مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٨

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل13%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 445

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 445 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 272713 / تحميل: 4681
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

قال أبو عمر:و أخبرنا أبو القاسم خلف بن قاسم بن سهل،قال:حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي،قال:أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج،قال:حدثنا محمد بن مسعود،قال:أخبرنا عبد الرزاق،قال:أخبرنا معمر عن قتادة عن الحسن،قال:أسلم علي و هو أول من أسلم،و هو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة.قال أبو عمر:قال ابن وضاح:و ما رأيت أحدا قط أعلم بالحديث من محمد بن مسعود،و لا بالرأي من سحنون.قال أبو عمر:قال ابن إسحاق:أول ذكر آمن بالله و رسوله علي بن أبي طالب(عليه‌السلام )،و هو يومئذ ابن عشر سنين.قال أبو عمر:و الروايات في مبلغ سنه(عليه‌السلام )مختلفة،قيل:أسلم و هو ابن ثلاث عشرة سنة،و قيل:ابن اثنتي عشرة سنة،و قيل:ابن خمس عشرة سنة،و قيل:ابن ست عشرة،و قيل:ابن عشر،و قيل:ابن ثمان.قال أبو عمر:و ذكر عمر بن شبة عن المدائني،عن ابن جعدة،عن نافع،عن ابن عمر قال:أسلم علي و هو ابن ثلاث عشرة سنة.قال:و أخبرنا إبراهيم بن المنذر الحرامي،قال:حدثنا محمد بن طلحة،قال:حدثني جدي إسحاق بن يحيى عن طلحة،قال:كان علي بن أبي طالب(عليه‌السلام )،و الزبير بن العوام،و طلحة بن عبيد الله،و سعد بن أبي وقاص أعمارا واحدة.قال:و أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن،قال:حدثنا إسماعيل بن علي الخطبي،قال:حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل،قال:حدثني أبي قال:حدثنا حجين أبو عمر قال:حدثنا حبان عن معروف،عن أبي معشر قال:كان علي(عليه‌السلام )،و طلحة،و الزبير في سن واحدة.

١٢١

قال:و روى عبد الرزاق عن الحسن و غيره:أن أول من أسلم بعد خديجة علي بن أبي طالب(عليه‌السلام )،و هو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة.قال أبو عمر و روى أبو زيد عمر بن شبة،قال:حدثنا شريح بن النعمان،قال:حدثنا الفرات بن السائب،عن ميمون بن مهران،عن ابن عمر قال:أسلم علي و هو ابن ثلاث عشرة سنة،و توفي و هو ابن ثلاث و ستين سنة.قال أبو عمر:هذا أصح ما قيل في ذلك،و الله أعلم.انتهى حكاية كلام أبي عمر في كتاب الإستيعاب.و اعلم أن شيوخنا المتكلمين لا يكادون يختلفون في أن أول الناس إسلاما علي بن أبي طالب(عليه‌السلام )،إلا من عساه خالف في ذلك من أوائل البصريين،فأما الذي تقررت المقالة عليه الآن،فهو القول بأنه أسبق الناس إلى الإيمان،لا تكاد تجد اليوم في تصانيفهم و عند متكلميهم و المحققين منهم خلافا في ذلك.و اعلم أن أمير المؤمنين(عليه‌السلام )ما زال يدعي ذلك لنفسه،و يفتخر به و يجعله في أفضليته على غيره،و يصرح بذلك و قد قال غير مرة أنا الصديق الأكبر و الفاروق الأول أسلمت قبل إسلام أبي بكر،و صليت قبل صلاته.و روى عنه هذا الكلام بعينه أبو محمد بن قتيبة في كتاب المعارف،و هو غير متهم في أمره.و من الشعر المروي عنه(عليه‌السلام )في هذا المعنى الأبيات التي أولها:

محمد النبي أخي و صهري

و حمزة سيد الشهداء عمي

و من جملتها:

سبقتكم إلى الإسلام طرا

غلاما ما بلغت أوان حلمي

١٢٢

و الأخبار الواردة في هذا الباب كثيرة جدا لا يتسع هذا الكتاب لذكرها،فلتطلب من مظانها.و من تأمل كتب السير و التواريخ عرف من ذلك ما قلناه.فأما الذاهبون إلى أن أبا بكر أقدمهما إسلاما،فنفر قليلون و نحن نذكر ما أورده ابن عبد البر أيضا في كتاب الإستيعاب في ترجمة أبي بكر.قال أبو عمر:حدثني خالد بن القاسم،قال:حدثنا أحمد بن محبوب،قال:حدثنا محمد بن عبدوس،قال:حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،قال:حدثنا شيخ لنا قال:أخبرنا مجالد عن الشعبي،قال:سألت ابن عباس أو سئل أي الناس كان أول إسلاما ؟ فقال:أما سمعت قول حسان بن ثابت:

إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة

فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا

خير البرية أتقاها و أعدلها

بعد النبي و أوفاها بما حملا

و الثاني التالي المحمود مشهده

و أول الناس منهم صدق الرسلا

و يروى أن النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )قال لحسان:هل قلت في أبي بكر شيئا ؟ قال:نعم،و أنشده هذه الأبيات و فيها بيت رابع:

و ثاني اثنين في الغار المنيف و قد

طاف العدو به إذ صعدوا الجبلا

فسر بذلك رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )و قال:أحسنت يا حسان،و قد روي فيها بيت خامس:

و كان حب رسول الله قد علموا

من البرية لم يعدل به رجلا

١٢٣

و قال أبو عمر:و روى شعبة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم النخعي،قال:أول من أسلم أبو بكر.قال:و روى الجريري عن أبي نصر،قال:قال أبو بكر لعلي(عليه‌السلام )،أنا أسلمت قبلك في حديث ذكره فلم ينكره عليه.قال أبو عمر:و قال فيه أبو محجن الثقفي:

و سميت صديقا و كل مهاجر

سواك يسمى باسمه غير منكر

سبقت إلى الإسلام و الله شاهد

و كنت جليسا بالعريش المشهر

و بالغار إذ سميت خلا و صاحبا

و كنت رفيقا للنبي المطهر

قال أبو عمر:و روينا من وجوه عن أبي أمامة الباهلي،قال:حدثني عمرو بن عبسة،قال:أتيت رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و هو نازل بعكاظ،فقلت:يا رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )من اتبعك على هذا الأمر ؟ فقال:حر و عبد أبو بكر و بلال،قال:فأسلمت عند ذلك و ذكر الحديث.هذا مجموع ما ذكره أبو عمر بن عبد البر في هذا الباب في ترجمة أبي بكر،و معلوم أنه لا نسبة لهذه الروايات إلى الروايات التي ذكرها في ترجمة علي(عليه‌السلام )الدالة على سبقه،و لا ريب أن الصحيح ما ذكره أبو عمر،أن عليا(عليه‌السلام )كان هو السابق،و أن أبا بكر هو أول من أظهر إسلامه،فظن أن السبق له.و أما زيد بن حارثة،فإن أبا عمر بن عبد البر رضي الله تعالى عنه ذكر في كتاب الإستيعاب أيضا في ترجمة زيد بن حارثة قال:ذكر معمر بن شبة في جامعه عن الزهري أنه قال:ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة.

