مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١١

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل15%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 399

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 399 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135319 / تحميل: 5662
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ثم اجتمع النور في وسط تلك الصور الخفيّة، فوافق ذلك صورة نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال الله عزّ من قائل: أنت المختار المنتخب، وعندك مستودع نوري وكنوز هدايتي، من أجلك اسطّح البطحاء، واموج الماء، وأرفع السماء، وأجعل الثواب والعقاب، والجنّة والنار، وأنصب أهل بيتك للهداية، وأوتيهم من مكنون علمي ما لا يشكل عليهم دقيق، ولا يعييهم خفيّ، وأجعلهم حجّتي على بريّتي، والمنبّهين على قدرتي ووحدانيّتي.

ثم أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبيّة، والإخلاص بالوحدانيّة.

فبعد أخذ ما أخذ من ذلك شاب ببصائر الخلق انتخاب محمّدا وآلهعليهم‌السلام ، وأراهم أنّ الهداية معه، والنور له، والإمامة في آله، تقديما لسنّة العدل، وليكون الأعذار متقدّما.

ثم أخفى الله الخليقة في غيبة، وغيّبها في مكنون علمه، ثم نصب العوالم، وبسط الزمان، وموّج الماء، وأثار الزبد، وأهاج الدخان، فطفى عرشه على الماء، فسطّح الأرض على ظهر الماء، ثم استجلبهما إلى الطاعة فأذعنتا بالاستجابة.

ثم أنشأ الله الملائكة من أنوار أبدعها، وأرواح اخترعها، وقرن توحيده بنبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فشهرت في السماء قبل بعثته في الأرض.

فلمّا خلق الله آدم أبان فضله للملائكة، وأراهم ما خصّه به من سابق العلم، حيث عرّفه عند استنبائه إيّاه أسماء الأشياء، فجعل الله آدم محرابا وكعبة وقبلة، أسجد إليها الأبرار والروحانيّين الأنوار.

ثم نبّه آدم على مستودعه، وكشف له عن خطر ما ائتمنه عليه، بعد ما سمّاه إماما عند الملائكة، فكان حظّ آدم من الخير ما أراه من مستودع نورنا.

ولم يزل الله تعالى يخبّئ النور تحت الزمان، الى أن وصل محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في ظاهر الفترات، فدعا الناس ظاهرا وباطنا، ونبّههم سرّا وإعلانا، واستدعىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التنبيه على العهد الذي قدّمه إلى الذّر

١٢١

قبل النسل، فمن وافقه واقتبس من مصباح النور المقدّم اهتدى إلى سيره، واستبان واضح أمره، ومن ألبسته الغفلة استحقّ السخط.

ثم انتقل النور إلى غرائزنا، ولمع في أئمّتنا، فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض، فبنا النجاة، ومنّا مكنون العلم، وإلينا يصير الأمور، وبمهدينا تنقطع الحجج، خاتمة الأئمّة، ومنقذ الأمّة، وغاية النور، ومصدر الأمور، فنحن أفضل المخلوقين، وأشرف الموحّدين، وحجج ربّ العالمين، فليهنأ بالنعمة من تمسّك بولايتنا وقبض عروتنا.

فهذا ما روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليهم‌السلام (١) ، انتهى. ولا أظنّ أحدا يروي هذا الخبر من غير إنكار ولا يكون إماميّا )(٢) .

وقوله رحمه‌الله : وكتاب إثبات الوصيّة ليس بنصّ. إلى آخره، كلام من لا عهد له بهذا الكتاب، ولم يظفر بنسخته، وإنّما استظهر من اسمه أنّه موضوع لإثبات وصايتهعليه‌السلام في بعض تركته، وقضاء ديونه، وإنجاز عداته(٣) ، وتجهيز جسده المباركصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ممّا تلقاه الأمّة على اختلاف مشاربهم بالقبول، ولو كان عثر عليه لعلم أنّه أحسن كتاب صنّف في هذا الباب، وفي إثبات وصاية عليّعليه‌السلام وإمامته، وأولاده الأطيابعليهم‌السلام ، فشرع في شرح خلقة صفيّ الله آدم، ومجمل أحواله، وذكر أسامي أوصيائه، مرتّبا إلى نوحعليه‌السلام ، ثم منه إلى إبراهيمعليه‌السلام ، ثم منه إلى موسىعليه‌السلام ، ثم منه إلى داودعليه‌السلام ، ثم منه إلى

__________________

(١) مروج الذهب ١: ٤٢ باختلاف في الألفاظ.

(٢) إلى هنا تنتهي الزيادة التي لم ترد في النسخة الخطية.

(٣) العدات: جمع عدة، وهي الوعد. لسان العرب ٣: ٤٦٢.

١٢٢

المسيحعليه‌السلام ، ثم منه إلى نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليهم، ومختصر من سيرتهم، والغالب أنّهم في كلّ طبقة اثنا عشر، ويذكر في آخر حال كلّ واحد منهم أن الله تعالى أوحى إليه أن يستودع التابوت، ومواريث الأنبياء إلى فلان.

ثم شرع في الجزء الثاني في حال خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ولادته إلى وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مختصرا.

ثم شرع في خلافة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وذكر قصّة المتقدّمين عليه على طريقة الإماميّة، ومن جملة كلامه.

فأقام أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن معه من شيعته في منازلهم، بما عهد إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فوجّهوا إلى منزله فهجموا عليه، وأحرقوا بابه، واستخرجوه منه كرها، وضغطوا سيّدة النساءعليها‌السلام بالباب، حتى أسقطت محسنا، وأخذوه بالبيعة فامتنع، فقال: « لا أفعل » فقالوا: نقتلك، فقال: « إن تقتلوني فإنّي عبد الله وأخو رسوله » وبسطوا يده فقبضها وعسر عليهم فتحها، فمسحوا عليها وهي مضمومة.

ثمّ لقي أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد هذا أحد القوم، فناشده الله وذكّره بأيّام الله، وقال له: « هل لك أن أجمع بينك وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى يأمرك وينهاك » فخرجا إلى قبا. إلى آخر القصّة.

قال: وهمّوا بقتل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وتواصوا وتواعدوا بذلك، وأن يتولّى قتله خالد بن الوليد - إلى أن قال - وكان الموعد في قتله أنّه يسلّم إمامهم، فيقوم خالد إليه بسيفه، فأحسّوا بأسه، فقال الإمام قبل أن يسلّم: لا يفعلنّ خالد ما أمرته به، ثم كان من أقاصيصهم ما رواه الناس(١) .

ثم ساق حالاته، وبعض معاجزه، ووفاته، ونصّه على ابنه أبي محمّدعليه‌السلام ، وهكذا إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه، وذكر في حال كلّ

__________________

(١) إثبات الوصية: ١٢٣ و ١٢٤.

١٢٣

إمام ولادته، وسيرته، ومعاجزه، ووفاته، على أحسن نظم وترتيب.

ومن طريف ما رواه في حال أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قوله: وروي أنّهعليه‌السلام كان يتكلّم في المهد.

وروي عن زكريا بن آدم قال: إنّي لعند الرضاعليه‌السلام ، إذ جيء بأبي جعفرعليه‌السلام وسنّه نحو أربع سنين، فضرب بيده الأرض، ورفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر، فقال له الرضاعليه‌السلام : « بنفسي أنت فيم تفكّر طويلا ( منذ قعدت )(١) .

فقال: فيما صنع بأمّي فاطمةعليها‌السلام ، أما والله لأخرجنّهما، ثم لأحرقنّهما، ثم لاذرينّهما، ثم لأنسفنّهما في اليمّ نسفا، فاستدناه وقبّل بين عينيه، ثم قال: أنت لها - يعني الإمامة - »(٢) .

وذكر في أحوال الحجّةعليه‌السلام النصوص على الأئمّة الاثني عشر، وقال في آخرها وهو آخر الكتاب: فلمّا أفضى الأمر إلى أبي محمدعليه‌السلام ، كان يكلّم شيعته الخواصّ وغيرهم من وراء الستر، إلاّ في الأوقات التي يركب فيها إلى دار السلطان، وإنّ ذلك إنّما كان منه ومن أبيه قبله، مقدّمة لغيبة صاحب الزمانعليه‌السلام ، لتألف الشيعة ذلك ولا تنكر الغيبة، وتجري العادة بالاحتجاب والاستتار.

وفي تسع عشرة سنة من الوقت - أي وقت إمامته عجّل الله تعالى فرجه - توفّي المعتمد، وبويع لأحمد بن الموفّق - وهو المعتضد - وذلك في رجب سنة تسع وسبعين ومائتين، ثمّ ذكر الخلفاء إلى عصره، ثم قال: وللصاحبعليه‌السلام منذ ولد إلى هذا الوقت، وهو شهر ربيع الأوّل، سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، خمس وسبعون سنة وثمانية أشهر(٣) ، أقام مع أبيه أبي محمد على

__________________

(١) في المخطوطة والحجرية: فقعد، وما أثبتناه في المتن نقلناه عن المصدر.

(٢) إثبات الوصية: ١٨٤.

(٣) في المصدر: ست وسبعون سنة وأحد عشر شهرا ونصف شهر.

١٢٤

السلام أربع سنين وثمانية أشهر، ومنها منفردا بالإمامة إحدى وسبعون سنة(١) ، وقد تركنا بياضا لمن يأتي بعد والسلام، وهو آخر الكتاب(٢) .

وقال في مروج الذهب: وفي أيّام عثمان اقتنى جماعة من الصحابة الضياع والدور، منهم الزبير بن العوام بنى داره بالبصرة، وهي المعروفة في هذا الوقت، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، تنزلها التجّار وأرباب الأموال(٣) . إلى آخره. ويعلم من هذا أنّه صنّف كتاب إثبات الوصيّة في خلال أيّام تأليفه المروج، ومنه يعلم فساد احتمال كونه منهم في أيام تأليفه، ورجوعه بعد ذلك بملاحظة الكتاب المذكور.

هذا وقال الثقة الجليل محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة، في باب ما نزل من القرآن في القائمعليه‌السلام : أخبرنا علي بن الحسين المسعودي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار القمّي، قال: حدثنا محمد بن حسان(٤) الرازي، قال: حدثنا محمد بن علي الكوفي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، عن القاسم، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ:( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) (٥) هي في القائمعليه‌السلام وأصحابه(٦) .

