مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل8%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 314327 / تحميل: 5145
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

٣٢ -( باب تحريم إجارة المساكن والسفن للمحرمات)

[١٤٩٥١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من اكترى دابة أو سفينة، فحمل عليها المكتري خمرا أو خنازيرا أو ما يحرم(١) ، لم يكن على صاحب الدابة شئ، وان تعاقدا على حمل ذلك، فالعقد فاسد والكراء على ذلك حرام ».

٣٣ -( باب حكم بيع عذرة الانسان وغيره، وحكم الأبوال)

[١٤٩٥١] ١ - توحيد المفضل: برواية محمد بن سنان، عنه، عن الصادقعليه‌السلام قال: « فاعتبر بما ترى من ضروب المآرب في صغير الخلق وكبيره، وبما له قيمة وما لا قيمة له، وأخس من هذا وأحقره، الزبل والعذرة التي اجتمعت فيها الخساسة والنجاسة معا، وموقعها من الزرع(١) والبقول والخضر اجمع، الموقع الذي لا يعدله شئ، حتى أن كل شئ من الخضر لا يصلح ولا يزكو الا بالزبل والسماد، الذي يستقذره الناس ويكرهون الدنو منه، واعلم أنه ليس منزلة الشئ على حسب قيمته، بل هما قيمتان مختلفتان بسوقين، وربما كان الخسيس في سوق المكتسب نفيسا في سوق العلم، فلا تستصغر العبرة في الشئ لصغر قيمته، فلو فطنوا طالبوا الكيميا لما في العذرة، لاشتروها بأنفس الأثمان وغالوا بها ».

__________________

الباب ٣٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٨ ح ٢٢٩.

(١) في المصدر: حرم الله.

الباب ٣٣

١ - توحيد المفضل ص ١٦٤.

(١) في المصدر: الزروع.

١٢١

قلت: ويظهر من هذا الخبر، جواز الانتفاع بالعذرة النجسة بما لا محظور فيه، وهو غير مستلزم لجواز المعاوضة عليها، فلا يعارض ما دل على حرمتها وان ثمنها سحت.

٣٤ -( باب تحريم بيع الخشب ليعمل صليبا، وكذا التوت)

[١٤٩٥٣] ١ - الصدوق في المقنع: ولا بأس ببيع الخشب ممن يتخذه برابط(١) ، ولا يجوز بيعه لمن يتخذه صلبانا.

٣٥ -( باب تحريم معونة الظالمين ولو بمدة قلم، وطلب ما في أيديهم من الظلم)

[١٤٩٥٤] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن عثمان بن عيسى، عن رجل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام :( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (١) قال: « اما انه لم يجعلها خلودا، ولكن تمسكم النار فلا تركنوا إليهم ».

[١٤٩٥٥] ٢ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: باسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما قرب عبد من سلطان الا تباعد من الله، ولا(١) كثر ماله الا اشتد حسابه، ولا

__________________

الباب ٣٤

١ - المقنع ص ١٣٠.

(١) البربط: من الملاهي وآلات الغناء يشبه العوود. ( لسان العرب - بربط - ج ٧ ص ٢٥٨ ).

الباب ٣٥

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٦١ ح ٧٢.

(١) هود ١١ الآية ١١٣.

٢ - نوادر الراوندي ص ٤.

(١) في المصدر: وما.

١٢٢

كثر تبعه الا وكثر شياطينه» .

[١٤٩٥٦] ٣ - وبهذا الاسناد قال: قال عليعليه‌السلام : ثلاث من حفظهن كان معصوما من الشيطان الرجيم، ومن كل بلية: من لم يخل بامرأة ليس يملك منها شيئا، ولم يدخل على سلطان، ولم يعن صاحب بدعة ببدعة» .

ورواه في الجعفريات: عنه، مثله(١) .

[١٤٩٥٧] ٤ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من نكث بيعة، أو رفع لواء ضلالة، أو كتم علما، أو اعتقل مالا ظلما، أو أعان ظالما على ظلمه وهو يعلم أنه ظالم، فقد برئ من الاسلام ».

[١٤٩٥٨] ٥ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم وأبواب السلطان وحواشيها، وأبعدكم من الله من آثر سلطانا على الله، جعل الميتة في قلبه ظاهرة وباطنة، واذهب عنه الورع، وجعله حيران ».

[١٤٩٥٩] ٦ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أرضى سلطانا بما أسخط الله، خرج من دين الاسلام ».

[١٤٩٦٠] ٧ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة وأعوان الظلمة؟ من لاق(١) لهم دواة، أو ربط لهم كيسا أو مد لهم مدة، احشروه معهم ».

__________________

٣ - نوادر الراوندي ص ١٤.

(١) الجعفريات ص ٩٦.

٤ - نوادر الراوندي ص ١٧.

٥ - المصدر السابق ص ١٩.

٦ - المصدر السابق ص ٢٧.

٧ - نوادر الراوندي ص ٢٧.

(١) لاق الدواة: أصلح مدادها ( لسان العرب ج ١٠ ص ٣٣٤ ).

١٢٣

[١٤٩٦١] ٨ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الفقهاء امناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول الله فما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على أديانكم ».

[١٤٩٦٢] ٩ - عوالي اللآلي: وروي في حديث: انه دخل على الصادقعليه‌السلام رجل، فمت(١) له بالايمان انه من أوليائه، فولى عنه وجهه، فدار الرجل إليه وعاود اليمين، فولى عنه، فأعاد اليمين ثالثة، فقالعليه‌السلام له: « يا هذا من أين معاشك؟ » فقال: اني أخدم السلطان، واني والله لك محب فقالعليه‌السلام : « روي أبي، عن أبيه، عن جده، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من السماء من قبل الله عز وجل: أين الظلمة؟ أين أعوان الظلمة، أين من برى لهم قلما؟ أين من لاق لهم دواة؟ أين من جلس معهم ساعة؟ فيؤتى بهم جميعا، فيؤمر بهم ان يضرب عليهم بسور من نار، فهم فيه حتى يفرغ الناس من الحساب، ثم يؤمر بهم إلى النار ».

[١٤٩٦٣] ١٠ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « شر الناس من يعين على المظلوم» .

[١٤٩٦٤] ١١ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال لكميل: « يا كميل، لا تطرق أبواب الظالمين للاختلاط بهم والاكتساب معهم، وإياك ان تعظمهم، وتشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك »، الخبر.

__________________

٨ - نوادر الراوندي ص ٢٧.

٩ - عوالي اللآلي ج ٤ ص ٦٩ ح ٣١.

(١) مت إليه بقرابة أو غيرها: توسل وتوصل وتقرب ( لسان العرب ج ٢ ص ٨٨ ).

١٠ - غرر الحكم ودرر الكلم ج ١ ص ٤٤٧ ح ٦٤.

١١ - تحف العقول ص ١١٦.

١٢٤

ورواه عماد الدين الطبري في البشارة(١) : مسندا عنهعليه‌السلام ، مثله.

[١٤٩٦٥] ١٢ - أبو الفتح الكراجكي في كنزه: عن محمد بن أحمد بن شاذان، عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن زياد، عن المفضل بن عمر، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ملعون ملعون، عالم يؤم سلطانا جائرا، معينا على جوره ».

[١٤٩٦٦] ١٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من ترك معصية الله مخافة من الله، أرضاه الله يوم القيامة، ومن مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم، فقد خرج من الايمان ».

جامع الأخبار: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

[١٤٩٦٧] ١٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « شر(١) الناس المثلث(٢) » قيل: ( يا رسول الله )(٣) وما المثلث؟ قال: « الذي يسعى بأخيه إلى السلطان، فيهلك نفسه، ويهلك أخاه، ويهلك السلطان ».

[١٤٩٦٨] ١٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من مشى مع ظالم فقد أجرم ».

[١٤٩٦٩] ١٦ - وعن الباقرعليه‌السلام ، أنه قال: « العامل بالظلم، والمعين له،

__________________

(١) بشارة المصطفى ص ٢٦.

١٢ - كنز الكراجكي ص ٦٣.

١٣ - المصدر السابق ص ١٦٤.

(١) جامع الأخبار ص ١٨١.

١٤ - جامع الأخبار ص ١٨١.

(١) في المصدر: شرار.

(٢) في المصدر: الثلاث.

(٣) ليس في المصدر.

١٥، ١٦ - المصدر السابق ص ١٨١.

١٢٥

والراضي به، شركاء ثلاث» .

[١٤٩٧٠] ١٧ - الشيخ المفيد في الروضة: عن ابن أبي عمير، عن الوليد بن صبيح الكابلي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من سود اسمه في ديوان بني شيصبان(١) ، حشره الله يوم القيامة مسودا وجهه »، الخبر.

[١٤٩٧١] ١٨ - الصدوق في معاني الأخبار: عن علي بن عبد الله الوراق، عن سعد ابن عبد الله، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي عن الحسن بن سعيد، عن الحارث بن محمد بن النعمان، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال(١) : « قال عيسى بن مريمعليه‌السلام لبني إسرائيل: لا تعينوا الظالم على ظلمه، فيبطل فضلكم »، الخبر.

[١٤٩٧٢] ١٩ - شاذان بن جبرئيل القمي في الروضة والفضائل: بإسناده عن عبد الله بن مسعود، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث الاسراء، وما رآه مكتوبا على أبواب الجنة والنار - قال: « ورأيت على أبواب النار مكتوبا على الباب الأول - إلى أن قال - وعلى الباب الرابع مكتوب ثلاث كلمات: أذل الله من أهان الاسلام، أذل الله من أهان أهل البيت أذل الله من أعان الظالمين على ظلمهم للمخلوقين، وعلى الباب الخامس مكتوب ثلاث كلمات: لا تتبعوا الهوى فالهوى يخالف الايمان، ولا تكثر منطقك فيما لا يعنيك فتسقط من رحمة الله، ولا تكن عونا للظالمين ».

__________________

١٧ - روضة المفيد:

(١) الشيصبان: اسم للشيطان، وقيل: أبو قبيلة من الجن ( لسان العرب - شصب - ج ١ ص ٤٩٥ )، وهو كتاب عن ولاة الجور والطواغيت في تلك الأيام.

١٨ - معاني الأخبار ص ١٩٦ ح ٢، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٣٧٠ ح ٦.

(١) في المصدر زيادة: عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٩ - الروضة ص ١٤٨ ح ٢٣، والفضائل ص ١٦٢ باختلاف يسير

١٢٦

[١٤٩٧٣] ٢٠ - القطب الراوندي في لب اللباب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال لكعب بن عجرة: « أعاذك الله من امارة السفهاء، فمن دخل عليهم فصدقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منهم، ولن يرد علي الحوض يوم القيامة ».

[١٤٩٧٤] ٢١ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « ينادى يوم القيامة: أين الظلمة وأعوانهم؟ حتى من لاق لهم دواة، أو برى لهم قلما، تجمعون في تابوت، فتلقون في النار ».

[١٤٩٧٥] ٢٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « ما من عالم أتى باب سلطان طوعا، الا كان شريكه في كل لون يعذب في نار جهنم ».

