ديوان صالح الكواز
0%
مؤلف: صالح الكواز
تصنيف: دواوين
الصفحات: 143
مؤلف: صالح الكواز
تصنيف: الصفحات: 143
المشاهدات: 18019
تحميل: 10399
توضيحات:
مؤلف: صالح الكواز
تصنيف: دواوين
الصفحات: 143
مؤلف: صالح الكواز
أبو الغر كل صالح بعد جعفر |
يكون حسيناً في العلاء محمدا (1) |
|
وأجلّ الورى قدراً وأعذب منطقاً |
وأوفرهم علماً وأسمحهم يدا |
|
وأزكاهم نفساً وأكثرهم تقىً |
وأصوبهم رأياً وأفصح مذودا |
وقال يرثي السيد ميرزا علي نقي الطباطبائي الحائري حفيد صاحب الرياض، ويشير لوفاة السيد محمد تقي ابن السيد رضا ابن المهدي بحر العلوم، وكان قد توفّي قبله بأيام، وذلك سنة 1289 هـ (2) :
مـا فـارقَ الأسماعَ صوتُ الناعي |
حـتـى دعـا بـنعاءِ آخـرَ داعِ |
|
هـتـفا بـنـا مـتتابعينِ فـأجّجا |
نـاراً عـلى نـارٍ لـدى الأضلاعِ |
|
فـتزاحمت بهما اللواعجُ في الحشى |
كـتزاحمِ الأصـواتِ فـي الأسماعِ |
|
لـلّهِ مـن نـصلٍ تـعذّرَ سـبره |
إلاّ بـضـربِ الـصارمِ الـقطّاعِ |
|
رزءٌ تـسـرّعَ إثرَ رزءٍ بـغتة |
فـتـواصلَ الـتـفجاعُ بـالتفجاعِ |
____________________
1 - جمع في هذا البيت أنجال السيد مهدي القزويني الاربعة وهم السيد ميرزا جعفر والميرزا صالح والسيد محمد والسيد حسين وقد ذكرنا تفاصيل تراجمهم جميعاً في كتابنا البابليات.
2 - السيد علي نقي بن الحسين حسن بن محمد بن علي الطباطبائي الحائري صاحب (الرياض)، انتهت إليه الزعامة الدينية والدنيوية في الحائر، ومن كتبه (الدرة الحائرية) في شرح الشرائع (ط)، والدرّة في الخاص والعام (ط).
وأمّا السيد محمد تقي فهو ابن السيد رضا ابن السيد المهدي بحر العلوم من فقهاء عصره، له كتاب (القواعد) في أصول الفقه (خ)، ورثاه السيد حيدر الحلّي وغيره، وقد رثاهما صاحب الديوان معاً.
ورمـى الـعيونَ الساهراتِ بمسهر |
مـن قـبلِ أن يهممنَ بالتهجاعِ (1) |
|
وأسـالَ ثـمّة كـلّ دمـعٍ سـائل |
وأراعَ ثـمّـة كـلّ قـلبٍ مـراعِ |
|
ذهـبَ الـنقي فـيا وفـود تشتتي |
فـي كـلّ ذاتِ مـهالكٍ مضياعِ (2) |
|
واسـتـشعري إلاّ الـحياةَ فـإنّما |
هـلك الـرعيةِ فـي هلاكِ الراعي |
|
ذهـبَ الـذي قـد كنتُ من نعمائه |
فـي ريـفِ ذي كـرمٍ طويلِ الباع |
|
فـجعت بـهِ عـليا قـريش وإنّما |
فـجـعت بـبدرِ فـخارها الـلمّاعِ |
|
أودى بـهِ الـقدرُ الـمتاحُ وطالما |
قـد كـانَ لـلأقدارِ جـدّ مـطاعِ |
|
تـبـكيكَ لابـسة الـسوادِ بـأدمعٍ |
حـمـر لـبيض مـناقبٍ ومـساعِ |
|
تـبكي وكـلّ مـوحّدٍ مـن حولها |
يـبكي بـصوتِ الـعارضِ الهماعِ |
|
أبـكيكَ مـرفوعَ الـسريرِ مـشيعاً |
بـعـصائبِ الأمـلاك والأشـياعِ |
|
حـتى أتـوا بـكَ بـقعة قد زدتها |
شـرفاً وكـانت قـبلُ خـير بقاعِ |
|
لو لم تكن في العرش روحك لانثنت |
شـهبُ الـسماء نـود فضلَ القاعِ |
|
أأبـا الـحسين ومَنْ بهِ أَمِنَ الهدى |
مـن كـلّ قـاصدٍ ركـنهُ بـتداعِ |
|
ومـؤيـداً دينَ الإلـه كـتابه |
فـيـما يردّ كـتائبَ الـدراعِ |
|
ألـبـسته حـفظاً عـليه ورأفـةً |
زغـف الـسوابغِ مـن نسيج يراعِ |
____________________
1 - تهجاع: النومة الخفيفة. قال أبو قيس:
قد حصت البيضةُ رأسي فما |
أطعمُ نوماً غيرَ تهجاعِ |
2 - المهالك: المفاوز المجدبة.
