المناشدة والاحتجاج بحديث الغدير

المناشدة والاحتجاج بحديث الغدير 0%

المناشدة والاحتجاج بحديث الغدير مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 97

المناشدة والاحتجاج بحديث الغدير

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي
تصنيف: الصفحات: 97
المشاهدات: 18018
تحميل: 4501

توضيحات:

المناشدة والاحتجاج بحديث الغدير
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 97 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18018 / تحميل: 4501
الحجم الحجم الحجم
المناشدة والاحتجاج بحديث الغدير

المناشدة والاحتجاج بحديث الغدير

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أعلام الشهود لأمير المؤمنين (عليه السلام) بحديث الغدير يوم الرُّكبان حسب ما مَرَّ مِن الأحاديث:

١ - أبو الهيثم بن التيهان - بدريٌّ.

٢ - أبو أيُّوب خالد بن زيد الأنصاريّ.

٣ - حبيب بن بديل بن ورقاء الخزاعي.

٤ - خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين الشهيد بصِفِّين - بدريٌّ.

٥ - عبد الله بن بديل بن ورقاء الشهيد بصِفِّين.

٦ - عمار بن ياسر قتيل الفِئة الباغية بصِفِّين - بدريٌّ.

٧ - قيس بن ثابت بن شماس الأنصاريّ.

٨ - قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي - بدريٌّ.

٩ - هاشم المرقال بن عتبة صاحب راية علي والشهيد بصِفِّين.

مَن أصابته الدعوة بإخفاء حديث الغدير

قد مَرَّ الإيعاز في غير واحد مِن أحاديث المـُناشَدة، يومي الرَّحبة والرُّكبان، إلى أنَّ قوماً مِن أصحاب النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلم) الحضور في يوم غدير خُمٍّ، قد كتموا شهادتهم لأمير المؤمنين (عليه السلام) بالحديث، فدعا عليهم، فأخذتهم الدعوة، كما وقع النصُّ بذلك في غير واحد مِن المعاجم، والقوم هم:

١ - أبو حمزة أنس بن مالك: المـُتوفَّى (٩٠، ٩١، ٩٣).

٢ - البرَّاء بن عازب الأنصاري: المـُتوفَّى (٧١ - ٧٢).

٣ - جرير بن عبد الله البجلي: المـُتوفَّى (٥١، ٥٤).

٤ - زيد بن أرقم الخزرجي: المـُتوفَّى (٦٦، ٦٨).

٥ - عبد الرحمان بن مدلج(١) .

٦ - يزيد بن وديعة.

____________________

(١) كذا في أُسد الغابة: ٣ / ٤٩٢، وفي الإصابة: ٢ / ٤٢١ رقم١٩٧: أنَّه كان مِمَّن شَهِد يوم الرحبة أنَّه سمع رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) يقول (مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ...).

٦١

نظرة في حديث إصابة الدعوة

ربَّما يقف في صدر القارئ، الاختلاف بين الأحاديث الناصَّة: بأنَّ أنساً قد أصابته الدعوة بكُتمان الشهادة، وما جاء موهِماً بشهادته، لكنْ عرفت أنَّ الفريق الأخير منهما مُحرَّف المـَتن فيه تصحيف، وعلى تقدير سلامته لا يُقاوم الأوَّل كَثرةً وصَحَّةً وصراحةً، مع ما هناك مِن نصوص أُخرى غير ما ذكر، منها:

قال أبو محمد بن قتيبة - المـُترجَم (ص ٩٦) - في(المعارف) (١) (ص ٢٥١).

أنس بن مالك، كان بوجهه برص، وذكر قوم: أنَّ عليَّاً (عليه السلام) سأله عن قول رسول الله: (اللَّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه) فقال: كَبِرت سنِّي ونسيت، فقال علي: (إنْ كنتَ كاذباً فضربك الله ببيضاء لا تواريها العِمامة).

قال الأميني: هذا نصُّ ابن قتيبة في الكتاب، وهو الذي اعتمد عليه ابن أبي الحديد في(شرح نهج البلاغة) (٢) (٤ / ٣٨٨) حيث قال:

فقد ذكر ابن قتيبة حديث البرص، والدعوة التي دعا بها أمير المؤمنين (عليه السلام) على أنس بن مالك في كتاب(المعارف) في باب البرص مِن أعيان الرجال، وابن قتيبة غير مُتَّهم في حقِّ عليٍّ (عليه السلام) على المشهور مِن انحرافه عنه. انتهى.

وهو يكشف عن جَزمه بصَحَّة العبارة، وتطابق النسخ على ذلك، كما يظهر مِن غيره مِمَّن نقل هذه الكلمة عن كتاب المعارف.

لكنَّ اليد الأمينة على ودائع العلماء، في كتبهم في المطابع المصريَّة، دسَّت في الكتاب ما ليس منه، فزادت بعد القِصَّة ما لفظه: قال أبو محمد: ليس لهذا أصل. ذهولاً عن أنَّ سياق الكتاب يُعرب عن هذه الجناية، ويأبى هذه الزيادة؛ إذ المؤلِّف

____________________

(١) المعارف: ص ٥٨٠.

(٢) شرح نهج البلاغة: ١٩ / ٢١٨ الأصل ٣١٧.

٦٢

يذكر فيه مِن مصاديق كلِّ موضوع ما هو المـُسلَّم عنده، ولا يوجد مِن أوَّل الكتاب إلى آخره حكم في موضوع، بنفي شيء مِن مصاديقه بعد ذكره إلاَّ هذه، فأوَّل رجل يذكره في عَدِّ مَن كان عليه البَرص هو أنس، ثمَّ بعَدِّ مَنْ دونَه، فهل يمكن أنْ يذكر مؤلِّف في إثبات ما يرتئيه مُصداقاً، ثمَّ يُنكره بقوله: لا أصل له؟!

وليس هذا التحريف في كتاب المعارف بأوَّلٍ في بابه، فسيُوافيك في المـُناشدة الرابعة عشرة حَذفها منه، وقد وجدنا في ترجمة المهلب بن أبي صفرة، مِن(تاريخ ابن خلكان) (١) (٢ / ٢٧٣) نقلاً عن المعارف ما حذفته المطابع.

