بنور فاطمة (ع)

بنور فاطمة (ع)0%

بنور فاطمة (ع) مؤلف:
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
الصفحات: 276

بنور فاطمة (ع)

مؤلف: السيد عبد المنعم حسن
تصنيف:

الصفحات: 276
المشاهدات: 85186
تحميل: 5640

توضيحات:

بنور فاطمة (ع)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 276 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85186 / تحميل: 5640
الحجم الحجم الحجم

ومدعمة بآيات قرآنية فقررت أن أناقش معه مفردات معتقده التي قرأت نقدها من الكتب وتركتها كورقة أخيرة في النهاية لأني على ثقة من أنه لا يستطيع الإجابة عليها ، ولقد أضفت إليها رأيي الخاص ، ولأغير مجرى الحديث إلى حيث أريد قلت له : حسنا ماذا تقول الشيعة؟!

هنا اعتدل في جلسته وقال : الشيعة يقولون أن هذا الدين الخاتم لا يجوز لنا أخذه إلا عن طريق أئمة أهل البيت (ع) ويعتبرون أن هذا هو عين التمسك بسنتهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو المطلوب من كل إنسان. قلت ساخرا : كلنا نتبع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أحد يرى أنه خلاف ما جاء به عليه أفضل الصلاة والسلام.

قال : الأمر ليس مجرد ادعاء إنما يجب إثبات ذلك بالدليل ، ونحن كشيعة نرى أن المسألة الأساسية التي ابتليت بها الأمة هي مسألة الإمامة والقيادة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والتي اختص بها علي (ع) كوصي وخليفة ومن بعده أئمة أهل البيت (ع) ، وواحدة من مستلزمات هذه الوصاية والإمامة الخلافة السياسية ، ومن أهل البيت فقط يصح أخذ الدين أما ما أخذ من غيرهم فلا نقول أنه باطل مطلقا ولكنه حق مخلوط بباطل ونحن مأمورون بأخذ الحق فقط دون غيره.

قلت : وما جدوائية البحث حول قضية مرت عليها قرون وهل يفيدونا إذا ما كان علي هو الخليفة أم أبو بكر؟! سكت قليلا ثم قال :

عندما ننظر يا أخي لكل مشكلة يجب البحث عن جذور تلك المشكلة حتى نحللها ، وما عليه المسلمون اليوم من فرقة وشتات وضياع إنما هو ناتج عن ذلك اليوم الذي حجبت فيه الخلافة عن علي بن أبي طالب وأعطيت لغيره بلا حق ، ومن هناك ابتدأ افتراق الأمة والآن أنا أمامك أقول لك أن الشيعة على حق وأنت

٦١

ترى خلاف ذلك ، من هنا جاءت ضرورة البحث في الماضي لنعرف أين الأصل ومن الذي خالف

هنا أخذتني العزة وقررت الهجوم عليه من كل جانب فانهلت عليه بالأسئلة مقاطعا :

ـ إذا أنتم تشككون في الصحابة؟!

أجاب بهدوء : نحن لسنا في مقام التشكيك في أحد ما نقوله أن كل من اتبع الحق من الصحابة أو غيرهم على رؤوسنا نقدسهم نحترمهم وكل من خالف النهج السماوي القويم فلن نسمح لأنفسنا أخذ معالم ديننا منه.

ـ لا أريدك أن تناقشني في عموميات! من غير المعقول أن كل الصحابة الذين بايعوا أبا بكر خالفوا قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ! أتدري ماذا يعني ذلك؟

يعني أن نشكك في كل ديننا. فكيف تجوزون لأنفسكم ذلك وأرجو ألا تستعمل معي التقية المعروفة عندكم.

أجاب : أولاً : التقية شرعية من الكتاب والسنة ولها مجالها ، وهي ليست واجبة في كل الأحوال إنما لها ظروفها الخاصة ، وأنا لا أمثل كل الشيعة ، بإمكانك أن تطلع على كتب الشيعة فلن تجد غير كلامي هذا ، أما بالنسبة للصحابة فالأمر لا يصل إلى مستوى التشكيك في الدين إلا إذا كان الدين عندك ملخصا في الصحابة

قاطعته : إنهم هم الذين نقلوا لنا الدين.

قال : بحثنا الآن حول نقلهم وهذا أول الكلام وبيت القصيد أنتم تجرحون الرجال في علم الجرح والتعديل وتبدأون عملية معرفة أحوال الرجال من القرون المتأخرة بعد عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن الشيعة نبدأ ممن كان حول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لأن منهم من كان منافقا وآخر كان

٦٢

 لا يفقه شيئا وهكذا ، أضف إلى ذلك من الذي قال أن الجميع قد بايع أبا بكر ، ارجع لكتب التاريخ ستجد أن أول المعترضين كان عليا (ع) ومعه مجموعة من الصحابة.

