مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٥

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل11%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 517

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 517 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 340455 / تحميل: 5457
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

مستعتب وما بعدها من دار إلا الجنة أو النار.

١٠ ـ عنه ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ »(١) قال من علم أن الله يراه ويسمع

_________________________________________

الجوهري : الشباب الحداثة وكذلك الشبيبة وهو خلاف الشيب ، وفي بعض النسخ وفي الشيبة وهي كبر السن وابيضاض الشعر ، وعلى الأول وهو الأظهر المعنى وليعمل في سن الشباب قبل سن الشيخوخة لأنه قد لا يصل إلى الكبر ، وإن وصل فالعمل في الحالتين أفضل من العمل في حالة واحدة ، مع أن المرء في الشباب أقوى على العمل منه في المشيب ، وإذا صار العمل ملكة في الشباب تصير سببا لسهولة العمل عليه في المشيب وأيضا إذا أقبل على الطاعات في شبابه لا يتكدر ولا يرين مرآة قلبه بالفسوق والمعاصي وإذا أقبل على المعاصي وران قلبه بها فلما ينفك عنها ، ولو تركها قلما تصفو نفسه من كدوراتها ، وعلى الثاني المراد بالكبر سن الهرم والزمن أي ينبغي أن يغتنم أوائل الشيخوخة للطاعة قبل تعطل القوي وذهاب العقل ، فيكون قريبا من الفقرة الآتية« وفي الحياة قبل الممات » أي ينبغي أن يغتنم كل جزء من الحياة ولا يسوف العمل لاحتمال انقطاع الحياة بعده.

والمستعتب إما مصدر أو اسم مكان ، والاستعتاب الاسترضاء قال في النهاية : أعتبني فلان ، إذا عاد إلى مسرتي واستعتب طلب أن يرضى عنه كما يقول : استرضيته فأرضاني ، والمعتب المرضي ، ومنه الحديث : لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله يزداد ، وإما مسيئا فلعله يستعتب أي يرجع عن الإساءة ويطلب الرضا ، ومنه الحديث : ولا بعد الموت من مستعتب ، أي ليس بعد الموت من استرضاء لأن الأعمال بطلت وانقضى زمانها ، وما بعد الموت دار جزاء لا دار عمل والعتبي الرجوع عن الذنب والإساءة.

الحديث العاشر : مختلف فيه صحيح عندي.

«وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ » قال البيضاوي : أي موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب

__________________

(١) سورة الرحمن : ٤٦.

٤١

ما يقول ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي «خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ».

١١ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحسن بن أبي سارة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو.

_________________________________________

أو قيامه على أحواله من قام عليه إذا راقبه أو مقام الخائف عند ربه للحساب بأحد المعنيين فأضاف إلى الرب تفخيما وتهويلا أو ربه مقام مقحم للمبالغة «جَنَّتانِ » جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجني ، فإن الخطاب للفريقين والمعنى لكل خائفين منكما ، أو لكل أحد جنة لعقيدته وأخرى لعمله ، أو جنة لفعل الطاعات وأخرى لترك المعاصي ، أو جنة يثاب بها وأخرى يتفضل بها عليه ، أو روحانية وجسمانية ، انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون المراد جنة البرزخ وجنة الخلد أو اللذات المعنوية في الدنيا للمقربين وجنات الآخرة ،قوله : فذلك الذي ، إشارة إلى تفسير آية أخرى في النازعات تنبيها على تقارب مضمون الآيتين واتحاد الموصول في الموضعين وأن نهي النفس عن الهوى مراد في تلك الآية أيضا ، فإن الخوف بدون ترك المناهي ليس بخوف حقيقة ، ووحدة الجنة لا تنافي التثنية في الأخرى ، لأن المراد بها الجنس وأشارعليه‌السلام إلى أن الخوف تابع للعلم كما قال سبحانه : «إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ».

الحديث الحادي عشر ضعيف على المشهور ، ويدل على أن كمال الإيمان منوط بالخوف والرجاء ، والخوف والرجاء لا يصدقان إلا بالعمل.

٤٢

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المؤمن بين مخافتين ذنب قد مضى لا يدري ما صنع الله فيه وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك فهو لا يصبح إلا خائفا ولا يصلحه إلا الخوف.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أبيعليه‌السلام يقول إنه ليس من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نوران نور خيفة ونور رجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا.

باب

حسن الظن بالله عز وجل

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن داود بن كثير ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال الله تبارك وتعالى لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي والنعيم في جناتي ورفيع الدرجات العلى في جواري

_________________________________________

الحديث الثاني عشر : صحيح.

ويدل على أنه لا يصلح الإنسان ، ولا تنكسر شهواته إلا بالخوف منه تعالى.

الحديث الثالث عشر : حسن وقد مر مضمونه.

باب حسن الظن بالله عز وجل

الحديث الأول : مختلف فيه صحيح عندي ، وهو جزء من خبر قد مضى في باب الرضا.

٤٣

ولكن برحمتي فليثقوا وفضلي فليرجوا وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا فإن رحمتي عند ذلك تدركهم ومني يبلغهم رضواني ومغفرتي تلبسهم عفوي فإني أنا الله الرحمن الرحيم وبذلك تسميت.

٢ ـ ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال وجدنا في كتاب عليعليه‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال وهو على منبره والذي لا إله إلا هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله ورجائه له وحسن خلقه والكف عن اغتياب المؤمنين والذي لا إله إلا هو لا يعذب الله مؤمنا بعد التوبة والاستغفار إلا بسوء ظنه بالله وتقصيره من رجائه وسوء خلقه واغتيابه للمؤمنين والذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن لأن الله كريم بيده الخيرات يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه فأحسنوا بالله الظن وارغبوا إليه.

_________________________________________

الحديث الثاني : صحيح ومعلق على الخبر السابق.

قوله عليه‌السلام : إلا بحسن ظنه قيل : معناه حسن ظنه بالغفران إذا ظنه حين يستغفر ، وبالقبول إذا ظنه حين يتوب وبالإجابة إذا ظنه حين يدعو ، وبالكفاية إذا ظنها حين يستكفي ، لأن هذه صفات لا تظهر إلا إذا حسن ظنه بالله تعالى وكذلك تحسين الظن بقبول العمل عند فعله إياه ، فينبغي للمستغفر والتائب والداعي والعامل أن يأتوا بذلك موقنين بالإجابة بوعد الله الصادق ، فإن الله تعالى وعد بقبول التوبة الصادقة والأعمال الصالحة ، وأما لو فعل هذه الأشياء وهو يظن أن لا يقبل ولا ينفعه فذلك قنوط من رحمة الله تعالى والقنوط كبيرة مهلكة ، وأما ظن المغفرة مع الإصرار وظن الثواب مع ترك الأعمال فذلك جهل وغرور يجر إلى مذهب المرجئة ، والظن هو ترجيح أحد الجانبين بسبب يقتضي الترجيح ، فإذا خلا عن سبب فإنما هو غرور وتمن للمحال.

٤٤

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال أحسن الظن بالله فإن الله عز وجل يقول أنا عند ظن عبدي المؤمن بي إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول حسن الظن بالله أن لا ترجو إلا الله ولا تخاف إلا ذنبك.

باب

الاعتراف بالتقصير

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف ، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال قال لبعض ولده يا بني عليك بالجد لا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله عز وجل وطاعته فإن الله

_________________________________________

الحديث الثالث : صحيح.

« أنا عند ظن عبدي » هذا الخبر مروي من طرق العامة أيضا ، وقال الخطابي : معناه أنا عند ظن عبدي في حسن عمله وسوء عمله ، لأن من حسن عمله حسن ظنه ومن ساء عمله ساء ظنه.

الحديث الرابع : ضعيف.

وفيه إشارة إلى أن حسن الظن بالله ليس معناه ومقتضاه ترك العمل والاجتراء على المعاصي اتكالا على رحمة الله ، بل معناه أنه مع العمل لا يتكل على عمله وإنما يرجو قبوله من فضله وكرمه ، ويكون خوفه من ذنبه وقصور عمله لا من ربه فحسن الظن لا ينافي الخوف ، بل لا بد من الخوف وضمه مع الرجاء وحسن الظن كما مر.

