بنور فاطمة (ع)

بنور فاطمة (ع)0%

بنور فاطمة (ع) مؤلف:
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 276

بنور فاطمة (ع)

مؤلف: السيد عبد المنعم حسن
تصنيف:

الصفحات: 276
المشاهدات: 84930
تحميل: 5630

توضيحات:

بنور فاطمة (ع)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 276 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84930 / تحميل: 5630
الحجم الحجم الحجم

عاشرتني فقال علي (ع) معاذ الله! أنت أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفا من الله من أن أوبخك بمخالفتي وقد عز علي مفارقتك وفقدك إلا أنه أمر لا بد منه ، والله لقد جددت علي مصيبة رسول الله وقدعظمت وفاتك وفقدك فإنا لله وإنا إليه راجعون وبكيا جميعا ساعة ، وأخذ الإمام رأسها وضمها إلى صدره ثم قال :

أوصني بماشيء ت ، فإنك تجدينني وفيا أمضي لما أمرتني به وأختار أمرك على أمري. فقالت : جزاك الله عني خير الجزاء يا ابن عم ، أوصيك أولاً : أن تتزوج بابنة أختي أمامة ، فإنها تكون لولدي مثلي ، فإن الرجال لا بد لهم من النساء ثم قالت ، وأوصيك إذا قضيت نحبي فغسلني ولا تكشف عني فإني طاهرة مطهرة وحنطني بفاضل حنوط أبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصل علي ، وليصل معك الأدنى فالأدنى من أهل بيتي وادفني ليلا لا نهارا إذا هدأت العيون ونامت الأبصار ، وسرا لا جهارا وعف موضع قبري ولا تشهد جنازتي أحدا ممن ظلمني.

لقد أرادت الزهراء (ع) مواصلة الجهاد بعد مماتها فكانت وصيتها الاعلان الأخير لموقفها الصامد والمستمر من وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وحتى مرضها وتريده باقيا إلى ما شاء الله تدفن بنت المصطفى سرا. ليلا لا يصلي عليها إلا أهل بيتها والمخلصون لهم!!.

في لحظاتها الأخيرة طلبت ثيابا جديدة ثم دعت سلمى امرأة أبي رافع وقالت لها هيئي لي ماء وطلبت منها أن تسكب لها الماء وهي تغتسل ثم لبست ملابسها الجديدة وأمرت أن يقدم سريرها إلى وسط البيت واستلقت عليه مستقبلة القبلة وقالت إني مقبوضة الآن ، فلا يكشفني أحد.

تقول أسماء بنت عميس : لما دخلت فاطمة البيت انتظرتها هنيئة ثم ناديتها

١٢١

فلم تجب فناديت : يا بنت محمد المصطفى ، يا بنت أكرم من حملته النسا ، يا بنت خير من وطأ الحصى ، يا بنت من كان من ربه قاب قوسين أو أدنى ، فلم تجب ، فدخلت البيت وكشفت الرداء عنها فإذا بها قد قضت نحبها شهيدة صابرة مظلومة محتسبة ما بين المغرب والعشاء فوقعت عليها أقبلها ، وأقول يا فاطمة إذا قدمت على أبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله فأقرئيه مني السلام. فبينا هي كذلك وإذا بالحسن والحسين دخلا الدار وعرفا أنها ميتة فوقع الحسن يقبلها ويقول : يا أماه كلميني قبل أن تفارق روحي بدني ، والحسين يقبل رجلها ويقول يا أماه أنا ابنك الحسين ، كلميني قبل أن ينصدع قلبي فأموت. ثم خرجا إلى المسجد وأعلما أباهما بشهادة أمهما فأقبل أمير المؤمنين إلى المنزل وهو يقول : بمن العزاء يا بنت محمد؟ وقال : (اللهم إنها قد أوحشت فآنسها ، وهجرت فصلها ، وظلمت فاحكم لها يا أحكم الحاكمين).

وخرجت أم كلثوم متجللة برداء وهي تصيح : يا أبتاه يا رسول الله الآن حقا فقدناك فقدا لا لقاء بعده ، وكثر الصراخ في المدينة على ابنة رسول الله ، واجتمع الناس ينتظرون خروج الجنازة ، فخرج إليهم أبو ذر وقال : انصرفوا إن ابنة رسول الله أخر إخراجها هذه العشية.

