ديوان صالح الكواز
0%
مؤلف: صالح الكواز
تصنيف: دواوين
الصفحات: 143
مؤلف: صالح الكواز
تصنيف: الصفحات: 143
المشاهدات: 18021
تحميل: 10399
توضيحات:
مؤلف: صالح الكواز
تصنيف: دواوين
الصفحات: 143
مؤلف: صالح الكواز
فمن نال في عزمه النيرات |
لم يعيه نيله للسحب |
|
ولا غرو ان يركبن الذلول |
فتى ليس يعييه ركب الصعب |
|
أرى اللّه أثنى على الانبياء |
لامرهم الاهل فيما أحب |
|
وها أنت تأمر في الواجبات |
أهاليك طراً وبالمستحب |
|
وفارقت عامين في حبه |
حبيبيك تشكره محتسب |
|
كأن الحجاز وقد أوطئآ |
محيا ثراه خفاف النجب |
|
غدا بهما حاسداً للعراق |
كما حسد الاعجمي العرب |
|
ورام بقاءهما عنده |
ليعلو على غيره في الرتب |
|
ويخصب فضلاً بيمنيهما |
له كل ربع محيل جدب |
|
فأتحف عامين نيل المنى |
وزال عن المجد بين العطب |
|
ليهن أبا المصطفى والرضا |
رضا اللّه والمصطفين النجب |
|
عشية حلاّ عن اليعملات |
نسوعاً وشدَّ العقال الركب |
|
وسارا وقد لبّيا معلنين |
بقلبٍ سليمٍ ونطق عذب |
|
وطافا بدمع غداة الطواف |
يضاهي غروب الحيا المنسكب |
|
وكم دعوات لدى عرفات |
علت منهما واخترقن الحجب |
|
صدقن امانيهما في منى |
وربَّ أمان رزقن الكذب |
|
وقد شكر اللّه سعييهما |
واعطاهما منه نيل الارب |
|
ومذ قضيا من فروض الاله |
ما اللّه أوجب أو ما ندب |
أثارا ليثرب نضويهما |
فطوراً ذميلا وطوراً خبب |
|
الى أن بدت قبة المصطفى |
عليها رواق المعالي ضرب |
|
كأن السماوات أرض لها |
وبالعرش قد نيط منها الطنب |
|
أناخا وسارا لها ماشيين |
وخدّيهما عفرا في الترب |
|
وزارا النبي فزادا عُلا |
وفخراً على كل عالي الرتب |
|
وقاما ازاء قبور البقيع |
مقاماً تصانع فيه الكرب |
|
يرد الى القلب دمع العيون |
حذاراً ويرضى بدون الطلب |
|
وسارا يريدان أرض العراق |
وأعين سكانه ترتقب |
|
بأنيق تطوي فجاج الوهاد |
كطيّ السجل بها للكتب |
|
الى أن أتت طور وادي الغري |
ونور التجلي عليه ثقب |
|
بباب مدينة علم الاله |
ثنت بعد طول المسير الركب |
|
وقاما يجران برد السرور |
وان رغم الحاسد المكتئب |
|
وقبلت وجهيهما شاحبين |
شحوباً به ضاء وجه الحسب |
|
وما النقص ان تشحبن الوجوه |
والنقص إن وجه عرض شحب |
وقال يمدح الحاج محمد رضا بن الحاج محمد صالح كبه في ضمن كتاب منثور بعث به اليه (1) .
