مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١١

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل15%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 399

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 399 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131977 / تحميل: 5293
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

كتاب الجهاد

من كتاب مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول العبد المذنب المسئ، حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

كتاب الجهاد من كتاب مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل.

فهرست أنواع الأبواب إجمالا.

أبواب جهاد العدو.

أبواب جهاد النفس.

تفصيل الأبواب.

٥

٦

أبواب جهاد لعدو وما يناسبه

١ -( باب وجوبه على الكفاية مع القدرة عليه أو الاحتياج إليه وسقوطه عن الأعمى والأعرج والفقير)

[١٢٢٧٥] ١ - الجعفريات أخبرنا عبد الله أخبرنا محمد حدثني موسى قال حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن عليعليهم‌السلام قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حملة القرآن عرفاء أهل الجنة والمجاهدون في سبيل الله قوادها والرسل سادة أهل الجنة ).

[١٢٢٧٦] ٢ - وبهذا الاسناد قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : دعا موسى وأمن هارونعليهما‌السلام ، وأمنت الملائكة فقال الله عز وجل: استقيما فقد أجيبت دعوتكما ومن غزا في سبيل الله عز وجل استجيبت له، كما استجيبت لهما إلى يوم القيامة ).

[١٢٢٧٧] ٣ - وبهذا الاسناد قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كل نعيم مسؤول عنه العبد يوم القيامة، إلا ما كان في سبيل الله تعالى ).

وروى هذا وما قبله الراوندي في نوادره(١) بإسناده إلى موسى بن جعفر

__________________

أبواب جهاد العدو وما يناسبه

الباب ١

١ - ٢ - الجعفريات ص ٧٦، ودعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٣ ونوادر الراوندي ص ٢٠.

٣ - الجعفريات ص ٧٦، دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٢

(١) نوادر الراوندي ص ٢٠

٧

عليهما‌السلام ، مثله.

[١٢٢٧٨] ٤ - وبهذا الاسناد قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن أبخل الناس من بخل بالسلام وأجود الناس من جاد بنفسه وماله في سبيل الله تعالى ).

[١٢٢٧٩] ٥ - وبهذا الاسناد عن علي بن الحسين، عن أبيهعليهما‌السلام ، عن أبي ذر - في حديث - أنه قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرض وفاته: ( ومن ختم له بجهاد في سبيل الله ولو قدر فواق ناقة، دخل الجنة ).

[١٢٢٨٠] ٦ - وبهذا الاسناد، عن عليعليه‌السلام قال: ( لما كان يوم بدر اعتم أبو دجانة بعمامته، وأرخى عذبة للعمامة من خلفه بين كتفيه، ثم جعل يتبختر بين يدي الصفين، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن هذه لمشية يبغضها الله عز وجل إلا عند القتال ).

[١٢٢٨١] ٧ - وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال: ( ثلاثة إن أنتم فعلتموهن(١) لم ينزل بكم بلاء: جهاد عدوكم، وإذا رفعتم إلى أئمتكم حدودكم فحكموا فيها ( بالعدل )(٢) ، وما لم يتركوا الجهاد ).

[١٢٢٨٢] ٨ - وبهذا الاسناد، عن عليعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن فوق كل بر بر حتى الرجل شهيدا في سبيله، وفوق كل ذي عقوق عقوق حتى يقتل الرجل أحد والديه ).

__________________

٤ - الجعفريات ص ٧٦، نوادر الراوندي ص ٢٠، دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٣.

٥ - الجعفريات ص ٢١٢

٦ - الجعفريات ص ٧٧

٧ - الجعفريات ص ٢٤٥

(١) أثبتناه من المصدر، وفى الحجرية: علمتموهن.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٨ - الجعفريات ص ١٨٦، دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٣.

٨

[١٢٢٨٣] ٩ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده الصحيح عن موسى بن جعفر عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان فوق كل بر بر حتى يقتل الرجل شهيدا في سبيل ( الله )(١) ، وفوق كل عقوق عقوق حتى يقتل الرجل أحد والديه ).

ورواه في دعائم الاسلام، وكذلك جميع ما تقدمه(٢) .

[١٢٢٨٤] ١٠ - وبهذا الاسناد قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خيول الغزاة في الدنيا هي خيولهم في الجنة ).

[١٢٢٨٥] ١١ - وبهذا الاسناد قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أوصي أمتي بخمس: بالسمع والطاعة، والهجرة، والجهاد، والجماعة، ومن دعا بدعاء الجاهلية فله جثوة(١) من جثى جهنم ).

ورواه في الجعفريات بالسند المتقدم، مثله(٢) .

[١٢٢٨٦] ١٢ - وبهذا الاسناد قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أول من قاتل في سبيل الله إبراهيم الخليل حيث أسرت الروم لوطا، فنفر إبراهيمعليه‌السلام واستنقذه من أيديهم ).

[١٢٢٨٧] ١٣ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن جابر، عن أبي جعفر

__________________

٩ - نوادر الراوندي ص ٥

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٣.

١٠ - نوادر الراوندي ص ١٥.

١١ - نوادر الراوندي ص ٢١.

(١) في النهاية بعد حديث كهذا الحديث، الجثوة: والجمع جثى، وهي التراب المجموع ( النهاية ج ١ ص ٢٣٩ ) وفي الطبعة الحجرية: حثوه من حثى.

(٢) الجعفريات ص ٧٨.

١٢ - نوادر الراوندي ص ٢٣.

١٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٠٦ ح ١٥٢.

٩

عليه‌السلام ، قال: ( أتى رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: إني راغب نشيط في الجهاد، قال: فجاهد في سبيل الله، فإنك إن تقتل كنت حيا عند الله ترزق، وإن مت فقد وقع أجرك على الله، وإن رجعت خرجت من الذنوب إلى الله، هذا تفسير:( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ) (١) ).

[١٢٢٨٨] ١٤ - وعن أبي الجارود، عن زيد بن عليعليه‌السلام ، في قول الله:( واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا ) (١) ، ( قال ): السيف.

[١٢٢٨٩] ١٥ - صحيفة الرضا: عن آبائهعليهم‌السلام ، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام (١) ، قال: ( بينما أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليهما‌السلام يخطب الناس ويحضهم(٢) على الجهاد، إذ قام إليه شاب فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن فضل الغزاة في سبيل الله، فقال عليعليه‌السلام : كنت رديف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ناقته العضباء، ونحن قافلون(٣) من غزوة ذات السلاسل، فسألته عما سألتني عنه، فقال: إن الغزاة إذا هموا بالغزو كتب الله لهم براءة من النار، ( فإذا تجهزوا لغزوهم )(٤) باهى الله تعالى بهم الملائكة، فإذا ودعهم أهلوهم بكت عليهم الحيطان والبيوت، ويخرجون من ذنوبهم كما تخرج الحية من

__________________

(١) آل عمران ٣: ١٦٩

١٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣١٥ ح ١٥٢

(١) الاسراء ١٧: ٨٠

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٥ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٨٥

(١) في المصدر زيادة: حدثني أبي الحسين بن عليعليه‌السلام

(٢) في المصدر: يحرضهم.

(٣) قافلون: القفول: الرجوع من السفر، وقيل: القفول رجوع الجند بعد الغزو ( لسان العرب ج ١١ ص ٥٦٠ ).

(٤) في المصدر: وإذا برزوا نحو عدوهم.