١٢٤

قال عبد الرزاق:و ما أعلم أحدا ذكره غير الزهري.و لم يذكر صاحب الإستيعاب ما يدل على سبق زيد إلا هذه الرواية و استغربها،فدل مجموع ما ذكرناه أن عليا(عليه‌السلام )أول الناس إسلاما،و أن المخالف في ذلك شاذ و الشاذ لا يعتد به.

فصل فيما ذكر من سبق علي إلى الهجرة

المسألة السابعة أن يقال:كيف قال إنه سبق إلى الهجرة ؟ و معلوم أن جماعة من المسلمين هاجروا قبله:منهم عثمان بن مظعون و غيره،و قد هاجر أبو بكر قبله ؛ لأنه هاجر في صحبة النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و تخلف علي(عليه‌السلام )عنهما،فبات على فراش رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و مكث أياما يرد الودائع التي كانت عنده،ثم هاجر بعد ذلك.و الجواب:أنه(عليه‌السلام )لم يقل،و سبقت كل الناس إلى الهجرة،و إنما قال:و سبقت فقط و لا يدل ذلك على سبقه للناس كافة،و لا شبهة أنه سبق معظم المهاجرين إلى الهجرة و لم يهاجر قبله أحد،إلا نفر يسير جدا.و أيضا:فقد قلنا إنه علل أفضليته،و تحريم البراءة منه مع الإكراه بمجموع أمور:منها ولادته على الفطرة،و منها سبقه إلى الإيمان،و منها سبقه إلى الهجرة،و هذه الأمور الثلاثة لم تجتمع لأحد غيره،فكان بمجموعها متميزا عن كل أحد من الناس.و أيضا:فإن اللام في الهجرة يجوز ألا تكون للمعهود السابق،بل تكون للجنس و أمير المؤمنين(عليه‌السلام )سبق أبا بكر و غيره إلى الهجرة التي قبل هجرة المدينة،فإن النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )هاجر عن مكة مرارا يطوف على أحياء العرب،و ينتقل من

١٢٥

أرض قوم إلى غيرها،و كان علي(عليه‌السلام )معه دون غيره.أما هجرته إلى بني شيبان فما اختلف أحد من أهل السيرة،أن عليا(عليه‌السلام )كان معه هو و أبو بكر،و أنهم غابوا عن مكة ثلاثة عشر يوما،و عادوا إليها لما لم يجدوا عند بني شيبان ما أرادوه من النصرة.و روى المدائني في كتاب الأمثال عن المفضل الضبي:أن رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )لما خرج عن مكة يعرض نفسه على قبائل العرب،خرج إلى ربيعة و معه علي(عليه‌السلام )و أبو بكر،فدفعوا إلى مجلس من مجالس العرب،فتقدم أبو بكر و كان نسابة،فسلم فردواعليه‌السلام ،فقال:ممن القوم ؟ قالوا:من ربيعة.قال:أمن هامتها أم من لهازمها ؟ قالوا:من هامتها العظمى،فقال:من أي هامتها العظمى أنتم ؟ قالوا:من ذهل الأكبر.قال:أفمنكم عوف الذي يقال له لا حر بوادي عوف ؟ قالوا:لا.قال:أفمنكم بسطام ذو اللواء و منتهى الأحياء ؟ قالوا:لا.قال:أفمنكم جساس حامي الذمار و مانع الجار ؟ قالوا:لا.قال:أفمنكم الحوفزان قاتل الملوك و سالبها أنفسها ؟ قالوا:لا.قال:أفمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة ؟ قالوا:لا.قال:أفأنتم أخوال الملوك من كندة ؟ قالوا:لا.قال:فلستم إذن ذهلا الأكبر أنتم ذهل الأصغر،فقام إليه غلام قد بقل وجهه اسمه دغفل فقال:

إن على سائلنا أن نسأله

و العب‏ء لا تعرفه أو تحمله

١٢٦

يا هذا،إنك قد سألتنا فأجبناك و لم نكتمك شيئا فممن الرجل قال:من قريش.قال:بخ،بخ أهل الشرف و الرئاسة،فمن أي قريش أنت ؟ قال:من تيم بن مرة،قال:أمكنت و الله الرامي من الثغرة،أمنكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل من فهر،فكان يدعى مجمعا.قال:لا.قال:أفمنكم هاشم الذي هشم لقومه الثريد ؟ قال:لا.قال:أفمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء ؟ قال:لا.قال:أفمن المفيضين بالناس أنت ؟ قال:لا.قال:أفمن أهل الندوة أنت ؟ قال:لا.قال:أفمن أهل الرفادة أنت ؟ قال:لا.قال:أفمن أهل الحجابة أنت ؟ قال:لا.قال:أفمن أهل السقاية ؟ قال:لا.قال:فاجتذب أبو بكر زمام ناقته و رجع إلى رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )هاربا من الغلام،فقال دغفل:صادف درء السيل درء يصدعه،أما و الله لو ثبت لأخبرتك أنك من زمعات قريش،فتبسم رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و قال علي(عليه‌السلام )لأبي بكر:لقد وقعت يا أبا بكر من الأعرابي على باقعة.قال:أجل إن لكل طامة طامة و البلاء موكل بالمنطق فذهبت مثلا.و أما هجرته(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )إلى الطائف،فكان معه علي(عليه‌السلام )و زيد بن

١٢٧

حارثة في رواية أبي الحسن المدائني،و لم يكن معهم أبو بكر،و أما رواية محمد بن إسحاق،فإنه قال:كان معه زيد بن حارثة وحده،و غاب رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )عن مكة في هذه الهجرة أربعين يوما،و دخل إليها في جوار مطعم بن عدي.و أما هجرته(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )إلى بني عامر بن صعصعة و إخوانهم من قيس عيلان،فإنه لم يكن معه إلا علي(عليه‌السلام )وحده،و ذلك عقيب وفاة أبي طالب أوحي إليه(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )أخرج منها،فقد مات ناصرك فخرج إلى بني عامر بن صعصعة،و معه علي(عليه‌السلام )وحده،فعرض نفسه عليهم و سألهم النصر،و تلا عليهم القرآن فلم يجيبوه،فعادا ع إلى مكة و كانت مدة غيبته في هذه الهجرة عشرة أيام،و هي أول هجرة هاجرها(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )بنفسه.فأما أول هجرة هاجرها أصحابه و لم يهاجر بنفسه،فهجرة الحبشة هاجر فيها كثير من أصحابه(عليه‌السلام )إلى بلاد الحبشة في البحر،منهم جعفر بن أبي طالب(عليه‌السلام )فغابوا عنه سنين،ثم قدم عليه منهم من سلم و طالت أيامه،و كان قدوم جعفر عليه عام فتح خيبر،فقال(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )ما أدري بأيهما أنا أسر،أبقدوم جعفر أم بفتح خيبر.

