مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١١

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل15%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 399

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 399 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 132059 / تحميل: 5301
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: ( وإن أعظم الناس حسرة يوم القيامة، من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره ).

[١٣١٤٨] ٢ - جعفر بن أحمد في كتاب الغايات: عن خيثمة، عنه، مثله.

وفيه: ( عبد وصف ) إلى آخره.

[١٣١٤٩] ٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( أشد أهل النار عذابا، من وصف عدلا ثم خالف إلى غيره ).

[١٣١٥٠] ٤ - الحسين بن سعيد في كتاب الزهد: عن النضر، عن الحلبي، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( فكبكبوا فيها هم والغاوون ) (١) هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم، ثم خالفوا إلى غيره ).

[١٣١٥١] ٥ - وعن عبد الله بن بحر(١) ، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( فكبكبوا ) (٢) الآية، فقال: ( يا أبا بصير، هم قوم وصفوا عدلا وعملوا بمخالفه(٣) ).

[١٣١٥٢] ٦ - فقه الرضاعليه‌السلام : ( ونروي: من أعظم الناس حسرة؟ قال: من وصف عدلا فخالفه إلى غيره.

__________________

٢ - الغايات ص ٩٩.

٣ - الغايات ص ١٠٠.

٤ - الزهد ص ٦٨ ح ١٨١.

(١) الشعراء ٢٦: ٩٤.

٥ - الزهد ص ٦٨.

(١) كان في الطبعة الحجرية ( يحيى ) وهو تصحيف، وصحته ما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، انظر معجم رجال الحديث ج ٥ ص ٢٤٧ و ج ١٠ ص ١١٧.

(٢) الشعراء ٢٦: ٩٤.

(٣) في المصدر: بخلافه.

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥١.

٣٢١

ونروي في قول الله:( فكبكبوا ) (١) الآية، قال: هم قوم وصفوا بألسنتهم ثم خالفوا إلى غيره، فسئل عن معنى ذلك، فقال: إذا وصف الانسان عدلا خالفه إلى غيره، فرأى يوم القيامة الثواب الذي هو واصفه لغيره، عظمت حسرته ).

[١٣١٥٣] ٧ - كتاب سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت علياعليه‌السلام يقول: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وإن أشد الناس(١) ندامة وحسرة، رجل دعا عبدا إلى الله فاستجاب له، فأطاع الله فدخل الجنة، ( وادخل الداعي النار )(٢) ، بتركه عمله، واتباعه هواه، وعصيانه الله ) الخبر.

[١٣١٥٤] ٨ - الشيخ المفيد في العيون والمحاسن: عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه، عن خيثمة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - أنه قال: ( وإن أشد الناس عذابا يوم القيامة، من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره ).

٣٩ -( باب وجوب إصلاح النفس عند ميلها إلى الشر)

[١٣١٥٥] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه قال: ( قال علي بن أبي طالبعليهم‌السلام : أحمق الناس من حشى كتابه بالترهات(١) ، إنما كانت الحكماء والعلماء

__________________

(١) الشعراء ٢٦: ٩٤.

٧ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٦١.

(١) في المصدر: ( أهل النار ).

(٢) في المصدر: ( وعصى الله الداعي فأدخل النار ).

٨ - العيون والمحاسن ص ٢٨٧.

الباب ٣٩

١ - الجعفريات ص ٢٣٦.

(١) الترهات: الأباطيل، واحدتها، ترهة ( لسان العرب ( تره ) ج ١٣ ص ٤٨٠ ).

٣٢٢

والأتقياء والأبرار، يكتبون بثلاثة ليس معهن رابع: من أحسن لله سريرته أحسن الله علانيته، ومن أصلح فيما بينه وبين الله أصلح الله تعالى فيما بينه وبين الناس، ومن كانت الآخرة همه كفاه الله همه من الدنيا ).

[١٣١٥٦] ٢ - بهذا الاسناد عن عليعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء، فقيل: ومن هم يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس ).

[١٣١٥٧] ٣ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلا من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ( أقصر نفسك عما يضرها من قبل أن تفارقك، واسع في فكاكها كما تسعى في طلب معيشتك، فإن نفسك رهينة بعملك ).

[١٣١٥٨] ٤ - وعنهعليه‌السلام قال: ( من ملك نفسه إذا رغب، وإذا رهب، وإذا اشتهى، وإذا غضب، وإذا رضي(١) ، حرم الله جسده على النار ).

[١٣١٥٩] ٥ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: ( كلما زاد علم الرجل زادت عنايته بنفسه، وبذل في رياضتها وصلاحها جهده ).

وقالعليه‌السلام : ( اشتغال النفس بما لا يصحبها بعد الموت، من أكبر الوهن )(١) .

__________________

٢ - الجعفريات ص ١٩٢.

٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٤٤.

٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٤٧.

(١) في المصدر زيادة: وإذا سخط.

٥ - غرر الحكم ودرر الكلم ج ٢ ص ٥٧١ ح ١٠.

(١) المصدر نفسه ج ١ ص ٨٦ ح ٢٠٠٣.

٣٢٣

وقال: ( اكره نفسك على الفضائل، فإن الرذائل أنت مطبوع عليها )(٢) .

وقالعليه‌السلام : ( أعجز الناس من قدر على أن يزيل النقص عن نفسه فلم يفعل )(٣) .

وقالعليه‌السلام : ( أعجز الناس من عجز عن اصلاح نفسه )(٤) .

وقالعليه‌السلام : ( إن الحازم من شغل نفسه بحال(٥) نفسه فأصلحها، وحبسها عن أهويتها ولذاتها فملكها، وإن للعاقل بنفسه عن الدنيا وما فيها وأهلها شغلا )(٦) .

وقالعليه‌السلام : ( من أصلح نفسه ملكها، من أهمل نفسه فقد أهلكها )(٧) .

وقالعليه‌السلام : ( من لم يتدارك نفسه بإصلاحها، أعضل داؤه، وأعيى شفاؤه، وعدم الطبيب )(٨) .

٤٠ -( باب وجوب اجتناب الخطايا والذنوب)

[١٣١٦٠] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه

__________________

(٢) المصدر نفسه ج ١ ص ١٣٠ ح ٢٥١.

(٣) المصدر نفسه ج ١ ص ١٩٥ ح ٣٥٣.

(٤) المصدر نفسه ج ١ ص ١٩٦ ح ٣٦٥.

(٥) في المصدر: بجهاد.

(٦) المصدر نفسه ج ١ ص ٢٣٧ ح ١٩٢.

(٧) المصدر نفسه ج ٢ ص ٦١٦ ح ١٣٩، ١٤٠.

(٨) المصدر نفسه ج ٢ ص ٧٠٥ ح ١٣٦٣.

الباب ٤٠

١ - الجعفريات ص ٢٣٥.

٣٢٤

قال: ( لا تبدين(١) عن واضحة(٢) ، وقد عملت الاعمال الفاضحة، ولا يأمنن البيات(٣) من عمل السيئات ).

[١٣١٦١] ٢ - وعن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : للمؤمن اثنان وسبعون سترا، فإذا أذنب ذنبا انهتك عنه ستر، فإن تاب رده الله ( عليه وسبعين معه )(١) ، فإن أبى إلا قدما في المعاصي، تهتك عنه أستاره، فإن تاب ردها الله ومع كل ستر منها سبعة أستار، فإن أبى إلا قدما قدما في المعاصي، تهتكت أستاره وبقي بلا ستر، وأوحى الله عز وجل إلى الملائكة: أن استروا عبدي بأجنحتكم، فإن بني آدم يعيرون ولا يغيرون، وأنا أغير ولا أعير، فإن أبى إلا قدما في المعاصي، شكت الملائكة إلى ربها، ورفعت أجنحتها وقالت: أي رب، إن عبدك هذا قد آذانا مما يأتي من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، قال: فيقال لهم: كفوا عنه أجنحتكم، فلو عمل بخطيئة في سواد الليل، أو في وضح النهار، أو في مفازة، أو في قعر بحر(٢) ، لأجراه على ألسنة الناس، فاسألوا الله أن لا يهتك أستاركم ).

[١٣١٦٢] ٣ - وبهذا الاسناد عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، في قول الله تبارك وتعالى:( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) (١) قالعليه‌السلام : ( ليس من المؤمن عرق، ولا نكبة حجر،

__________________

(١) في المصدر: تتدبر.

(٢) الواضحة: الأسنان التي تبدو عند الضحك. ( لسان العرب ج ٢ ص ٦٣٤ ).

وهي كناية عن الضحك، فالمراد أن عامل السيئات لا يليق به أن يضحك، إذا مغبة السيئات مبكية.

(٣) البيات: ما يدهم المرء من المصائب بالليل. ( لسان العرب ج ٢ ص ١٦ ).

٢ - الجعفريات ص ١٩٥.

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: بئر.

٣ - الجعفريات ص ١٧٩.

(١) الشورى ٤٢: ٣٠.

٣٢٥

ولا عثرة قدم، ولا خدش عود، إلا بذنب، ولما يعفو الله تبارك وتعالى عنه أكثر، فمن عجل الله تبارك وتعالى غفر ذنبه في دار الدنيا، فإن الله تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يعود في عفو في الآخرة ).