١٠

سلخها(٥) ، ويوكل الله عز وجل بكل رجل منهم أربعين ألف ملك، يحفظونه من بين أيديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، ولا يعملون حسنة إلا ضعفت له، ويكتب له كل يوم عبادة ألف رجل يعبدون الله ألف سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما، اليوم مثل عمر الدنيا، وإذا صاروا بحضرة عدوهم انقطع علم أهل الدنيا عن ثواب الله إياهم، وإذا برزوا لعدوهم وأشرعت الأسنة وفوقت السهام وتقدم الرجل إلى الرجل، حفتهم الملائكة بأجنحتهم ويدعون الله تعالى لهم بالنصر والتثبيت، ونادى مناد: الجنة تحت ظلال السيوف، فتكون الطعنة والضربة أهون على الشهيد من شرب الماء البارد في اليوم الصائف، وإذا زال الشهيد من فرسه بطعنة أو بضربة، لم يصل إلى الأرض حتى يبعث الله عز وجل زوجته من الحور العين فتبشره بما أعد الله عز وجل له من الكرامة، فإذا وصل إلى الأرض تقول له: مرحبا بالروح الطيبة التي خرجت من البدن الطيب، أبشر فإن لك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ويقول الله عز وجل: أنا خليفته في أهله، ومن أرضاهم فقد أرضاني، ومن أسخطهم فقد أسخطني، ويجعل الله روحه في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث تشاء، تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة بالعرش، ويعطى الرجل منهم سبعين غرفه من غرف الفردوس، سلوك(٦) كل غرفة ما بين صنعاء والشام، يملا نورها ما بين الخافقين، في كل غرفة سبعون بابا، على كل باب ستور مسبلة، في كل غرفة سبعون خيمة، في كل خيمة سبعون سريرا من ذهب قوائمها الدر والزبرجد، مرصوصة بقضبان الزمرد، على كل سرير أربعون

__________________

(٥) السلخ: الجلد، ومسلاخ الحية وسلختها: جلدتها التي تنسلخ عنها ( لسان العرب ج ٣ ص ٢٥ ).

(٦) ورد في هامش الحجرية ما نصه: ( كذا في نسختي وهي صحيحه جدا وفي البحار ( سلوك كل غرفة سبعون مصراعا من ذهب على كل مسبلة في كل غرفة. ) الخ منه قده ). السلوك، مصدر سلك، استعارته هنا للمكان، للدلالة على سعة الغرفة. انظر ( لسان العرب ج ١٠ ص ٤٤٢ ).

١١

فراشا، غلظ كل فراش أربعون ذراعا، على كل فراش سبعون زوجا من الحور العين عربا أترابا، فقال الشاب: يا أمير المؤمنين أخبرني عن التربة ما هي؟ قال: هي الزوجة الرضية المرضية الشهية، لها سبعون ألف وصيف وسبعون ألف وصيفة، صفر الحلي، بيض الوجوه، عليهم تيجان اللؤلؤ، على رقابهم المناديل، بأيديهم الأكوبة والأباريق، وإذا كان يوم القيامة يخرج من قبره شاهرا سيفه تشخب أوداجه دما، اللون لون الدم والرائحة رائحة المسك، يحضر في عرصة القيامة، فوالذي نفسي بيده لو كان الأنبياء على طريقهم لترجلوا لهم مما يرون من بهائهم، حتى يأتوا على موائد من الجوهر فيقعدون عليها ويشفع الرجل منهم في سبعين ألفا من أهل بيته وجيرته، حتى أن الجارين يختصمان أيهما أقرب، فيقعدون معي ومع إبراهيمعليه‌السلام على مائدة الخلد، فينظرون إلى الله تعالى في كل بكرة وعشية ).

ورواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره قال: روى أبو القاسم علي بن أحمد بن عامر، بن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر الكاظم، عن أبيه جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه محمد بن علي الباقر، عن أبيه زين العابدين علي بن الحسين، عن أبيه حسين بن علي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين ( عليهم الصلاة والسلام )، وساق مثله(٧) .

[١٢٢٩٠] ١٦ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال لجابر: ( إن الله لم يكلم أحدا إلا من وراء حجاب، وكلم أباك مواجها فقال له: سلني أعطك، قال: أسألك أن تردني إلى الدنيا، حتى أجاهد مرة أخرى فأقتل، فقال: أنا لا أرد أحدا إلى الدنيا سلني غيرها، قال: أخبر الاحياء بما نحن فيه من الثواب، حتى يجتهدوا في الجهاد لعلهم يقتلون فيجيئون إلينا، فقال تعالى: أنا رسولك إلى المؤمنين،

__________________

(٧) تفسير أبى الفتوح الرازي ج ١ ص ٦٨٦

١٦ - لب اللباب: مخطوط

١٢

فأنزل:( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ) (١) .

[١٢٢٩١] ١٧ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( كل حسنات بني آدم تحصيها الملائكة إلا حسنات المجاهدين، فإنهم يعجزون عن علم ثوابها ).

[١٢٢٩٢] ١٨ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( طوبى لمن أكثر ذكر الله في الجهاد، فإن له بكل كلمة سبعين ألف حسنة، كل حسنة عشرة أضعاف، مع ما له عند الله من المزيد، قالوا: يا رسول الله، والنفقة في سبيل الله على قدر ذلك للضعفاء، قال: نعم ).

[١٢٢٩٣] ١٩ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مثل المجاهدين في سبيل الله، كمثل القائم القانت، لا يزال في صومه وصلاته حتى يرجع إلى أهله ).

وقال: ( إذا خرج الغازي من عتبة بابه، بعث الله ملكا بصحيفة سيئاته فطمس سيئاته ).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من كبكر تكبيرة في سبيل الله فواق ناقة، وجبت له الجنة ).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا يجمع الله كافرا وقاتله في النار ).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان في جهنم ).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( السيوف مفاتيح الجنة ).

[١٢٢٩٤] ٢٠ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما من أحد يدخل الجنة فيتمنى أن يخرج منها إلا الشهيد، فإنه يتمنى أن يرجع فيقتل عشر مرات، مما يرى من كرامة الله ).

[١٢٢٩٥] ٢١ - ورأيصلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا يدعو ويقول: اللهم إني أسألك خير ما تسأل، فاعطني أفضل ما تعطي، فقال ( صلى الله عليه

__________________

(١) آل عمران ٣: ١٦٩

١٧ - ٢١ - لب اللباب: مخطوط

١٣

وآله ): ( ان استجيب لك أهريق دمك في سبيل الله ).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إن لي حرفتين اثنتين: الفقر، والجهاد ).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( غدوة أو روحة في سبيل الله، خير من الدنيا وما فيها ).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث: ( وسياحة أمتي الجهاد ).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إن الله يدفع بمن يجاهد عمن لا يجاهد ).

[١٢٢٩٦] ٢٢ - وعن جعفر الصادقعليه‌السلام قال: ( بانفاق المهج يصل العبد إلى بر حبيبه وقربه ).

[١٢٢٩٧] ٢٣ - القاضي نعمان في دعائم الاسلام: عن علي ( صلوات الله عليه )، أنه قال: ( الجهاد فرض على جميع المسلمين، لقول الله:( كتب عليكم القتال ) (١) ، فإن قامت بالجهاد طائفة من المسلمين، وسع سائرهم التخلف عنه، ما لم يحتج الذين يلون الجهاد إلى المدد، فإن احتاجوا لزم الجميع أن يمدوا حتى يكتفوا، قال الله عز وجل:( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) (٢) ، وإن أدهم أمر يحتاج فيه إلى جماعتهم نفروا كلهم، قال الله عز وجل:( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) (٣) .

__________________

٢٢ - لب اللباب: مخطوط.

٢٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤١

(١) البقرة ٢: ٢١٦، ٢٤٦

(٢) التوبة ٩: ١٢٢

(٣) التوبة ٩: ٤١

١٤

[١٢٢٩٨] ٢٤ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله:( انفروا خفافا وثقالا ) (١) قال: ( شبانا وشيوخا ).

[١٢٢٩٩] ٢٥ وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن قول الله عز وجل:( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) (١) أهذا لكل من جاهد في سبيل الله أم لقوم دون قوم؟ فقال أبو عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام : ( إنه لما نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سأله بعض أصحابه عن هذا فلم يجبه، فأنزل الله بعقب ذلك:( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين ) (٢) .

فأبان ( الله عز وجل )(٣) بهذا صفة المؤمنين الذين اشترى منهم أنفسهم ( وأموالهم )(٤) ، فمن أراد الجنة فليجاهد في سبيل الله على هذه الشرائط، وإلا فهو من جملة من قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ينصر الله هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ).