أما الحبيب فآخذ بدلا |
مني وابدل وصله مللا |
|
هو بالرقاد يبيت مكتحلا |
إذ بالسهاد أبيت مكتحلا |
|
وأقول للليل الطويل لما |
القى كأنك قد خلقت بلا |
|
ان كان أنساه الوداد هوى |
غيري فاني ما حييت فلا |
|
من لي بليل ما وددت له |
صبحاً وان شاهدته عجلا |
|
بات الحبيب به نغازله |
طوراً وطوراً ننشد الغزلا |
|
نروي حديثاً هزنا طرباً |
هز المدامة شارباً ثملا |
|
نزداد في تكراره فرحاً |
فرح (الرضا) في وافد نزلا |
|
المرتدي برداء كل تقى |
والمهتدي لطريق كل علا |
|
من ليس يرقى ما ارتقاه فتى |
من ذا بنسر يلحق الحجلا |
|
ومنزّه الاحسان من نكد |
كالعين ما لم تقبل الحولا |
|
من قد أعدّ لضيفه نزلاً |
لا يبتغي عن رحبها حولا |
____________________
1 - الحاج محمد رضا كبه هو ثاني انجال الحاج محمد صالح السالف الذكر ولد سنة 1245 هـ وكان شهماً أديباً كريم الطبع والسجايا وتوفي في حياة والده سنة 1282 هـ ورثاه السيد حيدر الحلي وعمه السيد مهدي بن السيد داود وغيرهما من شعراء بغداد والحلة منهم صاحب الديوان.
بيت لمفترق الجدود به |
جمع تخال أباهم رجلا |
|
وترى لاشتات العفاة به |
شملاً على المعروف مشتملا |
|
بيت بأبيات القريض له |
ذكر يعطر نشره السبلا |
|
ذكر اذا فاز السماع به |
أضحى يفوق فخره المقلا |
|
عَلم الاله بأن رافعه |
قد حاز فيه العلم والعملا |
|
وترى به أضعاف من رحلوا |
عنه ومن حلوا به رسلا |
|
فرقاً قد افترقت لغاتهم |
فالبعض قول البعض ما عقلا |
|
فيهم يعول فتى اخو كرم |
لو عال هذا الدهر ما بخلا |
|
بحر اذا ما فاض ساحله |
ترك البحار لفيضه وشلا |
|
لو يستمد الغيث نائله |
لم تلقَ ارضاً تشتكي محلا |
|
جبل اذا لاذ المخوف به |
أمن المخاوف وانثنى جذلا |
|
فالى تخوم الارض غار له |
أصل وزاحم فرعه زحلا |
|
قال العذول وقد رأى سرفاً |
أتراه يعلم بالذي فعلا |
|
ومن الذي منع الضياء ذكاً |
يوماً وردّ العارض الهطلا |
|
ان الذي عشق العلاء رأى |
ما دونها من هائل جللا |
|
ندب إذا القى فضيلته |
التقفت فضائل سائر الفضلا |
|
فكأنما هنّ الحبال ومن |
يده عصا موسى لها جعلا |
|
ساد الكهول فتى وتحسبه |
شيخاً اذا ما قام مبتهلا |
حسن الخلائق لو تفاخره |
زهر الكواكب سامها خجلا |
|
من صدره يعطي الفضا سعة |
ويضيق عن حقد به نزلا |
|
قالوا لقد أوجزت نظمك في |
من قد أطال به الورى املا |
|
فأجبتهم قربى له منع |
التفصيل فيما قلته جملا |
|
كالصوت لولا بعد سامعه |
ما طال بل ما في النداء علا |
|
ما ذاك من نيلت مودته |
فيما يزخرفه الفتى حيلا |
|
الشمس تشرق خلقة وترى |
المصباح لولا الزيت ما اشتعلا |
قال يهنئ أحد السادات الافاضل في ختان أحفاده:
قم عاطنيها كميت اللون تضطرم |
يجلى بها الهمّ بل تعلو بها الهمم |
|
سبية من (سبا) جاءت تنبئنا |
عن حالها مذ عراها سيلها العرم |
|
عتقة العصر ما زالت تحدثنا |
