مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١١

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل15%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 399

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 399 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 132066 / تحميل: 5302
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

أي فئتين من المؤمنين وقع القتال بينهما، وأنّه لا ينبغي لأحد أن يفضّل أي فئة منهما على الأُخرى، حتّى لا تحدث فتنة. (1)

2 - حرّمت الإباضيّة الزواج بين من ربطت بينهما علاقة إثم، وقد كانوا في تحريمهم لهذا الزواج يستندون إلى روح الإسلام الّذي يحارب الفاحشة. (2) وقد انفردوا به من بين سائر المذاهب.

3 - منعت الإباضيّة المسلم من إراقة ماء الوجه والتعرّض لمذلّة السؤال؛ فإذا هانت عليه كرامته، وذهب يسأل الناس الزكاة، حَرُم منها عقاباً له على هذا الهوان، وتعويداً له على الاستغناء عن الناس، والاعتماد على الكفاح. (3)

مؤسّس المذهب الإباضي ودعاته في العصور الأُولى:

قد تعرّفت على عقائد الإباضيّة، فحان البحث عن أئمّتهم ودعاتهم في العصور الأُولى.

1 - عبد الله بن إباض، مؤسّس المذهب:

هو عبد الله بن إباض، المقاعسي، المري، التميمي، ابن عبيد، ابن مقاعس، من دعاة الإباضيّة، بل هو مؤسّس المذهب.

____________________

(1) انظر: الإباضيّة في مصر والمغرب: 61.

(2) الإباضيّة في موكب التاريخ: 111 - 112.

(3) الإباضيّة في موكب التاريخ: 116.

١٤١

قد اشتهرت هذه الفِرقة بالإباضيّة من أوّل يوم، وهذا يدلُّ على أنّه كان لعبد الله بن إباض، دور في نشوء هذه الفِرقة وازدهارها.

2 - جابر بن زيد العماني، الأزدي:

جابر بن زيد، أبو الشعثاء، الأزدي، اليحمدي، البصري، مشهور بكنيته، فقيه الإباضيّة، مات سنة 93هـ، ويقال: مائة. يروي عن عبد الله بن عبّاس.

3 - أبو عبيدة، مسلم بن أبي كريمة (المتوفّى حوالي 158هـ):

مسلم بن أبي كريمة التميمي، توفّي في ولاية أبي جعفر المنصور المتوفّى سنة 158هـ، قال عنه ابن الجوزي: مجهول.

أخذ العلم عن جابر بن عبد الله، وجابر بن زيد، وضمار السعيدي، وجعفر السمّاك وغيرهم.

حمل العلم عنه الربيع بن حبيب الفراهيدي؛ صاحب المسند، وأبو الخطّاب المعافري، وعبد الرحمن بن رستم، وعاصم السدراتي، وغيرهم.

4 - أبو عمرو، ربيع بن حبيب الفراهيدي:

هو من أئمّة الإباضيّة، وهو صاحب المسند المطبوع، ولم نجد له ترجمة وافية في كتب الرجال لأهل السنّة، ويُعدّ في طليعة الجامعين للحديث والمصنّفين فيه.

١٤٢

5 - أبو يحيى عبد الله بن يحيى الكندي:

عبد الله بن يحيى بن عمر الكندي، من حضرموت، وكان قاضياً لإبراهيم بن جبلة؛ عامل القاسم بن عمر على حضرموت، وهو عامل مروان على اليمن، خرج بحضرموت والتفَّ حوله جماعة عام 128هـ، وبسط سيطرته على عُمان واليمن والحجاز، وفي عام 130هـ جهّز مروان بن محمد جيشاً بقيادة عبد الملك بن محمد بن عطيّة السعدي، فكانت بينهم حرب عظيمة، قُتل فيها عبد الله بن يحيى وأكثر من معه من الإباضيّة، ولحق بقيّة الخوارج ببلاد حضرموت.

دول الإباضيّة:

قد قام باسم الإباضيّة، عدد من الدول في أربعة مواضع من البلاد الإسلاميّة:

1 - دولة في عُمان، استقلّت عن الدولة العباسيّة في عهد أبي العباس السفّاح، سنة 132هـ، ولا تزال إلى اليوم.

2 - دولة في ليبيا، سنة 140هـ، ولم تعمّر طويلاً؛ فقد انتهت بعد ثلاث سنوات.

3 - دولة في الجزائر، قامت سنة 160هـ، وبقيت إلى حوالي 190هـ، ثُمَّ قضت عليها الدولة العبيديّة.

١٤٣

4 - دولة قامت في الأندلس، ولا سيّما في جزيرتي ميورقة ومينورقة، وقد انتهت يوم انتهت الأندلس.

هذه هي الإباضيّة، وهذا ماضيهم وحاضرهم، وقد قدّمنا إليك صورة موجزة من تاريخهم ونشأتهم وشخصيّاتهم وعقائدهم.

١٤٤

13

الشِّيعة الإماميّة

الشّيعة لغة واصطلاحاً:

الشيعة لغة هم: الجماعة المتعاونون على أمر واحد في قضاياهم، يقال تشايع القوم إذا تعاونوا، وربّما يطلق على مطلق التابع، قال سبحانه: ( فَاسْتَغَاثَهُ الّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الّذِي مِنْ عَدُوّه ) (1) ، وقال تعالى: ( وَإِنّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (2) .

وأمّا اصطلاحاً، فلها إطلاقات عديدة، بملاكات مختلفة:

1 - الشيعة: من أحبَّ عليّاً وأولاده باعتبارهم أهل بيت النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) الّذين فرض الله سبحانه مودّتهم، قال عزَّ وجلَّ: ( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى ) (3) . والشّيعة بهذا المعنى تعمّ كلّ المسلمين، إلاّ النواصب؛ بشهادة أنّهم يصلّون على نبيّهم وآله في صلواتهم وأدعيتهم، ويتلون الآيات النازلة في حقّهم صباحاً ومساءً، وهذا هو الإمام الشافعي يصفهم بقوله:

يـا أهل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله

____________________

(1) القصص: 15.

(2) الصافات: 83 - 84.

(3) الشورى: 23.

١٤٥

كـفاكم مـن عـظيم الشأن أنّكم

مَن لم يصلّ عليكم لا صلاة له (1)

2 - من يفضّل عليّاً على عثمان، أو على الخلفاء عامّة، مع اعتقاده بأنّه رابع الخلفاء، وإنّما يقدّم؛ لاستفاضة مناقبه وفضائله عن الرسول الأعظم، والّتي دوّنها أصحاب الحديث في صحاحهم ومسانيدهم.

3 - الشيعة من يشايع علياً وأولاده باعتبار أنّهم خلفاء الرسول وأئمة الناس بعده، نَصَبهم لهذا المقام بأمر من الله سبحانه، وذكر أسماءهم وخصوصيَّاتهم. والشيعة بهذا المعنى هو المبحوث عنه في المقام، وقد اشتُهر بأنّ عليّاً هو الوصيّ حتّى صار من ألقابه، وذكره الشعراء بهذا العنوان في قصائدهم، وهو يقول في بعض خطبه:

«لا يقاس بآل محمد من هذه الأُمّة أحد، ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً، هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حقِّ الولاية، وفيهم الوصيّة والوراثة». (2)

ومُجمل القول: إنّ هذا اللفظ يشمل كلَّ من قال إنّ قيادة الأُمّة لعليّ بعد الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وإنّه يقوم مقامه في كلِّ ما يمتُّ إليه، سوى النبوّة ونزول الوحي عليه، كلّ ذلك بتنصيص من الرسول.

وعلى ذلك، فالمقوّم للتشيّع، وركنه الرّكين، هو القول بالوصاية والقيادة، بجميع شؤونها، للإمام (عليه السّلام)، فالتشيّع هو الاعتقاد بذلك، وأمّا ما سوى ذلك، فليس مقوّماً لمفهوم التشيّع، ولا يدور عليه إطلاق الشيعة.

____________________

(1) الصواعق: 148.

(2) نهج البلاغة: الخطبة 2.

١٤٦

الفصل الأوّل:

مبدأ التشيّع وتاريخ تكوّنه

زعم غير واحد من الكتّاب القدامى والجدد، أنّ التشيّع كسائر المذاهب الإسلاميّة، من إفرازات الصراعات السياسيّة، وذهب بعض آخر إلى القول إنّه نتيجة الجدال الكلامي والصراع الفكري، فأخذوا يبحثون عن تاريخ نشوئه وظهوره في الساحة الإسلاميّة، وكأنّهم يتلقّون التشيّع كظاهرة طارئة على المجتمع الإسلامي، ويظنّون أنّ القطاع الشيعي من جسم الأُمّة الإسلاميّة، باعتباره قطاعاً تكوّن على مرّ الزمن؛ لأحداث وتطورات سياسيّة أو اجتماعيّة أو فكريّة، أدَّت إلى تكوين ذلك المذهب كجزء من ذلك الجسم الكبير، ثُمَّ اتسع ذلك الجزء بالتدريج.

