دراسة عامة في الامامة

دراسة عامة في الامامة0%

دراسة عامة في الامامة مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 282

دراسة عامة في الامامة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ إبراهيم الأميني
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف: الصفحات: 282
المشاهدات: 78634
تحميل: 5066

توضيحات:

دراسة عامة في الامامة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 282 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 78634 / تحميل: 5066
الحجم الحجم الحجم
دراسة عامة في الامامة

دراسة عامة في الامامة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: يا علي إنّ الله أمرني أنْ أنذر عشيرتي الأقربين... واجْمَع لي بني عبد المطّلب حتّى أُكلِّمهم وأُبلِّغهم ما أُمِرْتُ بِهِ... إلى أنْ قال: ثمّ تكلّم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فقال: يا بني عبد المطلب إنّي والله ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جِئْتُكُم به. قد جِئْتُكُم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أنْ أدعوكم إليه فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أنْ يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟

فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلتُ وإنّي لأَحْدَثُهم سِنّاً، وأرمصهم عيْناً، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً: أنا يا نبيّ الله، أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي ثمّ قال: إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. قال: فقام القوم يضحكون، فيقولون لأبي طالب: قد أمرك أنْ تسمع لابنك وتطيع) (1) .

ودعا رسول الله ربّه قائلاً:

إلهي (إنّي أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي وَإِلَهِي أَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أَهْلِي وَزِيْرَاً أَشُدّ به عَضُدِي فَاجْعَلْ لِي عَلِيّاً وَزِيْرَاً وَأَخَاً) (2) .

* وقد بعث سيّدنا محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أفراداً كقضاة في مختلف البلدان الإسلاميّة، وكان علي بن أبي طالب أحدهم.

- وقد روى ابن عبّاس أنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بعث علي بن أبي طالب إلى اليمن قاضياً (3) وزوّده بتعليماته.

- وعن مسروق أنّ ستّة أشخاص تولَّوا مسؤوليّة القضاء أيّام النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وهم كلّ مِن علي (عليه السلام) وعبد الله بن مسعود وأُبي

____________________

(1) الكامل في التاريخ: ج2 ص63 / تاريخ الطبري ج2 ص321.

(2) ينابيع المودّة: ص71.

(3) التراتيب الإداريّة: ج1 ص257.

٢١

ابن كعب وزيد بن ثابت وعمر بن الخطّاب وأبي موسى الأشعري (1) .

* كما بعث وُلاته إلى مختلف الأمصار الإسلاميّة، ونصّب عمّاله في العديد من المُدُن، فكان:

- عتاب بن أسيد أميراً على مكّة، وباذان حاكماً على اليمن، ثمّ عامر الهمداني، وعلى بني تغلبة عبد الله بن عمرو، وعلى بعض نواحي اليمن أبو موسى الأشعري، والحارث بن بلال على أجزاء من طَي، والحارث على بعض نواحي مكّة، وسعيد بن خفاف على تميم، وصيفي بن عامر على بني ثعلبة، وعلاء بن الحضرمي على البحرين، ومروة بن نفاثة على بني سلول، والمنذر بن ساوى على هَجَر، وسواد البلوي على خَيْبَر، وخالد بن الوليد على صنعاء، ومغافر بن أبي أُميّة على كِنْدَة، وزياد بن لبيب على حضرموت وأبو سفيان على نَجْرَان (2) .

وكان لكلّ من هؤلاء وظائفه المحدّدة من قِبل النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وهو لم يغفل عن إصدار مرسوم سمّى فيه والي مكّة الجديد، وكان ذلك بعد الفتح مباشرة.

ولقد كان سيّدنا محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يراقب بنفسه أحياناً ما يجري في المدينة، أو يبعث مّن ينوب عنه في ذلك، فقد أوفد سعيد بن العاص مثلاً للإشراف على أسواق مكّة.

وروى ابن عمر أنّ بعض الصحابة كانوا يستقبلون التجّار الوافدين خارج المدينة، فتدخّل النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأوصى بمنع ذلك (3) .

