العقائد الإسلامية الجزء ٤

العقائد الإسلامية0%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 523

العقائد الإسلامية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 523
المشاهدات: 185088
تحميل: 7002


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 523 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 185088 / تحميل: 7002
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء 4

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا

ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد، فهذا هو المجلد الرابع من ( العقائد الإسلامية ) وقد اشتمل على قسمين:

الأول، في إثبات شفاعة أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم..

وقد مهدنا له بفصل عن شفاعة أحد كبار شيعتهم ( أويس القرني ) رضوان الله عليه، الذي اتفقت مصادر الجميع على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بشر به أنه يكون بعده، وأنه من كبار أولياء الله، وأنه يشفع يوم القيامة لعدد كبير من الناس!!

ثم عرضنا الأحاديث الشريفة التي تدل على أن شفاعة النبي العظمى يوم القيامة تكون بيد أهل بيته الطاهرينصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وختمنا باب الشفاعة ببعض أحكامها وما ينبغي للمسلم أن يكون اعتقاده وموقفه منها.

٣

أما القسم الثاني، فقد بحثنا فيه مسألة التوسل والاستشفاع والاستغاثة بالنبي وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحثاً مستوفياً لآياتها وأحاديثها، ورأي علماء المذاهب الأربعة فيها، وشبهات ابن تيمية وأتباعه عليها، خاصةً في عصرنا الحاضر.

وقد أجبنا على هذه الشبهات، وأوردنا خلاصة إجابات علماء المذاهب الأربعة عليها، ومقتطفات من أهم الكتب التي ألفوها في الرد عليهم.

نسأل الله أن يوفقنا لاكمال هذه الدورة العقائدية المقارنة.

وسيكون المجلد الخامس منها في مسائل العصمة، إن شاء الله تعالى، وهو ولي التوفيق.

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

علي الكوراني العاملي      

٤

الفصل الرابع عشر

شفاعة أحد شيعة أهل البيتعليهم‌السلام

أويس القرني أحد كبار الشفعاء

ثبت في مصادر الطرفين أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نص على عدد من الصحابة بأسمائهم، أن لهم مقاماً كبيراً عند الله تعالى، وأن الجنة تشتاق اليهم!

والملاحظ أنهم كلهم من شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ..

أما من التابعين فمن المتفق عليه أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر عن أويس القرني وبشر بأنه يأتي بعده، وأنه من كبار أولياء الله تعالى، وأنه مستجاب الدعوة، وأنه يشفع عند الله تعالى لمئات الألوف، أو ملايين الناس!

ولما رأى المسلمون أويساً بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله استبشروا به وتبركوا به، وكانوا يحرصون على الفوز بدعاء منه، ولو بكلمة ( غفر الله لك )!

وقد حاول الخلفاء أن يتقربوا اليه، ولكنه هرب منهم، وفضل أن يعيش مغموراً مع الفقراء من شيعة عليعليه‌السلام ، حتى إذا وصلت الخلافة لعليعليه‌السلام نهض معه، وشارك

٥

في حروبه، واستشهد تحت رايته في صفين.. وقبره هناك الى جانب قبر عمار بن ياسر، في مدينة الرقة السورية، وقد وفقنا الله لزيارته.

والمتأمل في النصوص الواردة في مصادر السنيين في أويس، يلاحظ فيها تناقضاً كثيراً، نشأ من أنهم أرادوا أن يغطوا على فراره من عمر، وامتناعه من الدعاء له والإقامة عنده، فوضعوا أحاديث عن لقائه به، يناقض بعضها بعضاً!

كما أن سهادة أويس في صفين مع عليعليه‌السلام ، كانت حجة لعلي والمسلمين على أن معاوية وحزبه هم أهل الباطل، والفئة الباغية التي أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنها تقتل عمار بن ياسررحمه‌الله .