وقال أحمد بن جابر البلاذري المـُتوفَّى (٢٧٩) في الجزء الأوَّل مِن(أنساب الأشراف) (٢) :

قال عليٌّ على المنبر: (أَنشد الله رجُلاً سمع رسول الله يقول يوم غدير خُمٍّ: اللَّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، إلاَّ قام وشَهَد).

وتحت المنبر أنس بن مالك، والبرَّاء بن عازب، وجرير بن عبد الله بالبجلي، فأعادها فلَمْ يُجبه أحد، فقال:

(اللَّهمَّ، مَن كَتَم هذه الشهادة وهو يعرفها، فلا تُخرجه مِن الدنيا، حتَّى تَجعل به آية يُعرف بها).

قال [ أبو وائل ](٣) : فبرص أنس، وعَمي البراء، ورجع جرير أعرابيَّاً بعد هجرته، فأتى الشراة(٤) ، فمات في بيت أُمِّه(٥) .

____________________

(١) وفيات الأعيان: ٥ / ٣٥١ رقم ٧٥٤.

(٢) أنساب الأشراف: ٢ / ١٥٦ ح ١٦٩.

(٣) أثبتنا الزيادة مِن المصدر.

(٤) الشراة: صقع بالشام بين دمشق ومدينة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلم). مُعجم البلدان: ٣ / ٣٣٢.

(٥) ولعلَّه: في بيت أُمِّه.

٦٣

وقال ابن أبي الحديد في(شرح نهج البلاغة) (١) (٤ / ٤٨٨): المشهور أنَّ عليَّاً(عليه السلام) ناشد الناس في الرحبة بالكوفة، فقال: (أَنشدكم الله رجُلاً سمع رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) يقول لي، وهو مُنصرف مِن حجَّة الوداع: مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه).

فقام رِجال، فشهدوا بذلك. فقال (عليه السلام) لأنس بن مالك: (ولقد حضرتَها، فمالك؟) فقال: يا أمير المؤمنين كَبِرت سنِّي، وصار ما أنساه أكثر مِمَّا أذكره. فقال له: (إنْ كنتَ كاذباً، فضربك الله بها بيضاء لا تواريها العِمامة). فما مات حتَّى أصابه البَرص.

وقال في(٢) (١ / ٣٦١): وذكر جماعة مِن شيوخنا البغداديِّين: أنَّ عِدَّة مِن الصحابة والتابعين والمـُحدِّثين، كانوا مُنحرفين عن عليٍّ (عليه السلام) قائلين فيه السوء، ومنهم مَن كَتَم مَناقبه، وأعان أعداءه ميلاً مع الدنيا وإيثارا ًللعاجِلة، فمنهم: أنس بن مالك.

ناشد عليٌّ (عليه السلام) في رحبة القصر - أو قالوا: برحبة الجامع بالكوفة -: (أيُّكم سمع رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) يقول: مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه؟).

فقام اثنا عشر رجُلاً، فشهدوا بها، وأنس بن مالك في القوم لم يَقُم! فقال له: (يا أنس، ما يمنعُك أنْ تقوم فتشهد، ولقد حضرتها؟! فقال: يا أمير المؤمنين كَبِرت ونسيت! فقال: اللَّهمَّ إنْ كان كاذباً فارمِه بيضاء لا تواريها العِمامة).

قال طلحة بن عمير: فوالله، لقد رأيت الوضح به بعد ذلك، أبيض بين عينيه.

وروى عثمان بن مطرف: أنَّ رجُلاً سأل أنس بن مالك في آخر عمره، عن عليِّ بن أبي طالب.

____________________

(١) شرح نهج البلاغة: ١٩ / ٢١٧ الأصل ٣١٧.

(٢) المصدر السابق: ٤ / ٧٤ خطبة ٥٦.

٦٤

فقال: إنِّي آليت أنْ لا أكتم حديثاً سُئلت عنه في عليٍّ بعد يوم الرحبة: ذاك رأس المـُتَّقين يوم القيامة، سمعته - والله - مِن نبيِّكم.

وفي(تاريخ ابن عساكر) (١) (٣ / ١٥٠) قال أحمد بن صالح العجلي: لَمْ يُبتلَ أحدٌ مِن أصحاب النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلم) إلاَّ رجُلين: مُعيقيب(٢) كان به داء الجُذام، وأنس بن مالك كان به وَضح، يعني البرص.

وقال أبو جعفر: رأيت أنساً يأكل، فرأيته يلْقُم لقُما كباراً، ورأيت به وَضحا، وكان يتخلَّق بالخلوق.

وقول العجلي المذكور حكاه أبو الحجَّاج المزِّي في(تهذيبه) (٣) ، كما في(خلاصة الخزرجي) (٤) (ص ٣٥).(٥)

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق: ٣ / ١٧٤.

(٢) مُعيقيب - مُصغَّر - وهو ابن أبي فاطمة الدوسي الأزدي، مِن أمناء عمر بن الخطاب على بيت المال. ترجمة ابن قتيبة في المعارف: ص ١٣٧ (ص ٣١٦). (المؤلِّف).

(٣) تهذيب الكمال: ٣ / ٣٧٤ رقم ٥٦٨.

(٤) حديث الدعوة وإصابتها في مُسند أحمد: ١ / ١١٩ - في طبعة أحمد شاكر برقم ٩٦٤ -، وفيه: فقام إلاَّ ثلاثة لم يقوموا! فدعا عليهم، فأصابتهم دعوته.

وأخرجه الدارقطني، ولفظه: فقام بِضعة عشر رجُلاً، فشهدوا، وكَتَم قوم! فما فنوا مِن الدنيا حتَّى عموا وبرصوا ...، وأخرجه ابن عساكر: ٥١٠ مِن طريق الدارقطني.

وبهذا اللفظ أخرجه الخطيب البغدادي في الأفراد، وعنه السيوطي في جمع الجوامع، والمـُتَّقي في كنز العُمَّال: ح ٣٦٤١٧.

وأخرجه ابن عساكر: ٥٠٩، والضياء المقدسي في المـُختارة: ٦٥٤، وابن كثير في تاريخه: ٥ / ٢١١، مِن طريق عبد الله بن أحمد، باللفظ المـُتقدِّم عن المـُسند، وكرَّره ابن كثير في: ٧ / ٣٤٧ بالإسناد واللفظ، وحذف منه الكِتمان والدعوة وإصابتها!