____________________

(1) المصدر السابق: ص258.

(2) التراتيب الإداريّة: ج1 ص240 - 246.

(3) التراتيب الإداريّة: ج1 ص285.

٢٢

وكانت لعمر مهمّة الإشراف على أسواق المدينة (1) .

ولم يكن رسول الله ليغادر المدينة إلاّ ويستخلف عليها أحداً، فاستخلف في (تبوك) ابن عمّه علي بن أبي طالب(عليه السلام).

* وقد تعاقب على إدارة المدينة في غياب النبي العديد من الصحابة، منهم:

لبابة، وبشير بن منذر، وعثمان بن عفّان، وعبد الله بن أُم مكتوم، وأبو ذر، وعبد الله بن عبد الله بن أبي سلول، وسباع بن عرفطة، ونحيلة بن عبد الله، وعريف بن أضبط، ومحمّد بن مسلمة بن الأنصاري، وزيد بن حارثة، وسائب بن عثمان، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وسعد بن عبادة، وأبو دجانة الساعدي (2) .

* وكانت القوّات الإسلاميّة تتحلّى بأسمى درجات الانضباط العسكري والنظام، وكان الجيش الإسلامي يتحرّك بدقّة متناهية، محافظاً على تنظيمه الحربي المقسّم إلى خمس فرق:

المقدّمة والقلب والجناح الأيمن والجناح الأيسر والمؤخّرة.

* وكان هناك:

حامل للراية، ومشاة، وفرسان، ورصد، واستخبارات.

* وكان هناك نظام دقيق لإدارة مصادر المال، من:

زكاة، وجِزْيَة، وغنائم، وخِرَاج.

* وتولّى بعض الصحابة مسؤوليّة استحصالها كـ:

خالد بن سعيد بن العاص، معاذ بن جبل، عدي بن حاتم، الزبرقان بن بدر، عمر بن الخطّاب، الأرقم بن أبي الأرقم، كافية بن سبع، حذيفة بن اليمان، كهل بن مالك، خالد بن برصاء، خزيمة بن عاصم، رافع بن مكيت، سهل بن منجاب، عكرمة بن أبي جهل، مالك بن نويرة، متمم بن نويرة، ومرداس بن مالك (3) .

* كما تولّى الصدقات:

الزبير بن العوّام، والجهم

____________________

(1) المصدر السابق: ص287.

(2) المصدر السابق: ص313 - 391.

(3) المصدر السابق: ص396 - 398.

٢٣

بن صلت، وحذيفة بن اليمان (1) .

* وكان أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل ممّن تولّوا استلام الجزية (2) .

وخلاصة القول:

أنّ مطالعة سيرة سيّدنا محمد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) تكشف عن جانب مشرق في هذا المضمار، فلم يكن رسول الله(صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مبلِّغاً للشريعة فحسب، بل مسؤولاً عن تنفيذها وعن التأسيس؛ لبناء مجتمع يقوم على قواعدها، وهي مهمّة معيّنة من لَدُن الله عزّ وجل، كما في قوله تعالى:

- ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ) (3) .

- ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) (4) .

- ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ ) (5) .

فإضافة إلى تبليغ الشريعة كان سيّدنا محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) مسؤولاً عن أُمّته في إدارة شؤونها وقيادتها.

قال تعالى:

- ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) (6) .

- ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) (7) .

____________________

(1) المصدر السابق: 398.

(2) المصدر السابق: 392.

(3) الأنعام: الآية 65.

(4) التوبة: الآية 73.

(5) النساء: الآية 105.

(6) الأحزاب: الآية 6.

(7) النساء: الآية 59.

٢٤

- ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ ) (1) .

- ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ ) (2) .

وهناك العديد من الآيات التي توجب طاعة النبي كطريق لطاعة الله سبحانه.

فطاعة الله تتجسّد في تنفيذ أحكامه والائتمار بأوامره، واجتناب نواهيه، ولمّا كان النبي هو مرجع المسلمين في التشريع والوحي، فطاعته واجبة، والانقياد إليه جزء من طاعة الله.

