مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل16%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 314182 / تحميل: 5140
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

كتاب التجارة من كتاب مستدرك الوسائل

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وصلى الله عليه محمد وآله. كتاب التجارة من ( مستدرك الوسائل ) فهرست أنواع الأبواب اجمالا: أبواب مقدماتها.

أبواب ما يكتسب به.

أبواب عقد البيع وشروطه.

أبواب آداب التجارة.

أبواب الخيار.

أبواب احكام العقود.

أبواب أحكام العيوب.

أبواب الربا.

أبواب الصرف.

أبواب بيع الثمار.

أبواب بيع الحيوان.

أبواب السلف.

أبواب الدين والقرض.

٥

٦

أبواب مقدماتها

١ -( باب استحبابها، واختيارها على أسباب الرزق)

[١٤٥٦٤] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره، عن عبد الأعلى قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله:( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) (١) قال: « رضوان الله، والجنة والسعة في المعيشة وحسن الخلق في الدنيا ».

[١٤٥٦٥] ٢ - وبهذا الاسناد: عنهعليه‌السلام ، قال « رضوان الله والتوسعة في المعيشة وحسن الصحبة وفي الآخرة الجنة ».

[١٤٥٦٦] ٣ - دعائم الاسلام روينا عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إذا أعسر أحدكم(١) فليضرب في الأرض ويبتغي من فضل الله ولا يغم نفسه(٢) ».

__________________

كتاب التجارة

أبواب مقدماتها

الباب ١

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٩٨ ح ٢٧٤.

(١) البقرة ٢ الآية ٢٠١.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٩٩ ح ٢٧٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣ ح ١.

(١) في المصدر زيادة: فليخرج من بيته.

(٢) في المصدر زيادة: وأهله.

٧

[١٤٥٦٧] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن رجلا سأله ان يدعو الله(١) أن يرزقه، فقال:(٣) « ادعو لك، ولكن(٤) اطلب كما أمرت ».

[١٤٥٦٨] ٥ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه مر في غزوة تبوك بشاب جلد(١) يسوق أبعرة سمانا، فقال أصحابه: يا رسول الله، لو كانت قوة هذا وجلده وسمن أبعرته في سبيل الله لكان أحسن فدعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: « أرأيت أبعرتك هذه اي شئ تعالج عليها؟ »، فقال: يا رسول الله، لي زوجة وعيال، فأنا أكسب بها ما أنفقه على عيالي واكفهم عن الناس، وأقضي دينا علي، قال: « لعل غير ذلك »، قال: لا، فلما انصرف، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لئن كان صادقا، ان له لأجرا مثل أجر الغازي، وأجر الحاج، وأجر المعتمر ».

[١٤٥٦٩] ٦ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال لرجل من أصحابه: « انه بلغني انك تكثر الغيبة عن أهلك » قال: نعم جعلت فداك، قال: « أين؟ » قال: بالأهواز وفارس، قال: « في ماذا؟ » قال: في طلب التجارة والدنيا، قال: « فانظر إذا طلبت شيئا من ذلك ففاتك، فاذكر ما خصك الله به من دينه، وما من به عليك من ولايتنا، وما صرفه عنك من البلاء، فان ذلك أحرى ان تسخو

__________________

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٤ ح ٣.

(١) في المصدر زيادة: له.

(٢) في المصدر زيادة: في دعة.

(٣) في المصدر زيادة: لا.

(٤) ليس في المصدر.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٤ ح ٧.

(١) الجلد: القوة والنشاط ( لسان العرب - جلد - ج ٣ ص ١٢٥ ).

(٢) في المصدر زيادة: له.

(٣) في المصدر زيادة: مسألة.

٦ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٥ ح ١١.

٨

نفسك به عما فاتك من امر الدنيا ».

[١٤٥٧٠] ٧ - الصدوق في المقنع: قال الصادقعليه‌السلام : « من لزم التجارة، استغنى عن الناس ».

[١٤٥٧١] ٨ - علي بن إبراهيم في تفسيره، مرسلا، في سياق قصة مريم وولادة عيسىعليه‌السلام ، إلى أن قال: « ثم استقبلها قوم من التجار فدلوها على النخلة اليابسة، فقالت لهم: جعل الله البركة في كسبكم، وأحوج الناس إليكم ».

[١٤٥٧٢] ٩ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن أبي أمامة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الخير عشرة اجزاء، أفضلها التجارة، إذا اخذ الحق وأعطى الحق ».

[١٤٥٧٣] ١٠ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « تسعة أعشار الرزق في التجارة ».

[١٤٥٧٤] ١١ - وعن عبد الله بن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لتجهدوا فان مواليكم تغلبكم على التجارة، يا جماعة قريش، ان البركة في التجارة، ولا يفقر الله صاحبها، الا تاجرا حالفا ».

[١٤٥٧٥] ١٢ - وعنه ( صلى الله عليه آله )، أنه قال: « أطيب ما اكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه ».

[١٤٥٧٦] ١٣ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام - في

__________________

٧ - المقنع ص ١٢٢.

٨ - تفسير القمي ج ٢ ص ٤٩.

٩ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٠.

١٠ - المصدر السابق ج ١ ص ٤٧٠.

١١ - المصدر السابق ج ١ ص ٤٧٠.

١٢ - المصدر السابق ج ١ ص ٤٧٠.

١٣ - الاختصاص ص ١٨٨.

٩

حديث - انه قيل له: وبم الافتخار؟ قال: « بإحدى ثلاث: مال ظاهر، أو أدب بارع، أو صناعة لا يستحي المرء منها ».

[١٤٥٧٧] ١٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « الرزق عشره اجزاء، تسعة منها في التجارة، ( وواحد في غيرها )(١) ».

٢ -( باب كراهة ترك التجارة)

[١٤٥٧٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه سأل بعض أصحابه عما يتصرف فيه، فقال: جعلت فداك، اني كففت يدي عن التجارة، قال: « ولم ذلك؟ » قال: انتظاري هذا الامر، قال: « ذلك أعجب لكم تذهب أموالكم، لا تكفف عن التجارة، والتمس من فضل الله، افتح(١) بابك، وابسط بساطك، واسترزق ربك ».

[١٤٥٧٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا كنت في تجارتك وحضرت الصلاة، فلا يشغلك عنها متجرك ( لله؟ ) وصف قوما ومدحهم فقال: ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله )(١) وكان هؤلاء القوم يتجرون فإذا حضرت الصلاة تركوا تجارتهم وقاموا إلى صلاتهم وكانوا أعظم اجرا ممن لا يتحرف(٢) ويصلي ».

__________________

١٤ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٤٢ ح ٢.

(١) ليس في المصدر.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦ ح ١٤.

(١) في المصدر: وافتح.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

(١) النور ٢٤ الآية ٣٧.

(٢) حرف واحترف الرجل: اتجر وكد على عياله ( لسان العرب ج ٩ ص ٤٤ )، وفي المصدر: لا يتجر.

١٠

[١٤٥٨٠] ٣ - الصدوق في المقنع: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تترك التجارة، فان تركها مذهبة للعقل ».

[١٤٥٨١] ٤ - جامع الأخبار، عن ابن عباس، أنه قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا نظر إلى الرجل فأعجبه، قال: « له حرفة؟ » فان قالوا: لا، قال: « سقط من عيني » قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: « لان المؤمن إذا لم يكن له حرفة يعيش بدينه ».