وتَقدَّمت في ص ٣٨٩ رواية البلاذري، وفيها: فبرص أنس، وعَمي البرَّاء، ورجع جرير أعرابياً =

٦٥

____________________

= فأمَّا أنس بن مالك: فقد اشتهر بالبرص، وعدَّه ابن حبيب في المحبر: ص ٣٠١ في البرص الأشرف، وعَدَّه الثعالبي في ثمار القلوب: ص ٢٠٦ في أدواء الأشراف وعاهاتهم - كما قيل: لقوَّة معاوية ...، وبَخر عبد الملك، وبرص أنس بن مالك.

ويبدو أنَّ البرص توارثه بعض ولده، فقد ذكره الجاحظ، وذكر ابنه وحفيده ثمامة، في كتاب البرصان والعرجان: ص ٧٩، وقال: قال أبو عبيدة: كان ثمامة بن عبد الله بن أنس أسلع ابن أسلع ابن أسلع (والأسلع هو الأبرص، كما في كتاب البرصان: ص ٦٣).

وقال ابن رسته في الأعلاق النفسيَّة: ص ٢٢١: أنس بن مالك، كان بوجهه برص، ويذكر قوم أنَّ عليَّ بن أبي طالب (عليه السلام) سأله عن شيءٍ، فقال: كَبرت سنِّي ونَسيت! فقال علي: (إنْ كنتَ كاذباً فضربك الله ببيضاء لا تواريها العِمامة).

وقال الثعالبي في لطائف المعارف: ص ١٠٥: وكان أنس بن مالك (رضي الله عنه) أبرص، وذكر قوم أنَّ عليَّ بن أبي طالب - كرَّم الله وجهه - سأله عن قول النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلم) فيه: (اللَّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه)، فقال: قد كَبِرت ونَسيت! فقال علي: (إنْ كنتَ كاذباً، فضربك الله ببيضاء لا تواريها العمامة)، فأصابه برص. وبرص أنس مشهور، مذكور في ترجمته في الكتب الكبار: كتهذيب الكمال، ٣ / ٣٧٥، وتاريخ الإسلام: ٦ / ٢٩٥، وسير أعلام النبلاء: ٣ / ٤٠٥.

وأخرج أبو نعيم في حلية الأولياء: ٥ / ٢٦ - ٢٧، عن شيخه الحافظ الطبراني حديث المـُناشَدة، وفيه: فقاموا كلُّهم، فقالوا: نعم، وقعد رجل: فقال: (ما منعك أنْ تقول؟!)، فقال: يا أمير المؤمنين، كَبِرت ونَسيت! فقال: (اللَّهمَّ، إنْ كان كاذباً فاضربه ببلاء حَسَن)، قال: فما مات حتَّى رأينا بين عينيه نُكتةً بيضاء لا تواريها العِمامة.

وكرَّر هذا الحديث في أخبار أصبهان: ١ / ١٠٧، بالإسناد واللفظ، إلى قوله: (وعادِ مَن عاداه). فحذف منه كِتمان أنس، وابتلائه بالبرص! وقد جمع أنس بين كتمان الشهادة وكذبتين: كَبِرت، ونسيت. فإنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) لمـَّا هاجر إلى المدينة كان أنس طفلاً ابن عشر سنين أو ثمان سنين، أخذت أُمُّه بيده، وذهبت به إليه (صلَّى الله عليه وآله وسلم)، وطلبتْ منه أنْ يقبله خادماً، والمـُناشدات كانت بين سنتي ٣٦ و ٤٠، فأنس عند المـُناشدة كان في الأربعيَّنات مِن عمره، له دون الخَمسين سنة، فأين الكِبَر المورث للنسيان؟!

ولقد جرَّبنا عليه الكذب في قِصَّة الطير، عندما دعا النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلم) أنْ يأتيه الله بأحبِّ الخَلق إليه يأكلُ معه مِن الطير، فبعث الله إليه عليَّاً (عليه السلام) ثلاث مَرَّات، في كلِّ ذلك يقول له أنس: إنَّ النبي عنك مَشغول!

وأمَّا البرَّاء بن عازب.

٦٦

وقد نظم السيِّد الحِميري(١) إصابة الدعوة عليه، في لاميَّته الآتية بقوله:

في ردِّه سيِّد كلِّ الورى

مولاهم في المـُحكَم المـُنزَل

فصدَّه ذو العرش عن رُشده

وشانه بالبرص الأنكل

وقال الزاهي(٢) في قصيدته التي تأتي:

ذاك الذي استوحشَ منه أنس

أنْ يَشهد الحقَّ فشاهد البرص

إذ قال مَن يَشهدُ بالغدير ليْ؟

فبادر السامع وهو قد نَكص

فقال أُنسيت فقال كاذبٌ

سوف نَرى ما لا تواريه القَمص

وهناك حديث مُجمل أحسبه إجمال هذا التفصيل:

أخرج الخوارزمي مِن طريق الحافظ ابن مُردويه في(مناقبه) (٣) ، عن زادان أبي عمرو: أنَّ عليَّاً سأل رجُلاً في الرحبة عن حديث فكذَّبه! فقال عليٌّ: (إنَّك قد كذَّبتني.

فقال: ما كذَّبتك!! فقال: أدعو الله عليك، إنْ كنتَ كذَّبتني أنْ يُعمي بصرك). قال: ادعُ الله. فدعا عليه، فلم يخرج مِن الرحبة حتَّى قُبض بصره.

____________________

فقد تقدَّم في رواية البلاذري: وعَمي البرَّاء. وعَدَّه الصفدي في العُميان، فترجم له في نُكت الهميان: ص ١٢٤ وأرَّخ وفاته بالكوفة سنة ٧١ بعدما أضرَّ.

وهناك قول: إنَّ البرَّاء أيضاً عوقب بالبرص، فكان يُقال له ذو الغُرَّة. قال ابن ماكولا في الإكمال: ٧ / ١٤ باب الغُرَّة والعُزَّة: وقال بعض أهل العلم: إنَّ البرَّاء هو ذو الغُرَّة، سُمِّي بذلك لبياضٍ كان في وجهه.

وفي تاج العروس - مادَّة غَرَر -: ذو الغُرَّة بالضم: البرَّاء بن عازب ...، قيل له ذلك لبياضٍ كان في وجهه إلاَّ أنْ يكون المقصود أنسَ بن مالك، فوهموا؛ فذكروا البرَّاء مكانه! (الطباطبائي).