ومن هنا فإنّ النبي - إضافة إلى مهمّته في إبلاغ الشريعة - مسؤول عن تطبيقها في حياة الناس، وهو ما يتجلّى في إطار الحكومة والقيادة.

قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ) (3) .

وإنّ الإيمان بالله وطاعته يتجسّد في ما ترمي إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) (4) .

ونجد في حوادث فتح مكّة أنّ أبا سفيان قد امتلأ دهشةً وخوفاً وهو يراقب كتائب الجيش الإسلامي وهي تزحف باتّجاه مكّة، فهتف مأخوذاً وهو يخاطب العبّاس عمّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً. فقال العبّاس: وَيْحَكَ إنّها النبوّة (5) .

____________________

(1) الأنفال: الآية 47.

(2) النساء: الآية 64.

(3) الأحزاب: الآية 45.

(4) النساء: الآية 65.

(5) الكامل في التاريخ: ج2 ص246.

٢٥

* وبعد أنْ رحل رسول الله(ص):

لقد تضافرتْ النصوص لدى الشيعة والسُنّة على أنّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد استخلف عليّاً (عليه السلام) ونصّبه إماماً للناس، وقد ذكرنا آنفاً في الحديث المعروف بحديث الدار يوم نزلتْ الآية: ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) أنّ سيّدنا محمّداً (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال لعشيرته وهو يُشير إلى علي: (إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فِيْكُم فَاسْمَعُوا لَهُ وأَطِيْعُوا) (1) .

وفي غدير خم لدى عودة النبي من حجّة الوداع، قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وقد أخذ بِيَدِ علي(عليه السلام): (ألستُ أَولى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟

قالوا: بلى يا رسول الله.

فقال: مَنْ كُنْتُُ مَوْلاَهُ فَعَليٌ مَوْلاَهُ.

ثمّ قال: اللهم والِ مَنْ والاه وعادِ مَنْ عاداه).

فلقيه عمر بن الخطّاب فقال: هنيئاً لك يابن أبي طالب أصبحتَ مولى كلّ مؤمن ومؤمنة (2) .

وهناك نصوص كثيرة من هذا القبيل تُشير إلى خلافة علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأنّه قائد المسلمين بعد النبيّ(صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

ولمّا كان سيّدنا محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أولى بالمؤمنين من أنفسهم، واستشهد المسلمين بذلك، فقد جعل لعليّ بن أبي طالب ذات المسؤوليّة في الولاية، وقد أدرك عمر بن الخطّاب ذلك وهنّأ عليّاً قائلاً:

هنيئاً لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة

وقد أوردتْ بعض الأحاديث تفاصيل أُخرى حول ذلك تُشير إلى بيعة

____________________

(1) الكامل في التاريخ: ج2 ص63.

(2) ينابيع المودّة: ص297.

٢٦

العديد من الصحابة لعليّ في تلك المناسبة.

وبالطبع فإنّ البيعة لا تعني شيئاً غير الطاعة للقيادة، ليس في بيان الشريعة فحسب، بل في سائر ما كان يقوم به النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) من وظائف أُخرى، وما ينهض به من مسؤوليّات.

* كما أنّ مجموع الحوادث التي أعقبتْ رحيل الرسول الأكرم يُشير:

- إلى قيام مجموعة من الصحابة بالالتفاف على الخلافة.

- ومصادرة حقّ عَلِي فيها.

وليس امتناع علي عن البيعة - شهوراً - واحتجاجه واستنكاره إلاّ دليل على ذلك، ولقد كان الخلفاء لمّا استتبّتْ لهم الأُمور يراجعونه في كثير من المعضلات والمشاكل والأَزَمَات التي تعصف بالأُمّة الإسلاميّة.