٣ -( باب استحباب طلب الرزق، ووجوبه مع الضرورة)

[١٤٥٨٢] ١ - المفيدرحمه‌الله في الارشاد: عن الشريف أبي محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن يعقوب بن يزيد قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن ابن الحجاج، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ان محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى ان مثل علي بن الحسينعليهما‌السلام يدع خلفا، لفضل علي بن الحسينعليهما‌السلام حتى رأيت ابنه محمد بن عليعليهما‌السلام فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له أصحابه: بأي شئ وعظك؟ قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن عليعليه‌السلام - وكان رجلا بدينا - وهو متكئ على غلامين له أسودين - أو موليين له - فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش، في هذه الساعة، على هذه الحال، في طلب الدنيا! ( والله )(١) لأعظنه، فدنوت منه فسلمت عليه فسلم علي بنهر(٢) وقد تصبب عرقا، فقلت: أصلحك الله، شيخ من أشياخ قريش، في هذه

__________________

٣ - المقنع ص ١٢٢.

٤ - جامع الأخبار ص ١٦٢.

الباب ٣

١ - إرشاد المفيد ص ٢٦٣.

(١) ليس في المصدر.

(٢) في الحجرية والمصدر: ( بنهر )، ولعل الأقرب إلى السياق ( ببهر ). والبهر: تتابع النفس من الاعياء ( لسان العرب - بهر ج ٤ ص ٨٢ ).

١١

الساعة، في طلب الدنيا، لو جاءك الموت وأنت في هذه الحال! قال: فخلى على الغلامين من يده، ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وأنا في هذه الحال، لجاءني وأنا في طاعة من طاعات الله، اكف بها نفسي وعن الناس، وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني وانا على معصية من معاصي الله، فقلت: يرحمك الله، أردت أن أعظك فوعظتني ».

[١٤٥٨٣] ٢ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أعسر أحدكم فليخرج، ولا يغم نفسه وأهله ».

[١٤٥٨٤] ٣ - البحار عن كتاب الإمامة والتبصرة عن هارون بن موسى، عن محمد ابن علي، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن ابن فضال، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « الشاخص في طلب الرزق الحلال، كالمجاهد في سبيل الله ».

[١٤٥٨٥] ٤ - وعن سهل بن أحمد، عن محمد بن محمد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : العبادة سبعون جزء، أفضلها جزءا طلب الحلال ».

[١٤٥٨٦] ٥ - وبهذا الاسناد: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « العبادة عشرة اجزاء، تسعة اجزاء في طلب الحلال ».

[١٤٥٨٧] ٦ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « تحت

__________________

٢ - الجعفريات ص ١٦٥.

٣ - البحار ج ١٠٣ ص ١٧ ح ٧٨ عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٤.

٤ - المصدر السابق ج ١٠٣ ص ١٧ ح ٨٠ بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٨.

٥ - المصدر السابق ج ١٠٣ ص ١٨ ح ٨١ بل عن كتاب جامع الأحاديث ص ١٨.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٥ ح ٨.

١٢

ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، رجل خرج ضاربا في الأرض يطلب من فضل الله(١) ، يكف به نفسه، ويعود(٢) على عياله ».

[١٤٥٨٨] ٧ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: « ما غدوة أحدكم في سبيل الله، بأعظم من غدوته يطلب لولده وعياله ما يصلحهم ».

وقالعليه‌السلام : « الشاخص في طلب الرزق الحلال كالمجاهد في سبيل الله ».

[١٤٥٨٩] ٨ - القطب الراوندي في دعواته: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « انه ليأتي الرجل منكم لا يكتب عليه سيئة، وذلك أنه مبتلى بالمعاش ».

[١٤٥٩٠] ٩ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « ان من الذنوب ذنوبا لا يكفرها صلاة ولا صدقة(١) » قيل: يا رسول الله، فما يكفرها؟ قال: « الهموم في طلب المعيشة ».

[١٤٥٩١] ١٠ - الشيخ المفيد في الأمالي: عن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن يحيى بن زكريا بن شيبان، عن محمد بن مروان الذهلي، عن عمرو بن سيف الأزدي قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا تدع طلب الرزق من حله(١) ، واعقل راحلتك وتوكل ».

[١٤٥٩٢] ١١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن الصادقعليه‌السلام ، انه

__________________

(١) في المصدر زيادة: ما.

(٢) في المصدر زيادة: به.

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٥ ح ٩.

٨ - دعوات الراوندي ص ٥١، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ١٢ ح ٥٤.

٩ - المصدر السابق ص ١٧.

(١) في المصدر: صوم.

١٠ - أمالي المفيد ص ١٧٢.

(١) في المصدر زيادة: فإنه عون لك على دينك.

١١ - لب اللباب: مخطوط.

١٣

قال: « اني لأركب في الحاجة التي كفاها الله، ما أركب فيها الا لالتماس ان يراني أضحى(١) في طلب الحلال، اما تسمع قول الله:( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّـهِ ) (٢) ».

[١٤٥٩٣] ١٢ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: « الرحال تفيد المال ».

٤ -( باب كراهة ترك طلب الرزق، وتحريمه مع الضرورة)

[١٤٥٩٤] ١ - أبو الفتح الكراجكي في كنزه: عن الصادقعليه‌السلام أنه قال: « ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم: رجل جلس عن طلب الرزق، ثم يقول: اللهم ارزقني، يقول الله تبارك وتعالى: ألم اجعل لك طريقا في(١) الطلب! »، الخبر.

[١٤٥٩٥] ٢ - القطب الراوندي في دعواته عن الصادقعليه‌السلام قال: « أربعة لا يستجاب لهم: دعاء رجل جالس في بيته يقول: يا رب ارزقني، فيقول له: ألم آمرك بالطلب! » الخبر.

[١٤٥٩٦] ٣ - جامع الأخبار: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال للحسنعليه‌السلام : « لا تلم انسانا يطلب قوته، فمن عدم قوته كثر خطاياه »، الخبر.

__________________

(١) ضحي الرجل: اصابه حر الشمس ( لسان العرب - ضحا - ج ١٤ ص ٤٧٧ ).

(٢) الجمعة ٦٢ الآية ١٠.

١٢ - غرر الحكم ص ١٥ « الطبعة الحجرية ».

الباب ٤

١ - كنز الكراجكي ص ٢٩١.

(١) في المصدر: إلى.

٢ - دعوات الراوندي ص ٧.

٣ - جامع الأخبار ص ١٢٨.

١٤

[١٤٥٩٧] ٤ - عوالي اللآلي: وفي الحديث انه لما نزل قوله تعالى:( وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) (١) انقطع رجال من الصحابة في بيوتهم واشتغلوا بالعبادة، وثوقا بما ضمن لهم، فعلم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك، فعاب ما فعلوه وقال: « اني لأبغض الرجل فاغرا إلى ربه، يقول: اللهم ارزقني، ويترك الطلب ».

٥ -( باب استحباب الاستعانة بالدنيا على الآخرة)

[١٤٥٩٨] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد قال: حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم العون على تقوى الله الغنى ».

[١٤٥٩٩] ١ - وبهذا الاسناد: قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الفقر خير لامتي(١) من الغنى، الا من حمل كلا(٢) ، أو أعطى في نائبة ».

[١٤٦٠٠] ٣ - كتاب محمد بن المثنى بن القاسم الحضرمي: عن جعفر بن محمد بن شريح، عن ذريح قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « نعم العون الدنيا على الآخرة ».

[١٤٦٠١] ٤ - محمد بن إدريس في السرائر: نقلا من كتاب أبان بن تغلب، عن

__________________

٤ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ١٠٨ ح ٢٩٦.

(١) الطلاق ٦٥ الآية ٢، ٣.

الباب ٥

١ - الجعفريات ص ١٥٥.