(١) أحد شُعراء الغدير في القَرن الثاني، يأتي هناك شِعره وترجمته. (المؤلِّف).

(٢) أحد شعراء الغدير في القَرن الرابع، يأتي هناك شِعره وترجمته. (المؤلِّف).

(٣) المـَناقب: ص ٣٧٨ ح ٣٩٦.

٦٧

ورواه خواجه بارسا في(فصل الخطاب) ، مِن طريق الإمام المـُستغفري(١) ، وكذلك نور الدين عبد الرحمان الجامي، عن المـُستغفري، وعَدَّه ابن حجر في(الصواعق) (٢) (ص ٧٧) مِن كرامات أمير المؤمنين (عليه السلام)، ورواه الوصابي في(مَحكي الاكتفاء) عن زاذان، مِن طريق الحافظ عمر بن محمد الملاَّ في سيرته، وجمعٌ آخرون(٣) .

٦ - مُناشَدة أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم صِفِّين سنة (٣٧)

قال أبو صادق سليم بن قيس الهلالي(٤) التابعيُّ الكبير في كتابه(٥) .

____________________

(١) جعفر بن محمد النسفي المـُستغفري - المولود (٣٥٠)، والمـُتوفَّى (٤٣٢) - صاحب التآليف القَيِّمة. ترجمه الذهبي في تذكرته: ٣ / ٣٠٠ ( ٣ / ١١٠٢ رقم ٩٩٦) - (المؤلِّف).

(٢) الصواعق المـُحرِقة: ص ١٢٩.

(٣) منهم عبد الله بن أحمد بن حنبل، في زياداته في فضائل الصحابة لأبيه: ٩٠٠. وفي كتاب الزهد له ص ١٣٢، وفي كتاب مناقب علي (عليه السلام) له: برقم ٢٣.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب مُجابيِّ الدعوة، والحافظ أبو نعيم في أخبار أصبهان: ١ / ٢١٠.

وأخرجه ابن عساكر في تاريخه: ١٢٧٢ و ١٢٧٣، والمـُحبُّ الطبري في ذخائر العُقبى: ص ٩٦. (الطباطبائي)

(٤) كتاب سليم بن قيس: ٢ / ٧٥٧ ح ٢٥.

(٥) كتاب سليم مِن الأصول المشهورة، المـُتداولة في العصور القديمة، المـُعتمَد عليها عند مُحدِّثي الفريقين وحملة التاريخ.

قال ابن النديم في الفهرست ص ٣٠٧ (ص ٢٧٥): إنَّ سليماً لمـَّا حضرته الوفاة قال لأبان: إنَّ لك عليَّ حقَّاً، وقد حضرتني الوفاة، يا ابن أخي، إنَّه كان مِن أمر رسول الله كَيت وكَيت، وأعطاه كتاباً، وهو كتاب سليم بن قيس الهلالي المشهور - إلى أنْ قال -: وأوَّل كتاب ظهر للشيعة كتاب سليم.

وفي التنبيه والأشراف للمسعودي، ص ١٩٨ ما نَصُّه: والقطيعة بالإماميَّة الاثنا عشريَّة، منهم الذين أصابهم في حَصر العَدَد، ما ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه. وقال السبكي في (مَحاسن الرسائل في معرفة الأوائل ): إنَّ أوَّل كتاب صُنَّف للشيعة هو كتاب سليم. واللاَّم في كلام ابن النديم والسبكي للمـَنفعة، فمفادُها أنَّهم كانوا يحتجَّون به، فيَخصمون المـُجادِل؛ لاقتناعه بما فيه ثِقةً بأمانة سليم في النقل، لا محضَ أنَّ الشيعة تقتنع بما فيه، وهو الذي يُعطيه كلام المسعودي؛ حيثُ أسند احتجاج الإماميَّة الاثني عشريَّة في حصر العَدَد بما فيه؛ فإنَّ الاقتناع بمُجرَّده غير مُجدٍ في عصور قام الحِجْاج فيها على أشدِّه؛ ولذلك أسند إليه، وروى عنه غير واحد مِن أعلام العامَّة: منهم الحاكم الحسكاني - المـُترجَم (ص ١١٢) - في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل (١ / ٤٧ ح ٤١)، والإمام الحموئي - المـُترجَم (ص ١٢٣) - في فرائد السمطين (١ / ٣١٢ ح ٢٥٠)، والسيِّد ابن شهاب الهمداني (المذكور ص ١٢٧) في مودَّة القُربى (المودَّة العاشرة)، والقندوزي الحنفي - المـُترجَم (ص ١٤٧) - في ينابيع المودَّة (١ / ٢٧ - ٣٢، ١١٤ باب ٣٨)، وغيرهم، وحول الكتاب كلمات دُرِّيَّة أفردناها في رسالة، وإنَّما ذكرنا هذا الإجمال لنَعلم أنَّ التعويل على الكتاب مِمَّا تسالم عليه الفريقان؛ وهو الذي حدانا إلى النقل عنه في كتابنا هذا. (المؤلِّف).

٦٨

صعد عليٌّ (عليه السلام) المِنبر - في صِفِّين - في عسكره، وجمع الناس ومَن بحضرته مِن النواحي، والمهاجرين والأنصار، ثمَّ حمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال:

(معاشرَ الناس، إنَّ مَناقبي أكثر مِن أنْ تُحصى، وبعدما أنزل الله في كتابه مِن ذلك، وما قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) أكتفي بها عن جميع مَناقبي وفضلي:

أتعلمون أنَّ الله فضَّل في كتابه السابق على المسبوق، وأنَّه لم يَسبقني إلى الله ورسوله أحد مِن الأُمَّة؟ قالوا: نعم.

قال: أَنشدكم الله: سُئل رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) عن قوله:(السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) ، فقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم): أنزلها الله في الأنبياء وأوصيائهم، وأنا أفضل أنبياء الله، ورُسُله، ووصيِّي عليِّ بن أبي طالب أفضل الأوصياء؟).

فقام نحو مِن سبعين بدريَّاً، جُلُّهم مِن الأنصار، وبقيَّتهم مِن المـُهاجرين، منهم: أبو الهيثم بن التيهان، وخالد بن زيد أبو أيُّوب الأنصاري، وفي المهاجرين عمار بن ياسر، فقالوا: نشهد أنَّا قد سمعنا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) قال ذلك.