قلت : لو كان الأمر كما تدعون لنصر الله عليا وخذل أبا بكر وهذا دليل على أن الله اختار للأمة أبا بكر.

قال : بقولك هذا تلغي فلسفة الابتلاء التي يمتحن الله بها العباد. إن الله يبين الطريق للناس فقط ثم يدعهم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ، والله لا يجبر الناس وإلا نكون من الذين يقولون بالجبر فنسقط الثواب والعقاب ، ونتيجة كلامك هذا أن أي شخص يتحكم في رقابنا يجب أن نهتف له ونعتبره تأييدا من الله وهذا ما لا يعقل.

ورميت آخر سهم في جعبتي قائلا : إنكم تغالون في أهل البيت وتقولون أنهم معصومون ، كما أنكم تبيحون زواج المتعة وتجمعون في الصلاة وتصلون للحجر والأخير رأيته بعيني يعني لم أقرأه في كتاب فقط.

قال : أخي هذه فروع بإمكاني أن أناقشها معك ولكن من المنهجية أن تبحث أولاً حول الأصل الذي يتبعه الفرع أوتوماتيكيا ، فأنت عندما تريد أن تدعو شخصا غير مؤمن بالله إلى الإسلام لن تبدأ معه بكيفية الوضوء والصلاة بل لا بد من إقناعه بوجود الله تعالى ثم النبي ثم تفرع على ذلك.

فأطلب منك أخي أن تبحث بتجرد وستري نور الحقيقة. انتهينا من جلسة الحوار هذه وأنا متعجب من هذه الثقة التي يملكها ، وفكرت في البحث ولكن ليس لكي أقتنع وإنما لأملك أدلة أقوى أدحض بها حججه ، وبعد فترة قررت ألا أدخل معه في نقاش حتى أكون بعيدا عن المشاكل وحتى لا أتأثر بهذه الأفكار الغريبة والتي أرى شخصا عن قرب يتبناها.

ثم كانت البداية التي جعلتني أنطلق في البحث.

٦٣

البداية

« تسرون حسوا في ارتغاء وتمشون لأهله وولده في الخمر والضراء ، ونصبر منكم على مثل حز المدى ووخز السنان في الحشى ، وأنتم الآن تزعمون لا إرث لنا أفحكم الجاهلية تبغون؟ ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون؟ أفلا تعلمون؟ بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته ، أيها المسلمون!! أأغلب على إرثي.

يا بن أبي قحافة! أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي لقد جئت شيئا فريا أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول( وورث سليمان داوود ) وقال فيما اقتص من خبر زكريا ـ إذ قال( فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب ) وقال( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) وقال( إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ) وزعمتم أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها؟ أم تقولون إنا أهل ملتين لا يتوارثان؟ أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟ فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك. نعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ولا ينفعكم إذ تندمون.

بنور فاطمة اهتديت

كلمات كالسهم نفذت إلى أعماقي. فتحت جرحا لا أظنه يندمل بسهولة ويسر ، غالبت دموعي وحاولت منعها من الانحدار ما استطعت!.

ولكنها انهمرت وكأنها تصر على أن تغسل عار التاريخ في قلبي ، فكان التصميم للرحيل عبر محطات التاريخ للتعرف على مأساة الأمة وتلك كانت هي

٦٤

 البداية لتحديد هوية السير والانتقال عبر فضاء المعتقدات والتاريخ والميل مع الدليل.

كان ذلك في الدار التي يقيم فيها ابن عمي الشيعي! جئت لتحيته والتحدث معه عن أمور عامة لحظة ثم لفت انتباهي صوت خطيب ينبعث من جهاز التسجيل قائلا « وهذه الخطبة وردت في مصادر السنة والشيعة وقد ألقتها فاطمة الزهراء لتثبيت حقها في فدك ، ثم بدأ الخطيب في إلقاء الخطبة.

إلى حين استماعي لهذا الشريط لم أكن على استعداد للخوض في قضايا خلافية مذهبية. قد عرفنا أن الأخ ـ ابن عمي ـ شيعي وسألنا الله أن يهديه ، وكنا نتحاشى الدخول معه في نقاش بقدر استطاعتنا. وذلك بعد الحوار الذي مر في بداية هذا الفصل. ولكن أبى الله سبحانه وتعالى إلا أن يقيم علينا حجته.