لذلك حاول الأمويون وأتباعهم أن ينفوا أصل بشارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأويس، ومكانته المميزة عند الله تعالى!

ثم عندما عجزوا عن ذلك حاولوا أن ينفوا أنه قتل في صفين، وادعوا أنه توفي في طريقه الى الشام، وجعلوا له في الشام قبراً ومزارا!!

أويس خير التابعين

روى مسلم في صحيحه: ٧/١٨٨:

عن عمر بن الخطاب قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن خير التابعين رجل يقال له أويس، وله والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، وكان به بياض فبريء... وستأتي بقية الحديث.

ورواه أحمد في مسنده: ١/٣٨

وروى ابن سعد الطبقات: ٦/١٦١:

قال أخبرنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا سلام بن مسكين قال: حدثني رجل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خليلي من هذه الأمة أويس القرني.

قال أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري، عن

٦

أبي نضرة، عن أسير بن جابر بن عمر، أنه قال لأويس: استغفر لي.

قال: كيف أستغفر لك وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن خير التابعين رجل يقال له أويس.

ورواه الحاكم في المستدرك: ٣/٤٠٢ ورواه الخطيب في الجمع والتفريق: ١/٤٨٠ ورواه ابن معين في تاريخه ( رواية الدوري ): ١/٣٢٤ ونحوه في الجامع الصغير: ٣ حديث رقم ٤٠٠١

وروى أبو نعيم في حلية الأولياء: ٢/٨٦:

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا علي بن حكيم، أخبرنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين: أفيكم أويس القرني؟

قال: قلنا نعم، وما تريده منه؟

قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أويس القرني خير التابعين بإحسان. وعطف دابته فدخل مع أصحاب علي رضى الله تعالى عنهم.

وقال أبو نعيم في الحلية: ٢/٨٢، بعد حديث عن أويس: فهذا ما أتانا عن أويس خير التابعين... انتهى.

وقال في كنز العمال: ١٢/٧٣:

إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، وكان به بياض فبريء، فمروه فليستغفر لكم ( م. عن عمر )...

خير التابعين أويس ( ك. عن علي ).

خير التابعين أويس القرني ( ك عن علي، ق، كر عن رجل ). انتهى.

وقد وردت صفة ( خير التابعين ) في أحاديث أخرى، كما سيأتي.

٧

خير التابعين صارت: من خير التابعين!!

قال الهيثمي في مجمع الزوائد: ١٠/٢٢:

عن ابن أبي ليلي قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين: أفيكم أويس القرني؟

قالوا: نعم.

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من خير التابعين أويس. رواه أحمد، وإسناده جيد. انتهى.

ورواه في تاريخ ابن معين رواية الدوري: ١/٣٢٤

وفي طبقات ابن سعد: ٦/١٦١:

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين فقال: أفيكم أويس القرني؟ قالوا نعم، قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من خير التابعين أويساً القرني، ثم ضرب دابته فدخل فيهم.

ورواه اللالكائي في كرامات الأولياء/١٠٩، بطريقين.

وفي كنز العمال: ١٢/٧٣:

إن من خير التابعين أويس القرني ( حم، وابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من الصحابة، حم، كر، عن رجل ). انتهى.

راجع للتدقيق: طبقات ابن سعد: ٦/١١٣، وميزان الاعتدال: ١/٢٧٩ و٢٨٢، ولسان الميزان: ١/٤٧٢، وسير أعلام النبلاء: ٤/٢١، وتاريخ الإسلام للذهبي: ٣/٥٥٦، والبداية والنهاية: ٦/٢٢٥

راجع أيضاً: اُسد الغابة: ١/١٥١، وأعلام النبلاء: ٤/٢٠، وكنز العمال: ١٢/٧٤

هل أن كلمة ( من ) إضافة أموية؟!