قال: (فأَنشدكم بالله، في قول الله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ...) ، وقوله:(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا ...) ، ثمَّ

٦٩

قال:(وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ...) . فقال الناس: يا رسول الله، أخاصٌّ لبعض المؤمنين، أمْ عامٌّ لجميعهم؟

فأمر الله عزَّ وجلَّ رسوله أنْ يُعلِّمهم، وأنْ يُفسِّر لهم مِن الولاية، ما فَسَّر لهم مِن صلاتهم، وصيامهم، وزكاتهم، وحجِّهم، فنصَّبني بغدير خُمٍّ، وقال:

إنَّ الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري، وظننت أنَّ الناس مُكذِّبيَّ، فأوعدني: لأُبلِّغها أو يُعذِّبني، قُمْ يا عليُّ، ثمَّ نادى بالصلاة جامعة، فصلَّى بهم الظهر، ثمَّ قال:

أيُّها الناس، إنَّ الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأولى بهم مِن أنفسهم، مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصُر مَن نصره، واخذل مَن خذله، فقام إليه سلمان الفارسيّ، فقال: يا رسول الله وِلاءٌ كماذا؟ فقال: وِلاءٌ كولاي، مَن كنتُ أولى به مِن نفسه، فعليٌّ أولى به مِن نفسه، وأنزل الله:(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ...) إلى أنْ قال:

فقام اثنا عشر رجُلاً مِن البدريِّين، فقالوا: نشهد أنَّا سمعنا ذلك مِن رسول الله، كما قلت الحديث.

وهو طويل، وفيه فوائد جَمَّة.

٧ - احتجاج الصدِّيقة فاطمة بنت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم):

قال شمس الدين، أبو الخير الجزري الدمشقي، المـَقري الشافعي - المـُترجم (ص ١٢٩) - في كتابه(أسنى المطالب (١) في مناقب علي بن أبي طالب) (٢) :

وألطف طريق وقع لهذا الحديث - يعني حديث الغدير - وأغربه ما حدَّثنا به

____________________

(١) أسنى المطالب: ص ٤٩.

(٢) ذكره له السخَّاوي في الضوء اللاَّمع: ٩ / ٢٥٦ [ رقم ٨٠٦ ]، والشوكاني في البدر الطالع: ٢ / ٢٩٧ [ رقم ٥١٣ ]. (المؤلِّف).

٧٠

شيخنا خاتمة الحُفَّاظ، أبو بكر محمد بن عبد الله بن المـُحبِّ المـَقدسي مُشافهةً، أخبرتنا الشيخة أُمُّ محمد، زينب ابنة أحمد بن عبد الرحيم المـَقدسيَّة، عن أبي المـُظفَّر محمد بن فتيان بن المـُثنَّى، أخبرنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ، أخبرنا ابن عَمَّة والدي القاضي، أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد المدني بقراءتي عليه، أخبرنا ظفر بن داعي العلوي باستراباد، أخبرنا والدي وأبو أحمد بن مطرف المطرفي، قالا: حدَّثنا أبو سعيد الإدريسي إجازةً فيما أخرجه في تاريخ استراباد، حدَّثني محمد بن محمد بن الحسن، أبو العباس الرشيدي مِن ولد هارون الرشيد بسمرقند - وما كتبناه إلاَّ عنه - حدَّثنا أبو الحسن محمد بن جعفر الحلواني، حدَّثنا علي بن محمد بن جعفر الأهوازي مولى الرشيد، حدَّثنا بكر بن أحمد القصري، حدَّثتنا فاطمة وزينب وأُمُّ كلثوم بنات موسى بن جعفر (عليه السلام)، قُلْنَ: حدَّثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق، حدَّثتني فاطمة بنت محمد بن علي، حدَّثتني فاطمة بنت علي بن الحسين، حدَّثتني فاطمة وسكيْنة ابنتا الحسين بن علي، عن أُمِّ كلثوم بنت فاطمة بنت النبي، عن فاطمة بنت رسول الله - صلَّى الله عليه ورضي عنها - قالت:

(أنسيتم قول رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خُمٍّ: مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، وقوله عليه السلام: أنتَ مِنِّي بمنزلة هارون مِن موسى - عليهما السلام -؟).

وهكذا أخرجه الحافظ الكبير، أبو موسى المديني في كتابه(المـُسلسَل بالأسماء) ، وقال: هذا الحديث مُسلسَل مِن وجه، وهو أنَّ كلَّ واحدة مِن الفواطم تروي عن عَمَّةٍ لها، فهو رواية خمس بنات أخٍ، كلُّ واحدة منهنَّ عن عَمتَّها.

٨ - احتجاج الإمام السبط أبي محمد الحسن (عليه السلام) سنة (٤١):

أخرج الحافظ الكبير أبو العباس بن عُقدة: أنَّ الحسن بن علي (عليهما السلام)، لمـَّا أجمع على صلح مُعاوية قام خطيباً، وحمد الله وأثنى عليه، وذكر جَدَّه المصطفى بالرسالة

٧١

والنبوَّة، ثمَّ قال:

(إنَّا أهل بيتٍ أكرمنا الله بالإسلام، واختارنا واصطفانا، وأذهب عنَّا الرجس وطهَّرنا تطهيراً، لم تفترق الناس فرقتين إلاَّ جعلنا الله في خيرهما، مِن آدم إلى جَدِّي محمد.

فلمـَّا بَعث الله محمداً للنبوة واختاره للرسالة، وأنزل عليه كتابه، ثمَّ أمره بالدعاء إلى الله عزَّ وجلَّ، فكان أبي أوَّل مَن استجاب لله ولرسوله، وأوَّل مَن آمن وصدَّق الله ورسوله (صلَّى الله عليه وآله وسلم)، وقد قال الله في كتابه المـُنزَل على نبيه المـُرسَل:(أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ ...) (١) ، فجَدِّي الذي على بيِّنَة مِن ربِّه، وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه - إلى أن قال -:

وقد سمعتْ هذه الأُمَّة جدي (صلَّى الله عليه وآله وسلم) يقول: ما ولَّت أُمَّة أمرها رجُلاً، وفيهم مَن هو أعلم منه، إلاَّ لم يَزَلْ يذهب أمرهم سفالاً، حتَّى يرجعوا إلى ما تركوه.

وسمعوه يقول لأبي: أنتَ مِنِّي بمنزلة هارون مِن موسى، إلاَّ أنَّه لا نبي بعدي.