__________________

(١) في المصدر: اثنتان وسبعون سنة وشهورا.

(٢) إثبات الوصية: ٢٣١.

(٣) مروج الذهب ٢: ٣٣٢.

(٤) في المخطوطة والحجرية: الحسن، والذي أثبتناه هو ما اتفقت عليه كتب الرجال، انظر على سبيل المثال لا الحصر: رجال النجاشي ٣٣٨ / ٩٠٣ وفهرست الشيخ ١٤٧ / ٦١٧ ورجال العلامة: ٢٥٥ / ٤٣ وتنقيح المقال ٣: ٩٩ / ١٠٥٢٨ وكذلك المصدر.

(٥) الحج: ٢٢: ٣٩.

(٦) الغيبة للنعماني: ٢٤١.

١٢٥

وروي عنه في الكتاب المذكور - بهذا السند إلى الكوفي - في الأبواب المختصة مضامين أخبارها بالإماميّة أخبارا كثيرة:

ففي باب ما جاء في الإمامة والوصيّة، وأنّهما من الله عزّ وجلّ باختياره وأمانته، لا باختيار خلقه، بالسند المذكور، عن الكوفي، بإسناده عن زيد الشحام، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أيّما أفضل الحسن أو الحسينعليهما‌السلام ؟ قال: « إنّ فضل أوّلنا يلحق فضل آخرنا، وفضل آخرنا يلحق فضل أوّلنا، فكلّ له فضل » قال، فقلت له: جعلت فداك وسّع عليّ في الجواب، فإنّي والله ما أسألك إلاّ مرتادا، فقالعليه‌السلام : « نحن من شجرة برأنا الله تعالى من طينة واحدة، فضلنا من الله، وعلمنا من عند الله، ونحن أمناء الله على خلقه، والدعاة إلى دينه، والحجّاب فيما بينه وبين خلقه، أزيدك يا زيد؟ قال: نعم، فقال: خلقنا واحد، وعلمنا واحد، وفضلنا واحد، وكلّنا واحد عند الله عزّ وجلّ، فقلت: أخبرني بعدّتكم؟ فقال: نحن اثنا عشر، هكذا حول عرش ربّنا عزّ وجلّ وفي مبتدإ خلقنا، أوّلنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأوسطنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآخرنا محمد(١) ».

وبالسند عن الكوفي، بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ذات يوم، فلمّا تفرّق من كان عنده قال: « يا أبا حمزة من المحتوم الذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا، فمن شكّ فيما أقول لقي الله وهو به كافر وله جاحد، ثمّ قال: بأبي وأمّي المسمّى باسمي، والمكنّى بكنيتي، والسابع من بعدي، بأبي من يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا(٢) . » الخبر.

وقس على الخبر سائر ما رواه عنه فيه، وإن لم يصفه بالمسعودي في كثير

__________________

(١) الغيبة للنعماني: ٨٥ والحديث في باب: ما روي في أن الأئمة اثنا عشر إماما.

(٢) الغيبة للنعماني: ٨٦.

١٢٦

من المواضع، إلاّ أنّ اتّحاد السند، وتوصيفه به في بعض المواضع، كاف للمستأنس بالطريقة، في ثبوت كونه المقصود في جميع المواضع، وفي بعضها: حدّثنا محمد بن يحيى العطار بقم، ولا يناسب صدور هذا الكلام عن علي بن الحسين بن بابويه الساكن فيه كما لا يخفى، ومن هنا ظهر أنّ ما فعله في الرياض - في مقام جمع مشايخ النعماني من عدّ المسعودي منهم دون ابن بابويه - في محلّه(١) .

__________________

(١) رياض العلماء ٥: ١٣، ولم نقف في ترجمة النعماني على ذكر مشايخه في النسخة المطبوعة.

١٢٧

٢٥ - كتاب دعائم الإسلام:

تأليف نعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيوان، قاضي مصر.

قال في البحار: قد كان أكثر أهل عصرنا(١) يتوهّمون أنّه تأليف الصدوق -رحمه‌الله - وقد ظهر لنا أنّه تأليف أبي حنيفة النعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر في أيام الدولة الإسماعيليّة، وكان مالكيّا أولا، ثم اهتدى وصار إماميّا، وأخبار هذا الكتاب أكثرها موافقة لما في كتبنا المشهورة، لكن لم يرو عن الأئمّة بعد الصادقعليه‌السلام ، خوفا من الخلفاء الإسماعيليّة، وتحت ستر التقيّة أظهر الحقّ لمن نظر فيه متعمّقا، وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد.

قال ابن خلّكان: هو أحد الفضلاء المشار إليهم، ذكره الأمير المختار المسبّحي في تأريخه، فقال: كان من العلم، والفقه، والدين، والنبل، على ما لا مزيد عليه، وله عدّة تصانيف، منها كتاب اختلاف أصول المذاهب، وغيره، انتهى(٢) .

وكان مالكيّ المذهب، ثم انتقل إلى مذهب الإماميّة.

وقال ابن زولاق في ترجمة ولده علي بن النعمان: وكان أبوه النعمان بن محمد القاضي في غاية الفضل، من أهل القرآن والعلم، بمعانيه، وعالما بوجوه الفقه، وعلم اختلاف الفقهاء، واللّغة والشعر الفحل، والمعرفة بأيّام الناس، مع عقل وإنصاف، وألّف لأهل البيت من الكتب آلاف أوراق، بأحسن تأليف، وأملح سجع، وعمل في المناقب والمثالب كتابا حسنا، وله ردود على المخالفين: له ردّ على أبي حنيفة، وعلى مالك والشافعي، وعلى ابن سريج، وكتاب اختلاف الفقهاء ينتصر فيه لأهل البيتعليهم‌السلام (٣) .

__________________

(١) كذا في المصدر والحجرية، وفي المخطوطة: أهلنا.

(٢) أي كلام المختار المسبّحي في تأريخه ( تاريخ مصر )

(٣) وفيات الأعيان ٥: ٤١٥.

١٢٨

أقول : ثمّ ذكر كثيرا من فضائله وأحواله، ونحوه ذكر اليافعي وغيره.

وقال ابن شهرآشوب في كتاب معالم العلماء: القاضي النعمان بن محمد ليس بإماميّ، وكتبه حسان، منها شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام ، ذكر المناقب إلى الصادقعليه‌السلام ، الاتّفاق والافتراق، المناقب والمثالب [ الإمامة ] أصول المذاهب، الدّولة، الإيضاح، انتهى ما في البحار(١) .

وقال العلامة الطباطبائي في رجاله: نعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر، وقد كان بدو أمره مالكيّا، ثم انتقل إلى مذهب الإماميّة، وصنّف على طريق الشيعة كتبا، منها كتاب دعائم الإسلام، وله فيه وفي غيره ردود على فقهاء العامّة، كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وغيرهم.

وذكر صاحب تأريخ مصر: عن القاضي نعمان: إنّه كان من العلم والفقه، والدين والنبل، على ما لا مزيد عليه.

وكتاب الدعائم كتاب حسن جيّد، يصدّق ما قيل فيه، إلاّ أنّه لم يرو فيه عمّن بعد الصادق من الأئمةعليهم‌السلام ، خوفا من الخلفاء الإسماعيليّة، حيث كان قاضيا منصوبا من قبلهم بمصر، لكنّه قد أبدى من وراء ستر التقيّة مذهبه، بما لا يخفى على اللبيب(٢) .

وقال العالم المتبحّر الجليل السيّد حسين القزويني، في المبحث الخامس - من كتاب جامع الشرائع - في شرح حال المشايخ، وهو كرسالة لطيفة قال: النعمان بن محمد عالم فاضل، له كتاب دعائم الإسلام.

قال في البحار - وساق بعض ما نقلناه - وقال(٣) : وأخباره صالحة

__________________

(١) بحار الأنوار ١: ٣٨، معالم العلماء: ١٢٦ / ٨٥٣

(٢) رجال السيد بحر العلوم ٤: ٥ - ١٤.

(٣) أي القزويني.

١٢٩

للتأييد والتأكيد، ولما اشتهر [ من ] الفتوى بين العلماء الثقات ولم يوجد له مستند منسوب إلى الأئمة الأطهارعليهم‌السلام (١) .

وقال المحقّق النحرير الكاظمي في المقابس، في ذكر القائلين بعدم نجاسة الماء القليل بالملاقاة: وذهب إليه من القدماء صاحب دعائم الإسلام، كما يظهر من كلامه في هذا الكتاب - وساق بعض ما رواه فيه وبيّنه وشرحه - ثمّ قال: وهذا الرجل كما يلوح في كتابه من أفاضل الشيعة، بل الإماميّة، وإن لم يرو في كتابه إلاّ عن الصادق ومن قبله من الأئمّةعليهم‌السلام ، وقد ظهر للعلاّمة المجلسيقدس‌سره أنّ اسمه أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر(٢) ، وذكر بعض ما مرّ(٣) .

وقال: وما في معالم السّروي من نفي كونه إماميّا منظور فيه، وقد ذكر السروي أنّ له كتبا حسانا في الإمامة، وفضائل الأئمّةعليهم‌السلام ، وغيرها، وعدّ منها كتابا في المناقب الى الصادقعليه‌السلام ، ولعلّ الوجه في اقتصاره عليهعليه‌السلام ما سبق(٤) ، مع احتمال كون [ مراد ](٥) من نسبه من العامّة إلى الإماميّة أنّه من الشيعة، لكنّه خلاف الظاهر والله يعلم.

وأكثر الأخبار التي أوردها في الدعائم موافقة لما في كتب أصحابنا المشهورة، وقال في أوّله: إنّه اقتصر فيه على الثابت الصحيح ممّا جاء عن الأئمّة، من أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من جملة ما اختلف فيه الرّواة عنهم، وإنّه إنّما أسقط الأسانيد طلبا للاختصار، إلاّ أنّه مع ذلك خالف

__________________

(١) انتهى كلام القزويني والزيادة التي بين المعقوفتين أثبتناها لمقتضى السياق.

(٢) مقابس الأنوار: ٦٥ - ٦٦.

(٣) من كلام العلامة المجلسيرحمه‌الله .

(٤) أي كونه قاضي مصر في أيام الدولة الإسماعيلية.