عن عصر عاد وما راقت به ارم |
|
واعجب لها عصمت يوم السفينة |
من طوفان نوح وما اذ ذاك معتصم |
|
قتالة لهموم القلب لا سيما |
وان قاتلها معسوله الشيم |
|
قم واسقنيها فدتك النفس من رشأ |
ما زلت اخلصه حبي ............ |
|
يزيدني طمعاً فيه تدلَّله |
كأن قولك لا في مسمع نعم |
|
دعني أواسي كراماً في سرورهم |
واساهم بالسرور البأس والكرم |
|
وسرّ جدهم الهادي النبي ولا |
عجب اذا سر في قوم اليه نموا |
|
اليوم أضحت تهنيه ملائكة |
الرحمن عن فرح والرسل والامم |
آساد قوم أباحت من شبولهم |
دم الختان فيا للّه درهم |
|
قالوا الختان طهور قلت انهم |
(مطهرون نقيات ثيابهم) (1) |
|
دم على أنمل الحجام كاد له |
لو لم يكن سنة ان لا يصان دم |
|
دم تود العلا شوقاً له وهوى |
من فوق وجنتها لو كان ينسجم |
|
وإنها ابتهجت فيه كما ابتهجت |
حسناء في خدها من حمرة ضرم |
|
قوم تقاسمت الدنيا سرورهم |
كما تقسَّم فيها منهم النعم |
|
سادوا بآبائهم بعد الجدود فلا |
عصرٌ يمر وما منهم به علم |
وقال مهنئاً بعض السادات:
حبذا أنت من حبيب مسلم |
ومشير بطرفه متبسم |
|
خلته بين كل ظبي غرير |
بدرتم يضئ ما بين انجم |
|
لك خدّ بمهر خال عليه |
خطب القلب للغرام فانعم |
|
كان قلبي من قبل رؤياي وجهاً |
من شموس النهار أبهى وأعظم |
|
جاهليَّ الهوى فلما دعاه |
مرسل الصدغ للصبابة اسلم |
|
فانا اليوم للغرام مدين |
طائع من ولاته من تحكم |
|
أعلي سمعاً وان كنت أدري |
رب مصغ لقائل وهو أعلم |
|
جمعتنا (بالجامعين) ليال |
ليس إلا الصباح منهنّ يذمم |
|
نولتنا من السرور عظيما |
وسرور العلا لاجلك أعظم |
____________________
1 - هو صدر بيت لابي نؤاس من أبيات في مدح أهل البيت (ع) وتمامه: (تجري الصلاة عليهم كلما ذكروا).
يوم نلت المنى فهنّيت فيك |
المجد علما بانه لك توأم |
|
يوم ابدى لك الزمان سروراً |
فمحونا من فعله ما تقدم |
|
واذا ما الكريم جاء بعذر |
فالذي منه يقبل العذر أكرم |
|
يوم ماست تيها حسان المعالي |
بك والمجد ثغره قد تبسم |
|
فكأن الزمان عاد شباباً |
بعد ما شاب في السنين واهرم |
|
يوم حلَّ السرور قلب كريم |
طال ما سرَّ في البرية معدم |
|
فمن السحب والجبال تراه |
في الندى والخطوب أسخى وأحلم |
|
لم تجاوز سنوه عشرين لكن |
هو رأياً من ابن ستين أحزم |
|
يافعا يخبر المشائخ عما |
هو ماض من قبل عاد وجرهم |
وقال مقرضاً كتاباً ألّفه العلاّمة السيد مهدي القزويني في النحو والعربية:
خـذ مِنَ العلمِ موجزاً غيرَ مطنب |
عن فنونِ الألحانِ في النحو معرب |
|
فـبهِ قـد حـباهُ مَـنْ قد حبا في |
فـضلهِ قـبلَ ذا نـزاراً ويعرب |
|
ذو الـيراعِ الـذي يـراع لـديه |
قـلبٌ من عن علاهُ قد ظلّ يرغب |
|
قـلمٌ صـكَّ لـوحهُ جـبهةَ الدهر |
فـهم يقرؤون مـا كـانَ يكتب |
|
عـلمهُ عـن أبـيهِ عن جدّهِ عن |
حـاملِ الوحي جبرئيلَ عن الرب |
