا للبلاء! قال: ابشر يا علي، فإن الله عز وجل قد عهد إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق(٢)

__________________

(١) كامل الزيارات، ص ١٦٩.

(٢) أمالي الصدوق، ص ١٩٧.

٣٠

بكاء الإمام السجادعليه‌السلام

عن أبي داود المسترق، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: بكى علي بن الحسين على أبيه حسين بن عليعليهما‌السلام عشرين سنة أو أربعين سنة، وما وضع بين يديه طعاما الا بكى على الحسين، حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا بن رسول الله اني أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله واعلم من الله مالا تعلمون، اني لم أذكر مصرع بني فاطمة الا خنقتني العبرة لذلك(١)

بكاء الإمام الباقرعليه‌السلام على الإمام الحسينعليه‌السلام

الكميت بن أبي المستهل قال: دخلت على سيدي أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام فقلت: يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم أبياتا أفتأذن لي في إنشادها. فقال: إنها أيام البيض. قلت: فهو فيكم خاصة. قال: هات، فأنشأت أقول:

__________________

(١) كامل الزيارات، ص ٢١٣.

٣١

أضحكني الدهر وأبكاني

والدهر ذو صرف وألوان

لتسعة بالطف قد غودروا

صاروا جميعا رهن أكفان

فبكىعليه‌السلام وبكى أبو عبد الله وسمعت جارية تبكي من وراء الخباء، فلما بلغت إلى قولي:

وستة لا يجارى بهم

بنو عقيل خير فتيان

ثم علي الخير مولاكم

ذكرهم هيج أحزاني

 فبكى ثم قالعليه‌السلام : ما من رجل ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينيه ماء ولو قدر مثل جناح البعوضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة وجعل ذلك حجابا بينه وبين النار، فلما بلغت إلى قولي:

من كان مسرورا بما مسكم

أو شامتا يوما من الآن

فقد ذللتم بعد عز فما

أدفع ضيما حين يغشاني

 أخذ بيدي وقال: اللهم اغفر للكميت ما تقدم من ذنبه وما تأخر(١)

__________________

(١) كفاية الأثر، ٢٤٨ - ٢٤٩.

٣٢

بكاء الإمام الصادقعليه‌السلام على الإمام الحسينعليه‌السلام

عن أبي هارون المكفوف، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا أبا هارون أنشدني في الحسينعليه‌السلام ، قال: فأنشدته، فبكى، فقال: أنشدني كما تنشدون - يعني بالرقة - قال: فأنشدته:

امرر على جدث الحسين

فقل لأعظمه الزكية

 قال: فبكى، ثم قال: زدني، قال: فأنشدته القصيدة الأخرى، قال: فبكى، وسمعت البكاء من خلف الستر، قال: فلما فرغت قال لي: يا أبا هارون من أنشد في الحسينعليه‌السلام شعرا فبكى وأبكى عشرا كتبت له الجنة، ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى وأبكى خمسة كتبت له الجنة، ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى وأبكى واحدا كتبت لهما الجنة، ومن ذكر الحسينعليه‌السلام عنده فخرج من عينه من الدموع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على الله ولم يرض له بدون الجنة(١) .

__________________

(١) كامل الزيارات، ص ٢٠٤.

٣٣

بكاء الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام

روى الشيخ الصدوقرحمه‌الله بسنده عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قال الرضاعليه‌السلام : إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم ترع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حرمة في أمرنا. إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا، بأرض كرب وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء، إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء يحط الذنوب العظام. ثم قالعليه‌السلام : كان أبي ( صلوات الله عليه ) إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين ( صلوات الله عليه )(١) .

__________________

(١) أمالي الصدوق، ص ١٩٠.

٣٤

بكاء الإمام الرضاعليه‌السلام على الإمام الحسينعليه‌السلام

يقول دعبل الخراعي قال: دخلت على سيدي ومولاي علي بن موسى الرضاعليه‌السلام في مثل هذه الأيام فرأيته جالسا جلسة الحزين الكئيب، وأصحابه من حوله، فلما رآني مقبلا قال لي: مرحبا بك يا دعبل مرحبا بناصرنا بيده ولسانه، ثم إنه وسع لي في مجلسه وأجلسني إلى جانبه، ثم قال لي: يا دعبل أحب أن تنشدني شعرا فان هذه الأيام أيام حزن كانت علينا أهل البيت، وأيام سرور كانت على أعدائنا خصوصا بني أمية، يا دعبل من بكى وأبكى على مصابنا ولو واحدا كان أجره على الله يا دعبل من ذرفت عيناه على مصابنا وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا، يا دعبل من بكى على مصاب جدي الحسين غفر الله له ذنوبه البتة، ثم إنهعليه‌السلام نهض، وضرب سترا بيننا وبين حرمه، وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدهم الحسينعليه‌السلام ثم التفت إلي وقال لي: يا دعبل ارث الحسين فأنت ناصرنا ومادحنا ما دمت حيا، فلا تقصر عن نصرنا ما استطعت، قال دعبل: فاستعبرت وسالت عبرتي وأنشأت أقول:

