طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب9%

طرف من الأنباء والمناقب مؤلف:
المحقق: الشيخ قيس العطّار
الناشر: انتشارات تاسوعاء
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 653

طرف من الأنباء والمناقب
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 210665 / تحميل: 6559
الحجم الحجم الحجم
طرف من الأنباء والمناقب

طرف من الأنباء والمناقب

مؤلف:
الناشر: انتشارات تاسوعاء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الطّرفة الثالثة والعشرون

في تعريف النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام في الحياة، بما(١) يتجدّد من امرأتين من نسائه بعد الوفاة

وعنه، عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيّته(٢) لعليّعليه‌السلام : يا عليّ(٣) إنّ فلانة وفلانة ستشاقّانك وتعصيانك(٤) بعدي، وتخرج فلانة عليك في عساكر الحديد، وتتخلّف(٥) الأخرى تجمع إليها(٦) الجموع، هما(٧) في الأمر سواء، فما أنت صانع يا عليّ؟

قال عليّعليه‌السلام (٨) : يا رسول الله، إن(٩) فعلتا ذلك تلوت عليهما كتاب الله، وهو(١٠) الحجّة فيما

__________________

(١) في « د »: ما

(٢) جملة ( في وصيته ) ساقطة من « أ » « ب »، وهي في « هامش أ »، وباقي النسخ

(٣) قوله ( يا عليّ ) ساقط من « أ » « ب » « د »

(٤) في « هامش أ » « ج » « د » « هـ » « و »: وتبغضانك

(٥) في « هامش أ » « د » « هـ » « و »: وتخلّف

في « أ »: ويتخلت. وهو تصحيف

(٦) في « هامش أ » « د »: لها

(٧) ساقطة من « ب »

(٨) عن « د » فقط

(٩) في « أ » « د »: إذا

(١٠) في « ب »: والحجّة

١٨١

بيني وبينهما، فإن قبلتا(١) وإلاّ أخبرتهما(٢) بالسّنّة وما يجب عليهما من طاعتي وحقّي(٣) المفروض عليهما، فإن قبلتاه(٤) وإلاّ أشهدت الله وأشهدتك عليهما، ورأيت قتالهما على ضلالتهما(٥) .

قال: وعقر الجمل؟

قال عليّ(٦) : قلت: وعقر الجمل(٧) .

قال النبي(٨) : وإن وقع في النّار؟

قلت: وإن وقع في النّار.

قال: اللهمّ اشهد(٩) ، قال: يا عليّ إذا فعلتا ما(١٠) شهد عليهما القرآن، فأبنهما منّي، فإنّهما(١١) بائنتان، وأبواهما(١٢) شريكان لهما فيما(١٣) عملتا وفعلتا.

__________________

(١) في « د »: فإن فعلتا

(٢) في « ج » « د » « هـ » « و »: خبّرتهما

(٣) في « أ »: وحق. وفي « هامش أ » كما في المتن عن باقي النسخ

(٤) جملة ( فإن قبلتاه ) ساقطة من « ب ». وفي « أ »: فإن قبلتا. ثم أدخل الهاء عن نسخة

(٥) في « أ » « ب »: ورأيت قبالهما على ضلالهما. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(٦) لفظ ( عليّ ) عن « د » فقط

(٧) الفقرة هذه ساقطة بأجمعها من « و »

(٨) لفظ ( النبي ) عن « د » فقط

(٩) في « د »: فاشهد

(١٠) في « أ » « د »: فأشهد عليهما

(١١) ساقطة من « ب »

(١٢) في « أ » « ج » « د » « هـ » « و »: وأبوهما. وأدخلت ألف التثنية في متن « أ » عن نسخة

(١٣) ساقطة من « ج » « هـ »

١٨٢

الطّرفة الرابعة والعشرون

في تعريف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام بما يتجدّد(١) من قتال الناكثين والمارقين والقاسطين

وعنه، عن أبيهعليه‌السلام ، قال: كان في(٢) وصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ اصبر على ظلم الظالمين(٣) ما لم تجد أعوانا، فالكفر مقبل(٤) والرّدّة والنّفاق، بيعة الأوّل(٥) ، ثمّ الثاني وهو شرّ منه وأظلم، ثمّ الثالث، ثمّ تجتمع لك شيعة تقاتل بهم الناكثين والقاسطين والمارقين، العن(٦) المضلّين ( المصلّين(٧) واقنت عليهم، هم الأحزاب، العن المضلّين(٨) )(٩)

__________________

(١) في « هامش أ » « د »: فيما يحدث

في « هـ » « و »: بما تجدّد

(٢) عن « ب ». وأدخلت في متن « أ » عن نسخة

(٣) في « أ » « ب »: المضلين

في « ج »: المطلبين. والمثبت عن « هامش أ » « د » « هـ » « و »

(٤) في « هامش أ » « د »: يقبل

(٥) في « أ » « ب » « ج » « و »: والنفاق والإفك، ثم الثاني

في « هـ »: والنفاق وإلاّ فلا، ثم الثاني. وهي مصحفة عن النسخ المذكورة. والمثبت عن « هامش أ » « د »

(٦) ساقطة من « د » في « هـ » « و »: والقاسطين والمتبعين المضلين

(٧) في متن « أ » عن نسخة. وهي ليست في « ب »

(٨) في « أ »: المصلّين

(٩) ساقطة من « ج » « د » « هـ » « و ». وهما في « أ » « ب » باختلافات يسيرة ستأتي. وقد ادخل هذه الجمل في « أ » عن نسخة

١٨٣

واقنت(١) عليهم، هم(٢) الأحزاب وشيعتهم.

__________________

(١) في « أ » في الموضعين: وأفت. وفي هامشها: واقنت

(٢) هذه وما قبلها ادخلتا في « أ » عن نسخة. والثانية ساقطة من « ب »

١٨٤

الطّرفة الخامسة والعشرون

في رسالة وردت من الله تعالى إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل وفاته، فأدّاها إلى الناس بلسان(١) عليّعليه‌السلام في حياته

وعنه، عن أبيه(٢) ، قال: دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قبل وفاته بقليل، فأكبّ عليه(٣) ، فقال: أي أخي، إنّ جبرئيلعليه‌السلام أتاني من عند الله برسالة، وأمرني أن أبعثك بها إلى الناس، فاخرج إليهم(٤) وأعلمهم(٥) وناد فيهم(٦) من الله، وقل من الله ومن رسوله: أيّها الناس، يقول لكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ جبرئيلعليه‌السلام أتاني من عند الله برسالة، وأمرني أن(٧)

__________________

(١) في « هامش أ » « ج » « د » « هـ » « و »: على لسان

(٢) في « أ »: عنه وعن أبيه

في « ب »: وعن أبيه

(٣) ساقطة من « ب »

(٤) في « د » « هـ » « و »: عليهم

(٥) في « ج » « هـ » « و »: وعلّمهم

(٦) في « ج »: وناد بهم

في « هـ » « و »: وأدّبهم

في « د »: فاخرج عليهم وأدّبهم وقل لهم إنّ الله ورسوله أيّها الناس

(٧) ساقطة من « د »

١٨٥

أبعث(١) بها إليكم(٢) مع أميني عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

ألا من ادّعى(٣) إلى غير أبيه(٤) فقد برئ الله منه.

( ألا من توالى غير مواليه فقد برئ الله منه )(٥) .

ألا(٦) ومن تقدّم إمامه أو قدّم إماما(٧) غير مفترض الطّاعة، وو الى(٨) إماما جائرا(٩) ، فقد ضادّ الله في ملكه، والله منه بريء الى يوم القيامة، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، ألا هل بلّغت؟ قالها ثلاثا(١٠) .

ومن منع أجيرا أجرته - وهو من قد(١١) عرفتم - فعليه لعنة الله المتتابعة(١٢) إلى يوم القيامة.

وروى هذه الطّرفة(١٣) محمّد بن جرير الطبريّ أتمّ من هذا(١٤) في كتابه الّذي سماّه

__________________

(١) في « هامش أ »: لكنّه أبعثك في النسخة الأصل

(٢) في « أ » « ب »: إليهم

في « هامش أ » « د » « هـ » « و »: عليكم

(٣) في « ب »: ألا ومن دعا

(٤) في « و »: لغير أبيه

(٥) ساقطة من « ب ». في « أ » « د »: ومن توالى، مع سقوط ( ألا )

(٦) ساقطة من « ج » « د » « هـ » « و »

(٧) في « ج » « د » « هـ »: أو قدّم إمام

(٨) في « ب »: وو الى اهل البغي ومن منع أجيرا ...

(٩) في « ج » « هـ »: وو الى بائدا جائرا عن الإمام فقد ضادّ الله

في « و »: وو الى بائرا جائرا عن الإمام فقد ضادّ الله

(١٠) في « ج »: كررت جملة ( ألا هل بلغت ) أربع مرّات. وكرّرت في « هـ » « و » ثلاث مرّات

(١١) ساقط من « د » « هـ » « و »

(١٢) في « هامش أ » « د »: فعليه لعنة الله - قال ثلاثا - إلى يوم القيامة

(١٣) في « ب » « ج »: ورواها لهذه الطّرفة

(١٤) جملة ( أتمّ من هذا ) ساقطة من « د »

١٨٦

« مناقب أهل البيت »(١) ، ورتّبه(٢) أبوابا على حروف المعجم، فقال في باب الياء ما هذا(٣) لفظه:

أبو جعفر، قال: حدّثنا يوسف بن عليّ البلخي، قال: حدّثني أبو سعيد الآدمي بالريّ، قال: حدّثني عبد الكريم بن هلال، عن الحسين بن موسى بن جعفر(٤) ، عن أبي الحسن موسى ابن جعفر، عن أبيه، عن جدّهعليهم‌السلام :

إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن أخرج فأنادي(٥) في الناس: ألا من ظلم أجيرا أجره فعليه لعنة الله، ألا من توالى غير مواليه فعليه لعنة الله، ألا ومن سبّ أبويه فعليه لعنة الله(٦) .

قال عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : فخرجت فناديت في الناس كما أمرني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) ، فقال لي عمر بن الخطّاب: هل لما ناديت به من تفسير؟

فقلت: الله ورسوله أعلم.