[١٤٩٧٦] ٢٣ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من تعلم القرآن ثم تفقه في الدين، ثم أتى صاحب سلطان تملقا إليه وطمعا لما في يديه خاض، بقدر خطاه في نار جهنم ».

٣٦ -( باب تحريم مدح الظالم، دون رواية الشعر في غير ذلك)

[١٤٩٧٧] ١ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن نصر بن الصباح، عن إسحاق بن محمد البصري، عن جعفر بن محمد بن الفضيل، عن محمد بن علي الهمداني، عن درست بن أبي منصور قال: كنت عند أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وعنده الكميت بن زيد، فقال للكميت: « أنت الذي تقول:

فالآن صرت إلى أمية

والأمور إلى مصائر »

__________________

٢٠ - ٢٣ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٣٦

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٦٥ ح ٣٦٤.

١٢٧

قال: قد قلت ذلك(١) ، فوالله ما رجعت عن ايماني، واني لكم لموال، ولعدوكم لقال، ولكني قلته على التقية، قال: « اما لئن قلت ذلك، ان التقية تجوز في شرب الخمر ».

٣٧ -( باب تحريم صحبة الظالمين، ومحبة بقائهم)

[١٤٩٧٨] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن فضيل بن عياض، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ومن أحب بقاء الظالمين، فقد أحب ان يعصى الله، ان الله تبارك وتعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين، فقال:( فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (١) ».

[١٤٩٧٩] ٢ - علي بن عيسى في كشف الغمة: قال: قال ابن حمدون: كتب المنصور إلى جعفر بن محمدعليهما‌السلام : لم لا تغشانا كما يغشانا سائر الناس؟ فأجابه: « ليس لنا ما نخافك من اجله، ولا عندك من امر الآخرة ما نرجوك [ له ](١) ، ولا أنت في نعمة فنهنيك، ولا تراها نقمة فنعزيك بها، فما نصنع عندك؟ » قال: فكتب إليه: تصحبنا لتنصحنا، فأجابه: « من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك »، فقال المنصور: والله لقد ميز عندي منازل الناس، من يريد الدنيا ممن يريد الآخرة، وانه ممن يريد الآخرة لا الدنيا.

__________________

(١) في المصدر: « ذاك ».

الباب ٣٧

١ - تفسير القمي ج ١ ص ٢٠٠.

(١) الانعام ٦ الآية ٤٥.

٢ - كشف الغمة ج ٢ ص ٢٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٨

[١٤٩٨٠] ٣ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن النضر، عن محمد بن هاشم، عن رجل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ان قوما ممن آمن بموسى قالوا: لو اتينا عسكر فرعون وكنا فيه ونلنا منه، فإذا كان الذي نرجوه من ظهور موسى صرنا إليه، ففعلوا، فلما توجه موسى ومن معه هاربين، ركبوا دوابهم وأسرعوا في السير، ليوافوا موسى ومن معه فيكونوا معهم، فبعث الله ملائكة فضربت وجوه دوابهم فردتهم إلى عسكر فرعون، فكانوا فيمن غرق مع فرعون ».

٣٨ -( باب تحريم الولاية من قبل الجائر، الا ما استثني)

[١٤٩٨١] ١ - الشيخ المفيد في الروضة: عن صفوان قال: دخل على مولاي رجل فقالعليه‌السلام له: « أتتقلد لهم عملهم؟ » فقال: بلى يا مولاي، قال: « ولم ذلك؟ » قال: اني رجل علي عيلة، وليس لي مال، فالتفت إلى أصحابه ثم قال: « من أحب ان ينظر إلى رجل يقدر انه إذا عصى الله، رزقه وإذا أطاعه حرمه، فلينظر إلى هذا ».

[١٤٩٨٢] ٢ - السيد هبة الله في المجموع الرائق: عن الأربعين لمحمد بن سعيد، عن صفوان، عن الكاظمعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ان الله وعد من يتقلد لهم عملا، ان يضرب عليه سرادقا من نار، حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ».

[١٤٩٨٣] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « والعمل لائمة الجور ومن أقاموه، والكسب معهم، حرام محرم، ومعصية لله

__________________

٣ - بل الحسين بن سعيد في الزهد ص ٦٥ ح ١٧٢، وعنه في البحار ج ١٣ ص ١٢٧ ح ٢٦ و ج ٧٥ ص ٣٧٨ ح ٣٨.

الباب ٣٨

١ - الروضة للمفيد:

٢ - المجموع الرائق ص ١٧٦.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٨.

١٢٩

عز وجل» .

[١٤٩٨٤] ٤ - ( وعنه، عن آبائه، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) أنه قال في حديث: « وولاة [ أهل ](٢) الجور واتباعهم والعاملون لهم في معصية الله عز وجل، غير جائز(٣) لمن دعوه إلى خدمتهم [ و ](٤) العمل لهم وعونهم ولا القبول منهم» .

٣٩ -( باب جواز الولاية من قبل الجائر، لنفع المؤمنين، والدفع عنهم، والعمل بالحق بقدر الامكان)

[١٤٩٨٥] ١ - الشيخ المفيد في الروضة: عن أحمد بن محمد السياري، عن علي بن جعفرعليه‌السلام ، قال: كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام : ان قوما من مواليك يدخلون في عمل السلطان، ولا يؤثرون على إخوانهم، وان نابت أحدا من مواليك نائبة قاموا، فكتب: « أولئك هم المؤمنون حقا، عليهم مغفرة من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون ».

[١٤٩٨٦] ٢ - وعن ابن مسكان، عن الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يكون الرجل من إخواننا مع هؤلاء في ديوانهم، فيخرجون إلى بعض النواحي فيصيبون غنيمة، فقال: « يقضي منه حقوق إخوانه ».

[١٤٩٨٧] ٣ - وعن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن عيسى بن يقطين قال: كتب

__________________

٤ - المصدر السابق ج ٢ ص ٥٢٧ ح ١٨٧٦.

(١) في المصدر: « عن جعفر بن محمدعليه‌السلام ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: « جائزة ».

(٤) أثبتناه من المصدر.

الباب ٣٩

١ - الروضة للمفيد.

٢ - الروضة للمفيد.

٣ - الروضة للمفيد.

١٣٠

علي بن يقطين إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، في الخروج عمل السلطان، فأجابه: « اني لا أرى لك الخروج من عمل السلطان، فان لله عز وجل بأبواب الجبابرة من يدفع بهم عن أوليائه، وهم عتقاؤه من النار، فاتق الله في إخوانك » أو كما قال.

[١٤٩٨٨] ٤ - وعن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته من عمل السلطان والدخول معهم، قال: « لا بأس، إذا وصلت إخوانك، وعضدت أهل ولايتك ».

[١٤٩٨٩] ٥ - وعن حماد بن عثمان، عن معاوية بن عمار قال: كان عند أبي عبد اللهعليه‌السلام جماعة فسألهم: « هل فيكم من يدخل في عمل السلطان لإخوانه وادخال المنافع عليهم؟» قال: لا نعرف ذلك قال: « إذا كانوا كذلك فابرؤوا منهم» .

[١٤٩٩٠] ٦ - وعن الوليد بن صبيح الكابلي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من سود اسمه في ديوان بني شيصبان، حشره الله يوم القيامة مسودا وجهه، الا من دخل في امرهم على معرفة وبصيرة، وينوي الاحسان إلى أهل ولايته» .

[١٤٩٩١] ٧ - وعن محمد بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن عمل السلطان، والدخول معهم، وما عليهم فيما هم فيه، قال: « لا بأس به إذا واسى إخوانه، وأنصف المظلوم، وأغاث الملهوف من أهل ولايته ».

[١٤٩٩٢] ٨ - وعن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب قال: استأذن رجل أبا الحسن موسىعليه‌السلام في اعمال السلطان، فقال: « لا، ولا قطة قلم، الا لاعزاز مؤمن أو فك اسره، ثم قال له: كفارة أعمالكم الاحسان إلى إخوانكم ».

[١٤٩٩٣] ٩ - وعن محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين قال: قال أبو الحسن موسى

__________________

٤ - ٩ - الروضة للمفيد:

١٣١

عليه‌السلام : « ان الله خلق قوما من أوليائه مع أعوان الظلمة وولاة الجور، يدفع بهم عن الضعيف ويحقن بهم الدماء ».

[١٤٩٩٤] ١٠ - وعن الفضل بن عبد الرحمن الهاشمي قال: كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، استأذنه في أعمال السلطان، فقال: « لا بأس به ما لم يغير حكما، ولم يبطل حدا وكفارته قضاء حوائج إخوانكم ».

[١٤٩٩٥] ١١ - وعن صفوان قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « من كان ذا صلة لأخيه المؤمن عند سلطانه، أو تيسير عسير له، أعين على إجازة الصراط يوم تدحض الاقدام ».

[١٤٩٩٦] ١٢ - وفي كتاب الاختصاص: عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن سدير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: « الا أبشرك »، قال: قلت: بلى، جعلت(١) فداك، قال: « اما انه ما كان من سلطان جور فيما مضى ولا يأتي [ بعد ](٢) الا ومعه ظهير من الله يدفع عن أوليائه شرهم به ».

[١٤٩٩٧] ١٣ - البحار، عن كتاب قضاء الحقوق لأبي علي بن طاهر الصوري قال: قال رجل من أهل الري: ولي علينا بعض كتاب يحيى بن خالد، وكان علي بقايا يطالبني بها، وخفت من الزامي إياها(١) خروجا من(٢) نعمتي، وقيل لي: انه ينتحل هذا المذهب، فخفت ان أمضي إليه فلا يكون كذلك، وأقع فيما لا أحب، فاجتمع رأيي على أن(٣) هربت إلى الله تعالى، وحججت ولقيت مولاي الصابر - يعني موسى بن جعفرعليهما‌السلام - فشكوت حالي إليه - فاصحبني

__________________

١٠ - ١١ - الروضة للمفيد:

١٢ - الاختصاص ص ٢٦١.

(١) في المصدر: جعلني الله.

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٣ - البحار ج ٤٨ ص ١٧٤ ح ١٦ عن كتاب قضاء الحقوق حديث رقم ٢٤.

(١) في الحجرية: إليها، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « عن ».

(٣) في المصدر: « اني ».

١٣٢

مكتوبا نسخته: « بسم الله الرحمن الرحيم، اعلم أن لله ظلا تحت عرشه لا يسكنه الا من أسدى إلى أخيه معروفا، أو نفس عنه كربة، أو ادخل على قلبه سرورا، وهذا أخوك، والسلام » قال: فعدت من الحج إلى بلدي، ومضيت إلى الرجل ليلا واستأذنت عليه، وقلت: رسول الصابر، فخرج إلي حافيا ماشيا، ففتح لي بابه وقبلني وضمني إليه، وجعل يقبل عيني(٤) ، ويكرر ذلك كلما سألني عن رؤيته، وكلما أخبرته بسلامته وصلاح أحواله، استبشر وشكر الله تعالى، ثم أدخلني داره وصدرني في مجلسه، وجلس بين يدي فأخرجت إليه كتابهعليه‌السلام فقبله قائما وقرأه، ثم استدعى بماله وثيابه فقاسمني دينارا دينارا، ودرهما درهما، وثوبا ثوبا، وأعطاني قيمة ما لم يمكن قسمته، وفي كل شئ من ذلك يقول: [ يا أخي ](٥) هل سررتك؟ فأقول: أي والله، وزدت على السرور، ثم استدعى العمل فأسقط ما كان باسمي، وأعطاني براءة مما يتوجبه علي منه، وودعته وانصرفت عنه، فقلت: لا أقدر على مكافأة هذا الرجل الا بان أحج في قابل وأدعو له، والقى الصابرعليه‌السلام واعرفه فعله، ففعلت ولقيت مولاي الصابرعليه‌السلام وجعلت أحدثه ووجهه يتهلل فرحا، فقلت: يا مولاي هل سرك ذلك؟ فقال: « اي والله لقد سرني وسر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والله لقد سر جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله لقد سر الله تعالى ».