[١٣١٦٣] ٤ - وبهذا الاسناد عن عليعليه‌السلام ، قال: ( لا أحسب أحدكم ينسى شيئا من أمر دينه، إلا بخطيئة أخطأها ).

[١٣١٦٤] ٥ - وبهذا الاسناد قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الرجل ليحبس على باب الجنة مقدار كذا عام بذنب واحد، وإنه لينظر إلى أكوابه(١) وأزواجه ).

ورواه الطبرسي في مشكاة الأنوار: عن أبي عبد الله عن، آبائه عن علي ( صلوات الله عليهم )، مثله، وفيه: ( مائة عام )(٢) .

[١٣١٦٥] ٦ - وبهذا الاسناد عن عليعليه‌السلام ، أنه كان يقول: ( أسرعكم إلى الخطيئة، أسرعكم دمعة يوم القيامة ).

[١٣١٦٦] ٧ - حسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: ( إن الله تبارك وتعالى إذا كان من أمره أن يكرم عبدا وله عنده ذنب، ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ابتلاه بالحاجة، فإن هو لم يفعل شدد عليه عند الموت ) الخبر.

[١٣١٦٧] ٨ - أبو علي في أماليه: عن أبيه الشيخ الطوسي، عن الحسين بن عبيد

__________________

٤ - الجعفريات ص ١٧٢.

٥ - الجعفريات: لم نجده في مضانه، وأخرجه المجلسي في البحار ج ٧٣ ص ٣٦٢ ح ٩٣ عن نوادر الراوندي ص ٤.

(١) في نسخة: إخوانه.

(٢) مشكاة الأنوار ص ١٥٥.

٦ - الجعفريات ص ٢٤٣.

٧ - المؤمن ص ١٨ ح ١١.

٨ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٣١١.

٣٢٦

الله الغضائري، عن هارون بن موسى التلعكبري، عن محمد بن همام، عن محمد بن علي بن الحسين الهمداني، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سنان، عن المفضل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ( إن الله تعالى لم يجعل للمؤمن اجلا في الموت، يبقيه ما أحب البقاء، فإذا علم [ منه ](١) أنه سيأتي بما فيه بوار(٢) دينه، قبضه الله إليه مكرها ) قال محمد بن همام: فذكرت هذا الحديث لأحمد بن علي بن أبي حمزة، وكان رواية للحديث، فحدثني عن الحسين بن أسد الطغاري، عن محمد بن القاسم بن فضيل بن يسار، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ( من يموت بالذنوب أكثر ممن يموت بالآجال، ومن يعيش بالاحسان أكثر ممن يعيش بالأعمار ).

[١٣١٦٨] ٩ - وعن أبيه، عن المفيد، عن عبد الله بن علي الموصلي، عن علي بن حاتم، عن أحمد بن محمد العاصمي، عن علي بن الحسين، عن العباس بن علي الشامي قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يقول: ( كلما أحدث العباد(١) من الذنوب ما لم يكونوا يعلمون، أحدث لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون ).

ورواه الصدوق في العلل: عن علي بن حاتم، عن أحمد بن محمد العاصمي، وعلي بن محمد بن يعقوب العجلي، عن علي بن الحسين، مثله(٢) .

[١٣١٦٩] ١٠ - وعن أبيه، عن المفيد، عن جعفر بن قولويه، عن أبيه محمد،

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البوار: الهلاك ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٢٣١ ).

٩ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٣٣.

(١) في الطبعة الحجرية: ( العبد )، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) علل الشرائع ص ٥٢٢.

١٠ - أمالي الطوسي ج ١ ص ١٣٥.

٣٢٧

عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في حديث: « إن المؤمن ليذنب(١) فيحرم به الرزق ».

[١٣١٧٠] ١١ - وعن أبيه، عن الحسين بن عبد الله الغضائري، عن الصدوق، عن ماجيلويه، [ عن عمه محمد بن أبي القاسم ](١) عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « كان أبي يقول: ما شئ أفسد للقلب من الخطيئة، إن القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتى تغلب عليه، فيصير أسفله أعلاه وأعلاه أسفله ».

ورواه الصدوق في الأمالي: عن ماجيلويه، مثله(٢) .

انه[١٣١٧١] ١٢ _ الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الباقرعليه‌السلام ، أنه قال: « إن العبد ليسأل الحاجة من حوائج الدنيا، فيكون من شأن الله قضاؤها إلى أجل قريب أو وقت بطئ، فيذنب العبد عند ذلك ذنبا، فيقول الله للملك الموكل بحاجته: لا تنجز له حاجته وأحرمه إياها، فإنه تعرض لسخطي، واستوجب الحرمان مني ».

ورواه الطبرسي في المشكاة: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[١٣١٧٢] ١٣ - وعن الصدوق، عن أبيه، عن الحسين بن عامر، عن عمه، عن محمد بن زياد عن أبي عميرة قال: قال الصادقعليه‌السلام :

__________________

(١) في المصدر: بذنبه.

١١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٥٣.

(١) ما بين المعقوفتين من أمالي الطوسي والصدوق.

(٢) أمالي الصدوق ص ٣٢٤.

١٢ - الاختصاص ص ٣١، وعنه في البحار ج ٧٣ ص ٣٦٠ ح ٨٦.

(١) مشكاة الا أنوار ص ٥٥١.

١٣ - الاختصاص ص ٢٢٠، وعنه في البحار ج ٧٣ ص ٣٦١ ح ٧٨.

٣٢٨

« إن لله تبارك وتعالى على عبده [ المؤمن ] أربعين جنة، فمن أذنب ذنب(٢) رفع عنه جنة، فإذا عاب(٣) أخاه المؤمن بشئ يعلمه منه، انكشفت تلك الجنن عنه، فيبقى مهتوك الستر، فيفتضح في السماء على ألسنة الملائكة، وفي الأرض على ألسنة الناس، ولا يرتكب ذنبا إلا ذكروه، ويقول الملائكة الموكلون به: يا ربنا قد بقي عبدك مهتوك الستر، وقد امرتنا بحفظه، فيقول عز وجل: ملائكتي لو أردت بهذا العبد خيرا ما فضحته، فارفعوا أجنحتكم عنه، فوعزتي لا يؤول(٤) بعدها إلى خير أبدا ».

[١٣١٧٣] ١٤ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « ما من عبد مؤمن إلا وفي ». قلبه نكتة بيضاء فإذا أذنب وثنى خرج من تلك النكتة سواد، فإن تمادى في الذنوب اتسع ذلك السواد حتى يغطي البياض، ( فإذا غطى البياض )،(١) لم يرجع صاحبه إلى الخير أبدا.

[١٣١٧٤] ١٥ - وعن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « ما من عبد يعمل عملا لا يرضاه الله، إلا ستره الله عليه، فإذا ثنى ستره الله عليه، فإذا ثلث أهبط الله ملكا في صورة آدمي يقول للناس: فعل كذا وكذا ».

[١٣١٧٥] ١٦ - الشيخ الطوسي في أماليه: بالاسناد المتقدم، عن أبي ذر قال:

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر زيادة: كبيرا.

(٣) في المصدر: اغتاب.

(٤) في الطبعة الحجرية: يألو، وما أثبتناه من المصدر. يؤول: من الأول وهو الرجوع. ( لسان العرب ج ١١ ص ٣٢ ). وما في الطبعة الحجرية الظاهر تصحيف لان معنى يألو: يبطئ وهي غير مناسبة لسياق الخبر.

١٤ - الاختصاص ص ٢٤٣، وعنه في البحار ج ٧٣ ص ٣٦١ ح ٨٨.

(١) ليس في المصدر.

١٥ - بل في كتاب الزهد ص ٧٤ ح ١٩٨، وعنه في البحار ج ٦ ص ٦ ح ١٠ و ج ٧٣ ص ٣٦١ ح ٨٩ « راجع التعليقات السابقة ».

١٦ - أمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ١٤٠.

٣٢٩

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا أبا ذر، إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه، والكافر يرى ذنبه كأنه ذباب مر على ذنبه، يا أبا ذر، إن الله تعالى إذا أراد بعبد خيرا جعل الذنوب بين عينيه ممثلة يا أبا، ذر، لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى من عصيت.

يا أبا ذر إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه(١) ».

[١٣١٧٦] ١٧ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا بن مسعود، ( انظر أن تدع الذنب سرا وعلانية، صغيرا وكبيرا، فإن الله تعالى حيث ما كنت يراك، وهو ( معك فاجتنبها )(٢) ».

[١٣١٧٧] ١٨ - الصدوق في الأمالي: عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه قال في كلام له: « فاحذروا - أيها الناس - من المعاصي والذنوب، فقد نهاكم الله عنها، وحذركموها في الكتاب الصادق، والبيان الناطق، ولا تأمنوا مكر الله وشدة أخذه، عندما يدعوكم إليه الشيطان اللعين، من عاجل الشهوات واللذات في هذه الدنيا - إلى أن قالعليه‌السلام - ثم رجع إلى القول من الله في الكتاب، لأهل المعاصي والذنوب فقال:( ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين ) (١) فإن قلتم أيها الناس: إن الله إنما عنى بهذا أهل الشرك، فكيف ذاك وهو يقول:

__________________

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ١٤١.