وقد رأوه وسمعوه حين أخذ بيد أبي بغدير خُمٍّ، وقال لهم: مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، ثمَّ أمرهم أنْ يُبلِّغ الشاهد الغائب).

وذكر شطراً مِن هذه الخُطبة القندوزي الحنفي في(ينابيع المودَّة) (٢) (ص ٤٨٢)، وفيه الحِجْاج بحديث الغدير.

٩ - مُناشَدة الإمام السبط الحسين (عليه السلام) بحديث الغدير سنة (٥٨ - ٥٩):

ذكر التابعيُّ الكبير، أبو صادق سليم بن قيس الهلالي في كتابه(٣) جُملاً ضافية

____________________

(١) هود: ١٧.

(٢) ينابيع المودَّة: ٣ / ١٥٠ باب ٩٠.

(٣) كتاب سليم بن قيس: ٢ / ٧٨٨ ح ٢٦.

٧٢

حول شِدَّة نكير مُعاوية بن أبي سفيان، على شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) ومواليه بعد شهادته، ثمَّ قال:

فلمـَّا كان قبل موت مُعاوية بسنتين(١) ، حَجَّ الحسين بن عليٍّ (عليهما السلام)، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر، فجمع الحسين (عليه السلام) بني هاشم: رجالهم، ونساءهم، ومواليهم، وشيعتهم، مَن حَجَّ منهم، ومَن لم يَحجِّ، ومِن الأنصار مِمَّن يعرف الحسين وأهل بيته، ثمَّ لم يترك أحداً حجَّ ذلك العام، مِن أصحاب رسول الله، ومِن التابعين مِن الأنصار المعروفين بالصلاح، والنَّسك إلاَّ جمعهم، واجتمع عليه بمِنى أكثر مِن سبعمائة رجلٍ، وهم في سُرادقة، عامَّتهم مِن التابعين، ونحو مِن مائتي رجلٍ مِن أصحاب النبي، فقام فيهم، فحمد الله، وأثنى عليه، ثمَّ قال:

(وأمَّا بعد: فإنَّ هذا الطاغية، قد صنع بنا وبشيعتنا ما عَلِمتم ورأيتم وشَهِدتم وبلغكم، وإنِّي أريد أنْ أسألكم عن شيءٍ، فإنْ صَدَقتُ فصدِّقوني، وإنْ كَذِبت فكذِّبوني، واسمعوا مَقالتي، واكتبوا قولي، ثمَّ ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم، ومَن ائتمنتموه مِن الناس ووثقتم به، فادعوه إلى ما تعلمون مِن حَقِّنا؛ فإنَّا نخاف أنْ يُدرَس(٢) هذا الحقُّ، ويُذهَب ويُغلَب،( وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (٣) ).

وما ترك شيئاً مِمَّا أنزل الله في القرآن فيهم، إلاَّ تلاه وفسَّره، ولا شيئاً مِمَّا قاله رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم)، في أبيه، وأُمِّه، ونفسه، وأهل بيته إلاَّ رواه، وكذلك يقولون: اللَّهمَّ نعم قد سَمعنا وشَهدنا، ويقول التابعون: اللَّهمَّ نعم قد حدَّثني به مَن أُصدِّقه وأئتمنه مِن الصحابة

إلى أنْ قال: قال (عليه السلام):

____________________

(١) في بعض النسخ: بسَنة. (المؤلِّف).

(٢) دَرَس الأثر: أُمحي.

(٣) الصف: ٨.

٧٣

(وأَنشدكم الله، أتعلمون أنَّ رسول الله نصَّبه يوم غدير خُمٍّ، فنادى له بالولاية، وقال: ليُبلِّغ الشاهد الغائب؟) قالوا: اللَّهمَّ نعم الحديث.

وفيه طرف مِمَّا تواترت أسانيده، مِن فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فراجع.

١٠ - احتجاج عبد الله بن جعفر على مُعاوية بعد شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام):

قال عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: كنتُ عند مُعاوية، ومعنا الحسن والحسين (عليهما السلام)، وعنده عبد الله بن العباس، والفضل بن عباس، فالتفت إليَّ مُعاوية، فقال:

يا عبد الله ما أشَدُّ تعظيمَك للحسن والحسين، وما هما منك، ولا أبوهما خيرٌ مِن أبيك، ولولا أنَّ فاطمة بنت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) لقلتُ: ما أُمُّك أسماء بنت عميس بدونها.

فقلت: والله، إنَّك لقليل العلم بهما وبأبيهما وبأُمِّهما، بلْ والله، لهما خيرٌ مِنِّي، وأبوهما خيرٌ مِن أبي، وأُمُّهما خيرٌ مِن أُمِّي. يا مُعاوية، إنَّك لغافل عمَّا سمعته أنا مِن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم)، يقول فيهما وفي أبيهما وأُمِّهما، قد حفظتُه ووعيتُه ورويتُه.

قال: هاتِ يا ابن جعفر، فوالله ما أنت بكذَّاب ولا مُتَّهم.

فقلت: إنَّه أعظم مِمَّا في نفسك.

قال: وإنْ كان أعظم مِن أحد وجرِاء - بكسر المـُهمَلة - جميعا، فلستُ أُبالي إذا قتل الله صاحبك، وفرَّق جمعكم، وصار الأمر في أهله، فحدِّثنا، فما نُبالي بما قُلتم، ولا يضرٌّنا ما عَدَدتم.

فقلتُ: سمعت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم)، وقد سُئل عن هذه الآية:( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي

٧٤

أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ ...) (١) ، فقال:

(إنِّي رأيتُ اثني عشر رجُلاً، مِن أئمة الضلالة يصعدون مِنبري، وينزلون، يَردون أُمَّتي على أدبارهم القهقريّ).

وسمعتُه يقول: (إنَّ بني أبي العاص، إذا بلغوا خمسةَ عشر رجُلاً، جعلوا كتاب الله دخلاً، وعباد الله خولاً، ومال الله دولاً).

يا مُعاوية، إنِّي سمعت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم)، يقول على المِنبر، وأنا بين يديه، وعمر بن أبي سلمة، وأُسامة بن يزيد، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وأبو ذَر، والمـُقداد، والزبير بن العوَّام، وهو يقول:

(ألستُ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟

فقلنا: بلى يا رسول الله.

قال: (أليس أزواجي أُمهاتُكم؟)

قلنا: بلى يا رسول الله.