بصوت هادئ جميل بدأ الخطيب في الخطبة وتدفق شعاع كلماتها إلى أعماق وجداني ، وضح لي أن مثل هذه الكلمات لا تخرج من شخص عادي حتى ولو كان عالما مفوها درس آلاف السنين ، بل هي في حد ذاتها معجزة. كلمات بليغة عبارات رصينة ، حجج دامغة وتعبير قوي تركت نفسي لها واستمعت إليها بكل كياني وعندما بلغت خطبتها الكلمات التي بدأت بها هذا الفصل لم أتمالك نفسي وزاد انهمار دموعي. وتعجبت من هذه الكلمات القوية الموجهة إلى خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومما زاد في حيرتي أنها من ابنة رسول الله فماذا حدث؟ ولماذا وكيف؟!! ومع من كان الحق وقبل كل هذا هل هذا الاختلاف حدث حقيقة؟ وفي الواقع لم أكن أعلم صدق هذه الخطبة ولكن اهتزت مشاعري حينها وقررت الخوض في غمار البحث بجدية مع أول دمعة نزلت من آماقي وفي هذا المنحى لا أريد أن أسمع من أحد ، فقط أريد

٦٥

خيط البداية أو بداية الخيط لأنطلق ، ولم تكن الخطبة مقصورة على ما ذكرته من فقرات بل هي طويلة جدا وفيها الكثير من الأمور التي تشحذ الهمة لمعرفة تفاصيل ما جرى وظروفه الموضوعية المحيطة به.

انتهى الشريط ، كفكفت دموعي محأولاً إخفاءها حتى لا يحس بها ابن عمي ، لا أدري لماذا؟ ربما اعتزازا بالنفس ، ولكن هول المفاجأة جعلني أنهمر عليه بمجموعة من الأسئلة وما أردت جوابا ، إنما هي محاولة للتنفيس وكان آخر أسئلتي إذا كان ما جاء في بعض مقاطع الخطبة صحيحا فهل كل ذلك من أجل فدك قطعة الأرض؟!أجابني : عليك أولاً أن تعرف من هي فاطمة ثم تبدأ البحث بنفسك حتى لا أفرض عليك قناعتي وأول مصدر تجد فيه بداية الخيط صحيح البخاري ، وناولني الكتاب فكانت المفاجأة التي لم أتوقعها.

ماذا بين أبي بكر وفاطمة (ع)؟

أخرج البخاري في صحيحه الجزء الخامس (ص ٨٢) في كتاب المغازي باب غزوة خيبر قال : عن عروة عن عائشة أن فاطمة بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من أبيها مما أفاء عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا نورث من تركناه صدقه إنما يأكل آل محمد من هذا المال إلى أن يقول البخاري فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته ولم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا وصلى عليها ولم يؤذن بها أبا بكر ».

٦٦

وأورد مسلم في صحيحه ذات الواقعة مع تغيير طفيف في الألفاظ يقول « فغضبت فاطمة » بدل كلمة وجدت(١) .

من هاتين الروايتين وغيرهما نستخلص الآتي :

أولاً : هذه الحادثة التي وقعت بين فاطمة بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والخليفة الأول حقيقة لا يمكن تكذيبها ولا الإعراض عنها لأنها مثبتة في متن أكثر الكتب صحة واعتمادا عند أهل السنة والجماعة بل في كل المصادر التاريخية والحديثية كما سيأتي بيانه لاحقا.

ثانياً : إن الحادثة لم تكن خلافا عابرا أو سوء تفاهم بسيط بل هي مشكلة كبرى هذا ما نلمسه من كلمة « فوجدت فاطمة على أبي بكر » أو بتعبير مسلم « فغضبت فاطمة » فالغضب والوجد معناهما واحد ، محصلة أن فاطمة غضبت غضبا شديدا على أبي بكر بالرغم من قول الخليفة بأن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال « لا نورث » ولكن فاطمة غضبت.

ثالثا : إن غضب الزهراء كما أنه لم يكن قليلا في حدته لم يكن قصيرا في مدته بل استمر حتى وفاتها كما يقول البخاري نقلا عن عائشة « فهجرته ولم تكلمه حتى توفيت » وهذا معنى جلي في أن حالة الغضب والخلاف استمر إلى وفاتها بل إلى ما بعد ذلك إذ أن أبا بكر لم يصل عليها ودفنت ليلا سرا بوصية منها كما سنبين.

رابعا : غضب الزهراء لم يكن منصبا فقط على أبي بكر بل شمل الخليفة الثاني بدليل عدم ذكره ضمن المصلين عليها ، وسيتضح أثناء البحث أن موقف

ـــــــــــــــ

(١) ـ صحيح مسلم كتاب الجهاد باب قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا نورث ص ١٥٣ وكذلك أورده البخاري في كتاب فرض الخمس باب فرض الخمس.