(٥) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

١٣٠

فيه الأصحاب في جملة من الأحكام المعلومة عندهم، بل بعض ضروريّات مذهبهم كحلّيّة المتعة، فربّما كان مخالفته لهم هنا، وبقاؤه على مذهب مالك من هذا الباب، ولعلّه لبعض ما ذكر، ولعدم اشتهاره بين الأصحاب، وعدم توثيقهم له، وعدم تصحيحهم لحديثه أو كتابه، لم يورد صاحب الوسائل شيئا من أخباره، ولم يعدّ الدعائم من الكتب التي يعتمد عليها.

وقال صاحب البحار: ( إنّ أخباره تصلح للتأييد والتأكيد ) مع أنّ أخبار كثير من الأصول والمصنّفات يعتمد عليها وإن كان مؤلّفوها فاسدي المذهب كابن فضّال وغيره، فليعرف ذلك(١) ، انتهى.

وفي أمل الآمل: نعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن أحمد بن حيوان، أحد الأئمّة الفضلاء المشار إليهم(٢) ، ثم ساق بعض ما مرّ عن ابن خلّكان.

وذكره الشهيد الثالث القاضي نور الله في مجالسه في عداد علمائنا الأعلام، ورواة أخبارنا الكرام(٣) .

ولنرجع الى توضيح بعض ما ذكره هؤلاء المشايخ العظام، بما فيه قوّة اعتبار كتاب دعائم الإسلام، ويتمّ ذلك برسم أمور:

الأوّل في قول المجلسيقدس‌سره : قد كان أكثر أهل عصرنا. آخره. والظاهر أنّ سبب التوهّم عدّ الشيخ في الفهرست من كتب الصدوق كتاب دعائم الإسلام(٤) ، فظنّوا أنّه الموجود بأيدينا، ويرتفع ذلك بعد كثرة الاشتراك في أسامي الكتب، وبعد طريقة الصدوق عن تأليف مثله، بأنّه يظهر من مواضع(٥) منه أنّه كان في مصر، و(٦) مختلطا مع المنصور بالله، والمهدي بالله

__________________

(١) مقابس الأنوار: ٦٦.

(٢) أمل الآمل ٢: ٣٣٥ / ١٠٣٤.

(٣) مجالس المؤمنين ١: ٥٣٨.

(٤) الفهرست: ١٥٧ / ٦٩٥.

(٥) لم ترد في المخطوطة.

(٦) في الحجرية زيادة: أنه كان.

١٣١

من ملوك الفاطميّين(١) ، فراجع.

الثاني في قوله، وقول الجماعة: إنّه لم يرو عن الأئمّة بعد الصادقعليهم‌السلام . إلى آخره، والأمر كما قالوا إلاّ أنّي رأيت فيه الرواية عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، وعن الرضاعليه‌السلام ، ففي كتاب الوصايا: عن ابن أبي عمير(٢) أنّه قال: كنت جالسا على باب أبي جعفرعليه‌السلام ، إذ أقبلت امرأة، فقالت: استأذن لي على أبي جعفرعليه‌السلام ، قيل لها: وما تريدين منه، قالت: أردت أن أسأله عن مسألة، قيل لها: هذا الحكم، فقيه أهل العراق فاسأليه، قالت: إنّ زوجي هلك وترك ألف درهم، وكان لي عليه من صداقي خمسمائة درهم ( فأخذت صداقي وأخذت ميراثي، ثمّ جاء رجل فقال: لي عليه ألف درهم )(٣) وكنت أعرف له ذلك فشهدت بها، فقال الحكم: اصبري حتى أتدبّر في مسألتك وأحسبها، وجعل يحسب، فخرج إليه أبو جعفرعليه‌السلام وهو على ذلك، فقال: « ما هذا الذي تحرّك به أصابعك يا حكم » فأخبره، فما أتمّ الكلام حتى قال أبو جعفرعليه‌السلام : « أقرّت له بثلثي ما في يديها، ولا ميراث لها حتى تقضيه(٤) ».

والمراد به أبو جعفر الثانيعليه‌السلام قطعا، لأنّ ابن أبي عمير لم يدرك الصادقعليه‌السلام فضلا عن الباقرعليه‌السلام ، بل أدرك الكاظم عليه

__________________

(١) دعائم الإسلام ١: ٥٤ - ٥٥.

(٢) روى القاضي النعمان في دعائمه الحديث المذكور عن الحكم بن عيينة، بدلا من ابن أبي عمير، ورواه الشيخ الكليني في الكافي ٧: ٢٤ حديث ١ و ١٦٧ حديث ١، والشيخ الطوسي في التهذيب ٩: ١٦٤ حديث ٦٧١، والاستبصار ٤: ١١٤ حديث ٤٣٦ كلها عن الحكم بن عتيبة، والشيخ الصدوق في الفقيه ٤: ١٦٦ حديث ٥٧٩ عن الحكم بن عيينة، فعليه يكون استنتاج المصنف ( قده ) من أن المقصود بأبي جعفر في هذه الرواية هو الجوادعليه‌السلام ، وليس الباقرعليه‌السلام لرواية ابن أبي عمير عنه فيه تأمل، فلاحظ.

(٣) ما بين القوسين زيادة من الحجرية لم ترد في المخطوطة.

(٤) نسخة بدل: يقبضه ( مخطوط ). دعائم الإسلام ٢: ٣٦٠ / ١٣٠٩.

١٣٢

السلام ولم يرو عنه، وإنّما هو من أصحاب الرضا والجوادعليهما‌السلام ، وهو من مشاهير الرواة، بل الفقهاء العظام الذين لا يخفى عصرهم، وزمانهم وطبقتهم، على مثله من أهل العلم والفضل، وهذا ظاهر على الخبير المنصف.

وفي كتاب الوقوف: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنّ بعض أصحابه كتب إليه: إنّ فلانا ابتاع ضيعة وجعل لك في الوقف الخمس(١) إلى آخر الخبر المروي في الكافي، والتهذيب، والفقيه، مسندا عن علي ابن مهزيار، قال: كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام (٢) . إلى آخره، وعليّ من أصحاب الجواد والرضاعليهما‌السلام ، لم يدرك قبلهما من الأئمةعليهم‌السلام أحدا فلاحظ.

وفي كتاب الميراث: عن حذيفة بن منصور، قال: مات أخ لي وترك ابنته، فأمرت إسماعيل بن جابر أن يسأل أبا الحسن عليّا صلوات الله عليه عن ذلك، فسأله فقال: « المال كلّه لابنته »(٣) .

الثالث في تصريح الجماعة بأنّه أظهر الحقّ تحت أستار التقيّة لمن نظر فيه متعمّقا. وهو حقّ لا مرية فيه، بل لا يحتاج إلى التعمّق في النظر.

أمّا أولا : فلانّ الإسماعيليّة الخالصة كما صرّح به الشيخ الجليل الحسن ابن موسى النوبختي في كتاب الفرق، هم الذين أنكروا موت إسماعيل في حياة

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢: ٣٤٤ / ١٢٩٠ كتاب العطايا، فصل: ذكر ما يجوز من الصدقة وما لا يجوز.

(٢) الكافي ٧: ٣٦ حديث ٣٠، والتهذيب ٩: ١٣٠ حديث ٥٥٧، والفقيه ٤: ١٧٨ حديث ٦٢٨.

(٣) لم نعثر على هذه الرواية في النسخة المطبوعة من الدعائم، ولم نعثر عليها في الكتب الحديثية ولعلها مذكورة في نسخته.

١٣٣

أبيه، وقالوا: كان ذلك على جهة التلبيس من أبيه على الناس، لأنّه خاف فغيّبه عنهم، وزعموا أنّ إسماعيل لا يموت حتى يملك الأرض يقوم بأمر الناس، وأنّه هو القائم(١) .

وأمّا الباطنيّة منهم فلهم ألقاب كثيرة، ومقالات شنيعة، وزعموا كما في الكتاب المذكور أنّ الله عزّ وجلّ بدا له في إمامة جعفرعليه‌السلام وإسماعيل، فصيّرها في محمد بن إسماعيل.

وزعموا أنّه حيّ لم يمت، وأنّه يبعث بالرسالة، وبشريعة جديدة ينسخ بها شريعة محمّد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّه من اولي العزم.

وأولو العزم عندهم سبعة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّد، وعلي - صلوات الله عليهما وآلهما - ومحمّد بن إسماعيل، على أنّ السموات سبع، وأنّ الأرضين سبع، وأنّ الإنسان بدنه سبع: يداه، ورجلاه، وظهره، وبطنه، وقلبه، وأنّ رأسه سبع: عيناه، وأذناه، ومنخراه وفمه، وفيه لسانه - كصدره الذي فيه قلبه - وأنّ الأئمّة كذلك، وقلبهم محمد بن إسماعيل، وأنّ الله تبارك وتعالى جعل له جنّة آدم، ومعناها عندهم الإباحة للمحارم، وجميع ما خلق في الدنيا، وهو قول الله عزّ وجلّ:( وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ ) (٢) : [ أي ](٣) موسى بن جعفر بن محمد، وولدهعليهم‌السلام من بعده من ادّعى الإمامة منهم.

وزعموا أنّه خاتم النبيّين الذي حكاه الله عزّ وجلّ في كتابه.

وزعموا أنّ جميع الأشياء التي فرضها الله عزّ وجلّ على عباده، وسنّها نبيّه

__________________

(١) فرق الشيعة: ٧٩.

(٢) البقرة ٢: ٣٥.

(٣) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

١٣٤

وأمر بها، لها ظاهر وباطن، وأنّ جميع ما استعبد الله به العباد في الظاهر من الكتاب والسنّة، فأمثال مضروبة، وتحتها معان هي بطونها، وعليها العمل، وفيها النجاة، وأنّ ما ظهر منها ففي استعمالها الهلاك والشقاء، وهي جزء من العذاب الأدنى، عذّب الله به قوما إذ لم يعرفوا الحقّ، ولم يقولوا به.

الى غير ذلك من مقالاتهم الشنيعة، التي نسبها إليهم في الكتاب المذكور(١) ، وغيره في تصانيفهم في هذا الباب.

