مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 314426 / تحميل: 5148
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الازل في جهة [ من جهات ](١) العالم، لان ما هي عليه من الحجم والجثة يوجب ذلك.

ثم لا يخلو كونها في تلك الجهة اما أن تكون للنفس أو لمعنى قديم أو لمعنى محدث أو بالفاعل.

فاذا بين فساد جميع ذلك علم أنها لم تكن قديمة ولا يجوز أن تكون في الازل في جهة الفاعل، لان من شأن الفاعل أن يتقدم على فعله، ولو تقدم فاعلها عليها لكانت محدثة، لان القديم لا يمكن أن يتقدم عليه غيره، والمعنى المحدث لا يوجب صفة في الازل.

وكونها في الجهة للنفس يوجب استحالة انتقالها، لان صفات النفس لا يجوز تغيرها وزوالها، والمعلوم ضرورة صحة انتقالها، فبطل أن يكون كذلك للنفس.

ولا يجوز أن تكون كذلك لمعنى قديم، لانها لو كانت كذلك لوجب اذا انتقل الجسم أن يبطل ذلك المعنى، لان وجوده فيه على ما كان يوجب كونه في الجهتين، وذلك محال.

والانتقال لا يجوز على المعنى، لانه من صفات الجسم.

فقد بطل جميع الاقسام، وفي بطلان جميعها بطلان كونها قديمة وثبوت كونها محدثة، لانه لا واسطة بين الامرين على ما بيناه.

(وبيان الطريقة الثانية) أن نبين أربعة فصول: أحدها أن في الاجسام معان غيرها، والثاني أن نبين أن تلك المعاني محدثة، والثالث أن نبين أن الجسم لم يسبقها في الوجود، والرابع أن مالم يسبق المحدث يجب أن يكون محدثا.

والذي يدل على الفصل الاول: انا نعلم أن الجسم يكون على صفات من

___________________________________

(١) الزيادة من ج.

٢١

اجتماع وحركة فتتغير إلى أن يصير مفترقا وساكنا، فلابد من أمر غيره، لانه لو لم يكن أمر لبقي على ما كان عليه.

ولا يجوز أن يكون ذلك الامر نفس الجسم، ولا ما يرجع اليه من وجود أو حدوث أو جسمية، لان جميع ذلك يكون حاصلا مع انتقاله من جهة إلى غيرها، فكيف يكون هو المؤثر في تغير الصفات.

ولا يجوز أن يكون ذلك لعدم معنى، لان عدم معنى لا اختصاص له بجسم دون جسم ولا بجهة دون غيرها، وكان يجب أن تتغير الاجسام كلها وتنتقل إلى جهة تغيرها، وذلك باطل.

ولا يجوز أن يكون كذلك بالفاعل، لانه: ان أريد بذلك أنه فعل فيه معنى أوجب تغيره وانتقاله، فذلك وفاق وهو المطلوب.

وان أرادوا أن الفاعل جعله على هذه الصفات ولم يفعل معنى فذلك باطل، لان من شأن ما يتعلق بالفاعل من غير توسط معنى أن يكون القادر عليه قادرا على احداث تلك الذات.

ألا ترى أن من قدر على احداث كلامه قدر على أن يجعله على جميع أوصافه من أمر ونهي وخبر وغير ذلك، وكلام الغير لما لم يكن قادرا على احداثه لم يكن قادرا على جعله أمرا ونهيا وخبرا.

والواحد منا يقدر على أن يجعل الجسم متحركا أو ساكنا أو مجتمعا أو متفرقا ولا يقدر على احداثه، فدل ذلك على أن هذه الصفات غير متعلقة بالفاعل، فلم يبق بعد ذلك شئ يعقل الا أنه صار كذلك لمعنى.

والذي يدل على حدوث ذلك المعنى أن المجتمع اذا فرق أو المتحرك اذا سكن لا يخلوا أن يكون ذلك المعنى الذي كان فيه باقيا كما كان أو انتقل عنه أو عدم.

ولا يجوز أن يكون موجودا كما كان، لان ذلك يوجب كونه مجتمعا متفرقا متحركا ساكنا، لوجود المعنيين معا فيه في حالة واحدة، وذلك محال

٢٢

ولا يجوز أن يكون انتقل عنه، لان الانتقال من صفات الجسم دون العرض، ولانه لو انتقل لم يخلو اما أن يكون انتقل مع جواز ألا ينتقل أو وجب انتقاله.

ولو كان انتقاله جائزا لاحتاج إلى معنى كالجسم، وذلك يؤدي إلى اثبات معان لا نهاية لها، ولو وجب انتقاله لادى إلى وجوب انتقال الجسم، والمعلوم أن الجسم لا يجب انتقاله ان لم ينقله ناقل، فلم يبق من الاقسام الا أنه عدم.

ولو كان قديما لما جاز عدمه، لانه قديم لنفسه، وصفات النفس لا يجوز خروج الموصوف عنها.

ألا ترى أن السواد لا يجوز بياضا ولا الجوهر عرضا ولا الحركة اعتمادا وغير ذلك، لان هذه الاشياء على ما هي عليه لنفسها فلا يجوز عليها التغيير.

فلما ثبت عدمها على أنها لم تكن قديمة، واذا لم تكن قديمة وجب كونها محدثة.

والذي يدل على الفصل الثالث - وهو أن الجسم لم يخل منها هو أنه معلوم ضرورة أن الاجسام للعالم لا تخلو من أن تكون مجتمعة أو مفترقة أو متحركة أو ساكنة، فثبت بذلك أنها لا تخلو من الاجتماع والافتراق.

ومن قال ان الاجسام كانت هيولى لا مجتمعة ولا مفترقة.

ربما أشار بذلك إلى أنها كانت معدومة فسماها موجودة، كما يقولون موجود بالقوة وموجود في العلم، وذلك عندنا ليس بوجود في الحقيقة.

ومتى أرادوا ذلك كان خلافا في العبارة لا يعتد به.

وأما الفصل الرابع فالعلم به ضرورة، لان من المعلوم ان كل ذاتين وجدا معا ولم تسبق احداهما الاخرى، فان حكمهما حكم واحد [ في الوجود ](١) ألا ترى انا اذا فرضنا ميلاد زيد وعمرو في وقت واحد فلا يجوز مع ذلك أن يكون أحدهما أسبق من الاخر لان ذلك متناقض، وكذلك اذا فرضنا أن الجسم

___________________________________

(١) الزيادة من ر.

٢٣

لم يسبق المحدث ولم يخل منه علمنا أن حكمه حكمه في الحدوث.

وقول من قال: ان فيها معان لا نهاية له(١) شيئا قبل شئ لا إلى أول.

باطل لان وجود مالا نهاية له محال، لانه كان يصير من شروط وجود كل واحد منها أن يتقدم قبله مالا نهاية له، فلا يصح وجود شئ منها البتة، والمعلوم خلافه.

على أن القائل بذلك قد ناقض، لانه اذا قال انها محدثة اقتضى أن لها أولا، فاذا قال بعد ذلك لا أول لها اقتضى ذلك قدمها، وذلك متناقض.

وأيضا فاذا قال الجسم قديم أفاد ذلك وجوده في الازل، [ فاذا سلم أنه لا يخلو من معنى فقد أثبت فيه معنى في الازل](٢) ، والمعنى الموجود في الازل يكون قديما، فيكون في ذلك رجوع عن كونها محدثة.

أو يقول فيما لم يزل لم يكن فيها معنى فيكون فيها رجوع في أن الجسم لم يخل من معنى، وذلك فاسد.

فقد بان بهذه الجملة حدوث الاجسام، ثم تدل فيما بعد على ان لها صانعا يخالفها.

وأما الطريقة الثانية فهو أن نبين أن ههنا معان كالالوان والطعوم والقدرة والحياة والشهوة والنفار وكمال العقل، ونبين أن أحدا من المخلوقين لا يقدر على شئ منها، فيعلم عند ذلك أن صانعها مخالف لها.

وبيان ذلك: أن الواحد منا قد يدعوه الداعي إلى تبيض الاسود أو تسود الابيض أو يحيى ميتا أو يقدر عاجزا أو يكمل عقل من لا عقل له، وهو قادر متصرف غير ممنوع والدواعي متوفرة، ويبالغ في ذلك ويجتهد في تحصيله مع احتمال المحل لذلك فيتعذر ولا يتحصل لا لوجه معقول الا أنه ليس بمقدور له، فيعلم عند ذلك أن صانعها مخالف لها ومباين لنا، فيكون ذلك علما بالله

___________________________________

(١) كذا في النسختين ولعله « لا نهاية لها ».

(٢) الزيادة ليست في ر.

٢٤

على الجملة.

فاذا عرف بعد ذلك صفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز عليه ومالا يجوز حصل علمه به على طريق التفصيل.

فصل: (في اثبات صانع العالم وبيان صفاته)

اذا ثبت حدوث الاجسام بما قدمنا، فالذي يدل على أن لها محدثا هو ما ثبت في الشاهد من أن الكتاب لابد لها من كاتب والبناء لابد له من بان والنساجة لابد لها من ناسج وغير ذلك من الصنائع.

وانما وجب ذلك فيها لحدوثها، فيجب أن تكون الاجسام اذا شاركتها في الحدوث أن تكون محتاجة إلى محدث.