وأخذ أمير المؤمنين في غسلها ، وعلل ذلك حفيدها الإمام الصادق (ع) يقول : إنها صديقة فلا يغسلها إلا صديق كما أن مريم لم يغسلها إلا عيسى (ع) ، وقال (ع) : إن عليا أفاض عليها من الماء ثلاثا وخمسا وجعل في الخامسة شيئا من الكافور ، وكان يقول : اللهم إنها أمتك وبنت رسولك وخيرتك من خلقك ، اللهم لقنها حجتها ، وأعظم برهانها وأعل درجتها ، وأجمع بينها وبين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وحنطها من فاضل حنوط رسول الله الذي جاء به جبرائيل إذ أخبرهما

١٢٢

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سابقا : يا علي ويا فاطمة هذا حنوط من الجنة دفعه إلي جبرئيل وهو يقرئكما السلام ويقول لكما اقسماه واعزلا منه لي ولكما ، فقالت فاطمة : ثلثه لك والباقي ينظر فيه علي (ع) فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وضمها إليه وقال : إنك موفقة رشيدة مهدية ملهمة ، يا علي قل في الباقي ، فقال : نصف منه لها ، والنصف لمن ترى يا رسول الله قال هو لك.

وكفنها في سبعة أثواب ، وقبل أن يعقد الرداء عليها نادى : يا أم كلثوم ، يا زينب ، يا فضة ، يا حسن ، يا حسين ، هلموا وتزودوا من أمكم الزهراء ، فهذا الفراق واللقاء الجنة.

حقا إنها لحظات وداع لشمعة انطفأت وطالما احترقت لتنير للآخرين ما أعظم الرزية وما أجل المصيبة.

أقبل الحسنان (ع) يقولان : واحسرة لا تنطفئ من فقد جدنا محمد المصطفى وأمنا الزهراء؟ إذا لقيت جدنا فأقرئيه منا السلام وقولي له : إنا بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا.

قال أمير المؤمنين (ع) وإذا بهاتف من السماء ينادي يا أبا الحسن ارفعهما عنها ، فلقد أبكيا والله ملائكة السماء فرفعهما عنها وعقد الرداء عليها.

وجاءت أهم اللحظات لحظة تنفيذ بند الوصية المهم ذلك البند الذي سيظل شاهدا على موقف الزهراء إلى القيامة. إنها لحظات الدفن التي يجب أن تكون سرا وقبلها الصلاة على الجنازة الذي كان محددا فيها ألا يكون فيه شخص ممن ظلم الزهراء. هكذا كانت الوصية.

جن الليل نامت العيون وهدأت الأبصار. وجاء في جوف الليل نفر قليل من الهاشميين ومن المحبين الذين وقفوا مع علي وفاطمة موقفا إيجابيا وهم سلمان

١٢٣

وأبو ذر والمقداد وعمار ، صلى عليها الإمام علي (ع) ومعه هذه العصبة القليلة المباركة ثم دفنها ولما وضعها في اللحد قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله محمد بن عبد الله ، سلمتك أيتها الصديقة إلى من هو أولى بك مني ، ورضيت لك بما رضي الله لك. ثم قرأ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ) .

ثم إنه (ع) سوى في البقيع سبع قبور ، أو أربعين قبرا لكي يضيع بينها قبر الزهراء (ع) ، ولما عرف شيوخ المدينة دفنها ، وفي البقيع قبور جدد أشكل عليهم الأمر فقالوا : هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور لنخرجها ونصلي عليها ، فبلغ ذلك عليا (ع) فخرج مغضبا عليه قباؤه الأصفر الذي يلبسه عند الكريهة وبيده ذو الفقار ، وهو يقسم بالله لئن حول من القبور حجر ليضعن السيف فيهم ، فتلقاه عمر ومعه جماعة فقال له : ما لك ، والله يا أبا الحسن لننبشن قبرها ونصلي عليها.

فقال علي (ع) وهو غاضب : أما حقي فتركته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم ، وأما قبر فاطمة فوالذي نفسي بيده لئن حول منه حجر لأسقين الأرض من دمائكم ، فتفرق الناس(١) .