|
مـا (الـكسائي) ما (سيبويه) فهذا |
نـجلُ أهـلِ الكسا وسيفٌ مجرّب |
|
لو تـرائى لـسيبويه تـعجب |
وبـنصفِ اسمه مضى وهو يندب |
وقال مهنئاً العلامة السيد مهدي القزويني بسلامته بعد وقوعه من السطح (1) :
سر يوماً شانيك واغتم دهرا |
رب حلو لطاعم عاد مرّا |
|
كاشح سر لعقة الكلب انفاً |
ثم في غمّه القديم استمرا |
|
ضحك الدهر منه إذ طال تيها |
بسرور كصحوة الموت عمرا |
|
يا أبا جعفر ومن قد رمته |
أعين الحاسدين في الفضل شزرا |
|
لا أقرَّ الاله أعين قومٍ |
نظرتكم مزوَّرة لن تقرّا |
|
ان عذر الزمان منك صريح |
والجواد الكريم يقبل عذرا |
|
رام يلهو بلحية الخصم هوناً |
فاراه حلواً واسقاه مرّا |
|
فتولى والخزي يغشاه جهراً |
ضعف ما قد غشا بصفين (عمروا) |
|
لم يزلاّ نعلاك عنك لهون |
لا ولا أنت قد تشاغلت فكرا |
|
بل بدا من علاك للخلق ما لم |
تحض منه عقولها العشر عشرا |
|
ولكم قد احطت في علم غيب |
غيركم لم يحط به قط خبرا |
|
فخشيت الاسلام فيك يقولون |
كما قالت المغالون كفرا |
|
وتصوبت قيد رمح فحلت |
لك من ذا في قاب قوسين ذكرا |
|
فلذا كل من على الارض ضجّت |
وضجيج السماء أعظم أمرا |
|
لو أطاقت ام السماء لضمتك |
اليها حرصاً عليك وبرا |
____________________
1 - وللسيد حيدر الحلي قصيدة عصماء في هذه الحادثة بديوانه مطلعها:
عثر الدهر واستقال سريعاً |
رب عبد عصى وعاد مطيعا |
ولاحنت عليك كالام شوقاً |
وانعطافاً وشرفت بك حجرا |
|
ووقتك الوصول للارض رفقاً |
بك كي لا تنال من ذاك ضرا |
|
ولكانت ذكاؤها لك فرشاً |
ووساداً من النجوم البدرا |
|
قد حكيت الصديق يوسف لما |
ان هوى في غيابة الجب صبرا |
|
بل رأيت النار التي قد رآها |
صاحب الطور يوم قد خر ذعرا |
|
ولعمري حكيته غير لا أدري |
اذعراً هويت ام كان شكرا |
|
ام عرا ذكر كربلا منك قلباً |
حين قاربت للمحرم شهرا |
|
ان متناً شكوته طال ما زا |
حمت فيه من الملائك غرا |
|
قبلت كفه الملوك ونالت |
من نداها العافون بيضا وصفرا |
|
فهي طوراً غنى المقل وطوراً |
تغتدي للغني عزاً وفخرا |
|
وبنوك الكرام أطيب ولد |
نجباء الاباء بطنا وظهرا |
|
بلغوا غاية العلا حيث كلُّ |
راح يقفو في سيره لك أثرا |
|
والذي يهتدي بمهدي عصر |
ليس يخشى عن قصده الحور فترا |
|
حملوا عبأ كل مجد اثيل |
مثلما تحمل القوادم نسرا |
|
كيف لا يهتدي مضل رآهم |
وهم آية الى الحق كبرى |
|
يا بني الوحي قد زففت اليكم |
من بنات الافكار غراء بكرا |
|
لم اسمها على سواكم علوا |
ولو اني قد كان لي البدر صهرا |
|
إنما الشعر ما هو المدح فيكم |
وهو في مدح غيركم راح هجرا |
مدحكم في جميع قسم من القول |
لقد سار في البرية ذكرا |
|
فهو وحي اتى وجاء حديثاً |
وبدا خطبته ونظماً ونثرا |
وقال مهنئاً السيد مهدي القزويني واولاده الكرام بقدوم السيد عباس السيد حساني المعروف بالعميدي من الحج (1) .