فان قيل: كيف تدعون العلم بذلك وههنا من يخالف في ذلك ويقول الكتابة لا تعلق لها بالكاتب ولا البناء بالباني ولا غير ذلك من الصنائع، وهو الاشعري وأصحابه، لان عندهم أن هذه الصنائع لا كسب للعبد فيها وانما هي من فعل الله وحده.

قلنا: الاشعري لم يدفع حاجة البناء إلى بان ولا الكتابة إلى كاتب، وانما قال فاعلها هو الله تعالى دون العبد.

ونحن لم ندع العلم بحاجة هذه الافعال إلى فاعل معين بل ادعينا حاجتها إلى صانع ما في الجملة.

ثم هل هو القديم أو الواحد منا؟ موقوف على الدليل، ودليله هو أنه يجب وقوع هذه الافعال بحسب دواعينا وأفعالنا ويجب انتفاؤها بحسب صوارفنا وكراهتنا، فلو كانت متعلقة بغيرنا لما وجب ذلك، كما لا يجب ذلك في طولنا وقصرنا وخلقنا وهيأتنا لم لما تكن متعلقة بنا، فالوجوب الذي اعتبرناه يبطل تعلقها بغيرنا.

٢٥

فان قيل: ما أنكرتم أن يكون ذلك [ بالعادة دون أن يكون ](١) واجبا.

قلنا: ذلك فاسد من وجهين: أحدهما: ان ذلك يبطل الفرق بين الواجب والمعتادة، فيؤدي إلى أنه لا فرق بينهما، وان يقول قائل انتفاء السواد بالبياض بالعادة وحاجة العلم إلى الحياة بالعادة وغير ذلك من الواجبات، فبأي شئ فرقوا بينهما فهو فرقنا بين أن يكون ذلك واجبا أو معتادا.

الثاني: أنه لو كان ذلك بالعادة لوجب أن يكون من لا يعرف العادات ولا نشأ بين أهلها أن يجوز أن تبنى دار من قبل نفسها أو تنكتب كتابة طويلة بلا كاتب أو أن تنسج نساجة عجيبة من غير ناسج وغير ذلك.

والمعلوم خلاف ذلك، لانه لا يجوز مثل ذلك الا مؤف العقل فاسد التصور.

فان قيل: لو خلق الله تعالى عاقلا ابتداء‌ا، فشاهد قصرا مبنيا وكتابة هل كان يعلم أن لها بانيا وكاتبا أم لا، فان قلتم يعلم قلنا وأي طريق له إلى ذلك، وان قلتم لا يعلم بذلك فقد بطل ادعاؤكم العلم.

قلنا: من خلقه الله وحده ابتداء‌ا وشاهد الكتابة أو القصر فهو لا يعلمهما محدثين متجددين [ فلذلك لا يعلم لهما بانيا وكاتبا، فيحتاج أن يتأمل حالهما حتى يعلمهما محدثين متجددين ](١) ، فاذا علمهما متجددة الوجود علم تعلقهما بفاعل.

ونظير ذلك أن من شاهد الاجسام قبل النظر في حدوثها، فانه لا يعلم أن لها محدثا، فاذا تأمل وعلم حدوثها علم عند ذلك ان لها محدثا.

وانما قلنا ان علة حاجة هذه الحوادث الينا حدوثها لا غير لامرين: أحدهما: أن الذي يتجدد عند دواعينا حدوث

___________________________________

(١) الزيادة ليست في ر.

٢٦

هذه الصنائع وينتفى عند صوارفنا حدوثها أيضا، فعلمنا أن علة حاجتها الينا حدوثها.

والثاني: أن هذه الاشياء لها ثلاثة أحوال: حال عدم، وحال حدوث، وحال بقاء.

فهي لا تحتاج الينا في حال عدمها، لكونها معدومة في الازل، وهي تستغني عني في حال بقائها، وانما تتعلق بنا وتحتاج الينا في حال حدوثها، فعلمنا بذلك أن علة حاجتها الينا الحدوث، فعند ذلك نحكم بحاجة الاجسام، اذا ثبت حاجة حدوثها إلى محدث للاشتراك في علة الحاجة.

وهذه الجملة كافية في هذا الباب، فان استيفاء ذلك ذكرناه في شرح الجمل، وفي هذا القدر كفاية انشاء الله تعالى.

وأما ما يجب أن يكون عليه من الصفات: فأول ذلك أنه يجب أن يكون قادرا، لان الفعل لا يصح أن يصدر الا من قادر.

ألا ترى أنا نجد فرقا بين من يصح منه الفعل وبين من يتعذر عليه ذلك، فلابد من أن يكون من صح منه الفعل مختصا بأمر ليس عليه من تعذر عليه ذلك والا تساويا في الصحة أو التعذر [ وقد علمنا خلافه ](١) .

وأهل اللغة من اختص بهذه المفارقة يسمونه قادرا، فأثبتت المفارقة لمقتضى العقل والتسمية لاجل اللغة، فاذا كان صانع العالم صح منه الفعل وجب أن يكون قادرا.

على أنا دللنا على أن أفعالنا محتاجة الينا دال على حاجتها إلى من له صفة المختارين، فاسنادها إلى من ليس له صفة المختارين في البطلان كبطلان اسنادها إلى مؤثر، وكلاهما فاسدان.

على أن صانع العالم لا يخلو من أن يكون قادرا مختارا أو موجبا هو علة أو سبب، ولا يجوز أن يكون علة ولا سببا، لانهما لا يخلو من أن يكونا قديمين أو محدثين، فلو كانا محدثين لاحتاجا إلى علة أخرى أو سبب آخر، وذلك يؤدي إلى مالا نهاية له من العلل والاسباب، وان كانا قديمين وجب أن يكون

___________________________________

(٢) الزيادة من ر.

٢٧

العالم قديما، لان العلة توجب معلولها في الحال والسبب يوجب المسبب اما في الحال أو الثاني، وكلاهما يوجبان قدم الاجسام وقد دللنا على حدوثها، فبطل بذلك أن يكون صانع العالم موجبا ولم يبق بعد ذلك الا أن يكون مختارا له صفة القادرين.

واذا ثبت كونه قادرا وجب أن يكون حيا موجودا، لان من المعلوم أن القادر لا يكون الا كذلك، فثبت أنه تعالى قادر حي موجود.

وأما الذي يدل على أنه عالم هو أن الاحكام ظاهر في أفعاله كخلق الانسان وغيره من الحيوان، لان فيه من بديع الصنعة ومنافع الاعضاء وتعديل الامزجة وتركيبها على وجه يصح معه أن يكون حيا لا يقدر عليه الا من هو عالم بما يريد فعله، لانه لو لم يكن عالما لما وقع على هذا الوجه من الاحكام والنظام ولاختلف في بعض الاحوال، ولما كان ذلك واقعا على حد واحد ونظام واحد واتساق واحد دل على أن صانعه عالم.

وكذلك خلقه الثمار في أوقات مخصوصة لا تختلف وفي كل شجر ما هو من جنسه وفي كل حيوان من شكله دال على أن خالق ذلك عالم، والا لكان يجوز أن يخلق الفواكه الصيفية في الشتاء والشتوية في الصيف، ويخلق في البهيمة من جنس ابن آدم أو في ابن آدم من جنس البهائم، أو يخلق في النخل نبقا وفي الرمان تفاحا وغير ذلك.

وفي علمنا بالمطابقة في هذا الباب دليل على أن صانعها عالم بما صنعه.

ألا ترى أن في المشاهد لا تقع الكتابة الا ممن هو عالم بها، ولا النساجة الا ممن هو عالم بترتيبها وكيفية ايقاعها، وغيره وان كان أقدر منه يتعذر عليه مثله لفقد علمه، والضعيف القليل القدر يصح منه ذلك لعلمه بكيفية ايقاعه.

واذا كان القدر اليسير من أفعالنا المحكمة لا تقع الا من عالم، فألا تقع

٢٨

الافعال التي أشرنا اليها الزائدة على احكام كل محكم أولى وأحرى، فثبت بذلك أن صانع العالم عالم.

ولا يجوز أن يكون بصفة الظانين ولا المعتقدين، [ لان الصنائع المحكمة تحتاج إلى من له صفة العالمين دون الظانين المعتقدين ](١) ، لانها تحتاج إلى أمر يلزم كمال العقل ولا يخرج عنه من ثبوت عقله، والظن والاعتقاد الذي ليس بعلم لا يوجب لزومه لكمال العقل.

فوجب من ذلك أن يكون صانع العالم عالما دون أن يكون ظانا أو معتقدا.

ويجب أيضا أن يكون مدركا للمدركات سميعا بصيرا، لان الحي الذي لا آفة به متى وجدت المدركات وارتفعت الموانع واللبس وجب أن يكون مدركا لها.

ألا ترى أن من كانت حواسه صحيحة ووجدت المرئيات وارتفعت الموانع واللبس وجب أن يكون رائيا لها، وكذلك اذا وجدت الاصوات وسمعه صحيح وجب أن يدركها ويفصل بين حاله وهو مدرك لها وبين أن لا يدركها.