١٧ - مكارم الأخلاق ص ٤٥٤.

(١) بدل ما بين القوسين في المصدر: إياك والذنب.

(٢) في المصدر: معكم أينما كنتم.

١٨ - أمالي الصدوق ص ٤٠٨.

(١) الأنبياء ٢١: ٤٦.

٣٣٠

( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) (٢) ؟ اعلموا عباد الله، أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين، ولا تنشر لهم الدواوين، وإنما تنشر الدواوين لأهل الاسلام » الخبر.

[١٣١٧٨] ١٩ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: عن الباقرعليه‌السلام قال: « ما يصيب العبد إلا بذنب، وما يغفر الله منه أكثر ».

[١٣١٧٩] ٢٠ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن الذنب يحرم العبد الرزق، وذلك قول الله عز وجل:( إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الحنة ) (١) ».

وعنهعليه‌السلام قال: « إن الخطايا(٢) تحظر الرزق(٣) ».

[١٣١٨٠] ٢١ - وعنه، عن آبائه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي، لا أخرج عبدا من الدنيا وأنا أريد أن أرحمه، حتى استوفي منه كل خطيئة عملها، إما بسقم في جسده، أو بضيق في رزقه، وأما بخوف في دنياه، فإن بقيت عليه بقية شددت عليه عند الموت » الخبر.

[١٣١٨١] ٢٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « إن الله تبارك وتعالى، إذا كان من أمره أن يكرم عبدا وله ذنب، ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك به

__________________

(٢) الأنبياء ٢١: ٤٧.

١٩ - مشكاة الأنوار ص ١٥٥.

٢٠ - مشكاة الأنوار ص ١٥٥.

(١) القلم ٦٨: ١٧.

(٢) في الطبعة الحجرية: الخطآء وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: على المسلم.

٢١ - مشكاة الأنوار ص ١٥٦.

٢٢ - مشكاة الأنوار ص ١٥٧.

٣٣١

ابتلاه بالحاجة، فإن لم يفعل ذلك به شدد عليه الموت، ليكافئه بذلك الذنب » الخبر.

[١٣١٨٢] ٢٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أذنب ذنبا وهو ضاحك دخل النار ».

[١٣١٨٣] ٢٤ - وعنهعليه‌السلام ، قال لمفضل بن عمر: « [ يا مفضل ](١) إياك والذنوب و! وحذر شيعتنا من الذنوب، فوالله ما هي إلى شئ أسرع منه إليكم، والله إن أحدكم ليرمى(٢) بالسقم في بدنه، وما هو إلا بذنوبه، وإن أحدكم ليحجب من الرزق، فيقول: ما لي وما شأني! وما هو إلا بذنوبه، وإنه لتصيبه المعرة(٣) من السلطان، فيقول: مالي! وما هو إلا بالذنوب، والله إنكم لا تؤاخذون بها في الآخرة ».

[١٣١٨٤] ٢٥ - وعنهعليه‌السلام قال: « ما من حمى ولا صداع ولا عرق يضرب إلا بذنب، وما يعفو الله أكثر ».

[١٣١٨٥] ٢٦ - وعنهعليه‌السلام قال: « من كثرت ذنوبه ولم يجد ما يكفرها به، ابتلاه الله عز وجل بالحزن في الدنيا ليكفرها به، فإن فعل ذلك به، وإلا عذبه في قبره، فيلقى الله عز وجل يوم يلقاه، وليس شئ يشهد عليه بشئ من ذنوبه ».

[١٣١٨٦] ٢٧ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن الأحمسي، عن

__________________

٢٣ - مشكاة الأنوار: ص ١٥٧.

٢٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٧٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) وفي نسخة: ليرى.

(٣) المعرة: الامر القبيح المكروه والأذى ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٤٠٠ ).

٢٥ - مشكاة الأنوار ص ٢٧٨.

٢٦ - مشكاة الأنوار ص ٢٨١. ٢٧ - التمحيص ص ٤٤ ح ٥٣.

٣٣٢

أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا تزال الهموم والغموم بالمؤمن حتى لا تدع له ذنب ».

[١٣١٨٧] ٢٨ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « البر لا يبلى(١) ، والذنب لا ينسى، والديان لا يفنى، فكن كما شئت، كما تدين تدان ».

[١٣١٨٨] ٢٩ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ألا أنبئكم بدائكم من دوائكم؟ داؤكم الذنوب، ودواؤكم الاستغفار ».

[١٣١٨٩] ٣٠ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « عجبت لمن يحتمي [ من ](١) الطعام لأذيته، ( ولا يحتمي الذنب لأليم عقوبته )(٢) ».

[١٣١٩٠] ٣١ - الديلمي في إرشاد القلوب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إذا أذنب العبد كان نقطة سوداء على قلبه، فإن هو تاب وأقلع واستغفر صفا قلبه منها، وإن هو لم يتب ولم يستغفر، كان الذنب على الذنب والسواد على السواد، حتى يغمر القلب فيموت بكثرة غطاء الذنوب عليه، وذلك قوله تعالى:( بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) (١) ».

__________________

٢٨ - لب اللباب: مخطوط.

(١) في الطبعة الحجرية: يبتلى، وفي الحاشية: كذا في الأصل وهو سقيم، وهو تصحيف لعل صحته: يبلى من البلى: عود الشئ خلقا قديما ممزق بعد ما كان جديدا. أنظر ( لسان العرب ج ١٤ ص ٨٥ ). غيره من كتب اللغة. والمراد أن البر والعمل الصالح جديدا أبدا لا تبليه الأيام.

٢٩ - لب اللباب: مخطوط.

٣٠ - غرر الحكم ودرر الكلم ج ٢ ص ٤٩٤ ح ٧.

(١) أثبتنا من المصدر.

(٢) في المصدر: كيف لا يحتمي من الذنب لعقوبته.

٣١ - إرشاد القلوب ص ٤٦.

(١) المطففين ٨٣: ١٤.

٣٣٣

[١٣١٩١] ٣٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إذا أراد الله بعبد سوء، أمسك عليه ذنوبه، حتى يوافي بها يوم القيامة، وإذا أراد بعبد خيرا، عجل عقوبته في الدنيا ».

[١٣١٩٢] ٣٣ - كتاب درست بن أبي منصور: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولا يضرب على أحدكم عرق، ولا ينكت إصبعه الأرض نكبة(١) إلا بذنب، وما يعفو الله أكثر ».

[١٣١٩٣] ٣٤ - مجموعة الشهيدرحمه‌الله : نقلا من كتاب فضل بن محمد الأشعري، عن مسمع، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث -  قال: « وإن الخطايا تحظر(١) الرزق عن المسلم ».

[١٣١٩٤] ٣٥ - وبخطه: ومن غيره، من حديث أبي الغوث، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « إن كان العبد ليسأل الحاجة من حوائج الدنيا، فيكون من شأن الله قضاؤها إلى أجل قريب أو وقت هو بطئ، فيذنب ذلك العبد عند ذلك الوقت ذنبا، فيقول الله للملك الموكل بحاجته: لا تنجز حاجته وأحرمه إياها، فإنه قد تعرض لسخطي، واستوجب الحرمان مني ».

٤١ -( باب وجوب اجتناب المعاصي)

[١٣١٩٥] ١ - كتاب درست بن أبي منصور: عن ابن مسكان وحديد، رفعاه إلى

__________________

٣٢ - إرشاد القلوب ص ١٨٢.

٣٣ ك - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٢.

(١) نكبت الحجارة رجله أو ظفره: أصابته بأذى. ( لسان العرب ج ١ ص ٧٧٣ ).

وفي المصدر: نكبته.

٣٤ - مجموعة الشهيد:

(١) الحظر: المنع. ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٢٧٣ ).

٣٥ - مجموعة الشهيد:

الباب ٤١

١ - كتب درست بن أبي منصور ص ١٦٧.

٣٣٤

أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )، قال: « أوحى الله إلى نبي في نبوته: أخبر قومك أنهم استخفوا بطاعتي وانتهكوا معصيتي، فمن كان منهم محسنا فلا يتكل على إحسانه، فإني لو ناصبته الحساب كان لي عليه ما أعذبه، وإن كان منهم مسيئا فلا يستسلم ولا يلقي بيديه إلى التهلكة، فإنه لن يتعاظمني ذنب اغفره إذا تاب منه صاحبه، وخبر قومك ليس من رجل، ولا أهل قرية، ولا أهل بيت، يكونون على ما أكره إلا كنت لهم على ما يكرهون، فإن تحولوا عما أكره إلى ما أحب، تحولت لهم عما يكرهون إلى ما يحبون، وخبر [ قومك ](١) أنه ليس من رجل، ولا أهل بيت، ولا أهل قرية، يكونون على ما أحب، إلا كنت لهم على ما يحبون، فإن تحولوا عما أحب، تحولت لهم عما يحبون » ض.

