الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)

الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)0%

الزهراء سيدة نساء العالمين (ع) مؤلف:
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 173

الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
تصنيف: الصفحات: 173
المشاهدات: 65112
تحميل: 7285

توضيحات:

الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 173 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 65112 / تحميل: 7285
الحجم الحجم الحجم
الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)

الزهراء سيدة نساء العالمين (ع)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أبداً في تقديم ( شيء ذي مزايا عديدة ) على ( شيء فاقد لجميعها ).

فهل يا ترى سمعتم أنّ شخصاً عند انتخابه لمعلّم ما، يقوم بترجيح الطالب على الأستاذ؟ أو عند معالجة مرض ما أن يفضِّل طبيباً عادياً قليل الخُبرة على طبيب كبير عظيم الخُبرة والتجربة؟ ( دون أن تُؤخذ خواص أخرى بنظر الاعتبار ) عند انتخاب قائد معيّن، إذا تجاهلنا ذوي التجربة والتدبير والإدارة، واتجهنا صوب الجُدد ذوي التجربة القليلة، عندها سيشكّ الجميع بصحة عقولنا وسلامتها.

حتى أولئك الذين لا يعتقدون بقبح هذه المسألة ( ترجيع ( المرجوح ) على ( الراجح ) )، لا يتجاهلون هذا المبدأ في أداء أعمالهم أبداً، بل يعملون دائماً على ترجيح الأحسن، مثلاً عند شرائهم لفاكهة معيّنة، فهل يتركون الجيد منها ويبتاعون الرديء وغير الناضج منها؟ أو عند اختيار صديق ما، فهل يفضّلون الأشخاص الأشرار ذوي الصيت السيء على النزيهين والأخيار؟ كما أنّ من المستحيل أن يُفضّل الإنسان الماء الآسِن على الماء الزّلال، وإن وُجد شخص يفعل ذلك فلا ترديد في كونه ناقص العقل.

نعم، تُعمي وتصمّ المنافع المادية أحياناً بصرَ وسمعَ الإنسان بشكل تُنسيه منافعه الحقيقية، عندها يؤدّي الإنسان عملاً يدفعه إلى تقديم ( المتأخّر ) على ( المتقدم )، وقد اعتمد القرآن الكريم على هذا المعنى في تأنيبه للكفار والمشركين، الّذين لوّثوا أنفسهم بهذا العلم القبيح المرفوض، حيث نقرأ:

( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (1) .

تضيف السيدة الرشيدة وابنة النبي الكريم ( صلّى الله عليه وآله ) في هذا القسم ( القسم الثالث )

____________________

1. سورة يونس، آية 35.

١٦١

من خطبتها الغرّاء المؤلمة مشيرةً إلى هذا المعنى:

يا معشر المهاجرين والأنصار، لِمَ خذلتم مَن كان له السّبق في الإسلام، وأوّل مَن بايع الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) من الرجال، واتّبعتم مَن ليس له من هذا الافتخار أي نصيب، ( بل وسجد للأصنام حتى بعد بزوغ شمس الإسلام )؟.

لِمَ أبعدتم مَن هو ( بابٌ ) لمدينة علم النبي ( صلّى الله عليه وآله )، والأقدر على التحكيم والقضاء استناداً إلى حديث الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) المشهور ( أقضاكم علي )، وسرتم خلف مَن لا يملك شيئاً من ذلك العلم وتلك المعرفة؟.

لقد تجاوزتم بعملكم هذا القانون الصريح ( بترجيح ( الراجح ) على ( المرجوح ) )، وتناسيتم حكم القرآن في هذا الأمر ( مضمون الآية التي ذُكرت أعلاه )(1) .

تعجّب سيدة الإسلام ( عليها السلام ) من هذا الأمر بشدّة، وتصف الدنيا بـ ( عالم العجائب ) الذي يعلّم الإنسان في كل يوم - ينقضي من عمره - درساً جديداً.

تتساءل بعدها عن الدليل، الذي دفع هذه المجموعة التي يبدو عليها العقل والتدبير إلى تغيير محور الخلافة، واختيار الآخرين ليحلُّوا محل علي بن أبي طالب ( عليه السلام )، ولأيٍّ من الوثائق استندوا؟ وكيف تجاهلوا ميزات علي ( عليه السلام ) الواضحة، وقدّموا المرجوح عليه؟! وتستعين في نهاية هذا القسم بالآيات التي تتحدث عن مصير هؤلاء الناس:

( لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) (2) .

( وبِئْسَ لِلْظّالمينَ بدلاً ) (3) .