قال(٨) : فقام عمر وجماعته(٩) من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخلوا عليه، فقال عمر: يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل لما نادى عليّعليه‌السلام من تفسير؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم، أمرته أن ينادي « ألا من ظلم أجيرا أجره فعليه لعنة الله »، والله يقول:

__________________

(١) نسب ابن طاوس هذا الكتاب إلى ابن جرير الطبري العامّي صاحب التاريخ المعروف، وأكثر عنه النقل في كتابه « اليقين ». والتحقيق أنّ هذا الكتاب لابن جرير الطبري الإمامي الشيعي - أما صاحب دلائل الإمامة والمسترشد، وأمّا الذي كان من أصحاب الإمام العسكريعليه‌السلام - وعلى كلّ حال، فهو ليس لابن جرير العامّي. وقد حقق ذلك المرحوم الآغا بزرك في الذريعة ( ٢٢: ٣٢٤ )

(٢) في « د »: مرتّبة

(٣) اسم الإشارة ساقط من « أ » « ب »

(٤) جملة ( عن الحسين بن موسى بن جعفر ) ساقطة من « أ » « ب » « ج »

(٥) في « د »: فنادى

(٦) قوله ( لعنة الله ) ساقط من « هـ »

(٧) في « د »: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

(٨) ساقطة من « ب »

(٩) عن « ج ». وفي باقي النسخ: وجماعة

١٨٧

( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١) فمن ظلمنا فعليه لعنة الله.

وأمرته أن ينادي « من توالى غير مواليه فعليه لعنة الله »، والله يقول(٢) :( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (٣) ، فمن(٤) كنت مولاه فعلي مولاه، ومن(٥) توالى(٦) غير عليّ وذرّيّتهعليهم‌السلام (٧) فعليه لعنة الله.

وأمرته أن ينادي « ومن سبّ أبويه فعليه لعنة الله »، وإني(٨) أشهد الله وأشهدكم، أنّي وعليّا(٩) أبو المؤمنين، فمن سبّ أحدنا فعليه لعنة الله.

فلمّا خرجوا قال عمر(١٠) : يا أصحاب محمّد، ما أكّد النبي لعليّعليه‌السلام في الولاية، ولا(١١) في غدير خمّ، ولا في غيره أشدّ من تأكيده في يومنا هذا.

قال خبّاب بن الأرتّ هذه الوقعة(١٢) ، و(١٣) كان ذلك(١٤) قبل وفاة النبي بسبعة(١٥) عشر يوما.

__________________

(١) الشورى؛ ٢٣

(٢) في « ج »: يقول أنّ

(٣) الأحزاب؛ ٦

(٤) في « د » « هـ » « و »: من

(٥) المثبت عن « ب »، وفي باقي النسخ: فمن

(٦) أدخل الالف من قوله ( توالى ) في متن « أ » عن نسخة، وهو ما يوافق باقي النسخ

(٧) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(٨) في « هامش أ » « د » « هـ » « و »: وأنا

(٩) في « د »: وعليّ

(١٠) ساقطة من « هـ »

(١١) قوله ( ولا ) عن « هامش أ » « د »

(١٢) جملة ( هذه الوقعة ) ساقطة من جميع النسخ، وأدخلها في متن « أ » عن نسخة

في « د »: قال وكان ذلك. أي أن جملة ( خباب بن الارت هذه الوقعة ) ساقطة من « د »

(١٣) الواو ساقطة من « ب » « ج » « هـ » « و »

(١٤) في « ب »: كان قبل وفاة

في « ج » « هـ » « و »: كان هذا الحديث قبل

(١٥) في « هامش أ » « د » « ج » « و »: بتسعة

١٨٨

الطّرفة السادسة والعشرون

في مناجاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة وعليّعليهما‌السلام ، ووداعهما(١) في الليلة الّتي قبض في نهارها، وتعريفه بطرف(٢) من حديث أمّته وأسرارها

وعنه، عن أبيه، قال: لمّا كانت الليلة الّتي قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في صبيحتها، دعا عليّا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وأغلق عليه وعليهم الباب(٣) ، وقال لفاطمة، وأدناها منه فناجاها(٤) من اللّيل طويلا.

فلمّا طال ذلك خرج عليّعليه‌السلام ومعه الحسن والحسينعليهما‌السلام ، وأقاموا بالباب، والناس خلف ذلك(٥) ونساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ينظرون(٦) إلى عليّعليه‌السلام ومعه(٧) ابناه.

فقالت عائشة لعليّعليه‌السلام (٨) : لأمر ما أخرجك عنه(٩) رسول الله وخلا بابنته دونك في هذه السّاعة!!

__________________

(١) في « ب »: وأودعها

في « ج »: ووداعها

(٢) في « أ » « ب »: بطرفة

(٣) المثبت عن « أ ». وفي باقي النسخ: وأغلق عليه الباب وعليهم

(٤) في « ب »: فناجى

(٥) في « هامش أ » « د »: خلف الباب

(٦) في « أ » « ب »: ينظرن

(٧) كلمة ( معه ) ساقطة من « د »

(٨) عن « أ » « د »

(٩) في « د » « هـ » « و »: منه

١٨٩

فقال لها عليّعليه‌السلام : قد عرفت الّذي خلا بها وأرادها له(١) ، وهو بعض ما كنت فيه وأبوك وصاحباه، ممّا قد أسماه(٢) ، فوجمت(٣) أن تردّ عليه كلمة.

قال عليّعليه‌السلام : فما لبثت أن(٤) نادتني فاطمةعليها‌السلام ، فدخلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يجود بنفسه(٥) ، فبكيت ولم أملك نفسي(٦) حين رأيته بتلك الحال يجود بنفسه.

فقال لي: ما يبكيك يا عليّ؟ ليس هذا أوان البكاء، فقد حان الفراق بيني وبينك(٧) ، فأستودعك الله(٨) يا أخي، فقد(٩) اختار لي ربّي ما عنده، وإنّما بكائي(١٠) وغمّي(١١) وحزني(١٢) عليك وعلى هذه أن تضيع بعدي، فقد أجمع القوم على ظلمكم، وقد استودعتكم(١٣) الله(١٤) وقبلكم منّي وديعة.

يا عليّ إنّي قد أوصيت(١٥) ابنتي فاطمة بأشياء وأمرتها(١٦) أن تلقيها إليك(١٧) ، فأنفذها،

__________________

(١) ساقطة من « أ » « د »

(٢) في « أ » « د »: مما قدّمتماه

في « هـ » « و »: مما قد سماّه. وكلمة ( ممّا ) ساقطة من « ب »

(٣) في « هامش أ » « د »: فأرادت

(٤) في « د »: إذ

(٥) في « ب »: وهو يجود بنفسه فقال لي ما يبكيك فبكيت ولم أملك ...

(٦) في متن « أ »: على نفسي. حيث أدخل حرف الجرّ عن نسخة

(٧) في « هـ »: وقليلا

(٨) لفظ الجلالة ساقطة من « د »

(٩) في « ب »: قد

(١٠) في « د »: وإنّما أنا بكائي

(١١) ساقطة من « ب »

(١٢) في « أ » « ب »: وخوفي. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(١٣) في « أ »: استودعكم

(١٤) لفظ الجلالة ساقط من « د »

(١٥) في « أ »: أرضيت. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

(١٦) في « ب »: أمرتها، بسقوط حرف العطف

في « هامش أ » « د »: وأعلمتها

(١٧) في « و »: عليك

١٩٠

فهي الصّادقة الصّدوقة.

ثمّ ضمّهاصلى‌الله‌عليه‌وآله إليه وقبّل رأسها، وقال: فداك أبوك يا فاطمة، فعلا صوتها بالبكاء، ثمّ ضمّها إليه، وقال: أم(١) والله لينتقمنّ(٢) الله(٣) ربّي وليغضبنّ لغضبك، ثمّ الويل، ثمّ الويل، ثمّ الويل للظالمين، ثمّ بكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال عليّعليه‌السلام : فو الله(٤) لقد حسبت(٥) بضعة منّي قد ذهبت(٦) لبكائه، وهملت(٧) عيناه كالمطر(٨) حتّى بلّت(٩) دموعه لحيته وملاءة(١٠) كانت عليه، وهو ملتزم(١١) فاطمةعليها‌السلام ما يفارقها(١٢) ، ورأسه على صدري، وأنا مسنّده، والحسن والحسينعليهما‌السلام يقبّلان قدميه، وهما(١٣) يبكيان بأعلى أصواتهما.

قال عليّعليه‌السلام : فلو قلت أنّ جبرئيل ( في البيت لصدقت؛ لأنّي كنت(١٤) أسمع بكاء ونغمة لا أعرفها، وأعلم أنّها كانت أصوات الملائكة لا(١٥) أشكّ فيها؛ لأنّ جبرئيل )(١٦) لم يكن(١٧) في

__________________

(١) ساقطة من « أ » « ب ». وهي في « هامش أ » وباقي النسخ

(٢) في « ج » « هـ »: لينقمنّ

(٣) في « هامش أ » « د »: لينتقمن الله لك من مبغضيك فالويل ثم الويل ثم الويل لظالميك ثم بكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

(٤) القسم ساقط من « د »

(٥) في « ب » « ج »: حسست

(٦) في « ب » « ج »: فذهبت بدلا من قوله « قد ذهبت »

(٧) عن « هامش أ » « د ». وفي « أ » « ب » « ج »: حتّى هملت. وفي « هـ » « و »: حتّى حملت

(٨) عن « هامش أ » « د ». وفي باقي النسخ: كمثل المطر

(٩) في « د »: وبلّت

(١٠) في « هامش أ » « د »: ورداء

(١١) في « هامش أ » « د » « و »: يلتزم. في « هـ »: يلزم

(١٢) في « أ » « د »: لم يفارقها

في « ب »: مانعا دفنها. وهو تصحيف ( ما يفارقها )

(١٣) كلمة ( هما ) عن « ب ». وأدخلها في متن « أ » عن نسخة. وفي البواقي: ويبكيان

(١٤) ساقطة من « و »

(١٥) في « ج »: ولم أشكّ فيها، لأني أعلم أنّ جبرئيل

(١٦) ساقطة من « ب »

(١٧) ساقطة من « هـ »

١٩١

مثل تلك الليلة يفارق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

و(١) لقد رأيت(٢) من(٣) بكائها ما أحسست(٤) أنّ السماوات والأرضين قد بكت لها.

ثمّ قال لها(٥) : يا بنيّة، خليفتي عليكم الله(٦) وهو خير خليفة، والّذي بعثني بالحقّ لقد بكى لبكائك عرش الله ( ومن(٧) حوله من الملائكة، والأرضون وما فيها.

يا فاطمة، والّذي بعثني بالحقّ نبيّا(٨) ، لقد حرّمت الجنّة على الخلائق حتّى أدخلها، وإنّك لأوّل خلق الله )(٩) يدخلها(١٠) ، كاسية حالية ناعمة، يا فاطمة فهنيئا(١١) لك.