وهذا الفرق لا يستند إلى كونه حيا، لانه كان حيا قبل ذلك ولم يجد نفسه كذلك ولا إلى كونه عالما لانه يكون عالما بها قبل ادراكها(٢) ولا يجد نفسه على هذه الحال.

ألا ترى أن الانسان يعلم الصوت بعد تقضيه ويعلمه أيضا قبل وجوده ولا يجد نفسه على مايجد عليه اذا أدركه، وكذلك المتألم يدرك الالام وان لم يعلمها.

فثبت بذلك أن الادراك غير العلم والحياة.

واذا كان القديم تعالى حيا والآفات والموانع لا تجوز عليه لانه ليس يرى بحاسة ووجدت المدركات وجب أن يكون مدركا لها.

وليس لواحد أن يقول: ان الواحد منا يدرك بمعنى هو ادراك، والمعنى ولا يجوز عليه تعالى، وذلك أن الادراك ليس بمعنى، وانما الواحد منا يدرك لكونه حيا، بدلالة أنه لو كان معنى لجا زأن يكون حيا وحواسه صحيحة

___________________________________

(١) الزيادة ليست في ر.

(٢) أضاف في ر هنا « وبعد انقضائها ».

٢٩

والموانع مرتفعة واللبس زائل ولو وجد المدركات فلا يدركها بأن لا يفعل فيه الادراك، وذلك يؤدي إلى السفسطة والشك في المشاهدات وأن لا يثق بشئ من المدركات، وما أدى إلى ذلك يجب أن يكون باطلا.

ويجب أيضا أن يكون سميعا بصيرا، لانه حي لا آفة به.

وفائدة السميع البصير أنه على صفة يجب معها أن يسمع المسموعات ويبصر المبصرات، وذلك يرجع إلى كونه حيا لا آفة به.

وعلى هذا يوصف تعالى بذلك في الازل ولو كان له بكونه سميعا بصيرا صفة زائدة على ما قلناه لجاز أن يكون الواحد منا حيا لا آفة به ولا يوصف بأنه سميع بصير، والمعلوم خلاف ذلك.

وأما سامع مبصر فمعناه أنه مدرك للمسموعات والمبصرات، وذلك يقتضي وجود المسموعات والمبصرات، ولذلك لا يوصف بهما في الازل.

وأما شام وذائق فليس المراد بهما كونه مدركا، بل المستفاد بالشام أنه قرب الجسم المشموم إلى حاسة شمه، والذائق أنه قرب الجسم المذوق إلى حاسة ذوقه.

ولذلك يقولون شممته فلم أجد له رائحة، وذقته فلم أجد له طعما ولا يقولون أدركته فلم أدركه لانه مناقضة، وجرى مجرى قوله أصغيت اليه فلم أسمعه، فهاتان يكون؟ سبب الادراك على وجه دون أن يكون نفس الادراك.

ويجب أيضا أن يكون تعالى مريدا وكارها، لانه ثبت أنه آمر وناه ومخبر والامر لا يقع الا ممن هو مريد للمأمور به، والنهي لا يقع نهيا الا مع كراهية المنهي عنه، والخبر لا يقع خبرا الا بارادة كونه خبرا.

بدلالة أن هذه الصيغ كلها توجد فيما ليس بأمر ولا نهي ولا خبر.

٣٠

ألا ترى أن قوله تعالى( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ ) (١) وقوله تعالى( اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ) (٢) بصورة لامر والمراد به التهديد، وقوله تعالى( فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ ) (٣) صورته صورة الامر والمراد به التحدي، وقوله تعالى( وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) (٤) المراد به الاباحة.

ونظائر ذلك كثيرة جدا، فلا يمكن مع ذلك أن يكون آمرا لجنسه ولا لصيغته ولا لحدوثه، لان جميع ذلك يوجد فيما ليس بأمر، فلم يبق الا أنه يكون آمرا لارادة المأمور به.

والكلام في النهي والخبر مثل ذلك.

وأيضا فقد ثبت أنه تعالى خلق الخلق ولا بد أن يكون له فيه غرض، لانه ان لم يكن له فيه غرض كان عبثا، وذلك لا يجوز عليه.

ولا يجوز أن يكون خلقهم لنفع نفسه، لان ذلك لا يجوز عليه، لانا سنبين استحالة المنافع عليه.

فلم يبق الا أنه خلق الخلق لمنافعهم، ومعناه أنه أراد نفعهم بذلك، فثبت بذلك أنه مريد.

ويجب أن يكون تعالى قديما موجودا في الازل، لانه لو كان محدثا لاحتاج إلى محدث، والكلام في محدثه كالكلام فيه، فكان يؤدي إلى محدثين ومحدثي المحدثين إلى مالا نهاية له، وذلك فاسد.

وأيضا فانه فاعل الاجسام والاعراض المخصوصة من الالوان والطعوم وغيرهما، والمحدث لا يصح منه فعل الجسم ولا هذه الاعراض المخصوصة، فوجب أن يكون من صحت فيه قديما.

وانما كان كذلك لان المحدث لا يكون

___________________________________

(١) سورة الاسراء: ٦٤.

(٢) سورة فصلت: ٤٠.

(٣) سورة البقرة: ٢٣.

(٤) سورة المائدة: ٢.

٣١

قادرا الا بقدرة، والقدرة لا يصح بها فعل الاجسام.

وانما قلنا « ان المحدث لا يصح أن يكون قادرا لنفسه » لانه لو جاز أن يكون الجسم قادرا لنفسه لوجب أن تكون الاجسام كلها قادرة لنفسها لانها متماثلة، والمعلوم خلاف ذلك.

وانما قلنا « ان القدرة لا يقع بها فعل جسم » لانا لو اجتهدنا كل الجهد أن نوجد جسما أو جوهرا لتعذر ذلك، ولا وجه لتعذره الا أنه غير مقدور لنا وبذلك نفصل بين ما هو مقدور لنا وبين ماليس بمقدور لنا.

فبان بذلك أن من صح منه الجسم لا يكون الا قديما ولا يكون محدثا. وهو تعالى متكلم.

والطريق الذي يعلم كونه متكلما السمع، لان العقل لا يدل عليه، وانما يدل على أنه قادر على الكلام، لانه جنس من الافعال وهو قادر على جميع الاجناس.

وقد أجمع المتكلمون على أنه تعالى متكلم لا خلاف بينهم، واجماعهم حجة.

ومعلوم أيضا من دين النبي عليه السلام أنه تعالى متكلم، وان هذا القرآن كلام الله تعالى.

فان قيل: السمع مستند إلى قول النبي عليه السلام، والنبي بأي شئ يعلم أنه متكلم؟ فان قلتم بسمع آخر أدى إلى مالا نهاية له من المستمعين، أو ينتهى إلى مسمع علم عقلا أنه متكلم، والا فما الجواب؟ قيل: لا يمتنع أن يعلم النبي كونه متكلما بكلام يسمعه يتضمن بأنه كلام الله، ويقترن بذلك علم معجز، فيقطع على ذلك أنه كلامه وأنه متكلم.

ويمكن أيضا أن يخلق الله تعالى فيه العلم الضروري بأنه ليس بكلام أحد من المخلوقين وقد تقرر في عقله أن المحدث لابد أن يكون له محدث، فيعلم عند ذلك أنه كلامه القديم، لانه لا واسطة بين القديم والمحدث، واذا بطل انه كلام محدث ثبت أنه كلام قديم.

٣٢

فصل: (في كيفية استحقاقه لهذه الصفات)

يجب أن يكون تعالى قادرا في الازل، لانه لو تجدد كونه قادرا بعد أن لم يكن كذلك وجب أن يكون قادرا بقدرة، لان شرط صحة كونه قادرا عدم المقدور، وهو حاصل في الازل.

ولو كان قادرا بقدرة وجب أن تكون تلك القدرة محدثة، لانها لو كانت قديمة لوجب كونه قادرا في الازل، ولو كانت محدثة لوجب أن يكون من فعله، اذا المحدث لابد له من محدث، ولو كانت من فعله لوجب أن يكون قادرا قبل ايجادها، لان الفعل لا يصدر الا من قادر.

وعلى هذا المذهب هو تعالى لا يكون قادرا الا بعد وجود القدرة، فيتعلق كونه قادرا بوجود القدرة ووجود القدرة بكونه قادر، فلا يصح واحد من الامرين.

وذلك باطل، لانا علمنا خلاف ذلك.

واذا ثبت كونه قادرا في الازل وجب أن يكون قادرا لنفسه، لانه لا يمكن استناد ذلك إلى الفاعل والقدرة المحدثة، لان ما يتعلق بالفاعل من شرطه تقدم الفاعل عليه، وذلك لا يصح في الحاصل في الازل.

والقدرة المحدثة لا توجب صفة في الازل، لان معلول العلة لا يتقدمها.

ولا يجوز أن يكون قادرا بقدرة قديمة، لانه كان يجب أن تكون تلك القدرة مثلا له ومشاركة له في جميع صفاته، وهو تعالى مشارك للقدرة في جميع صفاتها لاشتراكهما في القدم الذي هو صفة النفس، والاشتراك في صفة النفس توجب التماثل، كماأن ما شارك السواد في كونه سوادا كان سوادا،

٣٣

وما شارك الجوهر في كونه جوهرا كان جوهرا.