[١٤٩٩٨] ١٤ - ورواه السيد هبة الله المعاصر للعلامة في المجموع الرائق: عن الأربعين لمحمد بن سعيد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن جده، باختلاف دعانا إلى تكراره، قال: ولي علينا رجل بالأهواز، من كتاب يحيى بن خالد، وكان علي بقايا من خراج، كان فيه زوال نعمتي وخروجي من ملكي، فقيل لي: انه ينتحل هذا الامر، فخشيت ان ألقاه، مخافة أن لا يكون على ما بلغني، فاقع

__________________

(٤) في المصدر: « بين عيني ».

(٥) أثبتناه من المصدر.

١٤ - المجموع الرائق ص ١٧٦.

١٣٣

فيما لا يتهيأ لي الخلاص منه، وخرجت منه هاربا إلى مكة، فلما قضيت حجي جعلت طريقي(١) المدينة، فدخلت على الصادقعليه‌السلام فقلت له: يا سيدي، انه ولي بلدي فلان بن فلان، وبلغني انه يومئ إليكم، ويتولاكم أهل البيت، وقد بلغني امره، فخشيت ان ألقاه، مخافة أن لا يكون ما بلغني حقا، ويكون فيه خروج ملكي وزوال نعمتي، فخرجت(٢) منه إلى الله تعالى واليكم، فقال: « لا بأس عليك » وكتب رقعة صغيرة: « بسم الله الرحمن الرحيم، ان لله في ظل عرشه ظلالا لا يملكها(٣) الا من نفس عن أخيه المؤمن كربة، أو أعانه بنفسه،(٤) أو صنع إليه معروفا ولو بشق تمرة، وهذا أخوك، والسلام »، ثم ختمها(٥) ودفعها إلي، وأمرني ان أوصلها إليه، فلما رجعت إلى بلدي صرت ليلا إلى منزله، فاستأذنت عليه وقلت: رسول الصادقعليه‌السلام بالباب، فإذا أنا به قد خرج إلي حافيا فلما ( بصر بي )(٦) سلم علي(٧) وقبل ما بين عيني، ثم قال: يا سيدي، أنت رسول مولاي، قلت: نعم، قال: فداك عيني ان كنت صادقا، فأخذ بيدي فقال لي: [ يا ](٨) سيدي، كيف خلفت مولاي؟ قلت: بخير، قال: الله، قلت: والله، حتى أعادها إلي ثلاثا، ثم ناولته الرقعة فقرأها وقبلها ووضعها على عينيه، ثم قال: يا أخي، مر بأمرك، قلت: علي في جريدتك كذا وكذا ألف درهم، وفيه عطبي وهلاكي، فدعا بالجريدة فمحا عني كل(٩) ما كان فيها، وأعطاني براءة منها، ثم دعا بصناديق ماله فناصفني عليها،

__________________

(١) في المصدر زيادة: إلى.

(٢) في المصدر: فهربت.

(٣) في نسخة: لا يسلكها.

(٤) في المصدر زيادة: أو ماله.

(٥) في المصدر زيادة: بخاتمه.

(٦) في المصدر: أبصرني.

(٧) في الطبعة الحجرية: إلي، وما أثبتناه من المصدر.

(٨) أثبتناه من المصدر.

(٩) في المصدر: جميع.

١٣٤

ثم دعا بدوابه فجعل يأخذ دابة ويعطيني دابة، ودعا ثيابه [ فجعل ](١٠) يأخذ ثوبا ويعطيني ثوبا، حتى شاطرني جميع ملكه، وجعل يقول: يا أخي، هل سررت؟ فأقول: اي والله، وزدت على السرور، فلما كان أيام الموسم قلت: لا كافأت هذا الأخ بشئ أحب إلى الله ورسوله من الخروج إلى الحج والدعاء له، والمصير إلى مولاي وسيدي وشكره عنده، ومسألة الدعاء له، فخرجت إلى مكة وجعلت طريقي على مولاي، فلما دخلت عليه رأيت السرور في وجهه، وقال: « يا فلان ما خبرك مع الرجل؟ » فجعلت أورد عليه خبري معه، وجعل يتهلل وجهه ويبين السرور فيه، فقلت: يا سيدي، سرك فيما أتاه إلي سره الله في جميع أموره، فقال: « اي والله، لقد سرني، والله لقد سر آبائي، والله لقد سر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والله لقد سر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله لقد سر الله تعالى في عرشه ».

« ورواه أحمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي(١١) : عن الحسن بن علي بن يقطين، مثله باختلاف يسير، وحيث إن الظاهر اتحاد الخبرين، فالظاهر أن الاشتباه فيما في الأربعين والعدة، وان الامام الموجود فيه هو الكاظم لا الصادقعليهما‌السلام ، وسبب الاشتباه لعله من كلمة الصابر في الخط القديم، أو توهم انه لقب الصادقعليه‌السلام ، ووجه الظهور كون يحيى بن خالد في أيام الرشيد لا المنصور، كما لا يخفى ».

[١٤٩٩٩] ١٥ - السيد هبة الله في الكتاب المذكور: عن الأربعين لأبي الفضل محمد ابن سعيد، عن صفوان بن مهران الجمال قال: دخل زياد بن مروان العبدي على مولاي موسى بن جعفرعليهما‌السلام فقال: لزياد: « أتقلد لهم عملا؟ » فقال بلى يا مولاي، فقال: « ولم ذاك؟ » قال فقلت: يا مولاي، اني رجل لي مروءة،

__________________

(١٠) أثبتناه من المصدر.

(١١) عدة الداعي ص ١٧٩.

١٥ - المجموع الرائق ص ١٧٦.

١٣٥

[ و ](١) علي عيلة، وليس لي مال، فقالعليه‌السلام : « يا زياد، والله لئن أقع من السماء إلى الأرض فانقطع قطعا، ويفصلني الطير بمناقيرها مفصلا مفصلا، لأحب إلي من أن أتقلدهم عملا » فقلت: إلا لماذا؟ فقال: « الا لاعزاز مؤمن، أو فك اسره، ان الله وعد من يتقلد لهم عملا، ان يضرب عليه سرادقا من نار حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، فامض واعزز من إخوانك واحدا، والله من وراء ذلك يفعل ما يشاء ».

[١٥٠٠٠] ١٦ - وعن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ان الله عز وجل مع ولاة الجور أولياء يدفع بهم عن أوليائه، أولئك هم المؤمنون حقا ».

[١٥٠٠١] ١٧ - وعن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ما من سلطان الا ومعه من يدفع الله به عن المؤمنين، أولئك أوفر حظا في الآخرة ».

[١٥٠٠٢] ١٨ - وفيه: قال شكا رجل إلى أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: شيعة ولد الحسين أخيك أكثر مالا منكم، وأنتم تشكون الحاجة، قال: « أولئك يتعرضون للسلطان وعمله، ونحن لا نتعرض له، قال: إذا دخلتم في عمل السلطان، فتصلون إخوانكم وتدفعون عنهم » قال: منا من يفعل ذلك، قال: « إذا دفعتم عن إخوانكم ووصلتموهم وعضدتموهم وواسيتموهم فلا بأس، وإن لم تفعلوا ذلك فلا ولا كرامة ».

[١٥٠٠٣] ١٩ - وعن علي بن جعفرعليهما‌السلام قال: كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام : ان قوما من مواليك يدخلون في عمل السلطان، فلا يؤثرون على إخوانهم أحدا، وان نابت أحدا مواليك نائبة قاموا بها، فكتب: « أولئك هم المؤمنون حقا، عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون ».

[١٥٠٠٥] ٢٠ - وعن الجبلي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يكون الرجل من أصحابنا مع هؤلاء في ديوانهم، فيخرجون إلى بعض النواحي فيصيبون غنيمة،

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

١٦ - ٢٠ - المجموع الرائق ص ١٧٦، ١٧٧.

١٣٦

قال: « يقضي منها إخوانه ».

[١٥٠٠٥] ٢١ - وعن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن عمل السلطان، والدخول معهم فيما هم فيه، فقال: « لا بأس، إذا وصلت إخوانك، وعدت أهل ولايتك ».

[١٥٠٠٦] ٢٢ - وعن عمار قال: كان عند أبي عبد اللهعليه‌السلام جماعة، فسألهم: « هل فيكم من يدخل في عمل السلطان؟ » قالوا: ربما دخل الرجل منا فيه، قال: « كيف مواساة من دخل في عمل السلطان لإخوانهم؟ وادخالهم المنافع عليهم؟ » قالوا: لا نعرف ذلك منهم، قال: « إذا كانوا كذلك فابرؤوا منهم ».

[١٥٠٠٧] ٢٣ - وعن علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : « اضمن لي واحدة اضمن لك ثلاثا: اضمن لي انه لا يأتي أحد من موالينا في دار الخلافة، الا قمت له بقضاء حاجته، اضمن لك: أن لا يصيبك حر السيف أبدا، ولا يظلك سقف سجن ابدا، ولا يدخل الفقر بيتك أبدا» قال الحسن: فذكرت لمولاي كثرة تولي أصحابنا اعمال السلطان، واختلاطهم بهم، قال: « ما يكون أحوال إخوانهم معهم؟» قلت: مجتهد ومقصر، قال: « من أعز أخاه في الله، وأهان أعداءه في الله، وتولى ما استطاع نصيحته، أولئك يتقلبون في رحمة الله، ومثلهم مثل طير يأتي بأرض الحبشة في كل صيفة يقال له: القدم، فيبيض ويفرخ بها، فإذا كان وقت الشتاء، صاح بفراخه فاجتمعوا إليه وخرجوا معه من أرض الحبشة، فإذا قام قائمناعليه‌السلام ، اجتمع(١) أولياؤنا من كل

__________________

٢١ - المجموع الرائق ص ١٧٧.

٢٢ - المصدر السابق ص ١٧٧.

٢٣ - المصدر السابق ص ١٧٧.

(١) في المصدر زيادة: إليه.

١٣٧

أوب، ثم تمثل بقول عبد المطلب:

فإذا ما بلغ الدور إلى

منتهى الوقت أتى طير القدم

بكتاب فصلت آياته

وبتبيان أحاديث الأمم ».