وبعد أن افترض هؤلاء أنّه أمر طارئ، أخذوا بالفحص والتفتيش عن علّته أو علله، فذهبوا في تعيين المبدأ إلى كونه ردّة فعل سياسيّة أو فكريّة، ولكنّهم لو كانوا عارفين أنّ التشيّع وُلِد منذ عهد النبيّ الأكرم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؛ لَمَا تسرّعوا في إبداء الرأي في ذلك المجال، ولعلموا أنّ التشيّع والإسلام وجهان لعملة واحدة، وليس للتشيّع تاريخ ولا مبدأ، سوى تاريخ الإسلام ومبدئه، وانّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) هو الغارس لبذرة التشيّع في صميم الإسلام، من أوّل يوم أمَر بالصدع وإظهار الحقيقة، إلى أن لبىَّ دعوة ربه.

١٤٧

فالتشيّع ليس إلاّ عبارة عن استمرار قيادة النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بعد وفاته، عن طريق من نصبه إماماً للناس وقائداً للأُمّة، حتّى يرشدها إلى النهج الصحيح والهدف المنشود، وكان هذا المبدأ أمراً ركّز عليه النبيّ في غير واحد من المواقف الحاسمة، فإذا كانّ التشيع متبلوراً في استمرار القيادة بالوصيّ، فلا نجد له تاريخاً سوى تاريخ الاسلام، والنصوص الواردة عن رسوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

والشيعة هم المسلمون من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان في الأجيال اللاحقة، هم الّذين بقوا على ما كانوا عليه في عصر الرسول في أمر القيادة، ولم يغيّروه، ولم يتعدّوا عنه إلى غيره، ولم يأخذوا بالمصالح المزعومة في مقابل النصوص، وصاروا بذلك المصداق الأبرز لقوله سبحانه: ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرسُولِهِ وَاتّقُوا اللّهَ إِنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1) .

ففزعوا في الأُصول والفروع إلى عليّ وعترته الطاهرة، وانحازوا عن الطائفة الأُخرى؛ الّذين لم يتعبدوا بنصوص الخلافة والولاية وزعامة العترة؛ حيث تركوا النصوص وأخذوا بالمصالح.

إنّ الآثار المرويّة في حق شيعة الإمام عن لسان النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ترفع اللّثام عن وجه الحقيقة، وتُعرب عن التفاف قسم من المهاجرين حول الوصيّ، فكانوا معروفين بشيعة عليّ في عصر الرسالة، وأنّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وصفهم في كلماته بأنّهم هم الفائزون، وإن كنت في شك من هذا الأمر، فسأتلو عليك بعض ما ورد من النصوص في المقام.

____________________

(1) الحجرات: 1.

١٤٨

1 - أخرج ابن مردويه، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله من أكرم الخلق على الله؟، قال: يا عائشة، أما تقرأين ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) (1) . (2)

2 - أخرج ابن عساكر، عن جابر بن عبد الله، قال: كنّا عند النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فأقبل عليّ، فقال النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «والّذي نفسي بيده، إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة»، ونزلت: ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) ، فكان أصحاب النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إذا أقبل عليّ قالوا: جاء خير البريّة. (3)

3 - أخرج ابن عدي، عن ابن عبّاس، قال: لمّا نزلت ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لعلي: «هو أنت وشيعتك يوم القيامة، راضين مرضيّين». (4)

4 - أخرج ابن مردويه، عن عليّ، قال: قال لي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «ألم تسمع قول الله: ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جاءت الأُمم للحساب تدعون غرّاً محج<لين». (5)

5 - روى ابن حجر في صواعقه، عن أُم سلمة: كانت ليلتي، وكان النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عندي، فأتته فاطمة، فتبعها عليّ (رضي الله عنه)، فقال النبيّ: «يا عليّ أنت وأصحابك في الجنّة، أنت وشيعتك في الجنة». (6)

____________________

(1) البينة: 7.

(2 و3 و4 و5) الدر المنثور: 6/589.

(6) الصواعق: 161.

١٤٩

6 - روى أحمد في المناقب: إنّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال لعليّ: «أمَا ترضى أنّك معي في الجنّة، والحسن والحسين وذريّتنا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذريّتنا، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا». (1)

7 - أخرج الديلمي: (يا عليّ، إنّ الله قد غفر لك ولذريّتك ولولدك ولأهلك ولشيعتك، فابشر إنّك الأنزع البطين). (2)

8 - روى المغازلي بسنده عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «يدخلون من أُمّتي الجنة سبعون ألفاً لا حساب عليهم»، ثُمَّ التفت إلى عليّ، فقال: «هم شيعتك وأنت أمامهم». (3)

إلى غير ذلك من الروايات الّتي تُعرب عن أنّ عليّاً (عليه السّلام) كان متميّزاً بين أصحاب النبيّ؛ بأنّ له شيعة وأتباعاً، ولهم مواصفات وسمات كانوا مشهورين بها، في حياة النبيّ وبعدها.

الشيعة في كلمات المؤرّخين وأصحاب الفِرق:

قد غلب استعمال الشيعة بعد عصر الرسول، تبعاً له فيمن يوالي عليّاً وأهل بيته، ويعتقد بإمامته ووصايته، ويَظهر ذلك من خلال كلمات المؤرّخين وأصحاب المقالات؛ نشير إلى بعضها:

1 - روى المسعودي في حوادث وفاة النبيّ: إنّ الإمام عليّاً أقام ومن

____________________

(1) الصواعق: 161.

(2) المصدر نفسه.

(3) مناقب المغازلي: 293.

١٥٠

معه من شيعته في منزله، بعد أن تمّت البيعة لأبي بكر. (1)

2 - وقال النوبختي (المتوفّى 313هـ): إنّ أوّل الفِرق، الشيعة؛ وهم فِرقة عليّ بن أبي طالب، المسمّون شيعة عليّ في زمان النبيّ وبعده، معروفون بانقطاعهم إليه، والقول بإمامته. (2)

3 - وقال أبو الحسن الأشعري: وإنّما قيل لهم: الشيعة، لأنّهم شايعوا عليّاً، ويقدّمونه على سائر أصحاب رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم). (3)

4 - ويقول الشهرستاني: الشيعة هم الّذين شايعوا عليّاً في الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصّاً ووصيّةً. (4)

5 - وقال ابن حزم: ومن وافق الشيعة في أنّ عليّاً أفضل الناس بعد رسول الله وأحقّهم بالإمامة، وولْده من بعده. (5)

هذا غيض من فيض، وقليل من كثير، ممّا جاء في كلمات المؤرّخين وأصحاب المقالات، تُعرب عن أنّ لفيفاً من الأُمّة في حياة الرسول وبعده، إلى عصر الخلفاء وبعدهم، كانوا مشهورين بالتشيّع لعليّ، وأنّ لفظة الشيعة ممّا نطق بها الرسول وتبعته الأُمّة عليه.

____________________

(1) الوصيّة: 121.

(2) فِرق الشيعة: 15.

(3) مقالات الإسلاميّين: 1/65.

(4) الملِل والنحل: 1/131.

(5) الفصل في الملِل والنحل: 2/113.

١٥١

رواد التشيع في عصر النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

وإليك أسماء لفيف من الصحابة الشيعة المعروفين بالتشيّع:

1 - عبد الله بن عبّاس. 2 - الفضل بن العبّاس. 3 - عبيد الله بن العبّاس. 4 - قثم بن العبّاس. 5 - عبد الرحمن بن العبّاس. 6 - تمام بن العبّاس. 7 - عقيل بن أبي طالب. 8 - أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب. 9 - نوفل بن الحرث. 10 - عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. 11 - عون بن جعفر. 12 - محمد بن جعفر. 13 - ربيعة بن الحرث بن عبد المُطّلب. 14 - الطفيل بن الحرث. 15 - المغيرة بن نوفل بن الحارث. 16 - عبد الله بن الحرث بن نوفل. 17 - عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث. 18 - العبّاس بن ربيعة بن الحرث. 19 - العبّاس بن عُتبة بن أبي لهب. 20 - عبد المُطّلب بن ربيعة بن الحرث. 21 - جعفر بن أبي سفيان بن الحرث.

هؤلاء من مشاهير بني هاشم، وأمّا غيرهم، فإليك أسماء لفيف منهم:

22 - سلمان المحمّدي. 23 - المقداد بن الأسود الكندي. 24 - أبوذر الغفاري. 25 - عمّار بن ياسر. 26 - حذيفة بن اليمان. 27 - خزيمة بن ثابت. 28 - أبو أيّوب الأنصاري. 29 - أبو الهيثم مالك بن التيهان. 30 - أُبي بن كعب. 31 - سعد بن عبادة. 32 - قيس بن سعد بن عبادة. 33 - عدي بن حاتم. 34 - عبادة بن الصامت. 35 - بلال بن رباح الحبشي. 36 - أبو رافع مولى رسول الله. 37 - هاشم بن عتبة. 38 - عثمان بن حُنيف. 39 - سهل بن حُنيف. 40 - حكيم بن جبلة العبدي. 41 - خالد بن سعيد بن العاص. 42 - أبو الحصيب الأسلمي. 43 - هند بن أبي هالة

١٥٢

التميمي. 44 - جعدة بن هبيرة. 45 - حجر بن عدي الكندي. 46 - عمرو بن الحمق الخزاعي. 47 - جابر بن عبد الله الأنصاري. 48 - محمّد بن أبي بكر. 49 - أبان بن سعيد بن العاص. 50 - زيد بن صوحان الزيدي.