من الطبيعي أن تكون قصة الرجل الذي سأل عن أويس في صفين، وشهادة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله التي رواها في حقه وحق عليعليه‌السلام ، واحدة من الحجج التي استعملها

٨

المسلمون لإثبات أن معاوية وأهل الشام على الباطل.

ويبدو أن الأحاديث في عمار بن ياسر وأنه تقتله الفئة الباغية، والأحاديث في أويس، لم يكن لها جواب عند مؤيدي معاوية، ولكن بعد سيطرته على بلاد المسلمين عمل على تضعيف هذه الأحاديث وإبطال مفعولها.

ويظهر أن البصريين كانوا أكثر استجابة له من الكوفيين، فقد قال ابن أبي الوفاء في الجواهر المضية في طبقات الحنفية/٤١٩:

أهل المدينة يقولون أفضل التابعين سعيد بن المسيب، وأهل الكوفة أويس القرني، وأهل البصرة الحسن البصري. انتهى.

وقد حاول النووي أن يوفق بين رواية مسلم وبين قول لأحمد بن حنبل! فقال في شرح مسلم - بهامش الساري: ٩/٤٢٩:

قوله ( ص ) خير التابعين رجل يقال له أويس... وقد يقال: قد قال أحمد بن حنبل وغيره: أفضل التابعين سعيد بن المسيب؟!

والجواب: أن مرادهم أن سعيد أفضل في العلوم الشرعية.. لا في الخير. انتهى.

وهذا النوع من العمل كثير عند الفقهاء السنيين، فتراهم يتركون الرواية التي صحت عندهم عن نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله - وهي تقول هنا إن أويساً خير التابعين مطلقاً، ولا تقيد ذلك بناحية دون ناحية - لكي يصححوا قول شخص في مقابل حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ !!

كان أويس أسمر اللون جسيماً مهيباً

في حلية الأولياء: ٢/٨٢، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

يا أبا هريرة إن الله تعالى يحب من خلقه الأصفياء الأخفياء الأبرياء، الشعثة رؤوسهم، المغبرة وجوههم، الخمصة بطونهم إلا من كسب الحلال، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم، وإن خطبوا المتنعمات لم ينكحوا، وإن غابوا لم

٩

يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن ماتوا لم يشهدوا.

قالوا: يا رسول الله كيف لنا برجل منهم؟

قال: ذاك أويس القرني.

قالوا: وما أويس القرني؟

قال: أشهل، ذو صهوبة، بعيد ما بين المنكبين، معتدل القامة، آدم شديد الأدمة ضارب بذقنه الى صدره، رام بذقنه الى موضع سجوده، واضع يمينه على شماله يتلو القرآن، يبكي عليّ نفسه، ذو طمرين لا يؤبه له، متزر بإزار صوف ورداء صوف، مجهول في أهل الأرض معروف في أهل السماء، لو أقسم على الله لأبر قسمه.

ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد ادخلوا الجنة، ويقال لأويس قف فاشفع، فيشفع لله عز وجل في مثل عدد ربيعة ومضر.

وفي حلية الأولياء: ٢/٨٤:

عن هرم بن حيان العبدي قال: قدمت الكوفة فلم يكن لي هم إلا أويس، أسأل عنه فدفعت اليه بشاطيء الفرات يتوضأ ويغسل ثوبه، فعرفته بالنعت فإذا رجل آدم محلوق الرأس كث اللحية مهيب المنظر، فسلمت عليه ومددت اليه يدي لأصافحه، فأبى أن يصافحني! فخنقتني العبرة لما رأيت من حاله، فقلت: السلام عليك يا أويس، كيف أنت يا أخي؟

قال: وأنت فحياك الله يا هرم بن حيان، من دلك عليّ؟

قلت: الله عز وجل.

قال: سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا.

قلت: يرحمك الله من أين عرفت اسمي واسم أبي، فوالله ما رأيتك قط، ولا رأيتني!

