لأنّ غيره إنّما يقدر على تحريك القلب، وما هو مجاور للقلب من الأعضاء بتحريك جملة الجسم، ولا يقدر على تحريكه وتصريفه منفرداً ممّا يجاوره غيره تعالى، فمن أين للمبطلين المتأوِّلين هذه الأخبار بأهوائهم وضعف آرائهم: أنّ الأصابع هاهنا إذا كانت لحماً ودماً فهي جوارح لله تعالى؟!
وما هذا الوجه الّذي ذكرناه ببعيد، وعلى المتأوّل أن يورد كلّ ما يحتمله الكلام ممّا لا تدفعه حجّة، وإن ترتّب بعضه على بعض في القوّة والوضوح.
الأخذ بالعمومات والظواهر القرآنية:
الأدلّة العقلية الواضحة الّتي لا يدخلها الاحتمال ولا الاتساع، والمجاز لابدّ أن يصرف ما ظاهره بخلاف هذه الأدلّة إلى ما يطابقها، هكذا يعتقد الشريف المرتضى (قدس سرّه).
ومن هذا المنطلق نرى تأويل الخبر الّذي روي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (إنّ الميّت لَيعذّب ببكاء الحيّ عليه).
وفي رواية أُخرى: (إنّ الميّت يعذّب في قبره بالنياحة عليه). وهكذا روايات أُخرى بهذين المضمونين.
وكمنت المشكلة في هذه الروايات عند ما رأينا تعارضها مع صريح الآيات مثل قوله تعالى:
(
وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
)
.
فإنّ قبح مؤاخذة أحد بذنب غيره يدلّ عليه صريح النصّ العقلي.
ويؤسّس الشريف المرتضى (قدس سرّه) قاعدته العقلية المعروفة، وهي: أنّ المرجع الأوّل والأخير في المعرفة الدينية أدلّة العقول، يقول في ذلك: (إنّا إذا كنّا قد علمنا بأدلّة
____________________