 [١٥٠٠٨] ٢٤ - وعن حمران بن أعين، عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: « ما من دولة يتداول من الدول، الا ولنا ولأوليائنا فيها ناصر، يتقربون إليه بحوائجهم، فإن كان فيها مسرعا كان لنا وليا من السلطان بريئا، وإن كان فيها متوانيا كان منا بريئا، وللسلطان وليا ».

[١٥٠٠٩] ٢٥ - وعن صفوان بن مهران قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إذ دخل عليه رجل من الشيعة، فشكا إليه الحاجة، فقال له: « ما يمنعك من التعرض للسلطان فتدخل في بعض اعماله؟ » فقال: انكم حرمتموه علينا، فقال: « خبرني عن(١) السلطان لنا أو لهم؟ » قال: بل لكم، قال: « أهم الداخلون علينا، أم نحن الداخلون عليهم؟ » قال: بل هم الداخلون عليكم، قال: « فإنما هم قوم اضطروكم فدخلتم في بعض حقكم » فقال: ان لهم سيرة واحكاما، قالعليه‌السلام : « أليس قد اجرى لهم الناس على ذلك؟ » قال: بلى، قال: « اجروهم عليهم في ديوانهم، وإياكم وظلم مؤمن ».

[١٥٠١٠] ٢٦ - الكشي في رجاله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « من أحللنا له شيئا [ أصابه ](١) من اعمال الظالمين فهو له حلال، لان الأئمة منا مفوض إليهم، فما أحلوا فهو

__________________

٢٤ - المجموع الرائق ص ١٧٧.

٢٥ - المصدر السابق ص ١٧٦.

(١) في المصدر زيادة: حق.

٢٦ - بل الصفار في بصائر الدرجات ص ٤٠٤ ح ٣ وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٣٨٣ ح ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٣٨

حلال، وما حرموا فهم حرام ».

ورواه الشيخ المفيد في الإختصاص(٢) : عن محمد بن خالد الطيالسي، عن ابن عميرة، مثله.

٤٠ -( باب وجوب رد المظالم إلى أهلها ان عرفهم، والا تصدق بها)

[١٥٠١١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في حديث: « فمن نال من رجل شيئا من عرض أو مال، وجب عليه الاستحلال من ذلك، والانفصال(١) من كل ما كان منه إليه، وإن كان قد مات فليتنصل [ من ](٢) المال إلى ورثته - إلى أن قالعليه‌السلام - وإن لم يعرف أهلها، تصدق بها عنهم على الفقراء والمساكين ».

[١٥٠١٢] ٢ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا عدل أفضل(١) من رد المظالم ».

وباقي اخبار الباب تقدم في أبواب جهاد النفس.

٤١ -( باب جواز قبول الولاية من قبل الجائر مع الضرورة والخوف، وجواز إنفاذ امره بحسب التقية، الا في القتل المحرم)

[١٥٠١٣] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن الحسن بن موسى قال:

__________________

(٢) الاختصاص ص ٣٣٠.

الباب ٤٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٥.

(١) في المصدر: « والتنصل ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - الغرر ج ٢ ص ٨٥١ ح ٤٠٤.

(١) في المصدر: « أنفع ».

الباب ٤١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٨٠ ح ٣٨.

١٣٩

روى أصحابنا عن الرضاعليه‌السلام ، قال: قال له رجل: أصلحك الله، كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟ وكأنه أنكر ذلك عليه، فقال له أبو الحسن: « يا هذا، أيهما أفضل النبي أو الوصي؟ فقال: لا، بل النبي، قال: فأيهما أفضل مسلم أو مشرك؟ قال: لا، بل مسلم، قال: فان العزيز - عزيز مصر - كان مشركا، وكان يوسفعليه‌السلام نبيا، وان المأمون مسلم وأنا وصي، ويوسف سأل العزيز ان يوليه حتى قال:( اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) (١) والمأمون اجبرني على ما أنا فيه ».

[١٥٠١٤] ٢ - الشيخ المفيد في الارشاد: أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد قال: حدثنا جدي قال: حدثني موسى بن سلمة قال: كنت بخراسان مع محمد ابن جعفر، فسمعت ان ذا الرئاستين خرج ذات يوم وهو يقول: واعجباه! وقد رأيت عجبا، سلوني ما رأيت، فقالوا: وما رأيت، أصلحك الله؟ قال: رأيت المأمون أمير المؤمنين يقول لعلي بن موسىعليهما‌السلام : قد رأيت أن أقلدك أمور المسلمين وافسخ ما في رقبتي واجعله في رقبتك، ورأيت علي بن موسىعليهما‌السلام يقول: « يا أمير المؤمنين، لا طاقة لي بذلك ولا قوة » فما رأيت خلافة قط كانت أضيع منها، ان أمير المؤمنين يتفصى منها(١) ويعرضها على علي بن موسىعليهما‌السلام وعلي بن موسى يرفضها، ويأباها.

[١٥٠١٥] ٣ - وفيه مرسلا: وكان المأمون قد انفذ إلى جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة: وفيهم الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام فاخذ بهم على طريق البصرة حتى جاء بهم، وكان المتولي لأشخاصهم المعروف بالجلودي، فقدم بهم على المأمون، فأنزلهم دارا، وانزل الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام دارا، وأكرمه وعظم أمره، ثم انفذ إليه: اني أريد ان اخلع نفسي من الخلافة

__________________

(١) يوسف ١٢ الآية ٥٥.

٢ - ارشاد المفيد ص ٣١٠.

(١) تفصى من الشئ: تخلص ( لسان العرب ج ١٥ ص ١٥٦ ).

٣ - المصدر السابق ص ٣٠٩.

١٤٠

وأقلدك إياها، فما رأيك في ذلك؟ فأنكر الرضاعليه‌السلام هذا الامر، وقال له: « أعيذك بالله - يا أمير المؤمنين - من هذا الكلام، وان يسمع به أحد » فرد عليه الرسالة: فإذا أبيت ما عرضت عليك، فلا بد من ولاية العهد من بعدي، فأبى عليه الرضاعليه‌السلام إباء شديدا، فاستدعاه إليه وخلا به معه الفضل بن سهل ذو الرئاستين، وليس في المجلس غيرهم، وقال له: اني قد رأيت أن أقلدك امر المسلمين، وافسخ ما في رقبتي واضعه في رقبتك فقال له الرضاعليه‌السلام : « الله الله - يا أمير المؤمنين - انه لا طاقة لي بذلك، ولا قوة لي عليه » قال: فاني موليك العهد من بعدي، فقال له: « اعفني من ذلك، يا أمير المؤمنين » فقال له المأمون كلاما فيه كالتهدد له على الامتناع عليه، فقال له في كلامه: ان عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة، أحدهم جدك علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وشرط فيمن خالف منهم أن يضرب عنقه، ولا بد من قبولك ما أريده منك، فاني لا أجد محيصا عنه، فقال له الرضاعليه‌السلام : « فاني مجيبك إلى ما تريد من ولاية العهد، على انني لا آمر ولا انهى، ولا أفتي ولا أقضي، ولا أولي ولا أعزل، ولا أغير شيئا مما هو قائم »، فأجابه المأمون إلى ذلك كله.

[١٥٠١٦] ٤ - وفي الاختصاص: عن محمد بن عيسى، عن أخيه جعفر بن عيسى، عن إسحاق بن عمار قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الدخول في عمل السلطان، فقال: « هم الداخلون عليكم، أم أنتم الداخلون عليهم؟ »، فقال: لا بل هم الداخلون علينا، قال: « لا بأس بذلك ».

٤٢ -( باب ما ينبغي للولي العمل به، في نفسه، ومع أصحابه، ومع رعيته)

[١٥٠١٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن علي ( صلوات الله عليه )، أنه قال: « بعث

__________________

٤ - الاختصاص ص ٢٦١.

الباب ٤٢

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٥٠.

١٤١

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سرية، واستعمل عليها(١) رجلا من الأنصار، وأمرهم ان يطيعوه، ولما كان ذات يوم غضب عليهم فقال: أليس قد امركم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان تطيعوني؟ قالوا: نعم، قال: فاجمعوا حطبا، فجمعوه فقال: اضرموا نارا، ففعلوا، فقال لهم ادخلوها، فهموا بذلك، ثم جعل بعضهم يمسك بعضا، ويقولون: إنما فررنا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من النار، فما زالوا [ كذلك ](٢) حتى خمدت النار، وسكن غضب الرجل، فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: « لو دخلوها لما خرجوا منها إلى يوم القيامة، إنما الطاعة في المعروف ».

[١٥٠١٨] ٢ - وعن علي ( صلوات الله عليه )، انه ذكر عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليعليه‌السلام قال الذي حدثناه: أراه من كلام عليعليه‌السلام ، الا انا رويناه انه رفعه، فقال: « عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عهدا كان فيه - بعد كلام ذكره، ثم قال ( صلوات الله عليه ) -:

فيما يجب على الأمير من محاسبة نفسه:

أيها الملك المملوك، اذكر ما كنت فيه وانظر إلى ما صرت إليه، واعتقد لنفسك ما تدوم، واستدل بما كان على ما يكون، وابدأ بالنصيحة لنفسك، وانظر في امر خاصتك، وفي معرفة ما عليك ولك، فليس شئ أدل لامرئ على ما له عند الله من اعماله، ولا على ما له عند الناس من آثاره، فاتق الله في خاصة(١) نفسك، وراقبه فيما حملك، وتعبد له بالتواضع إذ رفعك، فان التواضع طبيعة العبودية، والتكبر من أخلاق(٢) الربوبية، ولا تميلن بك عن القصد رتبة تروم بها ما ليس لك، ولا تبطرن نعم الله عليك عن اعظام حقه،

__________________

(١) في المصدر: « عليهم ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٥٠.

(١) في المصدر زيادة: أمورك و.

(٢) في المصدر: حالات.

١٤٢

فان حقه لن يزداد عليك الا عظما، ولا تكونن كأنك بما أحدث الله لك من الكرامة، ترى أنه اسقط عنك شيئا من فرائضه، وانك استحققت عليه وضع الصعاب عنك، فتنهمك في بحور الشهوات، فإنك ان تفعل ( همدت وزر )(٣) ذلك على قلبك، وتذمم عواقب ما فاتك من امرك، فاعرف قدرك وما أنت إليه صائر، واذكر ذلك حق ذكره، وأشعر قلبك الاهتمام به، فإنه من اهتم بشئ أكثر ذكره، وأكثر التفكر فيما تصنع، وفي من يشاركك فيما تجمع، فإنك لست مجاوزا في غاية المنتهى أجل بعض أخدانك(٤) ، والساعة تأتي من ورائك، وليس الذي تبلغ به قضاء ما يحق عليك بقاطع عنك شيئا من لذاتك التي تحل لك ما لم تجاوز في ذلك قصد مال يكفيك، إلى فضول ما لا يصل من نفعه إليك، الا ما أنت عليه في غاية من الغناء، فتحمل بنفسك ما ليس غايتك منه الا حظ عينك، وما وراء ذلك منفعة لغيرك، فيقصر في ذلك أملك، وليعظم من عواقبه وجلك ».