طلب العلاء فال فوق المطلب |
في عزم غلاب وهمة أغلب |
|
وسما بما أوفت له آباؤه |
ولرب سام للعلاء بلا أب |
|
لا غرو ان طلب العلا من قومه |
اما نبيّ أو وصيّ عن نبيّ |
|
هذا أبو الفضل الذي جمع النهى |
عزم الشباب له ونسك الاشيب |
|
تاقت الى نيل العلا حوباؤه |
في اللّه لم يحتج لقول مرغب (2) |
|
ولكم تعرضت العواذل دونه |
فانصاع لم يحفل بلوم مؤنب |
|
سلك البحار وهن جود أكفه |
والبرّ يقطعه بصدر أرحب |
|
فجبال هذا من رصانة حلمه |
وعباب هذي من نداه المخصب |
|
وأرى المراكب في البحار محلها |
وأراه بحراً حاصلا في مركب |
|
فاعجب له بحراً يحل بمركب |
إذ ليس يغمره بموج مرهب |
____________________
1 - العميدي نسبة الى السيد عميد الدين ابن اخت العلامة الحلي وكان من ذوي الورع والصلاح والوجاهة في الحلة ويتعاطى التجارة في بيع البز والمنسوجات وتوفي سنة 1317 هـ بعد ما عمر طويلا.
2 - الحوباء: النفس.
1 - السبسب: المفازة والارض المستوية البعيدة.
واعجب لفلك قد طغى وبضمنه |
من حلمه جبل ولما يرسب |
|
لكنما فيه استطار مسرة |
فطفت له في الماء خفة مطرب |
|
ولو ان ناراً قد سرت فيه خبت |
لمضى يزج بعزمه المتلهب |
|
حتى اذا اجتاز القفار ومزقت |
أيدي المطي به أديم السبسب (1) |
|
نشقت به البطحاء أطيب نكهة |
من طيّب ورث العلا من طيب |
|
ما زال يدنو وهي تعلو رفعة |
حتى استقلت فوق هام الكوكب |
|
ورأت شمائل هاشمي لم تكن |
أبداً قرابته تناط بأجنبي |
|
عقد الازار فحل ما بين الرجا |
والخوف عقدة أدمع لم تنضب |
|
فكأن كل الارض كانت عنده |
حرماً وكل الدهر يوم ترهب |
|
ما زاده الاحرام إلا مثلما |
قد زاد ضوء الشمس نور الكوكب |
|
ولكاد يشرق في يديه بهجة |
حجر أحالته أكف المذنب |
|
وبزمزم لو كان يخلط ريقه |
لاتت من الماء الفرات بأعذب |
|
عرفت به (عرفات) حين وقوفه |
دعوات آباه التي لم تحجب |
|
وتوسمت منه محاني طيبة |
عنوان والده النبي الاطيب |
|
حتى إذا ما جاء مرقد جده |
ودعاه عند سلامه في (يا أبي) |
|
أخذ الفخار على البريّة كلها |
إلا نوادر من بهذا المنسب |
|
قد كان يسمع من جوانب قبره |
صوتاً بأهل يلتقيه ومرحب |
____________________
1 - السبسب: المفازة والارض المستوية البعيدة.
فكأنما هو قد رآه مشافهاً |
وكأنه في القبر لم يتحجب |
|
ومضى الى نحو البقيع مسلماً |
في مدمع هام وقلب ملهب |
|
متذكراً آباءه الغر الاُلى |
فيهم نجاة الخائف المترقب |
|
ولقد شجاه ان رأى أجداثهم |
عن جدهم بعدت ولما تقرب |
|
يا من له صدق النوى بايابه |
ولرب موعد غادر لم يكذب |
|
ضاق العراق وقد مضيت بأهله |
كمضيق وجه الفارس المتنقب |
|
حتى إذا أقبلت أسفر ضاحكا |
ببكاء غيث للبريّة معشب |
|
فكأنما بعث الاله به لنا |
قبل البشير مبشراً لم يحجب |
|
حتى تيقنت الورى إذ سرهم |
فيك البشارة كنت جد مسبب |
|
عمّ السرور بك البريّة كلها |
بل خص قلب (أبي الحسين) الانجب |
|
علامة العلماء أفضل من غدا |
في الشرق يهتف باسمه والمغرب |
|
هو حجة اللّه العظيم فمن عشا |