وقد اعترف عمر بن الخطّاب بذلك أكثر من مرّة وأقرّ بأعلميّة علي، وطالما سُمع يردِّد:

(لَوْ لاَ عَلِي لَهَلَكَ عُمَر)

* وهتف عليٌّ في خِضَمّ تلك الحوادث المؤسفة: (الله الله يا معشر المهاجرين لا تُخرجوا سلطان محمّد في العرب من داره وقَعْر بيته، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقّه، فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أحقّ الناس به لأنّا أهل البيت ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم) (1) .

* وكتب علي (عليه السلام) إلى أخيه: (فقد قطعتْ قريش رحمي، وظاهرتْ عَلَيَّ وسلبتْني سلطان ابن عمّي) (2) .

ولو كان الأمر غير ذلك، فكيف نفسّر الحوادث التي أعقبتْ وفاة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، ومواقف علي وفاطمة(عليهما السلام) وبعض الصحابة.

____________________

(1) الإمامة والسياسة: ج1 ص12.

(2) المصدر السابق: ص55.

٢٧

وعندما انتخبتْه الجماهيرُ للخلافة بعد خمسة وعشرين سنة من الإقصاء، نهض بمسؤوليّاته في الحكم والإدارة ، فنصّب وُلاة جدداً، ونصّب قضاة آخرين، وعبّأ قوّاته لإعادة النظام والاستقرار للبلاد.

* وقال في إحدى المناسبات: وقد قال قائل إنّك على هذا الأمر يا بن أبي طالب لحريص، فقلت: (بل أنتم لأحرص وأبعد، وأنا أخصّ وأقرب، وإنّما طلبتُ حقّاً لي وأنتم تحولون بيني وبينه، وتضربون وجهي دونه، فلمّا قَرَعْتُهُ بالحجّة في الملأ الحاضرين هبّ كأنّه بُهِتَ لا يدري ما يُجيبني به) (1) .

ولم تكن حرب الجمل سوى اعتراض من طلحة والزبير على حكومة عَلِي التي لم تنسجم ومصالحهما، وقد قال طلحة قبل اشتعال المعركة:

فاعتزل هذا الأمر ونجعله شورى بين المسلمين (2) .

كما لم يكن تمرّد معاوية هو الآخر إلاّ من أجل ذلك، ولقد كان صراع معاوية مع علي؛ لأنّ الأوّل كان يتشبّث بالحكم والزعامة، وكان علي يريد تنفيذ حكم الله في الأرض وتطبيق الشريعة الإسلاميّة.

وكما استخلف النبي(صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عليّاً ونصّبه إماماً للناس، فقد قام علي(عليه السلام) باستخلاف ابنه الحسن سبط النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ليقوم مقامه، ولقد بايع الكوفيّون حفيد الرسول قائداً وخليفة، واستمرّ عصيان معاوية واعتراضه على حكومة الحسن (عليه السلام)، لا لأنّ الحسن أمين على الشريعة وداعٍ للصلاة، فليس لمعاوية شأن بالصلاة؛ بل لأنّ الحسن كان حاكماً ومسؤولاً أعلى في الحكومة الإسلاميّة.

____________________

(1) نهج البلاغة: ج1 ص37.

(2) الإمامة والسياسة: ج1 ص75.

٢٨

وقد استخلف الحسن (عليه السلام) أخاه الحسين في ميراث الإمامة. وبالرغم من عدم تسنّم الإمام للخلافة واستشهاده في كربلاء، إلاّ أنّه يُعَدّ الإمام الثالث والخليفة الثالث لرسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فيما يظلّ معاوية ويزيد مجرّد غاصبَين للحق.

* قال الإمام الحسين مخاطباً معاوية:

(ورأيتُك عرضتَ بنا بعد هذا الأمر ومَنَعْتَنَا عن آبائنا تُراثاً، ولقد - لعمر الله - أَوْرَثَنَا الرسولُ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ولادة) (1) .

* كما خاطب الجيش الذي اعترض طريقه في كربلاء:

(أمّا بعد أيُّها الناس فإنّكم إنْ تتَّقوا الله وتعرفوا الحقّ لأهله يكن أرضى لله، ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجَور والعدوان) (2) .