١٢٨

57.و من كلام له(عليه‌السلام )كلم به الخوارج

) َصَابَكُمْ حَاصِبٌ وَ لاَ بَقِيَ مِنْكُمْ آبِرٌ آثِرٌ [ آبِرٌ ] أَبَعْدَ إِيمَانِي بِاللَّهِ وَ جِهَادِي مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالْكُفْرِ لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَ مَا أَنَا مِنَ اَلْمُهْتَدِينَ فَأُوبُوا شَرَّ مَآبٍ وَ اِرْجِعُوا عَلَى أَثَرِ اَلْأَعْقَابِ أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلاًّ شَامِلاً وَ سَيْفاً قَاطِعاً وَ أَثَرَةً يَتَّخِذُهَا اَلظَّالِمُونَ فِيكُمْ سُنَّةً)،قال الرضيرحمه‌الله قوله(عليه‌السلام ):و لا بقي منكم آبر يروى على ثلاثة أوجه:أحدها:أن يكون كما ذكرناه آبر بالراء من قولهم رجل آبر للذي يأبر النخل،أي:يصلحه.و يروى آثر بالثاء بثلاث نقط يراد به الذي يأثر الحديث،أي:يرويه و يحكيه،و هو أصح الوجوه عندي،كأنه(عليه‌السلام )قال:لا بقي منكم مخبر.و يروى آبز بالزاي المعجمة و هو الواثب و الهالك،أيضا يقال له:آبز

١٢٩

الحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء،و هو صغار الحصى،و يقال لها أيضا:حصبة،قال لبيد:

جرت عليها إذ خوت من أهلها

أذيالها كل عصوف حصبه

فأما التفسيرات التي فسر بها الرضيرحمه‌الله تعالى قوله(عليه‌السلام ):آبر فيمكن أن يزاد فيها،فيقال:يجوز أن يريد بقوله و لا بقي منكم آبر،أي:نمام يفسد ذات البين و المئبرة النميمة،و أبر فلان،أي:نم و الآبر أيضا من يبغي القوم الغوائل خفية مأخوذ من أبرت الكلب إذا أطعمته الإبرة في الخبز،و في الحديث المؤمن كالكلب المأبور و يجوز أن يكون أصله هابر،أي:من يضرب بالسيف فيقطع،و أبدلت الهاء همزة كما قالوا:في آل أهل،و إن صحت الرواية الأخرى آثر بالثاء بثلاث نقط،فيمكن أن يريد به ساجي باطن خف البعير،و كانوا يسجون باطن الخف بحديدة ليقتص أثره رجل آثر و بعير مأثور.و قوله(عليه‌السلام ):فأوبوا شر مآب،أي:ارجعوا شر مرجع و الأعقاب جمع عقب بكسر القاف،و هو مؤخر القدم،و هذا كله دعاء عليهم،قال لهم:أولا أصابكم حاصب،و هذا من دعاء العرب قال تميم بن أبي مقبل:

فإذا خلت من أهلها و قطينها

فأصابها الحصباء و السفان

ثم قال لهم ثانيا:لا بقي منكم مخبر،ثم قال لهم ثالثا:ارجعوا شر مرجع،ثم قال لهم رابعا:عودوا على أثر الأعقاب،و هو مأخوذ من قوله تعالى:( وَ نُرَدُّ

١٣٠

عَلى‏ أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اَللَّهُ ) ،و المراد انعكاس حالهم و عودهم من العز إلى الذل،و من الهداية إلى الضلال.و قوله(عليه‌السلام ):و أثرة يتخذها الظالمون فيكم سنة فالأثرة هاهنا الاستبداد عليهم بالفي‏ء و الغنائم،و اطراح جانبهم،و قال النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )للأنصار ستلقون بعدي أثرة،فاصبروا حتى تلقوني.

١٣١

أخبار الخوارج و ذكر رجالهم و حروبهم

و اعلم أن الخوارج على أمير المؤمنين(عليه‌السلام )كانوا أصحابه و أنصاره في الجمل و صفين قبل التحكيم،و هذه المخاطبة لهم،و هذا الدعاء عليهم،و هذا الإخبار عن مستقبل حالهم،و قد وقع ذلك،فإن الله تعالى سلط على الخوارج بعده الذل الشامل،و السيف القاطع و الأثرة من السلطان،و ما زالت حالهم تضمحل حتى أفناهم الله تعالى و أفنى جمهورهم،و لقد كان لهم من سيف المهلب بن أبي صفرة،و بنيه الحتف القاضي و الموت الزؤام.و نحن نذكر من أخبار الخوارج و حروبهم هاهنا طرفا.

عروة بن حدير

فمنهم عروة بن حدير أحد بني ربيعة بن حنظلة من بني تميم،و يعرف بعروة بن أدية و أدية جدة له جاهلية،و كان له أصحاب و و أتباع و شيعة،فقتله زياد في خلافة معاوية صبرا.

نجدة بن عويمر الحنفي

و منهم نجدة بن عويمر الحنفي كان من رؤسائهم،و له مقالة مفردة من مقالة الخوارج

١٣٢

و له أتباع و أصحاب،و إليهم أشار الصلتان العبدي بقوله:

أرى أمة شهرت سيفها

و قد زيد في سوطها الأصبحي

بنجدية أو حررية

و أزرق يدعو إلى أزرقي

فملتنا أننا مسلمون

على دين صديقنا و النبي

أشاب الصغير و أفنى

الكبير مر الغداة و كر العشي

إذا ليلة أهرمت يومها

أتى بعد ذلك يوم فتي

نروح و نغدو لحاجاتنا

و حاجة من عاش لا تنقضي

تموت مع المرء حاجاته

و تبقى له حاجة ما بقي

و كان نجدة يصلي بمكة بحذاء عبد الله بن الزبير في جمعة [ في كل جمعة ]،و عبد الله يطلب الخلافة،فيمسكان عن القتال من أجل الحرم.و قال الراعي يخاطب عبد الملك:

إني حلفت على يمين برة

لا أكذب اليوم الخليفة قيلا

ما إن أتيت أبا خبيب وافدا

يوما أريد لبيعتي تبديلا

و لما أتيت نجيدة بن عويمر

أبغي الهدى فيزيدني تضليلا

من نعمة الرحمن لا من حيلتي

أنى أعد له علي فضولا

و استولى نجدة على اليمامة و عظم أمره حتى ملك اليمن،و الطائف،و عمان،و البحرين،و وادي تميم،و عامر،ثم إن أصحابه نقموا عليه أحكاما أحدثها في مذهبهم،منها قوله:إن

١٣٣

المخطئ بعد الاجتهاد معذور،و إن الدين أمران معرفة الله،و معرفة رسوله،و ما سوى ذلك،فالناس معذورون بجهله إلى أن تقوم عليهم الحجة،فمن استحل محرما من طريق الاجتهاد،فهو معذور حتى أن من تزوج أخته أو أمه مستحلا لذلك بجهالة،فهو معذور و مؤمن فخلعوه و جعلوا اختيار الإمام إليه،فاختار لهم أبا فديك أحد بني قيس بن ثعلبة،فجعله رئيسهم،ثم إن أبا فديك أنفذ إلى نجدة،بعد من قتله،ثم تولاه بعد قتله طوائف من أصحابه بعد أن تفرقوا عليه،و قالوا قتل مظلوما.

المستورد بن سعد التميمي

و منهم المستورد بن سعد أحد بني تميم كان ممن شهد يوم النخيلة،و نجا بنفسه فيمن نجا من سيف علي(عليه‌السلام )،ثم خرج بعد ذلك بمدة على المغيرة بن شعبة،و هو والي الكوفة لمعاوية بن أبي سفيان في جماعة من الخوارج،فوجه المغيرة إليه معقل بن قيس الرياحي،فلما تواقفا دعاه المستورد إلى المبارزة و قال له:علام تقتل الناس بيني و بينك ؟ فقال معقل:النصف سألت فأقسم عليه أصحابه،فقال:ما كنت لآبى عليه،فخرج إليه فاختلفا ضربتين خر كل واحد منهما من ضربة صاحبه قتيلا.و كان المستورد ناسكا كثير الصلاة،و له آداب و حكم مأثارة.