عنه تخبط للضلال بغيهب |
|
من فضل كالشمس قد ملا الفضا |
نوراً وفضل سواه عنقا مغرب (1) |
____________________
1 - عنقاء مغرب تقال على الوصف والاضافة هو من قولهم أغرب في البلاد وغرب اذا أبعد وذهب وعنقاء اسم للذكر والانثى فلهذا لم يقولوا مغربة فمن وصف فعلى الاتباع ومن أضاف فهو من باب الاضافة الى النعت والاكثر على الاتباع قال الكميت:
محاسن من دين ودنيا كأنما |
به حلقت بالامس عنقاء مغرب |
وقال المتنبي:
أحن الى أهلي وأهوى لقاءهم |
واين من المشتاق عنقاء مغرب |
=
وأرى العلاء إذا ارتداه غيره |
ثوب الحرير يلف جلد الاجرب |
|
انظر اليه تجد به من شئت من |
آبائه خلقاً وخلق مهذب |
|
هو حوّل هو قلّب هو مظهر |
للملة الغرا وسر المذهب |
|
فيه وفي آبائه عصم الورى |
من كل خطب في البرية أخطب |
|
مهلا أبا الفضل المحلق للعلا |
فلقد رميت الواصفين بمتعب |
|
ما ان عجبت لما أتيت من العلا |
إلا سبقت وجئتنا في أعجب |
|
مهما أقل ما كان إلا مثلما |
قد قلت ان الشمس أحسن كوكب |
|
فاليكها عن فكرتي عربية |
ضربت بها أعراقها في يعرب |
|
فلكم أبت نشزاً على من رامها |
خطب النكاح لها ومن لم يخطب |
|
لكنها زفت اليك ومهرها |
منك القبول وذاك أعظم مأرب |
____________________
=
ومن امثالهم في كل من فقد طارت به عنقاء مغرب ويعتقد أنها كانت طائراً عظيما اختطفت سبياً وجارية وطارت بهما فدعا عليها نبي ذلك الزمان حنظلة بن صفوان فغابت الى اليوم.
وله يصف احتفالاً اُقيم في دار السيد أحمد الرشتي بكربلاء ليلة النصف من شعبان بمناسبة ميلاد الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، وذلك سنة 1282 هـ:
وبـيتٌ شـادَ أهلُ البيتِ منه |
بـناءً فـي ذرى العليا رفيعا |
|
بـليلةِ نـصفِ شـعبانَ رأينا |
عـديدَ الـنيراتِ بـهِ شموعا |
|
ومَـنْ لـلنيّراتِ بحيث تلقى |
لـها مـا بينَ مركزها طلوعا |
|
ويـنهلُ داخـليهِ بـعينِ ماء |
يـعودُ حشا اللهيفِ بهِ مريعا |
|
وهـبكَ شققتَ نهراً من معين |
عـليهِ الـناسُ واردةٌ جموعا |
|
نشدتكَ هل لديكَ جبالُ حزوى |
اسـتحالتْ سـكراً فيهِ جميعا |
|
إذا مـا قـالَ ذا سرفٍ أُناس |
رآهُ أحـمـدَ شـرفاً وسـيعا |
|
يـرى الـدنيا وما فيها جميعا |
عـطيةَ مَـنْ غدا فيها قنوعا |
|
يضيعُ المالُ في حفظِ المعالي |
ومـا حفظَ المعالي لن يضيعا |
|
فـوالـبيتِ الذي شرفاً وعزّاً |
بهِ الأملاكُ قد هبطت خشوعا |
|
بـناهُ الـكاظمُ الحبرُ الذي قد |
حـوى أسـرارَ والـدهِ جميعا |
|
أخو علمٍ لو أنّ الخضرَ أضحى |
لـديهِ صـاحباً لـن يستطيعا |
|
هـو الـداعي إلـيهِ باحتجاج |
فـلم يـدركْ لـدعوتهِ سميعا |
|
(فـلم أرَ مـثلَ ذاك اليوم يوماً |
ولـم أرَ مـثلهُ حـقّاً اُضيعا) |
|
وتـابعَ إثـرهُ شـبلاً عـرين |
بـعرعرةِ الـعلا أضحى منيعا |
|
فـمن حـسنٍ وأحمدَ كلّ فعل |
لـنا نـورُ الـنبيّ بدا لموعا |
|
هـداةٌ يـنتمونَ إلـى هـداة |
زكـتْ أعراقهم وزكوا فروعا |
وقال مرتجلاً يصف تلك الدار المذكورة حين دخلها ليلة النصف من شعبان سنة 1284 هـ.