وأسدل الستار عن أول محطة سقطت الأمة في امتحانها ، وغادرت الزهراء مشتاقة للقاء ربها وأبيها ذهبت وهي تحمل جراحات مثخنة وآلاما عظاما انتقلت لتشكو إلى الله سبحانه وتعالى ليحكم لها على من ظلمها وتركت لنا أعلام هداية ومنارات فرقان رحلت وخلفت فينا سرها. سرها الذي دفن في قبرها الذي دفنت فيه سرا. إنه سر سهل ممتنع لا تطوله كل العقول ولا يمتنع

ــــــــــــــــ

(١) ـ فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى أحمد الهمداني.

١٢٤

عن جميع العقول ، سر لا يطوله إلا من أشرق في قلبه نور فاطمة وارتشف من ضياه عقله فانفتح على الحق والخير ونفر من الظلم والانحراف.

ورغم أنني تجرعت كأس ألمها إلا أنه بالنسبة لي كان ممزوجا بالحلاوة. شربت منه فأشرقت لي فاطمة بنورها فكانت الدليل إلى الصراط المستقيم. وما أعظم شأنها.

حقا إنها فاطمة بنت محمد زوج علي.

الزهراء صرخة مدوية عبر التاريخ

لقد انتقلت الزهراء (ع) إلى بارئها هناك حيث جنة عرضها السماوات والأرض تنتظر يوم القيامة يوم الحساب ولكنها تركت صرخة تجلجل وتدوي لتحرك الضمائر الميتة وتهز الوجدان وتنفض غبار الغفلة والشهوات والتكبر عن العقول صرخة ألم ولوعة أما صرخة الألم فهو نتاج ما لحقها من أذى وضرب وإسقاط جنين وأما اللوعة فهي مما اقترفته الأمة تجاه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ورسالته التي لم تحفظ لقد غادرت الزهراء وتركت سهمين في صدر التاريخ ينزفان دما الأول انتقالها وهي لم تكمل عقدها الثاني أما الآخر فهو دفنها ليلا سرا حتى أن قبرها الذي تهفو إليه قلوب الملايين لا يعرف له موضع حسرة وما أعظمها من حسرة إنها إشارة الزهراء لننطلق في تلمس الحقائق ، ثمانية عشر ربيعا فقط وكانت أول أهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله لحوقا به ترى لماذا صحيح أن الموت حق على كل العباد ولكن ألا يقفز إلى الذهن السؤال عن سبب الموت؟ كلنا عندما نفقد عزيزا في ريعان شبابه ويأتينا الخبر بموته نسأل مباشرة وكيف مات؟! وهذا ما يريده الله عز وجل منا لنصل إلى عمق المأساة ، سؤال فطري ما الذي جعل الزهراء (ع) تنتقل بهذه السرعة

١٢٥

وغيرها يمتد به العمر إلى ما شاء الله وعندما نسأل أنفسنا هذه الأسئلة سنكتشف الحقيقة أولاً حزنا على فقد الحبيب المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم على غصب الحقوق ثم اعتداء وضرب وإسقاط الحقوق حقوقها وحقوق زوجها وأبنائها وحقوق الأمة الإسلامية ويتوج ذلك كله الاعتداء الصارخ بالإحراق والضرب والرفس ومن ثم إسقاط المحسن ألا يكفي هذا لأن تهد الجبال هدا إن الزهراء (ع) قاست كل ذلك لا لكي تجني فائدة شخصية ولكن لتثبيت دعائم الإسلام هكذا يريد الله تعالى أن يكشف لنا عن الحقائق عبر حياة أوليائه.

والسهم الآخر دفنها سرا إن الزهراء (ع) بنت النبوة ربيبة الوحي تخدم الرسالة حية وميتة لقد أمرت ألا يصلي عليها رمز الشرعية في السقيفة وأن تدفن ليلا سرا حتى لا يعلم قبرها فيبقى التساؤل عن سر ذلك قائما حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا كل الشخصيات الهامة ، وكل الصالحين نعرف قبورهم ويقصدها من يقصدها إلا الصديقة الطاهرة أم أبيها ترى لماذا؟!! إنها أيضا رسالة الرسالة لمن يؤمن بالرسالة وذكرى لقوم يعقلون.