حوثرة الأسدي

و منهم حوثرة الأسدي خرج على معاوية في عام الجماعة في عصابة من الخوارج،فبعث إليه معاوية جيشا من أهل الكوفة،فلما نظر حوثرة إليهم.قال لهم:يا أعداء الله،أنتم بالأمس تقاتلون معاوية لتهدوا سلطانه،و أنتم اليوم تقاتلون معه لتشدوا سلطانه،فلما

١٣٤

التحمت الحرب قتل حوثرة قتله رجل من طيئ و فضت جموعه.

قريب بن مرة و زحاف الطائي

و منهم قريب بن مرة الأزدي و زحاف الطائي كانا عابدين مجتهدين من أهل البصرة،فخرجا في أيام معاوية في إمارة زياد،و اختلف الناس أيهما كان الرئيس،فاعترضا الناس،فلقيا شيخا ناسكا من بني ضبيعة من ربيعة بن نزار فقتلاه،و كان يقال له رؤبة الضبعي،و تنادى الناس فخرج رجل من بني قطيعة من الأزد،و في يده السيف فناداه الناس من ظهور البيوت الحرورية أنج بنفسك،فنادوه لسنا حرورية نحن الشرط فوقف فقتلوه،فبلغ أبا بلال مرداس بن أدية خبرهما،فقال قريب:لا قربه الله و زحاف لا عفا الله عنه ركباها عشواء مظلمة يريد اعتراضهما الناس،ثم جعلا لا يمران بقبيلة إلا قتلا من وجدا حتى مرا على بني علي بن سود من الأزد،و كانوا رماة كان فيهم مائة يجيدون الرمي،فرموهم رميا شديدا،فصاحوا:يا بني علي البقيا لا رماء بيننا،فقال رجل من بني علي بن سود:

لا شي‏ء للقوم سوى السهام

مشحوذة في غلس الظلام

فعرد عنهم الخوارج و خافوا الطلب،و اشتقوا مقبرة بني يشكر حتى نفذوا إلى مزينة ينتظرون من يلحق بهم من مضر و غيرها،فجاءهم ثمانون و خرجت إليهم بنو طاحية من بنو سود و قبائل من مزينة،و غيرها فاستقتلت الخوارج،و حاربت حتى قتلت عن آخرها،و قتل قريب و زحاف.

١٣٥

و منهم أبو بلال مرداس بن أدية،و هو أخو عروة بن حدير الذي ذكرناه أولا خرج في أيام عبيد الله بن زياد،و أنفذ إليه ابن زياد عباس بن أخضر المازني فقتله،و قتل أصحابه و حمل رأسه إلى ابن زياد،و كان أبو بلال عابدا ناسكا شاعرا،و من قدماء أصحابنا من يدعيه لما كان يذهب إليه من العدل،و إنكار المنكر و من قدماء الشيعة من يدعيه أيضا.

نافع بن الأزرق الحنفي

و منهم نافع بن الأزرق الحنفي،و كان شجاعا مقدما في فقه الخوارج،و إليه تنسب الأزارقة،و كان يفتي بأن الدار دار كفر و أنهم جميعا في النار،و كل من فيها كافر إلا من أظهر إيمانه،و لا يحل للمؤمنين أن يجيبوا داعيا منهم إلى الصلاة،و لا أن يأكلوا من ذبائحهم،و لا أن يناكحوهم و لا يتوارث الخارجي و غيره،و هم مثل كفار العرب و عبدة الأوثان لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف و القعد بمنزلتهم و التقية لا تحل ؛ لأن الله تعالى يقول:( إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ اَلنَّاسَ كَخَشْيَةِ اَللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ) ،و قال فيمن كان على خلافهم:( يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ) ،فتفرق عنه جماعة من الخوارج منهم نجدة بن عامر،و احتج نجدة بقول الله تعالى:( وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ ) ،فسار نجدة و أصحابه إلى اليمامة،و أضاف نافع إلى مقالته التي قدمناها استحلاله الغدر بأمانته لمن خالفه،فكتب نجدة إليه:

١٣٦

أما بعد،فإن عهدي بك و أنت لليتيم كالأب الرحيم،و للضعيف كالأخ البر تعاضد قوى المسلمين،و تصنع للأخرق منهم لا تأخذك في الله لومة لائم،و لا ترى معونة ظالم كذلك كنت أنت و أصحابك،أو لا تتذكر قولك:لو لا أني أعلم أن للإمام العادل مثل أجر رعيته ما توليت أمر رجلين من المسلمين،فلما شريت نفسك في طاعة ربك ابتغاء مرضاته،و أصبت من الحق فصه،و صبرت على مره تجرد لك الشيطان،و لم يكن أحد أثقل عليه وطأة منك و من أصحابك،فاستمالك و استهواك و أغواك،فغويت و أكفرت الذين عذرهم الله تعالى في كتابه من قعدة المسلمين و ضعفتهم،قال الله عز و جل و قوله الحق و وعده الصدق:( لَيْسَ عَلَى اَلضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى اَلْمَرْضى‏ وَ لا عَلَى اَلَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ ) ،ثم سماهم تعالى أحسن الأسماء فقال:( ما عَلَى اَلْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) ،ثم استحللت قتل الأطفال،و قد نهى رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )عن قتلهم،و قال الله جل ثناؤه:( وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ،و قال سبحانه في القعدة خيرا فقال:( وَ فَضَّلَ اَللَّهُ اَلْمُجاهِدِينَ عَلَى اَلْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) ،فتفضيله المجاهدين على القاعدين لا يدفع منزلة من هو دون المجاهدين أو ما سمعت قوله تعالى:( لا يَسْتَوِي اَلْقاعِدُونَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي اَلضَّرَرِ ) ،فجعلهم من المؤمنين و فضل عليهم المجاهدين بأعمالهم،ثم إنك لا تؤدي أمانة إلى من خالفك،و الله تعالى قد أمر أن تؤدى الأمانات إلى أهلها،فاتق الله في نفسك و اتق يوما لا يجزى فيه والد عن ولده،و لا مولود هو جاز عن والده شيئا،فإن الله بالمرصاد و حكمه العدل،و قوله الفصل و السلام.

١٣٧

فكتب إليه نافع:أما بعد،أتاني كتابك تعظني فيه،و تذكرني،و تنصح لي و تزجرني،و تصف ما كنت عليه من الحق،و ما كنت أوثره من الصواب،و أنا أسأل الله أن يجعلني من القوم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.و عبت علي ما دنت به من إكفار القعدة،و قتل الأطفال،و استحلال الأمانة من المخالفين،و سأفسر لك إن شاء الله.أما هؤلاء القعدة فليسوا كمن ذكرت ممن كان على عهد رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )؛ لأنهم كانوا بمكة مقهورين محصورين لا يجدون إلى الهرب سبيلا،و لا إلى الاتصال بالمسلمين طريقا و هؤلاء قد تفقهوا في الدين،و قرءوا القرآن،و الطريق لهم نهج واضح،و قد عرفت ما قال الله تعالى فيمن كان مثلهم إذ قالوا:( كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي اَلْأَرْضِ فقال أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اَللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها ) ،و قال سبحانه:( فَرِحَ اَلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اَللَّهِ وَ كَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ ) ،و قال:( وَ جاءَ اَلْمُعَذِّرُونَ مِنَ اَلْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ ) ،فخبر بتعذيرهم و أنهم كذبوا الله و رسوله،ثم قال:( سَيُصِيبُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) ،فانظر إلى أسمائهم و سماتهم.و أما الأطفال،فإن نوحا نبي الله كان أعلم بالله مني و منك،و قد قال:( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى اَلْأَرْضِ مِنَ اَلْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً ) ،فسماهم بالكفر و هم أطفال و قبل أن يولدوا،فكيف كان ذلك