٦٧

 أبي بكر وعمر واحد يعني موقف الزهراء منهما وموقفهما منها ، يقول ابن قتيبة في تاريخه « دخل أبو بكر وعمر على فاطمة فلما قعدا عندها حولت وجهها إلى الحائط إلى أن يقول فقالت : أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعرفانه وتعملان به؟ قالا : نعم فقالت نشدتكما الله ألم تسمعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ومن أرضاها فقد أرضاني ومن أسخطها فقد أسخطني.

قالا : نعم سمعناه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت : فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأشكونكما إليه ، ثم قالت : والله لأدعون عليكما في كل صلاة أصليها »(١) .

كل هذه الحقائق جعلت الدنيا مظلمة لدي وفور توصلي إليها قفز إلى ذهني ألف سؤال وسؤال لا أدري ماذا أفعل وكيف أفكر وإلى من ألجأ؟!! إنها بضعة المصطفى الصديقة فاطمة ، أقرأ فإذا بها عاشت بعد أبيها في حالة غضب إلى أن ماتت كيف ولماذا!! الطرف الآخر الذي غضبت عليه الزهراء إنه الخليفة الأول الصديق الخليل لقد كان يحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما علمونا ـ أكثر من نفسه فكيف يفعل بالزهراء شيئا يغضبها؟.

كيفما كانت التساؤلات ومهما كان التبرير هاهي فاطمة (ع) كما وجدت بين طيات الكتب غاضبة على الخليفتين وكما سأبين لك عزيزي القارئ في الفصول القادمة وبرغم كل الحواجز قررت مواصلة البحث

ــــــــــــــــ

(١) ـ الإمامة والسياسة « تاريخ الخلفاء » ص ١٢ ـ ١٣.

٦٨

والتنقيب على ألا أجعل بين نفسي والحقائق حجاب الخوف أو الرهبة أو التبرير ومضيت في طريق ربما كان شائكا في بدايته ولكني بفضل بركات الصديقة الطاهرة وصلت إلى شاطئ اليقين ، ومعها ـ روحي فداها ـ كانت البداية المفجعة والنهاية الممزوجة بحلاوة الإيمان وقمة المعرفة.

وسأبدأ معك عزيزي القارئ محطة فمحطة ولننطلق من تعريف شخصية فاطمة (ع) من خلال فضائلها التي سطرها الوحي بأحرف من نور وكللها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بصدق حديثه وهو الصادق المصدق فكانت كلماته حول فاطمة ذات دلالات ومعان نحاول أن نستقصيها في هذه الصفحات وبلا شك لن نستوعب كل ما جاء من مناقب وفضائل عن الزهراء (ع) لكني سأحاول سرد ما يفيدنا في بحثنا هذا ومن ثم نتعرف على الحقائق المحيطة بفاطمة (ع) والتي بنورها وبركاتها اهتديت وخرجت من ظلمات الجهل إلى رحاب نور أهل البيت (ع).

فاطمة (ع) في القرآن

كثيرة هي الآيات التي تحدثت عن قدسية الزهراء (ع) ومكانتها السامية سنختار هنا بعضا منها.

الآية الأولى :

قوله تعالى( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) (سورة الأحزاب : آية / ٣٣).

تشمل هذه الآية المباركة فيمن تشمل السيدة فاطمة الزهراء (ع) بل هي محور الآية وأساسها لأنها نزلت في أهل بيت النبوة ، ولنا حديث مع أولئك

٦٩

الذين حاولوا إدخال البعض من غير أهل البيت في نطاق الآية ، وما يهمنا الآن هو أن الزهراء معنية بهذا الخطاب الإلهي ولقد فصلت السنة في سبب نزول الآية وفيمن جاءت.

لقد أورد مسلم في صحيحه أن الآية محل النقاش نزلت في خمسة : النبي (صلى عليه وآله وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع) وذلك في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أهل البيت وهو الحديث المعروف بحديث الكساء كما أنه اشتهر عند أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأهل العباءة أو الكساء وهذا من المتسالم عليه بين كل المسلمين خصوصا في مجتمعنا السوداني. وسنزيدك من المصادر التي تؤكد أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليا وفاطمة والحسنين هم المقصودون بالآية في البحوث القادمة إن شاء الله ولكن دعنا الآن نتدبر الآية ، ومن خلالها نتعرف على شخصية فاطمة (ع).