١٠

قال: عرفت روحي روحك، حيث كلمت نفسي، لأن الأرواح لها أنفس كأنفس الأجساد وإن المؤمنين يتعارفون بروح الله عز وجل وإن نأت بعد بهم الدار وتفرقت بهم المنازل! انتهى، ونحن نشك في شهادة هرم لنفسه عن لسان أويس!

ورواهما في سير أعلام النبلاء: ٤/٢٨

صورة من تزاحم المسلمين على أويس

روى الحاكم: ٢/٣٦٥، وصححه:

أخبرني الحسن بن حليم المروزي، ثنا أبو الموجه، أنبأ عبدان، أنبأ عبد الله بن المبارك، أنبأ جعفر بن سليمان، عن الجريري، عن أبي نضرة العبدي، عن أسير بن جابر قال: قال لي صاحب لي وأنا بالكوفة: هل لك في رجل تنظر اليه؟ قلت نعم، قال هذه مدرجته وإنه أويس القرني، وأظنه أنه سيمر الآن.

قال: فجلسنا له فمر، فإذا رجل عليه سمل قطيفة، قال والناس يطؤون عقبه، قال وهو يقبل فيغلظ لهم ويكلمهم في ذلك فلا ينتهون عنه، فمضينا مع الناس، حتى دخل مسجد الكوفة ودخلنا معه، فتنحى الى سارية فصلى ركعتين، ثم أقبل الينا بوجهه فقال: يا أيها الناس مالي ولكم، تطؤون عقبي في كل سكة، وأنا إنسان ضعيف، تكون لي الحاجة فلا أقدر عليها معكم، لا تفعلوا رحمكم الله، من كانت له إلي حاجة فليلقني هاهنا.

شعاره الصدق والجد في أمر الله تعالى

في مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٥:

أخبرنا أبو العباس السياري، ثنا عبدالله بن علي، ثنا علي بن الحسن، ثنا عبد الله بن المبارك، أنا يزيد بن يزيد البكري قال: قال أويس القرني: كن في أمر الله كأنك قتلت الناس كلهم. انتهى.

ومعنى كلامهرحمه‌الله : أن خوف الله تعالى يجب أن يكون في نفس المؤمن بدرجة

١١

عالية، كأن في رقبته قتل الناس كلهم، ليكون في تصرفاته مثل القاتل الملاحق دقيقاً حذراً متقياً، وشعوره بالمسؤولية أمام الله تعالى عميقاً.

وروى نحوه البيهقي في شعب الايمان: ١/٥٢٤

وهو صاحب مدرسة في شكر نعم الله تعالى

في كتاب المجروحين لابن حبان: ٣/١٥١:

أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال له أويس بن عامر، يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه عنه فيذهبه فيقول: اللهم دع لي من جسدي ما أذكر به نعمتك عليّ، فيدع الله له ما يذكره نعمته عليه، فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له، فليستغفر له. انتهى.

وقد وردت هذه القصة في أحاديثه، كما سترى.

زاهد يضرب بزهده المثل

في حلية الأولياء: ٢/٨٧:

عن علقمة مرثد قال: انتهى الزهد الى ثمانية: عامر بن عبد الله بن عبد قيس، وأويس القرني، وهرم بن حيان، والربيع بن خيثم، ومسروق بن الأجدع، والأسود بن يزيد، وأبو مسلم الخولاني، والحسن بن أبي الحسن. انتهى. وهو يقصد بالأخير الحسن البصري.

وفي سير أعلام النبلاء: ٤/١٩:

هو القدوة الزاهد، سيد التابعين في زمانه، أبو عمرو، أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني.