باب الاعتراف بالتقصير

الحديث الأول : صحيح.

« لا تخرجن نفسك من حد التقصير » أي عد نفسك مقصرا في طاعة الله وإن

٤٥

لا يعبد حق عبادته.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن بعض العراقيين ، عن محمد بن المثنى الحضرمي ، عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن جابر قال قال لي أبو جعفرعليه‌السلام يا جابر لا أخرجك الله من النقص و [ لا ] التقصير.

٣ ـ عنه ، عن ابن فضال ، عن الحسن بن الجهم قال سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول إن رجلا في بني إسرائيل عبد الله أربعين سنة ثم قرب قربانا فلم يقبل منه فقال لنفسه ما أتيت إلا منك وما الذنب إلا لك قال فأوحى الله تبارك وتعالى إليه ذمك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة.

_________________________________________

بذلت الجهد فيها ، فإن الله لا يمكن أن يعبد حق عبادته كما قال سيد البشر : ما عبدناك حق عبادتك.

الحديث الثاني : مجهول.

« عن بعض العراقيين » أي علماء الكوفة« لا أخرجك الله » أي وفقك الله لأن تعد عبادتك ناقصة ونفسك مقصرة أبدا.

الحديث الثالث : موثق.

والقربان بالضم ما يتقرب به إلى الله من هدى أو غيره ، وكانت علامة القبول في بني إسرائيل أن تجيء نار من السماء فتحرقه ، وقال في المغرب : من هناأتيت ، أي من هنا دخل البلاء عليك.

« فأوحى الله » يحتمل أن يكون ذلك الرجل نبيا ويحتمل أن يكون الوحي بتوسط نبي في ذلك الزمان ، مع أنه لم يثبت امتناع نزول الوحي على غير الأنبياء كما أن ظاهر الآية نزول الوحي على أم موسى.

قال الطبرسيقدس‌سره في قوله تعالى : «وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى » أي ألهمناها وقذفنا في قلبها وليس بوحي نبوة ، عن قتادة وغيره ، وقيل : أتاها جبرئيل بذلك ، عن مقاتل ، وقيل : كان هذا الوحي رؤيا منام عبر عنها من تثق به من علماء بني إسرائيل عن الجبائي.

٤٦

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن عيسى بن أيوب ، عن علي بن مهزيار ، عن الفضل بن يونس ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قال أكثر من أن تقول ـ اللهم لا تجعلني من المعارين ولا تخرجني من التقصير ـ قال قلت أما المعارون فقد عرفت أن الرجل يعار الدين ثم يخرج منه فما معنى لا تخرجني من التقصير فقال كل عمل تريد به الله عز وجل فكن فيه مقصرا عند نفسك فإن الناس كلهم في أعمالهم فيما بينهم وبين الله مقصرون إلا من عصمه الله عز وجل.

_________________________________________

الحديث الرابع : مجهول.

« من المعارين » قال السيد الداماد قدس الله روحه : المعاري من يركب الفرس عريانا ، قال في القاموس : اعرورى سار في الأرض وحده وقبيحا أتاه ، وفرسه ركبه عريانا ، ونحن نعاري : نركب الخيل أعراء ، والمعني بالمعاري هيهنا : المتعبدون الذين يتعبدون لا على أسبغ الوجوه ، والطائعون الذين يلتزمون الطاعات ولكن لا على قصيا المراتب بل على ضرب من التقصير كالذين يركبون الخيل ولكن أعراء بلغنا الله تعالى أقصى المدى في طاعته ، انتهى.

ولعله « ره » غفل عن هذا الخبر وغيره مما سيأتي في باب المعارين فإنها صريحة في أنه مأخوذ من العارية.

« إلا من عصمه الله » أي من الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام فإنهم لا يقصرون في شرائط الطاعة بحسب الإمكان وإن كانوا أيضا يعدون أنفسهم مقصرين ، إظهارا للعجز والنقصان ولما يرون أعمالهم قاصرة في جنب ما أنعم الله عليهم من الفضل والإحسان إلا من عصمه الله من التقصير بالاعتراف بالتقصير.

٤٧

باب

الطاعة والتقوى

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن محمد أخي عرام ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا تذهب بكم المذاهب فو الله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عز وجل.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال خطب رسول اللهعليه‌السلام في حجة الوداع فقال يا أيها الناس والله ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به وما من شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه ألا وإن الروح الأمين نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها

_________________________________________

باب الطاعة والتقوى

الحديث الأول : مجهول.

« لا يذهب بكم المذاهب » على بناء المعلوم والباء للتعدية وإسناد الإذهاب إلى المذاهب على المجاز فإن فاعله النفس أو الشيطان ، أي لا يذهبكم المذاهب الباطلة إلى الضلال والوبال أو على بناء المجهول أي لا يذهب بكم الشيطان في المذاهب الباطلة من الأماني الكاذبة والعقائد الفاسدة بأن تجترئوا على المعاصي اتكالا على دعوى التشيع والمحبة والولاية من غير حقيقة فإنه ليس شيعتهم إلا من شايعهم في الأقوال والأفعال لا من ادعى التشيع بمحض المقال.

الحديث الثاني : موثق كالصحيح.

والروح الأمين جبرئيل لأنه سبب لحياة النفوس بالعلم وأمين على وحي الله

٤٨

فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحمل أحدكم استبطاء شيء من الرزق أن يطلبه بغير حله فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته.

_________________________________________

إلى الرسل ، وفي النهاية : فيه :أن روح القدس نفث في روعي ، يعني جبرئيل أي أوحى وألقى ، من النفث بالضم وهو شبيه بالنفخ ، وهو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق ، في روعي أي في نفسي وخلدي ، انتهى.

« حتى تستكمل رزقها » أي تأخذ رزقها المقدر على وجه الكمال« فاتقوا الله » أي في خصوص طلب الرزق أو مطلقا« وأجملوا في الطلب » أي اطلبوا طلبا جميلا ولا يكن كدكم كدا فاحشا ، وفي المصباح أجملت في الطلب رفقت ، قال الشيخ البهائيقدس‌سره : يحتمل معنيين : الأول أن يكون المراد اتقوا الله في هذا الكد الفاحش أي لا تقيموا عليه ، كما تقول : اتق الله في فعل كذا أي لا تفعله ، والثاني : أن يكون المراد أنكم إذا اتقيتموه لا تحتاجون إلى هذا الكد والتعب ، ويكون إشارة إلى قوله تعالى : «وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ »(١) .

« ولا يحمل أحدكم » أي لا يبعثه ويحدوه ، والمصدر المسبوك من أن المصدرية ومعمولها منصوب بنزع الخافض ، أي لا يبعثكم استبطاء الرزق على طلبه من غير حله ، وسيأتي في خبر آخر : ولا يحملنكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه بشيء من معصية الله فإن الله تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا ولم يقسمها حراما فمن اتقى الله وصبر أتاه رزقه من حله ، ومن هتك حجاب ستر الله عز وجل وأخذه من غير حله قصر به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة.

وأقول : هذه الجمل كالتفسيرلقوله عليه‌السلام : فإنه لا يدرك ما عند الله ، أي من الثواب الجزيل والرزق الحلال إلا بطاعته في الأوامر والنواهي ، والحاصل أن

__________________

(١) سورة الطلاق : ٢.

٤٩

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم وأحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه جميعا ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال لي يا جابر أيكتفي من انتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت فو الله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة

_________________________________________

قوله : ما عند الله يحتمل الرزق الحلال والدرجات الأخروية والأعم والأول أوفق بالتعليل ، وكذا الثالث وإن كان الثاني أظهر في نفسه.

واعلم أن الرزق عند المعتزلة كلما صح الانتفاع به بالتغذي وغيره وليس لأحد منعه منه ، وليس الحرام عندهم رزقا ، والحديث يدل عليه ، وعند الأشاعرة كلما ينتفع به ذو حياة بالتغذي وغيره ، وإن كان حراما ، وخص بعضهم بالأغذية والأشربة ، وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب المكاسب إنشاء الله تعالى.