إن المتأمل في كلمات الآية يتوصل إلى أن المخاطبين بهذه الآية ، وفاطمة أحدهم مطهرون معصومون من كل رجس ، وتقريب ذلك تصدير الآية بأقوى أدوات الحصر على الاطلاق (إنما) مما يعني أن هذا الأمر خاص بجماعة معينة محددة لا يتعداهم إلى غيرهم ، ثم يأتي البحث عن الإرادة الإلهية التي ذكرت في الآية( إنما يريد الله ) هي إرادة المولى عز وجل( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول لك كن فيكون ) فلا يمكن بحال تخلف إرادته تعالى.

أما الرجس في اللغة فمعناه كل ما يلوث الإنسان سواء كان لوثا ظاهريا أو باطنيا والذي يعبر عنه بالإثم والرجس في هذه الآية هو اللوث والنجاسة الباطنية لأن الابتعاد والطهارة من النجاسة الظاهرية وظيفة دينية عامة لجميع المسلمين وذلك لشمول التكليف للجميع ولا خصوص لأهل البيت حتى ترد هذه الآية بحصرها وتوكيدها لنفي الرجس الظاهري عن أهل البيت. إنما جاءت لبيان

٧٠

فضيلة لهم خصهم بها الله سبحانه وتعالى وأخبر عنها في كتابه العزيز.

ثم يأتي التأكيد( ويطهركم تطهيرا ) إن النظرة العميقة للآية تجعلنا لا نشك لحظة واحدة في عصمة أهل البيت الذين ذكروا فيها ومنهم فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فهي معصومة مطهرة من كل رجس ظاهرا وباطنا وسيأتيك التأكيد على ذلك.

الآية الثانية :

قوله تعالى :( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) (سورة الشورى :

آية / ٢٣). لقد جعل الله سبحانه وتعالى أجر الرسالة مودة أهل البيت ومنهم فاطمة الزهراء ، فالآية نزلت في قربى الرسول وهم علي وفاطمة والحسن والحسين كما نقل ذلك أعلام الحديث والتفسير مثل الحاكم الحسكاني الحنفي في شواهد التنزيل ج ٢ ص ١٣٠ والحاكم النيسابوري في المستدرك(١) .

إنها العظمة والرفعة لقد وزن الله تعالى الرسالة المهيمنة على كل الرسالات بمودة القربى لقد استحقت فاطمة هذا الوسام الإلهي بجدارة ويكفينا لتأكيد ذلك تسطيرها ضمن آيات الذكر الحكيم إنه رصيد يضاف لمناقب الزهراء وفضائلها وإلى المزيد.

الآية الثالثة :

قوله تعالى( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا

ــــــــــــــــ

(١) ـ كما أورد ذلك السيوطي في إحياء الميت والزمخشري في تفسيره الكشاف. والفخر الرازي في تفسيره والسيوطي في الدر المنثور والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة والبخاري وغيرها من المصادر.

٧١

وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) (سورة آل عمران : آية / ٦١).

لم يختلف المسلمون أن هذه الآية أيضا من مختصات أهل البيت فهي نزلت يوم مباهلة نصارى نجران وقد أمر الله تعالى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأخذ معه عليا وفاطمة والحسن والحسين (ع). فكانت هذه الآية وذلك مما ذكره مسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب(١) . وهكذا مثلت فاطمة كل نساء الأمة وكانت المباهلة بمثابة تثبيت للرسالة ، ولأهمية الحديث وعظمته في مسيرة الإسلام كان المباهل بهم مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هم علي وفاطمة وابناهما مع أن الآية ذكرت نساءنا بصيغة الجمع إلا أن التمثيل المقدس كانت فاطمة فقط دون غيرها من النساء ولا حتى نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فتأمل عزيزي القارئ وانطلق بعقلك لتدرك مكانة الزهراء وعظمتها وما أظنك بقادر.

آيات أخرى :

يقول تعالى( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ) إلى قوله تعالى( إن هذا كان لكم جزاءا وكان سعيكم مشكورا ) (سورة الإنسان : آية / ٥ ـ ٢٢) ، هذه الآيات نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين بمناسبة قصة صيامهم ثلاثة أيام وتصدقهم في تلك الأيام الثلاثة بطعامهم على المسكين واليتيم والأسير بينما هم في أشد الحاجة إلى الطعام لإفطارهم ولقد ذكر جمع كبير من المحدثين والمفسرين أن هذه الآيات نزلت في هؤلاء

ــــــــــــــــ

 (١) ـ وجاء ذلك أيضا في مستدرك الصحيحين للحاكم ومسند أحمد بن حنبل ج ١ ص ١٥٨.

٧٢

 الأربعة. منهم الزمخشري في كشافه وفي تفسيره الفخر الرازي(١) .