[١٢٣٠٠] ٢٦ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: ( أصل الاسلام الصلاة، وفرعه الزكاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ).

__________________

٢٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤١

(١) التوبة: ٩: ٤١

٢٥ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤١

(١) التوبة ٩: ١١١

(٢) التوبة ٩: ١١٢

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٢٦ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٢

١٥

[١٢٣٠١] ٢٧ - وعن عليعليه‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( سافروا(١) تصحوا، جاهدوا(٢) تغنموا، حجوا تستغنوا ).

[١٢٣٠٢] ٢٨ - وعن علي ( صلوات الله عليه ) أنه قال: ( الايمان(١) أربعة أركان: الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد ).

[١٢٣٠٣] ٢٩ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: ( جاهدوا في سبيل الله بأيدكم، فإن لم تقدروا فجاهدوا بألسنتكم، فإن لم تقدروا فجاهدوا بقلوبكم ).

[١٢٣٠٤] ٣٠ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: ( عليكم بالجهاد في سبيل الله مع كل إمام عادل، فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة ).

(٢٣٠٥) ٣١ - وعنهعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( ما من قطرة أحب إلى الله تعالى من قطرة دم في سبيل الله، أو قطرة دمع في جوف الليل من خشية الله ).

[١٢٣٠٦] ٣٢ - وعنه، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: ( كل مؤمن من أمتي صديق وشهيد، ويكرم الله بهذا السيف من شاء من خلقه، ثم تلا(١) :( والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم ) (٢) ).

__________________

٢٧ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٢

(١) في المصدر زيادة: تغنموا وصوموا

(٢) في المصدر: واغزوا.

٢٨ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٢

(١) في المصدر: للايمان.

٢٩ - ٣١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٣

٣٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٣

(١) في المصدر زيادة: قول الله عز وجل

(٢) الحديد ٥٧: ١٩

١٦

[١٢٣٠٧] ٣٣ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال: ( كل عين ساهره يوم القيامة إلا ثلاث عيون: عين سهرت في سبيل الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين بكت(١) من خشية الله ).

[١٢٣٠٨] ٣٤ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ) (١) قال: ( مع النساء ).

[١٢٣٠٩] ٣٥ - وعن زيد بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( ولباس التقوى ) (١) قال: ( لباس التقوى: السلاح في سبيل الله ).

[١٢٣١٠] ٣٦ - وفي شرح الاخبار: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( خير الناس رجل حبس نفسه في سبيل الله، يجاهد أعداءه يلتمس الموت أو القتل في مصافه ).

[١٢٣١١] ٣٧ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( غدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ).

ورواه في العوالي: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثله(١) .

__________________

٣٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٣

(١) في المصدر زيادة: في جوف الليل

٣٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٤

(١) التوبة ٩: ٨٧، ٩٣

٣٥ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٤

(١) الأعراف ٧: ٢٦

٣٦ - شرح الاخبار:

٣٧ - شرح الاخبار:

(١) عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٨٢ ح ١

١٧

[١٢٣١٢] ٣٨ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( مقام أحدكم يوما في سبيل الله، أفضل من صلاة في بيته سبعين عاما، ويوم في سبيل الله، خير من ألف يوم فيما سواه ).

[١٢٣١٣] ٣٩ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( يرفع الله المجاهد في سبيله على غيره مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ).

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( المجاهدون في سبيل الله قواد أهل الجنة ).

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( أجود الناس من جاد بنفسه في سبيل الله ).

[١٢٣١٤] ٤٠ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: ( ما من قطرة أحب إلى الله عز وجل من قطرتين: قطرة دم في سبيل الله، وقطرة دمعة في سواد الليل، لا يريد بهما العبد إلا الله عز وجل ).

[١٢٣١٥] ٤١ - إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات: بإسناده عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في بعض خطبه: ( يقول الرجل: جاهدت، ولم يجاهد، إنما الجهاد اجتناب المحارم ومجاهدة العدو، ويقاتل أقوام فيحسنون القتال ولا يريدون إلا الذكر والأجر، وإن الرجل ليقاتل بطبعه من الشجاعة فيحمي من يعرف ومن لا يعرف، ويجبن بطبيعته من الجبن فيسلم أباه وأمه إلى العدو، وإنما القتل(١) ( حتف )(٢) من

__________________

٣٨ - ٣٩ - شرح الاخبار:

٤٠ - كتاب الغايات ص ٩٣ ( عن علي بن الحسينعليهما‌السلام .

٤١ - الغارات ج ٢ ص ٥٠٣

(١) في المصدر: المثال، والظاهر أنه مصحف ( قتال ).

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٨

الحتوف، وكل امرئ على ما قاتل عليه، وإن الكلب ليقاتل دون أهله ).

[١٢٣١٦] ٤٢ - البحار: عن العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم: العلة في تنحي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من قريش، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان نبي السيف، والقتال لا يكون إلا بأعوان، فتنحى حتى وجد أعوانا ثم غزاهم ).

[١٢٣١٧] ٤٣ - الصدوق في معاني الأخبار والخصال: عن علي بن عبد الله الأسواري، عن أحمد بن محمد بن قيس السجزي(١) ، عن عمرو بن حفص، عن عبيد الله بن محمد بن أسد، عن الحسين بن إبراهيم، عن يحيى بن سعيد البصري، عن ابن جريح، عن عطا، عن عبيد(٢) بن عمير الليثي، عن أبي ذر، أنه سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أي الاعمال أحب إلى الله عز وجل؟ فقال: ( إيمان بالله وجهاد في سبيله ) قال: قلت: فأي الجهاد أفضل؟ قال: ( من عقر جواده واهريق دمه في سبيل الله ).

ورواه في الخصال: مثله(٣) .

ورواه جعفر بن أحمد في كتاب الغايات: مثله(٤) .

[١٢٣١٨] ٤٤ - أحمد بن محمد بن خالد في المحاسن: ( عن أبيه رفعه )(١) قال:

__________________

٤٢ - البحار ج ١٠٠ ص ٤٣ ح ٥٤

٤٣ - معاني الأخبار ص ٣٣٣

(١) في الطبعة الحجرية: السنجري، وما أثبتناه من المصدر، راجع أنساب السمعاني ص ٢٩١ .

(٢) كان في الحجرية ( عتبه ) وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال راجع تهذيب التهذيب ج ٦ ص ٧١ رقم ١٤٨.

(٣) الخصال ج ٢ ص ٥٢٣

(٤) الغايات ص ٦٧.

٤٤ - المحاسن ص ٦ ح ١٥

(١) في المصدر: عنه.

١٩

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ( ثلاث من كن فيه زوجه الله من الحور العين كيف شاء: كظم الغيظ، والصبر على السيف(٢) لله ) الخبر.

[١٢٣١٩] ٤٥ - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد: عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق، عن آبائهعليهم‌السلام : ( أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ثلاثة يشفعون إلى الله عز وجل(١) فيشفعهم: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء ).

[١٢٣٢٠] ٤٦ - تفسير الإمامعليه‌السلام : ( سئل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن النفقة في الجهاد إذا لزم أو استحب، فقال: أما إذا لزم الجهاد بأن لا يكون بإزاء الكافرين ( من ينوب )(١) عن سائر المسلمين، فالنفقة هناك الدرهم عند الله بسبعمائة ألف درهم، فأما المستحب الذي قصده الرجل وقد ناب عنه من سبقه(٢) واستغنى عنه، فالدرهم بسبعمائة حسنة، كل حسنة خير من الدنيا وما فيها مائة ألف مرة ).

[١٢٣٢١] ٤٧ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أبي حفص عمر بن محمد، عن علي بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائهعليهم‌السلام قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل

__________________

(٢) في المصدر: السيوف.

٤٥ - قرب الإسناد ص ٣١

(١) في المصدر زيادة: يوم القيامة

٤٦ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٩، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٥٧ ح ١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في البحار: سبعه.