[١٣١٩٦] ٢ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بإسناده قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله عز وجل: يا بن آدم، أما تنصفني! أتحبب إليك بالنعمة، وتتمقت(١) إلي بالمعاصي، خيري إليك منزل(٢) ، وشرك إلي صاعد، ولا يزال ملك كريم ( يأتيني عنك )(٣) في كل يوم وليلة بعمل قبيح(٤) ، يا بن آدم، لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف، لسارعت إلى مقته ».

ورواه الكراجكي في كنزه: عن المفيد، عن عمر بن محمد المعروف بابن الزيات، عن علي بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان، عن الرضا، على آبائه، عنه ( صلوات الله عليهم )، مثله(٥) .

__________________

(١) أثبتنا من المصدر.

٢ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٣٢ ح ٤.

(١) في كنز الفوائد: تتبغض.

(٢) في كنز: نازل.

(٣) في الطبعة الحجرية: يأتيك عني، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في الكنز: غير صالح.

(٥) كنز الفوائد ص ١٦٣.

٣٣٥

[١٣١٩٧] ٣ - المفيد في الأمالي: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن النضر، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن زيد الشحام قال، سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « احذروا سطوات الله بالليل والنهار، فقلت: وما سطوات الله؟ قال: أخذه على المعاصي ».

[١٣١٩٨] ٤ - وعن جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام قال: « ألا أخبركم بأشد ما فرض الله على خلقه؟ قلت: بلى، قال: إنصاف الناس من نفسك، ومواساة أخيك، وذكر الله على كل حال، أما إني لا أريد بالذكر سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وإن كان هذا من ذلك، ولكن ذكر الله في كل موطن تهجم [ فيه ](١) على طاعة الله أو معصية له ».

[١٣١٩٩] ٥ - وفي الاختصاص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من ترك معصية من مخافة الله عز وجل، أرضاه الله يوم القيامة ».

[١٣٢٠٠] ٦ - تفسير الإمامعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يا عباد الله، احذروا الانهماك في المعاصي والتهاون، فإن المعاصي يستولي بها الخذلان على صاحبها، حتى توقعه في رد ولاية وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورفع نبوة نبي الله، ولا يزال أيضا

__________________

٣ - أمالي الشيخ المفيد ص ١٨٤ ح ٨.

٤ - امالي الشيخ المفيد ص ٨٨ ح ٤.

(١) أثبتنا من المصدر.

٥ - الاختصاص ص ٢٤٩، وعنه في البحار ج ٧٠ ص ٣٩٨ ح ٦٧.

٦ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٠٥، وعنه في البحار ج ٧٣ ص ٣٦٠ ص ٨٣.

٣٣٦

بذلك حتى توقعه في دفع توحيد الله، والالحاد في دين الله ».

[١٣٢٠١] ٧ - ثقة الاسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن حفص المؤذن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في رسالته إلى أصحابه: « وإياكم ومعاصي الله ان تركبوها، فإنه من انتهك معاصي الله فركبها، فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه، وليس بين الاحسان والإساءة منزلة، فلأهل الاحسان عند ربهم الجنة، ولأهل الإساءة عند ربهم النار ».

[١٣٢٠٢] ٨ - أحمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي: روي في زبور داود: يقول الله: يا بن آدم، تسألني وأمسك(١) لعلمي بما ينفعك، ثم تلح علي با لمسألة فأعطيك ما سألت، فتستعين به على معصيتي، فأهم بهتك سترك فتدعوني فأستر عليك، فكم من جميل أصنع معك! وكم من قبيح تصنع معي! يوشك أن اغضب عليك غضبة لا أرضى بعدها أبدا ».

[١٣٢٠٣] ٩ - الصدوق في الأمالي: عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن المغيرة بن محمد، عن بكر(١) بن خنيس، عن أبي عبد الله الشامي، عن وف البكالي، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام - في حديث - أنه قال: « كذب من زعم أنه يعرف الله، وهو مجترئ على معاصي الله كل يوم وليلة ».

[١٣٢٠٤] ١٠ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: بالسند المتقدم،

__________________

٧ - الكافي ج ٨ ص ١١.

٨ - عدة الداعي ص ١٩٨.

(١) في المصدر: وأمنعك.

٩ - أمالي الصدوق ص ١٧٤.

(١) في الطبعة الحجرية: بكير، وما أثبتنا من المصدر ومعاجم الرحال. راجع ( تنقيح المقال ج ١ ص ١٧٨ ).

١٠ - بشارة المصطفى ص ٢٧.

٣٣٧

عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في كلام له في تسويل الشياطين: « إنهم يخدعوك بأنفسهم، فإذا لم تجبهم مكروا بك وبنفسك بتحبيبهم إليك شهواتك، واعطائك أمانيك وإرادتك، ويسولون لك وينسونك، وينهونك ويأمرونك، ويحسنون ظنك بالله حتى ترجوه، فتغتر بذلك فتعصيه، وجزاء العاصي لظى ».

[١٣٢٠٥] ١١ - القطب الراوندي في لب اللباب: روي أن شوكة تعلقت بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلعنها، فنادت: لا تلعني، إني ظهرت من شؤم معصية الآدميين.

[١٣٢٠٦] ١٢ - وعن الباقرعليه‌السلام قال: « عجبا لمن يحتمي عن الطعام مخافة الداء، كيف لا يحتمي عن المعاصي خشية النار! ».

[١٣٢٠٧] ١٣ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « الموت غنيمة، والمعصية مصيبة، والفقر راحة، والغنى عقوبة » الخبر.

« وقال تعالى: إذا عصاني من عرفني، سلطت عليه من لم يعرفني ».

[١٣٢٠٨] ١٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « غالبوا أنفسكم على ترك المعاصي، يسهل عليكم مقادتها إلى الطاعات ».

وقالعليه‌السلام : « للمجترئ على المعاصي نقم من(١) الله سبحانه »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « التنزه عن المعاصي عبادة التوابين »(٣) .

وقالعليه‌السلام : « المعصية تجلب العقوبة »(٤) .

__________________

١١ - ١٣ - لب اللباب: مخطوط.

١٤ - غرر الحكم. درر الكلم ج ٢ ص ٥٠٨ ح ٣٢.

(١) في المصدر زيادة: عذاب.

(٢) المصدر نفسه ج ٢ ص ٥٨١ ح ٢٦ (٣) المصدر نفسه ج ١ ص ٧٠ ح ١٧٨٤.

(٤) المصدر نفسه ج ١ ص ٣٦ ح ١١١٤.

٣٣٨

وقالعليه‌السلام : « التهجم على المعاصي يوجب عقاب(٥) النار »(٦) .

وقالعليه‌السلام : « إياك والمعصية، فإن الشقي(٧) من باع جنة المأوى بمعصية دنية من معا معاصي الدنيا »(٨) .

وقالعليه‌السلام : « إياك أن تستسهل ركوب المعاصي، فإنها تكسوك في الدنيا ذلة، وتكسبك في الآخرة سخط الله »(٩) .

وقالعليه‌السلام : « إنما الورع التطهير عن المعاصي »(١٠) .

وقالعليه‌السلام : « توقوا المعاصي، واحبسوا أنفسكم عنها، فإن الشقي من أطلق فيها عنانه »(١١) .

وقالعليه‌السلام : « راكب المعصية مثواه النار »(١٢) .

وقالعليه‌السلام : « لو لم يتواعد الله سبحانه على معصيته، لوجب أن لا يعصى شكرا لنعمته »(١٣) .

وقالعليه‌السلام : « من كرمت عليه نفسه لم يهنها بالمعصية »(١٤) .

وقالعليه‌السلام : « مداومة المعاصي تقطع الرزق »(١٥) .

__________________

(٥) في المصدر: عذاب.

(٦) المصدر نفسه ج ١ ص ٩٩ ح ٢١٤٦.

(٧) في المصدر: اللئيم.

(٨) المصدر نفسه ج ١ ص ١٥٤ ح ٧٥.

(٩) المصدر نفسه ج ١ ص ١٥٦ ح ٩٣.

(١٠) المصدر نفسه ج ١ ص ٢٩٧ ح ١٣.

(١١) المصدر نفسه ج ١ ص ٣٤٨ ح ٣٩.

(١٢) المصدر نفسه ج ١ ص ٤٢٠ ح ٣.

(١٣) المصدر نفسه ج ٢ ص ٦٠٥ ح ٢٦.

(١٤) المصدر نفسه ج ٢ ص ٦٧٧ ح ١٠٦٨.

(١٥) ج ٢ ص ٧٦٠ ح ٥٩.

٣٣٩

[١٣٢٠٩] ١٥ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح: عن حميد بن شعيب، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « إذا غدا العبد في معصية الله، وكان راكبا فهو خيل إبليس، وإذا كان راجلا فهو من رجالته ».

٤٢ -( باب وجوب اجتناب الشهوات واللذات المحرمة)

[١٣٢١٠] ١ - ثقة الاسلام في الكافي(١) : عن بعض أصحابنا، رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال موسى بن جعفرعليهما‌السلام : « يا هشام، من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان على هدم عقله: من أظلم نور تفكره بطول أمله، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنما أعان هواه على هدم عقله، ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه ».

ورواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: وزاد فيه: « يا هشام، أوحى الله إلى داود: [ يا داود ](٢) حذر وانذر أصحابك عن حب الشهوات، فإن المعلقة قلوبهم بشهوات الدنيا، قلوبهم محجوبة عني »(٣) .

[١٣٢١١] ٢ - الصدوق في الأمالي: عن محمد بن موسى المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله

__________________

١٥ - كتاب جعفر بن محمد عن شريح ص ٧٢.

الباب ٤٢

١ - الكافي ج ١ ص ١٣.

(١) في المصدر زيادة: أبو عبد الله الأشعري. ى

(٢) أثبتنا من المصدر.

(٣) تحف العقول ص ٢٨٨.

٢ - أمالي الصدوق ص ٤١٦، والحديث في يخلو من هذه القطعة، وأخرجه العلامة المجلسي قي البحار ج ١٤ ص ٢٨٩ ح ١٤ عن أمالي الصدوق والكافي، نافلا القطعة المذكور عن الكافي ج ٨ ص ١٣٦ فقط، فلاحظ.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

ويمكن ان تكون الجملة( وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ ) لها علاقة بالبرق الذي يصنع هذه الغيوم المليئة بالمياه.

الآية الاخرى تشير الى صوت الرعد الذي يتزامن مع البرق( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ) (1) .

نعم ، فهذا الصوت المدوّي في عالم الطبيعة يضرب به المثل ، فهو مع البرق في خدمة هدف واحد ولهما منافع متعدّدة كما أشرنا إليها ، ويقومان بعملية التسبيح ، وبعبارة اخرى فالرعد لسان حال البرق يحكي عن عظمة الخالق وعن نظام التكوين. فهو كتاب معنوي ، وقصيدة غرّاء ، ولوحة جميلة وجذّابة ، نظام محكم ومنظّم ومحسوب بدقّة ، وبلسان حاله يتحدّث عن علم ومهارة وذوق الكاتب والرسام والمعمار ويحمده ويثني عليه ، كلّ ذرّات هذا العالم لها اسرار ونظام دقيق. وتحكي عن تنزيه الله وخلوّه من النقص والعيوب (وهل التسبيح غير ذلك؟!).

وتتحدّث عن قدرته وحكمته (وهل الحمد غير بيان صفات الكمال؟!).

وقد احتمل بعض الفلاسفة انّ لكلّ ذرّات هذا العالم نوعا من العقل والشعور ، فهي من خلال هذا العقل تسبّح الله وتقدّسه ، ليس بلسان الحال فقط ، بل بلسان المقال ايضا.

وليس الرعد وسائر اجزاء العالم تسبّح بحمده تعالى ، بل حتّى الملائكة( وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ) (2) فهم يخافون من تقصيرهم في تنفيذ الأوامر الملقاة على عاتقهم ، وبالتالي فهم يخشون العقاب الالهي ، ونحن نعلم انّ الخوف يصيب أولئك الذين يحسّون بمسؤولياتهم ووظائفهم خوف بنّاء يحثّ الشخص على

__________________

(1) للتوضيح اكثر في معنيي التسبيح والتقديس للكائنات سيأتي في ذيل الآية( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) الاسراء ، 44.

(2) يقول الشيخ الطوسيرحمه‌الله في تفسيره التبيان : الخيفة بيان لحالة الشخص امّا الخوف فمصدر.

٣٦١

السعي والحركة.

وللتوضيح اكثر في مجال البرق والرعد تشير الآية الى الصاعقة( وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ ) ومع كلّ ذلك ـ وبمشاهدة آيات العظمة الالهية في عالم التكوين من السّماء والأرض والنباتات والأشجار والبرق والرعد وأمثالها ، وفي قدرة الإنسان الحقيرة تجاه هذه الحوادث ، حتّى في مقابل واحدة منها مثل شرارة البرق ـ نرى انّ هناك جماعة جاهلة تجادل في الله( وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ ) .

«المحال» في الأصل «الحيلة» بمعنى التدبير السرّي وغير الظاهر ، فالذي له القدرة على هذا التدبير يمتلك العلم والحكمة العالية ، ولهذا السبب يستطيع ان ينتصر على أعدائه ولا يمكن الفرار من حكومته.

وذكر المفسّرون وجوها عديدة في تفسير( شَدِيدُ الْمِحالِ ) فتارة بمعنى «شديد القوّة» ، او «شديد العذاب» ، او «شديد القدرة» او «شديد الأخذ»(1) .

الآية الاخيرة تشير الى مطلبين :

الاوّل : قوله تعالى :( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ ) فهو يستجيب لدعواتنا ، وهو عالم بدعاء العباد وقادر على قضاء حوائجهم ، ولهذا السبب يكون دعاؤنا ايّاه وطلبنا منه حقّا ، وليس باطلا.

ولكن دعاء الأصنام باطل( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ ) نعم هكذا في دعوة الباطل ليست اكثر من وهم ، لانّ ما يقولونه من علم وقدرة الأصنام ما هو الّا أوهام وخيال ، او ليس الحقّ هو عين الواقع واصل الخير والبركة؟ والباطل هو الوهم واصل الشرّ والفساد؟ ولتصوير هذا الموضوع يضرب لنا القرآن الكريم مثالا حيّا ورائعا يقول :( إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ

__________________

(1) فسر البعض «المحال» من «المحل ، الماحل» بمعنى المكر والجدال والتصميم على العقوبة ، ولكن ما أشرنا اليه أعلاه هو الصحيح ، والتفسيران قريبا المعنى.

٣٦٢

فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ ) . فهل يستطيع احد ان يجلس على بئر ويطلب الماء بإشارة يد ليبلغ الماء فاه؟ هذا العمل لا يصدر الّا من انسان مجنون!

وتحتمل الآية تفسيرا آخر ، فهي تشبّه المشركين كمن بسط كفّه في الماء ليتجمع فوقها الماء ، وعند خروجها من الماء لم يجد فيها شيئا منه لانّ الماء يتسرّب من بين أصابع الكفّ المفتوحة.

وهناك تفسير ثالث وهو انّ المشركين ـ لحلّ مشاكلهم ـ كانوا يلجأون الى الأصنام ، فمثلهم مثل الذي يحتفظ بالماء في يده ، هل يحفظ الماء في يد؟! وهناك مثل معروف بين العرب لمن يسعى بدون فائدة يقال له : هو كقابض الماء باليد ، ويقول الشاعر :

فأصبحت فيما كان بيني وبينها

من الودّ مثل القابض الماء باليد

ولكنّنا نعتقد انّ التّفسير الاوّل أوضح!

وللتأكيد على هذا الحديث يأتي في نهاية الآية قوله تعالى :( وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ ) وايّ ضلال اكبر من ان يسعى الإنسان ويجتهد في السبيل الضالّ ولكنّه لا يصل الى مقاصده. ولا يحصل على شيء نتيجة تعبه وجهده.

الآية الأخيرة من هذه المجموعة ، ولكي تبرهن كيف انّ المشركين ضلّوا الطريق تقول :( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ) .

* * *

بحوث

1 ـ ما هو المقصود من سجود الكائنات؟

السجدة في هذه الموارد تعني الخضوع والتسليم ، فإنّ جميع الملائكة

٣٦٣

والناس ذوي العقول والأفكار متواضعين لله وخاضعين لأوامره ، وهناك نوعان من السجود ، سجود تكويني وهو انّ الكلّ خاضعون ومسلّمون للقوانين الطبيعيّة مثل الحياة والممات والمرض و و ، والبعض منهم له سجود تشريعي بالاضافة الى السجود التكويني ، فهم بميلهم وإرادتهم يسجدون لله.

2 ـ ما هو معنى( طَوْعاً وَكَرْهاً ) ؟

عبارة( طَوْعاً وَكَرْهاً ) يمكن ان تكون اشارة الى انّ المؤمنين خاضعون لله بميلهم وإرادتهم ، وامّا غير المؤمنين فهم خاضعون كذلك للقوانين الطبيعيّة التي تسير بأمر الله ان شاؤوا وان أبوا.

و (الكره) بضمّ الكاف تعني الكراهية في داخل الإنسان ، و (كره) بفتح الكاف ما حمل عليه الإنسان من خارج نفسه ، وبما انّ الأشخاص غير المؤمنين مقهورون للعوامل الخارجية وللقوانين الطبيعيّة ، استعمل القرآن (كره) بفتح الكاف.

ويحتمل في تفسير( طَوْعاً وَكَرْهاً ) انّ المقصود من «طوعا» هو التوافق والميل الفطري والطبيعي بين الإنسان والأسباب الطبيعيّة (مثل حبّ اي انسان للحياة) والمقصود من «كرها» هو ما فرض على الإنسان من الخارج مثل موت أحد الأشخاص بسبب المرض او اي عامل طبيعي آخر.

3 ـ ما هو معنى كلمة الظلال؟

«الظّلال» جمع «ظل» واستعمال هذه الكلمة في الآية يشير الى انّ المقصود في السجود ليس فقط السجود التشريعي ، فظلال الكائنات ليست خاضعة لارادتهم واختيارهم ، بل هو تسليم لقانون الضوء ، وعلى هذا يكون سجودهم تكويني ، يعني التسليم لقوانين الطبيعيّة.