وكان يجب من ذلك أن يكون تعالى بصفة القدرة والقدرة بصفة القادر، وذلك باطل، فلم يبق الا أنه قادر لنفسه.

وبمثل ذلك يعلم [ أنه عالم لنفسه، لانه لو تجدد ](١) كونه عالما بعد أن لم يكن لوجب أن يكون عالما بعلم محدث، اذ لا شرط يقف كونه عالما عليه، لان المعدوم يصح العلم به كما يصح بالموجود، بدلالة أنا نعلم ما كان أمس ونعلم ما يكون في الغد، وكل ذلك معدوم.

ولو كان عالما بعلم محدث لوجب أن يكون من فعله، اذ لا أحد يقدر ان يفعل علما لا في محل لو صح وجود غيره، ولو كان هو الفاعل له لوجب ان يتقدم او لا كونه عالما، لان العلم لا يقع الا من عالم، لان جميع الوجوه التي يقع الاعتقاد عليها فيكون علما يتقدم أو لا كون فاعله عالما، وذلك يؤدي إلى تعلق كونه عالما بوجود العلم ووجود العلم بكونه عالما.

واذا ثبت بذلك كونه قادرا عالما بنفسه لوجب أن يكون قادرا على جميع الاجناس ومن كل جنس على مالا يتناهى، لانه لا مخصص له بقدر دون قدر.

ويجب مثل ذلك في كونه عالما أن يكون عالما بجميع المعلومات، اذ لا مخصص له ببعضها دون بعض، فيجب من ذلك كونه عالما قادرا على مالا يتناهى.

واذا ثبت كونه قادرا عالما في الازل وجب كونه حيا موجودا في الازل، اذ القادر العالم لابد أن يكون حيا موجودا.

ويجب أن يكون موصوفا بأنه سميع بصير في الازل، لانه يفيد كونه على صفة يجب أن يدرك المسموعات والمبصرات اذا وجدت، وذلك يرجع إلى كونه حيا لا آفة به.

ولا يوصف بأنه سامع مبصر في الازل، لانهما يقتضيان وجود المسموعات

___________________________________

(١) الزيادة ليست في ر.

٣٤

والمبصرات في الازل، ووجودهما في الازل محال لانهما محدثان، فلا يصح وجودهما في الازل.

وأما كونه مدركا فانه يتجدد له بعد أن لم يكن اذا وجدت المدركات، والمقتضي له كونه حيا، لان احدا متى حصل كونه حيا ووجدت المدركات وارتفعت الموانع المعقولة وجب أن يكون مدركا، ولو كان المقتضي غير كونه حيا لما وجب ذلك وقد علمنا وجوبه.

فأما كونه مريدا وكارها فيجب ان يحصلا له بارادة محدثة موجودة لا في محل، لانه لا يخلو أن يكون مريدا لنفسه او بارادة قديمة او محدثة فيه أو في غيره من جماد أو حيوان، أو موجودة لا في محل.

ولا يجوز أن يكون مريدا لنفسه، لانه كان يؤدي إلى أن يكون مريدا للشئ كارها له على وجه واحد في وقت واحد، لوجوب سماع صفات النفس.

وما به علمنا كونه مريدا علمنا كونه كارها، واجتماع الصفتين محال، لتضادهما ولانه كان يجب أن يكون مريدا لكل ما يصح حدوثه، فيجب من ذلك أن يكون مريدا للقبائح، وذلك صفة نقص يتعالى الله عن ذلك.

ولا يجوز أن يكون مريدا بارادة قديمة، لانه كان يجب أن تكون تلك الارادة مثلا له لمشاركتها له في القدم على ما بيناه في القدرة والعلم وقد بينا فساده.

ولا يجوز أن يكون مريدا بارادة قائمة به، لانه ليس بمتحيز والمعاني لا تقوم الا بالمتحيز.

ولو وجدت في غيره من الجماد استحال ذلك، لان الارادة يستحيل وجودها في الجماد.

ولو وجدت في حي لوجب أن تكون ارادة لذلك الحي، فلم يبق الا أنه يجب أن يكون مريدا بارادة توجد لا في محل.

فأما كونه متكلما فلا يكون الا بكلام محدث، لان حقيقة المتكلم من وقع

٣٥

منه الكلام الذي هو هذا المعقول بحسب دواعيه وأحواله.

والكلام المعقول ما انتظم من حرفين فصاعدا من هذه الحروف المعقولة التي هي ثمانية وعشرون حرفا اذا وقع ممن يصح منه أو من قبله للافادة.

والدليل على ذلك أنه اذا وجدت هذه الحروف على هذا الوجه سمى كلاما، واذا اختل واحد من الشروط لا يسمى بذلك، فعلمنا أنه حقيقة الكلام متى وقع ما سميناه كلاما [ بحسب دواعيه ](١) واحواله سمي متكلما فعرفنا بذلك حقيقة المتكلم.

واذا ثبت حقيقة الكلام والمتكلم ثبت أن كلامه محدث، لان هذه الاضافة تقتضي ذلك.

وليس لاحد أن يقول: لو لم يوصف تعالى فيما لم يزل بأنه متكلم يوصف بضده من الخرس والسكوت، وذلك أن الخرس انما هو فساد آلة الكلام [ والسكوت هو تسكين آلة الكلام ](٢) ، والله تعالى ليس بمتكلم بآلة فلا يوصف بشئ من ذلك.

ثم ذلك ينتقض بالصائح والصارخ، فانه لا يوصف بالخرس ولا بالسكوت ولا بالكلام، فبطل ما قالوه.

وينبغي أن يوصف كلام الله [ بما سماه الله ](٣) تعالى به من كونه محدثا، قال الله تعالى( مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ ) (٤) ، والذكر هو القرآن بدلالة قوله( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ ) (٥) وقوله( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (٦)

___________________________________

(١) الزيادة ليست في ر.

(٢) الزيادة ليست في ر.

(٣) الزيادة من ر.

(٤) سورة الانبياء: ٢.

(٥) سورة النحل: ٤٤.

(٦) سورة الحجر: ٩.

٣٦

ولا يجوز أن يكون المراد به الرسول، لقوله( إِلَّا اسْتَمَعُوهُ ) والكلام هو الذي يصح استماعه دون الرسول، ويصفه بأنه مجعول كما قال( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) (١) ، ونعته بأنه منزل قال الله تعالى( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ) وقال( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ ) ، ويوصف بأنه عربي كما قال( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ) (٢) والعربية محدثة.

ولا يوصف بأنه مخلوق، لانه يوهم أنه مكذوب أو مضاف إلى غير قائله لانه المعتاد من هذه اللفظة، قال الله تعالى( إِنْ هَـٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ ) (٣) و( إِنْ هَـٰذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ) (٤) وقال( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) (٥) ، فلم يوصف الكلام بالخلق الا اذا أريد به الكدب أو الانتحال كما يقولون هذه قصيدة مخلوقة ومختلقة اذا كانت منتحلة مضافة إلى غير قائلها.

وهذه الجملة تكفي فيما قصدناه، لان شرح جميعه بيناه في شرح الجمل وذكره يطول به ما قصدناه.

فصل: (فيما يجوز عليه تعالى ومالا يجوز)

لا يجوز أن يكون له تعالى مائية على ما يذهب اليه ضرار بن عمرو الضبي وأبوحنيفة، لان الطريق إلى اثباته تعالى واثبات صفاته أفعاله، فلا يجوز أن يثبت

___________________________________

(١) سورة الزخرف: ٣.

(٢) سورة الشعراء: ١٩٥.

(٣) سورة ص: ٧.

(٤) سورة الشعراء: ١٣٧.

(٥) سورة العنكبوت: ١٧.

٣٧

على صفة لا يدل عليها الفعل اماما بنفسه أو بواسطة، لانا ان لم نراع هذا الاصل لزم أن يكون له كيفية وكمية وغير ذلك من الاقوال الفاسدة، وذلك باطل.

والفعل بمجرده يدل على كونه قادرا، وبوقوعه محكما على كونه عالما وبوقوعه على وجه دون وجه على كونه مريدا أو كارها، وكونه قادرا عالما على كونه حيا موجودا، وكونه حيا موجودا على كونه مدركا سميعا بصيرا.

ووجوب هذه الصفات له في الازل يدل على صفته الذاتية عند من أثبتها وليس في الفعل ما يدل على أن له مائية، فوجب نفيها.

وقول الامة: ان الله تعالى أعلم بنفسه منا.

معناه انه يعلم من تفاصيل مقدوراته ومعلوماته مالا يعلمه أحد، لانه يعلم منها مالا نهاية له، والواحد منا يعلم ذلك على وجه الجملة، فلا يجوز التوصل بذلك إلى القول بالمائية.

ولا يجوز أن يكون تعالى بصفة الجسم أو الجوهر، لان مادل على كون الجسم محدثا(١) قائم في جميع الاجسام، فلو كان تعالى جسما لادى إلى كونه محدثا أو كون الاجسام قديمة، وكلا الامرين فاسد.

وأيضا لو كان جسما لما صح منه فعل الاجسام كما لا يصح منا، على ما مضى القول فيه، والعلة في ذلك كونها أجساما، وقد دللنا على أنه فاعل الاجسام فبطل كونه جسما.