٤٧ - أمالي المفيد ص ٩٩

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

اشتمال مراتب القرآن على المقدّرات الحادثة في كلّ عام:

وقال: (المسألة الثامنة) في تفسير مفردات هذه الألفاظ، أمّا قوله تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ) (1) فقد قيل فيه: إنّه تعالى أنزل كلّية القرآن، يبدأ في استنساخ ذلك من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة، ويقع الفراغ في ليلة القدر، فتُدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل ونسخة الحروب إلى جبرائيل، وكذلك الزلازل والصواعق والخسف، ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا، وهو ملك عظيم، ونسخة المصائب إلى ملك الموت، انتهى كلامه.

وقال القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن: (في تفسير قوله تعالى: ( إنّا أَنْزَلْناهُ ) يعني القرآن، وإن لم يجرِ له ذكر في هذه السورة؛ لأنّ المعنى معلوم، والقرآن كلّه كالسورة الواحدة، وقد قال: ( شَهْرُ رَمَضانُ الَّذي اُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ ) ، وقال: ( حم وَالْكِتابِ الْمُبينِ إنّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ) (2) يريد: في ليلة القدر.

وقال الشعبي: المعنى إنّا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر. وقيل: بل نزل به جبريل عليه‌السلام جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، إلى بيت العزّة، وأملاه جبريل على السَفَرة، ثمّ كان جبريل ينزّله على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله نُجوماً نُجوماً، وكان بين أوّله وآخره ثلاث وعشرون سنة. قاله ابن عبّاس، وقد تقدّم في سورة البقرة.

وحكى الماوردي عن ابن عبّاس، قال: نزل القرآن في شهر رمضان وفي ليلة القدر، في ليلة مباركة جملة واحدة من عند اللَّه، من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجّمته السفرة الكرام الكاتبون على جبريل عشرين سنة، ونجّمه جبريل على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عشرين سنة.

قال ابن العربي: وهذا باطل؛ ليس بين جبريل وبين اللَّه واسطة، ولا بين جبريل

____________________

1) سورة الدخان: 3.

2) سورة الدخان: 1 - 3.

٢٨١

ومحمّد عليهما‌السلام واسطة.

قوله تعالى: ( في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، قال مجاهد: في ليلة الحكم، ( وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) ، قال ليلة الحكم. والمعنى ليلة التقدير، سمّيت بذلك لأنّ اللَّه تعالى يقدّر فيها ما يشاء من أمره، إلى مثلها من السنة القابلة، من أمر الموت والأجل والرزق وغيره، ويسلّمه إلى مدبّرات الأُمور، وهم أربعة من الملائكة: إسرافيل، وميكائيل، وعزرائيل، وجبريل عليهم‌السلام .

أُمّ الكتاب في القرآن متضمّنة لتقدير كلّ شي‏ء:

وقال: وعن ابن عبّاس، قال: يكتب من أمّ الكتاب ما يكون في السنة من رزق ومطر، وحياة وموت، حتّى الحاجّ. قال عكرمة: يكتب حجّاج بيت اللَّه تعالى في ليلة القدر بأسمائهم وأسماء آبائهم، ما يغادر منهم أحد ولا يزاد فيهم.

وقاله سعيد بن جُبير، وقد مضى في أوّل سورة الدخان هذا المعنى. وعن ابن عبّاس أيضاً: إنّ اللَّه تعالى يقضي الأقضية في ليلة نصف شعبان، ويسلّمها إلى أربابها في ليلة القدر. وقيل: إنّما سمّيت بذلك لعظمها وقدرها وشرفها، من قولهم: لفلان قدر، أي شرف ومنزلة) (1) .

ليلة القدر عوض للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وآلهعليهم‌السلام عن غصب الخلافة:

وقال: (وفي الترمذي عن الحسن بن علي رضي اللَّه عنهما: أنّ رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى بني أُمية على منبره فساءه ذلك، فنزلت ( إنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) ، يعني نهراً في الجنّة، ونزلت ( إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ

____________________

1) تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن، ج20، ص129 - 130، طبعة القاهرة.

٢٨٢

أَلْفِ شَهْرٍ ) ، يملكها بعدك بنو أُمية. قال القاسم بن الفضل الحدّاني: فعددناها فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوماً ولا تنقص يوماً. قال: حديث غريب.

قوله تعالى: ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكْةُ ) أي تهبط من كلّ سماء، ومن سدرة المنتهى، ومسكن جبريل على وسطها، فينزلون إلى الأرض ويؤمّنون على دعاء الناس إلى وقت طلوع الفجر، فذاك قوله تعالى ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكْةُ ) .

حقيقة الروح النازل ليلة القدر:

وقال: ( وَالرُّوحُ فِيها بِإذْنِ رَبِّهِمْ ) (1) ، أي جبرئيل عليه‌السلام ، وحكى القُشيري: أنّ الروح صنف من الملائكة جُعلوا حفظة على سائرهم، وأنّ الملائكة لا يرونهم كما لا نرى نحن الملائكة. وقال مقاتل: هم أشرف الملائكة وأقربهم من اللَّه تعالى.

وقيل: إنّهم جند من جند اللَّه عزّ وجلّ من غير الملائكة، رواه مجاهد عن ابن عبّاس مرفوعاً، ذكره الماوردي، وحكى القُشيري: قيل هم صنف من خلق اللَّه، يأكلون الطعام، ولهم أيدٍ وأرجل وليسوا ملائكة.

وقيل: (الروح) خلق عظيم يقوم صفّاً، والملائكة كلّهم صفّاً. وقيل: (الروح) الرحمة ينزل بها جبريل عليه‌السلام مع الملائكة في هذه الليلة على أهلها، دليله: ( يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) (2) ، أي بالرحمة، (فِيها) أي في ليلة القدر، ( بِإذْنِ رَبِّهِمْ ) أي بأمره، ( مِن كُلِّ أَمْرٍ ) (3) أمر بكلّ أمر قدّره اللَّه وقضاه في تلك السنة إلى قابل.

وقيل عنه: إنّها رُفعت - يعني ليلة القدر - وإنّها إنّما كانت مرّة واحدة.

____________________

1) سورة القدر: 4.

2) سورة النحل: 2.

3) سورة القدر: 5.

٢٨٣

بقاء ليلة القدر في كلّ عام:

وقال: (والصحيح أنّها باقية... والجمهور على أنّها من كلّ عام من رمضان... وقال الفرّاء: لا يقدّر اللَّه في ليلة القدر إلاّ السعادة والنعم، ويقدّر في غيرها البلايا والنقم) (1) .

وقال الطبري في تفسيره، في ذيل سورة البروج: ( فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ) ، بسنده إلى مجاهد: في لوح، قال: ( فِي أُمِّ الْكِتَابِ ) (2) .

وقال ابن كثير في تفسيره، بعد ما نقل جملة ممّا ذكره عنه الرازي والقرطبي، والذي مرّ نقله، قال: (اختلف العلماء هل كانت ليلة القدر في الأُمم السالفة، أم هي من خصائص هذه الأُمّة؟

فقال الزهري:... وهذا الذي قاله مالك يقتضي تخصيص هذه الأُمّة بليلة القدر. وقيل: إنّها كانت في الأُمم الماضين كما هي في أُمّتنا، ثمّ هي باقية إلى يوم القيامة وفي رمضان خاصّة) (3) .

وقال الزمخشري في الكشّاف، بعد ما ذكره جملة ممّا ذكره عنه الرازي والقرطبي، في ذيل قوله تعالى: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) (4) قال: (وسبب ارتقاء فضلها إلى هذه الغاية ما يوجد فيها من المصالح الدينية التي ذكرها، من تنزّل الملائكة والروح، وفصل كلّ أمر حكيم).

وقال في ذيل قوله تعالى ( مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) (5) : أي تتنزّل من أجل كلّ أمر قضاه اللَّه لتلك السنة إلى قابل... وروي عن رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (من قرأ سورة القدر أُعطي من الأجر كمن صام رمضان وأحيى ليلة القدر)، وذكر في هامش المطبوع: أنّ الحديث أخرجه الثعلبي، والواحدي، وابن مردويه، بسندهم إلى أُبَيّ ابن كعب.

____________________

1) تفسير القرطبي، ج20، ص133 - 137، في تفسير الجامع لأحكام القرآن طبعة القاهرة.