الحديث الثالث : ضعيف.

« من ينتحل التشيع » أي يدعيه من غير أن يتصف به ، في القاموس : انتحله وتنحله ادعاه لنفسه وهو لغيره« وما كانوا يعرفون » على بناء المجهول ، والضمير راجع إلى الشيعة أو إلى خيار العباد ، أي كان في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين وسائر الأئمة الماضين صلوات الله عليهم يعرفون الشيعة بتلك الصفات فمن لم يكن فيه تلك الخلال لم يكونوا يعدونهم من الشيعة أو كانوا موصوفين معروفين باتصافهم بها« إلا بالتواضع » أي بالتذلل لله عند أو أمره ونواهيه ولأئمة الدين بتعظيمهم وإطاعتهم وللمؤمنين بتكريمهم وإظهار حبهم وعدم التكبر عليهم وحسن العشرة معهم والتخشع إظهار الخشوع وهو التذلل لله مع الخوف منه واستعمال الجوارح فيما أمر الله به ، وينسب إلى القلب وإلى الجوارح معا ، والأمانة ضد الخيانة أي أداء حقوق الله والخلق وعهودهم وترك الغدر والخيانة فيها ، وفي مجالس الشيخ والإنابة أي التوبة والرجوع إلى الله.

٥٠

وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء قال جابر فقلت يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة فقال يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب الرجل أن يقول أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا فلو قال إني أحب رسول الله ـ فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خير من عليعليه‌السلام ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته

_________________________________________

« وكثرة ذكر الله » باللسان والقلب ، والصوم عطف على الذكر ، والتعهد للجيران أي رعاية أحوالهم وترك إيذائهم ، وتحمل الأذى عنهم ، وعيادة مرضاهم وتشييع جنائزهم وعدم منع الماعون عنهم وسيأتي الخلاف في كون الفقير أسوأ حالا أو المسكين والتخصيص بهما لكون رعايتهما أهم وإلا يلزم رعاية الجيران مطلقا ، وفي المجالس : وتعاهد الجيران« والغارمين » إما عطف على الفقراء أو على الجيران« وكانوا أمناء عشائرهم » أي يأتمنونهم ويعتمدون عليهم في جميع الأشياء من الأموال والفروج وحفظ الأسرار ، والعشائر جمع العشيرة وهي القبيلة.

« حسب الرجل أن يقول » التركيب مثل حسبك درهم أي كافيك وحرف الاستفهام مقدر وهو على الإنكار أي لا يكفيه ذلك« فعالا » أي كثير الفعل لما يقتضيه اعتقاده من متابعة الأئمةعليهم‌السلام في جميع الأمور.

قوله : فرسول الله ، الظاهر أنها جملة معترضة ، وفي المجالس وبعض الكتب ورسول الله وهو أظهر ، فتكون جملة حالية ، ويحتمل أن يكون على النسختين عطفا على أحب ويكون داخلا في مقول القول ، أي لو قال المخالف إني أحب رسول الله وهو أفضل من علي فكما أنكم تتكلمون على حب عليعليه‌السلام أنا اتكل على حب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يمكنكم إلزامه بالجواب لأنكم إذا قلتم لا ينفعكم حب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع مخالفته في القول بأوصيائه يمكنه أن يقول فكذا لا ينفعكم حب على

٥١

ما نفعه حبه إياه شيئا فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ليس بين الله وبين أحد قرابة أحب العباد إلى الله عز وجل وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو وما تنال

_________________________________________

مع مخالفتكم له في الأقوال والأفعال.

« ليس بين الله وبين أحد قرابة » أي ليس بين الله وبين الشيعة قرابة حتى يسامحكم ولا يسامح مخالفيكم مع كونكم مشتركين معهم في مخالفته تعالى أو ليس بينه وبين عليعليه‌السلام قرابة حتى يسامح شيعة عليعليه‌السلام ، ولا يسامح شيعة الرسول ، والحاصل أن جهة القرب بين العبد وبين الله إنما هي بالطاعة والتقوى ، ولذا صار أئمتكم أحب الخلق إلى الله فلو لم تكن هذه الجهة فيكم لم ينفعكم شيء« وما معنا براءة من النار » أي ليس معنا صك وحكم ببراءتنا وبراءة شيعتنا من النار ، وإن عملوا بعمل الفجار.

« ولا على الله لأحد من حجة » أي ليس لأحد على الله حجة إذا لم يغفر له بأن يقول. كنت من شيعة علي ، فلم لم تغفر لي ، لأن الله لم يحتم بغفران من ادعى التشيع بلا عمل ، أو المعنى ليس لنا على الله حجة في إنقاذ من ادعى التشيع من العذاب ، ويؤيده أن في المجالس : وما لنا على الله حجة« من كان لله مطيعا » كأنه جواب عما يتوهم في هذا المقام أنهمعليهم‌السلام حكموا بأن شيعتهم وأولياءهم لا يدخلون النار ، فأجابعليه‌السلام بأن العاصي لله ليس بولي لنا ولا تدرك ولايتنا إلا بالعمل بالطاعات والورع عن المعاصي.

قيل : للورع أربع درجات : الأولى : ورع التائبين وهو ما يخرج به الإنسان من الفسق وهو المصحح لقبول الشهادة ، الثانية : ورع الصالحين وهو الاجتناب عن الشبهات خوفا منها ومن الوقوع في المحرمات ، الثالثة : ورع المتقين وهو ترك

٥٢

ولايتنا إلا بالعمل والورع.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه فيقال لهم من أنتم فيقولون نحن أهل الصبر فيقال لهم على ما صبرتم فيقولون كنا نصبر على طاعة الله ونصبر عن معاصي الله فيقول الله عز وجل صدقوا أدخلوهم الجنة وهو قول الله عز وجل : «إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ »(١) .

_________________________________________

الحلال خوفا من أن ينجر إلى الحرام مثل ترك التحدث بأحوال الناس مخافة أن ينجر إلى الغيبة ، الرابع : ورع السالكين وهو الإعراض عما سواه تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر فيما لا يفيد زيادة القرب منه تعالى وإن علم أنه ينجر إلى الحرام.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

وفي النهاية :عنق ، أي جماعة من الناس وفي القاموس : العنق بالضم وبضمتين الجماعة من الناس والرؤساء «أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ » قيل : أي أجرا لا يهتدي إليه حساب الحساب ، ويظهر من الخبر أن المعنى أنهم لا يوقفون في موقف الحساب بل يذهب بهم إلى الجنة بغير حساب ، قال الطبرسي (ره) : لكثرته لا يمكن عده وحسابه ، وروى العياشي بالإسناد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا نشرت الدواوين ونصبت الموازين لم ينصب لأهل البلاء ميزان ، ولم ينشر لهم ديوان ، ثم تلا هذه الآية : «إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ ».

__________________

(١) سورة الزمر : ١٠.

٥٣

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل.

٦ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن بعض أصحابه ، عن أبان ، عن عمرو بن خالد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي فقال له رجل من الأنصار

_________________________________________

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

« وكيف يقل ما يتقبل » لأن الله تعالى يقول : «إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ »(١) .

الحديث السادس : مرسل.

وقال الجوهري :النمرقة وسادة صغيرة وكذلك النمرقة بالكسر لغة حكاها يعقوب ، وربما سموا الطنفسة التي فوق الرحل نمرقة عن أبي عبيد ، وفي القاموس : النمرق والنمرقة مثلثة الوسادة الصغيرة أو المثيرة أو الطنفسة فوق الرحل ، والنمرقة بالكسر من السحاب ما كان بينه فتوق ، انتهى.