وأنت خبير بأنّه ليس في كتاب الدعائم ذكر لإسماعيل، ولا لمحمد أصلا في موضع منه، حتى في مقام إثبات الإمامة، وردّ مقالات العامّة وأئمّتهم الأربعة، فكيف يرضى المنصف أن ينسب إليه هذا المذهب؟! ولا يذكر في كتابه اسم إمامه أو نبيّه، مع أنّ خلفاء عصره الذين كان هو في قاعدة سلطنتهم، ومنصوبا للقضاوة من قبلهم، المدّعين انتهاء نسبهم الى محمد بن إسماعيل، المستولين على بلاد المغاربة، ومصر الإسكندرية، وغيرها، كانوا في الباطن من الباطنية - كما صرّح به العالم الخبير البصير السيد المرتضى الرازي، في كتاب تبصرة العوام(٢) - وكان دعاتهم متفرّقين في البلاد، ومنهم الحسن الصبّاح المعروف في خلافة المستنصر منهم، ومع ذلك ليس فيه إشارة إلى هذا المذهب، وفي مواضع لا بدّ من الإشارة إليه لو كان ممّن يميل إليه.

وأمّا ثانيا : فلأنّه صرّح في كتابه بكفر الباطنيّة وضلالتهم، وخروجهم عن الدين، فإنّه قال في باب ذكر منازل الأئمّةعليهم‌السلام ، وتنزيههم ممّن وضعهم بغير مواضعهم، وتكفيرهم من ألحد فيهم ما لفظه.

أئمّة الهدى صلوات الله عليهم ورحمته وبركاته، خلق مكرّمون من خلق

__________________

(١) فرق الشيعة: ٨٤ - ٨٥.

(٢) تبصرة العوام: ١٨١.

١٣٥

الله جلّ جلاله، وعباد مصطفون من عباده، افترض طاعة كلّ إمام منهم على أهل عصره، وأوجب عليهم التسليم لأمره، وجعلهم هداة خلقه إليه، وأدلاّء عباده عليه، وقرن طاعتهم في كتابه بطاعته وطاعة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهم حجج الله على خلقه، وخلفاؤه في أرضه.

ليس كما زعم الضالّون المفترون بآلهة غير مربوبين، ولا بأنبياء مرسلين - إلى أن قال - ولمّا كان أولياء الله الأئمّة الطاهرين، حجج الله التي احتجّ بها على خلقه، وأبواب رحمته التي فتح لعباده، وأسباب النجاة التي سبّب لأوليائه وأهل طاعته، ومن لا يقبل العمل إلاّ بطاعتهم، ولا يجازى بالطاعة إلاّ من تولاّهم وصدّقهم، كان الشيطان أشدّ عداوة لأوليائهم وأهل طاعتهم، ليستزلّهم كما استزلّ أبويهم من قبلهم، فاستزلّ كثيرا منهم واستغواهم(١) ، واستهواهم، فصاروا إلى الحور بعد الكور(٢) ، والى الشقوة بعد السعادة، والى المعصية بعد الطاعة.

وقصد الشيطان كلّ امرئ منهم من حيث يجد السبيل اليه والى الإجلاب بخيله ورجله عليه، فمن كان منهم قصير العلم، متخلّف الفهم ممّن تابع هواه، استفزّه واستغواه، واستزلّه فمال إلى الجحد لهم والنفاق عليهم، والخروج عن طاعتهم والكفر بهم، والانسلاخ من معرفتهم.

ومن كان قد برع في العلم وبلغ حدود الفهم، فاستزلّه وخدعه ودخل إليه، من باب محبوبة، وموضع رغبته، ومكان طلبته، فبيّن(٣) له زخرف التأويل، ونمّق له قول الأباطيل، فأغراه بالفكرة في تعظيم شأنهم، ورفع

__________________

(١) ورد هنا في الحجرية والمصدر زيادة: وسول لهم.

(٢) في الدعاء: نعوذ بالله من الحور بعد الكور، أي نعوذ بالله من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة والتمام، انظر مجمع البحرين ٤: ٢٧٩.

(٣) نسخة بدل: فزين ( مخطوطة )، وكذا في المصدر.

١٣٦

مكانهم، وقرّب منه الوسائل، وأكّد له الدلائل على أنّهم آلهة غير مربوبين، أو أنبياء مرسلون، أمكنه من ذلك ما أمكنه فيه، وتهيأ له منه ما تجرّأ به عليه، ودخل إلى طبقة ثالثة من مدخل الشبهات، واستثقال الفرائض الواجبات، وأباح لهم المحارم، وسهّل عليهم العظائم، في رفض فرائض الدين، والخروج من جملة المسلمين، بفاسد أقام لهم من التأويل، ودلّهم عليه بأسوء دليل، فصاروا إلى الشّقوة والخسران، وانسخلوا من جملة الإيمان.

نسأل الله العصمة من الزّيغ، والخروج من الدنيا سالمين، غير ناكثين ولا مارقين، ولا مبدّلين، ولا مغضوب علينا ولا ضالّين(١) .

ثم ذكر قصّة الغلاة في عصر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإحراقه إيّاهم بالنار، ثم قال: وكان في أعصار الأئمّة من ولدهعليهم‌السلام من مثل ذلك، ما يطول الخبر بذكرهم، كالمغيرة بن سعيد وكان من أصحاب أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ودعاته، فاستزلّه الشيطان - إلى أن قال -: واستحلّ المغيرة وأصحابه المحارم كلّها وأباحوها، وعطّلوا الشرائع وتركوها، وانسلخوا من الإسلام جملة، وبانوا من جميع شيعة الحقّ، وأتباع الأئمّةعليهم‌السلام ، وأشهر أبو جعفرعليه‌السلام لعنهم، والبراءة منهم.

ثمّ كان أبو الخطّاب في عصر جعفر بن محمدعليهما‌السلام من أجلّ دعاته، ثمّ أصابه ما أصاب المغيرة فكفر وادّعى أيضا النبوّة، وزعم أنّ جعفراعليه‌السلام إلها، تعالى الله عزّ وجلّ عن قوله، واستحلّ المحارم كلّها، ورخّص لأصحابه فيها، وكانوا كلّما ثقل عليهم أداء فرض أتوه، فقالوا: يا أبا الخطّاب خفّف عنّا، فيأمرهم بتركه، حتى تركوا جميع الفرائض، واستحلّوا جميع المحارم، وأباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور، وقال: من عرف الإمام حلّ له كلّ شيء كان حرم عليه، فبلغ أمره جعفر بن محمد عليهما

__________________

(١) دعائم الإسلام ١: ٤٥ - ٤٧.

١٣٧

السلام، فلم يقدر عليه بأكثر من أن لعنه وتبرّأ منه، وجمع أصحابه فعرّفهم ذلك، وكتب إلى البلدان بالبراءة منه وباللعنة عليه، وعظم أمره على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، واستفظعه واستهاله.

ثمّ ساق بعض الأخبار في ذلك، قال: وروينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كتب إلى بعض أوليائه، وقد كتب إليه بحال قوم قبله، ممّن انتحل الدعوة: تعدّوا الحدود، واستحلّوا المحارم، واطّرحوا الظاهر.

فكتب إليه أبو عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، بعد أن وصف حال القوم: « وذكرت أنّه بلغك أنّهم يزعمون أنّ الصلاة، والزكاة، وصوم شهر رمضان، والحجّ والعمرة، والمسجد الحرام، والبيت الحرام، والمشاعر، والشهر الحرام، إنّما هو رجل، والاغتسال من الجنابة رجل، وكلّ فريضة فرضها الله تبارك وتعالى على عباده هو رجل، وإنّهم ذكروا أنّ من عرف ذلك الرجل فقد اكتفى بعلمه من غير عمل، وقد صلّى، وأدّى الزكاة، وصام وحجّ البيت واعتمر، واغتسل من الجنابة وتطهّر، وعظّم حرمات الله والشّهر الحرام، والمسجد الحرام، وأنّهم زعموا أنّ من عرف ذلك وثبت في قلبه، جاز له أن يتهاون، وليس عليه أن يجتهد، وأنّ من عرف ذلك الرجل فقد قبلت منه هذه الحدود لوقتها، وإن هو لم يعملها.

وأنّه بلغك أنّهم يزعمون أنّ الفواحش التي نهى الله تعالى. عنها الخمر، والميسر، والزنا، والربا، والميتة، والدم، ولحم الخنزير أشخاص، وذكروا أنّ الله عزّ وجلّ إنّما حرّم من نكاح الأمّهات، والبنات، والأخوات، والعمّات، والخالات، وما حرّم على المؤمنين من النساء، إنّما عنى بذلك نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما سوى ذلك فمباح، وبلغك أنّهم يترادفون نكاح المرأة الواحدة، ويتشاهدون بعضهم لبعض بالزور، ويزعمون أنّ لهذا ظهرا وبطنا يعرفونه، وأنّ الباطن هو الذي يطالبون به، وبه أمروا.

وكتبت تسألني عن ذلك، وعن حالهم وما يقولون، فأخبرك أنّه من كان

١٣٨

يدين الله بهذه الصفة التي كتبت تسأل عنها، فهو عندي مشرك بيّن الشرك، ولا يسع لأحد أن يشكّ فيه »(١) . إلى آخر الخبر الشريف الطويل، الذي رواه سعد بن عبد الله في بصائره، ومحمّد بن الحسن الصفار في أواخر بصائر الدرجات، وفيهما: إنّ الذي كتب إليهعليه‌السلام هو المفضل بن عمر(٢) ، ولا يخفى أنّ صاحب هذه المقالات الشنيعة هو أبو الخطاب وأصحابه.

وقال الشيخ المقدّم الحسن بن موسى النوبختي في كتاب المقالات: فأمّا الإسماعيلية فهم الخطابيّة، أصحاب أبي الخطاب محمّد بن أبي زينب الأسدي الأجدع، وقد دخلت منهم فرقة في فرقة محمّد بن إسماعيل، وأقرّوا بموت إسماعيل بن جعفرعليه‌السلام في حياة أبيه، وهم الذين خرجوا في حياة أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، فحاربوا عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن العباس، فبلغه عنهم أنّهم أظهروا الإباحات، ثم ساق قصّة مقاتلتهم وهلاكهم(٣) .