والذي بعثني بالحقّ ( إنّ الحور(١٢) العين ليفخرنّ بك، وتقرّبك أعينهنّ(١٣) ، ويتزيّنّ لزينتك، والّذي بعثني بالحقّ )(١٤) إنّك لسيّدة(١٥) من يدخلها من النّساء.

__________________

(١) الواو ساقطة من « أ » « ب ». وهي في « هامش أ » وباقي النسخ

(٢) في « هامش أ »: ولقد سمعت بكاء من بكائها ما أحسست

في « د »: ولقد سمعت بكاء ما أحسست

(٣) ساقطة من « هـ » « و »

(٤) في « هـ » « و »: ما أحسنت

(٥) في « أ »: ثم قال يا بنية

في « ب »: ثمّ يا بنية

(٦) لفظ الجلالة ساقطة من « هـ »

(٧) عن « هامش أ » « د ». وفي « أ » « ب » « ج » « هـ » « و »: وما

(٨) ساقطة من « ج » « د » « و ». وهي في « ب » وادخلت في متن « أ » عن نسخة

(٩) ساقطة من « هـ »

(١٠) في « أ » « د »: تدخليها. وهي ساقطة من « ب »

(١١) في « د »: هنيئا

(١٢) في « أ »: حور

(١٣) في « أ » « ب »: وتقربك منهنّ. واستظهر ناسخ النسخة « أ » في هامشها ما أثبتناه في المتن ونسخة « ج » غير مقروءة ولا منقوطة

(١٤) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(١٥) في « و »: سيّدة

١٩٢

والّذي بعثني بالحقّ، إنّ جهنّم لتزفر(١) زفرة لا يبقى ملك مقرّب، ولا نبي مرسل إلاّ صعق، فينادى أن(٢) يا جهنّم يقول لك الجبّار: اسكني - بعزّتي(٣) - واستقرّي حتّى تجوز فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الجنان، ولا يشغلهم قتر ولا ذلّة(٤) .

والّذي بعثني بالحقّ، ليدخل حسن وحسين(٥) ؛ حسن عن يمينك وحسين عن يسارك، وليشرفنّ من أعلى الجنان، فينظرن إليك(٦) بين يدي الله في المقام الشّريف، ولواء الحمد مع عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أمامي(٧) ؛ يكسى إذا كسيت، ويحلّى إذا حلّيت(٨) .

والّذي بعثني بالحقّ، لأقومنّ بخصومة(٩) أعدائك، وليندمنّ قوم ابتزّوا(١٠) حقّك، وقطعوا مودّتك، وكذبوا عليّ، وليختلجنّ دوني، فأقول: أمّتي أمّتي(١١) ، فيقال: إنّهم بدّلوا بعدك وصاروا إلى السّعير.

__________________

(١) في « هامش أ » « د »: لتزفرنّ

(٢) في « ب »: فينادى بها إليك أن. وقد أدخلت هاتان الكلمتان في متن « أ » عن نسخة في « ج » « هـ » « و »: فينادى إليك أن

(٣) أدخلت هنا في متن « أ » عن نسخة

في « ب »: اسكني واستقري بعزتي

في « ج » « هـ » « و »: اسكني بعزّي واستقري

وهي ساقطة من « د »

(٤) جملة ( لا يشغلهم قتر ولا ذلّة ) ساقطة من « د »، وأدخلت في متن « أ » عن نسخة

في « ج » « هـ » « و »: لا بعثناهم قتر ولا ذلة. والظاهر أنّها تصحيف ( لا يغشاهم قتر ولا ذلة )

(٥) اسم السبطين ساقط من « ب »

(٦) جملة ( فينظرن إليك ) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(٧) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(٨) في « هـ »: إذا حيّيت

(٩) في « ب »: بالخصومة

(١٠) في « هامش أ » « د »: أخذوا

في « هـ »: قومه اسدوا حقّك

في « و »: قوم سدّوا حقّك

(١١) ساقطة من « ب »

١٩٣

١٩٤

الطّرفة السابعة والعشرون

في ذكر حنوط النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقسمته بينه وبين عليّ وفاطمة(١) عليهم‌السلام بين يديهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢)

وعنه، عن أبيه، قال: قال عليّ بن أبي طالب: كان في الوصيّة أن يدفع إلى عليّ الحنوط(٣) ، فدعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل وفاته بقليل، فقال: يا عليّ ويا فاطمة، هذا حنوطي من الجنّة دفعه إليّ جبرئيل، وهو يقرؤكما(٤) السلام، ويقول لكما: اقسماه واعزلا منه(٥) لي ولكما.

قالت(٦) : ثلثه لك(٧) ، وليكن الناظر في الباقي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وضمّها إليه، و(٨) وقال: موفّقة رشيدة و(٩) قال: مهديّة ملهمة، يا عليّ(١٠) قل في الباقي.

__________________

(١) في « و »: وقسمته بين عليّ وفاطمة

(٢) قوله ( بين يديه ) ساقط من « د ». وأدخل في متن « أ » عن نسخة. وهو موجود في باقي النسخ

(٣) في « ج » « د » « هـ » « و »: ان يدفع إليّ الحنوط

(٤) في « أ » « ب »: يقرئكم

(٥) جملة ( واعزلا منه ) ساقطة من « د »

(٦) ساقطة من « د »

(٧) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(٨) الواو ساقطة من « أ » « ب »

(٩) الواو في « ب ». وأدخلت في متن « أ » عن نسخة. وهي ساقطة من باقي النسخ

(١٠) في « د »: يا عليّ ما بقي هو لك فاقبضه. وبه تنتهي الطّرفة في « د »

١٩٥

قالعليه‌السلام : نصف ما بقي لها، والنصف لمن ترى يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال: هو لك يا عليّ(١) ، فاقبضه(٢) .

__________________

(١) قوله ( يا عليّ ) عن « أ » « د »

(٢) في « أ » « ب »: فاقبضها. والمثبت عن « هامش أ » وباقي النسخ

١٩٦

الطّرفة الثامنة والعشرون

في وصيّة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام ، بكيفيّة تغسيله ومن يفرغ الماء عليه(١) ، ومن أين يؤخذ الماء، وطرف ممّا ينتهي الأحوال عليه(٢)

قال: وحدّثني عيسى بن المستفاد، قال(٣) : حدّثني أبو الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام ، عن أبيه(٤) ، قال(٥) : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، أضمنت(٦) ديني تقضيه عنّي؟

قال: نعم(٧) .

قال: اللهمّ فاشهد، قال(٨) : يا(٩) عليّ، غسّلني ولا يغسّلني غيرك فيعمى بصره.

__________________

(١) ساقطة من « د »

(٢) في « ج » « هـ » « و »: مما يبني الأحوال إليه

في « د »: مما ينتهي الاحوال إليه

(٣) ساقطة من « ب » « ج »

(٤) ( عن أبيه ) ساقطة من « د »

(٥) ساقطة من « ب »

في « د »: قال قال إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يا عليّ

(٦) في « و »: ضمنت. بسقوط همزة الاستفهام

(٧) ( قال نعم ) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(٨) ساقطة من « د »

(٩) حرف النداء ساقط من « هـ »

في « و »: قال على أن تغسلني ولا يغسلني

١٩٧

قال عليّعليه‌السلام : ولم(١) يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قال: كذلك قال لي جبرئيلعليه‌السلام (٢) عن ربّي؛ أنّه لا يرى عورتي أحد(٣) غيرك إلاّ عمي بصره(٤) .

قال عليّعليه‌السلام : فكيف أقوى عليك وحدي؟

قال: يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، وإسماعيل صاحب سماء الدّنيا.

قلت: فمن(٥) يناولني الماء؟

قال: الفضل بن العبّاس، من غير أن ينظر(٦) إلى شيء منّي؛ فإنّه لا يحلّ له ولا لغيره من الرّجال والنساء، النظر إلى عورتي حرام(٧) ، وهي(٨) حرام عليهم.

فإذا فرغت من غسلي فضعني على لوح، وأفرغ عليّ من بئر غرس(٩) أربعين دلوا مفتّحة الأفواه - قال عيسى: أو قال: أربعين قربة، شككت أنا في ذلك -.

قال(١٠) : ثمّ ضع يدك يا عليّ على(١١) صدري - وأحضر معك فاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، من غير أن ينظروا الى شيء من عورتي - ثمّ(١٢) تفهم عند ذلك ما كان وما

__________________

(١) ساقطة من « ب »

(٢) في « هـ »: كذلك قال الله لجبرئيل

كلمة ( لي ) ساقطة من « و »

(٣) عن « ب » فقط

(٤) ساقطة من « هـ »

(٥) في « د »: ومن

(٦) في « ب »: من غير نظر

(٧) عن « ج » « هـ » « و »

(٨) في « أ » « د »: وهو

(٩) في « ج »: من بئري بئر عرش

في « هـ » « و »: من بئري باب عرش

(١٠) ساقطة من « ب » « و »

(١١) ساقطة من « ج »

(١٢) في « ب »: ثمّ تفهم عند ذلك افهم ما كان -

١٩٨

هو(١) كائن إن شاء الله، أقبلت يا عليّ؟

قال: نعم.

قال: اللهمّ فاشهد، قال: يا عليّ، ما أنت صانع لو تأمّر(٢) القوم عليك من(٣) بعدي؟ وتقدّموك(٤) ، وبعثوا إليك طاغيتهم يدعوك(٥) إلى البيعة؟ ثمّ لبّبت(٦) بثوبك، وتقاد كما يقاد الشارد من الإبل؛ مرموما(٧) مخذولا محزونا(٨) مهموما، أبعد(٩) ذلك تصبر وتنقاد لهم أم لا؟

قال: فلمّا سمعت فاطمة ما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صرخت فاطمة(١٠) وبكت، فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبكائها، وقال: يا(١١) بنيّة لا تبكين ولا تؤذين جلساءك من الملائكة، هذا جبرئيل يبكي لبكائك، وميكائيل وصاحب صور(١٢) الله إسرافيل، يا بنيّة لا تبكين، فقد بكت السماوات والأرض(١٣) لبكائك.