إن نزول هذه الآيات في علي وفاطمة والحسنين ينبوع أخر لكرامتهم ومكانتهم عند الله إذ أن الخالق جل وعلا خاطبهم من عليائه بصيغة الأمر الذي أبرمه وفرغ منه( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ، ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) إلى آخر الآيات هذه هي حقيقة الزهراء فاطمة وتلك هي مكانتها عند الله.

يطول بنا المقام لسرد كل ما جاء عن فاطمة في القرآن ولقد جمع أحد العلماء الآيات التي نزلت في فضل فاطمة وأهل البيت فبلغت (٢٥٨) آية من الذكر الحكيم.

 ومع ذلك لو لم تأت إلا آية التطهير أو المباهلة لكفى بها موعظة لقوم يؤمنون فهذا قرآن عظيم في كتاب مكنون تنزيل العزيز الحميد.

فاطمة (ع) بلسان أبيها

ملاحظتان قبل الانطلاق في أحاديث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عن فاطمة :

الملاحظة الأولى :

إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حينما يتحدث عن فاطمة فإنه لا ينطلق من عاطفة الأبوة وهو القائل فيه البارئ عز وجل( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله في عموم حديثه عن الأشخاص لا يعطي أحدا أكثر مما يستحقه تبعا لعاطفته وحتى لو كان ذلك الإنسان ابنته.

ــــــــــــــــ

(١) ـ الكشاف ج ٤ ص ٦٧٠ ط بيروت ، أسد الغابة لابن الأثير الشافعي ج ٥ ص ٥٣٠ ـ ٥٣١ ، تذكرة الخواص للسبط بين الجوزي وشواهد التنزيل للحاكم ، الدر المنثور للسيوطي وغيرها من المصادر.

٧٣

لأننا لو قلنا بذلك لطعنا في نبوته وكلماته القدسية التي نؤمن جميعا بأنها حجة لا زيغ فيها ولا هوى قال عبد الله بن عمرو بن العاص : كنت أكتب كلشيء أسمعه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنهتني قريش وقالوا تكتب كلشيء سمعته من رسول الله وهو بشر يتكلم في الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول الله فأومأ بأصبعه إلى فيه وقال : « أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق ».

إن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينطق إلا صدقا وعدلا فلنضع كلماته عن الزهراء نصب أعيننا ونحن نقرأ عن موقفها بعد وفاته ولا نترك للشيطان سبيلا يتسلل منه لان فهمنا لهذه النقطة يمهد لنا السبيل لفهم موقف فاطمة (ع).

الملاحظة الثانية :

إنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ركز في شخصية فاطمة على قدسيتها وخلوصها لله تعالى وقربها منهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحيث يجعلك تأخذ الاحساس بأنها جزء منه ما يصيبه كأنما أصابها وما يصيبها كأنما أصابه وأنها تمثله جسدا وموقفا

تعبر عنه وهو المعبر عن إرادة الله تعالى وذلك في مجمل أحاديثه عن فاطمة « من أسخط فاطمة فقد أسخطني » « من أغضب فاطمة قد أغضبني ومن أغضبني فقد أغضب الله » وعلى هذا المنوال.

ولقد استوقفني كثيرا محور كلام الرسول عن ابنته والذي كان يدور حول غضبها وسخطها ورضاها وكأنه ـ بأبي وأمي ـ يلمح للأمة بمصيبتها وابتلائها في موقفها من الزهراء وهذا لا ولن يخفى على ذوي الألباب المتفتحة والقلوب المفعمة بحب النبي وآله فلماذا يا ترى كان التركيز على هذا المحور بالذات؟! هل يعقل أن يكون ذلك بلا سبب؟! ألا يحمل هذا في طياته دلالات عميقة وإشارات واضحات.

٧٤

لقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبلغ العرب حين يتكلم وأكثر الناس حكمة حينما يفصح كما كان أحسنهم إنصافا للناس.

لقد هيأ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الناس حتى يصدقوا الزهراء حين تنطق وهيأهم لأن يتحاشوا غضبها إذا غضبت وأخبرهم أن أذاها أذى له وهكذا مهمة الأنبياء تربية الأمم حاضرا أثناء حياتهم وتهيئتهم لاستقبال الحوادث المستقبلية بعد رحيلهم والنبي وهو أعظمهم خص الزهراء وهو الصادق الأمين بهالة قدسية تحرم على الآخرين هتكها ولم يكن ذلك لقرابتها منه بل لأنها أخلصت للحق وذابت في بوتقته فكانت مقياسا ومعيارا للذين سيأتون بعد أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله وتجلت حكمة الرسول في أحاديثه المختلفة للأمة التي كانت تنظر لواقع المستقبل وهي تحمل في طياتها بصائر تتضح من خلالها الرؤية ، وتحكم بها على أحداث الواقع في أي زمان ومكان. والأمثلة على ذلك كثيرة ، لقد تحدث النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن علي بن أبي طالب (ع) حينما قال « علي مع القرآن والقرآن مع علي » لأن معاوية سيأتي يوما ما ويرفع المصاحف على أسنة الرماح طالبا التحكيم بالقرآن كما حدث في صفين حينها ستعرف أين جهة الحق والصدق لأن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ترك المعيار فعلي والقرآن لا يفترقان كذلك عندما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله لعمار « تقتلك الفئة الباغية » فإنهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يترك مجالا للاعتذار لأولئك الذين قاتلوا في صف معاوية ضد علي ومعه عمار بن ياسر وهكذا أحاديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تنطلق من الحاضر لتشخص داء الأمة في المستقبل.