هؤلاء خمسون صحابيّاً من الطبقة العليا للشيعة، فمن أراد التفصيل والوقوف على حياتهم وتشيّعهم، فليرجع إلى الكتب المؤلَّفة في الرجال.

١٥٣

الفصل الثاني:

شبهات حول تاريخ الشيعة

قد تعرّفت على تاريخ التشيع، وأنّه ليس وليد الجدال الكلامي، ولا إنتاج السياسات الزمنيّة؛ وإنّما هو وجه آخر للإسلام، وهما وجهان لعملة واحدة، إلاّ أنّ هناك جماعة من المؤرّخين وكتّاب المقالات، ظنّوا أنّ التشيّع أمر حادث وطارئ على المجتمع الإسلامي، فأخذوا يفتّشون عن مبدئه ومصدره، وراحوا يثيرون الشبهات حول تاريخه، وإليك استعراض هذه الشبهات نقداً وتحليلاً.

الشبهة الأُولى:

الشيعة ويوم السقيفة

إنّ مأساة السقيفة جديرة بالقراءة والتحليل، وقد تخيّل لبعض المؤرخين أنّ التشيّع ظهر بعدها.

يقول الطبري: اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة؛ ليبايعوا سعد بن عبادة، فبلغ ذلك أبا بكر، فأتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح، فقال: ما هذا؟، فقالوا: منّا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: منّا الأمراء ومنكم الوزراء - إلى أن

١٥٤

قال: - فبايعه عمر، وبايعه الناس، فقالت الأنصار أو بعض الأنصار: لا نبايع إلاّ عليّاً، ثُمَّ قال: أتى عمر بن الخطاب منزل عليّ، وفيه طلحة والزّبير ورجال من المهاجرين، فقال: والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة، فخرج عليه الزبير مسلطاً بالسيف فعثر، فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه.

وقال أيضاً: وتخلّف عليّ والزّبير، واخترط الزبير سيفه، وقال: لا أغمده حتّى يُبَايَع عليّ، فبلغ ذلك أبا بكر وعمر، فقالا: خذوا سيف الزبير. (1)

يُلاحظ عليه: أنّ هذه النصوص تدلّ على أنّ فكرة التشيّع لعليّ، كانت مختمرة في أذهانهم منذ عهد الرسول إلى وفاته، فلمّا رأت الجماعة أنّ الحق خرج عن محوره، عمدوا إلى التمسّك بالحق بالاجتماع في بيت عليّ، الّذي أوصّاهم النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) به طيلة حياته؛ إذ من البعيد جداً أن يجتمع رأيهم على عليّ في يوم واحد في ذلك اليوم العصيب، فالمعارضة كانت استمراراً لما كانوا يلتزمون به في حياة النبيّ، ولم تكن فكرة خلقتها الظروف والأحداث.

كان أبوذر وقت أخذ البيعة غائباً، ولمّا جاء، قال: أصبتم قناعة، وتركتم قرابة، لو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيّكم، لَمَا اختلف عليكم اثنان. (2)

وقال سلمان: أصبتم ذا السن، وأخطأتم المعدن، أمّا لو جعلتموه فيهم، ما اختلف منكم اثنان، ولأكلتموها رغداً.

وروى الزبير بن بكار في الموفقيّات: إنّ عامّة المهاجرين، وجلّ الأنصار، كانوا لا يشكّون أنّ عليّاً هو صاحب الأمر.

____________________

(1) تاريخ الطبري: 2/443 - 444.

(2) تاريخ اليعقوبي: 2/103.

١٥٥

وروى الجوهري في كتاب السقيفة: إنّ سلمان والزبير وبعض الأنصار، كان هواهم أن يبايعوا عليّاً.

وروى أيضاً: إنّه لمّا بويع أبو بكر واستقرَّ أمره، ندم قوم كثير من الأنصار على بيعته، ولام بعضهم بعضاً، وهتفوا باسم الإمام عليّ، ولكنّه لم يوافقهم. (1)

ومن المستحيل عادة، اختمار تلك الفكرة بين هؤلاء، في يوم واحد، بل يُعرب ذلك عن وجود جذور لها، قبل رحلة النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، ويؤكد ذلك نداءاته الّتي ذكرها في حق عليّ وعترته، في مواقف متعدّدة، فامتناع الصحابة عن بيعة الخليفةن ومطالبتهم بتسليم الأمر إلى عليّ؛ إنّما هو لأجل مشايعتهم لعليّ زمن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وما هذا إلاّ إخلاصاً و وفاءاً منهم للنبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وأين هو من تكوّن التشيع يوم السقيفة؟!

الشبهة الثانية:

التشيّع صنيع عبد الله بن سبأ

كتب الطبري في تاريخه يقول:

كان عبد الله بن سبأ يهوديّاً من أهل صنعاء، أُمّه سوداء، فأسلم زمان عثمان، ثُمَّ تنقّل في بلدان المسلمين يحاول إضلالهم، فبدأ بالحجاز، ثُمَّ البصرة، ثُمَّ الكوفة، ثُمَّ الشام، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشّام، فأخرجوه حتّى أتى

____________________

(1) شرح نهج البلاغة: 6/43 - 44.

١٥٦

مصر، فاعتمر فيهم، فقال لهم فيما يقول: لعجب ممّن يزعم أنّ عيسى يرجع، ويكذِّب بأنّ محمّداً يرجع، وقد قال الله عز وجل: ( إِنّ الّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادّكَ إِلَى‏ مَعَادٍ ) (1) ، فمحمّد أحق بالرجوع من عيسى، قال: فقُبل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة، فتكلّموا فيها، ثُمَّ قال لهم بعد ذلك: إنّه كان ألف نبيّ، ولكلّ نبيّ وصيّ، وكان عليّ وصيّ محمّد، ثُمَّ قال: محمّد خاتم الأنبياء، وعليّ خاتم الأوصياء، وإنّ عثمان غاصب حق هذا الوصيّ وظالمه، فيجب مناهضته لإرجاع الحق إلى أهله.

وقد بثّ عبد الله بن سبأ دُعاته في البلاد الإسلاميّة، وأشار عليهم أن يُظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والطعن في الأُمراء، فمال إليه وتبعه على ذلك جماعات من المسلمين، فيهم الصحابي الكبير، والتابعي الصالح، من أمثال: أبي ذر، وعمّار بن ياسر، ومحمّد بن حذيفة، وعبد الرحمن بن عديس، ومحمّد بن أبي بكر، وصعصعة بن صوحان العبدي، ومالك الأشتر، إلى غيرهم من أبرار المسلمين وأخيارهم، فكانت السبئيّة تثير الناس على ولاتهم، تنفيذاً لخطة زعيمها، وتضع كتباً في عيوب الأمراءن وترسل إلى غير مصرهم من الأمصار، فنتج عن ذلك قيام جماعات من المسلمين؛ بتحريض السبئيّين، وقدومهم إلى المدينة، وحصرهم عثمان في داره؛ حتّى قتل فيها، كلّ ذلك كان بقيادة السبئيّين ومباشرتهم.

إنّ المسلمين بعدما بايعوا علياً، ونكث طلحة والزبير بيعتهما، وخرجا إلى البصرة، رأى السبئيّون أنّ رؤساء الجيشين أخذوا يتفاهمون، وأنّه إن تمّ ذلك

____________________

(1) القصص: 85.

١٥٧

سيؤخذون بدم عثمان، فاجتمعوا ليلاً وقرروا أن يندسّوا بين الجيشين، ويثيروا الحرب بكرة، دون علم غيرهم، وإنّهم استطاعوا أن ينفّذوا هذا القرار الخطير في غلس الليل، قبل أن ينتبه الجيشان المتقاتلان، فناوش المندسّون من السبئيّين في جيش عليّ، من كان بإزائهم من جيش البصرة، ففزع الجيشان وفزع رؤساؤهما، وظنّ كلّ بخصمه شرّاً، ثُمَّ إنّ حرب البصرة وقعت بهذا الطريق، دون أن يكون لرؤساء الجيشين رأي أو علم. (1)

إلى هنا انتهت قصة السبئيّة؛ الّتي ذكرها الطبري في تاريخه.