ثمّ أنّ الظاهر من كتب المقالات أنّ الإسماعيليّة كلّهم منكرون للشرائع، تاركون للفرائض، مستبيحون للمحارم، ولذا يذكرون - إذا بلغوا إلى شرح حالهم - أنّهم لقّبوا بسبعة ألقاب، منها الباطنيّة بالمعنى الذي أشرنا إليه، صرّح بذلك السيد المرتضى الرازي في تبصرة العوام، وغيره.

ووافقنا على ذلك السيد الفاضل المعاصررحمه‌الله في الروضات، في ترجمة جلال الرومي حيث قال: الإسماعيليّة وإن كانوا في ظاهر دعاويهم الكاذبة، من جملة فرق الشيعة المنكرين لخلافة غير أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إلاّ أنّ الغالب عليهم الإلحاد، والزندقة، والمروق عن الدين، والخروج عن

__________________

(١) دعائم الإسلام ١: ٤٨ - ٥٢.

(٢) بصائر الدرجات: ٥٤٦، ومختصر بصائر الدرجات: ٧٨.

(٣) فرق الشيعة: ٨٠ - ٨١.

١٣٩

دائرة الموحّدين، والملّيّين، وأتباع النبيّين، انتهى(١) .

ولعلّه لذلك لم يتعرّض شيخ الطائفةرحمه‌الله في كتاب الغيبة لإبطال مذهبهم، كما تعرّض لإبطال مذهب الكيسانيّة، والناوسيّة، والواقفيّة، والفطحيّة، وغيرها، لظهور فساد مذهبهم عند جميع فرق المسلمين.

ومن ذلك كلّه ظهر أنّ نسبة هذا العالم الجليل، صاحب هذا المؤلّف الشريف إلى هذا المذهب السخيف، افتراء عظيم.

وأمّا ثالثا : فلأنّ لأرباب هذا المذهب ودعاته قواعد واصطلاحات ورموزا وإشارات، لا أثر لها في هذا الكتاب، ولا إشارة فيه إليها، فعندهم أنّه لا بدّ في كلّ عصر من سبعة، بهم يقتدون، وبهم يؤمنون، وبهم يهتدون، وهم متفاوتون في الرتب: إمام يؤدي عن الله وهو غاية الأدلّة إلى دين الله. وحجّة يؤدّي عن الإمام يحمل علمه. وذو مصّة يمصّ العلم من الحجّة أي يأخذه منه، فهذه ثلاثة. وأبواب وهم الدعاة: فداع أكبر هو رابعهم، يرفع درجات المؤمنين. وداع مأذون يأخذ العهود على الطالبين من أهل الظاهر، فيدخلهم في ذمّة الإمام، ويفتح لهم باب العلم والمعرفة وهو خامسهم. ومكلّب قد ارتفعت درجته في الدين، ولكن لم يؤذن له في الدعوة، بل في الاحتجاج على الناس، فهو يحتجّ ويرغّب إلى الداعي، ككلب الصائد، حتى إذا احتجّ على أحد من أهل الظاهر، وكسر عليه مذهبه بحيث رغب عنه، وطلب الحقّ، أدّاه المكلّب إلى الداعي المأذون ليأخذ عليه العهود، وإنّما سمّي مكلّبا لأنّ مثله مثل الجارح يحبس الصيد على الصائد، على ما قاله تعالى:( وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ) (٢) وهو سادسهم. ومؤمن يتبع الداعي، وهو الذي أخذ عليه العهد، وآمن وأيقن بالعهد، ودخل في ذمّة الإمام وحزبه وهو سابعهم.

__________________

(١) روضات الجنات ٨: ٧١.

(٢) المائدة: ٥: ٤.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وقالعليه‌السلام : ( من لم يوقن قلبه لم يطعه عمله )(١٨) .

وقالعليه‌السلام : ( ما أيقن بالله من لم يرع عهوده وذممه )(١٩) .

وقالعليه‌السلام : ( ما أعظم سعادة من بوشر قلبه ببرد اليقين )(٢٠) .

وقالعليه‌السلام : ( ما عذر من أيقن المرجع )(٢١) .

وقالعليه‌السلام : ( لا إيمان لمن لا يقين له )(٢٢) .

وقالعليه‌السلام : ( لا يعمل بالعلم إلا من أيقن بفضل الاجر فيه )(٢٣) .

وقالعليه‌السلام : ( يستدل على اليقين بقصر الامل، وإخلاص العمل، والزهد في الدنيا )(٢٤) .

[١٢٧٣٩] ١٨ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن مالك بن أعين، عن زيد بن وهب قال: إن أهل الشام دنوا من عليعليه‌السلام يوم صفين، فوالله ما يزيد قربهم منه إلا سرعة في مشيه، فقال له الحسنعليه‌السلام : ( ما ضرك لو سعيت حتى تنتهي إلى هؤلاء الذين صبروا لعدوك(١) من أصحابك؟ قال: يا بني إن لأبيك يوما لن يعدوه، ولا يبطئ به عنه السعي، ولا يعجل به إليه المشي، إن أباك والله ما يبالي وقع على الموت أو وقع الموت عليه ).

__________________

(١٨) غرر الحكم ج ٢ ص ٧٠٢ ح ١٣٣١.

(١٩) ج ٢ ص ٧٤٣ ح ١٢٥.

(٢٠) ج ٢ ص ٧٤٢ ح ١٠٤

(٢١) ج ٢ ص ٧٤٤ ح ١٣٩.

(٢٢) ج ٢ ص ٨٤٧ ح ٣٤٥.

(٢٣) ج ٢ ص ٨٥٤ ح ٤٣٣.

(٢٤) ج ٢ ص ٨٦٤ ح ١٥.

١٨ - وقعة صفين ص ٢٤٩.

(١) في الطبعة الحجرية: بعدك، وما أثبتناه من المصدر.

٢٠١

[١٢٧٤٠] ١٩ - وعن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي إسحاق قال: خرج عليعليه‌السلام يوم صفين في يده عنزة، فمر على سعيد بن قيس الهمداني، فقال له سعيد: أما تخشى يا أمير المؤمنين أن يغتالك أحد وأنت قرب عدوك؟ فقال له عليعليه‌السلام : ( إنه ليس من أحد إلا عليه من الله حفظة يحفظونه من أن يتردى في قليب(١) ، أو يخر عليه حائط أو تصيبه آفة، فإذا جاء القدر، خلوا بينه وبينه ).

٨ -( باب في وجوب طاعة العقل ومخالفة الجهل)

[١٢٧٤١] ١ - الصدوق في الأمالي: عن محمد بن موسى المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن الباقرعليه‌السلام قال: ( لما خلق الله العقل استنطقه، ثم قال [ له ](١) أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: وعزتي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك، ولا أكلمك(٢) إلا فيمن أحب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى، وإياك أعاقب، وإياك أثيب ).

[١٢٧٤٢] ٢ - وفي العلل: عن أحمد بن محمد بن عيسى العلوي، عن محمد بن إبراهيم بن أسباط، عن أحمد بن محمد بن زياد القطان، عن أبي الطيب أحمد بن محمد بن عبد الله، عن عيسى بن جعفر العلوي العمري، عن آبائه، عن عمر بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام : ( إن

__________________

١٩ - وقعة صفين ص ٢٠٥.

(١) القليب: هي البئر العادية القديمة التي لا يعلم لها صاحب ولا من حفرها، وتكون في البراري ( لسان العرب ج ١ ص ٦٨٩ ).

الباب ٨

١ - أمالي الصدوق ص ٣٤٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في الطبعة الحجرية: أحملك، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - علل الشرائع ص ٩٨.

٢٠٢

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل مما خلق الله عز وجل العقل؟ قال: خلقه من ملك له رؤوس بعدد الخلائق، من خلق ومن لم يخلق إلى يوم القيامة، ولكل رأس وجه، ولكل آدمي رأس من رؤوس العقل، واسم ذلك الانسان على وجه ذلك الرأس مكتوب، وعلى كل وجه ستر ملقى، لا يكشف ذلك الستر من ذلك الوجه حتى يولد هذا المولود، ويبلغ حد الرجال أو حد النساء، فإذا بلغ كشف ذلك الستر، فيقع في قلب هذا الانسان نور فيفهم الفريضة والسنة والجيد والردئ، ألا ومثل العقل في القلب كمثل السراج في البيت ).

[١٢٧٤٣] ٣ - وفيه وفي العيون: عن جعفر بن محمد بن مسرور، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن أبي عبد الله السياري، عن أبي يعقوب البغدادي، عن ابن السكيت، عن الرضاعليه‌السلام - في حديث - قال: فما الحجة على الخلق اليوم؟ فقال الرضاعليه‌السلام : ( العقل تعرف به الصادق على الله فتصدقه، والكاذب على الله فتكذبه ) فقال ابن السكيت: هذا هو -  والله - الجواب.

[١٢٧٤٤] ٤ - وفي معاني الأخبار: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن زيد الزراد، عن أبي عبد الله، عن أبي جعفرعليهما‌السلام - في حديث - قال: ( إني نظرت في كتاب لعليعليه‌السلام ، فوجدت في الكتاب: إن قيمة كل امرئ وقدره معرفته، إن الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا ).

[١٢٧٤٥] ٥ - وفي العلل والخصال: عن أحمد بن محمد بن عبد الرحمان المروزي،

__________________

٣ - علل الشرائع ص ١٢٢، عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٧٩ ح ١٢.

٤ - معاني الأخبار ص ١ ح ٢.

٥ - بل معاني الأخبار ص ٣١٢، والخصال ص ٤٢٧، وأخرجه المجلسي في البحار ج ١ ص ١٠٧ ح ٣ عن الخصال والعلل.