٢ - المصدر السابق ص ١٥٥.

(١) في نسخة: للمؤمن.

(٢) الكل: الثقل على صاحبه ( لسان العرب - كلل - ج ١١ ص ٥٩٤ ).

٣ - كتاب محمد بن المثنى بن القاسم الحضرمي ص ٨٨.

٤ - السرائر ص ٤٧٥.

١٥

محمد بن عبد الله بن زرارة، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : انا لنحب الدنيا، فقال لي: « تصنع بها ماذا؟ » قال [ قلت ](١) : أتزوج منها(٢) ، وأنفق على عيالي، وأنيل إخواني، وأتصدق، قال لي: « ليس هذا من الدنيا، هذا من الآخرة ».

[١٤٦٠٢] ٥ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن ابن مسكان عن، أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى:( وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ) (١) قال: « الدنيا ».

[١٤٦٠٣] ٦ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: باسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن ( صلوات الله عليه )، قال: « كان لقمان يقول لابنه: يا بني ان الدنيا بحر وقد غرق فيها جيل كثير - إلى أن قال - يا بني خذ من الدنيا بلغة، ولا تدخل فيها دخولا تضر فيها بآخرتك، ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس »، الخبر.

[١٤٦٠٤] ٧ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن ( سليمان بن داود )(١) عن حماد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - أنه قال: « قال لقمان لابنه: وخذ من الدنيا بلاغا، ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس، ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك »، الخبر.

[١٤٦٠٥] ٨ - أبو علي محمد بن همام في التمحيص: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر زيادة: وأحج.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٥٨ ح ٢٤.

(١) النمل ١٦ الآية ٣٠.

٦ - قصص الأنبياء ص ١٩٠، وعنه في البحار ج ١٣ ص ٤١٦ ح ١٠.

٧ - تفسير علي بن إبراهيم ج ٢ ص ١٦٤.

(١) في الطبعة الحجرية: « داود بن سليمان »، وما أثبتناه من المصدر هو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ٨ ص ٢٥٤ و ج ١٤ ص ٤٤ ».

٨ - التمحيص ص ٤٩ ح ٨٥.

١٦

قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الفقر خير للمؤمن من الغنى، الا من حمل كلا، أو أعطى في نائبة ».

[١٤٦٠٦] ٩ - نهج البلاغة: من كلام لهعليه‌السلام بالبصرة وقد دخل على العلاء ابن زياد الحارثي يعوده، فلما رأى سعة داره قال: « ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا؟ اما أنت إليها في الآخرة كنت أحوج، وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة، تقري فيها الضيف، وتصل فيها الرحم، وتطلع منها الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة ».

[١٤٦٠٧] ١٠ - الحسين بن سعيد في كتاب الزهد: عن محمد بن أبي عمير، عن علي الأحمسي، عمن أخبره، عن أبي جعفرعليه‌السلام انه كان يقول: « نعم العون الدنيا على الآخرة ».

[١٤٦٠٨] ١١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « من طلب الدنيا حلالا، استعفافا عن المسألة، وسعيا على عياله، وتعطفا على جاره، لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر ».

[١٤٦٠٩] ١٢ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: « الا وان من النعم سعة المال، وأفضل من سعة المال صحة البدن، وأفضل من صحة البدن تقوى القلب ».

٦ -( باب استحباب جمع المال من حلال، لأجل النفقة في الطاعات، وكراهة جمعه لغير ذلك)

[١٤٦١٠] ١ - الكشي في رجاله عن محمد بن مسعود عن محمد بن نصير، عن

__________________

٩ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٢١٣ رقم ٢٠٤.

١٠ - الزهد ص ٥١ ح ١٣٦.

١١ - لب اللباب: مخطوط.

١٢ - غرر الحكم ج ١ ص ١٦٤ ح ٢٥.

الباب ٦

١ - رجال الكشي ٢ ص ٧٠٥ ح ٧٥٢.

١٧

محمد بن عيسى، عن زياد القندي قال: كان أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا رأى إسحاق بن عمار وإسماعيل بن عمار، قال: « وقد يجمعهما لأقوام » يعني الدنيا والآخرة.

[١٤٦١١] ٢ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن أحمد ابن محمد بن خالد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « انا نحب الدنيا، وان لا نعطاها خير لنا » - إلى أن قال - فقال(١) رجل: والله انا لنطلب الدنيا، فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : « تصنع بها ماذا؟ » قال: أعود بها على نفسي وعلى عيالي، وأتصدق منها، واصل منها، وأحج منها،(٣) فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ليس هذا طلب الدنيا، هذا طلب الآخرة ».

[١٤٦١٢] ٣ - البحار، عن اعلام الدين للديلمي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « تكون أمتي في الدنيا على ثلاثة اطباق:

اما الطبق الأول: فلا يحبون جمع المال وادخاره، ولا يسعون في اقتنائه واحتكاره، وإنما رضاهم(١) من الدنيا سد جوعة وستر عورة، وغناهم(٢) فيها(٣) ما بلغ بهم الآخرة، فأولئك الآمنون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

وأما الطبق الثاني: فإنهم يحبون جمع المال من أطيب وجوهه وأحسن سبله،

__________________

٢ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٧٦.

(١) في المصدر زيادة: له.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: قال.

٣ - البحار ج ١٠٣ ص ١٦ ح ٥٧ عن اعلام الدين ص ١٠٧.

(١) في المصدر: أرضاهم.

(٢) في المصدر: أغناهم.

(٣) في نسخة: منها.

١٨

يصلون به أرحامهم، ويبرون به إخوانهم ويواسون به فقراءهم، ولعض أحدهم على الرصف(٤) أيسر عليه من أن يكتسب درهما من غير حله، أو يمنعه من حقه، أو(٥) يكون له خازنا إلى حين موته، فأولئك الذين ان نوقشوا عذبوا، وان عفي عنهم سلموا.

واما الطبق الثالث: فإنهم يحبون جمع المال مما حل وحرم، ومنعه مما افترض ووجب، ان انفقوه انفقوه إسرافا وبدارا، وان أمسكوه أمسكوه بخلا واحتكارا ».

ورواه ابن فهد في عدة الداعي: وزاد في آخره: « أولئك الذين ملكت الدنيا زمام قلوبهم، حتى أوردتهم النار بذنوبهم »(٦) .

[١٤٦١٣] ٤ - علي بن إبراهيم في تفسيره: قال: وذكر رجل عند أبي عبد اللهعليه‌السلام الأغنياء ووقع فيهم، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : اسكت، فان الغني إذا كان وصولا لرحمه، وبارا بإخوانه، أضعف الله له الاجر ضعفين، لان الله يقول:( وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ) (١) ».

[١٤٦١٤] ٥ - الصدوق في علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الجاري، عن أبي بصير قال:

__________________

(٤) ( الرصف ) كذا بالصاد المهملة، ولعل صحته ( الرضف ) بالضاد المعجمة.

الرضف: الحجارة التي حميت بالشمس أو النار واحدتها رضفة ( لسان العرب - رضف - ج ٩ ص ١٢١ ).

(٥) في المصدر زيادة: أن.

(٦) عدة الداعي ص ٩٢.

٤ - تفسير القمي ج ٢ ص ٢٠٣.

(١) سبأ ٣٤ الآية ٣٧.

٥ - علل الشرائع ص ٦٠٤.

١٩

ذكرنا عند أبي جعفرعليه‌السلام من الأغنياء من الشيعة، فكأنه كره ما سمع منا فيهم، قال: « يا أبا محمد، إذا كان المؤمن غنيا رحيما وصولا له معروف إلى أصحابه، أعطاه اجر ما ينفق في البر اجره مرتين ضعفين، لان الله عز وجل يقول في كتابه:( وَمَا أَمْوَالُكُمْ ) (١) » الآية.