2) جامع البيان، ج30، ص176.

3) تفسير ابن كثير، ج4، ص 568.

4) سورة القدر: 2.

5) سورة القدر: 5.

٢٨٤

ليلة القدر عوض له صلى‌الله‌عليه‌وآله عن غصب بني أُمية خلافته، وتعدد مصادر الحديث لديهم:

وقال الآلوسي في روح المعاني: (ويستدلّ لكونها مدنية بما أخرجه الترمذي، والحاكم، عن الحسن ابن عليّ (رضي اللَّه تعالى عنهما): (أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أُري بني أُمية على منبره فساءه ذلك، فنزلت ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) (1) ، ونزلت: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) (2) .. الحديث). وهو كما قال المزني: حديث منكر، انتهى.

وقد أخرج الجلال هذا الحديث في الدرّ المنثور عن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل أيضاً، من رواية يوسف ابن سعد، وذكر فيه: أنّ الترمذي (3) أخرجه وضعّفه، وأنّ الخطيب أخرج عن ابن عبّاس نحوه، وكذا عن ابن نسيب، بلفظٍ: قال نبي اللَّه: (أُريتُ بني أُمية يصعدون منبري، فشقّ ذلك عليّ فأُنزِلت ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، ففي قول المزني هو منكر تردّد عندي.

وقد ورد في روايات أهل البيت عليهم‌السلام ما رواه الكافي بسنده إلى أبي عبد اللَّه عليه‌السلام ، قال: (أُري رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله في منامه بني أُمية يصعدون على منبره من بعده ويضلّون الناس عن الصراط القهقري، فأصبح كئيباً حزيناً، قال: فهبط عليه جبرئيل فقال: يا رسول اللَّه مالي أراك كئيباً حزيناً؟ قال: يا جبرئيل إنّي رأيت بني أُمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي، يضلّون الناس عن الصراط القهقري. فقال: والذي بعثك بالحقّ نبيّاً إنّي ما اطّلعت عليه. فعرّج إلى السماء فلم يلبث أن نزل بآي من القرآن يُؤنسه بها، قال: ( أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) (4) ، وأُنزل عليه: ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) ، جعل اللَّه ليلة القدر لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

1) سورة الكوثر: 1.

2) سورة القدر: 1.

3) سنن الترمذي، ج5، ص444، ح 3350.

4) سورة الشعراء: 205 - 207.

٢٨٥

خيراً من ألف شهر ملك بني أُمية) (1) .

وروى الكُليني، عن علي بن عيسى القمّاط عن عمّه، قال: (سمعت أبا عبد اللَّه يقول: هبط جبرئيل عليه‌السلام على رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ورسول اللَّه كئيب حزين، فقال: رأيت بني أُمية يصعدون المنابر وينزلون منها. قال: والذي بعثك بالحقّ نبيّاً، ما علمت بشي‏ء من هذا. وصعد جبرئيل إلى السماء، ثمّ أهبطه اللَّه جلّ ذكره بآي من القرآن يعزّيه بها قوله: ( أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) (2) .

وأنزل اللَّه جلّ ذكره: ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) للقوم، فجعل اللَّه ليلة القدر (لرسوله) خير، من ألف شهر) (3) .

وفي سند الصحيفة السجّادية، عن أبي عبد اللَّه عليه‌السلام ، قال: (إنّ أبي حدّثني عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليه‌السلام : إنّ رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذته نَعسةٌ وهو على منبره، فرأى في منامه رجالاً ينزون على منبره نزو القردة، يردّون الناس على أعقابهم القهقري، فاستوى رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله جالساً والحزن يعرف في وجهه، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام بهذه الآية ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إلاّ طُغْيَانًا كَبِيرًا ) ، يعني بني أُمية. قال: يا جبرئيل على عهدي يكونون وفي زمني؟

قال: لا، ولكن تدور رحى الإسلام من مُهاجرك فتلبث بذلك عشراً، ثمّ تدور رحى الإسلام على رأس خمسة وثلاثين من مهاجِرَك فتلبث بذلك خمساً، ثمّ لابدّ من رحى

____________________

1) الكافي، ج4، ص159.

2) سورة الشعراء:205 - 206.

3) الكافي، ج8، ص223.

٢٨٦

ضلاله هي قائمة على قطبها ثمّ ملك الفراعنة. قال: وأنزل اللَّه تعالى في ذلك: ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) يملكها بنو أُمية. فيها ليلة القدر.

قال: فأَطلع اللَّه عزّ وجلّ نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ بني أُمية تملك سلطان هذه الأُمّة وملكها طول هذه المدّة، فلو طاولتهم الجبال لطالوا عليها، حتّى يأذن اللَّه تعالى بزوال ملكهم، وهم في ذلك يستشعرون عداوتنا أهل البيت وبغضنا. أخبر اللَّه نبيّه بما يلقي أهل بيت محمّد وأهل مودّتهم وشيعتهم منهم في أيامهم وملكهم) (1) .

وفي تأويل الآيات: (روي عن أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه‌السلام ، قال: قوله عزّ وجلّ: ( خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ ) هو سلطان بني أُمية.

وقال: ليلة من إمام عادل خير من ألف شهر ملك بني أُمية.

وقال: ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ) أيّ من عند ربّهم على محمّد وآل محمّد، بكلّ أمر سلام) (2) .

وفي تفسير القمّي: بسنده، في معنى سورة: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) فهو القرآن... قوله: ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) .

أقول: تكثر الروايات في غصب الخلافة من بني أُمية، وتأذّي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وتعويضه بليلة القدر، وسيأتي معنى تعويضه بليلة القدر، وتسالم كثير من علماء الجمهور بهذه الروايات، هذا الأمر أحد الأدلّة على أنّ الخلافة في الشريعة الإلهية هي منصب أهل بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فتدبّر تبصُر.

____________________

1) الصحيفة السجّادية الكاملة: 15 - 16.

2) تأويل الآيات، ج2، ص817، ح2.

٢٨٧

حقيقة النازل الذي نزل في ليلة القدر:

وقال في ذيل قوله تعالى ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) : الضمير عند الجمهور للقرآن، وادّعى الإمام فيه إجماع المفسّرين، وكأنّه لم يعتقد بقول من قال منهم برجوعه لجبرئيل عليه‌السلام أو غيره؛ لضعفه. قالوا: وفي التعبير عنه بضمير الغائب مع عدم تقدّم ذكره تعظيم له، أي تعظيم لِما أنّه يشعر بأنّه لعلوّ شأنه كأنّه حاضر عند كلّ أحد.

جهل الخلق بحقيقة ليلة القدر:

وقال في ذيل قوله تعالى ( وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) (1) : لِما فيه من الدلالة على أنّ علوّها خارج عن دائرة دراية الخلق، لا يُعلم ذلك، ولا يَعلم به إلاّ علاّم الغيوب.

حقيقة نزول القرآن جملة واحدة:

ثمّ ذكر جملة في تعدّد نزول القرآن جملةً واحدةً ونجوماً، وذكر في ضمنها هذه الرواية، عن ابن عبّاس: (أُنزل القرآن جملةً واحدة حتّى وضع في بيت العزّة في السماء الدنيا، ونزل به جبريل عليه‌السلام على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بجواب كلام العباد وأعمالهم)... ثمّ نقل الاختلاف بين المفسّرين عندهم في قوله تعالى: ( أَنْزَلْنَاهُ ) من جهة نزول القرآن جملةً واحدة، فهل تضمّن القرآن النازل جملةً واحدة هذه العبارة أم لا؟ فلابدّ من ارتكاب المجاز في الإسناد؛ لأنّه إخبار عمّا وقع فيما مضى، فكيف يكون هذا اللفظ في ضمنه؟

____________________

1) سورة القدر: 2.