حـتى غـدا فـيها بـأعظم مـنعة |
لـيـست تـرى بـسوابغ الأدراعِ |
|
لا زال فـيك وفـي بـنيك مـمنعاً |
مـن كـيد كـلّ مـصانعٍ سـمّاعِ |
|
الـقوم مـا خـلقوا لـغيرِ هـداية |
وحـمـاية لـلـخائفِ الـمـرتاعِ |
|
أبـنـاء مـنجبةٍ تـكادُ طـباعهم |
تـوفي عـلى شـهبِ السما بشعاعِ |
|
أنّـا صـنائعهم وقـد بـلغت بهم |
حدّ الـنـهايةِ قـدرة الـصنّاعِ |
|
لم أدرِ والـلّه الـمهيمن قـادر |
أيـجـيء مـثـلهم كـرامُ طـباعِ |
|
هـضب لـدى الأهوال جدّ ثوابت |
وإذا دعـا الـمظلومُ جـدّ سـراعِ |
|
يـؤون لـو أنّ ابـن نوحٍ جاءهم |
آوى إلـى عـالي الـذري مـناعِ |
|
مـا ذاك مـن حلف الفضولِ وإنّما |
كـان اقـتضاء طـبايع ومـساعِ |
|
أأبى من الآسـادِ إلاّ إنّـهم |
فـي الـجودِ طـوعُ أرادةِ الخدّاعِ |
|
تـسع الـفضاء صدورهم حتى إذا |
بـليت بـحقدٍ فـهي غـيرُ وساعِ |
|
يـسعون في طلبِ العلاء فإنْ سعى |
واشٍ لـهم الـغوا حـديثَ الساعي |
|
لا يـبرحنَّ الـدهرُ طـوع أكـفهم |
شـروى الـذلول الـتابع المطواعِ |
|
يـغري مـحبّكم وإنْ نـقم الـعدا |
وافى بـراغـم أنـفها جـدّاعِ |
وقال يرثي العلاّمة الكبير الشيخ مهدي ابن الشيخ علي ابن الشيخ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء (1) .
اللهُ مـا بـعد هـذا اليومِ مصطبر |
لـلمسلمينَ ولـو راموا إذن عذروا |
|
وأصـدقُ الـناسِ إيـماناً أشـدّهم |
حـزناً ومـمّن قد تسلّى كاذبٌ أشرُ |
|
أيـملكُ الـصبرَ مَنْ للدينِ منتحل |
والـدينُ أصبحَ بطن الأرضِ يقتبرُ |
|
رزءٌ أقـلُّ الـذي قـد جاءَ أنّ به |
تـفنى النفوسُ وتُمحى بعده الصورُ |
|
ناعٍ أصـاتَ فقالَ الدهرُ مندهشاً |
اللهُ اكـبـرُ ماذا أبـدعَ الـقدرُ |
|
فـقالَ لا قـالَ بـل جذت سواعده |
وطـارَ فـي مفرقيهِ الصارمُ الذكرُ |
|
إنّ الـذي كـانَ للعافي سحابُ ندى |
ولـيسَ فـي نـيلهِ رنقٌ ولا كدرُ |
|
أضـحت تـقلّبُ أيـديها قواصده |
مـغبرّةَ الـجو لا مـوجٌ ولا مطرُ |
|
أبـو الأمـينِ ولـي الله قد نُصبت |
لـهُ الأرائكُ حولَ العرشِ والسررُ |
|
ونـائحاتٍ دعـت فـيهِ فحقّ بأن |
تـجيبها غـررُ الأمـلاكِ لا البشرُ |
|
إن تـبكهِ مـقلُ الأفـلاكِ تبكِ فتى |
بـمـثـلهِ أنـبـياءُ اللهِ تـفـتخرُ |
|
أبـا الأمـينِ لو أنّ الموتَ أنصفنا |
أبـقاكَ مـا بـقيتْ آلاؤكَ الـغررُ |
____________________
1 - الشيخ مهدي كان من المراجع العظام في عصره، ولد سنة 1226 هـ وتوفّى سنة 1289 هـ، وله آثار ومدارس دينية في النجف وكربلاء تُعرف باسمه اليوم، وقد رثاه السيد حيدر الحلّي، والشيخ محسن الخضري، وصاحب الديوان وغيرهم من شعراء النجف.