ولا يجوز وصفه بأنه جسم مع انتفاء حقيقة الجسم عنه، لان ذلك نقض اللغة، لان أهل اللغة يسمون الجسم ماله طول وعرض وعمق، بدلالة قولهم « هذا أطول من هذا » اذا زاد طولا، و « هذا أعرض من هذا » اذا زاد عرضا و « هذا أعمق من هذا » اذا زاد عمقا، و « هذا أجسم من هذا » اذا جمع الطول والعرض والعمق.

فعلم بذلك أن حقيقة الجسم ما قلناه، وذلك يستحيل

___________________________________

(١) في ر « كون الجسم متحركا محدتا ».

٣٨

فيه تعالى، فلا يجوز وصفه بذلك.

وقولهم « انه جسم لا كالاجسام » مناقضة، لانه نفي ما أثبت نفيه، لان قولهم « جسم » يقتضي أن له طولا وعرضا وعمقا، فاذا قيل بعد ذلك « لا كالاجسام » اقتضى نفي ذلك نفيه، فيكون مناقضة.

وليس قولنا « شئ لا كالاشياء » مناقضة، لان قولنا « شئ » لا يقتضي اكثر من أنه معلوم وليس فيه حس؟، فاذا قلنا « لا كالاشياء المحدثة » لم يكن في ذلك مناقضة.

وقوله( الرَّحْمَـٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) (١) معناه استولى عليه لما خلقه، كما قال الشاعر(٢) :

قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق

وقوله( لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) (٣) معناه انه تولى خلقه بنفسه، كما يقول القائل « هذا ما عملت يداك » أي أنت فعلته.

وقيل: معناه لما خلقت لنعمتي الدينية والدنيوية.

وقوله( فِي جَنبِ اللَّـهِ ) (٤) معناه في ذات الله وفي طاعته.

وقوله( وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ) (٥) أي بقدرته، كما قال الشاعر(٦) :

اذا ما راية رفعت لمجد * تلقاها عرابة باليمين

___________________________________

(١) سورة طه: ٥.

(٢) لسان العرب (سوى).

(٣) سورة ص: ٧٥.

(٤) سورة الرمز: ٥٦.

(٥) سورة الزمر: ٦٧.

(٦) البيت لشماخ، انظر لسان العرب (يمن).

٣٩

وقوله( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) (١) أي ونحن عالمون.

ولا يجوز أن يكون تعالى بصفة شئ من الاعراض، لانه قد ثبت حدوث الاعراض أجمع، فلو كان بصفة شئ من الاعراض لكان محدثا، وقد بينا قدمه.

ولانه لو كان بصفة شئ من الاعراض لم يخلو من أن يكون بصفة ما يحتاج إلى محل أو بصفة مالا يحتاج إلى المحل كالغناء وارادة القديم تعالى وكراهته فان كان بصفة القسم الاول أدى إلى قدم المحال وقد بينا حدوثها، ولو كان بصفة القسم الثاني لاستحال وجوده وقتين كاستحالة ذلك على هذه الاشياء.

وأيضا لو كان بصفة الغناء لاستحال وجود الاجسام معه، وذلك باطل.

ولا يجوز عليه تعالى الحلول، لانه لا يخلو أن يكون الحلول واجبا له أو جائزا، ولو كان واجبا لوجب ذلك في الازل، وذلك يوجب وجود ما يحله في الازل، وفي ذلك قدم المحال، وقد بينا فساده.

ولو كان وجوده متجددا [ وهو واجب ](٢) لوجب أن يكون له مقتضى، فلا يخلو أن يكون مقتضيه صفته الذاتية أو كونه حيا، ولا يجوز أن تكون صفته الذاتية مقتضية لذلك، لان صفة الذات لا تقتضي صفة اخرى بشرط منفصل، ووجود المحل منفصل.

ولو كان كونه حيا مقتضيا لذلك اقتضاه فينا، كما أنه لما اقتضى كونه مدركا اقتضاه فينا، وذلك باطل.

وان كان حلوله جائزا احتاج إلى معنى، وذلك المعنى لابد أن يختص به والاختصاص يكون اما بالحلول أو المجاورة، وكلاهما يقتضيان كونه جوهرا وقد أفسدناه، فبطل بجميع ذلك عليه الحلول.

ولا يجوز أن يكون تعالى في جهة من غير أن يكون شاغلا لها، لانه ليس

___________________________________

(١) سورة القمر: ١٤.

(٢) الزيادة من ر.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

ضمنه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٥٧٢٤] ٨ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن جابر، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خطب الناس، إلى أن قال: ثم يقول: « أتتكم الساعة مصبحكم أو ممساكم، من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي ».

[١٥٧٢٥] ٩ - الصدوق في المقنع: وإن كان لك على رجل مال وكان معسرا، وأنفق ما أخذه منك في طاعة الله، فانظره(١) إلى ميسرة، وهو أن يبلغ خبره الامام فيقضي عنه دينه، أو يجد الرجل طولا فيقضي دينه، وإن كان أنفق ما أخذه منك في معصية الله، فطالبه بحقك فليس هو من أهل هذه الآية، التي قال الله عز وجل:( فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ) (٢) .

[١٥٧٢٦] ١٠ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا فعلي ».

١٠ -( باب استحباب الاشهاد على الدين، وكراهة تركه)

[١٥٧٢٧] ١ - تفسير الإمامعليه‌السلام : عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ثلاثة لا يستجيب الله لهم، بل يعذبهم ويوبخهم - إلى أن قال - والثالث: رجل أوصاه الله تعالى بأن يحتاط لدينه بشهود وكتاب، فلم يفعل [ ذلك ](١) ودفع ماله إلى غير ثقة

__________________

٨ - كتاب الغايات ص ٦٩.

٩ - المقنع ص ١٢٦.

(١) في المصدر: فنظرة.

(٢) البقرة ٢: ٢٨٠.

١٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٢ ح ٥٠.

الباب ١٠

١ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٧٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤٠١

بغير وثيقة، فجحده أو بخسه، فهو يقول: اللهم(٢) رد علي، فيقول الله عز وجل: [ يا عبدي ](٣) قد علمتك كيف تستوثق لمالك، ليكون محفوظا لئلا يتعرض للتلف فأبيت، وأنت الآن تدعوني وقد ضيعت مالك وأتلفته وخالفت(٤) وصيتي، فلا استجيب لك ».

١١ -( باب أنه لا يلزم الذي عليه الدين بيع ما لا بد منه، من مسكن وخادم، ويلزمه بيع ما يزيد عن كفايته من ذلك، وحكم الضيعة)

[١٥٧٢٨] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن أبي غالب الزراري، عن محمد بن الحسن(١) السجاد، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه قال: كان ابن أبي عمير رجلا بزارا، وكان له على رجل عشرة آلاف درهم، فذهب ماله وافتقر، فجاء الرجل فباع دارا له بعشرة آلاف درهم، وحملها إليه، فدق عليه الباب، فخرج إليه محمد بن أبي عمير، فقال له الرجل: هذا مالك الذي لك علي فخذه، فقال ابن أبي عمير: فمن أين لك هذا المال، ورثته!؟ قال: لا، قال: وهب لك، قال: لا، ولكني بعت داري الفلاني لأقضي ديني، فقال ابن أبي عمير: حدثني ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يخرج الرجل من مسقط رأسه بالدين، ارفعها فلا حاجة لي فيها، والله إني محتاج في وقتي هذا إلى درهم، وما يدخل ملكي منها درهم ».

__________________

(٢) في المصدر: « يا رب ».

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في نسخة: وغيرت.

الباب ١١

١ - الاختصاص ص ٨٦ باختلاف في الألفاظ: ونقله العلامة المجلسي في البحار ج ١٠٣ ص ١٥٥ ح ٤ مطابقا لما في المتن عن علل الشرائع ص ٥٢٩ ح ٢، وذكر في نهايته سند الاختصاص فقط وقال: مثله.

(١) في المصدر: المحسن.

٤٠٢

[١٥٧٢٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وروي: أن صاحب الدين يدفع إلى غرمائه، فإن شاؤوا أخذوه، وإن شاؤوا استعملوه، وإن كان له ضيعة أخذ منها(١) بعضها، وترك البعض إلى ميسرة، وروي: أنه لا يباع الدار ولا الجارية عليه ».

١٢ -( باب أن من مات حل دينه)

[١٥٧٣٠] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا كان على رجل دين إلى أجل، فإذا مات الرجل فقد حل الدين ».

١٣ -( باب أن ثمن كفن الميت مقدم على دينه)

[١٥٧٣١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أول شئ يبتدأ به من المال الكفن، ثم الدين، ثم الوصية، ثم الميراث ».

وباقي أخبار الباب، تقدم في أبواب الكفن(١) ، ويأتي في كتاب الوصايا(٢) .

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) في المصدر: منه.

الباب ١٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

الباب ١٣

١ - الجعفريات ص ٢٠٤.

(١) تقدم في الباب ٢٣ من أبواب الكفن.

(٢) يأتي في الباب ٢٧ من كتاب الوصايا.