كل ذلك يجعلنا ننظر إلى غضب الزهراء بقدسية وإلى موقفها بتعقل. إنه

٧٥

 غضب من أجل الحق وموقف صدق ضد الانحراف.

إننا ننزه الزهراء من أن تغضب في سبيلشيء غير الحق إنه غضب مقدس وصرخة حق مدوية وبعد قليل سينكشف الغطاء وترى لماذا كان هذا الغضب.

وإليك بعضا مما قاله المصطفى في ابنته ربيبة الوحي فاطمة الزهراء (ع) :

١ ـ « فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني ».

رواه البخاري في صحيحه باب مناقب قرابة الرسول ج ٤ ص ٢٨١ دار الحديث القاهرة(١) .

٢ ـ « إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ».

رواه مسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة باب فضائل فاطمة.

وفي رواية « فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها »(٢) .

٣ ـ قال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة (ع) :

« إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك » رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين كتاب مناقب الصحابة ص ١٥٤ وقال عنه حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه(٣) .

٤ ـ جاء في صحيح البخاري كتاب بدء الخليقة في باب علامات النبوة ج ٤ ص ٢٥٠ بسند عن عائشة قالت : أقبلت فاطمة تمشي ما تخرم مشيتها مشية

ـــــــــــــــ

(١) ـ ذكره ابن حجر في الصواعق المحرقة ص ١٨٨.

(٢) ـ أورده ابن حجر في صواعقه أيضا ص ١٩٠ وقد جاء هذا الحديث بصيغ مختلفة تعبر عن نفس المعنى في كثير من المصادر مثل مسند أحمد بن حنبل وكنز العمال والإمامة والسياسة لابن قتيبة وغيرها.

(٣) ـ ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ج ٥ ص ٥٢٢ ، وابن حجر في الإصابة ج ٥ ص ١٥٦ كما جاء في ميزان الاعتدال للذهبي وغيرها من المصادر.

٧٦

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثا فبكت فقلت لها لم تبكين؟! ثم أسر إليها حديثا فضحكت فقلت ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن فسألتها عما قال ، فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسألتها فقالت : أسر إلي أن جبرائيل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي فبكيت فقال : أما ترضي أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة فضحكت لذلك(١) .

وأورد الترمذي في سننه كتاب المناقب عن حذيفة قال : أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فصليت معه المغرب فصلى حتى صلى العشاء ثم انفتل فتبعته فسمع صوتي فقال : من هذا حذيفة؟ قلت : نعم قال : ما حاجتك غفر الله لك ولأمك؟ ثم قال : إن هذا ملك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم علي ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة(٢) .

وجاء في المستدرك ج ٢ ص ٢٩٤ بسنده عن عائشة قالت لفاطمة : ألا أبشرك؟

إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول سيدات نساء أهل الجنة أربع مريم بنت عمران ، وفاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسيا بنت مزاحم. وقال عنه الحاكم النيسابوري حديث صحيح الإسناد ولم

ــــــــــــــــ

(١) ـ وذكره أيضا في باب مناقب قرابة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ج ٤ ص ٢٨١ كما رواه مسلم في صحيحه وأحمد بن حنبل في مسنده.

(٢) ـ ورواه ابن حجر في الصواعق ص ١٩١ والحاكم في المستدرك ج ٣ ص ١٥١ ، كتاب مناقب الصحابة وقال عنه صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

٧٧

 يخرجاه يقصد بخاري ومسلم.

وجاء في كنز العمال ج ٧ ص ١١١ أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.

وذكر محي الدين الطبري حديث أفضل أربع نساء فضلهم الله في ذخائر العقبى ص ٤٤ وأضاف وأفضلهم فاطمة.

٥ ـ عن عائشة أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت : ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة منها إلا أن يكون الذي ولدها(١) .