١٢٦

الفصل الخامس

الإمامة والخلافة

١٢٧

١٢٨

تمهيد :

لم أكن أتصور بأنني سأجد هذا الزخم الهائل من الأحاديث والآيات التي تؤيد وتدعم دعوى الشيعة. فبعد حواري مع ابن عمي ، والذي أخذ منحى آخر معي متوخيا الحذر بعد أن علمت بظلامة الزهراء (ع) أعطاني ثلاثة كتب قرأتها ، كان الأول لدكتور أعلن ولاءه لأئمة أهل البيت (ع) بعد أن كان من علماء أهل السنة والجماعة ، والكتاب الثاني المراجعات وهو مناظرة قيمة جرت بين عالم شيعي وهو السيد عبد الحسين شرف الدين وآخر سني كان زعيما للأزهر الشريف هو الشيخ سليم البشري ، وكتاب آخر عن تأريخ الشيعة وظلم الحكام لهم على امتداد التاريخ ، وحقا كان لكتاب ثم اهتديت للدكتور التيجاني السماوي الدور الأكبر في تحفيزي للبحث كما أنه كان دافعا لقراءة كتاب المراجعات بدقة وعناية ولا أظنني سأجد كتابا على أديم الأرض أكثر قوة وحجة ومنطقا من كتاب المراجعات الذي أماط اللثام وأبطل كل حجج الشيخ البشري بأدب ووقار.

وأذكر ذات يوم أن أحد الأشخاص استعار كتاب المراجعات من أحد الأصدقاء وبعد فترة وجيزة جاء بالكتاب وهو يقول ـ محأولاً الاستهزاء به كردة فعل طبيعية إنه مختلق وإن هذه المناظرة أساسا لم تقم ، فأجابه الأخ : ـ يا شيخنا فلنفرض جدلا أن هذه المناظرة لم تكن ، وأن هذه الشخصيات لا وجود لها في الحقيقة ما رأيك فيما ورد في الكتاب من الأدلة ، نحن كلامنا ليس حول الشخصيات وما يهمنا محتوى الكتاب إذا كنت تملك ردا عليه فتفضل( هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) وإلا فالزم الصمت فصمت صاحبنا. والحال إننا نثق بأن هذه المناظرة والحوار بين السيد عبد الحسين والشيخ سليم حدثت حقيقة ،

١٢٩

والشخصيتان علمان بارزان في سماء الأوساط الدينية عند الشيعة والسنة.

وسوف أقدم مجموعة من الأدلة تأخذ بأعناقناشيء نا أم أبينا إلى اتباع أهل البيت (ع) والاقتداء بهم دون غيرهم من الخلق لأنهم خلفاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإن الهدى في اتباعهم وأخذ الدين منهم وموالاتهم وإن الضلالة في موالاة غيرهم ولن آتي بدليل من خارج الكتب المعتمدة لدى أهل السنة والجماعة حتى نلزمهم بما ألزموا به أنفسهم.

وموضوع بحثنا كما هو واضح الإمامة والخلافة التي قيل فيها : لم يسل سيف في الإسلام كما سل في الإمامة ، وهي جذر الخلاف القائم بين الشيعة والسنة ومن عندها تفرع حتى وصل إلى أصغر الجزئيات فهل الإمامة نص وتعيين أم هي شورى واختيار من قبل المحكومين؟.

بالشورى أم بالتعين ؟!

* مفهوم الشورى عند أهل السنة والجماعة غير واضح :

الحق إن الكلام حول خلافة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير واضح عند الإخوة أهل السنة فتارة يقولون بالشورى وأخرى يعطون الشرعية للنص ، ومع ذلك لا نجد مستندا شرعيا ولا دليلا يؤيد دعواهم ، وقد تمسكوا بآيتين وردتا في القرآن الكريم اشتبه على القوم سبيل فهمهما كما سنبين.

ولم نجد عندهم مفهوما واضحا للشورى ولا حدودا ولا تفاصيل سواء من القرآن أو السنة ، لأن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله انتقل إلى الرفيق الأعلى