كـي لا يـضلّ طريقُ الحقِّ طالبه |
ولـم يـخب مَنْ إلى جدواكَ يفتقرُ |
|
فـهـنّ آلاءُ مـفقودٍ إذا طـويت |
طيّ السجلِ غدت في الكتبِ تنتشرُ |
|
نـفسي الـفداء لأجـفانٍ مـغمضة |
كـانت تـؤرّقها الـعلياءُ لا السمرُ |
|
جـفت وما أن جفت عن قسوةٍ أبداً |
أغضت ولم تغضها من حادتٍ فكرُ |
|
أفـدي مـحيّاً أغـرّاً مـا تـقابله |
إلاّ وأشـرقَ مـن بـشرٍ بهِ القمرُ |
|
أمـسى تـعفّرُ تـربُ القبرِ غرته |
وفـوقها مـن ثـرى محرابهِ عفرُ |
|
مَـنْ بعدهُ فيهِ يُستسقى السحابُ وقد |
كـانت تـصوبُ بهِ الهطالةُ الهمرُ |
|
أبـا مـحمدٍ إنّ الـدينَ فـي دهشٍ |
قـد لاذَ فـيكَ مـروعٌ وهو منذعرُ |
|
نـشدتكَ اللهَ فـي الـبقيا عليه فقد |
أودى لـوجدكَ في أحشائهِ الضررُ |
|
وحـائزٌ قـصبَ العلياءِ أسبق من |
جـرى إلـى غـايةِ العلياءِ يبتدرُ |
|
مـغبّر فـي وجوهِ القومِ ما رجحت |
مـنهُ الـمناكبُ إلاّ ولـده الـغررُ |
|
الـتابعينَ لـهُ فـي كـلِّ مـنقبة |
بيضاءَ عنها جميعُ الخلقِ قد قصروا |
|
فـلا يـخطُ لـهُ فـي غـايةٍ أثرٌ |
إلاّ وكـانَ لـهم مـن حـولهِ أثرُ |
|
جـحاجحُ هـم شـبولٌ حول غابته |
وحـولَ هـالتهِ هـم أنـجمٌ زهرُ |
|
الآخـذين بـأطرافِ الـفخارِ عُلا |
إنْ عـاقَ غـيرهمُ الإعياءُ والخورُ |
وقال يرثي العالم الجليل الشيخ محمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء (1) ، ويعزّي العلاّمة السيد مهدي القزويني:
نـعى فشجى قلبَ الشريعةِ إذ نعى |
وعـادَ لـديهِ أصـبرُ الناسِ أجزعا |
|
وضـيّعَ أهـلُ الـحزمِ قوةَ حزمهم |
كـما أنّ حُسنَ الحلمِ أضحى مضيعا |
|
ولـم تـرَ هـذا الـكونَ إلاّ بدهشة |
كـأنّ الـفنا في الناسِ نادى فأسمعا |
|
لـفـقدِ سـليلِ الأكـرمينَ مـحمد |
لـقد كـادَ قـلبُ الدينِ أن يتصدّعا |
|
فـتى كـان فـي ألـفاظهِ ولحاظه |
حـسامانِ كانا من شبا الموتِ أقطعا |
|
أبـا حـسنٍ قـد كنتَ للدهرِ بهجةً |
فـأوحشَ مـنها البينُ للدهرِ أربعا |
|
وقـد كنتَ عرنينَ الزمانِ الذي غدا |
يـزانُ بـهِ وجـهاً فأصبحَ أجدعا |
|
وكـنتَ بـعينيهِ الـضياءَ فما الذي |
أزالَ الـضيا عـنها وأبـدلَ أدمعا |
|
فـما أظـلمَ الـمحرابِ بعدكَ وحده |
نـعم مـشرقُ الـدنيا ومغربها معا |
|
كـأنّ ضـياءَ الصبحِ قد حالَ لونه |
أو الليلَ قد أرخى على الصبحِ برقعا |
|
ومـا أنتَ مَنْ خصّ الأقاربَ رزؤه |
ولـكـنّهُ عمّ الـبريّةَ أجـمعا |
____________________
1 - كان الشيخ محمد المرجع الوحيد بعد وفاة عمّه الشيخ حسن، وفي أيّامه خرجت سدانة الروضة الحيدرية عن (آل الملاّ) وأخذ هو مفاتيحها بيده، ثمّ سلّمها للسيد رضا الرفيعي فتولاّها نيابة عن الشيخ المذكور، ثمّ أُلقي الأمر كلّه إليه إلى أن قُتل عام 1285 هـ، وكانت وفاة الشيخ المذكور سنة 1268 هـ، ورثاه السيد حيدر الحلّي وعبد الباقي العمري وغيرهما من شعراء النجف والحلّة.
