كل هذا وجيش أسامة لم يعد بعد. ولم أجد حديثاً عن الملائكة لأقول إنّ الملائكة كانت تحارب مع المسلمين أو بدلاً عنهم. وإن كانت عبارة الطبري الأخيرة قد توحي بشيء من هذا.
اسمعه يقول (فانحاز أبو بكر إلى أجمة فاستتر بها ثم هزم الله المشركين) فهو لا يتحدّث عن قتال جرى بين الطرفين ولا عن قتلى سقطوا بينهم. وإنّما عن انحياز أبي بكر إلى أجمة واستتاره بها. ثم فجأة وخلافاً لما يتوقّعه القارئ بعد هذا، تنهزم غطفان. هزمهم الله دون أن تسيل قطرة دم من كلا الطرفين. وكأن غطفان ما جاءوا إلاّ لينهزموا.
ومع ذلك فسأترك غطفان وهزيمتها، وأترك معها الغنم وأشباه الغنم، لأتوقّف عند نقطة أخرى أولى أن تثير الانتباه.
فإذا كان العرب قد ارتدّوا وكفروا ولم يبق على الإسلام غير قريش وثقيف وخواص أو عوام هنا وهناك. فكيف استطاع أبو بكر أن يجند أحد عشر جيشاً عليهم أحد عشر أميراً ويوجّههم لقتال من ارتدّ من العرب.
يحاربون غطفان وينتصرون عليها كما رأينا.
ويحاربون غطفان وأسداً وطيئاً وينتصرون عليها كما سنرى.
ويحاربون تميماً وينتصرون عليها.
ويحاربون حنيفة وينتصرون عليها.
ويحاربون جيوش العنسي وينتصرون عليها.
ويحاربون اليمن وحضرموت وعمان ومهرة والبحرين و و و وينتصرون عليها.
فمن أين جاء هؤلاء الّذين يحاربون وينتصرون، وليس في العرب كما يذكر الطبري نفسه، من ثبت على إسلامه غير قريش وثقيف وخواص أو عوام من قبائل العرب؟!
سؤال سأحاول الإجابة عليه في فصل ثان.