وعن داود بن فرقد، قال: قلتُ لأبي عبد الله (عليه السلام) قول الله عزّ وجلّ: ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ) فقد أتى الله بني أُميّة الملك.

فقال: (ليس حيث يذهب الناس إليه، إنّ الله آتانا الملك وأخذَه بنو أُميّة، بمنزلة الرجل يكون له الثوب ويأخذه الآخر، فليس هو للذي أخذه) (3) .

واستناداً إلى هذا كان لهم الحق في التصرّف في أموال الخمس والزكاة.

ومن هنا نُدرك أنّ قيادة المعصوم هي من الصميم في الدين، وجزء لا يتجزّأ من رسالة الأنبياء، وهو أمر يتعدّى أهليّتهم لذلك إلى اعتباره تكليفاً إلهيّاً.

____________________

(1) الإمامة والسياسة: ج1 ص186.

(2) الكامل في التاريخ: ج4 ص47.

(3) روضة الكافي: ص222 / بحار الأنوار: ج3 ص288.

٢٩

وما أسمى أنْ ينتخب الله إنساناً معصوماً؛ ليكون عالماً بالشريعة أميناً عليها مسدَّداً من لدنْه في تنفيذ أحكام السماء.

* وفي زمن الغيبة:

إنّ مسألة القيادة والحكم ظاهرة عريقة في حياة البشريّة، ومن ضرورات الحياة الاجتماعيّة، ولا يشكّ في ذلك عاقل، وبدون نظام للحكم وللإدارة تعمّ الفوضى ويختلط الحابل بالنابل.

وإنّ وجود فرد أو أفراد في قمّة الهَرَم الاجتماعي لقيادة الحياة اجتماعيّاً - وتكون مهمّتهم إقامة العدل ومنع العدوان وكفالة الحقوق العامّة - أمر في غاية الضرورة، ومسألة بديهيّة لا تحتاج إلى جَدَل.

وبالطبع، فإنّ الإسلام لم يؤيّد هذه الظاهرة العقلائيّة في الحياة الإنسانيّة فحسب، بل إنّه جعل من النبي واثني عشر إماماً - من أهل بيته - قادة للمسلمين، وأوجب طاعتهم على الجميع.

ولقد بلغتْ هذه المسألة درجة من الأهمِّيَّة البالغة لا يمكن إهمالها في كلّ العصور وفي كلّ الظروف، حتّى لو لم تبلغ الأُمّة درجة من الوعي الذي يجعلها على قناعة بذلك، فإنّ قائداً كهذا يبقى على قوّته ومتانته لإقامة العدل، وبناء نظام يقوم على معادلة الحق والواجب المتبادل بين أفراد المجتمع.

وحتّى في غياب المعصوم أو الإمام، فإنّ مسألة إقامة النظام الإسلامي مهمّة عامّة تتطلّب من الأُمّة الاستجابة لها كتكليفٍ إلهي، وانتخاب الفرد الصالح الذي ينطوي على مقوّمات القيادة.

قال تعالى: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَّاتَ أَوْ

٣٠

قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ) (1) .

وقد نزلتْ هذه الآية في معركة أُحد عندما تعرّض المسلمون إلى هجوم عنيف شنّه فرسان المشركين في عمليّة التفاف، إثر عصيان الرُمَاة لتعليمات النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وترك مواقعهم في جبل (عينين) ، وقد أُشيع وَقْتَهَا بأنّ محمّداً (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد قُتل، وسرعان ما فعلتْ هذه الشائعة فِعْلها الخطير في نفوس المسلمين، الذين بدأوا فرارهم من ساحة المعركة ولولا صمود بعض الصحابة والتفافهم حول الرسول لَقُتِل (صلوات الله عليه وآله).

وشيئاً فشيئاً عادتْ للمسلمين ثقتهم، وبدأوا تجمّعهم حول النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بعد أنْ تبيّن لهم كذب الشائعات.