١٣٠

ولم يوضح شيئا ـ كما يظنون ـ عن أخطر فتنة يمكن أن تتعرض لها الأمة وهي الخلافة بحسب منهجهم ، وهو الذي يحمل على عاتقه تبليغ خاتمة الرسالات ولم يترك فيها كبيرة ولا صغيرة يحتاجها الناس إلا وبينها لهم حتى أحكام التخلي فكيف بقيادة الأمة ونظام الحكم في الإسلام؟ بل إن القول في الشورى عندهم عبارة عن اجتهادات لعلماء رسموا مفهومها الديني بناء على ما جرت عليه الأحداث ، فقالوا يجوز لولي الأمر أن يعين خليفته كما فعل أبو بكر ، ويمكن أن تنعقد البيعة لأحدهم بمبايعة فرد واحدكما بايع العباس عليا بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وكما بايع عمر أبا بكر ، ومنهم من قال إن الشورى تنعقد بأهل الحل والعقد ولكن دون توضيح من هم أهل الحل والعقد ومن الذي يعينهم ، وبعضهم جمع بين كل ذلك وتاه في ظلمات بعضها فوق بعض وكل ذلك تقول على الدين لا يؤيده دليل عقلي ولا نقلي اللهم إلا الآيتان الشريفتان وهما أجنبيتان عن المقام ولا يمكن تثبيت هذه الشورى المزعومة بهما.

الآية الأولى :

قوله سبحانه وتعالى :( وشاورهم في الأمر ، فإذا عزمت فتوكل على الله ) (سورة آل عمران : آية / ١٥٩).

استدلوا بهذه الآية على أصل الشورى وقالوا إن الخلافة والإمامة بالشورى في حين أن الآية واضحة في خلاف مرادهم إذ أنها تخاطب الحاكم الذي استقرت حكومته وتوجهه لمشاورة الرعية لأنه هو الذي يشاور ، ونفس الآية تشير إلى أن هنالك ثمة رئيس (حاكم) بعد أن يمحص الآراء والأفكار يأخذ بالنافع منها ثم يعزم هو على ما ارتآه بعد المشاورة متوكلا على الله كذلك تبين الآية أن الأمر هنا غير الحكومة ، فبدون الحاكم لا وجود للشورى لأنها تحتاج إلى حاكم يكون قيما عليها ليعزم ويتوكل على الله ، وبناء على هذه الآية

١٣١

لا تتم الشورى إلا بولي الأمر الذي يفصل في موضوعها ، وعلى ذلك لا دلالة للآية على الشورى التي بها يتم اختيار ولي الأمر لأن وجوده مكمل لنفس الشورى ، ويتوقف اختياره على وجوده ضمن الجماعة المكونة للشورى ، وهذا يلزم الدور وهو باطل ، والدور يعني تثبيت وجودشيء بوجودشيء آخر يتوقف وجوده على وجود الشئ الأول مثل قضية الدجاجة والبيضة أيهما أول فالبيضة يتوقف وجودها على الدجاجة وكذلك الدجاجة وما أشبه!!

الآية الثانية :

قوله تعالى :( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ) (سورة الشورى : آية / ٣٨) إن الآية الكريمة حثت على الشورى فيما يمت إلى شؤون المؤمنين بصلة ، لا فيما هو خارج عن حوزة أمورهم ، أما كون تعيين الإمام داخلا في أمورهم فهو أول الكلام ، إذ لا ندري هل هو من شؤونهم أم من شؤون الله سبحانه وتعالى وعلى فرض أن ذلك من شؤونهم فمع هذا لا يصح الاستدلال بهذه الآية في موضوع تعيين الإمام والخليفة إذ لا يقال أنه يجوز قيام الشورى الشرعية دون ولي الأمر كما ذكرنا في الاستدلال بالآية السابقة ، والآية في الواقع عامة تولت تفصيلاتها آية( وشاورهم في الأمر ) أما الآية موضع البحث فقد جاءت تتحدث عن صفات المؤمنين والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحدهم بل أكملهم وأتقاهم وهو ولي الأمر المستقر له الوضع ، فلا يمكن أن لا تكون له كلمة الفصل ، وواضح من الآية أنها نزلت بلحاظ وجود ولي الأمر بينهم لا بعدم لحاظه ومن يدعي غير ذلك فعلية الإثبات.

إذا علمت ذلك نقول أنه بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

١٣٢

 إما كان هناك ولي أمر فلا داعي للشورى لتنصيبه ، وإما لم يكن فيحتاج إلى شورى شرعية حتى يتم تنصيبه. والشورى الشرعية تحتاج إلى ولي أمر قيم عليها يأخذ بالنافع بعد المشاورة ويعزم عليه وبدونه تكون الشورى غير شرعية فلا يلزم بها أحد من المسلمين.