أتـكثرُ فـي الأبصارِ هذي الثواقب |
وتـعظمُ لـلورادِ هـذي الـمشاربُ |
|
بـبيتِ ابـنِ مَنْ قامَ الوجودُ بسرّهم |
فـمن جـودِهمْ أنـهارهُ والـكواكبُ |
|
ولـو هـبطت وهو الصعود لبيتهم |
ذكـاءٌ ومـا مـنها الأشـعةُ كاسبُ |
|
وسـالت مـن الأنـهارِ ما قد أعدّه |
إلهُ الـورى لـلمتقينَ الأطـائبُ |
|
لـمـا كـانَ ذا إلاّ الـقليلُ بـحقّهم |
ومـا كـان إلاّ بعض ما هو واجبُ |
|
بـكاظمهم غـيظاً سما (حسن) العلا |
(وأحـمدهم) فـعلاً تـنالُ الرغائبُ |
|
فـتى لا يـرى للمالِ قدراً ولم يطع |
عـتاباً عـلى بـذلٍ وإن لجّ عاتبُ |
|
كـأنّ الـذي يـعطيهِ بـاقٍ بـكفّه |
وأنّ الـذي يـبقى وإنْ قـلَّ ذاهبُ |
|
فـتـى لا يـبالي إنْ تـفرّقَ مـاله |
وقـد جُـمعت فـيهِ لـديهِ المناقبُ |
|
ومـن عـجبٍ أنّى يُلام على الندى |
فـتى قـد نـمتهُ الأكرمونَ الأطائبُ |
|
إذا كـانتِ الأبـناء فـيها شـمائل |
لآبـائـها فـالأمـهاتُ نـجـائبُ |
|
ولـما رأى الأعـرابُ تعلي بيوتها |
وتـطلبُ فـخراً وهو نِعْمَ المطالبُ |
|
بـنى بـيتَ شعرٍ فيهِ يجتمعُ النهى |
وتـفخرُ أمـلاكُ السما لا الأعاربُ |
|
إذا قـلتهُ جـونُ الـسحابِ يقولُ لي |
صـه أينَ منّي في المنالِ السحائبُ |
|
إذا انـعقدت أبدت على الناسِ غيهباً |
وإنّـي الـذي تنجابُ عنهُ الغياهبُ |
كـأنّ عـمادي سـوقُ دوحٍ ثـماره |
وأوراقـهُ شـهبُ الـسماءِ الثواقبُ |
|
فـهـنّ رجومٌ لـلعدا وهـداية |
لـطلابِ نـهجِ الحقِّ والحقُّ لاحبُ |
|
وإنْ أنـسَ لا أنسَ الهمامَ أخا النهى |
فـتى كـنههُ عن طائرِ الفكرِ عازبُ |
|
لـهُ أسـوةٌ فـي كلّ داعٍ إلى الهدى |
وإن قـيلَ في الدعوى وحاشاهُ كاذبُ |
|
عـليهِ سـلامُ الـلّهِ مـا ذكرَ اسمه |
ووافـاهُ فـي أسـماءِ آبـاهِ خاطبُ |
|
ومـا أشـرقت شمسُ النهارِ بمشرق |
ومـا حـازها عندَ المساءِ المغاربُ |
وقال يصف تلك الدار في الليلة المذكورة وقد احتفل فيها بميلاد أحد سلاطين آل عثمان سنة 1286 ه
أضاءت ولا مثل النجوم الثواقب |
مصابيح بيت من بيوتات غالب |
|
مصابيح كانت للمحب هداية |
ولكن رجوماً للعدو المجانب |
|
ترى ضوءها أهل السماء كما ترى |
لدى الافق أهل الارض نور الكواكب |
|
ولو أنها في الافق كانت لما غشى |
جوانبه في الدهر لون الغياهب |
|
ولم يفتقر أفق السماء لكوكب |
سواها وقد أغنته عن كل ثاقب |
|
ولاحت ولا كالشمس تحت غمامة |
(بدا حاجب منها وضنت بحاجب) |
|
ولكنها لاحت كنار قراهم |
تحيى البرايا من جميع الجوانب |
|
يؤججها وهاجة في سما العلا |
فتى قد نمته الصيد من آل غالب |
|
أخو الهمة العلياء أحمد من غدا |
لاحمد ينمى أصله في المناسب |
|
ويترع عذباً خاله الناس كوثراً |