١٣٨

في قوم نوح و لا تقوله في قومنا،و الله تعالى يقول:( أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي اَلزُّبُرِ ) ،و هؤلاء كمشركي العرب لا يقبل منهم جزية و ليس بيننا و بينهم إلا السيف أو الإسلام.و أما استحلال أمانات من خالفنا،فإن الله تعالى أحل لنا أموالهم كما أحل دماءهم لنا،فدماؤهم حلال طلق و أموالهم في‏ء للمسلمين،فاتق الله و راجع نفسك،فإنه لا عذر لك إلا بالتوبة،و لن يسعك خذلاننا و القعود عنا،و ترك ما نهجناه لك من مقالتنا،و السلام على من أقر بالحق و عمل به.و كتب إلى من بالبصرة من المحكمة:أما بعد،فإن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون،إنكم لتعلمون أن الشريعة واحدة،و الدين واحد،ففيم المقام بين أظهر الكفار،ترون الظلم ليلا و نهارا،و قد ندبكم الله عز و جل إلى الجهاد،فقال:( وَ قاتِلُوا اَلْمُشْرِكِينَ كَافَّةً ) ،و لم يجعل لكم في التخلف عذرا في حال من الأحوال،فقال:( اِنْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً ) ،و إنما عذر الضعفاء و المرضى و الذين لا يجدون ما ينفقون،و من كانت إقامته لعلة،ثم فضل عليهم مع ذلك المجاهدين،فقال:( لا يَسْتَوِي اَلْقاعِدُونَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي اَلضَّرَرِ وَ اَلْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ ) ،فلا تغتروا و تطمئنوا إلى الدنيا،فإنها غرارة مكارة لذتها نافدة،و نعيمها بائد حفت بالشهوات اغترارا،و أظهرت حبرة،و أضمرت عبرة،فليس آكل منها أكلة تسره،و لا شارب منها شربة تؤنقه إلا و دنا بها درجة إلى أجله،و تباعد بها مسافة من أمله،و إنما جعلها الله دار المتزود منها إلى النعيم المقيم،و العيش السليم فليس يرضى بها حازم دارا،و لا حكيم قرارا،فاتقوا الله و تزودوا

١٣٩

فإن خير الزاد التقوى،و السلام على من اتبع الهدى.فلما أظهر نافع مقالته هذه و انفرد عن الخوارج بها أقام في أصحابه بالأهواز يستعرض الناس،و يقتل الأطفال،و يأخذ الأموال،و يجبي الخراج،و فشا عماله بالسواد،فارتاع لذلك أهل البصرة،و اجتمع منهم عشرة آلاف إلى الأحنف،و سألوه أن يؤمر عليهم أميرا يحميهم من الخوارج و يجاهد بهم،فأتى عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب،و هو المسمى ببة،فسأله أن يؤمر عليهم و ببة يومئذ أمير البصرة من قبل ابن الزبير،فأمر عليهم مسلم بن عبيس بن كريز،و كان دينا شجاعا،فلما خرج بهم من جسر البصرة أقبل عليهم،و قال:أيها الناس،إني ما خرجت لامتيار ذهب و لا فضة،و إني لأحارب قوما إن ظفرت بهم،فما وراءهم إلا السيوف و الرماح،فمن كان شأنه الجهاد فلينهض،و من أحب الحياة فليرجع.فرجع نفر يسير و مضى الباقون معه،فلما صاروا بدولاب خرج إليهم نافع و أصحابه فاقتتلوا قتالا شديدا،حتى تكسرت الرماح و عقرت الخيل،و كثر الجراح و القتل،و تضاربوا بالسيوف و العمد فقتل ابن عبيس أمير أهل البصرة،و قتل نافع بن الأزرق أمير الخوارج،و ادعى قتله سلامة الباهلي،و كان نافع قد استخلف عبيد الله بن بشير بن الماحوز السليطي اليربوعي،و استخلف ابن عبيس الربيع بن عمرو الأجذم الغداني اليربوعي،فكان الرئيسان من بني يربوع فاقتتلوا بعد قتل ابن عبيس و نافع قتالا شديدا نيفا،و عشرين يوما حتى قال الربيع لأصحابه إني رأيت البارحة،كأن يدي

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

١٠ -( باب ثبوت القصاص في عين الأعور، إذا قلع عين انسان صحيح، ويرد عليه نصف الدية)

[ ٢٢٧٥٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « وإذا فقئت عين الأعور الصحيحة يعني عمدا فعمى، فإن شاء فقأ احدى عيني صاحبه ويعقل له نصف الدية، وإن شاء أخذ الدية كاملة ولم يفقأ عين صاحبه ».

[ ٢٢٧٥٣ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في الأعور إذا فقأ عين صحيح: « تفقأ عينه الصحيحة » قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إذا يصير أعمى؟ قال: « الحق أعماه ».

١١ -( باب عدم ثبوت القصاص في الجائفة والمنقلة والمأمومة)

[ ٢٢٧٥٤ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يقتص من المنقلة ولا من السمحاق(١) ولا مما هو دونها يعنيعليه‌السلام مما هو دونها إلى الدماغ وداخل الرأس قالعليه‌السلام : وفيهما الدية ولا يقاد من المأمومة، ولا من الجائفة، ولا من كسر عظم، وفي ذلك كله العقل »(٢) .

[ ٢٢٧٥٥ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى

__________________

الباب ١٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٣١ ح ١٤٩٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٣١ ح ١٤٩٦.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢١ ح ١٤٦٥.

(١) السمحاق: القشرة الرقيقة فوق عظم الرأس، سميت بها الشجة التي تبلغها.

( مجمع البحرين ج ٥ ص ١٨٤ ).

(٢) في هاشم المخطوط: ( قال صاحب الدعائم: والأصل فيما يقتص منه الجراحات ).

٢ - الجعفريات ص ١٣٢.

٢٨١

قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام : في الرجل يصيب الجراحة عمدا، مثل الجائفة(١) ، والمأمومة(٢) ، والمنقلة(٣) ، وكسر العظم: « ان ذلك كله في ماله خاصة » الخبر.

١٢ -( باب أن الصحيح إذا قلع عين أعور، ثبت القصاص في احدى عينيه مع نصف الدية، لا فيهما)

[ ٢٢٧٥٦ ] ١ - الصدوق في المقنع: وقضى أبو جعفرعليه‌السلام في عين الأعور إذا أصيبت عينه الصحيحة ففقئت، ان يفقأ عين الذي فقأ عينه ويعقل له نصف الدية، وإن شاء أخذ الدية كاملة.

١٣ -( باب ثبوت القصاص على شاهدي الزور عمدا، إذا قطعت يد المشهود عليه بالسرقة، وله قطع يديهما بعد رد فاضل الدية، وإن لم يتعمدا ضمنا الدية)

[ ٢٢٧٥٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « ان علياعليهم‌السلام قضى في رجلين شهدا على رجل أنه سرق فقطعت يده، ثم رجع أحدهما فقال: شبه علي، فقضي علي

__________________

(١) الجائفة: هي الطعنة التي تبلغ الجوف. ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٣٤ ).