٣٦٤

وطبيعي ليس المقصود من «الظلال» انّ جميع ما في السّماوات والأرض لها وجود مادّي كي يكون لها ظلال ، ولكن الآية تشير الى تلك الأشياء التي لها ظلال ، فمثلا يقال : انّ جمعا من العلماء وأبنائهم شاركوا في المجلس الكذائي ، وليس المقصود هنا انّ لكلّ العلماء أبناء «فتدبّر».

وعلى ايّة حال فإنّ الظلّ امر عدمي ، وهو ليس اكثر من فقدان النّور ، ولكن له آثارا ووجودا بسبب النّور المحيط به ، ولعلّ الآية تشير الى هذه النقطة ، وهي انّه حتّى الظلال خاضعة لله.

4 ـ ما هو معنى كلوة( الْآصالِ ) ؟

«الآصال» جمع «اصل» وهي جمع «اصيل» ومعناه آخر وقت من النهار ، ولذلك يعتبر اوّل الليل ، والغدو جمع غداة بمعنى اوّل النهار.

ورغم انّ السجود والخضوع للأشياء الكونية في مقابل الأوامر الالهيّة دائمة ومستمرّة في كلّ وقت ، ولكن ذكرها هنا في موقعين (الصبح والعشاء) امّا انّه كناية عن دوام الوقت ، فمثلا تقول : انّ فلانا يطلب العلم صباحا ومساء ، فالمقصود وهو انّه في كلّ وقت يطلب العلم ، وامّا ان يكون المقصود من الآية ما جاء في الكلام عن الظلال والتي تكون واضحة اكثر في اوّل النهار وآخره.

* * *

٣٦٥

الآية

( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (16) )

التّفسير

لماذا عبادة الأصنام؟

كان البيان في الآيات السابقة عن معرفة الله واثبات وجوده ، وهذه الآية تبحث عن ضلال المشركين والوثنيين وتتناوله من عدّة جهات ، حيث تخاطب ـ اوّلا ـ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث تقول :( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) ثمّ تأمر النّبي ان يجيب على السؤال قبل ان ينتظر جوابهم( قُلِ اللهُ ) ثمّ انّه يلومهم ويوبّخهم بهذه الجملة( قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا ) .

لقد بيّن ـ اوّلا ـ عن طريق ربوبيته انّه المدبّر والمالك لهذا العالم ، ولكلّ خير

٣٦٦

ونفع من جانبه ، وقادر على دفع اي شرّ وضرّ ، وهذا يعني انّكم بقبولكم لربوبيته يجب ان تطلبوا كلّ شيء من عنده لا من الأصنام العاجزة عن حلّ ايّة مشكلة لكم. ثمّ يذهب الى ابعد من ذلك حيث يقول : انّ هذه الأصنام لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرّا فكيف يمكنها ان تنفعكم او تضرّكم؟ وهم والحال هذه لا يحلّون اي عقدة لكم حتّى لو قمتم بعبادتهم ، فهؤلاء لا يستطيعون تدبير أنفسهم فما ذا ينتظر منهم؟

ثمّ يذكر مثالين واضحين وصريحين يحدّد فيها وضع الافراد الموحّدين والمشركين ، فيقول اوّلا :( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ) فكما لا يستوي الأعمى والبصير لا يستوي المؤمن والكافر ، ولا يصحّ قياس الأصنام على الخالق جلّ وعلا.

ويقول ثانيا :( أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ ) كيف يمكن ان نساوي بين الظلام الذي يعتبر قاعدة الانحراف والضلال ، وبين النّور المرشد والباعث للحياة ، وكيف يمكن ان نجعل الأصنام التي هي الظّلمات المحضة الى جنب الله الذي هو النّور المطلق ، وما المناسبة بين الايمان والتوحيد اللذان هما نور القلب والروح ، وبين الشرك اصل الظلام؟!

ثمّ يدلل على بطلان عقيدة المشركين عن طريق آخر فيقول :( أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ) والحال ليس كذلك ، فإنّ المشركين أنفسهم لا يعتقدون بها ، فهم يعلمون انّ الله خالق كلّ شيء ، وعالم الوجود مرتبط به ، ولذلك تقول الآية :( قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ) .

* * *

٣٦٧

بحوث

1 ـ الخالقية والرّبوبية يتطلّبان العبادة

يمكن ان يستفاد من الآية أعلاه انّ الخالق هو الربّ المدبّر ، لانّ الخلقة امر مستمر ودائمي ، وليس من خلق الكائنات يتركهم وشأنهم ، بل انّه تعالى يفيض بالوجود عليهم باستمرار وكلّ شيء يأخذ وجوده من ذاته المقدّسة ، وعلى هذا فنظام الخلقة وتدبير العالم كلّها بيد الله ، ولهذا السبب يكون هو النافع والضارّ. وغيره لا يملك شيء الّا منه ، فهل يوجد احد غير الله احقّ بالعبادة؟

2 ـ كيف يسأل ويجيب بنفسه؟

بالنظر الى الآية أعلاه يطرح هذا السؤال : كيف امر الله نبيّه ان يسأل المشركين : من خلق السماوات والأرض؟ وبعدها بدون ان ينتظر منهم الجواب يأمر النّبي ان يجيب هو على السؤال وبدون فاصلة يوبّخ المشركين على عبادتهم الأصنام ، اي طراز هذا في السؤال والجواب؟

ولكن مع الالتفات الى هذه النقطة يتّضح لنا الجواب وهو انّه في بعض الأحيان يكون الجواب للسؤال واضح جدّا ولا يحتاج الى الانتظار. فمثلا نسأل أحدا : هل الوقت الآن ليل ام نهار؟ وبلا فاصلة نجيب نحن على السؤال فنقول : الوقت بالتأكيد ليل. وهذه كناية لطيفة ، حيث انّ الموضوع واضح جدّا ولا يحتاج الى الانتظار للجواب ، بالاضافة الى انّ المشركين يعتقدون بخلق الله للعالم ولم يقولوا ابدا انّ الأصنام خالقة السّماء والأرض ، بل كانوا يعتقدون بشفاعتهم وقدرتهم على نفع الإنسان ودفع الضرر عنه ، ولهذا السبب كانوا يعبدوهم. وبما انّ الخالقية غير منفصلة عن الرّبوبية يمكن ان نخاطب المشركين بهذا الحديث ونقول : أنتم الذين تقولون بأنّ الله خالق ، يجب ان تعرفوا انّ الربوبية لله كذلك ،

٣٦٨

ويختصّ بالعبادة ايضا لذلك.

3 ـ العين المبصرة ونور الشمس شرطان ضروريان

يشير ظاهر المثالين (الأعمى والبصير) و (الظّلمات والنّور) الى هذه الحقيقة ، وهي انّ النظر يحتاج الى شيئين : العين المبصرة ، وشعاع الشمس ، بحيث لو انتفى واحد منهما فإنّ الرؤية لا تتحقّق ، والآن يجب ان نفكّر : كيف حال الافراد المحرومين من البصر والنّور؟ المشركون المصداق الواقعي لهذا ، فقلوبهم عمي ومحيطهم مليء بالكفر وعبادة الأصنام ، ولهذا السبب فهم في تيه وضياع. وعلى العكس فالمؤمنون بنظرهم الى الحقّ ، واستلهامهم من نور الوحي وارشادات الأنبياء عرفوا مسيرة حياتهم بوضوح.

4 ـ هل انّ خلق الله لكلّ شيء دليل على الجبر؟

استدلّ جمع من اتباع مدرسة الجبر انّ جملة( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) في الآية أعلاه لها من السعة بحيث تشمل حتّى عمل الافراد ، فالله خالق اعمالنا ونحن غير مختارين.

يمكن ان نجيب على هذا القول بطريقين :

اوّلا : الجمل الاخرى للآية تنفي هذا الكلام ، لانّها تلوم المشركين بشكل اكيد فإذا كانت اعمالنا غير اختيارية ، فلما ذا هذا التوبيخ؟! وإذا كانت ارادة الله ان نكون مشركين فلما ذا يلومنا؟! ولماذا يسعى بالأدلّة العقليّة لتغيير مسيرتهم من الضلالة الى الهداية؟ كلّ هذا دليل على أنّ الناس أحرار في انتخاب طريقهم.

ثانيا : انّ الخالقية بالذات من مختصّات الله تعالى. ولا يتنافى مع اختيارنا في الأفعال ، لانّ ما نمتلكه من القدرة والعقل والشعور ، وحتّى الاختيار والحرية ، كلّها

٣٦٩

من عند الله ، وعلى هذا فمن جهة هو الخالق (بالنسبة لكلّ شيء وحتّى أفعالنا) ومن جهة اخرى نحن نفعل باختيارنا ، فهما في طول واحد وليس في عرض وأفق واحد ، فهو الخالق لكلّ وسائل الأفعال ، ونحن نستفيد منها في طريق الخير او الشرّ.