ذكر ما فيه موعظة الأمير لمن كان قبله:

انظر أيها الملك(٥) المملوك، أين آباؤك وأين الملوك من أعدائك؟ الذين أكلوا الدنيا منذ كانت، فإنما تأكل ما أسأروا(٦) ، وتدير ما أداروا، وأين كنوزهم التي جمعوا؟ وأجسادهم التي نعموا؟ وأبناؤهم الذين كرموا؟ هل ترى أقل منهم عقبا؟ واخمد(٧) منهم ذاكرا؟ واذكر ما كنت تأمل من الاحسان ان أحسن الله إليك، ولا يغلبنك هواك على حظك، ولا تحملنك رقتك على الولد على أن تجمع لهم ما لا يحول دون شئ قضاه الله عليهم، وأراد بلوغه فيهم، فتهلك نفسك

__________________

(٣) في المصدر: يشتدرون، والظاهر أنه مصحف يشتد درن.

(٤) الأخدان: جمع خدن وهو الصديق ( لسان العرب « خدن »ج ١٣ ص ١٣٩ ).

(٥) في المصدر: المملك.

(٦) السؤر: بقية الشئ، وأسأر من شرابه أو طعامه أبقى منه بقية ( لسان العرب « سأر » ج ٤ ص ٣٣٩ ).

(٧) في المصدر: وأخمل.

١٤٣

في امر غيرك، وتشقيها في نعيم من لا ينظر لك، [ ولذات ](٨) من لا يألم لألمك، اذكر الموت وما تنظر من فجأة نقماته، ولا تأمن من عاجل نزوله بك، وأكثر ذكرك زوال امر الدنيا، وانقلاب دهرها، وما قد رأيت من تغير حالاتها بك وبغيرك، انك كنت حديثا من عرض الناس، وكنت تعيب بذبح الملوك وتجبرهم في سلطانهم، وتكبرهم على رعيتهم، وتسرعهم إلى السطوة، وافراطهم في العقوبة، وتركهم العفو والرحمة، وسوء ملكتهم، ولزوم(٩) غلبتهم، وجفوتهم لمن تحت أيديهم، وقلة نظرهم في امر معادهم، وطول غفلتهم عن الموت، وطول رغبتهم في الشهوات، وقلة ذكرهم للخطيئات(١٠) ، وتفكرهم في نقمات الجبار، وقلة انتفاعهم بالعبر، وطول أملهم(١١) للغير، وقلة اتعاظهم بما جرى عليهم من صروف التجارب، ورغبتهم في الاخذ وقلة اعطائهم للواجب، وطول قسوتهم على الضعفاء، والايثار لخواصهم والاستئثار، والاغماض ولزوم الاصرار، وغفلتهم عما خلقوا له، واستخفافهم بما أمروا(١٢) وتضييعهم لما حملوا، أفنصيحة كانت عيب ذلك منك عليهم واستقباحه منهم؟ أو نفاسة لما كانوا فيه عليهم؟ فإن كان ذلك نصيحة، فأنت اليوم أولى بالنصيحة لنفسك، وان كانت نفاسة، فهل معك أمان من سطوات الله؟ أم عندك منعة تمتنع بها من عذاب الله؟ أم استغنيت بنعمة الله عليك عن تحري رضاه؟ أو قويت بكرامته إياك على الاصحار(١٣) لسخطه، والاصرار على معصيته؟ أم هل لك مهرب يحرزك منه؟ أم(١٤) رب غيره تلجأ إليه؟ أم لك صبر على احتمال نقماته؟ أم أصبحت ترجو دائرة من دوائر الدهور تخرجك من قدرته إلى قدرة غيره!؟ فأحسن النظر في

__________________

(٨) أثبتناه من المصدر.

(٩) في المصدر: ولؤم.

(١٠) في المصدر: للحسنات، وبعدها زيادة: وقلة.

(١١) في المصدر: أمنهم.

(١٢) في المصدر: عملوا.

(١٣) في نسخة: الأصحاب.

(١٤) في المصدر زيادة: لك.

١٤٤

ذلك لنفسك، واعمل فيه بعقلك وهمك، وأكثر عرضه على قلبك، واعلم أن الناس ينظرون من امرك إلى مثل ما كنت تنظر فيه من امر من كان في مثل حالك من قبلك، ويقولون فيك(١٥) ما كنت تقوله فيهم، انظر أين الملوك وأين ما جمعوا؟ مما دخلت عليهم المعائب، وبه قيلت فيهم الأقاويل، ماذا شخصوا به معهم منه؟ وماذا بقي لمن بعدهم؟ فاذكر حالك وحال من تقدمك ممن كان في مثل حالك، وما جمع وكنز، هل بقيت له تلك الكنوز حين أراد الله نزعها منه؟ وهل ضرك إذ كنت لا كنز لك حين أراد الله صرف هذا الامر إليك؟ فلا ترى ان الكنوز تنفعك، ولا تثق بها ليومك فيما تأمل نفعه في غدك، بل لتكن أخوف الأشياء عندك وأوحشها لديك عاقبة، وليكن أحب الكنوز إليك وأوثقها عندك نفعا وعائدة، الاستكثار من صالح الاعمال واعتقاد صالح الآثار، فإنك ان تعمل هواك في ذلك وتصرفه من غيره، يقلل همك ويطيب عيشك وينعم بالك، ولتكن قرة عينك بالزهد وصالح الآثار، أفضل من قرة عيون أهل الجمع بالجمع، عليك بالقصد فيما تجمع وفيما تنفق، ولا تعدن الاستكثار من جمع الحرام قوة، ولا كثرة الاعطاء في غير حق جودا، فان ذلك يجحف(١٦) بعضه ببعض، ولكن القوة والجود ان تملك هواك شح(١٧) النفس بأخذ ما يحل لك، وسخاء النفس باعطاء ما يحق عليك، انتفع في ذلك بعلمك، واتعظ فيه بما قد رأيت من أمور غيرك، وخاصم نفسك عند كل امر تورده وتصدره، خصومة عامد(١٨) للحق جهده، ينتصف(٩) لله وللناس من نفسه، غير موجب لها العذر حيث لا عذر، ولا منقاد للهوى في ورطات الردى، فان عاجل الهوى لذيذ، وله غب وخيم.

__________________

(١٥) في المصدر زيادة: مثل.

(١٦) في الطبعة الحجرية: « يخفف » وما أثبتناه من المصدر.

(١٧) في الطبعة الحجرية: « سخاء » وما أثبتناه من المصدر.

(١٨) في المصدر: عامل.

(١٩) في نسخة: منصف.

١٤٥

في أمر الأمراء بالعدل في رعاياهم والانصاف من أنفسهم:

اشعر قلبك الرحمة لرعيتك، والمحبة لهم، والتعطف عليهم، والاحسان إليهم، ولا تكونن عليهم سبعا، تغتنم زللهم وعثراتهم، فإنهم إخوانك في النسبة، ونظراؤك في الحق(٢٠) ، يفرط منهم الزلل، وتعتريهم العلل، ويتوى(٢١) على أيديهم في العمد والخطأ، فاعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك من هو فوقك وفوقهم، والله ابتلاك بهم، وولاك امرهم، واحتج عليك بما عرفك من محبة العدل والعفو والرحمة، ولا تستخفن(٢٢) ترك محبته، ولا تنصبن نفسك لحربه، فإنه لا يدان لك بنقمته، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته، ولا تعجلن بعقوبته، ولا تسرعن إلى بادرة وجدت عنها مخرجا(٢٣) ، ولا تقولن: اني أمير اصنع ما شئت، فان ذلك يسرع في كسر العمل، وإذا أعجبك ما أنت فيه، وحدثت لك عظمته، ودخلتك أبهة أبطرتك واستقدرتك على من تحتك، فاذكر عظم قدرة الله عليك، وفكر في الموت وما بعده، فان ذلك ينقص من زهوك، ويكف من مرحك، ويحقر في عينيك ما استعظمته من نفسك، وإياك ان تباهي الله في عظمته، ولا تضاهيه في جبروته، وان تختال عليه في ملكه، فان الله مذل كل جبار، ومهين كل مختال، أنصف الناس من نفسك ومن أهلك ومن خاصتك، فإنك أن لا(٢٤) تفعل تظلم، ومن يظلم عباد الله فالله خصمه دون عباده، ومن يكن الله خصمه فهو له(٢٥) حرب حتى ينزع، وليس شئ أدعى لتغير نعمة أو تعجيل نقمة من إقامة على ظلم،

__________________

(٢٠) في المصدر: الخلق.

(٢١) التوى: الهلاك ( لسان العرب ج ١٤ ص ١٠٧ ) وفى المصدر: يؤتى.

(٢٢) في المصدر: فلا تستحقن.

(٢٣) في المصدر: مزحلا.

(٢٤) في المصدر: لم.

(٢٥) في المصدر: لله.

١٤٦

فان الله يسمع دعوة كل مظلوم، وان الله عدو للظالمين، ومن عاداه الله فهو رهين بالهلكة في الدنيا والآخرة، وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأجمعها لطاعة الرب، ورضى العامة، فان سخط العامة يجحف برضى الخاصة، وان سخط الخاصة يحتمل رضى العامة، وليس أحد من الرعية أشد على الوالي في الرضا مؤونة، وأقل على البلاء معونة، وأشد بغضا للانصاف، وأكثر سؤالا بالحاف(٢٦) وأقل مع ذلك عند العطاء شكرا، وعند الابطاء عذرا، وعند الملمات من الأمور صبرا من الخاصة، وإنما اجتماع امر الولاة ويد السلطان وغيظ العدو العامة، فليكن صفوك لهم ما أطاعوك واتبعوا امرك دون غيرهم، وليكن أبغض رعيتك إليك أكثرهم كشفا لمعائب الناس، فان في الناس معائب أنت أحق من تغمدها، وكره كشف ما غاب منها، وإنما عليك احكام ما ظهر لك، والله يحكم في ما غاب عنك، اكره للناس ما تكره لنفسك، واستر العورة ما استطعت يستر الله منك ما تحب ستره، وأطلق عن الناس عقد كل حقد، واقطع عنهم سبب كل وتر، ولا تركبن شبهة، ولا تعجلن إلى تصديق ساع، فان الساعي غاش وان قال قول النصيح، ولا تدخلن في مشورتك بخيلا يقصر عن الفضل غايته، ولا حريصا يعدك فقرا ويزين لك شرها، ولا جبانا يضيق عليك الأمور، فان البخل والجبن والحرص، غريزة واحدة يجمعها سوء الظن بالله.

واعلم: ان شر دخائلك(٢٧) وشر وزرائك من كان للأشرار دخيلا ووزيرا، ممن شركهم في الآثام، وأقام لهم كل مقام، فلا تدخلن أولئك في أمرك، ولا تشركهم في دولتك كما شركوا في دولة غيرك، ولا يعجبك شاهد ما يحضرونك به، فإنهم اخوان الظلمة، وأعوان الآثمة، وذئاب كل طمع، وأنت تجد في الناس خلفا منهم، ممن له معرفة أفضل من معرفتهم، ونصح أعلى من نصحهم، ممن قد تصفح الأمور فأبصر مساوئها، واهتم بما جرى عليه منها، ممن هو أخف عليك مؤونة وأحسن لك معونة، وأشد عليك عطفا وأقل لغيرك ألفا،

__________________

(٢٦) في المصدر: بالالحاف.