وقال في هامش سير أعلام النبلاء: ١٨/٥٥٨:

ذكر ابن خلكان في الوفيات: ٢/٢٦٣: أن الذي ضرب به الحريري المثل في المقامات هو دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي

١٢

المتوفى سنة ٥٢٩، من أحفاد المترجم، وقد وهم المؤلف في ذلك، وأورد ذكره الحريري في المقامة التاسعة والثلاثين وهي المقامة العمانية، وفيها يصف كيف أحاطت الجماعة بأبي زيد تثني عليه، وتقبل يديه، حتى خيل إلي أنه القرني أويس، أو الأسدي دبيس. انظر مقامات الحريري/٣٤٢ ( ط: صادر ).

وفي لسان الميزان: ١/٤٧١:

قال ابن عدي ثنا الحسن بن سفيان، ثنا عبد العزيز بن سلام، سمعت اسحاق بن ابراهيم يقول: ما شبهت عدي بن سلمة الجزري إلا بأويس القرني تواضعاً. وذكره في ميزان الاعتدال: ١/٢٧٩

زاهد يحمل هم الفقراء ويتصدق عليهم حتى بطعامه وثيابه

في مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٦:

أخبرني أبو العباس قاسم بن القاسم السياري بمرو، ثنا عبد الله بن علي، ثنا علي بن الحسن، ثنا عبد الله بن المبارك، أنا سفيان الثوري قال: كان لأويس القرني رداء إذا جلس مس الأرض، وكان يقول: اللهم إني أعتذر اليك من كل كبد جائعة وجسد عار، وليس لي إلا ما على ظهري وفي بطني.

ورواه البيهقي في شعب الايمان: ١/٥٢٤

وفي حلية الأولياء: ٢/٨٧:

عبيد الله بن عبد الكريم ثنا سعيد بن أسد بن موسى ضمرة بن ربيعة عن أصبغ بن زيد قال: كان أويس القرني إذا أمسى يقول هذه ليلة الركوع، فيركع حتى يصبح.

وكان يقول إذا أمسى: هذه ليلة السجود، فيسجد حتى يصبح.

وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والثياب، ثم يقول: اللهم من مات جوعاً فلا تؤاخذني به، ومن مات عرياناً فلا تؤاخذني به.

١٣

وفي سير أعلام النبلاء: ٤/٢٩:

عبد الله بن أحمد: حدثني عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبوبكر بن عياش، عن مغيرة، قال: إن كان أويس القرني ليتصدق بثيابه، حتى يجلس عرياناً لا يجد ما يروح فيه الى الجمعة.

عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا عبد الله بن الأشعث بن سوار، عن محارب بن دثار قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي مسجده أو مصلاه من العري يحجزه إيمانه أن يسأل الناس، منهم أويس القرني، وفرات بن حيان.

( ورواه في كنز العمال: ١٢/٧٤: وقال: حم، في الزهد، حل عن محارب بن دثار وعن سالم بن أبي الجعد ).

أبو نعيم: حدثنا مخلد بن جعفر، حدثنا ابن جرير، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا زافر بن سليمان، عن شريك عن جابر، عن الشعبي قال: مر رجل من مراد على أويس القرني فقال: كيف أصبحت؟

قال: أصبحت أحمد الله عز وجل.

قال: كيف الزمان عليك؟

قال: كيف الزمان على رجل إن أصبح ظن أنه لا يمسي، وإن أمسى ظن أنه لا يصبح، فمبشر بالجنة أو مبشر بالنار.

يا أخا مراد إن الموت وذكره لم يترك لمؤمن فرحاً... الخ.

عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن رسول الله حق لم يترك له صديقاً...

وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والشراب، ثم قال: اللهم من مات جوعاً فلا تؤاخذني به، ومن مات عرياً فلا تؤاخذني به. ( الحلية ٢/٨٣ )

وفي حلية الأولياء: ٢/٨٤:

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي وعبيد الله بن عمر قالا: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا عبد الله بن الأشعث بن سوار، عن محارب بن

١٤

دثار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي مسجده أو مصلاه من العري، يحجزه إيمانه أن يسأل الناس! منهم أويس القرني وفرات بن حيان.