____________________

1. الأعجبُ من كل ذلك قول ابن أبي الحديد في خطبة كتابه، حيث يقول، ( الحمد لله الذي قدّم المفضول على الفاضل )!!.

2. سورة الحج، آية 13.

3. سورة الكهف، آية 50.

١٦٢

القسم الرابع

( أَما لَعمري، لقد لُقّحت، فنظرةٌ ريثما تُنتج، ثمّ احتلبوا مِلاء القعب دماً عبيطاً، وذُعافاً مبيداً ( هنالك يخسر المُبطلون ) ويعرف التّالون غِبَّ ما أسَّس الأوّلون، ثمّ طيبوا عن دنياكم أَنفساً، واطمأنوا للفتنة جأشاً.

وأبشروا بسيفٍ صارمٍ، وسطوةِ معتدٍ غاشمٍ، وهَرجٍ شاملٍ، واستبدادٍ من الظالمين يدع فيئكم زهيداً، وجمعكم حصيداً، فيا حسرةً لكم، وأنّى بكم وقد( عُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) ).

التفسير:

الاختيار الخاطئ وثمرته المشؤومة

يعتقد الكثير من الناس أنّ تناسيهم للوقائع يجعلها تنساهم هي الأخرى ولن تأخذهم بجلابيبهم.

هكذا يظنون، يمكن الحصول على ثمر جيّد من خلال زرع بذرة فاسدة.

نعم لن يمضِ وقتٌ طويل حتى تتهاوى ظنونهم، كما يتهاوى البناء الذي هرَّأ الدود أركانه، أو كما تزول الفقاعات من على سطح الماء، أو كالطيف الذي يتلاشى باستيقاظ النائم، عندها يرى الصورة البشعة

١٦٣

المشؤومة للواقع الذي نتج عن اختياره الخاطئ، وسيتذوّق مرارة الأحداث التي سيفرزها عمله الطائش.

نعم، هذا هو قانون الوجود الذي سيحكم البشرية كما حكمها في جميع مراحلها التاريخية بكل قدرته، وهو أن يرى المخطئ نتيجة وعاقبة عمله، ويبدّل طعم حياته الرائع في نفسه إلى حنظل، وأحلامه الجميلة إلى كابوس موحش.

تركّز سيدة الإسلام ( عليها السلام ) في القسم الرابع من خطبتها على هذا المعنى، حيث تفصح عمّا سيواجهونه نتيجة عملهم المشؤوم:

سيحمل جملُ الخلافة بعد انحراف مسيره سريعاً، وسيعانق الأرض منه مولودٌ عجيب الخلقة، عِوض من أن تشربوا حليبه السائغ الهنيء، ستُناوَلون كؤوساً مليئةً بدم جديد، يملأ أقداح قلوبكم! و سيُصَبُّ في فيكم السُّم المميت بدل اللبن الخالص.

وبالتدريج سيأتي دور ظلاّم التاريخ وأبناء وأحفاد ( أبي سفيان ) و ( الحجّاج ) و ( الأشاعثة )، ومَن هو أسوأ منهم، الذين سيُسلّطون سيوفهم على رقابكم ورقاب أبنائكم، وسيحصدون ثمار حياتكم بمنجلهم المميت.

سوف لن يكتفوا بسرقة أموالكم وسبي نسائكم، وإنّما سيُقيمون فيكم قتلاً جماعياً متكرّراً، تتلوّن على أثره الأرض بلون دمائكم، بما في ذلك أرض مسجد النبي الكريم ( صلّى الله عليه وآله ).

نعم، فسيعملون فيكم وفي أبنائكم القتل في داخل المسجد الشريف ثاني الحرمين الآمنين، حتى يطفح صحن المسجد بالدم، بل وسيهتكون حرمة بيت الله الحرام بقصفه بالحجارة بواسطة المنجنيق، وسيتلقّفوكم بسيوفهم في داخله وخارجه!

١٦٤

لقد حلّق بكم الخيال بعيداً، فظننتم أنَّ أعذاركم الواهية في تخليكم عن نصرة الحق، والدفاع عن خليفة الرسول ( صلّى الله عليه وآله )، سينجيكم من الجزاء الإلهي بسهولة، وستفرّون عندها من عواقب أعمالكم السيئة، هيهات، فذلك تصوّرٌ باطل! هيهات، فذلك خيالٌ محال!

واليوم... نعم في هذا اليوم وعندما نتفحّص صفحات التاريخ المنصرم، ندرك أكثر من أي وقت حقيقة وواقعية حديث الزهراء ( عليها السلام ) ذا المحتوى القيّم، فما أتعس العواقب التي حلّت بالمسلمين نتيجة انحراف محور الخلافة عن مسارها الأصلي، وكيف أصبحت أرواحهم وأموالهم وأعراضهم، والأكثر من ذلك قوانين وأحكام ومقدسات الإسلام لعبةً بيد وَرَثة أحزاب الجاهلية؟!