٤٠٣

١٤ -( باب براءة ذمة الميت من الدين، إذا ضمنه ضامن للغرماء ورضوا به)

[١٥٧٣٢] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا كان للرجل على رجل مال، فضمنه رجل عند موته وقبل الذي له الحق ضمانه، فقد برئ الميت منه، ولزم الضامن الرد عليه.

[١٥٧٣٣] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن كان لك على رجل مال، وضمنه رجل عند موته وقبلت ضمانه(١) ، فالميت قد برئ منه، وقد لزم الضامن رده عليك ».

[١٥٧٣٤] ٣ - عوالي اللآلي: عن أبي سعيد الخدري قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في جنازة، فلما وضعت قال: « على صاحبكم من دين » فقالوا: نعم درهمان، فقال: « صلوا على صاحبكم » فقال عليعليه‌السلام : « هما علي يا رسول الله، وأنا [ لهما ](١) ضامن » فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى عليه، ثم أقبل على عليعليه‌السلام فقال: « جزاك الله عن الاسلام خيرا، وفك رهانك كما فككت رهان أخيك ».

[١٥٧٣٥] ٤ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن أبي قتادة قال: اتي بجنازة فوضعت حتى يصلي عليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه: « صلوا عليه فإني لا أصلي عليها »

__________________

الباب ١٤

١ - المقنع ص ١٢٦.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٦.

(١) في الطبعة الحجرية: « ضمانته » وما أثبتناه من المصدر.

٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٤١ ح ٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي الرازي ج ١ ص ٤٨٨.

٤٠٤

فقالوا: ولم يا رسول الله؟ فقال: « لان عليه دينا » فقال أبو قتادة: فأنا أضمن أن أقضي دينه، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بتمامه وكماله » قال: بتمامه وكماله، فصلى عليه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال أبو قتادة: الدين الذي كان عليه سبعة عشر أو ثمانية عشر درهما.

١٥ -( باب عدم جواز بيع الدين بالدين، وحكم ما لو بيع بأقل منه)

[١٥٧٣٦] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن الكالئ بالكالئ(١) وهو بيع الدين بالدين، وذلك مثل أن يسلم الرجل في الطعام إلى وقت معلوم، فإذا حضر الوقت لم يجد الذي عليه الطعام طعاما، فيشتريه من الذي هو له عليه بدين إلى أجل آخر، فهذا دين انقلب إلى دين آخر، ومنه أن يسلم الرجل في الطعام، ولا يدفع الثمن، ويبقى دينا عليه.

١٦ -( باب أنه يكره لمن يتقاضى الدين المبالغة في الاستقصاء، ويستحب له إطالة الجلوس، ولزوم السكوت)

[١٥٧٣٧] ١ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: عن حماد بن عثمان قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إذ دخل عليه رجل من أصحابنا، فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ما لأخيك يشكو منك؟ » قال: يشكوني أني استقصيت حقي منه، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « كأنك إذا استقصيت حقك لم تسئ، أرأيت ما ذكره الله في القرآن( يَخَافُونَ سُوءَ

__________________

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣ ح ٧٠.

(١) الكالئ بالكالئ: بيع النسيئة بالنسيئة والدين بالدين ( لسان العرب ج ١ ص ١٤٧ ).

الباب ١٦

١ - مشكاة الأنوار ص ١٨٧.

٤٠٥

الْحِسَابِ ) (١) أخافوا أن يجور(٢) الله جل ثناؤه عليهم؟، لا والله ما خافوا ذلك، وإنما خافوا الاستقصاء فسماه الله سوء الحساب ».

[١٥٧٣٨] ٢ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « خير الاخوان من لم يكن على إخوانه مستقصيا ».

[١٥٧٣٩] ٣ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال لرجل: « يا فلان ما لك ولأخيك؟ » قال: جعلت فداك، كان لي عليه حق فاستقصيت منه حقي، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أخبرني عن قول الله:( وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ) (١) أتراهم خافوا أن يجور عليهم أو يظلمهم!؟ لا والله خافوا الاستقصاء والمداقة(٢) » قال محمد بن عيسى: وبهذا الاسناد، أن أبا عبد اللهعليه‌السلام ، قال لرجل شكاه بعض إخوانه: « ما لأخيك فلان يشكوك؟ » فقال: أيشكوني ان استقصيت حقي؟ قال: فجلس مغضبا، ثم قال: « كأنك إذا استقصيت لم تسئ، أرأيت ما حكى الله تبارك وتعالى:( وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ) أخافوا أن يجور عليهم الله!؟ لا والله ما خافوا إلا الاستقصاء، فسماه الله سوء الحساب، فمن استقصى فقد أساء ».

[١٥٧٤٠] ٤ - علي بن إبراهيم في تفسيره: دخل رجل على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ما لفلان يشكوك؟ » قال: طالبته بحقي، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أترى أنك إذا

__________________

(١) الرعد ١٣: ٢١.

(٢) في الطبعة الحجرية: « يخون » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - غرر الحكم ج ١ ص ٣٩٠ ح ٥١.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢١٠ ح ٤٠ و ٤١.

(١) الرعد ١٣: ٢١.

(٢) المداقة: هي الاستقصاء في المحاسبة ( مجمع البحرين - دقق - ج ٥ ص ١٦٢ ).

٤ - تفسير القمي ج ١ ص ٣٦٣.

(١) في المصدر: « وترى ».

٤٠٦

استقصيت عليه لم تسئ به؟ أترى الذي حكى الله عز وجل( وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ) (٢) يخافون أن يجور الله عليهم!؟ والله ما خافوا ذلك، ولكنهم خافوا الاستقصاء، فسماه الله سوء الحساب ».

١٧ -( باب وجوب ارضاء الغريم المطالب، بالاعطاء والملاطفة مع التعذر)

[١٥٧٤١] ١ - الجعفريات: بإسناده عن عليعليه‌السلام : « أن يهوديا يقال له: حويحر كان له على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دنانير، فتقاضى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له: يا يهودي ما عندي ما أعطيك فقال: إني لا أفارقك يا محمد حتى تعطيني، فقال: إذا أجلس معك فجلس معه، فصلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك الموضع، الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة، وكان أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتهددونه ويتوعدونه، ففطن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله، يهودي يحبسك! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نهى تبارك وتعالى [ أن ](١) أظلم معاهدا ولا غيره، فلما ترحل النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت، إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة، فإني قرأت في التوراة: محمد بن عبد الله، مولده بمكة، ومهاجرة بطيبة، وملكه بالشام، وليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاف(٢) في الأسواق،

__________________

(٢) الرعد ١٣: ٢١.

الباب ١٧

١ - الجعفريات ص ١٨٢.

(١) أثبتناه لاستقامة المتن.

(٢) كذا في الأصل ولعل صحته ( سخاب )، جاء في النهاية لابن الأثير السخب: الصياح ج ٢ ص ٣٤٩. وقال الطريحيرحمه‌الله : في الحديث « إياك أن تكون سخابا » هو شدة الصوت، والسخب: الصيحة واضطراب الأصوات للخصام ( مجمع البحرين

٤٠٧

ولا مرس(٣) بالفحش، ولا قول الخطأ، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وهذا مالي فاحكم فيه بما أراك الله تعالى، وكان اليهودي كثير المال ».

[١٥٧٤٢] ٢ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن السجادعليه‌السلام ، أنه قال: « وأما حق الغريم الطالب لك، فإن كنت موسرا أوفيته وكفيته وأغنيته، ولم تردده ولم تمطله، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: مطل الغني ظلم، وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول، أو طلبت إليه طلبا جميلا، ورددته عن نفسك ردا لطيفا، ولم تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته، فإن ذلك لؤم ».

١٨ -( باب جواز النزول على الغريم والأكل من طعامه، ثلاثة أيام على كراهية، وتتأكد بعدها)

[١٥٧٤٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يأخذ أحدكم ركوب دابة ولا عارية متاع، من أجل قرض أقرضه » وكان يكره أن ينزل الرجل على غريمه، أو يأكل من طعامه، أو يشرب من شرابه، أو يعلف من علفه.

١٩ -( باب جواز قبول الهدية والصلة ممن عليه الدين، وكذا كل منفعة يجرها القرض من غير شرط، واستحباب احتسابها له مما عليه)

[١٥٧٤٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ،

__________________

ج ٢ ص ٨١ ).

(٣) كذا في الأصل، ولعل صحته (متمرس) جاء في النهاية: يتمرس بدينه أي يتلعب بدينه ويعبث به ج ٤ ص ٣١٨ فلعل المراد (ولا متلعب بالفحش) كما يعهد ممن لا أخلاق له التفكه والتلذذ بالفحش والقول البذئ.

٢ - تحف العقول ص ١٩٢ ح ٣٥.

الباب ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٦٦.

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٧٠.

٤٠٨

أنه سئل عن الرجل يكون له على الرجل الدراهم أو المال، فيهدي إليه الهدية، قال: « لا بأس بها ».

[١٥٧٤٥] ٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « كل قرض جر منفعة فهو ربا ».

[١٥٧٤٦] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يسلم في بيع عشرين دينارا، على أن يقرض صاحبه عشرة [ دنانير ](١) أو ما أشبه ذلك، قال: « لا يصلح ذلك، لأنه قرض يجر منفعة ».