وقد نزلتْ هذه الآية في تلك الظروف العصيبة تخاطب المسلمين، وتستنكر هزيمتهم وتخلّيهم عن الرسالة، فهل يكون قتل النبي أو وفاته مدعاة للانقلاب والتقهقر؟

وفي هذه الآية تأكيد على حفظ النظام الاجتماعي باعتباره ضرورة عقليّة، وبالتالي استمرار الجهاد حتّى في غياب النبي(صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

ولقد كانت مسألة الحكومة من البديهيّات لدى المسلمين، وهذا ما ظهر جليّاً في الجدل الذي احتدَّ في سقيفة بني ساعدة، عشيّة دَفْن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) حول مسألة الخلافة.

فقد قال الأنصار: فينا الإمارة.

وقال المهاجرون: مثل قولهم.

وقال الأنصار: منّا أمير ومنكم أمير.

وقال المهاجرون: نحن الأُمراء وأنتم الوزراء!

____________________

(1) آل عمران: الآية 144.

٣١

ولكنّ أحداً لم يتفوّه أبداً ليقول: لا ضرورة للخلافة وإنّ الحياة الاجتماعيّة لا تتطلّب ذلك، ولم يقل علي والصحابة الذين امتنعوا عن البيعة إنّه لا ضرورة للخليفة، بل قال: إنّ الخلافة حقّه وميراثه من الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، الذي جعله وصيّاً وخليفة له من بعده، وكان هذا رأي بعض الصحابة الذين وقفوا إلى جانبه في محنته.

ولم يقف علي(عليه السلام) بعد ذلك موقفاً سلبيّاً من جهاز الخلافة طيلة حياته، بل تعاون معهم بالقدر الذي يدعم الوجود الإسلامي ويرسّخه في الحياة، ولم يسعَ إلى إضعاف مركزهم، وكان يدعم مواقفهم أحياناً، وكانت له مواقفه المشهودة في الأزمات العاصفة، وقد اشترك ابناه الحسن والحسين(عليهما السلام) في حروب الفتح الإسلامي .

والتاريخ يذكر مقولته المشهورة عندما رفع الخوارجُ شعارَهم الخطير (لا حكم إلاّ لله) فقال:

(كلمةُ حقٍّ يُرَادُ بِها باطل. نعم، إنّه لا حُكْمَ إلاّ لله، ولكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلاّ لله، وأنّه لا بدّ للناس من أمير بَرِّ أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر ويبلغ الله فيها الأجل ويجمع به الفيء، ويقاتل به العدوّ، وتَأْمَن به السُبُل ويُؤْخَذ به للضعيف من القوي، حتّى يستريح برّ ويُستراح مِن فاجر) (1) .

وفي الختام ينبغي القول إنّ مسألة الحكم الإسلامي وتشكيل الدولة الإسلاميّة أمرٌ لا ينحصر بفترة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وحياته الشريفة، بل إنّ ضرورة استمرارها وإقامتها يستوعب جميع العصور، حتّى في زمن غياب المعصوم (عليه السلام).

____________________

(1) نهج البلاغة: الخطبة 40.

٣٢

وإنّ مسألة القيادة والزعامة من حتميّات الإسلام، وإنّها احتلّتْ مركزاً حسّاساً بالغ الأهمِّيَّة، بحيث يكون القائد فرداً معصوماً من الخطأ مطهَّراً من الذنوب.

ومن هنا، فإنّ الذين يعتقدون بضرورة القيادة كواجب ديني مقدّس وتكليف الهي أكيد لا بدّ وأنْ يُوْلُوْهَا أهمِّيَّة فائقة، فإنْ وُجِدَ المعصوم فهو، وإلاّ توجّب السعي الحثيث من أجل انتخاب الفرد الصالح، الذي يتمتّع بمقوّمات القيادة ونيابة المعصوم في ذلك.

ومن المثير للدهشة أنّ الأُمّة التي تعتقد بضرورة القيادة كواجب ديني مقدّس نراها تُهْمِل عمليّاً هذا الجانب الحياتي، بل وتتحفّظ من الذين يتدخّلون فيها!