وبناء على ذلك لا بد من النص على الإمام (ولي الأمر) وهذا ما يثبته التاريخ والعقل ومرويات الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والقرآن وفيها ما يشبعك.

* التعيين ضرورة :

جاء في سيرة ابن هشام.

لما دعا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بني عامر للإسلام وقد جاؤوا في موسم الحج إلى مكة قال رئيسهم : أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : الأمر لله ، يضعه حيث يشاء(١) .

لقد بين الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أن الأمر لله تعالى وهذا القرآن الذي نتلوه ليل نهار يؤكد ذلك أيضا بقوله تعالى :( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) (٢) . والاصطفاء الإلهي لحمل عب ء تبليغ الرسالة والحفاظ عليها سنة إلهية لن تتغير ولن تتبدل ، قال الله سبحانه وتعالى( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، ذرية بعضها من بعض والله

ــــــــــــــــ

(١) ـ السيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ٤٢٤.

(٢) ـ سورة الأنعام : آية / ١٢٤.

١٣٣

سميع عليم ) (١) ويقول جل وعلا( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) (٢) ، ويؤكد سبحانه وتعالى أن الأمر ليس بيد أحد مهما بلغ من الوعي فأضاف إلى نفسه تعالى الاختيار والجعل يقول تعالى( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ) (٣) ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) (٤) .

وهذا الجعل ليس بأمر الأمة بل بأمر الله (بأمرنا) ولا يعقل أن يكون الضمير في أمرنا شامل للأمة إذ ليست هي التي توحي إلى الأئمة فعل الخيرات وإقام الصلاة كما أن الأمة ليست هي المعبودة( وكانوا لنا عابدين ) ولا هي صاحبة الآيات( بآياتنا يوقنون ) .

وضرورة التعيين أمر يعلمه كل إنسان بوجدانه وعقله ، لضرورة وجود خليفة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقوم مقامه في كل واجباته ، ويكاد يكون ذلك من البديهيات وإلا أي ضمانة يمكن لها أن تحفظ لنا ديننا وتمثل بوصلة لبيان الانحراف الذي ربما يحدث بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كما حدث في الأمم السابقة؟ من الذي تركن إليه الأمة ليواصل مسيرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وكيف يتأتى للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أن ينتقل للرفيق الأعلى دون أن يعين خليفته؟ أمن العقل أن يترك أمر الخلافة والإمامة في أيدي الناس الذين قد تتغلب عليهم شهوة السلطة والزعامة؟ ذلك لأن طبيعة البشر

ــــــــــــــــ

(١) ـ سورة آل عمران : آية / ٣٣ ـ ٣٤.

(٢) ـ سورة فاطر : آية / ٣٢.

(٣) ـ سورة الأنبياء : آية / ٧٣.

(٤) ـ سورة السجدة : آية / ٢٤.

١٣٤

تهوي به إلى أسفل ولا يكفيها وجود شريعة محفوظة في الكتب ، بل لا بد من تجسيد تلك الشريعة في إنسان يتمتع بتفوق تشريعي (معصوم) يعطيه صلاحية تطبيق الشريعة على الناس (منصوص عليه) إذ لا بد لكل قانون من مطبق نافذ الكلمة وإلا عاد القانون حبرا على الورق(١) .

إن الخالق الذي من أجل كمال كل مخلوق وفر له الوسائل الضرورية وغيرها كي يعبر من حدود النقص والضعف إلى منازل الكمال ، كيف يمكن أن يستثني من ذلك القيادة بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والتي تعتبر عاملا مهما لرقي الإنسان معنويا وروحيا.

والتعيين أمر تنبه له أبو بكر عندما كتب وصيته التي نصب فيها عمر خليفة من بعده وأمر الناس بالسمع والطاعة له ومع أنه كان على فراش الموت عند كتابته لذلك إلا أن عمر كان حريصا على تنفيذ الوصية في حين أنه كان المعترض الأول على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عندما أراد كتابة وصيته وهو مريض وقال إنه يهجر ويقول أمير المؤمنين علي (ع) في شأن تعيين أبي بكر لعمر « فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما تشطرا ضرعيها ».

كما أن عائشة أقرت بضرورة التعيين عندما ضرب عمر وبقي على الفراش ينتظر الأجل المحتوم إذ أرسلت إليه أن أوص من يخلفك ولا تترك أمة محمد بعدك هملا. وبدون راع ، وأشار عبد الرحمن بن عوف على عمر بذلك أيضا.