لم يرحم أعوان بني أميّة الكبير ولا الصغير.

لم يراعوا حَرمَ رسول الله ولا احترام بيت الله ( سبحانه وتعالى ).

لم يكنّوا احتراماً للمهاجرين وكذا للأنصار.

فيوصي واحدٌ من أبناء ( آل سفيان ) إلى مَن حوله:

تلقَّفوها يا بني أميّة تلقّف الكرة، فوَالّذي يحلف به أبو سفيان ما مِن جنَّة و لا نار.

فماذا أكثر من ذلك!

لذا يقول معاوية بن أبي سفيان أيضاً:

ما قاتلكم لتُصلّوا ولا لتصوموا... بل قاتلتكم لأتأمَّر عليكم.

والأسوأ من ذلك تلك القصة التي ينقلها العالم المعتزلي المعروف ( ابن أبي الحديد ) في شرح نهج البلاغة حيث يقول:

( وقد طعن كثيرٌ من أصحابنا في دين معاوية، ولم يقتصروا على

١٦٥

تفسيقه، وقالوا عنه إنّه كان ملحداً لا يعتقد النبوة، ونقلوا عنه في فلتات كلامه وسقطات ألفاظه ما يدل على ذلك.

وروى الزبير بن بكّار في ( الموفقيّات )، وهو غير متهم على معاوية، ولا منسوب إلى اعتقاد الشيعة، لِما هو معلوم من حاله من مجانبة علي ( عليه السلام )، والانحراف عنه: قال المطرّف بن المغيرة بن شعبة: دخلت مع أبي على معاوية، وكان أبي يأتيه، فيتحدث معه ثمّ ينصرف إليّ فيذكر معاوية وعقله، ويُعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء، ورأيته مغتمّاً فانتظرته ساعةً، وظننت أنّه لأمر حدث فينا، فقلت: مالي أراك مغتمّاً منذ الليلة؟

فقال: يا بُني، جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم، قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له وقد خلوت به: إنّك قد بلغت سنّاً يا أمير المومنين، فلو أظهرت عدلاً، وبسطت خيراً، فإنّك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم، فوصلت أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شيءٌ تخافه، وإنَّ ذلك ممّا يبقى لك ذكره وثوابه، فقال: هيهات هيهات! أيُّ ذكر أرجو بقاءه!

مَلك أخو تَيم فعدل، ( إشارةً للخليفة الثاني ) وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلاّ أن يقول قائل: أبو بكر: ثمّ ملك أخو عَدي، فاجتهد وشهّر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلاّ أن يقول قائل: عمر، وإنَّ ابن أبي كبشة ( إشارةً إلى الرسول الكريم ( صلّى الله عليه وآله ) ) ليُصاح به كل يوم خمس مرات: ( أشهد أنَّ محمّداً رسول الله )، فأيُّ عمل يبقى؟ وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أباً لك! لا والله إلاّ دفناً دفناً )(1) .

وبعدها مباشرةً يقوم يزيد حفيد أبو سفيان برفع الستار، ونشر نعرته المستهترة علناً حيث يقول:

____________________

1. شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد، ج5،ص129.

١٦٦

لَعِبَت هاشمُ بالمـُلْكِ فَلا

خبرٌ جاءَ ولا وحيٌ نَزَلْ

وبهذا الشكل بانَ وتأكّدَ ذلك الكفر والإجرام، الذي نطق به أبو سفيان.

إنّ حالة السجون الأمويّة والتعذيب القاسي، الذي سلّطه الأمويون على سجنائهم، لم يسوّد صفحات تاريخ الإسلام فحسب، بل وحتى تاريخ البشرية، وهذا مصداق مقولة سيدة الإسلام ( عليها السلام ).

نعم، فقد كانت حوادث المستقبل منعكسة بصورة جيدة في صفحات قلبها المشرقة، وطبقاً لِما أخبرت عنه في هذه الخطبة، فسرعان ما هجم المتسلّلون المتجاوزون على الناس بصوارمهم الحادة، مستبدّينَ في الحكم مستهزئينَ بدين وروح ومال وناموس الناس.

لقد ألقى الهرج والمرج ظلّه المشؤوم الثقيل على المجتمع الإسلامي، وذاق المسلمون مرارة ذلك التقصير والوهن في حماية الحق.

وهذا جزاء أولئك الذين يتركون الحق ويتّبعون الباطل.