(٢) المأمومة: وهي الضربة التي تبلغ أم الرأس وهي أشد الشجاج ( مجمع البحرين ج ٦ ص ١٤ ).

(٣) النقلة: هي الضربة التي يخرج منها صغار العظام وتنتقل عن أماكنها ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٤٨٦ ).

الباب ١٢

١ - المقنع ص ١٨٣.

الباب ١٣

١ - الجعفريات ص ١٤٤.

٢٨٢

عليه‌السلام أن يغرم نصف دية اليد ولا يقطع، وان رجعا جميعا وقالا: شبه علينا: أغرما جميعا دية اليد من أموالهما خاصة» .

[ ٢٢٧٥٨ ] ٢ - دعائم الاسلام: عنهعليه‌السلام ، ما يقرب منه، وفي آخره: قالعليه‌السلام : « لو ( أعلم انكما )(١) تعمدتما قطعتكما ».

١٤ -( باب ثبوت القصاص على من داس بطن انسان حتى أحدث في ثبابه، إن لم يؤد ثلث الدية)

[ ٢٢٧٥٩ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : « في الرجل يضرب فيحدث غائطا، فقضى عليعليه‌السلام أما أن يداس بطنه فيحدث غائطا، وأما أن يفتدي فيغرم ثلث الدية ».

[ ٢٢٧٦٠ ] ٢ - الصدوق في المقنع: ورفع إلى عليعليه‌السلام رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه، فقضى(١) أن يداس بطنه حتى يحدث كما أحدث، أو يغرم ثلث الدية.

١٥ -( باب أن من قتله القصاص بأمر الإمام، فلا دية له في قتل ولا جراحة)

[ ٢٢٧٦١ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال:

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥١٥ ح ١٨٤٨.

(١) في المصدر: علمت بأنكما.

الباب ١٤

١ - الجعفريات ص ١١٩.

٢ - المقنع ص ١٨٧.

(١) في المخطوط: قضى، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢٧ ح ١٤٨٥.

٢٨٣

« من مات في حد أو قصاص، فهو قتيل القرآن، فلا شئ عليه(١) ».

[ ٢٢٧٦٢ ] ٢ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن عليعليه‌السلام ، قال: « من اقتص منه شئ فمات، فهو قتيل القرآن ».

١٦ -( باب حكم القصاص في الأعضاء والجراحات، بين المسلمين والكفار، والرجال والنساء، والأحرار والمماليك، والصبيان)

[ ٢٢٧٦٣ ] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا قطع الذمي يد رجل مسلم ( قطعت يده )(١) ، وأخذ فاضل ما بين الديتين، وان قتل قتلوه به إن شاء أولياؤه ويأخذوا من ماله أو من مال أوليائه فضل ما بين الديتين، وإذا قطع المسلم يد المعاهد، خير أولياء المعاهد، فان شاؤوا اخذوا دية يده، وإن شاؤوا قطعوا يد المسلم، وأدوا [ إليه ](٢) فضل ما بين الديتين، وإذا قتله المسلم صنع كذلك.

[ ٢٢٧٦٤ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام قال: فيما بين اليهود والنصارى قصاص، فيما دون النفس ».

[ ٢٢٧٦٥ ] ٣ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام ، أنه كان يقول:

__________________

(١) في المصدر: ولا شئ فيه.

٢ - الجعفريات ص ١٣٣.

الباب ١٦

١ - المقنع ص ١٩١.

(١) في المصدر: « قطعها ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - الجعفريات ص ١٢٤.

٣ - الجعفريات ص ١٢٢.

٢٨٤

« ليس بين الرجال والنساء قصاص فيما دون النفس ».

[ ٢٢٧٦٦ ] ٤ - وبهذا الاسناد: أن علياعليه‌السلام ، كان يقول: « ليس بين الأحرار والعبيد قصاص فيما دون النفس ».

قلت: ذكر الشيخ الوجه في هذين الخبرين، وهو مذكور في الأصل، فلاحظ.

[ ٢٢٧٦٧ ] ٥ - وبهذا الاسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: « قال علي بن أبي طالبعليهم‌السلام : ليس بين الصبيان قصاص، عمدهم خطأ، يكون فيه العقل ».

دعائم الاسلام: عنهعليه‌السلام مثله(١) .

١٧ -( باب أن من قطع من أذن انسان فاقتص منه، ثم ردها الجاني فالتحمت، فللمجني عليه قطعها)

[ ٢٢٧٦٨ ] ١ - الصدوق في المقنع: عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أنه سأله عن رجل قطع من بعض أذن الرجل شيئا، فقالعليه‌السلام : « ان رجلا فعل هذا فرفع إلى عليعليه‌السلام فأقاده، فأخذ الآخر ما قطع من أذنه فرده إلى(١) اذنه بدمه فالتحمت وبرئت، فعاد الآخر إلى عليعليه‌السلام فاستعداه، فأمر بها فقطعت ثانية، وأمر بها فدفنت، ثم قال: إنما يكون القصاص من أجل الشين ».

__________________

٤ - الجعفريات ص ١٢٢.

٥ - الجعفريات ص ١٢٤.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٧ ح ١٤٥٣.

الباب ١٧

١ - المقنع ص ١٨٤.

(١) في المصدر: « على ».

٢٨٥

١٨ -( باب عدم ثبوت القصاص في العظم)

[ ٢٢٧٦٩ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يقتص من المنقلة إلى أن قال ولا من كسر عظم ».

١٩ -( باب حكم ما لو قطع اثنان يد واحد، أو واحد يد اثنين)

[ ٢٢٧٧٠ ] ١ - الصدوق في المقنع: فإذا اجتمع رجلان على قطع يد رجل، فان أراد الذي قطعت يده أن يقطع أيديهما جميعا، أدى دية يد إليهما واقتسماها ثم يقطعهما، وإن أراد أن يقطع واحدا قطعه، ويرد الآخر على الذي قطعت يده ربع الدية.

٢٠ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب قصاص الطرف)

[ ٢٢٧٧١ ] ١ - ثقة الاسلام في الكافي: عن العدة عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن ثوير بن أبي فاختة، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في حديث في وصف القيامة إلى أن قال: « فيشرف الله عز وجل الحكم العدل عليهم، فيقول: انا الله لا إله إلا أنا، الحكم العدل الذي لا يجور، اليوم احكم بينكم بعدلي وقسطي، لا يظلم اليوم عندي أحد، اليوم آخذ للضعيف من القوي بحقه ولصاحب المظلمة بالمظلمة، بالقصاص من الحسنات والسيئات، وأثيب على الهبات، ولا يجوز هذه

__________________

الباب ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢١ ح ١٤٦٥.

الباب ١٩

١ - المقنع ص ١٨٢.

الباب ٢٠

١ - الكافي ج ٨ ص ١٠٤ ح ٧٩.

٢٨٦

العقبة اليوم عندي ظالم، ولا أحد عنده مظلمة، إلا مظلمة يهبها لصاحبها وأثيبه عليها، أو آخذ له بها عند الحساب، فتلازموا أيها الخلائق، واطلبوا مظالمكم عند من ظلمكم بها في الدنيا، وأنا شاهد لكم بها عليهم وكفى بي شهيدا» الخبر.