(٢٧) دخيل الرجل: الذي يداخله في أموره كلها، وبطانته وصاحب سره ( لسان العرب « دخل »ج ١١ ص ٢٤٠ ).

١٤٧

ممن لا يعاون ظالما على ظلم، ولا آثما على اثم، فاتخذ من أولئك خاصة تجالسهم في خلواتك، ويحضرونك(٢٨) في ملئك ثم ليكن أكرمهم عليك أقولهم للحق، وأحوطهم على رعيتك بالانصاف، وأقلهم لك مناظرة بذكر ما كره لك، والصق بأهل الورع والصدق، وذوي العقول والاحسان، وليكن أبغض أهلك ووزرائك إليك أكثرهم لك اطراء(٢٩) بما فعلت، أو تزيينا لك بغير ما فعلت، وأسكتهم عنك صانعا بما صنعت، فان كثرة الاطراء يكثر الزهو ويدني من العزة، وأكثر القول إن يشرك فيه تزكية السلطان، لأنه ( لا يقصر به )(٣٠) على حدود الحق، دون التجاوز إلى الافراط ولا تجمعن المحسن والمسئ عندك منزلة(٣١) يكونان فيها سواء، فان ذلك تزهيد لأهل الاحسان في احسانهم، وتدريب لأهل الإساءة في اساءتهم، واعلم أنه ليس شئ ادعى بحسن ظن وال برعيته، من احسانه إليهم، وتخفيف المؤن عنهم، وقلة الاستكراه لهم، فليكن لك في ذلك ما يجمع لك حسن الظن برعيتك، فان حسن الظن بهم يقطع عنك هموما كثيرة، وان أحق من حسن ظنك به من حسن عنده بلاؤك من أهل الخير، وأحق من ساء ظنك به من ساء عنده بلاؤك فاعرف موضع ذلك ولا تنقض سنة صالحة عمل بها الصالحون قبلك، واجتمعت بها الألفة، وصلحت عليها العامة ولا تحدثن سنة تضر بشئ من ماضي سنن العدل التي سنت قبلك، فيكون الاجر لمن سنها والوزر عليك بما نقضت منها، وأكثر مدارسة العلماء ومناظرة الحكماء في تثبيت سنن العدل على مواضعها، وإقامتها على ما صلح به الناس، فإن ذلك يحيي الحق ويميت الباطل، ويكتفي به دليلا على ما يصلح به الناس، لان السنة الصالحة من أسباب الحق التي يعرف بها، ودليل أهلك إلى السبل إلى طاعة الله فيها.

__________________

(٢٨) في المصدر: ويحضرون لديك.

(٢٩) الاطراء: المدح أو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه ( لسان العرب « طرا » ج ١٥ ص ٦ ).

(٣٠) في نسخة: لا يقتصر منه، وفى المصدر: لا يقتصر فيه.

(٣١) في المصدر: بمنزلة.

١٤٨

في ذكر معرفة طبقات الناس:

اعلم أن الناس خمس طبقات، لا يصلح بعضها الا لبعض فمنهم: الجنود، ومنهم أعوان الوالي من القضاة والعمال والكتاب ونحوهم، ومنهم أهل الخراج من أهل الأرض وغيرهم، ومنهم التجار وذوو الصناعات، ومنهم الطبقة السفلى، وهم أهل الحاجة والمسكنة، فالجنود تحصين الرعية بإذن الله تعالى عز وجل، وزين الملك، وعز الاسلام، وسبب الامن والخفض(٣٢) ، ولا قوام للجند الا بما يخرج الله لهم من الخراج والفئ، الذي يقومون(٣٣) به على جهاد عدوهم، وعليه يعتمدون فيما يصلحهم، ومن يلزمهم مؤونته من أهليهم، ولا قوام للجند وأهل الخراج الا بالقضاة والعمال والكتاب، لما يقومون به من امرهم ويجمعون من منافعهم، ويأمنون عليه من خواصهم وعوامهم، ولا قوام لهم جميعا الا بالتجار وذوي الصناعات، فيما ينتفعون به من صناعاتهم، ويقومون به من أسواقهم، ويكفونهم في مباشرة الاعمال بأيديهم، في الصناعات التي لا يبلغها رفقهم، والطبقة السفلى من أهل الحاجة والمسكنة، يبتلون بالحاجة إلى جميع الناس وفي الله لكل سعة، ولكل على الأمير(٣٤) حق بقدر ما يحق له، وليس يخرجه من حقه ما ألزمه الله من ذلك، الا بالاهتمام [ به ](٣٥) والاستعانة بالله عليه، وان يوطن نفسه على لزوم الحق فيما وافق هواه أو خالفه.

ذكر ما ينبغي للوالي ان ينظر فيه من أمر جنوده(٣٦) :

ول امر جنودك أفضلهم في نفسك حلما، واجمعهم للعلم وحسن السياسة وصالح الأخلاق، ممن يبطئ عن الغضب، ويسرع إلى العذر، ( ويراقب

__________________

(٣٢) في المصدر: والحفظ.

(٣٣) في المصدر: يقوون.

(٣٤) في نسخة: الأمة.

(٣٥) أثبتناه من المصدر.

(٣٦) في الطبعة الحجرية: « عماله »، وما أثبتناه من المصدر.

١٤٩

الضعيف )(٣٧) ، ولا يلح على القوي، ممن لا يثيره(٣٨) العنف، ولا يقعد به الضعف، والصق ( بأهل العفة )(٣٩) والدين والسوابق الحسنة، ثم بأهل الشجاعة منهم، فإنهم جماع الكرم، وشعبة من العز، ودليل على حسن الظن بالله والايمان به، ثم تفقد من أمورهم ما يتفقده الوالد من ولده، ولا يعظمن في نفسك شئ أعطيتهم إياه، ولا تحقرن لهم لطفا تلطفهم به، فإنه يرفق بهم كل ما كان منك إليهم وان قل، ولا تدعن تفقد لطيف أمورهم اتكالا على نظرك في جسيمها، فان للطيف موضعا ينتفع به، وللجسيم موضعا لا يستغنى فيه عنه، وليكونوا آثر رعيتك عندك، وأفضلهم منزلة منك، أسبغ عليهم في التعاون، وأفضل عليهم عليهم في البذل، ما يسعهم ويسع من وراءهم من أهاليهم، حتى يكون همهم خالصا في جهاد عدوك، وتنقطع همومهم مما سوى ذلك، وأكثر اعلامهم ذات نفسك [ لهم ](٤٠) من الأثرة والمكرمة وحسن الارضاء(٤١) ، وحقق ذلك بحسن الآثار فيهم، واعطف عليك قلوبهم باللطف، فان أفضل قرة أعين الولاة استفاضة الامن في البلاد، وظهور مودة الأجناد، وإذا كانوا كذلك سلمت صدورهم، وصحت بصائرهم، واشتدت حيطتهم من وراء أمرائهم، ولا تكل جنودك إلى غنائمهم، أحدث لهم عند كل مغنم عطية من عندك، لتستصرفهم بها(٤٢) ، وتكون داعية لهم إلى مثلها، ولا حول ولا قوة الا بالله، واخصص أهل الشجاعة والنجدة بكل عارفة، وامدد لهم أعينهم إلى صور عميقات ما عندهم بالبذل، في حسن الثناء، وكثرة المسألة عنهم رجلا رجلا، وما ابلى في كل مشهد، واظهار ذلك منك عنه، فان ذلك يهز الشجاع ويحرض غيره، ثم لا تدع

__________________

(٣٧) في المصدر: يرأف بالضعيف.

(٣٨) في نسخة: لا يسره.

(٣٩) في المصدر: بذوي الفقه.

(٤٠) أثبتناه من المصدر.

(٤١) في نسخة والمصدر: الارصاد.

(٤٢) في نسخة: لتستنصر بهم، وفى المصدر: تستضريهم، والضاري من السباع: ما لهج بالفرائس وأولع بها ( لسان العرب « ضرا »ج ١٤ ص ٤٨٢ ).

١٥٠

مع ذلك أن يكون لك عليهم عيون من أهل الأمانة والصدق، يحرضونهم(٤٣) عند اللقاء، فيكتبون بلاء كل امرئ منهم حتى كأنك حتى كأنك شاهدته، ثم اعرف لكل امرئ منهم ما كان منه، ولا تجعلن بلاء امرئ منهم لغيره، ولا تقصرن به دون بلائه، وكافئ كل امرئ منهم بقدر ما كان منه، واخصصه بكتاب منك تهزه به وتنبؤه بما بلغك عنه، ولا يحملنك شرف امرئ على أن تعظم من بلائه ( إن كان )(٤٤) صغيرا، ولا ضعف(٤٥) امرئ على أن تستخف ببلائه إن كان جسيما، ولا تفسدن أحدا منهم عندك علة عرضت له، أو نبوة كانت منه، قد كان له قبلها حسن بلاء، فان العز بيد الله يعطيه إذا شاء، ويكفه إذا شاء، ولو كانت الشجاعة تفتعل لافتعلها أكثر الناس، ولكنها طبائع بيد الله ملكها وتقدير ما أحب منها، وان أصيب أحد من فرسانك وأهل النكاية المعروفة في أعدائك، فاخلفه في أهله بأحسن ما يخلف به الوصي الموثوق به، في اللطف [ بهم ](٤٦) وحسن الولاية لهم، حتى لا يرى عليهم اثر فقده، ولا يجدوا لمصابه، فان ذلك يعطف عليك قلوب فرسانك، ويزدادون به تعظيما لطاعتك، ( وطيب النفس )(٤٧) بالركوب لمعاريض التلف في تسديد امرك، ولا قوة إلا بالله.

ذكر ما ينبغي ان ينظر فيه من أمور القضاة:

انظر في القضاء بين الناس، نظر عارف بمنزلة الحكم عند الله، فان الحكم ميزان قسط الله، الذي وضع في الأرض لانصاف المظلوم من الظالم، والاخذ للضعيف من القوي، وإقامة حدود الله على سنتها ومنهاجها، التي لا يصلح العباد والبلاد الا عليها، فاختر للقضاء بين الناس أفضل رعيتك في نفسك واجمعهم للعلم والحلم والورع، ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم ولا

__________________

(٤٣) في المصدر: يحضرونهم.

(٤٤) استظهار في الطبعة الحجرية، ولم ترد في المصدر.

(٤٥) في المصدر: ولا ضعة.

(٤٦) أثبتناه من المصدر.

(٤٧) في المصدر: وتطيب النفوس.