٢٨٨

فذكر قولاً للرازي في حلّ الإشكال، وللقرطبي، وابن كثير، وضعّف قولهم. ونقل عن ابن حجر في شرح البخاري أنّه أُنزل جملةً واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة في السماء الدنيا، بل حكى بعضهم الإجماع عليه، ثمّ نقل جواباً لحلّ الإشكال عن السيد عيسى الصفوي، ثمّ الاختلاف بين الدَّواني وغيره، وأنّه ألّف رسالة في ذلك، في الجواب عن مسألة الحذر الأصمّ.

ثمّ نقل عن الإتقان قول أبي شامة: فإن قلت ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ ) إن لم يكن من جملة القرآن الذي نزل جملة، فما نزل جملة؟ وإن كان من الجملة فما وجه هذه العبارة؟

قلت: لها وجهان:

أحدهما: أن يكون المعنى إنّا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر، وقضينا به وقدّرناه في الأزل.

والثاني: أنّ لفظ ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ ) ماضٍ ومعناه على الاستقبال، أي تنزّله جملة في ليلة القدر. ثمّ ذكر عدم ارتضائه لهذا القول وعدم حسنه.

ثمّ نقل أقوالاً أُخر، ثمّ قال: والمراد بالإنزال إظهار القرآن من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، أو إثباته لدى السَفَرة هناك، أو نحو ذلك ممّا لا يشكل نسبته إلى القرآن.

تقدير الأُمور في ليلة القدر على من تُنزّل؟

وقال في معنى ليلة القدر: إنّها ليلة التقدير، وسبب تسميتها بذلك لتقدير ما يكون في تلك السنة من أُمور. قال: المراد إظهار تقديره ذلك للملائكة عليهم‌السلام المأمورين بالحوادث الكونية. ثمّ نقل عن بعض تفسير ذلك: هاهنا ثلاثة أشياء:

الأوّل: نفس تقدير الأُمور، أي تعيين مقاديرها وأوقاتها، وذلك في الأزل.

٢٨٩

الثاني: إظهار تلك المقادير للملائكة عليهم‌السلام بأن تكتب في اللوح المحفوظ، وذاك في ليلة النصف من شعبان.

الثالث: إثبات تلك المقادير في نسخ وتسليمها إلى أربابها من المدبّرات، فتدفع نسخة الأرزاق، والنباتات، والأمطار، إلى ميكائيل عليه‌السلام ، ونسخة الحروب والرياح والجنود والزلازل والصواعق والخسف إلى جبرئيل عليه‌السلام ، ونسخة الأعمال إلى إسرافيل عليه‌السلام ، ونسخة المصائب إلى ملك الموت، وذلك في ليلة القدر.

وقيل: يقدّر في ليلة النصف الآجال والأرزاق، وفي ليلة القدر الأُمور التي فيها الخير والبركة والسلامة. وقيل: يقدّر في هذه ما يتعلّق به إعزاز الدين وما فيه النفع العظيم للمسلمين، وفي ليلة النصف يكتب أسماء من يموت ويسلّم إلى ملك الموت، واللَّه تعالى أعلم بحقيقة الحال.

أقول: إنّ المكتوب في ليلة القدر ويقدّر يُفترض أنّ كتابته وتقديره إنّما يُكتب ويقدّر لتسليمه إلى من يوكّل إليه تدبير الأُمور بإذن اللَّه، كالملائكة الموكّلين، فالتنزّل بكلّ هذه التقديرات والكتابة إلى الأرض إلى من يسلّم؟ ومن هو الذي يطّلع على ذلك من أهل الأرض؟ وما هو التناسب بين نزول ما فيه إعزاز الدين والأُمّة، والحديث النبويّ: (إنّ الإسلام لا يزال عزيزاً إلى اثني عشر خليفة... كلّهم من قريش) (1) ؟

أقوال علماء سنّة الجماعة في عِوَضية الليلة له عن غصب الخلافة:

قال في تفسير ( أَلْفِ شَهْرٍ ) : وقد سمعت إلى ما يدلّ أنّ الألف إشارة إلى مُلك بني أُميّة، وكان على ما قال القاسم بن الفضل: ألف شهر، لا يزيد يوماً ولا ينقص

____________________

1) المعجم الكبير للطبراني، ج2، ص232. ولاحظ: إحقاق الحق، ج13، 1 - 49.

٢٩٠

يوماً، على ما قيل: ثمانين سنة، وهي ألف شهر تقريباً؛ لأنّها ثلاثة وثمانون سنة وأربعة أشهر، ولا يعكّر على ذلك ملكُهم في جزيرة الأندلس بعد؛ لأنّه ملك يسير في بعض أطراف الأرض وآخر عمارة العرب، ولذا لا يعدّ من مَلَكَ منهم هناك من خلفائهم، وقالوا بانقراضهم بهلاك مروان الحمار.

وطعن القاضي عبد الجبّار في كون الآية إشارة لما ذُكر؛ بأنّ أيام بني أُمية كانت مذمومة أي باعتبار الغالب، فيبعد أن يقال في شأن تلك الليلة إنّها خير من ألف شهر مذمومة:

ألم ترَ أنّ السيف ينقص قدره

إذا قيل إنّ السيف خيرٌ من العصا

وأُجيب: إنّ تلك الأيام كانت عظيمة بحسب السعادات الدنيوية، فلا يبعد أن يقول اللَّه تعالى: أعطيتك ليلة في السعادات الدينية أفضل من تلك في السعادات الدنيوية، فلا تبقى فائدة.

ليلة القدر مع الأنبياء في ما مضى فهي مع من في ما بقي:

الروح النازل في ليلة القدر قناة غيبية كانت مع الأنبياء، فهي مع من بعد النبيّ الخاتم؟ قال: وما أشير إليه من خصائص هذه الأُمّة هو الذي يقتضيه أكثر الأخبار الواردة في سبب النزول، وصرّح به الهيثمي وغيره.

وقال القسطَلاني: إنّه معترض بحديث أبي ذر عند النسائي، حيث قال فيه: (يا رسول اللَّه، أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رُفعت. قال: بل هي باقية). ثمّ ذكر أنّ عمدة القائلين بذلك الخبر الذي قدّمناه في سبب النزول من رؤيته صلى‌الله‌عليه‌وآله تقاصر أعمار أُمّته عن أعمار الأُمم، وتعقّبه بقوله هذا محتمل للتأويل، فلا يدفع الصريح في حديث أبي ذر كما قاله الحافظان: ابن كثير في تفسيره، وابن حجر في فتح الباري.

٢٩١

وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافاً كثيراً، وتحصّل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولاً، كما وقع لنا نظير ذلك في ساعة الجمعة، وقد اشتركتا في إخفاء كلّ منهما ليقع الجدّ في طلبهما:

القول الأوّل: إنّها رُفعت أصلاً ورأساً. حكاه المتولّي في التتمّة عن الروافض، والفاكهاني في شرح العمدة عن الحنفية، وكأنّه خطأ منه، والذي حكاه السروجي أنّه قول الشيعة.

أقول: بل الشيعة الإمامية هم المذهب الوحيد على وجه الأرض القائلون ببقاء الاتّصال بين الأرض والسماء، وأنّ هناك سبب متّصل هو الإمام من عِترة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإن لم يكن هذا الاتّصال وحياً نبويّاً، وهو الذي يتنزّل عليه الروح الأعظم والملائكة كلّ عام بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بينما المذاهب الإسلامية كلّها حتّى الزيدية، وإن قالوا باستمرار الإمامة السياسية وعدم حصرها بالأئمّة المنصوص عليهم وأنّ الإمامة هي لكلّ من قام بالثورة على الظلم ولا يشترط فيها العصمة، إلاّ أنّهم قائلون بانقطاع الاتّصال أيضاً بين الغيب والشهادة.

وانقطاع الاتّصال ذهبت إليه اليهود بعد النبيّ موسى عليه‌السلام ، كما ذهبت إليه النصارى بعد النبيّ عيسى عليه‌السلام .

وقال: وقد روى عبد الرزّاق من طريق داود بن أبي عاصم، عن عبد اللَّه بن يخنس: قلت لأبي هريرة: زعموا أنّ ليلة القدر رُفعت، قال: كذّب من قال ذلك. ومن طريق عبد اللَّه بن شُريك قال: ذكر الحجاج ليلة القدر فكأنّه أنكرها، فأراد زر بن حُبيش أن يحصبه فمنعه قومه.