قال: (مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، أولى به مِن نفسه)، وضرب بيده على مَنكب عليٍّ،

فقال: (اللَّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه)

(أيُّها الناس، أنا أولى المؤمنين مِن أنفسهم، ليس لهم معي أمر، وعليٌّ مِن بعدي أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم، ليس لهم معه أمر، ثمَّ أبني الحسن أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم، ليس لهم معه أمر).

ثمَّ عاد فقال: (أيُّها الناس، إذا أنا استُشهِدت، فعليٌّ أولى بكم مِن أنفسكم، فإذا استُشِهد عليٌّ، فابني الحسن أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم، وإذا استُشهِد الحسن، فابني الحسين أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم ...).

إلى أن قال:

فقال مُعاوية: يا ابن جعفر، لقد تكلَّمت بعظيم، ولَئن كان ما تقول حَقَّاً، لقد هلكت أُمَّة محمد مِن المهاجرين والأنصار غيركم - أهل البيت - وأوليائكم وأنصاركم.

٧٥

فقلتُ: والله، إنَّ الذي قلتُ حَقٌّ، سمعته مِن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم).

قال مُعاوية: يا حسن، ويا حسين، ويا ابن عباس، ما يقول ابن جعفر؟

فقال ابن عباس: إنْ كنتَ لا تؤمن بالذي قال، فأرسل إلى الذين سمَّاهم، فاسألهم عن ذلك.

فأرسل مُعاوية إلى عمر بن أبي سلمة، وإلى أسامة بن زيد، فسالهما، فشهدا أنَّ الذي قال ابن جعفر قد سمعناه مِن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) كما سمعه

إلى أنْ قال -مِن كلام ابن جعفر -:

ونبيُّنا (صلَّى الله عليه وآله وسلم)، قد نَصَب لأُمَّته أفضل الناس، وأولاهم وخيرهم بغدير خُمٍّ، وفي غير موطن، واحتجَّ عليهم به وأمرهم بطاعته، وأخبرهم أنَّه منه بمنزلة هارون مِن موسى، وأنَّه وليُّ كلِّ مؤمن مِن بعده، وأنَّه كلُّ مَن كان هو وليُّه فعليٌّ وليه، ومَن كان أولى به مِن نفسه فعليٌّ أولى به، وأنَّه خليفته فيهم ووصيُّه، وأنَّ مَن أطاعه أطاع الله، ومَن عصاه عصى الله، ومَن والاه والى الله، ومَن عاداه عادى الله. الحديث، وفيه فوائد كثيرة قَيِّمة جِدَّاً. كتاب سليم(١) .

١١ - احتجاج (برد) على عمرو بن العاص بحديث الغدير

قال أبو محمد بن قتيبة - المـُترجَم (ص ٩٦) - في(الإمامة والسياسية) (٢) (ص ٩٣):

وذكروا أنَّ رجُلاً مِن همدان، يُقال له: برد، قَدِم على مُعاوية، فسمع عمرواً يَقع في عليٍّ (عليه السلام)، فقال له: يا عمرو، إنَّ أشياخنا سمعوا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم)، يقول: (مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه)، فحَقٌّ ذلك أم باطل؟

____________________

(١) كتاب سليم بن قيس: ٢ / ٨٣٤ ح ٤٢.

(٢) الإمامة والسياسة: ١ / ٩٧.

٧٦

فقال عمرو: حَقٌّ، وأنا أزيدك: إنَّه ليس أحد مِن صحابة رسول الله، له مناقب مِثل مَناقب عليٍّ!

ففزع الفتى. فقال عمرو: إنَّه أفسدها بأمره في عثمان، فقال برد: هل أَمَرَ أو قَتَلَ؟ قال: لا، ولكنَّه آوى ومَنَعَ. قال: فهل بايعه الناس عليها؟ قال: نعم. قال: فما أخرجك مِن بيعته؟ قال: اتِّهامي إيَّاه في عثمان. قال له: وأنت - أيضا - قد اتُّهمت. قال: صدقت، فيها خرجت إلى فلسطين.

فرجع الفتى إلى قومه، فقال: إنَّا أتينا قوما، أخذنا الحُجَّة عليهم مِن أفواههم، عليٌّ على الحَقِّ فاتَّبعوه.

١٢ - احتجاج عمرو بن العاص على مُعاوية بحديث الغدير

ذكر الخطيب الخوارزمي الحنفي في(المناقب) (١) (ص ١٢٤) كتاباً لمـُعاوية، كتبه إلى عمرو بن العاص، يستهويه لنُصرته في حرب صِفِّين، ثمَّ ذكر كتابا لعمرو مُجيباً به مُعاوية - وستقف على الكتابين في ترجمة عمرو بن العاص - ومِن كتاب عمرو قوله:

وأما ما نسبت أبا الحسن، أخا رسول الله ووصيَّه إلى البغي، والحسد على عثمان، وسَمَّيت الصحابة فَسَقَة، وزعمت أنَّه أشلاهم(٢) على قتله، فهذا كَذِبٌ وغُواية.

ويحَكَ يا مُعاوية، أما علمت أنَّ أبا الحسن بذل نفسه بين يدي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم)، وبات على فراشه؟! وهو صاحب السَبق إلى الإسلام والهجرة، وقد قال فيه رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم): (هو مِنِّي وأنا منه). (وهو مِنِّي بمنزلة هارون مِن موسى، إلاَّ أنَّه لا نبي بعدي).

وقال في يوم غدير خُمٍّ: (ألاْ مَن كنتُ مولاه، فعليٌّ مولاه، اللَّهمَّ والِ مَن والاه،

____________________

(١) المناقب: ص ١٩٩ ح ٢٤٠.

(٢) أشلاهم عليه: أغراهم به.

٧٧

وعادِ مَن عاداه، وانصُر مَن نصره، وأخذِل مَن خذله).