[١٤٦١٥] ٦ - الديلمي في ارشاد القلوب: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث طويل - أنه قال: « قال الله تعالى في ليلة المعراج: يا احمد، ان العبادة عشرة اجزاء، تسعة منها طلب الحلال »، الخبر.

[١٤٦١٦] ٧ - عوالي اللآلي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هلك المثرون » قلنا(١) : يا رسول الله، الا من؟ فأعادها ثلاثا، ثم قال: « ( الا من فرقه في حياته في اعمال الخير - قال )(٢) هكذا هكذا - وقليل ما هم ».

[١٤٦١٧] ٨ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: « القبر خير من الفقر ».

وقالعليه‌السلام : « ان اعطاء هذا المال في طاعة الله أعظم نعمة، وان انفاقه في معاصيه(١) أعظم محنة »(٢) .

__________________

(١) سبأ ٣٤ الآية ٣٧.

٦ - ارشاد القلوب ص ٢٠٣.

٧ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٢٦ ح ٦٥.

(١) في المصدر: قلت.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٨ - غرر الحكم ج ١ ص ١٧ ح ٤٤٦.

(١) في المصدر: معصية.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٢١٦ ح ١٧.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

فلا أطيل مناقشته في أبي هريرة ومرتبته في تلمذته عند كعب ، إذ هو ليس من غُنمي ولا غَنَمي ـ كما يقال ـ ولكن من حقي تصحيح رأيه في غفلته بل وغلطته حين جعل ابن عباس تلميذ كعب ومنحه المرتبة الثانية ، وما قدّمت من شواهد تنفي تلك المزعمة ، إذ هي ـ الشواهد ـ تثبت أن ابن عباس كان سئ الظن بكعب ، وقد كذّبه ، فكيف يعقل أنّه كان يأخذ عنه حتّى صار تلميذاً له كما في أضواء أبي ريّة الخافتة في هذا المقام؟

ثمّ إنّ الخبر الذي أشار إليه في تفسير الطبري قد رواه الطبري في تفسيره مرتين وبسندين ينتهيان إلى شمر بن عطية ، ثمّ هو يرويه أوّلاً مرسلاً إذ قال : جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار الخ ، ورواه ثانياً عن هلال ابن يساف قال : سأل ابن عباس كعباً(1) .

وشمر هذا الذي روى الخبر تارة مرسلاً وأخرى مسنداً ـ بالرغم من توثيق جماعة له ـ لا يقبل خبره لأنّه كان عثمانياً ـ قال الآجري : قلت لأبي داود كان ـ شمر ـ عثمانياً؟ قال : جداً(2) . وكعب كان من الضالعين مع عثمان ، فهو يرفع بضبعه وإن كان ذلك على حساب توهين ابن عباس.

على أنّ القرطبي ذكر في تفسيره تسعة أقوال في تفسير الآية الكريمة ، جاء فيها قول ابن عباس مغايراً لقول كعب ، وإليك الأقوال كما ذكرها القرطبي :

____________________

(1) تفسير الطبري 27 / 52 ط2 بمصر.

(2) تهذيب التهذيب 4 / 365 ط حيدر آباد.

١٤١

قال : ( واختلف لم سمّيت سدرة المنتهى على أقوال تسعة :

( الأوّل ) ما تقدم عن ابن مسعود أنّه ينتهي إليها كلّما يهبط من فوقها ويصعد من تحتها.

( الثاني ) أنّه ينتهي علم الأنبياء إليها ، ويعزب علمهم عمّا وراءها ، قاله ابن عباس.

( الثالث ) أنّ الأعمال تنتهي إليها وتقبض منها ، قاله الضحاك.

( الرابع ) لانتهاء الملائكة والأنبياء إليها ووقوفهم عندها ، قاله كعب.

( الخامس ) سمّيت سدرة المنتهى لأنّها ينتهي إليها أرواح الشهداء ، قاله الربيع بن أنس.

( السادس ) لأنّه تنتهي ـ تأوي ـ إليها أرواح المؤمنين ، قاله قتادة.

( السابع ) لأنّه ينتهي إليها كلّ من كان على سنة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ومنهاجه ، قاله عليّ رضي الله عنه والربيع بن أنس أيضاً.

( الثامن ) هي شجرة على رءوس حملة العرش إليها ينتهي علم الخلائق ، قاله كعب أيضاً

( التاسع ) سُمّيت بذلك لأنّ من رُفع إليها فقد انتهى في الكرامة )(1) .

أقول : لقد تبيّن من ذكر هذه الأقوال أنّ ابن عباس كان مستقلاً في رأيه في تفسير( سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) ، كما بيّن أنّ كعب الأحبار كان مذبذباً بين القولين.

____________________

(1) تفسير القرطبي 17 / 95.

١٤٢

هل أخذ ابن عباس من عبد الله بن سلام؟

ـ ذكر الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ) : ( عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه أنّه جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إنّي قرأت القرآن والتوراة فقال : ( إقرأ هذا ليلة وهذا ليلة ) )(1) . ذكره أبو عروبة في البدريين (؟) ، قال ابن حجر : انفرد بذلك(2) . وذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة ممّن شهد الخندق وما بعدها(3) .

والغريب في النص الأوّل قوله : ( أنّي قرأت القرآن والتوراة فقال صلى الله عليه وآله وسلم له : إقرأ هذا ليلة وهذا ليلة )! وأحسب نحو تلطيف جرى في عبارة الذهبي وإلاّ فنص ابن سعد في الطبقات : ( قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إقرأ القرآن ليلة والتوراة ليلة )(4) ، والفرق بين النصين واضح ، والتلطيف لائح ، فإنّ لفظة ( إقرأ ) صارت تحكي صيغة ( أمرني ) إلاّ أنّها بصورة مخففة عن معنى الأمر الصريح.

ومهما تكن تلك الصيغة فإنّها تستبطن الكذب على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم

____________________

(1) تذكرة الحفاظ 1 / 27. وفي طبقات ابن سعد 5 / 383 ط الخانجي بمصر : ( قال : أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقرأ القرآن ليلة والتوراة ليلة ). وهذا من أقبح الكذب على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما بينت في المتن.

(2) تهذيب التهذيب 5 / 249 ط حيدر آباد.

(3) طبقات ابن سعد 5 / 377 ط الخانجي بمصر.

(4) طبقات ابن سعد 5 / 383 ط الخانجي بمصر.

١٤٣

لمعارضة ما صحّ من طرق كثيرة : أنّ عمر بن الخطاب أتى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بصحيفة فسأله عنها فقال :

والحديث برواية الدارمي وابن سعد في الطبقات عن جابر قال : ( إنّ عمر بن الخطاب أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنسخة من التوراة فقال : يا رسول الله : هذه نسخة من التوراة فسكت ، فجعل يقرأ ووجه رسول الله يتغيّر ، فقال أبو بكر : ثكلتك الثواكل ما ترى بوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فنظر عمر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : أعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله ، رضينا بالله ربّاً ، وبالإسلام ديناً وبمحمد نبيّاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( والذي نفس محمّد بيده لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل ، ولو كان حيّاً وأدرك نبوّتي لاتبعني ) )(1) . وهذا الخبر أخرجه أحمد في مسنده ، وعبد الرزاق في المصنف ، وابن أبي شيبة في مصنفه ، والبزار في مسنده ، والروداني في جمع الفوائد ، والهيثمي في مجمع الزوائد ، وغيرهم(2) .