الثاني: إنّها خاصّة بسنة واحدة وقعت في زمن رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، حكاه الفاكهاني أيضاً.

الثالث: إنّها خاصّة بهذه الأُمّة، ولم تكن في الأُمم قبلهم، جزم به ابن حبيب وغيره من المالكية ونقله الجمهور، وحكاه صاحب العدّة من الشافعية ورجّحه،

٢٩٢

وهو معترض بحديث أبي ذر عند النسائي، حيث قال فيه: قلت: يا رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت قال: لا، بل هي باقية.

وعمدتهم قول مالك في الموطأ: بلغني أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تقاصر أعمار أمّته عن أعمار الأُمم الماضية، فأعطاه اللَّه ليلة القدر، وهذا يحتمل التأويل، فلا يدفع التصريح في حديث أبي ذر (1) .

ليلة القدر يفصل فيها المقدّرات لأحداث كلّ السنة:

وقال الآلوسي في روح المعاني في تفسير قوله تعالى ( مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) (2) : أي من أجل كلّ أمر تعلّق به التقدير في تلك السنة إلى قابل وأظهره سبحانه وتعالى لهم، قاله غير واحد. ف)من(بمعنى اللام التعليلية متعلّقة بتنزّل، وقال أبو حاتم: (من) بمعنى الباء، أي تنزّل بكلّ أمر، فقيل: أي من الخير والبركة، وقيل: من الخير والشرّ وجعلت الباء عليه للسببية.

والظاهر على ما قالوا إنّ المراد بالملائكة المدبّرات؛ إذ غيرهم لا تعلّق له بالأُمور التي تعلّق بها التقدير ليتنزّلوا لأجلها على المعنى السابق، وهو خلاف ما تدلّ عليه الآثار من عدم اختصاصهم بالمدبّرات (3) .

ليلة القدر يتحقّقها وتتنزّل على من شاء اللَّه تعالى من عباده:

جاء في شرح صحيح مسلم للنووي قوله: (اعلم أنّ ليلة القدر موجودة... وأنّها تُرى ويتحققّها من شاء اللَّه تعالى من بني آدم كلّ سنة في رمضان، كما تظاهرت عليه الأحاديث... وأخبار الصالحين بها، ورؤيتهم لها أكثر من أن تُحصر. وأمّا قول القاضي عيّاض عن المهلّب بن أبي صُفرة: لا يمكن رؤيتها حقيقةً. فغلط فاحش

____________________

1) فتح الباري، ص262 - 263، كتاب فضل ليلة القدر.

2) سورة القدر: 6.

3) روح المعاني، ج30، ص196.

٢٩٣

نبهتُ عليه لئلاّ يُغترّ به) (1) .

وقال في ذيل سورة الدخان، في قوله تعالى ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) (2) : أي الكتاب المبين الذي هو القرآن على القول المعوّل عليه في ( لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ) هي ليلة القدر، على ما روي عن ابن عبّاس وقتادة.

وفي تحفة المحتاج لابن حَجَر الهيتمي: (ليس لرائيها كَتْمها، ولا ينال فضلها - أي كمالها - إلاّ من أطلعه اللَّه عليها)، انتهى.

والظاهر أنّه عَنى برؤيتها: رؤية ما يحصل به العلم له بها، ممّا خُصّت به من الأنوار، وتنزّل الملائكة عليهم‌السلام ، أي: نحوٍ من الكشف ممّا لا يعرف حقيقته إلاّ أهله، وهو كالنصّ في أنّها يراها من شاء اللَّه تعالى من عباده. ثمّ حكى عن ابن شاهين: إنّه لا يراها أحد من الأوّلين والآخرين إلاّ نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثمّ قال: وفي بعض الأخبار ما يدلّ على أنّ رؤيتها مناماً وقعت لغيره صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففي صحيح مسلم وغيره، عن ابن عمر: (إنّ رجالاً من أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحرّياً فليتحرَّها في السبع الأواخر) (3) .

وحُكي نحو قول ابن شاهين عن غيره أيضاً، وغلّط، ففي شرح صحيح مسلم وابن جُبير ومجاهد وابن زيد والحسن، وعليه أكثر المفسّرين والظواهر معهم.. والمراد بإنزاله في تلك الليلة إنزاله فيها جملةً إلى السماء الدنيا من اللوح، فالإنزال المنجّم في ثلاث وعشرين سنة أو أقل كان من السماء الدنيا، وروي هذا عن ابن جرير وغيره، وذكر أنّ المحلّ الذي أُنزل فيه من تلك السماء البيت المعمور، وهو

____________________

1) شرح مسلم، ج8، ص66.

2) سورة الدخان: 3.

3) صحيح مسلم، ج3، ص170.

٢٩٤

مسامِت للكعبة، بحيث لو نزل لنزل عليها.

وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنّه قال: أُنزل القرآن جملةً على جبرئيل عليه‌السلام ، وكان جبرئيل عليه‌السلام يجي‏ء به بعدُ إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ليلة القدر في سورة الشورى والنزول الأول للقرآن:

وقال في ذيل قوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ... ) (1) : وهو ما أُوحي إليه (عليه الصلاة والسلام)، أو القرآن الذي هو للقلوب بمنزلة الروح للأبدان حيث يحييها حياة أبدية. وقيل: أي ومثل الإيحاء المشهود لغيرك، أوحينا أبو القاسم إليك. وقيل: أي مثل ذلك الإيحاء المفصّل، أوحينا إليك، إذ كان عليه الصلاة والسلام اجتمعت له الطرق الثلاث، سواء فُسّر الوحي بالإلقاء، أم فُسّر بالكلام الشفاهي.

وقد ذُكر أنّه (عليه الصلاة والسلام) قد أُلقي إليه في المنام كما أُلقي إلى إبراهيم عليه‌السلام ، وأُلقي إليه عليه الصلاة والسلام في اليقظة على نحو إلقاء الزبور إلى داود عليه‌السلام . ففي (الكبريت الأحمر) للشعراني، نقلاً عن الباب الثاني من (الفتوحات المكّية): أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أُعطي القرآن مجملاً قبل جبرئيل عليه‌السلام ، من غير تفصيل الآيات والسور. وعن ابن عبّاس تفسير الروح بالنبوّة. وقال الربيع: هو جبرئيل عليه‌السلام .

وعليه، فأوحينا مضمّن معنى أرسلنا، والمعنى: أرسلناه بالوحي إليك؛ لأنّه لا يقال: أوحى الملك بل أرسله.

ونقل الطبرسي عن أبي جعفر، وأبي عبد اللَّه (رضي اللَّه تعالى عنهما): أنّ المراد بهذا الروح ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يصعد

____________________

1) سورة الشورى 52: 42.

٢٩٥

إلى السماء. وهذا القول في غاية الغرابة، ولعلّه لا يصحّ عن هذين الإمامين.

وتنوين (روحاً) للتعظيم، أي روحاً عظيماً (1) ... وقال في ذيل قوله تعالى ( وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ ) : أي الروح الذي أوحيناه إليك. وقال ابن عطية: الضمير للكتاب، وقيل للإيمان، ورجّح بالقرب، وقيل للكتاب والإيمان ووحّد؛ لأنّ مقصدهما واحد فهو نظير ( وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ) (2) .

____________________

1) روح المعاني، ج25، ص 80 - 81.

2) سورة التوبة: 62.

٢٩٦

ليلة القدر

في روايات أهل سنّة الخلافة

دوام ليلة القدر في كلّ عام إلى يوم القيامة:

1 - فقد روى عبد الرزّاق الصنعاني في (المصنّف) بسنده، عن مولى معاوية، قال: (قلت لأبي هريرة: زعموا أنّ ليلة القدر قد رُفعت، قال: كذّب من قال كذلك، قلت: فهي كلّ شهر رمضان استقبله؟ قال: نعم... الحديث) (1) ، ورواه عنه بطريق آخر (2) ، ورواه كنز العمّال أيضاً (3) .