١٦٧

القسم الخامس

قال سُويد بن غفلة: فأعادت النساء قولها ( عليها السلام ) على رجالهنَّ، فجاء إليها قومٌ من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين وقالوا:

يا سيدة النساء، لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبلِ أن نُبرم العهد، و نُحكم العقد، لَما عدلنا عنه إلى غيره.

فقالت: ( إليكم عني فلا عذر بعد تعذيركم، ولا أمر بعد تقصيركم ).

التفسير:

الأجوبة المريرة والمؤلمة

الأقبح من كل شيء جواب طائفة من المهاجرين والأنصار بعد سماعهم لرسالتها؛ حيث كان جوابهم مؤلماً جارحاً، له وقعُ الخنجر على قلبها الطاهر.

كان للخطبة وقع مؤثّر في نفوسهم، فأحسّوا بالخجل، وربّما فزعوا من الجزاء الإلهي في الدنيا والآخرة، ممّا دعاهم ذلك إلى الإسراع في الاستجازة للتشرّف بالحضور بين يدي بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله )، وعرض جوابهم الذي كان محتواه:

لِمَ لم يَمدّ أبو الحسن علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) يده لنُبايعه قبل أن يأخذ

١٦٨

الآخرون البيعة لأنفسهم، فنبارك مقدمه، وندافع عن حكومته؟ نعمل على إطاعته، ونستجيب لأوامره من صميم قلوبنا وأرواحنا.

وبوجوده لم نكن لنقدِّم أحداً عليه؛ لأنّه أليق من غيره بهذا الأمر، وأقرب الناس لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله )، ودينه وفكره.

ولكن يا للأسف فقد فات الأوان! فبعد أن صافحنا أياديهم الممدودة للمبايعة، وطوَّقنا رقابنا بعهد الطاعة، وبسبب تعزيز ذاك الارتباط في هذا الأمر فإنّه قد أُغلقت جميع الطرق بوجوهنا ولا سبيل للعودة!

أمّا ليتهم لم يتذرّعوا بذلك العذر في محضر سيدة الإسلام ( عليها السلام )، الذي هو أشد قسوةً من فِعلهم، جواب قبيحٌ، وعذرٌ مفتضح كاذب، كلامٌ آلم قلبها الطاهر بشدة، وزاد من هموم روحها الجسيمة همّاً آخراً.

ليتهم أقرّوا بذنبهم على الأقل، وليتهم وعدوها بالرّجوع في الفرصة المناسبة، ولم ينطق لسانهم بذلك العذر الواهي، بالإضافة إلى:

أوّلا: إنّهم سمعوا من شخص رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ولِعدّة مرات، أنّ الوصاية والخلافة لن تكون إلا لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام )، وهذا الأمر يغني عن البيعة له.

ثانياً: على فرض ضرورة البيعة، أَلم يأخذ الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) منهم البيعة لعلي ( عليه السلام ) في غدير خم؟! تلك الحادثة التي لم تكن لتخفى على أحد، فهي أحداثٌ عاشوها وشاهدوها عن قرب أو سمعوا بها على الأقل.

ثالثاً: على فرض أنّهم لم يحضروا بيعة الغدير، ولم يسمعوا حديث الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) في ذلك اليوم، فهل خفي على أحد منهم أفضلية علي (عليه السلام ) على الآخرين؟!

لماذا لم يأتوه بعد وفاة النبي ( صلّى الله عليه وآله )، ويمدّوا أيديهم مجدّدين له البيعة إن لزم الأمر؟.

١٦٩

لم تكن الخلافة حقّاً شخصياً مختصّاً بأمير المؤمنين علي ( عليه السلام )، حتى يحتاج إلى أن يطالب بحقه، ولكن الخلافة حقٌّ عام متعلّقٌ بالمجتمع الإسلامي، لا بل بالإسلام ككل، لهذا نصَّب الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) عليّاً في هذا المقام بأمر من الله ( سبحانه وتعالى ).

يُعدُّ قبول علي ( عليه السلام ) للخلافة وتأييد المسلمين له، من الوظائف الإلهية الحتمية، ولا معنى للاستفسارات ( لِمَ ولأنَّ ) و ( إذا وكيف ) و ( كذا وهكذا ).

رابعاً: لو افترضنا أنّه كان على علي ( عليه السلام ) أن يأخذ البيعة لنفسه، ويخلف الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) في الناس، فهل يا ترى من اللائق أن يبقى جسد الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) الطاهر على الأرض دون تكفين وتدفين، والاهتمام بمسألة الخلافة وكرسيّها؟.