وكان التشبيه بالنمرقة باعتبار أنها محل الاعتماد ، والتقييد بالوسطى لكونهم واسطة بين الإفراط والتفريط ، أو التشبيه بالنمرقة الوسطى باعتبار أنها في المجالس صدر ومكان لصاحبه يلحق به ، ويتوجه إليه من على الجانبين ، وقيل : المراد كونوا أهل النمرقة الوسطى وقيل : المراد أنه كما كانت الوسادة التي يتوسد عليها الرجل إذا كانت رفيعة جدا أو خفيفة جدا لا تصلح للتوسد بل لا بد لها من حد من الارتفاع والانخفاض ، حتى يصلح لذلك ، كذلك أنتم في دينكم وأئمتكم لا تكونوا غالين تجاوزون بهم عن مرتبتهم التي أقامهم الله عليها وجعلهم أهلا لها وهي الإمامة

__________________

(١) سورة المائدة : ٢٧.

٥٤

يقال له سعد جعلت فداك ما الغالي قال قوم يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا فليس أولئك منا ولسنا منهم قال فما التالي قال المرتاد يريد الخير يبلغه الخير يؤجر عليه ثم أقبل علينا فقال والله ما معنا من الله براءة ولا بيننا وبين الله

_________________________________________

والوصاية النازلتان عن الألوهية والنبوة كالنصارى الغالين في المسيح المعتقدين فيه الألوهية أو النبوة لآله ، ولا تكونوا أيضا مقصرين فيهم تنزلونهم عن مرتبتهم وتجعلونهم كسائر الناس أو أنزل ، كالمقصرين من اليهود في المسيح المنزلين له عن مرتبته ، بل كونوا كالنمرقة الوسطى وهي المقتصدة للتوسد « يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي ».

قوله عليه‌السلام : ما لا نقوله في أنفسنا ، كالألوهية وكونهم خالقين للأشياء والنبوة« المرتاد يريد الخير يبلغه الخير » كأنه من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر أي يريد الأعمال الصالحة التي تبلغه أن يعملها ، ولكن لا يعمل بها يؤجر عليه بمحض هذه النية ، أو المعنى أنه المرتاد الطالب لدين الحق وكما له ، وقوله : يبلغه الخير ، جملة أخرى لبيان أن طالب الخير سيجده ويوفقه الله لذلك ، كما قال تعالى : «وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا »(١) وقوله : يؤجر عليه ، لبيان أنه بمحض الطلب مأجور ، وقيل : المرتاد الطالب للاهتداء الذي لا يعرف الإمام ، ومراسم الدين بعد يريد التعلم ونيل الحق ، يبلغه الخير بدل من الخير يعني يريد أن يبلغه الخير ليوجر عليه ، وقيل : المرتاد أي الطالب من ارتاد الرجل الشيء إذا طلبه ، والمطلوب أعم من الخير والشر ، فقوله : يريد الخير تخصيص وبيان للمعنى المراد هيهنا « يبلغه الخير » من الإبلاغ أو التبليغ وفاعله معلوم بقرينة المقام ، أي من يوصله إلى الخير المطلوب ثم يؤجر عليه لهدايته وإرشاده.

وأقول : على هذا يمكن أن يكون فاعله الضمير الراجع إلى النمرقة لما فهم

__________________

(١) سورة العنكبوت : ٦٩.

٥٥

قرابة ولا لنا على الله حجة ولا نتقرب إلى الله إلا بالطاعة فمن كان منكم مطيعا لله تنفعه ولايتنا ومن كان منكم عاصيا لله لم تنفعه ولايتنا ويحكم لا تغتروا ويحكم لا تغتروا.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن مفضل بن عمر قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فذكرنا الأعمال فقلت أنا ما أضعف

_________________________________________

سابقا أنه يلحق التالي بنفسه ، وقيل : جملة يريد الخير صفة المرتاد ، إذ اللام للعهد الذهني وهو في حكم النكرة ، وجملة « يبلغه » إما على المجرد من باب نصر أو على بناء الأفعال أو التفعيل استئناف بياني ، وعلي الأول الخير مرفوع بالفاعلية إشارة إلى أن الدين الحق لوضوح براهينه كأنه يطلبه ويصل إليه ، وعلي الثاني والثالث الضمير راجع إلى مصدر يريد ، والخير منصوب ويؤجر عليه استئناف للاستئناف الأول لدفع توهم أن لا يؤجر لشدة وضوح الأمر ، فكأنه اضطر إليه وأكثر الوجوه لا تخلو من تكلف ، وكان فيه تصحيفا وتحريفا.

« ولا لنا علي الله حجة » أي بمحض قرابة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غير عمل لأنفسنا ، ولا لتخليص شيعتنا« ولا نتقرب » بصيغة المتكلم أو الغائب المجهول« ويحكم لا تغتروا » في القاموس ويح لزيد وويحا له كلمة رحمة ورفعه على الابتداء ، ونصبه بإضمار فعل وويح زيد وويحه نصبهما به أيضا أو أصله وي فوصلت بحاء مرة وبلام مرة ، وبياء مرة وبسين مرة ، وفي النهاية : ويح كلمة ترحم وتوجع يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها وقد يقال بمعنى المدح والتعجب وهي منصوبة على المصدر ، وقد ترفع وتضاف ولا تضاف ، يقال : ويح زيد وويحا له وويح له ، انتهى.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور معتبر.

« فذكرنا الأعمال » أي قلتها وكثرتها أو مدخليتها في الإيمان« ما أضعف » على صيغة تعجب كما هو الظاهر ، أو ما نافية وأضعف بصيغة المتكلم أي ما أعد

٥٦

عملي فقال مه استغفر الله ثم قال لي إن قليل العمل مع التقوى خير من كثير العمل بلا تقوى قلت كيف يكون كثير بلا تقوى قال نعم مثل الرجل يطعم طعامه ويرفق جيرانه ويوطئ رحله فإذا ارتفع له الباب من الحرام دخل فيه

_________________________________________

عملي ضعيفا ، وعلى الأول يتوهم في نهيهعليه‌السلام عنه وأمره بالاستغفار منافاة لما مر في الأخبار من ترك العجب والاعتراف بالتقصير.

ويمكن الجواب عنه بوجوه : « الأول » ما قيل : أن النهي للفتوى بغير علم لا للاعتراف بالتقصير.

الثاني : أنه كان ذلك لاستشمامه منه رائحة الاتكال علي العمل ، مع أن العمل هين جدا في جنب التقوى لاشتراط قبوله بها ، ولذا نبهه على ذلك ، والحاصل أنه لما كان كلامه مبنيا على أن المدار علي قلة العمل وكثرته نهاه عن ذلك.

الثالث : ما قيل أن الأقوال والأفعال يختلف حكمها باختلاف النيات والقصود ، وهو لم يقصد بهذا القول أن عمله ضعيف قليل بالنظر إلى عظمة الحق وما يستحقه من العبادة وإنما قصد به ضعفه وقلته لذاته ، وبينهما فرق ظاهر والأول هو الاعتراف بالتقصير دون الثاني.

الرابع : أنهعليه‌السلام لما علم أن المفضل يعتد بعمله ويعده كثيرا وإنما يقول ذلك تواضعا وإخفاء للعمل نهاه عن ذلك ، وفي القاموس :رفق فلانا نفعه كأرفقه ووطئ الرجل كناية عن كثرة الضيافة قال في القاموس : رجلموطأ الأكناف كمعظم سهل دمث كريم مضياف ، أو يتمكن في ناحيته صاحبه غير مؤذى ولا ناب به موضعه ، وفي النهاية في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا ، هذا مثل وحقيقته من التوطئة وهي التمهيد والتذليل ، وفراش ووطؤ لا يؤذي جنب النائم والأكناف الجوانب ، أراد الذين جوانبهم وطئة يتمكن فيها من يصاحبهم ، ولا

٥٧

فهذا العمل بلا تقوى ويكون الآخر ليس عنده فإذا ارتفع له الباب من الحرام لم يدخل فيه.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أبي داود المسترق ، عن محسن الميثمي ، عن يعقوب بن شعيب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ما نقل الله عز وجل عبدا من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناه من غير مال وأعزه من غير عشيرة وآنسه من غير بشر.