١٥١

يضجره عي العي، ولا يفرطه جور الظلم(٤٨) ، ولا تشرف نفسه على الطمع، ولا يدخل في اعجاب(٤٩) يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، أوقفهم عند الشهبة، وآخذهم لنفسه بالحجة، وأقلهم تبرما من تردد الحجج، وأصبرهم على كشف الأمور وايضاح الخصمين، ولا يزدهيه الاطراء، ولا يشليه(٥٠) الاغراء، ولا يأخذ فيه التبليغ بان يقال: قال فلان وقال فلان، فول القضاء من كان كذلك، ثم أكثر تعاهد امره وقضاياه، وابسط عليه من البذل ما يستغني به عن الطمع، وتقل به حاجته إلى الناس، واجعل له منك منزلة لا يطمع فيها غيره، حتى يأمن اغتيال الرجال(٥١) إياه عندك، ولا يحابي أحدا للرجاء، ولا يصانعه لاستجلاب حسن الثناء، أحسن توقيره في مجلسك، وقربه منك، وأنفذ قضاياه وامضها، واجعل له أعوانا يختارهم لنفسه، من أهل العلم والورع، واختر لأطرافك قضاة تجهد فيهم نفسك على قدر ذلك، ثم تفقد أمورهم وقضاياهم، وما يعرض لهم من وجوه الاحكام، فلا يكن في حكمهم اختلاف، فان ذلك ضياع للعدل، وعورة في الدين، وسبب للفرقة، وإنما يختلف القضاة لاكتفاء كل امرئ منهم برأيه دون الامام، فإذا اختلف القاضيان فليس لهما ان يقيما على اختلافهما في الحكم، دون رفع ما اختلفا فيه من ذلك إلى الامام، وكل ما اختلف فيه الناس فمردود إليه، ولا قوة الا بالله.

ذكر ما ينبغي ان ينظر فيه من أمور عماله:

انظر في أمور عمالك الذين تستعمل(٥٢) ، فليكن استعمالك إياهم اختيارا، ولا يكونن محاباة ولا ايثارا، فان الأثرة بالاعمال والمحاباة بها، جماع من

__________________

(٤٨) في المصدر: الظلوم.

(٤٩) في المصدر زيادة: ولا.

(٥٠) أشلى الكلب على الصيد: أغراه به، ودعاه إليه وأطعمه به، وحثه عليه ( لسان العرب « شلا »ج ١٤ ص ٤٤٣ ).

(٥١) في نسخة: الرجل.

(٥٢) في المصدر: تستعملهم.

١٥٢

شعب الجور والخيانة لله، وادخال الضرر على الناس، وليست تصلح أمور الناس ولا أمور الولاة، الا بصلاح من يستعينون به على أمورهم، ويختارونه لكفاية ما غاب عنهم فاصطف لولاية اعمالك أهل الورع والعفة(٥٣) والعلم بالسياسة، والصق بذوي التجربة والعقول والحياء، من أهل البيوتات الصاحلة، أهل الدين والورع، فإنهم أكرم الناس أخلاقا، وأشد لأنفسهم صونا واصلاحا، وأقل من المطامع اشرافا، وأحسن في عواقب الأمور نظرا من غيرهم، فليكونن عمالك وأعوانك، ولا تستعمل الا شيعتك، ثم أسبغ عليهم العمالات، وأوسع عليهم الأرزاق، فان ذلك يزيدهم قوة على استصلاح أنفسهم، وغنى عن تناول ما تحت أيديهم، وهو مع ذلك حجة لك عليهم، في شئ ان خالفوا فيه امرك، وتناولوا من أمانتك، ثم لا تدع مع ذلك تفقد اعمالهم، وبعثة العيون عليهم، من أهل الأمانة، والصدق فان ذلك يزيدهم جدا في العمارة، ورفقا بالرعية وكفا عن الظلم، وتحفظا من الاعواز، مع ما للرعية في ذلك من القوة، واحذر ان تستعمل أهل التكبر والتجبر والنخوة، ومن يحب الاطراء والثناء والذكر، ويطلب شرف الدنيا، ولا شرف الا بالتقوى، وان وجدت أحدا من عمالك بسط يده إلى خيانة، أو ركب فجورا، اجتمعت لك به عليه اخبار عيونك، من سوء ثناء رعيتك، اكتفيت بها(٥٤) شاهدا، وبسطت عليه العقوبة في بدنه، وأخذته بما أصاب من عمله، ثم بمن نصبته للناس فوسمته بالخيانة، وقلدته عار التهمة، فان ذلك تنكيل وعظمة لغيره، إن شاء الله تعالى.

ذكر ما ينبغي تعاهده من أهل الخراج: تعاهد أهل الخراج، وانظر كل ما يصلحهم، فان في مصالحهم صلاح من سواهم، ولا صلاح لمن سواهم الا بهم، لأنهم الثمال(٥٥) دون غيرهم، والناس

__________________

(٥٣) في المصدر: الفقه.

(٥٤) في نسخة والمصدر: به عليه.

(٥٥) يقال: فلان ثمال القوم: أي عمادهم وغياثهم الذي يقوم بأمرهم ( لسان العرب « ثمل »ج ١١ ص ٩٤ ).

١٥٣

عيال عليهم، وليكن نظرك في عمارة أرضهم وصلاح معاشهم، أشد من نظرك في زجاء(٥٦) خراجهم، فان الزجاء لا يكون الا بالعمارة، ومن يطلب الزجاء بغير العمارة، يخرب البلاد ويهلك العباد، ولا يقيم ذلك الا قليلا، ولكن اجمع أهل الخراج من كل بلد، ثم مرهم فليعلموك حال بلادهم، والذي فيه صلاحهم وصلاح ارضهم، ورجاء خراجهم، ثم سل عما يدفعون إليك أهل العلم من غيرهم، فان شكوا إليك ثقل خراجهم، أو علة دخلت عليهم، من انقطاع ماء(٥٧) ، أو فساد أرض غلب عليها غرق أو عطش أو آفة مجحفة، خففت عنهم ما ترجو ان يصلح الله به ما كان من ذلك، وأمرت بالمعونة على استصلاح ما كان من أمورهم، مما لا يقوون عليه، لان الله جاعل لك في عاقبة الاستصلاح غبطة وثوابا إن شاء الله، فاكفهم مؤونة ما كان من ذلك، ولا تثقلن شيئا خففته عنهم، وان احتملته من المؤونات، فإنما هو ذخر لك عندهم، يقوون(٥٨) به على عمارة بلادك، وتزيين ملكك، مع ما يحسن الله به من ذكرك، ويستجمهم(٥٩) به لغدك، ثم تكون مع ذلك بما ترى من عمارة ارضهم، ورجاء خراجهم، وظهور مودتهم، وحسن نياتهم(٦٠) ، واستفاضة الخير فيهم، أقر عينا وأعظم غبطة، وأحسن ذخرا، منك بما كنت مستخرجا منهم بالكد والاجحاف، فان حزنك(٦١) امر تحتاج فيه إلى الاعتماد عليهم، وجدت معتمدا بفضل قوتهم على ما تريد، بما ذخرت فيهم من الجمام، وكانت مودتهم لك وحسن ظنهم(٦٢) وثقتهم بما عودتهم من عدلك ورفقك، مع معرفتهم بقدرك فيما حدث من الأمور، قوة لهم يحتملون بها ما كلفتهم، ويطيبون بها نفسا بما حملتهم، فان

__________________

(٥٦) زجا الخراج: تيسرت جبايته ( لسان العرب ج ١٤ ص ٣٥٤ ).

(٥٧) في المصدر: شرب.

(٥٨) في نسخة: يعودون.

(٥٩) الجمام: الراحة ( لسان العرب ج ١٢ ص ١٠٥ ).

(٦٠) في المصدر: ثنائهم.

(٦١) في المصدر: حزبك.

(٦٢) في المصدر زيادة: فيك.

١٥٤

العمل(٦٣) يحتمل بإذن الله ما حملت عليه، وعمران البلاد أنفع من عمران الخزائن، لان مادة عمران الخزائن إنما تكون من عمران البلاد، وإذا خربت البلاد انقطعت مادة الخزائن، فخربت بخراب الأرض، وإنما يؤتى خراب الأرض وهلاك أهلها، من إسراف أنفس الولاة في الجمع، وسوء ظنهم بالمدة، وقلة انتفاعهم بالغير(٦٤) ، ليس بهم [ إلا ](٦٥) أن يكونوا يعرفون [ أن ](٦٦) التخفيف واستجمامهم بذلك في العام للعام القابل، والانفاق على ما ينبغي الانفاق عليهم منها، ما هو أزجى لخراجها، وأحسن لأثرهم، فيها ولكنهم يقولون ويقول القائل لهم: لا تؤخروا جباية العام إلى قابل، كأنكم واثقون بالبقاء إلى قابل، ولكفى عجبا برأيهم في ذلك، وبرأي من يزينه لهم، فما الوالي الا على احدى منزلتين: اما ان يبقى إلى قابل، فيكون قد اصلح الأرض واستصلح رعيته، فرأى حسنا في عاقبة اثره(٦٧) في ذلك، ما تقر به عينه، ويكثر به سروره، وتقل به همومه، ويستوجب به حسن الثواب على ربه، واما ان تنقطع مدته قبل القابل، فهو إلى ما عمل به من صلاح واحسان أحوج، والثناء عليه(٦٨) والدعاء له أكثر، والثواب له عند الله أفضل، وان جمع لغيره في الخزائن، ما أخرب به البلاد وأهلك به الرعية، صار مرتهنا لغيره والاثم فيه عليه، وليس تبقى من أمور الولاة الا ذكرهم، وليس يذكرون الا بسيرهم وآثارهم، حسنة كانت أم قبيحة، فاما الأموال فلا بد من أن يؤتى عليها، فيكون نفعها لغيره، أو لنائبة من نوائب الدهر تأتي عليها، فتكون حسرة على أهلها، وان أحببت ان تعرف عواقب الاحسان والإساءة، وضياع العقول من ذلك، فانظر في أمور من مضى من صالح العمال والولاة وشرارهم، وهل تجد منهم أحدا ممن حسنت في الناس سيرته وخفت عليهم مؤونته، إذا سخط باعطاء

__________________

(٦٣) في المصدر: العدل.

(٦٤) في المصدر: بالعبر.

( ٦٥ - ٦٦ ) أثبتناه من المصدر.

(٦٧) في المصدر: أمره.

(٦٨) في المصدر زيادة: أحسن.

١٥٥

حق نفسه، أضر به ذلك في شدة ملكه، أو في لذات بدنه، أو في حسن ذكره في الناس، وهل تجد أحدا ممن ساءت في الناس سيرته، واشتدت عليهم مؤونته، كان له بذلك من العز في ملكه، مثل ما دخل عليه من النقص به في دنياه وآخرته، فلا تنظر إلى ما تجمع من الأموال، ولكن انظر إلى ما تجمع من الخيرات، وتعمل من الحسنات، فان المحسن معان، والله ولي التوفيق، والهادي إلى الصواب.