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو بكر بن عياش، عن مغيرة قال: وكان أويس القرني ليتصدق بثيابه حتي يجلس عرياناً لا يجد ما يروح فيه. أي الى الجمعة.

وفي كتاب الزهد للشيباني/٣٤٦:

حدثنا عبدالله، حدثني عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن مغيرة قال: إن أويس القرني ليتصدق بثيابه حتى يجلس عرياناً لا يجدها يروح فيه الى الجمعة.

وفي لسان الميزان: ١/٤٧٤:

سفيان الثوري: حدثني قيس بن يسير بن عمرو، عن أبيه أن أويساً القرني عري غير مرة فكساه أبي، قال وكان أويس يقول: اللهم لا تؤاخذني بكبد جائعة، أو جسد عار.

وفي ص ٢٨٠: وقال ضمرة بن ربيعة، عن عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، قال: كان أويس يجالس رجلاً من فقهاء الكوفة يقال له يسير ففقدته، فإذا هو في خص له قد انقطع من العري... وذكره في ميزان الاعتدال: ١/٢٨٢، وفي سير أعلام النبلاء: ٢٩٤ - ٣٣٠ انتهى.

**

وهذه النصوص تكشف عن الفقر الشديد الذي كانت تعيشه طبقة واسعة من المجتمع الإسلامي، وأن أموال الفتوحات صرفت في الطريق قبل أن تصل اليها، فكان بعضها لا يملك حتى ثوبين مناسبين يتستر بهما، بل كان فيهم من يموت من الجوع!!

١٥

ولذلك كان أويس يدعو الله تعالى أن لا يؤاخذه بعري العارين، وجوع الجائعين، لأنه لا يملك إلا ثوبيه اللذين يلبسهما، ولا يملك إلا ما في بطنه من طعام، وكل ما يحصل عليه من عمله ومن هدايا الناس، كان يعطيه لهؤلاء للفقراء!!

وهي تدل أيضاً على أن زهد أويس كان زهداً واعياً يحمل هم الفقراء، وكان يحمل مسؤولية فقرهم وبؤسهم للخليفة والدولة، والطبقة المترفة التي كونت ثروتها من الفتوحات، وكانت تنقم من أويس أنه يهتم بهم، ويأمر من أجلهم بالمعروف وينهى عن المنكر، وسيأتي رأيه في الخلفاء غير عليعليه‌السلام وما لاقاه منهم!

وقد ربى أويس تلاميذ على سيرته

في مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٨:

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن معين، حدثني أبو عبيدة الحداد، ثنا أبو مكين قال: رأيت امرأة في مسجد أويس القرني قالت: كان يجتمع هو وأصحاب له في مسجدهم هذا، يصلون ويقرؤون في مصاحفهم فآتي غداءهم وعشاءهم هاهنا، حتى يصلوا الصلوات، قالت: وكان ذلك دأبهم ما شهدوا حتى غزوا، فاستشهد أويس وجماعة من أصحابه في الرجالة بين يدي علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنهم أجمعين.

رأيه في الحكّام غير عليعليه‌السلام

قال الشاطبي في الاعتصام: ١/٣٠:

نقل عن سيد العابدين بعد الصحابة أويس القرني أنه قال: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا!! ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين!!

وفي مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٥:

حدثنا أحمد بن زياد الفقيه الدامغاني، ثنا محمد بن أيوب، أنا أحمد بن يونس،

١٦

ثنا أبو الأحوص، حدثني صاحب لنا قال: جاء رجل من مراد الى أويس القرني فقال السلام عليكم، قال وعليكم.

قال: كيف أنتم يا أويس؟

قال: الحمد لله.

قال: كيف الزمان عليكم؟

قال: لا تسأل! الرجل إذا أمسى لم ير أنه يصبح، وإذا أصبح لم ير أنه يمسي!

يا أخا مراد، إن الموت لم يبق لمؤمن فرحاً.