٢٠ -( باب جواز قضاء الدين بأكثر منه وأجود مع التراضي، من غير شرط سابق، وحكم من دفع عما في ذمته من الدين طعاما أو نحوه، ثم يتغير السعر)

[١٥٧٤٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلة، فيرد عليه الدراهم الطازجية، طيبة بها نفسه، قال: « فلا بأس بذلك ».

[١٥٧٤٨] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من أقرض قرضا(١) ورقا لا(٢) يشترط إلا رد مثلها، فإن قضى أجود منها فليقبل ».

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٦٧.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٣ ح ١٤٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٦٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٦٩.

(١) قرضا: ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: « فلا ».

٤٠٩

٢١ -( باب جواز اقتراض الخبز والجوز عددا)

[١٥٧٤٩] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام « جدي الصادقعليه‌السلام - وسئل عن الخبز، بعضها أكبر من بعض - قال: لا بأس إذا أقرضته ».

٢٢ -( باب استحباب تحليل الميت والحي من الدين)

[١٥٧٥٠] ١ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن ابن الزبير، أنه قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : إني وجدت في حساب أبي، أنه له على أبيك ثمانين ألف درهم، فقال له: « إن أباك صادق » فقضى ذلك، ثم جاء فقال: غلطت فيما قلت، إنما كان لوالدك على والدي ما ذكرته لك، فقال: « والدك في حل، والذي قبضته مني هو لك ».

[١٥٧٥١] ٢ - الصدوق في المقنع وإن مات رجل ولك عليه دين، فإن جعلته في حل منه، كان لك بكل درهم عشرة، وإن لم تحلله كان لك بكل درهم درهم.

[١٥٧٥٢] ٣ - الإمام العسكريعليه‌السلام في تفسيره: « عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إن الله تعالى يبعث يوم القيامة أقواما تمتلئ من جهة السيئات موازينهم، فيقال لهم: هذه السيئات، فأين الحسنات؟ فيقولون: يا ربنا ما نعرف لنا حسنات، فإذا النداء من قبل الله عز وجل: لئن لم تعرفوا لأنفسكم عبادي حسنات، فإني أعرفها لكم وأوفرها عليكم، ثم يأتي بصحيفة(١) صغيرة يطرحها في كفة حسناتهم فترجح سيئاتهم، بأكثر

__________________

الباب ٢١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام :

الباب ٢٢

١ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ١١٨.

٢ - المقنع ص ١٢٦.

٣ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٥٤.

(١) في المصدر: يأتي الريح برقعة.

٤١٠

مما بين السماء والأرض، فيقال لأحدهم: خذ بيد أبيك وأمك وإخوانك وأخواتك وخاصتك وقراباتك وأخدانك ومعارفك فأدخلهم الجنة، فيقول أهل المحشر: يا رب أما الذنوب فقد عرفناها، فماذا كانت حسناتهم؟ فيقول الله عز وجل: يا عبادي مشى أحدهم ببقية دينه [ عليه ](٢) لأخيه إلى أخيه، فقال: خذها، فإني أحبك بحب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال الآخر: قد تركتها لك بحبك علياعليه‌السلام ، ولك من مالي ما شئت، فشكر الله تعالى ذلك لهما، فحط به خطاياهم، وجعل ذلك في حشو صحيفتهما وموازينهما، وأوجب لهما ولوالديهما الجنة » الخبر.

٢٣ -( باب جواز انظار المعسر، وعدم جواز معاسرته)

[١٥٧٥٣] ١ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن شعيب، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « إن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، طلع ذات يوم من غرفة له، فإذا هو برجل يلزم رجلا، ثم اطلع من العشي فإذا هو ملازمه، ثم إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نزل إليهما، فقال ما يقعدكما(١) هاهنا؟ قال أحدهما: يا رسول الله، إن لي قبل هذا حق قد غلبني عليه، فقال الآخر: يا نبي الله، له علي حق وأنا معسر، ولا والله ما عندي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أراد أن يظله الله من فوح جهنم، يوم لا ظل إلا ظله، فلينظر معسرا أو يدع له، فقال الرجل عند ذلك: قد وهبت لك ثلثا، وأخرتك بثلث إلى سنة، وتعطيني ثلثا، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أحسن هذا! ».

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٣

١ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح ص ٦٩.

(١) في الطبعة الحجرية: « ما يفعل بكما » وما أثبتناه من المصدر.

٤١١

[١٥٧٥٤] ٢ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من ضيق الخلق، البخل وسوء التقاضي ».

[١٥٧٥٥] ٣ - الصدوق في المقنع: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « إن الله عز وجل يحب إنظار المعسر، ومن كان غريمه معسرا فعليه أن ينظره إلى ميسرة، إن كان أنفق ما أخذ في طاعة الله، وإن كان أنفق ذلك في معصية الله، فليس عليه أن ينظره إلى ميسرة، وليس هو من أهل الآية التي قال الله عز وجل:( فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ) (١) ».

ورواه في الهداية مثله(٢) .

[١٥٧٥٦] ٤ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن أبي هريرة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من أنظر معسرا أو وضع له، أظله الله تحت ظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله ».

[١٥٧٥٧] ٥ - وعن حذيفة بن اليمان، أنه قال: « إذا كان يوم القيامة يؤتى بعبد فيقول: اللهم إني لا أعلم في حياتي عملا غير أنك وهبتني في الدنيا مالا، فكنت أعين به الفقراء، فإذا لم يكن عندهم ما يقضون به، لم أعسر عليهم، فيقول الله تبارك وتعالى: « أنا أولى بإعانتك فإنك ملهوف، فتجاوزوا عن عبدي » قال أبو مسعود الأنصاري: أشهد أن حذيفة سمع هذا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

[١٥٧٥٨] ٦ - وعن بريدة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من

__________________

٢ - غرر الحكم ج ٢ ص ٧٢٩ ح ٧٥.

٣ - المقنع: النسخة المطبوعة من المصدر خالية من هذا الحديث.

(١) البقرة ٢: ٢٨٠.

(٢) الهداية ص ٨٠، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ١٥٣ ح ٢٤.

٤ تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٨٧.

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٨٧.

٦ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٨٧.

٤١٢

أقرض وانظر المعسر، يكتب له في كل يوم صدقة، ومن انظر كتب الله له صدقة وله في كل يوم مثله ماله عليه » قلت: يا رسول الله، قلت في الأول: يكتب له في كل يوم صدقة، ثم قلت: يكتب له مثل ماله عليه في كل يوم صدقة، قال: « نعم، قلت الأول قبل الاجل، والثاني بعده ».

[١٥٧٥٩] ٧ - فقه الرضاعليه‌السلام : وارفق بمن لك عليه ( حق، تأخذ )(١) منه في عفاف وكفاف، فإن كان غريمك معسرا، وكان أنفق ما أخذ منك في طاعة الله، فانظره إلى ميسرة، وهو أن يبلغ(٢) خبره الامام فيقضي عنه، أو يجد الرجل طولا فيقضي دينه، وإن كان أنفق ما أخذه منك في معصية الله، [ فطالبه بحقك ](٣) فليس هو من أهل هذه الآية ».

٢٤ -( باب كراهة مطالبة الغريم في الحرم، وحكم من أقرض غيره دراهم، ثم سقطت وجاءت غيرها)

[١٥٧٦٠] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إن كان لك على رجل حق فوجدته في مكة أو في الحرم، فلا تطالبه ولا تسلم عليه فتفزعه، إلا أن تكون أعطيته حقك في الحرم، فلا بأس أن تطالبه في الحرم ».

٢٥ -( باب أنه إذا كان لاثنين ديون فاقتسماها، فما حصل لهما وما ذهب عليهما)

[١٥٧٦١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في

__________________

٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٦.

(١) في المصدر: « حتى تأخذه ».

(٢) في المصدر: « تبلغ ».

(٣) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

الباب ٢٥.

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٧ ح ٢٦٤.

٤١٣

الشريكين إذا افترقا، واقتسما ما في أيديهما، وبقي الدين والغائب، فتراضيا أن صار لكل واحد [ منهما ](١) حصته في شئ منه، فهلك بعضه قبل أن يصل، قال: « ما هلك فهو عليهما معا، ولا يجوز قسمة الدين ».

٢٦ -( باب استحباب قضاء الدين عن الأبوين، وتأكده بعد الموت)

[١٥٧٦٢] ١ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن أحمد بن علي، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيد الأبرار يوم القيامة، رجل بر والديه بعد فوتهما ».

[١٥٧٦٣] ٢ - القطب الراوندي في دعواته: عن الصادقعليه‌السلام قال: « يكون الرجل عاقا لوالديه في حياتهما، فيصوم عنهما بعد موتهما، ويصلي ويقضي عنهما الدين، فلا يزال كذلك حتى يكتب بارا، ويكون بارا في حياتهما فإذا ماتا لا يقضي دينهما، ولا يبرهما بوجه من وجوه البر، فلا يزال كذلك حتى يكتب عاقا ».

٢٧ -( باب جواز تعجيل قضاء الدين بنقيصة منه، أو تعجيل بعضه بزيادة مع أجل الباقي، لا تأخيره بزيادة فيه، وحكم من ترك مطالبة حق له عشر سنين)

[١٥٧٦٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٦

١ - البحار ج ٧٤ ص ٨٦ ح ١٠٠ بل عن جامع الأحاديث ص ١٤.