ذكر ما ينبغي ان ينظر فيه من أمور كتابه:

انظر كتابك، فاعرف حال كل امرئ منهم فيما يحتاج إليه منه، فان للكتاب منازل، ولكل منزلة منها حق من الأدب لا يحتمله غيره، فاجعل لولاية عليا أمورك منهم رؤساء تتخيرهم لها، على مبلغ كل امرئ منهم في احتمال ما توليه، وول كتابة خواص رسائلك، التي تدخل بها في مكيدتك ومكنون سرك، اجمعهم لوجوه صالح الأدب، وأعونهم لك على امر من جلائل الأمور، وأجزلهم فيها رأيا، وأحسنهم فيها دينا، وأوثقهم فيها نصحا، وأطواهم(٦٩) عنك لمكنون الاسرار، ممن لا تبطره الكرامة، ولا يزدهيه الألطاف، ولا تنجم به دالة يمتن بها عليك في خلاء، أو يلتمس إظهارها في ملاء، واصدار ما ورد عليه من كتب غيرك، عن استعمال معرفة الصواب فيما يأخذ لك ويعطي منك، ولا يضعف عقدة عقدها لك، ولا يعجز عن اطلاق عقدة عقدت عليك، ولا يجهل في(٧٠) ذلك معرفة نفسه، ومبلغ قدره في الأمور، فإنه من جهل قدر نفسه كان بقدر غيره أجهل، وول ما دون ذلك من كتابة رسائلك وخراجك ودواوين جنودك، كتابا تجهد نفسك في اختيارهم، فإنها رؤوس اعمالك، وأجمعها ( لنفعك ونفع )(٧١) رعيتك، فلا يكونن اختيارك ولاتها(٧٢) على فراستك فيهم، ولا على

__________________

(٦٩) في نسخة: وأحملهم.

(٧٠) في نسخة والمصدر: مع.

(٧١) في المصدر: لمنفعتك ومنفعة.

(٧٢) في المصدر: لهم.

١٥٦

حسن الظن منك بهم، فإنه ليس شئ أكثر اختلافا لفراسة أولي الامر، ولا خلافا لحسن ظنونهم من كثير من الرجال، ولكن اخترهم على آثارهم فيما ولوا قبلك، فان ذلك من صالح ما يستدل به الناس بعضهم على أمور بعض، واجعل لرأس كل امر من تلك الأمور، رئيسا من أهل الأمانة والرأي، ممن لا يقهره كبير الأمور، ولا يضيع لديه صغيرها، [ ثم لا تدع مع ذلك ](٧٣) ان تتفقد أمورهم، وتنظر في اعمالهم، وتتلطف بمسألة ما غاب عنك من أحوالهم، حتى تعلم كيف معاملتهم الناس فيما وليتهم؟ فان في كثير من الكتاب شعبة من العز، ونخوة واعجابا، وتسرعا كثيرا من التبرم بالناس، والضجر عند المنازعة، والضيق عند المراجعة، ولا بد للناس من طلب حاجاتهم، فمتى جمعوا عليهم الابطاء بها والغلظة، ألزموك عيب ذلك، وادخلوا مؤونته عليك، وفي النظر في ذلك من صلاح أمورك، مع ما لك عند الله من الجزاء حظ عظيم، إن شاء الله تعالى.

ذكر ما ينبغي للوالي ان ينظر فيه من أمر طبقة التجار والصنائع(٧٤) :

انظر إلى التجار وأهل الصناعات، واستوص بهم خيرا، فإنهم مادة للناس، ينتفعون بصناعاتهم، ومما يجلبون إليهم من منافعهم ومرافقهم، في البر والبحر، ومن رؤوس الجبال، وبلدان مملكة العدو، وحيث لا يعرف أكثر الناس مواضع ما يحتاجون إليه من ذلك، ولا يطيقون الايثار(٧٥) به(٧٦) بأنفسهم، فلهم بذلك حق وحرمة، يجب حفظهما لهم، فتفقدوا أمورهم، واكتب إلى عمالك فيهم، واعلم مع ذلك أن في كثير منهم شحا قبيحا، وحرصا شديدا، واحتكارا للتربص والغلاء، والتضييق على الناس، والتحكم عليهم، وفي ذلك مضرة عظيمة على الناس، وعيب على الولاة، فامنعهم من ذلك،

__________________

(٧٣) أثبتناه من المصدر.

(٧٤) في المصدر: والصناع.

(٧٥) في المصدر: الاتيان.

(٧٦) في المصدر زيادة: ولا عمل ما يعملونه.

١٥٧

وتقدم إليهم فيه، فمن خالف امرك فخذ يدك فوق يده بالعقوبة الموجعة، ان شاء أو أبى.

ذكر ما ينبغي للوالي ان ينظر فيه من أمور أهل الفقر والمسكنة:

ولا تضيعن أمور الطائفة الأخرى من المساكين وذوي الحاجات، وان تجعل لهم قسما من مال الله، يقسم فيهم مع الحق المفروض الذي جعل الله لهم في كتابه من الصدقات، وفرق ذلك في اعمالك، فليس أهل موضع أحق به من أهل موضع، بل لأقصاهم من الحق ما لأدناهم، وكل قد استرعيت امره، فلا يشغلنك عن تعاهد أمورهم النظر في امر غيرهم، فان لكل منك نصيبا لا تعذر بتضييعه، وتفقد حاجات مساكين الناس وفقرائهم، ممن لا تصل إليك حاجته، وممن تقتحمه العيون، وتحقره الناس، عن رفع حاجاته إليك، وانصب لهم أوثق من عندك في نفسك نصيحة، وأعظمهم في الخير حسبة(٧٧) ، وأشدهم لله تواضعا، ممن لا يحقر الضعفاء، ولا يستشرف العظماء، ومرهم فليرفعوا إليك أمورهم، ثم انظر فيها نظرا حسنا، فان هزيل الرعية أحوج إلي الانصاف والتعاهد من ذوي السمانة، وتعاهد أهل الزمانة والبلاء، وأهل اليتم والضعف، وذوي الستر من أهل الفقر، الذين لا ينصبون أنفسهم لمسألة يعتمدون عليها، فاجعل لهم من مال الله نصيبا، تريد بذلك وجه الله والقربة إليه، فان الاعمال إنما تخلص بصدق النيات.

ذكر ما ينبغي أن يأخذ الوالي به نفسه من(٧٨) الأدب وحسن السيرة:

ولا بد وان اجتهدت في اعطاء كل ذي حق حقه، ان تتطلع أنفس طوائف منهم إلى مشافهتك بالحاجات، وذلك على الولاة ثقل ومؤونة، والحق ثقيل الا على من خففه الله عليه، ولذلك ثقل ثوابه في الميزان، فاجعل لذوي الحاجات ( من

__________________

(٧٧) في المصدر: خشبة.

(٧٨) في الطبعة الحجرية: « في »، وما أثبتناه من المصدر.

١٥٨

نفسك قسما )(٧٩) ووقتا، تأذن لهم فيه، وتتسع بما يرفعونه إليك، وتلين لهم جناحك، وتحتمل خرق ذوي الخرق منهم، وعي أهل العي فيهم، بلا أنفة منك ولا ضجر، فمن أعطيت منهم فاعطه هنيئا، ومن حرمت منهم فامنعه باجمال وحسن رد، وليس من شئ أضيع لأمور الولاة من التواني، واغتنام تأخير يوم إلى يوم، وساعة إلى ساعة، والتشاغل بما لا يلزم عما يلزم، فاجعل لكل شئ تنظر فيه وقتا لا يقصر به عنه، ثم افرغ فيه مجهودك، وامض لكل يوم عمله، واعط لكل ساعة قسطها، واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله أفضل تلك المواقيت، وان كانت كلها لله إذا صحت نيتك، ولا تقدم شيئا على فرائض دينك في ليل ولا نهار، حتى تؤدي ذلك كاملا موفرا، ولا تطل الاحتجاب، فان ذلك باب من سوء الظن بك، وداعية إلى فساد الأمور عليك، والناس بشر لا يعرفون ما غاب عنهم، وتخير حجابك، وأقص منهم كل ذي اثرة على الناس، وتطاول وقلة انصاف، ولا تقطع أحدا من حشمك ولا من أهلك ضيعة، ولا تأذن لهم في اتخاذها، إذا كان يضر فيها بمن يليه من الناس، ولا تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك، فان في الصلح دعة للجنود، ورخاء للمهموم(٨٠) ، وامنا للبلاد، فان أمكنتك القدرة والفرصة من عدوك، فانبذ عهده إليه، واستعن بالله عليه، وكن أشد ما تكون لعدوك حذرا، عندما يدعوك إلى الصلح، فان ذلك ربما كان مكرا وخديعة، وإذا عاهدت فحط عهدك بالوفاء، وارع ذمتك بالأمانة والصدق، وإياك والغدر بعهد الله، والاخفار لذمته، فان الله جعل عهده أمانا أمضاه بين العباد برحمته، والصبر على ضيق ترجو انفراجه، خير من غدر تخاف أوزاره وتباعته وسوء عاقبته، وإياك والتسرع إلى سفك الدماء لغير حلها، فإنه ليس شئ أعظم من ذلك تباعة، ولا تطلبن تقوية ملك زائل لا تدري ما حظك من بقائه وبقائك له، بهلاك نفسك والتعرض لسخط ربك، إياك والاعجاب بنفسك والثقة بها، فان ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه إياك، والعجلة بالأمور

__________________

(٧٩) في نسخة: قسما من نفسك.

(٨٠) في نسخة والمصدر: للهموم.

١٥٩

قبل أوانها، والتواني فيها قبل ابانها وزمانها وامكانها، واللجاجة فيها إذا تنكرت، والوهن إذا تبينت، فان لكل امر موضعا، ولكل حالة حالا ».

أقول: هذا العهد كأنه هو عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى مالك الأشتر، حين ولاه مصر.

ورواه السيد في نهج البلاغة(٨١) ، والحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول(٨٢) ، وإن كان بينها اختلاف شديد في الزيادة والنقصان، كما أن بين الأخيرين أيضا اختلافا فيهما، وحيث إنه لا بد لنا من نقل ذلك العهد لكثرة فوائده المناسبة لهذا الباب، فنحن نسوقه بلفظ السيد:

قال السيدرحمه‌الله : ومن عهد لهعليه‌السلام كتبه للأشتر النخعي على مصر وأعمالها، حين اضطرب امر أميره محمد بن أبي بكررحمه‌الله ، وهو أطول عهد كتبه وأجمعه للمحاسن: « بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين، مالك بن الحارث الأشتر، في عهده إليه حين ولاه مصر، جبوة(٨٣) خراجها، وجهاد عدوها، واستصلاح ارضها وأهلها، وعمارة بلادها. امره بتقوى الله، وايثار طاعته، واتباع ما امره به في كتابه، من فرائضه وسننه، التي لا يسعد أحد الا باتباعها، ولا يشقى الا مع جحودها واضاعتها، وان ينصر الله سبحانه بيده وقلبه ولسانه، فإنه جل اسمه قد تكفل بنصرة(٨٤) من نصره، واعزاز من أعزه، وأمره ان يكسر نفسه عند الشهوات، ويزعها عند الجمحات، فان النفس امارة بالسوء الا ما رحم الله.

ثم اعلم يا مالك: اني وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وان الناس ينظرون من أمورك مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة

__________________

(٨١) نهج البلاغة ج ٣ ص ٩٢ رقم ٥٣.

(٨٢) تحف العقول ص ٨٤.

(٨٣) في المصدر: جباية.

(٨٤) في المصدر: بنصر.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496