يا أخا مراد، إن عرفان المؤمن بحقوق الله لم تبق له فضة ولا ذهباً.

يا أخا مراد، إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقاً! والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذوننا أعداء، ويجدون على ذلك من الفاسقين أعواناً، حتى والله لقد يقذفوننا بالعظائم، ووالله لا يمنعني ذلك أن أقول بالحق!! انتهى.

وفي بحار الأنوار: ٦٨/٣٦٧:

أعلام الدين: روي عن أويس القرنيرحمه‌الله قال لرجل سأله كيف حالك؟

فقال: كيف يكون حال من يصبح يقول: لا أمسي، ويمسي يقول: لا أصبح، يبشر بالجنة ولا يعمل عملها، ويحذر النار ولا يترك ما يوجبها.

والله إن الموت وغصصه وكرباته وذكر هول المطلع وأهوال يوم القيامة، لم تدع للمؤمن في الدنيا فرحاً، وإن حقوق الله لم تبق لنا ذهباً ولا فضة، وإن قيام المؤمن بالحق في الناس لم يدع له صديقاً، نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيشتمون أعراضنا، ويرموننا بالجرائم والمعايب والعظائم، ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين!! إنه والله لا يمنعنا ذلك أن نقوم فيهم بحق الله!

اضطهاد مخابرات الخلافة لأويس

يفهم من نصوص أويس أن سلطة الخلافة لم تتحمل منه ابتعاده عن الحكام وامتناعه أن يستغفر لهم، ثم أمره إياهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتعريضه

١٧

وإعلانه بسيرته ودعائه كل يوم أنهم مسؤولون عن جوع الجائعين وعري العارين.. وكأنه بذلك يقول للناس إنهم لا يصلحون للحكم بإسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله !!

لقد عبر هذا الولي الذي هو آية من آيات الله تعالى، ومعجزة من معجزات رسوله بكلماته القليلة عن محنته ومعاناته من مخابرات السلطة في زمن عمر وأبي بكر وعثمان، ولم يكن ذنبه أنه نافس أحداً في سلطان، ولا جمع حوله قبيلته قرن وكون منهم قوة سياسية تطالب بحصة من أموال الفتوحات.. بل كان يعيش عيشة الفقراء مع الفقراء، ويعبد ربه عز وجل، ويأمر بالمعروف وينهى المنكر..

ولكن السلطة مع ذلك لم تتركه، فاتخذته عدواً! وسلطت عليه الفساق واتهمته بالعظائم والجرائم والمعايب، على حد تعبيره!!

ولهذا ينبغي أن نبحث عن السلطة وراء كل ما نشك فيه من روايات أويس، ومن أولها الروايات التي تقول أن القرنيين سئلوا عنه فلم يعرفوه، والتي احتج بها البخاري على تضعيف أويس، وعدم قبول روايته!!

فكيف يتعقل إنسان أن شخصية بمستوى أويس، كان يبحث عنه الخليفة عمر، وكل أمله أن ينطق له بكلمة ( غفر الله لك ) لأن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له إن استطعت أن يستغفر لك فهنيئاً لك!! ثم لا يكون معروفاً عند القرنيين وكل اليمانيين وموضع افتخارهم؟!

إن نفي القرنيين لمعرفتهم بأويس وتشكيكهم بنسبه، إما أن يكون مكذوباً، وإما أن تكون السلطة قد شوهت سمعة أويس وعزلته، حتى اضطر بعض القرنيين من قبيلته الصغيرة أن ينكروا أنه منهم!!

وتدل الروايات على أن سلطة الخلافة لم تستطع الانتقام من أويس مباشرة، بسبب مكانته في قلوب المسلمين.. ولذلك اتبعت أسلوب إيذائه وتحقيره، ووكلت به رجلاً حكومياً من عشيرته، يؤذيه ويشيع التهم حول شخصيته ونواياه، وأنه رجل مراءٍ ومجنون!!