٢ - دعوات الراوندي ص ٥٤.

(١) في المصدر: فيقوم.

الباب ٢٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦٢ ح ١٧٥.

٤١٤

الرجل يكون له على الرجل الدين إلى أجل [ مسمى ](١) ، فيأتي غريمه فيقول: عجل لي كذا وكذا، وأضع عنك بقيته، أو أمد لك في الاجل، قال: « لا بأس به إن هو لم يزد(٢) على رأس ماله، ولا بأس أن يحط الرجل دينا له إلى أجل، ويأخذه مكانه ».

٢٨ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الدين والقرض)

[١٥٧٦٥] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا مات الرجل وله دين على رجل، فإن أخذه وارثه منه فهو له، وإن لم يعطه فهو للميت في الآخرة.

[١٥٧٦٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : مثله. « وروي أنه شكا رجل إلى العالمعليه‌السلام دينا عليه، فقال له العالم: أكثر من الصلاة ».

[١٥٧٦٧] ٣ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: باسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أربعة لا عذر لهم: رجل عليه دين محارف في بلاده، لا عذر له حتى يهاجر في الأرض يلتمس ما يقضي به دينه » الخبر.

[١٥٧٦٨] ٤ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أخي الأصمعي، عن عمه الأصمعي قال: حدثنا بعض أصحابنا، عن عبد الرحمن بن خالد بن أبي الحسن جمهور مولى المنصور قال: أخرج إلى بعض ولد سليمان بن علي كتابا

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « يزدد ».

الباب ٢٨

١ - المقنع ص ١٢٦.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

٣ - نوادر الراوندي ص ٢٧.

٤ - الاختصاص ص ١٢٣.

٤١٥

بخط عبد المطلب، وإذا شبيه بخط النساء: « بسمك اللهم، ذكر حق عبد المطلب بن هاشم - من أهل مكة - على فلان بن فلان الحميري - من أهل زول(١) صنعاء - عليه ألف درهم فضة طيبة كيلا بالحديد، ومتى دعاه بهذا أجابه، شهد الله والملكان ».

[١٥٧٦٩] ٥ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « صاحب الدين لا يقيد، ولا يضرب، ولا يضيق عليه في شئ ».

__________________

(١) الزول: اسم مكان باليمن وجد بخط عبد المطلب بن هاشم: وأنهم وصلوا إلى زول صنعاء ( معجم البلدان ج ٣ ص ١٥٩ ).

٥ - الجعفريات ص ٤٤.

٤١٦

كتاب الرهن

أبواب كتاب الرهن

١ -( باب جواز الارتهان على الحق الثابت)

[١٥٧٧٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: لا بأس أن يأخذ الرهن والكفيل، في بيع السلم والنسيئة ».

[١٥٧٧١] ٢ - البحار، عن بعض كتب المناقب: عن أبي الفرج محمد بن أحمد المكي، عن المظفر بن أحمد بن عبد الواحد، عن محمد بن علي الحلواني، عن كريمة بنت أحمد بن محمد المروزي، وعن محمد(١) بن الحسين البغدادي، عن الحسين بن محمد بن علي الزينبي، عن الكريمة فاطمة بنت أحمد بن محمد المروزية، عن أبي، عن(٢) زاهر بن أحمد، عن معاذ بن يوسف الجرجاني، عن أحمد بن محمد بن غالب، عن عثمان بن أبي شيبة، عن نمير، عن مجالد، عن ابن عباس - في حديث طويل - أنه قال: قالت فاطمةعليها‌السلام لسلمان: « يا سلمان، خذ درعي(٣) هذا ثم امض به إلى شمعون اليهودي، وقل له: تقول لك فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : أقرضني عليه صاعا من تمر، وصاعا من شعير، أرده عليك إن شاء الله » قال: فأخذ سلمان الدرع ثم أتى به إلى شمعون اليهودي فقال له: يا

__________________

كتاب الرهن

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٢ ح ١٣٥.

٢ - البحار ج ٤٣ ص ٧٢ ح ٦١.

(١) في الحجرية: « أحمد » وما أثبتناه من المصدر وهو الصواب ( راجع لسان الميزان ج ٥ ص ١٤١ ح ٤٦٩ ).

(٢) في المصدر: علي.

(٣) درع المرأة: قميصها، أو نوع من الثياب واسع ( لسان العرب - درع - ج ٨ ص ٨٢ ومجمع البحرين - درع - ج ٤ ص ٣٢٤ ).

٤١٧

شمعون، هذا درع فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تقول لك: « أقرضني عليه صاعا من تمر، وصاعا من شعير، أرده عليك إن شاء الله(٤) »، فأخذ شمعون الدرع، الخبر.

[١٥٧٧٢] ٣ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن فاطمةعليها‌السلام أنها رهنت كسوة لها عند امرأة زيد اليهودي في المدينة واستقرضت الشعير، الخبر.

[١٥٧٧٣] ٤ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه ابتاع طعاما من يهودي نسيئة، ورهن عليه درعه.

[١٥٧٧٤] ٥ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: وفي الحديث الصحيح، ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رهن درعه من يهودي، بشعير أخذه لقوت أهله.

٢ -( باب كراهة الارتهان من المؤمن المأمون)

[١٥٧٧٥] ١ - الصدوق في كتاب الاخوان: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من كان الرهن عنده أوثق من أخيه، فالله منه برئ ».

[١٥٧٧٦] ٢ - الشيخ الطبرسي في مجمع البيان: عن أبي رافع قال: نزل برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ضيف، فبعثني إلى يهودي فقال: « قل: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: بعني كذا وكذا من الدقيق، وأسلفني إلى هلال رجب » فأتيته فقلت له، فقال: والله لا أبيعه ولا أسلفه إلا برهن، فأتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته، فقال: « والله

__________________

(٤) في المصدر زيادة: قال.

٣ - المناقب ج ٣ ص ٣٣٩.

٤ - تفسير أبي الفتوح ج ١ ص ٤٩٦.

٥ - درر اللآلي ص ١ ح ٣٢٥.

الباب ٢

١ - مصادقة الإخوان ص ٧٢.

٢ - مجمع البيان:

٤١٨

لو باعني وأسلفني لقضيته، وإني لأمين في السماء، وأمين في الأرض، اذهب بدرعي الحديد إليه» الخبر.

٣ -( باب اشتراط القبض في الرهن، وجواز كون قيمته أقل من الدين بكثير وأكثر ومساويا)

[١٥٧٧٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يكون الرهن إلا مقبوضا ».

[١٥٧٧٨] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس برهن الدور والأرضين المشاع منها والمقسوم، ولا بأس برهن الحلي والطعام والأموال كلها إذا قبضت، وإن لم تقبض فليس برهن ».

٤ -( باب عدم جواز بيع الرهن إذا غاب صاحبه، وجواز بيعه إن لم يعلم لمن هو بعد التعريف، ويحفظ فاضل الثمن حتى يجئ صاحبه)

[١٥٧٧٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا كان الرهن إلى أجل وغاب الراهن، لم يبع الرهن إلا أن يحضر، أو يكون له وكيل، أو جعل بيعه أن غاب عن وقت الاجل إلى من هو في يده(١) ، أو إلى غيره ».

__________________

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٢ ح ٢٤٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٢ ح ٢٤٥.

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٣ ح ٢٤٩.

(١) في المصدر: يديه.

٤١٩

٥ -( باب أن الرهن إذا تلف من غير تفريط من المرتهن لم يضمنه، ولم يسقط من حقه شئ، وحكم خيانة العبد المرهون)

[١٥٧٨٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا هلك الرهن فهو من مال الراهن، والدين بحاله ».

[١٥٧٨١] ٢ - الصدوق في المقنع: وإن رهن عنده مملوكا فأجذم، أو رهن عنده متاعا فلم ينشر المتاع ولم يحركه ولم يتعاهده فانفسد، فان ذلك لم ينقص من ماله شيئا، وإن رهن عنده رهنا فضاع أو أصابه شئ، رجع بماله عليه، واعلم أنه متى ما رهن رجل عند رجل رهنا، فضاع من غير أن يضيعه، فهو من مال الراهن، ويرتجع المرتهن عليه بماله.

٦ -( باب أنه إذا تلف بعض الرهن من غير تفريط المرتهن لم يضمنه، وكان الباقي رهنا على جميع الحق)

[١٥٧٨٢] ١ - الصدوق في المقنع: وإن رهن رجل عند رجل دارا فاحترقت أو انهدمت، فإن ماله في تربة الأرض.

وإن رهن عنده رهنا فصدع أو أصابه شئ، رجع بماله عليه، فإن هلك بعضه وبقي بعضه، فإن حقه فيما بقي.

٧ -( باب أن الرهن إذا تلف بتفرط المرتهن، لزمه ضمانه وترادا الفضل بينهما)

[١٥٧٨٣] ١ - الصدوق في المقنع: فإن ضيعه المرتهن من غير أن ضاع، فإن عليه

__________________

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٣ ح ٢٤٧.

٢ - المقنع ص ١٢٨.

الباب ٦

١ - المقنع ص ١٢٨.

الباب ٧

١ - المقنع ص ١٢٩.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496