فالحديث ثابت ، وهو صريح في غضب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لمجرد مجيء عمر بصحيفة من التوراة! فكيف يعقل ويقبل أن يأمر عبد الله بن سلام أن يقرأ القرآن ليلة والتوراة ليلة؟ وما رواية ابن سلام إلاّ كرواية أبي الجلد الآتي ذكره في نحو هذا ، وهو من الدسّ الإسرائيلي الخبيث لتسميم عقول المسلمين.

وأغرب من هذا كلّه أن يذكر ذلك في دواوين الحديث عند شريحة

____________________

(1) سنن الدارمي 1 / 116.

(2) مسند أحمد 3 / 387 ، المصنف 10 / 313 و 6 / 113 و 11 / 111.

١٤٤

كبيرة من المسلمين دون أن ينبّهوا على ما فيه من مردود سيّء على عقول السذّج من الناس!

هل أخذ ابن عباس من وهب بن منبه؟

لقد كتب الدكتور جواد عليّ في محاضرته عن موارد تاريخ الطبري(1) عن وهب بن منبه ، ما أغنى وأقنى ، وعاد فذكره مرّة أخرى في ( ص212 ) في حديثه عن طلاب ابن عباس والراوين عنه وهو واحد منهم فقال : ( ولوهب روايات زعم أنّه أخذها من ابن عباس أشك في صحتها! إذ كيف يعقل أخذ وهب بن منبه هذه الإسرائيليات من ابن عباس ، وهو أعلم بها منه؟ ولا سيما بعد أن زعم الصنعانيون وآل منبه أنّه قرأ عشرات الكتب. وأنّه كان عالماً بأحكام الكتب السماوية وبالتوراة والتلمود والمدراش ، ولذلك نرى الجائز العكس ، يؤيد هذا ما جاء في الروايات أنّ ابن عباس كان يسأل أهل الكتاب عمّا كان يشكل عليه ، والظاهر أنّ رواة وهب بن منبه أو وهب بن منبه نفسه هم الذين وضعوا هذه الأقوال على لسان ابن عباس لتجد لها سبيلاً بين المسلمين أهـ )(2) .

أقول : إنّ الذي لا نقبله من رأي الدكتور هو ما أرتئاه من أخذ ابن عباس من وهب ، وزعم تأييده بأنّ ابن عباس كان يسأل أهل الكتاب عمّا كان يشكل عليه ، بينما الصحيح هو كان ينهى عن مساءلة أهل الكتاب ،

____________________

(1) مجلة المجمع العلمي العراقي 1 / س1 / 184 ـ 193.

(2) مجلة المجمع العلمي العراقي 1 / س1 / 212.

١٤٥

وقد مرّ نهيه فيما تقدّم ، وما شك فيه الدكتور من روايات وهب عن ابن عباس ليس كلّها ممّا يشك في صحتها.

فمثلاً ما أخرجه الطبراني في ( المعجم الكبير ) بسنده عن وهب بن منبه يقول : ( صحبت ابن عباس قبل أن يصاب بصره وبعد ما أصيب ، فسئل عن القدر ، فقال : وجدت أصوب الناس فيه حديثاً أجهلهم به ، وأضعفهم فيه حديثاً أعلمهم به ، ووجدت الناظر فيه كالناظر في شعاع الشمس ، كلّما ازداد فيه نظراً ازداد بصره فيها تحيّراً )(1) ، فليس في هذا شيء من الإسرائيليات ، فأيّ مانع من قبوله؟

إذن كان على الدكتور أن يحتاط بتقييد روايات وهب التي رواها عن ابن عباس فيما هي من الإسرائيليات فلا نقبلها ، أمّا فيما عدا ذلك فلا مانع من قبولها إذا لم تعارض الكتاب أو السنة الثابتة.

ومثل ذلك ما أخرجه أبو بكر الآجري في كتابه ( أخلاق العلماء ) ، والبسوي في ( المعرفة والتاريخ ) بسنده عن وهب بن منبه ، قال : ( بلغ ابن عباس عن مجلس كان في ناحية بني سهم يجلس فيه ناس من قريش يختصمون فترتفع أصواتهم ، فقال ابن عباس : انطلق بنا إليهم ، فانطلقنا حتّى وقفنا عليهم ، فقال ابن عباس : أخبرهم عن كلام الفتى الذي كلّم به أيوب في حاله ( وما ) قال أيوب.

____________________

(1) المعجم الكبير 10 / 262 ، ورواه الهيثمي في المجمع 7 / 201.

١٤٦

فقلت : قال الفتى : يا أيوب أمّا كان في عظمة الله وذكر الموت ما يكلّ لسانك ، ويقطع قلبك ، ويكسر حجّتك؟ يا أيوب أما علمت أنّ لله عباداً أسكنتهم خشية الله من غير عيّ ولا بكم ، وإنّهم هم النبلاء الفصحاء الطلقاء الألبّاء ، العالمون بالله وآياته ، ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت قلوبهم وكلّت ألسنتهم ، وطاشت عقولهم وأخلاقهم فرَقَا من الله وهيبة له ، وإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله عزوجل بالأعمال الزاكية ، لا يستكثرون لله الكثير ، ولا يرضون له بالقليل ، يعدّون أنفسهم مع الظالمين الخاطئين ، وإنّهم لأنزاه أبرار ، ومع المضيّعين المفرّطين وإنّهم لأكياس أقوياء ناحلون دائبون ، يراهم الجاهل فيقول مرضى وليسوا بمرضى ، قد خولطوا وقد خالط القوم أمر عظيم )(1) . وزاد في ( المعرفة ) : ( ثمّ قال ابن عباس على أثر كلام وهب : وكفى بك ظالماً أن لا تزال مخاصماً ، وكفى بك آثماً أن لا تزال ممارياً ، وكفى بك كاذباً أن لا تزال محدّثاً في غير ذات الله عزوجل )(2) .

وهذا الذي مرّ ذكره من الخطيب في المتفق والمفترق عن وهب بن منبه قال : أقبلت مع عكرمة أقود ابن عباس رضي الله عنه بعد ما ذهب بصره ، حتّى دخل المسجد الحرام ، فإذا قوم يمترون في حلقة لهم عند باب بني شيبة ، فقال : أَمِل بي إلى حلقة المراء ، فانطلقت به حتّى أتاهم فسلّم عليهم ، فأرادوه على

____________________

(1) أخلاق العلماء لأبي بكر الآجري ص84 ـ 86 ط دمشق سنة 1392 هـ 1972م.

(2) البسوي في المعرفة والتاريخ 1 / 524 ـ 526.

١٤٧

الجلوس فأبى عليهم ، وقال : انتسبوا إلي أعرفكم ، فانتسبوا إليه.