__________________

ـ في « ج » « هـ » « و »: ثمّ تفهم عند ذلك تفهم ما كان

في « هامش أ » « د »: ثمّ تفهم كلاما بعد موتي، تفهم ما كان

(١) ساقطة من « هـ »

(٢) في « ج » « د » « هـ » « و »: لو قد تأمّر

(٣) ساقطة من « د » « هـ » « و »

(٤) الكاف أدخلت في متن « أ » عن نسخة. وهي في « ب » « ج »

في « هامش أ » « د » « هـ » « و »: وتقدّموا عليك

(٥) في « هـ » « و »: ويدعوك

(٦) في « و »: لففت

(٧) في « هامش أ » « د » « هـ » « و »: مذموما

في « ب »: مرمولا. وما في المتن معناه ( مشدودا بالرمّة ) وهي قطعة حبل يشدّ بها الأسير أو الذي يقاد إلى القتل

(٨) ساقطة من « ب ». وأدخلت في « أ » عن نسخة. وهي موجودة في باقي النسخ.

(٩) المثبت عن « هامش أ » « د ». وفي باقي النسخ: بعد ذلك ينزل بها ولاء ويحل بهذه قال فلما سمعت

(١٠) ساقطة من « د »

(١١) في « هـ »: وقال لابنه لا تبكين

(١٢) في « أ » « ب » « ج » « هـ »: سرّ

(١٣) في « أ » « د »: والأرضين

١٩٩

فقال عليّعليه‌السلام : يا رسول الله، أنقاد للقوم وأصبر - كما أمرتني(١) - على ما أصابني، من غير بيعة لهم، ما لم أصب أعوانا عليهم لم أناظر القوم.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهمّ اشهد، فقال: يا عليّ، ما أنت صانع بالقرآن والعزائم(٢) والفرائض؟

فقال: يا رسول الله، أجمعه ثمّ آتيهم(٣) به، فإن قبلوه وإلاّ أشهدت الله(٤) وأشهدتك عليهم(٥) .

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهمّ(٦) اشهد.

__________________

(١) قوله ( كما أمرتني ) عن « أ » « د »

(٢) ساقطة من « د ». وهي موجودة في باقي النسخ، وقد أدخلت في متن « أ » عن نسخة

(٣) في « ب »: آتينّهم

(٤) في « ب »: وإلاّ أشهدت الله عليهم واشهدتك عليهم

(٥) في « د » « هـ » « و »: عليه

(٦) ساقطة من « د » « هـ » « و »

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

وفي تفسير فرات (٣٠٦) بسنده عن ابن عبّاس، قال: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فينا خطيبا، فقال: الحمد لله على آلائه وبلائه عندنا أهل البيت أيّها، الناس إنّ الله تبارك وتعالى خلقني وأهل بيتي من طينة لم يخلق أحدا غيرنا ومن موالينا ثمّ قال: هؤلاء خيار خلقي، وحملة عرشي، وخزّان علمي، وسادة أهل السماء والأرض، هؤلاء البررة المهتدون المهتدى بهم، من جاءني بطاعتهم وولايتهم أولجته جنّتي وأبحته كرامتي، ومن جاءني بعداوتهم والبراءة منهم أولجته ناري وضاعفت عليه عذابي، وذلك جزاء الظالمين.

ويدلّ على المطلب ما مرّ من روايات التولّي والتبري، وجميع الأدلّة الدالّة على وجوب حبّهم ومتابعتهم وأنها تدخل الجنّة، وحرمة بغضهم وعصيانهم وأنها توجب النار.

وقد روى الثعلبي في تفسير قوله تعالى:( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١) بإسناده إلى جرير بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله يقول: من مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفورا له، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائبا، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمنا مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة ثمّ منكر ونكير، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد زفّ إلى الجنّة زفّا كما تزف العروس إلى بيت زوجها، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله زوّار قبره الملائكة بالرحمة، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السّنّة، ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه « آيس من رحمة الله »، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة. انظره في كشف الاشتباه (١٦٤) وتفسير الكشاف ( ج ٤؛ ٢٢٠ - ٢٢١ ) وتفسير الفخر الرازيّ ( ج ٧؛ ٤٠٥ ) والعمدة (٥٤) وينابيع المودّة ( ج ١؛ ٢٦ ) وجواهر العقدين للسمهوديّ / العقد الثاني - الذكر العاشر (٢٥٣) من المخطوطة، وفرائد السمطين ( ج ٢؛ ٢٥٥ - ٢٥٦ ).

وفي مناقب الخوارزمي (٣٢) بسنده عن ابن عمر، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا ومن

__________________

(١) الشورى؛ ٢٣.

٤٠١

مات على حبّ آل محمّد فأنا كفيله بالجنّة مع الأنبياء، ألا ومن أبغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه « آيس من رحمة الله ».

والروايات في هذا المعنى في أهل البيت من طرق الفريقين كثيرة، يتعذر إحصاؤها وتعداد المصادر الّتي أوردتها، وفيما ذكرناه وألمحنا إليه كفاية وغنى في المقام.

٤٠٢

الطّرفة العشرون

روى هذه الطّرفة بسنده عن عيسى، الشريف الرضي في خصائص الأئمّة ( ٧٣ - ٧٥ ) بعد الطّرفة السادسة عشر مباشرة، ورواها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٨٥ - ٤٨٧ ) عن كتاب الطّرف.

إنّ إرجاع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر عن الصلاة الّتي كانت بأمر عائشة ممّا روي في كتب السنّة فضلا عن الشيعة، ورووا خروجهصلى‌الله‌عليه‌وآله معتمدا على عليّعليه‌السلام والفضل بن العبّاس، فأخّر أبا بكر عن الصلاة، وكانت آخر صلاة صلاّهاصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمسلمين، ثمّ صعد المنبر فخطب، وكانت آخر خطبة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله على المنبر.

ففي إرشاد القلوب ( ٣٣٨ - ٣٤١ ) عن حذيفة في خبر طويل، قال: واشتدت علّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدفعت عائشة صهيبا، فقالت: امض إلى أبي بكر وأعلمه أن محمّدا في حال لا ترجى، فهلموا إلينا أنت وعمر وأبو عبيدة ومن رأيتهم أن يدخل معكم، وليكن دخولكم المدينة باللّيل سرّا فدخل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ليلا المدينة، ورسول الله قد ثقل ...

قال: وكان بلال مؤذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يؤذن بالصلاة في كلّ وقت صلاة، فإن قدر على الخروج تحامل وخرج وصلّى بالناس، وإن هو لم يقدر على الخروج أمر عليّ بن أبي طالب فصلّى بالناس، وكان عليّ والفضل بن العبّاس لا يزايلانه في مرضه ذلك، فلمّا أصبح رسول الله من ليلته تلك الّتي قدم فيها القوم الّذين كانوا تحت يدي أسامة أذّن بلال، ثمّ

٤٠٣

أتاه يخبره كعادته، فوجده قد ثقل، فمنع من الدخول إليه، فأمرت عائشة صهيبا أن يمضي إلى أبيها فيعلمه أنّ رسول الله قد ثقل وليس يطيق النهوض إلى المسجد، وعليّ بن أبي طالب قد شغل به وبمشاهدته عن الصلاة بالناس، فاخرج أنت إلى المسجد وصلّ بالناس، فإنّها حالة تهيّئك وحجّة لك بعد اليوم.

قال: ولم يشعر الناس - وهم في المسجد ينتظرون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو عليّاعليه‌السلام يصلّي بهم كعادته الّتي عرفوها في مرضه - إذ دخل أبو بكر المسجد، وقال: إنّ رسول الله قد ثقل، وقد أمرني أن أصلّي بالناس ثمّ نادى الناس بلالا، فقال: على رسلكم رحمكم الله لأستأذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك، ثمّ أسرع حتّى أتى الباب فقال: إنّ أبا بكر دخل المسجد وتقدّم حتّى وقف في مقام رسول الله، وزعم أنّ رسول الله أمره بذلك وأخبر رسول الله الخبر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أقيموني، أخرجوني إلى المسجد، والّذي نفسي بيده قد نزلت بالإسلام نازلة وفتنة عظيمة من الفتن، ثمّ خرج معصوب الرأس يتهادى بين عليّ والفضل بن العبّاس ورجلاه تجرّان في الأرض، حتّى دخل المسجد، وأبو بكر قائم في مقام رسول الله وقد طاف به عمر وأبو عبيدة وسالم وصهيب والنفر الّذين دخلوا وتقدّم رسول الله فجذب أبا بكر من ردائه فنحّاه عن المحراب، وأقبل أبو بكر والنفر الّذين كانوا معه فتواروا خلف رسول الله، وأقبل الناس فصلّوا خلف رسول الله وهو جالس، وبلال يسمع الناس التكبير، حتّى قضى صلاته، ثمّ التفتصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم ير أبا بكر، فقال: أيها الناس، ألا تعجبون من ابن أبي قحافة وأصحابه الذين أنفذتهم وجعلتهم تحت يدي أسامة، وأمرتهم بالمسير إلى الوجه الّذي وجّهوا إليه، فخالفوا ذلك ورجعوا إلى المدينة ابتغاء الفتنة، ألا وإنّ الله قد أركسهم فيها، اعرجوا بي إلى المنبر.

فقامصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مسنّد حتّى قعد على أدنى مرقاة، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس، إنّه قد جاءني من أمر ربّي ما الناس صائرون إليه، وإني قد تركتكم على الحجّة الواضحة، ليلها كنهارها، فلا تختلفوا من بعدي كما اختلف من كان قبلكم من بني إسرائيل، أيّها الناس إنّي لا أحلّ لكم إلاّ ما أحلّه القرآن، ولا أحرّم عليكم إلاّ ما حرّمه القرآن، وإنّي مخلّف

٤٠٤

فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، هما الخليفتان فيكم، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فأسالكم بما ذا خلّفتموني فيهما، وليذادنّ يومئذ رجال عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل، فيقول رجال: أنا فلان وأنا فلان، فأقول: أمّا الأسماء فقد عرفت، ولكنّكم ارتددتم من بعدي، فسحقا لكم سحقا. ثمّ نزل عن المنبر وعاد إلى حجرته، ولم يظهر أبو بكر ولا أصحابه حتّى قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وانظر حرص عائشة وحفصة، كلّ منهما على تقديم أبيها للصلاة، وقول النبي لهما: « اكففن فإنّكنّ كصويحبات يوسف » وخروجه للصلاة وتأخيره أبا بكر في الإرشاد ( ٩٧ - ٩٨ ) وإعلام الورى ( ٨٢ - ٨٤ ) والمسترشد في الإمامة ( ١٢٤ - ١٢٦، ١٣٢، ١٤٢ - ١٤٣ ) والشافي في الإمامة ( ج ٢؛ ١٥٨ - ١٥٩ ).