باب الورع

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغراء ، عن زيد الشحام ، عن عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له إني لا ألقاك إلا في السنين فأخبرني بشيء آخذ به فقال أوصيك بتقوى الله والورع

_________________________________________

يتأذى ، انتهى.

وقيل : توطئة الرجل كناية عن التواضع والتذلل.

« فإذا ارتفع له الباب من الحرام » أي ظهر له ما يدخله في الحرام من مال حرام أو فرج حرام وغير ذلك« ليس عنده » أي العمل الكثير الذي كان عند صاحبه.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

« وآنسه من غير بشر » أي من غير أنيس من البشر بل الله مؤنسه كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : اللهم إنك أنس الآنسين بأوليائك.

باب الورع

الحديث الأول : مجهول كالحسن.

ولعل المرادبالتقوى ترك المحرمات وبالورع ترك الشبهات بل بعض المباحات

٥٨

والاجتهاد واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن حديد بن حكيم قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن يزيد بن خليفة قال وعظنا أبو عبد اللهعليه‌السلام فأمر وزهد ثم قال عليكم بالورع فإنه لا ينال ما عند الله إلا بالورع.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه.

٥ ـ عنه ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن الحسن بن زياد الصيقل ، عن

_________________________________________

وبالاجتهاد بذل الجهد في فعل الطاعات ، يقال : وقاه الله السوء يقيه وقاية ، أي حفظه واتقيت الله اتقاء أي حفظت نفسي من عذابه أو من مخالفته ، والتقوى اسم منه والتاء مبدلة من واو ، والأصل وقوي من وقيت لكن أبدل ولزمت التاء في تصاريف الكلمة ، وفي النهاية : فيه ملاك الدين الورع ، الورع في الأصل الكف عن المحارم والتحرج منه ، يقال : ورع الرجل يرع بالكسر فيهما ورعا ورعة فهو ورع ، وتورع من كذا ثم أستعير للكف عن المباح والحلال« لا ينفع » أي نفعا كاملا.

الحديث الثاني : صحيح ، ويدل على أن ترك الورع عن المحرمات يصير الإيمان بمعرض الضياع والزوال ، فإن فعل الطاعات وترك المعاصي حصون للإيمان من أن يذهب به الشيطان.

الحديث الثالث : ضعيف بيزيد لأنه واقفي لكن فيه مدح« فأمر » أي بالطاعات وما يوجب الفوز بأرفع الدرجات ، و« زهد » على بناء التفعيل أي أمر بالزهد في الشيء وعن الشيء خلاف الترغيب فيه.

الحديث الرابع : ضعيف وقد مر.

الحديث الخامس : مجهول.

٥٩

فضيل بن يسار قال قال أبو جعفرعليه‌السلام إن أشد العبادة الورع.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن حنان بن سدير قال قال أبو الصباح الكناني ـ لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما نلقى من الناس فيك فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام وما الذي تلقى من الناس في فقال لا يزال يكون بيننا وبين الرجل الكلام فيقول جعفري خبيث فقال يعيركم الناس بي فقال له أبو الصباح نعم قال فقال ما أقل والله من يتبع جعفرا منكم إنما أصحابي من اشتد ورعه وعمل لخالقه ورجا ثوابه فهؤلاء أصحابي.

٧ ـ حنان بن سدير ، عن أبي سارة الغزال ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال الله عز وجل ابن آدم اجتنب ما حرمت عليك تكن من أورع الناس.

_________________________________________

« إن أشد العبادة الورع » إذ ترك المحرمات أشق على النفس من فعل الطاعات وأفضل الأعمال أحمزها.

الحديث السادس : موثق.

وكان فيه نوع ذم لأبي الصباح وإن كان ثقة ، قال الشيخ البهائيرحمه‌الله : يعلم منه أنه لم يرتضعليه‌السلام ما قاله أبو الصباح ، لما فيه من الخشونة وسوء الأدب« وعمل لخالقه » أي أخلص العمل لله« ورجا ثوابه » كأنه إشارة إلى أن رجاء الثواب إنما يحسن مع الورع والطاعة وإلا فهو غرور كما مر ، وإلى أنه مع العمل أيضا لا ينبغي اليقين بالثواب لكثرة آفات العمل ، ويمكن أن يكون ما ذكرهعليه‌السلام إيماء إلى أن ما تسمعون من المخالفين إنما هو لعدم الطاعة إما بترك الطاعات والأعمال الرضية أو لترك ما أمرتكم به من التقية.

الحديث السابع : مجهول.

وكانالأورع بالنسبة إلى من يجتنب المكروهات ويأتي بالسنن ويجترئ على

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

وقالعليه‌السلام : « جود الرجل يحببه إلى أضداده، وبخله يبغضه ( إلى أولاده )(٤) » وقالعليه‌السلام : « لا فخر في المال الا مع الجود »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « لا سيادة لمن سخاء له »(٦) .

وباقي أخبار الباب تقدم في كتاب الزكاة.

١٧ -( باب استحباب الانفاق، وكراهة الامساك)

[١٨١٨٤] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث الاسراء: « ورأيت ملكين يناديان في السماء، أحدهما يقول: اللهم اعط كل منفق خلفا، والاخر يقول: اللهم اعط كل ممسك تلفا » الخبر.

[١٨١٨٥] ٢ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « ثلاثة من حقائق الايمان: الانفاق من الاقتار » الخبر.

[١٨١٨٦] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « من أيقن بالخلف ( جاد بالعطية )(١) ».

[١٨١٨٧] ٤ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن

__________________

(٤) غرر الحكم ج ١ ص ٣٦٨ ح ١٢، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٤٥ ح ٣١٠.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٤٧ ح ٣٥٠.

الباب ١٧

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٧.

٢ - الجعفريات ص ٢٣١.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٤ ح ٩٦٣.

(١) في المصدر: سخت نفسه بالنفقة.

٤ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح ص ٦٨.

٢٦١

شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « إن مناديا ينادي عن يمينه ( - أي عن يمين العرش - )(١) ومناديا ينادي عن شماله، فيقول أحدهما: اللهم اعط منفقا خلفا، ويقول الاخر: اللهم اعط ممسكا تلفا ».

[١٨١٨٨] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا حسد الا في اثنين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به اناء الليل واناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه ( في الحق )(١) اناء الليل واناء النهار ».

[١٨١٨٩] ٦ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « المال وبال على صاحبه الا ما قدم منه ».

وقالعليه‌السلام (١) : « أمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم فاقتك ».

١٨ -( باب تحريم البخل والشح بالواجبات)

[١٨١٩٠] ١ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما رأيت شيئا هو أضر في دين المسلم من الشح ».

وباقي أخبار الباب مضى في كتاب الزكاة(١) .

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٣ ح ٦٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

٦ - الغرر ج ١ ص ٨٤.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ١٢٠ ح ١٨١.

الباب ١٨

١ - أصل زيد النرسي ص ٥٠.

(١) تقدم في الباب

(٥) من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

٢٦٢

١٩ -( باب استحباب الاقتصاد في النفقة)

[١٨١٩١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : التودد إلى الناس نصف العقل، والرفق نصف العيش، وما عال امرؤ في اقتصاد ».

[١٨١٩٢] ٢ - وبهذا الاسناد: قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أراد الله بأهل بيت خيرا، فقههم في الدين، ورزقهم الرفق في معايشهم، والقصد في شأنهم » الخبر.

ورواهما في الدعائم: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

[١٨١٩٣] ٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عمن ذكره، وغير واحد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا يصلح المرء الا على ثلاث خصال: التفقه في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على النائبة ».

[١٨١٩٤] ٤ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من اقتصد ( في معيشته )(١) رزقه الله، ومن بذر حرمه الله ».

[١٨١٩٥] ٥ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « الكمال كل الكمال: الفقه في الدين، والصبر على النائبة، والتقدير في المعيشة ».

__________________

الباب ١٩

١ - الجعفريات ص ١٤٩، دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٤ ح ٩٦٥.

٢ - الجعفريات ص ١٤٩.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٤ و ٢٥٥ ح ٩٦٥ و ٩٦٦.

٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١٠٨.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٥ ح ٩٦٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٥٥ ح ٩٦٩.

٢٦٣

[١٨١٩٦] ٦ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : « العقل، أنك تقصد فلا تسرف، وتعد فلا تخلف ».

٢٠ -( باب أنه ليس فيما أصلح البدن إسراف)

[١٨١٩٧] ١ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: نقلا من كتاب اللباس للعياشي، عن أبي السفاتج(١) ، عن بعض أصحابه، انه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: انا نكون في طريق مكة، فنريد الاحرام فلا يكون معنا نخالة نتدلك(٢) بها من النورة، فنتدلك(٣) بالدقيق، فيدخلني من ذلك ما الله به أعلم، قالعليه‌السلام : « مخافة الاسراف » قلت: نعم، قال: « ليس فيما أصلح البدن إسراف أنا(٤) ربما أمرت بالنقي(٥) فيلت بالزيت فأتدلك به، إنما الاسراف فيما أتلف المال وأضرر بالبدن » قلت: فما الاقتار؟ قال: « أكل الخبز والملح وأنت تقدر على غيره » قلت: ( فما القصد؟ ) قال: « الخبز واللحم واللبن والزيت والسمن، مرة ( هذا ومرة هذا(٧) ».

[١٨٢٩٨] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا

__________________

٦ - الغرر ج ١ ص ٩٩ ح ٢١٥٢.

الباب ٢٠

١ - مكارم الأخلاق ص ٥٧.

(١) في الحجرية: أبو السفائح، وما أثبتناه من المصدر هو الصواب. انظر: « تنقيح المقال ج ٣ ص ١٨، مجمع الرجال ج ٧ ص ٤٩ ».

(٢) في الطبعة الحجرية: « فندلك » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في الطبعة الحجرية: « فندلك » وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: اني.

(٥) النقي: دقيق الحنطة المنخول ( مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢٠ ).

(٦) في المصدر: « فالقصد ».

(٧) في المصدر: « ذا ومرة ذا ».

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٩١ ح ١٥٤.

٢٦٤

خير في السرف، ولا سرف في الخير ».

٢١ -( باب عدم جواز السرف والتقتير)

[١٨١٩٩] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن علي بن جذاعة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « اتق الله، ولا تسرف ولا تقتر وكن بين ذلك قواما، ان التبذير من الاسراف، وقال الله:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) ان الله لا يعذب على القصد ».

[١٨٢٠٠] ٢ - وعن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ ) (١) قال: فضم يده وقال هكذا، فقال( لَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) (٢) وبسط راحته وقال هكذا.

[١٨٢٠١] ٣ - وعن جميل، عن إسحاق بن عمار، عن عامر بن جذاعة قال: دخل على أبي عبد اللهعليه‌السلام رجل فقال: يا أبا عبد الله، قرضا إلى ميسرة، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إلى غلة تدرك؟ » فقال: لا والله، فقال: « إلى تجارة تؤدى؟ » فقال: لا والله، فقال: « إلى عقدة(١) تباع؟ » فقال: لا والله، فقال: « فأنت إذن ممن جعل الله له في أموالنا حقا  - فدعا أبو عبد اللهعليه‌السلام بكيس فيه دراهم، فأدخل يده فناوله قبضة، ثم قال -: اتق الله، ولا تسرف ولا تقتر وكن بين ذلك قواما، ان التبذير من الاسراف، قال الله تعالى:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) وقال: ان الله

__________________

الباب ٢١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٥.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٦٠.

(١) الاسراء ١٧: ٢٩.

(٢) الاسراء ١٧: ٢٩.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٩.

(١) العقدة: البستان والدار وأمثالهما من المال ( لسان العرب ج ٣ ص ٢٩٩ ).

(٢) الاسراء ١٧: ٢٦.

٢٦٥

لا يعذب على القصد ».

[١٨٢٠٢] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا منع ولا إسراف ولا بخل ولا اتلاف ».

[١٨٢٠٣] ٥ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « التبذير عنوان الفاقة ».

وقالعليه‌السلام (١) : « إذا أراد الله بعبد خيرا ألهمه الاقتصاد وحسن التدبير، وجنبه سوء التدبير والاسراف ».

وقالعليه‌السلام (٢) : « حلوا أنفسكم بالعفاف، وتجنبوا التبذير والاسراف ».

وقالعليه‌السلام (٣) : « ذر السرف، فان المسرف لا يحمد جوده، ولا يرحم فقره ».

وقالعليه‌السلام :(٤) « سبب الفقر الاسراف ».

وقالعليه‌السلام (٥) : « من أشرف الشرف، الكف عن التبذير والسرف ».

وقالعليه‌السلام (٦) : « ويح المسرف، ما أبعده عن صلاح نفسه، واستدراك أمره! ».

__________________

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٩٦ ح ١٩٨.

٥ - الغرر ج ١ ص ٣١ ح ٩٤٠.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٣٢٢ ح ١٦٤.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٣٨٧ ح ٨٢.

(٣) نفس المصدر ج ١ ص ٤٠٦ ح ٢٨.

(٤) نفس المصدر ج ١ ص ٤٣١ ح ٢٠.

(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٣٤ ح ١٣٨.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٢ ح ٣١.

٢٦٦

٢٢ -( باب استحباب صيانة العرض بالمال)

[١٨٢٠٤] ١ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كلام له: ثم كل معروف بعد ذلك، ما وقيتم به أعراضكم، وصنتموها عن ألسنة كلاب الناس، كالشعراء الوقاعين في الاعراض تكفونهم، فهم محسوب لكم في الصدقات ».

[١٨٢٠٥] ٢ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كل معروف صدقة، وكل ما أنفق المؤمن من نفقة على نفسه وعياله وأهله كتب له بها صدقة، وما وقى به الرجل عرضه كتب له(١) صدقة - قلت: ما معنى ما وقى به الرجل عرضه؟ قال: ما أعطاه الشاعر وذا اللسان المتقى - وما أنفق الرجل(٢) من نفقة فعلى الله خلفها ضمانا، الا ما كان من نفقة في بنيان، أو معصية الله ».

[١٨٢٠٦] ٣ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في خطبة الوسيلة: « إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال ».

[١٨٢٠٧] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « حصنوا الاعراض بالأموال ».

__________________

الباب ٢٢

١ - تفسير الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٦٨ ح ٤٠.

٢ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

(١) في المصدر زيادة: به.

(٢) في المصدر: المؤمن.

٣ - تحف العقول ص ٦٣.

٤ - غرر الحكم ج ١ ص ٣٨٣ ح ٤١.

٢٦٧

وقالعليه‌السلام : « خير أموالك ما وقى عرضك »(١) .

وقالعليه‌السلام : « لم يذهب من مالك ما وقى عرضك »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « من النبل أن يبذل الرجل ماله(٣) ، ويصون عرضه، من اللؤم أن يصون ماله، ويبذل عرضه »(٤) وقالعليه‌السلام : « قوا أعراضكم ببذل أموالكم »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « وفور الأموال بانتقاص الاعراض لؤم »(٦) .

وقالعليه‌السلام : « وقر عرضك، بعرضك تكرم »(٧) .

وقالعليه‌السلام : « وقروا العرض بابتذال المال »(٨) .

٢٣ -( باب حد الاسراف والتقتير)

[١٨٢٠٨] ١ - العياشي في تفسيره: عن بشر بن مروان قال: دخلنا على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فدعا برطب فأقبل بعضهم يرمي بالنواة، قال: وأمسك أبو عبد اللهعليه‌السلام يده، فقال: « لا تفعل، ان هذا من التبذير، وان الله لا يحب الفساد ».

[١٨٢٠٩] ٢ - وعن عجلان قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ،

__________________

(١) غرر الحكم ج ١ ص ٣٨٧ ح ١٢.

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ٦٠٠ ح ١٦.

(٣) في المصدر: نفسه.

(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٣٠ ح ٩٦، ٩٧.

(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٠ ح ٨.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٠ ح ٩.

(٧) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٤ ح ٥١.

(٨) نفس المصدر ص ٣٧٢ ( الطبعة الحجرية ).