نظرنا في الموضوع:

1 - إنّ ما جاء في تاريخ الطبري من القصة، لا يصحّ نسبته إلاّ إلى عفاريت الأساطير ومردة الجن؛ إذ كيف يصحّ لإنسان أن يصدّق أنّ يهوديّاً جاء من صنعاء، وأسلم في عصر عثمان، استطاع أنّ يُغري كبار الصحابة والتابعين ويخدعهم، ويطوف بين البلاد، واستطاع أن يكوّن خلايا ضدَّ عثمان، ويستقدمهم إلى المدينة، ويؤلّبهم على الخلافة الإسلاميّة، فيهاجموا داره ويقتلوه، بمرأى ومسمع من الصحابة العدول ومن تبعهم بإحسان، هذا شيء لا يحتمله العقل، وإن وطّن على قبول العجائب والغرائب!!

إنّ هذه القصّة تمسّ كرامة المسلمين والصحابة والتابعين، وتصوّرهم أُمّه ساذجة؛ يغترّون بفكر يهوديٍّ وفيهم السادة والقادة والعلماء والمفكرون.

2 - إنّ القراءة الموضوعيّة للسيرة والتاريخ، تُوقفنا على سيرة عثمان بن

____________________

(1) انظر تاريخ الطبري: 3/378، نقل بتصرف وتلخيص.

١٥٨

عفّان، ومعاوية بن أبي سفيان، فإنّهما كانا يعاقبان المعارضين لهم، وينفون المخالفين ويضربونهم، فهذا أبوذر الغفاري نفاه عثمان من المدينة إلى الربذة؛ لاعتراضه عليه في تقسيم الفيء وبيت المال بين أبناء بيته، كما أنّ غلمانه ضربوا عمّار بن ياسر؛ حتّى أنفتق له فتق في بطنه، وكسروا ضلعاً من أضلاعه. إلى غير ذلك من مواقفهم من مخالفيهم ومعارضيهم، ومع ذلك نرى أنّ رجال الخلافة وعمالها، يغضّون الطرف عمّن يؤلّب الصحابة والتابعين على إخماد حكمهم، وقتل خليفتهم في عقر داره، ويجر الويل والويلات على كيانهم!!

3 - إنّ رواية الطبري، نقلت عن أشخاص لا يصحّ الاحتجاج بهم؛ مثلاً: السري؛ الّذي يروي عنه الطبري، إنّما هو أحد رجلين:

أ - السري بن إسماعيل الهمداني؛ الّذي كذّبه يحيى بن سعيد، وضعّفه غير واحد من الحفّاظ. (1)

ب - السري بن عاصم بن سهل الهمداني؛ نزيل بغداد (المتوفّى عام 258هـ)، وقد أدرك ابن جرير الطبري شطراً من حياته؛ يربو على ثلاثين سنة، كذّبه ابن خراش، ووهّاه ابن عدي، وقال: يسرق الحديث، وزاد ابن حبان: ويرفع الموقوفات؛ لا يحلّ الاحتجاج به، فالاسم مشترك بين كذّابين، لا يهمّنا تعيين أحدهما.

4 - عبد الله بن سبأ، أسطورة تاريخيّة، لأنّ القرائن والشواهد والاختلاف الموجود في حق الرجل ومولده، وزمن إسلامه، ومحتوى دعوته، يُشرف

____________________

(1) ميزان الاعتدال: 2/117.

١٥٩

المحقّق على القول: بأنّ عبد الله بن سبأ، شخصيّة خرافيّة، وضعها القصّاصون، وأرباب السمر والمجون، في عصر الدولتين: الأُمويّة والعباسيّة.

وفي المقام كلام للكاتب المصري الدكتور طه حسين، يدعم كون الرجل أسطورة تاريخيّة، حاكها أعداء الشيعة، نكاية بالشيعة؛ حيث قال:

وأكبر الظنِّ أنّ عبد الله بن سبأ هذا، إنّما قال ودعا إلى ما دعا إليه بعد أن كانت الفتنة، وعظم الخلاف، فهو قد استغلَّ الفتنة ولم يثرها.

إنّ خصوم الشيعة أيّام الأُمويّين والعباسيّين، قد بالغوا في أمر عبد الله بن سبأ هذا، ليشكّكوا في بعض ما نسب من الأحداث إلى عثمان وولاته، من ناحية، وليشنعوا على عليّ وشيعته من، ناحية أُخرى، فيردوا بعض أُمور الشيعة إلى يهوديٍّ أسلم كيداً للمسلمين، وما أكثر ما شنّع خصوم الشيعة على الشيعة؟!، وما أكثر ما شنع الشيعة على خصومهم؛ في أمر عثمان، وفي غير أمر عثمان؟

فلنقف من هذا كلّه، موقف التحفّظ والتحرّج والاحتياط، ولنُكبر المسلمين في صدر الإسلام عن أن يعبث بدينهم وسياستهم وعقولهم ودولتهم، رجل أقبل من صنعاء وكان أبوه يهوديّاً وكانت أُمّه سوداء، وكان هو يهوديّاً ثُمَّ أسلم لا رغباً ولا رهباً، ولكن مكراً وكيداً وخداعاً، ثُمَّ أُتيح له من النجاح ما كان يبتغي، فحرّض المسلمين على خليفتهم حتّى قتلوه، وفرّقهم بعد ذلك أو قبل ذلك شيعاً وأحزاباً.

هذه كلّها أُمور لا تستقيم للعقل، ولا تثبت للنقد، ولا ينبغي أنّ تُقام عليها أُمور التاريخ. (1)

____________________

(1) الفتنة الكبرى: 134.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

طويل الغم، بعيد الهم، كثير الصمت، وقور، ذكور، صبور، شكور، مغموم بفكره، مسرور بفقره، سهل الخليقة، لين العريكة، رصين الوفاء، قليل الأذى، لا متأفك(٤) ولا متهتك، إن ضحك لم يخرق، وإن غضب لم ينزق(٥) ، ضحكه تبسم، واستفهامه تعلم، ومراجعته تفهم، كثير علمه، عظيم حلمه، كثير الرحمة، لا يبخل، ولا يعجل، ولا يضجر، ولا يبطر، ولا يحيف في حكمه، ولا يجور في علمه، نفسه أصلب من الصلد، ومكادحته أحلى من الشهد، لا شجع، ولا هلع، ولا عنف، ولا صلف، ولا متكلف، ولا متعمق، جميل المنازعة، كريم المراجعة، عدل إن غضب، رفيق إن طلب، لا يتهور، ولا يتهتك، ولا يتجبر، خالص الود، وثيق العهد، وفي العقد(٦) ، شفيق، وصول، حليم، خمول، قليل الفضول، راض عن الله عز وجل، مخالف لهواه، لا يغلظ على من دونه، ولا يخوض فيما لا يعنيه، ناصر للدين، محام عن المؤمنين، كهف للمسلمين، لا يخرق الثناء سمعه، ولا ينكي(٧) الطمع قلبه، ولا يصرف اللعب حكمه، ولا يطلع الجاهل علمه، قوال، عمال، عالم، حازم، لا بفحاش، ولا بطياش، وصول في غير عنف، بذول في غير سرف، لا بختال، ولا بغدار، ولا يقتفي أثرا، ولا يحيف بشرا، رفيق بالخلق، ساع في الأرض، عون للضعيف، غوث للملهوف، لا يهتك سترا، ولا يكشف سرا، كثير البلوى، قليل الشكوى، إن رأى خيرا ذكره، وإن عاين شرا ستره، يستر العيب، ويحفظ الغيب، ويقيل العثرة،

__________________

(٤) الإفك: أسوء الكذب وأبلغه، وقيل: هو البهتان ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٢٥٥ ).

(٥) النرق: خفة في كل أمر، وعجلة في جهل وحمق والخفة والطيش. ( لسان العرب ج ١٠ ص ٣٥٢ ).

(٦) في الطبعة الحجرية: العهد. وما أثبتناه من المصدر.

(٧) ( المؤمن لا ينكي الطمع قلبه ) أي لا يجرحه فيؤثر فيه كتأثير الجرح بالمجروح. ( مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢١ ).

١٨١

ويغفر الزلة، لا يطلع على نصح فيذره، ولا يدع جنح حيف فيصلحه، أمين، رصين، تقي، نقي، زكي، رضي، يقبل العذر، ويجمل الذكر، ويحسن بالناس الظن، ويتهم على العيب نفسه، يحب في الله بفقه وعلم، ويقطع في الله بحزم وعزم، لا يخرق به فرح، ولا يطيش به مرح، مذكر للعالم، معلم للجاهل، لا يتوقع له بائقة(٨) ، ولا يخاف له غائلة(٩) ، كل سعي أخلص عنده من سعيه، وكل نفس أصلح عنده من نفسه، عالم بعيبه، شاغل بغمه، لا يثق بغير ربه، غريب، وحيد، حزين، يحب في الله، ويجاهد في الله، ليتبع رضاه، ولا ينتقم لنفسه بنفسه، ولا يوالي في سخط ربه، مجالس لأهل الفقر، مصادق لأهل الصدق، مؤازر لأهل الحق، عون للغريب، أب لليتيم، بعل للأرملة، حفي(١٠) بأهل المسكنة، مرجو لكل كريمة(١١) ، مأمول لكل شدة، هشاش، بشاش، لا بعباس، ولا بجساس، صليب، كظام، بسام، دقيق النظر، عظيم الحذر، لا يبخل، وإن بخل عليه صبر، عقل فاستحيى، وقنع فاستغنى، حياؤه يعلو شهوته، ووده يعلو حسده، وعفوه يعلو حقده، ولا ينطق بغير صواب، ولا يلبس إلا الاقتصاد، مشيه التواضع، خاضع لربه بطاعته، راض عنه في كل حالاته، نيته خالصة، أعماله ليس فيها غش ولا خديعة، نظره عبرة، وسكوته فكرة، وكلامه حكمة، مناصحا، متباذلا، متواخيا، ناصح في السر والعلانية، لا يهجر أخاه، ولا يغتابه، ولا يمكر به، ولا يأسف على ما فاته، ولا يحزن على ما أصابه، ولا يرجو ما لا يجوز له الرجاء، ولا يفشل في الشدة، ولا يبطر في الرخاء، يمزج الحلم بالعلم، والعقل بالصبر، تراه بعيدا كسله، دائما نشاطه، قريبا أمله، قليلا زلله، متوقعا لأجله، خاشعا قلبه، ذاكرا ربه، قانعة نفسه، منفيا جهله، سهلا

__________________

(٨) البائقة: الداهية. ( لسان العرب ج ١٠ ص ٣٠ ).

(٩) الغائلة: وهي الحقد. ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٤٣٧ ).

(١٠) حفي بالرجل: بالغ في إكرامه ( لسان العرب ج ١ ص ١٨٧ ).

(١١) في نسخة: كريهة.

١٨٢

أمره، حزينا لذنبه، ميتة شهوته، كظوما غيظه، صافيا خلقه، آمنا منه جاره، ضعيفا كبره، قانعا بالذي قدر له، متينا صبره، محكما أمره، كثيرا ذكره، يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ويتجر ليغنم، لا ينصت(١٢) ( للخير ليفخر )(١٣) به، ولا يتكلم ليتجبر به على من سواه، نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أتعب نفسه لاخرته، فأراح الناس من نفسه، إن بغي عليه صبر، حتى يكون الله الذي ينتصر له، بعده ممن تباعد منه بغض ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده تكبرا ولا عظمة، ولا دنوه خديعة ولا خلابة، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير، فهو إمام لمن بعده من أهل البر ) الخبر. وهذا الخبر الشريف كاف لمقاصد هذا الباب، ولو أردنا استدراك ما فات من الأصل مما يتعلق بهذا الباب، لخرجنا عن وضع الكتاب.

٥ -( باب استحباب التفكر فيما يوجب الاعتبار والعمل)

[١٢٦٨٨] ١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن فضالة، عن إسماعيل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ( كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: نبه بالتفكر قلبك، وجاف عن النوم جنبك، واتق الله ربك ).

[١٢٦٨٩] ٢ - العياشي في تفسيره: عن أبي العباس، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ( تفكر ساعة خير من عبادة سنة [ قال الله ](١) :( إنما يتذكر أولوا الألباب ) (٢) ).

__________________

(١٢) في نسخة: ينصب.

(١٣) في المصدر: للخبر ليفجر.

الباب ٥

١ - أمالي المفيد ص ٢٠٨ ح ٤٢.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٠٨ ح ٢٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الزمر ٣٩: ٩.

١٨٣

[١٢٦٩٠] ٣ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أبي محمد العسكريعليه‌السلام ، قال: ( ليست العبادة كثرة الصيام والصلاة، وإنما العبادة كثرة التفكر في أمر الله ).

[١٢٦٩١] ٤ - أبو علي ابن الشيخ الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن أبي بكر الجعابي، عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ياسين، عن أبي الحسن الثالث، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: ( العلم وراثة كريمة، والآداب حلل حسان، والفكرة مرآة صافية ).

[١٢٦٩٢] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : ( أروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: طوبى لمن كان صمته تفكرا، ونظره عبرة، ( وكلامه ذكرا )(١) ، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته، وسلم الناس من لسانه ويده ).

[١٢٦٩٣] ٦ - ( وأروي: فكر ساعة خير من عبادة سنة، فسألت العالم عن ذلك، فقال: تمر بالخربة وبالديار القفار، فتقول: أين بانوك؟ أين سكانك؟ مالك لا تكلمين؟ وليست العبادة كثرة الصلاة والصيام، العبادة التفكر في أمر الله جل وعلا، وأروي: التفكر مرآتك، تريك سيئاتك وحسناتك ).

[١٢٦٩٤] ٧ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : ( اعتبروا بما مضى من الدنيا، هل بقي على أحد؟ أو هل [ أحد ](١) فيها باق من الشريف والوضيع والغني والفقير والعدو؟ فكذلك ما لم يأت منها بما

__________________

٣ - تحف العقول ص ٣٦٧.

٤ - أمالي الطوسي ج ١ ص ١١٤.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥١.

(١) ليس في المصدر.

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥١.

٧ - مصباح الشريعة ص ١٦٧، وعنه في البحار ج ٧١ ص ٣٢٥ ح ٢٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٨٤

مضى، أشبه من الماء بالماء، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كفى بالموت وبالعقل دليلا، وبالتقوى زادا، وبالعبادة شغلا، وبالله مؤنسا، وبالقرآن بيانا، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة، وما نجا من نجا إلا بصدق الالتجاء، وقال نوحعليه‌السلام : وجدت الدنيا كبيت له بابان، دخلت من أحدهما وخرجت من الاخر، هذا حال نجي(٢) الله، فكيف حال من اطمأن فيها وركن إلهيا؟ وضيع عمره في عمارتها؟ ومزق دينه في طلبها؟ والفكرة مرآة الحسنات، وكفارة السيئات، وضياء القلب، وفسحة للخلق، وإصابة في إصلاح المعاد، واطلاع على العواقب، واستزادة في العلم، وهي خصلة لا يعبد الله بمثلها، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فكر ساعة خير من عبادة سنة، ولا ينال منزلة التفكر إلا من خصه الله بنور المعرفة والتوحيد ).

[١٢٦٩٥] ٨ - الآمدي في الغرر، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: ( التفكر في ملكوت السماوات والأرض عبادة المخلصين ).

وقالعليه‌السلام : ( التفكر في آلاء الله نعم العبادة(١) ).

[١٢٦٩٦] ٩ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن حماد قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل، فقال: ( أما والله، ما أوتي لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله، متورعا في الله، ساكتا سكيتا(١) ، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغن بالعبر ) الحديث.

__________________

(٢) في المصدر: نبي.

٨ - غرر الحكم ودرر الكلم ج ١ ص ٧٢ ح ١٨١٧.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٣٩ ح ١١٩١.

٩ - تفسير القمي ج ٢ ص ١٦٢.

(١) في المصدر: سكينا.

١٨٥

[١٢٦٩٧] ١٠ - سبط الشيخ الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلا من كتاب المحاسن، عن أبي عبد الله، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: ( قال عيسى بن مريمعليه‌السلام : طوبى لمن كان صمته فكرا، ونظره عبرا، وكلامه ذكرا، وبكى على خطيئته، وسلم الناس من يده ولسانه ).

[١٢٦٩٨] ١١ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ( قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في كلام له: يا بن آدم، إن التفكر يدعو إلى البر والعمل به ) الخبر.

وعنهعليه‌السلام قال في كلام له: ( وكل سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة ).

[١٢٦٩٩] ١٢ - الشيخ ورام في تنبيه الخاطر: وكان لقمان يطيل الجلوس وحده، فكان يمر به مولاه فيقول: يا لقمان إنك تديم(١) الجلوس وحدك، فلو جلست مع الناس كان آنس لك، فيقول لقمان: إن طول الوحدة أفهم للفكرة، وطول الفكرة دليل على [ طريق ](٢) الجنة.

[١٢٧٠٠] ١٣ - أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: ( الفكرة مرآة صافية، والاعتبار منذر ناصح، من تفكر اعتبر، ومن اعتبر اعتزل، ومن اعتزل سلم [ من ](١) العجب ).

__________________

١٠ - مشكاة الأنوار ص ٣٧.

١١ - مشكاة الأنوار ص ٣٧.

١٢ - تنبيه الخواطر ص ٢٥٠.

(١) في الطبعة الحجرية: ( قديم )، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٣ - كنز الفوائد ص ٢٢٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٨٦

٦ -( باب استحباب التخلق بمكارم الأخلاق، وذكر جملة منها)

[١٢٧٠١] ١ - الشيخ الطبرسي في مجمع البيان: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: إنما بعثت لا تمم مكارم الأخلاق ).