وقال الكوفي في الاستغاثة (١١٧) بعد ذكره لروايات أبناء العامة في صلاة أبي بكر وإرجاع النبي إيّاه، قال: وأمّا رواية أهل البيتعليهم‌السلام في تقديمه للصلاة، فإنّهم رووا أنّ بلالا صار إلى باب رسول الله فنادى: الصلاة، وكان قد أغمي على رسول الله ورأسه في حجر عليّعليه‌السلام ، فقالت عائشة لبلال: مر الناس أن يقدّموا أبا بكر ليصلّي بهم، فإنّ رسول الله مشغول بنفسه، فظنّ بلال أنّ ذلك عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال للناس: قدّموا أبا بكر فيصلّي بكم، فتقدّم أبو بكر، فلمّا كبّر أفاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من غشوته، فسمع صوته، فقال عليّعليه‌السلام : ما هذا؟ قالت عائشة: أمرت بلالا يأمر الناس بتقديم أبي بكر يصلّي بهم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أسندوني، أما إنّكنّ كصويحبات يوسف فجاءصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المحراب بين الفضل وعليّ وأقام أبا بكر خلفه ...

وأمّا ما روته كتب العامّة، فإنّه مرتبك من حيث التفاصيل، ففي بعضها أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أبا بكر بالصلاة، وفي بعضها أنّ عائشة أمرته بذلك، وفي بعضها أنّ النبي أمر أن يصلّي أحدهم ولم يعيّن، فتنازعت عائشة وحفصة كلّ تريد تقديم والدها، إلى أن تقدّم أبو بكر، ثمّ نقلوا أنّ النبي خرج يهادي بين رجلين - لم يذكرهما البخاريّ، وذكرتهما المسانيد الأخرى، وهما عليّ والفضل - حتّى وقف يصلّي، قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ١٤؛ ٢٣ ): فمنهم

٤٠٥

من قال: نحّاه وصلّى هو بالناس، ومنهم من قال: بل ائتم بأبي بكر كسائر الناس، ومنهم من قال: كان الناس يصلّون بصلاة أبي بكر، وأبو بكر يصلّي بصلاة رسول الله.

ولا يخفى عليك أنّه لا يجوز أن يتقدّم أحد على النبي في الصلاة وفي غيرها، خصوصا وأنّه لا بدّ من تقديم الأعلم والأفقه والهاشمي وغيرها من شروط تقدّم الإمام، وكلّها لا تصحّح تقدّم أحد على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خصوصا وأنّ في كثير من الروايات قولهم « لم يكن أبو بكر كبّر، فلمّا سمع حسّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تأخّر، فأخذ النبي بيده وأقامه إلى جنبه، فكبّر وكبّر أبو بكر بتكبيره، وكبّر الناس بتكبير أبي بكر »، فما كان أبو بكر سوى مسمع لصلاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما هو دأب المنادي في الصلاة.

ونقل ابن أبي الحديد في شرحه للنهج ( ج ٩؛ ١٩٧ ) كلام الشيخ أبي يعقوب يوسف بن إسماعيل اللمعاني؛ حيث قال في جملة كلامه: فكان - من عود أبي بكر من جيش أسامة بإرسالها [ أي عائشة ] إليه، وإعلامه بأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يموت - ما كان، ومن حديث الصلاة بالناس ما عرف، فنسب عليّعليه‌السلام عائشة أنّها أمرت بلالا مولى أبيها أن يأمره فليصلّ بالناس؛ لأنّ رسول الله - كما روي - قال: « ليصلّ بهم أحدهم » ولم يعيّن، وكانت صلاة الصبح، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في آخر رمق يتهادى بين عليّ والفضل بن العبّاس، حتّى قام في المحراب كما ورد في الخبر وكان عليّعليه‌السلام يذكر هذا لأصحابه في خلواته كثيرا، ويقول: إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يقل « إنّكنّ لصويحبات يوسف » إلاّ إنكارا لهذه الحال، وغضبا منها؛ لأنّها وحفصة تبادرتا إلى تعيين أبويهما، وأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب ....

وقد حقّق ابن الجوزيّ المسألة في كتابه « آفة أصحاب الحديث: ٥٥ » ثمّ قال: في هذه الأحاديث الصحاح المشروحة أظهر دليل على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان الإمام لأبي بكر؛ لأنّه جلس عن يساره، وقولهم: يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله، دليل على أنّ رسول الله كان الإمام.

والمحقّق من الروايات أنّ أبا بكر استغلّ مرض النبي، فتقدّم بأمر من ابنته عائشة، وإسناد من معه، إلى الصلاة، فلمّا أحسّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج يتهادى بين عليّعليه‌السلام والفضل، فأرجع أبا بكر ولم يكن ابتدأ بالصلاة، فكبّرصلى‌الله‌عليه‌وآله هو وصلّى قاعدا وصلّى خلفه المسلمون.

٤٠٦

قال المظفر في دلائل الصدق ( ج ٢؛ ٦٣٣ ): والحقّ أنّه لم يصلّ بالناس إلاّ في صلاة واحدة وهي صلاة الصبح؛ تلبّس بها بأمر ابنته، فعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج يتهادى بين عليّعليه‌السلام والعبّاس أو ابنه الفضل، ورجلاه تخطّان في الأرض من المرض، وممّا لحقه من تقدّم أبي بكر ومخالفة أمره بالخروج في جيش أسامة، فنحّاه النبي وصلّى ثمّ خطب، وحذّر الفتنة، ثمّ توفي من يومه وهو يوم الإثنين، وقد صرّحت بذلك أخبارنا، ودلّت عليه أخبارهم؛ لإفادتها أنّ الصلاة الّتي تقدّم فيها هي الّتي عزله النبي عنها، وإنّها صبح الاثنين وهو الّذي توفي فيه.

وقد وردت هذه الروايات في أمّهات المصادر والصحاح، كصحيح البخاريّ ( ج ١؛ ٥٩ ) وفتح الباري ( ج ١؛ ٢٤٢ ) وشرح الكرمانيّ ( ج ٣؛ ٤٥ ) والموطّأ ( ج ١؛ ١٥٦ ) وصحيح مسلم بشرح النووي ( ج ٣؛ ٦١ ) ومسند أحمد بن حنبل ( ج ٥؛ ٣٢٢ ) والمصنّف لعبد الرزاق ( ج ٥؛ ٤٢٩ ) ودلائل النبوّة للبيهقي ( ج ٧؛ ١٩١ ) وتاريخ الطبريّ ( ج ٣؛ ١٩٥ - ١٩٦ / أحداث سنة ١١ ).

وانظر تحقيق الحال في الاستغاثة ( ١١١ - ١١٧ ) وبحار الأنوار ( ج ٢٨؛ ١٣٠ - ١٧٤ ) ففيه بحث قيّم للمجلسيرحمه‌الله ، ودلائل الصدق ( ج ٢؛ ٦٣٣ - ٦٤٢ ) وكتاب الإمامة للسيّد عليّ الميلاني ( ٢٨٥ - ٣٥٦ ) « رسالة في صلاة أبي بكر »، وهذه الكتب بحثت المسألة من خلال كتب العامّة فقط، فلاحظها ولاحظ مصادرها.

وفي كثير من المصادر - الإماميّة والعاميّة الذاكرة لهذا الحادث - خطبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الّتي أوصاهم فيها بالكتاب والعترة، وحذّرهم فيها من الفتن والفرقة، ففي أمالي المفيد (١٣٥) عن معروف بن خربوذ، قال: سمعت أبا عبد الله مولى العبّاس يحدّث أبا جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، قال: سمعت أبا سعيد الخدريّ يقول: إنّ آخر خطبة خطبنا بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لخطبة خطبنا في مرضه الّذي توفّي فيه، خرج متوكئا على عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وميمونة مولاته، فجلس على المنبر، ثمّ قال: يا أيّها الناس ...

وفي جواهر العقدين المخطوط (١٦٨) قال: ثمّ إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قام معتمدا على عليّعليه‌السلام والفضل

٤٠٧

حتّى جلس على المنبر وعليه عصابة، فحمد الله وأثنى عليه، وأوصاهم بالكتاب وعترته أهل بيته، ونهاهم عن التنافس والتباغض وودّعهم. وانظر الخطبة وخروجه إليها في الاحتجاج ( ٤٣ - ٤٧ ) وطبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٤٢ ) عن أبي سعيد الخدريّ، وصحيح البخاريّ / باب مناقب الأنصار رقم ١١، وصحيح مسلم ( ج ٧؛ ٧٤ / فضائل الصحابة ) ومسند أحمد بن حنبل ( ج ٣؛ ١٥٦، ١٧٦، ١٨٨، ٢٠١ ).

ألا قد خلّفت فيكم كتاب الله وخلّفت فيكم العلم الأكبر وصيّي عليّ بن أبي طالب

تقدّم الكلام عن حديث الثقلين في الطّرفة العاشرة، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كتاب الله وأهل بيتي فإنّ اللّطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »، وذكرنا هناك أنّ علياعليه‌السلام هو رأس أهل البيت الثقل الثاني، ووردت روايات صريحة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله: « كتاب الله وعليّ بن أبي طالب » كما تقدّم نقله عن كتاب مائة منقبة لابن شاذان ( ١٤٠ المنقبة ٨٦ ). ونزيد هنا أنّ الخوارزمي أخرجه أيضا في كتاب مقتل الحسينعليه‌السلام ( ج ١؛ ٣٢ ) والديلمي في إرشاد القلوب (٣٧٨) عن زيد بن ثابت أيضا.

كما تقدّم الكلام عن حديث « أنّ عليّا هو العلم » في الطّرفة الحادية عشر، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ عليّ بن أبي طالب هو العلم، فمن قصر دون العلم فقد ضلّ، ومن تقدّمه تقدّم إلى النار، ومن تأخّر عن العلم يمينا هلك، ومن أخذ يسارا غوى » فراجع.

ألا وهو حبل الله فاعتصموا به جميعا ولا تفرّقوا عنه

لقد روت المصادر الإماميّة والعاميّة هذا المضمون بأسانيد مختلفة، ويمكن تقسيم الروايات الواردة في هذا المعنى إلى ثلاثة أقسام: أوّلها: ما ورد فيه أنّ عليّا هو حبل الله، وثانيها: ما ورد فيه أنّ آل محمّد حبل الله، وثالثها: ما ورد فيه أنّ عليّا والأئمّة من ولده حبل الله.