فمثلا الذي يؤسّس معملا لتوليد الكهرباء او لإنتاج أنابيب المياه ، يصنعها ويضعها تحت تصرّفنا ، فلا يمكن ان نستفيد من هذه الأشياء الّا بمساعدته ، ولكن بالنتيجة يكون التصميم النهائي لنا ، فيمكن ان نستفيد من الكهرباء لامداد غرفة عمليات جراحية وانقاذ مريض مشرف على الموت ، او نستخدمها في مجالس اللهو والفساد ، ويمكن ان نروي بالماء عطش انسان ونسقي وردا جميلا ، او نستخدم الماء في إغراق دور الناس وتخريبها.

* * *

٣٧٠

الآية

( أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ (17) )

التّفسير

وصف دقيق لمنظر الحقّ والباطل :

يستند القرآن الكريم ـ الذي يعتبر كتاب هداية وتربية ـ في طريقته الى الوقائع العينيّة لتقريب المفاهيم الصعبة الى أذهان الناس من خلال ضرب الأمثال الحسّية الرائعة من حياة الناس ، وهنا ـ ايضا ـ لأجل ان يجسّم حقائق الآيات السابقة التي كانت تدور حول التوحيد والشرك ، الايمان والكفر ، الحقّ والباطل ، يضرب مثلا واضحا جدّا لذلك

يقول اوّلا :( أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ) الماء عماد الحياة واصل النمو والحركة ،

٣٧١

( فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها ) تتقارب السواقي الصغيرة فيما بينها ، وتتكوّن الأنهار وتتّصل مع بعضها البعض ، فتسيل المياه من سفوح الجبال العظيمة والوديان وتجرف كلّ ما يقف امامها ، وفي هذه الأثناء يظهر الزّبد وهو ما يرى على وجه الماء كرغوة الصابون من بين أمواج الماء حيث يقول القرآن الكريم :( فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً ) .

«الرابي» من «الربو» بمعنى العالي او الطافي ، والربا بمعنى الفائدة مأخوذ من نفس هذا الأصل.

وليس ظهور الزبد منحصرا بهطول الأمطار ، بل( وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ ) (1) اي الفلزات المذابة بالنّار لصناعة أدوات الزينة منها او صناعة الوسائل اللازمة في الحياة.

بعد بيان هذا المثال بشكله الواسع لظهور الزبد ليس فقط في الماء بل حتّى للفلزات وللمتاع ، يستنتج القرآن الكريم( كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ ) ثمّ يتطرّق الى شرحه فيقول :( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ) .

فأمّا الزبد الذي لا فائدة فيه فيذهب جفاء ويصير باطلا متلاشيا ، وامّا الماء الصافي النقي المفيد فيمكث في الأرض او ينفذ الى الاعماق وتتكوّن منه العيون والآبار تروي العطاش ، وتروي الأشجار لتثمر ، والازهار لتتفتّح ، وتمنح لكلّ شيء الحياة.

وفي آخر الآية ـ للمزيد من التأكيد في مطالعة هذه الأمثال ـ يقول تعالى :( كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ ) .

* * *

__________________

(1) تشير هذه الآية الى الافران التي تستعمل لصهر الفلزان ، فهذه الافران تتميّز بوجود النّار من تحتها ومن فوقها يعني نار تحت الفلز ونار فوقه ، وهذه من أفضل انواع الافران حيث تحيط بها النّار من كلّ جانب.

٣٧٢

بحوث

هذا المثال البليغ الذي عبّر عنه القرآن الكريم بألفاظ موزونة وعبارات منظّمة. وصوّر فيها الحقّ والباطل بأروع صورة ، فيه حقائق مخفيّة كثيرة ونشير هنا الى قسم منها :

1 ـ ما هي علائم معرفة الحقّ والباطل؟

يحتاج الإنسان في بعض الأحيان لمعرفة الحقّ والباطل ـ إذا أشكل عليه الأمر ـ الى علائم وأمثال حتّى يتعرّف من خلالها على الحقائق والأوهام. وقد بيّن القرآن الكريم هذه العلامات من خلال المثال أعلاه :

الف : ـ الحقّ مفيد ونافع دائما ، كالماء الصافي الذي هو اصل الحياة. امّا الباطل فلا فائدة فيه ولا نفع ، فلا الزبد الطافي على الماء يروي ظمآنا أو يسقي أشجارا ، ولا الزبد الظاهر من صهر الفلزات يمكن ان يستفاد منه للزينة او للاستعمالات الحياتية الاخرى ، وإذا استخدمت لغرض فيكون استخدامها رديئا ولا يؤخذ بنظر الاعتبار كما نستخدم نشارة الخشب للإحراق.

باء : ـ الباطل هو المستكبر والمرفّه كثير الصوت ، كثير الأقوال لكنّه فارغ من المحتوى ، امّا الحقّ فمتواضع قليل الصوت ، وكبير المعنى ، وثقيل الوزن(1) .

جيم ـ الحقّ يعتمد على ذاته دائما ، امّا الباطل فيستمدّ اعتباره من الحقّ ويسعى للتلبّس به ، كما انّ (الكذب يتلبّس بضياء الصدق) ولو فقد الكلام الصادق من العالم لما كان هناك من يصدق الكذب. ولو فقدت البضاعة السليمة من العالم لما وجد من يخدع ببضاعة مغشوشة. وعلى هذا فوجود الباطل راجع الى شعاعه الخاطف واعتباره المؤقّت الذي سرقه من الحقّ ، امّا الحقّ فهو مستند الى نفسه واعتباره منه.

__________________

(1) يقول الامام عليعليه‌السلام في وصفه أصحابه يوم الجمل «وقد ارعدوا وابرقوا ومع هذين الأمرين الفشل ، ولسنا نرعد حتّى نوقع ولا نسيل حتّى نمطر».

٣٧٣

2 ـ ما هو الزّبد؟

«الزبد» بمعنى الرغوة التي تطفوا على السائل ، والماء الصافي اقلّ رغوة ، لانّ الزبد يتكوّن بسبب اختلاط الأجسام الخارجية مع الماء ، ومن هنا يتّضح انّ الحقّ لو بقي على صفائه ونقائه لم يظهر فيه الخبث ابدا ، ولكن لامتزاجه بالمحيط الخارجي الملوّث فإنّه يكتسب منه شيئا ، فتختلط الحقيقة مع الخرافة ، والحقّ بالباطل ، والصافي بالخابط. فيظهر الزبد الباطل الى جانب الحقّ.

وهذا هو الذي يؤكّده الامام عليعليه‌السلام حيث يقول : لو انّ الباطل خلص من مزاج الحقّ لم يخف على المرتادين ، ولو انّ الحقّ خلص من لبس الباطل انقطعت عنه السن المعاندين».(1) .

يقول بعض المفسّرين انّ للآية أعلاه ثلاث امثلة : «نزول آيات القرآن» تشبيه بنزول قطرات المطر للخير ، «قلوب الناس» شبيهة بالأرض والوديان وبقدر وسعها يستفاد منها ، «وساوس الشيطان» شبيهة بالزبد الطافي على الماء ، فهذا الزبد ليس من الماء ، بل نشأ من اختلاط الماء بمواد الأرض الاخرى ، ولهذا السبب فوساوس النفس والشيطان ليست من التعاليم الالهية ، بل من تلوّث قلب الإنسان ، وعلى ايّة حال فهذه الوساوس تزول عن قلوب المؤمنين ويبقى صفاء الوحي الموجب للهداية والإرشاد.

3 ـ الاستفادة تكون بقدر الاستعداد واللياقة!

يستفاد من هذه الآية ـ ايضا ـ انّ مبدا الفيض الالهي لا يقوم على البخل والحدود الممنوعة ، كما انّ السحاب يسقط امطاره في كلّ مكان بدون قيد او

__________________

(1) نهج البلاغة ، الخطبة 50.

٣٧٤

شرط ، وتستفيد الأرض والوديان منها على قدر وسعها ، فالأرض الصغيرة تستفيد اقلّ والأرض الواسعة تستفيد اكثر ، وهكذا قلوب الناس في مقابل الفيض الالهي.

4 ـ الباطل والأوضاع المضطربة

عند ما يصل الماء الى السهل او الصحراء ويستقرّ فيها ، تبدا المواد المختلطة مع الماء بالترشّح ويذهب الزبد فيظهر الماء النقي مرّة ثانية ، وعلى هذا النحو فالباطل يبحث عن سوق مضطربة حتّى يستفيد منها ، ولكن بعد استقرار السوق وجلوس كلّ تاجر في مكانه المناسب وتحقق الالتزامات والضوابط في المجتمع ، لا يجد الباطل له مكانا فينسحب بسرعة!

5 ـ الباطل يتشكّل بأشكال مختلفة

انّ واحدة من خصائص الباطل هي انّه يغيّر لباسه من حين لآخر ، حتّى إذا عرفوه بلباسه يستطيع ان يخفي وجهه بلباس آخر ، وفي الآية أعلاه اشارة لطيفة لهذه المسألة ، حيث تقول : لا يظهر الزبد في الماء فقط ، بل يظهر حتّى في الافران المخصوصة لصهر الفلزات بشكل ولباس آخر ، وبعبارة اخرى فإنّ الحقّ والباطل موجودان في كلّ مكان كما يظهر الزبد في السوائل بالشكل المناسب لها. وعلى هذا يجب ان لا نخدع بتنوّع الوجوه وان نعرف أوجه الباطل ونطرحه جانبا.