فقال : ( أما علمتم أن لله عباداً أسكتتهم خشيته من غير عيّ ولا بكم ، إنّهم لهم الفصحاء النطقاء النبلاء العلماء بأيام الله ، غير أنّهم إذا ذكروا عظمة الله طاشت عقولهم من ذلك وانقطعت ألسنتهم ، حتّى إذا استقاموا من ذلك سارعوا إلى الله بالأعمال الزاكية فأين أنتم منهم ) ، ثمّ تولى عنهم فلم ير بعد ذلك رجلان ، فأين هذا ممّا مرّ ، ولا مانع من تعدد الواقعة ، فما رواه الآجري والبسوي كان مجلس المختصمين عند باب بني سهم ، وما رواه الخطيب كان عند باب بني شيبة ، وبينهما فرق ، لكن الذي يبعث الشك في رواية الآجري والبسوي هو إحالة ابن عباس التوبيخ لأولئك المتخاصمين على تحديث وهب عن كلام الفتى الذي كلّم به أيوب ، وهذا يكشف عن معرفة ابن عباس بذلك الكلام ، فلماذا لم يقله هو وقال لوهب أخبرهم عن كلام الفتى ورواية وهب عن ابن عباس لها شواهد كثيرة :

فمن ذلك ماذكره السيد ابن طاووس في كتابه ( الإقبال ) في عمل ليلة عاشوراء نقلاً عن كتاب ( دستور المذكرين ) للحافظ محمّد بن أبي بكر المديني ، بإسناده المتصل عن وهب بن منبه عن ابن عباس قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من صلى ليلة عاشوراء أربع ركعات من آخر الليل يقرأ في كلّ ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي عشر مرّات ، وقل هو الله أحد عشر مرّات ، وقل أعوذ بربّ

١٤٨

الفلق عشر مرّات ، وقل أعوذ بربّ الناس عشر مرات ، فإذا سلّم قرأ قل هو الله مائة مرّة ، ثمّ ذكر ثواب تلك الصلاة ). إلى أن قال وهب بن منبه : صُمّت إذناي إن لم أكن سمعت هذا من ابن عباس )(1) .

ومهما يكن أمر ذلك فإنّ وهب بن منبه هو الصهيوني الأوّل كما يراه الإستاذ سعيد الأفغاني وحكاه عنه الشيخ أبو رية(2) ، فكيف نصدّق بمرويات تذكر أخذ ابن عباس عنه وهو الذي كان ينهى عن الأخذ من أهل الكتاب.

هل أخذ ابن عباس من أبي الجلد؟

ينبغي لنا أوّلاً أن نعرّف القارئ بأبي الجلد ومن ذا يكون؟ ثمّ نسأل هل أخذ ابن عباس منه؟

وللتعريف به لابدّ من الرجوع إلى المصادر الإسلامية التي ذكرته ، ثمّ العرجة على المصادر الأخرى التي أشارت إليه.

وأوّل ما يصادفنا الإختلاف في ضبط اسمه وكنيته : فهو أبو الجلد جيلان ـ بالجيم المعجمة ـ كما ذكره العسكري في كتابه ( شرح ما يقع فيه التصحيف ) قال : ( فأمّا أبو الجلد ـ بلا هاء ، والجيم مفتوحة ـ واسمه جيلان ابن فروة ، فهو صاحب كتب ، وكان جمّاعة لأخبار الملاحم )(3) .

____________________

(1) الإقبال / 555 ط الثانية دار الكتب الإسلامية سنة 1390 هـ.

(2) شيخ المضيرة / 93.

(3) شرح ما يقع فيه التصحيف / 409 ط1 محققة سنة 1384 هـ.

١٤٩

وجاء في ( حلية الأولياء ) لأبي نعيم : ( حيلان ـ بالحاء المهملة ـ )(1) ، وقد ورد ذلك مكرراً ، ولعلّه من غلط النسخة. بينما ذكره جولد زيهر في كتابه ، وسماه : ( غيلان بن فروة )(2) ، ولعلّ ذلك من وهم المترجم أو غلط المؤلف.

ومهما يكن الصحيح في اسمه ، فقد سرى الإختلاف في نسبته إلى قومه هل هم الأزد ، أو بني أسد ، فقال ابن سعد : ( أبو الجلد الجوني ـ حيّ من الأزد )(3) ، بينما نسبه البخاري وابن حبّان إلى بني أسد فذكراه : ( الأسدي البصري )(4) ، وهذا أيضاً من الغلط ، فالرجل جوني ـ والجون بطن من الأزد ، وذكره الطبري في تفسيره فقال : ( رجل من أهل هجر )(5) .

أمّا عن ثقافته فهو كما قال ابن حبّان : ( وكان ممّن يقرأ كتب الأوائل وكان من العبّاد )(6) . وقد كشف لنا عن هوية تلك الكتب ، ابن أبي حاتم فقال : ( صاحب كتب التوراة ونحوها )(7) ، ولا غضاضة في تنوّع الثقافة مع

____________________

(1) حلية الأولياء 6 / 54.

(2) مذاهب التفسير الإسلامي / 85 ترجمة عبد الحليم النجار.

(3) طبقات ابن سعد 9 / 221 ط الخانجي بمصر.

(4) التاريخ الكبير للبخاري 1 / ق 2 / 251 ط المكتبة الإسلامية في ديار بكر تركيا ، وفيه ( جيلان ابن أبي فروة ويقال فروة الأسدي البصري ) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ح1 / ق 1 / 547 ط افست عن الطبعة الأولى بحيدر آباد سنة 1371 هـ.

(5) تفسير الطبري 1 / 344 ط محققة.

(6) مشاهير علماء الأمصار / 93.

(7) الجرح والتعديل 1 / 1 / 547.

١٥٠

الحفاظ على الهويّة الإسلامية ، لكن هلمّ الخطب حين نقرأ ما قاله عنه ابن سعد في طبقاته ، ورواه بسنده عن ابنته : أنّ أباها كان يقرأ القرآن في كلّ سبعة أيام ، ويختم التوراة في ستة يقرأها نظراً ، فإذا كان يوم يختمها حشد لذلك ناس ـ كذا ـ وكان يقول : كان يقال : تنزّل عند ختمها الرحمة(1) .

ومن اللافت للنظر توثيقه من ابن سعد وأحمد وابن حبّان؟! وأغرب من ذلك ذكر أبي نعيم له في ( حلية الأولياء ، وطبقات الأصفياء ) ، وقد ترجمه ترجمة هي أوسع ما رأيت عنه ـ فوصفه بـ ( الواعظ الجعد ، المعروف بالحفظ والسرد ، حيلان بن فروة أبو الجلد ، كان للكتب المنزلة حافظاً ، وبمواعظ الأنبياء وأحوالهم واعظاً ، وبالأذكار لهجاً لافظاً ). ثمّ ذكر بأسانيده عن أبي عمران الجوني عنه ثمانية عشر أثراً ، ليس بينهما أثر واحد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أو عن قرآنه ، بينما ذكر من الأنبياء موسى وعيسى وداوود ويونس ، مع ذكره قراءته الحكمة وكتب الله ، ومسألة داوود(2) !

وإذا عرفنا أنّ أبا عمران الجوني ـ المحظيّ بالرواية عن أبي الجلد جاء حديثه في الأصول الستة بما فيها صحيحي البخاري ومسلم ، ومن روى عنه البخاري فقد جاز القنطرة ـ فلا غرابة بعد لو وثّقه يحيى بن معين ، وابن سعد والذهبي وغيرهم. وهذا مات عن سنّ عالية سنة 123 ـ

____________________

(1) طبقات بن سعد 7 / 1 / 161.

(2) حلية الأولياء 6 / 54 ـ 59.

١٥١

128 ـ 129 هـ.

أمّا بقية الرواة عن أبي الجلد الذين ذكرهم أبو نعيم في حليته فهم : ( مطر الوراق ، وأبو روح ، ومحمد ـ ابن سيرين ـ وعن كلّ واحد منهم روى أثراً واحداً. ثمّ قال : أسند أبو الجلد عن معقل بن يسار وغيره من الصحابة ، فذكر حديثه ذلك بإسناده إلى أبان بن أبي عيّاش عن أبي الجلد عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( لا تذهب الأيام والليالي حتّى يخلق القرآن في صدور أقوام من هذه الأمّة كما تخلق الثياب ، ويكون ما سواه أعجب إليهم ، ويكون أمرهم طمعاً كلّه لا يخالطه خوف ، إن قصّر عن حقّ الله منّته نفسه الأماني ، وإن تجاوز إلى ما نهى الله عنه قال : أرجو أن يتجاوز الله عني ، يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب ، أفاضلهم في أنفسهم المداهن ) ، قيل : وما المداهن؟ قال : ( الذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر ) )(1) .