وتعتقد الأُمّة أنّ منزلة القيادة تبلغ من حسّاسيّتها درجة لا تَرى سوى المعصوم فرداً يمكنه أنْ يشغلها، ومع كلّ هذا نجدها لا تكترث أبداً في حياتها العمليّة، وفي حالة غياب المعصوم في أمر يتوقّف عليه مصيرها ومصير الرسالة التي تؤمِن بها.

قم      

إبراهيم الأميني  

خريف 1350 هـ. ش

٣٣

٣٤

الفصل الأوّل

الإمامة

٣٥

٣٦

ما هي الإمامة؟

* تعني الإمامة في اللغة:

القيادة والريادة، فكلّ من اتّبعتْه فئةٌ من الناس في فِكْره وَعَمَلِهِ كان إماماً لها.

وإمام الجماعة: من اقتدى به المأمومُ في الصلاة، وتابعه في حركاته وسكناته، وجعله مِعْرَاجاً له في رحلته الروحيّة تلك.

* وقد يكون الإمام إماماً لـ:

- مجموعة أو فئة من الناس.

- وربّما كان لعامّة الأُمّة.

- وربّما اقتصرت إمامته على عمل محدّد.

- وربّما كانت مطلقة شاملة.

- وقد يكون الإمام إماماً للناس في شؤونهم الاجتماعيّة فقط أو السياسيّة.

- وربّما اقتصرتْ إمامتُه لهم في الأخلاق فقط.

أمّا الإمام - مطلقاً - فلا تُطْلَق على أحد إلاّ إذا كان مرجعاً عامّاً للناس جميعاً في كلّ شأن من شؤون الرسالة، فهو الأمين على الشريعة، والمسؤول الأوّل عن تنفيذ أحكام الله، وهو الذي يقتدي به الناسُ في كلّ شؤونهم السياسيّة والاجتماعيّة، فَعَنْهُ يأخذون ومنه يصدرون، وهو قائد الأُمّة يقودها كما تُريد السماء، يطبّق أحكام الدين ويُقيم بناء الإسلام، ويدعو الناس إلى ذلك.

وخلاصة القول: إنّه الفرد الذي يجسّد مَثَل الدين، ويسير في هُداه على

٣٧

صراطه المستقيم، وهذا هو الإمام. إنّه يسير إلى الله، ويدعو الناس إلى اقتفاء إثره والسير على خُطاه. ومن هنا وجبتْ له الطاعة والإقتداء بأفكاره وأعماله وسيرته.

فالإمام مَنْ تتحقّق فيه مصاديق الإمامة، ولا تُطلق على مَن يكتفي بدعوة الناس كلاماً ما لم يجسّد ما يدعو إليه في حياته الشخصيّة، وعندها يكون إماماً في القول والعمل.

وانطلاقاً من كلّ هذا، يمكن القول: إنّ الإمامة هي الرئاسة العامّة في كلّ شؤون الدين والدنيا.

* ومن هنا يتّضح أنّ مفهوم الإمامة لدى أهل السُنّة وبعض الشيعة يبقى ناقصاً ومتخلِّفاً عن معناها الحقيقي في اللغة:

- فهي مثلاً في رأي البعض: خلافة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وحفظ الدين وحوزة المسلمين.

- وهي في رأي آخر: الرئاسة العامّة في أُمور الدين والدنيا (1) .

- وفي رأي ابن خلدون: أنّ الخلافة نيابة صاحب الشريعة في حفظ الدين وسياسة الدنيا، فيُقال لِمَن تصدّى إلى ذلك إماماً أو خليفة (2) .

- أو هي عبارة عن: الرئاسة العامّة الإلهيّة، ونيابة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في شؤون الدين والدنيا (3) .

وكلّ هذه التعريفات لا تنهض بحقيقة معنى الإمامة، بشموليّتها المطلَقة واستيعابها للأُمّة. وقصارى القول إنّها تكشف عن جانب منها لا أكثر.

____________________

(1) المواقف: طبعة القسطنطينيّة 1239هـ ص603.

(2) مقدّمة ابن خلدون: ص191.

(3) كفاية الموحّدين: ج2.