ألـم تـرَ هذا الكونَ كالفلكِ إذ غدا |
يـعـومُ بـموجٍ كـالجبالِ تـدفعا |
|
بـنفسي طوداً ضعضعَ الكونُ ركنه |
وما خلتُ ذاكَ الطودَ أن يتضعضعا |
|
أبـا جـعفرٍ أنـتَ المرجّى لمحنة |
إذا أشكلت أضحى إلى الحقِّ مشرعا |
|
وأعـلمُ خـلقُ الـلّهِ في كلّ موطن |
وأرسـاهمُ في الخطبِ ركناً وأمنعا |
|
كـأنّكَ أعـطيتَ الـجبالَ ثـباتها |
وأوصـيتها في الخطبِ إلاّ تزعزعا |
|
وما أنتَ إلاّ عـيبةٌ لـمحمد |
بـها كـلّ آيـاتِ الـنبوّةِ أودعـا |
وقال يرثي مرجع الطائفة في عصره الشيخ محمد حسن المعروف بصاحب الجواهر (1) ، ويعزّي العلاّمة السيد مهدي القزويني:
قـضى ماجدٌ كانَ في عصره |
بـمنزلةِ الـنورِ مـن بدرهِ |
|
ومـنزلةِ الـروحِ من جنبها |
ومـنزلةِ الـقلبِ من صدرهِ |
|
وأضحى الحمامُ لدى العتب ذا |
لـسانٌ تـلجلجَ فـي عـذرهِ |
____________________
1 - ابن الشيخ باقر ابن الشيخ عبد الرحيم ابن العالم العامل الآغا محمد الصغير ابن الآغا عبد الرحيم المعروف بالشريف الكبير، وجده محمد المذكور هو الذي رثاه السيد صادق الفحّام بقصيدة مثبتة بديوانه المخطوط الموجود بمكتبتنا، وأرّخ فيها وفاته عام 1149 هـ، والمترجم من أكابر فقهاء الإمامية وأعاظم علماء القرن الثالث عشر، وشهرته تغني عن الإسهاب بذكره، فقد انتهت إليه زعامة الشيعة ورئاسة المذهب الإمامي، وثنيت له الوسادة في سائر الأقطار زمناً طويلاً، وكتابه (جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام) من آيات الفقه الجعفري، وهو الأثر الذي أحيا ذكره وخلّد فخره، وأصبح وسام مجد له ولأسرته على كثرة مَنْ نبغ منهم في العلم والأدب، وقد شرع بتأليفه وهو ابن (25 سنة)، وقد طبع مراراً على ضخامته وله غيره من الآثار. ومن مساعيه الحميدة النهر الذي حفره من وسط نهر آصف الدولة (الهندية) حتى أوصله قرب النجف وغيره من المآثر والآثار.
كان مولده سنة 1202 هـ تقريباً، ووفاته غرّة شعبان 1266 هـ، ورثاه كثير من الشعراء منهم السيد حيدر الحلّي، وعمّه السيد مهدي، وصاحب الديوان، والشيخ إبراهيم صادق، والشيخ عباس الملاّ علي، والسيد حسين الطباطبائي وغيرهم من شعراء العراق، ودُفن بمقبرته الخاصة المجاورة لمسجده المعروف، وذكر تفصيل ترجمته شيخنا الجليل آغا بزرك الطهراني في طبقات أعلام الشيعة، وترجم له أيضاً ولأولاده وأحفاده صاحب ماضي النجف وحاضرها الشيخ جعفر محبوبة.