6 ـ ارتباط البقاء بالنفع

تقول الآية :( وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ) ليس الماء فقط يبقى ويذهب الزبد الطافي عليه ، بل حتّى الفلزات تلك التي تستعمل للزينة او للمتاع

٣٧٥

يبقى الخالص منها ويذهب خبثه. وعلى هذا النحو فالناس والمدارس والمبادئ لهم حقّ الحياة على قدر منفعتهم ، وإذا ما رأينا بقاء اصحاب المبادئ الباطلة لفترة فإنّ ذلك بسبب وجود ذلك المقدار من الحقّ الذي اختلط فيه ، وبهذا المقدار له حقّ الحياة.

7 ـ كيف يطرد الحقّ الباطل؟

«الجفاء» بمعنى الإلقاء والإخراج ، ولهذا نكتة لطيفة وهي انّ الباطل يصل الى درجة لا يمكن فيها ان يحفظ نفسه ، وفي هذه اللحظة يلقى خارج المجتمع ، وهذه العملية تتمّ في حالة هيجان الحقّ ، فعند غليان الحقّ يظهر الزبد ويطفو على سطح ماء القدر ويقذف الى الخارج ، وهذا دليل على انّ الحقّ يجب ان يكون في حالة هيجان وغليان دائما حتّى يبعد الباطل عنه.

8 ـ الباطل مدين للحقّ ببقائه

كما قلنا في تفسير الآية ، فلو لم يكن الماء لما وجد الزبد ، ولا يمكن له ان يستمر ، كما انّه لولا وجود الحقّ فإنّ الباطل لا معنى له ولو لم يكن هناك اشخاص صادقون لما وقع احد تحت تأثير الافراد الخونة ولما صدّق بمكرهم ، فالشعاع الكاذب للباطل مدين في بقائه لنور الحقّ.

9 ـ صراع الحقّ والباطل مستمر

المثال الذي ضربه لنا القرآن الكريم في تجسيم الحقّ والباطل ليس مثالا محدودا في زمان ومكان معينين ، فهذا المنظر يراه الناس في جميع مناطق العالم المختلفة ، وهذا يبيّن انّ عمل الحقّ والباطل ليس مؤقتا وآنيا. وجريان الماء

٣٧٦

العذب والمالح مستمر الى نفخ الصور ، الّا إذا تحوّل المجتمع الى مجتمع مثالي (كمجتمع عصر الظهور وقيام الامام المهديعليه‌السلام ) فعنده ينتهي هذا الصراع ، وينتصر الحقّ ويطوي بساط الباطل ، وتدخل البشرية مرحلة جديدة من تاريخها ، والى ان نصل الى هذه المرحلة فالصراع مستمر بين الحقّ والباطل ، ويجب ان نحدّد موقفنا في هذا الصراع.

10 ـ تزامن الحياة مع السعي والجهاد

المثال الرائع أعلاه يوضّح هذا الأساس لحياة الناس ، وهو انّ الحياة بدون جهاد غير ممكنة ، والعزّة بدون سعي غير ممكنة ايضا ، لانّه يقول : يجب ان يذهب الناس الى المناجم لتهيئة مستلزمات حياتهم في المتاع والزينة( ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ ) . وللحصول على هذين الشيئين يجب تنقية المواد الخام من الشوائب بواسطة نيران الافران للحصول على الفلز الخالص الصالح للاستعمال ، وهذا لا يتمّ الّا من خلال السعي والمجاهدة والعناء.

وهذه هي طبيعة الحياة حيث يوجد الى جانب الورد الشوك ، والى جانب النصر توجد المصاعب والمشكلات ، وقالوا في القديم : (الكنوز في الخرائب وفوق كلّ كنز يوجد ثعبان نائم) ، فإنّ هذه الخربة والثعبان تمثّلان المشاكل والصعوبات للحصول على الموفّقية في الحياة.

ويؤكّد القرآن الكريم هذه الحقيقة وهي انّ التوفيق لا يحصل الّا بتحمّل المصاعب والمحن ، يقول جلّ وعلا في الآية (214) من سورة البقرة :( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ ) .

٣٧٧

الأمثال في القرآن :

انّ دور المثال في توضيح وتفسير الغايات له اهميّة كبيرة غير قابلة للإنكار ، ولهذا السبب لا يوجد اي علم يستغني عن ذكر المثال لاثبات وتوضيح الحقائق وتقريب معناها الى الأذهان ، وتارة ينطبق المثال مع المقصود بشكل يجعل المعاني الصعبة تنزل من السّماء الى الأرض وتكون مفهومة للجميع ، فيمكن ان يقال : انّ المثال له دور مؤثّر في مختلف الأبحاث العلمية والتربوية والاجتماعية والاخلاقية وغيرها ، ومن جملة تأثيراته :

1 ـ المثال يجعل المسائل محسوسة :

من المعلوم أنّ الإنسان يأنس بالمحسوسات أكثر ، أمّا الحقائق العلمية المعقّدة فهي بعيدة المنال. والأمثال تقرّب هذه الفواصل وتجعل الحقائق المعنوية محسوسة ، وإدراكها يسير ولذيذ.

2 ـ المثال يقرّب المعنى :

تارة يحتاج الإنسان لاثبات مسألة منطقية او عقلية الى ادلّة مختلفة ، ومع كلّ هذه الادلّة تبقى هناك نقاط مبهمة محيطة بها ، ولكن عند ذكر مثال واضح منسّق مع الغاية يقرّب المعنى ويعزّز الادلّة ويقلّل من كثرتها.

3 ـ المثال يعمّم المفاهيم

كثير من البحوث العلمية بشكلها الاصلي يفهمها الخواص فقط ، ولا يستفيد منها عامّة الناس ، ولكن عند ما يصحبها المثال تكون قابلة للفهم ، ويستفيد منها الناس على اختلاف مستوياتهم العلمية ، ولهذا فالمثال وسيلة لتعميم الفكر

٣٧٨

والثقافة.

4 ـ المثال ، يزيد في درجة التصديق :

مهما تكن الكليّات العقلية منطقية ، فإنّها لا تخلق حالة اليقين الكافية في ذهن الإنسان ، لانّ الإنسان يبحث عن اليقين في المحسوسات ، فالمثال يجعل من المسألة الذهنيّة واقعا عينيّا ، ويوضّحها في العالم الخارجي ، ولهذا السبب فإنّ له اثره في زيادة درجة تصديق المسائل وقبولها.

5 ـ المثال يخرس المعاندين :

كثيرا ما لا تنفع الادلّة العقليّة والمنطقيّة لاسكات الشخص المعاند حيث يبقى مصرّا على عناده ولكن عند ما نصب الحديث في قالب المثال نوصد الطريق عليه بحيث لا يبقى له مجال للتبرير ولا لاختلاق الاعذار. ولا بأس ان نطرح هنا بعض الامثلة حتّى نعرف مدى تأثيرها : نقرا في القرآن الكريم انّ الله سبحانه وتعالى يرد على الذين اشكلوا على ولادة السّيد المسيحعليه‌السلام كيف انّه ولد من امّ بغير أب( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ) .(1)

لاحظوا جيدا ، فنحن مهما حاولنا ان نقول للمعاندين : انّ هذا العمل بالنسبة الى قدرة الله المطلقة لا شيء ، فمن الممكن ان يحتجّوا ايضا ، ولكن عند ما نقول لهم هل تعتقدون انّ آدم خلقه الله من تراب؟ فإنّ الله الذي له هذه القدرة كيف لا يستطيع إيجاد شخص بدون أب؟!

__________________

(1) آل عمران ، 59.

٣٧٩

وبالنسبة الى المنافقين الذين يقضون في ظلّ نفاقهم ايّاما مريحة ظاهرا ، فإنّ القرآن الكريم يضرب مثالا رائعا عن حالهم ، فيشبهّهم بالمسافرين في الصحراء فيقول( يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .(1) .

فهل يوجد أوضح من هذا الوصف للمنافق التائه في الطريق ، ليستفيد من نفاقه وعمله كي يستمرّ في حياته؟

وعند ما تقول للافراد : انّ الإنفاق يضاعفه لكم الله عدّة مرّات قد لا يستطيعون ان يفهموا هذا الحديث ، ولكن يقول القرآن الكريم :( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ) (2) ، وهذا المثال الواضح اقرب للإدراك.

وغالبا ما نقول : انّ الرياء لا ينفع الإنسان ، فقد يكون هذا الحديث ثقيلا على البعض ، كيف يمكن لهذا العمل ان يكون غير مفيد ، فبناء مستشفى او مدرسة حتّى لو كان بقصد الرياء لماذا ليست له قيمة عند الله؟!

ولكن يضرب الله مثالا رائعا حيث يقول :( فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً ) .(3) ولكي لا نبتعد كثيرا فالآية التي نحن بصدد تفسيرها تبحث في مجال الحقّ والباطل وتجسّم هذه المسألة بشكل دقيق ، المقدّمات والنتائج ، والصفات والخصوصيات والآثار ، وتجعلها قابلة الفهم للجميع وتسكت المعاندين ، واكثر

__________________

(1) البقرة ، 20.

(2) البقرة ، 261.

(3) البقرة ، 264.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399