[ ٢٢٧٧٢ ] ٢ - الصدوق في الأمالي: عن محمد بن إبراهيم الطالقاني، عن محمد بن حمدان الصيدلاني، عن محمد بن مسلم الواسطي، عن محمد بن هارون، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، عن ابن عباس، في حديث طويل في وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما قاله لأصحابه في مرضه، إلى أن قال: ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ان ربي عز وجل حكم وأقسم أن لا يجوزه ظلم ظالم، فناشدتكم بالله، أي رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة الا قام فليقتص منه، فالقصاص في دار الدنيا، أحب إلي من القصاص في دار الآخرة، على رؤوس الملائكة والأنبياء » فقام إليه رجل من أقصى القوم، يقال له: سوادة بن قيس، فقال له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، انك لما أقبلت من الطائف، استقبلتك وأنت على ناقتك العضباء، وبيدك القضيب الممشوق، فرفعت القضيب وأنت تريد الراحلة فأصاب بطني، فلا أدري عمدا أو خطأ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « معاذ الله أن أكون تعمدت، ثم قال: يا بلال قم إلى منزل فاطمة، فائتني بالقضيب الممشوق » فخرج بلال وهو ينادي في سكك المدينة: معاشر الناس، من ذا الذي يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة؟! فهذا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة.

وساق الحديث إلى أن قال: ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أين الشيخ؟ » فقال الشيخ: ها انا ذا يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فقال: « تعال، فاقتص مني حتى ترضى » فقال الشيخ: فاكشف لي عن

__________________

٢ - أمالي الصدوق ص ٥٠٥.

٢٨٧

بطنك يا رسول الله، فكشفصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بطنه، فقال الشيخ: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك؟ فأذن له، فقال: أعوذ بموضع القصاص من بطن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من النار يوم النار، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا سوادة بن قيس، أتعفو أم تقتص؟» فقال: بل أعفو يا رسول الله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم اعف عن سوادة بن قيس، كما عفا عن نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله » الخبر.

[ ٢٢٧٧٣ ] ٣ - ابن شهرآشوب في المناقب: قيل: إن مولى لعلي بن الحسينعليهما‌السلام ، كان(١) يتولى عمارة ضيعة له، فجاء ليطلعها فأصاب فيها فسادا وتضييعا كثيرا، غاظه ما رآه وغمه، فقرع المولى بسوط كان في يده، وندم على ذلك، فلما انصرف إلى منزله، أرسل في طلب المولى، فأتاه فوجده عاريا والسوط بين يديه، فظن أنه يريد عقوبته، فاشتد خوفه، فأخذ علي بن الحسينعليهما‌السلام السوط ومد يده إليه، وقال: « يا هذا، قد كان مني إليك ما لم يتقدم مني مثله، وكانت هفوة وزلة، فدونك السوط واقتص مني » فقال المولى: يا مولاي، والله إن ظننت إلا أنك تريد عقوبتي، وأنا مستحق للعقوبة، فكيف اقتص منك؟! قال: « ويحك اقتص » قال: معاذ الله، أنت في حل وسعة، فكرر ذلك عليه مرارا، والمولى كل ذلك يتعاظم قوله ويحلله، فلما لم يره يقتص، قال له: « اما إذا أبيت، فالضيعة صدقة عليك » وأعطاه إياها.

[ ٢٢٧٧٤ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن مات الجناة وأقيمت عليهم الحدود، فقد طهروا في الدنيا والآخرة، وإن لم يتوبوا، كان الوعيد عليهم باقيا بحاله، وحسبهم الله عز وجل، ان شاء عذب، وإن شاء عفا ».

__________________

٣ - المناقب ج ٤ ص ١٥٨.

(١) ليس في المصدر.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٤.

٢٨٨

[ ٢٢٧٧٥ ] ٥ - الشيخ المفيد في الارشاد: عن أبي محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن أحمد بن محمد الرافعي، عن إبراهيم بن علي، عن أبيه، قال: حججت مع علي بن الحسينعليهما‌السلام ، فالتاثت الناقة عليه في مسيرها، فأشار إليها بالقضيب، ثم قال: « آه، لولا القصاص » ورد يده عنها. الالتياث: الابطاء.

[ ٢٢٧٧٦ ] ٦ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « كم من مؤمن يرد من الصراط للقصاص ».

__________________

٥ - الارشاد للمفيد ص ٢٥٦.

٦ - لب اللباب: مخطوط.

٢٨٩

٢٩٠

كتاب

الديات

٢٩١

٢٩٢

* ( فهرست أنواع الأبواب اجمالا ) *

أبواب ديات النفس

أبواب موجبات الضمان

أبواب ديات الأعضاء

أبواب ديات المنافع

أبواب ديات الشجاج والجراح

أبواب العاقلة

٢٩٣

٢٩٤

أبواب ديات النفس

١ -( باب أن دية الرجل الحر المسلم مائة من الإبل، أو مائتا بقرة، أو ألف شاة، أو ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، أو مائتا حلة، وجملة من أحكامها)

[ ٢٢٧٧٧ ] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا: « تؤخذ الدية من كل قوم مما يملكون، من أهل الإبل الإبل، ومن أهل البقر البقر، ومن أهل الغنم الغنم، ومن أهل الحلل الحلل، ومن أهل الذهب الذهب، ومن أهل الورق الورق، ولا يكلف أحد ما ليس عنده ».

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « والدية على أهل الذهب، ألف دينار، وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم، وعلى أهل البعير مائة بعير، قيمة كل بعير عشرة دنانير، وعلى أهل البقر مائتا بقرة، قيمة كل بقرة خمسة دنانير، وعلى أهل الغنم ألفا شاة، قيمة كل شاة نصف دينار، وعلى أهل البز(١) مائة حلة قيمة كل حلة عشرة دنانير، هذه دية الرجل [ الحر ](٢)

__________________

أبواب ديات النفس

الباب ١

١ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٢ ح ١٤٣٨.

(١) في المخطوط: « البر » وما أثبتناه من المصدر. البز: الثياب والقماش ويقال لبائعه: البزاز. ( لسان العرب ج ٥ ص ٣١١ ).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٩٥

المسلم» الخبر.

[ ٢٢٧٧٨ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « والدية في النفس ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، أو مائة من الإبل، على حسب أهل الدية، إن كانوا من أهل العين(١) ألف دينار، وإن كانوا من أهل الورق(٢) فعشرة آلاف درهم، وإن كانوا من أهل الإبل فمائة من الإبل ».

[ ٢٢٧٧٩ ] ٣ - عوالي اللآلي: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في كتابه إلى أهل اليمن: « وفي النفس المؤمنة مائة من الإبل ».

٢ -( باب تفصيل أسنان الإبل، في دية العمد، والخط، أوشبه العمد، وتفسيرها)

[ ٢٢٧٨٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: أن علياعليهم‌السلام ، قضى في النفس الدية ثلاثة وثلاثون جذعة(١) وثلاثة وثلاثون حقة(٢) ، وأربعة وثلاثون ما بين الساري(٣) إلى

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : ص ٤٢.

(١) العين: الذهب ( لسان العرب ج ١٣ ص ٣٠٥ ).

(٢) الورق: الفضة. ( لسان العرب ج ١٠ ص ٣٧٥ ).

٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٦٠٨ ح ١.

الباب ٢

١ - الجعفريات ص ١٢٩.