لـتبكِ الـشجاعةُ مـقدادها |
ويـبكي الـتقى لأبـي ذرّهِ |
|
ويـبـكي الـزمانُ بـشجو |
مـحمداً حـسناً منتهى أمرهِ |
|
فـكانَ الـعمادُ وفـيهِ تُـشاد |
خـيامُ الهدى في حمى فخرهِ |
|
لـيبكِ الـموحدُ حـزناً لـه |
فـقد بـسمَ الشركُ عن ثغرهِ |
|
فـكسّر قنا الشركِ في جبره |
وجـبّرَ قنا الشركِ في كسرهِ |
|
وأضحى الزمانُ لما قد عراه |
دجـى لـيسَ يدنو إلى فجرهِ |
|
فـلم يُـعرفِ الظهرُ من ليله |
ولـم يُعرفِ الليلُ من ظهرهِ |
|
لـقد حـملوا نـعشهُ والهدى |
يـقومُ ويـكبو عـلى إثـرهِ |
|
أرى العلمَ والحلمَ والمكرمات |
جـميعاً حـواها ثـرى قبرهِ |
|
وما دفـنوهُ بـهِ وحـده |
أجـل دفنوا الكونَ في أسرهِ |
|
مـحمدٌ لـمّا قضيتَ الزمان |
تـسافلَ مـنه عُـلا قـدرهِ |
|
فـشهركَ عـارٌ عـلى عامه |
ويـومكَ عـارٌ عـلى شهرهِ |
|
هـجاني لـساني إذا هـو لم |
يـكن راثـياً لـكَ في شعرهِ |
|
ومـادحُ مـهدي فـقد الأنام |
مَـنْ اخـتصّهُ اللّهُ في ذكرهِ |
|
ومَـنْ هلكَ البخلُ في جوده |
ومَـنْ فـني العسرُ في يسرهِ |
|
فـكم مـنكرٌ ردّ فـي نـهيه |
وكـم فـعلُ العرفِ في أمرهِ |
|
أخـو مـننٍ طـالما أشرقت |
شـموسُ الثنا في سما شكرهِ |
|
وأحـيا نـداهُ ريـاضُ العلا |
فـهاهنَّ يـنفحنَ عـن نشرهِ |
نـرى فيهِ آثارَ خيرِ الورى |
مـحمدٍ والـمرتضى صهرهِ |
|
أبـا جـعفرٍ لـم أفهْ بالعزا |
لأنّـكَ أذكـى ذوي دهـرهِ |
|
وأنـتَ وعـاءُ عـلومِ الإله |
ومـؤتمنُ الـلّهِ فـي سـرّهِ |
|
فمَنْ ذا يجيء إلى الشمسِ في |
سـراجٍ ولـلطودِ فـي ذرّهِ |
|
ومـا جاءَ فيهِ المعزّي بشعر |
إلـيكَ ومـا جـاءَ في نثرهِ |
|
فـذاكَ لـعمري مـنكَ إليك |
ومـا فـاقَ غيركَ في فخرهِ |
وقال من قصيدة عزّى بها أحد أصدقائه:
أأبـا مـحمدٍ والمصيبةُ سهمها |
لجميعِ مَنْ في الكائناتِ مصيبُ |
|
إنّـي وإن عظمتَ عليَّ رزية |
فـبمهجتي مـمّا شجاكَ لهيبُ |
|
فـكأنّما الأرزاءُ فـي أحشائنا |
كـانت نـدوباً فـوقهنَّ ندوبُ |
وقال هذين البيتين في رثاء ولد له صغير دُفن في المقبرة المشهورة حول (مشهد الشمس) في الحلّة، وقد ذكرناهما سهواً في ترجمة أخيه الشيخ حمادي في البابليات ج 2:
ليهنُ محاني مشهدُ الشمسِ إنّه |
ثوى بدرُ أنسي عندها بثري القبرِ |
|
وكانَ قديماً مشهدُ الشمسِ وحدها |
فعادَ حديثاً مشهدُ الشمسِ والبدرِ |
الحماسة والشكوى والعتاب
قال يشكو الزمان ويتخلّص لندبة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف):
بـكى جـزعاً مـمّا بـهِ من زمانه |
فـما لـكما فـوقَ الأسـى تعذلانه |
|
تـوهّمتما أنْ هـاجهُ ذكـرُ أهـيف |
يـميلُ بـأكنافِ الـحمى ميلَ بانه |
|
أو أنّ الصبا من أرضِ كاظمةَ سرى |
عـليلاً لـه فـاعتلَّ مـن سـريانه |
|
نـعم، كـانَ فـي عهدِ الصبا وأوانه |
يـؤرّقـه ذكـرُ الـحمى وحـسانه |
|
وقـد كـانَ يصبي قلبهُ البرقَ لامعاً |