١٣ - احتجاج عمار بن ياسر يوم صِفِّين على عمرو بن العاص سنة (٣٧)

روى نصر بن مزاحم الكوفي(١) في(كتاب صِفِّين) (٢) (ص ١٧٦)، في حديث طويل، عن عمار بن ياسر، يُخاطِب عمرو بن العاص يوم صِفِّين، قال:

أمرني رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) أنْ أُقاتل الناكثين، وقد فعلتُ، وأمرني أنْ أُقاتل القاسطين، فأنتم هم، وأما المارقون فما أدري أُدركهم أم لا، أيُّها الأبتر، ألست تعلم أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) قال لعليٍّ: (مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه)، وأنا مولى الله ورسوله وعليٍّ بعده، وليس لك مولى. فقال له عمرو: لم تشتمني يا أبا اليقظان؟

يأتي تمام الحديث في ترجمة عمرو بن العاص فراجع،

وذكره ابن أبي الحديد في(شرح نهج البلاغة) (٢ / ٢٧٣)(٣).

١٤ - احتجاج أصبغ بن نُباتة بحديث الغدير في مجلس مُعاوية سنة (٣٧)

كتب أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - أيَّام صِفِّين كتاباً إلى مُعاوية بن أبي سفيان، وأرسله إليه بيد أصبغ بن نُباته - المـُترجَم (ص ٦٢) -، قال الأصبغ:

____________________

(١) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ١ / ١٨٣ (٢ / ٢٠٦ خُطبة ٣٥): ونحن نذكر ما أورده نصر بن مُزاحم، مِن كتاب صِفِّين في هذا المعنى، فهو ثِقة، ثَبَتٌ، صحيح الثقل، غير منسوب إلى هوى ولا إدغال، وهو مِن رجال أصحاب الحديث. (المؤلِّف).

(٢) وقعة صِفِّين: ص ٣٣٨.

(٣) شرح نهج البلاغة: ٨ / ٢١ خُطبة ١٢٤.

٧٨

فدخلت على مُعاوية، وهو جالس على نَطع مِن الأدم، متكئاً على وسادتين خَضراوين، وعن يمينه عمرو بن العاص، وحوشب، وذو الكِلاع(١) ، وعن شماله أخوه عتبة المـُتوفَّى (٤٣، ٤٤)، وابن عامر بن كريز (عبد الله المـُتوفَّى) (٥٧، ٥٨)، والوليد أبن عقبة الفاسق بنَصِّ القرآن، وعبد الرحمان بن خالد المـُتوفَّى (٤٧)، وشرحبيل بن السمط المـُتوفَّى (٤٠، ٤١)، وبين يديه أبو هريرة، وأبو الدرداء(٢) ، والنعمان بن بشير المـُتوفَّى (٦٥)، وأبو أمامة الباهلي (صدي) المـُتوفَّى (٨١)، فلمـَّا قرأ الكتاب قال: إنَّ عليا لا يدفع إلينا قتلة عثمان.

قال الأصبغ: فقلت له: يا مُعاوية، لا تعتلّ بدَم عثمان، فإنَّك تطلب الملك والسلطان، ولو كنتَ أردت نَصره حيَّاً لنصرته، ولكنَّك تربَّصت به؛ لتجعل ذلك سبباً إلى وصول المـُلك. فغضِب مِن كلامي، فأردت أنْ يزيد غضبه، فقلت: لأبي هريرة:

يا صاحب رسول الله، إنِّي أُحلِّفك بالذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، وبحَقِّ حبيبه المصطفى - عليه وآله السلام - إلاَّ أخبرتني، أشهدت يوم غدير خُمٍّ؟

قال: بلى شَهِدتُه.

قلتُ: فما سمعته يقول في عليٍّ؟

قال: سمعته يقول: (مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصُر مَن نصره، واخذِل مَن خذله).

فقلتُ له: فإذا أنت - يا أبا هريرة - واليتَ عدوَّه، وعاديت وليَّه.

فتنفَّس أبو هريرة الصَّعداء، وقال: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

رواه الحنفي في(مناقبه) (٣) (ص ١٣٠)، وسبط ابن الجوزي في(تذكرته) (٤) (ص ٤٨).

____________________

(١) حوشب الحميري، وذو الكِلاع، كانا مع مُعاوية في حرب صِفِّين وقُتلا بها. (المؤلِّف).

(٢) عويمر الأنصاري: قال ابن عبد البرِّ في الاستيعاب في الكُنى (القسم الثالث / ١٢٢٩ رقم ٢٠٠٦): قال أهل الأخبار: إنَّه توفِّي بعد صِفِّين. (المؤلِّف).

(٣) مناقب الخوارزمي: ص ٢٠٥ ح ٢٤٠.

(٤) تذكرة الخواصِّ: ص ٨٥.

٧٩

١٥ - مُناشَدة شابٍّ أبا هريرة بحديث الغدير في مسجد الكوفة (*) :

أخرج الحافظ أبو يعلى الموصلي(١) المـُترجَم (ص ١٠٠)، قال: حدَّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، أنبأنا شريك، عن أبي يزيد داود الأودي المـُتوفَّى (١٥٠)، عن أبيه يزيد الأودي.

وأخرج الحافظ ابن جرير الطبري، عن أبي كريب، عن شاذان، عن شريك، عن إدريس وأخيه داود، عن أبيهما يزيد الأودي قال:

دخل أبو هريرة المسجد، فاجتمع إليه الناس، فقام إليه شابٌّ، فقال: أَنشدك بالله، سمعت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلم) يقول: (مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه)؟

قال: فقال: إنِّي أشهد أنِّي سمعت رسول الله يقول: (مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللَّهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه).

ورواه الحافظ أبو بكر الهيثمي في(مجمع الزوائد) (٩ / ١٠٥)، نقلاً عن أبي يعلى والطبراني والبزَّاز بطريقيه، وصحَّح أحدهما ووثَّق رجاله، وذكره ابن كثير في(تاريخه) (٢) (٥ / ٢١٣)، مِن طريق أبي يعلى الموصلي، وابن جرير الطبري.

وقال ابن أبي الحديد في(شرح نهج البلاغة) (٣) (١ / ٣٦٠): روى سفيان الثوري عن عبد الرحمان بن القاسم، عن عمر بن عبد الغفار: أنَّ أبا هريرة لمـَّا قَدِم الكوفة مع

____________________

(*) إسناد هذه المـُناشَدة مِن طريق إدريس بن يزيد صحيح، رجاله كلُّهم ثقات. (المؤلِّف).

(١) مُسند أبي يعلى الموصلي: ١١ / ٣٠٧ ح ٦٤٢٣.د

(٢) البداية والنهاية: ٥ / ٢٣٢ حوادث سنة ١٠ هـ.

(٣) شرح نهج البلاغة: ٤ / ٦٨ خُطبة ٥٦.

٨٠