ما أحقر تلك المؤامرة، لِمَ أدبر جمعٌ منهم عن مراسم دفن الحبيب، وأسرعوا في الحضور في مراسم تنصيب الخليفة؟ لماذا؟.

خامساً: لو تغاضينا عن جميع ذلك، ولو أنّ شخصاً اختار لنفسه قائداً ومن ثمَّ عرف أنّه أخطأ في اختياره، وأنّ طريق هذا سينتهي به إلى التهلكة، فهل عليه أن يستمر في طريقه ذاك، ويسقط في تلك الهاوية لا لشيء سوى أنّه بايع ووعد بالوفاء؟ أي منطق وقانون، وأي عقل يحكم بهذا؟.

ملاحظة مهمة

تتبادر إلى الذهن مسألة مهمة بعد اختتام هذا الموضوع، هي أنّ الخطبة رغم أنّها خصّت بالذكر مسألة خلافة وولاية علي( عليه السلام )، إلاّ أنّها كانت

١٧٠

درساً مفيداً لكل المسلمين عبر مراحل التاريخ، وهو أَلاّ يستخفّوا في الأمور التي تخص الحكومة الإسلامية، ولا يناصروا مَن هم ليسوا أهلاً لها، ولا يتعاملوا مع هذه المسألة تعاملاً سطحياً، ولا يقدّموا المرجوح على الراجح في اختيار المتصدّين لإشغال المناصب الحسّاسة، وإن هم لم يُراعوا تلك النقاط فعليهم أن يترقّبوا نتيجة أعمالهم المشؤومة، وليعلموا أنّهم سيعيشون العواقب الوخيمة للحكومات الفاسدة المستبدة الطاغوتيّة.

بعدها ستُذرف دموع الحسرة والندامة نتيجة ذلك التقصير.

دموعٌ لا تُثمر إلاّ عن الحسرة والندامة والفضيحة.

١٧١

الفهرس

المقدمة 5

فاطمة ( عليها السلام ) منذ الولادة حتى رحيل النبي ( صلّى الله عليه وآله ) 9

الولادة الميمونة لفاطمة ( عليها السلام ) 11

سر حب النبي ( صلّى الله عليه وآله ) لفاطمة ( عليها السلام ) 15

فاطمة أمّ أبيها 18

فاطمة ( عليها السلام ) زوجة أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) 22

فاطمة ( عليها السلام ) بعد رحيل أبيها ( صلّى الله عليه وآله ) 30

فضائل الزهراء ( عليها السلام ) 33

منزلة فاطمة ( عليها السلام ) 35

سيدة نساء العالمين. 42

حوراء إنسية 46

فاطمة ( عليه السلام ) أحب الناس إلى الرسول الكريم ( صلّى الله عليه وآله ) 49

قرب فاطمة ( عليها السلام ) من الله. 54

زهد فاطمة ( عليها السلام ) 57

المكانة العلميّة لفاطمة ( عليها السلام ) 61

كرامات فاطمة ( عليها السلام ) 64

أَوّل مَن يرد الجنة 66

معاني أسماء فاطمة ( عليها السلام ) 68

هدية الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) لفاطمة ( عليها السلام ) 71

أحداث فدك المؤلمة 75

1 - العوامل السياسية في غصب فدك. 78

2 - فدك عبر العصور 81

3 - فدك وأئمة الهدى ( عليهم السلام ) 85

4 - محكمة تاريخية 88

5 - حدود فدك! 94

١٧٢

استنتاج. 96

الملحمة الكبيرة 99

الخطبة التاريخية لسيدة الإسلام فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) 101

أسانيد ووثائق الخطبة 105

المحاور السبعة لخطبة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) 108

المحور الأَوّل. 110

توحيد الله وصفاته، وهدف التكوين. 110

المحور الثاني. 114

منزلة الرسول الكريم ( صلّى الله عليه وآله ) السامية، خصائصهُ وأهدافه 114

المحور الثالث.. 118

كتاب الله وفلسفة الأحكام 118

المحور الرابع. 122

إعلان موقفها من النظام الحاكم. 122

المحور الخامس.. 127

الردّة بعد النبي ( صلّى الله عليه وآله ) 127

المحور السادس. 130

قصة غصب فدك وحجج الغاصبين وتفنيدها 130

المحور السابع. 136

طلب نصرة الأنصار 136

الخطبة الثانية لسيدة الإسلام فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) 145

الخطبة المؤلمة في نساء المدينة 147

مناقشة أسناد خطبة سيدة النساء ( عليها السلام ) 151

القسم الأَوّل. 153

نظرة عامة: 153

القسم الثاني. 156

القسم الثالث.. 160

القسم الرابع. 163

القسم الخامس.. 168

١٧٣