٢٠٣

عن محمد بن جعفر المقرئ الجرجاني، عن محمد بن الحسن الموصلي، عن محمد بن عاصم الطريفي، عن عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال مولى زيد بن عليعليه‌السلام ، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله خلق العقل من نور مخزون مكنون في سابق علمه، الذي لم يطلع عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب، فجعل العلم نفسه، والفهم روحه، والزهد رأسه، والحياء عينه، والحكمة لسانه، والرأفة همه، والرحمة قلبه، ثم حشاه وقواه بعشرة أشياء: باليقين، والايمان، والصدق، والسكينة، والاخلاص، والرفق، والعطية، والقنوع، والتسليم، والشكر، ثم قال عز وجل، أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: تكلم، فقال: الحمد لله الذي ليس له ضد ولا ند ولا شبيه ولا كفؤ ولا عديل ولا مثل، الذي كل شئ لعظمته خاضع ذليل، فقال الرب تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك، ولا أطوع لي منك، ولا أرفع منك، ولا أشرف منك، ولا أعز منك(١) ، بك أوحد، وبك أعبد، وبك ادعى، وبك ارتجى، وبك ابتغي، وبك أخاف، وبك احذر، وبك الثواب، وبك العقاب فخر العقل عند ذلك ساجدا، فكان في سجوده ألف عام، فقال الرب تبارك وتعالى: ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، فرفع العقل رأسه فقال: إلهي أسألك أن تشفعني فيمن خلقتني فيه، فقال الله جل جلاله لملائكته: أشهدكم أني قد شفعته فيمن خلقته فيه ).

[١٢٧٤٦] ٦ - وفي العلل: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي.

__________________

(١) في المصدر زيادة: بك أؤاخذ وبك أعطي.

٦ - علل الشرائع ص ١١٥.

٢٠٤

وفي الخصال(١) : عن أبيه، عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري، عن البرقي، عن علي بن حديد، عن سماعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في خبر طويل، في ذكر جنود العقل والجهل، إلى أن قال -  قالعليه‌السلام : ( وإنما يدرك الحق(٢) بمعرفة العقل وجنوده، ومجانبة الجهل وجنوده ).

ورواه البرقي في المحاسن: عن علي بن، حديد مثله(٣) .

[١٢٧٤٧] ٧ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في سياق قصة آدم وحواء والشجرة، قال: ( فلما آيس إبليس من قبول آدم منه، عاد ثانية بين لحيي(١) الحية، فخاطب حواء من حيث توهمها أن الحية هي التي تخاطبها، وقال: يا حواء أرأيت هذه الشجرة التي كان الله عز وجل حرمها عليكما، وقد أحلها لكما بعد تحريمها، لما عرف من حسن طاعتكما له وتوقيركما إياه، وذلك إن الملائكة الموكلين بتلك الشجرة، الذين معهم الحراب يدفعون عنها سائر حيوان الجنة، لا تدفعك عنها إن رمتها، فاعلمي بذلك أنه قد أحل لك، وأبشري بأنك إن تناولتها قبل آدم، كنت أنت المسلطة عليه الامرة الناهية فوقه، فقالت حواء: سوف أجرب هذا، فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن تمنعها(٢) عنها بحرابها، فأوحى الله تعالى إليهم تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره، فأما من جعلته ممكنا مميزا مختارا، فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه، فإن أطاع استحق ثوابي، وأن عصى وخالف أمري استحق عقابي وجزائي، فتركوها ) الخبر.

__________________

(١) الخصال ص ٥٩١.

(٢) في الخصار والمحاسن: الفوز.

(٣) المحاسن ص ١٩٨.

٧ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٨٩.

(١) اللحيان: العظمان اللذان فيهما الأسنان من داخل الفم، يكون للانسان وغيره من الحيوان ( لسان العرب ج ١٥ ص ٢٤٣ ).

(٢) في نسخة: تدفعها.

٢٠٥

[١٢٧٤٨] ٨ - وفي قوله:( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب ) (١) الآية في مقام بيان الفرق بين عوامنا وعوام اليهود، قالعليه‌السلام : ( إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصريح(٢) ، وبأكل الحرام والرشاء، وبتغيير الاحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات - إلى أن قالعليه‌السلام - واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من يفعل ما يفعلونه فهو فاسق، لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوا ) ) الخ.

[١٢٧٤٩] ٩ - وفيه قال: ( قال علي بن الحسينعليهما‌السلام : من لم يكن عقله(١) أكمل ما فيه، كان هلاكه من أيسر ما فيه ).

[١٢٧٥٠] ١٠ - الشيخ أبو الفتوح الكراجكي في كنز الفوائد: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( لكل شئ آله وعدة، وآلة المؤمن وعدته العقل، ولكل شئ مطية ومطية المرء العقل، ولكل شئ غاية وغاية العبادة العقل، ولكل قوم راع وراعي العابدين العقل، ولكل تاجر بضاعة وبضاعة المجتهدين العقل، ولكل خراب عمارة وعمارة الآخرة العقل، ولكل سفر فسطاط يلجؤون إليه وفسطاط المسلمين العقل ).

[١٢٧٥١] ١١ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: ( لا عدة أنفع من العقل، ولا عدو أضر من الجهل وقالعليه‌السلام : ( زينة الرجل عقله وقالعليه‌السلام : ( من لم يكن أكثر ما فيه عقله، كان بأكثر ما فيه قتله ).

__________________

(٨) تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٢١.

(١) البقرة ج ٢ ص ٧٨.

(٢) في المصدر: الصراح.

٩ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٩.

(١) في المصدر زيادة: من.

١٠ - كنز الفوائد ص ١٣.

١١ - كنز الفوائد ص ٨٨.

٢٠٦

وقالعليه‌السلام : ( العقول ذخائر والاعمال كنوز )(١) .

وقالعليه‌السلام : ( من ترك الاستماع من ذوي العقول مات عقله )(٢) .

وقالعليه‌السلام : ( الجمال في اللسان والكمال في العقل )(٣) .

وقالعليه‌السلام : ( العقول أئمة الأفكار، والأفكار أئمة القلوب، والقلوب أئمة الحواس، والحواس أئمة الأعضاء )(٤) .

[١٢٧٥٢] ١٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: ( استرشدوا العقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا ).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( سيد الاعمال في الدارين العقل، ولكل شئ دعامة ودعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته ).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) : ( العاقل من أطاع الله، وإن كان ذميم المنظر حقير الخطر ).

[١٢٧٥٣] ١٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه عليعليهم‌السلام قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا علمتم من رجل حسن الحال فانظروا في حسن عقله فإنما يجزى الرجل بعقله ).

[١٢٧٥٤] ١٤ - محمد بن علي الفارسي في روضة الواعظين: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: ( صدر العاقل صندوق سره، ولا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، ولا مال أعود من العقل، ولا عقل كالتدبير ).

__________________

(١) نفس المصدر ص ١٩٤.

(٢) نفس المصدر ص ٨٨.

(٣) نفس المصدر ص ٨٨.

(٤) نفس المصدر ص ٨٨.

١٢ - كنز الفوائد ص ١٩٤.

(١) نفس المصدر ص ١٣.

١٣ - الجعفريات ص ١٤٨.

١٤ - روضة الواعظين ص ٤.

٢٠٧

[١٢٧٥٥] ١٥ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال ٦ ( قوام المرء عقله، ولا دين لمن لا عقل له ) وروي ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قيل له: ما العقل؟ قال: ( العمل بطاعة الله، وان العمال بطاعة الله هم العقلاء ).

[١٢٧٥٦] ١٦ - وعن ابن عباس، أنه قال: أساس الدين بني على العقل، وفرضت الفرائض على العقل، وربنا يعرف بالعقل، ويتوسل إليه بالعقل، والعاقل أقرب من ربه من جميع المجتهدين بالعقل(١) ، ولمثقال ذرة من بر العاقل، أفضل من جهاد الجاهل الف عام.

[١٢٧٥٧] ١٧ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الصادقعليه‌السلام قال: ( إذا أراد الله أن يزيل من عبد نعمة، كان أول ما يغير منه عقله ).

وقالعليه‌السلام (١) : ( يغوص العقل على الكلام فيستخرجه من مكنون الصدر، كما يغوص الغائص على اللؤلؤ المستكنة [ في البحر ](٢) ).

[١٢٧٥٨] ١٨ - وعنهعليه‌السلام قال: ( أفضل طبائع العقل العبادة، وأوثق الحديث له العلم، وأجزل حظوظه الحكمة، وأفضل ذخائره الحسنات ).

[١٢٧٥٩] ١٩ - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن: عن أبيه، عن سليمان بن جعفر الجعفري، رفعه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إنا معاشر الأنبياء نكلم الناس على قدر عقولهم ).

[١٢٧٦٠] ٢٠ - وعن الحسن بن علي بن يقطين، عن محمد بن سنان، عن أبي

__________________

١٥، ١٦ - روضه الواعظين ص ٤.

(١) في المصدر: بغير عقل.

١٧ - الاختصاص ص ٢٤٥.

(١) نفس المصدر ص ٢٤٤.

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٨ - نفس المصدر ص ٢٤٤.

١٩ - المحاسن ص ١٩٥ ح ١٧.

٢٠ - نفس المصدر ص ١٩٥ ح ١٦.

٢٠٨

الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ( إنما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة، على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا ).

ورواه في الكافي: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد، مثله(١) .

[١٢٧٦١] ٢١ - وعن النوفلي، وجهم بن حكيم المدائني، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا بلغكم عن رجل حسن حالة، فانظروا في حسن عقله، فإنما يجازى بعقله ).

[١٢٧٦٢] ٢٢ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في جواب شمعون بن لاوي بن يهودا من حواري عيسىعليه‌السلام ، حيث قال: أخبرني عن العقل، ما هو؟ وكيف هو؟ ما يتشعب منه وما لا يتشعب؟ وصف لي طوائفه كلها؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إن العقل عقال من الجهل، والنفس مثل أخبث الدواب، فإن لم تعقل جارت، فالعقل عقال من الجهل، وان الله خلق العقل فقال له: أقبل فأقبل، وقال له: أدبر فأدبر، فقال الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي، ما خلقت خلقا أعظم منك، ولا أطوع منك، بك أبدئ وبك أعيد، لك الثواب وعليك العقاب ) الخبر، وهو طويل شريف.

[١٢٧٦٣] ٢٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( إنما يدرك الخير كله بالعقل، ولا دين لمن لا عقل له - واثنى قوم بحضرته على رجل حتى ذكروا جميع خصال الخير، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - كيف عقل الرجل؟ فقالوا: يا رسول الله نخبرك عنه باجتهاده في العبادة وأصناف الخير، تسألنا عن عقله! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الأحمق يصيب

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٩ ح ٧.

٢١ - المحاسن ص ١٩٤ ح ١٤.

٢٢ - تحف العقول ص ١٢.

٢٣ - المصدر السابق ٣٨.

٢٠٩

بحمقه أعظم من فجور الفاجر، وإنما يرتفع العباد غدا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم.