الباب ٢٣

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٨.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٥٩.

٢٦٨

فجاءه سائل فقام إلى مكتل فيه تمر فملا يده ثم ناوله، ثم جاءه آخر فسأله فقام وأخذ بيده فناوله، ثم جاء آخر فسأله فقال: « رزقنا الله وإياك » ثم قال: « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان له يسأله أحد من الدنيا شيئا الا أعطاه، قال: فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت: انطلق إليه فاسأله فان قال: ليس عندنا شئ، فقل: أعطني قميصك، فأتاه الغلام فسأله، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس عندنا شئ، فقال: فأعطني قميصك، فأخذ قميصه فرمى به إليه، فأدبه الله على القصد، فقال:( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورً‌ا ) (١) ».

[١٨٢١٠] ٣ - وعن محمد بن يزيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورً‌ا ) (١) قال: الاحسار: الاقتار ».

[١٨٢١١] ٤ - وعن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) قال: « من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر، ومن أنفق في سبيل الخير فهو مقتصد ».

[١٨٢١٢] ٥ - وعن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن قوله تعالى:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) قال: « بذل الرجل ماله ( و )(٢) يقعد

__________________

(١) الاسراء ١٧: ٢٩.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٦١.

(١) الاسراء ١٧: ٢٩.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٣.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٤.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٦٩

ليس له مال » قال: فيكون تبذير في حلال؟ قال: « نعم ».

[١٨٢١٣] ٦ - وعن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أترى الله أعطى من أعطى من كرامته عليه، ومنع من منع من هوان به عليه! لا، ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودائع، وجوز لهم أن يأكلوا قصدا، ويشربوا قصدا، ويلبسوا قصدا، وينكحوا قصدا، ويركبوا قصدا، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، ويلموا به شعثهم، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا ويشرب حلالا ويركب حلالا وينكح حلالا، ومن عدا ذلك كان عليه حراما، ثم قال: ولا تسرفوا ان الله لا يحب المسرفين أترى الله ائتمن رجلا على مال خول له أن يشتري فرسا بعشرة آلاف درهم، ويجزئه فرس بعشرين درهما، ويشتري جارية بألف ( دينار )(١) وتجزئه جارية بعشرين دينارا! وقال:( وَلَا تُسْرِ‌فُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِ‌فِينَ ) (٢) ».

[١٨٢١٤] ٧ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك، عن رجل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « رب فقير هو أسرف من غني، ان الغني ينفق مما آتاه الله، والفقير ينفق مما ليس عنده ».

[١٨٢١٥] ٨ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن محمد الأشعري، عن أبي إسحاق رفعه إلى علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) : للمسرف ثلاث علامات: يأكل ما ليس له، ويلبس ما ليس له،

__________________

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٣ ح ٢٣، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٣٠٥ ح ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الانعام ٦: ١٤١.

٧ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١٠.

٨ - الخصال ص ٩٧ ح ٤٥.

(١) في المصدر: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢٧٠

ويشترى ما ليس له ».

ورواه أيضا فيه: عن أبيه، عن سعد بن عبد اله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال لقمان لابنه: يا بني للمسرف » وذكر مثله(٢) .

[١٨٢١٦] ٩ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) قال: « ليس في طاعة الله تبذير ».

[١٨٢١٧] ١٠ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الاسراف مذموم في كل شئ، إلا في أفعال البر ».

وقالعليه‌السلام : « الا ان اعطاء هذا المال في غير حقه تبذير واسراف »(١) .

وقالعليه‌السلام : « أفقر الناس من قتر على نفسه مع الغنى والسعة، وخلفه لغيره »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « في كل شئ يذم السرف، الا في صنائع المعروف، والمبالغة في الطاعة »(٣) .

وقالعليه‌السلام : « كل ما زاد على الاقتصاد إسراف »(٤) .

__________________

(٢) نفس المصدر ص ١٢١ ح ١١٣.

٩ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٤ ح ٩٦٤.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

١٠ - غرر الحكم ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٦٠.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ١٦١ ح ٩.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٢١٠ ح ٥١٧.

(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ٥١٥ ح ٨٥.

(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ٥٤٧ ح ٧٣.

٢٧١

وقالعليه‌السلام : « ما فوق الكفاف إسراف(٥) ».

٢٤ -( باب استحباب الصبر لمن رأى الفاكهة ونحوها في السوق، وشق عليه شراؤها)

[١٨٢١٨] ١ - أحمد بن محمد بن فهد في كتاب التحصين: نقلا من كتاب المنبئ عن زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، للشيخ جعفر بن أحمد القمي، باسناده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في جملة كلام له في صفات إخوانه الذين يأتون من بعده: « يا أبا ذر، لو أن أحدا منهم اشتهى شهوة من شهوات الدنيا، فيصبر ولا يطلبها، كان له من الاجر(١) بذكر أهله ثم يغتم ويتنفس، كتب الله له بكل نفس ألفي ألف حسنة، ومحا عنه ألفي ألف سيئة، ورفع له ألفي ألف درجة » الخبر.

٢٥ -( باب عدم جواز جمع المال وترك الانفاق منه)

[١٨٢١٩] ١ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فمن أعظم الناس حسرة؟ قال: من رآى ماله في ميزان غيره، فأدخله الله به النار، وأدخل وارثه به الجنة، قيل: فكيف يكون هذا؟ قال: كما حدثني بعض إخواننا، عن رجل دخل إليه وهو يسوق، قال له: يا فلان، ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق؟ قال: ما أديت منها زكاة قط، ولا وصلت منها رحما قط، قال: قلت: فعلى ما جمعتها؟ قال: لحقوق السلطان، ومكاثرة العشيرة، ولخوف(١) الفقر على العيال، ولروعة الزمان، قال: ثم لم يخرج من عنده حتى فاضت نفسه، ثم قال عليعليه‌السلام :

__________________

(٥) غرر الحكم ج ٢ ص ٧٣٧ ح ١٣.

الباب ٢٤

(١) كذا في الحجرية.

الباب ٢٥

١ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٤.

(١) في نسخة: تخوف.

٢٧٢

الحمد لله الذي أخرجه منها ملوما مليا، بباطل جمعها، ومن حق منعها فأوعاها، وشدها فأوكاها، فقطع فيها المفاوز والقفار ولجج البحار، أيها الواقف لا تخدع كما خدع صويحبك بالأمس، ان من أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى ماله في ميزان غيره، أدخل الله هذا به الجنة، وأدخل هذا به النار ».

[١٨٢٢٠] ٢ - أحمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « احذروا المال فإنه كان فيما مضى رجل قد جمع مالا وولدا، وأقبل على نفسه وجمع لهم فأوعى، فأتاه ملك الموت فقرع بابه وهو في زي مسكين، فخرج إليه الحجاب فقال لهم: ادعوا لي سيدكم، قالوا: أو(١) يخرج سيدنا إلى مثلك، ودفعوه حتى نحوه عن الباب، ثم عاد إليهم في مثل تلك الهيئة، وقال: ادعوا لي سيدكم، وأخبروه اني ملك الموت، فلما سمع سيدهم هذا الكلام قعد خائفا فرقا، وقال لأصحابه: لينوا له في المقال، وقولوا له: لعلك تطلب غير سيدنا بارك الله فيك، قال لهم: لا، ودخل عليه وقال له: قم فأوص ما كنت موصيا، فاني قابض روحك قبل أن اخرج، فصاح أهله وبكوا، فقال: افتحوا الصناديق واكتبوا ما فيها من الذهب والفضة، ثم أقبل على المال يسبه ويقول: لعنك الله من مال، أنت أنسيتني ذكر ربي، وأغفلتني عن أمر آخرتي، حتى بغتني من أمر الله ما قد بغتني، فأنطق الله المال فقال له: لم تسبني وأنت ألام مني؟ ألم تكن في أعين الناس حقيرا فرفعوك لما رأوا عليك من أثري؟ ألم تحضر أبواب الملوك والسادة ويحضرها الصالحون فتدخل قبلهم ويؤخرون؟ ألم(٢) تخطب بنات الملوك والسادة ويخطبهن الصالحون فتنكح ويردون؟ فلو كنت تنفقني في سبيل الخيرات لم أمتنع عليك، ولو كنت تنفقني في سبيل الله لم أنقص عليك، فلم

__________________

٢ - عدة الداعي ص ٩٥.