٤٠٨

فأمّا القسم الأول: ففي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٧٦ ) قال: محمّد بن عليّ العنبريّ، بإسناده، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه سأل أعرابي عن هذه الآية، فأخذ رسول الله يده فوضعها على كتف عليّ، فقال: يا أعرابي، هذا حبل الله فاعتصم به، فدار الأعرابي من خلف عليّ والتزمه، ثمّ قال: اللهمّ إنّي أشهدك أنّي اعتصمت بحبلك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا. وروى نحوا من ذلك الباقر والصادقعليهما‌السلام ، وهو في ينابيع المودّة ( ج ١؛ ١١٨ ) عن المناقب، وانظر تفسير فرات ( ٩٠ / الحديث ٧٠ ) بسنده عن الباقر، عن أبيه، عن جدّهعليهم‌السلام ، وفيه أيضا ( ٩٠ / الحديث ٧١ ) بسنده عن ابن عبّاس، وفيه أيضا ( ٩١ / الحديث ٧٤ ) بسنده عن الصادقعليه‌السلام ، والفضائل لابن شاذان (١٢٥) عن السجادعليه‌السلام .

وفي تفسير فرات ( ٩٠، ٩١ / الحديث ٧٢ ) بسنده عن الباقرعليه‌السلام ، قال: ولاية عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام الحبل الّذي قال الله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (١) ، فمن تمسّك به كان مؤمنا، ومن تركه خرج من الإيمان.

وفي تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢١٧ ) عن ابن يزيد، قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن قوله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٢) قال: عليّ بن أبي طالب حبل الله المتين. وهو في تفسير الصافي ( ج ١؛ ٢٨٥ ) والبرهان ( ج ١؛ ٣٠٥ ).

وفي أمالي الصدوق (١٦٥) بسنده عن حذيفة بن أسيد الغفاريّ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا حذيفة إنّه أخو رسول الله، ووصيّه وإمام أمّته، ومولاهم، وهو حبل الله المتين ...

وأمّا القسم الثاني: ففي تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢١٧ ) عن الباقرعليه‌السلام ، قال: آل محمّد هم حبل الله الّذي أمرنا بالاعتصام به، فقال:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٣) .

__________________

(١) آل عمران؛ ١٠٣.

(٢) آل عمران؛ ١٠٣.

(٣) آل عمران؛ ١٠٣.

٤٠٩

وفي شواهد التنزيل ( ج ١؛ ١٦٩ / الحديث ١٨٠ ) بسنده عن الصادقعليه‌السلام - في قوله:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (١) - قال: نحن حبل الله.

وانظر رواية هذا الخبر عن الصادقعليه‌السلام في ينابيع المودّة ( ج ١؛ ١١٨ ) ومجمع البيان ( ج ١؛ ٤٨٢ ) وأمالي الطوسي (٢٧٢) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٧٥ ) وخصائص الوحي المبين (١٨٣) ونقله أيضا في خصائصه (١٨٤) من طريق أبي نعيم إلى الصادقعليه‌السلام ، وانظر الصواعق المحرقة (٩٠) ونور الأبصار (١٠١).

وأمّا القسم الثالث: ففي أمالي الصدوق (٢٦) بسنده عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحبّ أن يركب سفينة النجاة، ويستمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل الله المتين، فليوال عليّا بعدي، وليعاد عدوّه، وليأتمّ بالأئمّة الهداة من ولده، فإنّهم خلفائي، وأوصيائي، وحجج الله على الخلق بعدي، وسادة أمّتي، وقادة الأتقياء إلى الجنّة، حزبهم حزبي، وحزبي حزب الله، وحزب أعدائهم حزب الشيطان. وهو في شواهد التنزيل ( ج ١؛ ١٦٨ / الحديث ١٧٧ ) بسنده عن الرضاعليه‌السلام ، ورواه البحراني في غاية المرام ( ٢٤٢ / الباب ٣٦ ) بأربعه طرق، وهو في روضة الواعظين (١٥٧).

وفي تفسير فرات ( ٩١ / الحديث ٧٣ ) بسنده عن الصادق ٧، قال: نحن حبل الله الّذي قال:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٢) ، وولاية عليّ البرّ، فمن استمسك به كان مؤمنا، ومن تركه خرج من الإيمان. وهو في شواهد التنزيل ( ج ١؛ ١٦٩ / الحديثان ١٧٨، ١٧٩ ).

ويدلّ على هذا المطلب ما مرّ في حديث الثقلين، بلفظ « حبل ممدود ما بين السماء والأرض » أو « سبب طرفه بيد الله »، ولذلك أورد الثعلبي والسيوطي حديث الثقلين بهذه الألفاظ في تفسير قول تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٣) ، وفي أمالي الطوسي (١٥٧) بسنده عن الصادقعليه‌السلام ، قال: نحن السبب بينكم وبين الله. كما يدلّ

__________________

(١) آل عمران؛ ١٠٣.

(٢) آل عمران؛ ١٠٣.

(٣) آل عمران؛ ١٠٣.

٤١٠

عليه ما جاء في تفسير قوله تعالى:( إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ) (١) وأنّ الحبل من الله هو الكتاب العزيز، والحبل من الناس هو عليّ بن أبي طالب. انظر في ذلك تفسير فرات ( ٩٢ الحديث ٧٦ ) وتفسير العيّاشي ( ج ١؛ ٢١٩ ) وتفسير الصافي ( ج ١؛ ٢٨٩ ) وتفسير البرهان ( ج ١؛ ٣٠٩ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣؛ ٧٥ ).

لا تأتوني غدا بالدنيا تزفّونها زفّا، ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا، مقهورين مظلومين، تسيل دماؤهم

إنّ المظلوميّة الّتي حلّت بأهل البيت والأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام ، وأتباعهم وشيعتهم، ممّا لا يحتاج إلى بيان، فقد أطبق التاريخ والمؤرخون على هذه الحقيقة، وأن الشيعة عموما، والفرقة الإماميّة خصوصا، لا قوا من الويلات والاضطهاد والتنكيل ما لم يلقه أيّ مذهب آخر، وكان بدء الظلم قد حلّ بهم بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ إذ نزل الظلم بعليّ وفاطمة والحسن والحسين ومن بعدهم التسعة من ولد الحسينعليهم‌السلام ، هذا الظلم كلّه أنزل بهم مع كثرة وصايا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم بمثل قوله: « الله الله في أهل بيتي » وغيره من توصياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهم، وتحذيره الأمّة من ظلمهم وأذاهم، وقد مرّ عليك في تخريجات كثير من المطالب الماضية ما فيه غنى وكفاية، ومن أوضحها وأصرحها ما جاء في حديث الثقلين من الأمر باتّباعهم وأنّه سبيل النجاة، والنهي عن التخلّف عنهم وإيذائهم وظلمهم، وأنّه يؤدي إلى الهلاك والنار.

ففي مناقب ابن المغازلي ( ١٦ - ١٨ ) بسنده عن امرأة زيد بن أرقم، قالت: أقبل نبي الله من مكّة في حجّة الوداع، حتّى نزل بغدير الجحفة بين مكّة والمدينة، فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهنّ من شوك، ثمّ نادى: الصلاة جامعة فصلّى بنا الظهر، ثمّ انصرف إلينا فقال: الحمد لله ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله لا شريك له؟ وأنّ محمّدا عبده ورسوله؟ وأنّ الجنّة حقّ وأنّ النار حقّ؟ وتؤمنون بالكتاب كلّه؟ قالوا: بلى، قال: فإني أشهد أن قد صدقتكم

__________________

(١) آل عمران؛ ١١٢.

٤١١

وصدّقتموني، ألا وإنّي فرطكم، وإنّكم تبعي، توشكون أن تردوا عليّ الحوض، فأسألكم حين تلقونني عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما الأكبر منهما كتاب الله تعالى؛ سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم، فتمسّكوا به ولا تضلّوا، والأصغر منهما عترتي فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصّروا عنهم؛ فإنّي قد سألت لهم اللّطيف الخبير فأعطاني، ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليّهما لي ولي، وعدوّهما لي عدوّ، ألا وإنّها لم تهلك أمّة قبلكم حتّى تتديّن بأهوائها، وتظاهر على نبوّتها، وتقتل من قام بالقسط، ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فرفعها، ثمّ قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، ومن كنت وليّه فهذا وليّه، اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، قالها ثلاثا. وهو في العمدة ( ١٠٤ - ١٠٦ ) عن ابن المغازلي، وفيه « عن ابن امرأة زيد بن أرقم ».

وفي نظم درر السمطين ( ٢٣٣ - ٢٣٤ ) قال: وروى زيد بن أرقم، قال: أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم حجّة الوداع، فقال: إنّي فرطكم على الحوض، وإنّكم تبعي، وإنّكم توشكون أن تردوا عليّ الحوض فأسألكم عن ثقلي؛ كيف خلفتموني فيهما الأكبر منهما كتاب الله والأصغر عترتي، فمن استقبل قبلتي، وأجاب دعوتي، فليستوص لهم خيرا - أو كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم وهو في ذخائر العقبى (١٦) حيث قال: أخرجه أبو سعيد في شرف النبوّة، ونقله عن نظم درر السمطين القندوزيّ في ينابيع المودّة ( ج ١؛ ٣٥ ) والسمهوديّ في جواهر العقدين المخطوط، في الذكر الرابع، ورواه عن زيد بن أرقم العلاّمة حميد المحلي في محاسن الأزهار كما في نفحات الأزهار ( ج ١؛ ٤٢٠ ). ولزيادة التوضيح ننقل هنا بعض ما يرتبط بهذا المطلب.

ففي المختار من مسند فاطمة (١٦٠) نقل عن البخاريّ في تاريخه، وابن عساكر في تاريخ دمشق، عن شريح، قال: أخبرني أبو أمامة والحارث بن الحارث، وعمرو بن الأسود في نفر من الفقهاء: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نادى في قريش فجمعهم، ثمّ قام فيهم ثمّ قال: يا معشر قريش، لا ألفين أناسا يأتوني يجرّون الجنّة، وتأتوني تجرون الدنيا، اللهمّ لا أجعل لقريش أن يفسدوا ما أصلحت أمّتي ...