[١٢٧٠٢] ٢ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن جعفر بن محمد، عن إسماعيل بن عباد، عن [ عبد الله بن ](١) بكير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: ( إنا لنحب من شيعتنا، من كان عاقلا فهما فقيها حليما مداريا(٢) صبورا صدوقا وفيا، ثم قال: إن الله تبارك وتعالى خص الأنبياء بمكارم الأخلاق، فمن كانت فيه فليحمد الله على ذلك، ومن لم يكن [ فيه ](٣) فليتضرع إلى الله وليسأله [ إياه ](٤) ) قال: قلت: جعلت فداك، وما هي؟ قال: ( الورع، والقنوع، والصبر، والشكر، والحلم، والحياء، والسخاء، والشجاعة، والغيرة، والبر، وصدق الحديث، وأداء الأمانة ).

[١٢٧٠٣] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ،

__________________

الباب ٦

١ - مجمع البيان ج ٥ ص ٣٣٣.

٢ - أمالي المفيد ص ١٩٢ ح ٢٢.

(١) أثبتناه من المصدر ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٠ ص ١٢٦ ).

(٢) في الطبعة الحجرية: ( مداويا )، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٣ - الجعفريات ص ١٥١

١٨٧

قال: ( سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إن من مكارم الأخلاق صدق الحديث، وإعطاء السائل، وصدق البأس(١) ، وصلة الرحم، وأداء الأمانة، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب، وإقراء الضيف ).

[١٢٧٠٤] ٤ - وبهذا الاسناد: قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع من أعطيهن، فقد أعطي خير الدنيا والآخرة: بدنا صابرا، ولسانا ذاكرا، وقلبا شاكرا، وزوجة صالحة ).

[١٢٧٠٥] ٥ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: ( الايمان له أركان أربعة: التوكل على الله تعالى، والتفويض إليه، والتسليم لامر الله تعالى، والرضى بقضاء الله تعالى ).

[١٢٧٠٦] ٦ - سبط الشيخ الطبرسي في مشكاة الأنوار: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: ( ذللوا أخلاقكم بالمحاسن، وقودوها إلى المكارم، وعودوها الحلم، واصبروا على الايثار على أنفسكم فيما تحمدون عنه قليلا من كثير، ولا تداقوا الناس وزنا بوزن، وعظموا اقداركم بالتغافل عن الدني من الأمور، وامسكوا رمق الضعيف بالمعونة له بجاهكم، وإن عجزتم عما رجا(١) عندكم فلا تكونوا بحاثين(٢) عما غاب عنكم، فيكثر عائبكم، وتحفظوا من الكذب، فإنه من أدق(٣) الأخلاق قدرا، وهو نوع من الفحش، وضرب من الدناءة، وتكرموا بالتعامي(٤) عن الاستقصاء،

__________________

(١) كذا، وفي نسخة: اليأس. ( هامش الطبعة الحجرية )، وفي المصدر: الناس.

٤ - الجعفريات ص ٢٣٠.

٥ - الجعفريات ص ٢٣٢.

٦ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

(١) في المصدر: ( رجاه ).

(٢) في الطبعة الحجرية: ( بخاشن ) وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: ( أدني ).

(٤) في الطبعة الحجرية: ( بالغنى ) ) وما أثبتناه من المصدر.

١٨٨

وروى بعضهم بالتعامس(٥) عن الاستقصاء ).

[١٢٧٠٧] ٧ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن أبي جعفر، عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام ، قال: ( ما ابتلي المؤمن بشئ هو أشد عليه من خصال ثلاث يحرمهن، قيل: وما هن؟ قال: المواساة في ذات يده، والانصاف من نفسه، وذكر الله كثيرا، أما إني لا أقول لكم: سبحان الله والحمد لله، ولكن ذكر الله عندما أحل له، وذكر الله عندما حرم عليه ).

[١٢٧٠٨] ٨ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ( لا يصلح المؤمن إلا على ثلاث خصال: الفقه(١) في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على النائبة ).

[١٢٧٠٩] ٩ - وعن الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أي الخصال بالبر أكمل؟ قال: ( وقار بلا مهابة، وسماحة بلا طلب مكافأة، وتشاغل بغير متاع الدنيا ).

[١٢٧١٠] ١٠ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( ثلاث خصال من كن فيه فقد حاز خصال الخير: من إذا قدر لم يتناول ما ليس هو له، وإذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ).

[١٢٧١١] ١١ - وعن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام : ( أنصف الناس من نفسك، وواسهم من مالك، وارض لهم ما يرضونه، واذكر

__________________

(٥) تعامس عن الامر: تغافل وهو به عالم. وقال الأزهري: وقال الأزهري: من قال: يتغامس بالغين المعجمة فهو مخطئ ( لسان العرب ج ٦ ص ١٤٧ ).

٧ - التمحيص ص ٦٧ ح ١٥٧.

٨ - التمحيص ص ٦٨ ح ١٦٤.

(١) في المصدر: التفقه.

٩ - التمحيص ص ٦٨ ح ١٦٦.

١٠ - ١١ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

١٨٩

ثواب الله، وإياك والكسل والضجر فيما يقربك منه، وعليك بالصدق والورع، وأداء الأمانة، وإذا وعدتم لا تخلفوه، وذلك لكم دون غيركم. وقالعليه‌السلام : إنا لنحب من شيعتنا، من كان عاقلا، فهيما، فقيها، حليما، أديبا، أريبا، مداريا، صبورا، صدوقا ).

[١٢٧١٢] ١٢ - وقالعليه‌السلام : ( إذا أراد الله بقوم خيرا فقههم في دينهم، فوقر صغيرهم كبيرهم، وزين فيهم حسن النظر في تدبير معاشهم، والرفق بالاقتصاد في نفقاتهم، وبصرهم عيوب أنفسهم، فتابوا إليه، وارتدوا خوفا منه عليها ).

[١٢٧١٣] ١٣ - الصدوق في الخصال: عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الحسن بن موسى، عن يزيد بن إسحاق، عن الحسن بن عطية، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ( المكارم عشرة فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن، فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده، وتكون في ولده ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في الحر، ( قيل: وما هن يا بن رسول الله قال: )(١) صدق البأس، وصدق اللسان، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وأقراء الضيف، وإطعام السائل، والمكافأة على الصنائع، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب، ورأسهن الحياء ).

ورواه المفيد في مجالسه: عن ابن قولويه، عن علي بن بابويه، عن علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن يزيد بن إسحاق، مثله(٢) .

[١٢٧١٤] ١٤ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى،

__________________

١٢ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

١٣ - الخصال ص ٤٣١ ح ١١.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أمالي المفيد ص ٢٢٦ ح ٤.

١٤ - الخصال ص ٢٥١ ح ١٢١.

١٩٠

عن الحسن بن محبوب، عن أبان، عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ( إن الصبر والبر والحلم وحسن الخلق، من أخلاق الأنبياء ).

[١٢٧١٥] ١٥ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد العلوي، عن محمد بن علي بن الحسين بن زيد، عن الرضاعليه‌السلام ، عن آبائه، قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بمكارم الأخلاق، فإن الله عز وجل بعثني بها، وإن من مكارم الأخلاق أن يعفو الرجل عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، وأن يعود من لا يعوده ).

[١٢٧١٦] ١٦ - أبو علي ولده في أماليه: عن أبيه، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن محمد بن همام، عن علي بن الحسين الهمداني، عن محمد بن خالد البرقي، عن أبي قتادة القمي، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لداود بن سرحان: ( يا داود إن خصال المكارم بعضها مقيد ببعض، يقسمها الله حيث شاء، تكون في الرجل ولا تكون في ابنه، وتكون في العبد ولا تكون في سيده، صدق الحديث، وصدق البأس، وإعطاء السائل، والمكافأة بالصنائع، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، والتودد إلى الجار والصاحب، وقرى الضيف، ورأسهن الحياء ).

[١٢٧١٧] ١٧ - فقه الرضاعليه‌السلام : ( نروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: بعثت بمكارم الأخلاق، أروي عن العالمعليه‌السلام : أن الله جل وعلا، خص رسله بمكارم الأخلاق، فامتحنوا أنفسكم فإن كانت فيكم فاحمدوا الله، وإلا فاسألوه وارغبوا إليه

__________________

١٥ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٩٢.

١٦ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٣٠٨.

١٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٧.

١٩١

فيها، قال وذكرها عشرة: اليقين، والقناعة، والبصيرة، والشكر، والحلم، وحسن الخلق، والسخاء، والغيرة، والشجاعة، والمروة - وفي خبر آخر زاد فيها - الحياء، والصدق، وأداء الأمانة ).