٦ ـ أورد السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام ) قال : وأخرج الطبراني عن عائشة قالت : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله « لما أسري بي إلى السماء أدخلت الجنة فوقفت على شجرة من أشجار الجنة لم أر في الجنة أحسن منها ولا أبيض ورقا ولا أطيب ثمرة فتناولت ثمرة من ثمرتها فأكلتها فصارت نطفة في صلبي فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فإذا أنا اشتقت إلى ريح الجنة شممت ريح فاطمة ».

وروى الحاكم في المستدرك ج ٣ ص ١٥٦ بسنده عن سعد بن مالك قال : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل (ع) بسفرجلة من الجنة فأكلتها ليلة أسري بي فعلقت خديجة بفاطمة فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رقبة فاطمة.

٧ ـ عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ابنتي

ــــــــــــــــ

(١) ـ رواه الحاكم في مستدركه ج ٣ ص ١٦٠ وقال حديث صحيح على شرط سلم كما ذكره ابن عبد البر في استيعابه ج ٢ ص ٧٥١.

٧٨

فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث. وإنما سماها فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار ، ذكره ابن حجر في صواعقه ص ١٦٠ كما أخرجه النسائي وجاء في تاريخ بغداد أيضا ج ١٢ ص ٣٣١.

٨ ـ في صحيح الترمذي ج ٢ ص ٣١٩ عن عائشة أم المؤمنين قالت : ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلا وهديا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت : وكانت إذا دخلت على النبي قام إليها وقبلها وأجلسها في مجلسه وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها الحديث.

رواه أيضا أبو داوود في صحيحه ج ٣٣ في باب ما جاء في القيام. ورواه الحاكم أيضا في مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٥٤.

٩ ـ جاء في مسند أحمد بن حنبل ج ٥ ص ٢٧٥ كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا سافر جعل آخر عهده فاطمة وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة

وذكر ذلك الحاكم في المستدرك ج ١ ص ٤٨٩ ورواه البيهقي في سننه.

١٠ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي وفاطمة والحسنين : أنا سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج ٢ ص ٤٤٢ والحاكم في المستدرك ص ١٤٩ وابن الأثير في أسد الغابة ج ٣ ص ١١ و ج ٥ ص ٥٢٣.

١١ ـ في الصواعق المحرقة لابن حجر ص ١٩٠ أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : يا أهل الجمع نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد على الصراط فتمر مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق ذكره الحاكم في المستدرك

٧٩

ج ٣ ص ١٥٣.

كانت جولتنا مع أحاديث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله حول فاطمة قصيرة مقارنة بما ورد في حقها ولكن هذا القدر يكفي للعاقل حتى يتعرف على الزهراء (ع) التي أحاطتها العناية الإلهية من قبل ميلادها وكانت في جنة الخلد هنالك كان المبدأ كما في رواية الإسراء والجنة هي النهاية كما علمت وما بين الانطلاقة الأولى من الجنة والمنتهى فيها كانت حياة الزهراء عظيمة تنبض بكل معاني القيم النبيلة فهل من الممكن أن يكون هناك نشاز في منتصف الطريق؟! يقينا لا ، لذلك أوصى الرسول بفاطمة كثيرا وحذر الناس من غضبها الذي يعني غضبه بل وغضب الله عز وجل كما مر وشهدت لها عائشة بأنها أصدق الناس لهجة فهي الصديقة كما أن العناية الإلهية كان لها الدور المباشر في صياغة شخصية الزهراء فصار أذاها أذى الرسول الذي يعني أذى الرسالة ونزل الوحي يجلجل بالتطهير كما جاء في آية التطهير وتأكيدا على قدسية المسير ومباركة الرب لعمل فاطمة وأهل بيتها كانت سورة الإنسان وحتى نزداد يقينا بارتباط الزهراء بالوحي واستقامتها كانت المباهلة ثم الزواج المبارك الذي تم في السماء قبل أن يتم في الأراض بأمره سبحانه وتعالى. ورعاية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الخاصة بفاطمة حتى إنه عند قدومها يقبلها ويجلسها في مجلسه وكذا العكس ولا يخرجصلى‌الله‌عليه‌وآله في سفر إلا أن يكون آخر من يودعه ابنته وأول من يسلم عليه عندما يعود هي سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة ، إذا كل فعل تفعله هو فعل أهل الجنة وكل موقف تقفه هو موقف أهل الجنة ولو نظرت في الجنة لرأيت نعيما وملكا كبيرا ويأتي المنادي غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة وتستقر في مقام محمود منه انطلقت وإليه تعود.

هذه المسيرة المقدسة ، وهذه العظمة ألا تدفعنا للوقوف إجلالا وإعظاما

٨٠