٤١٢

ومن ذلك حديث المصحف والمسجد والعترة؛ ففي الخصال ( ١٧٤ - ١٧٥ ) بسنده عن جابر، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون إلى الله عزّ وجلّ: المصحف والمسجد والعترة، يقول المصحف: يا ربّ حرقوني ومزّقوني، ويقول المسجد: يا ربّ عطّلوني وضيّعوني، وتقول العترة: يا ربّ قتلونا وطردونا وشرّدونا، فأجثو للركبتين للخصومة، فيقول الله جلّ جلاله لي: أنا أولى بذلك. وانظر هذا الحديث في بحار الأنوار ( ج ٢؛ ٨٦ ) عن كتاب المستدرك المخطوط لابن البطريق، وبصائر الدرجات ( ٤٣٣ - ٤٣٤ ) ومقتل الحسين للخوارزمي ( ج ٢؛ ٨٥ ) عن جابر، ونقله الإمام المظفر في دلائل الصدق ( ج ٣؛ ٤٠٥ ) عن كنز العمال ( ج ٦؛ ٤٦ ) عن الديلمي، عن جابر، ونقله عن أحمد والطبراني وسعيد بن منصور، عن أبي أمامة الباهلي، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ومن ذلك حديث مظلوميّة أهل البيت الّذي قاله النبي لأصحابه؛ ففي أمالي الصدوق ( ٩٩ - ١٠١ ) بسنده عن ابن عبّاس، قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان جالسا ذات يوم، إذ أقبل الحسنعليه‌السلام ، فلمّا رآه بكى، ثمّ قال: إلى أين يا بني؟ فما زال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليمنى، ثمّ أقبل الحسينعليه‌السلام ، فلمّا رآه بكى، ثمّ قال: إلى أين يا بني؟ فما زال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليسرى، ثمّ أقبلت فاطمةعليها‌السلام ، فلمّا رآها بكى، ثمّ قال: إليّ إليّ يا بنيّة، فأجلسها بين يديه، ثمّ أقبل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فلمّا رآه بكى، ثمّ قال: إليّ يا أخي، فما زال يدنيه حتّى أجلسه إلى جنبه الأيمن.

فقال له أصحابه: يا رسول الله، ما ترى واحدا من هؤلاء إلاّ بكيت؟ أو ما فيهم من تسرّ برؤيته؟!

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : والّذي بعثني بالنبوّة واصطفاني على جميع البريّة، إنّي وإيّاهم لأكرم الخلق على الله عزّ وجلّ، وما على وجه الأرض نسمة أحبّ إليّ منهم:

أمّا عليّ بن أبي طالب، فإنّه أخي وشقيقي وصاحب الأمر بعدي وإنّي بكيت حين أقبل لأنّي ذكرت غدر الأمّة به بعدي، حتّى أنّه ليزال عن مقعدي وقد جعله الله له بعدي، ثمّ لا يزال الأمر به حتّى يضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور( شَهْرُ

٤١٣

رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ) (١) .

وأمّا ابنتي فاطمة، فإنّها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وإنّي لمّا رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي؛ كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصبت حقّها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي « يا محمّداه » فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية فتكون أوّل من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم عليّ محزونة، مكروبة، مغمومة، مغصوبة، مقتولة، فأقول عند ذلك: اللهمّ العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وذلّل من أذلّها، وخلّد في نارك من ضرب جنبها حتّى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمين.

وأمّا الحسن، فإنّه ابني وولدي وبضعة منّي، وقرّة عيني وإنّي لمّا نظرت إليه تذكّرت ما يجري عليه من الذلّ بعدي، فلا يزال الأمر به حتّى يقتل بالسمّ ظلما وعدوانا، فعند ذلك تبكي ملائكة السبع الشداد لموته، ويبكيه كلّ شيء، حتّى الطير في جوّ السماء، والحيتان في جوف الماء، فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام.

وأمّا الحسين، فإنّه منّي، وهو ابني وولدي، وخير الخلق بعد أخيه وإنّي لمّا رأيته تذكّرت ما يصنع به بعدي، كأنّي به وقد استجار بحرمي وقبري فلا يجار، فأضمّه في منامه إلى صدري، وآمره بالرحلة عن دار هجرتي، وأبشّره بالشهادة، فيرتحل عنها إلى أرض مقتله، وموضع مصرعه، أرض كرب وبلاء، وقتل وفناء، تنصره عصابة من المسلمين، أولئك من سادة شهداء أمّتي يوم القيامة، كأنّي أنظر إليه وقد رمي بسهم، فخرّ عن فرسه صريعا، ثمّ يذبح كما يذبح الكبش، مظلوما.

ثمّ بكى رسول الله وبكى من حوله، وارتفعت أصواتهم بالضجيج، ثمّ قام وهو يقول: اللهمّ إنّي أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي بعدي، ثمّ دخل منزله.

__________________

(١) البقرة؛ ١٨٥.

٤١٤

وقد مرّ طرفا من هذا الحديث، وانظره في إرشاد القلوب (٢٩٥) وبشارة المصطفى ( ١٩٨ - ١٩٩ ) وفرائد السمطين ( ج ٢؛ ٣٤ - ٣٥ ) وبيت الأحزان ( ٧٣ - ٧٤ ).

وفي دلائل الصدق ( ٢٣٣ - ٢٣٤ ) بسنده عن عبد الله بن مسعود، قال: كنّا جلوسا عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم، فأقبل فتية من بني عبد المطّلب، فلمّا نظر إليهم رسول الله اغرورقت عيناه بالدموع، فقلنا: يا رسول الله أرأيت شيئا تكرهه؟ قال: إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتطريدا وتشريدا، حتّى يجيء قوم من هاهنا - وأشار بيده إلى المشرق - أصحاب رايات سود وروى مثله في (٢٣٥) روايتين أخريين عن ابن مسعود أيضا، وروى مثله عن ابن مسعود أيضا في (٢٣٦) بلفظ « حتّى مرّت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسينعليهما‌السلام ».

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٠٩ ) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: بينا أنا وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذ التفت إليّ فبكى، فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: أبكي من ضربتك على القرن، ولطم فاطمة خدّها، وطعن الحسن في فخذه، والسمّ الّذي يسقاه، وقتل الحسينعليه‌السلام .

وفي بصائر الدرجات (٦٨) بسنده عن الباقرعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سرّه أن يحيى حياتي ويموت مماتي، ويدخل جنّة ربّي جنّة عدن - قضيب من قضبانه غرسه ربّي بيده، فقال له: كن، فكان - فليتولّ عليّا والأوصياء من بعده، وليسلّم لفضلهم؛ فإنّهم الهداة المرضيّون، أعطاهم فهمي وعلمي، وهم عترتي من دمي ولحمي، أشكو إلى الله عدوّهم من أمّتي، المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي، والله ليقتلن ابني، لا أنالهم شفاعتي.

وانظر بصائر الدرجات ( ٦٨ - ٧٢ / الباب ٢٢ من الجزء الأوّل )، فإنّ فيه ثمانية عشر حديثا، تسعة منها في المعنى المراد، والإمامة والتبصرة ( ٤١ - ٤٥ ) ففيه أربعة أحاديث. وهذا الحديث مذكور في المصادر الّتي ذكرت الأحاديث المبشّرة بظهور المهدي من آل محمّد عجّل الله فرجه.

وفي تفسير فرات (٤٢٥) بسنده عن أنس بن مالك: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أتى ذات يوم

٤١٥

ويده في يد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، ولقيه رجل، إذ قال له: يا فلان، لا تسبّوا عليّا، فانّه من سبّه فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله، والله - يا فلان - إنّه لا يؤمن بما يكون من عليّ وولد عليّ في آخر الزمان إلاّ ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو عبد قد امتحن الله قلبه للإيمان، يا فلان، إنّه سيصيب ولد عبد المطّلب بلاء شديد، وأثرة، وقتل، وتشريد، فالله الله يا فلان في أصحابي وذرّيتي وذمّتي، فإنّ لله يوما ينتصف فيه للمظلوم من الظالم.

وفي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٩١ ) عن عطيّة العوفي، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اشتدّ غضب الله على اليهود حين قالوا: « عزير ابن الله »، واشتدّ غضب الله على النصارى حين قالوا: « المسيح ابن الله »، واشتدّ غضب الله ممّن أراق دمي وآذاني في عترتي.

وفي الاحتجاج ( ج ١؛ ١٩٦ - ١٩٧ ) عن أحمد بن همام، قال: أتيت عبادة بن الصامت في ولاية أبي بكر، فقلت: يا عبادة أكان الناس على تفضيل أبي بكر قبل أن يستخلف؟ فقال: يا أبا ثعلبة، إذا سكتنا عنكم فاسكتوا ولا تبحثوا، فو الله لعليّ بن أبي طالب كان أحقّ بالخلافة من أبي بكر، كما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحقّ بالنبوة من أبي جهل، قال: وأزيدكم إنّا كنا ذات يوم عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجاء عليّعليه‌السلام وأبو بكر وعمر إلى باب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخل أبو بكر، ثمّ دخل عمر، ثمّ دخل عليّعليه‌السلام على أثرهما، فكأنّما سفي على وجه رسول اللهعليه‌السلام الرماد، ثمّ قال: يا عليّ أيتقدّمانك، وقد أمّرك الله عليهما؟!

فقال أبو بكر: نسيت يا رسول الله.

وقال عمر: سهوت يا رسول الله.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما نسيتما ولا سهوتما، وكأنّي بكما قد سلبتماه ملكه، وتحاربتما عليه، وأعانكما على ذلك أعداء الله وأعداء رسوله، وكأنّي بكما قد تركتما المهاجرين والأنصار يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف على الدنيا، ولكأنّي بأهل بيتي وهم المقهورون المشتّتون في أقطارها، وذلك لأمر قد قضي.

ثمّ بكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى سالت دموعه، ثمّ قال: يا عليّ الصبر الصبر، حتّى ينزل الأمر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم، فإنّ لك من الأجر في كلّ يوم ما لا

٤١٦

يحصيه كاتباك، فإذا أمكنك الأمر فالسيف السيف، القتل القتل، حتى يفيئوا إلى أمر الله وأمر رسوله، فإنّك على الحقّ، ومن ناواك على الباطل، وكذلك ذرّيّتك من بعدك إلى يوم القيامة.