[١٢٧١٨] ١٨ - جامع الأخبار قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( طلبت القدر والمنزلة فما وجدت(١) إلا بالعلم، تعلموا يعظم قدركم في الدارين، وطلبت الكرامة فما وجدت إلا بالتقوى، اتقوا لتكرموا، وطلبت الغنى فما وجدت إلا بالقناعة، عليكم بالقناعة تستغنوا، وطلبت الراحة فما وجدت إلا بترك مخالطة الناس لقوام عيش الدنيا، اتركوا الدنيا ومخالطة الناس تستريحوا في الدارين، وتأمنوا من العذاب، وطلبت السلامة فما وجدت إلا بطاعة الله، أطيعوا الله تسلموا، وطلبت الخضوع فما وجدت إلا بقبول الحق، [ إقبلوا الحق ](٢) فإن قبول الحق يبعد من الكبر، وطلبت العيش فما وجدت إلا بترك الهوى، فاتركوا الهوى ليطيب عيشكم، وطلبت المدح فما وجدت إلا بالسخاء(٣) ، كونوا أسخياء(٤) تمدحوا، وطلبت نعيم الدنيا والآخرة، فما وجدت إلا بهذه الخصال التي ذكرتها(٥) ).

[١٢٧١٩] ١٩ - أبو يعلى الجعفري في نزهة الناظر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال لولده: ( إن الله عز وجل جعل محاسن الأخلاق وصلة بينه وبين عباده، فنحب(١) أحدكم أن يمسك(٢) بخلق متصل

__________________

١٨ - جامع الأخبار ص ١٤٤.

(١) الظاهر أن المراد ( وجدتها ) أو أن الفعل الأول يكون بصيغة المجهول ( طلب ) وكذا الحال بالنسبة إلى بقية الحديث.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: بالسخاوة.

(٤) في الطبعة الحجرية: الأسخياء، وما أثبتناه من المصدر.

(٥) في الطبعة الحجرية: ذكرناها، وما أثبتناه من المصدر.

١٩ - نزهة الناظر ص ٢٢.

(١) في المصدر: فيجب.

(٢) في المصدر: يتمسك.

١٩٢

بالله(٣) ).

[١٢٧٢٠] ٢٠ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( الأخلاق منائح من الله عز وجل، فإذا أحب عبدا منحه خلقا حسنا، وإذا أبغض عبدا منحه خلقا سيئا ).

[١٢٧٢١] ٢١ - السيد علي خان المدني صاحب شرح الصحيفة وغيره في كتاب الطبقات: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: ( لو كنا لا نرجو جنة ولا نخشى نارا ولا ثوابا ولا عقابا، لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنها مما تدل على سبيل النجاح، فقال رجل: فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين، سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: نعم وما هو خير منه، لما أتانا سبايا طي، فإذا فيها جارية حماء(١) حواء(٢) لعساء(٣) لمياء(٤) عيطاء(٥) ، صلت الجبين(٦) ، لطيفة العرنين(٧) ، مسنونة(٨) الخدين، ملساء الكعبين، خدلجة(٩) الساقين لفاء(١٠) الفخذين، خميصة

__________________

(٣) في المصدر زيادة: تعالى.

٢٠ - الاختصاص ص ٢٢٥.

٢١ - الدرجات الرفيعة ص ٣٥٥.

(١) حماء: الحمة دون الحوة، وشفة حماء أي سمراء، وهي صفة مدح عندهم ( انظر لسان العرب ج ٢ ص ١٥٦ ).

(٢) حواء: الحوة: سمرة الشفة ( لسان العرب ج ١٤ ص ٢٠٧ ).

(٣) لعساء: إذا كان في لونها أدنى سواد فيه شربة حمرة ليست بالناصعة. ( لسان العرب ج ٦ ص ٢٠٧ ).

(٤) لمياء: اللمياء من الشفاه اللطيفة القليلة الدم ( لسان العرب ج ١٥ ص ٢٥٨ ).

(٥) عيطاء: الطويلة العنق باعتدال ( لسان العرب ج ٧ ص ٣٥٧ ).

(٦) صلت الجبين: الجبين الواسع الأبيض الواضح ( لسان العرب ج ٢ ص ٥٣ ).

(٧) العرنين: الانف ( لسان العرب ج ٣ ص ٢٨٣ ).

(٨) مسنونة: وجه مسنون: مخروط أسيل مملس ( لسان العرب ج ١٣ ص ٢٢٤ ).

(٩) الخدلجة: الرياء الممتلئة الذراعين والساقين ( لسان العرب ج ٢ ص ٢٤٩ ).

(١٠) لفاء: واللفف كثرة لحم الفخذين، وهو في النساء صفة مدح وفي الرجال عيب، وامرأة لفاء: ضخمة الفخذين ( لسان العرب ج ٩ ص ٣١٧ ).

١٩٣

الخصرين(١١) ، ممكورة(١٢) الكشحين(١٣) ، مصقولة المتنين، فأعجبتني وقلت: لا طلبن إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يجعلها في فيئي، فلما تكلمت نسيت ما راعني من جمالها، لما رأيت من فصاحتها وعذوبة كلامها، فقالت: يا محمد إن رأيت أن تخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب، فإني ابنة سيد قومي، كان أبي يفك العاني(١٤) ، ويحمي الذمار، ويقري الضيف، ويشبع، الجائع، ويكسي المعدوم، ويفرج عن المكروب، أنا ابنة حاتم طي، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، فقام أبو بردة فقال: يا رسول الله، الله يحب مكارم الأخلاق، فقال: يا أبا بردة لا يدخل الجنة أحد ( إلا بحسن الخلق )(١٥) ).

٧ -( باب وجوب اليقين بالله في الرزق والعمر والنفع والضرر)

[١٢٧٢٢] ١ - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن: عن أبيه، عمن ذكره، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كفى باليقين غنى، وبالعبادة شغلا ).

[١٢٧٢٣] ٢ - وعن أبيه رفعه، قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة له: ( أيها الناس سلوا الله اليقين، وارغبوا إليه في العافية، فإن أجل النعمة العافية، وخير ما دار(١) في القلب اليقين، والمغبون من غبن دينه،

__________________

(١١) الخصر وسط الانسان والخميص: الضامر ( لسان العرب ج ٤ ص ٢٤١ ).

(١٢) امرأة ممكورة: مستديرة الساقين وهي الساق الغليظة الحسناء لسان العرب ج ٥ ص ١٨٤ ).

(١٣) الكشحين: جانبا البطن من ظاهر وباطن ( لسان العرب ج ٢ ص ٥٧٢ ).

(١٤) العاني: الأسير والخاضع والعبد ( لسان العرب ج ١٥ ص ١٠١ ).

(١٥) في المصدر: لا يحسن الخلق.

الباب ٧

١ - المحاسن ص ٢٤٧ ح ٢٥١.

٢ - المحاسن ص ٢٤٨ ح ٢٥٤.

(١) في المصدر: دام.

١٩٤

والمغبوط من غبط يقينه ) قال: وكان علي بن الحسينعليها‌السلام ، يطيل القعود بعد المغرب، يسأل الله اليقين.

[١٢٧٢٤] ٣ - وعن محمد بن عبد الحميد، عن صفوان قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام ، عن قول الله لإبراهيمعليه‌السلام :( أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) (١) أكان في قلبه شك؟ قال: ( لا ولكنه أراد من الله الزيادة في يقينه ).

[١٢٧٢٥] ٤ - وعن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ( إن أناسا أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما أسلموا، فقالوا: يا رسول الله، أيؤخذ الرجل منا بما عمل في الجاهلية بعد إسلامه؟ فقال: من حسن إسلامه وصح يقين إيمانه، لم يأخذه الله بما عمل، ومن سخف إسلامه ولم يصح يقين إيمانه، أخذه الله بالأول والاخر ).

[١٢٧٢٦] ٥ - وعن أبيه، عن ابن سنان، عن محمد بن حكيم، عمن حدثه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ( قال عليعليه‌السلام : إعلموا أنه لا يصغر ما ضر يوم القيامة، ولا يصغر ما ينفع يوم القيامة، فكونوا فيما أخبركم الله كمن عاين ).

[١٢٧٢٧] ٦ - السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: بإسناده عن هارون بن موسى التلعكبري، عن ابن عقدة، عن محمد بن سالم بن جهان(١) ، عن عبد العزيز، عن الحسن بن علي، عن سنان، عن عبد الواحد، عن

__________________

٣ - المحاسن ص ٢٤٧ ح ٢٤٩.

(١) البقرة ٢: ٢٦٠.

٤ - المحاسن ص ٢٥٠ ح ٢٦٤.

٥ - المحاسن ص ٢٤٩ ح ٢٥٧.

٦ - فلاح السائل ص ١٢٣.

(١) في المصدر: جبهان.

١٩٥

رجل، عن معاذ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث طويل -  قال: قلت: يا رسول الله، ما أعمل؟ قال: ( اقتد بنبيك يا معاذ في اليقين ) قال: قلت: أنت رسول الله، وأنا معاذ! قال: ( وإن كان في علمك تقصير ) الخبر.

ورواه ابن فهد في عدة الداعي(٢) : عن جعفر بن أحمد بن علي القمي في كتاب المنبئ عن زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن عبد الواحد، عمن حدثه، عن معاذ.