٣٨

الخلافة والإمامة:

* تعني الخلافة:

نيابة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عند غيابه في إدارة شؤون المسلمين، ويجعل أغلب علماء السُنّة الخلافة بمنزلة الإمامة، والخليفة إمام كما أنّ الإمام خليفة.

يقول ابن خلدون:

(وقد بيّنا حقيقة هذا المذهب نيابة عن صاحب الشريعة في حفظ الدين وسياسة الدنيا به تسمّى خلافة وإمامة، والقائم به خليفة وإماماً، فأمّا تسميته إماماً فتشبيهاً بإمام الصلاة في اتّباعه والاقتداء به) (1) .

وبالطبع فإنّ هذا لا يستوعب بشكل كامل معنى الإمامة بأبعادها الحقيقيّة.

فالإمام:

مَن يُجسّد عملُه قولَه، لا أنْ ينوب أحدُهم النبيَّ في إدارة أُمور المسلمين عند غيابه حتّى لو لم يطابق قولُه عملَه؛ لأنّ الخلافة تعني نيابة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

ونحن لا نبحث هنا شروط الخلافة ومواصفات الخليفة، بقدر ما نريد أنْ نحدّد معنى الإمامة والخلافة.

وعلى هذا فإنّ الخلافة والإمامة تختلفان في المعنى، فقد يتحقّق معناهما في فرد ما، فمثلاً لو انتخب النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) صحابيّاً ما وجعله خليفة له وسلّمه زمام الأُمور سياسيّاً واجتماعيّاً في الحفاظ على الشريعة والدين، فإنّ شخصاً كهذا سيكون إماماً وخليفة في آن واحد؛ لأنّه أمين على الشريعة ومنفّذ لها.

وربّما يصبح خليفة للنبي ولكنّه ليس بإمام، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى مخاطباً سيّدنا إبراهيم (عليه السلام):

____________________

(1) مقدّمة ابن خلدون: ص191.

٣٩

( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ) (1) ، فلقد كان نبيّاً ورسولاً.

كما أنّ فرداً ما قد تتحقّق فيه أحكام الشريعة وتتمثّل فيه الرسالة وكانت سيرته كما يرسمها الدين، ويقتدي به المؤمنون ويتّخذون مِن فعله وقوله وتقريره سُنّةً لهم، فيكون - ذلك الشخص - إماماً في الإطار اللغوي، ولكنّه ليس خليفة.

* وقد تكون خلافة أحدهم صادقة ولكن لا إمامة له، فمثلاً:

لو استخلف النبي صحابيّاً وأوكل إليه إنجاز سلسلة من الأعمال المحدّدة يقوم بها أثناء غيابه، فيمكن أنْ نسمّي هذا الشخص خليفة، ولكنّه ليس بإمام يقتدي به الناس في كلّ شؤونهم، ولو أنّ أفراد الأمة انتخبوا من بينهم فرداً يقوم مقام النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأوكلوا إليه إدارة الأُمور، فيمكنهم أنْ يسمّوه خليفة للنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وهو أمر ينسجم مع معطيات المعنى اللغوي لمفهوم الخلافة، ولكنْ أنْ يكون إماماً فلا؛ لأنّه لا يجسّد معاني الإمامة.

وعلى كلّ حال، فإنّ مصطلح الإمام إنّما يُطلق على شخص تكون له النيابة العامّة في قيادة الناس، ولا يوجد ما يقيّده في ذلك وعلى جميع المستويات.

قا ل الإمام الرضا معرّفاً الإمامة:

(هل يعرفون قدر الإمامة، ومحلّها من الأُمّة فيجوز فيها اختيارهم؟

إنّ الإمامة منزلة خصّ الله بها إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) بعد النبوّة والخلّة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره، فقال عزّ وجل:

( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ) .

قال الخليل مسروراً بها: ( وَمِن ذُرِّيَّتِي * قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) .

فأبطلتْ هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة، وأبقتها في الصفوة) (2) .

____________________

(1) البقرة: الآية 124.

(2) أصول الكافي: ج1 ص199.

٤٠