فـيحيى الـدُّجى شـوقاً إلى لمعانه |
|
يـبهجهُ الروضُ الأنيقُ بذي الغضا |
فـتصلي الغضا أحشاهُ من أقحوانه |
|
فـأصبحَ يـلهيهِ عـن اللهو هـمّه |
ويـشغلُ شـانيهِ الـدموعَ لـشانه |
|
دعـاهُ وما يلقى من الضرِّ والجوى |
إذا لم تـكونا ويـكما تـنفعانه |
|
لـعلَّ ابـنَ خـيرَ المرسلينَ يُغيثه |
فـيـنقذهُ من كـربهِ وامـتحانه |
|
أقولُ لنفسي هوّني الخطبَ واصبري |
يـهنْ أو يزلْ بالصبرِ صرفُ هوانه |
|
ولا تجزعي من جورِ دهرٍ وإنْ غدا |
يـروعكِ مـا يـأتي بـهِ مـلوانه |
|
فـعندي مـولى ضـامنُ مـا أخافه |
وعـنـدي يـقينٌ كـافلٌ لـضمانه |
|
وكـيفَ تـخافينَ الـزمانَ ومفزعي |
إلـى الـقائمِ الـمهدي مـن حدثانه |
|
لـئـن خـوّفتني الـنائباتُ فـإنّني |
لـجـأتُ لـسامي عـزّهِ وأمـانه |
|
وإنْ ضـقتُ ذرعـاً بـالحياةِ لفاقة |
فـلي سـعةٌ مـن فـضلهِ وامتنانه |
وقال:
أدعـوكَ لـلكُربِ الـتي لـم تفرج |
ونـوائبٍ ألـممنَ فـي قلبي الشجي |
ولـفافةٍ لـو شـئتَ يـوماً سـدَّها |
لـسـددتها ولـفتحِ بـابٍ مـرتجِ |
|
لـمّا رأيـتُ الأمـرَ ضاقَ عليَّ من |
كـلِّ الـجهاتِ ولم أجدْ من مخرجِ |
|
ذكـروكَ لـي وأنا الـعليمُ بـأنّك |
الـمولى الـمبلغُ عـبدهُ ما يرتجي |
|
فـأتيتُ قـبركَ قـاصداً يـقتادني |
حسنُ الرجا ويسوقني القلبُ الشجي |
وقال هذه القصيدة في احدى زياراته الى كربلا معاتباً فيها السيد أحمد الرشتي إذ لم يلق في بيته من الحفاوة مثلما كان يلقاه في عهد ابيه السيد كاظم وذلك سنة 1286 هـ.
وقوفي تحت الغيث ما بلّني القطر |
وعمت بلج البحر ما علَّني البحر... |
|
ورحت بما في معدن التبر طامعاً |
فعدت وكفي وهي من صفرها صفر |
|
وكنت قد استنصحت في الامر رائداً |
فقال هو الوادي به العشب والزهر |
|
فلما حططت الرحل فيه وجدته |
وأمواهه نار وأزهاره الجمر |
|
فواللّه ما أدري أأخطأ رائدي |
أم أكذبني عمداً أم أنعكس الامر |
|
وكم اطمعتك الغانيات بوصلها |
فلما تدانى الوصل آيسك الهجر |
|
وذلك من فعل النساء محبّب |
ولكنه من غيرها خلق وعر |
|
على انه ينمى الى العيلم الذي |
تمد البحار السبع أنمله العشر |
|
فتى كاظم للغيظ ما ضاق صدره |
إذا ضاق من وسع الفضا بالاذى صدر |
|
إذا حسن البشر الوجوه فانه |
لمولى محياه به يحسن البشر |
وما هو في حسن المناقب مكتس |
فخاراً ولكن فيه يفتخر الفخر |
|
اخوالعلم إمازج في الغيب فكره |
الى ماوراء الستر يلقى له الستر |
|
وذو معجزات قال من لا يطيقها |
كما قيل فيمن جاء من قبله سحر |
|
أضاءت به الدنيا زمانا ومذ مضى |
اضاء بنوري نيَّريه لنا الدهر |
|
هما (الحسن) الزاكي النجار وصنوه |
الفتى أحمد الافعال يعزى له الشكر |
|
لقد جريا يوم الرهان لغاية |
فجاءا معاً ما حال بينهما فتر |
|
هما رقيا في المجد ما ليس يرتقي |
باجنحة نسر ما حلّهُ النسر |