هذه حصيلة ما عثرت عليه في المصادر المشار إليها متناً وغيرها ممّا سيأتي ذكرها آخر البحث ، وهي في جانب ممّا فيها لا يعنينا كثيراً مثل كونه من أهل هجر ، وهل هو أزدي أو أسدي؟ إنّما الذي ينبغي الوقوف عنده بتأمل هي النقاط التالية :

____________________

(1) حلية الأولياء 6 / 56.

١٥٢

1 ـ كونه صاحب كتب التوراة ونحوها.

2 ـ ختمه القرآن في كلّ سبعة أيام ، وختمه التوراة في ستة يقرؤها نظراً. فإذا كان يوم يختمها حشد لذلك ناساً ويقول : كان يقال : تنزّل عند ختمها الرحمة.

3 ـ توثيقه من ابن سعد وأحمد وابن حبّان.

4 ـ وأخيراً عدّه من الأولياء الأصفياء عند أبي نعيم في حليته.

مع العلم بسياق حاله وماله ، فهو كان يهودي الأصل ، وربّما كان من أحبارهم لأنّه صاحب كتب التوراة ، وهي عادة إنّما يعتني بحفظها الأحبار منهم. وعرفناه لم يتخل عن رواسبه اليهودية ، حين كان يختم التوراة إلى جانب ختمه القرآن ، ولو كان مسلماً صحيح الإسلام لنبذها وأعرض عنها بعد أن هداه الله للإيمان ، وقد أبدله بخير منها وهو القرآن.

ولكن الرجل لم يزل في نفسه تنازعه رواسب يهوديته ، فهو يختم التوراة نظراً ، ولا يكفيه ذلك حتّى يحشد ناساً عند ختمه لها ويحكي لهم قول من قال : تنزّل عند ختمها الرحمة. مع أنّه لم ينقل عنه أنّه كان يصنع مثل ذلك عند ختمه القرآن ولو لمرّة واحدة!

فماذا يعنى ذلك؟ هل هي دعوة إلى العناية بالتوراة والترغيب في تلاوتها والنظر فيها ، لأنّ عند ختمها تنزل الرحمة؟ وبالتالي أليس هذه الحال هي بلبلة أفكار السذّج من المسلمين وحرفهم عن قرآنهم المجيد؟

ثمّ لا ينقضي العجب من أولئك الذين شهدوا بوثاقته ، والرجل بعدُ

١٥٣

على رواسبه اليهودية في دخيلة نفسه؟!

وحسبنا ما ذكرناه في تعريفه ، ولنقرأ الإجابة على السؤال المذكور في العنوان ، هل أخذ ابن عباس من أبي الجلد في العلم بالقرآن شيئاً؟ فكان ذلك مادة للتشهير به؟

ولابدّ من عرض ما ذكره بعض المفسرين من روايات تمسّك بها من أراد التنديد بابن عباس وأنّه كاتب أبا الجلد يستوضح منه معاني ألفاظ في القرآن الكريم كان يجهل معانيها ، لأنّها ممّا تتعلق بالآيات الكونية. ولزيادة الإيضاح في المقام ، أذكر ما وقفتُ عليه من تلك الروايات ، آخذاً لها من أوثق التفاسير وأشهرها ، إلاّ وهو تفسير الطبري ، ويعتبر المرجع الأوّل عند المفسرين الذين عُنوا بالتفسير النقلي ، ومؤلفه إمام في فنّه يحكم بقوله ، ويرجع إلى رأيه ، ويؤخذ برواياته ، فهو بحق كان أباً في التاريخ ، وأباً في التفسير بالمأثور ، وأباً في الفقه ، وله مذهب معروف ، وأصحاب ينتحلون مذهبه يقال لهم الجريرية ، لم يكتب لهم البقاء طويلاً بين أصحاب المذاهب الأخرى.

فماذا في تفسير الطبري؟

لقد ساق الطبري عدّة روايات مسندة ، وهو صنع مشكور ، إذ عرض أمام الباحث ما رواه ، وقد يعقب على بعض ذلك بما يراه ، ويترك باب القبول والردّ مفتوحاً لمن رآه ، فلنقرأ ماذا في كتابه؟

١٥٤

1 ـ قال الطبري : ( حدّثنا المثنى ، قال : حدّثنا حجاج ، قال : حدّثنا حماد ، قال : أخبرنا موسى ابن سالم أبو جهضم ـ مولى ابن عباس ـ قال : كتب ابن عباس إلى أبي الجلد(1) يسأله عن الرعد؟ فقال : الرعد مَلَك )(2) .

وأوّل ما يجب التنبيه عليه في المقام انّ الرواية ينتهي إسنادها إلى موسى بن سالم أبو جهضم مولى ابن عباس ـ كما مرّ ـ ولمّا كان الرجل ليس من موالي ابن عباس حقيقة ، وإنما هو مولى لبني العباس ، وقد احتملت بادئ الأمر أن تصحيفاً في النسخة من ( بني ) إلى ( ابن ) ، ولكن لدى مراجعة الطبعات الثلاث للتفسير ، تيقنت ليس ذلك من التصحيف ، بل كلها متفقة على الموجود ، ولا يبعد أن يكون ذلك من سهو قلم الطبري ، أو ناسخ النسخة الأولى التي جرى عليها الطبع وتتابعت بقية الطبعات على ذلك الخطأ. وإنما نبهت على ذلك ، وقلت : إنه يجب ، لأن رواية أبي جهضم حينئذ تكون مرسلة ، لعدم إدراكه ابن عباس ، فلا يمكن الإعتماد عليها لإثبات صحة المكاتبة.

وقد روى الطبراني في كتاب ( الدعاء ) هذه الرواية بسنده إلى

____________________

(1) في الطبعة الاولى بمصر بالميمنية 1 / 116 ( أبو الخلد ) بالخاء المعجمة ، وكذا في الطبعة الثانية بمصر 1 / 151 طبع مصطفى البابي سنة 1373 هـ ، وكذلك في الطبعة الثالثة دار المعارف 1 / 340 بتحقيق الأخوين محمود وأحمد شاكر ، غير أن المحققين الفاضلين نبها في الهامش على الصحيح في ذلك.

(2) تفسير الطبري 1 / 341.

١٥٥

الشعبي(1) ، وستأتي عنه رواية أخرى تكشف عن كذبه.

2 ـ قال الطبري : ( حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا بشر بن إسماعيل عن أبي كثير ، قال : كنت عند أبي الجلد إذ جاءه رسول ابن عباس بكتاب اليه ، فكتب إليه : كتبت تسألني عن الرعد ، فالرعد ريح )(2) .

وبهذا الإسناد روى الطبري رواية أخرى فيها ذكر المكاتبة يسأله عن البرق : ( فكتب إليه : فالبرق الماء )(3) .

ولمّا كانت الروايتان في الحقيقة هي رواية واحدة والمكاتبة واحدة كما في كتاب ( العظمة ) لأبي الشيخ الاصبهاني(4) ، وقد كفانا مؤنة البحث عن حال رجال الإسناد ما ذكره المحقق في الهامش فقال : ( إسناد مشكل ، ما وجدت ترجمة ( بشر بن إسماعيل ) وما عرفت من هو؟ ثمّ لم أعرف من ( أبو كثير ) الراوي عن أبي الجلد )(5) .