(١) في الحجرية: « لن » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية: « و » ما أثبتناه من المصدر.

٢٧٣

تسبني وأنت ألام مني؟ وإنما خلقت أنا وأنت من تراب، فانطلق ترابا وانطلق ( أنت )(١) بإثمي، هكذا يقول المال لصاحبه ».

[١٨٢٢١] ٣ - عوالي اللآلي: عن أبي أيوب الأنصاري، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « أيما رجل له مال لم يعط حق الله منه، الا جعله الله على صاحبه يوم القيامة شجاعا له زبيبتان، ينهشه حتى يقضي بين الناس، فيقول: مالي ومالك؟ فيقول: أنا كنزك الذي جمعت لهذا اليوم، قال: فيضع يده فيه فيقضمها(١) ».

[١٨٢٢٢] ٤ - العياشي في تفسيره: عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله:( كَذَٰلِكَ يُرِ‌يهِمُ اللَّـهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَ‌اتٍ عَلَيْهِمْ ) (١) قال: « هو الرجل يدع المال لا ينفقه في طاعة الله بخلا، ثم يموت فيدعه لمن يعمل به في طاعة الله أو في معصيته، فان عمل به في طاعة الله رآه في ميزان غيره فزاد حسرة، وقد كان المال له، أو من عمل به في معصية الله قواه بذلك المال حتى عمل به في معاصي الله ».

[١٨٢٢٣] ٥ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « ما من عبد ضيع حقا، الا أعطى في باطل مثله - إلى أن قال - وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضي الله، الا ابتلي أن ينفق أضعافا(١) فيما يسخط الله ».

[١٨٢٢٤] ٦ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال:

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٨٤ ح ١١.

(١) القضم: العض ( النهاية ج ٤ ص ٧٧ ).

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٢ ح ١٤٤.

(١) البقرة ٢: ١٦٧.

٥ - الاختصاص ص ٢٤٢.

(١) في الحجرية: « اضعافها » وما أثبتناه من المصدر.

٦ - غرر الحكم ج ٢ ص ٦٠٠ ح ١٣.

٢٧٤

« لم يرزق المال من لم ينفقه ».

٢٦ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب النفقات)

[١٨٢٢٥] ١ - البحار، من كتاب العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم: العلة في جوع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه هو أب المؤمنين، لقول الله عز وجل:( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (١) وهو أب لهم، فما كان أب المؤمنين علم ( أن )(٢) في الدنيا مؤمنين جائعين، ولا يحل للأب أن يشبع ويجوع ولده، فجوع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه، لأنه علم ( ان )(٣) في أولاده جائعين.

[١٨٢٢٦] ٢ - حسين بن عثمان بن شريك في كتابه: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ما الصعلوك عندكم؟ » قال: قيل: الذي ليس له شئ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا ولكنه الغني الذي لا يتقرب إلى الله بشئ من ماله ».

[١٨٢٢٧] ٣ - وعن الحسين بن مختار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ان الله عز وجل يبغض الغني الظلوم، والشيخ الفاجر، والصعلوك المختال » قال: ثم قال: « أتدري ما الصعلوك المختال؟ » قال: قلت: القليل المال، قال: « لا، ولكنه الغني الذي لا يتقرب إلى الله بشئ من ماله ».

[١٨٢٢٨] ٤ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد، قال أخبرنا محمد بن

__________________

الباب ٢٦.

١ - بحار الأنوار ج ٤ ص ٧٥.

(١) الأحزاب ٣٣: ٦.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١٢.

٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١٠٩.

٤ - الجعفريات ص ٢٢٠.

٢٧٥

محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل، فقال: يا رسول الله، ان نفسي لا تشبع ولا تقنع، فقال له: قل اللهم رضني بقضائك، وصبرني على بلائك، وبارك لي في أقدارك، حتى لا أحب تعجيل شئ أخرته، ولا أحب تأخير شئ عجلته ».

[١٨٢٢٩] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ».

[١٨٢٣٠] ٦ - الآمدي في الغرر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « اعطاء هذا المال في حقوق الله، داخل في باب الجود ».

صورة خط المؤلف متع الله المسلمين ببقائه إن شاء الله تعالى.

تم كتاب النكاح من كتاب مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، بقلم مؤلفه العبد المذنب المسئ ( حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي ).

حشرهما الله تعالى مع مواليه، في عصر يوم الخميس العاشر من ربيع المولود، من سنة ١٣١١ في الناحية المقدسة سر من رآى، حامدا مصليا مستغفرا.

ويتلوه كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى.

__________________

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٨٣ ح ١٢٢.

٦ - الغرر ج ١ ص ٩٣ ح ١٠٩٦.

٢٧٦

٢٧٧

بسم الله الرحمن الرحيم

فهرست أنواع الأبواب إجمالا

أبواب مقدماته وشرائطه

أبواب أقسامه وأحكامه

أبواب العدد

٢٧٨

أبواب مقدماته وشرائطه

١ -( باب كراهة طلاق الزوجة الموافقة وعدم تحريمه)

[١٨٢٣١] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام أنه قال يوما لجارية له - يقال لها: أم سعيد - وهي تصب الماء على يديه: « يا أم سعيد قالت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: لقد اشتهيت أن أكون عروسا، قالت: وما يمنعك من ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: ويحك، بعد أربع في الرحبة؟ قالت: طلق واحدة منهن وادخل مكانها أخرى، فقال: ويحك قد علمت هذا، ولكن الطلاق قبيح وأنا أكرهه ».

[١٨٢٣٢] ٢ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه كتب كتابا إلى رفاعة بن شداد، كان فيه: « واحذر أن تتكلم في الطلاق، وعاف ( بنفسك فيه )(١) ما وجدت إليه سبيلا » الخبر.

[١٨٢٣٣] ٣ - تحفة الاخوان للمولى محمد سعيد المزيدي: عن أبي بصير، عن جعفر بن محمدعليهم‌السلام - في حديث طويل في قصة آدمعليه‌السلام - قال: « لا شئ مباح أبغض إلى الله تعالى من الطلاق ».

__________________

كتاب الطلاق

أبواب مقدماته وشرائطه

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٧ ح ٩٧٩.

٢ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٥٨ ح ٩٨٢.

(١) في المصدر: نفسك منه.

٣ - تحفة الاخوان: مخطوط.

٢٧٩

وقالعليه‌السلام : لعن الله الذواق والذواقة »(١) .

[١٨٢٣٤] ٤ - عوالي اللآلي: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما أحب الله مباحا كالنكاح، وما أبغض الله مباحا كالطلاق ».

[١٨٢٣٥] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق ».

[١٨٢٣٦] ٦ - وعن أبي موسى، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تطلقوا النساء إلا عن ربية، فان الله لا يحب الذواقين والذواقات ».

[١٨٢٣٧] ٧ - وعن ثوبان يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة ».

٢ -( باب جواز رد الرجل للطلاق إذا خطب، وإن كان كفوا في نهاية الشرف)

[١٨٢٣٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « قال عليعليه‌السلام لأهل الكوفة: يا أهل الكوفة، لا تزوجوا حسنا فإنه رجل مطلاق ».

[١٨٢٣٩] ٢ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي طالب في قوت القلوب:

__________________

(١) قال ابن الأثير: ومنه الحديث: إن الله لا يحب الذواقين والذواقات، يعني السريعي النكاح، السريعي الطلاق ( النهاية ج ٢ ص ١٧٢ ).

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٣٧٢ ح ٤.

٥ - المصدر السابق ج ١ ص ١٦٥ ح ١٧١.

٦ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٣٩ ح ٣٨٩.

٧ - المصدر السابق ح ٢ ص ١٣٩ ح ٣٨٨.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٧ ح ٩٨٠.

٢ - المناقب ج ٤ ص ٣٠.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517