وله أيضاً:
رعى اللّه فكري كم يقرب لي فكري |
بعيداً كأن عنقاء مغرب في وكر |
|
وكم لي من آمال نوكى بمعشر |
أراني غنياً بت منهم على فقر |
|
فهل نظرت عيناك مثلي في الورى |
فتى هو في أيامه معدم مثري |
|
وكم من محال ظلت ازعم ممكناً |
كمن راح نحو البحر ملتقط الجمر |
|
أرى الناس عاشوا بادعاء فضيلتي |
فما لي محروم وما لحقوا اثري |
|
بلينا بقوم كالسباع ضوارياً |
تصول فما تبقي من الصيد في البر |
|
اذا افترسوا لا يتركون للاعق |
دماً لا ولا فرثا الى جعل يسري |
|
فانيابهم مشغولة بفريسة |
وأعينهم ترنو الى الصيد في القفر |
|
كأن كل فرد منهم الحوتة التي |
رأى شبعها عياً سليمان في البحر |
قال متحمساً ومعرضاً بشاعري بغداد في عصره العمري والاخرس:
وشاعر ملا الاوراق قافيةً |
ويحسب الشعر في تسويد أوراق |
|
وظل يزري على شعري لقلته |
وتلك لسعة جهل ما لها راقي |
|
اما رأى لا رأى جمّ الكواكب لا |
تغني عن البدر في اهداء أشراق |
|
ولو رآني بعين من قذى حسد |
باتت خلية أجفان وأماق |
|
لقال لي وبديع القول يشهد لي |
بمذود ببليغ النظم نطاق |
|
اخرست اخرس بغداد وناطقها |
وما تركت لباقي الشعر من باقي |
ومن شعره في صباه:
قالوا تركت نظام الشعر قلت لهم |
لذاك ذنب عليكم غير مغتفر |
|
لم ألق منكم سوى من بات ينظرني |
باعين الجسم لا في أعين الفكر |
|
تستعظمون عظيم الذقن عندكم |
كان شعر الفتى آت من الشعر |
وله أيضاً:
قـلْ للزمانِ لينقص أو يزد نوباً |
فـما يـزلزلُ من أطوادِ أحلامي |
|
أمّا الحياةُ فإنْ طالت وإنْ قصرت |
فـلا أراها سوى أضغاثُ أحلامِ |
|
وكيف استكثرُ الأحداتَ في زمن |
قـلّـتْ لـديهِ لـياليّ وأيـامي |
|
لو أكرمَ الدهرُ مَنْ قبلي الكرامَ لما |
قـنعتُ مـن زمني إلاّ بإكرامي |
وقال عند قدومه لزيارة الإمام علي (عليه السّلام):
زرنا أميرَ المؤمنين وفوقنا |
عبءٌ من الأرزاءِ ليسَ يطاقُ |
|
حتى إذا جئنا رفيعَ جنابه |
سقطتْ كما تتساقطُ الأوراقُ |
وقال حين جاء لزيارة الكاظمين (عليهما السّلام):
تقولُ لي النفسُ التي سدّ دهرها |
عليها كما تبغي جميعَ المناهجِ |
|
أيعييكَ بعدَ اليومِ إدراكُ حاجة |
وقد جاءَ فيكَ الحظُّ بابَ الحوائجِ |
وقال يندب الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف):
أبا القاسم المدعو في كلِّ شدّة |
يزجُ بها المقدارَ أدعى نوائبه |
|
إليكَ من الدهرِ العنيدِ شكايتي |
ولا غرو أن يُشكى الزمانُ لصاحبه |
وقال:
أترضى بما قد قالَ زيدٌ معاكساً |
لقولي لمّا أن خلوتَ بهِ يوما |
|
طلبتُ فطوراً منهُ إذ أنا صائم |
فأدبرَ عنّي قائلاً تبتغي صوما |
وكتب إلى العلاّمة السيد ميرزا جعفر القزويني وقد قاربه شهر رمضان:
لقد صامَ كيسي صومَ (الوصال) |
فلا من حرامٍ ولا من حلال |
|
أترضى بأن يغتدي صائماً |
وأنتَ جديرٌ برؤيا الهلال |