به فاز من قبل الظما كل شارب |
|
لدى ليلة لو مثلها كل ليلة |
أمنَّ الليالي موبقات النوائب |
|
سمت وتعالت رفعة بمسرة |
لمولى سما بالملك أعلى المراتب |
|
يؤدي لها ما كان فرضاً ومثله |
فتى ليس يلهو قط عن كل واجب |
|
يعظم في الدنيا شعائر دولة |
معظمة في شرقها والمغارب |
يواسي مليكا بالمسرة طالما |
يواسي رعاياه بجمّ الرغائب |
|
تقاسمه الناس المسرات مثلما |
تقاسمه أمواله في المواهب |
|
مليك له دان الملوك فأصبحت |
وهم بين راجي النيل منه وراغب |
|
أقول وقد أهديتها بدوية |
تتيه على من في بيوت الاعارب |
|
أبت كفؤها إلا ذوابة هاشم |
وفاقت علواً عن جميع الذوائب |
المراثى
قال يرثي الشهداء الذين قتلوا في وقعة نجيب باشا في كربلاء، ويتذمّر من الحكم التركي في ذلك العهد (1258 هـ) (1) ، ويندب الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).
أحـلـماً وديـنُ الـلّهِ أوشـكَ يٌـتلف |
وصـبراً وداعـي الشركِ يدعو ويهتفُ |
|
وحـتـى مـتى سـيفُ الإلـهِ مُـعَلّلٌ |
بـضـربِ طـلا أعـدائهِ ومـسوَّفُ |
|
هـو الـسيفُ مـا لم يألفِ الغمدَ نصله |
ومـا الـسيفُ سـيفٌ وهو للغمدِ يألفُ |
|
أمـا آن أن تُـحيي الـهدى بـعد موته |
بـيومٍ يـميت الـشمسَ نـقعاً ويكسفُ |
____________________
1 - وسبب هذه الحادثة أنّ جماعة من أهالي كربلاء يُقال لهم: (اليرمازية) شقّوا عصا الطاعة، وامتنعوا عن الخضوع ودفع الضرائب للحكومة، وذلك في عهد السلطان عبد المجيد خان؛ فزحف عليهم والي بغداد المشير محمد نجيب باشا بجيش جرّار بقيادة سعد اللّه باشا، فطلب منهم الوالي نزع السلاح والتسليم فأبوا ذلك، فوجّه المدافع على سور المدينة حتى أحدثت القنابل (ثغرة) في السور وذلك من جهة محلّة (باب الخان)، واستمر القتال لمدّة يومين، ونصحهم جماعة من رؤساء كربلاء وساداتها على أن يتركوا الاستمرار في التمرّد والعصيان فلم يحفلوا بتلك النصائح.
وفي اليوم الثالث خرج المحاربون من أهل المدينة إلى خارج البلد، واستنجدوا بجماعة من عشائر آل فتلة وآل يسار، فكان عددهم (ثلاثة آلاف) محارب، فاصطدم الجيش بالأهلين ثانية ودامت الحرب (21) يوماً، وانتهت يوم عيد الأضحى، وقد بلغ عدد القتلى (18) ألف قتيل أكثرهم من الزائرين والأبرياء المجاورين، وتاريخ هذه الحادثة جملة (غدير دم) سنة 1258، ودخل جيشه الصحن العباسي وقتل كلّ مَنْ لاذ بالمرقد، وارتكبوا كثيراً من الموبقات والجرائم التي يخجل منها جبين الإنسانية، وتمكّنوا بعد ذلك من الاستيلاء على كربلاء.
وقد ذكر هذه الحادثة جمع من المؤرّخين، وأكثرهم إلماماً بها السيد حسّون البراقي في كتابه تاريخ كربلاء المخطوط والموجود في مكتبتنا.