(١) الجذع: الصغير السن، وهو من الإبل إذا استكمل أربعة أعوام ودخل في الخامسة ( لسان العرب ج ٨ ص ٤٣ ).

(٢) الحقة من الإبل: هي التي استحقت الفحل والحمل، وهي التي استكملت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة ( لسان العرب ج ١٠ ص ٥٤ ).

(٣) كذا ولعل صحته « الثنية » وهي من الإبل ما استكملت الخامسة من عمرها ودخلت في السادسة ( لسان العرب ج ١٤ ص ١٢٣ ).

٢٩٦

بازل(٤) عامها، كلها خلفة، إذا كان شبه العمد مغلظة على العاقلة، وإذا كان خطأ جعلت الدية أرباعا، خمسة وعشرين ( بنت لبون )(٥) على العاقلة» الخبر.

[ ٢٢٧٨١ ] ٢ - وبهذا الاسناد: عن جعفر بن محمد: عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ان شبه العمد الحجر والعصا والسوط، والدية في شبه العمد [ مائة من الإبل، منها أربعون خلفة ما بين ثنية إلى [ بازل ](١) عامها وثلاثون حقه وثلاثون جذعة ».

[ ٢٢٧٨٢ ] ٣ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زياد بن سوقة، عن الحكم بن عتيبة، عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث قال الحكم: فقلت: ان الديات إنما كانت تؤخذ قبل اليوم من الإبل والغنم، قال: فقال: « إنما كان ذلك في البوادي قبل الاسلام، فلما ظهر الاسلام وكثر الورق في الناس، قسمها أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام على الورق» قال الحكم: فقلت له: أرأيت من كان من أهل البوادي، ما الذي يؤخذ منه في الدية، إبل أو ورق؟ قال فقال: « الإبل اليوم هي مثل الورق، بل هي أفضل من الورق في الدية، انهم إنما كان يؤخذ منهم في دية الخطأ مائة من الإبل، يحسب لكل

__________________

(٤) البازل من الإبل: التي طلع نابها وذلك في السنة التاسعة وربما كان في السنة الثامنة. ( لسان العرب ج ١١ ص ٥٢ ).

(٥) بنت لبون من الإبل: هي التي استكملت سنتين وطعنت في الثالثة. ( لسان العرب ج ١٣ ص ٣٧٥ ).

٢ - الجعفريات ص ١٣٢.

(١) بياض في المخطوط والمصدر، وما أثبتناه استظهار من المصنف قده، وورد نفس الاستظهار في هامش المصدر.

٢٩٧

بعير مائة درهم، فذلك عشرة آلاف درهم» قلت له: فما أسنان المائة البعير؟ فقال: « ما حال عليه الحول، ذكران كلها» الخبر.

[ ٢٢٧٨٣ ] ٤ - العياشي في تفسيره: عن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في أبواب الديات، في الخطأ شبه العمد إذا قتل بالعصا، أو بالسوط، أو بالحجارة، يغلظ ديته، وهو مائة من الإبل: أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها، وثلاثون حقة، وثلاثون بنت لبون، وقال في الخطأ دون العمد، يكون فيه ثلاثون حقة، وثلاثون بنت لبون، وعشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر، وقيمة كل بعير من الورق مائة درهم، أو عشرة دنانير، ومن الغنم إذا لم يكن قيمة ناب الإبل، لكل بعير عشرون شاة ».

[ ٢٢٧٨٤ ] ٥ - وعن علي بن أبي حمزة، قال: دية الخطأ إذا لم يرد الرجل، مائة من الإبل، أو عشرة آلاف من الورق، أو الف من الشاة، وقال: دية المغلظة التي شبه العمد وليس بعمد، أفضل من دية الخطأ بأسنان الإبل، ثلاث وثلاثون حقة، [ و ](١) ثلاث وثلاثون جذعة، وأربع وثلاثون ثنية، كلها طروقة الفحل.

[ ٢٢٧٨٥ ] ٦ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أبيه، قال: سمع أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في أبواب الدية، قال: الخطأ شبه العمد أن يقتل الرجل بسوط أو عصا. أو بالحجارة، ودية ذلك يغلظ وهي مائة من الإبل: منها أربعون خلفة تخلفت عن الحمل، ( أو الخلفة التي لحقت بين ثنية )(١) إلى بازل عامها، وثلاثون

__________________

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦٥ ح ٢٢٦.

٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦٦ ح ٢٢٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

(١) في المصدر: والحلفة التي تحفت بين بينة.

٢٩٨

حقة، وثلاثون ابنة لبون، التي ( تتبع أخاها )(٢) أو أمها، والخطأ بين، يكون فيه ثلاثون حقه، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون بنت مخاض التي أخوتها في بطن أمها، وعشرة ابن لبون ذكر، وقيمة كل بعير من الورق مائة وعشرون درهما، أو عشرة دنانير، ومن الغنم قيمة إناث من الإبل عشرون شاة» .

٣ -( باب أن من قتل في الأشهر الحرم، فعليه دية وثلث، وصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم)

[ ٢٢٧٨٦ ] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن فضالة بن أيوب، والقاسم بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، والحسين بن سعيد، عن أحمد بن عبد الله، عن ابان، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ، يقول: « إذا قتل الرجل في شهر حرام، صام شهرين متتابعين من أشهر الحرم ». فتبسمت وقلت له: يدخل ههنا شئ، قال: « أدخلني »(١) قلت: العيد والأضحى وأيام التشريق، قال: « هذا حق لزمه [ فليصمه ](٢) » قال أحمد بن عبد الله في حديثه: ليعتق أو يصوم.

[ ٢٢٧٨٧ ] ٢ - الصدوق في المقنع: فان قتل رجل رجلا في أشهر الحرم، فعليه الدية، وصيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم، وإذا دخل في هذين الشهرين العيد وأيام التشريق، فعليه أن يصوم، فإنه حق لزمه.

__________________

(٢) في المصدر: تبوع أخوها.

الباب ٣

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦١.

(١) في نسخة: « ادخله » وفي أخرى: « ما يدخله ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - المقنع ص ١٨٢.

٢٩٩

٤ -( باب أن دية الخطأ تستأدى في ثلاث سنين، ودية العمد في سنة)

[ ٢٢٧٨٨ ] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد الله عن أبيه، عن آبائه: « أن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، قضى في قتل الخطأ بالدية على العاقلة، وقال: تؤدى في ثلاث سنين، في كل سنة ثلث ».

[ ٢٢٧٨٩ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام ، أنه قال في حديث: « وتؤدى الدية في ثلاث سنين، في كل سنة ثلث ».

٥ -( باب أن دية المرأة نصف دية الرجل)

[ ٢٢٧٩٠ ] ١ - دعائم الاسلام: بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « والدية على أهل الذهب ألف دينار إلى أن قال هذه دية الرجل [ الحر ](١) المسلم، ودية المرأة [ على ](٢) النصف من ذلك في النفس، وفي ما جاوز ثلث الدية من الجراح ».

[ ٢٢٧٩١ ] ٢ - وعن أمير المؤمنين، وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قالا في الرجل يقتل المرأة عمدا: « يخير أولياء المرأة، أن يقتلوا الرجل ويعطوا

__________________

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٤ ح ١٤٤٥.

٢ - الجعفريات ص ١٢٩.

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٢ ح ١٤٣٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٠٨ ح ١٤٢٣.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445