وكتب في صدر رسالة بعث بها إلى العلاّمة السيد ميرزا صالح القزويني يستنجده لدفع ملمّة نزلت به (1) :
(أبا حسنٍ ومثلكَ مَنْ ينادي) |
إذا أخذَ العنا بيدي وجيدي |
|
فما عددتُ غيركَ في البرايا |
(لكشفِ الضرِّ والهولِ الشديدِ) |
وقال:
حـتى مَ أمـكثُ أمـراً بينَ أمرين |
لا راحـةَ الـقربِ تُدنيني ولا البينِ |
|
أُعـلّلُ الـعينَ فـي رؤيـاكمُ سحراً |
فيضحكُ الصبحُ من كذبي على عيني |
|
إنّ الـمُنى مـثلُ ديـنٍ عـندَ طالبه |
لأشـعبَ لـيسَ ذا يـأسٌ من الدينِ |
وله في الخوف من اللّه تعالى:
لا فخرَ في الأيامِ إلاّ إلى |
فتى يبيتُ الليلَ حلفَ السهادِ |
|
ريّانَ نبتُ الهدبِ من عبرة |
منهلةِ الأجفانِ خوفَ المعادِ |
وله في الشيب:
قلبي خزانةَ كلِّ علمٍ |
كان في عصر الشباب |
|
واتى المشيب فكدتُ |
أنسى فيه فاتحة الكتاب |
____________________
1 - وأصلهما بيت واحد شطره الكواز، وهو مطلع قصيدة في مدح أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) للسيد محمد شريف بن فلاح الكاظمي من شعراء القرن الثاني عشر للهجرة.
وله في قصة اتفقت له في الحلة من الاخرس الشاعر البغدادي ذكرناها في مقدمة الديوان:
فلو ان لبسي قدر نفسي لاصبحت |
تحاك ثيابي من جناح الملائك |
|
ولو كان فيما استحق مجالسي |
نصبن على هام السماك ارائكي |
وكتب الى معاصره الاديب الشيخ محمد التبريزي الحلي:
محمد اني كلما كظنى الجوى |
أتيتك اشكو ما أجن من الحزن |
|
فمالك لم تسعد ومالك لم تعن |
ومالك لم تنجد ومالك لم تغن |
فاجابه:
اذ امكن الاسعاد أسعدتُ منجداً |
ولكنني أصبحت مثلكَ في الحزن |
|
فمالك لم تصبر ومالك لم تعن |
ومالك لم تكتم ومالك لم تثن |
وكتب الى أخيه الشيخ حمادي من عشيرة آل مسافر الى الحلة:
ببيت التمر والعسل المصفى |
وصالح في بيوت من بواري |
|
كأن الاقتباس بكم ينادي |
(احلوا قومهم دار البوار) |
النسيب والتشبيب
وقال متغزلا:
تجلى والفؤاد له (كليم) |
فاصعقني وحلمي (طور سينا) |
|
بوجه كلما عاينت فيه |
يزيدك في محاسنه يقينا |
|
يكلم بالفهاهة لا لعيّ |
ولكن كي نزيد به جنونا |
|
صحبناه زمانا ما عرفنا |
له من سائر الاديان دينا |
|
وآخر مثله وأشد منه |
علينا قسوة اما شجينا |
|
يمرّ فيشرئب كشبه ضبي |
رأى حول الورود القانصينا |
|
كان بقلبه شيئا علينا |
يكتمه حذار الشامتينا... |
|
قنعنا بالسلام وقبل كنا |
بما فوق الاماني طامعينا |
|
وانّى نرتضي منه ملالاً |
وكنا من دلالٍ ساخطينا |
|
جعلتُ له شفيعا من ثقاتي |
فما أغنى كلام الشافعينا |
ومن ملحه ونوادره هذه الابيات التي أنشدها للمرحوم السيد ميرزا جعفر القزويني:
بأبي الذي مهما شكوت وداده |
طلب الشهود وذاك منه مليح |
|
قلت الدموع فقال لي مقذوفةً |
قلت الفؤاد فقال لي (مجروح) |
|
قلت اللسان فقال لي متلجلج |
والجسم قلت فقال ليس صحيح |