وأضيف أنا إلى ذلك ، تبدّل جواب أبي الجلد عن الرعد في المقام ، فقد فسّره بالريح بينما كان في الرواية الأولى الملَك؟!

3 ـ قال الطبري : ( حدّثني إبراهيم بن عبد الله ، قال : حدّثنا عمر بن

____________________

(1) الدعاء / 307 تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، ط دار الكتب العلمية بيروت سنة 1413 هـ.

(2) تفسير الطبري 1 / 341.

(3) نفس المصدر 1 / 343.

(4) العظمة 4 / 1287 ط دار العاصمة الرياض سنة 1408 هـ وفيه عن أبي كثير

(5) تفسير الطبري 1 / 341.

١٥٦

ميسرة ، قال : حدّثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن الفرات ، عن أبيه ، قال : كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد ، فقال : الرعد ريح )(1) ، وأورد الطبري بنفس السند المكاتبة مرّة أخرى وفيها السؤال عن البرق(2) .

وقد مرّ أن قلت أن الروايتين هما رواية واحدة لمكاتبة واحدة يُسأل فيها عن الرعد وعن البرق ، فرّق بينهما الطبري تبعاً لذكرهما في الآية المباركة.

ومهما يكن فإنّ محقق التفسير قال بعد توثيق رجال السند : ( ولكن روايته ـ الفرات ـ عن ابن عباس منقطعة ، إنّما هو يروي عن التابعين )(3) . هذا من ناحية السند.

ولننظر ماذا في المتن من وهن؟

إنّ متون الروايات الثلاث التي تضمنت المكاتبة في السؤال عن الرعد ، نجد الجواب متفاوتاً ، ففي الأولى كان الرعد مَلَكاً ، وفي الثانية والثالثة صار ريحاً ، فكيف نطمئنّ إلى صحة المروي فيهما؟

ثمّ ما بال ابن عباس ـ إن كان يجهل حقاً ما هو الرعد وما هو البرق ـ يكتب إلى أبي الجلد البعيد عنه ليسأله عن الرعد ما هو؟ وهو قد كان يكفيه مَن كان هو أقرب إليه وهو بمرأى منه ومسمع ، ومنتدى

____________________

(1) نفس المصدر 1 / 341.

(2) نفس المصدر 1 / 343.

(3) نفس المصدر 1 / 341.

١٥٧

ومجمع من سائر الصحابة الذين يلمّ بهم في المدينة المنوّرة أو في غيرها ، وفي مقدمتهم إمامه وإستاذه الأوّل بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام؟

ثمّ هو نفسه كان يعرف ذلك فقد روى : ( أنّ اليهود سألت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن الرعد ما هو؟ فقال : ( ملك من الملائكة موكّل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب ) )(1) ، وهذا هو الذي بنى عليه تفسيره الرعد بأنّه ملك من الملائكة يزجر السحاب بالتسبيح والتكبير ، كما يسوق الحادي الإبل بحدائه ، وصوته تسبيحه ، فإذا اشتد زجره السحاب ، اضطرب السحاب واحتّك فتخرج الصواعق من بينه(2) . وهذا رواه عنه مجاهد والضحاك وأبو مالك وشهر بن حوشب وعكرمة ، وهذا هو الذي روى عنه : أنّه كان إذا سمع الرعد قال : سبحان الذي سبحتَ له ، وكان يقول : إنّ الرعد مَلَك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي غنمه(3) .

فهل بعد هذا التفصيل نحتاج إلى التدليل على كذب مكاتبة أبي الجلد بدون أخذ وردّ إذ ليس في جوابه ـ لو صحّ السؤال ـ في الرواية الأولى من روايات الطبري سوى أنّ الرعد ملك ، فمن أين أتى ابن عباس

____________________

(1) الكشاف للزمخشري2 / 161 ط البابي الحلبي بمصر 1367 هـ ، وتفسير الطبري 1 / 343.

(2) أنظر تفسير الطبري 1 / 340.

(3) أنظر تفسير الطبري 1 / 341.

١٥٨

بكلّ ما رواه عنه تلامذته ، خصوصاً عكرمة؟ ولابدّ أن يكون قد أخذ ذلك عن غير أبي الجلد.

4 ـ قال الطبري : ( وحدثني المثنى بن إبراهيم ، قال : حدّثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدّثنا القاسم ، قال : حدّثني رجل من بني تميم : أنّ ابن عباس كتب إلى أبي الجلد بمسألة عن الشجرة التي أكل منها آدم ، والشجرة التي تاب عندها ، فكتب إليه أبو الجلد : سألتني عن الشجرة التي نُهي عنها آدم وهي السنبلة ، وسألتني عن الشجرة التي تاب عندها آدم وهي الزيتونة ). قال المحقق في الهامش : ( الخبر في ابن كثير ج1 / 124 وهذا الإسناد ضعيف لجهالة الرجل من بني تميم )(1) .

أقول : ولا يفوتني تنبيه القارئ إلى ما في المتن من كشف جديد لم نكن نعرفه من قبل ، ولم يذكره غير أبي الجلد ـ فيما أعلم ـ وهو جعل الشجرة التي نَهى آدم عنها هي السنبلة ، وجعل الشجرة التي تاب عندها آدم هي الزيتونة!! فلديه شجرتان احداهما نهي عن أن يقرب إليها :( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) (2) ، والثانية هي الشجرة التي تاب الله عليه عندها وهي الزيتونة ، وهذا ما رواه القرطبي ، مضافاً إلى ابن كثير كما مرّ روياه في تفسيريهما ، ولم يعقبا عليه بشيء مع أنّ القرآن يذكر شجرة واحدة.

ومن مخاريق أبي الجلد ، وهي أيضاً من مرويّات الطبري :

____________________

(1) تفسير الطبري 1 / 517.

(2) طه / 121.

١٥٩

ـ ما رواه الطبري في تاريخه : ( عن قتادة بن دعامة السدوسي ، عن أبي الجلد قال : نزل الفرقان لأربع وعشرين ليلة خلت من رمضان )(1) .

وقوله هذا مخالف لنص التنزيل حيث يقول :( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) (2) ، وإتفاق المسلمين على أنّ ليلة القدر هي أحدى الليالي الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان ، وليلة ( 24 ) من الليالي الشفع لا الوتر.

والآن إلى نماذج أخرى من تلك المخاريق التي زعم الرواة انّ ابن عباس كاتب أبا الجلد يسأله عنها :

1 ـ ما رواه أحمد بن حنبل في كتابه ( العلل ومعرفة الرجال ) قال : ( حدثنا عن أبي عمر الجوني ، عن أبي الجلد ، قال : حدّثني ابن عباس في داره سنتين يسألني ، وسألني عن السماء ما هي؟ فقلت موج مكفوف )(3) .

وفي المتن ما يستبطن كذبه ، وذلك قوله : حدّثني ابن عباس في داره سنتين ، فإن صحّ قوله ذلك فبماذا كان حديثه؟ وما باله لم يذكر لنا حديثاً واحداً ممّا حدثه به ابن عباس ما دام كان هو يحدثه طيلة السنتين؟ فهل كان ابن عباس هو الذي يستنفد الوقت كلّه بمسائله العصيّة فيستفهمها من ذلك الحبر اليهودي؟ وما هي تلك المسائل؟ لماذا لم

____________________

(1) تاريخ الطبري 1 / 528.

(2) القدر / 1.

(3) العلل ومعرفة الرجال : 1 / 36.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496