٣٥

أفاطم لو خلت الحسين مجدلا

وقد مات عطشانا بشط فرات

إذا للطمت الخد فاطم عنده

وأجريت دمع العين في الوجنات

أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي

نجوم سماوات بأرض فلاة

قبور بكوفان وأخرى بطيبة

وأخرى بفخ نالها صلواتي

قبور ببطن النهر من جنب كربلا

معرسهم فيها بشط فرات

توافوا عطاشى بالعراء فليتني

توفيت فيهم قبل حين وفاتي

إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم

سقتني بكأس الثكل والفضعات

إذا فخروا يوما أتوا بمحمد

وجبريل والقرآن والسورات

وعدوا عليا ذا المناقب والعلا

وفاطمة الزهراء خير بنات

وحمزة والعباس ذا الدين والتقى

وجعفرها الطيار في الحجبات

أولئك مشؤومون هندا وحربها

سمية من نوكى ومن قذرات

هم منعوا الآباء من أخذ حقهم

وهم تركوا الأبناء رهن شتات

سأبكيهم ما حج لله راكب

وما ناح قمري على الشجرات

فيا عين بكيهم وجودي بعبرة

فقد آن للتسكاب والهملات

بنات زياد في القصور مصونة

وآل رسول الله منهتكات

وآل زياد في الحصون منيعة

وآل رسول الله في الفلوات

ديار رسول الله أصبحن بلقعا

وآل زياد تسكن الحجرات

وآل رسول الله نحف جسومهم

وآل زياد غلظ القصرات

وآل رسول الله تدمى نحورهم

وآل زياد ربة الحجلات

وآل رسول الله تسبى حريمهم

وآل زياد آمنوا السربات

٣٦

إذا وتروا مدوا إلى واتريهم

أكفا من الأوتار منقبضات

سأبكيهم ما ذر في الأرض شارق

ونادى منادي الخير للصلوات

وما طلعت شمس وحان غروبها

وبالليل أبكيهم وبالغدوات

بكاء الإمام المهدي (عج) على جده الحسينعليه‌السلام

فقد خاطب جده الحسينعليه‌السلام كما جاء في زيارة الناحية المقدسة: « فلأندبنك صباحا ومساءا ولأبكين لك بدل الدموع دما، حسرة عليك، وتأسفاً على ما دهاك، وتلهفا، حتى أموت بلوعة المصاب، وغصة الاكتئاب »(١)

* * *

__________________

(١) المزار الكبير، ص ٤٩٦.

٣٧

حديث زيارة عاشوراء

يقول الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في كتابه (مصباح المتهجد):

« روي محمد بن اسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من زار الحسين بن علىعليهما‌السلام في يوم عاشوراء [ من المحرم ](١) حتى يظل عنده باكيا، لقى الله عز وجل يوم(٢) يلقاه بثواب ألفي(٣) حجة وألفي عمرة وألفى غزوة، ثواب كل غزوة وحجة وعمرة كثواب من حج واعتمر وغزى مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومع الائمة الراشدين ؛ « قال: قلت: جعلت فداك فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيه ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟ قال: إذا كان كذلك برز إلى الصحراء أو صعد سطحا مرتفعا فى داره، وأومأ إليه بالسلام، واجتهد في الدعاء على قاتله وصلى بعده ركعتين، وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن

__________________

(١) ما بين المعقوفتين مأخوذ عن كامل الزيارات.

(٢) يوم القيامة.

(٣) وفي كامل الزيارات « الفى الف حجة والفى الف عمرة و ».

٣٨

تزول الشمس، ثم ليندب الحسينعليه‌السلام ويبكيه ويأمر من في داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه، وليعز بعضهم بعضاً بمصابهم بالحسينعليه‌السلام وأنا الضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله تعالى جميع ذلك، قلت: جعلت فداك أنت الضامن ذلك لهم والزعيم؟ قال: أنا الضامن وأنا الزعيم لمن فعل ذلك ؛ « قلت: فكيف يعزى بعضنا بعضا؟ قال: تقولون: أعظم الله أجورنا بمصابنا بالحسينعليه‌السلام وجعلنا وإياكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدى من آل محمدعليهم‌السلام . وإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل فإنه يوم نحس لا تقضى فيه حاجة مؤمن، فإن قضيت لم يبارك له فيها ولم ير فيها رشدا، ولا يدخرن أحدكم لمنزله فيه شيئا، فمن ادخر في ذلك اليوم شيئاً لم يبارك له فيما ادخره ولم يبارك له في أهله. فإذا فعلوا ذلك كتب الله تعالى لهم ثواب ألف حجة وألف عمرة وألف غزوة كلها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان له أجر وثواب مصيبة كل نبي ورسول ووصى وصديق وشهيد مات أو قتل منذ خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة »(١) . « قال صالح بن

__________________

(١) مصباح المتهجد، ص ٥٣٦، طبعة بيروت.

٣٩

عقبة وسيف بن عميرة: قال علقمة بن محمد الحضرمى قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : علمنى دعاء ادعو به في ذلك اليوم إذا انا زرته من قرب، ودعاء أدعو به إذا لم ازره من قرب، وأو مات من بعد البلاد ومن دارى بالسلام اليه، قال: فقال لي: يا علقمة إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومئ اليه بالسلام فقل بعد الإيماء اليه ومن بعد التكبير هذا القول، فانك اذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو به من زواره من الملائكة، وكتب الله لك الف الف درجة، وكنت كمن استشهد مع الحسينعليه‌السلام حتى تشاركهم فى درجاتهم، ولا تعرف إلاّ في الشهداء الّذين استشهدوا معه، وكتب لك ثواب زيارة كل نبى وكل رسول وزيارة كل من زار الحسينعليه‌السلام منذ يوم قتلعليه‌السلام وعلى أهل بيته ؛(١)

__________________

(١) مصباح المتهجد، ص ٥٣٦ ؛ ووردت هذه الرواية في كامل الزيارات ولكن مع اختلاف يسير.

٤٠