والواقع العملي يثبت أن الخلفاء جاؤوا بالتنصيب وبلا شورى حتى شورى الستة كانت بالتعيين كما سترى.

ــــــــــــــــ

(١) ـ الفكر الإسلامي مواجهة حضارية ـ العلامة السيد محمد تقي المدرسي ص ٢٥٠.

١٣٥

 

* علي بن أبي طالب أول خليفة للنبي (ص) :

طفحت كتب أهل السنة والجماعة بالأحاديث التي تبين أن أهل البيت (ع) هم خلفاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وحملة دين الله بعده ، وغير المتمسك بهم ضال وذلك بإخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن اختيار الله تعالى لهم ، وسنرى من خلال ما نستدل به أن الأمر لا ينحصر في حبهم فقط والتبرك بهم إنما موالاتهم واتباعهم والتسليم لهم.

وكثيرا ما يقول لي البعض نحن نحب أهل البيت (ع) أقول إن حب أهل البيت (ع) مجردا عن ترتيب أثر على ذلك لا يجدي ، فحبهم يستتبع أن نسلك مسلكهم ونتبع منهجهم ونوالي أولياءهم هذا هو الحب يقول تعالى( إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) (سورة آل عمران : آية / ٣١) وأهل البيت (ع) هم حملة رسالة السماء وبهم يعرف الحق من الباطل والمتمسك بهم هو الملتزم بمنهجهم السائر على دربهم.

والإمام علي (ع) هو الإمام الأول والخليفة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ما توصلت إليه من خلال ما تواتر من الأحاديث حول تنصيبه إماما للأمة وعن أفضليته على جميع الصحابة ، رغم أن أعداءه أخفوا مناقبه حسدا وأخفاها شيعته خوفا إلا أنه ظهر من بين ذلك ما ملأ الخافقين يقول أحمد بن حنبل « ما جاء لأحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب »(١) ومع ذلك سأختار بعض الأحاديث التي تثبت له الولاية والخلافة :

ــــــــــــــــ

(١) ـ مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٠٧.

١٣٦

١ ـ حديث الغدير :

في حديث طويل أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد جمع الناس يوم غدير خم (موضع بين مكة والمدينة ـ الجحفة) وذلك بعد رجوعه من حجة الوداع وكان يوما صائفا حتى أن الرجل ليضع رداءه تحت قدميه من شدة الحر ، وجمع الرحال وصعد عليها وقال مخاطبا معاشر المسلمين : ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا :

بلى ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله.

إن حديث الغدير من أوضح أحاديث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بيانا وأعمقها دلالة وأقواها بلاغة ولقد أورده السيوطي في الدر المنثور في ذيل الآية( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) لبيان أن ولاية علي (ع) التي قرنها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بولايته هي امتداد لها وكما كانصلى‌الله‌عليه‌وآله أولى بالمؤمنين من أنفسهم كذلك علي بن أبي طالب ، مما يدل على أن النبي ما أراد الولاية بمعنى الحب إنما أرادها بمعنى الإمامة لوجود القرينة المقالية فقد بدأ الحديث بولاية نفسه على المؤمنين ثم قرنها بولاية علي فالولاية بمعنى الأولى من المؤمنين بأنفسهم.

هذا الحديث لا شبهة في صحته وهو من الأحاديث المتواترة التي لم يستطع علماء أهل السنة والجماعة رده فبحثوا له عن تخريج ومعنى يتناسب مع ما تهواه أنفسهم فاضطروا إلى تفسير الموالاة بمعنى الحب وهذا المعنى لا ينسجم ومفهوم الحديث القاضي بولايته وإمامته على الناس بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وخلافته له بصورة واضحة وجلية ، ولا يمكن لشخص يملك عقلا سليما ووجدانا صحيحا أن يقنع بقول علماء أهل السنة والجماعة ، فهم كأنما يقولون

١٣٧

أن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه هذه الأعداد الهائلة من الحجاج والذين يبلغ عددهم ما يقارب المائة وعشرين ألف أوقف من معه وأرسل في طلب من سبقه ليأتي راجعا وانتظر من كان بعده يوقفهم في تلك الصحراء والشمس تلفح الوجوه ليقول لهم أيها الناس أحبوا عليا فإنه ابن عمي وزوج ابنتي. أي أحمق هذا الذي يؤمن بهذا القول والله إنها لضحالة في التفكير وسذاجة في استعمال أساليب المكر والخداع وخبث ينم عن عداء حقيقي لعلي بن أبي طالب (ع).