[١٢٧٦٤] ٢٤ - وقدم المدينة رجل نصراني من أهل نجران، وكان فيه بيان وله وقار وهيبة، فقيل: يا رسول الله، ما اعقل هذا النصراني! فزجر القائل وقال: ( مه، ان العاقل من وحد الله وعمل بطاعته ).

[١٢٧٦٥] ٢٥ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : ( العاقل من كان ذلولا إجابة الحق، منصفا بقوله، جموحا عند الباطل، خصما بقوله، يترك دنياه ولا يترك دينه، ودليل العقل(١) شيئان صدق القول وصواب الفعل ) الخبر.

[١٢٧٦٦] ٢٦ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلا من كتاب الزاهد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ( دعامة الاسلام العقل، ومنه الفطنة والفهم والحفظ والعلم، وبالعقل يكمل، وهو دليله ومبصره ومفتاح امره، فإذا كان تأييد عقله من النور، كان عالما حافظا زاكيا فطنا فهما، فعلم بذلك كيف ولم؟ وحيث، وعرف من نصحه ومن غشه، فإذا عرف ذلك، عرف مجراه وموصوله ومفصوله، وأخلص الوحدانية لله والاقرار بالطاعة، فإذا فعل ذلك كان مستدركا لما فات واردا على ما هو آت، فعرف ما هو فيه، ولأي شئ هو هاهنا؟ ومن أين يأتي؟ وإلى ما هو صائر؟ وذلك كله من تأييد العقل ).

[١٢٧٦٧] ٢٧ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في حديث: ( العقل هداية، والجهل ضلالة ).

__________________

٢٤ - تحف العقول ص ٣٨.

٢٥ - مصباح الشريعة ص ٢٢٢.

(١) في نسخة: العاقل.

٢٦ - مشكاة الأنوار ص ٢٥٢.

٢٧ - لب اللباب: مخطوط.

٢١٠

قلت: ذكر الشيخ في الأصل(١) في آخر الباب، للعقل معاني يطلق عليها في الأحاديث، وذكر ان أكثر أحاديث الباب محمول على معنيين: أحدهما العلم، ومنه يظهر ان ما نسب إلى الأخباريين من انكارهم حجية القطع الحاصل من العقل في غير محله، وله شواهد كثيرة من كلماتهم، ليس هنا محل نقلها، ولعلنا نشير في بعض فوائد الخاتمة إلى ذلك، إن شاء الله تعالى.

٩ -( باب وجوب غلبة العقل على الشهوة، وتحريم العكس)

[١٢٧٦٨] ١ - ثقة الاسلام في الكافي: عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا رفعه، عن هشام بن الحكم، عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، أنه قال: ( يا هشام، كيف يزكو عند الله عملك؟ وأنت قد شغلت قلبك [ عن أمر ربك ](١) وأطعت هواك على غلبة عقلك ) ).

[١٢٧٦٩] ٢ - الآمدي في الغرر، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: ( العقل والشهوة ضدان، ومؤيد العقل العلم، ومزين الشهوة الهوى، والنفس متنازعة بينهما، فأيهما قهر كانت في جانبه ).

وقالعليه‌السلام : ( إن أفضل الناس عند الله، من أحيى عقله وأمات شهوته )(١) .

وقالعليه‌السلام : ( ذهاب العقل بين الهوى والشهوة )(٢) .

وقالعليه‌السلام ( زوال العقل بين دواعي الشهوة

__________________

(١) وسائل الشيعة ج ١١ ص ١٦٣.

الباب ٩

١ - الكافي ج ١ ص ١٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - غرر الحكم ودرر الكلم ج ١ ص ٩٦ ح ٢١٢٢.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٤٠ ح ٢٠٣.

(٢) نفس المصدر ص ٢٠٧، ( الطبعة الحجرية ).

٢١١

والغضب )(٣) .

وقالعليه‌السلام : ( من كمل عقله استهان بالشهوات )(٤) .

وقالعليه‌السلام : ( من لم يملك شهوته لم يملك عقله )(٥) .

وقالعليه‌السلام : ( لا عقل مع شهوة )(٦) .

وقالعليه‌السلام : ( من ملك نفسه علا امره، من ملكته نفسه ذل قدره )(٧) )(٨) .

وقالعليه‌السلام : ( من غلب شهوته ظهر عقله )(٩) .

وقالعليه‌السلام : ( من غلب عقله هواه أفلح، من غلب هواه عقله افتضح )(١٠) .

وقالعليه‌السلام : ( من غلب شهوته صان قدره )(١١) .

[١٢٧٧٠] ٣ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : ( والهوى عدو العقل، ومخالف الحق، وقرين الباطل، وقوة الهوى من الشهوات، و أصل علامات الهوى من اكل الحرام، والغفلة عن الفرائض، والاستهانة بالسنن، والخوض في الملاهي ).

[١٢٧٧١] ٤ - أبو يعلى الجعفري في كتاب نزهة الناظر: عن أبي جعفر

__________________

(٣) نفس المصدر ج ٢٣٤ وفيه: ( ضلال النفس ) بدل ( زوال العقل ) الطبعة الحجرية.

(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ٦٤٢ ح ٥٧١.

(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٠٢ ح ١٣٣٣.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٣٣ ح ٩٣.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) نفس المصدر ج ٢ ص ٦٢١ ح ٢٢٨.

(٩) نفس المصدر ج ٢ ص ٦٢٥ ح ٣٠٨.

(١٠) نفس المصدر ج ٢ ص ٦٥٠ ح ٦٩٨، ٦٩٩.

(١١) نفس المصدر ج ٢ ص ٦٥١ ح ٧٠٧.

٣ - مصباح الشريعة ص ٢٢٣.

٤ - نزهة الناظر ص ٥٠

٢١٢

عليه‌السلام ، قال: ( ان طبائع الناس كلها مركبة على الشهوة، والرغبة، والحرص، والرهبة، والغضب، واللذة، إلا أن في الناس من زم(١) هذه الخلال بالتقوى والحياء والأنف، فإذا دعتك نفسك إلى كبيرة من الامر، فارم ببصرك إلى السماء، فإن لم تخف من(٢) فيها، فانظر إلى من في الأرض، لعلك ان تسستحيي ممن فيها، فإن كنت لا ممن في السماء تخاف، ولا ممن في الأرض تستحي، فعد نفسك في البهائم ).

١٠ -( باب وجوب الاعتصام بالله)

[١٢٧٧٢] ١ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن هارون القاضي(١) ، عن محمد بن جعفر بن بطة، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: ( قال إبليس: خمسة أشياء ليس لي فيهن حيلة، وسائر الناس في قبضتي: من اعتصم بالله عن نية صادقة، واتكل عليه في جميع أموره ) الخبر.

[١٢٧٧٣] ٢ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلا عن المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ( أيما عبد اقبل قبل ما يحب الله عز وجل، اقبل الله عز وجل قبل كل ما يحب، ومن اعتصم بالله وبتقواه عصمه الله، ومن أقبل قبله وعصمه، لم يبال لو سقطت السماء على الأرض [ أو كانت نازلة على أهل الأرض ](١) فشملتهم بلية، وكان في حرز الله بالتقوى من كل بلية، أليس الله تبارك وتعالى يقول:( ان المتقين في مقام امين ) (٢) ).

__________________

(١) في المصدر: قد ضم.

(٢) وفيه: ممن.

الباب ١٠

١ - الخصال ج ١ ص ٢٨٥ ح ٣٧.

(١) في المصدر: الفامي، وكلاهما صحيح ( راجع معجم رجال الحديث ج ٢ ص ٣٥٤ ).

٢ - مشكاة الأنوار ص ١٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الدخان ٤٤: ٥١.

٢١٣

[١٢٧٧٤] ٣ - وعنهعليه‌السلام : ( أوحى الله تعالى إلى داودعليه‌السلام : أنه ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي، عرفت ذلك من نيته، ثم تكيده السماوات والأرض ومن فيهن، إلا جعلت له المخرج من بينهن، وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي، عرفت ذلك من نيته، إلا قطعت أسباب السماوات من بين يديه، وأسخت الأرض من تحته ولا أبالي في اي واد يهلك ).

فقه الرضاعليه‌السلام : مثله(١) .

[١٢٧٧٥] ٤ - محمد بن علي الفتال في روضة الواعظين: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: ( من اعتصم بالله لا يهزم ).

[١٢٧٧٦] ٥ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( يقول الله عز وجل: ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني، الا قطعت أسباب السماوات والأرض(١) دونه، فان سألني لم اعطه، وان دعاني لم أجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي، الا ضمنت السماوات والأرض رزقه، فان سألني أعطيته، وان دعاني أجبته، وان استغفرني غفرت له ).

صحيفة الرضاعليه‌السلام : مسندا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(٢) .

[١٢٧٧٧] ٦ - القطب الراوندي في كتاب لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( يقول الله: ما من عبد نزلت به بلية، فاعتصم بي دون خلقي، الا أعطيته قبل أن يسألني ).

__________________

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٦.

(١) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٨.

٤ - روضة الواعظين ص ٤٢٥.

٥ - روضة الواعظين ص ٤٢٦.

(١) في المصدر زيادة: من.

(٢) صحيفة الإمام الرضاعليه‌السلام ص ٣٣ ح ٥.

٦ - لب اللباب: مخطوط.

٢١٤

[١٢٧٧٨] ٧ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: ( من اعتصم بالله نجاه ) وقالعليه‌السلام : ( من اعتصم بالله لم يضره شيطان )(١) وقالعليه‌السلام : ( اعتصم في أحوالك كلها بالله، فإنك تعتصم منه سبحانه بمانع عزيز(٢) ، الجئ نفسك في الأمور كلها إلى إلهك، فإنك تلجئها إلى كهف حريز )(٣) .

١١ -( باب وجوب التوكل على الله والتفويض إليه)

[١٢٧٧٩] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: ( الايمان له أركان أربعة: التوكل على الله، والتفويض إليه، والتسليم لامر الله تعالى، والرضى بقضاء الله تعالى ).

ورواه في المحاسن: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

ورواه الحميري في قرب الإسناد: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البزنطي، عن الرضاعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٢٧٨٠] ٢ - كتاب مثنى بن الوليد الحناط: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال لي: ( ما من شئ إلا وله حد ) قال: فقلت: وما حد التوكل؟ قال: ( اليقين ) قلت: فما حد اليقين؟ قال: ( أن لا يخاف مع الله شيئا ).