2 - وروى عبد الرزّاق الصنعاني في المصنّف بسنده، عن ابن عبّاس، قال: (ليلةٌ في كلّ رمضان يأتي، قال: وحدّثني يزيد بن عبد اللَّه بن الهاد: أنّ رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله سُئِل عن ليلة القدر، فقيل له: كانت مع النبيّين ثمّ رُفعت حين قُبضوا، أو هي في كلّ سنة؟ قال: بل هي في كلّ سنة، بل هي في كلّ سنة) (4) .

3 - وروي عن ابن جرير، قال: (حُدّثت: أنّ شيخاً من أهل المدينة سأل أبا ذر بمنى، فقال: رُفعت ليلة القدر أم هي في كلّ رمضان؟ فقال أبو ذر: سألت رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت: يا رسول اللَّه رُفعت ليلة القدر؟ قال: بل هي كلّ رمضان) (5) .

4 - وروى ابن أبي شيبة الكوفي في المصنّف في باب ليلة القدر، بسنده إلى ابن

____________________

1) المصنّف، ج3، ص216، ح 5586.

2) المصنّف، ج3، ص255، ح 7707.

3) كنز العمّال، ج3، ص634، ح 24490.

4) المصنّف، ج4، ص255، ح 7708.

5) المصنّف، ج4، ص255، ح 7709، وأخرجه هق، ج4، ص307، والطحاوي، ج2، ص50.

٢٩٧

أبي مرثد عن أبيه، قال: (كنت مع أبي ذر عند الجمرة الوسطى، فسألته عن ليلة القدر، فقال: كان أسأل الناس عنها رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا: ليلة القدر كانت تكون على عهد الأنبياء فإذا ذهبوا رُفعت؟ قال: لا ولكن تكون إلى يوم القيامة) (1) .

5 - أخرج السيوطي في الدرّ المنثور: (عن محمّد بن نصر، عن سعيد بن المسيّب أنّه سُئل عن ليلة القدر، أهي شي‏ء كان فذهب، أم هي في كلّ عام؟ فقال: بل هي لأُمّة محمّد ما بقي منهم اثنان) (2) .

أقول: وفي هذه الرواية - وإن كانت مقطوعة - دلالةٌ على أن لو بقي في الأرض رجلٌ واحد لكان الثاني هو الحجّة وخليفة اللَّه في الأرض، الذي تنزّل عليه ليلة القدر بمقادير الأُمور، وأنّ ليلة القدر هي من حقائق وخصائص روح الحجّة في الأرض.

6 - وروى الطبري بسنده عن ربيعة بن كلثوم، قال: (قال رجل للحسن وأنا أسمع: أرأيت ليلة القدر في كلّ رمضان هي؟ قال: نعم، واللَّه الذي لا إله إلاّ هو إنّها لفي كلّ رمضان، وأنّها ليلة القدر، فيها يُفرق كلّ أمر حكيم، فيها يقضي اللَّه كلّ أجل وعمل ورزق إلى مثلها) (3) .

النزول في ليلة القدر وحي للأنبياء، واستمراره بعد الأنبياء:

قال ابن خزيمة في صحيحه (4) : باب ذكر أبواب ليلة القدر، والتأليف بين الأخبار المأثورة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيها ما يحسب كثيراً من حملة العلم، ممّن لا يفهم صناعة العلم، أنّها متهاتِرةٌ متنافية، وليس كذلك هي عندنا بحمد اللَّه ونعمته، بل هي

____________________

1) المصنّف لابن أبي شيبة، ج2، ص394، ح 5، باب 341.

2) الدرّ المنثور، ج6، ص371، في ذيل سورة القدر.

3) جامع البيان، ج25، ص139، ح24000.

4) صحيح ابن خزيمة، ج3، ص320.

٢٩٨

مختلفة الألفاظ متّفقة المعنى، على ما سأبيّنه إن شاء اللَّه.

قال أيضاً: باب ذكر دوام ليلة القدر في كلّ رمضان إلى قيام الساعة، ونفي انقطاعها بنفي الأنبياء.

7 - وروى بسنده إلى أبي مرثد، قال: (قال: لقينا أبا ذر وهو عند الجمرة الوسطى، فسألته عن ليلة القدر، فقال: ما كان أحد بأَسأل لها منّي، قلت: يا رسول اللَّه ليلة القدر أُنزلت على الأنبياء بوحي إليهم فيها ثمّ ترجع؟ فقال: بل هي إلى يوم القيامة.. الحديث) (1) ، ورواه بطريق آخر أيضاً، في باب أنّ ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان (2) .

8 - وروى النسائي، والقسطلاني، والهيثمي، وابن حجر في فتح الباري، وابن كثير في تفسيره حديث أبي ذر - في ليلة القدر - قال: (يا رسول اللَّه أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رُفعت؟ قال: بل هي باقية).

9 - وروى أحمد بن محمّد بن سلمة في شرح معاني الآثار، في باب الرجل يقول لامرأته أنت طالق ليلة القدر، متى يقع الطلاق؟ بسنده، إلى مالك ابن مرثد عن أبيه، قال: (سألت أبا ذر فقلت: أسألت رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ليلة القدر؟ قال: نعم، كنت أسأل الناس عنها، قال عكرمة: يعني أشبع سؤلاً، قلت: يا رسول اللَّه، ليلة القدر أفي رمضان هي أم في غيره؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : في رمضان. قلت: وتكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا رُفعوا رُفعت؟ قال: بل هي إلى يوم القيامة) (3) .

10 - وفي صحيح ابن حِبان، قال في باب ذكر البيان بأنّ ليلة القدر تكون في العشر الأواخر كلّ سنة إلى أن تقوم الساعة، ثمّ روى بسند متّصل رواية أبي ذر

____________________

1) صحيح ابن خزيمة، ج3، ص320.

2) صحيح ابن خزيمة، ج3، ص321.

3) شرح معاني الآثار، ج3، ص85.

٢٩٩

المتقدِّمة واللفظ فيها... (تكون في زمان الأنبياء ينزل عليهم الوحي، فإذا قُبضوا رُفعت؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : بل هي إلى يوم القيامة) (1) .

وروى البيهقي في فضائل الأوقات رواية أبي ذر المتقدّمة بإسناده (2) ، وقال - قبل تلك الرواية -: وليلة القدر التي ورد القرآن بفضيلتها إلى يوم القيامة وهي في كلّ رمضان... ثمّ نقل الخبر المزبور. وروى الهيثمي في موارد الظمآن رواية أبي ذر بسنده (3) .

11 - وروى أحمد بن محمّد بن سَلمة في معاني الآثار، في باب الرجل يقول لامرأته أنت طالق ليلة القدر، متى يقع الطلاق؟ بسنده إلى سعيد بن جبير عن ابن عمر، قال: (سُئل رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أسمع عن ليلة القدر؟ فقال: في كلّ رمضان). ففي هذا الحديث أنّها في كلّ رمضان، فقال قوم هذا دليل على أنّها تكون في أوّله وفي وسطه، كما قد تكون في آخره. وقد يحتمل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (في كلّ رمضان)، هذا المعنى، ويحتمل أنّها في كلّ رمضان إلى يوم القيامة (4) ، ورواه بطرق أخرى غير مرفوعة.

أقول: هذه الروايات عند العامّة مطابقة لما يأتي من الروايات عند أهل البيت عليهم‌السلام ، من عدّة وجوه، أهمّها:

أوّلاً: ليلة القدر كانت من لَدُن آدم عليه‌السلام ، واستمرّت إلى النبيّ الخاتم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي مستمرّة إلى يوم القيامة نزولاً على خلفاء النبيّ الاثني عشر.

وثانياً: إنّ هذا الروح النازل في ليلة القدر هو قناة ارتباط الأنبياء والأوصياء مع الغيب.

وثالثاً: ممّا يدلّل على عموم الخلافة الإلهية: ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ

____________________

1) صحيح ابن حِبّان، ج8، ص438.

2) البيهقي، ص 219.

3) موارد الظمآن، ص 231.

4) شرح معاني الحديث، ج3، ص84.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399