[١٢٧٢٨] ٧ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال: ( قلت: يا رسول الله، أخبرني عن قول الله عز وجل:( وكان تحته كنز لهما ) (١) ما ذلك الكنز الذي أقام الخضر الجدار [ عليه ](٢) ؟ فقال: يا علي لوح من ذهب مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، الله الذي لا إله إلا مدفون في هو، أنا الله الواحد(٣) لا شريك لي، محمد رسول الله عبدي، أختم به رسلي(٤) ، عجبا لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح، وعجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم هو يطمئن إليها، وعجبا لمن أيقن بالقدر ثم هو يأسف، وعجبا لمن أيقن بالحساب غدا ثم هو لا يعمل! )

[١٢٧٢٩] ٨ - وبهذا الاسناد عن عليعليه‌السلام قال: ( سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في حديث: لا عبادة إلا بيقين ).

[١٢٧٣٠] ٩ - أبو يعلى الجعفري تلميذ المفيد في النزهة: عن رسول الله ( صلى الله

__________________

(٢) عدة الداعي ص ٢٢٧.

٧ - الجعفريات ص ٢٣٧.

(١) الكهف ١٨: ٨٢.

(٢) زيادة من المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: القهار.

(٤) وفيه زيادة: عجبا لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك.

٨ - الجعفريات ص ١٥٠.

٩ - نزهة الناظر ص ٨.

١٩٦

عليه وآله ) أنه قال: ( يا علي، إن من اليقين أن لا ترضي بسخط الله أحدا، ولا تحمد أحدا على ما آتاك الله(١) ، ولا تذم أحدا على ما لم يؤتك، فإن الرزق لا يجره حرص حريص، ولا يصرفه كراهة كاره ).

[١٢٧٣١] ١٠ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ( ما من شئ إلا وله حد، قلت: فما حد اليقين؟ قال: ألا يخاف شيئا ).

[١٢٧٣٢] ١١ - وعن جابر الجعفي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: ( يا أخا جعفي، إن اليقين أفضل من الايمان، وما شئ أعز من اليقين ).

[١٢٧٣٣] ١٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: لا يجد أحد طعم الايمان، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ).

[١٢٧٣٤] ١٣ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول، عن شمعون بن لاوي في حديث طويل - أنه قال: يا رسول الله، أخبرني عن علامة الصادق - إلى أن قال - وعلامة الموقن - إلى أن قال - قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( وأما علامة الموقن فستة: أيقن ( أن الله حق )(١) فامن به، وأيقن بأن الموت حق فحذره، وأيقن بأن البعث حق فخاف الفضيحة، وأيقن بأن الجنة حق فاشتاق إليها، وأيقن بأن النار حق فظهر سعيه للنجاة منها، وأيقن بأن الحساب حق فحاسب نفسه ).

__________________

(١) في المصدر زيادة: ولا تذم أحدا على ما ابتلاه.

١٠ - التمحيص ص ٦١ ح ١٣٣.

١١ - التمحيص ص ٦٢ ح ١٣٨.

١٢ - التمحيص ص ٩٢ ح ١٣٩.

١٣ - تحف العقول ص ١٦.

(١) في المصدر: بالله حقا.

١٩٧

[١٢٧٣٥] ١٤ - ثقة الاسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: ( واليقين على أربع شعب: تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، ومعرفة العبرة، وسنة الأولين، فمن أبصر الفطنة عرف الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنما كان مع الأولين، واهتدى إلى التي هي أقوم، ونظر إلى من نجا بما نجا، ومن هلك بما هلك، وإنما أهلك الله من أهلك بمعصيته، وأنجى من أنجى بطاعته ).

[١٢٧٣٦] ١٥ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لحمران بن أعين: ( يا حمران - إلى أن قال -  واعلم أن العمل الدائم القليل على القين، أفضل(١) من العمل الكثير على غير يقين ).

[١٢٧٣٧] ١٦ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : ( اليقين يوصل العبد إلى كل حال سني ومقام عجيب، كذلك أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن عظم شأن اليقين، حين ذكر عنده أن عيسى بن مريمعليه‌السلام كان يمشي على الماء، فقال: لو زاد يقينه لمشى على الهواء، فدل بهذا على أن رتبة الأنبياءعليهم‌السلام مع جلالة محلهم من الله، كانت تتفاضل على حقيقة اليقين لا غير، ولا نهاية بزيادة اليقين على الأبد، والمؤمنون أيضا متفاوتون في قوة اليقين وضعفه، فمن قوي منهم يقينه

__________________

١٤ - الكافي ج ٢ ص ٤٢ ح ١.

١٥ - الاختصاص ص ٢٢٧.

(١) في المصدر زيادة: عند الله عز وجل.

١٦ - مصباح الشريعة ص ٤٧١.

١٩٨

فعلامته التبري من الحول والقوة إلا بالله، والاستقامة على أمر الله، وعبادته ظاهرا وباطنا، قد استوت عنده حالة العدم والوجود ٧ والزيادة والنقصان، والمدح والذم، والعز والذل، لأنه يرى كلها من عين واحدة، ومن ضعف يقينه تعلق بالأسباب، ورخص لنفسه بذلك، واتبع العادات، وأقاويل الناس بغير حقيقة، والسعي في أمر الدنيا وجمعها وإمساكها، مقرا باللسان إنه لا مانع ولا معطي إلا الله، وإن العبد لا بصيب إلا ما رزق وقسم له، والجهد لا يزيد في الرزق، وينكر ذلك بفعله وقلبه، قال الله تعالى:( يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون ) (١) وإنما عطف الله تعالى بعباده حيث أذن لهم في الكسب والحركات في باب العيش، ما لم يتعدوا حدوده، ولا يتركوا فرائضه وسننه(٢) في جميع حركاتهم، ولا يعدلوا عن محجة التوكل، ولا يقفوا في ميدان الحرص، فأما إذا نسوا ذلك وارتبطوا بخلاف ما حد لهم، كانوا من الهالكين الذين ليس لهم(٣) في الحاصل إلا الدعاوي الكاذبة ).

[١٢٧٣٨] ١٧ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: ( أفضل الدين اليقين ).

وقالعليه‌السلام : ( أفضل الايمان حسن الايقان )(١) .

وقالعليه‌السلام (٢) : ( إن الدين لشجرة أصلها اليقين )(٣) .

وقالعليه‌السلام ( إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين وألهمه اليقين )(٤) .

__________________

(١) آل عمران ٣: ١٦٧.

(٢) في المصدر: وسنن نبيه.

(٣) وفي نسخة: معهم.

١٧ - غرر الحكم ودرر الكلم ج ١ ص ١٧٥ ح ٤٠.

(١) ج ١ ص ١٨٢ ح ١٦٥.

(٢) ج ١ ص ٢٣٣ ح ١٦٥.

(٣) في المصدر: الايمان.

(٤) ج ١ ص ٣٢٢ ح ١٥٩.

١٩٩

وقالعليه‌السلام : ( باليقين تتم العبادة )(٥) .

وقالعليه‌السلام : ( ثبات الدين بقوة اليقين )(٦) .

وقالعليه‌السلام : ( شيئان هما ملاك الدين: الصدق، واليقين )(٧) .

وقالعليه‌السلام : ( عليكم بلزوم اليقين والتقوى، فإنهما يبلغانكم جنة المأوى )(٨) .

وقالعليه‌السلام : ( أيقن تفلح )(٩) .

وقالعليه‌السلام : ( المؤمن يرى يقينه في عمله )(١٠) .

وقالعليه‌السلام : ( لو صح يقينك لما استبدلت الفاني بالباقي، ولا بعت السني بالدني )(١١) .

وقالعليه‌السلام : ( من أيقن بالآخرة لم يحرص على الدنيا )(١٢) .

وقالعليه‌السلام :: ( من أيقن بالمعاد استكثر الزاد )(١٣) .

وقالعليه‌السلام : ( من حسن يقينه حسنت عبادته )(١٤) .

وقالعليه‌السلام : ( من أيقن بالآخرة سلا عن الدنيا )(١٥) .

وقالعليه‌السلام : ( من أيقن(١٦) بالقدر لم يكرثه الحذر )(١٧) .

__________________

(٥) غرر الحكم ج ١ ص ٣٣٠ ح ٢١.

(٦) ج ١ ص ٣٦٧ ح ١٧.

(٧) ج ١ ص ٤٤٩ ح ١٦.

(٨) ج ٢ ص ٤٨٥ ح ١٤.

(٩) ج ١ ص ١٠٨ ح ١٨.

(١٠) ج ١ ص ٢٣٤ ح ١٧٥، وفيه: إن المؤمن

(١١) ج ٢ ص ٦٠٤ ح ٢١.

(١٢) ج ٢ ص ٦٤٥ ح ٦٠١.

(١٣) ج ٢ ص ٦٥١ ح ٧١٠.

(١٤) ج ٢ ص ٦٥٥ ح ٧٧٧.

(١٥) ج ٢ ص ٦٧٢ ح ١٠٠٢.

(١٦) في المصدر: رضي.

(١٧) ج ٢ ص ٦٩٧ ح ١٢٧٤.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399