__________________

٧ - غرر الحكم ودرر الكلم ج ٢ ص ٦١٩ ح ١٨٤.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٦٣٠ ح ٣٨٠.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ١١٩ ح ١٦٦.

(٣) نفس المصدر ج ١ ص ١١٨ ح ١٦٥.

الباب ١١

١ - الجعفريات ص ٢٣٢

(١) عنه في مشكاة الأنوار ص ١٨.

(٢) قرب الإسناد ص ١٥٥.

٢ - كتاب مثنى بن الوليد الحناط ص ١٠٤.

٢١٥

[١٢٧٨١] ٣ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن جماعة، عن أبي المفضل، عن أبي الحسين رجاء بن يحيى العبرتائي الكاتب، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن الفضيل بن يسار، عن وهب بن عبد الله الهنائي، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي، عن أبيه، عن أبي ذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( يا أبا ذر، ان سرك أن تكون أقوى الناس، فتوكل على الله، وان سرك أن تكون أكرم الناس، فاتق الله عز وجل، وان سرك أن تكون أغنى الناس، فكن بما في يدي الله عز وجل أوثق منك بما في يديك، يا أبا ذر، لو أن الناس كلهم أخذوا بهذه الآية لكفتهم( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا ) (١) ).

[١٢٧٨٢] ٤ - سبط الشيخ الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلا من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ( إن الغنى والعز يجولان، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطناه ).

[١٢٧٨٣] ٥ - وعن أبي الحسن الأولعليه‌السلام ، سأله علي بن سويد السائي، عن قول الله عز وجل:( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) (١) قال: ( التوكل على الله درجات، منها أن تتوكل عليه في أمورك كلها، فما فعل بك كنت عنه راضيا، تعلم أنه لا يألوك الا خيرا وفضلا، وتعلم أن الحكم في ذلك إليه، ووثقت به فيها وفي غيرها ).

__________________

٣ - أمالي الطوسي: النسخة المطبوعة خالية من هذه القطعة، وأخرجها العلامة المجلسي في البحار ج ٧٧ ص ٨٧ عن معاني الأخبار والخصال وذكر في ذيل: ورواه الشيخ في أماليه مثله.

(١) الطلاق ٦٥: ٢، ٣.

٤ - مشكاة الأنوار ص ١٦.

٥ - المصدر السابق ١٦.

(١) الطلاق ٦٥: ٣.

٢١٦

[١٢٧٨٤] ٦ - محمد بن علي الفتال في روضة الواعظين، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: ( من أحب أن يكون اتقى الناس، فليتوكل على الله ).

[١٢٧٨٥] ٧ - وعن الباقرعليه‌السلام ، أنه قال: ( من توكل على الله لا يغلب ).

[١٢٧٨٦] ٨ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( من أحب أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله، ومن سره أن يكون أكرم الناس، فليتق الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس، فليكن بما في يد الله أوثق مما في يده، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لو أن رجلا على الله بصدق النية، لاحتاجت إليه ( الأمور ممن دونه )(٢) ، فكيف يحتاج هو ومولاه الغني الحميد؟ ).

[١٢٧٨٧] ٩ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( من توك وقنع ورضي كفي المطلب ).

[١٢٧٨٨] ١٠ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم يسدوا فاقته، ومن أنزلها بالله أو شك الله له الغنى، إما موتا عاجلا، أو غنى آجلا ).

[١٢٧٨٩] ١١ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لو توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا ) ورأي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قوما لا يزرعون، قال: ( ما أنتم؟ ) قالوا: نحن المتوكلون، قال: ( لا بل أنتم المتكلون ).

[١٢٧٩٠] ١٢ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا تتكل إلى غير الله فيكلك الله

__________________

٦، ٧ - روضة الواعظين ص ٤٢٥.

٨ - المصدر السابق ص ٤٢٦.

(١) في المصدر: سره.

(٢) في المصدر: الأمراء فمن دونهم.

٩ - ١٢ - لب اللباب: مخطوط.

٢١٧

إليه، ولا تعمل لغير الله فيجعل ثوابك عليه ).

[١٢٧٩١] ١٣ - وسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جبرئيل عن تفسير التوكل، فقال: ( اليأس من المخلوقين، وأن يعلم أن المخلوق لا يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع ).

[١٢٧٩٢] ١٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: ( قضى الله على نفسه، انه من آمن به هداه، ومن اتقاه وقاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن أقرضه أنماه، ومن وثق به أنجاه، ومن التجأ إليه آواه، ومن دعاه أجابه ولباه، وتصديقها من كتاب الله( ومن يؤمن بالله يهد قلبه ) (١) ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) (٢) ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) (٣) ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه ) (٤) ( ومن يعتصم بالله فقد هدى ) (٥) ( وأنيبوا إلى ربكم ) (٦) ( وإذا سألك عبادي ) (٧) الآية.

[١٢٧٩٣] ١٥ - وعن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، قال: ( ان العز والغنى خرجا يجولان، فلقيا التوكل فاستوطنا ).

[١٢٧٩٤] ١٦ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : ( التوكل كأس مختوم بختام الله عز وجل، فلا يشرب بها ولا يفض ختامها الا المتوكل، كما قال الله تعالى:( وعلى الله فليتوكل المتوكلون ) (١) وقال عز وجل:

__________________

١٣، ١٤ - لب اللباب: مخطوط.

(١) التغابن ٦٤: ١١.

(٢) الطلاق: ٦٥: ٢.

(٣) الطلاق ٦٥: ٣.

(٤) البقرة ٢: ٢٤٥.

(٥) آل عمران ٣: ١٠١.

(٦) الزمر ٣٩: ٥٤.

(٧) البقرة ٢: ١٨٦.

١٥ - لب اللباب: مخطوط.

١٦ - مصباح الشريعة ص ٤١٣ - ٤١٨. ( باختلاف يسير ).

(١) إبراهيم ١٤: ١٢.

٢١٨

( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) (٢) جعل الله التوكل مفتاح الايمان، والايمان قفل التوكل، وحقيقة التوكل الايثار، وأصل الايثار تقديم الشئ بحقه، ولا ينفك المتوكل في توكله من اثبات أحد الايثارين: فإن اثر معلول التوكل وهو الكون حجب به، وان اثر العلل عله التوكل وهو البارئ سبحانه وتعالى بقي معه، فإن أردت أن تكون متوكلا لا متعللا، فكبر على روحك خمس تكبيرات، وودع أمانيك كلها توديع الموت للحياة، وأدنى حد التوكل أن لا تسابق مقدورك بالهمة، ولا تطالع مقسومك، ولا تستشرف معدومك، فينتقض بأحدها عقد ايمانك وأنت لا تشعر، وان عزمت أن تقف على بعض شعار المتوكلين من اثبات أحد الايثارين حقا، فاعتصم بمعرفة هذه الحكاية، وهي انه روي مان بعض المتوكلين قدم على بعض الأئمةعليهم‌السلام ، فقال له: اعطف علي بجواب مسألة في التوكل، والإمامعليه‌السلام كان يعرف الرجل بحسن التوكل ونفيس الورع، وأشرف على صدقه فيما سأل عنه من قبل ابدائه إياه، فقال له: قف مكانك وانظرني ساعة، فبينا هو مطرق لجوابه إذ اجتاز بهما فقير، فادخل الإمامعليه‌السلام يده في جيبه وأخرج شيئا فناوله الفقير، ثم اقبل على السائل فقال له: هات وسل عما بدا لك، فقال السائل: أيها الامام، كنت أعرفك قادرا متمكنا من جواب مسألتي قبل أن استنظرتني، فما شأنك في ابطائك عني؟ فقال الإمامعليه‌السلام : لتعتبر المعنى قبل كلامي، إذا لم أكن أراني ساهيا بسري وربي مطلع علي، ان أتكلم بعلم التوكل وفي جيبي دانق، ثم لم يحل ذلك إلا بعد ايثاره فافهم، فشهق السائل شهقة، وحلف أن لا يأوي عمرانا ولا يأنس ببشر ما عاش ).

[١٢٧٩٥] ١٧ - الشيخ المفيد في الإختصاص: مرسلا عن الأوزاعي، أن لقمان قال لابنه: يا بني من ذا الذي عبد الله فخذله؟ ومن ذا الذي ابتغاه فلم

__________________

(٢) المائدة ٥: ٢٣.

١٧ - الاختصاص ص ٣٣٧.

٢١٩

يجده؟ ومن ذا الذي ذكره فلم يذكره(١) ؟ ومن ذا الذي توكل على الله فوكله إلى غيره؟ ومن ذا الذي تضرع إليه جل ذكره فلم يرحمه؟

[١٢٧٩٦] ١٨ - الحسن بن أبي الحسن الديلمي في ارشاد القلوب: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في خبر المعراج - أنه قال: ( يا رب أي الاعمال أفضل؟ فقال الله عز وجل: ( يا أحمد )(١) ، ليس شئ أفضل عندي من التوكل علي والرضى بما قسمت ).

[١٢٧٩٧] ١٩ - العلامة الكراجكي في معدن الجواهر: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( خصلة من عمل بها كان من أقوى الناس، قيل: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: التوكل على الله عز وجل ).

[١٢٧٩٨] ٢٠ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه مر يوما على قوم، فرآهم أصحاء جالسين في زاوية المسجد، فقالعليه‌السلام : ( من أنتم؟ ) قالوا: نحن المتوكلون قالعليه‌السلام : ( ( لا بل أنتم المتأكلة، فان كنتم متوكلين فما بلغ بكم توكلكم؟ ) قالوا: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا، قالعليه‌السلام : ( هكذا تفعل الكلاب عندنا ) قالوا: فما نفعل؟ قال: ( كما نفعل ) قالوا: كيف تفعل؟ قالعليه‌السلام : ( إذا وجدنا بذلنا، وإذا فقدنا شكرنا ).

__________________

(١) في الطبعة الحجرية: يجده، وما أثبتناه من المصدر.

١٨ - ارشاد القلوب ص ١٩٩.

(١) ليس في المصدر.

١٩ - معدن الجواهر ص ٢٢.

٢٠ - تفسير أبي الفتوح الرازي:

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399