وقد تتبع صاحب موسوعة « الغدير » العلامة الأميني رواة هذا الحديث من الصحابة فبلغ عددهم « ١١٠ صحابي » فيهم أبو هريرة وأسامة بن زيد وأبي بن كعب وجابر بن عبد الله والزبير بن العوام وزيد بن الأرقم وغيرهم »(١) ومن التابعين بلغ عدد الرواة (٨٤) ولم يترك حتى العلماء في القرون الأولى وكذلك الشعراء(٢) .

ولقد أورد الحديث أحمد بن حنبل في مسنده وأضاف فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئا يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة(٣) .

كما أورده الحاكم في مستدركه ج ٣ ص ١١٠ وقال عنه صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

ولأهمية أمر الإمامة والولاية في الرسالة وباعتبارها جزءاً أساسيا بدونه لا

ــــــــــــــــ

(١) ـ الغدير ج ١ ص ١٤.

(٢) ـ المصدر ج ١ ص ٦٢.

(٣) ـ مسند أحمد بن حنبل ج ١ ص ٢٨١.

١٣٨

تكتمل الرسالة بدونه جاء الأمر من الله تعالى بتبليغ ذلك للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فكان حديث الغدير كما جاء في تفسير الفخر الرازي في ذيل الآية( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) (سورة المائدة : آية / ٦٧) قال : والعاشر ـ أي من الوجوه التي قالها المفسرون في نزول الآية : نزلت الآية في فضل علي بن أبي طالب (ع) ولما نزلت هذه الآية أخذ بيده فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فلقيه عمر رضي الله عنه فقال : هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علي(١) .

وبهذا تتضح أهمية الولاية كجزء من الرسالة من دونها تفقد الرسالة أهميتها كما تنطق الآية.

ومما يؤكد قولنا اختصاص علي بالولاية دون غيره من الصحابة وذلك في قوله :( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) (سورة المائدة : آية / ٥٥) يقول الرازي والطبري المقصود من الذين آمنوا أمير المؤمنين علي (ع) كما أورده السيوطي في الدر المنثور وكذلك كنز العمال.

والآية ظاهرة في إمامته ومعنى الولي في هذه الآية لا بد أن يلائم الحصر في الله عز وجل وفي رسوله وفي علي وظهور أداة : إنما في الحصر تشير إلى تفسير واحد لكلمة الولي وهو مالك الأمر ونحوه مما يناسب الاختصاص.

ــــــــــــــــ

(١) ـ التفسير الكبير للرازي ج ١٢ ص ٤٩.

١٣٩

٢ ـ حديث المنزلة :

جاء في البخاري « كتاب بدء الخلق » في باب غزوة تبوك أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج إلى تبوك واستخلف عليا (ع) فقال : « أتخلفني في الصبيان والنساء ، فقال : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي »(١) .

ولا يخفى على المتأمل الدلالة الواضحة لخلافة علي (ع) والتي كخلافة هارون (ع) إلا أن النبوة ختمت بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد ألمعنا في نقاشنا لقصص بني إسرائيل إلى وجه الشبه بين خلافة هارون لموسى (ع) وكيف أضل السامري القوم ، وبين خلافة علي (ع) التي انقلب عليها المسلمون ووضعوا الأمر في غيره فتأمل.

٣ ـ حديث الانذار

لما نزلت آية( وأنذر عشيرتك الأقربين ) على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بني عبد المطلب على طعام ثم قال : إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي ووارثي فلم يقم أحد. قال علي : وقلت وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه قال النبي : إجلس ، قال ثم قال ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول لي اجلس حتى كانت الثالثة فأخذ برقبتي ثم قال إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فاسمعوا له وأطيعوا ،

ــــــــــــــــ

(١) ـ رواه مسلم أيضا في صحيحه كتاب فضائل الصحابة ـ باب فضائل علي بن أبي طالب كما أورده أحمد بن حنبل وغيرهم.

١٤٠