وقد صرّح أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام في كلماتهم وخطبهم بما حلّ بهم من الظلم، وأنّ القوم لم يرعوا فيهم حقّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يطيعوه، ولم يسمعوا وصاياه

ففي كتاب سليم بن قيس ( ١٠٨ - ١١١ ) قال أبان: قال لي أبو جعفر الباقرعليه‌السلام : ما لقينا أهل البيت من ظلم قريش وتظاهرهم علينا وقتلهم إيّانا، وما لقيت شيعتنا ومحبّونا من الناس، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبض وقد قام بحقّنا، وأمر بطاعتنا، وفرض ولايتنا ومودّتنا، وأخبرهم بأنّا أولى الناس بهم من أنفسهم، وأمر أن يبلّغ الشاهد الغائب، فتظاهروا على عليّعليه‌السلام ثمّ بايعوا الحسن بن عليّعليهما‌السلام بعد أبيه وعاهدوه، ثمّ غدروا به وأسلموه، ووثبوا به حتّى طعنوه بخنجر في فخذه، وانتهبوا عسكره ثمّ بايع الحسينعليه‌السلام من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا، ثمّ غدروا به، ثمّ خرجوا إليه فقاتلوه حتّى قتل، ثمّ لم نزل أهل البيت منذ قبض رسول الله نذلّ ونقصى ونحرم ونقتل ونطرد، ونخاف على دمائنا وكلّ من يحبنا فقتلت الشيعة في كلّ بلدة، وقطعت أيديهم وأرجلهم، وصلبوا على التهمة والظنّة، وكان من ذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره، ثمّ لم يزل البلاء يشتدّ ويزداد إلى زمان ابن زياد بعد قتل الحسينعليه‌السلام ، ثمّ جاء الحجّاج فقتلهم بكلّ قتلة وبكلّ ظنّة وبكلّ تهمة، حتّى أنّ الرجل ليقال له: زنديق أو مجوسي، كان ذلك أحبّ إليه من أن يشار إليه أنّه من شيعة الحسينعليه‌السلام ونقل هذه الرواية مبتورة ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ١١؛ ٤٣ - ٤٤ ).

وفي بشارة المصطفى (٢٠٠) عن عمر بن عبد السلام، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ما بعث الله نبيّا قطّ من أولي الأمر ممّن أمر بالقتال إلاّ أعزّه الله، حتّى يدخل الناس في دينه طوعا وكرها، فإذا مات النبي وثب الّذين دخلوا في دينه كرها، على الّذين دخلوا طوعا، فقتلوهم واستذلّوهم، حتّى أن كان النبي يبعث بعد النبي فلا يجد أحدا يصدّقه أو يؤمن له، وكذلك فعلت هذه الأمّة، غير أنّه لا نبي بعد محمّد ...

٤١٧

وفي تفسير فرات (١٤٩) بسنده عن منهال بن عمرو، قال: دخلنا على عليّ ابن الحسينعليهما‌السلام بعد مقتل الحسينعليه‌السلام ، فقلت له: كيف أمسيت؟ قالعليه‌السلام : ويحك يا منهال، أمسينا كهيئة آل موسى في آل فرعون؛ يذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، أمست العرب تفتخر على العجم بأنّ محمّدا منها، وأمست قريش تفتخر على العرب بأنّ محمّدا منها، وأمسى آل محمّد مخذولين مقهورين مقبورين، فإلى الله نشكو غيبة نبيّنا، وتظاهر الأعداء علينا.

وفي تفسير فرات (٣٨٢) بسنده عن زيد بن عليّ - وهو من خيار علماء الطالبيّين - أنّه قال في بعض رسائله: ألستم تعلمون أنّا أهل بيت نبيّكم المظلومون المقهورون من ولايتهم، فلا سهم وفينا، ولا ميراث أعطينا، ما زال قائلنا يقهر، ويولد مولودنا في الخوف، وينشأ ناشئنا بالقهر، ويموت ميّتنا بالذلّ ...

وكان أتباع أئمّة أهل البيت أيضا يصرّحون بمظلمة أئمتهمعليهم‌السلام من قبل الجبابرة والطواغيت؛ ففي كفاية الأثر (٢٥٢) بسنده عن أبي مريم عبد الغفّار بن القاسم، قال: دخلت على مولاي الباقرعليه‌السلام وقلت: بأبي أنت وأمّي يا بن رسول الله، فما نجد العلم الصحيح إلاّ عندكم، وإنّي قد كبرت سنّي ودقّ عظمي ولا أرى فيكم ما أسرّ به، أراكم مقتّلين مشرّدين خائفين ....

وفيه أيضا ( ٢٦٠ - ٢٦١ ) بسنده عن مسعدة، قال: كنت عند الصادقعليه‌السلام إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى، متّكئا على عصاه، فسلّم، فردّ أبو عبد اللهعليه‌السلام الجواب، ثمّ قال: يا بن رسول ناولني يدك أقبّلها، فأعطاه يده فقبّلها، ثمّ بكى، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما يبكيك يا شيخ؟ قال: جعلت فداك، أقمت على قائمكم منذ مائة سنة، أقول: هذا الشهر وهذه السنة، وقد كبرت سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي، ولا أرى ما أحبّ، أراكم مقتّلين مشرّدين، وأرى عدوّكم يطيرون بالأجنحة، فيكف لا أبكي؟! فدمعت عينا أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ثمّ قال: يا شيخ إن أبقاك الله حتّى ترى قائمنا كنت معنا في السنام الأعلى، وإن حلّت بك المنيّة جئت يوم القيامة مع ثقل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونحن ثقله، فقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي مخلّف فيكم الثقلين، فتمسكوا بهما لن تضلوا؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي ....

٤١٨

وسيأتي ما يتعلّق بالمطلب عند ما سنذكره من حديث الرايات الخمس - أو الأربع - في الطّرفة الثانية والثلاثين، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ابيضّت وجوه واسودّت وجوه، وسعد أقوام وشقي آخرون ».

إيّاكم وبيعات الضلالة، والشورى للجهالة

مرّ ما يتعلّق ببيعات الضلالة في الطّرفة السادسة، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « البيعة بعدي لغيره ضلالة وفلتة وزلة »، وعند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بيعة الأوّل ضلالة ثمّ الثاني ثمّ الثالث »، وبقي هنا أن نبيّن موقف عليّعليه‌السلام وأهل البيتعليهم‌السلام من الشورى، وكيف أنّها كانت مؤامرة ضد عليّ وأهل البيتعليهم‌السلام .

وأجلى نصّ في ذلك هو ما ثبت عن عليّعليه‌السلام في خطبته الشقشقيّة الرائعة الّتي صحّت روايتها في كتب أعاظم الفريقين، وإليك نصّها من نهج البلاغة ( ج ١؛ ٣٠ ) حيث يقولعليه‌السلام : أما والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة، وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهبا، حتّى مضى الأوّل لسبيله، فأدلى بها إلى عمر بعده فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته؛ لشدّ ما تشطّرا ضرعيها فصبرت على طول المدّة وشدّة المحنة، حتّى إذا مضى لسبيله، جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم، فيا لله وللشورى! متى اعترض الريب في مع الأوّل منهم حتّى صرت أقرن إلى هذه النظائر فصغى رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هن وهن، إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ....

ورواها سبط ابن الجوزيّ في تذكرة الخواص (١٢٤) بلفظ « حتّى إذا مضى لسبيله جعلها شورى بين ستّة زعم أنّي أحدهم، فيا لله والشورى! فيم وبم ولم يعرض عنّي؟! » وللاطلاع على هذه الخطبة والوقوف على ألفاظها يراجع كتاب « نهج البلاغة مصادره وأسانيده » للسيّد المرحوم عبد الزهراء الحسيني الخطيب، وهو مطبوع في أربع مجلدات.

والّذي صغى في الشورى لضغنه وحقده هو سعد بن أبي وقاص؛ لأنّ عليّاعليه‌السلام

٤١٩

قتل الصناديد من أخواله في سبيل الله، وقيل: أنّه طلحة بن عبيد الله؛ لأنّه كان منحرفا عن عليّعليه‌السلام ، وكان ابن عمّ أبي بكر، فأراد صرف الخلافة عن عليّ، وأمّا الّذي مال إلى صهره فهو عبد الرحمن بن عوف؛ لأنّه كان زوج أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط؛ وهي أخت عثمان لأمّه أروى بنت كريز، وأمّا الهن والهن فهي الأشياء الّتي كرهعليه‌السلام ذكرها، من حسدهم إيّاه، واتّفاق عبد الرحمن مع عثمان أن يسلّمه الخلافة ليردّها عليه من بعده، ولذلك قال عليّعليه‌السلام لابن عوف بعد مبايعة عثمان: « والله ما فعلتها إلاّ لأنّك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه، دقّ الله بينكما عطر منشم »، فمات عبد الرحمن وعثمان متباغضين.

وكان شكل المؤامرة أنّ عمر جعلها في ستّة، وجعل الخيار الأخير بيد عبد الرحمن بن عوف؛ لمعرفته بميوله إلى عثمان، والمؤامرة المحاكة ضدّ عليّعليه‌السلام ، ليتسلّمها ابن عوف من بعد، فوهب طلحة حقّه لعثمان، ووهب الزبير حقّه لعليّ، فتعادل الأمر، ثمّ وهب سعد بن أبي وقاص حقّه لعبد الرحمن بن عوف، ثمّ أخرج عبد الرحمن نفسه على أن يختار عليّا أو عثمان، فاختار عثمان، فيكون عمر المخطّط لإبعاد الخلافة عن عليّعليه‌السلام ، والباقون - سوى الزبير - منفّذين لغصب الخلافة من عليّعليه‌السلام . انظر في ذلك شرح النهج لابن أبي الحديد ( ج ١؛ ١٨٧ - ١٩٦ ) وشرح النهج لابن ميثم البحراني ( ج ١؛ ٢٦١ - ٢٦٢ ) وشرح محمّد عبده ( ج ١؛ ٣٥ ) ومنهاج البراعة للقطب الراونديّ ( ج ١؛ ١٢٧ - ١٢٨ ).

وفي كتاب سليم بن قيس ( ١٠٨ - ١٠٩ ) قال أبان بن عيّاش: قال لي أبو جعفرعليه‌السلام : ما لقينا أهل البيت من ظلم قريش، وتظاهرهم علينا، وقتلهم إيّانا، وما لقيت شيعتنا ومحبّونا من الناس، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبض وقد قام بحقّنا وأمر بطاعتنا، وفرض ولايتنا ومودّتنا، وأخبرهم بأنّا أولى بهم من أنفسهم، وأمر أن يبلّغ الشاهد الغائب، فتظاهروا على عليّعليه‌السلام ، فاحتجّ عليهم بما قال رسول اللهعليه‌السلام فيه، وما سمعت العامّة واحتجّوا على الأنصار بحقّنا، فعقدوها لأبي بكر، ثمّ ردّها أبو بكر إلى عمر يكافئه بها، ثمّ جعلها عمر شورى بين ستّة، ثمّ جعلها ابن عوف لعثمان على أن يردّها عليه، فغدر به عثمان، وأظهر ابن عوف كفره وجهله ونقل هذا الحديث مبتورا ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ١١؛ ٤٣ ).

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653