١٨

فابن عمه الذي ورد أنه كان من رجال حاكم الكوفة، وكان مولعاً بأويس يشتمه ويؤذيه.. كان واحداً من عملاء السلطة المكلفين بتحقير أويس وأذيته، لاسقاط شخصيته ومنع تأثيره على المسلمين!!

فقد روى الحاكم في المستدرك: ٣/٤٠٤ عن أسير بن جابر، قال:

فكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله، وكان يجلس معنا، فكان إذا ذكرهم وقع حديثه من قلوبنا موقعاً لا يقع حديث غيره، ففقدته يوماً فقلت لجليس لنا: ما فعل الرجل الذي كان يقعد الينا، لعله اشتكى؟

فقال: الرجل من هو؟

فقلت: من هو؟

قال: ذاك أويس القرني.

فدللت على منزله فأتيته فقلت يرحمك الله أين كنت، ولم تركتنا؟

فقال: لم يكن لي رداء، فهو الذي منعني من إتيانكم!

قال: فألقيت اليه ردائي، فقذفه إلي!

قال فتخاليته ساعة، ثم قال:

لو أني أخذت رداءك هذا فلبسته فرآه علّي قومي قالوا انظروا الى هذا المرائي لم يزل في الرجل حتى خدعه وأخذ رداءه!!

فلم أزل به حتى أخذه، فقلت: انطلق حتى أسمع ما يقولون!

فلبسه فخرجنا، فمر بمجلس قومه فقالوا: أنظروا الى هذا المرائي لم يزل بالرجل حتى خدعه وأخذ رداءه!!

فأقبلت عليهم فقلت: ألا تستحيون؟! لم تؤذونه؟! والله لقد عرضته عليه فأبى أن يقبله.

وروى ابن حبان في المجروحين: ٣/١٥١:

عن صعصعة بن معاوية قال: كان أويس بن عامر رجلاً من قرن، وكان من أهل

١٩

الكوفة وكان من التابعين، فخرج وبه وضح، فدعا الله أن يذهبه عنه فأذهبه فقال: اللهم دع في جسدي ما أتذكر به نعمتك. فترك الله منها ما يذكر به نعمته عليه، وكان رجلاً يلازم المسجد في ناس من أصحابه، وكان ابن عم له يلزم السلطان تولع به، فإن رآه مع قوم أغنياء قال ما هو إلا يشاكلهم! وإن رآه مع قوم فقراء، قال ما هو إلا يخدعهم!

وأويس لا يقول في ابن عمه إلا خيراً!! غير أنه إذا مر به استتر منه مخافة أن يأثم في سبه! انتهى.

وستأتي بقيته في روايات لقائه بعمر بن الخطاب.

أويس من شيعة عليعليه‌السلام

في مسند أحمد: ٣/٤٨٠:

حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا أبو نعيم قال: ثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين:

أفيكم أويس القرني؟

قالوا: نعم.

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من خير التابعين أويساً القرني. انتهى. وقد رواه أبونعيم في الحلية: ٢/٨٦ وقال في مجمع الزوائد: ١٠/٢٢: رواه أحمد وإسناده جيد ورواه ابن سعد في الطبقات: ٦/١٦٣ واللالكائي في كرامات الأولياء/١٠٩ وابن معين في تاريخه ( رواية الدوري ): ١/٣٢٤ واللواتي في تحفة النظار: ٢/١٩٠

وورواه أبو نعيم في الحلية: ٢/٢٢١، وقال بعده:

ورواه جماعة عن شريك، وقال ابن عمار الموصلي: ذكر عند المعافي بن عمران أن أويساً قتل في الرجالة مع علي بصفين، فقال معافي: ما حدث بهذا إلا الأعرج! فقال له عبد ربه الواسطي: حدثني به شريك، عن يزيد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى! قال: فسكت!! انتهى.

٢٠